أسمــــــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة التاسعة والثلاثـون بعد المائــة في موضــــــــوع المقـــدم المؤخـــــــــر

نبذة عن الصوت

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :فهذه الحلقة التاسعة والثلاثون بعد المائة في موضوع (المقدم المؤخر ) وهي بعنوان :

*وقفات قرآنية: {وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى} :

ويحتمل أن تكون الجملة تعليلا لكلا الأجلين: الأجل المفاد من قوله: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [نوح:1] فإن لفظ {قبْلِ} يؤذن بأن العذاب مؤقت بوقت غير بعيد فله أجل مبهم غير بعيد، والأجل المذكور بقوله: {وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً} فيكون أجل الله صادقا على الأجل المسمى وهو أجل كل نفس من القوم، وإضافته إلى الله إضافة كشف، أي الأجل الذي عينه الله وقدره لكل أحد. وبهذا تعلم أنه لا تعارض بين قوله: {وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً} وبين قوله: {إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لا يُؤَخَّرُ} إما لاختلاف المراد بلفظي (الأجل) في قوله: {إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً} وقوله: {إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لا يُؤَخَّرُ}، وإما لاختلاف معنيي التأخير في قوله: {إِذَا جَاءَ لا يُؤَخَّرُ} فانفكت جهة التعارض (التحرير والتنوير:29/178).

قد يشكل على بعض الناس مواضع في كتاب الله وأحاديث رسول الله صلى الله وسلم، فيقول بعضهم: إذا كان الله علم ما هو كائن، وكتب ذلك كله عنده في كتاب فما معنى قوله: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} [الرعد:39]. وإذا كانت الأرزاق والأعمال والآجال مكتوبة لا تزيد ولا تنقص فما توجيهكم لقوله -صلى الله عليه وسلم-: «من سرَّه أن يُبسط له في رزقه، ويُنسأ له في أثره فليصل رحمه». وكيف تفسرون قول نوح لقومه: {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى} [نوح:3-4] .

وما قولكم في الحديث الذي فيه أن الله جعل عمر داود عليه السلام مائة

 سنة بعد أن كان أربعين سنة.

والجواب أن الأرزاق والأعمار نوعان: نوع جرى به القدر وكتب في أم الكتاب، فهذا لا يتغير ولا يتبدل، ونوع أعلم الله به ملائكته فهذا هو الذي يزيد وينقص، ولذلك قال الله تعالى: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد:39]. وأم الكتاب هو اللوح المحفوظ الذي قدر الله فيه الأمور على ما هي عليه. ففي كتب الملائكة يزيد العمر وينقص، وكذلك الرزق بحسب الأسباب، فإن الملائكة يكتبون له رزقاً وأجلاً، فإذا وصل رحمه زيد له في الرزق والأجل، وإلا فإنه ينقص له منهما، والأجل أجلان: أجل مطلق يعلمه الله، وأجل مقيد، فإن الله يأمر الملك أن يكتب لعبده أجلاً، فإن وصل رحمه، فيأمره بأن يزيد في أجله ورزقه، والملك لا يعلم أيزاد له في ذلك أم لا، لكن الله يعلم ما يستقر عليه الأمر، فإذا جاء الأجل لم يتقدم ولم يتأخر.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .