أسمــــــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــةالواحدة والسبعــون في موضــــــــوع المقـــدم المؤخـــــــــر

نبذة عن الصوت

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :فهذه الحلقة الواحدة والسبعون في موضوع (المقدم المؤخر ) وهي بعنوان :

*النَّوْعُ الثَّانِي: مِمَّا قُدِّمَ النِّيَّةُ بِهِ التَّأْخِيرُ:

وَمِنْهَا أَنْ يَقَعَ التَّقْدِيمُ فِي مَوْضِعٍ وَالتَّأْخِيرُ فِي آخَرَ، وَاللَّفْظُ وَاحِدٌ، وَالْقِصَّةُ وَاحِدَةٌ، لِلتَّفَنُّنِ فِي الْفَصَاحَةِ وَإِخْرَاجِ الْكَلَامِ عَلَى عِدَّةِ أَسَالِيبَ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ} وقوله: {وقولوا حطة وادخلوا الباب سجدا} وَقَوْلِهِ: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ} وقوله: {وختم

على سمعه وقلبه}.

قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي كَشَّافِهِ الْقَدِيمِ عُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ كِلَا الطَّرِيقَيْنِ دَاخِلٌ تَحْتَ الْحُسْنِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَطْفَ فِي الْمُخْتَلِفَيْنِ كَالتَّثْنِيَةِ فِي الْمُتَّفِقَيْنِ فَلَا عَلَيْكَ أَنْ تُقَدِّمَ أَيَّهُمَا شِئْتَ فَإِنَّهُ حَسَنٌ مُؤَدٍّ إِلَى الْغَرَضِ. وَقَدْ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَلَمْ يُجْعَلْ لِلرَّجُلِ مَنْزِلَةً بِتَقْدِيمِكَ إِيَّاهُ بِكَوْنِهِ أَوْلَى بِهَا مِنَ الْجَائِي كَأَنَّكَ قُلْتَ: مَرَرْتُ بِهِمَا يَعْنِي فِي قَوْلِكَ مَرَرْتُ بِرَجُلٍ وَجَاءَنِي إِلَّا أَنَّ الْأَحْسَنَ تَقْدِيمُ الْأَفْضَلِ فَالْقَلْبُ رَئِيسُ الْأَعْضَاءِ وَالْمُضْغَةُ لَهَا الشَّأْنُ ثُمَّ السَّمْعُ طَرِيقُ إدرك وَحْيِ اللَّهِ وَكَلَامِهِ الَّذِي قَامَتْ بِهِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَسَائِرِ الْعُلُومِ الَّتِي هِيَ الْحَيَاةُ كُلُّهَا.

قُلْتُ: وَقَدْ سَبَقَ تَوْجِيهُ كُلِّ مَوْضِعٍ بِمَا وَرَدَ فِيهِ مِنَ الْحِكْمَةِ.

.الْقَلْبُ :

وَفِي كَوْنِهِ مِنْ أَسَالِيبِ الْبَلَاغَةِ خِلَافٌ فَأَنْكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ حَازِمٌ فِي كِتَابِ: (مِنْهَاجِ الْبُلَغَاءِ) وَقَالَ: إِنَّهُ مِمَّا يَجِبُ أَنْ يُنَزَّهَ كِتَابُ اللَّهِ عَنْهُ لِأَنَّ الْعَرَبَ إِنْ صَدَرَ ذَلِكَ مِنْهُمْ فَبِقَصْدِ الْعَبَثِ أَوِ التَّهَكُّمِ أَوِ الْمُحَاكَاةِ أَوْ حَالِ اضْطِرَارٍ

 وَاللَّهُ مُنَزَّهٌ عَنْ ذلك.

وقبله جماعة مطلقة بِشَرْطِ عَدَمِ اللَّبْسِ كَمَا قَالَهُ الْمُبَرِّدُ فِي كِتَابِ: (مَا اتَّفَقَ لَفْظُهُ وَاخْتَلَفَ مَعْنَاهُ).

وَفَصَّلَ آخَرُونَ بَيْنَ أَنْ يَتَضَمَّنَ اعْتِبَارًا لَطِيفًا فَبَلِيغٌ وَإِلَّا فَلَا وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ الضَّائِعِ: يَجُوزُ الْقَلْبُ عَلَى التَّأْوِيلِ ثُمَّ قَدْ يَقْرُبُ التَّأْوِيلُ فَيَصِحُّ فِي فَصِيحِ الْكَلَامِ وَقَدْ يَبْعُدُ فَيَخْتَصُّ بِالشِّعْرِ.

وَهُوَ أَنْوَاعٌ : أَحَدُهَا: (الأول) قَلْبُ الْإِسْنَادِ:

وَهُوَ أَنْ يَشْمَلَ الْإِسْنَادَ إِلَى شَيْءٍ وَالْمُرَادُ غَيْرُهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ} إِنْ لَمْ تَجْعَلِ الْبَاءَ لِلتَّعْدِيَةِ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ الْمَفَاتِحَ تَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْعُصْبَةَ تَنُوءُ بِالْمَفَاتِحِ لِثِقَلِهَا فَأَسْنَدَ (لَتَنُوءُ) إِلَى (الْمَفَاتِحِ) وَالْمُرَادُ إِسْنَادُهُ إِلَى الْعُصْبَةِ لِأَنَّ الْبَاءَ لِلْحَالِ وَالْعُصْبَةَ مُسْتَصْحِبَةُ الْمَفَاتِحِ لَا تستصحبها المفاتيح وفائدته المبالغة يجعل الْمَفَاتِحِ كَأَنَّهَا مُسْتَتْبِعَةٌ لِلْعُصْبَةِ الْقَوِيَّةِ بِثِقَلِهَا.

وَقِيلَ: لَا قَلْبَ فِيهِ وَالْمُرَادُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ المفاتح تنوء بالعصبة أي تميلها من

 نقلها وَقَدْ ذَكَرَ هَذَا الْفَرَّاءُ وَغَيْرُهُ.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .