أسمــــــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة السادسة والستــون في موضــــــــوع المقـــدم المؤخـــــــــر

نبذة عن الصوت

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :فهذه الحلقة السادسة والستون في موضوع (المقدم المؤخر ) وهي بعنوان :

*النَّوْعُ الثَّانِي: مِمَّا قُدِّمَ النِّيَّةُ بِهِ التَّأْخِيرُ:

وَأَمَّا قَوْلُهُ: (قَيِّمًا) فَيَجُوزُ فِي نَصْبِهِ وُجُوهٌ:

أَحَدُهَا:- وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ- أَنَّهُ مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ مِنَ(الْكِتَابَ) وَالْعَامِلُ فِيهِ (أَنْزَلَ) وَفِي الْكَلَامِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ وَتَقْدِيرُهُ:(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى

عَبْدِهِ الْكِتَابَ قَيِّمًا وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا) فَتَكُونُ الْجُمْلَةُ عَلَى هَذَا اعْتِرَاضًا.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ وَتَقْدِيرُهُ: وَلَكِنْ جَعَلَهُ قَيِّمًا فَيَكُونُ مَفْعُولًا لِلْفِعْلِ الْمُقَدَّرِ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ: {وَلَمْ يجعل له عوجا} وَتَكُونُ حَالًا مُؤَكِّدَةً.

وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْكَشَّافِ أَنْ يَكُونَ (قَيِّمًا) مَفْعُولًا لِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ كَمَا ذَكَرْنَاهُ لِأَنَّ الْجُمْلَةَ الَّتِي قَبْلَهَا عِنْدَهُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى الصِّلَةِ وَ: (قَيِّمًا) مِنْ تَمَامِ الصِّلَةِ وَإِذَا كَانَ حَالًا يَكُونُ فِيهِ فَصْلٌ بَيْنَ بَعْضِ الصِّلَةِ وَتَمَامِهَا فَكَانَ الْأَحْسَنُ جَعْلَهُ مَعْمُولًا لِمُقَدَّرٍ.

وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ ابْنُ الْمُنَيِّرِ فِي تَفْسِيرِ البحر بعد نقله كلام الزمخشري: وعجيب من كَوْنُهُ لَمْ يَجْعَلِ الْفَاصِلَ الْمَذْكُورَ حَالًا أَيْضًا وَلَا فَصَلَ بَلْ هُمَا حَالَانِ مُتَوَالِيَانِ مِنْ شَيْءٍ وَاحِدٍ وَالتَّقْدِيرُ أَنْزَلَ الْكِتَابَ غَيْرَ مُعْوَجٍّ.

وَهَذَا الْقَوْلُ- وَهُوَ جَعْلُ الْجُمْلَةِ حَالًا- قَدْ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ قَبْلَ ابْنِ الْمُنَيِّرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الزَّمَخْشَرِيَّ لَمْ يَرْتَضِ هَذَا الْقَوْلَ لِأَنَّ جَعْلَ الجملة حالا يفيده لا مَا يُفِيدُ الْعَطْفُ مِنْ نَفْيِ الْعِوَجِ عَنِ الْكِتَابِ مُطْلَقًا غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِالْإِنْزَالِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ فَالْفَائِدَةُ الَّتِي هِيَ أَتَمُّ إِنَّمَا تَكُونُ عَلَى تَقْدِيرِ اسْتِقْلَالِ الْجُمْلَةِ كَيْفَ وَالْقَوْلُ بِالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ مَنْقُولٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا نَقَلَهُ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ.

وَقَالَ الْوَاحِدِيُّ: هُوَ قَوْلُ جَمِيعِ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالتَّفْسِيرِ وَالزَّمَخْشَرِيُّ رُبَّمَا

لَاحَظَ هَذَا الْمَعْنَى وَلَمْ يَمْنَعْ جَوَازَ غَيْرِ مَا قَالَ لَكِنْ مَا قَالَ هُوَ الْأَحْسَنُ.

وَقَالَ غَيْرُ ابْنِ الْمُنَيِّرِ فِي الِاعْتِرَاضِ عَلَى الزَّمَخْشَرِيِّ: إِنَّ الْجُمْلَةَ وَإِنْ كَانَتْ

 مُسْتَقِلَّةً فَهِيَ فِي حَيِّزِ الصِّلَةِ لِلْعَطْفِ فَلَمْ يَقَعْ فَصْلٌ وَيُؤَيِّدُ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْكَشَّافِ أَنَّ بَعْضَ الْقُرَّاءِ يَسْكُتُ عِنْدَ قَوْلِهِ: (عِوَجًا) وَيَفْصِلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ (قَيِّمًا) بِسَكْتَةٍ لَطِيفَةٍ وَهِيَ رِوَايَةُ حَفْصٍ عَنْ عَاصِمٍ وَذَلِكَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ تَقْدِيرِ الْفَصْلِ وَانْقِطَاعِ الْكَلَامِ عَمَّا قَبْلَهُ قَالَ ابْنُ الْمُنَيِّرِ وَتَحْتَمِلُ السَّكْتَةُ وَجْهًا آخَرَ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِرَفْعِ تَوَهُّمِ أَنْ يَكُونَ قَيِّمًا نَعْتًا لِلْعِوَجِ لِأَنَّ النَّكِرَةَ تَسْتَدْعِي النَّعْتَ غَالِبًا وَقَدْ كَثُرَ فِي كَلَامِهِمْ إِيلَاءُ النكرة الجامدة نعتها كقوله: {صراطا مستقيما}، و: {قرآنا عربيا} فَإِذَا وَلِيَ النَّكِرَةَ الْجَامِدَةَ اسْمٌ مُشْتَقٌّ نَكِرَةٌ ظَهَرَ فِيهِ مَعْنَى الْوَصْفِ فَرُبَّمَا خِيفَ اللَّبْسُ في جعل (قيما) نعتا لـ: (عوج) فوقع اللَّبْسُ بِهَذِهِ السَّكْتَةِ وَهَذَا أَيْضًا فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يُتَوَهَّمُ فِيمَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ وَصْفًا وَلَا يَصْلُحُ قَيِّمًا أَنْ يَكُونَ وَصْفًا لِـ: (عِوَجٍ) فَإِنَّ الشَّيْءَ لَا يُوصَفُ بِضِدِّهِ لِأَنَّ الْعِوَجَ لَا يَكُونُ قَيِّمًا وَالْأَوْلَى مَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .