أسمــــــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة الثالثة والستــون في موضــــــــوع المقـــدم المؤخـــــــــر

نبذة عن الصوت

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :فهذه الحلقة الثالثة والستون في موضوع (المقدم المؤخر ) وهي بعنوان :

* الْقَوْلُ فِي التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ: وَيُمْكِنُ فِيهِ وُجُوهٌ أُخَرُ:

.السابع عشر: الترقي:

كقوله: {أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يبطشون بها} الْآيَةَ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ بَدَأَ مِنْهَا بِالْأَدْنَى لِغَرَضِ الترقي لأن منفعة الرَّابِعِ أَهَمُّ مِنْ مَنْفَعَةِ الثَّالِثِ فَهُوَ أَشْرَفُ مِنْهُ وَمَنْفَعَةَ الثَّالِثِ أَعَمُّ مِنْ مَنْفَعَةِ الثَّانِي وَمَنْفَعَةَ الثَّانِي

أَعَمُّ مِنْ مَنْفَعَةِ الْأَوَّلِ فَهُوَ أَشْرَفُ مِنْهُ.

وَقَدْ قُرِنَ السَّمْعُ بِالْعَقْلِ وَلَمْ يُقْرَنْ بِهِ الْبَصَرُ فِي قَوْلِهِ: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تهدي العمي ولو كانوا لا يبصرون} وَمَا قُرِنَ بِالْأَشْرَفِ كَانَ أَشْرَفَ وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى الرَّبْعِيِّ.

قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْفَتْحِ الْقُشَيْرِيُّ : فَإِنْ قِيلَ: قَدْ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَدَّمَ

الْوَصْفُ الْأَعْلَى ثُمَّ مَا دُونَهُ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى أَضْعَفِهَا لِأَنَّهُ إِذَا بدأ بسلب

الوصف الأعلى ثم بسلب مادونه كَانَ ذَلِكَ أَبْلِغَ فِي الذَّمِّ.

لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ سَلْبِ الْأَعْلَى سَلْبُ مَا دُونَهُ كَمَا تَقُولُ لَيْسَ زَيْدٌ بِسُلْطَانٍ وَلَا وَزِيرٍ وَلَا أَمِيرٍ وَلَا وَالٍ وَالْغَرَضُ مِنَ الْآيَةِ الْمُبَالَغَةُ فِي الذَّمِّ.

قُلْتُ: مَا ذَكَرْتَهُ طَرِيقٌ حَسَنَةٌ فِي عِلْمِ الْمَعَانِي وَالْمَقْصُودُ مِنَ الْآيَةِ طَرِيقَةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّهُ تَعَالَى أَثْبَتَ أَنَّ الْأَصْنَامَ الَّتِي تَعْبُدُهَا الْكُفَّارُ أَمْثَالُ الْكُفَّارِ فِي أَنَّهَا مَقْهُورَةٌ مَرْبُوبَةٌ ثُمَّ حَطَّهَا عَنْ دَرَجَةِ الْمِثْلِيَّةِ بِنَفْيِ هَذِهِ الصِّفَاتِ الثَّابِتَةِ لِلْكُفَّارِ عَنْهَا. وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ الْمُمَاثَلَةَ بَيْنَ الذَّوَاتِ الْمُتَنَائِيَةِ إِنَّمَا تَكُونُ بِاعْتِبَارِ الصِّفَاتِ الْجَامِعَةِ بَيْنَهَا إِذْ هِيَ أَسْبَابٌ فِي ثُبُوتِ الْمُمَاثَلَةِ بَيْنَهَا وَتَقْوَى الْمُمَاثَلَةُ بِقُوَّةِ أَسْبَابِهَا وَتَضْعُفُ بِضَعْفِهَا فَإِذَا سُلِبَ وَصْفٌ ثَابِتٌ لِإِحْدَى الذَّاتَيْنِ عَنِ الْأُخْرَى انْتَفَى وَجْهٌ مِنَ الْمُمَاثَلَةِ بَيْنَهُمَا ثُمَّ إِذَا سُلِبَ وَصْفٌ مِنَ الْأَوَّلِ انْتَفَى وَجْهٌ مِنَ الْمُمَاثَلَةِ أَقْوَى مِنَ الْأَوَّلِ ثُمَّ لَا يَزَالُ يَسْلُبُ أَسْبَابَ الْمُمَاثَلَةِ أَقْوَاهَا فَأَقْوَاهَا حَتَّى تَنْتَفِيَ الْمُمَاثَلَةُ كُلُّهَا بِهَذَا التَّدْرِيجِ وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ أَلْطَفُ مِنْ سَلْبِ أَسْبَابِ الْمُمَاثَلَةِ أَقْوَاهَا ثُمَّ أَضْعَفِهَا فَأَضْعَفِهَا.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .