أسمــــــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة الواحدة والستــون في موضــــــــوع المقـــدم المؤخـــــــــر

نبذة عن الصوت

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :فهذه الحلقة الواحدة والستون في موضوع (المقدم المؤخر ) وهي بعنوان :

* الْقَوْلُ فِي التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ: وَيُمْكِنُ فِيهِ وُجُوهٌ أُخَرُ:

.الثَّالِثَ عَشَرَ: الِاهْتِمَامُ عِنْدَ الْمُخَاطَبِ:

كَقَوْلِهِ: {فَحَيُّوا بأحسن منها أو ردوها}. وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «وَأَنْ تَقْرَأَ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَهُ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْهُ». وَقَوْلِهِ: {ولذي القربى واليتامى والمساكين} لِفَضْلِ الصَّدَقَةِ عَلَى الْقَرِيبِ. وَكَقَوْلِهِ: {وَمَنْ قَتَلَ

مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة}.

وقوله: {ودية مسلمة إلى أهله} فَقَدَّمَ الْكَفَّارَةَ عَلَى الدِّيَةِ وَعَكَسَ فِي قَتْلِ الْمُعَاهَدِ حَيْثُ قَالَ: {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وتحرير رقبة مؤمنة}.

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي (الْحَاوِي): وَوَجْهُهُ أَنَّ الْمُسْلِمَ يَرَى تَقْدِيمَ حَقِّ اللَّهِ عَلَى نَفْسِهِ وَالْكَافِرَ يَرَى تَقْدِيمَ نَفْسِهِ عَلَى حَقِّ اللَّهِ قَالَ: وَقَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ:

(إِنَّمَا خَالَفَ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يَجْعَلْهُمَا عَلَى نَسَقٍ وَاحِدٍ لِئَلَّا يُلْحَقَ بِهِمَا مَا بَيْنَهُمَا

مِنْ قَتْلِ الْمُؤْمِنِ فِي دار الحرب في قوله: {ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة} فَضَمَّ إِلَيْهِ الدِّيَةَ إِلْحَاقًا بِأَحَدِ الطَّرَفَيْنِ)، فَأَزَالَ هَذَا الِاحْتِمَالَ بِاخْتِلَافِ اللَّفْظَيْنِ.

وَقَالَ الْفَقِيهُ نَجْمُ الدِّينِ بْنُ الرِّفْعَةِ: يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ إِنَّهُ لَمَّا كَانَ الْكُفْرُ يُهْدِرُ الدِّمَاءَ وَهُوَ مَوْجُودٌ كَانَ الْغَايَةَ بِبَذْلِ الدَّمِ عِنْدَ الْعِصْمَةِ لِأَجْلِ الْمِيثَاقِ أَتَمَّ لِأَنَّهُ يُغْمِضُ حكمته فَلِذَلِكَ قُدِّمَتِ الدِّيَةُ فِيهِ وَأُخِّرَتِ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّ حُكْمَهَا قَدْ سَبَقَ. وَلَمَّا كَانَتْ عِصْمَةُ الْمُسْلِمِ ثَابِتَةً وَقِيَاسُ الْأُصُولِ أَنَّهُ لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ لِأَنَّهُ لَا إِثْمَ فِيهِ خُصُوصًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ لِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنِ الْخَطَأِ كَانَتِ الْعِنَايَةُ بِذِكْرِ الْكَفَّارَةِ فِيهِ أَتَمَّ لِأَنَّهَا الَّتِي تُغْمِضُ فَقُدِّمَتْ.

وَمِنْ هَذَا النَّوْعِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَأَتْبَعَ سَبَبًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشمس} قِيلَ: لِمَاذَا بَدَأَ بِالْمَغْرِبِ قَبْلَ الْمَشْرِقِ وَكَانَ مَسْكَنُ ذِي الْقَرْنَيْنِ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَشْرِقِ؟ قِيلَ: لِقَصْدِ الِاهْتِمَامِ إِمَّا لِتَمَرُّدِ أَهْلِهِ وَكَثْرَةِ طُغْيَانِهِمْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَمْ يَنْتَهِ إِلَيْنَا عِلْمُهُ.

وَمِنْ هَذَا أَنَّ تأخر المقصود بالمدح والذم أولى من تَقَدُّمِهِ كَقَوْلِهِ نِعْمَ

الرَّجُلُ زَيْدٌ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِكَ زَيْدٌ نِعْمَ الرَّجُلُ لِأَنَّهُمْ يُقَدِّمُونَ الْأَهَمَّ وَهُمْ فِي هَذَا بِذِكْرِ الْمَدْحِ وَالذَّمِّ أَهَمُّ.

فَأَمَّا تَقْدِيمُهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {نِعْمَ الْعَبْدُ إنه أواب} فَإِنَّ الْمَمْدُوحَ هُنَا بِـ: (نِعْمَ الْعَبْدُ) هُوَ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ. وَكَذَلِكَ أَيُّوبُ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى وَالْمَخْصُوصُ بِالْمَدْحِ فِي الْآيَتَيْنِ ضَمِيرُ سُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَتَقْدِيرُهُ نِعْمَ الْعَبْدُ هُوَ إِنَّهُ أَوَّابٌ.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .