أسمــــــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة التاسعة والخمســون في موضــــــــوع المقـــدم المؤخـــــــــر

نبذة عن الصوت

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :فهذه الحلقةالتاسعة

 والخمسون  في موضوع (المقدم المؤخر ) وهي بعنوان :

* الْقَوْلُ فِي التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ: وَيُمْكِنُ فِيهِ وُجُوهٌ أُخَرُ:

التَّاسِعُ: سَبْقُ مَا يَقْتَضِي تَقْدِيمَهُ:

وَهُوَ دَلَالَةُ السِّيَاقِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تريحون وحين تسرحون} لَمَّا كَانَ إِسْرَاحُهَا وَهِيَ خِمَاصٌ وَإِرَاحَتُهَا وَهِيَ بِطَانٌ قَدَّمَ الْإِرَاحَةَ لِأَنَّ الْجَمَالَ بِهَا حِينَئِذٍ أفخر.

وقوله: {وجعلناها وابنها آية للعالمين} لِأَنَّ السِّيَاقَ فِي ذِكْرِ مَرْيَمَ فِي قَوْلِهِ: {والتي أحصنت فرجها} وَلِذَلِكَ قَدَّمَ الِابْنَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَكَانِ قَالَ تَعَالَى: {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً} وَقَوْلُهُ: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} فَإِنَّهُ قَدَّمَ الْحُكْمَ مَعَ أَنَّ الْعِلْمَ لَا بُدَّ مِنْ سَبْقِهِ لِلْحُكْمِ وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ السِّيَاقُ فِي الْحُكْمِ قَدَّمَهُ قَالَ تَعَالَى: {وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين}، ويحتمل أن الْمُرَادُ بِالْحُكْمِ الْحِكْمَةَ وَبِهَا فَسَّرَ الزَّمَخْشَرِيُّ قَوْلَهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ يُوسُفَ: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتيناه حكما وعلما} وَأَمَّا تَقْدِيمُ الْحَكِيمِ عَلَى الْعَلِيمِ فِي سُورَةِ الانعام فلأنه مَقَامُ تَشْرِيعِ الْأَحْكَامِ وَأَمَّا فِي أَوَّلِ سُورَةِ يُوسُفَ فَقَدَّمَ الْعَلِيمَ عَلَى الْحَكِيمِ لِقَوْلِهِ فِي آخرها: {وعلمتني من تأويل الأحاديث}.

وَمِنْهُ تَقْدِيمُ الْمَحْوِ عَلَى الْإِثْبَاتِ فِي قَوْلِهِ: {يمحوا الله ما يشاء ويثبت}

فإن قبله: {لكل أجل كتاب} وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الْمَحْوُ أَقَلُّ مِمَّا يَقَعُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَلَا سِيَّمَا على قراءة تشديد يُثَبِّتُ فَإِنَّهَا نَاصَّةٌ عَلَى الْكَثْرَةِ وَالْمُرَادُ بِهِ الِاسْتِمْرَارُ لَا الِاسْتِئْنَافُ.

وَقَوْلُهُ: {وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ ويحق الحق بكلماته}.

وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قبلك وجعلنا لهم أزواجا}، قَدَّمَ (رُسُلًا) هُنَا عَلَى (مِنْ قَبْلِكَ) وَفِي غَيْرِ هَذِهِ بِالْعَكْسِ لِأَنَّ السِّيَاقَ هُنَا فِي الرُّسُلِ.

وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ} قَدَّمَ الْقَبْضَ لِأَنَّ قَبْلَهُ مَنْ ذَا

الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كثيرة وَكَانَ هَذَا بَسْطًا فَلَا يُنَاسِبُ تِلَاوَةَ الْبَسْطِ فَقَدَّمَ الْقَبْضَ لِهَذَا وَلِلتَّرْغِيبِ فِي الْإِنْفَاقِ لِأَنَّ الْمُمْتَنِعَ مِنْهُ سَبَبُهُ خَوْفُ الْقِلَّةِ فَبَيَّنَ أَنَّ هَذَا لَا يُنْجِيهِ فَإِنَّ الْقَبْضَ مُقَدَّرٌ وَلَا بد.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .