أسمــــــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة الثامنة والخمســون في موضــــــــوع المقـــدم المؤخـــــــــر

نبذة عن الصوت

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :فهذه الحلقةالثامنة

 والخمسون  في موضوع (المقدم المؤخر ) وهي بعنوان :

* الْقَوْلُ فِي التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ: وَيُمْكِنُ فِيهِ وُجُوهٌ أُخَرُ:

.الثامن: الغلبة والكثرة:

كقوله تعالى: {منهم ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بإذن الله} قَدَّمَ الظَّالِمَ لِكَثْرَتِهِ ثُمَّ الْمُقْتَصِدَ ثُمَّ السَّابِقَ.

وقوله: {فمنهم شقي وسعيد} {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخرة}.

{الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين}.

وَجَعَلَ مِنْهُ الزَّمَخْشَرِيُّ: {فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ} يعني بدليل قوله: {وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين} وَحَدِيثِ بَعْثِ النَّارِ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: {فَأَمَّا الَّذِينَ كفروا فأعذبهم عذابا شديدا} قُدِّمَ ذِكْرُ الْعَذَابِ

 لِكَوْنِ الْكَلَامِ مَعَ الْيَهُودِ الذين كفروا بعيسى وراموا قتله.

وَجُعِلَ مِنْ هَذَا النَّوْعِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالسَّارِقُ والسارقة} لِأَنَّ السَّرِقَةَ فِي الذُّكُورِ أَكْثَرُ.

وَقَدَّمَ فِي الزنى المرأة في قوله: {الزانية والزاني} لأن الزنى فِيهِنَّ أَكْثَرُ وَأَمَّا قَوْلُهُ:{الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ}.

فَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: سِيقَتِ الْآيَةُ الَّتِي قَبْلَهَا لِعُقُوبَتِهِمَا عَلَى مَا جَنَيَا وَالْمَرْأَةُ هِيَ الْمَادَّةُ الَّتِي نشأت منها الخيانة لأنها لو لم تطمع الرجل (ولم تومض له) وَتُمَكِّنْهُ لَمْ يَطْمَعْ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ فَلَمَّا كَانَتْ أَصْلًا وَأَوَّلًا فِي ذَلِكَ بَدَأَ بِذِكْرِهَا وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَمَسُوقَةٌ لِذِكْرِ النِّكَاحِ وَالرَّجُلُ أَصْلٌ (فِيهِ) لأنه هو الراغب والخاطب يَبْدَأُ الطَّلَبُ.

وَمِنْهُ قَوْلَهُ تَعَالَى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ويحفظوا فروجهم}،

 قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: قَدَّمَ غَضَّ الْبَصَرِ لِأَنَّ النَّظَرَ يريد الزنى وَرَائِدُ الْفُجُورِ

 وَالْبَلْوَى بِهِ أَشَدُّ وَأَكْثَرُ وَلَا يَكَادُ يُقْدَرُ عَلَى الِاحْتِرَاسِ مِنْهُ.

وَمِنْهُ تَقْدِيمُ الرَّحْمَةِ عَلَى الْعَذَابِ، حَيْثُ وَقَعَ فِي الْقُرْآنِ وَلِهَذَا وَرَدَ: «إِنَّ

رَحْمَتِي غَلَبَتْ غَضَبِي».

وَأَمَّا تَقْدِيمُ التَّعْذِيبِ عَلَى الْمَغْفِرَةِ فِي آيَةِ الْمَائِدَةِ فللسياق :

وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لكم} قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي أَمَالِيهِ: إِنَّمَا قُدِّمَ الْأَزْوَاجُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْإِخْبَارُ أَنَّ فِيهِمْ أَعْدَاءً وَوُقُوعُ ذَلِكَ فِي الْأَزْوَاجِ أَقْعَدُ مِنْهُ فِي الْأَوْلَادِ فَكَانَ أَقْعَدَ فِي الْمَعْنَى الْمُرَادِ فَقُدِّمَ وَلِذَلِكَ قُدِّمَتِ الْأَمْوَالُ فِي قَوْلِهِ: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وأولادكم فتنة} لِأَنَّ الْأَمْوَالَ لَا تَكَادُ تُفَارِقُهَا الْفِتْنَةُ: {إِنَّ الإنسان ليطغى أن رآه استغنى} {مرنا مترفيها

 ففسقوا فيها}، وَلَيْسَتِ الْأَوْلَادُ فِي اسْتِلْزَامِ الْفِتْنَةِ مِثْلَهَا وَكَانَ تقدمها أولى.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .