أسمــــــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة التاسعة والأربعـون في موضــــــــوع المقـــدم المؤخـــــــــر

نبذة عن الصوت

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :فهذه الحلقة التاسعة

والأربعون  في موضوع (المقدم المؤخر ) وهي بعنوان :

* الْقَوْلُ فِي التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ: وَيُمْكِنُ فِيهِ وُجُوهٌ أُخَرُ:

مِنْهَا: أَنَّ فِيهِ قَهْرًا لِلْخَلْقِ وَالْمَقَامُ يَقْتَضِيهِ.

وَمِنْهَا: أَنَّ حَيَاةَ الإنسان كلاحياة وَمَآلُهُ إِلَى الْمَوْتِ وَلَا حَيَاةَ إِلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ.

وَمِنْهَا: أَنَّ الْمَوْتَ تَقَدَّمَ فِي الْوُجُودِ إِذِ الْإِنْسَانُ قَبْلَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ كَانَ

 مَيِّتًا لِعَدَمِ الرُّوحِ.

وَهَذَا إِنْ أُرِيدَ بِالْمَوْتِ عدم الوجود بدليل {وكنتم أمواتا فأحياكم} وإن أريد به بعد الوجود فالناس منتازعون فِي الْمَوْتِ هَلْ هُوَ أَمْرٌ وُجُودِيٌّ كَالْحَيَاةِ أولا؟.

وَقِيلَ بِالْوَقْفِ، فَقَالَتِ الْفَلَاسِفَةُ: الْمَوْتُ عَدَمُ الْحَيَاةِ عَمَّا مَنْ شَأْنُهُ أَنْ يَكُونَ حَيًّا.

وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ أَمْرٌ وُجُودِيٌّ يُضَادُّ الْحَيَاةَ مُحْتَجِّينَ بقوله: {الذي خلق الموت والحياة} وَالْحَدِيثُ فِي الْإِتْيَانِ بِالْمَوْتِ فِي صُورَةِ كَبْشٍ وَذَبْحِهِ.

وَأُجِيبَ عَنِ الْآيَةِ بِأَنَّ الْخَلْقَ بِمَعْنَى التَّقْدِيرِ، وَلَا يَجِبُ فِي الْمُقَدَّرِ أَنْ يَكُونَ وُجُودِيًّا وَعَنِ الثَّانِي بِأَنَّ ذَلِكَ عَلَى طَرِيقِ التَّمْثِيلِ لِبَيَانِ انْقِطَاعِ الْمَوْتِ وَثُبُوتِ الْخُلُودِ.

فَإِنْ قُلْنَا: عَدَمِيٌّ، فَالتَّقَابُلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَيَاةِ تَقَابُلُ الْعَدَمِ وَالْمَلَكَةِ وَعَلَى الصَّحِيحِ تَقَابُلُ التَّضَادِّ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ وُجُودِيٌّ يَجِبُ أَنْ يُقَالَ تَقْدِيمُ الْمَوْتِ الَّذِي هُوَ عَدَمُ الْوُجُودِ، لِكَوْنِهِ سَابِقًا أَوْ مَعْدُومَ الْحَيَاةِ الَّذِي هُوَ مُفَارَقَةُ الرُّوحِ الْبَدَنِيَّ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِكَوْنِهِ الغاية التي يساق إليها فِي دَارِ الدُّنْيَا فَهِيَ الْعِلَّةُ الْغَائِبَةُ بِعَدَمِ تحقيقها لتحقق فَخَصَّ الْعِلَّةَ الْعَامَّةَ كَمَا وَقَعَ تَأْكِيدُهُ فِي قوله: {ثم إنكم بعد ذلك لميتون} أَوْ تَزْهِيدًا فِي الدَّارِ الْفَانِيَةِ وَتَرْغِيبًا فِيمَا بَعْدَ الْمَوْتِ.

فَإِنْ قِيلَ: فَمَا وَجْهُ تَقَدُّمِ (الحياة) في قوله: {فيها تحيون وفيها تموتون} وقوله: {ومحياي ومماتي لله رب العالمين}؟.

قُلْنَا: إِنْ كَانَ الْخِطَابُ لِآدَمَ وَحَوَّاءَ فَلِأَنَّ حَيَاتَهُمَا فِي الدُّنْيَا سَبَقَتِ الْمَوْتَ

 وَإِنْ كَانَ لِلْخَلْقِ بِالْخِطَابِ لِمَنْ هُوَ حَيٌّ يَعْقُبُهُ الْمَوْتُ فَمَا التَّقْدِيمُ

بِالتَّرْتِيبِ وَكَذَا الْآيَةُ بَعْدَهُ.

فَإِنْ قِيلَ: فَمَا وَجْهُ تَقْدِيمِ الْمَوْتِ عَلَى الْحَيَاةِ في الحكاية عن منكر البعث: {إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا}؟قُلْتُ: لِأَجْلِ مُنَاسَبَةِ رُءُوسِ الْآيِ.

فَإِنْ قُلْتَ: فَمَا وَجْهُ تَقَدُّمِ التَّوَفِّي عَلَى الرَّفْعِ فِي قوله: {إني متوفيك ورافعك إلي} مَعَ أَنَّ الرَّفْعَ سَابِقٌ؟. قِيلَ: فِيهِ جَوَابَانِ:

أحدهما: المراد بالتوفي النوم، كقوله تعالى: {يتوفاكم بالليل}.

وَثَانِيهِمَا: أَنَّ التَّاءَ فِي (مُتَوَفِّيكَ) زَائِدَةٌ أَيْ موفيك عملك.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .