أسمــــــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة الثانية والأربعـون في موضــــــــوع المقـــدم المؤخـــــــــر

نبذة عن الصوت

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :فهذه الحلقة الثانية

والأربعون  في موضوع (المقدم المؤخر ) وهي بعنوان :

* التقديم والتأخير وعلاقته بالسياق :

 إنّ أمامنا مثالا جميلا على ترتّب الخطاب وتلوّنه بحسب السياق، فإنّ النّصين يحملان مضمونا واحدا إلّا أنّ أحدهما خاطب أناسا عاديّين يجترحون معاصي صغيرة فقدّمت المغفرة وأخّر العذاب. والنصّ الثاني خاطب من وقع في حدّ من الحدود وهو حدّ السرقة، فاستوجب تقديم العذاب على المغفرة. واختلاف أحوال المخاطبين يجد صداه داخل لغة النّص كما تقدّم كما أنّ الصياغة الطبيعيّة التي تتّفق مع غرض النصّ، وهو ترغيب العباد بالمسارعة إلى موجبات الرحمة اقتضت تقديم المغفرة على العذاب في المواضع جميعها إلّا في سياق سورة المائدة للسبب الذي ذكرنا.

ومن أمثله هذه الموازنات لدى الرازي توقّفه عند التقديم والتأخير في قوله تعالى في سورة البقرة {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ } [البقرة : 58]. وفي سورة الأعراف {وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف : 161] . ويتساءل الرازي هنا لم يقدّم المؤخّر وفي الجواب قال : " يحتمل أن يقال إنّ بعضهم كانوا مذنبين والبعض الآخر ما كانوا مذنبين، فالمذنب لا بدّ أن يكون اشتغاله بحطّ الذنوب مقدّما على الاشتغال بالعبادة لأنّ التوبة عن الذنب مقدّمة على الاشتغال بالعبادات المستقبلة لا محالة، فلا جرم كان تكليف هؤلاء أن يقولوا أوّلا حطة، ثم يدخلوا الباب سجّدا، وأمّا الذي لا يكون مذنبا فالأولى به أن يشتغل بالعبادة ثم يذكر التوبة ثانيا على سبيل هضم النفس، وإزالة العجب في فعل تلك العبادة، فهؤلاء يجب أن يدخلوا الباب سجدا أوّلا ثم يقولوا حطّة ثانيا فلمّا احتمل كون أولئك المخاطبين منقسمين إلى هذين القسمين لا جرم ذكر اللّه تعالى حكم كل واحد منها في سورة أخرى" [ تفسير الرازي ، 3/ 93 ]

إنّ طبيعة المخاطب المختلفة على هذا النحو اقتضت هذا التقديم والتأخير، كما أنّ التقديم والتأخير يأخذ شكلا تداوليّا بترتيب عناصر الخطاب حسب أولويّتها للمخاطب. كما أنّ تفاصيل سياق الحال المرتبطة

بهدف النصّ جعلته يتشكّل على هذا النحو في هذين النصّين.

[ الأنترنت – موقع  التقديم والتأخير وعلاقته بالسياق  - المؤلف : خلود عموش ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .