أسمــــــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة الأربعــــــــون في موضــــــــوع المقـــدم المؤخـــــــــر

نبذة عن الصوت

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :فهذه الحلقة الأربعون  في موضوع (المقدم المؤخر ) وهي بعنوان :

* التقديم والتأخير وعلاقته بالسياق :

رصد المفسّرون عددا من الظواهر التركيبيّة والبنيويّة في النصّ ، ومنها

مسألة التقديم والتأخير في العناصر المكوّنة للجملة، وحاولوا أن يفسّروا سب حدوث مثل هذا التقديم والتأخير، وابتداء نبيّن أنّ هذا التقديم والتأخير قد يكون متعلّقا بالمستوى النحوي من مثل تقدّم المعمول على العامل أو غيره، وقد يكون أسلوبيّا لا علاقة له بنظام الجملة في العربية. ومن أبرز الأسباب التي يذكرونها لهذه الظاهرة المناسبة. وحين نفسّر هذه المناسبة نجدها ذات بعدين : بعد داخلي اصطلحنا على تسميته بالاتّساق الداخلي، وبعد خارجي هو السياق المقامي، كما اجتهدوا أن يتبيّنوا أثر هذا التقديم والتأخير على البناء النصّي، وأثره في قراءة هدف النصّ، أو العكس أي دور هدف النصّ على حدوث هذا التقديم والتأخير، ولعلّ الزمخشري يعدّ أبرز من تنبّه لهذه الظاهرة السياقيّة.

وفي تفسير الزمخشري لقوله تعالى {وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ‏} يقول : " وفي تقديم الآخرة ، وبناء يوقنون على (هم) تعريض بأهل الكتاب، وبما كانوا

عليه من إثبات أمر الآخرة على خلاف حقيقته، وأنّ قولهم ليس بصادر عن إيقان، وأنّ اليقين ما عليه من آمن بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك"

[ الكشاف ، 1/ 57 ] فهنا ربط مباشر بالهدف أو بمقصد الخطاب، وهو (التعريض). وهكذا يتحوّل التقديم والتأخير من مظهر أسلوبي تركيبي إلى ظاهرة سياقية

وينبّه الزمخشري بصراحة على هذا الربط بين ظاهرة التقديم والتأخير وسياق النصّ اللّغوي ومقصد الخطاب في تقديم وقوع القتل على الأمر بالذبح في الآية الكريمة {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيها ....} يتساءل : " فما الفائدة في ترجيح هذا النظم ؟ قلنا :  إنّما قدمت قصّة الأمر بذبح البقرة على ذكر القتيل لأنّه لو عمل على عكسه لكانت قصّة واحدة، ولو كانت قصّة واحدة لذهب الغرض من بنية التقريع " [الكشاف ، 1/ 127 ]

 ولاحظ أنّه اعتبر أنّ عدم حصول هذا التقديم والتأخير الأسلوبي يعدّ سببا في ذهاب الغرض، ولاحظ قوله" ترجيح النظم" وعلاقته بالاتّساق الداخلي للنصّ.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .