أسمــــــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة الثانية والثلاثـون في موضــــــــوع المقـــدم المؤخـــــــــر

نبذة عن الصوت

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثانية

والثلاثون في موضوع (المقدم المؤخر ) وهي بعنوان :

*ثالثاً : ما قدم في آية وأخر في أخرى

ويقصد بهذا النوع ورود اللفظة ( مقدمة ) على كلمات أخرى في آية قرآنية ، ثم ورودها مؤخرة في آية أخرى نحو قوله تعالى : { وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى} سورة يس آية رقم ( 20 ) ، وفي آية أخرى يقول تعالى : { وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى}سورة القصص آية رقم ( 20 ) . يقول الزركشي : " قدم المجرور على المرفوع لاشتمال ما قبله من سوء معاملة أصحاب القرية الرسل ، وإصرارهم على تكذيبهم ، فكان مظنة التتابع على مجرى العبارة تلك القرية ،ويبقى مخيلاً في فكره : أكانت كلها كذلك ، أم كان فيها خلاف لك ، بخلاف ما في سورة القصص"  .

ويقصد بالمجرور هنا ( من أقصى المدينة ) على المرفوع ؛ الفاعل ( رجلٌ ) .ويقول : " من ذلك قوله في فاتحة الكتاب : ( الحمد لله )  وفي خاتمة الجاثية : ( فلله الحمد )  فتقديم ( الحمد ) في الأول جاء على الأصل ، والثاني جاء على تقدير الجواب ، فكأنه قيل عند وقوع الأمر : ( لمن

الأمر ؟! ومن أهله ؟) فجاء الجواب عن ذلك "  .

وقد قام الإمام الزركشي في سياق هذا التناول بتحليل (12 اثنتي عشرة آية ) .

أما العلوي فقد تناول المسألة بالتحليل الدقيق كعادته . يقول : " قوله تعالى { وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَالسَّمَاءِ} يونس ( 61 ) ، وقال في آية أخرى : { وَلاَ يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ}سبأ ( 3 ) ، والتفرقة بينهما هو أنه أراد في الثانية ذكر إحاطة علمه وشموله لكل المعلومات الجزئية والكلية ، فلا جرم صدّرَ بالسماوات قبل الأرض لاشتمالها على لطائف الحكمة ، وعجائب الصنعة ، ومحكم التأليف ، وكثرة المعلومات كما قال تعالى:{ وَكَذَلِكَ نُرِيَ إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ}الأنعام ( 75 ) وأما الأولى فإنها كانت مسوقةً في شأن أهل الأرض كما قال تعالى : { وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً } يونس (61) فقدم ذكر الأرض تنبيهاً على ذلك لما كان له اختصاص به "  

لكن أجمل ما قال العلوي هو ما ذكره من حكمة دقيقة ، وفهم راق لأسرار" التقديم والتأخير القرآني" قوله : " اعلم أنه إذا كان مطلع الكلام في لإفادة معنى من المعاني ثم يجيء بعده ذكر شيئين و أحدهما أفضل من الآخر ، وكان المفضول مناسباً لمطلع الكلام ، فأنت ههنا بالخيار ، فإن شئت قدمت المفضول لما له من المناسبة لمطلع الكلام ، وإن شئت قدمت الفاضل لما له من رتبة الفضل ، وقد جاء في التنزيل تقديم ( السماء) على ( الأرض ) ، وتقديم (الأرض) على ( السماء ) ، وكل واحد منهما تحته سر ورمز إلى لطائف غريبة ، ومعان عجيبة "  .

وقد أجاد في هذا التحليل الدقيق حقاً ، مما يدل على فهم واع راق لهذا اللون من " التقديم والتأخير" .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .