أسمــــــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة الثالثة والعشرون في موضــــــــوع المقـــدم المؤخـــــــــر

نبذة عن الصوت

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثالثة

والعشرون في موضوع (المقدم المؤخر ) وهي بعنوان :

*أسلوب التقديم والتأخير المعنوي :

والسهيلي هنا يورد أسبابا خمسة لهذا اللون من التقديم هي :

1- التقديم بالزمان .2- التقديم بالطبع .

3- التقديم بالرتبة = التقديم بالاستحقاق .

4- التقديم بالسبب . 5- التقديم بالفضل والكمال .

ثم يعود الإمام السهيلي ويذكر سببا سادسا للتقديم والتأخير المعنوي هو : ( خفة اللفظ ) مثل قولك : ( ربيعة ومضر ) .

يقول : " كان تقديم ( مضر ) أولى من جهة الفضل ، ولكنهم آثروا الخفة ، لأنك لو قدمت ( مضر ) في اللفظ كثرت الحركات وتوالت ، فلما أخرت وقف عليها بالسكون " . فهو بذلك كان مجددا بذكره ثلاثة

أسباب لم يذكرها الزجاجي وهي :

1- التقدم بالزمان .2- التقدم بالسبب .3- التقدم للخفة اللفظية .

ويحمد للسهيلي روعة التدليل بالآيات القرآنية لكل سبب من هذه الأسباب ، وكذلك جمال تحليله . ومن أمثلة ذلك تحليله لسبب التقديم في قوله تعالى :  { وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ } سورة آل عمران آية رقم ( 43 ) إذ حلل هنا سبب تقديم ( السجود ) على (الركوع) فيجعله من باب " التقديم للفضل والشرف " لأن السجود أفضل . لكنه لا يترك المسألة هكذا دون تفصيل ، بل يسأل سؤالا يجيب عنه في طلاقة وتمكن يحسبان له . يقول : " إن قيل : فالركوع قبل السجود بالزمان وبالطبع والعادة لأنه انتقال من علو إلى انخفاض ، والعلو بالطبع قبل الانخفاض ، فهلاَّ قدَّم في الذكر على السجود لهاتين العلتين ؟! فالجواب أن يقال لهذا السائل : انتبه لمعنى هذه الآية من قوله ( اركعي مع الراكعين ) ، ولم يقل : ( اسجدي مع الساجدين ) ؛ فإنما عبَّر بالسجود عن الصلاة كلها ، وأراد صلاتها في بيتها ، لأن صلاة المرأة في بيتها أفضل لها من صلاتها مع قومها . ثم قال لها : ( اركعي مع الراكعين ) أي : صلِّي مع المصلين في ( بيت المقدس) ، ولم يرد أيضا الركوع وحده دون سائر أجزاء الصلاة ، ولكنه عبَّر بالركوع عن الصلاة كلها كما تقول : (ركعت ركعتين) و (ركعت أربع ركعات) إنما تريد الصلاة لا الركوع بمجرده ؛ فصارت الآية متضمنة لصلاتين ؛ صلاتها وحدها ، عبَّر عنها بالسجود ، لأن السجود أفضل حالات العبد ، وكذلك صلاة المرأة في بيتها أفضل لها ، ثم صلاتها في المسجد عبَّر عنها بالركوع ، لأنه في الفضل دون السجود ، وكذلك صلاتها مع المصلين دون صلاتها في بيتها ومحرابها ، وهذا نظم بديع ، وفقه دقيق". هكذا كان التحليل الدقيق لموضع التقديم في هذه الآية ، وهذا يدل على ذوق تأملي راق للإمام السهيلي .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .