أسمــــــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة الواحدة والعشرون في موضــــــــوع المقـــدم المؤخـــــــــر
نبذة عن الصوت
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقةالواحدة
والعشرون في موضوع (المقدم المؤخر ) وهي بعنوان :
*أسلوب التقديم والتأخير المعنوي :
. وباتباع بداية الطريق مع هذه الأسرار يمكننا الاقتراب – على استحياء – من سياقات (الحكمة الكلية ) الكامنة وراء هذا التوظيف .
ويرى الخطيب الإسكافي ( ت 420 هـ ) أنه " إذا أورد الحكيم – تقدست أسماؤه – آية على لفظة مخصوصة ، ثم أعادها في موضع آخر من القرآن وقد غير فيها لفظة عما كانت عليه في الأولى ، فلابد من حكمة هناك تطلب ، وإن أدركتموها فقد ظفرتم ، وإن لم تدركموها فليس لأنه لا حكمة هناك بل جهلتم " .
إن عدم الاستطاعة لبلوغ هذه الحكمة العليا ليس إلا عيبا فينا ، لأننا لم نتسلح بما يجب من وسائل وأدوات للوصول إليها ، فما حجب الغمام للشمس معناه انتفاء وجودها ، لكنه مشعر بمشقة رؤيتها .
ومن الجميل هنا في هذا المقام أن نطالع خاطرات العلماء ؛ ( نحويين وبلاغيين ) حول هذه المواضع ، كلٌّ يُعمل ذوقه لا عقله لإدراك كنه هذه التنويعات السياقية للألفاظ بالتقديم تارة ، وبالتأخير تارة أخرى ، مما شكل لنا تراثا ذوقيا تحليليا لهذه المواضع ، نرى فيه اجتهادات تقترب أو تبتعد عن مناط الاستحسان ، لكن يبقى لهم دوما فضل الاجتهاد .
ولعل توظيف هذا اللون من البلاغة على هذا النسق الإعجازي يكون بمثابة المنبه القوي للعلماء - على اختلاف زوايا نظرهم إلى النص القرآني – بأن بحوثهم لابد وأن تبدأ أولاً من النص القرآني ثم تنتهي به . لابد لا أن تبدأ تلك البحوث بالتقريرات والتقعيدات ثم محاولة قياس النص في ضوء هذه التقريرات . فالذي يتضح جليا أن لهذا النص الجليل نمط من التوظيف غير ثابت ، نمط متحرر بلاغيا وتركيبيا وسياقيا ودلاليا . نمط توظيف خاص به ، وهذا أحد أوجه إعجاز هذا النص العظيم .
و" التقديم والتأخير" المعنوي تناوله العلماء بالتحليل من خلال سياقات النص القرآني ، وكانوا على وتيرة واحدة إذ يقررون أن " الألفاظ تابعة للمعاني ، والمعاني لها في التقديم أحوال خمسة هي : التقدم بالشرف ، والتقدم بالذات،وتقدم العلة على معلولها،والتقدم بالمكان،والتقدم بالزمان
أي انه يؤكد على فكرة تبعية الألفاظ للمعاني ، فما تقدم من الكلام تابع في تقدمه في اللسان على حسب ما يدور من معان في الذهن والعقل . وابن الزملكاني في كتابه " المُجيد في إعجاز القرآن المَجيد " يدور مع الفكرة ذاتها ، وكذلك فعل ابن القيم في كتابه " بدائع الفوائد " ، والعلوي في كتابه " الطراز " .
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .