أسمــــــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة الثامنة عشرة في موضــــــــوع المقـــدم المؤخـــــــــر

نبذة عن الصوت

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثامنة عشرة في موضوع (المقدم المؤخر ) وهي بعنوان :

* التقديم والتأخير بين القيمة النحوية والجمالية البلاغية :

والتقديم يأتي نوعان :

وقد ذكر العلماء أغراضا متعددة للتقديم والتأخير وليس من الممكن النطق بأجزاء الكلام دفعة واحدة إذْ لابد من تقديم بعضه وتأخيره بعضه الآخر وليس في الكلام شيء في حد ذاته أولى بالتّقدم عن الآخر إلّا مراعاة لأغراض تتعين بحسب العنصر المقدم والمقامات والأحوال، وأوّل ما ذكر سيبويه من هذه الأغراض العناية والاهتمام حين قال في الفاعل والمفعول “: يقدمون الذي بيانه أهم وهم ببيانه أعنى، وإن كانا جميعا يهمانهم ويعنيانهم” ، وهذا ما جعل عبد القاهر الجرجاني ما سبب تقديم لفظ على آخر من حيث الرتبة وتأخير آخر وما أهمية ذلك في مدارج الكلام

من أهم هذه الأغراض :

1-      التشويق إلى المتأخر إذا كان المتقدم مشعر بغرابة نحو قول المعرّي

أبو العلاء:

والذي حارت البرية فيه **** حيوان مستحدث من جماد

فهنا المسند إليه تقدم واتصل به مايدعو إلى العجب ويشعر بالغرابة وهو (حارت البرية فيه)، وهذا يترك في النفس تشويقا ويدفعها قضولا لمعرفة الخبر المتأخر . ومثله قول الشاعر :

ثلاثة تشرق الدنيا ببهجتها **** شمس الضحا وأبو إسحق والقمر

هنا تقد المسند إليه (ثلاثة) وتأخرت (تشرق الدنيا ببهجتها) وهنا زاد التشويق في النفس إلى أن تعرف هذه الأشياء الثلاثة .

2- كون المتقدم محط الإنكار والتعجب : نحو قوله تعالى (أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم) فإنّما قُدّم خبر المبتدأ عليه في قوله (أراغب أنت) ولم يقل (أأنت راغب) وذلك لأهمية المتقدم وشدة العناية به .

ويشبهه قول الشاعر : أمثلي تقبل الأقوال فيه ****ومثلك يستمر عليه الكذب

3- التخصيص : وهذا يعني أن المسند إليه قد يتقدم ليفيد تخصيصه

بالخبر الفعلي بشرط أن يكون مسبوقا بحرف نفي ، فيحمل دلالة نفي الفعل عنه وإثباته لغيره نحو قول المتنبي :

وما أنا أسْقمتُ جسمي به **** ولا أنا أضرمت في القلب نارا

إذ المعنى أنّ هذا السقم الموجود والضرم الثابت، ما أنا بجالب لهما، فالقصد إلى نفي كونه فاعلا لهما لا إلى نفيهما .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .