أسمـــاء الله الحسنـــى وصفاتــــه الحلقة الثالثة والثمانــــــــون في موضــــوع القهار القاهر

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثالثة والثمانون في موضوع (القهار القاهر) وهي بعنوان :

*اسم الله "القاهر/ القهار" تأصيلاً وفقهاً:

وقال قتادة: "من يتق الله يكن الله معه، ومن يكن الله ـ عز وجل ـ معه،

 فمعه الفئة التي لا تغلب، والحارس الذي لا ينام، والهادي الذي لا يضل".

فقه اسم الله القهار، يورث صاحبه قلبا حَسن التوكل على مولاه، لأنه علم أن له ربا عظيما، قويا، قاهرا، مقتدرا، فلم يخش أحدا إلا الله، وهو قلب الطير الذي قال فيه نبينا صلى الله عليه وسلم: "يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَقْوَامٌ، أَفْئِدَتُهُمْ مِثْلُ أَفْئِدَةِ الطَّيْرِ" مسلم، وليس قلب من انخدع بقوة الظالمين المستكبرين، وارتعب من زمجرة بعض الأعاجم الظالمين، فاستكانوا لهم، وخضعوا لسلطتهم، بل مجدوهم، وتسابقوا إلى محالفتهم، والاعتزاز بقربهم. وهؤلاء هم الذين حذر منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: "لَيأتِينَّ على الناسِ زَمانٌ، قلوبُهم قلوبُ الأعاجم" الصحيحةِ.

قال بعض العلماء: "لا تتكل على غير الله، فيكلك الله إلى من اتَّكلت عليه".

وقال الحسن ـ رحمه الله ـ: "يا أبن آدم، إن من ضعف يقينك، أن تكون بما

في يدك أوثقَ منك بما في يد الله ـ عزَّ وجلَّ ـ".

وقال يوسف بن أسباط ـ رحمه الله ـ: "كان يقال: اعمل عمل رجل لا ينجيه إلا عملُه، وتوكل توكل رجل لا يصيبه إلا ما كُتب له".

والمؤمن يقهر بالتوكل الخوف من العدو، مهما عتا وتجبر، ومهما تسلط وتكبر،

 ومهما سطا وقهر، فالعاقبة للمتقين. قال ـ تعالى ـ:﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ

 النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾.

وقد أوصى نبينا صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ فقال له: "وَاعْلَمْ

أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ، لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ لَكَ. وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ، لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ. رُفِعَتِ الأَقْلاَمُ، وَجَفَّتِ الصُّحُفُ" صحيح سنن الترمذي.

وما أُتي المسلمون ـ اليوم ـ إلا من ضعف اليقين بأن الله هو القهار، وأنه هو القوي الجبار. فلم تغن عنا كثرتنا شيئا، بل صارت زمرة من اليهود ـ وهم عدة ملايين ـ يسيطرون على مقدراتنا، ويتحكمون في مصائرنا، ويفكرون بدلنا، ويزعمون تقديم الحلول لأزماتنا ومشاكلنا، حتى أسلسنا لهم القياد، وتركنا صدق التوكل على القاهر فوق العباد.

إذا نَحْنُ أدلَجْنَا وأنت أَمامَنا ***  كَفَى لِمَطايَانا بذِكـرك هاديا

لقد بلغ قوم عاد في زمنهم من براعة في العمران، وازدهار في الصناعة، وتنظيم في الجيش، وتقدم في العلم، ما لم يُعرف لأحد قبلهم، حتى قال ـ تعالى ـ:﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ﴾. غير أنهم سوغوا قوتهم في البطش بخلق الله، والسعي في الأرض بالظلم والفساد والاعتداء على عباد الله. قال ـ تعالى ـ: ﴿أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آَيَةً تَعْبَثُونَ وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ﴾، وقالوا : ﴿مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً﴾. فقد اعتقدوا أنهم ملكوا الدنيا، وسيطروا عليها، وتحكموا في رقاب أهلها، ولم يعلموا أن الله ـ عز وجل ـ ﴿هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً﴾. فأهلكهم بجند من جنوده فقال ـ تعالى ـ: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ﴾.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .