أسمــــــاء الله الحسنــــــى وصفاتـــــــه الحلقة الثمانــــــــون في موضــــوع القهار القاهر

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة

الثمانون في موضوع (القهار القاهر) وهي بعنوان :

*اسم الله "القاهر/ القهار" تأصيلاً وفقهاً:

ومن أعظم الأمثلة على قهر الله ـ عز وجل ـ للمستكبرين المتجبرين، دحره ـ جل وعلا ـ للأحزاب الحلفاء، الذين تكالبوا على المسلمين في معركة الخندق،

 حيث تقضي كل المؤشرات المادية بأن المسلمين سينهزمون لا محالة، وأن

الأعداء المتكتلين سيغلبون لا محالة. لكن القادر القاهر، يُصرف الأحداث بما يثبت ضعف المتجبر، وعجز المتكبر.

فقد خان يهود بني النضير العهد المضروب بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستدرجوه بالحيلة ليغتالوه، فنجاه الله ـ تعالى ـ من مكرهم، وأجلاهم النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة، فخرجوا ذليلين، بعد أن ﴿ظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ﴾.

خرجوا ومعهم أحقادهم ضد الرسول صلى الله عليه وسلم، فحركوا وفدا يهوديا رفيع المستوى، يجوب الجزيرة العربية لتجهيز أكبر جيش وثني لاستئصال الإسلام والمسلمين، واحتلال المدينة، ونهب خيراتها. واستطاعوا ـ بدهائهم ومكرهم ـ أن يستميلوا قريشا، الذين خرجوا في 4000 رجل، ثم أقنعوا غطفان، وَفَزارة، ومرة، وأشجع، حتى صاروا 10000 رجل، يقودهم أبو سفيان الذي أصبح مع باقي زعماء العرب بيادق تحركها سلطة دهاء اليهود، الذين خانوا رسالتهم السماوية، ليقروا الوثنيين على باطلهم وفساد عقيدتهم، تدليسا للأمانة التي حملوها، وشهادة بالكذب والزور بصحة دين الأصنام، وأحقيته على دين خير الأنام. فقد فقالت قريش: "يَا مَعْشَرَ يَهُودَ، إنّكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ الأول، وَالْعِلْمِ بِمَا أَصْبَحْنَا نَخْتَلِفُ فِيهِ نَحْنُ وَمُحَمّدٌ، أَفَدِينُنَا خَيْرٌ أَمْ دِينُهُ؟". فقال علماء بني إسرائيل: "بَلْ دِينُكُمْ خَيْرٌ مِنْ دِينِهِ، وَأَنْتُمْ أَوْلَى بِالْحَقّ".

وأَرَّخ القرآن الكريم لهذا الموقف المخزي لليهود، فقال ـ تعالى ـ: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا سَبِيلًا﴾.

وهكذا استعانت اليهودية بالوثنية لضرب الإسلام والمسلمين، تماما كما تستعين

 اليوم بالملاحدة واللادينيين لطعن المسلمين من الداخل والخارج.

شَهيدٌ عَلى قَوْمٍ بما كانَ مِنْهُمُ *** فَيا حَقُّ خُـذْ بالثّأرِ مِنْهُمْ وَعَجِلا

وَأَنْتَ وَكيلي يا وَكيلُ عَلَيْهمُ *** وَحَسْبي إِذا كَانَ الْقَوِيُّ مُوَكَّلا

أما المسلمون فكان عددهم 3000، وكان عليهم أن يحفروا خندقا طوله كيلومتران ونصف، وعرضه خمسة أمتار، وعمقه أربعة أمتار، وفي مدة عشرين يوما ـ تقريبا ـ. أما طعامهم، فقد وصفه أنس بن مالك رضي الله عنه بقوله: "فكانوا يُؤْتَوْنَ بِمِلْءِ كَفِّي مِنْ الشَّعِيرِ، فَيُصْنَعُ لَهُمْ بِإِهَالَةٍ (دهن يؤتدم به) سَنِخَةٍ (متغيرة الرائحة)، تُوضَعُ بَيْنَ يَدَيِ الْقَوْمِ، وَالْقَوْمُ جِيَاعٌ، وَهِيَ بَشِعَةٌ فِي الْحَلْقِ، وَلَهَا رِيحٌ مُنْتِنٌ" البخاري.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .