أسمـــاء الله الحسنـــى وصفاتــــه الحلقة السادسة والسبعون في موضــــوع القهار القاهر

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة

السادسة والسبعون في موضوع (القهار القاهر) وهي بعنوان :

*اسم الله "القاهر/ القهار" تأصيلاً وفقهاً:

نعيش زمانًا كثرت فيه القلاقل، واختلت فيه كثير من موازين الرحمة والرأفة، حتى أوشك أن يصبح الشعور بتملك القوة والقهر هو الغالب، مما يسلمنا إلى الحديث عن أحد أسماء الله الحسنى، الذي - ربما - لا يعيره كثير من دعاة القوة والسيطرة ما يستحقه من التقدير، ولا يولونه من الاهتمام ما هو به

جدير. إنه اسم الله: "القَاهِر"، و "القَهَّار".

ويأتي اختيار هذا الاسم البديع، في سياق ضعف التدين الذي تميز به بعض من يزعمون أنهم من أهل الثقافة والتنوير والانفتاح، وعدم معرفتهم بالله - عز وجل - الذي عرفنا ذاته بأسمائه وصفاته، ومنها أنه فوق عباده قاهر، وأنه صاحب العظمة الحقيقي، الذي يجب أن يخاف فلا تقتحم حدوده، وأن يطاع فلا تتجاوز شرائعه، إذ لو آمنوا به حق الإيمان، لما طعنوا في دينه بعدم صلاحيته لزماننا، ولما طالبوا بتغيير بعض أحكامه، اعتقاداً منهم في عدم عدله بيننا، ولما طعنوا في أنبيائه بأقذع الألفاظ، وأبشع الصفات، ولما لمزوا الصحابة الكرام بألوان التهكم والازدراء، ولما تناولوا شرائع ديننا بالزراية، كإظهار الانزعاج من الأذان، والدعوة إلى منع الصلاة في المؤسسات العمومية، واعتبار شعائر عيد الأضحى تتنافى والسلوك المدني، والطعن في ستر المرء وحجابها.. ولما استنقصوا من حرمة الذات الإلهية ورسله، حتى طالبوا بإسقاط عقوبة الاستهزاء بالله ـ تعالى ـ والرسل، ولما دعوا إلى تحليل ما حرم الله من خمر، وربا، وميسر، وزنا، وشذوذ.. مما كان له عاقبة السوء في مجتمعاتنا، حتى صرنا نرى الخمر يباع في بعض الأزقة، ويشرب في بعض قوارع الطرق، وصرنا نرى الزوجة يعتدى عليها أمام الملأ ضرباً، وجرحاً، وتنكيلاً، وصرنا نرى الفتاة تغتصب أمام المارة، وتحت عين آلة التصوير، وغير ذلك من المشاهد المؤلمة، التي كانت نتاج هذا الفكر المتسيب، الذي يريد فتح أبواب الحرية الشخصية على مصاريعها، وأن يمد المعتدين بأنواع من الحماية الفكرية، والحصانة الحقوقية، مما لم تزد الوضع إلا تفاقماً واتساعاً، ولا التجاوزات إلا طفوحاً وتمييعاً.

إن غياب معرفة الله بأسمائه وصفاته، أدى إلى استفحال أقاويل بعض من أظلم عندهم ليل قلوبهم، فتلاطمت فيه أمواج المعتقدات، وادلهم فيه نهار عقولهم، فتعددت فيه المناهج والأفكار والمرجعيات، حتى نبت من بيننا من لا يَقدُر قدر العزيز القهار، ولا يأبه لبطش القوي الجبار، الذي أصبح ـ سبحانه ـ مادة رخيصة على مائدة النقاشات السخيفة، وطرفا من الجدالات العقيمة، استبيحت فيها حرمته، وانتهكت فيها محارمه، حتى تجرأوا على كتابه، رمياً له بالقصور عن المستجدات، ووسما له بالنكوص عن التطورات، وما علموا أنه ـ عز وجل ـ هو القاهر فوق عباده، الكبير المتعال. ﴿وَيَجْعَلُونَ لِلهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرِطُونَ﴾.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .