أسمـــاء الله الحسنـــى وصفاتــــه الحلقة الرابعة والسبعون في موضــــوع القهار القاهر

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الرابعة والسبعون في موضوع (القهار القاهر) وهي بعنوان :

* القاهر القهار اسمان لله جل جلاله : القهر المطلق :

إن الكون كله يدل على صفة القهر لدى الله عز وجل، فالشمس تجري

 لمستقر لها في فلك خاص بها، والقمر في فلكه الخاص، وليس للشمس أن تقترب من مداره ولا للقمر أن يقترب من مدارها، كل منهما يسير في الخط المرسوم ولا يخرج عنه،: والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون (سورة يس من الآية 38 إلى الآية 40)، وكذلك الليل والنهار يتعاقبان بانتظام، فلا يأتي النهار قبل ميعاده أو يحل الظلام قبل أوانه: إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثاً والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين(الأعراف: 54).

كل شيء مسخر وخاضع للقهر الإلهي المطلق، حتى أعمال العباد، فمن كفر أو

 أشرك أو عصى فإنه لم يخرج عن إطار هذا القهر، وفي ذلك يقول جل وعلا: ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين (يونس: 99).

وأول أثر على العبد الموحد باسم الله القاهر هو الخضوع التام لله الواحد

القهار، فيقهر شهوته، ويقهر ميله وهواه، ليحقق في نفسه اسم الله القاهر، ويتخذ السبيل إلى طاعة الله عز وجل ومحبته ومرضاته.

ويثق المؤمنون في نصر الله ووعده لهم بالتمكين والنصرة والغلبة: فقال: كتب

الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز (المجادلة: 21)، وقال تعالى: ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون (المائدة: 56)، وقال سبحانه: وإن جندنا لهم الغالبون (الصافات: 173)، وتوحيد الله باسمه القاهر يجعل المؤمنين يستعلون على الأعداء بعزة الله القاهر وثقة ويقينا في ربهم، روى مسلم من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله قاهرين لعدوهم لا يضرهم من خالفهم حتى تأتيهم الساعة وهم على ذلك.

الغالب لكل شيء: قال القرطبي: (القهار) هو الغالب لكل شيء، والذي يغلب في مراده كل مريد، ولذلك فإن أول معنى من معاني القهر أن الله عز وجل قهر الممكن وجعله قائما، جعله مستمرا، جعله موجودا، قال بعض المحققين: هو سبحانه القهار للعدم والوجود، لأن الممكن لو ترك وحده لكان معدوما، فكأن ماهية الممكن تقتضي العدم، إلا أنه سبحانه وتعالى منزه يقهر هذه الحالة ويبدل العدم للوجود، قال الله تعالى: إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليماً غفوراً (فاطر: 41)، يمسكها الله تعالى بقدرته معلقة في الهواء، يمسكها بقهره وبقوته، وانظر إلى الأرض تدور حول الشمس منذ ملايين السنين ولم تنجذب إليها وانظر في قوله تعالى: ألم تر أن الله سخر لكم ما في الأرض والفلك تجري في البحر بأمره ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه إن الله بالناس لرؤوف رحيم (الحج: 65).

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .