أسمـــاء الله الحسنـــى وصفاتــــه الحلقة الثالثة والسبعون في موضــــوع القهار القاهر

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثالثة والسبعون في موضوع (القهار القاهر) وهي بعنوان :

* القاهر القهار اسمان لله جل جلاله :

سمى الله نفسه القاهر وسمى نفسه القهار، وجاء اسم الله القاهر في القرآن في موضعين وبصيغة واحدة: وهو القاهر فوق عباده، كما في قوله تعالى: وهو

القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير (الأنعام: 18)، وكذلك في قوله تعالى:

 وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته

 رسلنا وهم لا يفرطون (الأنعام: 61).

وجاء اسم الله القهار ست مرات اقترن فيها جميعا باسم الله الواحد كما في قوله تعالى: يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار (يوسف: 39)، وكما في قوله تعالى: قل إنما أنا منذر وما من إله إلا الله الواحد القهار (ص: 65)، وكذلك في قوله تعالى: قل الله خالق كل شيء وهو الواحد القهار (الرعد: 16)، وفي قوله تعالى: يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار (إبراهيم: 48)، وفي قوله تعالى: لو أراد الله أن يتخذ ولداً لاصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه هو الله الواحد القهار (الزمر: 4)، وفي قوله تعالى: يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء لمن الملك اليوم لله الواحد القهار (غافر: 16).

مشيئة نافذة :

القهر هو الغلبة، والقاهر هو الغالب الذي لا يغالبه أحد جل وعلا، والذي لا موجود إلا وهو مسخر تحت قهره وقدرته عاجز في قبضته، والله جل شأنه قال عن نفسه: وهو القاهر فوق عباده (الأنعام: 61)، فهو الذي قهر كل شيء، وخضع لجلاله كل شيء، وذل لعظمته وكبريائه كل شيء، وعلا على عرشه فوق كل شيء، لا قاهر إلا هو، قهره هو القهر الحقيقي الذي لا يجد المقهور منه ملاذا، لأنه قهر بأسباب لا يستطيع أحد خلق ما يدافعها.

ولا بد أن نلاحظ أن في القهر معنى زائداً ليس في القدرة، وهو منع غيره عن بلوغ ما يريده، فهو سبحانه الغالب على جميع الخلائق، الذي يعلو في قهره وقوته، وكل شيء تحت قهره وسلطانه، فلا غالب ولا منازع له، كل شيء خاضع لأمره في حركته وفي سكونه، وهو سبحانه يمسك السماوات والأرض بالقهر والغلبة: إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليماً غفوراً (فاطر: 41) حتى يحل موعدها المضروب: حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلاً أو نهاراً فجعلناها حصيداً كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون (يونس: 24).

أمره سبحانه هو النافذ، ومشيئته هي المشيئة، يفعل ما يريد، ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، لا إله غيره، هو القاهر فوق عباده، ويستحيل تصور وجود إلهين مختلفين ففي التنازع بينهما لا بد من غالب وخاسر، فالذي لا تنفذ إرادته هو المغلوب العاجز، والذي نفذت إرادته هو القاهر القادر على منع غيره أن يفعل بخلاف ما يريد، وفي هذا يقول عز وجل: ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذاً لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون (المؤمنون: 91).

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .