أسمـــاء الله الحسنـــى وصفاتــــه الحلقة الواحدة والخمسـون في موضــــوع القهار القاهر

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الواحدة والخمسون في موضوع (القهار القاهر) وهي بعنوان :

*شرح - اسم - الله – القهار :

أول معنى من معاني القهر أن الله عز وجل قهر الممكن وجعله قائمًا ؛جعله

مستمرًا ؛جعله موجودًا، قال الله تعالى:﴿قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى (49) قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾] سورة طه:49-50[.           لو ترك وحده لكان معدومًا، فكأن جوهر الممكن أنه العدم ولولا قدرة الله القاهرة في الممكن لما كان هذا الممكن موجودًا، إذا فالكلمة الدقيقة " كن فيكون، زلْ فيزول ".

فأنت وجودك بالله عز وجل، والدليل أجهزة الإنسان، دماغه مثلًا مئة وأربعون مليار خلية، الإدراك الإحساس الذاكرة المحاكمة التصور التخيل الغدد الصماء، كل هذه الأجهزة أساسها أن الله عز وجل يتجلى عليك، وينقطع التجلي عن الإنسان عند الموت.

وازن بين إنسان في أوج نشاطه يتحرك يفكر يحاكم يتصرف يرى يسمع يشم

 يلمس يأخذ مواقف ينشئ مشاريع، يترك بصمات في المجتمع وبين جثة هامدة، الفرق بين الجثة الهامدة وبين هذا الإنسان الممتلئ نشاطًا وحيويةً هو التجلي الإلهي هو القهار، الله عز وجل قهر المادة فجعلها تفكر وتسمع وتعقل وترى وتشم وتبصر وتمشي وتتحرك وتغضب وتفرح وتحزن، لو أن إنسانًا وضع على ميزان قبل أن يموت بدقائق ومات فلا يخسر عند الموت شيئًا من وزنه، هي قوة الله عز وجل هذه الروح.

قال بعض المحققين القهار للعدم والوجود لأن الممكن لو ترك وحده لكان

معدومًا فكأن ماهية الممكن تقتضي العدم إلا أنه سبحانه وتعالى منزه يقهر هذه الحالة ويبدل العدم للوجود.

مثلًا الشمس عمرها خمسة آلاف مليون سنة هذا عمر مديد وللشمس طاقة لا تخبو، هل عندنا على الأرض مصدر طاقة لا يخبو، شخص ملأ خزان الوقود بعد مئتي كيلو متر ينتهي،ملأ مستودع الوقود بمنزله بعدحين ينتهي، كل شيء ينتهي،أما هذه الشمس من خمسة آلاف مليون عام لا تنتهي،هذا المعنى الأول

المعنى الثاني، إن أصغر كوكب في الفلك أضعاف جرم الأرض ثم إن هذه الأفلاك مع ما فيها من كواكب يمسكها الله تعالى بقدرته معلقةً في الهواء كما قال تعالى:﴿إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا﴾] سورة فاطر: 41[.

بعض العلماء يقولون : بالحياة أربع مواد أساسية هي الماء والهواء والنار والتراب وهذه كلها متنافرة والله سبحانه وتعالى بقوته القاهرة ألف بينها، من معاني قهره أنه ألف بين المتنافرات، فأنت لا تستطيع أن تجعل البحر يحترق، والبحر ماء لكن ربنا عز وجل قال: ﴿وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ﴾.

أسجر النار يعني أشعلها، كيف؟ أنت بالماء تطفئ النار لكن هذا الماء هدروجين وأكسجين، الهدروجين من أشد العناصر احتراقًا والأكسجين من أشد العناصر مساعدةً على الاحتراق، حينما تشوي لحمًا لماذا تهوي؟ تحرك الأوكسجين فوق الفحم يزداد توهجه فالأكسجين يعين على الاشتعال والهدرجين يشتعل، والمحصلة ماء يطفئ النار، فالله عز وجل بقدرته يجعل من هذا البحر نارًا، فمن معاني قهر الله عز وجل أنه يؤلف بين الأشياء المتنافرة، وهذه العناصر الماء والهواء والنار والتراب كلها متنافرة ومع ذلك تأتلف في المخلوقات.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .