أسمـــاء الله الحســـنى وصفـــــــاته الحلقــة السابعة بعد الثلاثمائة في موضـــوع المعـــطي
نبذة عن الصوت
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة
السابعة بعد الثلاثمائة في موضوع (المعطي) وهي بعنوان :
* اسم الله المعطي والمانع :
وقال السعدي -رحمه الله-: “المعطي المانع هذه من الأسماء المتقابلة التي لا ينبغي أن يثني على الله بها إلا كل واحد منها مع الآخر؛ لأن الكمال المطلق من اجتماع الوصفين، فهو المعطي المانع: لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، فجميع المصالح والمنافع منه تطلب، وإليه يرغب فيها، وهو الذي يعطيها لمن
شاء ويمنعها من يشاء بحكمته ورحمته”.
وقال الخطابي: “وفي ذكرهما معاً إنباء عن القدرة وأدل على الحكمة؛ كقوله -تعالى- (وَاللّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)[البقرة: 245]، وإذا ذكرت القابض مفرداً عن الباسط كنت كأنك قد قصرت بالصفة على المنع والحرمان، وإذا وصلت أحدهما بالآخر فقد جمعت بين الصفتين منبئاً على وجه الحكمة فيهما”.
لا يمنع الله عنك شيئاً, ولا يعطيك شيئاً, ولا يحرمك من شيء,
ولا يؤخر عنك شيئاً إلا لغاية وحكمة, قَالَ رَسُولُ اللَّـهِ -صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: “إِنَّ لِلَّهِ عَبَّادًا اخْتَصَّهُمْ بِالنِّعَمِ لِمَنَافِعِ الْعِبَادِ، يُقِرُّهُمْ فِيهَا مَا بَذَلُوهَا، فَإِذَا مَنَعُوهَا نَزَعَهَا مِنْهُمْ، فَحَوَّلَهَا إِلَى غَيْرِهِمْ“(صحيح الجامع) .
وكمثل رجل يمشي في الصحراء فوجد كوباً من الماء (هذا الماء به سُم) ففرح به وكأنه كل الحياة, ولما أدركه سقط منه وانسكب فحزن حزناً شديداً على
الماء المسكوب, ولكنه لا يدرى أن هذا الماء به سُم فإن شربه مات, فكهذا الدنيا وهكذا إن منع الله عنك شيئاً أو حرمك من شيء, فذلك لحكمة لا تعلمها أنت, وكن على يقين أن الله أعلم منك بما هو خير لك، فأحــيانا يمنع اللّه عنك مَا تريد ليمنحك مَا تحتاج؛ عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “إن الله ليحمي عبده المؤمن الدنيا وهو يحبه، كما تحمون مريضكم الطعام والشراب“(صححه الألباني)؛ فقد يكون الإنسان المؤمن طالباً للمال وللدنيا، فيكدح ويتعب، ورزقه قليل، وقد يظن في نفسه أنه محروم، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: “إن الله -عز وجل- يحمي“؛ بمعنى: يمنع والحمية: الامتناع، أي: يمنع عبده المؤمن من الدنيا.
فعندما يكون لك مريض، والأطباء منعوه من أن يأكل طعاماً معيناً فإنك لا تعطيه هذا الطعام، ليس لكونك تبغضه، وإنما لكونك تحبه، وتخاف عليه من أن يزداد عليه المرض، ولله -عز وجل- المثل الأعلى، فإنه يمنع عبده من الدنيا وهو يحبه، ولو أعطاه الدنيا لأفسدته، فيحميه ويمنعه منها ليدخر له أجره موفوراً يوم القيامة، فلذلك لا يحزن العبد المؤمن ولا يشقى بقلة المال، وإنما الشقي هو الذي حرم من معرفة رب العالمين -سبحانه-, قال الشافعي:
النفس تجزع أن تكون فقيرةً *** والفقر خيرٌ من غنىً يُطغيها
لا تنس يا عبد الله: أن الله حرم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الولد؛ فمات ابنه إبراهيم صغيراً، وجاءت السورة لترد على الجاهلين الذين ظنوه منعا لخير، إنما الحرمان من الله ابتلاء وعطاء, (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ)[الكوثر: 3].
وتذكر يا بني آدم، لو فتح الله لنا الغيب لسجدنا لله شكراً على حجبها عنا؛ فالخير ما اختاره الله.
الى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته