أسمـــاء الله الحســـنى وصفـــــــاته الحلقــة الثامنة والثمانون بعد المائــتين في موضـــوع المعـــطي

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة

الثامنة والثمانون بعد المائتين في موضوع (المعطي) وهي بعنوان :

*قيمة العطاء  : عطاء الأُمّة :

لم يرد الإسلام للعطاء أن يحدَّ بحدود الزمان والمكان، ولا المذهب والدِّين: (وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا) (النساء/ 36).. (لا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (الممتحنة/ 8).

إبذل لأخيك دمك ومالك، ولعدوّك عدلك وإنصافك، وللعامّة بشرك وإحسانك، هذا ما يعلّمنا إيّاه إمام المتقين: «يا كميل، مر أهلك أن يروحوا في كسب المكارم، ويدلجوا في حاجة مَن هو نائم».

عندما تحدَّث الإسلام عن العطاء، لم يرد له أن يكون عطاء الفرد، بل دعا

الأُمّة المسلمة أن تكون أُمّة الخير في تعاملها حتى مع الذين يختلفون معها:

(وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (آل عمران/ 104).

وأراد أن تكون الأُمّة التي تمدّ جسوراً مع الأُمم الأُخرى: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ) (آل عمران/ 64).

وأراد لها أن تكون الأُمّة التي تتفاعل مع بقيّة الحضارات: (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا

وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) (الحجرات/ 13).

طاقة الفرد في خدمة المجتمع :

إنّ الذين يملكون طاقات يستفيد منها الآخرون ولا يبذلونها، بحيث يجمّدونها لحساباتهم الخاصّة أو يفرّطون بها، هم خائنون لأُمّتهم ولإنسانيتهم، سارقون لقدراتها، لأنّ طاقات الأفراد هي طاقات للجميع، ولهذا سيقفون للحساب والمسؤولية بين يدي الله. هكذا يريد لنا الإسلام أن نكون.

فقد ورد في الحديث عن الإمام الصادق (ع): «إنّ الله لم ينعم على عبدٍ

نِعمة إلّا وقد ألزمه فيها الحجّة من الله، فمن مَنَّ الله عليه فجعله موسعاً عليه،

فحجّته عليه ماله، ثمّ تعاهده الفقراء بفرائضه ونوافله، ومَن مَنَّ الله عليه فجعله قويّاً في بدنه، فحجّته عليه القيام بما كلّفه، واحتمال مَن هو دونه ممّن هو أضعف، ومَن مَنَّ الله عليه فجعله شريفاً في قومه، جميلاً في صورته، فحجّته عليه أن لا يغمط حقوق الضُّعفاء لحال شرفه وجماله».

جاء رجل إلى رسول الله (ص) وقال له: دلّني على عملٍ إن أنا عملته دخلت الجنّة، قال (ص): «انل ممّا أنالك الله»، فقال الرجل: فإن كنت أحوج ممّن أنيله. قال: «انصر المظلوم»، قال: لا أريد الدخول بين المظلومين والظالمين، قال: «اصنع للأخرق»، قال: فإن كنت أخرق ممّن أصنع له، قال: «فأمسك لسانك إلّا عن خير»، المهمّ أن تعطي ولو كلمة طيِّبة.

معنى السعادة الحقيقية : إنّ السعادة كلّ السعادة، عندما نزرع سعادةً في قلب مهموم أو مغموم، عندما تغني عقلاً بالمعرفة، عندما تفتح قلباً على

المحبّة، عندما تساعد إنساناً وتقضي حاجة، عندما تغيّر واقعاً فاسداً، عندما

تقيم عدلاً وترفع ظلماً، عندما تحوّل حياةً إلى صدقة جارية تنفع النّاس،

عندما تترك كتاباً يُقرأ وولداً صالحاً.

هذه هي قيمة الحياة، وهذه هي السعادة الحقيقية. إذا أردتم أن تعرفوا ذلك، عيشوا هذه القيمة، تأمّلوا في حياة كلّ الذين غادروا الدُّنيا، مَن هم الذين

أبقتهم الحياة، ومَن هم الذين لفظتهم ولم يعد لهم أثر فيها!

  [ الأنترنت – موقع مجلة البلاغ  - قيمة العطاء ]

الى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته