أسمـــاء الله الحســـنى وصفـــــــاته الحلقــة الثانية والثمانون بعد المائــتين في موضـــوع المعـــطي

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة

الثانية والثمانون بعد المائتين في موضوع (المعطي) وهي بعنوان :

*العطاء غير المنظور: سلامة القلب:

إدخال السرور على الناس:

يتقابل الناس بعضهم مع بعض يومياً ويتعاملون معاً في شتى مناحي الحياة، ومع ذلك يحترف بعضهم العبوس الدائم في وجوه الآخرين، ويتفنن هؤلاء في إضفاء الكآبة والحزن على الحياة، ونسوا أن إدخال السرور على الناس من أفضل الأعمال، بل هـو مـن القـربات والصدقـات؛ فعن أبي ذرٍّ - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «تبسُّمك في وجه أخيك صدقة، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة، وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة، وبصرُك الرجلَ الرديءَ البصرِ لك صدقة، وإماطتك الحجر والشوكة والعظم عن الطريق لك صدقة، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة».

وعن عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - أن رجلاً جاء إلى

النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! أيُّ الناس أحبُّ إلى الله؟ وأيُّ الأعمال أحب إلى الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أحب الناس إلى الله - تعالى - أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله - عز وجل -: سرور تُدخِله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دَيْناً، أو تطرُدَ عنه جوعاً، ولأن أمشي مع أخٍ في حاجة أحبُّ إليَّ من أن أعتكف في هذا المسجد، (يعني مسجد المدينة) شهراً، ومن كفَّ غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه، ملأ الله قلبه رجاءً يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى تتهيأ له أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام (وزاد في

رواية: وإنَّ سوءَ الخُلُق يفسد العمل كما يُفسِد الخل العسل»

وهكذا نرى أن إدخال السرور على الناس عمل رائع، وعطاء عظيم، وحِسٌّ راقٍ مرهف؛ فأين نحن من ذلك؟

لقد أراد الله - تعالى - أن يتفاوت الناس في قدراتهم، وإمكاناتهم الجسدية والذهنية، ومهاراتهم العملية، وأيضاً في مواهبهم، وظروفهم، وأرزاقهم: من المال والصحة والجاه والسلطة والعلم والأولاد والسعادة... وأراد الله - تعالى - أن يجتمع الناس ليتعاونوا على تعمير الكون وبناء الحياة والحضارة وصناعة العمران، وحتى يحصل ذلك جعل بعضَهم يفتقر إلى بعض ويحتاج إليه. وليس هذا في الاحتياجات المادية الحسية وحسب، بل في المشاعر والأحاسيس والمطالب النفسية أيضاً؛ فالإنسان يحتاج إلى الشعور بالدفء والحنان والحب والاحترام والاهتمام من الآخرين؛ ولذلك شرع الله العطاء ليكمل النقص ويحقق التكامل والتكافل والتراحم، وينشر المودة والترابط بين الناس.

إن ابتسامة رقيقة في وجوه الآخرين تحقق كثيراً من الخير، وزيارةً لمريض قد تفعل ما لا تفعله الأدوية والعقاقير، وكلمةً حانية صادقة تخرج من القلب يكون لها وَقْعٌ عجيب على نفوس السامعين. قال - تعالى -: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت من الآية:34].

وَلْنَتَصور مجتمعـاً خاليـاً مــن العطـاء المـادي والمعنـوي؛ لا شـك أنه سـيكون مجتمعـاً جافـاً قاسـياً تفقـد فيـه الحيـاة قيمتها وتصبح عبئاً ثقيلاً على كل إنسان. [الأنترنت – موقع طريق الإسلام  - العطاء غير المنظور الكاتب: حسام مقلد. ]

الى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته