أسمـــاء الله الحســـنى وصفـــــــاته الحلقــة التاسعة والخمسون بعد المائــتين في موضـــوع المعـــطي
نبذة عن الصوت
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة
التاسعة والخمسون بعد المائتين في موضوع (المعطي) وهي بعنوان :
*فعل الخيرات ومفاهيم إعجازية للعطاء والوقاية :
العطاء والوقاية وحماية المجتمعات ضد كلِّ الأمراض والمخاطر الاجتماعية هي
القيمة المقابلة المنتظَرة لكلِّ عطاء خيري في الإسلام، والعطاء المنتظَر ليس
هو العطاء الذي يعود على المسلم المنفِق؛ بل هو العطاء الذي يَصدر من المنفَق عليه ليكون منتجًا ويكفي نفسَه بنفسه، ويقيها بما قُدِّم له شرورَ الفقر والحاجة؛ فهذه هي الرؤية النموذجيَّة للعطاء الفاعل الذي يُحدث أهمَّ وأكبر قيمة تعود على الإنسان والمجتمعات المسلمة.
وهذه النَّظرة الرحيمة والإيجابية لم تكن لتمرَّ مرور الكرام إذا كانت تقدَّم لغاية وقصد عظيم، ومن أجل ربٍّ كبير وكريم يُحسِن العطاء، ويُجزِل الجزاء؛ فالجزاء دائمًا من جنس العمل، وما أجمَلَ الجزاءَ وأعظَمَه إذا كان ربَّانيًّا وإذا كان العمل قد قُصد به وجهه الكريم! فالجزاء يَفوق العمل؛ لأنَّه من ربٍّ كريم جوَاد كثير العطاء والمنح، للدرجة التي يصبح فيها إعجازيًّا لا يمكن الوقوف أمامه إلَّا لإكبار وتَسبيح الربِّ الكريم الجواد؛ فالحسَنة في الإسلام بعَشرة أمثالها، فقال الله سبحانه وتعالى: ﴿ مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الأنعام: 160]، وتصِل المضاعفة إلى سبعمائة ضعف.
اليقين بإعجاز عطاء رب العالمين:
وكان الصَّحابة رضوان الله عليهم يتسابقون إلى نَيل ذلك العطاء، والحصول على هذا الدَّعم الربَّاني، الذي يُضاعف إلى أضعاف كثيرة؛ فها هو عثمان بن عفَّان رضي الله عنه؛ كما روي عن ابن عبَّاس قال: "قحط المطر على عهد أبي بَكر الصدِّيق، فاجتمع الناس إلى أبي بكر فقالوا: السماء لم تمطِر، والأرض لم تُنبت، والناس في شدَّة شديدة! فقال أبو بكر: انصرفوا واصبِروا؛ فإنَّكم لا تُمسون حتى يُفرج الله الكريم عنكم، قال فما لبثنا أن جاء أجراء عثمان من الشام، فجاءته مائة راحلة بُرًّا - أو قال: طعامًا - فاجتمع الناسُ إلى باب عثمان، فقرعوا عليه الباب، فخرج إليهم عثمان في ملَأ من الناس، فقال: ما تشاؤون؟ قالوا: الزمان قد قحط؛ السماء لا تُمطر، والأرض لا تُنبت، والناس في شدَّة شديدة، وقد بلَغنا أنَّ عندك طعامًا، فبِعْنا حتى نوسِّع على فُقراء المسلمين، فقال عثمان: حبًّا وكرامة، ادخلوا فاشتروا، فدخل التجَّار، فإذا الطعام موضوع في دار عثمان، فقال: يا معشر التجَّار، كم تربحونني على شرائي من الشام؟ قالوا: للعشرة اثنا عشر، قال عثمان: قد زادوني، قال التجار: يا أبا عمرو، ما بقي بالمدينة تجَّار غيرنا، فمَن زادك؟ قال: زادني الله تبارك وتعالى بكلِّ درهم عشرة، أعندكم زيادة؟ قالوا: اللهمَّ لا، قال: فإنِّي أُشهِد الله أنِّي قد جعلتُ هذا الطعام صدقة على فقراء المسلمين، قال ابن عبَّاس: فرأيتُ من ليلتي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في المنام وهو يَركب على برذون أبلق (الذي فيه سواد وبياض) عليه حُلَّة من نور، في رجليه نعلان من نور، وبيده قصبة من نور وهو مستعجل، فقلت: يا رسول الله، قد اشتَدَّ شَوقي إليك وإلى كلامك، فأين تُبادر؟ قال: ((يا بن عباس، إنَّ عثمان قد تصدَّق بصدقة، وإنَّ الله قد قَبِلها منه وزوَّجه عروسًا في الجنَّة، وقد دُعينا إلى عرسه))"؛ [تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان رضي الله عنه)؛ د. علي محمد الصلابي.]
الى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته