أسمـــاء الله الحســـنى وصفـــــــاته الحلقــة الرابعة والثلاثون بعد المائــتين في موضـــوع المعـــطي
نبذة عن الصوت
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة
الرابعة والثلاثون بعد المائتين في موضوع (المعطي) وهي بعنوان :
*{ وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِى ٱلصَّدَقَٰتِ فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنْهَآ إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ }
قال السعدى : أي: ومن هؤلاء المنافقين من يعيبك في قسمة الصدقات، وينتقد عليك فيها، وليس انتقادهم فيها وعيبهم لقصد صحيح، ولا لرأي رجيح، وإنما مقصودهم أن يعطوا منها. {فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ} وهذه حالة لا تنبغي للعبد أن يكون رضاه وغضبه، تابعا لهوى نفسه الدنيوي وغرضه الفاسد، بل الذي ينبغي أن يكون هواه تبعا لمرضاة ربه، كما قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به)
وفي الوسيط للطنطاوي : وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِن لَّمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ
ثم تمضى السورة بعد ذلك فى الكشف عن الأقوال المنكرة ، والأفعال
القبيحة التى كانت تصدر عن المنافقين فتقول . ( وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمِزُكَ . . . إِلَى
الله رَاغِبُونَ ) .
قال الإِمام الرازى : اعلم أن المقصود من هذا ، شرح نوع آخر من قبائحهم وفضائحهم ، وهو طعنهم فى الرسول - صلى الله عليه وسلم - بسبب أخذ الصدقات من الأغنياء ، ويقولون إنه يؤثر بها من يشاء من أقاربه وأهل مودته ، وينسبونه إلى أنه لا يراعى العدل .
هذا ، وقد ذكر المفسرون فى سبب نزول هاتين الآتين روايات منها :
ما أخرجه البخارى والنسائى " عن أبى سعيد الخردى - رضى الله عنه –
قال : بينما النبى - صلى الله عليه وسلم - يقسم قسما إذ جاءه ذو الخويصرة التميمى فقال : اعدل يا رسول الله ، فقال : " ويلك! ومن يعدل إذا لم أعدل "؟ فقال عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - : ائذن لى فأضرب عنقه ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " دعه فإن له أصحاب يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم ، وصايمه مع صيامهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم فى الرمية . . " " .
قال أبو سعيد ، فنزلت فيهم : ( وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصدقات . . ) .
وروى ابن مردويه " عن ابن مسعود - رضى الله عنه - قال : " لما قسم
النبى - صلى الله عليه وسلم - غنائم حين سمعت رجلا يقول : إن هذه قسمة ما أريد بها وجه الله . فأتيت النبى - صلى الله عليه وسلم - فذكرت له ذلك فقال : " رحمة الله على موسى،لقد أوذى بأكثر من هذا فصبر ونزل(وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصدقات
وقوله : ( يَلْمِزُكَ ) أى : يعيبك ويطعن عليك فى قسمة الصدقات وغيرها من الأموال ، مأخوذ من اللمز وهو العيب . يقال لمزه وهمزه يلمزه ويهمزه إذا عابه وطعن عليه ، ومنه قوله - تعالى - : ( ويْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ ) وقيل : اللمز ما كان يحضره الملموز ، والهمز ما كان فى غيابه .
والمعنى : ومن هؤلاء المنافقين - يا محمد - من يعيبك ويطعن عليك فى قسمة الصدقات والغنائم ، زاعمين أنك لست عادلا فى قسمتك .
وقوله : ( فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ . . . ) بيان لفساد لمزهم وطعنهم ، وأن الدافع إليه إنما هو الطمع والشره فى حطام الدنيا ، وليس الغضب من أجل إحقاق الحق : أو من أجل نشر العدالة بين الناس .
أى : أن هؤلاء المنافقين إن أعطيتهم . يا محمد . من تلك الصدقات ، رضوا عنك ، وحكموا على هذا العطاء بأنه عدل حتى ولو كان ظلماً ، وإن لم تعطهم منهم سخطوا عليك ، واتهموك بأنك غير عادل ، حتى ولو كان عدم عطائهم هو الحق بعينه ، فهم لا يقولون ما يقولونه فيك غضبا للعدل ، ولا حماسة للحق ، ولا غيرة على الدين . . وإنما يقولون ما يقولون من أجل مطامعهم الشخصية ، ومنافعهم الذاتية .
الى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته