أسمـــاء الله الحســـنى وصفـــــــاته الحلقــة الرابعة عشرة بعد المائــتين في موضـــوع المعـــطي
نبذة عن الصوت
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة
الرابعة عشرة بعد المائتين في موضوع (المعطي) وهي بعنوان :
*دَرَجَاتُ الْعَطَاءِ وَمَنَازِلُ الشُّهَدَاءِ :
وَالْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فِي الدِّينِ وَالْوِلَايَةِ؛ قَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الحجرات: 10].
وَسَمَّانَا اللهُ -جَلَّ وَعَلَا- مُسْلِمِينَ؛ قَالَ تَعَالَى: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى
وَنِعْمَ النَّصِيرُ} [الحج: 78].
وَالِانْتِمَاءُ إِلَى الْقَبِيلَةِ مِمَّا أَقَرَّهُ الشَّرْعُ؛ وَيَكْفِي فِي الدَّلَالَةِ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13])).
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ قَالَ: ((تَعَلَّمُوا مِنْ أَنْسَابِكُمْ مَا تَصِلُونَ بِهِ أَرْحَامَكُمْ؛ فَإِنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ مَحَبَّةٌ فِي الْأَهْلِ، مَثْرَاةٌ فِي الْمَالِ، مَنْسَأَةٌ فِي أَثَرِهِ)) . أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَجَوَّدَ إِسْنَادَهُ الْأَلْبَانِيُّ فِي ((الصَّحِيحَةِ)).
فَالِانْتِسَابُ إِلَى الْقَبِيلَةِ وَالشَّعْبِ أَقَرَّهُ الْإِسْلَامُ، وَعَلَى هَذَا جَرَى الْأَمْرُ؛ فَقَدْ كَانَ الصَّحَابَةُ يَنْتَسِبُونَ إِلَى قَبَائِلِهِمْ وَأَقْوَامِهِمْ أَمَامَ الرَّسُولِ ﷺ، وَلَمْ يُنْكِرْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ.
وَالِانْتِمَاءُ إِلَى الْأُسْرَةِ -بِأَنْ يُنْسَبَ الْوَلَدُ إِلَى أَبِيهِ- مِمَّا أَقَرَّهُ الْإِسْلَامُ؛ قَالَ تَعَالَى: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [الأحزاب: 5].
بَلْ وَحَذَّرَ ﷺ مِنْ أَنْ يَنْتَسِبَ الْوَلَدُ لِغَيْرِ أَبِيهِ؛ عَنْ أَبِي ذَرٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: ((لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ -وَهُوَ يَعْلَمُهُ- إِلَّا كَفَرَ، وَمَنِ ادَّعَى قَوْمًا لَيْسَ لَهُ فِيهِمْ نَسَبٌ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)) .
وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: «..., وَمَنِ ادَّعَى مَا ليْسَ لَهُ فَلَيْسَ مِنَّا وَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ,...»)) .
وَحُبُّ الْوَطَنِ يَعْفُو، وَقَدْ يَمُوتُ فِي كَثِيرٍ مِنَ النُّفُوسِ الَّتِي شَغَلَتْهَا الْأَثَرَةُ
وَالْأَنَانِيَّةُ، أَمَّا كِبَارُ النُّفُوسِ فَلَا يَشْغَلُهُمْ شَاغِلٌ عَنْ حُبِّ وَطَنِهِمْ وَالْعَمَلِ لِرِفْعَتِهِ.
إِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ -حَتَّى الْخَوَّاصَ- يَخْلِطُونَ بَيْنَ الْوَطَنِيَّةِ وَالشَّهْوَةِ السِّيَاسِيَّةِ الَّتِي لَا تَكُونُ مَشْرُوعَةً إِلَّا إِذَا كَانَتِ الْوَطَنِيَّةُ أَسَاسَهَا، وَلَكِنَّ مَنْفَعَةَ الْوَطَنِ حِينَ يَقَعُ النِّزَاعُ بَيْنَ الْأَحْزَابِ تَكُونُ أَقَلَّ مَا يُفَكَّرُ فِيهِ، تَدْفَعُنَا إِلَيْهِ الْبَغْضَاءُ، ثُمَّ الْعِنَادُ وَالِانْتِفَاعُ الْأَعْمَى.
الَّذِي يُوَجِّهُ إِلَى حُبِّ الْغَلَبِ مَا لَنَا مِنَ الْأَفْكَارِ وَالْمَشَاعِرِ وَالْقُوَى، ثُمَّ مَا لَنَا مِنَ الطَّمَعِ وَالْمَنْفَعَةِ الشَّخْصِيَّةِ الَّتِي هِيَ الشُّغُلُ الشَّاغِلُ لِلْإِنْسَانِ أَبَدًا.
يَنْبَغِي لِكُلِّ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَشْتَغِلَ بِأَعْمَالٍ وَطَنِيَّةٍ -وَلَوْ عَنْ رَغْبَةٍ- أَنْ يَفْحَصَ
عَنْ قَلْبِهِ وَيَسْأَلَ نَفْسَهُ: أَيُرِيدُ مَجْدَ وَطَنِهِ حَقًّا، أَمْ يُرِيدُ نَجَاحَ فَرِيقٍ مُعَيَّنٍ؟!!
إِنَّ لَنَا مَهَارَةً فِي إِخْفَاءِ شَهَوَاتٍ رَدِيئَةٍ تَحْتَ أَلْفَاظٍ فَخْمَةٍ، حَتَّى إِنَّنَا لَنَخْدَعُ أَنْفُسَنَا فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَحْيَانِ؛ نَعْرِفُ طَهَارَةَ نِيَّاتِنَا إِذَا أَحْسَسْنَا مِنْ أَنْفُسِنَا الْعَجْزَ عَنْ تَغْيِيرِ شُعُورِنَا أَوْ سِيرَتِنَا بِتَغَيُّرِ الْحَظِّ.
وَإِذَا كُنَّا مُسْتَعِدِّينَ لِلْعَمَلِ فِي أَيِّ صَفٍّ مِنْ غَيْرِ أَنْ نَطْمَعَ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ؛ فِي الْمُقَدِّمَةِ أَوْ فِي السَّاقَةِ.. عَلَى السَّوَاءِ.
وَإِذَا كُنَّا نُحِبُّ كُلَّ مَا هُوَ خَيْرٌ لِلْوَطَنِ، وَإِنْ لَمْ يَنَلْهُ الْوَطَنُ عَلَى أَيْدِينَا أَوْ عَلَى أَيْدِي مَنْ نُحِبُّ.
الى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته