أسمـــاء الله الحســـنى وصفـــاته الحلقـــة السادسة والتسعـــــون بعد المائــــــة في موضـــوع المعـــطي

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة

السادسة والتسعون بعد المائة في موضوع (المعطي) وهي بعنوان :

* حتى لا يتوقف عطاء الدعاة :

 9- الحذر من القيام بالتعرض للآخرين للحاجة والتنبه إلى عدم طرق

أبواب المسألة، والعلم بأن ذلك وإن جاز لأناس رخص لهم الشارع بذلك، فإنه مما لا ينبغي للدعاة سلوكه بحال لأن سبيلهم التعفف والتجمل وعدم إظهار الشكوى والفقر، بل ستره وكتمانه اتصافاً بقوله - تعالى -: (يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف) [البقرة: 273]، ورجاء تحقيق الامتثال لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله)

 10- ليعلم الداعية الذي هذا حاله أن ما سبق بيانه ليست بدعوة إلى ترك العمل، وتعطيل أسباب تحصيل الرزق، فإن ذلك في الحقيقة نقص في العقل وجهل بالشرع ومخالفة له، كما قال - تعالى -آمراً بالأخذ بالأسباب مع عدم الركون إليها: (فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه) [الملك: 15].

 بل إن تعريض الإنسان نفسه للفقر مع قدرته على الكسب غير اقتراف الإثم له آفات ومفاسد كثيرة منها:

  *تعلق القلب بما يقيم أوده ويعيشه وما هو محتاج إليه في هذه الدنيا، فيبقى في تفكير عميق ومجاهدة شديدة مع نفسه لترك حظه منها وهذا من قلة الفقه وعدم الرشد، والعاقل في تعامله مع نفسه من يقوم بإعطائها حقها ويطالبها بما عليها، وهذه هي طريقة وهدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما جاء في قول سلمان الفارسي لأبي الدرداء والذي صدّقه فيه - صلى الله عليه وسلم -: » إن لربك عليك حقاً، ولنفسك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً فأعط كل ذي حق حقه «

وعلى العبد القادر على الكسب أن يستبدل مجاهدته لنفسه في شهوة مباحة مجاهدته لأعداء الله وشرعه من شياطين الجن والإنس، وأن يقوم بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله على بصيرة.

 *تطلع النفس إلى ما في أيدي الناس، وتعريضها للحاجة والسؤال إذا

مسته الحاجة إلى المال.

ولا شك أن استدامة طلب الرزق الحلال لمن هذه حاله أنفع له من ترك ذلك.

 *مع التسليم جدلاً بأن من هذه حالته سيقطع تعلق قلبه بحاجات نفسه ويقوم بمنع نفسه من المسألة، فإنه يخشى عليه أن يداخله من الكبر والعجب والزهو والغرور ما يفسد عليه قلبه ويمرضه إن لم يميته، وتلك والله القاصمة

 كما أن هذه الأسطر ليست دعوة إلى الإعراض عن نعم الله المتيسرة من الحلال ونبذها وإضاعتها، لأن تلك النعم في نظر الأخيار عوناً على الإيمان والعمل الصالح، ولكنها نداء إلى استصغار الدنيا ومحو آثارها من القلب، والسعي إلى عدم تعلقه بها وحرصه عليها واشتغاله بأجمعه بها حتى يصل إلى مرحلة عدم الفرح بموجود فيها وعدم الأسف على مفقود منها كما قال - تعالى -: (لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم) [الحديد: 23].

الى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته