أسمـــاء الله الحســـنى وصفـــاته الحلقـــة الثالثة والثمانـــــــون بعد المائــــة في موضـــوع المعـــطي

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة

الثالثة والثمانون بعد المائة في موضوع (المعطي) وهي بعنوان :

* النظرة المجتمعية للعطاء وعلاقتها بتعميق الأثر المجتمعي للعمل الخيري :

ولم يكن انعكاس القيم الاجتماعية لتكوين المفهوم المجتمعي للعطاء فقط في المجتمعات الإسلامية والعربية بل أيضا شمل المجتمعات اليهودية. فهو يشكل جزء من التقاليد اليهودية التي تنتقل من جيل لآخر ويبقى أثرها للأجيال القادمة. ففي مقالنشر لكلية الأعمال الخيرية بجامعة انديانا في الولايات المتحدة الأمريكية بعنوان "كيف يدرس الآباء ابناءهم حول مسائل العطاء الخيري وفقا لدراسة جديدة" والذي يناقش دراسة أجراها أحد مراكز الأبحاث التابعة للكلية عن كيفية تنشئة الأطفال لكي يصبحوا من محبي العطاء، حيث بينت الدراسة  أن نموذج الحوار القائم بين الوالدين وأبنائهم لتحقيق ذلك هو حوار بسيط عن كيف ولماذا تعطي الاخرين. إذ أن أحد التفسيرات العلمية التي تفسر سلوك العطاء هو البيئة التي يعيش فيها الفرد و دور التنشئة الاجتماعية في تعزيز و تعميق مفهوم و أثر العطاء الاجتماعي. فيمكننا القول إن هذا التفسير ينطبق على العائلات في المجتمعات اليهودية المبني على الحوار القائم على التقاليد اليهودية للعطاء وهذا الأمر الذي جعل الأثر المجتمعي للأعمال الخيرية أعمق في المجتمع اليهودي.

كما يؤمن اليهود بالمسؤولية المجتمعية لتقديم المعونة والمساعدة والمال للفقراء والمحتاجين المبنية على أسس الاحسان. فمعظم المنازل اليهودية تحتوي على صندوق لإيداع النقود المعدنية للصدقة من أجل دعم الأعمال الخيرية، يتم تمرير هذا الصندوق بعد كل صلاة ليصبح بذلك العطاء جزء من عاداتهم اليومية. فمنذ الطفولة، يتعلم الأطفال اليهود أن مسؤوليتهم تتمثل في رعاية اليهود الآخرين المحتاجين، فيكمن الحافز للعطاءفي الحفاظ على الشعب اليهودي وتعزيز المجتمع اليهودي للحاضر والمستقبل.

فمجموعة القيم والتقاليد اليهودية والتي شكلت مفهوم مجتمعي للعطاء، ترتكز على مبدأ العدالة الاجتماعية في المجتمعات اليهودية.  ففي اللغة العبرية تستخدم كلمة معناها "العدالة الاجتماعية" للإشارة للعمل الخيري، وهو ما يعني أنهم ينظرون الى العطاء باعتباره مسألة عدالة اجتماعية واقتصادية.  كان لهذا المفهوم تأثير مجتمعي واضح على نشأة العديد من المنظمات والجمعيات الخيرية اليهودية والتي حددت وعالجت بفعالية أهم مسائل وقضايا المجتمع اليهودي بالإضافة الى تنشئة جيل يعزز من قيمة العطاء المجتمعية ويملك القدرات الكافية للعمل في هذا القطاع و ذلك من خلال توفير البرامج التعليمية والمناهج التي تدرس أسس إدارة القطاع غير الربحي. ففي دراسة أجراها البروفيسور ايليز جاف، وصل عدد المنظمات والجمعيات الغير ربحية اليهودية الى ٢٧،٠٠٠ جمعية ومنظمة تطوعية مسجلة في عام ١٩٩٩م والتي تزداد بمعدل سنوي إلى ١٠٠٠ جمعية. لهذه الجمعيات تأثير سياسي واجتماعي واضح في دعم الكيان الصهيوني من خلال تقديم وتسهيل خدمات هجرة اليهود لإسرائيل. كما برز دور هذه المنظمات في النهوض بالاقتصاد الإسرائيلي من خلال المشاريع و الخدمات الاجتماعية التي توفرها الى جانب توفير فرص العمل، دعم التعليم وتقديم القروض الخيرية  بسبب زيادة الاحتياج لمثل هذه الجمعيات بعد حرب أكتوبر عام ١٩٧٣م،و ذلك بسبب تدهور الاوضاع السياسية و الاقتصادية في إسرائيل بعد الخسائر الناجمة عن الحرب.

الى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته