أسمـــاء الله الحســـنى وصفـــاته الحلقـــة السادسة والسبعـــــــــون بعد المائــــة في موضـــوع المعـــطي

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة

السادسة والسبعون بعد المائة في موضوع (المعطي) وهي بعنوان :

*قواعد وفوائد في الأموال من كلام ابن تيمية :

السادسة: العطاءُ منوطٌ بالمصلحة

تصرفات الولاة منوطةٌ بالمصلحة، فيجب أن يكون عطاؤه المالي منوط بمصلحة الإسلام والمسلمين، وقد أعطى النبي صلى الله عليه وسلم المؤلفة قلوبهم عطاءً كبيراً حتى وجد بعض الصحابة في أنفسهم، وكان هذا العطاء لأمرين:

الأول: لمصلحة الإسلام والمسلمين من باب ترغيب دخولهم في الإسلام

 فيدخل بدخولهم الإسلام العدد الكبير من أتباعهم، أو يدفع بهم شر كبير عن الإسلام والمسلمين.

الثاني: يعطى لمصلحة نفسه حتى لا يكبه الله في النار بردته عن الإسلام كما في الحديث.

وأهل البدع والانحراف لا ينظرون في العطاء إلى المصلحة العامة، وإنما ضاق نظرهم فظنوا أنَّ هذا من باب المحاباة والتقسيم غير العادل، فلذلك قال شيخهم الأول: "والله إن هذه لَقِسمَة ما عُدِلَ فيها، ولا أُرِيدَ فيها وجهُ الله".

فهم يطعنون في الظاهر والباطن، فيطعنون في القسمة بأنها ظلم، ويطعنون بالنيات أنها لم يرد بها وجه الله.

قال شيخ الإسلام في "السياسة الشرعية"(ص: 43-46): "لكن يجوز -بل يجب- الإعطاء لتأليف من يحتاج إلى تأليف قلبه، وإن كان هو لا يحل له أخذ ذلك، كما أباح الله تعالى في القرآن العطاء للمؤلفة قلوبهم من الصدقات، وكما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي المؤلفة قلوبهم من الفيء ونحوه، وهم السادة المطاعون في عشائرهم، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي الأقرع بن حابس سيد بني تميم، وعُيينة بن حصن سيد بني فزارة، وزيد الخير الطائي سيد بني نبهان، وعلقمة بن عُلاثَة العامري سيد بني كلاب، ومثل سادات قريش من الطلقاء: كصفوان بن أمية، وعكرمة بن أبي جهل، وأبي سفيان بن حرب، وسهيل بن عمرو، والحارث بن هشام، وعدد كثير...

والمؤلفة قلوبهم نوعان: كافر ومسلم.

 فالكافر: إما أن يرجى بعطيته منفعة: كإسلامه؛ أر دفع مضرته، إذا لم يندفع إلا بذلك.

والمسلم المطاع يُرجى بعطيته المنفعة أيضاً، كحسن إسلامه، أو إسلام

نظيره، أو جباية المال ممن لا يعطيه إلا لخوف، أو النكاية في العدو، أو كف

ضرره عن المسلمين، إذا لم ينكف إلا بذلك.

وهذا النوع من العطاء، وإن كان ظاهره إعطاء الرؤساء وترك الضعفاء، كما يفعل الملوك؛ فالأعمال بالنيات؛ فإذا كان القصد بذلك مصلحة الدين وأهله، كان من جنس عطاء النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه، وإن كان المقصود العلو في الأرض والفساد، كان من جنس عطاء فرعون؛ وإنما ينكره ذوو الدين الفاسد كذي الخويصرة الذي أنكره على النبي صلى الله عليه وسلم حتى قال فيه ما قال، وكذلك حزبه الخوارج أنكروا على أمير المؤمنين علي رضي الله عنه ما قصد به المصلحة من التحكيم، ومحو اسمه، وما تركه من سبي نساء المسلمين وصبيانهم. وهؤلاء أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتالهم، لأن معهم دينا فاسدا لا يصلح به دنيا ولا آخرة" انتهى.

الى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته