أسمـــاء الله الحســـنى وصفـــاته الحلقـــة السبعـــــــــون بعد المائــــــــة في موضـــوع المعـــطي
نبذة عن الصوت
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة
السبعون بعد المائة في موضوع (المعطي) وهي بعنوان :
*العطاء والتكافل الاجتماعي :
والتربية الاقتصادية الإسلامية تنشئ الفرد على البذل والإنفاق الذي هو باب من أبواب الجنة، وباب من أبواب البركة في الرزق المادي والمعنوي كما بينا فيما سبق.
فالمسلم كريم، لا يبخل عن الإنفاق في وجوه الخير، فرضاً أو تطوعاً؛ لأنه لا يجتمع بخل وإيمان في قلب إنسان واحد ﴿ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9]. فكل فرد قادر على العطاء، وهو راضٍ سعيد، بل إنه بدون هذا العطاء، لا يحس بأن للحياة طعماً.
2- التكافل الاجتماعي:
التكافل في مفهومه الشامل مَعلّمٌ من معالم الأمة الإسلامية.
وهو في اللغة: مشتق من كَفِلَ يَكفُلُ، وتكافل القوم أي: كَفِلَ بعضهم بعضاً ووالاه ووقف إلى جانبه.
اصطلاحاً: التزام الأفراد بعضهم نحو بعض في المجالات المادية والمعنوية على
حد سواء لقد أكد الإسلام على التكافل بين أفراد الأسرة، وجعله الرباط المحكم الذي يحفظ الأسرة من التفكك والانهيار.
ويبدأ التكافل في محيط الأسرة من الزوجين بتحمل المسؤولية المشتركة في القيام بواجبات الأسرة ومتطلباتها. قال تعالى: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ
بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 71]. ثم تتسع دائرة التكافل داخل الجماعة ليكون تكافلاً مزدوجاً بين الفرد والجماعة. فأوجب على كل منهما التزامات تجاه الآخر ومازج بين المصلحة الفردية والمصلحة العامة بحيث يكون تحقيق المصلحة الخاصة مكملاً للمصلحة العامة، وتحقيق المصلحة العامة متضمناً لمصلحة الفرد فالفرد في المجتمع المسلم مسئول تضامنياً عن حفظ النظام العام وعن التصرف الذي يمكن أن يسيء إلى المجتمع أو يعطل بعض مصالحه.
قال الله تعالى: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 71]. وقد ورد في فقرة سابقة وجوب المحافظة على الموارد الطبيعية وهذا نوع آخر من التكافل، وهذا التكافل لا يقف عند تحقيق مصالح الجيل الحاضر بل يتعدى ذلك إلى نظرة شاملة تضع في الاعتبار مصالح أجيال المستقبل، وهو ما من شأنه أن يسهم في حل كثير من الأزمات المعاصرة ويحاصر كثير من الأخطار التي تواجه مستقبل البشرية والتي نشأت من جراء لهاث هذا الجيل وراء مصالحه دون اعتبار للمستقبل البشري العام، وهي أخطار ومشكلات كثيرة لعل من أخطرها مشكلة البيئة والموارد الطبيعية.
ومن الضروري لبقاء المجتمع الإنساني أن يكون هناك ميل واستعداد لدى الإنسان كي يساعد غيره في المجتمع الذي يعيش فيه مع أقرانه، وأن يقوى هذا الميل إلى المعاونة في نفس كل فرد بحيث يصبح ذا مظهر عملي في حياة الأفراد بحيث ينشأ بينهم التعاون وتظهر آثاره في سد حاجات الأفراد. ونظراً لأن التعاون له أثره الحيوي في محافظة الإنسان على حياته المادية والمعنوية، فقد لقي رعاية من مظاهر الامتنان الذي امتن به الخالق سبحانه على المجتمع الإسلامي بعد قيامه. الى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته