أسمـــاء الله الحســـنى وصفـــاته الحلقـــة الثامنة والستـــــــــون بعد المائــــــــة في موضـــوع المعـــطي

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة

الثامنة والستون بعد المائة في موضوع (المعطي) وهي بعنوان :

*العطاء والتكافل الاجتماعي :

وبهذا العطاء المستمر، والبذل المنسجم مع الإيمان، فإن الاقتصاد الإسلامي بما تضمن من مفاهيم سلوكية يعمل باستمرار على الارتقاء بالشخصية الإنسانية نحو المثل العليا، ويدفع بالمجتمع تلقائياً نحو السمو والرفعة. ولا شك في أن من يبذل المال دون انتظار للعوض من شكر في ثواب دنيوي، فإنه بذلك يؤصل في المجتمع أواصر الصلة التي لا تنفصم عراها، ما دام المؤمنون يحيون في الدنيا كالجسد الواحدة، واليد التي تنفق دون علم اليد الأخرى وبذلك تفشو المحبة بين الناس

فالإسلام يكره فوارق الطبقات بين الأمة بحيث تعيش جماعة في مستوى الترف وتعيش جماعة في مستوى الشظف، لمّا يولّد هذا الأمر من أحقاد بين أفراد الأمة الإسلامية. لذلك جعل الشرع ضمان لحقوق الفقراء في أموال الأغنياء من خلال مخصصات لا تخضع للهوى أو المزاج المتقلب بل تسير

وفق سبل شرعية منها:

1- الإنفاق في سبيل الله:

الإسلام دين قويم يقوم على البذل والإنفاق، ويضيع الشح والإمساك ولذلك حبّب إلى بنيه أن تكون نفوسهم سخية، وأكفهم ندية، ووصاهم بالمسارعة إلى دواعي الإحسان ووجوه البر، وأن يجعلوا تقديم الخير إلى الناس شغلهم الدائم، لا ينفكُّون عنه صباح أو مساء.

قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ

عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 274].

ومن الواجب على المسلم أن يقتصد في مطالب نفسه حتى لا تستنفذ ماله كله؛ فإن عليه أن يشرك غيره فيما آتاه الله من فضله، وأن يجعل في ثروته متسعاً يسعف به المنكوبين ويريحُ المتعبين

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ أَنْ تَبْذُلَ الْفَضْلَ خَيْرٌ لَكَ، وَأَنْ تُمْسِكَهُ شَرٌّ لَكَ، وَلاَ تُلاَمُ عَلَى كَفَافٍ وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى وقد أشار القرآن إلى هذه المعنى حين قرن النهي عن التبذير بأمر الإنفاق عل القرابة والمساكين؛ فإن المبذر متلافٌ سفيهٌ، يضيع في شهواته الخاصة زبدة ماله؛ فماذا يبقى بعد للحقوق الواجبة والعون المفروض؟ قال تعالى: ﴿ وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا﴾ الإسراء: 26،

ودعوة الإسلام إلى الجود والإنفاق مستفيضة مطَّردة، وحربه على الكرازة والبخل موصولة متقدة إنه لم يوجد في الدنيا ولن يوجد نظام يستغني البشر فيه عن التعاون والمواساة، بل لا بد لاستتباب السكينة وضمان السعادة من أن يعطف القويّ على الضعيف، وأن يرفق المكثرُ بالمقلِّ، ما دامت طبيعة المجتمع البشري أن تتجاوز فيه القوة والضعف؛ والإكثار والإقلال

والأمر بالإنفاق عقب الأمر بالإيمان بالله ورسوله، يدل بوضوح على أن الأمر للوجوب لا لمجرد الإرشاد أو الندب. واقتران الإيمان بالإنفاق كثير في القرآن[10]. كقوله تعالى: ﴿ وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا ﴾ [النساء: 39].

الى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته