أسمـــاء الله الحســـنى وصفـــاته الحلقـــة الثامنة والخمســـــــــون بعد المائــــة في موضـــوع المعـــطي

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة

الثامنة والخمسون بعد المائة في موضوع (المعطي) وهي بعنوان :

*الكرم والعطاء :

والمقصود: أن الكرم والجود من الأخلاق الكريمة والصفات الجليلة التي يحبها الله تعالى، وجبل عليها نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم، وشرع لعباده المؤمنين التأسي به

صلى الله عليه وسلم فيها، فعلى الداعية إلى الله تعالى أن يتحلى بالكرم والجود عن احتساب وغنى نفس، وليجاهد نفسه على ذلك فإنه منصور ومهدي، قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69] ، وقال سبحانه: ﴿ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9].

وكما أن العلم بالتعلم، والحلم بالتحلم، ومن يتصبر يصبره الله، فهكذا من جاهد نفسه على الجود والكرم وفقه وزاد من فضله وبارك له فيما أعطاه، وحشره مع أهل الكرم والتقوى، فما أكرم المآل وما أعظم البشرى!

وحتى يكون الداعية ناجحًا في دعوته نافعًا للخلق بفضل ما آتاه الله تعالى، فإن الكرم والجود من أسباب محبة الخلق وهدايتهم للحق، ولذا كان الكرم والجود ديدن النبي صلى الله عليه وسلم وأظهر أخلاقه، فكان صلى الله عليه وسلم أكرم الخلق نفسًا وأجودهم بالخير وأجزلهم عطية، فكان صلى الله عليه وسلم لا يحصي ما يعطي، ولا يَمُنُّ بما أعطى، فقد ثبت في صحيح مسلم عن أنس رضي الله عنه قال: ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام شيئًا إلا أعطاه، ولقد جاءه رجل فأعطاه غنمًا بين جبلين فرجع إلى قومه فقال: يا قوم، أسلموا فإن محمدًا يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، وإن كان الرجل ليسلم ما يريد إلا الدنيا فما يلبث إلا يسيرًا حتى يكون الإسلام أحب إليه من الدنيا وما عليها[7].

وفيه أيضًا أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى يوم حنين صفوان بن أمية مائة من الإبل، ثم مائة، ثم مائة[8]، قال صفوان رضي الله عنه: والله لقد أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ ما أعطاني، وإنه لأبغض الناس إلي فما برح يعطيني حتى إنه لأحب الناس إليَّ.

وفي البخاري عن جبير بن مطعم رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للأعراب يوم حنين: «فلو كان لي عدد هذه العضاة ـ أي: الشجر الذي في الوادي ـ نعمًا لقسمته بينكم، ثم لا تجدوني بخيلًا ولا كذوبًا ولا جبانًا»[9].

ففي كرمه صلى الله عليه وسلم وجوده أسوة للداعية إلى الله تعالى الذي يرجو أن يكون من اتباع المصطفى صلى الله عليه وسلم في الدعوة على بصيرة، وأن يجمعه الله تعالى به في الجنة

لما كان عليه من محبته واتباعه في السيرة، فإذا جمع الله للداعية أن مَنَّ سبحانه عليه ببذل العلم والدعوة إلى الخير، والجود بالمال في وجوه الخير ابتغاء وجه الله تعالى، فقد جمع الله له أسس الخير وأعلى مقامات الإحسان والبر وصدق المصطفى صلى الله عليه وسلم إذ يقول: «لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالًا فسُلِّط على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها» متفق عليه. فكيف إذا جمع له بين الاثنين: العلم والمال، والجود والكرم فيهما.                                                               الى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته