أسمـــاء الله الحســـنى وصفـــاته الحلقـــة التاسعة عشرة بعد المائــــة في موضـــوع المعـــطي

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة

التاسعة عشرة بعد المائة في موضوع (المعطي) وهي بعنوان :

* لا تجرحوهم في العطاء ففي جروح المنع غناء! :

وهكذا كان المنهج الإسلامي والتطبيق النبوي مثالا في الاهتمام بكل العناصر الموجودة وتوظيفها مجتمعيا حتى لو كانت من أصحاب الأعذار، فأدى ابن أم مكتوم وغيره ما يحسنونه من عمل وفق ما يملكون، ولم يكونوا عالة ولا عبئا ولا معطلين في المجتمع ينتظرون فقط الإحسان والشفقة

والعطف المكبل لهم.

وهذا أسامة بن زيد بن حارثة، الحِب بن الحِب، الذي استشهد أبوه في غزوة مؤتة في جمادى الأولى من العام الثامن للهجرة، فعلى الرغم من يتم أسامة وحداثة سنه يبعثه الرسول في بعث للجهاد في نفس المكان الذي قتل فيه أبوه، بل ويوليه إمارة هذا الجيش، وذلك قبل موته صلى الله عليه وسلم بأيام في أوائل العام الحادي عشر من الهجرة، ويدافع صلى الله عليه وسلم عن إمارة أسامة، فيقول كما في البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما " بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثا وأمر عليهم أسامة بن زيد فطُعن في إمارته فقال: " إن تطعنوا في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبله، وأيم الله إن كان لخليقا للإمرة، وإن كان لمن أحب الناس إلي، وإن هذا لمن أحب الناس إلي بعده "، فلم يتعامل معه النبي صلى الله وسلم التعامل الذي يجعله منزويا باكيا محزونا على فراق أبيه ويشعر أنه فقد كل مقوم من مقومات الحياة، بل ضمه وبسرعة للمجتمع الإسلامي لكي يكون عضوا فعالا ومؤثرا فيه.

وهكذا تربت أجيال من اليتامى بدون هذا الحرج أو الشعور المرهق الذي

نراه أو الشفقة الظالمة التي توهن عزائمهم ليكونوا مشاعل هداية وفخرا لأمة الإسلام منذ بداية الدعوة إلى وقت قريب، فقد كان ابن الزبير يتيما ربته أمه صفية بنت عبد المطلب، فصار أحد المبشرين بالجنة وحواري الرسول صلى الله عليه وسلم، ونشأ أبو هريرة يتيما فقيرا ولا يجد في المدينة ما يسد جوعته ولكنه صار راوية الإسلام، وكان البخاري يتيما فملأ الدنيا من علم السنة الشريفة، وتربى الشافعي يتيما فقيرا بعد أن مات أبوه وهو في عمر السنتين فصار عَلَم الفقه ومعلم العلماء، وكذلك غيرهم الكثير مثل الإمام ابن الجوزي والإمام الأوزاعي والسيوطي وابن حجر وسفيان الثوري والقاسم بن محمد وغيرهم الكثير، بل وفي عصرنا هذا برز منهم من علمائنا الأجلاء أمثال عبد الرحمن السعدي ومحمد الأمين الشنقيطي وعبد العزيز بن باز الذي جمع الأمرين معا – اليتم وكف البصر - وصار عَلَما ورمزا من رموز العلم، رحمهم الله جميعا، فلو استكان هؤلاء وانتظروا العطايا التي تمنح لهم بتلك النظرة المحبطة التي تجعلهم دوما منتظرين فضل ذوي الفضل لضاعت مواهبهم، ولضاع على الأمة هذا الخير الكثير.

وختاما إذا كنت من أهل العطاء فلا تجعل عطاءك آسرا لمن تعطيه مقيدا

له لانتظار إحسانك، بل ادفعه لكي ينمي ويستثمر ما أعطاه الله له، لكي يشاركك يوما ما فيصبح من أهل العطاء مثلك فيعلو شأنكما ويتقدم مجتمعكما، واترك عنك إشعاره دوما بتلك الشفقة المحبطة أو تثبيت فكرة لديه بأنه لا حياة له بدون عطائك وعطاء أمثالك من أهل الفضل واليسار، فهي القاصمة التي تضيع القدرات وتدفن المواهب، وحسبهم من الجروح المؤلمة المهلكة جروح من منعهم فلا تزيد جراحهم عند عطائك.[ الأنترنت – موقع المسلم - لا تجرحوهم في العطاء ففي جروح المنع غناء! - يحيى البوليني ]

الى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته