أسمـــاء الله الحســـنى وصفـــاته الحلقـــة السابعة عشرة بعد المائــــة في موضـــوع المعـــطي

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة

السابعة عشرة بعد المائة في موضوع (المعطي) وهي بعنوان :

* لا تجرحوهم في العطاء ففي جروح المنع غناء! :

وهناك عادة لابد من تعديلها في سلوكيات كثير من المنفقين لأموالهم أو الباذلين أوقاتهم وجهودهم على إخوانهم، هي أنهم يعطون إخوانهم المحتاجين ما يسد جوعتهم أو يكسي عورتهم ليعيشوا يوما أو يومين بلا مسألة، يعطونهم ليأكلوا وليشربوا وليلبسوا، يعطونهم عطاء استهلاكيا فقط ليبقيهم على تلك الحاجة أبد الدهر.

لكن العطاء الايجابي البناء الفعال الذي يركز على بناء إنسان قادر على أن

 يخرج من ربقة السؤال ومذلته، لاشك أنه أفضل وأعظم أجرا، ويتمثل في تعليمهم علما أو مهنة يتكسبون منها، أو التكفل بهم دراسيا حتى يتفرغوا للنجاح في العلم إن كانوا من أهله، أو الشفاعة الحسنة لهم في نيل وظيفة تتناسب مع ما يحملونه من علم أو خبرة، كل هذه المظاهر وغيرها من أفكار بنائية تدخلهم في خانة المعطين لا الآخذين وتحقق لهم كرامتهم التي يهدرها ذل الحاجة.

إن الرحمة والشفقة والعطف في حد ذاتهم ليسوا مذمومين، بل على العكس

 تماما. فهم من شيم المؤمنين الأتقياء، فينبغي على المؤمن أن يكون رحيما شفيقا عطوفا على إخوانه من ذوي الحاجات والضعف، لكنها محمودة عندما يقتصر وجودها داخل قلب المعطي، وهي مذمومة جدا إذا ظهرت في تصرفات المعطي وشعر بها الضعيف المحتاج.

إن المجتمع الإسلامي ليحتاج في بنائه ونهضته واستمرار تقدمه لجهود كل أبنائه حتى من ذوي العاهات منهم، وإن أول مرحلة في الاستفادة من هؤلاء الضعفاء – اسما لا حقيقة – هو شعور الباقين أن هؤلاء مثلهم تماما، وأنهم

يملكون من القدرات على فعل الكثير مما يتوقعونه ومما لا يتوقعونه.

فكم من يتيم نابه قُضي على مستقبله العلمي أو المهني بهذه الشفقة الظالمة وهذا الانتقاص المؤلم، وكم من رجل كُف بصره لكنه كان مؤثرا في قيادة أمة الإسلام ورفع رايتها، وكم من قعيد مشلول الأطراف تمكن من إحياء الأمة بكلماته القليلة المنهكة – صحيا – وهي التي ربت جيلا مسلما مؤمنا بطريق الجهاد ضد أعداء الدين، فكان العدو يخشى ردود أفعال الشيخ المُقعد ويعتبرها أخطر عليه من ردود أفعال حكومات كثيرة لا يلقي لها بالا.

وبالنظر لتاريخ الإسلام الناصع، نتسائل: هل بلغ أحد في عطائه مثل عطاء رسول الله صلى الله عليه وسلم؟، الذي كان يعطي عطاء من لا يخشى الفاقة، وكان يقول

".. لو كان لي عَدَدُ هذه العِضاهِ نَعَمًا لقَسَمْتُه بينَكم، ثم لا تَجِدوني بَخيلًا، ولا كَذوبًا، ولا جَبانًا "، لكنه كان يعطي عطاء البناء لا الهدم، عطاء من يقيم

النفوس لا عطاء من يجعلها تستمرئ الأخذ فلا تقوى على العمل والسعي ولا ترغبه.

الى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته