أسمـــاء الله الحســـنى وصفـــاته الحلقـــة السادسة عشرة بعد المائــــة في موضـــوع المعـــطي

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة

السادسة عشرة بعد المائة في موضوع (المعطي) وهي بعنوان :

* لا تجرحوهم في العطاء ففي جروح المنع غناء! :

عندما يجد اليتيم من يقهره وعندما يجد الفقير من يمنعه حقه الذي كفله الله له، وعندما يجد الضعيف من يتجبر عليه بما ملكه الله له، وعندما تجد المرأة من يستأسد عليها وهي أسيرة عنده، ربما تكون كل هذه الجروح – رغم ألمها الشديد – متحملة، وقد يصبر المجروحون على آلامها، وربما يضطرون إلى التعايش مع قسوتها لأنها أمر معتاد يتكرر نتيجة اختلاف تصرفات البشر وأخلاقهم ودرجة تدينهم.

لكن الألم الأشد والأكثر صعوبة عندما يأتيهم الألم من أناس يظنون أنهم

يحسنون إليهم ويقضون لهم حوائجهم ويبيتون لياليهم وهم يشعرون أنهم قد أدوا ما عليهم تجاه إخوانهم الذين يقفون بجوارهم في محنتهم.

فكم يكره الضرير شعور الشفقة عليه، ويتألم من فعل كل من يتعمد أن يُذَكره في كل كلمة أو فعل ذلك المعنى البغيض له أنه عاجز ومبتلى، وأنه يشعر بالشفقة نحوه، وكم يكرهون – وذلك من أفواههم – ذلك الاسم الذي تسمى به تلك المعاهد التي يُعزلون فيها عن المجتمع ويدرسون فيها علومهم وتسمى دوما بهذا الاسم أو أشباهه "معاهد النور"، وكأن المبصرين يجلدونهم صباح مساء بتلك الكلمة التي لا يدري المكفوفون لها معنى ينطبع في أعماقهم إلا معنى الحرمان من نعمة البصر.

وكم يكره الفقير ذلك الشعور الذي يصدر ممن يعطيه من ماله ممزوجا بنظرة الشفقة المؤلمة وهو يقدم له من المال ما يضطره لمعاودة السؤال مرة بعد مرة، وكأنه يشعر أنه لن يخرج من دائرة الحرمان أبدا، ولن يكون عضوا فاعلا في الحياة بسبب فقره أو عجزه.

وكم يكره اليتيم حينما يشعر أن ما يناله من اهتمام ورعاية من المسلمين ليس

حقا من حقوقه عليهم بقدر ما هو ممزوج بنظرة الشفقة المقيتة التي يراها في أعين كل من رآه أو أعطاه أو مسح على رأسه.

إن مواساة الفقراء والضعفاء أمر مستحب في الدين، ويحث عليه الخلق الكريم، لكنه إذا قرن دوما بإشعارهم بالعطف والشفقة وأنهم لا يصلحون لشيء سوى لنيل الصدقات وتلقي الإعانات تتحطم نفسياتهم وتجرح كرامتهم، فلا يشعرون بأن لهم نفعا في المجتمع ولن يكون لهم دور فيه، ولن يستفيد المجتمع من مواهبهم وإمكانياتهم ولن يدمجهم فيه، بل سيظلون دوما

في عزل دائم ينتظرون فقط العطاء وسيكونون دوما اليد السفلى.

الى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته