أسمـــاء الله الحســـنى وصفـــاته الحلقـــة الثالثة بعد المائــــــــة في موضـــوع المعـــطي
نبذة عن الصوت
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة
الثالثة بعد المائة في موضوع (المعطي) وهي بعنوان :
*من عطاءات القرآن : تفاعل الصالحين:
يروى عن ابن مسعود:( يَنْبَغِي لِحَامِلِ الْقُرْآنِ أَنْ يُعْرَفَ بِلَيْلِهِ إِذَا النَّاسُ نَائِمُونَ، وَبِنَهَارِهِ إِذَا النَّاسُ يُفْطِرُونَ , وَبِحُزْنِهِ إِذَا النَّاسُ يَفْرَحُونَ , وَبِبُكَائِهِ إِذَا النَّاسُ يَضْحَكُونَ , وَبِصَمْتِهِ إِذَا النَّاسُ يَخُوضُونَ , وَبِخُشُوعِهِ إِذَا النَّاسُ يَخْتَالُونَ ، وَيَنْبَغِي لِحَامِلِ الْقُرْآنِ أَنْ يَكُونَ بَاكِيًا، مَحْزُونًا، حَلِيمًا، سَكِينًا، وَلَا يَنْبَغِي لِحَامِلِ الْقُرْآنِ أَنْ يَكُونَ جَافِيًا وَلَا غَافِلًا، وَلَا صخَّابًا، وَلَا صَيَّاحًا، وَلَا حَدِيدًا) ابن أبي شيبة، 35584 .
وابن عمر يقول: ( لَقَدْ عِشْنَا بُرْهَةً مِنْ دَهْرٍ وَأَحَدُنَا يُؤْتَى الْإِيمَانَ قَبْلَ الْقُرْآنِ وَتَنْزِلُ السُّورَةُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَتَعَلَّمُ حَلَالَهَا وَحَرَامَهَا وَآمِرَهَا وَزَاجِرَهَا وَمَا يَنْبَغِي أَنْ يُوقَفَ عِنْدَهُ مِنْهَا كَمَا تَتَعَلَّمُونَ أَنْتُمُ الْيَوْمَ الْقُرْآنَ ثُمَّ لَقَدْ رَأَيْتُ الْيَوْمَ رِجَالًا يُؤْتَى أَحَدُهُمُ الْقُرْآنَ قَبْلَ الْإِيمَانِ فَيَقْرَأُ مَا بَيْنَ فَاتِحَتِهِ إلَى خَاتِمَتِهِ , وَلَا يَدْرِي مَا آمِرُهُ , وَلَا زَاجِرُهُ , وَلَا مَا يَنْبَغِي أَنْ يُوقَفَ عِنْدَهُ
مِنْهُ وَيَنْثِرُهُ نَثْرَ الدَّقَلِ) شرح مشكل الآثار، 1453.
وقد ورد في الأثر: أَلَا إِنَّ رَحَى الْإِسْلَامِ دَائِرَةٌ , فَدُورُوا مَعَ الْكِتَابِ حَيْثُ دَارَ , أَلَا و إِنَّ الْكِتَابَ وَالسُّلْطَانَ سَيَفْتَرِقَانِ فَلَا تُفَارِقُوا الْكِتَابَ , أَلَا إِنَّهُ سَيَكُونُ أُمَرَاءُ يَقْضُونَ لَكُمْ، فَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ أَضَلُّوكُمْ وَإِنْ عَصَيْتُمُوهُمْ قَتَلُوكُمْ. المعجم الصغير الطبراني، 749
يقول أحد الصالحين: ...أَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَأَنْظُرُ فِيه آيَةٍ آيَةٍ فَيَحَارُ عَقْلِي فِيهَا فأَعْجَبُ مِنْ حُفَّاظِ الْقُرْآنِ كَيْفَ يُهْنِيهِمُ النَّوْمُ وَيُسِيغُهُمْ أَنْ يَشْتَغِلُوا بِشَيْءٍ مِنَ الدُّنْيَا وَهُمْ يَتَكَلَّمُونَ كَلَامَ الرَّحْمَنِ أَمَا لَوْ فَهِمُوا مَا يَتْلُونَ وَعَرَفُوا حَقَّهُ وَتَلَذَّذُوا بِهِ وَاسْتَحَلوا الْمُنَاجَاةَ بِهِ لَذَهَبَ عَنْهُمُ النَّوْمُ فَرَحًا بِمَا رُزِقُوا وَوُفِّقُوا ".
مفاتيح للتفاعل:
إذن نحن بحاجة أن نبحث عن تلكم المفاتيح التي تجعلنا ننفعل بالقرآن ونتفاعل معه، وأول تلكم المفاتيح أن نتعرف إلى القرآن حق التعرف، فهو المنزل من الله العظيم على قلب أعظم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم بواسطة أعظم الملائكة جبريل في أعظم شهر في أعظم ليلة في أعظم بقعة في أعظم لغة ليجعل منّا أمة هي الأخير عند الله تعالى، لننال أعظم الجزاء في الدنيا والآخرة، وأعظم الرفعة، فهل يستحضر المرء ذلك، وهو الذي وصفه الله تعالى بقوله: ﴿ الـر تِلْكَ آيَاتُ الكِتَابِ الحَكِيمِ ﴾ [يونس: 1]﴿ الـر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ﴾ [هود: 1]﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَاراً ﴾ [الإسراء: 82]
﴿ وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ العَالَمِينَ، نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ، عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ
المُنذِرِينَ، بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ ﴾ [الشعراء: 192-195]
وهو الذكر الحكيم ﴿ لاَ يَأْتِيهِ البَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ [فصلت: 42]، ﴿ قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ ﴾ [المائدة: 15]، ﴿ إِنَّ هَذَا القُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ المُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً ﴾ [الإسراء: 9]﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً ﴾ [الفرقان: 1] وغيره من الآيات الكثيرة التي تحدثت عن بعض خصائص القرآن، وكأن الله يلفت أنظارنا إلى ضرورة التفكر بعظمة هذا القرآن، أنظر عندما تتدبر في قوله تعالى: ﴿ الـر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ، أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ إِنَّنِي لَكُم
مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ ﴾ [هود: 1-2]كأنه يقول لكم هذا الكتاب العظيم جعلناه بهذا الإحكام وهذا التفصيل لتحقيق غاية عظمى هو تحريرك من كل عبودية لغير الله وتحقيقك بالعبودية لله.
وما أجمل هذا الوصف لكتاب الله فيما يروى عن علي " كِتَابُ اللهِ فِيهِ نَبَأُ مَنْ قَبْلَكُمْ، وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ، وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ، وهُوَ الْفَصْلُ ولَيْسَ بِالْهَزْلِ، مَنْ تَرَكَهُ مِنْ جَبَّارٍ قَصَمَهُ اللهُ، ومَنِ ابْتَغَى الْهُدَى - أَوْ قَالَ الْعِلْمَ - مِنْ غَيْرِهِ أَضَلَّهُ اللهُ، هُوَ حَبْلُ اللهِ الْمَتِينُ، وَهُوَ الذِّكْرُ الْحَكِيمُ، وَهُوَ الصِّرَاطُ
الْمُسْتَقِيمُ، وَهُوَ الَّذِي لَا تَزِيغُ بِهِ الْأَهْوَاءُ، وَلَا تَلْتَبِسُ بِهِ الْأَلْسِنَةُ، وَلَا يَشْبَعُ
مِنْهُ الْعُلَمَاءُ، وَلَا يَخْلَقُ مِنْ كَثْرَةِ الرَّدِّ، وَلَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ هُوَ الَّذِي لَمْ يَنْتَهِ الْجِنُّ إِذْ سَمِعَتْهُ - حَتَّى قَالُوا: إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ، مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ، وَمَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ وَمَنْ حَكَمَ بِهِ عَدَلَ، وَمَنْ دَعا إِلَيْهِ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ") شعب الإيمان، 1788.
الى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته