أسمـــاء الله الحســـنى وصفـــاته الحلقـــة الثانية والخمســـــون في موضـــوع المعـــطي

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :فهذه الحلقة

الثانية والخمسون في موضوع (المعطي) وهي بعنوان :

* حب الوطن تضحية وعطاء :

حب النبي- صلى الله عليه وسلم- لوطنه: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ حَمْرَاءَ الزُّهْرِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاقِفًا عَلَى الْحَزْوَرَةِ، فَقَالَ: "وَاللَّهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ، وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ، وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ" أخرجه الترمذي، وفي رواية الطبراني: "اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا مِنْ حُبِّ الْمَدِينَةِ مِثْلَ مَا جَعَلْتَ فِي قُلُوبِنَا مِنْ حُبِّ مَكَّةَ".

العطاء للوطن يكون بالصلاح الذاتي والإصلاح المجتمعي: فإذا كُتب لنا- معاشر المسلمين الكرام- أن نقدم لهذا البلد ونحدث له نهضة حقيقية، وأن يستعملنا الله عز وجل في إقامة دينه، وإعزاز شريعته، وإعلاء كلمة الحق، فلابد من مراعاة الصلاح على المستوى الفردي، الصلاح الذي يعني الإيمان والطاعة والقرب من الله تعالى؛ حتى يُمَدَّ الصالحون بعون الله ويُؤيَّدوا بتوفيقه، قال تعالى: "التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ" (التوبة:112)، كلها صفات صلاح شخصي ذاتي، ثم لابد من مراعاة الإصلاح المجتمعي، وذلك بحفظ حدود الله وإقامة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ ليظل المجتمع محفوظًا ومصانًا من كل خَبَثٍ ومنكر ومعصية قال تعالى: {الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} (التوبة:112).

ومن مظاهر التضحية في سبيل الله تعالى لنصرة الإسلام ورفعة البلاد مايأتي:

الإيجابية واستشعار المسئولية: فعن النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- عَنِ النَّبِيِّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالوَاقِعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا، وَنَجَوْا جَمِيعًا» البخاري. قوله: (مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ) أي: المستقيم على ما منع الله تعالى من مجاوزتها، ويقال: القائم بأمر الله معناه: الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر. (وَالوَاقِعِ فِيهَا) أي: في الحدود؛ أي: التارك للمعروف المرتكب للمنكر، يتبين لنا من الحديث: أنه إذا أقيمت الحدود وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر تحصل النجاة للكل، وإلا هلك العاصي بالمعصية وغيرهم بترك الإقامة.(عمدة القاري).

الإحسان والإتقان: فالإسلام يأمر المسلم بالإحسان والإتقان في كل ما يقوم به من عمل، سواء تعلق العمل بالدنيا أم بالآخرة، وسواء أكان هذا العمل في المسجد أم في المصنع أم في المزرعة، عمل الشخص لنفسه أم عمله لغيره، وما يقوم به المسلم من عبادات يجب أن ينعكس إيجابًا على كافة ما يقوم به من أعمال، قال تعالى: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (البقرة: 195)، وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} (النحل: 90)، فنصوص الشرع الحكيم تأمرنا بأن يكون العمل صالحًا، طيبًا، متقنًا، جميلًا، في كل شيء.

الحفاظ على الوحدة ونبذ الفرقة: حيث أمر الله تعالى بالوحدة، فقال:       {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} (آل عمران:103)، ونهى عن التفرق ونفر منه فقال: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (آل عمران:105)، وعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ

بَشِيرٍ- رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَثَلُ

الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى» مسلم.

التضحية بالنفس والمال: فلابد من التضحية لبناء الوطن ليقاوم معاول الهدم، وكذلك لابد من إيثار المصلحة العامة على الخاصة، والحفاظ على المال العام، والحرص على العمل والإنتاج، والعمل على رفع الكرب عن أصحاب الكروب من الأيتام، والمرضى، والفقراء والمساكين وأصحاب الحاجة والضعفاء عمومًا؛ ولذلك نتواصى بالإسهام في مشروعات العمل الصالح لخدمة المحتاجين، ومن ذلك المشروعات الطبية، والتنموية، والاجتماعية، ولعل ما تقدمه الجمعية الشرعية، والجمعيات الخيرية الأخرى، نموذج لنا في العطاء والبذل لبناء الإنسان والوطن.

الى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته