أسمـــاء الله الحســـنى وصفـــاته الحلقـــة الثالثة والأربعـــــون في موضـــوع المعـــطي

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :فهذه الحلقة

الثالثة والأربعون في موضوع (المعطي) وهي بعنوان :

* العطاء.. حلية الفضلاء وريُّ المحرومين :

قدر الإسلام مكانة العطاء بالمال ودوره الحيوي في المجتمع، فوجدنا دعوته إلى الجود والإنفاق مستمرة دائمة، تفيض بها نصوصه فيضًا، كما وجدنا حربه على الشح والبخل عظيمة ممتدة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "السخي قريب من الله، قريب من الناس، قريب من الجنة، بعيد عن النار، والبخيل بعيد من الله، بعيد من الناس، بعيد من الجنة، قريب من النار، ولجاهل سخي أحب إلى الله تعالي من عابد بخيل" (رواه الترمذي، وهو حديث ضعيف

 جدا، بحسب كلام غالبية العلماء، وحكم عليه بعضهم بالوضع).

فأي دلالة تلك التي يمكن أن يعيها المسلم عن فضل السخاء والكرم إذا وصل الأمر أن يصبح الجاهل خير من العابد الصوام القوام حين يكون الأخير بخيلاً شحيحًا، ذلك أن عبادة لا تهدي صاحبها إلى بذل الخيرات، ونفع الآخرين، والحنوّ على الفقراء والمحتاجين هي عبادة فارغة المضمون، تشين صاحبها ولا تزينه عند الله، فإن شريعة الله لم تنزل لعباده إلا لتحقيق غايات نبيلة، وأخلاق كريمة يسعد بها بنو البشر جميعًا، ويأتي في الصدارة منها: تنشئة النفوس على فعل الخيرات، وإسداء المعروف، وبذل العون، لا ليسعد بها فاعلوها فحسب، بل لتنشر السعادة والأمان، ومشاعر الرأفة

والحنان، وتوطِّد علاقات المودة والمحبة بين الناس على اختلاف طبقاتهم.

نعمة وحلية:

     وإنه لشر ما بعده شر أن تتغلب طبائع الأثرة على الناس، فلا تهزهم السماحة إلى بذل، ولا إغداق النعم عليهم إلى الإنفاق، إذ ما بالك بمجتمع يعتاد أغنياؤه كنز أموالهم، وحرمان الفقراء حقوقهم المفروضة فيها من الزكوات والصدقات، إنه يصير غابة يزداد فيها الأغنياء تضخمًا وضراوة، ويتضوّر فيها الفقراء جوعًا ومسغبة، فضلاً عما يختلط بدماء المعدمين البؤساء عندئذ من الأحقاد والغل على أولئك الكانزين المترفين الممتلئين جشعًا وحرصًا.

من أجل ذلك، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم:  حريصًا علي تأصيل خُلُق الكرم في نفوس أصحابه الأبرار، وجعلها من الفضائل التي رغّب المسلمين في أن يتحلَّوا بها، ويتنافسوا فيها، فقال رسول الله r: "لا حسد إلا في اثنتين، رجل أتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق، ورجل أتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها" متفق عليه.

       فسوّى رسول الله بين إنفاق المال والسخاء به- إلى حد إهلاكه ونفاده- في الحق، وبين الحكمة والقضاء بها وتعليمها فيما ينبغي للمسلم ألا يغبط الآخرين إلا عليه، وذلك لما في البذل في سبيل الحق من وقع كبير، ونفع بالغ في حياة المسلمين الاجتماعية، فالمال عصب الحياة الحساس، وهلكته في سبيل الحق عمل عظيم لا يقل عن عبقرية ذي الحكمة الموهوب ونفعها للناس.

الى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته