ذوالجلال والإكرام

بسم الله الرحمن الرحيم

ذو الجلال والإكرام (المختصر)

المقدمة :

إن الحمد لله ، نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا اله الا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله 

قال تعالى :{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته،ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون} آل عمران/ 120 وقال تعالى :{ يائها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة ، وخلق منها زوجها ، وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً ، واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً }  النساء  / 1  وقال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً ، يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ، ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً } الأحزاب /70 ، 71

وبعـــــد :فهذه الحلقة الأولى في موضوع ذو الجلال والإكرام وستكون بعنوان :المقدمة و*فضائل تسبيح وذكرالله تعالى  

   اللهم إني أسألك بأن لك الحمد،لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، المنان، بديعُ السماوات والأرض، ذو الجلال والإكرام...

  واسم الله هذا مأخوذ من قوله تعالى:{ ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام }  ، وصفة مأخوذة أيضاً من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: قال تعالى -: ( وعزَّتي وجلالي وكبريائي وعظمتي؛ لأخرجن منها من قال: لا إله إلا الله ) رواه البخاري

  ومعنى هذه الصفة أن الله متصف بالغاية من عظم القدر والرفعة والشرف والسؤدد والبقاء. ولعظم اسم الله {ذو الجلال والإكرام } وصفته احببته وكان هذا الكتاب المهم،وهو اشبه ما يكون بالتفسيرالموضوعي إن احسنت فمن الله وإن اخطأت فمن نفسي والشيطان

*فضائل تسبيح وذكرالله تعالى

 إن ذكر الله تعالى من أعظم العبادات في الإسلام، وهي عبادةٌ يسَّرها الله ذو الجلال والإكرام لعباده، ووعد الذاكرين والذاكراتِ أجرًا عظيمًا، وفضلًا كبيرًا؛ قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب:35]، وتسبيح الله سبحانه من السُّبل الشريفة لذكر الله تعالى، وفي السنن النبوية درر ثمينة في فضائل التسبيح، وعِظَم أجره، وملازمة فعله؛ ولذا يتم بيان هذه الكنوز للمسلمين؛ لكي يعرفوا فضلها، ويدركوا أجرَها، ويَلزَموا تتبُّع فعلها. عن أبي أمامة الباهلي رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبرُك بأفضلَ - أو أكثر - من ذكرك الليل مع النهار، والنهار مع الليل؟ أن تقول: سبحان الله عدد ما خلق، سبحان الله ملء ما خلق، سبحان الله عددَ ما في الأرض والسماء، سبحان الله ملء ما في السماء والأرض، سبحان الله ملء ما خلق، سبحان الله عدد ما أحصى كتابُه، وسبحان الله ملء كلِّ شيء، وتقول: الحمد الله، مثل ذلك» (صححه الألباني).

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الثانية في موضوع ذو الجلال والإكرام

 وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

*فضائل تسبيح وذكرالله تعالى

عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: "جاء رجل بَدَوِيٌّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، علِّمني خيرًا، قال: «قل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر»، قال: وعقد بيده أربعًا، ثم رتَّب فقال: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ثم رجع، فلما أراه رسول الله تبسَّم وقال: «تفكَّر البائس!»، فقال: يا رسول الله، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر هذا كله لله، فما لي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا قلتَ: سبحان الله، قال الله: صدقتَ، وإذا قلتَ: الحمد لله، قال الله: صدقتَ، وإذا قلتَ: لا إله إلا الله، قال الله: صدقتَ، وإذا قلتَ: الله أكبر، قال الله: صدقتَ، فتقول: اللهم اغفر لي؛ فيقول الله: قد فعلتُ، فتقول: اللهم ارحمني؛ فيقول الله: قد فعلتُ، وتقول: اللهم ارزقني، فيقول الله: قد فعلتُ»، قال: فعقد الأعرابي سبعًا في يديه" (صححه الألباني). عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سبَّح الله في دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين، وحمد الله ثلاثًا وثلاثين، وكبَّر الله ثلاثًا وثلاثين، فتلك تسعة وتسعون، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، غُفرت خطاياه وإن كانت مثل زَبَد البحر» (مسلم). عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خَلَّتانِ لا يحصيهما رجلٌ مسلم إلا دخل الجنة، وهما يسيرٌ، ومن يعملُ بهما قليل»، قال: قال رسول الله: «الصلوات الخمس، يُسبِّح أحدكم في دُبُر كلِّ صلاة عشرًا، ويحمد عشرًا، ويُكبِّر عشرًا، فهي خمسون ومائة في اللسان، وألف وخمسمائة في الميزان»، وأنا رأيت رسولَ الله يعقدهن بيده، «وإذا أوى أحدُكم إلى فراشه -أو مضجعه- سبَّح ثلاثًا وثلاثين، وحَمِد ثلاثًا وثلاثين، وكبَّر أربعًا وثلاثين، فهي مائة على اللسان، وألف في الميزان»، قال: قال رسول الله: «فأيُّكم يعمل في كل يوم وليلة ألفين وخمسمائة سيئة؟»، قيل: يا رسول الله، وكيف لا نحصيهما؟ فقال: «إن الشيطان يأتي أحدَكم وهو في صلاته، فيقول: اذكر كذا، اذكر كذا، ويأتيه عند منامه فيُنيمه» ( النسائي، وصححه الألباني). عن أم سَلَمة هند بنت أبي أمية رضي الله تعالى عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت يُكثِرُ أن يقول: «سبحانك اللهم وبحمدك، أستغفرك وأتوب إليك»، قلت: يا رسول الله، إني أراك تُكثِرُ أن تقول: سبحانك اللهم وبحمدك، أستغفرك وأتوب إليك؟ فقال: «إني أمرت بأمرٍ» فقرأ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر:1] (صححه الألباني). عن أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُكثر من قول: «سبحان الله وبحمده، أستغفر الله وأتوب إليه»، قالت: فقلت يا رسولَ الله، أراك تُكثرُ من قول: سبحان الله وبحمده، أستغفر الله وأتوب إليه؟ فقال: «خبَّرَني ربِّي أني سأرى علامةً في أمتي، فإذا رأيتُها أكثرت من قول: سبحان الله وبحمده، أستغفر الله وأتوب إليه، فقد رأيتها {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر:1]؛ فتح مكة، {وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا . فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [النصر:2، 3]» (مسلم). عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم» (البخاري). عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن قال: سبحان الله وبحمده، في يوم مائة مرة، حُطَّت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر» (البخاري). عن أبي ذرٍّ الغفاري رضي الله تعالى عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل: أيُّ الكلام أفضل؟ قال: «ما اصطفى الله لملائكته أو لعباده: سبحان الله وبحمده» (مسلم). عن أم المؤمنين جويرية بنت الحارث رضي الله تعالى عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بكرةً حين صلَّى الصبح وهي في مسجدها، ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة، فقال: «ما زلتِ على الحال التي فارقتُك عليها؟» قالت: نعم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لقد قلتُ بعدك أربع كلمات، ثلاث مرات، لو وُزِنَتْ بما قلتِ منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده، عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته» (مسلم).

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الثالثة في موضوع ذو الجلال والإكرام

 وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :  

*فضائل تسبيح وذكرالله تعالى

عن أبي ذرٍّ الغفاري رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبرُك بأحب الكلام إلى الله؟»، قلت: يا رسول الله، أخبرني بأحبِّ الكلام إلى الله، فقال: «إن أحبَّ الكلام إلى الله: سبحان الله وبحمده» (مسلم). عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن قال حين يصبح وحين يمسي: سبحان الله وبحمده، مائة مرة، لم يأتِ أحد يومَ القيامة بأفضل مما جاء به، إلا أحد قال مثل ما قال، أو زاد عليه» (مسلم). عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن قال: سبحان الله العظيم وبحمده، غرست له نخلة في الجنة» (الترمذي، وصححه الألباني). عن أبي أمامة الباهلي رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن هاله الليل أن يُكابده، أو بخِل بالمال أن ينفقه، أو جبن عن العدو أن يُقاتِلَه، فليُكثر من (سبحان الله وبحمده)؛ فإنها أحبُّ إلى الله من جبل ذهب ينفقه في سبيل الله عز وجل» (صححه الألباني). عن جُبير بن مطعم رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال: سبحان الله وبحمده، سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، فقالها في مجلس ذكر، كان كالطابع يطبع عليه، ومَن قالها في مجلس لغو، كان كفارة له» (صححه الألباني). عن رجل من الأنصار رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال نوح لابنه: إني موصيك بوصيةٍ، وقاصرها لكي لا تنساها: أوصيك باثنتين، وأنهاك عن اثنتين: أما اللتان أوصيك بهما، فيستبشر الله بهما وصالح خلقه، وهما يكثران الولوج على الله: أوصيك بـ (لا إله إلا الله)؛ فإن السموات والأرض لو كانتا حلقةً قصمتهما، ولو كانتا في كفة وزنتهما، وأوصيك بـ (سبحان الله وبحمده)؛ فإنهما صلاة الخلق، وبهما يُرزَقُ الخلق، وإن من شيء إلا يُسبِّح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليمًا غفورًا، وأما اللتان أنهاك عنهما، فيحتجب الله منهما وصالح خلقه: أنهاك عن الشِّرك، والكِبر» (صححه الألباني في صحيح الترغيب). عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال حين يأوي إلى فراشه: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، سبحان الله وبحمده، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، غفرت له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر» (صححه الألباني في صحيح الترغيب). عن ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله تعالى عنه قال: كنت أبيتُ عند حجرة النبي صلى الله عليه وسلم، فكنت أسمعه إذا قام من الليل يقول: «سبحان الله رب العالمين الهَوِيَّ» ثم يقول: «سبحان الله وبحمده الهَوِيَّ» (النسائي، وصححه الألباني). عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله تعالى عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله تعالى اصطفى من الكلام أربعًا: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، فمَن قال: سبحان الله، كتبت له عشرون حسنة، وحُطَّت عنه عشرون سيئة، ومن قال: الله أكبر، مثل ذلك، ومن قال: لا إله إلا الله، مثل ذلك، ومن قال: الحمد لله رب العالمين، من قبل نفسه، كُتبت له ثلاثون حسنة، وحُطَّ عنه ثلاثون خطيئة» (صححه الألباني في صحيح الجامع). عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر: تنفض الخطايا كما تنفض الشجرة ورقها» (صححه الألباني).

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الرابعة في موضوع ذو الجلال والإكرام

 وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : 

*فضائل تسبيح وذكرالله تعالى

 عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أدلُّك على غراسٍ هو خير من هذا؟ تقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر؛ يُغرَس لك بكل كلمة منها شجرةً في الجنة» (صححه الألباني في صحيح الجامع). عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خذوا جُنَّتَكم من النار؛ قولوا: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، فإنهن يأتين يوم القيامة مُقدِّمات ومُعقِّبات ومُجنِّبات، وهن الباقيات الصالحات» (صححه الألباني في صحيح الجامع). عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقيتُ إبراهيمَ ليلة أُسرِيَ بي، فقال: يا محمد، أقرِئْ أمتك مني السلام، وأخبرهم أن الجنة طيبة التُّربة، عَذْبة الماء، وأنها قِيعان، وأن غراسَها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر» (الترمذي، وصححه الألباني). عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لأَنْ أقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر - أحَبُّ إليَّ مما طلعت عليه الشمس» (مسلم). عن عُبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن تعارَّ من الليل فقال حين يستيقظ: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم دعا: رب اغفر لي، استُجيب له، فإن قام فتوضأ ثم صلى، قُبلت صلاته» (أبو داود، وصحَّحه الألباني). عن أبي ذرٍّ الغفاري رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أحبُّ الكلام إلى الله: سبحان الله لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، سبحان الله وبحمده» (صححه الألباني). عن أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: «سبحانك اللهم وبحمدك، اللهم اغفر لي»؛ يتأول القرآن" (ابن ماجه، وصححه الألباني). عن أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: كان إذا افتتح الصلاة قال: «سبحانك اللهم وبحمدك، تبارك اسمك، وتعالى جدُّك، ولا إله غيرك» (ابن ماجه، وصححه الألباني). عن أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا جلس مجلسًا، أو صلى، تكلَّم بكلمات، فسألته عائشة عن الكلمات، فقال: «إن تكلم بخير كان طابعًا عليهن إلى يوم القيامة، وإن تكلم بغير ذلك كان كفَّارة له: سبحانك اللهم وبحمدك، أستغفرك وأتوب إليك» (النسائي، وصححه الألباني). عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه قال: "إن فاطمةَ رضي الله عنها أتَتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم تسأله خادمًا، فقال: «ألا أخبرُك ما هو خيرٌ لك منه؟ تُسبِّحين الله عند منامك ثلاثًا وثلاثين، وتحمدين الله ثلاثًا وثلاثين،وتُكبِّرين الله أربعًا وثلاثين -ثم قال سفيان: إحداهن أربع وثلاثون- فما تركتُها بعد، قيل: ولا ليلةَ صِفِّينَ؟ قال: ولا ليلةَ صِفِّينَ" (البخاري) . عن عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب: «لا إله إلا الله الحليم الكريم،سبحان الله رب العرش العظيم، سبحان الله رب السموات السبع ورب العرش الكريم»، قال وكيع مرة: لا إله إلا الله فيها كلها" (ابن ماجه، وصحَّحه الألباني).  

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الخامسة في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : 

*فضائل تسبيح وذكرالله تعالى

عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أيها الناس، ما لكم حين نابكم شيءٌ في الصلاة أخذتم في التصفيق؟ إنما التصفيق للنساء، ومَن نابه شيء في صلاته، فليقل: سبحان الله؛ فإنه لا يسمعه أحد حين يقول: سبحان الله، إلا التفت» (صححه الألباني). عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: إن رجلًا رأى فيما يرى النائم قيل له: بأي شيء أمركم نبيكم صلى الله عليه وسلم؟ قال: أمرنا أن نسبِّح ثلاثًا وثلاثين، ونحمد الله ثلاثًا وثلاثين، ونُكبِّر أربعًا وثلاثين، فتلك مائة، قال: سبِّحوا خمسًا وعشرين، واحمدوا خمسًا وعشرين، وكبروا خمسًا وعشرين، وهللوا خمسًا وعشرين، فتلك مائة، فلما أصبح ذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «افعلوا كما قال الأنصاري» (النسائي، وصححه الألباني). عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال أبو ذر: يا رسول الله، ذهب أهل الدثور بالأجور؛ يصلُّون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ولهم فضول أموال يتصدَّقون بها، وليس لنا مال نتصدق به! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أبا ذرٍّ، ألا أعلمُك كلمات تُدرِكُ بهن مَن سَبَقك، ولا يلحقك مَن خلفك، إلا من أخذ بمثل عملك؟ تُكبِّر اللهَ دبرَ كلِّ صلاة ثلاثًا وثلاثين، وتحمده ثلاثًا وثلاثين، وتسبِّحه ثلاثًا وثلاثين، وتختمها بلا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير»، وزاد في آخره: «غفرت له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر» (صححه الألباني). عن أبي ذرٍّ الغفاري رضي الله تعالى عنه: "أن ناسًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، ذهب أهل الدثور بالأجور؛ يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدَّقون بفضول أموالهم! قال: «أوَليس قد جعل الله لكم ما تَصدَّقون؟ إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكلِّ تحميدة صدقة، وكلِّ تهليلة صدقةٌ، وأمرٌ بالمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة، وفي بُضْع أحدكم صدقة»، قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟! قال: «أرأيتم لو وضعها في حرام، أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر» (مسلم). عن عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خصلتان لا يحصيهما رجل مسلم إلا دخل الجنة، وهما يسير، ومن يعمل بهما قليل؛ يسبح الله في دبر كل صلاة عشرًا، ويُكبِّر عشرًا، ويحمد عشرًا» -فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقدها بيده- «فذلك خمسون ومائة باللسان، وألف وخمسمائة في الميزان، وإذا أوى إلى فراشه سبَّح وحمد وكبر مائة، فتلك مائة باللسان، وألف في الميزان، فأيُّكم يعمل في اليوم ألفين وخمسمائة سيئة؟»، قالوا: وكيف لا يحصيهما؟ قال: «يأتي أحدكم الشيطان وهو في الصلاة فيقول: اذكر كذا وكذا؛ حتى ينفكَّ العبد لا يعقل، ويأتيه وهو في مضجعه فلا يزال يُنوِّمه حتى ينام» (ابن ماجه؛ وصححه الألباني). عن عاصم بن حميد رضي الله تعالى عنه قال: "سألت عائشة: ماذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يَفتَتِح به قيام الليل؟ قالت: لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحدٌ قبلك، كان يُكبِّر عشرًا، ويحمد عشرًا، ويُسبِّح عشرًا، ويستغفر عشرًا، ويقول: «اللهم اغفر لي، واهدني، وارزقني، وعافني»، ويتعوذ من ضيق المقام يوم القيامة" (ابن ماجه، وصححه الألباني). عن عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما قال: "قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: «ائتني غدًا أحبوك وأثيبك وأعطيك» حتى ظَننتُ أنه يعطيني عطيَّة، قال: «إذا زال النهار، فقم فصلِّ أربع ركعات» فذكر نحوه، قال: «ثم ترفع رأسك - يعني من السجدة الثانية - فاستوِ جالسًا، ولا تقم حتى تسبِّح عشرًا، وتحمد عشرًا، وتُكبِّر عشرًا، وتُهلِّل عشرًا، ثم تصنع ذلك في الأربع الركعات - قال: - فإنك لو كنت أعظم أهل الأرض ذنبًا، غفر لك بذلك»، قلت: فإن لم أستطع أن أصلِّيَها تلك الساعة؟ قال: «صلِّها من الليل والنهار» (أبو داود، وصححه الألباني).

 عن أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: كان رسول الله يكبر عشرًا، ويحمد عشرًا، ويسبح عشرًا، ويُهلِّل عشرًا، ويستغفر عشرًا، ويقول: «اللهم اغفر لي، واهدني، وارزقني، وعافني، أعوذ بالله من ضيق المقام يوم القيامة» (النسائي، وصححه الألباني). عن عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وآمركما بـ (لا إله إلا الله)؛ فإن السموات والأرض وما فيهما لو وضعت في كفة، ووضعت (لا إله إلا الله) في الكفة الأخرى، كانت أرجح منهما، ولو أن السموات والأرض وما فيهما كانت حلقة، فوضعت (لا إله إلا الله) عليهما لقصمتهما، وآمركما بـ (سبحان الله وبحمده)؛ فإنها صلاةُ كلِّ شيء، وبها يُرزَق كلُّ شيء» (صححه الألباني). فلنُكثِر إخواني الكرام من ذكر الله تعالى، ولنحرص على التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير والاستغفار، ونسأل الله تعالى أن يجعلنا وأهلنا والمسلمين من الذاكرين الشاكرين المحسنين، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن اتبعه بإحسان إلى يوم الدين. [الأنترنت – موقع فضائل تسبيح الله تعالى - حسين أحمد عبد القادر]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة السادسة في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي بعنوان : 

*عقيدة السلف في التوحيد و الأسماء والصفات.

أولاً : قاعدة السلفيين في أسماء الله تعالى وصفاته هي قاعدة من سبقهم من سلف من هذه الأمة ، وعلى رأسهم الصحابة الكرام والتابعون الأجلاء ، وصارت أصلا متفقا عليه عند أهل السنة والجماعة ، وهي :

أ. أنهم يثبتون ما أثبته الله تعالى لنفسه ، وما أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم ، من غير تحريف ، ولا تمثيل ، ولا تعطيل .

ب. وينفون عنه تعالى ما نفاه عن نفسه ، وما نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم .

ج. وما لم يرِد فيه نفي ولا إثبات فإنهم يتوقفون فيه حتى يُعرف المعنى المراد منه ، فإن كان معنى فاسداً نفوا لفظه ومعناه ، وإن كان معنى صحيحاً أثبتوا المعنى دون اللفظ .

ثانياً: لنطبِّق عمليّاً تلك القاعدة العظيمة على ما ذكرته من صفات ، فنقول :

1. أثبت الله تعالى لنفسه صفة " الاستواء على العرش " في أكثر من موضع من القرآن ، فقال تعالى : ( الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ) طه/ 5 ، وقال تعالى ( ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى العَرْشِ ) الأعراف/ 54 ،يونس/ 3،الرعد/ 2، الفرقان/ 59 ،السجدة/ 4،الحديد/ 4

فالاستواء صفة فعلية للرب تعالى ، أثبتها أهل السنَّة والجماعة بالمعاني اللائقة له عز وجل ، من غير تحريف لمعناها ، كما يقول أهل التأويل أن معناها : (الاستيلاء )! ، ولا تمثيل لها باستواء المخلوق ، فإن الله جل جلاله لا يشبهه أحد في ذاته ، ولا يشبهه أحد في صفاته .

ولا تزال كلمة الإمام مالك بن أنس رضي الله في هذه الصفة الجليلة قاعدة عند أهل السنَّة في باب الصفات كله ، وإن كان السؤال واردا بخصوص صفة الاستواء التي نتحدث عنها ؛ فقد سئل عن استواء الله تعالى كيف هو فأجاب :

" الاستواء معلومٌ – أي : في لغة العرب - ، والكيف مجهولٌ ، والإيمان به واجبٌ ، والسؤال عنه – أي : عن الكيف – بدعة .

رواه اللالكائي في " شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة " ( 3 / 441) والبيهقي في " الأسماء والصفات "( ص 408 )،وصححه الذهبي،وشيخ الإسلام ، والحافظ ابن حجر .

انظر : " مختصر العلو " ( ص 141 ) ، " مجموع الفتاوى " ( 5 / 365 ) ، " فتح الباري " ( 13 / 501 ) وللجملة ألفاظ متقاربة بمعنى متحد .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :

أصل الاستواء على العرش : ثابت بالكتاب والسنة واتفاق سلف الأمة وأئمة السنة ، بل هو ثابت في كل كتاب أنزل ، على كل نبي أرسل ." مجموع الفتاوى " ( 2 / 188 ) .

وقال ابن القيم – رحمه الله – ردًّا على من حرَّف صفة الاستواء وعطَّلها - :

هذا الذي قالوه باطل من اثنين وأربعين وجهاً :

أحدها : إن لفظ الاستواء في كلام العرب الذي خاطبنا الله تعالى بلغتهم ، وأنزل بها كلامه : نوعان : مطلق ومقيد ، فالمطلق : ما لم يوصل معناه بحرف ، مثل قوله : ( وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى ) القصص/ 14 ، وهذا معناه : كمل وتمَّ ، يقال : استوى النبات ، واستوى الطعام .

أما المقيد : فثلاثة أضرب :

أحدها : مقيد بـ " إلى " ، كقوله : ( ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ ) البقرة/ 29 ، وهذا بمعنى العلو والارتفاع ، بإجماع السلف .

الثاني : مقيَّد بـ " على " ، كقوله تعالى : ( لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ) الزخرف/ 13 ، وهذا أيضاً معناه العلو والارتفاع والاعتدال ، بإجماع أهل اللغة .

الثالث : المقرون بـ " واو " مع التي تعدي الفعل إلى المفعول معه ، نحو : استوى الماء والخشبة ، بمعنى ساواها .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة السابعة في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : 

*عقيدة السلف في التوحيد و الأسماء والصفات.

وهذه معاني الاستواء المعقولة في كلامهم ، ليس فيها معنى " استولى " ألبتة ، ولا نقله أحد من أئمة اللغة الذين يعتمد قولهم ، وإنما قاله متأخرو النحاة ممن سلك طريق المعتزلة والجهمية ." مختصر الصواعق " ( ص 371 ، 372 ) .

2. أثبت الله تعالى لنفسه صفة " الوجه " ، وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم ، فالقاعدة الشرعية هنا : أن نثبت هذه الصفة لله تعالى من غير تحريف لمعناها أنها " الذات " ، ولا تمثيل لها فنجعله كوجه أحدٍ من خلقه ، ولا تعطيل لهذه الصفة بالكلية .دليل هذه الصفة – ونكتفي بدليل واحد من الكتاب ودليل من السنَّة - : أ. قوله تعالى ( وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ) الرحمن/ 27 . قال أبو الحسن الأشعري رحمه الله - :

وقال عز وجل ( وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ) ، فأخبر أنَّ له وجهاً لا يفنى ولا يلحقه ه‍لاك . " الإبانة " ( ص 77 ) .

وقال – أيضاً - : فمَن سَأَلَنا فقال : أتقولون إنَّ لله سبحانه وجهاً ؟ قيل : نقول ذلك ، خلافاً لما قاله المبتدعون ، وقد دلَّ على ذلك قوله عز وجل ( وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ )" الإبانة " (ص 78 ، 79 ) .

وقال ابن جرير الطبري - رحمه الله : يقول تعالى ذِكره :{كل من على ظهر الأرض من جن إنس فإنه هالك ويبقى وجه ربك يا محمد(ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ )،و(ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ )

 من نعت الوجه ، فلذلك رفع ( ذو ) وقد ذُكر أنها في

 قراءة عبد الله بالياء " ذي الجلال والإكرام " من نعتِ الربِّ وصفتِه . " جامع البيان " ( 27 / 134 )

وما نسب إلى ابن مسعود رضي الله عنه لا يصح عنه ، بل هي بالرفع إجماعاً .

قال الشيخ عبد الفتاح القاضي – رحمه الله - : قرأ ابن عامر : ( تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِو

الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ) آخر السورة بالواو ، وقرأ غيره ( ذِي الْجَلَالِ ) بالياء ، وهو مرسوم بالواو في مصحف الشاميين ، وبالياء في مصحف غيرهم .

وأما قوله تعالى : ( وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ) فقد اتفقوا على قراءته بالواو , وقد رُسم بالواو في جميع المصاحف العثمانية ." الوافي في شرح الشاطبية " ( ص 366 ) .

وقال ابن القيم - رحمه الله - :

فتأمل رفعَ قولِه ( ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ) عند ذكر " الوجه " ، وجرَّه في قوله ( تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ) الرحمن/ 78 ، فـ ( ذو ) الوجه المضاف بالجلال والإكرام لما كان القصد الإخبار عنه ، و ( ذي ) المضاف إليه بالجلال والإكرام في آخر السورة لما كان المقصود عين المسمى دون الاسم ، فتأمله ." مختصر الصواعق " ( ص 409 ) .

ب. قال البخاري رحمه الله : " باب قول الله عز وجل ( كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ) القصص/ 88 " ثم روى – ( 4352 ) حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : لما نزلت هذه الآية ( قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ ) قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم ( أَعُوذُ بِوَجْهِكِ ) فقال ( أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ ) فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم ( أَعُوذُ بِوَجْهِكَ ) قال ( أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا) الأنعام/ 65 ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم ( هذا أَيْسَرُ )  

قال الإمام ابن خزيمة – رحمه الله - :

فنحن وجميع علمائنا ، من أهل الحجاز ، وتهامة ، واليمن ، والعراق ، والشام ، ومصر ، مذهبنا : أنَّا نثبت لله ما أثبته الله لنفسه ، نقرُّ بذلك بألسنتنا ، ونصدِّق ذلك بقلوبنا ، من غير أن نشبِّه وَجْه خالقنا بوَجْه أحدٍ من المخلوقين ، عزَّ ربُّنا أن يشبه المخلوقين ، وجلَّ ربُّنا عن مقالة المعطلين . كتاب التوحيد ( 1 / 18 )

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الثامنة في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : 

*عقيدة السلف في التوحيد و الأسماء والصفات.

3. أثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لربه تعالى صفة " الساق " ، فالقاعدة الشرعية هنا : أن نثبت هذه الصفة لله تعالى من غير تحريف لمعناها أنها " الشدة " ، ولا تمثيل لها فنجعلها كساق أحدٍ من خلقه ، ولا تعطيل لهذه الصفة بالكلية . ومن أدلة هذه الصفة :

حديث أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ... فَيَكْشِفُ عَنْ سَاقِهِ فَيَسْجُدُ لَهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ ) رواه البخاري ( 7001 ) .

قال ابن القيم – رحمه الله - :

والذين أثبتوا ذلك صفةً كاليدين والإصبع : لم يأخذوا ذلك من ظاهر القرآن ، وإنما أثبتوه بحديث أبي سعيد الخدري المتفق على صحته ، وهو حديث الشفاعة الطويل وفيه ( فيكشف الرب عن ساقه فيخرون له سجَّدًا ) ومن حمل الآية على ذلك قال : قوله تعالى ( يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود ) القلم/ 42 مطابق لقوله ( فيكشف عن ساقه فيخرون له سجدًا ) وتنكيره للتعظيم والتفخيم ، كأنه قال : يكشف عن ساق عظيمة جلَّت عظمتها وتعالى شأنها أن يكون لها نظير أو مثيل أو شبيه ، قالوا : وحمل الآية على الشدة لا يصح بوجه ؛ فإن لغة القوم في مثل ذلك أن يقال : كشفت الشدة عن القوم ، لا : كُشِف ، عنها كما قال الله تعالى ( فلما كشفنا عنهم العذاب إذا هم ينكثون ) الزخرف/ 50 ، وقال : ( ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر ) المؤمنون/ 75 .

فالعذاب والشدة هو المكشوف ، لا المكشوف عنه ، وأيضاً : فهناك تحدث الشدة وتشتد ، ولا تُزال إلا بدخول الجنة ، وهناك لا يدعون إلى السجود، وإنما يدعون إليه أشد ما كانت الشدة ." الصواعق المرسلة " ( 1 / 252 ، 253 ) .

4. لفظ " الجسد " لم يرِد في حق الله تعالى ، لا إثباتا ولا نفيا ، وقاعدة أهل السنة فيما كان كذلك : أنه لا يجوز نسبته إلى الله تعالى وإضافته إليه ، لأن وصف الله تعالى بشيء ونسبته إليه لا يجوز إلا بدليل صحيح ، من كتاب الله تعالى أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم . وكذلك لا يجوز نفيه عنه لمجرد عدم ثبوته ؛ بل يستفصل عنه : فإن كان معناه باطلا في الشرع ، جزمنا بنفي المعنى الباطل ، واللفظ المبتدع ، وإن كان معناه صحيحا ، أثبتنا له المعنى الصحيح ، واستعملنا له اللفظ الشرعي الدال عليه ، إلا عند الحاجة إلى استعمال لفظ محدث ، مع بيان معناه الصحيح .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" الواجب أن ينظر في هذا الباب ؛ فما أثبته الله ورسوله أثبتناه ، وما نفاه الله ورسوله نفيناه ، والألفاظ التي ورد بها النص يُعتصم بها في الإثبات والنفي ؛ فنثبت ما أثبتته النصوص من الألفاظ والمعاني ، وننفى ما نفته النصوص من الألفاظ والمعاني ، وأما الألفاظ التي تنازع فيها من ابتدعها من المتأخرين ، مثل لفظ الجسم والجوهر والمتحيز والجهة ونحو ذلك ، فلا تطلق نفيا ولا إثباتا حتى ينظر في مقصود قائلها ؛ فإن كان قد أراد بالنفي والإثبات معنى صحيحا موافقا لما أخبر به الرسول : صُوِّب المعنى الذي قصده بلفظه ، ولكن ينبغي أن يعبر عنه بألفاظ النصوص لا يعدل إلى هذه الألفاظ المبتدعة المجملة إلا عند الحاجة ، مع قرائن تبين المراد بها ، والحاجة مثل أن يكون الخطاب مع من لا يتم المقصود معه إن لم يخاطب بها .

وأما إن أريد بها معنى باطل : نُفي ذلك المعنى ، وإن جمع بين حق وباطل : أثبت الحق ، وأبطل الباطل " انتهى . "منهاج السنة النبوية" (2/554-555) وقد طول في هذا الموضع في الكلام على لفظ الجسم ، فليراجع فإنه مهم .

وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :

مسألة الجسمية لم ترد لا في القرآن ولا في السنَّة إثباتاً ولا نفياً ، ولكن نقول بالنسبة للفظ : لا ننفي ولا نثبت ، لا نقول : جسم وغير جسم ، لكن بالنسبة للمعنى نفصِّل ونستفصل ، ونقول للقائل : ماذا تعني بالجسم ؟ هل تعني أنه الشيء القائم بنفسه المتصف بما يليق به ، الفاعل بالاختيار ، القابض الباسط ؟ إن أردت هذا : فهو حق ومعنى صحيح ، فالله تعالى قائم بنفسه فعَّال لما يريد ، متصف بالصفات اللائقة به ، يأخذ ويقبض ويبسط ، يقبض السماوات بيمينه ويهزها ، وإن أردت بالجسم الشيء الذي يفتقر بعضه إلى بعض ولا يتم إلا بتمام أجزائه : فهذا ممتنع على الله ؛ لأن هذا المعنى يستلزم الحدوث والتركيب ، وهذا شيء ممتنع على الله عز وجل . " شرح العقيدة السفارينية " ( ص 18 ، 19 ) .

إن السلفيين هم أسعد الناس بالكتاب والسنَّة ، فلم يعتقدوا شيئاً في ذات ربهم إلا ومعهم أدلة من الوحيين ، وأن قاعدتهم في كل ما يثبتونه لله تعالى من الأسماء والأوصاف والأفعال : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) الشورى/ من الآية11 ، بل إنهم أجمعوا أنَّ من شبَّه الله تعالى بخلقه فقد كفر ، فلا تلتفت لكلام المغرضين ، واستمسك بالعروة الوثقى من نصوص الوحي تسلم في اعتقادك ، وتتشرف بأن تكون من الفرقة الناجية .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في بيان اعتقاد أهل السنة والجماعة - :

فلا ينفون عنه ما وصف به نفسه ، ولا يحرِّفون الكلِم عن مواضعه ، ولا يلحدون في أسماء الله وآياته ، ولا يكيِّفون ، ولا يمثِّلون صفاته بصفات خلقه ؛ لأنه سبحانه لا سميَّ له ، ولا كفؤ له ، ولا نِدَّ له ، ولا يقاس بخلْقه سبحانه وتعالى ؛ فانه سبحانه أعلم بنفسه ، وبغيره ، وأصدق قيلا ، وأحسن حديثاً مِن خلقه ." مجموع الفتاوى " ( 3 / 130 ) .[الأنترنت – موقع الإسلام سوال وجواب – المنجد]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة التاسعة في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي بعنوان : 

*الإيمان بالله وبوجوده تعالى:

المسلم يؤمن بأن وجود الله حقيقة لا ريب فيها، دلت عليها أدلة كثيرة منها: الفطرة، والعقل، والشرع، والحس والمشاهدة.

الفطرة تنطق بوجود الله:

كانت الأمواج هادئة عندما ركب بعض الكفار في سفينة، وانطلقوا في البحر، وفي أول الرحلة سخَّر الله لهم ريحًا طيبة جعلتهم يسيرون في البحر بسرعة، ففرحوا بها، وفجأة هاجت الأمواج، واشتدت الرياح والعواصف فأصبحوا في مأزق عصيب، عندئذ صاح هؤلاء الكفار بأعلى أصواتهم يدعون الله -عز وجل- ويلجئون إليه، ويطلبون منه النجاة، قال تعالى: {هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرينا بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين} [يونس:22] .

وهكذا فطرة البشر تلجأ إلى الله -عز وجل-، وتظهر حقيقتها في وقت الشدة والكرب حتى وإن وجد عليها الصدأ، وطُمِست شفافيتها في أوقات الغفلة واللهو والرخاء، ذلك لأن الله -عز وجل- خلق الإنسان مفطورًا على الإسلام والإحساس بوجود الله، قال تعالى: {فأقم وجهك للدين حنيفًا فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون} [الروم: 30]. قال (: (ما من مولود إلا يولدُ على الفِطْرةِ فأبواه يُهوِّدانه (يجعلانه يهوديًا)، أو ينصِّرانه (يجعلانه نصرانيًا)، أو يمجِّسَانه (يجعلانه مجوسيًّا) [البخاري].

والمسلم يؤمن بوجود الله -عز وجل-، فهو يدرك ذلك بفطرته التي وضعها الله فيه. وهناك أقوام لا يؤمنون بوحدانيَّة الله ولا باليوم الآخر، ويرون أن الطبيعة خلقت نفسها، وقد جاء سبعة عشر رجلاً من هؤلاء الزنادقة إلى الإمام

الشافعي -رحمه الله- وسألوه: ما الدليل على وجود الله؟ فقال: ورق التوت طعمه واحد، تأكله الدودة فيخرج منها الإبريسم (الحرير)، ويأكله النحل فيخرج منه العسل، وتأكله الشاة والبقر والأنعام فتلقيه بعرًا وروثًا، فمن جعل هذه الأشياء مع أن الطعم واحد. فاستحسنوا كلام الإمام وأسلموا على يديه.

ويروى أن بعض الزنادقة -أيضًا- جاءوا إلى جعفر الصادق، فقال جعفر لأحدهم: هل ركبت البحر؟ قال: نعم. قال جعفر: حدثني عن أغرب شيء حدث لك؟ قال الرجل: هاجت يومًا رياح هائلة، فكسرت السفينة، وأغرقت الملاحين، فتعلقت أنا ببعض ألواحها، فإذا أنا مدفوع في تلاطم الأمواج، وفُقد اللوح، ودُفعتُ إلى الساحل. فقال جعفر: قد كان اعتمادك على السفينة والملاح ثم على اللوح حتى ينجيك. فلما ذهبت عنك هذه الأشياء، هل أسلمت نفسك للهلاك أم كنت ترجو السلامة بعد؟

قال: بل رجوت السلامة. قال جعفر: ممن كنت ترجوها؟ فسكت الرجل، فقال جعفر: إن الصانع الذي كنت ترجوه في ذلك الوقت، هو الذي نجاك من الغرق. فاعترف الرجل بوجود الله وأسلم على يديه.

دلالة العقل على وجود الله

سأل بعض القدرية- الذين ينفون قدرة الله، ويغالون في قدرة الإنسان- أبا حنيفة عن وجود الله -عز وجل- فقال لهم: دعوني فإني مفكر في أمر أُخبرت عنه، ذكروا لي أن سفينة في البحر مملوءة بالبضائع، وليس فيها أحد يحرسها أو يسوقها، ومع ذلك فإنها تسير بنفسها، وتخترق الأمواج، وتسير حيث شاءت فماذا تقولون؟ قالوا: هذا شيء لا يقبله العقل. فقال أبو حنيفة: يا سبحان الله، إذا لم يجر في العقل سفينة تجري في البحر مستوية من غير متعهد ولا مجر، فكيف يجوز قيام هذه الدنيا على اختلاف أحوالها، وسعة أطرافها، وتباين أكنافها من غير صانع وحافظ؟! فبكوا جميعًا، وقالوا: صدقت وتابوا إلى الله، وحسن إسلامهم.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة العاشرة في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : 

*الإيمان بالله وبوجوده تعالى:

وقد سُئِل أعرابي عن الدليل على وجود الله؟ فقال: البعرة تدل على البعير، والروثة تدل على الحمير، وآثار الأقدام تدل على المسير، فسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، وبحار ذات أمواج، ألا يدل ذلك على وجود اللطيف الخبير؟!

والمسلم يدرك أن هذا الكون قد أبدعه خالق مبدع قدير. وقد سمع أحد الصحابة بعض آيات من القرآن، فقال: كاد قلبي أن يطير، إنها قول الله تعالى: {أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون . أم خلقوا السموات والأرض بل لا يوقنون . أم عندهم خزائن ربك أم هم المسيطرون} [الطور: 35-37].

دلالة الشرع على وجود الله:

والمسلم يؤمن بأن جميع الكتب السماوية نطقت بأن الله موجود، والأحكام التي فيها دلت على أنها من عند إله حكيم عليم. قال تعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون} [الأنبياء: 25].

وقال تعالى: {ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله} [النحل: 36]. وقال: {وإلى عاد أخاهم هودًا قال يا قوم اعبدوا الله} [الأعراف: 65]. وقال: {وإلى مدين أخاهم شعيبًا قال يا قوم اعبدوا الله} [الأعراف: 85] وقال: {ولقد أرسلنا نوحًا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله} [المؤمنون: 23]. وقال: {وإبراهيم إذ قال لقومه اعبدوا الله واتقوه} [العنكبوت: 16].

دلالة المشاهدة على وجود الله:

والمسلم يؤمن بكل ما يشاهده من نصر الله للمستغيثين والمكروبين، فالمؤمنون في غزوة بدر عندما دعوا الله -عز وجل- وطلبوا منه النصر، استجاب الله دعاءهم، وأيدهم بجنود من عنده يقاتلون معهم، قال تعالى: {إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين} [الأنفال: 9].

وزكريا -عليه السلام- دعا الله -عز وجل- أن يرزقه الذرية الصالحة، فاستجاب الله دعاءه ووهب له يحيي -عليه السلام-، فبعد أن كانت زوجته عاقرًا لا تلد أصبحت لديها القدرة على الحمل والولادة بإذن الله، قال تعالى: {وزكريا إذ نادي ربه رب لا تذرني فردًا وأنت خير الوارثين . فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبًا ورهبًا وكانوا لنا خاشعين} [الأنبياء: 89-90] .

وفي عهد الرسول ( أصاب المدينة جفاف وقحط، فقام

 أعرابي والرسول ( يخطب الجمعة، فقال: يا رسول الله، هلك المال، وجاع العيال، فادع الله لنا.

فأخذ الرسول ( يدعو وهو رافع يديه، فتجمع السحاب، ونزل المطر قبل أن يُنزل ( يديه، حتى إن المطر كان ينزل على رسول الله (، ورأى الصحابة قطرات الماء تنزل من كفيه، وظلت السماء تمطر طوال الأسبوع، فقام رجل، فقال: يا رسول الله، تهدم البناء، وغرق المال، فادع الله لنا، فرفع الرسول ( يديه يدعو الله، ويقول: (اللهم حوالينا، لا علينا) فتوقف المطر. [متفق عليه].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الحاديةعشرة في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي بعنوان : 

معجزات الأنبياء دليل على وجود الله:

اجتمع المشركون في مكة، وطلبوا من الرسول ( أن يشق لهم القمر نصفين، فقال لهم: (إن فعلت تؤمنوا؟) قالوا: نعم. فأشار الرسول ( إلى القمر -وكان بدرًا- فانفلق فلقتين، ورآه الناس. ولكن المشركين المعاندين رفضوا أن يستجيبوا لنداء الحق، وأبوا أن يذعنوا لمعجزة الله، قال تعالى: {اقتربت الساعة وانشق القمر} [القمر: 1].

والمعجزة تدل على وجود الله تعالى، لأنها أمر خارج عن مقدرة البشر، يؤيد الله بها رسله وأنبياءه، ومن هذه المعجزات ما أيَّد الله به نبيه موسى -عليه السلام- من معجزة العصا، فكان يضرب بها الحجر فيخرج منه الماء، ويضرب بها الماء فيتجمد، ويتحول إلى أرض يابسة، بإذن الله تعالى، قال تعالى: {فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينًا} [البقرة: 60].

وبينما يوجد في كل شيء في هذا الكون دليل على وجود الله تعالى، نجد الملحدين المنكرين لوجود الله ولا دليل من أي نوع معهم ولا حجة في أيديهم. وفطرة الإنسان وعقله يدلان على وجود الله -عز وجل- ويأتي الشرع ليؤكد هذه الدلالة، ويرشد الإنسان إلى أن خيره وسعادته في توحيد الله.

الإيمان بوحدانية الله:

قسم العلماء توحيد الله إلى توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات.

1- توحيد الألوهية:

أحد.. أحد، إنها كلمات بلال التي يوحد بها ربه، عندما أرقده المشركون، وألقوا على صدره حجرًا كبيرًا يكتم أنفاسه في صحراء مكة، على الرمال الملتهبة في وقت الظهيرة. وهذا هو حال المسلم الحق، يوحد الله بأداء العبادة له وحده، فهو سبحانه المعبود بحق، ولا معبود غيره، فنصلى له، ونزكي له، ولا نعبد إلا إياه ولا نستعين إلا به، ولا نتوكل إلا عليه، فهو سبحانه المتصرف في الكون المستحق للعبادة.

والمسلم يعلم أن ألوهية شيء آخر غير الله باطلة، قال

 تعالى: {ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير} [الحج: 62].

والنصارى ما عبدوا الله -عز وجل-، ولكن عبدوا ثلاثة أقانيم (أي: الإله الأب، والإله الابن، وروح القدس)، فقال عنهم الله تعالى: {لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد} [المائدة: 73].

والعرب وغيرهم اعترفوا لله بالخلق، ولكنهم أشركوا مع الله غيره في العبادة، فقال عنهم الله -عز وجل-: {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون}[يوسف: 106].

بل إن البشرية في أول ضلالها لم تمتنع عن عبادة الله، ولكنها عبدت الله، وعبدت معه آلهة أخرى، وكانت حجتهم أنهم قالوا: {ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} [الزمر:3]. فكان الردُّ: {قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير . ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له حتى إذا فزغ عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير} [سبأ: 22-23].

وتوحيد الألوهية هو أول أمر دعا الرسل أقوامهم إليه. فكان أول ما يدعو النبي قومه يقول لهم: {اعبدوا الله ما لكم من إله غيره} [هود: 84].

ولما بعث الرسولُ ( معاذًا قاضيا على اليمن، قال له: (إِنَّكَ تَقْدُمُ على قومٍ من أهل الكتاب، فليكن أوَّلَ ما تدعوهم إليه أن يوحِّدوا

اللهَ -تعالى- فَإذا عَرَفُوا ذلك، فأخبِرْهُم أن الله فرض عليهم خمسَ صلوات في يومهم وليلتهم، فإذا صلوا فأخبرهم أن اللهَ افترضَ عليهم زكاةً تُؤْخَذُ منْ غَنِيِّهم فتردُّ على فَقيرِهم، فإذا أقرُّوا ذلك، فخذْ منهم، وتوقَّ -تجنب- كرائِمَ أموالِ النَّاس) [البخاري]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الثانية عشرة في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : الإيمان بوحدانية الله:

وتوحيد الله -عز وجل- حقيقة يدركها العقل السليم، فالله -عز وجل- إله واحد ليس معه إله آخر، وهو رب كل شيء ومليكه، ولا رب سواه، فماذا يحدث لو كان معه آلهة أخرى؟ هذه الآلهة لن تخرج عن شيئين؛ إما أنها ستتفق في تصريف الكون وإما ستختلف، فإن اتفقت فإما أن تتفق أن تعمل برأي إله منها، فلا معنى إذن لوجود الباقين، وإما أن يعمل كل إله بما يريد، وهذا يستلزم أن يختلفواويتنازعوا، وتكون النتيجة أن تفسد السماوات والأرض، وقد قدم لنا الله -عز وجل- هذه الحقيقة فقال: {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون} [الأنبياء: 22].

وقال: {قل هو الله أحد. الله الصمد. لم يلد ولم يولد. ولم يكن له كفوًا أحد} [سورة الإخلاص: 1-4]. وإن كان توحيد الألوهية جوهر الإيمان فإن لا إله إلا الله، هي جوهر التوحيد.

كلمة التوحيد:

هي كلمة التقوى، أرسل الله الرسل من أجلها، وأنزل الكتب للدعوة إليها، وقام سوق الجنة والنار من أجلها، وانقسم الناس في الآخرة من أجلها فريقين؛ فريقًا في الجنة وفريقًا في السعير، قال تعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون} [الأنبياء: 25].

وقال تعالى: {ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون} [النحل: 2].

لا إله إلا الله:

هي مفتاح الجنة، وتوجب المغفرة؛ لأن الرسول ( قال يومًا لأصحابه: (ارفعوا أيديكم بالدعاء، وقولوا: لا إله إلا الله)، فرفعوا أيديهم ساعة، فوضع رسول الله ( يده، وقال: (الحمد لله، اللهم بعثتني بهذه الكلمة، وأمرتني بها، ووعدتني عليها الجنة، وأنت لا تخلف الميعاد)، ثم قال: (أبشروا فإن الله قد غفر لكم) [أحمد]. وهي أفضل ما قاله النبيون، قال (: (أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي، لا إله إلا الله وحده لا شريك له) [مالك]. ومعنى (لا إله إلا الله) أنه لا معبود بحق إلا الله، ولا مقصود إلا هو، ولا مشرع سواه، وهي تتضمن نفي الألوهية عن كل الآلهة الباطلة وإثباتها لله- عز وجل-.

وهي سبب شفاعة الرسول ( للمؤمنين، قال (: (أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة، من قال: لا إله إلا الله خالصًا من قلبه ونفسه) [البخاري]. وهي (القول الثابت) الذي يثبت الله به المؤمنين في الدنيا والآخرة. قال تعالى: {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة} [إبراهيم: 27]. وهي (العروة الوثقى) التي أمر الله عباده أن يتمسكوا بها. قال تعالى: {فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم} [البقرة: 256]. وهي سبب النجاة في الآخرة، قال (: (من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ؛حرّم الله عليه النار) [مسلم].

 إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الثالثة عشرة في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

*شروط قبول لااله الا الله

 لا إله إلا الله ليست كلمة تُنطق باللسان فحسب، بل لها شروط لقبولها من صاحبها، وهي:

* العلم بحقيقتها المنافي للجهل بها، فالمسلم يعلم معنى لا إله إلا الله، وحقيقتها، قال تعالى: {فاعلم أنه لا إله إلا الله} [محمد: 19].

* الصدق المنافي للكذب، وهو أن يقولها صادقًا من قلبه، قال (: (منْ قال: لا إله إلا الله. مُصدِّقًا بها قلبه؛ دخل الجنة) [مسلم].

* الإخلاص المنافي للرياء، وهو أن يقولها خالصًا من قلبه قال (: (من قال لا إله إلا الله مخلصًا من قلبه، دخل الجنة) [البزار].

* القبول لها والانقياد لمدلولاتها، فلا يكفي مجرد النطق بها، ولكن لابد من القيام بمقتضياتها حتى يقبلها الله من المسلم. فقد خاطب الرسول ( أبا هريرة فقال له: (من لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنًا بها قلبه، بشِّرْهُ بالجنة) [مسلم].

* المحبة لها ولأهلها، والمعاداة من أجلها، فالمسلم يحب كل من يعبد الله -عز وجل- ويطيعه، ويبغض أهل الشرك وكل من يعصي الله -عز وجل-، قال تعالى: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض} [التوبة: 71].

والمسلم يعلم أن (لا إله إلا الله) لها مقتضيات تدل عليها، ومن مقتضياتها أن يمتنع صاحبها عن فعل المعاصي، ويتقرب إلى الله تعالى بالعبادة الخالصة، ومن مقتضياتها أن يمتثل العبد أوامر الله، وينتهي عن نواهيه.

والمسلم يعلم أن (لا إله إلا الله) هي اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سُئل به أعطى، فقد سمع الرسول ( رجلا يدعو وهو يقول: اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت، الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد، فقال (: (والذي نفسي بيده لقد سأل الله باسمه الأعظم، الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى) [الترمذي].

وقال (: (اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين: {وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم}. وفاتحة آل عمران: {ألم . الله لا إله إلا هو الحي القيوم} [رواه الترمذي وابن ماجه].

2- توحيد الربوبـية:

قال الله -عز وجل- على لسان موسى -عليه السلام -: {كلا إن معي ربي سيهدين} [الشعراء: 62]. والإيمان بربوبية الله -عز وجل- هو أن يعتقد المسلم أن الله رب كل شيء وخالقه ولا رب سواه، وأنه -سبحانه- بيده الرزق والخلق والإحياء والإماتة، وهو -سبحانه- الخافض الرافع المعز المذل المحيي القادر على كل شيء. قال تعالى: {ألا له الخلق والأمر} [الأعراف: 54].

والخلق والإحياء والإماتة...إلخ، هي أفعال الله -عز وجل-، فيمكن أن نعرف الإيمان بربوبية الله -عز وجل- بأنه توحيد الله بأفعاله هو، وكان المشركون في الجاهلية يعترفون بأن الله هو الخالق، وهو الرازق، وهو النافع، وهو الضار، ولكنهم لم يطيعوه، ولم يؤمنوا به، فلم ينفعهم ذلك الاعتراف بربوبيته دون ألوهيته، قال تعالى: {ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله} [العنكبوت: 61].

وقال: {قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون. سيقولون لله قل أفلا تذكرون. قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم. سيقولون لله قل أفلا تتقون. قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون. سيقولون لله قل فأنى تسحرون} [المؤمنون: 84-89].

وهنا سؤال؟! هل الإيمان بربوبية الله، أو الاعتراف لله بالخلق والإعادة ينقل الإنسان من الكفر إلى الإيمان؟ والإجابة أن ذلك وحده لا يكفي، فمن آمن بوجود الله، وقدرته على الخلق، ثم لم يعبد الله ولم يوحده في ألوهيته، فليس مؤمنًا، ودليل ذلك أن مشركي مكة كانوا يعترفون لله بالربوبية، ومع ذلك كانوا مشركين، وقد أنكر توحيد الربوبية طائفتان الأولى تسمى بـ (الدهرية)، كما حكى الله قولهم: {وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر} [الجاثية: 24]. فهم بذلك قد نسبوا الموت والحياة إلى الدهر، ولم ينسبوها إلى الله -عز وجل-. والأخرى ظهرت في العصر الحديث وتسمى بـ (الشيوعية): والشيوعيون هم الذين ينكرون وجود الله، ويقولون: لا إله، والكون مادة. (أي: لا إله موجود والكون جاء وحده بدون خالق). ولكن المسلم يتعجب من تفكير هؤلاء الضالين ويحمد الله -عز وجل- على نعمة الإيمان والإسلام. والمسلم عندما يؤمن بأن الله هو النافع وهو الضار، فهذا يطمئنه لأنه يؤمن بمن في يديه النفع والضر، فيطمئن قلبه، وتسكن نفسه، ويرضى بقضائه وقدره، ويوحده في ألوهيته.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الرابعة عشرة في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي بعنوان :

3- توحيد الأسماء والصفات:

والمسلم يؤمن بأن لله صفات عليا وأسماء حسنى، ذكر البعض منها في القرآن، وبعضها في الحديث، ولم نُخبر ببعضها، واستأثر الله بها في علمه، كما كان ( يقول في دعائه: (اللهمَّ إنِّي أسألكَ بكلِّ اسمٍ هو لكَ، سمَّيْتَ به نَفْسَكَ، أو أنزلتَهُ في كتابك، أو علَّمْتَهُ أحدًا من خَلْقِكَ، أو استأثرْتَ بهِ في علمِ الغيبِ عِنْدَكَ) [أحمد].

والمسلم يتعرف على أسماء الله ويدعوه بها، قال تعالى: قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيًا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى} [الإسراء: 110]. وقال: {ولله الأسماء الحسنى فادعوها بها} [الأعراف: 180].

وهذه الأسماء عددها تسعة وتسعون اسمًا، قال (: (إن لله تسعة وتسعين اسمًا مائة إلا واحدًا من أحصاها دخل الجنة) [متفق عليه]. وأسماء الله خاصة به فلا يسمى -سبحانه- إلا بما سمى به نفسه، ولا يوصف إلا بما وصف نفسه، أو وصفه رسول الله ( به، وهذه الأسماء هي: الرحمن، الرحيم، الملك، القدوس، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبار، المتكبر، الخالق، البارئ، المصور، الغفار، القهار، الوهاب، الرزاق، الفتاح، العليم، القابض، الباسط، الخافض، الرافع، الجامع، المعز، المذل، السميع، البصير، الحكم، العدل، اللطيف، الخبير، الحليم، العظيم، الغفور، الشكور، العلي، الكبير، الحفيظ، المقيت، الحسيب، الجليل، الكريم، الرقيب، المجيب، الواسع، الحكيم، الودود، المجيد، الباعث، الشهيد، الحق، الوكيل، القوي، المتين، الولي، الحميد، المحصي، المبدئ، المعيد، المحيي، المميت، الحي، القيوم، الواحد، الماجد، الواجد، الصمد، القادر، المقتدر، المقدم، المؤخر، الأول، الآخر، الظاهر، الباطن، الولي، المتعالي، البر، التواب، المنتقم، العفو، الرءوف، مالك الملك، ذو الجلال والإكرام، المقسط، الجامع، الغني، المغني، المانع، الضار، النافع، النور، الهادي، البديع، الباقي، الوارث، الرشيد، الصبور.

ولقد وردت آيات وأحاديث تضيف أسماء لله تعالى غير المذكورة من هذه الأسماء:

* عالم الغيب والشهادة، قال تعالى: {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدًا} [الجن: 26]. وقال: {عالم الغيب والشهادة وهو الحكيم الخبير} [الأنعام: 73].

* سريع الحساب، قال تعالى: {إن الله سريع الحساب} [إبراهيم:51].

* مقلب القلوب، فالمسلم يعلم أن قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، وكان النبي ( يدعو ويقول: (اللهمّ يا مقلِّبَ القلوبِ ثَبِّتْ قلوبَنَا على دِينِكَ)) [الترمذي وأحمد].

والمسلم دائمًا يطلب من ربه -عز وجل- الثبات على الإيمان: قال تعالى: {ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب} [آل عمران: 8].

* رفيع الدرجات، قال تعالى: {رفيع الدرجات ذو العرش يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق} [غافر: 15].

والرسول ( يقول: (إن اللَّهَ رفيقٌ يحبُّ الرفقَ، ويعطي عليه ما لا يُعْطِي على العُنْفِ) [مسلم]. وقال- أيضًا-: (إن اللَّهَ جميلٌ يحبُّ الجمالَ) [مسلم].

وقال: (إِنَّ اللَّهَ تعالى جَوَادٌ يحبُّ الجودَ، ويحبُّ معالي الأخلاقِ، ويكْرَهُ سِفاسفها)[البيهقي].وقال (إن الله -عز وجل- حليم حيي سِتِّيرٌ ، يحبُّ الحياءَ والسَّتْرَ) [أبو داود والنسائي وأحمد].

 إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الخامسة عشرة في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :3- توحيد الأسماء والصفات:

* والمسلم يؤمن بأسماء الله على الوجه الذي يرضاه الله -عز وجل-، فالله عليم لا يغيب عن علمه شيء في الأرض ولا في السماوات، وكل علم من علوم البشر إنما هو مستمدٌّ من علم الله الذي لا يحصيه أحد، وأن أسماءه هي على ما يليق بالله -جل وعلا- من معنى، {وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً} [الإسراء: 85].

صفات الله:

المسلم يؤمن بأن لله صفات عليا، كما أن له أسماء حسني، وأن هذه الصفات هي من لوازم ربوبيته وعظمة ألوهيته، والمسلم يعلم أن لهذه الأسماء إشراقة تظهر في القلوب، وهذه الصفات منها صفات كمال وصفات جلال، والبعض يقسم الصفات إلى صفات سلبية وصفات ثبوتية.

أما صفات الكمال -أو الصفات السلبية- فهي التي تنزه الله عن كل نقص لا يليق بجلاله وكماله، أو هي التي سلبت عنه ما لا يليق بكماله، وهي أبرز ما تكون في الأسماء التي ذكرت أضدادها مثل: الأول والآخر، والظاهر والباطن، والضار والنافع، والمعز والمذل، والعفو والمنتقم، والمحيي والمميت...

الأول: فالله سبحانه وتعالى أول بلا بداية، وجوده غير مسبوق بعدم، قال تعالى: {هو الأول والأخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم} [الحديد: 3].

وقال (: (كان الله ولم يكن شيء غيره، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء، وخلق السماوات والأرض..) [البخاري].

الآخر: فالله سبحانه لا آخر لوجوده، فهو الآخر بلا نهاية، لا يسبقه عدم ولا يلحقه فناء. قال تعالى: {كل شيء هالك إلا وجهه} [القصص: 88].

وقال تعالى: {كل من عليها فان. ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} [الرحمن: 26-27].

وقال (: (اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء) [مسلم].

* ليس كمثله شيء: بمعنى أنه لا يمكن أن يكون مشابهًا لشيء مما يخلق، قال تعالى: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} [الشورى: 11]. فالمسلم يعلم أن الله منزه عن مماثلة غيره، حي قيوم لا تأخذه سنة ولا نوم، وأن الكون بأرضه وسمائه وما فيهما وما بينهما ملك لله -عز وجل-، ولما سُئِلَ الرسول ( عن وصف الله، أنزل الله تعالى: {قل هو الله أحد. الله الصمد. لم يلد ولم يولد. ولم يكن له كفوًا أحد} * الأحد: أي أن الله واحد في ذاته وفي صفاته وفي أفعاله.

* وحدة الذات: تعني أن ذاته الكريمة ليست مركبة من أجزاء، وأنه واحد لا شريك له في ملكه، قال تعالى: {سبحانه هو الله الواحد القهار} [الزمر: 4].

* وحدة الصفات: تعني أنه ليس لأحد من خلقه صفة تشبه صفة من صفاته، وإذا كان فهي صفة محدودة بحدود الطاقة الإنسانية لا يتعداها، وإن أطلقت على الإنسان فلا تشابه بينها إلا في اللفظ، فمثلا يقال: إن فلانًا رحيم. هل معنى ذلك أن رحمته كرحمة الله، أو يقال عن فلان إنه كريم، فليس بحال أن يكون كرمه مثل كرم الله.

* وحدة الأفعال: تعني أن الله فعَّال لما يريد، وليس لأحد فعل يشبه فعله تعالى، فالله يفعل ما يشاء ويختار، ولا يحتاج إلى مزاولة الفعل، فهو خالق مبدع لكل شيء، قال تعالى: {وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون} [القصص: 68]. وقال: {فعال لما يريد} [البروج: 16].

* أما الصفات الثبوتية: هي ما أثبته الله -تعالى- لنفسه في كتابه، أو على لسان رسوله (، ومن هذه الصفات:

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة السادسة عشرة في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :3- توحيد الأسماء والصفات:

* القدرة: المسلم يؤمن بأن الله -سبحانه- قادر لا يعجزه شيء، وهذا الكون خير دليل على قدرته، وأنه سبحانه قادر على إيجاد كل شيء وإعدامه، وأنه صاحب القهر والسلطان، له الأمر في السماوات والأرض وبيده مقادير الكون كله.

قال تعالى: {ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب} [ق: 38]. وقال: {أو لم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة} [فصلت: 15].

* العلم: المسلم يؤمن بأن الله بكل شيء عليم، وأنه أحاط بكل شيء علمًا، سواء أكان هذا العلم في الماضي أو الحاضر أو المستقبل، فالزمن لا يؤثر في علم الله، لأن علمه لم يسبقه جهل، وعلمه سبحانه بالجزئيات كعلمه بالكليات، وهو سبحانه لا ينسى شيئًا أبدًا، ولقد جاء في القرآن الكريم على لسان سيدنا موسى -عليه السلام- قوله تعالى: {لا يضل ربي ولا ينسى} [طه: 52]، وقال تعالى: {وهو بكل شيء عليم} [الأنعام: 101].

وعلمه سبحانه محيط بالأشياء جميعًا، ولا تخفى عليه خافية في هذا الكون، قال تعالى: {وعنده مفاتيح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطبًا ولا يابس إلا في كتاب مبين} [الأنعام: 59].

وعلم الله قديم أزلي، يعلم الأشياء قبل وقوعها، ولا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، خلافًا لما يقوله بعض الجهلاء من أن الله لا يعلم الأشياء إلا بعد وقوعها: {كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبًا} [الكهف: 5].

* الإرادة: المسلم يؤمن بأن الله -عز وجل- يفعل في ملكه ما يشاء، فلا يقع في ملكه شيء إلا بقدرته وإرادته، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، فلا يحدث شيء في الكون كبيرًا كان أو صغيرًا إلا وفق مشيئته سبحانه. والمسلم يؤمن أن من إرادة الله ما يقع حتمًا، وهي إرادته إذا تعلقت بالأمور الكونية، قال تعالى: {فإذا قضى أمرًا فإنما يقول له كن فيكون} [غافر: 68].

ومنها ما جعل الله إرادة العبد شرطًا منه، كالتوبة مثلا، والله تعالى يقول: {والله يريد أن يتوب عليكم} [النساء: 27]. فالله -عز وجل- يريد للناس أن يتوبوا، ورغم هذا قد يتوب البعض دون البعض الآخر، لأن الله أراد أن يتوب الناس إليه ليتوب عليهم.

* الحياة: والمسلم يؤمن بأن الله حي لا يموت، وأن حياته لا تشبه حياة المخلوقين، فلا يقضي عليها بالفناء ولا يسبقها عدم. قال تعالى: {وتوكل على الحي الذي لا يموت} [الفرقان: 58] وقال: {هو الحي لا إله إلا هو فاعبدوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين} [غافر: 65].

* السمع: والمسلم يؤمن بأن الله سميع، وأن سمعه ليس كسمع المخلوقين، إنه يسمع الأصوات كلها في وقت واحد، فلا يخفى عليه شيء، ولا يحجبه عن الأصوات شيء. قال تعالى: {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع عليم بصير} وكان الرسول ( مع أصحابه في سفر، فكانوا يرفعون أصواتهم بالدعاء، فقال لهم النبي : (أيها الناس ارْبَعُوا على أنفسِكُمْ (ارفقوا بها)، إنَّكُم ليس تَدْعُونَ أَصَمَّ ولا غائبًا، إنَّكُم تَدْعُونَ سميعًا قريبًا وهو مَعكم) [مسلم].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة السابعة عشرة في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

3- توحيد الأسماء والصفات:

* البصر: المسلم يؤمن بأن الله بصير، ولكن بصره تعالى لا يشبه بصر المخلوقين، وهو سبحانه يرى كل شيء رؤية شاملة تستوعب كل المدركات، ولا يخفى على الله شيء وإن دق (صغر)، ولا يخفى عنه شيء وإن بعد، ولا يحجب عنه الرؤية حاجب، يقول تعالى: {لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير} [الأنعام: 103]. وقال سبحانه لموسى وهارون: {إني معكما أسمع وأرى}[طه: 46].

* الضحك: والمسلم يؤمن بصفات الله كلها، ومن هذه الصفات أن الله-عز وجل- متصف بصفة الضحك على الوجه الذي يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، فهو سبحانه: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} [الشورى: 11].

فالمسلم لا يشبِّه صفات الله بصفات المخلوقين، فضحك الله ليس كضحك المخلوقين، ولا يصف كيفية صفة ضحك الله -عز وجل-، ولا يبحث عن كيفيتها، ولكنه مع ذلك يؤمن بصفة الضحك لله.

فقد جاء رجل إلى الرسول ( يطلب طعامًا عندما أصابه الجهد من شدة الجوع، فأرسل الرسول إلى نسائه يسألهن عن طعام، فلم يجد، فقال لأصحابه: (من يضيِّفُ هذا؟). فقام أبو طلحة قال: أنا يا رسول الله. ثم ذهب به إلى بيته ولكنه لم يجد طعامًا غير طعام أطفاله الصغار، فقال أبو طلحة لزوجته: داعبي الأطفال ليناموا، حتى يأكل ضيف رسول الله (. ففعلت وأكل الضيف.

وبات أبو طلحة وزوجته جائعين حتى يكرما ضيف رسول الله (، وذهب أبو طلحة في الصباح إلى رسول الله ( فقال له الرسول (: (ضحك الله الليلة -أو عجب- من فعلكما)، أنزل الله -عز وجل-: {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة} [الحشر: 9].

* الغيرة: الله يغار عندما تُنتهك محارمه، ولذلك فقد حرم الله الفواحش، ونهى عنها. قال سعد بن عبادة: لو رأيت رجلاً مع امرأتي لضربتُه بالسيف. فبلغ ذلك النبي ( فقال: (تعجبون من غيرة سعد، والله لأنا أغير منه، والله أغير منِّي، ومن أجل غيرة الله، حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن..) [البخاري].

* رؤية المسلم: والمسلم يؤمن بأن المؤمنين سيرون الله -عز وجل- في الآخرة، قال الله تعالى: {وجوه يومئذ ناضرة . إلى ربها ناظرة} [القيامة: 22-23]. وقال (: (إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته..) [متفق عليه]. وقال (: (إنكم سترون ربكم عيانًا) [البخاري].

* الكلام: والمسلم يؤمن أن الله -عز وجل- يتكلم بكلام، لقوله تعالى: {وكلم الله موسى تكليمًا} [النساء: 164]، ولكنه لا يعلم كيفية هذا الكلام؛ لأن

الله -عز وجل- لم يخبرنا بها، ولكن المسلم يعلم أنه من أساليب خطاب الله للبشر أن يوحي إلى رسوله أو يكلمه من وراء حجاب. قال تعالى: {وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيًا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولاً فيوحي بإذنه ما يشاء} [الشورى: 51]. إن الله -عز وجل- سيكلم المؤمنين في الآخرة، وسيكلم الناس جميعًا ليس بينه وبينهم ترجمان.

والمسلم يؤمن بكل صفات الله الثابتة عنه، ويعلم أنه لا يجوز وصف الله -عز وجل- إلا بما وصف به نفسه، أو وصفه به الرسول (، كما يؤمن بصفات ذات الله كالحياة أو القدرة، ويؤمن أيضًا بصفات فعل الله كالإحياء والإماتة والرزق والخلق، كما يؤمن بكل صفة ثبتت عن الله -عز وجل، كاستوائه على العرش ومجيئه ونزوله، وأنه سبحانه له يد ووجه وقدم، على الوجه الذي يليق بجلاله وكماله، فلا يشبهه شيء.

فالمسلم يؤمن بهذه الصفات من غير تفكير في كيفيتها من حيث التجسيم أو التشبيه، فهو

 يؤمن مثلا بأن الله - عز وجل- له وجه لقوله تعالى: {إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى} [الليل: 20].

وقوله تعالى: {كل من عليها فان. ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} [الرحمن: 26-27].

ولكنه لا يزيد على ذلك، فلا يذكر كيفية لهذا الوجه ولا يجسمه، فالله تعالى أخبر أن له وجهًا، فالمسلم يؤمن بذلك ولا يزيد عليه، ويذكر أسماء الله وصفاته ويحبها، ويعلم أن محبة الله تأتي بمحبة أسمائه وكثرة ذكره.

وقد بعث النبي ( رجلا على سرية، وكان يقرأ لأصحابه في صلاته، فيختم بـ {قل هو الله أحد}فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي (، فقال: (سلوه لأي شيء يصنع ذلك؟) فسألوه فقال: لأنها صفة الرحمن وأنا أحب أن أقرأ بها. فقال (:(أخبروه أن الله يحبه) [متفق عليه].[الأنترنت – موقع موسوعة الأسرة المسلمة ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الثامنة عشرة في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي بعنوان :

  تفسير سورة الرحمن

قال المفسر على قوله تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * }

يخبر تعالى أن جميع أهل الأرض سيذهبون ويموتون أجمعون، وكذلك أهل السموات، إلا من شاء الله، ولا يبقى أحد سوى وجهه الكريم؛ فإن الرب -تعالى وتقدس- لا يموت، بل هو الحي الذي لا يموت أبداً.

قال قتادة: أنبأ بما خلق، ثم أنبأ أن ذلك كله فان.

وفي الدعاء المأثور: يا حي، يا قيوم، يا بديع السموات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، لا إله إلا أنت، برحمتك نستغيث، أصلح لنا شأننا كله، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، ولا إلى أحد من خلقك.

وقال الشعبي: إذا قرأت كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ، فلا

تسكت حتى تقرأ: وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ.

وهذه الآية كقوله تعالى: كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ [سورة القصص:88]، وقد نعت تعالى وجهه الكريم في هذه الآية الكريمة بأنه ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ أي: هو أهل أن يُجلّ فلا يعصى، وأن يطاع فلا يخالَف، كقوله: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ سورة الكهف:28، وكقوله إخباراً عن المتصدقين: إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ سورة الإنسان:9.قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ ذو العظمة والكبرياء.

ولما أخبر تعالى عن تساوي أهل الأرض كلهم في الوفاة، وأنهم سيصيرون إلى الدار الآخرة، فيحكم فيهم ذو الجلال والإكرام بحكمه العدل قال: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ.

علق الدكتور خالد السبت على تفسير ابن كثير فقال :

فقوله -تبارك وتعالى-: وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ، قوله: ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ عائد إلى وجه الرب -تبارك وتعالى- فهو موصوف بذلك، والحافظ ابن كثير -رحمه الله- يقول هنا: وقد نعت تعالى وجهه الكريم في هذه الآية بأنه ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ

قوله : ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ عائد إلى وجه الرب -تبارك وتعالى- فهو موصوف بذلك، والحافظ ابن كثير -رحمه الله- يقول هنا: وقد نعت تعالى وجهه الكريم في هذه الآية بأنه ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ

أي: هو أهل أن يُجلّ فلا يعصى وأن يطاع فلا يخالف، وهذا بمعنى أنه يكرم عن كل ما لا يليق به -سبحانه وتعالى-، يجل عن ذلك ويعظم، وبعضهم فسره بأنه يُكرِم أولياءه ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ أي: الإكرام لأوليائه، وعباده المتقين، وفي قراءة ابن مسعود -رضي الله تعالى عنه-: وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذي الْجَلالِ وَالإكْرَامِ فعلى هذه القراءة يكون ذي الْجَلالِ وَالإكْرَامِ عائداً إلى الرب -جل وعلا- فيكون ذلك تنزيهاً له عن كل ما لا يليق بجلاله وعظمته، فهو ذو العظمة والإكرام.

وقوله هنا في مناسبة ذِكر فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ بعد الفناء أن هذه الآية تتعلق بما قبلها وليس تكراراً محضاً، ووجه الارتباط أو وجه تعقيب الآيات السابقة بهذه الآية ظاهر حينما يذكر أموراً من نعمه -تبارك وتعالى: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ سورة الرحمن:19-20، فيعقب بقوله: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ووجه ذكر ذلك بعد ذكر الفناء للخلق ووجه النعمة هنا {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}، بأي نعم ربكما تكذبان؟ أجاب عنه الحافظ ابن كثير -رحمه الله- هنا: لما أخبر تعالى عن تساوي أهل الأرض كلهم في الوفاة وأنهم سيصيرون إلى الدار الآخرة فيحكم فيهم ذو الجلال والإكرام بحكمه العدل عقب بهذا التعقيب، بمعنى أنه سوى بينهم في الموت، ويصيرون إلى الدار الآخرة جميعاً فيحكم بين الظالم والمظلوم فلا يبقى أهل الجدة والغنى والسعة والقوة والاقتدار أحياء، ويموت الفقراء، لا يموت الضعيف ويبقى القوي، الجميع سيموتون، وهذا يكون سبباً لانتقالهم إلى دار النعيم وسبباً إلى حكم الله -عز و جل- الفصل العدل بينهم فيقتص للمظلوم من ظالمه، فهذا هو مراد ابن كثير -رحمه الله- ومن قال بهذا المعنى سوى بينهم في الموت، ومن أهل العلم من قال: لأن الموت سبب للانتقال إلى الآخرة فيعدل بينهم، والحافظ ابن كثير -رحمه الله- جمع بين القولين، وعبر بهذه العبارة، يعني هذا الذي ذكره الحافظ ابن كثير -رحمه الله- هما وجهان للعلماء في تعليل ذكر هذه الآية بعد ذكر الوفاة، وهذه عادته -رحمه الله- في هذا الكتاب يعبر بعبارات ضافية تشمل ما قاله أهل العلم في كثير من المواضع.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة التاسعة عشرة في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي بعنوان :

*" اسم الله الأعظم " في النصوص النبوية وأقوال أهل العلم

ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة ) ومنها اسم الله الأعظم الذي إذا دُعي به أجاب وإذا سُئل به أعطى .

أولاً: ورد في خصوص " اسم الله الأعظم " عدة أحاديث ، أشهرها :

1. عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( اسْمُ اللَّهِ الأَعظَمُ فِي سُوَرٍ مِنَ القُرآنِ ثَلَاثٍ : فِي " البَقَرَةِ " وَ " آلِ عِمرَانَ " وَ " طَهَ " ) .رواه ابن ماجه ( 3856 ) وحسَّنه الألباني في " صحيح ابن ماجه " .

2. عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا وَرَجُلٌ يُصَلِّي ثُمَّ دَعَا " اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْمَنَّانُ بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ " ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَقَدْ دَعَا اللَّهَ بِاسْمِهِ الْعَظِيمِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى ) .رواه الترمذي ( 3544 ) وأبو داود ( 1495 ) والنسائي ( 1300 ) وابن ماجه ( 3858 ) ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .

3. عن بُرَيْدَةَ بنِ الحُصَيْب أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ " اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ " ، فَقَالَ : ( لَقَدْ سَأَلْتَ اللَّهَ بِالِاسْمِ الَّذِي إِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى وَإِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ ) .رواه الترمذي ( 3475 ) وأبو داود ( 1493 ) وابن ماجه ( 3857 ) ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .قال الحافظ ابن حجر رحمه الله  :وهو أرجح من حيث السند من جميع ما ورد في ذلك ." فتح الباري " ( 11 / 225 ) .

4. عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ : ( وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ) ، وَفَاتِحَةِ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ ( الم . اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ) . رواه الترمذي ( 3478 ) وأبو داود ( 1496 ) وابن ماجه ( 3855 ) .والحديث ضعيف ، فيه عبيد الله بن أبي زياد وشهر بن حوشب ، وكلاهما ضعيف .

ثانياً: قد اختلف أهل العلم في " اسم الله الأعظم " من حيث وجوده على أقوال :

القول الأول :

إنكار وجوده أصلاً ! لاعتقادهم بعدم تفضيل اسم من أسماء الله تعالى على آخر ، وقد تأول هؤلاء الأحاديث الواردة السابقة فحملوها على وجوه :

الوجه الأول : من قال بأن معنى " الأعظم " هو " العظيم " وأنه لا تفاضل بين أسماء الله تعالى .

قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :

وقد أنكره قوم كأبي جعفر الطبري وأبي الحسن الأشعري وجماعة بعدهما كأبي حاتم بن حبان والقاضي أبي بكر الباقلاني فقالوا : لا يجوز تفضيل بعض الأسماء على بعض ، ونسب ذلك بعضُهم لمالك ؛ لكراهيته أن تعاد سورة أو تردد دون غيرها من السور لئلا يُظن أن بعض القرآن أفضل من بعض فيؤذن ذلك باعتقاد نقصان المفضول عن الأفضل ، وحملوا ما ورد من ذلك على أن المراد بالأعظم : العظيم ، وأن أسماء الله كلها عظيمة ، وعبارة أبي جعفر الطبري : " اختلفت الآثار في تعيين الاسم الأعظم والذي عندي : أن الأقوال كلها صحيحة إذ لم يرد في خبر منها أنه الاسم الأعظم ، ولا شيء أعظم منه " ، فكأنه يقول : كل اسم من أسمائه تعالى يجوز وصفه بكونه أعظم ، فيرجع إلى معنى عظيم كما تقدم . انتهى

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة العشرون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

*" اسم الله الأعظم " في النصوص النبوية وأقوال أهل العلم

الوجه الثاني : أن المراد بالأحاديث السابقة بيان مزيد ثواب من دعا بذلك الاسم .

قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :

وقال ابن حبان : الأعظمية الواردة في الأخبار : إنما يراد بها مزيد ثواب الداعي بذلك ، كما أطلق ذلك في القرآن ، والمراد به : مزيد ثواب القارئ .انتهى

الوجه الثالث : أن المراد بالاسم الأعظم حالة يكون عليها الداعي ، وهي تشمل كل من دعا الله تعالى بأي اسم من أسمائه ، إن كان على تلك الحال .

قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :

وقيل : المراد بالاسم الأعظم : كل اسم من أسماء الله تعالى دعا العبد به مستغرقاً بحيث لا يكون في فكره حالتئذ غير الله تعالى ، فإن من تأتَّى له ذلك : استجيب له ، ونقل معنى هذا عن جعفر الصادق ، وعن الجنيد ، وعن غيرهما . انتهى

القول الثاني : قول من قال بأن الله تعالى قد استأثر بعلم تحديد اسمه الأعظم ،وأنه لم يُطلع عليه أحداً من خلقه

قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :

وقال آخرون : استأثر الله تعالى بعلم الاسم الأعظم ولم يطلع عليه أحداً من خلقه .انتهى

ينظر: " فتح الباري " ، للحافظ ابن حجر ( 11 / 224 ) .

القول الثالث : قول من أثبت وجود اسم الله الأعظم وعيَّنه ، وقد اختلف هؤلاء المعينون في الاسم الأعظم

على أربعة عشر قولاً ! وقد ساقها الحافظ ابن حجر رحمه الله في كتابه " فتح الباري " ( 11 / 224 ، 225 ) وهي :

1. هو ! 2. الله 3. الله الرحمن الرحيم 4. الرحمن الرحيم الحي القيوم 5. الحي القيوم 6. الحنان المنان بديع السماوات والأرض ذو الجلال والاكرام الحي القيوم 7. بديع السماوات والأرض ذو الجلال والاكرام 8. ذو الجلال والإكرام 9. الله لا إله إلا هو الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد 10. رب رب 11. دعوة ذي النون في بطن الحوت " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " 12. هو الله الله الله الذي لا إله إلا هو رب العرش العظيم 13. هو مخفي في الأسماء الحسنى 14. كلمة التوحيد " لا إله إلا الله " .

قال الشيخ الألباني رحمه الله :

واعلم أن العلماء اختلفوا في تعيين اسم الله الأعظم على أربعة عشر قولاً ، ساقها الحافظ في " الفتح " ، وذكر لكل قول دليله ، وأكثر أدلتها من الأحاديث ، وبعضها مجرد رأي لا يلتفت إليه ، مثل القول الثاني عشر ؛ فإن دليله : أن فلاناً سأل الله أن يعلِّمه الاسم الأعظم ، فرأى في النوم ؛ هو الله ،الله ، الله، الذي لا إله إلا هو رب العرش العظيم !! .

وتلك الأحاديث منها الصحيح ، ولكنه ليس صريح الدلالة ، ومنها الموقوف كهذا ، ومنها الصريح الدلالة ؛ وهو قسمان :

قسم صحيح صريح ، وهو حديث بريدة : ( الله لا إله إلا هو الأحد الصمد الذي لم يلد ... ) إلخ ، وقال الحافظ : " وهو أرجح من حيث السند من جميع ما ورد في ذلك " ، وهو كما قال رحمه الله ، وأقره الشوكاني في " تحفة الذاكرين " ( ص 52 ) ، وهو مخرج في " صحيح أبي داود " ( 1341 ) .

والقسم الآخر : صريح غير صحيح ، بعضه مما صرح الحافظ بضعفه ؛ كحديث القول الثالث عن عائشة في ابن ماجه ( 3859 ) ، وهو في " ضعيف ابن ماجه " رقم ( 841 ) ، وبعضه مما سكت عنه فلم يحسن ! كحديث القول الثامن من حديث معاذ بن جبل في الترمذي ، وهو مخرج في " الضعيفة " برقم ( 4520 ) .

وهناك أحاديث أخرى صريحة لم يتعرض الحافظ لذكرها ، ولكنها واهية ، وهي مخرجة هناك برقم ( 2772 و 2773 و 2775 ) ." سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة " ( 13 / 279 ) .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الواحدة والعشرون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :*" اسم الله الأعظم " في النصوص النبوية وأقوال أهل العلم

ثالثاً: لعل ألأقرب من تلك الأقوال أن الاسم الأعظم هو " الله " ؛ فهو الاسم الجامع لله تعالى الذي يدل على جميع أسمائه وصفاته تعالى ، وهو اسم لم يُطلق على أحد غير الله تعالى ، وعلى هذا أكثر أهل العلم .

1. قال ابن القيم – رحمه الله - :

اسم " الله " دالٌّ على جميع الأسماء الحسنى والصفات العليا بالدلالات الثلاث ... ." مدارج السالكين " ( 1 / 32 ) . والدلالات الثلاث هي : المطابقة والتضمن واللزوم .

2. وقال ابن أمير حاج الحنفي – رحمه الله - :

عن محمد بن الحسن قال : سمعتُ أبا حنيفة رحمه الله يقول : اسم الله الأعظم هو " الله " , وبه قال الطحاوي وكثير من العلماء ,وأكثر العارفين . وفي التقرير والتحبير ( 1 / 5 ) .

3. وقال أبو البقاء الفتوحي الحنبلي – رحمه الله - :

 فائدتان :الأولى : أن اسم " الله " علم للذات , ومختص به , فيعم جميع أسمائه الحسنى .

الثانية : أنه اسم الله الأعظم عند أكثر أهل العلم الذي هو متصف بجميع المحامد ." شرح الكوكب المنير " ( ص 4 ) .

4. وقال الشربيني الشافعي – رحمه الله - :

وعند المحققين أنه اسم الله الأعظم ، وقد ذكر في القرآن العزيز في ألفين وثلثمائة وستين موضعاً ." مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج " ( 1 / 88 ، 89 ) .

5. وقال الشيخ عمر الأشقر – رحمه الله - :

والذي يظهر من المقارنة بين النصوص التي ورد فيها اسم الله الأعظم أنّه : ( الله ) ، فهذا الاسم هو الاسم الوحيد الذي يوجد في جميع النصوص التي قال الرسول صلى الله عليه وسلم إنّ اسم الله الأعظم ورد فيها .

ومما يُرجِّح أن ( الله ) هو الاسم الأعظم أنه تكرر في القرآن الكريم ( 2697 ) سبعاً وتسعين وستمائة وألفين - حسب إحصاء المعجم المفهرس - وورد بلفظ ( اللهم ) خمس مرات ، في حين أنّ اسماً آخر مما يختص بالله تعالى وهو ( الرحمن ) لم يرد ذكره إلا سبعاً وخمسين مرة ، ويرجحه أيضاً : ما تضمنه هذا الاسم من المعاني العظيمة الكثيرة .

" العقيدة في الله " ( ص 213 ) .ويأتي في الدرجة الثانية من القوة في كونه اسم الله الأعظم " الحي القيوم " ، وهو قول طائفة من العلماء ، ومنهم النووي ، ورجحه الشيخ العثيمين رحمه الله . [الأنترنت - موقع الإسلام سؤال وجواب – المنجد]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الثانية والعشرون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي بعنوان :

*سر لطيف في سورة الرحمن

  دعونا نتأمل هذه السورة الكريمة وكيف تأتي آية (فبأي آلاء ربكما تكذبان)

بنظام يتناسب مع الحديث عن الجنة وعن النار.. مرة سبع مرات ومرة ثماني مرات....

الآية الأكثر تكراراً في القرآن هي قوله تعالى (فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) حيث تكررت 31 مرة.. وفي بحث سابق رأينا معجزة تسلسل هذه الآيات في سورة الرحمن.. واليوم دعونا نتأمل ظاهرة جديدة تتجلى في هذه السورة العظيمة.

عندما ننظر إلى السورة نظرة عميقة نلاحظ أن هذه السورة تتحدث عن أربع مواضيع أساسية وهي:

1- النص الأول: ويتضمن الحديث عن حقائق تتعلق بخلق الإنسان والنجم والشمس والقمر والعدل وعن نعم الله تعالى في الأرض والنبات والبحار والخلق: (وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ (10) فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ (11) وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ (12) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (13) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ (14) وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ (15) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (16) رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ (17) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (18) مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ (20) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (21) يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ (22) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (23) وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآَتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ (24) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (25) كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (28) يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ (29) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (30)) [الرحمن: 1-30]..

وفي هذا النص نرى الآية الكريمة فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ  قد تكررت 8 مرات... والحديث هنا عن نعم الله تعالى.

2- النص الثاني: ويتضمن الحديث عن عذاب النار وذكر النار والشواظ وانشقاق السماء يوم القيامة: (سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ (31) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (32) يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ (33) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (34) يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ (35) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (36) فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ (37) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (38) فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ (39) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (40) يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ (41) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (42) هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ (43) يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آَنٍ (44) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (45)) [الرحمن: 31-45].

وفي هذا النص نرى الآية الكريمة فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ  قد تكررت 7 مرات.

3- النص الثالث: ويتحدث عن الجنتين وصفاتهما يوم القيامة: (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (47) ذَوَاتَا أَفْنَانٍ (48) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (49) فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ (50) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (51) فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ (52) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (53) مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ (54) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (55) فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (56) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (57) كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ (58) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (59) هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (60) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (61)) [الرحمن: 46-61].

وفي هذا النص نرى الآية الكريمة فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ  قد تكررت 8 مرات، والحديث عن أهل الجنة.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الثالثة والعشرون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :*سر لطيف في سورة الرحمن

4- النص الرابع: ويتكرر الحديث عن جنتين وصفاتهما وحديث عن أهل الجنة: (وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ (62) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (63) مُدْهَامَّتَانِ (64) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (65) فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ (66) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (67) فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (68) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (69) فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ (70) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (71) حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (72) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (73) لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (74) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (75) مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ (76) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (77) تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (78)) [الرحمن: 62-78].

وفي هذا النص نرى الآية الكريمة فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا

تُكَذِّبَانِ  قد تكررت 8 مرات، والحديث فيه عن الجنة.

سر الإعجاز في هذا الترتيب

وردت آية {فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ }في النص الأول 8 مرات ، وفي النص الثاني 7 مرات أما في النص الثالث والرابع فقد تكررت الآية الكريمة 8 مرات.. لماذا هذين العددين 7 و 8 ولماذا يستخدم الرقم 7 مع النار أما الرقم 8 مع الجنة؟

العجيب أن الذي يدقق في آيات القرآن يرى بأن عدد أبواب الجنة ثمانية.. ولذلك النصوص التي تحدثت عن الجنة ونعيمها سواء في الدنيا (كما في النص الأول) أو في الآخرة (كما في النصين الأخيرين) تتكرر آية فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ 8 مرات بعدد أبواب الجنة!!

ولكن النص الوحيد الذي يتحدث عن النار والعذاب يوم القيامة أو في الدنيا فإن آية فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ تكررت تماماً 7 مرات بعدد أبوا النار!!!

ويكفي أن نتساءل: هل هذه مصادفة؟! [الأنترنت – موقع موسوعة الكحيل للإعجاز العلمي - بقلم عبد الدائم الكحيل]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الرابعة والعشرون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي بعنوان :

*الاعجاز العددي في القرآن الكريم: الظاهرة الزوجية في سورة ( الرحمن )

إن سورة الرحمن في القرآن الكريم تمتاز بظاهرة بيانية وبلاغية وعددية اعجازية متفردة ومتميزة عن بقية سوره وهي الظاهرة الزوجية والمتمثلة بالمحاور  الآتية :

1- عدد آياتها (78) آية وهو من الارقام الزوجية و يتألف من عددين

2- ترتيب السورة في القرآن الكريم ( 55 ) وهو رقم يتألف من عددين متماثلين .

3- قوله تعالى : (فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ  ) قد تكرر 31 مرة في هذه السورة ! ولم ترد هذه الآية  إلا في هذه السورة والتي تتميز بها عن بقية سور القرآن الكريم في نصها وفي تكرارها والخطاب فيها موجه الى الانس والجان من قبل رب العالمين وهما مخلوقان مكلفان والخطاب موجه اليهما (رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) وهذه ظاهرة زوجية ايضا .

4-  وهذه الآية (فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) تتألف من أربع كلمات ( عدد زوجي )  وعدد حروفها 20 حرفا ً (حسب الرسم القرآني للمصحف الشريف ) وهو عدد زوجي أيضا ! .

5- و قد تكررت هذه الآية في المواقع الرقمية التالية من السورة (وحسب ترتيب ورودها فيها) وجميع ارقامها زوجية (يتألف من عددين ) وكالآتي :

13   16   18  21  23   25   28   30   32   34   36   38  40  42  45     47  49  51  53  55   57   59  61  63  65  67   69  71  73   75  77

 6- فضلا عن ذلك  فان هناك ظاهرة زوجية رائعة اخرى تشمل معظم بقية آياتها الكريمة ان لم نقل جميعا  ! إذ  ان في كل آيه في هذه السورة ظاهرة زوجية تتمثل في ذكر بعض الاسماء و المسميات و الاوصاف المتماثله لفظا او معنى تكرارا مرتين (التطابق اللفظي او المعنوي) او من كلمة واحدة وفيها مايفيد الزوجية ايضا في ذكر ذلك الشيئ وكما يأتي حسب ترتيب ورودها في السورة موضوعة البحث وذلك في قوله تعالى :

- ( الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ  ) 5 , الشمس والقمر .

- (وَالسَّمَاء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ ) 7 , رفعها ووضع ( الرفع والوضع )

- (وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ ) 9 , القسط والميزان .

-  ( وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ) 6 ,النجم والشجر

- ( فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ) 11, الفاكهة والنخل

- (وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ)12, العصف والريحان

- (  خَلَقَ الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ  , وَخَلَقَ الْجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ   )  14-15 الانسان ( من صلصال كالفخار ) والجان ( من مارج من نار ) وكلا الآيتين تتألف من 5 كلمات ( التناسق العددي )

-(رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ) 17,المشرقين والمغربين

- ( مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ) 19 ,  البحرين ،يلتقيان

- (  بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ  ) 20 , بينهما , لا بيغيان

- ( يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ ) 22, اللؤلؤ والمرجان

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الخامسة والعشرون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :*الاعجاز العددي في القرآن الكريم: الظاهرة الزوجية في سورة ( الرحمن )

- ( وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ) 27 , ذو الجلال والاكرام

- ( يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ) 29 , السماوات والارض

- (سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ  ) 31 , الثقلان ( وهما الانس والجن )

  - (  يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ  ) 30 , الجن والانس -   السماوات والارض .

- ( يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنتَصِرَانِ ) 35 , نار ونحاس

- ( فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلَا جَانٌّ ) 39 , انس و جان

- ( يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ ) 41 , النواصي والاقدام

- ( يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ ) 44 , بينها وبين

- ( وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ  ) 46 , جنتان

- ( ذَوَاتَا أَفْنَانٍ  ) 48 , ذواتا

- ( فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ  ) 50 عينان تجريان

- ( فِيهِمَا مِن كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ ) 52 ,فيهما , زوجان

- (مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ ) 54 , الجنتين

- (فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ  ) 56 , انس  وجان

- (كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ ) 58 , الياقوت والمرجان

- ( هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ  ) 60 , الاحسان, الاحسان

- ( وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ ) 62 , دونهما جنتان

- ( مُدْهَامَّتَانِ  ) 64 , مدهامتان

- ( فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ  ) 66 , عينان , نضاختان

- ( فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ  ) 68 , فيهما , نخل ورمان

- ( فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ  ) 70 , خيرات , حسان

- ( لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ) 74 , انس و جان

- (  مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ  ) 76 , رفرف خضر, وعبقريٌ حسان

- (  تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ) 78 , ذي الجلال والاكرام  .

إن هذه المنظومة الثنائية والظاهرة الزوجية في هذه السورة المباركة تشكل تصوير فني وبلاغي بياني رائعين وكانها لوحة فنية ومصفوفة متناسقة غاية في الروعه و الجمال وقد نسجت بدقة وإتقان بالغين.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة السادسة والعشرون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : :*الاعجاز العددي في القرآن الكريم: الظاهرة الزوجية في سورة ( الرحمن )

7- ومن أهم ما تمتاز به هذه السورة عن بقية اخواتها من سور القرآن الكريم ( حيث أن لكل سورة ما يميزها )  فضلا عن المنظومة الثنائية والظاهرة الزوجية المذكورة اعلاه هو انها السورة الوحيدة في القرآن الكريم التي تبدأ بذكر (الرَّحْمَنُ) الذي هو من أسماء الله الحسنى الخاصة به، بمعنى أنه رحمن في ذاته ، مثل لفظ الجلالة ( الله ) سبحانه وتعالى حيث لايجوز لأحد أن يلقب نفسه به كونه من أسماء الذات .

8- وكذلك  تتميز هذه السورة بتقديم العلم على الخلق

 بقوله تعالى :(عَلَّمَ الْقُرْآنَ , خَلَقَ الْإِنسَانَ ) الرحمن: 2-3 , وذلك لشرف العلم وافضليته وأهميته بالرغم من أن خلق الانسان كان أولا ويسبق عملية التعليم , ولكن ذكر قبلا من باب التشريف والتكريم .

 ثم اتبعه بقوله تعالى (عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ) الرحمن:4 , أي اعطاه  المقدرة على الكلام وفهمه والنطق والتعبير والتي لا يملكها من بقية المخلوقات الا هذا الانسان المكلف , ليدرك ما حوله ويفهم المراد منه خاصة التوجيهات الإلهية التي جاءت بها الرسل والكتب السماوية لتحقيق سعادته في الدنيا والاخرة . وكذلك للحصول على العلوم والمعارف التى ينتظم بها الكون من حوله ليفهم نواميس الطبيعة وقوانينها التى خلقها الله من اجله وسخرها له .

9- وكل آية من هذه الآيات الثلاث في صدر وبداية هذه السورة تتألف من كلمتين اثنتين :(عَلَّمَ الْقُرْآنَ , خَلَقَ الْإِنسَانَ , عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ) الرحمن : 2-4 وتتمثل فيها هذه المنظومة الثنائية والظاهرة الزوجية على مستوى عدد الكلمات ! وكأنها شعار زوجي آخر  يتصدر هذه السورة  لاعطائها هذه الصفة ! هذا وهناك آية آخرى واحده فقط في هذه السورة تتالف من كلمتين ايضاً وهي قوله تعالى : ( ذَوَاتَا أَفْنَانٍ  )الرحمن 48 , ورقم هذه الآية يتألف من عددين زوجيين هما  ( 8-4 ) . فكأنها تكمل بذلك هذه المصفوفة الثنائية الرائعة مع أخواتها الآيات الثلاث المذكورة أعلاه . فيصبحن اربع آيات كل منها تتألف من كلمتين.

10- وأخيرا ( وليس آخرا  إذ أن القرآن الكريم لا تنقضي عجائبه ! ) ففي هذه السورة آية متفردة عن جميع آيات هذا الكتاب المبارك والتي تبرز فيها الظاهرة الزوجية والمنظومة الثنائية بكل معانيها البلاغية والبيانية والعددية الزوجية وكأنها خلاصة لكل هذه المعاني المذكورة في سورة الرحمن وهي قوله تعالى: ( مُدْهَامَّتَانِ  ) الرحمن :64 حيث تنفرد بالمؤشرات الزوجيه التالية :

 أ‌- بلاغياً : (مدهامتان) أي الجنتان شديدتا الخضرة ( وفيها المعنى الزوجي أيضا ).

ب‌- عدديا: إنها الآية الوحيدة في القرآن الكريم التي تتألف من كلمة واحدة  فقط وتشمل أعلى عدد من الحروف وهو 8 أحرف وهذا العدد زوجي أيضاً. كذلك فإن رقم هذه الآية هو 64 وهذا الرقم زوجي يتألف من عددين زوجيين هما ( 4-6 ) وهذا الرقم هو من مضاعفات العدد 8 حيث أن 8x8=64

فبذلك يتحقق هذا التناسق العددي الزوجي ذو الابعاد الثنائية على مستوى هذه الآية وهذه السورة في آن واحد والله أعلم بمراده .

[الأنترنت – موقع  من الاعجاز العددي في القرآن الكريم: الظاهرة الزوجية في سورة ( الرحمن ) د. محمد جميل الحبّال]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة السابعة والعشرون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :*ألِظُّوا بـيَا ذا الجَلاَلِ والإكْرامِ

يقول  في سورة الرحمن : كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27). ويقول : تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (78).

 ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ  أي: ذو العظمة والكبرياء والمجدالذي يعظم ويبجل ويجل لأجله ، والإكرام الذي هو سعة الفضل والجود.تفسير ابن سعدي

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ  قَالَ : قَالَ رسُولُ الله : ألِظُّوا بـ " يَا ذا الجَلاَلِ والإكْرامِ ". رواه الترمذي ، ورواه النسائي من رواية ربيعة بن عامِرٍ الصحابي ، قَالَ الحاكم : (( حديث صحيح الإسناد )) .

ألِظُّوا: يقال ألظ بالشيء يلظ إلظاظا إذا لزمه وثابر عليه كذا في النهاية

ومعناه : الزَمُوا هذِهِ الدَّعْوَةَ وأكْثِرُوا مِنْهَا وداوموا عليها.

وفي صحيح مسلم عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ  إِذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلاَتِهِ اسْتَغْفَرَ ثَلاَثًا وَقَالَ « اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلاَمُ وَمِنْكَ السَّلاَمُ تَبَارَكْتَ ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ ». قَالَ الْوَلِيدُ فَقُلْتُ لِلأَوْزَاعِىِّ - وَهُوَ أحَدُ رواة الحديث كَيْفَ الاِسْتِغْفَارُ قَالَ تَقُولُ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ.

وَفِى رِوَايَةِ ابْنِ نُمَيْرٍ « يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ ».

وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا يَعْنِي وَرَجُلٌ قَائِمٌ يُصَلِّي فَلَمَّا رَكَعَ وَسَجَدَ وَتَشَهَّدَ دَعَا فَقَالَ فِي دُعَائِهِ « اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْمَنَّانُ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ إِنِّي أَسْأَلُكَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ تَدْرُونَ بِمَا دَعَا قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ دَعَا اللَّهَ بِاسْمِهِ الْعَظِيمِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى » . النسائي وقال الشيخ الألباني : صحيح

وعن معاذ بن جبل قال سمع النبي صلى الله عليه و سلم رجلا يدعو يقول اللهم إني أسألك تمام النعمة فقال أي شيء تمام النعمة ؟ قال دعوة دعوت بها أرجو بها الخير قال فإن من تمام النعمة دخول الجنة والفوز من النار وسمع رجلا وهو يقول يا ذا الجلال والإكرام قال: استجيب لك فسل وسمع النبي صلى الله عليه و سلم رجلا وهو يقول اللهم إني أسألك الصبر فقال سألت

الله البلاء فسله العافية . رواه الترمذي وقال حديث حسن

استجيب لك فسل : أي ما تريد وفيه دليل على أن استفتاح الدعاء بقوله الداعي يا ذا الجلال والإكرام يكون سببا في الإجابة وفضل الله واسع . [الأنترنت – موقع ملتقى أهل التفسير- عبدالله الراشدي]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الثامنة والعشرون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي بعنوان :

*ماقاله الرازي على الآية {ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام}  : وفيه مسائل :

المسألة الأولى : الوجه يطلق على الذات والمجسم يحمل الوجه على العضو وهو خلاف العقل والنقل أعني القرآن ؛ لأن قوله تعالى : ( كل شيء هالك إلا وجهه ) [ القصص : 88 ] يدل على أنه لا يبقى إلا وجه الله تعالى ، فعلى القول الحق لا إشكال فيه لأن المعنى لا يبقى غير حقيقة الله أو غير ذات الله شيء وهو كذلك ، وعلى قول المجسم يلزم أن لا تبقى يده التي أثبتها ورجله التي قال بها ، لا يقال : فعلى قولكم أيضا يلزم أن لا يبقى علم الله ولا قدرة الله ، لأن الوجه جعلتموه ذاتا ، والذات غير الصفات فإذا قلت : كل شيء هالك إلا حقيقة الله ، خرجت الصفات عنها ، فيكون قولكم نفيا للصفات .

نقول : الجواب عنه بالعقل والنقل ، أما النقل فذلك

أمر يذكر في غير هذا الموضع ، وأما العقل فهو أن قول القائل : لم يبق لفلان إلا ثوب يتناول الثوب وما قام به من اللون والطول والعرض ، وإذا قال : لم يبق إلا كمه لا يدل على بقاء جيبه وذيله ، فكذلك قولنا : يبقى ذات الله تعالى يتناول صفاته ، وإذا قلتم : لا يبقى غير

 وجهه بمعنى العضو يلزمه أن لا تبقى يده .

المسألة الثانية : فما السبب في حسن إطلاق لفظ الوجه على الذات ؟ نقول : إنه مأخوذ من عرف الناس ، [ ص: 94 ] فإن الوجه يستعمل في العرف لحقيقة الإنسان ، ألا ترى أن الإنسان إذا رأى وجه غيره يقول : رأيته ، وإذا رأى غير الوجه من اليد والرجل مثلا لا يقول رأيته ، وذلك لأن اطلاع الإنسان على حقائق الأشياء في أكثر الأمر يحصل بالحس ، فإن الإنسان إذا رأى شيئا علم منه ما لم يكن يعلم حال غيبته ، لأن الحس لا يتعلق بجميع المرئي وإنما يتعلق ببعضه ، ثم إن الحس يدرك والحدس يحكم ، فإذا رأى شيئا بحسه يحكم عليه بأمر بحدسه ، لكن الإنسان اجتمع في وجهه أعضاء كثيرة كل واحد يدل على أمر ، فإذا رأى الإنسان وجه الإنسان حكم عليه بأحكام ما كان يحكم بها لولا رؤيته وجهه ، فكان أدل على حقيقة الإنسان وأحكامه من غيره ، فاستعمل الوجه في الحقيقة في الإنسان ثم نقل إلى غيره من الأجسام ، ثم نقل إلى ما ليس بجسم ، يقال في الكلام هذا وجه حسن وهذا وجه ضعيف ، وقول من قال : إن الوجه من المواجهة كما هو المسطور في البعض من الكتب الفقهية ، فليس بشيء إذ الأمر على العكس ، لأن الفعل من المصدر والمصدر من الاسم الأصلي وإن كان بالنقل ، فالوجه أول ما وضع للعضو ثم استعمل واشتق منه غيره ، ويعرف ذلك العارف بالتصريف البارع في الأدب .

المسألة الثالثة : لو قال : ويبقى ربك أو الله أو غيره فحصلت الفائدة من غير وقوع في توهم ما هو ابتداع ، نقول : ما كان يقوم مقام الوجه لفظ آخر ولا وجه فيه إلا ما قاله الله تعالى ، وذلك لأن سائر الأسماء المعروفة لله تعالى أسماء الفاعل كالرب والخالق ، والله عند البعض بمعنى المعبود ، فلو قال : ويبقى ربك ربك ، وقولنا : ربك معنيان عند الاستعمال أحدهما أن يقال : شيء من كل ربك ، ثانيهما أن يقال : يبقى ربك مع أنه حالة البقاء ربك فيكون المربوب في ذلك الوقت ، وكذلك لو قال : يبقى الخالق والرازق وغيرهما .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة التاسعة والعشرون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

 تفسير الآية {ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام}  قال الرازي : وفيه مسائل :

المسألة الرابعة : ما الحكمة في لفظ الرب وإضافة الوجه إليه ، وقال في موضع آخر : ( فأينما تولوا فثم وجه الله ) [ البقرة : 115 ] وقال : ( يريدون وجه الله ) [ الروم : 38 ] ؟ نقول : المراد في الموضعين المذكورين هو العبادة . أما قوله : ( فثم وجه الله ) فظاهر لأن المذكور هناك الصلاة ، وأما قوله : ( يريدون وجه الله ) فالمذكور هو الزكاة ، قال تعالى من قبل : ( فآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ) [ الروم : 38 ] ( ذلك خير للذين يريدون وجه الله ) ولفظ الله يدل على العبادة ، لأن الله هو المعبود ، والمذكور في هذا الموضع النعم التي بها تربية الإنسان فقال :( وجه ربك )

المسألة الخامسة : الخطاب بقوله : ( ربك ) مع من ؟ نقول : الظاهر أنه مع كل أحد كأنه يقول : ويبقى وجه ربك أيها السامع ، ويحتمل أن يكون الخطاب مع محمد صلى الله عليه وسلم ، فإن قيل : فكيف قال : ( فبأي آلاء ربكما تكذبان ) خطابا مع الاثنين ، وقال : ( وجه ربك ) خطابا مع الواحد ؟ نقول : عند قوله : ( ويبقى وجه ربك ) وقعت الإشارة إلى فناء كل أحد ، وبقاء الله فقال ( وجه ربك ) أي أيها السامع فلا تلتفت إلى أحد غير الله تعالى ، فإن كل من عداه فان ، والمخاطب كثيرا ما يخرج عن الإرادة في الكلام ، فإنك إذا قلت : لمن يشكو إليك من أهل موضع سأعاقب لأجلك كل من في ذلك الموضع . يخرج المخاطب عن الوعيد ، وإن كان من أهل الموضع فقال : ( ويبقى وجه ربك ) ليعلم كل أحد أن غيره فان ، ولو قال : وجه ربكما لكان كل واحد يخرج نفسه ورفيقه المخاطب من الفناء ، فإن قلت : لو قال " ويبقى وجه الرب " من غير خطاب كان أدل على فناء الكل ؟ نقول : كأن الخطاب في الرب إشارة إلى اللطف والإبقاء إشارة إلى القهر ، والموضع موضع بيان اللطف [ ص: 95 ] وتعديد النعم ، فلو قال : بلفظ الرب لم يدل عليه الخطاب ، وفي لفظ الرب عادة جارية وهي أنه لا يترك استعماله مع الإضافة . فالعبد يقول لي : ربنا اغفر لنا ، ورب اغفر لي ، والله تعالى يقول : ( ربكم ورب آبائكم ) [ الشعراء : 26 ] و ( رب العالمين ) [ الأنعام : 45 ] وحيث ترك الإضافة ذكره مع صفة أخرى من أوصاف اللفظ ، حيث قال تعالى : ( بلدة طيبة ورب غفور ) [ سبأ : 15 ] وقال تعالى : ( سلام قولا من رب رحيم ) [ يس : 58 ] ولفظ الرب يحتمل أن يكون مصدرا بمعنى التربية ، يقال : ربه يربه ربا مثل رباه يربيه ، ويحتمل أن يكون وصفا من الرب الذي هو مصدر بمعنى الراب كالطب للطبيب ، والسمع للحاسة ، والبخل للبخيل ، وأمثال ذلك لكن من باب فعل ، وعلى هذا فيكون كأنه فعل من باب فعل يفعل أي فعل الذي للغريزي كما يقال فيما إذا قلنا : فلان أعلم وأحكم ، فكان وصفا له من باب فعل اللازم ليخرج عن التعدي .

المسألة السادسة : ( الجلال ) إشارة إلى كل صفة من باب النفي ، كقولنا : الله ليس بجسم ولا جوهر ولا عرض ، ولهذا يقال : جل أن يكون محتاجا ، وجل أن يكون عاجزا ، والتحقيق فيه أن الجلال هو بمعنى العظمة غير أن العظمة أصلها في القوة ، والجلال في الفعل ، فهو عظيم لا يسعه عقل ضعيف ، فجل أن يسعه كل فرض معقول : (والإكرام ) إشارة إلى كل صفة هي من باب الإثبات ، كقولنا : حي قادر عالم ، وأما السميع والبصير فإنهما من باب الإثبات كذلك عند أهل السنة ، وعند المعتزلة من باب النفي ، وصفات باب النفي قبل صفات باب الإثبات عندنا ، لأنا أولا نجد الدليل وهو العالم فنقول : العالم محتاج إلى شيء وذلك الشيء ليس مثل العالم فليس بمحدث ولا محتاج ، ولا ممكن ، ثم نثبت له القدرة والعلم وغيرهما ، ومن هنا قال تعالى لعباده : ( لا إله إلا الله ) [ الصافات : 35 ] وقال صلى الله عليه وسلم : أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ونفي الإلهية عن غير الله ، نفي صفات غير الله عن الله ، فإنك إذا قلت : الجسم ليس بإله لزم منه قولك : الله ليس بجسم و ( الجلال والإكرام ) وصفان مرتبان على أمرين سابقين ، فالجلال مرتب على فناء الغير والإكرام على بقائه تعالى ، فيبقى الفرد وقد عز أن يحد أمره بفناء من عداه وما عداه ، ويبقى وهو مكرم قادر عالم فيوجد بعد فنائهم من يريد . وقرئ : " ذو الجلال " ، و " ذي الجلال " [ الأنترنت – موقع التفسير الكبير - الإمام فخر الدين الرازي  سورة الرحمن   » قوله تعالى {ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام}]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الثلاثون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي بعنوان :*روائع الجمال

نظريةُ المعرفةِ والعلمِ بين معقولةٍ، وغير معقولةالانسجام بين مصادر المعرفة والعلم نظريةُ المعرفةِ والعلمِ عند ابن حزم والفلسفةِ الحديثةاللهم هداية توفيق وإعانة وعصمةبَيْنَ الْيَقِيْنِ والْعِلْمِ اليقينُ ضرورةُ حِسٍّ وعقلٍ وشرعٍ ، وليس هو اختيارياًاليقينُ الذي هو في عُرْفِ الخواجات (دِيْغْمائيةٌ): ليس هو ادِّعاءً بإطلاقٍ - عفا الله عنه -

نظريةُ المعرفةِ والعلمِ بين معقولةٍ، وغير معقولة

الانسجام بين مصادر المعرفة والعلم

نظريةُ المعرفةِ والعلمِ عند ابن حزم والفلسفةِ الحد

اللهم هداية توفيق وإعانة وعصمة بَيْنَ الْيَقِيْنِ والْعِلْمِ

قال أبو عبدالرحمن: لا قيمة لـ(العقل الجمالي) إلا أن يكون جلالا وكمالا؛ فالبداية من الرب الكريم؛ فإنه جميل يحب الجمال؛ ولن يحب ربنا سبحانه وتعالى إلا ما فيه صلاح البلاد والعباد؛ لأنه رؤوف بمخلوقاته؛ وبذلك تواترت النصوص من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وورد النص الشرعي بأن الله ذو الجلال والإكرام، وذو الجلال جليل بالضرورة اللغوية؛ ولا خلاف في ثبوت النص الشرعي بأن الله ذو الجلال والإكرام؛ وإنما الخلاف في الإلظاظ بهما في حديث: ألظوا بـ (ياذا الجلال والإكرام)؛ فهذا الحديث فيه ضعف؛ ولكنه ثبت نفعه بالتجربة، وقد جربت نفعه.

قال أبو عبدالرحمن: كما هي عادة معطلة الله من صفاته وأسمائه؛ وهو تعطيل بألسنتهم وأقلامهم ومعتقدهم؛ ولا ينال شيئاً من ثبوت أسماء الله وصفاته في نفسه جل جلاله؛ فهو المهيمن العزيز الحكيم الغني الحميد؛ ومن رحمته لا يرضى لعباده الكفر؛ لأنه يريد أن ينقذهم من النار إذ جعل إيمانهم أو كفرهم حسب اختيارهم؛ فمن شاء فليؤمن، ومن شاء فليكفر؛ ولا يهلك على الله إلا من أبى.. قالت المعطلة : (إثبات الصفات يقتضي إثبات الجسم)؟!

قال أبو عبدالرحمن: ثم ماذا؟.. إن الحريصين على اتباع ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصحابته رضي الله عنهم؛ وهم السلف الصالح حقاً: لا يثبتون اسم (الجسم)، ولا ينفونه؛ وليست هذا الأحداث من لغتهم ولا استعمالهم؛ وإنما ينظرون إلى المعنى؛ فإن كان المراد الإيمان بأن الله جسم: فإنهم يأبون إطلاق ذلك؛ لأنهم لا يسمون الله إلا بما سمى به نفسه؛ فأسماؤه وصفاته توقيفية.. وإن كان المراد: أن الله تقدس وجل وعلا ليس شيئاً يوصف: ضربوا به وجه قائله؛ بل الله سبحانه وتعالى هو نفسه بكل أسمائه وصفاته بمجموعها؛ وهو بجميعها الأول لا شيئ قبله، والآخر لا شيئ بعده؛ لأنه الحي الباقي الدائم غير المعطل من الخلق والأمر والنهي والتدبير فهو الفعال لما يريد يعلمه وعدله وحكمته ورحمته، ولا يشغله شأن عن شأن.

قال أبو عبدالرحمن: ذو الجلال والإكرام والعظمة: لا يكون كذلك إلا وهو الجليل الكريم العظيم في نفسه؛ فالتعبيد بـ(عبدالجليل) صحيح شرعاً، ولقد فرق الراغب الأصفهاني بين الجليل والجلال والجلالة؛ فقال: (الجلالة عظم القدر، والجلال بغير الهاء التناهي في ذلك [المفردات ص 198]؛ والمحقق عندي أن الجليل هو من بلغ الغاية في الاتصاف بهذه الصفة؛ وهو لله الاتصاف المطلق؛ لأن هذا معنى صيغة فعيل؛ وأما الجلال فهو على وزن الفعال بفتح الفاء؛ وهذا الوزن لجمع فعالة مثل سحاب جمع سحابة؛ ولبلوغ الغاية مثل أديم صحاح، واسم لفعل الحدث مثل الجزاز والصرام؛ وكل ذلك على (الفعال) بفتح الفاء؛ وهو هنا لبلوغ الغاية في الجلال؛ ولما كان مصدر جل؛ (وهو جلاً) مختص بالفعل المتعدي أصبح قائماً مقام المصدر في الفعل اللازم؛ لما فيه من معنى الكثرة وبلوغ الغاية؛ فالجلال ههنا قائم مقام المصدر؛ وهو اسم للصفة البالغة غايتها؛ والجلالة أبلغ؛ لأنها لتأكيد بلوغ الغاية بدلالة التاء المربوطة؛ وهي ههنا مثل موقعها في (نسابة)؛ فإن وزن (نساب) لبلوغ الغاية في الفعل، فجاءت التاء في (نسابة) لتأكيد بلوغ الغاية..

[الأنترنت – موقع مآل (العقل الجمالي) إلى الجلال والكمال - أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الواحدة والثلاثون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي بعنوان :*روائع الجمال

   *وقيل على الآية ( كل من عليها فان، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام، فبأي آلاء ربكما تكذبان )

قوله تعالى: « كل من عليها فان » الضمير في « عليها » للأرض، وقد جرى ذكرها في أول السورة في قوله تعالى: « والأرض وضعها للأنام » [ الرحمن: 10 ] وقد يقال: هو أكرم من عليها يعنون الأرض وإن لم يجر لها ذكر. وقال ابن عباس: لما نزلت هذه الآية قالت الملائكة هلك أهل الأرض فنزلت: « كل شيء هالك إلا وجهه » [ القصص: 88 ] فأيقنت الملائكة بالهلاك، وقاله مقاتل. ووجه النعمة في فناء الخلق التسوية بينهم في الموت، ومع الموت تستوي الأقدام. وقيل: وجه النعمة أن الموت سبب النقل إلى دار الجزاء والثواب. « ويبقى وجه ربك » أي ويبقى الله، فالوجه عبارة عن وجوده وذاته سبحانه، قال الشاعر:

قضى على خلقه المنايا فكل شيء سواه فاني

وهذا الذي ارتضاه المحققون من علمائنا: ابن فورك وأبو المعالي وغيرهم. وقال ابن عباس: الوجه عبارة عنه كما قال: « ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام » وقال أبو المعالي: وأما الوجه فالمراد به عند معظم أئمتنا وجود الباري تعالى، وهو الذي ارتضاه شيخنا. ومن الدليل على ذلك قوله تعالى: « ويبقى وجه ربك » والموصوف بالبقاء عند تعرض الخلق للفناء وجود الباري تعالى. وقد مضى في « البقرة » القول في هذا عند قوله تعالى: « فأينما تولوا فثم وجه الله » [ البقرة: 115 ] وقد ذكرناه في الكتاب الأسنى مستوفى. قال القشيري: قال قوم هو صفة زائدة على الذات لا تكيف، يحصل بها الإقبال على من أراد الرب تخصيصه بالإكرام. والصحيح أن يقال: وجهه وجوده وذاته، يقال: هذا وجه الأم ووجه الصواب وعين الصواب. وقيل: أي يبقى الظاهر بأدلته كظهور الإنسان بوجهه. وقيل: وتبقى الجهة التي يتقرب بها إلى الله. « ذو الجلال » الجلال عظمة الله وكبرياؤه واستحقاقه صفات المدح، يقال: جل الشيء أي عظم وأجللته أي عظمته، والجلال اسم من جل. « والإكرام » أي هو أهل لأن يكرم عما لا يليق به من الشرك، كما تقول: أنا أكرمك عن هذا، ومنه إكرام الأنبياء والأولياء. وقد أتينا على هذين الاسمين لغة ومعنى في الكتاب الأسنى مستوفى. وروى أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألظوا ب ( يا ذا الجلال والإكرام ) . وروي أنه من قول ابن مسعود، ومعناه: الزموا ذلك في الدعاء. قال أبو عبيد: الإلظاظ لزوم الشيء والمثابرة عليه. ويقال: الإلظاظ الإلحاح. وعن سعيد المقبري. أن رجلا ألح فجعل يقول: اللهم يا ذا الجلال والإكرام! اللهم يا ذا الجلال والإكرام! فنودي: إني قد سمعت فما حاجتك؟ الآيات: 76 - 78 ( متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان، فبأي آلاء ربكما تكذبان، تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام )

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الثانية والثلاثون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :*روائع الجمال

قوله تعالى: « متكئين على رفرف خضر » الرفرف المحابس. وقال ابن عباس: الرفرف فضول الفرش والبسط. وعنه أيضا: الرفرف المحابس يتكئون على فضولها، وقاله قتادة. وقال الحسن والقرظي: هي البسط. وقال ابن عيينة: هي الزرابي. وقال ابن كيسان: هي المرفق، وقال الحسن أيضا. وقال أبو عبيدة: هي حاشية الثوب. وقال ابن كيسان: هي المرافق، تبسط. وقيل: الفرش المرتفعة. وقيل: كل ثوب عريض عند العرب فهو مرفرف. قال ابن مقبل:

وإنا لنزالون تغشى نعالنا سواقط ***من أصناف ريط ورفرف

وهذه أقوال متقاربة. وفي الصحاح: والرفرف ثياب خضر تتخذ منها المحابس، الواحدة رفرفة. وقال سعيد بن جبير وابن عباس أيضا: الرفرف رياض الجنة، واشتقاق الرفرف من رف يرف إذا ارتفع، ومنه رفرفة الطائر لتحريكه جناحيه في الهواء. وربما سموا الظليم رفرافا بذلك، لأنه يرفرف بجناحيه ثم يعدو. ورفرف الطائر أيضا إذا حرك جناحيه حول الشيء يريد أن يقع عليه. والرفرف أيضا كسر الخباء وجوانب الدرع وما تدلى منها، الواحد رفرفة. وفي الخبر في وفاة النبي صلى الله عليه وسلم: فرفع الرفرف فرأينا وجهه كأنه ورقة تخشخش أي رفع طرف الفسطاط. وقيل: اصل الرفرف من رف النبت يرف إذا صار غضبا نضيرا، حكاه الثعلبي. وقال القتبي: يقال للشيء إذا كثر ماؤه من النعمة والغضاضة حتى كاد يهتز: رف يرف رفيفا، حكاه الهروي. وقد قيل: إن الرفرف شيء إذا استوى عليه صاحبه رفرف به وأهوى به كالمرجاح يمينا وشمالا ورفعا وخفضا يتلذذ به مع أنسيته، قاله الترمذي الحكيم في « نوادر الأصول » وقد ذكرناه في « التذكرة » . قال الترمذي: فالرفرف اعظم خطرا من الفرش فذكره في الأوليين « متكئين على فرش بطائنها من إستبرق » [ الرحمن: 54 ] وقال هنا: « متكئين على رفرف خضر » فالرفرف هو شيء إذا استوى عليه الولي رفرف به، أي طار به هكذا وهكذا حيث ما يريد كالمرجاح، وأصله من رفرف بين يدي الله عز وجل، روي لنا في حديث المعراج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بلغ سدرة المنتهى جاءه الرفرف فتناوله منم جبريل وطار به إلى مسند العرش، فذكر أنه قال: « طار بي يخفضني ويرفعني حتى وقف بي بين يدي ربي » ثم لما حان الانصراف تناول فطار به خفضا ورفعا يهوي به حتى أداه إلى جبريل صلوات الله وسلامه عليه وجبريل يبكي ويرفع صوته بالتحميد، فالرفرف خادم من الخدم بين يدي الله تعالى له خواص الأمور في محل الدنو والقرب، كما أن البراق دابة يركبها الأنبياء مخصوصة بذلك في أرضه، فهذا الرفرف الذي سخره الله لأهل الجنتين الدانيتين هو متكاهما وفرشهما، يرفرف بالولي على حافات تلك الأنهار وشطوطها حيث شاء إلى خيام أزواجه الخيرات الحسان. ثم قال: « وعبقري حسان » فالعبقري ثياب منقوشة تبسط، فإذا قال خالق النقوش إنها حسان فما ظنك بتلك العباقر!. وقرأ عثمان رضي الله عنه والجحدري والحسن وغيرهم « متكئين على رفارف » بالجمع غير مصروف كذلك « وعباقري حسان » جمع رفرف وعبقري. و « رفرف » اسم للجمع و « عبقري » واحد يدل على الجمع المنسوب إلى عبقر.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الثالثة والثلاثون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :*روائع الجمال

وقد قيل: إن واحد رفرف وعبقري رفرفة وعبقرية، والرفارف والعباقر جمع الجمع. والعبقري الطنافس الثخان منها، قال الفراء. وقيل: الزراعي، عن ابن عباس وغيره. الحسن: هي البسط. مجاهد: الديباج. القتبي: كل ثوب وشيء عند العرب عبقري. قال أبو عبيد: هو منسوب إلى أرض يعمل فيها الوشي فينسب إليها كل وشي حبك. قال ذو الرمة:

حتى كأن رياض القف ألبسها من وشي عبقر تجليل وتنجيد

ويقال: عبقر قرية بناحية اليمن تنسج فيها بسط منقوشة. وقال ابن الأنباري: إن الأصل فيه أن عبقر قرية يسكنها الجن ينسب إليها كل فائق جليل. وقال الخليل: كل جليل نافس فاضل وفاخر من الرجال والنساء وغيرهم عند العرب عبقري. ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم في عمر رضي الله عنه: فلم أر عبقريا من الناس يفري فريه « وقال أبو عمر بن العلاء وقد سئل عن قوله صلى الله عليه وسلم » فلم أر عبقريا يفري فريه « فقال: رئيس قوم وجليلهم. وقال زهير: »بخيل عليها جنة عبقرية جديرون يوما أن ينالوا فيستعلوا

وقال الجوهري: العبقري موضع تزعم العرب أنه من أرض الجن. قال لبيد:

كهول وشبان كجنة عبقر

ثم نسبوا إليه كل شيء يعجبون من حذقه وجودة صنعته وقوته فقالوا: عبقري وهو واحد وجمع. وفي الحديث: « إنه كان يسجد على عبقري » وهو هذه البسط التي فيها الأصباغ والنقوش حتى قالوا: ظلم عبقري وهذا عبقري قوم للرجل القوي. وفي الحديث: « فلم أر عبقريا يفري فريه » ثم خاطبهم الله بما تعارفوه فقال: « وعبقري حسان » وقرأه بعضهم « عباقري » وهو خطأ لأن المنسوب لا يجمع على نسبته، وقال قطرب: ليس بمنسوب وهو مثل كرسي وكراسي وبختي وبخاتي. وروى أبو بكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ « متكئين على رفارف خضر وعباقر حسان » ذكره الثعلبي. وضم الضاد من « خضر » قليل.

قوله تعالى: « تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام » « تبارك » تفاعل من البركة وقد تقدم. « ذي الجلال » أي العظمة. وقد تقدم « والإكرام » وقرأ عامر « ذو الجلال » بالواو وجعله وصفا للاسم، وذلك تقوية لكون الاسم هو المسمى. الباقون « ذي الجلال » جعلوا « ذي » صفة لـ « ربك » . وكأنه يربد الاسم الذي افتتح به السورة، فقال: « الرحمن » [ الرحمن: 1 ] فافتتح بهذا الاسم، فوصف خلق الإنسان والجن، وخلق السماوات والأرض وصنعه، وأنه « كل يوم هو في شأن » [ الرحمن: 29 ] ووصف تدبيره فيهم، ثم وصف يوم القيامة وأهوالها، وصفة النار ثم ختمها بصفة الجنان. ثم قال في آخر السورة: « تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام » أي هذا الاسم الذي افتتح به هذه السورة، كأنه يعلمهم أن هذا كله خرج لكم من رحمتي، فمن رحمتي خلقتكم وخلقت لكم السماء والأرض والخلق والخليقة والجنة والنار، فهذا كله لكم من اسم الرحمن فمدح اسمه ثم قال: « ذي الجلال والإكرام » جليل في ذاته، كريم في أفعال. ولم يختلف القراء في إجراء النعت على الوجه بالرفع في أول السورة، وهو يدل على أن المراد به وجه الله الذي يلقى المؤمنون عندما ينظرون إليه، فيستبشرون بحسن الجزاء، وجميل اللقاء، وحسن العطاء. والله أعلم.[ الأنترنت – موقع المصحف الألكتروني]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الرابعة والثلاثون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي بعنوان :

*قوله سبحانه {فأينما تولوا فثم وجه الله } سورة البقرة  

أي قبلة الله قال الدارمي لما فرغ المريسي من إنكار اليدين ونفيهما عن الله أقبل قبل وجه الله ذي الجلال والإكرام لينفيه عنه كما نفى عنه اليدين فلم يدع غاية في إنكار وجه الله ذي الجلال والإكرام والجحود به حتى ادعى ان وجه الله الذي وصفه بأنه ذو الجلال والإكرام مخلوق لأنه ادعى انه أعمال مخلوق يتوجه بها إليه وثواب وإنعام مخلوق يثيب به العامل وزعم أنه قبلة الله وقبلة الله لا شك مخلوقة ثم ساق الكلام في الرد عليه وذكر الخطابي والبيهقي وغيرهما قالوا لما اضاف الوجه إلى الذات وأضاف النعت الى الوجه فقال ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام الرحمن دل على أن ذكر الوجه ليس بصلة وأن قوله ذو الجلال والإكرام صفة للوجه وأن الوجه صفة للذات

قال الناظم في الصواعق فتأمل رفع قول ذو الجلال والإكرام عند ذكر الوجه وجره في قول تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام الرحمن فذو الوجه المضاف بالجلال والإكرام لما كان القصد الاخبار عنه وذي الوجه المضاف اليه بالجلال والإكرام في آخر السورة لما كان المقصود عين المسمى دون الاسم فتأمله

ثم استدل رحمه الله تعالى على إبطال هذه التأويلات بأوجه

منها : أنه لا يعرف في لغة من لغات الأمم وجه الشيء بمعنى ذاته ونفسه وغاية ماشبه به المعطل وجه الرب أن قال هو كقول القائل وجه الحائط ووجه الثوب ووجه النهار فيقال للمعطل المشبه به ليس الوجه في ذلك بمعنى الذات بل هذا مبطل لقولك فان وجه الحائط أحد جانبيه فهو مقابل لدبره ومثل هذا وجه الكعبة ودبرها فهو وجه حقيقة ولكنه بحسب المضاف اليه فلما كان المضاف اليه بناء كان وجهه من جنسه وكذلك وجه الثوب احد جانبيه وهو من جنسه وكذلك وجه النهار أوله ولا يقال لجميع النهار وقال ابن عباس وجه النهار اوله ومنه قولهم صدر النهار قال ابن الاعرابي اتيته بوجه نهار وصدر نهار وأنشد للربيع بن زياد ... من كان مسرورا بمقتل مالك ... فليأت نسوتنا بوجه نهار ...

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الخامسة والثلاثون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي بعنوان :

*قوله سبحانه {فأينما تولوا فثم وجه الله } سورة البقرة

ومنها أن حمله على الثواب المنفصل من أبطل الباطل فان اللغة لا تحتمل ذلك ولا يعرف أن الجزاء يسمى وجها للمجاز وأيضا فالثواب مخلوق وقد صح عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه استعاذ بوجه الله فقال أعوذ بوجهك الكريم ان تضلني لا إله ألا أنت الحي الذي لا يموت والجن والانس يموتون رواه أبو داود وغيره ومن دعائه يوم الطائف أعوذ بوجهك الكريم الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة ولا يظن برسول الله صلى الله عليه و سلم أن يستعيذ بمخلوق 

ومنها : أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقول في دعائه اسألك لذة النظر الى وجهك والشوق الى لقائك ولم يكن ليسأل لذة النظر الى ثواب المخلوق ولا يعرف تسمية ذلك وجها لغة ولا شرعا ولا عرفا

ومنها : أن النبي صلى الله عليه و سلم قال من استعاذ بالله فأعيذوه ومن سأل بوجه الله فأعطوه وفي السنن من حديث جابر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال لا ينبغي لأحد أن يسأل بوجه الله الا الجنة فكان طاوس يكره أن يسأل الانسان بوجه الله

وروى مسلم في صحيحه من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه يرفع اليه عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى اليه بصره من خلقه

ومنها : قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ليس عند ربكم ليل ولا نهار نور السماوات والارض من نور وجهه فهل يصح أن يحمل الوجه في هذا على مخلوق أو يكون صلة لا معنى له أو يكون بمعنى القبلة والجهة وهذا مطابق لقوله عليه السلام أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات فأضاف النور إلى الوجه والوجه الى الذات واستعاذ بنور الوجه الكريم فعلم أن نوره صفة له كما أن الوجه صفة ذاتية وهو الذي قاله ابن مسعود وهو تفسير قوله الله نور السماوات والأرض النور فلا تشتغل بأقوال المتأخرين الذين غشت بصائرهم عن معرفة ذلك فخذ العلم عن أهله فهذا تفسير الصحابة رضي الله عنهم

ومنها أن الصحابة رضي الله عنهم والتابعين وجميع أهل السنة والحديث والأئمة الاربعة وأهل الاستقامة من أتباعهم متفقون على أن المؤمنين يرون وجه ربهم في الجنة وهي الزيادة التي فسر بها النبي صلى الله عليه و سلم والصحابة {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة } يونس

فروى مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه و سلم في قوله { للذين أحسنوا الحسنى وزيادة } يونس  قال  : النظر الى وجه الله تعالى فمن أنكر حقيقة الوجه لم يكن للنظر عنده حقيقة ولا سيما إذا أنكر الوجه والعلو فيعود النظر عنده الى خيال مجرد وان احسن العبارة قال هو معنى يقوم بالقلب نسبته اليه كنسبة النظر الى العين وليس في الحقيقة عنده نظر ولا وجه ولا لذة تحصل للناظر

[الكتاب : توضيح المقاصد وتصحيح القواعد في شرح قصيدة الإمام ابن القيم [أحمد بن إبراهيم]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة السادسة والثلاثون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي بعنوان :

*هو الله : الجليل الكريم ذو الجلال والإكرام جل جلاله

* الجليل .. جل جلاله * هو الله .. له الجلال المطلق ..

 هو الذي عظم قدره وشأنه وظهر أمره فلا يوازيه غيره

  هو الذي له الجلالة والعز والغنى والنزاهة والعظمة والكبرياء والتقديس والقدرة والعلم

 هو العظيم عما لا يليق به ، هو كاشف القلوب بأوصاف جلاله ، وكاشف الأسرار بنعوت

 جماله ، كل ما في العالم من جلال وكمال وحسن وبهاء من أنوار ذاته وآثاء صفاته

هو الله .. الجليل المستحق للأمر والنهي ، الذي يصغر دونه كل جليل ويتضع معه كل رفيع ،هو المستحق لأوصاف العلم والرفعة .. جل في علو صفاته ، الموصوف بنعوت الجلال والجامع لجميع نعوت الجلال ، الذي كملت صفاته سبحانه كمالا مطلقاأستغرق جلاله البصيرة ولا تستغرقه البصيرة ، الذي لا يدانيه أحد في الذات ولا في الصفات ولا في الأمثال ولا في الأفعال ، ليس في الوجود موجود له الكمال المطلق إلا الله الجليل

 جلت ذاته عن التشبيه وتقدست صفاته وأفعاله عن التمثيل ، هو الله .. الجليل ، الذي يستحق أن يعترف بجلاله وكبريائه العاقلون ، والمستحق لألا يجحد ألوهيته أحد من خلقه ولا يكفروا به ، لا تدرك الأبصار جلاله ولا تحيط البصائر بجماله سبحان ،  هو صاحب العظمة الكاملة ، يجل في علوة أن يشرف عليه أحد ،ويعلو بكبريائه أن يعرف كمال جلاله فرد .. هو الجليل .. سبحانه

هو الله تعالى .. الجليل ، الذي جل من قصده وذل من طرده ، الذي جل قدره في قلوب العارفين وعظم خطره في نفوس المحبين ، الذي أجل الأولياء بفضله وأذل الأعداء بعدله

الذي كاشف القلوب بوصف جلاله حتى تصير أحوالها دهش في دهش ، وكاشف الأسرار بنعت جماله حتى تصير القلوب في عطش دائم ، فأفنى من كاشفه بجلاله وأحيا من كاشفه بجماله سبحانه

 هو المتجلي على خلقه دون أن يراه أحد في الدنيا بأعينهم

  وهو الذي يمن على من يشاء من عباده فيرونه بأرواحهم من غير تشبيه ولا تكييف

  وهو الذي يمن على عباده الصالحين فلا يضارون برؤيته في الآخرة ، فيكون النظر إلى وجهه الكريم يوم القيامة أعظم وأكبر من نعيم الجنة وما فيها ، لا يقدر على مشاهدة جماله وكماله ونوره أحد بعينه في الدنيا

سبحانه .. هو الجليل ..

 لا جليل إلا هو ولا عظيم إلا هو ولا كبير إلا هو ، الموصوف على الحقيقة بنعوت الجلال والجمال والكمال ، جل أن يحاط به ذاتا وصفاتا

  وجل أن يدرك بالحواس ،وخلق الأشياء العظيمة التي يستدل بها على جلاله سبحانه لا يستحق أن يوصف بهذا الوصف حقيقة غيره سبحانه

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة السابعة والثلاثون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

*هو الله : الجليل الكريم ذو الجلال والإكرام جل جلاله

الجميل .. الحق المطلق

 هو الله تعالى  الكامل لجميع الكمالات اللائقة به والملائمة لقدره

 يدرك ذاكره وعابده من اللذة والبهجة والإهتزاز الداخلي في قلبه وبصيرته أكثر مما يدركه  الناظر بالبصر الظاهر إلى أي شيئ آخر جميل

 فكل ما في العالم من جمال وكمال وبهاء وحسن هو من أنوار ذاته وأنوار صفاته

 ويدرك عارفه والناظر إلى جماله من السرور والغبطة ما يستحقر معها نعيم الجنة وجمال   الصورة المبصرة

  فلا مناسبة بين جمال الصورة الظاهرة وجمال المعاني الباطنة المدركة بالبصائر إذا لاح    للعبد من معاني جماله تبارك وتعالى هام قلبه وأنجذب لبه ..

 اسم الله الجليل جل جلاله في القرآن الكريم :

(1) لم يرد اسم الله الجليل بلفظه في القرآن الكريم.

(2) لكنه ورد بمادته بمعنى الذي له الجلال مرتين في سورة الرحمن في ذكر أسمه تعالى ( ذو الجلال والإكرام ) فقال تعالى :( ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام )

وقال تعالى : ( تبارك أسم ربك ذي الجلال والإكرام )

(3) ورد ما يفيد معنى ( التجلي ) في القرآن الكريم في عدة آيات :

قال تعالى : ( ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك قال لت تراني ولكن أنظر إلى الجبل فإن أستقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا )( الأعراف : 143 )

وقال تعالى :(والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى)( الليل : 1 )

وقال تعالى : ( يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسألونك كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) ( الأعراف : 186 )

 اسم الله الجليل في الحديث الشريف :

- ورد أسم الله الجليل في سلسلة الأسماء الحسنى التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الترمذي ورقمه 42 .

- وورد ما يفيد ( التجلي ) في الحديث : عن أبي هريرة رضى الله عنه قال : إن الناس قالوا: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ قال : هل تمارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب ؟ قالوا لا يا رسول الله ، قال فهل تمارون في رؤية الشمس ليس دونها سحاب ؟ قالوا : لا يا رسول الله قال : فإنكم ترونه كذلك .. ( رواه البخاري ومسلم ) ..

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الثامنة والثلاثون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *الأدب مع أسم الله تعالى الجليل جل جلاله :

(1) من هو الجليل من العباد ؟

 هو من حسنت صفاته الباطنة التي تستلزمها القلوب البصيرة أما جماله الظاهر فهو أقل قدراوهو الذي يبرأ عن العقائد الباطلة والأخلاق الذميمة ، والمتصف بالمعارف الحقة والأخلاق الفاضلة ، فيرتفع بذلك قدره ويعلو شأنه ويكون له في قلوب الناس محبة وكرامة

(2) أعلم أن الذي أفاض عليك الجمال ظاهرا وباطنا هو الله الجليل جل شأنه .. سواء كان جمال صورة أم جمال حس وجمال النفوس هو أعلى من جمال الأبدان

فتواضع وتذكر الله الذي أفاض عليك النعم وأخضع له وتواضع وأخضع لعظمته وكبريائه وجلاله سبحانه ..

(3) إن تغلبت عليك نفسك أو تمكن منك الشيطان

 أستحضر جلال العظيم الذي أذل فرعون وهامان

 وردد أسم الجليل .. سبحانه ليسطع عليك نور الجلال فيمحو عنك كل ضلال ..

(4) لا تجعل الله عز وجل ( أهون الناظرين إليك )

من الأدب مع أسم الجليل أن يراقب المؤمن الله في خلوته فتعلم أنه معك حيث كنت فأعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فهو يراك الذكر والدعاء في ظل أسم الله تعالى الجليل :

قيل أنه من اكثر من ذكره كساه الله ثوب المهابة والعز ونور وجهه من نور جلاله ورفع مكانته في قومه ..يا جليل .. أنت المتكبر على كل شيئ .. العدل أمرك والصدق وعدك

إلهي .. انت الجليل الذي ترتعد الملائكة من جلالك وتذوب الأكباد من خشية سلطانك أنت الكريم.الذي تحن إليك القلوب ، أنت الرحيم، المتجلي بالحنان المنفس من الكروب إلهي لك الكمال المطلق والعز المحقق،إمنحنا عيون البصيرة نراك متجليا بكل الصفات

، وأحفظنا من الغرور بظاهر الجمال والوقوف عند صور الأعمال ، فوراء الصور معاني يراها العبد النوراني ..إلهي .. تجلى لي بأسمك الجليل ..

فلا أرى مخلوقا إلا وقد سجد لعظمتك ، وأرى الكل ذليلا لتجلي باهر قدرتك .. فلا أقدم على معصية ، إنك على كل شيئ قدير .. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

قيل .. إن استدامه الذكر بهذا الإسم تنصر الذاكر به على الشيطان ووساوسه ، ولذلك دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإكثار من ذكره وملازمة الدعاء به ..

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة التاسعة والثلاثون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي بعنوان : الكريم .. جل جلاله *

هو الله تعالى الكريم ولا كريم على الحقيقة إلا الله

 كثير العطاء دائم الاحسان واسع الكرم من غير طلب أو سؤال إذا قدر عفا .. وهو القادر العفو .. ولا يؤاخذ بالجفا وإذا وعد وفى .. وإذا سئل أعطى وكفي ولا يبالي من أعطى ولا يستقصي لا يضيع من أقبل عليه ولا يترك من إلتجأ إليه هو الذي لا تتخطاه الآمال ولا يحوجك إلى وسيلة لا يوجد كرم إلا كان هو أصله وكرم غيره مستمد منه وتفضل عليهم من كرمه

هو الذي لا يرضى ان ترفع حاجة من عباده إلى غيره

هو الله تعالى .. الكريم .. المطلق .. هو الله الأكرم

الجامع لأنواع الخير والشرف والفضائل الجامع لكل ما يحمدكريم حميد الفعال رب العرش الكريم العظيم

 إن ربي غني كريم .. والله تعالى لم يزل كريما ولا يزال كريما يعطي من يشاء ما يشاء وكيف يشاء بغير سؤال

  ولا يحوج إلى وسائط ولا شفعاء في وصول المنال

  إذا أعطى أجزل وإن عصي أجمل وإذا أبصر خللا جبره .. وهو البصير الجبار وإذا أولى فضلا أجمله ثم ستره وهو الكريم الستار هو الله تعالى الكريم الحق

جامع لكمال الإحسان والإنعام يبتدئ بالنعمة من غير أستيجاب ويتبرع بالإحسان من غير سؤال يعفو عن السيئات ويغفر الذنوب ويخفي العيوب فمن حرم من كرم الله فماله من مكرم هو الله الجامع لمعاني البر كلها .. والمحيط بنواصي العظمة جميعها هو مالك الملك .. المستغني بذاته .. كريم بلا حدود على كل موجود

هو الكريم .. سبحانه الكريم  المطلق دائم المعروف كثير النوال .. ذو الطول والإنعام يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء له خزائن السموات والأرض

 هو كثير الخير .. الجواد الذي لا ينفذ عطاؤه

 هو الذي يعطي بغير حساب ويعطي من غير منة

 هو الكريم أزلا و أبدا

هو الله .. الكريم ..

  إبتدأ خلقه بجوده وكرمه منذ أن كانوا في عالم غيبه

  ثم نقلهم إلى عالم الحياة محفوفين بلطفه مغذين بكرمه

وأسبغ عليهم نعمه ظاهرة وباطنة من غير عد او حصر

هو الذي لا يخيب رجاء الأمنين هو الذي لا يضيع من توسل به ولا ييئس العصاة من التوبة ويتوب عليهم من غير مسألتهم وهو الذي يحفظ الكرماء إذا ماتوا فيحفظ ذكرهم وذريتهم هو واسع العفو والعطاء .. إذا عفا عن عبد عفا عمن له مثل معصيته يكافئ بالثواب الجزيل العمل القليل

 وجعل كل ما في الأرض والسماء لمتعة عباده مسخر للإنسان أعد للمتقين بكرمه في الآخرة جنة عرضها كعرض السموات والأرض هو رب العباد أرحم بهم من أنفسهم على أنفسهم .. يربيهم ويصفيهم

هو الله .. الكريم .. الذي خلق من عدم ، وبدون حول للإنسان ولا قوة سواه ونفخ فيه من روحه وهذا أكبر الكرم ، وصوره في أجمل صولاة ة وأبدع تشكيل .. وهو الغني عنا جميعا فلا شيئ يكافئ كرمه

فأسجد وأقترب لله الكريم ..

هو الله الكريم الجامع لكل شرف وطهارة

هو الموجود الواجب لذاته المنزه عن قبول العدم

وهو العزيز الواحد المطلق وهو المبدأ لوجود جميع

الممكنات والموجد لكل المحدثات الذي تكثر منافعه

 وفوائده لخلقه هو الجميل ذاتا ووصفا وفعلا

  هو العزيز الذي يعطي بغير حساب ولا مقابل ومن غير مسألة

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الأربعون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : هو الله الكريم ..

كرمه دائم سرمدي لا ينقطع ولا يزول

كرمه وصف من أوصاف ذاته الكمالية

 عطاؤه غير مجذوذ ورفده غير ممنوع

 لا ينقص بالإنفاق شيئ من ملكه

 أسم الله الكريم جل جلاله .. في القرآن الكريم :

(1) ورد اسم الله الكريم :

في قوله تعالى : ( فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم ) ( المؤمنون : 116 )

وفي قوله تعالى : ( قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به من قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم ) ( النمل : 40 )

وفي قوله تعالى : ( يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم ) ( الإنفطار :    )

(2) ورد كلمة ( كريم ) صفة لغير الله في عدة مواضع : وردت وصفا للرسول صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى : ( إنه لقول رسول كريم )(الحاقة :40)

ووردت وصفا لسيدنا يوسف عليه السلام في قوله

 تعالى : ( قلن حاش لله ما هذا بشرا إن هذا إلا

 ملك كريم ) ( يوسف )

ووردت وصفا لسيدنا موسي عليه السلام في قوله تعالى : ( ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم ) ( الدخان )

ووردت وصفا لكلام الله عز وجل في قوله تعالى : ( إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون )(الواقعة : 77-78 ) ووردت وصفا للمقام في قوله تعالى : ( فأخرجناهم من جنات وعيون وكنوز ومقام كريم  )( الشعراء : 57-58 )

ووردت في وصف الجزاء والأجر في الآخرة في قوله تعالى : ( إنما تنذر من أتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب فبشره بمغفرة وأجر كريم ) ( يس : 11 )

ووردت وصفا للملائكة في قوله تعالى : ( وإن عليهم

 لحافظين كراما كاتبين )(الإنفطار:10-11)

(3) جاء وصف الله تعالى بـ ( الأكرم ) في قوله تعالى : ( إقرأ بأسم ربك الأكرم الذي علم بالقلم ) ( عبس : 16 )

وهو أسم تفضيل يدل على بلوغ الكرم فلا كرم إلا والله هو أصله ومنتهاه ولا كريم على الحقيقة إلا الله تعالى .

(4) وردت آيات كثيرة تدل على أن الله هو الكريم المطلق سبحانه قال تعالى : ( وإن من شيئ إلا عندنا خزائنه ) ( الحجر : 21 )

وقال سبحانه : ( قل لو كنتم تملكون خزائن رحمة ربك إذا لأمسكتم خشية الإنفاق وكان الإنسان قتورا ) ( الإسراء : 100 )

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الواحدة والأربعون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي بعنوان :

 اسم الله تعالى الكريم جل جلاله .. في الحديث الشريف :

ورد في الحديث الشريف الذي رواه الترمذي ( إن الله كريم يحب الكرم ) وجاء في مسلم ( الله الحليم الكريم ) وروى ابوداود ( إن ربكم حيي كريم ) ..

وورد اسم الله الكريم في سلسلة أسماء الله الحسنى في حديث الترمذي الشهير ..

وكرم الله واسع وجاء تصوير مظهر الكرم في قوله صلى الله عليه وسلم ( إني لأعلم آخر أهل الجنة دخولا وأخر أهل النار خروجا منها .. رجل يؤتى فيقال : أعرضوا عليه صغار ذنوبه وأرفعوا عنه كبارها .. فيعرض عليه صغار ذنوبه فيقال : عملت يوم كذا وكذا .. كذا وكذا .. فيقول نعم لا يستطيع أن ينكر وهو مشفق من كبار ذنوبه ان تعرض عليه فيقال : فإن لك مكان كل شيئة حسنة .. فيقول : رب قد عملت أشيا ما أراها هنا .. قال الراوي فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه ) ( رواه البيهقي عن أبي ذر رضى الله عنه )

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله تعالى حيي كريم يستحي إذا رفع الرجل يديه إن يردهما صفرا خائبين ) ( احمد وابوداود والترمذي في سليمان رضى الله عنه )

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم – رواه ابوهريرة رضى الله عنه – ( ما قال عبد قط يا رب ثلاثا إلا قال الله لبيك عبدي فيجعل الله ماشاء ويؤخر ما شاء ) ( رواه الديملي )

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم – رواه ابوهريرة رضى الله عنه – ( إن من لم يسأل الله يغضب عليه ) ( الترمذي )

 الأدب مع اسم الله الكريم جل جلاله :

(1) من أصول أدب المؤمن مع الكريم سبحانه

1- أن يتعود الكرم المادي : فيتوجه بجوارحه إلى ربه ويتعود إطعام الطعام وكسوة الأيتام وصلة الأرحام .

2- أن يتعود الكرم الأخلاقي : فيتعود العفو عن الجاني وإن تكررت الإساءة وأن يتعود ستر عورة الإخوان في سائر الحالات . وهذا كرم أعلى من الكرم المادي وأعلى لأنه حياة الأرواح

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم ) فأستعمل الكرم في إيصال النفع إلى جميع أصناف الخلق وفي التجاوز في ذنوب المسيئين إذا فمن هو الكريم من الناس ؟!

  هو الذي لا يرضى أن ترفع إلى غير ربه حاجته

 وإذا أذنبت أمامه أعتذر عنك

 وإذا هجرت وصلك وإذا مرضت عادك

  وإذا قدمت من سفرك زارك

  وإذا أفتقرت أحسن إليك بنفسه وماله

  وإذا أعطى أعطى من غير منة

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من أبلغ حاجة من لا يستطيع إبلاغها آمنه الله يوم الفزع الأكبر )

وقيل : ( لو كان صبر الفقير زائدا لسعى الكريم إلى بابه .. لو كان صبر الكريم زائدا لأتى الفقير إلى بابه)

وقال تعالى على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي : ( أحب الكرم وحبي للفقير الكريم أشد وأكره البخل وكرهي للغني البخيل أشد

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الثانية والأربعون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

 اسم الله تعالى الكريم جل جلاله .. في الحديث الشريف :

(2) أنظر وتعلم وتدبر كرم سيدنا يوسف عليه السلام

الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم ) فكرمه كان عظيما جليلا .

هو الذي قابل الإساءة بالإحسان – عليه السلام – وعفا عن أخوته الذين هموا بقتله وألقوه في غيابة الجب حتي بيع بثمن بخس دراهم معدودة

ولم يقل لهم حين عرفوه إلاكلمات تليق بشرفه وكرمه : قال تعالى :( قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين ) ( يوسف : 92 ) قال العلماء : ( كل صفة محمودة تسمى كرما على خلاف ما يظنه الناس )

فالصفات الحميدة كلها من حلم وسخاء ولطف وصبر ومروءة تسمى كرم ..

أما الصفات الخسيسة كلها فتتلخص في كلمة واحدة هى اللؤم ( من خسة وتكبر وأنانية وجحود وبخل )

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الناس رجلان : بر كريم وفاجر لئيم ) لذلك ..محمد بشر وليس كالبشر .. بل هو ياقوتة والناس كالحجر .. فالياقوت حجر ولكنه كريم ..

(3) من حرم من كرم الله فماله من مكرم على الإطلاق

قال تعالى :( ومن يهن الله فماله من مكرم )( الحج : 18 )

(4) إذا خلا الإنسان بنفسه وحكم عقله وعدد نعم المولى عليه أدرك أنه محاط بعناية الله عز وجل مغمور بكرمه الواسع .. فلا يسعه إلا أن يشكر الله عظيم مننه عليه ..

وعندئذ يرى الإنسان إحساسه بالحرمان لما في يد غيره أساءة أدب مع الخالق الكريم .. فلا يسعه إلا الرضا بقضائه وقدره والإيمان الكامل بعدله في حكمه وقسمته والعلم بأن النعم مقسومة بالتساوي بين العباد جميعا .. والكل ما بين عطاء في جهة وحرمان في أخرى .. تلك سنة الله في خلقه ..

قال تعالى في كتابه الحكيم : ( نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخرياورحمة ربك خير مما يجمعون ) ( الزخرف : 32 )

إن من شأن الكريم أن يدبر شئون عباده تدبيرا تاما ليتحقق لهم من وراء هذا التدبير المحكم ما يحتاجون إليه من شئون الدين والدنيا ..

ومن شأن المدبر الحكيم إن يضع الأمور في موضعها

بفضله وكرمه فيعطي ما ينفع ويمنع ما يضر .. في الدين والدنيا .. هو أعلم بالعبد من نفسه .. قال تعالى : ( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير )( الملك : 14 )

ولجهل الإنسان فأحيانا يطلب من الله ما يضره ولا ينفعه فمن كرم الله أن يجود عليه بما فيه صلاحه .. قال تعالى : (ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا )(الإسراء : 11 )

(5) إن الله كريم يعطي من غير مسألة .. ولا يحوج العباد إلى الوسائل التي تعينهم على تحقيق حوائجهم إذا ما توسلوا إليه بالدعاء والتقوى ..

فهو لا يضيع من توسل إليه وإلتجأ إليه فأبتغ إلى ربك الوسيلة .. قال تعالى :( يا أيها الذين امنوا أتقوا الله وأبتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون ) ( المائدة : 35)

والوسيلة هنا هي إمتثال أوامره وأجتناب نواهيه ..

ومن الوسائل التي أمرنا الله بأتخاذها في قضاء الحاجات .. الدعاء الخالص لجلال الله وعظمته والرجاء المخلص في الله وحده الكريم الذي لا تفنى خزائنه  ، له الملك ، هوالغني الرحيم ..

قال تعالى : ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعو الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ) ( البقرة : 186 )

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الثالثة والأربعون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي بعنوان : أنت الكريم الحق يا الله

جل شأنك .. يا غني يا مالك الملك .. أنستنا وأكرمتنا بإخبارنا أنك من عبادك قريب .. وأضفت عبوديتنا إلى جلالك وعظمتك وعزتك فزدتنا بذلك شرفا وعزة لا تدانيها عزة ولا شرف ..

وفتحت على عبادك المقربين في هذه الآية من فتوحات الأنس والحب والقرب منازل كثيرة .. لا يعرفها إلا من نالها .. اللهم نسألك القرب منك والحب الذي يملأ الوجدان وينير القلوب .. يا كريم ..

(6) هل من البشر والخلائق من لو عبد الله الدهر

 كله وفي الله حقه وقام بواجب العبودية الحقيقية نحوه ؟!

بالطبع لا .. ومع هذا فهو سبحانه عظيم الكرم تتوالى نعماؤه بلا إنقطاع ويجزل لعباده الصالحين على أعمالهم .. هو الله البر التواب الرحيم .. قال تعالى :

( ألم تروا ان الله سخر لكم ما في السموات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ) ( لقمان : 20 )

وليس في الوجود نعمة أجمع لخيرى الدنيا والآخرة من الإيمان .. قال تعالى : ( أعلموا ان فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلبوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون فضلا من الله ونعمة والله عليم حكيم )(الحجرات : 7-8 )

(7) العلم صفة من صفات كرم الله عز وجل .. قال تعالى :( إقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان

ما لم يعلم ) ( العلق : 3 – 5 )

(8) تأمل قول الله تعالى :( يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم ) ( الإنفطار : 6 )

ولم يقل ما غرك بربك المنتقم الجبار ..

فربنا الرحمن الكريم .. له الحمد وعظيم الثناء والمجد .. أستوى على عرشه وتجلى على خلقه بأسمه الرحمن .. والرحمن كريم .. وأنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم قرآنا كريما يبشر به أمته بمغفرة من الله وأجر كريم .. ومن كرمه أنه يبدل – إذا غفر وعفا – سيئات العبد حسنات

وتأمل قول الله تعالى :( وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ) ( ابراهيم : 7 )

وقوله تعالى : ( ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم )( النمل: 40 )

 *الذكر والدعاء في ظل اسم الله الكريم جل جلاله :

- روى البيهقي والديلمي عن أبيّ – رضى الله عنه – عن ابن عباس- رضى الله عنهما – قال : جاء جبريل – عليه السلام – إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكا مستبشرا في أحسن صورة فقال : السلام عليك يا محمد  ، قال : وعليك السلام يا جبريل ، فقال جبريل : إن الله تعالى أرسلني إليك بهدية لم يعطها أحد قبلك وإن الله تعالى أكرمك بها .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :ما هي يا جبريل ؟ . قال : كلمات من كنوز عرشه .. قل : ( يا من أظهر الجميل وستر القبيح .. ويا من لم يؤاخذ بالجريرة ولم يهتك الستر .. يا عظيم العفو .. يا حسن التجاوز .. يا واسع المغفرة .. يا باسط اليدين بالعطية والرحمة .. يا منتهى كل شكوى .. يا صاحب كل نجوى .. يا كريم الصفح يا عظيم المن يا مبدئ النعم قبا إستحقاقها يا رباه يا سيداه يا أملاه يا غاية رغبتاه .. أسألك النجاة من النار .. )

- قيل من أكثر من ذكر أسم الله ( الكريم ) أوقع الله في قلوب الخلق إكرامه .. ووسع الله رزقه وأمده بنعمه الظاهرة والباطنة ..

- وقيل من ذكر هذا الاسم مع اسمه تعالى ( ذي الطول الوهاب ) ظهرت البركة في أسبابه وأحواله .. فمن قال ( يا كريم يا وهاب يا ذا الطول والإنعام ) رزقه الله من حيث لا يدري فهو أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين ..

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الرابعة والأربعون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي بعنوان :

ذو الجلال والإكرام .. جل جلاله *

- وقيل : من واظب على ذكره مع الإستغفار غفر الله ذنوبه وستر عيوبه كائنة ما كانت .. والله يكرم من يشاء .. فله خاصية لكثير الذنوب .. والله أعلم ..

- فيا كريم العفو .. يا ذا العدل .. أنت الذي ملأ كل شيئ عدله ..

- إلهي .. انت الكريم ..

الذي تعطي لا لعلة وتعفو عن السيئات وتستر الذلة

جذبت بكرمك الأرواح وتفضلت بجودك على الأرواح

فالسماء فياضة بالأمطار والأرض عامرة بالثمار والقلوب

عامرة بنور الإيمان وعيون البصيرة أنسة بأيادي الجود من الرحمن

ذو الجلال والإكرام .. جل جلاله *

هو الله تعالى .. ذو الجلال

 المتفرد بصفات الجلال والكمال والعظمة

كل جلال له .. سبحانه له الجلال في ذاته وصفاته وأسمائه ذو العظمة والكبرياء .. جليل القدر عظيم الشأن مهاب السلطان .. نافذ الأمر .. عظيم الهيبة

 جلاله سرمدي أبدي باق أزلي لا تحول ولا فناء له

 لا جليل إلاهو .. المستحق لكل صفات المدح

 لا ينازعه في جلاله أحد من خلقه وأي جلال في الخلق إنما هو منحة أو إبتلاء من الخالق الجليل

  جلاله ذاتي .. لا يكون بجند ولا أعوان .. تلحق به العزة والرفعة والعلو

هو الله تعالى .. صاحب  الجلال بحق لا شرف ولا عزة ولا مجد ولا قوة إلا وهي له وبه منه له جلال رهيب .. لا جلال ولا كمال إلا وهو له عظم شأنه فوق كل الأشياء المستحق لكل صفات المدح والتعظيم من عباده .. تعظيما وعرفانا وتقدريرا

له جمال عجيب لا ينال العبد معرفته إلا إذا عرف ذا الجلال والإكرام

جلاله نو ر تحلت به ذاته وصفاته نابع من ذاته وصفاته ونور جلاله عم الوجود وأستقر في قلوب المؤمنين هو الله .. ذو الجلال

المختص بالإكرام والكرامة .. كل كرامة منه

 والإكرام فيض منه على خلقه .. لا يحصر ولا يعد

 هو الجدير بالإكرام من خلقه عرفانا بفضله وكرامة وتقديرا لآلآئه وإحسانه

 هو ذو الفضل العظيم عمت آلاؤه جميع خلقه وشملت أفضاله كل كونه جزيل المنة .. واسع الملك .. عظيم العلم .. كثير الفضل هو الله تعالى .. ذو الإكرام

هو أهل لأن يكرم عما لا يليق به من الشرك

هو الكريم في أفعاله .. الجليل في ذاته . المنزه عن كل ما لا يليق به لا كريم إلا هو .. سبحانه

كل كرم يوصف به أحد من خلقه هو منه منحة مؤقته

 أكرامه سرمدي أبدي أزلي باق لا تحول ولا فناء له

هو المكرم ..ولا حصر ولا عدد لنعمه في الدنيا والآخرة

أكرم البر والفاجر في الدنيا وأكرم المؤمنين في الآخرة ..

هو الله .. صاحب الكرم لا كرامة ولا فضل ولا نعمة ولا إحسان إلا وهي من مدده لا مكرمة إلا وهي صادرة منه .. والكرامة فائضة منه على خلقه

 فنون أكرامه خلقه لا تكاد تنحصر وتتناهى

 أكرامه لعبده معجلا في الدنيا ومؤجلا في الآخرة

 وعلى ما في العبد من التقصير فإن الحق ينعم عليه وهو يشكر غيره ويرزقه وهو يخدم غيره ، هو العفو الغفور التواب الرحيم ..

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الخامسة والأربعون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي بعنوان :

ذو الجلال والإكرام .. جل جلاله *

هو الله ذو الجلال والإكرام

صفة إرتضاها الله لنفسه ولم يشاركه أحد من خلقه

 لا تحيط بكنهه الأفهام بصيص من نور جلاله وكرمه يقتحم العقول فتلهم والقلوب فتشرق فتتقلب العقول والقلوب بين الخوف من الجليل والرجاء في الكريم

 والإستحياء من ذي الجلال والإكرام

 وصورة من صور عظمته وكبريائه تحل في قلوب العارفين تخشع لها قلوبهم ويستقر فيها  السكون والسكينة والهداية والطمأنينة ونفحة من نفحات الجليل الكريم تستولي على كيان العبد فيذكر ذو الجلال والإكرام بلسان الحال والمقال في جميع الأوقات والأحوال .. فيصير مقهورا لجلال الجليل ولجمال

 الكريم  فيصير عبدا خالصا ..

هو الله ذو الجلال والإكرام

 أكرامه لعباده هو برهان جلاله

يعفو ويصفح عمن ظلم نفسه بعصيانه

ويتوب ويغفر لمن تاب إليه وأستغفره

 ويرزق من يشاء من عباده بغيرحساب وإن عبدوا غيره ويهب لمن يشاء من لدنه علما ينفعه في دينه ودنياه نعمه لا تحصى وفضله لا يحد ورحمته وسعت كل شيئ

هو الأعز الأكرم .. لا تنتهي عطاياه ولا ينقطع جوده وإحسانه ولا يكف الخلق عن سؤاله .. هو الغني ونحن الفقراء إليه

ذو الجلال والإكرام .. وصف لأحدية ذاته وصفاته وأفعاله.. سبحانه ..

 ذو الجلال والإكرام .. جل شأنه .. وسورة الرحمن :

ذكر هذا الإسم الجليل مرتين في القرآن الكريم في سورة الرحمن

في وسطها قال تعالى : ( كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام )(الرحمن:26-17)

وفي آخرها قال تعالى : ( تبارك أسم ربك ذي الجلال والإكرام ) ( الرحمن : 78 )

ورفع ( ذو ) في الآية الأولى يفيد أنه وصف للوجه

وجرها في الآية الثانية (ذي ) يفيد أنها جاءت وصفا للرب تبارك وتعالى

وسورة الرحمن لها في معانيها تدبر .. وكل آية منها

تظهر قدرة الله وعظيم فضله .. وفيها إشارات إلى العلوم الكونية من بر وبحر وجو .. وإشارات إلى بدء الخليقة ونهاية العالم ..

أولها علم وخلق وقدرة وآلاء لا تحصى .. ووسطها فناء الخلق بعد الحياة ثم حياة ونشر وبقاء .. وآخرها شكر على النعم بسعادة أخروية وعطاء غير مجذوذ ..

وفي سورة الرحمن ذكرت آية ( فبأي ألاء ربكما تكذبان ) إحدى وثلاثون مرة .. فهل من مدكر ..  وهذه السورة هي وحدها التي نسبها الرحمن لنفسه ..

والآيتان اللتان ورد فيهما هذا الإسم المقدس دلتا على أنه ذو الجلال والإكرام في ذاته وصفاته وأفعاله فوجهه كناية عن ذاته العلية وربوبيته تعبير صادق عن جميع صفاته الأحدية .. وهذا الإسم بما فيه من دلائل العظمة والجلال والقدرة وسعة الفضل والرحمة وجزيل المنة .. وهذا هو الإطار الذي طافت حوله هذه السورة ..

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة السادسة والأربعون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي بعنوان :

*سورة الرحمن ..

سورة الرحمن هي سورة الجلال في أسمى معانيه وهي سورة الإكرام في أبهى صوره ومظاهره .. هي إعلان عام في ساحة الوجود وإعلام بآلآء الله الباهرة الواضحة في جميل صنعه وإبداع خلقه وفيض نعمائه وتدبيره للوجود .. وفي توجه الوجود كله والخلائق كلها إلى

وجهه الكريم ..

وهي إشهاد عام للوجود كله على الإنس والجن في ساحة الوجود على مشهد من كل موجود مع تحديدها وأنه إن كاتا يملكان التكذيب بآلاء الله .. تحديا يتكرر عقب بيان

كل نعمة من نعمه التي يعددها ..

 أسم الله تعالى .. ذو الجلال والإكرام .. جل جلاله .. في الحديث الشريف :

- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ألظوا يا ذي الجلال والإكرام )( رواه الترمذي عن أنس رضى الله عنه ) أي ألزموه وأثبتوا عليه وأكثروا من قوله في ذكركم ودعائكم .. وأجعلوه في أول الدعاء ووسطه وآخره،وتوسلوا وتقربوا بهذا الإسم المقدس .. وثقوا بفضله وأيقنوا بالإجابة

- وروى في بعض الروايات أنه أسم الله العظيم .. وقيل في ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مارا في طريق أعرابيا يقول ( اللهم إني أسألك بإسمك الأعظم العظيم .. الحان المنان .. مالك الملك .. ذو الجلال والإكرام ) .. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنه دعا بإسم الله الذي إذا دعى به أجاب وإذا سئل به أعطى ) ..

- وكان النبي صلى الله عليه وسلم عقب كل صلاة ينهج بهذا الإسم .. روى مسلم في صحيحه عن عائشة رضى الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم لا يقعد .. يعني بعد الصلاة .. إلا قدر ما يقول : ( اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت ياذا الجلال والإكرام ) ..

 الأدب مع أسم الله الجليل .. ذو الجلال والإكرام :

(1)       متى أدرك المؤمن أن الله ذو الجلال والإكرام

(2)           عاش في رحاب هذا الإسم الذي يملي عليه الخزف من العقاب والرجاء في الثواب .. وظل متقلبا بين الخوف والرجاء .. ولا نجاة إلا بذلك لأن الخوف المطلق يسلم إلى اليأس والرجاء المطلق يسلم إلى التفريط .. وقد أمرنا الله تعالى أت نخاف ونرجو فقال تعالى : ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفهم وطمعا ومما رزقناهم ينفقون )( السجدة : 16 )

وقال تعالى : ( ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وأدعوه خوفا وطمعا إن رحمت الله قريب من المحسنين ) ( الأعراف : 56 )

وقد فسر بعض العلماء معنى ( التقوى ) بأنها الوقوف بين منزلة الخوف والرجاء .. فالمؤمن إذا تذكر جلال الله رهب .. وإذا تذكر كرمه طمع ورجا .. فهكذا يعيش في مقام الرهبة فيعمل ويجتهد في الطاعة ويحترز من المعاصي ويعيش في مقام الرجاء فيأنس ويطمئن قلبه ويأمن ..

ولالخوف من مقام الله تعالى ذو الجلال .. يؤدي بالمؤمن إلى التواضع وكسر دواعي الغرور التي تتسلط على بعض الناس الذين يغمرهم الله بنعمه فينسون مقام الله ولا ينظرون إلا إلى أنفسهم ..

ومن خاف مقام ربه كفل الله له جنتين .. وأمنه من الفزع يوم يخاف الناس .. قال تعالى : ( ولمن خاف مقام ربه جنتان ) ( الرحمن : 46 )

والرجاء في جنب الله تعالى وكرمه لا يقتصر على الدنيا .. بل يتعداه إلى الآخرة .. قال تعالى مخبرا عن الدنيا وإكرام البر والفاجر فيها : ( وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا منه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ) ( الجاثية : 13 )

وقال تعالى : ( ولقد كرمنا بني آدم وجملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير مما خلقنا تفضيلا ) ( الإسراء : 70 )

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة السابعة والأربعون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *سورة الرحمن ..

أما الإكرام في الآخرة فهو خاص بالمؤمنين .. قال تعالى

 : ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون ) ( يوسف : 26 )

(2) أدم لله الدعاء .. فالكريم لا يقطع الرجاء فمن أدب المؤمن أنه ينبغي  له التقرب بهذا الإسم تعلقا بالخضوع والتواضع لله تعالى .. وتخلقا أن يكون له جلال وهيبة عن النقائص .. وتكرما على العباد بالإعطاء ..

(3) من يطلق إسم ( صاحب الجلاله ) أو ( صاحب المقام الرفيع ) أو ( صاحب العزة ) أو ( صاحب العظمة ) .. من الناس على نفسه أو على غيره فمن لا يستحق من الناس فقد أحتمل بهتانا أو إثما مبينا .. فهذه الأسماء تنسى الناس مقام الله الكريم .. وتصنع هالات من العظمة الزائفة تسلمهم إلى الهلاك .. ولا يدرك الناس أن هذه الأسماء والألقاب قد تطغى من تطلق عليهم وتزين لهم الشر ..

كما حدث لفرعون حين تمادى قومه في خلع الألقاب عليه ففسد وأفسد وطغى وتكبر حتى قال : ( أنا ربكم الأعلى فأخذه الله نكال الأولى والآخرة )

ولنتخيل ماذا يجيب هؤلاء عند السؤال إذا قال لهم الملكان الموكلان بسؤالهم في قبورهم .. أأنت صاحب الجلالة والعظمة والعزة ؟!

بل ماذا يجيبوا إذا وقفوا عند ربك وسئلوا أمام العزيز .. مالك الملك ذي الجلال والإكرام .. فليتقوا الله وليتركوا هذه الأسماء التي هي لله وحده .. وقد أحسن حاكم المملكة العربية السعودية فهد بن عبدالعزيز صنعا حين ألغى الألقاب وسمى نفسه ( خادم الحرمين الشريفين ) فإزداد عزة وشرفا بتواضعه لجلال الله تعالى ..

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن رب العزة قوله سبحانه : ( الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني واحدا منها قذفته في النار ) ( رواه احمد وأبودواد وابن ماجه عن أبى هريرة رضى الله عنه )

(4) إن نور جلال الله في قلوب العباد هو غاية الآمال وهو النعمة التي لا يجد المؤمنون بالله نعمة أعظم منها .. فيعيشوا به ويموتوا وهو معهم وإذا بعثوا وجدوه يسعى بين أيديهم فيقولون وهو خلف سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ..

( ربنا أتمم لنا نورنا وأغفر لنا إنك على كل شيئ قدير ) ( التحريم : 8 )

فيستجيب الله لهم ويتجلى عليهم . . فينسيهم هذا التجلي كل نعيم الجنة المادي لأن النظر إلى وجه الله الكريم هو النعمة الكبرى على الإطلاق ..

(5) من عرف الله بنعوت جلاله وجماله لم يقنط من رحمته أبدا مهما كثرت الذنوب وأشتد البلاء .. فإنما الله عز وجل لا يخيب رجاء من دعاه وأحسن الظن به وكان ملازما لطاعته ..

ومن أراد أن يجله ربه ويعظم شأنه بين عباده فعليه أن يجل الأخيار من العلماء والأولياء الصالحين وكل من شاب في الإسلام .. وأن يجل على وجه الخصوص أبويه ويحسن إليها ويرحمهما ويدعو لهما بالرحمة ومن أراد أن يخصه الله بالعلم فليطلبه من أجله مخلصا في طلبه والعمل به منه الله إياه .. ومن طلبه لغير الله لم يحصل عليه وإن حصل على شيئ منه لم ينفعه .. وأكرم الناس عند الله من أكرمه الله بالعلم .. قال تعالى : ( إقرأ بأسم ربك الذي خلق . خلق الإنسان من علق .إقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان مالم يعلم )

ومن أراد أن يكرمه الله بالمال والبنين أو بأي نعمة من نعم الدنيا والآخرة فعليه أن يبادر بإكرام الصالحين أولا ثم بإكرام سائر الناس بقدر طاقته .. فالله كريم يحب الكريم ويدنيه من حضرة قدسه ويفيض عليه من واسع فضله وعظيم رحمته ما يجعله سعيدا في دنياه وآخرته ..

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الثامنة والأربعون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *سورة الرحمن ..

 الذكر في ظل أسم الله .. ذو الجلال والإكرام :

- أمرنا رسول الله بالإكثار من الدعاء والذكر بهذا الإسم العظيم الشريف

- وقيل من داوم على ذكر (مالك الملك ذي الجلال والإكرام ) كل يوم فإن الدنيا تنقاد إليه ..

- وقيل من أكثر من ذكره ولاح نوره على سره صار جليل القدر بين العوالم .. ومن عرف جلال الله تواضع له وتذلل ..

- وقيل من أكثر من ذكر هذا الإسم الشريف لا يسأل

 الله شيئا إلا أعطاه إياه .. وإن كان مكروبا فرج الله كربه وطهر قلبه ..

- وقيل من ذكره مائة مرة لمدة سبعة أيام وكان مكروبا فرج الله كربه وطهر قلبه من الأغبار وملأ جوارحه بالأنوار وأنقطع عنه الوسواس ولم يسكن بساحته الخناس ..

- اللهم يا ذا الجلال والإكرام صل وسلم وبارك على إمام أنبيائك وسيد رسلك سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى جميع    إخوانه من النبيين والمرسلين وجميع عبادك الصالحين من أهل السموات والأراضيين وأكرمنا برحمتك يا أرحم الراحمين .. يا ذا الجلال والإكرام

- ربي يا ذا الجلال والإكرام

لك وجهت وجهي فأقبل إلىّ بوجهك الكريم

وأستقبلني بمحض عفوك وكرمك وأنت راضي عني

برحمتك يا أرحم الراحمين .. يا الله يا ذا الجلال والإكرام

- أللهي .. أنت ذو الجلال والإكرام .. صاحب الطول والإنعام لك جلال يدك الجبال .. ولك جمال يفتح باب القبول والوصال أشرق نور هذا الإسم على لطائف قلبي حتى أتجنب الرذائل فأكون جليل القدر وأشرح صدري بإكرامك فأكون مجملا بلطائف الأسرار إنك على كل شيئ قدير .. وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

- وقد روى الترمذي في سننه عن عبدالله بن عباس رضى الله عنهما دعاء طويلا ينبغي حفظه .. جاء فيه : اللهم إني أسألك رحمة من عنك تهدي بها قلبي وتجمع بها أمري وتلم بها شعثي وترد بها غائبي وترفع بها شاهدي .. أي الحاضر معي .. وتزكي بها عملي وتلهمني بها رشدي وترد بها ألفتي  وتعصمني بها من كل سوء ..

اللهم إجعلنا هادين مهتدين غير ضالين ولا مضلين .. سلما لأوليائك وحربا لأعدائك .. نحب بحبك من أحبك ونعادي لعداوتك من خالفك ..

اللهم هذا الدعاء وعليك الإجابة

اللهم هذا الجهد وعليك التكلان

سبحان الذي تعطف بالعز وقال به

سبحان الذي لبس المجد وتكرم به

 سبحان الذي لا ينبغي التسبيح إلا له

 سبحان ذي الفضل والنعم ،سبحان ذي المجد والكرم

 سبحان ذي الجلال والإكرام  اللهم يا ذا الجلال والإكرام برحمتك أستغيث فأغثني وأصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين ولا إلى أحد من خلقك يا رحيم يا ودود ..

         [الأنترنت – موقع الجليل .. الكريم .. ذو الجلال والإكرام - أد- محمد محيى الدين

إستاذ جراحة المخ والأعصاب والعمود الفقرى كلية طب القصر العينى جامعة القاهرة]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة التاسعة والأربعون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي بعنوان :

*فقه أسماء الله الحسنى: ذو الجلال والإكرام

 قد ورد هذا الاسم في قوله تعالى: (تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ) [الرحمن: 78]، وقد جاء في السنة النبوية فضل الدعاء بهذا الاسم، ففي "المسند" عن ربيعة بن عامر رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "أنظُّوا بيا ذا الجلال والإكرام"، أي: الزمُوهُ واثبتُوا عليه وأكثروا من قوله والتلفظ به في دعائكم، يقال: ألظ بالشيء يُلظُّ إلظاظاً: إذا لزمه وثابر عليه. كذا في "النهايةلابن الأثير.

وفي "المسند" أيضاً عن أنس رضي الله عنه قال: كنت جالساً مع النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد ورجل يصلي، فقال: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت، المنان بديع السموات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى"

"فهذا سؤال له وتوسل إليه بحمده وأنه الذي لا إله إلا

 هو المنان، فهو توسل إليه بأسمائه وصفاته، وما أحق

 ذلك بالإجابة، وأعظمه موقعاً عند المسؤول"

وفي "صحيح مسلم"عن ثوبان رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله لعيه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثاً، وقال: "اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام".

وهو من الأسماء المضافة، وهي معدودة عند جماعة من أهل العلم في أسماء الله الحسنى.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وكذلك أسماؤه المضافة مثل: أرحم الراحمين، وخير الغافرين، ورب العالمين، ومالك يوم الدين، وأحسن الخالقين، وجامع الناس ليوم لا ريب فيه، ومقلب القلوب، وغير ذلك مما ثبت في الكتاب والسنة وثبت في الدعاء بها بإجماع المسلمين"

وهو من الأسماء الدالة على جملة أوصاف عديدة لا على معنى مفرد كما نبَّه على ذلك ابن

القيم رحمه الله في القواعد المتعلقة بأسماء الله الحسن التي ساقها في كتابه "بدائع الفوائد".

والإضافة في قوله: (ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ) [الرحمن: 27]، هي من باب إضافة صفاته القائمة به إليه سبحانه وتعالى: كقوله: (ذُو الرَّحْمَةِ) [الأنعام: 133]، و(ذُو الْقُوَّةِ) [الذاريات: 58].

فالجلال والإكرام والرحمة والقوة كلها صفات لله عز وجل مختصة به، دالة على عظمته وكماله سبحانه، بخلاف قوله تعالى: (ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ) [البروج: 15]، فإنه من باب إضافة المخلوق إلى خالقه على وجه التشريف.

وفي قوله: (ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ) [الرحمن: 27]، جمعٌ بين نوعين من الوصف؛ كثيراً ما يقرن بينهما في القرآن الكريم، كقوله: (رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) [هود: 73]، وقوله: (فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) [النمل: 40]، وقوله: (فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً) [النساء: 149]، وقوله تعالى: (وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ )[الممتحنة: 7]، وقوله: (وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ) [البروج: 14]، وهو كثير في القرآن.

قال ابن القيِّم رحمه الله في أثناء كلام له عن اسمي الحميد المجيد، وأنهما إليهما يرجع الكمال كله: "وأما المجد فهو مستلزم للعظمة والسعة والجلال ...، والحمد يدل على صفات الإكرام، والله سبحانه ذو الجلال والإكرام، وهذا معنى قول العبد: لا إله إلا الله، والله أكبر، فلا إله إلا الله دالٌّ على ألوهيته وتفرده فيها، فألوهيته تستلزم محبته التامة، والله أكبر دال على مجده وعظمته، وذلك يستلزم تمجيده وتعظيمه وتكبيره، ولهذا يقرن سبحانه بين هذين النوعين في القرآن كثيراً"

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الخمسون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *فقه أسماء الله الحسنى: ذو الجلال والإكرام

فالجلال يتضمن التعظيم، والإكرام يتضمن الحمد والمحبة.

قال الخطابي رحمه الله في بيان المعاني التي يحتملها هذا الاسم: "والمعنى: أن الله جل وعز وستحقٌ أن يُجِل ويكرَم فلا يجحد ولا يكفر به، وقد يحتمل أن يكون المعنى: أن يُكرِم أهل ولايته ويرفع درجاتهم بالتوفيق لطاعته في الدنيا، ويُجلُّهُم بأن يتقبل أعمالهم ويرفع في الجنان درجاتهم، وقد يحتمل أن يكون أحد الأمرين – وهو الجلال – مضافاً إلى الله سبحانه بمعنى الصفة له، والآخر مضافاً إلى العابد بمعنى الفعل منه، كقوله سبحانه: (هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ) [المدثر: 56]، فانصرف أحد الأمرين، وهو المغفرة إلى الله

سبحانه، والآخر إلى العباد، وهو التقوى"

نقل هذه الاحتمالات الثلاثة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، ثم قال: القول الأول أقربها إلى المراد ... ثم قال: وإذا كان مستحقاً للإجلال والإكرام لزم أن يكون متصفاً في نفسه بما يوجب ذلك، كما إذا قال: الإله هو المستحق لأنه يؤله، أي: يُعبد؛ كان هو في نفسه مستحقاً لما يوجب ذلك، وإذا قيل: هو أهل التقوى؛ كان هو في نفسه متصفاً بما يوجب أن يكون هو المتقي.

ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع بعدما يقول: "ربنا ولك الحمد": "ملء السموات وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلُّنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد"أي: هو مستحقٌّ لأن يثني عليه وتمجَّد نفسُه.

والعباد لا يحصون ثناء عليه، وهو كما أثنى على نفسه، كذلك هو أهل أن يجل وأن يكرم، وهو سبحانه يجلُّ نفسه ويكرم نفسه، والعباد لا يحصون إجلاله وإكرامه.

والإجلال من جنس التعظيم، والإكرام من جنس الحب والحمد، وهذا كقوله: (لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ) [التغابن: 1]، فله الإجلال والملك، وله الإكرام والحمد ... ثم قال: قوله: (وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ) [الرحمن: 27]، وقوله: (تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ) [الرحمن: 78]، وهو في مصحف أهل الشام: " تبارك اسم ربك ذو الجلال والإكرام"، وهي قراءة ابن عامر، فالاسم نفسه يُذوَّى بالجلال والإكرام، وفي سائر المصاحف وفي قراءة الجمهور: (ذِي الْجَلالِ)، فيكون المسمى نفسه، وفي الأولى (وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ) فالمذوَّى وجهه سبحانه، وذلك يستلزم أنه هو ذو الجلال والإكرام، فإنه إذا كان وجهه ذا الجلال والإكرام كان هذا تنبيهاً كما أن اسمه إذا كان ذا الجلال والإكرام كان تنبيهاً على المسمى. وهذا يبين أن المراد أنه يستحق أن يُجل ويُكرم.."

وبهذا ينتهي ما أردتُ إيراده في فقه أسماء الله الحسنى، والحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه على ما يسر ومنَّ، لا أحصى ثناء عليه (رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ) [النمل: 19].

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

[الأنترنت – موقع ملتقى أهل الحديث أبو أنس الحجازي  وفقه الله - فقه أسماء الله الحسنى الشيخ عبد الرزاق البدر]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الواحدة والخمسون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي بعنوان :

*شرح أسماء الله الحسنى - الكريم - الأكرم

أولا /المعنى اللغوي:

  الكريم: صفة مشبهة للموصوف بالكرم، والكرَم نقيض اللؤم. والكريم: الصفوح كثير الصفح.

وقيل لشجرة العنب: كَرمَةٌ بمعنى كريمة، لأنها فاكهة

كثيرة الخير، ظل ظليل، وثمار يانعة وقطوف دانية،

 وغذاء جيد وفاكهة محببة.

والكريم الشيء الذي تكثر منافعه ، ومن ذلك قولنا قرآن كريم . وإذا قلنا مكارم الأخلاق، يعني أفضلها وأحسنها وأسماها.

ثانيا / وروده في القرآن الكريم :

ورد اسم الله تعالى الكريم ثلاث مرات، في قوله تعالى: (فَتَعَالَى الله الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ )المؤمنون:116،

 وقول الله عزَّ وجلَّ: (يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ )الانفطار: 6، وقوله تعالى (..وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) النمل:40.

وورد اسمه تعالى الأكرم في قوله: (اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (العلق:3

ثالثا /  المعنى في حق الله تعالى :

الكريم هو كثير الخير، الجواد المعطي الذي لا ينفذ عطاؤه، الجامع لأنواع الخير والشرف والفضائل، فالكريم اسم جامعٌ لكل ما يُحمد.

يقول الغزالي “الكريم: هو الذي إذا قدر عفا وإذا وعد وفى، وإذا أعطى زاد على منتهى الرجاء، ولا يبالي كم أعطى ولمن أعطى….” (المقصد الأسنى:1:117)

أما معنى اسم الله تعالى الأكرم:

الأكرم: اسم دل على المفاضلة في الكرم ، والأكرم هو الأحسن والأنفس والأوسع، والأعظم والأشرف، والأعلى من غيره في كل وصف كمال، قال تعالى: “إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ “الحجرات:13

الفرق بين الكريم والأكرم:

والأكرم سبحانه هو الذي لا يوازيه كرم ولا يعادله في كرمه نظير، وقد يكون الأكرم بمعنى الكريم، لكن الفرق بين الكريم والأكرم هو:

أن الكريم، دل على الصفة الذاتية والفعلية معًا، كدلالته على معاني الحسب والعظمة والسعة، والعزة والعلو والرفعة وغير ذلك من صفات الذات، وأيضًا دل على صفات الفعل فهو الذي يصفح عن الذنوب،  وهو الذي تعددت نعمه على عباده بحيث لا تحصى وهذا كمال وجمال في الكرم...

أما الأكرم : فهو المنفرد بكل ما سبق في أنواع الكرم الذاتي والفعلي، فهو سبحانه أكرم الأكرمين له العلو المطلق على خلقه في عظمة الوصف وحسنه، ومن ثم

 الجمال.  إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الثانية والخمسون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *شرح أسماء الله الحسنى - الكريم - الأكرم

رابعا / تأملات في رحاب الاسم الجليل :

اسم الله تعالى الكريم من الأسماء المُحببة إلى النفوس المؤمنة، فهم متقلبون في نعمه ليل نهار، فلا كرم يسمو على كرمه، ولا إنعام يرقى إلى إنعامه، ولا عطاء يوازي عطاءه، فما أكرمه سبحانه ، قال تعالى : (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ الله لا تُحْصُوهَا ) النحل:18

وكل ما في الكون إنما هو من شواهد جوده وإكرامه فهو الذي يعطي بغير حساب ، وينعم وإن جحد به الجاحد.

وكم نعمة أجراها لخلقه قبل سؤالهم , فأحسن صورهم , وأغدق أرزاقهم ، وحملهم في البر والبحر ؛ قال تعالى  : (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً)[الإسراء:70]،

وعن أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله  عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( يَدُ الله  ملأى لَا يَغِيضُهَا نَفَقَةٌ سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَقَالَ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَدِهِ ) متفق عليه

وقوله : (ملأى ) تأنيث ملآن والمراد منه لازمه وهو أنه في غاية الغنى وعنده من الرزق ما لا نهاية له في علم الخلائق . وقوله : (لا يغيضها ) لا ينقصها ، يقال غاض الماء يغيض إذا نقص .

قوله ( سحاء ) دائمة الصب.

قوله : أرأيتم ما أنفق ) تنبيه على وضوح ذلك لمن له بصيرة .قوله (فإنه لم يغض ) أي ينقص.كأنه لما قال ملأى أوهم جواز النقصان فأزيل بقوله لا يغيضها شيء ، وقد يمتلئ الشيء ولا يغيض ، فقيل سحاء إشارة إلى الغيض وقرنه بما يدل على الاستمرار من ذكر الليل والنهار ثم أتبعه بما يدل على أن ذلك ظاهر غير خاف على ذي بصر وبصيرة بعد أن اشتمل من ذكر الليل والنهار بقوله أرأيتم على تطاول المدة.

ومن شواهد كرمه قبوله العمل من عبده المخلص له على يسره وقلته وينميه له ويشكره عليه :فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله  عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله  صَلَّى الله  عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ وَلَا يَقْبَلُ الله  إِلَّا الطَّيِّبَ وَإِنَّ الله  يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ ) متفق عليه

 والحسنة تكتب عشرا ويضاعفها لمن يشاء إلى سبعمائة ضعف فعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ

قَالَ ( جَاءَ رَجُلٌ بِنَاقَةٍ مَخْطُومَةٍ فَقَالَ هَذِهِ فِي سَبِيلِ الله  فَقَالَ رَسُولُ الله  صَلَّى الله  عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَبْعُ مِائَةِ نَاقَةٍ كُلُّهَا مَخْطُومَةٌ ) رواه مسلم

ويعطي من يخصهم بفضله إلى ما لا نهاية فيزيدهم على السبعمائة مع ما يكرمهم به من سعة أرزاقهم , وانشراح صدورهم , وطيب عيشهم, فإذا كان هذا عطاؤه في الدنيا فكيف سيكون عطاؤه لأوليائه في دار كرامته قال تعالى (َمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ) سورة غافر : آية 40

قال ابن القيم :”فالله سبحانه غني حميد كريم رحيم , فهو محسن إلى عبده مع غناه عنه يريد به الخير ويكشف عنه الضر , لا لجلب منفعة إليه سبحانه ولا لدفع مضرة , بل رحمة وإحسانا وجودا محضا ؛ فإنه رحيم لذاته محسن لذاته جواد لذاته كريم لذاته ؛ كما أنه غني لذاته قادر لذاته حي لذاته ؛ فإحسانه وجوده وبره ورحمته من لوازم ذاته لا يكون إلا كذلك كما أن قدرته وغناه من لوازم ذاته فلا يكون إلا كذلك وأما العباد فلا يتصور أن يحسنوا إلا لحظوظهم” طريق الهجرتين 105

ومن معاني اسم الله الكريم سبحانه شرف الذات وعلو القدر فهو سبحانه ذو الجلال والإكرام أي ذو العظمة والكبرياء والمجد الذي يعظم ويبجل ويجل لأجله والإكرام الذي هو سعة الفضل والجود الذي يكرم أولياءه وخواص خلقه بأنواع الإكرام الذي يكرمه أولياؤه ويجلونه ويعظمونه ويحبونه .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الثالثة والخمسون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *شرح أسماء الله الحسنى - الكريم - الأكرم

وكل صفة محمودة تسمى كرماً على خلاف ما يظنه معظم الناس ، من أن فلاناً كريم يعني أنه يعطي لغيره مالا كثير.

فكلمة كريم شاملة واسعة: فالحلم كرم، والسخاء كرم، واللطف كرم، والصبر كرم، والمروءة كرم.. فالكرم يعني أيّة صفة حميدة يتصف بها الإنسان، بل إن الصفات الحميدة كلها تلخص بكلمة واحدة هي الكرم، بينما الصفات الخسيسة كلها تلخص بكلمة واحدة هي اللؤم.

فالناس رجلان ؛ كريم ولئيم.

كما قال الشاعر

 إذا أنت أكرمت الكريم ملكته ***وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا

وهكذا قال عليه الصلاة والسلام يومَ فتحِ مَكَّةَ: ( يا أيُّها النَّاسُ، إنَّ الله  قد أذهبَ عنكم عُبِّيَّةَ الجاهليَّةِ وتعاظمَها بآبائِها فالنَّاسُ رجلانِ:  برٌّتقيٌّ كريمٌ على الله ، وفاجرٌ شقيٌّ هيِّنٌ على الله) صححه الألباني في صحيح سنن الترمذي

الكريم هو الصفوح

إذا اذنب العبد وتاب يعامله الله أولا باسمه الغفور فيستره ،ويغفر الذنب إذا تاب العبد منه …ثم يعامله ..بالعفو ..أي يمحو السيئة وعفو الله عز وجل ليس معناه أن يلغي العقاب فحسب وليس معناه أن ينسي الناس ذنبك أيضاً ، ولكن عفو الله معناه ، أن ينسيك ذنبك ، وهذا معنى دقيق جداً ، يعني أنت صاحب الذنب، ومن كمال عفوه عنك أنه ينسيك ذنبك .

كما في الحديث”  إذا تاب العبدُ أنسى اللهُ الحفَظةَ ذنوبَه ، و أنسى ذلك جوارحَه و معالِمَه من الأرضِ ، حتى يَلقى اللهَ و ليس عليه شاهد من اللهِ بذنبٍ

   والحديث في سنده ضعف كما قال الألباني

ومن بالغ كرمه أنه يبدل السيئات حسنات لمن تاب وصدق في توبته قال تعالى : “إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ الله  سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ الله غَفُورًا رَحِيمًا “الفرقان 70

وكما في الحديث “ إنِّي لأعلمُ آخرَ رجلٍ يخرجُ من النارِ يُؤتَى بالرجلِ يومَ القيامةِ ، فيُقالُ : اعْرِضُوا عليهِ صِغَارَ ذُنُوبِه ؛ ويُخَبَّأُ عنه كِبَارُها ، فيُقالُ : عملتَ يومَ كذا كذا وكذا ، وهوَ مقرٌ لا يُنكِرُ ، وهوَ مُشفِقٌ مِنْ كِبَارِها فيُقالُ : أَعطُوه مكانَ كلِّ سيئةٍ حسنةً .

فيقولُ : إنَّ لي ذنوبًا ما أَرَاها ههنا ؟؟؟

 قالَ أبو ذرٍّ : فلقدْ رأيتُ رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ ضَحِكَ حتى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ” السلسلة الصحيحة للألباني

فيوم القيامة تعرض علينا صغار أعمالنا فنستحي من الله ان يسألنا ..أنت فعلت هذا الذنب …فيسكت العبد ..فيقول الله تعالى : أعطوه مكان كل سيئة حسنة …..لأنه تاب في الدنيا ، فيتذكر العبد الذنوب الكبار فيقولُ : إنَّ لي ذنوبًا ما أَرَاها ههنا يريد أن تتبدل السيئات حسنات .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الرابعة والخمسون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *شرح أسماء الله الحسنى - الكريم - الأكرم

الكريم بمعنى الحيي

في الحديث (إنَّ اللهَ حَيِيٌّ كريمٌ يستحيي إذا رفع الرجلُ إليه يدَيه أن يردَّهما صِفرًا خائبتَينِ) صححه الألباني في سنن الترمذي

واذا اقترن الحيي والكريم معا يصبح المعنى : الذي يستر العيب ويظهر الجميل .

كيف سمعتك (بضم السين)عند الناس ماهي السيرة الذاتية لك ؟

الذي يكتب لك الذكر الحسن في نفوس الناس هو الله عز وجل ، الذي يجعل الناس تبتسم لك عندما تقابلك هو الله ….الله هو الذي يجعل صدور الناس تنشرح لك …فهو الذي يظهر الجميل ويستر القبيح سبحانه.

وصدق القائل :

أنت الذي أطعمتني وسقيتني ….. من غير كسب يد ولا دكان

وجبرتني وسترتني ونصرتني …… وغمرتني بالفضل والإحسان

أنت الذي آويتني وحبوتني ……… وهديتني من حيرة الخذلان

وزرعت لي بين القلوب مودة ….. والعطف منك برحمة وحنان

ونشرت لي في العالمين محاسنا …… وسترت عن أبصارهم عصياني

وجعلت ذكري في البرية شائعا …… حتى جعلت جميعهم إخواني

والله لو علموا قبيح سريرتي ……. لأبى السلام علي من يلقاني

ولأعرضوا عني وملوا صحبتي …… ولبؤت بعد كرامة بهوان

لكن سترت معايبي ومثالبي…. وحلمت عن سقطي وعن طغياني

فلك المحامد والمدائح كلها…. بخواطري وجوارحي ولساني

 خامسا / ثمار الإيمان بالاسم الجليل

أولا / أن يقابل العبد كرم الله بشكره  وطاعته والتذلل له : وهذا والله ليس بالأمر الهين ولا يوفق الله إليه إلا القلة الذين قال الله فيهم (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِي الشَّكُور ) سبأ :ُ 13 .

أما عامة الخلق فأعرضوا وتناسوا المنعم الكريم (إِنَّ الله  لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ ) غافر :61

ثانيا / الحذر الشديد أن يكون كرمه سبحانه على عبد من عباده سبب لمعصيته له:

 فلا يعصيه بنعمه ولا يغتر بإكرام الله له بالنعمة قال تعالى :(يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيم ِ)العلق : 6

فتأمل كيف جاء هذا الاسم لله في هذا الموضع !!!

 قال ابن كثير “لأنه إنما أتى باسمه الكريم لينبه على أنه لا ينبغي أن يقابل الكريم بالأفعال القبيحة وأعمال الفجور مع أنه قادر على خلق النطفة على شكل قبيح من الحيوانات المنكرة الخلق ولكن بقدرته ولطفه وحلمه يخلقه على شكل حسن مستقيم معتدل تام حسن

 المنظر والهيئة ”  تفسير ابن كثير ج4/ص482

وقال ابن القيم “غره بربه الغرور (بفتح الغين )وهو الشيطان ونفسه الأمارة بالسوء وجهله وهواه ، وأتي سبحانه بلفظ الكريم وهو السيد العظيم المطاع الذي لا ينبغي الاغترار به ولا إهمال حقه فوضع هذا المغتر الغرور في غير موضعه واغتر بمن لا ينبغي الاغترار به” الجواب الكافي 13. وقال ذو النون المصري :”كم من مغرور تحت الستر وهو لا يشعر “

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الخامسة والخمسون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي

بعنوان : *شرح أسماء الله الحسنى - الكريم - الأكرم

ثالثا / أن يسعى العبد أن يكون ممن أكرمهم ربهم بطاعته ولم يهانوا بمعصيته؛ قال تعالى : ( وَمَنْ يُهِنْ الله  فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ الله  يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ) الحج :18

 فالإكرام الحقيقي هو إكرام الله بالتوفيق للإيمان ، قال تعالى : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ) الحجرات:13 ،

وعند البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه : ( قِيلَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ ؟ قَالَ : أَتْقَاهُمْ ، فَقَالُوا : لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ ، قَالَ : فَيُوسُفُ نَبِي اللهِ ابْنُ نَبِي اللهِ ابْنِ نَبِي اللهِ ابْنِ خَلِيلِ اللهِ ، قَالُوا : لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ ، قَالَ : فَعَنْ مَعَادِنِ الْعَرَبِ تَسْأَلُونَ خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإِسْلاَمِ إِذَا فَقُهُوا ) رواه البخاري

رابعا / الدعاء والتمجيد لله بهذا الاسم:

 فقد ورد الدعاء بالاسم المطلق عند البيهقي في أصح الروايات عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يدعو في السعي : ( اللهمَّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ الأَعَزُّ الأَكْرَمُ ) رواه البيهقي في السنن ، وفي رواية أخرى : ( اللهمَّ اغْفِرْ وَارْحَمْ ، وَاعْفُ عَمَّا تَعْلَمُ ، وَأَنْتَ الأَعَزُّ الأَكْرَمُ ، اللهمَّ آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِى الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ )

ومن الدعاء بالوصف ماورد من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه أن النبي كان إذا دخل المسجد قال : ( أَعُوذُ بِالله العَظِيمِ ، وَبِوَجْهِهِ الكَرِيمِ ، وَسُلطَانِهِ القَدِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ، فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ قَالَ الشَّيْطَانُ حُفِظَ مِنِّي سَائِرَ اليَوْم ) رواه أبو داود

وصححه الشيخ الألباني

ومن التمجيد له سبحانه بهذا الاسم أن يذكر نفسه بعد كل صلاة فريضة بأنه سبحانه ذو الجلال والإكرام كما ثبت في صحيح مسلم عن عائشة قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم لا يقعد يعني بعد الصلاة إلا بقدر ما يقول اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام )

خامسا /حسن الظن بالله :

فمن عرف ربه بهذا الكرم أحسن ظنه فلا يخشى على نفسه فقرا أبدا ، و لا يذل لمخلوق كائنا من كان بل يسارع عند النوازل والكروب المالية والنفسية إلى من يمينه ملأى سحاء الليل والنهار .

عن ابن عباس: أن رسول الله كان يقول عند الكرب

 “لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض رب العرش الكريم” (متفق عليه) فلُذ بربِّك الكريـــم، يُفرج كربك.

سادسا / أن يتحلى بوصف الكرم والسخاء ،والجود والعطاء لأنه يحب من عباده الكرماء :

إذا كنت تُحب أن يعاملك الله الكريم، بكرمه وجوده وفضله وإنعامه، فعليك أن تُكرم النــاس في معاملاتك وأخلاقك .

قال ابن القيم : “ومن وافق الله في صفه من صفاته قادته تلك الصفة اليه بزمامه وأدخلته على ربه وأدنته منه وقربته من رحمته وصيرته محبوبا له فانه سبحانه رحيم يحب الرحماء كريم يحب الكرماء عليم يحب العلماء

” [الجواب الكافي ص44 ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة السادسة والخمسون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *شرح أسماء الله الحسنى - الكريم - الأكرم

“ولمحبته لأسمائه وصفاته أمر عباده بموجبها ومقتضاها فأمرهم بالعدل والإحسان والبر ولما كان سبحانه يحب أسماءه وصفاته كان أحب الخلق إليه من اتصف بالصفات التي يحبها وأبغضهم إليه من اتصف بالصفات التي يكرهها فإنما أبغض من اتصف بالكبر والعظمة والجبروت لأن اتصافه بها ظلم إذ لا تليق به هذه الصفات ولا تحسن منه لمنافاتها لصفات العبد وخروج من اتصف بها من ربقة العبودية , وهذا خلاف ما تقدم من الصفات فإنها لا تنافي العبودية بل اتصاف العبد بها من كمال عبوديته إذ المتصف بها من العبيد لم يتعد طوره ولم يخرج بها من دائرة العبودية ” [طريق الهجرتين ص215 ]

ورتب الله على النفقة والبذل أجورا عظيمة وهي لا تنقص من المال شيئا بل تزيده ؛ كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم , وهي أيضا مخلوفة على العبد ؛ فلينفق العبد وهو يوقن بالخلف من الله ( وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ) سبأ : 39

 وسخر الله لمن أنفق ملكين يدعوان له بالخلف من الله فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله  عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ( مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلَانِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا وَيَقُولُ الْآخَرُ اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا )

وعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ رَسُولَ الله  صلى الله عليه وسلم قَالَ: ( إِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ الله  إِلَّا أُجِرْتَ عَلَيْهَا حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فَمِ امْرَأَتِكَ ) [متفق عليه ]

وتكفل الله لمن أنفق أن ينفق عليه كما ثبت في الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ :  ( قَالَ الله  تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَا ابْنَ آدَمَ أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ )

قال ابن القيم : “ومن عامل خلقه بصفة عاملة الله تعالى بتلك الصفة بعينها في الدنيا والاخرة فالله تعالى لعبده على ما حسب ما يكون العبد لخلقه” [الوابل

الصيب ج1/ص54 ] .

ولذا كان النبي أكرم الخلق فعند مسلم من حديث أنس رضي الله عنه : ( أَنَّ رَجُلاً سَأَل النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم غَنَمًا بَيْنَ جَبَليْنِ ؟ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ ؛فَأَتَى قَوْمَهُ فَقَال :أَيْ قَوْمِ أَسْلمُوا فَوَ اللهِ إِنَّ مُحَمَّدًا ليُعْطِي عَطَاءً مَا يَخَافُ الفَقْرَ ؛

فَقَال أَنَسٌ : إِنْ كَانَ الرَّجُل ليُسْلمُ مَا يُرِيدُ إِلاَّ الدُّنْيَا فَمَا يُسْلمُ حَتَّى يَكُونَ الإِسْلاَمُ أَحَبَّ إِليْهِ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَليْهَا ) . وأَعْطَى رَسُولُ الله  صلى الله عليه وسلم صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ مِائَةً مِنْ النَّعَمِ ثُمَّ مِائَةً ثُمَّ مِائَةً قَالَ صَفْوَانَ: وَالله  لَقَدْ أَعْطَانِي رَسُولُ الله  صلى الله عليه وسلم مَا أَعْطَانِي وَإِنَّهُ لَأَبْغَضُ النَّاسِ إِلَيَّ فَمَا بَرِحَ يُعْطِينِي حَتَّى إِنَّهُ لَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ [رواه مسلم]     إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة السابعة والخمسون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *شرح أسماء الله الحسنى - الكريم - الأكرم

سابعا / أن يحذر البخل والشح ويجاهد ويجتهد ليقيه الله شح نفسه وحينئذ سيكون من المفلحين :

قال تعالى ( ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ) وكيف يبخل المسلم وليس البخل منع الآخرين وإنا هو في الحقيقة حرمان الانسان نفسه من الخير.

قال تعالى : ( هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ الله  فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَالله الْغَنِيُّ وَأَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ )[محمد :38 ]

وأشد البخل في منع ما وجب لله أو وجب لخلقه وقد توعد الله عليه بالوعيد الشديد قال تعالى : ( وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ الله  فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ ) [ التوبة :35 ]

ومن منع حق الأجير كان خصما لله تعالى فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله  عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم َ قَالَ  : ( قَالَ الله  ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِ أَجْرَهُ ) [البخاري ]

 ثامنا / أن يظهر على العبد أثر النعمة:

 عن أبي الأحوص عن أبيه قال: ” أتيت رسول الله

 وعليَّ ثوب دون،(يعني رث الهيئة ) فقال لي :  ألك مال؟، قلت: نعم، قال: من أي المال؟

، قلت: من كل المال قد أعطاني الله من الإبل والبقر والخيل والرقيق. قال: فإذا آتاك الله مالاً فلير أثر نعمة الله عليك وكرامته . ”  رواه أحمد، وصححه الألباني

تاسعا / كرم الأخلاق: إذا أردت أن يكرمك الله، كن كريم الأخلاق، قال رسول الله: “إن الله كريم يحب الكرم، ويحب معالي الأخلاق ويكره سفسافها “صححه الألباني

وعن أبي هريرة: عن النبي قال : “من كان هينا لينًا قريبًا حرمه الله على النار (رواه الحاكم، وصححه الألباني. [الأنترنت – موقع الراشدون]

*شرح الأسماء الحسنى : ذو الجلال والإكرام

أولا المعنى اللغوي :

ذو بمعني صاحب يقال: فلان ذو مال، وذو فضل.

ذو الجلال : الجلال من جلّ الشيء إذا عظم وجلال اللّه عظمته وقدره، ويقال أمر جلل :معناه الأمر العظيم الذي لا طاقة للكل به.( والإكرام ) مصدر الفعل أكرم  والإكرام : إسداء النعمة والخير

 ثانيا /وروده في القرآن الكريم:

 ذكر “ذو الجلال والإكرام” مرتين في القرآن الكريم في سورة الرحمن: قوله تعالى “ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام “27”وقوله : “تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام “78”هل الأسماء المقيدة أو المضافة ليست من الأسماء الحسنى ؟

ذهب إلى هذا أحد الباحثين وهو الدكتور ( محمود الرضواني ) في موسوعته عن أسماء الله الحسنى ذهب إلى أن الأسماء المقيدة أو المضافة ليست من الأسماء الحسنى التسعة والتسعين ؛ لأن التقييد والإضافة يحدان من إطلاق الحسن والكمال على قدر ما أضيف إليه الاسم أو قيد به، والله عز وجل ذكر أسماءه باللانهائية في الحسن، وهذا يعني الإطلاق التام الذي يتناول جلال الذات والصفات والأفعال وهذا قول لا دليل عليه، فما أدراه أن الأسماء المعنية في حديث التسعة والتسعين هي الأسماء المفردة دون المقيدة ؟! وإذا ثبت بكلامه أن الأسماء المقيدة أو المضافة هي أسماء لله عز وجل، فما المانع أن تكون من الأسماء الحسنى المعنية في حديث التسعة والتسعين ؟ !

يقول الشيخ عمر الأشقر في معرض رده على من أخرج الأسماء المضافة من دائرة الأسماء الحسنى في (أسماء الله وصفاته): (لا يجوز استثناء الأسماء المضافة من دائرة أسماء الله الحسنى إذا وردت في الكتاب والسنة، فلا يقر من أخرج من أسمائه تبارك وتعالى : عالم الغيب والشهادة، ومالك الملك، وبديع السماوات والأرض، ونور السماوات والأرض، وغافر الذنب، وعلام الغيوب، وفاطر السماوات والأرض ؛ إذ لا حجة لهؤلاء إلا أن هذه الأسماء مضافة. وهذه ليست بحجة، فما الإشكال في أن تكون أسماء الله مضافة ؟ ) ا هـ.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الثامنة والخمسون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي

بعنوان : *شرح أسماء الله الحسنى - الكريم - الأكرم

و قرر شيخ الإسلام في (مجموع الفتاوى) أن في الكتاب والسنة أسماء أخرى غير الأسماء التسعة والتسعين المشهورة التي جاءت مدرجة في حديث الوليد بن مسلم، وعد من تلك الأسماء بعض الأسماء المضافة، فقال: ومن أسمائه التي ليست في هذه التسعة والتسعين اسمه : السبوح … وكذلك أسماؤه المضافة مثل : أرحم الراحمين، وخير الغافرين، ورب العالمين، ومالك يوم الدين، وأحسن الخالقين، وجامع الناس ليوم لا ريب فيه، ومقلب القلوب، وغير ذلك مما ثبت في الكتاب والسنة وثبت في الدعاء بها بإجماع المسلمين، وليس من هذه التسعة والتسعين) ا هـ.

وقد أدخل كثير من أهل العلم الأسماء المضافة في جملة

 الأسماء الحسنى منهم: الإمام الإقليشي، والإمام ابن القيم ، والإمام ابن العربي، والحافظ ابن حجر، وغيرهم.

الخلاصة أن هذا الشرط الذي وضعه المؤلف اجتهادي، وليست من المسلَّمات المتفق عليها أو من المجمع عليه بين العلماء.

ثالثا / المعنى في حق الله تعالى

ذو الجلال والإكرام أي ذو العظمة، والكبرياء، وذو الرحمة والجود، والإحسان العام، والخاص، المكرم لأوليائه، وأصفيائه الذين يجلونه ويعظمونه ويحبونه.

رابعا / تأملات في رحاب الاسم الجليل

ذو الجلال والإكرام ؛ هو صاحب الجلالة ، لأنه لا شرف ، ولا مجد ، ولا عزة ، ولا قوة ، إلا وهي له ، فهي له وبه ومنه .

قد يهب الله تعالى لبعض الأشخاص هيبة ، جلالة ، مكانة ،  وأحياناً يسلبها منهم فجأة . هو الأصل . فلا شرف ، ولا مجد ، ولا عزة ، ولا قوة إلا وهي له وبه ومنه ولا كرامة ولا فضل ولا نعمة ولا إحسان ، إلا وهي من مَدَدِهِ جل جلاله ؛ هذا معنى ذو الجلال والإكرام .

وهذا الاسم المركب من اسمين يوحي بأن أسماء الله صنفان، صنف يشير إلى كمال قدرته وقهره وجبروته، وصنف يشير إلى كمالاته، فكل الأسماء المتعلقة بالقوة يمثلها اسم الجلال، وكل أسمائه المتعلقة بكمالاته، وإكرامه وإحسانه ورحمته ولطفه ورأفته، يمثلها اسم ذو الإكرام.

السر في تقديم صفة الجلال على صفة الإكرام

وتقديم صفة الجلال على صفة الإكرام فيها وقفتان:

الأولى : وهي أن الجلال فيه معنى يتضمن التعظيم والتسبيح والخضوع ، ثم يليه الإكرام وفيه معنى التذلل والتطلع والتماس الرحمة والعطف منه وقد يعجب المرء بشيء لكنه يهابه ولا يقربه كالمُلك أو النار مع أن لها استخدامات وفوائد في الحياة ولا غنى عنها ويعجب بشيء فيحبه ويقترب منه فسبحان من هو أهل التقوي والجلال وأهل المغفرة والإكرام خالق الجنة والنار .

والجلال يقتضي المجد والإكرام يستوجب الحمد فسبحان الله الحميد المجيد.

الثانية : الجلال يعني التنزيه ، تقول : جل جلاله ؛ أيْ تنزهت ذاته عن كل نقص ، وإن الإكرام الصادر من الله عز وجل إكرام منزه عن كل غرض

قد تُدعى لطعام الغداء من قبل أحد الأشخاص ، وبعد أن تنتهي ، يطلب منك حاجة ؛ فهذه الدعوة إذاً ليست خالصة ، وإنما دعوة هادفة ، وهي مشوبة بمكسب ، وغرض وتأمين حاجة ؛ لذلك قدم الله اسم الجلال على اسم الإكرام ؛ لأن إكرامه منزه عن كل غرض.

كما في الحديث القدسي ” لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ، ما زاد ذلك في ملكي شيئاً . ولو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل منكم ، ما نقص ذلك في ملكي شيئاً “

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة التاسعة والخمسون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي

بعنوان : *شرح أسماء الله الحسنى - الكريم - الأكرم

جلال الله منزه عن الأنصار والأعوان :

 أحياناً يستمد الإنسان هيبته ممن حوله ، ومن أنصاره ، وأعوانه ، وجماعته ، ومن القوة التي بيده ، ومن الأشخاص الذين حوله ؛ لكن الله عز وجل منزه في جلاله عن الأعوان والأنصار.

أما الإنسان ؛ فجلالته قد تكون من ماله ، أو مكانته من علمه ، أو مكانته من سلطته ؛ هذه المكانة مشوبة ومفتقرة إلى شيء ؛ فجلال الله عز وجل منزه عن الأسباب ؛ لأنه ذو جلال بذاته من دون سبب منفصل عنه ؛ جلاله يعني الرفعة والعزة والعلو .

 مثال :الظالم القذافي كان يحلو له أن يسمي نفسه بملك ملوك أفريقيا ، ظن أنه ملك الأرض ومن عليها , واعتبر الناس كالجرذان كما كان يخاطب معارضيه دوما ، فكان يستمد جلاله من جنده وحاشيته وأمواله  ، فلما حيل بينه وبين ملكه جاءه أمر الله من حيث لا يحتسب واستخرجه الناس من ماسورة صرف صحي اختبأ فيها ، فأخرجوه منها متوسلا باكيا ذليلا يسترحم من لم يرحمهم يوما , يبكي لمن لم يسمع بكاءهم يوما  .

يا رب لك كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك

عن ابن عمر رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَهُمْ أَنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِ اللَّهِ قَالَ : يَا رَبِّ لَكَ الْحَمْدُ كَمَا يَنْبَغِي لِجَلالِ وَجْهِكَ وَلِعَظِيمِ سُلْطَانِكَ ، فَعَضَّلَتْ بِالْمَلَكَيْنِ فَلَمْ يَدْرِيَا كَيْفَ يَكْتُبَانِهَا ، فَصَعِدَا إِلَى السَّمَاءِ وَقَالا : يَا رَبَّنَا إِنَّ عَبْدَكَ قَدْ قَالَ مَقَالَةً لا نَدْرِي كَيْفَ نَكْتُبُهَا . قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ – وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا قَالَ عَبْدُهُ – : مَاذَا قَالَ عَبْدِي ؟ قَالا : يَا رَبِّ إِنَّهُ قَالَ : يَا رَبِّ لَكَ الْحَمْدُ كَمَا يَنْبَغِي لِجَلالِ وَجْهِكَ وَعَظِيمِ سُلْطَانِكَ . فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمَا : اكْتُبَاهَا كَمَا قَالَ عَبْدِي حَتَّى يَلْقَانِي فَأَجْزِيَهُ بِهَا” رواه ابن ماجه قال الشيخ أحمد شاكر في التفسير : إسناده جيد وضعفه الألباني . عضلت بالملكين : أعضل الأمر : اشتد واستغلق ;والمعضلات (بتشديد الضاد ) : الشدائد .

فادعوه بها :

ورد الدعاء بهذا الاسم المبارك في عدة أحاديث من

 السنة المطهرة :

1- عن عائشة أم المؤمنين كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ، إذا سلَّم ، لم يقعدْ . إلا مقدارَ ما يقول ” اللهمَّ ! أنت السلامُ ومنك السلامُ . تباركت ذا الجلالِ والإكرامِ ” وفي روايةِ ابنِ نُمَيرٍ ” يا ذا الجلالِ والإكرامِ ” .صحيح مسلم

“اللهم أنت السلام” اسم من أسماء الله تعالى؛ أي: السالم من المعايب ، والتغير والآفات.

 (ومنك السلام ) أي يرجى منك السلامة

( تباركت ) أي: تعاليت وتعاظمت، وأصل المعنى: كثرت خيراتك واتسعت، وقيل معناه: البقاء والدوام.

 ( يا ذا الجلال والإكرام ) أي: المستحق لأن يهاب لسلطانه وجلاله، ويثنى عليه بما يليق بعلو شأنه

2- عن أنس بن مالك قال :  كنتُ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم جالسًا ، ورجلٌ قائمٌ يصلِّي ، فلمَّا  ركع وسجد وتشهَّد ، دعا ، فقال في دعائهِ : اللهمَّ إني أسالُك بأنَّ لك الحمدُ ، لا إله إلَّا أنتَ ، وحدَك لا شريكَ لك ، المنانُ ، يا بديعَ السماواتِ والأرضِ ، يا ذا الجلال والإكرامِ ، يا حيُّ يا قيومُ ، إني أسالكَ الجنةَ ، وأعوذُ بك من النارِ فقال  النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلم لأصحابهِ : تدرونَ بما دعا ؟ قالوا : اللهُ ورسولُه أعلمُ قال : والذي نفسي بيدهِ ، لقد دعا اللهَ باسمهِ العظيمِ وفي روايةٍ الأعظمِ الذي إذا دعِيَ به ، أجاب ، وإذا سُئِلَ به أعطَى ”قال الألباني: صحيح على شرط مسلم إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الستون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي

بعنوان : *شرح أسماء الله الحسنى - الكريم - الأكرم

 3- عن ربيعة ابن عامر وأنس بن مالك رضي الله عنهما قال : سمعت النبي ﷺ يقول ( ألظُّوا بياذا الجلال والإكرام ) رواه الترمذي

ألِظّوا بيا ذا الجلال والإكرام أي : اِلزَمُوهُ وَاثْبُتُوا عليه وأكثروا من قوله والتلفظ به في دعائكم ، يقال : ألظّ بالشيء يُلِظُّ إِلظاظًا : إذا لزمه وثابر عليه .

خامسا / ثمار الإيمان بالاسم الجليل :

1- تعظيم الله وإجلاله : من آمن بأن ربه هو ذو الجلال والإكرام في ذاته وصفاته وأفعاله يؤثر ذلك في قلبه فيعظمه ويجله ويعظم شرعه ويعظم نبيه عليه الصلاة والسلام ؛ قال تعالى : ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ”

2- إجلال هؤلاء الثلاثة من إجلال الله : عنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنْ إِجْلالِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ وَالْجَافِي عَنْهُ ، وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ “رواه أبو داود.

 إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم ” رجل متقدم بالسن ، نشأ في عبادة ربه ، ذو شيبة ؛ إكرام هذا الشيخ هو من إكرام الله ، وإكرام العالم العامل ، والإمام العادل ، كل ذلك من إكرام الله وإجلاله .

3- التواضع لله : من عرف جلال الله تواضع بين

الخلق ، لذلك لا يجتمع كِبْرٌ ومعرفةُ الله عز وجل ، ومن عرف جلال الله ، تواضع للخلق وتذلل لربه .

 4- الإكرام أن تكرم الناس وأن تجعل أساس حياتك العطاء ، أما الجلال أن تترفَّع عن السَّفَاسف ؛ لا تتعلق بالجزئيات والتفاصيل التي لا فائدة منها.

لا تكن سخيفاً ، إن الله يحب مَعالِيَ الأمور ، ويكره سفسافها ودَنِيَّها .

  أن ندعوه ونلح عليه بهذا الاسم وقد سبقت الأحاديث ومنها :(ألِظُّوا بيا ذا الجلالِ والإكرامِ ) أي ألحو في الدعاء به .[الأنترنت – موقع الراشدون]

*تفسير قوله‏ تعالى:‏ ‏{‏الْأَكْرَمُ‏}‏

  وقوله‏:‏ ‏{‏‏الْأَكْرَمُ‏}‏‏، يقتضي اتصافه بالكرم في نفسه، وأنه الأكرم وأنه محسن إلى عباده‏.‏ فهو مستحق للحمد لمحاسنه وإحسانه‏. ‏‏ وقـوله‏:‏ ‏{‏‏ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}‏‏ ‏[‏الرحمن‏:‏ 27‏]‏‏. ‏‏ فيه ثـلاثـة أقـوال؛ قيل‏:‏ أهْلٌ أن يُجَلَ وأَن يُكْرَم، كما يقال‏:‏ إنه ‏{‏‏أَهْلُ التَّقْوَى‏}‏‏ ‏[‏المدثر‏:‏ 56‏]‏، أي‏:‏ المستحق لأن يُتَّقَى‏.‏ وقيل‏:‏ أَهْلٌ أن يُجَلَّ في نفسه، وأن يكرم أهل ولايته وطاعته‏. ‏‏ وقيل‏:‏ أهل أن يُجَلَّ في نفسه وأهل أن يكرم‏. ‏‏ ذكر الخَطَّأبي الاحتمالات الثلاثة، ونقل ابن الجوزي كلامه فقال‏:‏ قال أبو سليمان الخطابي‏:‏ الجلال مصدر الجليل، يقال‏:‏ جليل بين الجلالة والجلال‏.‏ والإكرام مصدر أكرم، يكرم، إكرامًا‏. ‏‏ والمعنى‏:‏ أنه يكرم أهل ولايته وطاعته، وأن الله يستحق أن يُجَلَّ ويكرم، ولا يجحد ولا يكفر به، قال‏:‏ ويحتمل أن يكون المعنى‏:‏ يَكْرِم أهل ولايته ويرفع درجاتهم‏.‏ قلت‏:‏ وهذا الذي ذكره البغوى فقال‏:‏‏{‏ذُو الْجَلَالِ‏}‏‏:‏ العظمة والكبرياء ‏{‏وَالْإِكْرَامِ‏}‏‏:‏ يكرم أنبياءه وأولياءه بلطفه مع جلاله وعظمته‏.‏ قال الخطَّابي‏:‏ وقد يحتمل أن يكون أحد الأمرين وهو الجلال مضافًا إلى الله بمعنى الصفة له، والآخر مضافًا إلى العبد بمعنى الفعل، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏‏هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَة}ِ‏ ‏[‏المدثر‏:‏ 56‏]‏، فانصرف أحد الأمرين إلى الله وهو المغفرة، والآخر إلى العباد وهي التقوى‏.‏ قلت‏:‏ القول الأول هو أقربها إلى المراد، مع أن الجلال هنا ليس مصدر جل جلالا، بل هو اسم مصدر أجل إجلالًا، كقول النبي صلى الله عليه وسلم "إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن، غير الغالى فيه ولا الجافي عنه، وإكرام ذى السلطان المقسط‏"‏‏‏. ‏‏ فجعل إكرام هؤلاء من جلال الله، أى‏:‏ من إجلال الله، كما قال‏:‏ ‏{‏‏وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا}‏‏ ‏[‏نوح‏:‏ 17‏]‏‏.‏ وكما يقال‏:‏ كلَّمه كلامًا، وأعطاه عطاء، والكلام والعطاء اسم مصدر التكليم والإعطاء‏. ‏‏

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الواحدة والستون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي

بعنوان :*شرح أسماء الله الحسنى - الكريم – الأكرم والجلال قُرِن بالإكرام، وهو مصدر المتعدى، فكذلك الإكرام‏. ‏‏ ومن كلام السلف‏:‏ أَجِلُّوا الله أن تقولوا كذا‏.‏ وفي حديث موسى‏:‏ يا رب، إني أكون على الحال التي أجلك أن أذكرك عليها‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏اذكرني على كل حال‏)‏‏. ‏‏ وإذا كان مستحقًا للإجلال والإكرام لزم أن يكون متصفًا في نفسه بما يوجب ذلك،كما إذا قال‏:‏ الإله هـو المستحق لأن يُؤْلَه،أى‏:‏ يعبد، كان هو في نفسه مستحقًا لما يوجب ذلك‏.‏ وإذا قيل‏:‏ ‏{‏‏هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى}‏‏، كان هو في نفسه متصفًا بما يوجب أن يكون هو المتقى‏. ‏‏ ومنـه قـول النبي صلى الله عليه وسلم إذا رفـع رأسـه مـن الركوع بعـد ما يقول "ربنا ولك الحمد ملء السموات، وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطى لما منعت، ولا ينفع ذا الجِد منك الجِد‏"‏‏‏.‏ أي‏:‏ هو مستحق لأن يثنى عليه وتمجد نفسه‏. ‏‏ والعباد لا يحصـون ثناء علـيه، وهـو كما أثنى على نفسـه، كذلك هـو أهل أن يجل وأن يكـرم‏.‏ وهـو سبحانه يجل نفسه ويكرم نفسه، والعباد لا يحصون إجلاله وإكرامه‏.‏ والإجلال من جنس التعظيم، والإكرام من جنس الحب والحمد وهذا كقوله‏:‏ ‏{‏‏لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ‏} ‏[‏التغابن‏:‏ 1‏]‏‏.‏ فله الإجلال والملك، وله الإكرام والحمد‏.‏ والصلاة مبناها على التسبيح في الركوع والسجود، والتحميد والتوحيد في القيام والقعود، والتكبير في الانتقالات، كما قال جابر‏:‏ كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكنا إذا علونا كبرنا، وإذا هبطنا سَبَّحنَا، فوضعت الصلاة على ذلك‏.‏ رواه أبو داود‏. ‏‏ وفي الركوع يقول "سبحان ربي العظيم"‏‏‏. ‏‏ وقال النبي صلى الله عليه وسلم‏ "إنى نُهِيتُ أن أقرأ القرآن راكعًا أو ساجدًا‏.‏ أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا فيه في الدعاء، فقَمِنٌ أن يستجاب لكم‏"‏‏‏. ‏‏ وإذا رفع رأسه حمد فقال "سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد"‏‏‏. ‏‏ فيحمده في هذا القيام، كما يحمده في القيام الأول إذا قرأ أم القرآن‏.‏ فالتحميد والتوحيد مقدم على مجرد التعظيم؛ ولهذا اشتملت الفاتحة على هذا؛ أولها تحميد،وأوسطها تمجيد،ثم في الركوع تعظيم الرب،وفي القيام يحمده،ويثنى عليه، ويمجده‏.‏ فدل على أن التعظيم المجرد، تابع لكونه محمودًا وكونه معبودًا‏. ‏‏ فإنه يحب أن يُحْمَد ويُعْبَد، ولابد مع ذلك من التعظيم، فإن التعظيم لازم لذلك‏.‏ وأما التعظيم، فقد يتجرد عن الحمد والعبادة على أصل الجهمية‏.‏ فليس ذلك بمأمور به، ولا يصير العبد به لا مؤمنًا، ولا عابدًا، ولا مطيعًا‏.‏ وأبو عبد الله بن الخطيب الرازى يجعل الجلال للصفات السلبية، والإكرام للصفات الثبوتية، فيسمى هذه ‏[‏صفات الجلال‏]‏، وهذه ‏[‏صفات الإكرام‏]‏‏.‏ وهذا اصطلاح له، وليس المراد هذا في قوله‏:‏‏{‏‏وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}‏‏ ‏[‏الرحمن‏:‏ 27‏]‏، وقوله‏:‏ ‏{‏‏تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} ‏ ‏[‏الرحمن‏:‏ 78‏]‏‏. ‏‏ وهو في مصحف أهل الشام‏:‏ ‏[‏تبارك اسم ربك ذو الجلال والإكرام‏]‏‏.‏ وهي قراءة ابن عامر، فالاسم نفسه بذوى بالجلال والإكرام‏.‏ وفي سائر المصاحف وفي قراءة الجمهور‏:‏ ‏{‏ذي الجلال‏}‏، فيكون المسمى نفسه‏. ‏‏ وفي الأولى‏:‏ ‏{‏‏وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}‏‏‏.‏ فالمذوى وجهه سبحانه وذلك يستلزم أنه هو ذو الجلال والإكرام‏.‏

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الثانية والستون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي

بعنوان :*شرح أسماء الله الحسنى - الكريم – الأكرم

ثم قال ابن تيمية : فإنه إذا كان وجهه ذا الجلال والإكرام، كان هذا تنبيهًا، كما أن اسمه إذا كان ذا الجلال والإكرام كان تنبيهًا على المسمى‏.‏ وهذا يبين أن المراد‏:‏ أنه يستحق أن يُجل ويُكرم‏. ‏‏ فـإن الاسم نفسـه يسـبح ويذكر ويـراد بذلك المسمـى‏.‏ والاسـم نفسـه لا يفعـل شـيئًا، لا إكرامـًا ولا غـيره؛ ولهـذا ليس في القـرآن إضافـة شيء مـن الأفعـال والنعـم إلى الاسـم‏.‏ ولكن يقال‏:‏ ‏{‏‏سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}‏‏ ‏[‏الأعلى‏:‏ 1‏]‏، ‏{‏‏تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ}‏‏، ونحو ذلك‏.‏ فإن اسم الله مبارك تنال معه البركة‏.‏ والعبد يسبح اسم ربه الأعلى فيقول‏:‏ ‏(‏سبحان ربي الأعلى‏)‏‏.‏ ولما نزل قوله‏:‏ ‏{‏‏سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}‏‏، قال"اجعلوها في سجودكم‏"، فقالوا‏:‏ ‏(‏سبحان ربي الأعلى‏)‏‏.‏ فكذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يقول‏:‏ ‏(‏سبحان اسم ربي الأعلى‏)‏‏. ‏‏ لكن قوله "سبحان ربي الأعلى‏"‏‏، هو تسبيح لاسمه يراد به تسبيح المسمى، لا يراد به تسبيح مجرد الاسم، كقوله‏:‏ ‏{‏‏قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى}‏‏‏ ‏[‏الإسراء‏:‏110‏]‏‏.‏ فالداعى يقول‏:‏ ‏[‏يا الله‏]‏، ‏[‏يا رحمن‏]‏، ومراده المسمى‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏أَيًّا مَّا‏}‏، أى الاسمين تدعوا، ودعاء الاسم هو دعاء مسماه‏.‏ وهذا هو الذي أراده من قال من أهل السنة‏: ‏إن الاسم هو المسمى‏.‏ أرادوا به أن الاسم إذا دعي وذكر يراد به المسمى‏.‏ فإذا قال المصلى‏:‏‏[‏الله أكبر‏]‏، فقد ذكر اسم ربه،ومراده المسمى‏. ‏‏ لم يريدوا به أن نفس اللفظ هو الذات الموجودة في الخارج‏.‏فإن فساد هذا لا يخفي على من تصوره، ولو كان كذلك كان من قال‏:‏ ‏[‏نارًا‏]‏، احترق لسانه‏. ‏‏ وبسط هذا له موضع آخر‏. ‏‏ والمقصود أن الجلال والإكرام مثل الملك والحمد، كالمحبة والتعظيم، وهذا يكون في الصفات الثبوتية والسلبية‏.‏ فإن كل سلب فهو متضمن للثبوت‏. ‏‏ وأما السلب المحض فلا مدح فيه‏. ‏‏ وهذا مما يظهر به فساد قول من جعل أحدهما للسلب والآخر للإثبات، لا سيما إذا كان من الجهمية الذين ينكرون محبته، ولا يثبتون له صفات توجب المحبة والحمد، بل إنما يثبتون ما يوجب القهر، كالقدرة‏.‏ فهؤلاء آمنوا ببعض وكفروا ببعض، وألحدوا في أسمائه وآياته بقدر ما كذبوا به من

 الحق [الأنترنت – موقع طريق الإسلام - المجلد السادس عشر -مجموع الفتاوي لابن تيمية]

*تفسير قوله تعالى : {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}

قال طنطاوي في الوسيط :ثم ختم - سبحانه - السورة الكريمة بقوله : ( تَبَارَكَ اسم رَبِّكَ ذِي الجلال والإكرام ) . أى : جل شأن الله - تعالى - ، وارتفع اسمه الجليل عما لا يليق بشأنه العظيم ، فهو - عز وجل - صاحب الجلال . أى : العظمة والاستغناء المطلق ، والإكرام . أى : الفضل التام ،والإحسان الذى لا يقاربه إحسان .

وقال البغوى :" تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام "، قرأ أهل الشام " ذو الجلال " بالواو وكذلك هو في مصاحفهم إجراء على الاسم .

أخبرنا أبو الحسن علي بن يوسف الجويني ، أخبرنا أبو محمد بن محمد بن علي بن محمد بن شريك الشافعي ، أخبرنا عبد الله بن محمد بن مسلم ، حدثنا أبو بكر الجوربذي ، أخبرنا أحمد بن حرب ، أخبرنا أبو معاوية الضرير عن عاصم عن عبد الله بن الحارث عن عائشة قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سلم من الصلاة لم يقعد إلا مقدار ما يقول : " اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام " .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الثالثة والستون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي

بعنوان : *تفسير قوله تعالى : {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}

وقال ابن كثير : ثم قال : ( تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام ) أي : هو أهل أن يجل فلا يعصى ، وأن يكرم فيعبد ، ويشكر فلا يكفر ، وأن يذكر فلا ينسى . وقال ابن عباس : ( ذي الجلال والإكرام ) ذي العظمة والكبرياء .

وقال الإمام أحمد : حدثنا موسى بن داود ، حدثنا عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان ، عن عمير بن هانئ ، عن أبي العذراء ، عن أبي الدرداء ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أجدوا الله يغفر لكم " .

وفي الحديث الآخر : " إن من إجلال الله إكرام ذي

 الشيبة المسلم ، وذي السلطان ، وحامل القرآن غير

الغالي فيه ولا الجافي عنه " .

وقال الحافظ أبو يعلى : حدثنا أبو يوسف الجيزي ، حدثنا مؤمل بن إسماعيل ، حدثنا حماد ، حدثنا حميد الطويل ، عن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام " .

وكذا رواه الترمذي ، عن محمود بن غيلان ، عن مؤمل بن إسماعيل ، عن حماد بن سلمة ، به . ثم قال : غلط المؤمل فيه ، وهو غريب وليس بمحفوظ ، وإنما يروى هذا عن حماد بن سلمة ، عن حميد ، عن الحسن ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

وقال الإمام أحمد : حدثنا إبراهيم بن إسحاق ، حدثنا عبد الله بن المبارك ، عن يحيى بن حسان المقدسي ، عن ربيعة بن عامر قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " ألظوا بذي الجلال والإكرام " . ورواه النسائي من حديث عبد الله بن المبارك ، به .

وقال الجوهري : ألظ فلان بفلان : إذا لزمه .

وقول ابن مسعود : " ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام " أي : الزموا . ويقال : الإلظاظ هو الإلحاح .

قلت : وكلاهما قريب من الآخر - والله أعلم - وهو المداومة واللزوم والإلحاح . وفي صحيح مسلم والسنن الأربعة من حديث عبد الله بن الحارث ، عن عائشة قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سلم لا يقعد - يعني : بعد الصلاة - إلا قدر ما يقول : " اللهم أنت السلام ومنك السلام ، تباركت ذا الجلال والإكرام " .

وقال القرطبى : قوله تعالى : تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام تبارك تفاعل من البركة وقد تقدم . ذي الجلال أي : العظمة . وقد تقدم والإكرام وقرأ عامر ( ذو الجلال ) بالواو وجعله وصفا للاسم ، وذلك تقوية لكون الاسم هو المسمى . الباقون " ذي الجلال " جعلوا " ذي " صفة ل " ربك " . وكأنه يريد الاسم الذي افتتح به السورة ، فقال : الرحمن فافتتح بهذا الاسم ، فوصف خلق الإنسان والجن ، وخلق السماوات والأرض وصنعه ، وأنه كل يوم هو في شأن ووصف تدبيره فيهم ، ثم وصف يوم القيامة وأهوالها ، وصفة النار ثم ختمها بصفة الجنان . ثم قال في آخر السورة : تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام أي هذا الاسم الذي افتتح به هذه السورة ، كأنه يعلمهم أن هذا كله خرج لكم من رحمتي ، فمن رحمتي خلقتكم وخلقت لكم السماء والأرض والخلق والخليقة والجنة والنار ، فهذا كله لكم من اسم الرحمن فمدح اسمه ثم قال : ذي الجلال والإكرام جليل في ذاته ، كريم في أفعاله . ولم يختلف القراء في إجراء النعت على الوجه بالرفع في أول السورة ، وهو يدل على أن المراد به وجه الله الذي يلقى المؤمنون عندما ينظرون إليه ، فيستبشرون بحسن الجزاء ، وجميل اللقاء ، وحسن العطاء والله أعلم .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الرابعة والستون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي

بعنوان : *تفسير قوله تعالى : {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}

وقال الطبرى : وقوله (تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ) يقول تعالى ذكره: تبارك ذكر ربك يا محمد، (ذِي الجَلالِ ): يعني ذي العظمة،(والإكْرامِ )يعني:ومن له الإكرام من جميع خلقه.

كما حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثنى معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس قوله: (ذِي الْجَلالِ وَالإكْرَامِ ) يقول: ذو العظمة والكبرياء.

وقال ابن عاشور :تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ

إيذان بانتهاء الكلام وفذلكة لما بنيت عليه السورة من التذكير بعظمة الله تعالى ونعمائه في الدنيا والآخرة .

والكلام : إنشاء ثناء على الله تعالى مبالغ فيه بصيغة

 التفعل التي إذا كان فعلها غير صادر من اثنين

فالمقصود منها المبالغة .

والمعنى : وصفه تعالى بكمال البركة ، والبركة : الخير العظيم والنفع ، وقد تطلق البركة على علو الشأن ، وقد تقدم ذلك في أول سورة الفرقان .

والاسم ما دل على ذات سواء كان علَماً مثل لفظ «الله» أو كان صفة مثل الصفات العُلى وهي الأسماء الحسنى ، فأيّ اسم قدرت من أسماء الله فهو دال على ذات الله تعالى .

وأسند { تبارك } إلى { اسم } وهو ما يُعرف به المسمى دون أن يقول : تبارك ربك ، كما قال : { تبارك الذي نزل الفرقان } [ الفرقان : 1 ] وكما قال : { فتبارك الله أحسن الخالقين } [ المؤمنون : 14 ] لقصد المبالغة في وصفه تعالى بصفة البركة على طريقة الكناية لأنها أبلغ من التصريح كما هو مقرر في علم المعاني ، وأطبق عليه البلغاء لأنه إذا كان اسمه قد تبارك فإن ذاته تباركت لا محالة لأن الاسم دال على المسمى ، وهذا على طريقة قوله تعالى : { سبح اسم ربك الأعلى } [ الأعلى : 1 ] فإنه إذا كان التنزيه متعلقاً باسمه فتعلق التنزيه بذاته أَولى ومنه قوله تعالى : { وثيابك فطهر } [ المدثر : 4 ] على التأويل الشَّامل ، وقول عنترة :

فشككت بالرمح الأصمّ ثيابه ... ليسَ الكريم على القنا بمحر

أراد : فشككتْهُ بالرمح .

فذكر { اسم } في قوله : { تبارك اسم ربك } مراعىً فيه أن ما عُدّد من شؤون الله تعالى ونعمه وإفضاله لا تحيط به العبارة ، فعبّر عنه بهذه المبالغة إذ هي أقصى ما تسمح به اللغة في التعبير ، ليعلم الناس أنهم محقوقون لله تعالى بشكرٍ يوازي عظم نعمه عليهم .

وفي استحضار الجلالة بعنوان ( رب ) مضافاً إلى ضمير المخاطب وهو النبي صلى الله عليه وسلم إشارة إلى ما في معنى الرب من السيادة المشوبة بالرأفة والتنمية ، وإلى ما في الإضافة من التنويه بشأن المضاف إليه وإلى كون النبي صلى الله عليه وسلم هو الواسطة في حصول تلك الخيرات للذين خافوا مقام ربهم بما بلغهم النبي صلى الله عليه وسلم من الهدى .

وقرأ الجمهور { ذي الجلال } بالياء مجروراً صفة ل { ربك } وهو كذلك مرسوم في غير المصحف الشامي .

وقرأه ابن عامر { ذو الجلال } صفة ل { اسم } كما في قوله : { ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام }

. وكذلك هو مرسوم في غير مصحف أهل الشام .

والمعنى واحد على الاعتبارين .

ولكن إجماع القراء على رفع { ذو الجلال } الواقع موقع { ويبقى وجه ربك } واختلاف الرواية في جرّ { ذي الجلال } هنا يشعر بأن لفظ { وجه } أقوى دلالة على الذات من لفظ { اسم } لما علمت من جواز أن يكون المعنى جريان البركة على التلفظ بأسماء الله بخلاف قوله : { ويبقى وجه ربك } فذلك من حكمة إنزال القرآن على سبعة أحرف .

والجلال : العظمة ، وهو جامع لصفات الكمال اللائقة به تعالى .

والإكرام : إسداء النعمة والخير ، فهو إذن حقيق بالثناء والشكر .[الأنترنت – موقع تَبَٰرَكَ ٱسْمُ رَبِّكَ ذِى ٱلْجَلَٰلِ وَٱلْإِكْرَامِ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الخامسة والستون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي بعنوان : *ما هي الحكمة التي أرادها الله عزوجل من إخفاء موعد الموت؟

لماذا اخفي الله ميعاد الموت؟؟؟

قال تعالي:{وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ }[ق: 19].

ونحن نؤمن بالموت و نعلم انه حق وان كل نفس ذائقة الموت وان كل من عليها فان ولا يبقي إلا وجه ربنا ذو الجلال والاكرام.

قال تعالى:{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ }[الأنبياء: 35].

وقال تعالى:{كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ }[الرحمن:26].

فتعالوا معا نلخص هذه الحكمة العظيمة التي أرادها الله عزوجل في إخفاء موعد الموت

لقد وضع الله سبحانه وتعالى من خصائص الموت ما يجعل الإنسان يفيق من غرور وجاه الدنيا ويذكره بقدرة الله سبحانه وتعالى , فأخفى الله موعد الموت ..لماذا ؟

وبإبهام الموت تظل ذاكراً له عاملاً للآخرة؛ لأنك تتوقعه في أي لحظة، فهو دائماً على بالك، ومَنْ يدريك لعلَّك إنْ خفضْتَ طرْفك لا ترفعه، وعلى هذا فالحساب قريب وسريع؛ لذلك قالوا: مَنْ مات فقد قامت قيامته.

يتوقعه الإنسان في أية لحظة .. فكلما اغتر تذكر انه قد يفارق الدنيا بعد ساعة أو ساعات فرجع عن غروره , ورجع إلى الله سبحانه وتعالى .

ولو كان الله قد أعلم كلا منا بأجله وعصينا الله .. وطغينا في الحياة ..وظلمنا الناس .. ثم نتوب ونستغفر قبل موعد الأجل بأشهر .. في هذه الحالة تنتفي الحكمة من الحياة . وإخفاء الله سبحانه وتعالى موعد الموت هو إعلام به .. ذلك أن إخفاء الموعد يعني أن الإنسان يتوقع الموت في أي لحظة ..

ولذلك فإنه إذا كان عاقلا تكون عينه على الدنيا , وعينه الأخرى على الآخرة ..

فإذا ارتكب معصية فهو لا يعرف هل سيمد الله أجله إلى أن يرتكب المعصية ويتوب .. أم أن أجله قد يأتي وقت ارتكاب المعصية , فلا يجد الوقت للتوبة .

وما يقال عن المعصية يقال عن العمل الصالح ..

فلو أن موعد الموت معلوم .. لأجل الإنسان العمل

 الصالح إلى آخر حياته .. ولكن الله يريد أن يكون الصلاح ممتدا طوال الزمن ولذلك أخفى موعد الموت .. ليعجل الناس بالأعمال الصالحة قبل أن يأتي الأجل .. فكان إخفاء الموعد فيه رحمة من الله للبشر ..

رحمة بأن يخافوا المعصية أن تأتي مع الأجل .. ورحمة بأن يسارعوا في الخيرات حتى لا يفاجئهم الأجل.

وعلاقة الإنسان بالقيامة تختلف باختلاف مراحل الحياة، فهو في الحياة الدنيا محجوب عن كل ما سيحدث يوم القيامة، فإذا مات أبصر أشياء وحُجبت عنه أشياء، فإذا بُعث رأى كل شيء عين اليقين، أي كواقع وحقيقة، والله سبحانه وتعالى أخفى عنا موعد الأجل، وفي ذلك حكمة ورحمة، أما الحكمة ، فقد ذكرناها آنفًا، فإننا نتوقعه في كل لحظة وننتظر أنه سيحدث في كل ثانية، فنحن لا نعرف متى نموت، ولكن كلٌّ منا يمكن أن يأتي أجله في أي لحظة، وهذا يضع في نفس الإنسان المؤمن الخير، فما دام لا يعرف متى سيلقى الله تعالى؛ فإنه يسارع في الخير، ويغتنم الفرصة ليفعل كل ما يستطيع من الخير، والمسارعة في الخير تعود على الناس كلهم، فكلما فعل الإنسان خيرا انتفع به المجتمع كله، وهكذا يريد الله سبحانه وتعالى منا أن نسارع في الخيرات، هذه واحدة.

أما الثانية: فهي أن نبتعد عن المعاصي لأننا لا نعرف ما إذا كان الأجل سيمتد بنا حتى نتوب أم لا، فنبتعد عن المعاصي خوفا من أن يداهمنا الأجل فنلقى الله ونحن على معصية.

إذن .. إخفاء موعد الموت عنا، هو إعلام به أولا لأننا

 نتوقعه في أي لحظة وهو دافع لنا إلى عمل الخيرات والبعد عن المعاصي. [الأنترنت – موقع معرفة الله- فريق عمل الموقع]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة السادسة والستون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي بعنوان :

*بَاب مَا يَقُولُ إِذَا سَلَّمَ مِنَ الصَّلاَةِ

روى الترمذي عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا سَلَّمَ لاَ يَقْعُدُ إِلاَّ مِقْدَارَ مَا يَقُولُ : (( اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلاَمُ وَمِنْكَ السَّلاَمُ تَبَارَكْتَ ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ )) حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ بِهَذَا الإِسْنَادِ نَحْوَهُ وَقَالَ : تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ ) .

قَالَ -رحمه الله- : وَفِي الْبَاب عَنْ ثَوْبَانَ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ .

قَالَ أَبو عِيسَى-رحمه الله- : حَدِيثُ عَائِشَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَقَدْ رَوَى خَالِدٌ الْحَذَّاءُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ نَحْوَ حَدِيثِ عَاصِمٍ .

الشرح : ترجم الإمام الحافظ الترمذي-رحمه الله- بهذه الترجمة المتعلقة ببيان هدي النبي صلى الله عليه وسلم  فيما يقوله بعد السلام والمراد بذلك بيان الأحاديث الواردة عنه-عليه الصلاة والسلام- في الأذكار التي يستحب للمسلم أن يحافظ عليها إذا فرغ من الصلوات ، وقد ذهب طائفة من العلماء-رحمهم الله- إلى أن هذه الأذكار داوم عليها النبي صلى الله عليه وسلم في الصلوات المكتوبات دون النوافل ، وقال بعض العلماء : يستحب الذكر عقب الصلاة سواء كانت نافلة أو كانت فريضة ولا شك أن من أجل القربات وأحبها إلى الله-I- أن يكثر المسلم من ذكره وشكره والثناء عليه بما هو أهله ولذلك قال-I- : { اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ الْكِتَابِ وَأَقِمْ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} فبين-I- أن ذكره أكبر قال بعض العلماء : أي أن ذكر الله-I- أكبر وأعظم عند الله-U- في الثواب وحسن والعاقبة في الآخرة والمآب فالمحافظة على ذكر الله-I-كلها خير ولكن المحافظة عقب الصلوات لا شك أن لها مزيه عظيمة لأن النبي صلى الله عليه وسلم حافظ وداوم عليها وقد أمر الله-I-بذكره عقب أداء الصلوات كما في آية النساء والجمعة فبين-I- فضل الذكر وأنه ينبغي للمسلم إذا فرغ من الصلاة أن يكثر من ذكره-I- يذكره قائماً وقاعداً وعلى جنب ، ولذلك نص العلماء-رحمهم الله- على فضيلة الذكر عقب الصلوات حتى أخبر النبيصلى الله عليه وسلم  في الحديث الصحيح أنه لا يخيب من حافظ على الذكر فأخبر أن المعقبات التي يقولها المسلم عقب الصلوات لا يخيب إذا قالها معقبات لا يخيب قائلهن فالتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل لله جل جلاله خفيف على اللسان ثقيل في الميزان حبيب إلى الرحمن .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة السابعة والستون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي بعنوان :

*بَاب مَا يَقُولُ إِذَا سَلَّمَ مِنَ الصَّلاَةِ

وأما بالنسبة لهذا الذكر فقد أجمع العلماء-رحمهم الله- على أن الذكر عقب الصلاة ليس بفريضة واجبة وأنه مستحب مندوب لمداومة النبي جل جلاله عليه وقد أمر الله-جل وعلا- به أمر ندب واستحباب وليس هو بحتم ولا إيجاب .

وأما بالنسبة لأنواع الأذكار التي وردت عن النبي فمن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي إماماً بأصحابه رضي الله عنهم وكان إذا ذكر ربه عقب السلام تنوع الذكر على حسب الحال فكان يذكر الله وهو قاعد في مصلاه وذلك بالاستغفار وقوله : (( اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت ياذا الجلال والإكرام )) فهذا الذكر كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوله ووجهه إلى القبلة قبل أن ينصرف إلى الناس ، وحديثنا حديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها وأرضاها- يدل على أنه كان لا يمكث ووجهه إلى القبلة إلا بهذا القدر ، ثم إنه-عليه الصلاة والسلام- ينفتل إلى أصحابه فيقبل عليهم بوجهه-صلوات الله وسلامه عليه- فإذا أقبل عليهم سبح ربه وحمده وكبره وهلله بما هو أهل فتارة يسبحه ويحمده ويكبره على وجه ثم يخالف هذا الوجه بوجه آخر ، ولذلك تنوعت أذكاره-صلوات الله وسلامه عليه- من حيث العدد ومن حيث الصفة حتى قال العلماء-رحمهم الله- : إن هذا الاختلاف إنما هو اختلاف تنوع أي أن النبي-r - قصد تعليم الناس فمن أتى بأي ذكر ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد أحسن ولا يشترط أن يكون على ذكر معين منها ، وما ورد من الأذكار مختلف العدد فالأفضل والأكمل للمسلم أن يحرص على أكبرها عدداً ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ربما نوع في الأحوال لكي يبين-صلوات الله وسلامه عليه- جواز الكل وإذا كانت الأعداد مختلفة فالأفضل والأكمل أن يطلب المسلم أعلاها وأن يبتغي ما هو أشرف فيها وأسماها ، ومن هنا قال العلماء-رحمهم الله- : إن الأفضل أن يسبح ثلاثاً وثلاثين ويحمد ثلاثاً وثلاثين ويكبر ثلاثاً وثلاثين ثم يقول تمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو كل شئ قدير وفي رواية : (( يحي ويميت )) وفي رواية : (( بيده الخير وهو على كل شئ قدير )) وإذا قال المسلم ذلك غفرت ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا صلى المصلي صلاة الفجر والمغرب وقال ووجهه إلى القبلة قبل أن يثني رجله وقبل أن يكلم الناس : (( لا إله إلا الله وحده لاشريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير )) عشر مرات كتب الله له بها عشر حسنات ومحى عنه مثلها وكان كمن أعتق عشرة من الرقاب وجعلها الله له حرزاً من الشيطان وحفظاً ، وجاء في رواية السنن : (( أنه لا يدركه ذنب إلا أن يشرك بالله )) وهذا فضل عظيم وخير كبير جسيم لا يحافظ عليه إلا الموفق السعيد وجاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم جملة من الأذكار الأخر فقد صح عنه-عليه الصلاة والسلام- أنه فضل الذكر بعد الصلاة حتى جعله من أعظم العطايا وأحب المنح التي منحها لأحبابه وأصفيائه-صلوات الله وسلامه عليه- ففي الحديث الصحيح أنه قال : (( يا معاذ والله إني أحبك فلا تدعن كلمات تقولهن دبر كل صلاة اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك )) فهذا دعاء عظيم أمر به-صلوات الله وسلامه عليه- حبيبه في الله وعلم به وعلم أمته أن يقولوه أدبار الصلوات المكتوبات ، فالمقصود أن هدي النبي صلى الله عليه وسلم المحافظة على الذكر والأفضل والأكمل في هذه الأذكار وغيرها مما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أن يقوله المسلم قبل أن يقوم من مصلاه منصرفاً إلى بيته أو إلى شئ آخر وذلك لأنه إذا جلس في مصلاه وذكر ربه وذلك أن المصلي إذا صلى الصلاة وجلس يذكر الله صلت عليه الملائكة واستغفرت فقالت : (( اللهم صل على فلان اللهم اغفر له اللهم ارحمه )) ففي الصحيح من حديث أبي هريرة-رضي الله عنه وأرضاه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه اللهم اغفر له اللهم ارحمه )) وهذا كله ما لم يقم من مصلاه ويغادر ، والأمر آكد في صلاة الفجر فإن النبي صلى الله عليه وسلم ندب من صلى صلاة الفجر في الجماعة أن يمكث في مصلاه وأن لا يبرح ذلك المصلى إلا بعد طلوع الشمس

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الثامنة والستون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *بَاب مَا يَقُولُ إِذَا سَلَّمَ مِنَ الصَّلاَةِ

ثم أخبر-صلوات الله وسلامه عليه- أنه : (( إذا صلى المصلي صلاة الصبح في جماعة ثم جلس يذكر الله في مصلاه حتى تطلع عليه الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة )) فهذا فضل عظيم وثواب كبير من الله تعالى ، ولذلك ذهب طائفة من العلماء إلى تفضيل الذكر على غيره من الطاعات لأن الله تعالى رتب على اليسير من الذكر الأجر العظيم والثواب الكبير مما يدل على فضل الذكر وفضل الذاكرين ، وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فضل الذكر بعد الصلوات المكتوبات وأخبر أن من حافظ على الذكر عقب الصلاة المكتوبة أدرك من سبقه وفات من بعده وكان خير أهله ممن هو بين ظهرانيهم ففي الصحيحين واللفظ للبخاري أن فقراء المهاجرين أتوا إلى رسول صلى الله عليه وسلم وقالوا يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون بفضول أموالهم فقال صلى الله عليه وسلم : (( ألا أحدثكم بأمر إذا ذكرتموه أدركتم من فاتكم وسبقتم من بعدكم وكنتم خير من أنتم بين ظهرانيهم )) قالوا بلى يارسول الله ثم ذكر-عليه الصلاة والسلام- : (( الباقيات الصالحات سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاثاً وثلاثين ثم قال تقولون تمام المائة لا إله إلا الله وحده لاشريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير )) فدل هذا على فضل هذه الأذكار عقب الصلوات فالله يجعل فيها تكفير الذنوب وستر العيوب وتفريج الكروب ورفعة الدرجات عنده-I- ولا يختص هذا الذكر بالصلاة مع الجماعة إلا ما ورد مخصوصاً في بعض الاحاديث من بعض الأذكار الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الفضائل .

وأما بالنسبة للحكم فإن الذكر عقب الصلاة المفروضة يشمل الرجال والنساء ويشتمل كذلك من صلى مفرداً أو صلى منفرداً أو صلى مع الجماعة كلهم شركاء في هذا الفضل وقد ذكر الإمام الحافظ الترمذي-رحمه الله- حديث أم المؤمنين عائشة-رضي الله عنها وأرضاها- وهذا الحديث أجمع العلماء-رحمهم الله- على أنه من الأذكار المستحبة أن يقول المصلي عقب السلام : (( اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت وتعاليت )) وفي رواية : (( تباركت ياذا الجلال والإكرام )) .

قوله : (( اللهم أنت السلام )) : اللهم أصلها يا الله وقوله : (( اللهم أنت السلام )) إثبات لهذه الصفة لله-U- فالله هو السلام كما أخبر بذلك في كتابه المبين : { هُوَ اللَّهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلاَمُ } فهو المسلم لأوليائه وأصفيائه وعباده الصالحين يسلم عليهم فيسلمهم من الشرور والآفات وينجيهم من المصائب والمهلكات تفضلاً منه تعالى .

وقوله -عليه الصلاة والسلام- : (( ومنك السلام )) : فلا يسلم إلا هو تعالى ، ولذلك يجب على المسلم إذا وقع في المكروهات أن يعتقد اعتقاداً جازماً أنه لا يسلمه من البلاء إلا الله وحده لا شريك له فلا يسلمه ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا غيرهم بل هو -تعالى الذي ينجي من المهالك : (( أنت السلام ومنك

السلام )) فأنت المسلم لعبادك وحدك لا شريك لك .

قوله : (( تباركت يا ذا الجلال والإكرام )) : تباركت تفاعل من البركة وأصلها الخير والزيادة يقال شئ مبارك إذا كثر خيره وعظم ما فيه من النفع فالله وحده عظيم البركة ولا يمكن أن تكون البركات إلا من الله وحده لا شريك له فهو الذي يبارك عباده ويبارك لعباده كما قال-سبحانه- عن نبيه زكريا : { وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ} وكذلك قال عن نبيه عيسى -عليهما الصلاة والسلام- فالله وحده منه البركة -سبحانه وتعالى تبارك جل جلاله - في أسمائه وصفاته كما قال -سبحانه- : { تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ} . وقوله : (( ياذا الجلال والإكرام )) : فالله وحده هو – سبحانه- أهل الكرم فلا أكرم من الله تعالى على عبيده وخلقه

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة التاسعة والستون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *بَاب مَا يَقُولُ إِذَا سَلَّمَ مِنَ الصَّلاَةِ

ومن كرمه-سبحانه- تفضله عليهم بالنعم ودفعه للبلايا والنقم يبتدئ بالإحسان وإن لم يُسأل ويبتدئ بالفضل تعالى ولا أكرم منه إذا أعطى يده سحاء الليل والنهار لا تغيضها نفقة ، يحب السائلين ويكرم الراجين تبارك وهو أرحم الراحمين ومن كرمه تعالى غفرانه للذنوب فليس هناك أعظم من كون الإنسان يسئ فيما بينه وبين الله سبحانه فيرتكب الذنوب ويصيب العيوب ومع ذلك ربما سأل ربه في لحظة يسيرة أن يغفر ذنبه فغفر له في طرفة عين كما في الحديث الصحيح أن الله-تعالى- يقول : (( يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني لغفرتها لك ولا أبالي )) فهوتعالى الكريم ولا أكرم منه-جل وعلا- ، ومن كرمه تعالى أنه إذا ضاقت على العبد الأرض بما رحبت وضاقت عليه نفسه من البلاء وشدة العناء ووجه وجهه لفاطر الأرض والسماء فإن الله تعالى لا يجيب سؤله بكشف الضر فحسب بل يكشف الضر ويزيده تفضلاً منه وكرماً وليس لكرم الله -سبحانه- منتهى - ونسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يشملنا ببره وإحسانه وأن يعمنا بعفوه وصفحه وغفرانه- .

هذا الحديث اشتمل على نوع من الأنواع المتعلقة بالذكر وتنقسم أنواع الذكر بعد الصلاة إلى قسمين :

القسم الأول : ما كان من التمجيد المحظ .

والقسم الثاني : ما كان من الدعاء المحظ .

فأما بالنسبة لأذكار الصلوات المشتملة على التمجيد المحظ فمنها حديث أم المؤمنين-رضي الله عنها- الذي معنا حيث اشتمل على تمجيد الله تعالى وكذلك ما تقدم من حديث المعقبات

وأما بالنسبة للقسم الثاني وهو الدعاء المحظ فمنه ما ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول عقب الصلاة : (( أستغفر الله أستغفر الله أستغفر الله )) ثلاث مرات ، وكذلك قوله لمعاذ حينما أمره أن يقول دبر الصلاة : (( اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك )) فهذا من الدعاء المحظ ، ومنه سؤاله-عليه الصلاة والسلام- بعد صلاة الفجر حيث كان يقول : (( اللهم إني أسألك علماً نافعاً ورزقاً طيباً وعملاً متقبلاً )) فهذا من الدعاء المحظ وكله جائز والأفضل والأكمل للمسلم أن يجمع بين هذه الفضائل كلها ، وفي حديث عائشة الذي معنا أخبرت-رضي الله عنها وأرضاها- أن النبي صلى الله عليه وسلم  كان لا يمكث في مصلاه إلا بقدر أن يقول هذه الكلمات ففي هذا دليل على أن السنة للإمام إذا صلى بالناس أن لا يطيل مكثه وهو في قبلته وإنما السنة أن ينصرف بعد الصلاة بعد أن يقول ماورد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيقول شيئين :

أولهما : الاستغفار لثبوته في الحديث الصحيح عنه-عليه الصلاة والسلام- .

والثاني : أن يقول : (( اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت ياذا الجلال والإكرام )) ثم بعد ذلك ينفتل إلى الناس ويصرف وجهه إلى من وراءه تأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم و- سيأتي إن شاء الله بيان السنة في الانصراف هل ينصرف بوجهه على الناس ؟ أو ينصرف إلى الجهة اليمنى وحدها ؟ وسنبين إن شاء الله تعالى خلاف العلماء -رحمهم الله- في هذه المسألة-

أما الإجماع فإنه منعقد على أن الإمام لا يطيل المكث وهو في مصلاه والسبب في ذلك أنه يعطي الناس ظهره ولا ينبغي للإنسان أن يعطي الناس ظهره إلا من حاجة وضرورة فإذا انتهت الحاجة وهي تقدمه على الناس للصلاة فإنه ينصرف إلى الناس وذلك أبلغ وأكمل في الإكرام .وكذلك فيه دليل على انقضاء الصلاة وانتهائها  إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة السبعون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *بَاب مَا يَقُولُ إِذَا سَلَّمَ مِنَ الصَّلاَةِ

المسألة الثانية : لماذا بقي-عليه الصلاة والسلام- بهذا القدر الذي يقول فيه هذا الذكر ..؟؟

وقد قال بعض العلماء في الجواب : أن النبي صلى الله عليه وسلم مكث هذا اليسير من الوقت حتى إذا كان هناك نقص من الصلاة يمكنه أن يتلافاه-عليه الصلاة والسلام- ، ولذلك استحب للأئمة أن يبقوا على هذا الحال قليلاً لأجل أن يتداركوا الأمور الفائتة فلربما صلى الإمام وصلاته ناقصة ولربما سلم الإمام ونسي أمراً واجباً عليه فلزمه سجود السهو فحينئذ يمكنه أن يتدارك بالسجود وجهه إلى القبلة أما إذا بادر بالانصراف فإن الأمر لا يمكن أن يأتي على ذلك الوجه.

كذلك من الفوائد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي معه النساء والنساء في ذلك العصر لا شك كان مسجده عليه الصلاة والسلام صغيراً فكان-عليه الصلاة والسلام- لا يبادر بالانصراف مباشرة حتى يتمكن النساء من الإنصراف والذهاب قبل أن يقبل عليهن -عليه الصلاة والسلام- بوجهه وكل هذه الأمور تحتملها السنة الثابتة عن النبي صلى صلى الله عليه وسلم في الإنصراف بعد الصلاة وعلى كل حال فإن المنبغي للمسلم أن يحقق هذه السنة إذا صلى إماماً بالناس ، ولذلك أنكر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم واشتد نكيرهم على الإمام الذي يعطي الناس ظهره ويبقى في مصلاه على هذه الصفة حتى قال علي-t وأرضاه- " احصبوه " أي أرموه بالحصى حتى ينفتل من المكان الذي هو فيه كل ذلك إنكاراً لهذا المنكر الذي فيه انتقاص للناس ومخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم وسنته .

قال المصنف-رحمه الله- : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنِي شَدَّادٌ أَبُو عَمَّارٍ حَدَّثَنِي أَبُو أَسْمَاءَ الرَّحَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي ثَوْبَانُ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -r-إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنْصَرِفَ مِنْ صَلاَتِهِ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ ثَلاَ ثَ مَرَّاتٍ " ثُمَّ قَالَ :( اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلاَمُ وَمِنْكَ السَّلاَمُ تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ )) .

قَالَ أَبو عِيسَى-رحمه الله- : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَأَبُو عَمَّارٍ اسْمُهُ شَدَّادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ .

الشرح :اشتمل هذا الحديث على ترتيب الأذكار وبين أن السنة أن يبتدئ المصلي بالإستغفار والله يحب الاستغفار والمستغفرين ، وما استغفره عبده إلاغفر ذنبه وستر عيبه وفرج كربه ، يستغفر العبد ربه بعد انتهائه من الصلوات وأدبار انقضائه من الطاعات الكريمات من الركوع والسجود وذكر الله-جل وعلا- ، ولا شك أن استغفار العبد بعد انتهائه من الصلاة لا شك أنه من أتم الأحوال وأفضلها لأن القلب يكون منشرحاً بذكر الله-جل وعلا- ومناسبة الاستغفار عقب الصلاة واضحة ظاهرة فإنه ربما قصر في صلاته أو قصر في حقوق ربه فقال : (( استغفر الله )) السين والتاء كالطلب أي أسألك يا الله أن تغفر ذنبي فهو استفعال من الغفر وأصل الغفر في لغة العرب الستر .

وقوله : (( أستغفر الله )) : أي أسأل الله مغفرة لذنوبي والله غفور رحيم والسنة أن يكون هذا الاستغفار ثلاث مرات والأفضل أن يرفع به صوته قليلاً حتى يعلم الغير ويتعلم الغير هدي النبي صلى الله عليه وسلم وسنته خاصة إذا كان من الأئمة ، وفي هذا الاستغفار ذلة بين يدي الكريم القهار وسؤال الرحمة من العزيز الحليم الرحيم الغفار  

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الواحدة والسبعون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *بَاب مَا يَقُولُ إِذَا سَلَّمَ مِنَ الصَّلاَةِ

وقد أخبر الله-جل وعلا- أنه يغفر لعبده إذا استغفر : { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} فالله يحب هذا الذكر ومن لزم الاستغفار جعل له ربه من كل هم فرجاً ومن كل ضيقٍ مخرجاً ومن كل بلاءً عافية ومن لزم الاستغفار أصابته رحمة الله-جل وعلا- ، ولذلك أخبر -I- عن عظيم فضل هذا الذكر أنه يوجب زيادة الخيرات ودفع المصائب والبلايا والمكروهات فالاستغفار يحول بين العبد وبين نزول العقوبة والعذاب ولذلك قال الله -جل وعلا- عن المشركين : { وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فيِهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} فأخبر تعالى أنه لا يعذب المستغفرين وأخبر تعالى أنه يزيد  النعم ويبارك فيما أسدى من الفضل والكرم : {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا ، يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا، وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} فأخبر أن الإستغفار سبب في زيادة النعم والخيرات ولذلك لما أمر الناس أمير المؤمنين عمر بن الخطاب-رضي الله عنه وأرضاه-أن يستسقي لهم حينما قحطوا رقى رضي الله عنه وأرضاه- المنبر وما زال يستغفر ربه ويسترحمه ثم نزل ، قالوا له : لم تستق لنا ، قال بل سألت الله بالمجاديح التي يستسقي بها الغيث ، ومراده بذلك استغفاره لله -جل وعلا- فما لبثوا إلا اليسير وأمطرت السماء فالاستغفار فيه خير كثير ، ولذلك كان العلماء-رحمهم الله- يوصون إذا نزلت المصائب أن يكثر الناس من الاستغفار ومن نزلت به مصيبة فالأفضل له والأكمل أن يستديم الاستغفار لما ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما كُسفت الشمس في زمانه أخبر-عليه الصلاة والسلام- أن انكسافها بسبب الذنوب ثم قال-عليه الصلاة والسلام- : ( إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينخسفان ولا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ولكن الله يخوف بهما عباده فإذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا وتصدقوا ) فأمر-عليه الصلاة والسلام- بالدعاء والصدقة قال العلماء : وأفضل الدعاء حين ذاك أن يكثر من الاستغفار فالاستغفار كله خير وبركة ، استفتح -صلوات الله وسلامه عليه- الذكر عقب الصلاة بالاستغفار وذلك من أعظم الذكر وأحبه إلى الله تعالى ثم إن هذا الاستغفار يكون ثلاث مرات ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كرره ثلاثاً والثلاث وتر والله يحب الوتر [الأنترنت – موقع دروس من الترمذي]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الثانية والسبعون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي بعنوان :

*فضائل الإيمان باسم الله ذي الجلال والإكرام

1- أن الله تعالى هو المستحِقُّ وحدَهُ لأَنْ يُجَلَّ ويُنزَّهَ ويُعظَّمَ لذاتِهِ، لكمالِ ذاتِهِ وصفاتِهِ وأسمائِهِ، وليس فِي الوجودِ مَنْ هو بمثلِ هذه الصّفةِ غيرُهُ - جل جلاله، وتقدَّسَتْ أسماؤه - فجلالُه صفةٌ استحقَّها لذاتِهِ. قال الأصمعيُّ: «ولا يُقال (الجلالُ) إلا لله عز وجل».

وقال أبو حاتم السّجِستاني: «قد يُقال (جَلالٌ) فِي غيرِ اللهِ»، أنشد لهُدْبةَ بنِ خَشْرم

فلا ذا جَلالٍ هِبْنَهُ لجلالِهِ *** ولا ذا ضياعٍ هنَّ يتركن للفقرِ[ اشتقاق الأسماء للزجاجي (ص: 201) ،وسئل الشيخ محمد بن إبراهيم/ عن لفظ (جلالة الملك)، قال: لا يظهر لي أن فيها بأسًا ؛ لأن له جلالة تناسبه، فتاوى الشيخ (1/ 206)،وانظر: معجم المناهي اللفظية للشيخ الفاضل بكر أبي زيد (ص: 133، 308)]

2- أَنَّ الله تعالى يُكرِمُ أولياءَهُ، والإكرامُ قريبٌ مِن الإنْعامِ ولكنَّه أخصُّ، فكلُّ إكرامٍ إنعامٌ، وليس كلُّ إنعامٍ إكرامًا.

قال القرطبيُّ: «وأما (الإكرامُ)، وهو مصدرُ أكرمَ فهو مُكرِمٌ، ففيه معنى الإِنْعامِ، إلا أنه أخصُّ من لفظةِ الإِنْعامِ، لأنَّ الإِنعامَ قد يُنعمُ تفضُّلًا على مَنْ ليس بكريمٍ ولا مُكرَمٍ عندهُ، كإنعامه على العاصي والمخالِفِ، فهذا الإنعام لا يُسمى إكرامًا، فإذا أَسْدى المُنْعِمُ نعمَتَهُ إلى مَنْ يعزُّ عنده وله حُبٌّ لديه ومودَّةٌ، قيل: أكْرمَهُ، ومنه ما سُمِّي به ما مَنَّ به على الأولياء مِن النِّعمِ: كراماتِ الأولياءِ، لِقَدْرِهم عنده ومنزلتهم لديه، فهو سبحانه يُنعمُ على مَنْ يُكْرِمُ ومَنْ لا يُكْرِمُ، ولا يُكرم إلا مَنْ عليه فِي الآخرة يُنْعِم.

قال الله تعالى: ﴿ فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ﴾ [الفجر: 15، 16]؛ يعني: أنه إذا مَنَحه نعيمًا فِي الدُّنيا يقولُ: ذلك دليلٌ على كرامتي، وإذا قَدَر عليه رزقَهُ يقول: ذلك دليلٌ على إهانتي، وليس الأمرُ كذلك، فليس نعيمُ الدُّنيا دَليلًا على نعيمِ الآخرةِ، ولا هَوَانُ الدُّنيا دليلًا على هَوَانِ الآخرةِ، وإكرامُه للعبد يكون مُعجَّلًا فِي الدُّنيا ومُؤجَّلًا فِي الآخرة، ويكون عمومًا فِي الخليقَةِ، وخصوصًا لأهل الحقيقَةِ[ قوله: أهل الحقيقة، مِن اصطلاحات المتصوِّفة، والأَوْلى أنْ يُقال: «وخصوصًا لأهل الولاية» قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ﴾ [الإسراء: 70]» اهـ ، الكتاب الأسنى (ورقة 275 ب).

3- حَثَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أمَّتَه على الدعاء بهذين الاسمين فقال: «ألظُّوا بِيَاذا الجَلالِ والإكرامِ»[ حديث صحيح: أخرجه أحمد (4/ 177)، والبخاري في التاريخ (3/ 280)، والحاكم (1/ 498 - 499) عن ابن المبارك، أخبرني يحيى بن حسان، عن ربيعة بن عامر قال: سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول؛ فذكره. قال الحاكم: صحيحُ الإسنادِ، ووافقه الذهبيُّ، وهو كما قالا.

يحيى بن حسان هو البكري الفلسطيني، قال ابنُ

 المبارك: كان شيخًا كبيرًا حسَنَ الفهم من أهل بيت المقدس، وقال أبو حاتم: لا بأسَ به، وقال النسائي: ثِقَةٌ. وله شاهد مِن حديث أنس، أخرجه الترمذي (3524)، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك، مرفوعًا؛ به.

وقال: حديث غريب. قلتُ: وفيه الرقاشي، ضعيف.

وشاهد آخر مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنهما: أخرجه الحاكم (1/ 499)، وفيه رشدين بن سعد ضعيف مع صلاحه. ]

ومعنى ألظُّوا؛ أي: الزَمُوا هذه الدعوةَ، وأكثِروا منها، ودُوموا على قولِكم ذلك فِي دُعَائِكم وسؤالِكم لرِّبكم جلَّ شأنُه.

ولمَّا سَمِعَ رَجُلًا يدعو فِي المسجدِ يقولُ: اللَّهم إني أسألُكَ

 بأنَّ لك الحمْدَ لا إله إلا أنتَ الحنَّانُ المنَّانُ، بديعُ السماواتِ والأرض، يا ذا الجلالِ والإكرامِ، يا حيُّ يا قَيُّومُ، قال صلى الله عليه وسلم: «دَعَا اللهَ باسمِهِ الأعظمِ الذي إذا دُعي به أجَابَ، وإذا سُئِلَ به أعطَى»[ حسَن: أخرجه أحمد (11760)، والترمذي (3544)، والنسائي (1300) ، أخرجه مسلم فِي المساجد (1/ 414) عن ثوبان رضي الله عنه،وأخرجه أيضًا عن عائشة، قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سَلَّم لم يَقعُد إلا مقدارَ ما يقول: «اللهمَّ أنتَ السَّلامُ، ومنكَ السلامُ، تباركتَ يا ذَا الجلالِ والإكرامِ») [الأنترنت – موقع الألوكة- الشيخ وحيد عبدالسلام بالي]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الثالثة والسبعون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي بعنوان :*اطلاله علي اسم من اسماء الله الحسني ( ذو الجلال والإكرام)

قال تعالى: ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام

هو الذي لا جلال ولا كمال ولا شرف إلا هو له، ولا كرامة ولا إكرام إلا هو صادر منه. فالجلال له في ذاته، والكرامة فائضة منه على خلقه. وقيل: {ذو الجلال ..}  إشارة إلي صفات الكمال. والإكرام إشارة إلي صفات التنزيه.

وقيل "الجلال" هو الوصف الحقيقي "والإكرام" هو الوصف الإضافي. وقيل "الجلال" صفة ذاته سبحانه، و"الإكرام" صفة فعله تعالى. جاء في بعض الروايات أنه اسم الله الأعظم، فقد قيل في ذلك: إنه كان صلى الله عليه وسلم ماراً في الطريق إذ رأى أعرابياً يقول: "اللهم إني أسألك باسمك الأعظم العظيم الحنان المنان، مالك الملك، ذو الجلال والإكرام" فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنه دعاء باسم الله الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى"

وقد ذكر "ذو الجلال والإكرام" مرتين في القرآن الكريم، والمرتان في سورة الرحمن: ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام "27" (سورة الرحمن)

تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام "78" (سورة الرحمن). [الأنترنت – موقع أنا المدون]

*الإختلاف في اسم الله الأعظم....

بعض الناس يظن أن الاسم الأعظم من أسماء الله الحسنى اسم لا يعرفه إلا من خصه الله بكرامة خارقة للعادة، وهذا ظن خطأ؛ فإن الله تبارك وتعالى حثَّنا على معرفة أسمائه وصفاته، وأثنى على من عرفها، وتفقه فيها، ودعا الله بها دعاء عبادة وتَعَبُّدٍ

ودعاء مسألة، ولا ريب أن الاسم الأعظم منها أولاها بهذا الأمر؛ فإنه تعالى هو الجواد المطلق الذي لا منتهى لجوده وكرمه، وهو يحب الجود على عباده، ومن أعظم ما جاد به عليهم تَعَرُّفُه لهم بأسمائه الحسنى وصفاته العليا؛ فالصواب أن الأسماء الحسنى كلها حسنى، وكل واحد منها عظيم،

ولكن الاسم الأعظم منها كل اسم مفرد أو مقرون مع غيره إذا دل على جميع صفاته الذاتية

والفعلية، أو دل على معاني جميع الصفات؛ مثل: الله؛ فإنه الاسم الجامع لمعاني الألوهية

 كلها، وهي جميع أوصاف الكمال.

ومثل: الحميد المجيد؛ فإن الحميد الاسم الذي دل على جميع المحامد والكمالات لله تعالى. والمجيد الذي دل على أوصاف العظمة والجلال، ويقرب من ذلك الجليل الجميل الغني الكريم.

ومثل: الحي القيوم؛ فإن الحي من له الحياة الكاملة العظيمة الجامعة لجميع معاني الذات. والقيوم الذي قام بنفسه واستغنى عن جميع خلقه وقام بجميع الموجودات ؛ فهو الاسم الذي تدخل فيه صفات الأفعال كلها.

ومثل: اسمه العظيم الكبير الذي له جميع معاني العظمة والكبرياء في ذاته وأسمائه وصفاته، وله جميع معاني التعظيم من خواص خلقه.

ومثل: قولك: يا ذا الجلال والإكرام؛ فإن الجلال صفات العظمة والكبرياء والكمالات المتنوعة. والإكرام استحقاقه على عباده غاية الحب وغاية الذل وما أشبه ذلك.

فعلم بذلك أن الاسم الأعظم اسم جنس، وهذا هو الذي تدل عليه الأدلة الشرعية والاشتقاق؛ كما في «السنن» [ أخرجه: الترمذي (3475)، وأبو داود (1493)،وابن ماجه (3857).وأخرجه: النسائي (3/ 52) بلفظ مغاير. والحديث صححه الألبا ني في "كتاب التوسل" (33).  ]

 أنه صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول: اللهم! إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت، الأحد، الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد. فقال:«والذي نفسي بيده؛ لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى».

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الرابعة والسبعون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي بعنوان :

 *الإختلاف في اسم الله الأعظم....

وكذلك الحديث الآخر حين دعا الرجل، فقال: اللهم!

إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت المنان، بديع السماوات والأرض، ذو الجلال والإكرام، يا حي! يا قيوم! فقال صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده؛ لقد دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى»[ أخرجه أحمد (3/ 15، وأبو داود (1495) والنسائي (3/ 52)، وابن ماجه (385 والترمذي (3544) والحاكم (1/504).]

وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم؛ «اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين: {{وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَانُ الرَّحِيمُ *} [البقرة: 163] ، {{اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255] . رواه أبو داود والترمذي[3 أخرجه: الإمام أحمد (6/461)، والترمذي (347 ـ وقال: " هذا حديث حسن صحيح" ـ، وـأبو داود (1496)، وابن ماجه (3855) ـ وحسنه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (3109).]

فمتى دعا الله العبدُ باسم من هذه الأسماء العظيمة بحضور قلب ورقة وانكسار؛ لم تكد ترد له دعوة. والله الموفق. [الأنترنت – موقع منتديات الإمام الآجري- للشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله- كتاب مجموع الفوائد واقتناص الأوابد للشيخ عبد الرحمن سعدي رحمه الله تعالى]

*اسم الله الأعظم

قال تعالي: { وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} الأعراف 180وقال تعالي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى}طه8

وقال تعالي: {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}الحشر 24

وفي الصحيح:( إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الجَنَّةَ)[ متفق عليه (البخاري 7392-مسلم2677)وفي رواية مسلم "أنه وتر يحب الوتر".]

قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله: والصواب الذي عليه جمهور العلماء أن قول النبي صلى الله عليه و سلم (إن لله تسعة وتسعين أسما من أحصاها دخل الجنة ) معناه أن من أحصى التسعة والتسعين من أسمائه دخل الجنة ليس مراده أنه ليس له إلا تسعة وتسعون أسما فإنه في الحديث الآخر الذي رواه أحمد وأبو حاتم في صحيحه (...أسالك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب غمي وهمي إلا أذهب الله همه وغمه وأبدله مكانه فرحا قالوا : يا رسول الله أفلا نتعلمهن قال : بلى ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن )[ مسند احمد (4318) صحيح ابن حبان (972).]

 وثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجوده  (اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وبك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت نفسك)[ مسلم (1118) ؛ فأخبر أنه صلى الله عليه وسلم لا يحصى ثناء عليه, ولو أحصى جميع أسمائه لأحصى صفاته كلها فكان يحصي الثناء عليه؛ لأن صفاته إنما يعبر عنها بأسمائه. [درء تعارض العقل والنقل دار الكتب العلمية - بيروت –ج3ص332] إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الخامسة والسبعون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :* الإختلاف في اسم الله الأعظم....

قال ابن القيم: وقوله "أو استأثرت به في علم الغيب عندك " دليل على أن أسماءه أكثر من تسعة وتسعين, وأن له أسماء وصفات استأثر بها في علم الغيب عنده لا يعلمها غيره, وعلى هذا فقوله:إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة؛ لا ينفي أن يكون له غيرها, والكلام جملة واحدة؛ أي له أسماء موصوفة بهذه الصفة؛ كما يقال لفلان مائة عبدا أعدهم للتجارة, وله مائة فرس أعدها للجهاد, وهذا قول الجمهور؛ وخالفهم ابن حزم فزعم أن أسماءه تنحصر في

 هذا العدد.[ شفاء العليل ,ابن القيم ج3ص1356(طبعة دار الصميعي)وذكر ابن حجر رد على ابن حزم في فتح الباري(باب مائة اسم غير واحد).]

ومن ضمن هذه الأسماء ما ورد في السنة ب(اسم الله الأعظم) له سبحانه وتعالى, وقد أنكره البعض, وزعم البعض الآخر أنه في القسم الذي استأثر الله به في علم الغيب,وغاب عنهم أنه قد ورد صريحاً في السنة في أحاديث منها الصحيح ,ومنها ما لم يصح علي ما سيأتي أن شاء الله.

قال الشوكاني-رحمه الله-: قد اختلف في تعين اسم الله الأعظم على نحو أربعين قولاً قد أفرده السيوطي بالتصنيف.

وسينتظم الـحديث إن شاء الله في هذا الموضوع على النحو الأتي : المطلب الأول:بيان الأدلة على كون أسماء الله كلها حسنى.[ هذا التقسيم من كتاب معتقد أهل السنة والجماعة بتصرف وزيادة من مصادر أخرى]

والمقصود بذلك: الآيات التي ورد فيها وصف أسماء

الله تعالى بأنها حُسنى: وصف الله تعالى أسماءهُ بالحسنى في أربعة مواضع من القرآن الكريم، وهي:

1- قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} الأعراف 180

2- قوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى}الإسراء110.

3- قوله تعالى: {وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ

وَأَخْفَى اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} طه8.

4- قوله تعالى: {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} الحشر24.

معنى "الحسنى":

أ- تصريفها: "الحسنى" على وزن فُعْلَى،مؤنَّث الأحسن كالكبرى تأنيث الأكبر، والصُّغرى تأنيث الأصغر. قال ابن منظور: "وتأنيث الأحسن، الحسنى، كالكبرى والصُّغرى،تأنيث الأكبر والأصغر"[ لسان العرب مادة "حسن" 13/ 114، 115]

قال القرطبي رحمه الله: سمى الله سبحانه أسماءه بالحسنى لأنها حسنة في الأسماع والقلوب، فإنها تدل على توحيده وكرمه وجوده ورحمته وإفضاله, والحسنى مصدر وصف به[تفسير القرطبي ج7 ص326 طبعة دار إحياء التراث العربي بيروت]

ب- المعنى الخاص للكلمة:

(الحسن ضد القبح، تقول: أحسنت بفلان وأسأت بفلان أي أحسنت إليه وأسأتُ إليه)[ نفس المصدر السابق.]

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "الحسنى: هي المفضَّلة على الحسنة، والواحد الأحاسن)[ مجموع الفتاوى ج6ص141 طبعة دار الوفاء.]

فالمعنى: أي البالغة في الحسن غايته، فحسنى على وزن (فُعلى) تأنيث (أفعل) التفضيل.

 إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة السادسة والسبعون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :* الإختلاف في اسم الله الأعظم....

المعنى العام للآيات:

سبق أن ذكرنا أن الله وصف أسماءه بأنها حُسنى في أربعة مواطن، فالمعنى أي إن أسماء الله هي أحسنُ الأسماء وأجلُّها لإنبائها عن أحسن المعاني و أشرفها.

قال ابن الوزير: "واعلم أن الحسنى في اللغة هو جمع

الأحسن لا جمع الحسن، فإن جمعه حسان وحسنة، فأسماء الله التي لا تحصى كلها حسنى، أي أحسن الأسماء، وهو مثل قوله تعالى: {وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} الروم 27؛ أي الكمال الأعظم في ذاته وأسمائه ونعوته، فلذلك وجب أن تكون أسماؤه أحسن الأسماء، لا أن تكون. حسنة وحسانا لا سوى؛ وكم بين الحسن والأحسن من التفاوت العظيم عقلا وشرعا ولغة وعرفا"[ العواصم من القواصم 7/ 228طبعة مؤسسة الرسالة بيروت]

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:تحت هذه الآيات:  ثم هنا ثلاثة أقوال :

 إما أن يقال : ليس له من الأسماء إلا الأحسن ولا يدعى إلا به، وإما أن يقال : لا يدعى إلا بالحسنى،وإن سمى بما يجوز وإن لم يكن من الحسنى وهذان قولان معروفان وإما أن يقال : بل يجوز في الدعاء، والخبر، وذلك أن قوله : { وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا } ، وقال : { ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى } : أثبت له الأسماء الحسنى، وأمر بالدعاء بها . فظاهر هذا : أن له جميع الأسماء الحسنى[مجموع الفتاوى ج6 ص141]

المطلب الثاني:وجه الحسن في أسماء الله

الحُسنُ في أسماء الله جاء من وجهين هما:

الوجه الأول: لدلالتها على مسمى الله، فكانت حسنى لدلالتها على أحسن وأعظم وأجل وأقدس مسمى وهو الله عز وجل.

الوجه الثاني: لأنها متضمنة لصفات كاملة لا نقص فيها بوجه من الوجوه لا احتمالا ولا تقديراً[القواعد المثلي ص13 مكتبة دار المنهاج.]

قال الشيخ عبد العزيز السَّلمان: "فأسماء الله إنما كانت حسنى لدلالتها على أحسن مسمى وأشرف مدلول".

وقال ابن القيم: "أسماؤه- سبحانه وتعالى- كلُّها أسماء مدح وثناء؛ وتمجيد؛ ولذلك كانت حسنى"[ مدارج السالكين ج1ص125دار الكتاب العربي]

وقال أيضا في جلاء الأفهام: أسماء الرب تعالى كلها أسماء مدح, ولو كانت ألفاظا مجردة لا معاني لها لم تدل على المدح, وقد وصفها الله سبحانه بأنها حسنى كلها فقال {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} الأعراف 180فهي لم تكن حسنى لمجرد اللفظ, بل لدلالتها على أوصاف الكمال, ولهذا لما سمع بعض العرب قارئا يقرأ{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ }المائدة 38,قال:ليس هذا كلام الله تعالى فقال القارئ أتكذب بكلام الله تعالى فقال:لا ولكن ليس هذا بكلام الله فعاد إلى حفظه وقرأ و{َاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}

فقال الأعرابي:صدقت عز فحكم فقطع ولو غفر ورحم لما قطع[ جلاء الأفهام ج1ص172دار العروبة الكويت]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة السابعة والسبعون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :* الإختلاف في اسم الله الأعظم....

فأسماؤه عز وجل تدل على توحيده وكرمه وجوده

ورحمته و إفضاله، ومن حسنها ما فيها من معنى

 التعظيم والإجلال والإكبار لله سبحانه وتعالى.

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي عند تفسيره لقوله تعالى: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} "هذا بيان لعظيم جلاله وسعة أوصافه بأن له الأسماء الحسنى، أي كل اسم حسن، وضابطه أنه كل اسم دال على صفة كمال عظيمة وبذلك كانت حسنى، فإنها لو دلت على غير صفة بل كانت علما محضا لم تكن حسنى، ولو دلت على صفة ليست بصفة كمال، بل إما صفة نقص أوصفة منقسمة إلى المدح والقدح لم تكن حسنى فكل اسم من أسمائه دال على جميع الصفة التي اشتُق منها، مستغرق لجميع معناها، وذلك نحو "العليم" الدال عليه أن له علما محيطا عاما لجميع الأشياء فلا يخرج عن علمه مثقال ذرَّة في الأرض ولا في السماء، و"الرحيم" الدال على أنه له رحمة عظيمة واسعة لكل شيء، و"القدير" الدال على أن له قدرة عامة لا يعجزها شيء ونحو ذلك.

ومن تمام كونها حسنى أنه لا يُدعى إلا بها، ولذلك قال: {فَادْعُوهُ بِهَا} وهذا شامل لدعاء العبادة ودعاء المسألة فيدعى في كل مطلوب بما يناسب ذلك المطلوب، فيقول الداعي مثلا اللّهم اغفر لي وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم، وتب عَلَيَّ يا تواب، وارزقني يا رزاق، والطف بي يا لطيف ونحو ذلك"[ تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ص351 ,352 دار السلام]

والحسن في أسماء الله تعالى يكون باعتبار كل اسم على انفراده.

مثال ذلك: "الحيُّ": اسم من أسماء الله تعالى متضمن

 للحياة الكاملة التي لم تُسبق بعدم ولا يلحقها زوال.

الحياة المستلزمة لكمال الصفات من العلم والقدرة

والسمع والبصر وغيرها.[ القواعد المثلي ص13]

أسماء الله توقيفية يجب الوقوف فيها على ما جاء به الكتاب والسنة.

قال الشيخ محمد صالح بن عثيمين رحمه الله: أسماء الله تعالى توقيفية لا مجال للعقل فيها:وعلى هذا فيجب الوقوف فيها على ما جاء به الكتاب والسنة، فلا يزاد فيها ولا ينقص، لأن العقل لا يمكنه إدراك ما يستحقه تعالى من الأسماء، فوجب الوقوف في ذلك على النص، لقوله تعالى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} الإسراء 36,وقوله: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ}الأعراف33، ولأن تسميته تعالى بما لم يُسَمِّ به نفسه, أو إنكار ما سمى به نفسه جناية في حقه تعالى،فوجب سلوك الأدب في ذلك، والاقتصار على ما جاء به النص.[ القواعد المثلي ص23]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الثامنة والسبعون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي بعنوان :

الأحاديث الواردة في اسم الله الأعظم وتخريجها وحكم العلماء عليها.

سنذكر الأحاديث الثابتة عن النبي محمد صلي الله عليه

 وسلم التي ذكرت فيها لفظ اسم الله الأعظم.

 الحديث الأول :حديث عبد الله بن بريدة

عن عبد الله بن بريدة الأسلمي عن أبيه قال : سمع النبي صلى الله عليه و سلم رجلا يدعو وهو يقول اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد قال فقال "والذي نفسي بيده لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى".

وفي رواية قال صلي الله عليه وسلم" لَقَدْ سَأَلْتَ اللَّهَ بِالِاسْمِ الَّذِي إِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى، وَإِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ". [ .وحسنه السخاوي. [19] أخرجه الترمذي(3475), وأبو داود(1493),والنسائي في الكبرى (7619),وابن ماجه(3857),وأحمد في المسند(22848), وابن حبان في صحيحة بترتيب ابن بلبان(891-892),والحاكم(1858),وأبن أبي شيبة في المصنف(29360),ومصنف عبد الرزاق(4178).]

 صححه الحاكم,وابن حبان,والذهبي,والألباني ,قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب قال ابن حجر وهو أرجح من حيث السند(أي في اثبت اسم الله الأعظم فتح الباري (ج14ص482) دار طيبة )

الحديث الثاني :حديث انس بن مالك رضي الله عنه:

عن أنس: أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه و سلم

 جالسا ورجل يصلي ثم دعا اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي ياقيوم فقال النبي صلى الله عليه و سلم " لقد دعا الله [ عزوجل ] باسمه العظيم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى " .

وفي رواية "الحنان المنان"

وفي رواية "لقد دعا الله باسمه العظيم,الذي إذا دُعي

 به أجاب, وإذا سئل به أعطى".

وفي رواية"والذي نفسي بيده لقد دعا الله ......"

وفي رواية" كنت مع النبي صلى الله عليه و سلم فدعا رجل فقال يا بديع السماوات يا حي يا قيوم إني أسألك فقال أتدرونَ بما دعا ؟ والذي نفسي بيده دعا الله باسمه الذي إذا دعي به أجاب"[ أخرجه أبو داود(1495),الترمذي (3544),النسائي في الكبرى(1224),والبخاري في الأدب المفرد(705),وأحمد في المسند (12226-13595-13824),الحاكم في المستدرك(1856)وقال صحيح علي شرط مسلم ولم يخرجه,وابن حبان (893),ومصنف ابن أبي شيبة (29361).

صححه ابن حبان والحاكم والذهبي والألباني رحمه الله دون لفظة "الحنان"وحسنه ابن حجر والسخاوي.وللحديث طرق كثيرة لمراجعتها راجع كتاب إتحاف المسلم بما صح في اسم الله الأعظم.ل(عبد الفتاح محمود سرور)

الحديث الثالث: حديث أبي أمامة

عن أبي أمامة : عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :

إن اسم الله الأعظم في ثلاث سور من القرآن في

سورة البقرة و آل عمران و طه.

 قال القاسم: فالتمستها إنه الحي القيوم.[أخرجه ابن ماجه (3856),والحاكم في المستدرك(1861),ومعجم الطبراني الكبير(7659) .حسنه الشيخ الألباني رحمه الله,في صحيح ابن ماجه وقال صاحب كتاب إتحاف المسلم بما صح في اسم الله الأعظم(موقوف أصح)ص69]

الحديث الرابع: حديث أسماء بنت يزيد رضي الله عنها

عن أسماء بنت يزيد : أن النبي صلى الله عليه و سلم قال " اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين { وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم } وفاتحة سورة آل عمران { الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم } " [ أخرجه الترمذي(3478),وأبو داود(1496),وابن ماجه (3855).

والحديث ضعيف فيه عبيد الله بن أبي زياد,وشهر بن حوشب؛ كلاهما ضعيف. وقال الشيخ الألباني :قال الترمذي " حديث حسن صحيح "!كذا قال! وهو من تساهله الذي عرف به!

؛ثم قال : نعم؛ للحديث شاهد من حديث أبي أمامة... مرفوعاً نحوه. فهو به حسن،وقد خرجته في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (746) .(في صحيح أبي داود طبعة مؤسسة غراس الكويت)  ]

هذه الأحاديث الصريحة الوارد فيها ذكر لفظ( اسم الله الأعظم).

موقف العلماء من اسم الله الأعظم

قد أختلف العلماء في اسم الله الأعظم من حيث وجوده علي أقوال:[ فتح الباري ج14ص483]

القول الأول:إنكار وجوده[ المقصود إنكار تعين اسم الله الأعظم باسم معين لأن أسماء الله كلها عظيمة. ]: لاعتقادهم بعدم تفضيل اسم من أسماء الله تعالى على آخر ، وقد تأول هؤلاء الأحاديث الواردة السابقة فحملوها على وجوه :

الوجه الأول:من قال بأن معنى الأعظم هو العظيم وان أسماء الله كلها عظيمة ولا تفاضل بينها.

قال الحافظ ابن حجر: وقد أنكره قوم كأبي جعفر الطبري,وأبي الحسن الأشعري, وجماعة بعدهما كأبي حاتم بن حبان والقاضي أبي بكر الباقلاني؛ ونسبه بعضهم لمالك.

وعللوا ذلك بقولهم: لا يجوز تفضيل بعض الأسماء على بعض، ونسب ذلك بعضهم لمالك لكراهيته أن تعاد سورة أو تردد دون غيرها من السور لئلا يظن أن بعض القرآن أفضل من بعض فيؤذن ذلك باعتقاد نقصان المفضول عن الأفضل، وحملوا ما ورد من ذلك على أن المراد بالأعظم العظيم وأن أسماء الله كلها عظيمة.

وعبارة أبي جعفر الطبري: اختلفت الآثار في تعيين الاسم الأعظم، والذي عندي أن الأقوال كلها صحيحة إذ لم يرد في خبر منها أنه الاسم الأعظم ولا شيء أعظم منه؛ فكأنه يقول كل اسم من أسمائه تعالى يجوز وصفه بكونه أعظم فيرجع إلى معنى عظيم كما تقدم.

[ لتفصيل قولهم راجع شرح صحيح البخاري لابن بطال –كتاب التعبير-]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة التاسعة والسبعون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

الأحاديث الواردة في اسم الله الأعظم وتخريجها وحكم العلماء عليها.

الوجه الثاني:المراد بالأعظم أي ؛مزيد ثواب الداعي بذلك الاسم.

 قال ابن حبان الأعظمية الواردة في الأخبار إنما يراد

 بها مزيد ثواب الداعي بذلك كما أطلق ذلك في القرآن

 والمراد به. مزيد ثواب القارئ.

الوجه الثالث:المراد باسم الله الأعظم حالة يكون عليه

 الداعي؛ وهي تشمل كل من دعا الله تعالي بأي اسم

من أسمائه؛ إن كان على تلك الحالة.

قال الحافظ ابن حجر-رحمه الله-: وقيل المراد بالاسم الأعظم كل اسم من أسماء الله تعالى دعا العبد به مستغرقا بحيث لا يكون في فكره حالتئذ غير الله تعالى فإن من تأتى له ذلك استجيب له. ونقل معنى هذا عن جعفر الصادق وعن الجنيد وعن غيرهما.

القول الثاني: قال الحافظ ابن حجر-رحمه الله-: وقال آخرون: استأثر الله تعالى بعلم الاسم الأعظم ولم يطلع عليه أحداً من خلقه.

القول الثالث: إثبات وجوده مع اضطراب في تعينه

,وقد أختلف أهل العلم في تعين اسم الله الأعظم.

قال الحافظ ابن حجر-رحمه الله-: وأثبته آخرون معينا

واضطربوا في ذلك وجملة ما وقفت عليه من ذلك أربعة

عشر قولا.

الأول: الاسم الأعظم "هو"!! وهذا الاسم مردود على من قاله وسيأتي ذكره في بدع اسم الله الأعظم.[ فتح الباري ج14ص481]

الثاني: "الله" لأنه اسم لم يطلق على غيره، ولأنه الأصل في الأسماء الحسنى ومن ثم أضيفت إليه.[ [27] نفس المصدر السابق.]

اختار هذا القول جمع من السلف والعلماء:

1-وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : اسم الله

 الأعظم  هو الله.[ الدرر المنثورللسيوطي (ج1ص23)دار الفكر]

2-اختاره الإمام جابر بن زيد قال الطبري في تفسيره

حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن علية، قال: أخبرنا أبو رجاء، قال: ثني رجل، عن جابر بن زيد، قال: إن اسم الله الأعظم هو الله، ألم تسمع يقول:( هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ )الحشر22,23

يقول: تنزيهًا لله وتبرئة له عن شرك المشركين به.       [ تفسير الطبري تحت قوله تعالي"هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ"الحشر24(ج24ص305طبعة الرسالة), وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري في تاريخه وابن الضريس في فضائله وابن أبي حاتم في تفسيره.  ]

3-واختاره الإمامان أبو حنيفة وأبو جعفر الطحاوي رحمهم الله.

قال أبو جعفر:بعد إن روي الآثار عن رسول الله في اسم الله الأعظم :فهذه الآثار قد رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم متفقة في اسم الله الأعظم أنه الله عز وجل وقد روي عن أبي حنيفة قال ( اسم الله عز وجل الأكبر هو الله)[ شرح مشكل الآثار باب بيان اسم الله الأعظم (ج1ص161)طبعة الرسالة ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الثمانون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

الأحاديث الواردة في اسم الله الأعظم وتخريجها وحكم العلماء عليها.

4-وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي الدنيا في الدعاء عن الشعبي قال : اسم الله الأعظم ، يا الله.[ الدرر المنثور للسيوطي]

5- وقال أبوالبقاء الفتوحي الحنبلي رحمه الله : فائدتان

الأولى : أن اسم " الله " علم للذات , ومختص به , فيعم جميع أسمائه الحسنى .

الثانية : أنه اسم الله الأعظم عند أكثر أهل العلم الذي هو متصف بجميع المحامد .[ الكوكب المنيرج1ص25 مكتبة العبيكان]

6-وقال الشيخ عمر الأشقر – رحمه الله - :

والذي يظهر من المقارنة بين النصوص التي ورد فيها اسم الله الأعظم أنّه : ( الله ) ، فهذا الاسم هو الاسم الوحيد الذي يوجد في جميع النصوص التي قال الرسول

 صلى الله عليه وسلم إنّ اسم الله الأعظم ورد فيها .

ومما يُرجِّح أن ( الله ) هو الاسم الأعظم أنه تكرر في القرآن الكريم ( 2697 ) سبعاً وتسعين وستمائة وألفين - حسب إحصاء المعجم المفهرس - وورد بلفظ ( اللهم ) خمس مرات ، في حين أنّ اسماً آخر مما يختص بالله تعالى وهو ( الرحمن ) لم يرد ذكره إلا سبعاً وخمسين مرة ، ويرجحه أيضاً : ما تضمنه هذا الاسم من المعاني العظيمة الكثيرة .[ العقيدة في الله ص213 النفائس]

الثالث:"الله الرحمن الرحيم" ولعل مستنده ما أخرجه ابن ماجه[ برقم(3895)وضعفه الشيخ الألباني ] عن عائشة أنها "سألت النبي صلى الله عليه وسلم أن يعلمها الاسم الأعظم فلم يفعل، فصلت ودعت: اللهم إني أدعوك الله وأدعوك الرحمن وأدعوك الرحيم وأدعوك بأسمائك الحسنى كلها ما علمت منها وما لم أعلم" الحديث وفيه أنه صلى الله عليه وسلم قال لها "إنه لفي الأسماء التي دعوت بها" . قال ابن حجر: وسنده ضعيف وفي الاستدلال به نظر لا يخفى.[ فتح الباري ج14ص481]

الرابع: "الرحمن الرحيم الحي القيوم" لما أخرج الترمذي من حديث أسماء بنت يزيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين" {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} وفاتحة سورة آل عمران {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}أخرجه أصحاب السنن إلا النسائي وحسنه الترمذي وفي نسخة صحيحة: وفيه

نظر لأنه من رواية شهر بن حوشب.[ نفس المصدر السابق.]

الخامس: "الحي القيوم" أخرج ابن ماجه من حديث أبي أمامة "الاسم الأعظم في ثلاث سور: البقرة وآل عمران وطه" قال القاسم الراوي عن أبي أمامة: التمسته منها فعرفت أنه الحي القيوم، وقواه الفخر الرازي واحتج بأنهما يدلان من صفات العظمة بالربوبية ما لا يدل على ذلك غيرهما كدلالتهما.[ نفس المصدر السابق.]

اختاره ابن القيم قال: وفي تأثير قوله : يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث في دفع هذا الداء مناسبة بديعة فإن صفة الحياة متضمنة لجميع صفات الكمال مستلزمة لها, وصفة القيومية متضمنة لجميع صفات الأفعال, ولهذا كان اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى : هو اسم الحي القيوم. والحياة التامة

تُضاد جميعَ الأسقام والآلام.

 ونقصانُ الحياة تضر بالأفعال، وتنافى القيومية، فكمالُ القيومية لكمال الحياة، فالحىُّ المطلق التام الحياة لا يفوتُه صِفة الكمال البتة، والقَيُّوم لا يتعذَّرُ عليه فعلٌ ممكنٌ البتة، فالتوسل بصفة الحياة والقَيُّومية له تأثيرٌ في إزالة ما يُضادُّ الحياة، ويضُرُّ بالأفعال.[زاد المعاد (ج4 /ص187-188)طبعة الرسالة]

قال ابن القيم :وقال لي شيخنا يوما لهذين الاسمين وهما الحي القيوم تأثير عظيم في حياة القلب وكان يشير إلى أنهما الاسم الأعظم.[ مدارج السالكين ج1 ص448 دار الكتاب العربي – بيروت.

 وقد نسب بعض الباحثين أن شيخ الإسلام قال

أن اسم الله الأعظم هو الحي وأن هذا اختياره.

وأظن أن الصواب ما قاله ابن القيم رحمهم الله. ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الواحدة والثمانون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : الأحاديث الواردة في اسم الله الأعظم وتخريجها وحكم العلماء عليها.

السادس: "الحنان المنان بديع السماوات والأرض ذو الجلال والإكرام الحي القيوم" ورد ذلك مجموعا في حديث أنس عند أحمد والحاكم وأصله عند أبي داود والنسائي وصححه ابن حبان.[ فتح الباري]

السابع: "بديع السماوات والأرض ذو الجلال والإكرام" أخرجه أبو يعلى من طريق السدي ابن يحيى عن رجل من طيئ وأثنى عليه قال: "كنت أسأل الله أن يريني الاسم الأعظم فأريته مكتوبا في الكواكب في السماء"[ نفس المصدر السابق]

الثامن: "ذو الجلال والإكرام" أخرج الترمذي من حديث معاذ بن جبل قال: "سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يقول: يا ذا الجلال والإكرام فقال، قد استجيب لك فسل" واحتج له الفخر[الفخر الرازي] ذكره في تفسير الفاتحة . بأنه يشمل جميع الصفات المعتبرة في الإلهية، لأن في الجلال إشارة إلى جميع السلوب, وفي الإكرام إشارة إلى جميع الإضافات[ السلوب: أي بالصفات السلبية أي الصفات التي ورد

 ذكرها بالنفي، فالسلب هو النفي]

مثل نفي النوم والسِنة قال تعالى" لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ" وكنفي الولد واللغوب والظلم ونحو ذلك.

ولتعلم:أنَّ النفي الوارد في صفات الله ليس نفياً صِرفاً ، وإنما هو نفي متضمن إثبات كمال ضد المنفي لله جل وعلا.

فنافي السنة والنوم: متضمن لإثبات كمال الضد ، وهو كمال الحياة والقيومية وفي نفي الولد: متضمن لإثبات كما الوحدانية. وفي نفي اللغوب ـ وهو التعب ـ إثبات كمال القوة والقدرة و في نفي الظلم إثبات كمال العدل

والإضافات: هي الصفات الإضافية، والإضافة هي النسبة والشيء الإضافي هو الشيء النسبي، فهو ليس أمراً وجودياً بل أمر اعتباري معنوي، فالصفة الإضافية هي المعنى الذي لا يعقل إلا بوجود مقابل له، ومثال ذلك القبلية والبعدية والأبوة والبنوة، فالقبلية مثلاً ليست صفة ذاتية للشيء، بل صفة باعتبار ما بعده وكذا الأبوة فهي صفة باعتبار ابنه وإن كان هذا الأب ابناً باعتبار أبيه، فهو اكتسب الصفة بالنسبة لغيره، وليست صفة ملازمة له كيده وطوله ولونه.

ويلاحظ أن هذه الصفات الإضافية لا وجود لها حقيقة، وإنما وجودها عقلي معنوي. [راجع مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام أو الرسالة التدمرية.  ]

التاسع: "الله لا إله إلا هو الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد" أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان والحاكم من حديث بريدة، وهو أرجح من حيث السند من جميع ما ورد في ذلك.[ فتح الباري ]  

العاشر "رب رب" أخرجه الحاكم من حديث أبي الدرداء وابن عباس بلفظ: "اسم الله الأكبر رب رب" وأخرج ابن أبي الدنيا عن عائشة "إذا قال العبد يا رب يا رب، قال الله تعالى: لبيك عبدي سل تعط" رواه مرفوعا وموقوفا. [ نفس المصدر السابق والحديث ضعيف جدًّا كما في السلسلة الضعيفة للألباني (رقم 2693)]

الحادي عشر: "دعوة ذي النون" أخرج النسائي والحاكم عن فضالة بن عبيد رفعه: "دعوة ذي النون في بطن الحوت لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، لم يدع بها رجل مسلم قط إلا استجاب الله له".[ نفس المصدر السابق]

 الثاني عشر: نقل الفخر الرازي عن زين العابدين أنه

 سأل الله أن يعلمه الاسم الأعظم فرأى في النوم "هو الله الله الله الذي لا إله إلا هو رب العرش العظيم". [ نفس المصدر السابق]

الثالث عشر: هو مخفي في الأسماء الحسنى، ويؤيده حديث عائشة المتقدم "لما دعت ببعض الأسماء وبالأسماء الحسنى. فقال لها صلى الله عليه وسلم: إنه لفي الأسماء التي دعوت بها". [ نفس المصدر السابق]

الرابع عشر: كلمة التوحيد"لا اله إلا الله".[نفس المصدر السابق]

قال الشيخ الألباني-رحمه الله-:واعلم أن العلماء اختلفوا في تعيين اسم الله الأعظم على أربعة عشر قولأ ،ساقها الحافظ في "الفتح" ، وذكر لكل قول دليله ، وأكثرها أدلتها من الأحاديث ،وبعضها مجرد رأي لا يلتفت إليه ، مثل القول الثاني عشر ؛ فإن دليله : أن فلاناً سأل الله أن يعلمه الاسم الأعظم ، فرأى في النوم ؛ هو الله ، الله ، الله ، الذي لا إله إلا هو رب العرش العظيم!!

ثم قسم الشيخ رحمه الله الأحاديث التي ذكرها الحافظ

 فقال: وتلك الأحاديث منها الصحيح " ، ولكنه ليس

 صريح الدلالة ، ومنها الموقوف كهذا.

ومنها الصريح الدلالة ؛ وهو قسمان.

 قسم صحيح صريح ، وهو حديث بريدة : "الله لا إله إلا هو ، الأحد الصمد الذي لم يلد ... " إلخ ، وقال الحافظ :"وهو أرجح من حيث السند من جميع ما ورد في ذلك " .وهو كما قال رحمه الله ، وأقره الشوكاني في "تحفة الذاكرين " [(ص 52) ، وهومخرج في "صحيح أبي داود" (1341) ]

والقسم الآخر : صريح غير صحيح ، بعضه مما صرح الحافظ بضعفه ؛ كحديث

القول الثالث عن عائشة في ابن ماجه [(3859) ]، وهو في "ضعيف ابن ماجه " [رقم(841)؛]

وبعضه مما سكت عنه ؛ فلم يحسن! كحديث القول الثامن من حديث معاذ ابن جبل في الترمذي ، وهو مخرج في ["الضعيفة" برقم (4520) .]وهناك أحاديث أخرى صريحة لم يتعرض الحافظ لذكرها ولكنها واهية ، [وهي مخرجة هناك برقم (2772 و 2773 و 2775 [ سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة ج13ص279دار المعارف ]

ولعل أرجح الأقوال التي ذكرها الحافظ ابن حجر رحمه الله هي:القول الثاني:"الله جلا جلاله".

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الثانية والثمانون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : الأحاديث الواردة في اسم الله الأعظم وتخريجها وحكم العلماء عليها.

والقول الخامس:الحي القيوم".

أما عن صيغة الدعاء باسم الله الأعظم فيدعوا المسلم مره بما ورد في حديث بريدة و يقول" اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد".

ومره بما ورد في حديث انس فيقول" اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي ياقيوم".

فيكون جمع بين القولين والله أعلم.

شرح اسم الله الأعظم

المقصود بهذا القسم شرح أرجح الأقوال شرحاً ميسراً: وهي:

1-الله جلا جلاله: هو المألوه المعبود، المستحق لإفراده بالعبادة، لما اتصف به من صفات الألوهية وهي صفات الكمال.[ تفسير ابن سعدي 39مؤسسة الرسالة.]

2- الحي القيوم: هذان الاسمان الكريمان يدلان على سائر الأسماء الحسنى دلالة مطابقة وتضمنا ولزوما، فالحي من له الحياة الكاملة المستلزمة لجميع صفات الذات، كالسمع والبصر والعلم والقدرة، ونحو ذلك، والقيوم: هو الذي قام بنفسه وقام بغيره، وذلك مستلزم لجميع الأفعال التي اتصف بها رب العالمين من فعله ما يشاء من الاستواء والنزول والكلام والقول والخلق والرزق والإماتة والإحياء، وسائر أنواع التدبير، كل ذلك داخل في قيومية الباري.[ نفس المصدر السابق ص110]

بدع الاسم الأعظم[ ملخص من كتاب إتحاف المسلم بما صح في اسم الله الأعظم (عبد الفتاح محمود سرور)]

إن المتبع للحق هو من يقف عند الثابت في الشرع  الحنيف ولا يتجاوزه إلي ما سواه,لكن يأبى قوم إلا أن يحيدوا عن المنهج القويم إلي بدع زينها لهم شياطين

 الإنس والجن, فلم يتركوا باباً في الشرع إلا وابتدعوا فيه.

فبعض الصوفية والطرقية يدعون أشياء في اسم الله الأعظم لا سند لها في كتاب الله ولا حديث صحيح أو ضعيف بل هي من الخرافات.

*فيزعمون أن الاسم الأعظم الضمير الغائب (هو).

وانتصر لهذا الاسم الفخر الرازي في تفسيره (1/190-196) في ذلك,وقال في خاتمة الفصل:(ولنختم هذا الفصل بذكر شريف رأيته في بعض الكتب: يا هو ، يا من لا هو إلا هو ، يا من لا إله إلا هو ، يا أزل ، يا أبد ، يا دهر ، يا ديهار ، يا ديهور ، يا من هو الحي الذي لا يموت.

وقال: فوجب أن يكون قولنا : "هو" أعظم الأذكار.

ومن لطائف هذا الفصل أن الشيخ الغزالي رحمة الله

 عليه كان يقول : "لا إله إلا الله" توحيد العوام ، "ولا إله إلا هو" توحيد الخواص.[ تفسير الرازي]

فهذا الذكر رآه الرازي في بعض الكتب فهي وجادة لا حجة فيها,ولا يدري هل هو من كتاب منقول من كلام أهل الكتاب,أم هل كتابة ثقة أم ضعيف...ألخ .

وهذا الذكر باطل, وتضمن أسماء لا يصح أن تطلق علي المولي عز وجل.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الثالثة والثمانون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : الأحاديث الواردة في اسم الله الأعظم وتخريجها وحكم العلماء عليها.

*ومن هذه البدع :تقسيم الاسم إلي ظاهروباطن[ أنظر إتحاف المسلم بما صح في اسم الله الأعظم

[الأنترنت – موقع العقيدة والحياة- د أحمد القاضي]

وكل هذه أباطيل لا يقبلها عقل ولا نقل يعضدها بل هي أكاذيب تدل علي ضلال معتنقها.

وهي من أباطيل الصوفية ليتلاعبوا بالبسطاء من

 الناس لمطامع شخصية لهم فادّعوا أن هناك اسماً أعظم خاصة بالإمام علي رضي الله عنه وآخر خاصة بالنبي صلي الله عليه وسلم ,وآخر للخضر. وأنهم تلقوا هذه الأسماء من النبي مباشرة .

وأيضا ادّعوا أن هذا الاسم لا يُعطي إلا للأقطاب وهو

لفظ مبتدع لا أصل له في الدين.

ومن البدع أيضاً: قول القائل إن في تعليم الاسم

 الأعظم فساد العالم,وتحريم تعليمه على آحاد الناس بدعوى أنه لا يصل إليه إلا الأنبياء والأولياء.

ذكره حاجي خليفة في كشف الظنون (1/411).

وهذا كلام ساقط!

بل يستحب لآحاد الناس تعلم أسماء الله الحسنى وفيها اسم الله الأعظم, وقد حث المولى سبحانه وتعالى على ذلك فقال تعالى "وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا"الأعراف 180

ورغب في إحصائها وجعل ثواب ذلك الجنة.لذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو بأسماء الله ويستعيذ بها في كربه وضيقه. وبوب البخاري رحمه الله (باب السؤال بأسماء الله تعالى والاستعاذة بها)

الخلاصة:

1-أسماء الله غير محصورة في عدد معين.

2-أسماء الله كلها حسنى لدلالتها على أحسن وأعظم وأجل وأقدس مسمى وهو الله عز وجل,ولتضمنها صفات الكمال والجلال والجمال.

3-أسماء الله توقيفية.

4-أصح الأحاديث الواردة في الباب حديث بريدة

الأسلمي ثم يليه حديث أنس بن مالك.

5-أرجح الأقوال في اسم الله الأعظم هو "الله",ويليه في القوة "الحي القيوم" ولو جمع العبد بينهم في الدعاء كان أفضل.

6-من بدع الصوفية في ادعاؤهم أن اسم الله الأعظم "هو"وأيضا من بدعهم تقسيم الاسم إلي ظاهر وباطن.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الرابعة والثمانون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي بعنوان :

*حقيقة ذو الجلال والاكرام

''ذو الجلال والإكرام...'' من أسماء اللّه الحسنى أي الذي له كل الشرف وكل الكمال، وله وحده الكرامة، فالجلال له في ذاته، والكرامة فائضة منه على خلقه.

ولقد كانت مشكلة الكفار على عهد رسول اللّه ''ــ

صلى اللّه عليه وسلم ــ إنهم لم يدركوا حقيقة اللّه عز وجل، ولم يتعرّفوا عليه كما أخبرهم في كتابه العزيز، فراحوا يتخيّلون إلهاً على هواهم، ويتصورونه بالشكل الذي يناسبهم، فقد روي أن بعض المشركين واليهود جاءوا إلى النبي ــ صلى اللّه عليه وسلم ــ وقالوا:  صف لنا ربك، فإن اللّه أنزل نعته في التوراة، فاحترنا من أي شيء هو...ومن أي جنس هو؟ من ذهب هو أم نحاس أم فضة؟ وهل يأكل ويشرب؟ وممّن ورث الدنيا؟ ولمن يورثها؟

وعندئذ أنزل اللّه تعالى قوله: ﴾قل هو اللّه أحد اللّه الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد﴿

فحاشا للّه أن يكون كما يزعم هؤلاء، فهو الإله العظيم، الأول الذي ليس قبله شيء، والآخر الذي ليس بعده شيء، وهو الظاهر والباطن، وهو المبديء والمعيد الذي خلق الخلق ورزقهم.

واللّه ''ذو الجلال والإكرام'' هو الذي كتب على كل خلقه الفناء، وكتب على نفسه البقاء، فهو غير ما يتصور هؤلاء، وأبعد ما يكون عن تصورهم.

قال تعالى: ﴾كل من عليها فان ويبقي وجه ربّك ذو الجلال والإكرام } واللّه ذوالجلال والإكرام سبحانه ذوالعظمة والكبرياء، وذو الرحمة والجود والإحسان، المكرم لأوليائه وأصفيائه الذين يجلونه ويعظمونه ويحبونه.

قال عز من قائل: ﴾تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام﴿، والمتأمل لقوله تعالى الوارد في هذه الآية الكريمة يجد أنّ اللّه تعالى أثنى على نفسه بما هو أهل له لكي يثني عليه عباده وينزهوه عن كل نقص وعجز، ولا يكون ذلك مجرد كلام ولكنه يكون بالقلب الخاشع الذي يخشى اللّه[ الأنترنت – موقع الشعب]

*سورة الرحمن إعلان و إعلام بآلاء الله الباهرة

هذه السورة مكية ذات نسق خاص ملحوظ. إنها إعلان و إعلام بآلاء الله الباهرة الظاهرة، في جميل صنعه، وإبداع خلقه; وفي فيض نعمائه; وفي تدبيره للوجود وما فيه; وتوجه الخلائق كلها إلى وجهه الكريم..

وهي إشهاد عام للوجود كله على الثقلين: الإنس والجن المخاطبين بالسورة على السواءمع تحديهما إن كانا يملكان التكذيب بآلاء الله، تحديا يتكرر عقب بيان كل نعمة من نعمه .

*تناسب خواتيم القمر مع فواتح الرحمن*

قال في خاتمة سورة القمر ((إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ

وَنَهَرٍ*فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ))…

وفي بداية الرحمن قال ((الرَّحْمَنُ* عَلَّمَ الْقُرْآَنَ* خَلَقَ الْإِنْسَانَ* عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ))(4))– الرحمن هو المليك المقتدر وكأنها تكملة لها– فبدأ بالرحمن لأنه رحم عباده عند مليك مقتدر فرحمهم الرحمن– (الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآَنَ (2)) المليك المقتدر هو الرحمن الذي علّم القرآن فيكون مقعد صدق لمن أطاع ما في القرآن…موقع إسلاميات..

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الخامسة والثمانون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي بعنوان :

*حقيقة ذو الجلال والاكرام

*افتتحت السورة { باسم الرحمن } فكان فيه تشويق جميع السامعين إلى الخبر الذي يخبر به عنه .

-إذ كان المشركون لا يألفون هذا الاسم قال تعالى :{ قالوا وما الرحمن } [ الفرقان : 60 ]

-فهم إذا سمعوا هذه الفاتحة ترقبوا ما سيرد من الخبر عنه ،

-والمؤمنون إذا طرق أسماعهم هذا الاسم استشرفوا لما سيرد من الخبر المناسب لوصفه هذا مما هم متشوقون إليه من آثار رحمته . ابن عاشور

*أكثر ميزة في هذه السورة أنها جميلةٌ بتناسق الكلمات؛ ومما يجلي وضوحَ جمال هذه السورة ما روي أن قيس بن عاصم المنقري قال للنبي صلى الله عليه وسلم: “اتلُ عليَّ مما أُنزِل عليك..

-فقرأ عليه سورة ﴿ الرَّحْمَنُ ﴾ فقال: أعِدها، فأعادها ثلاثًا، فقال: والله إن له لطلاوةً، وإن عليه لحلاوةً، وأسفله لَمُغْدِق، وأعلاه مُثمِر، وما يقول هذا بشرٌ، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله” ففي هذه الرواية أسلم قيسٌ بسبب جمال هذه السورة وطلاوتها وصياغة كلماتها [ القرطبي]

*ماهي الرحمة؟

رقةٌ في القلب تستلزم الإحسان والعطاء…

-الرحمة لها مظهر شُعوري، ولها مظهر سلوكي…

-نظرت إلى يتيم، نظرت إلى فقير، نظرت إلى مُصاب، نظرت إلى جريح، تولَّد في قلبك شعورٌ بالعطف عليه، والشفقة عليه، والتأثُّر له، هذا الجانب الشعوري…

– بادرت إلى معاونته، هذا الجانب العملي [النابلسي]

 (الرحمن )

قال بعض العلماء: ” الشريعة رحمةٌ كلُّها، عدلٌ كلها، صلاحٌ كلها..

فأية قضيةٍ خرجت من الرحمة إلى القسوة، ومن الصلاح إلى الفساد، ومن العدل إلى الجَور فليست من الشريعة ولو أُدخلت عليها بألف تأويلٍ وتأويل “.

*تصدرَت السورة باسم الله(الرحمن)فما الحكمة؟

هذه السورة في حقيقتها تعدادٌ لنعم الله في الدنيا والآخرة، فأساس هذه النعم رحمة الله جلَّ جلاله، فخلقنا ليرحمنا، والآية التي تؤكِّد هذه الحقيقة:

﴿إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ﴾(سورة هود: آية ” 119 “)

– خلقنا ليرحمنا، خلقنا ليسعدنا، خلقنا ليعطينا،

 أعطانا الوجود، أعطانا الإمداد، أعطانا الهدى والرشاد. النابلسي

تتمثل رحمة الله في مظاهر لا يحصيها العد ، ويعجز الإنسان عن مجرد ملاحقتها وتسجيلها في ذات نفسه

ورحمة الله تتمثل في الممنوع تمثلها في الممنوح ، ويجدها من يفتحها الله له في كل شيء ، وفي كل حال ومكان ، يجدها في نفسه ، وفي مشاعره ، ويجدها فيما حوله ، وحيثما كان ، وكيفما كان . ولو فقد كل شيء مما يعد الناس فقده هو الحرمان . .[الرئاسة العامة للبحوث العلمية •في ظلال القرآن]

-ما من نعمة – يمسك الله معها رحمته – حتى تنقلب هي بذاتها نقمة .

-وما من محنة – تحفها رحمة الله – حتى تكون هي

بذاتها نعمة . .

– ينام الإنسان على الشوك مع رحمة الله – فإذا هو مهاد ، وينام على الحرير – وقد أُمسكت عنه – فإذا هو شوك القتاد - ويعالج أعسر الأمور – برحمة الله – فإذا هي هوادة ويسر -ويعالج أيسر الأمور – وقد تخلت رحمة الله – فإذا هي مشقة وعسر ،

-ويخوض بها المخاوف والأخطار فإذا هي أمن وسلام -ويعبر بدونها المناهج والمسالك فإذا هي مهلكة وبوار .[الرئاسة العامة للبحوث والإفتاء]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة السادسة والثمانون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي بعنوان :

*حقيقة ذو الجلال والاكرام

*برحمة الله من داخل النفس -تتفجر ينابيع السعادة والرضا والطمأنينة .

ومن داخل النفس- في إمساكها تدب عقارب القلق والتعب والنصب والنكد والمعاناة .

*-مظاهر رحمة الله

من رحمة الله أن تحس برحمة الله ؛ فرحمة الله تضمك وتغمرك وتفيض عليك .

– ولكن شعورك بوجودها هو الرحمة .

-ورجاؤك فيها وتطلعك إليها هو الرحمة .

– وثقتك بها وتوقعها في كل أمر هو الرحمة،

-والعذاب هو العذاب في احتجابك عنها ، أو يأسك منها ، أو شكك فيها.

-مظاهر رحمة الله -مركز البحوث

-ومن تأمل وتدبر سورة الرحمن وجدها خير معين على ذلك......(كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26))

مافائدة تذكير الإنسان بذلك في هذا السياق؟

وفائدة هذا أن لا ينسوا الاستعداد للحياة الباقية بفعل الصالحات ، وأن يتفكروا في عظيم قدرة الله تعالى ويقبلوا على توحيده وطلب مرضاته .

ووقوع هذه الجملة عقب ما عدد من النعم فيه إيماء إلى أن مصير نعم الدنيا إلى الفناء .التحرير والتنوير

 (ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام)

اعلم أن هذا الوجه العظيم الموصوف بالجلال والإكرام وجه لا يمكن الإحاطة به وصفاً، ولا يمكن الإحاطة به تصوراً.

 بل كل شيء تقدره، فإن الله تعالى فوق ذلك وأعظم، كما قال تعالى: (ولا يحيطون به علما( [طه: 110]. فتاوى ورسائل ابن عثيمين

أكثروا من ياذا الجلال والإكرام للشيخ نبيل العوضي

-ما معنى قول الله تعالى في سورة الرحمن(كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ* وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلال وَالإِكْرَامِ[الرحمن]

الظاهر مكان الأرض، وكل ما في الأرض هو فاني الجبال تدك والأشجار والأحجار تذهب، والجن والإنس يموتون والحيوانات تموت ما يبقى شيء إلا الله – سبحانه وتعالى -.ابن باز رحمه الله

﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27)﴾

الإمام الغزالي يقول: لا جلال ولا كمال إلا وهو له، ولا كرامة ولا مكرمة إلا وهي صادرة منه ؛

 -فالجلال له في ذاته، والكرامة فائضة منه على خلقه .

– فلو كان شخص ذو هيبة أمام الخلق؛ فهي من الله. ولو أراد الله نزعها، لصار حقيراً أمام الخلق جميعاً.

( تبارك اسم ربك ذي الجلال و الاكرام ))

والبركة هي الزيادة والنماء والكثرة

-تبارك اسمه معناه ثبث ودام ومعناه تعاظم وارتفع فهدا وصف لذاته سبحانه ..

-وأيضا تبارك معناه أن البركة تأتي من عنده ويأتي بكل بركة ومعناه كثر خيره وبره واحسانه الى خلقه ودام و زاد .

تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام

الفرق بين ذي الجلال ..و ذو الجلال …

لا ينبغي بعد كل هذا الإكرام والإنعام أن يقطع عنهم جزءا ولو يسيرا من تلك النعم..

انظر كيف ختم الله هذه السورة بهذه الآية الكريمة بعد أن دخل كل الى داره وانتهى كل إلى منزلته فانتهت السورة بهده الآية وختمت بهذه الصفات الثلاث المتضمنة للإنعام والإحسان والإكرام ..-وكانت آخر كلمة في السورة (الإكرام) تلخص موضوع السورة ويناسب موضعها في الآخر ما قبلها من ذكر أحوال الآخرة .لتوضيح الفرق بين ذو الجلال وذي الجلال ذو من الأسماء الخمسة التي ترفع بالواو وتجر بالياء…فتكون-ذي- وردت بالآيات في سورة الرحمن ؛ -الأولى كانت الصفه للوجه وهو مرفوع فجاءت ذو بالرفع. الثانية الصفة لربك .. والرب هنا مجروره فجاءت ذي بالجر.لأن الصفة تتبع الموصوف بالرفع أو الجر أو النصب[ الأنترنت – موقع منبر الإيمان]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة السابعة والثمانون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي بعنوان :

*فتوى إثبات صفة الوجه لله عزوجل

سؤال:

هل يؤخـذ من قـول الله "ويبـقى وجـه ربك ذو

الجـلال والإكـرام" إثبات صفة الوجه لله تعالى ؟

الجواب :

الآية الكريمة محتملة لذلك، والمشهور في تفسيرها ما لخصه ابن جُزي رحمه الله في "التسهيل لعلوم التنزيل" (2/394) بقوله "الوجه هنا عبارة عن الذات، وذو الجلال: صفة الذات؛ لأن من أسمائه تعالى الجليل، ومعناه يقرب من معنى العظيم. وأما وصفه بالإكرام: فيحتمل أن يكون بمعنى انه يكرم عباده كما قال "ولقد كرمنا بني آدم"، أو بمعنى أن عباده يكرمونه بتوحيده وتسبيحه وعبادته" أ.هـ. وشَرَحَهُ مع بيان الأقوال الآلوسي رحمه الله في "روح المعاني" (15/167–168). ومرجع الأقوال إلى مال قاله الطوفي رحمه الله في "الإشارات الإلهية" (2/311): "قيل :ذاته, وقيل: صفة له" أ.هـ.

إلا أن إثبات صفة الوجه لله ثابتٌ بلا تمثيل ، ومن دلائل ذلك قوله سبحانه: "كل شيء هالك إلا وجهه" (القصص/88) وقوله " وما تنفقون إلا ابتغاء وجـه الله " (البقرة/272) وقوله: "والذين صيروا ابتغاء وجه ربهم" (الرعد/22) وحديث قصة الثلاثة الذين حُبِسوا في الغار وفيه: "اللهم إن كنت فعـلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحـن فيه " البخـاري برقم : (2272) ومسلم برقم : (2743).

وإثبات ذلك هو ما عليه أهل الحديث، يقول عبد الواحد التميمي (ت: 410 هـ) في "معتقد الإمام أحمد" (ص/ 33) : "ومذهب أبي عبد الله أحمد بن حنبل رضي الله عنه: أن لله عز وجل وجهاً لا كالصور المصورة، والأعيان المخططة، بل وجه وصفة له بقوله "كل شيء هالك إلا وجهه" ومن غير معناه فقد ألحد عنه، وذلك عنده وجه في الحقيقة دون المجاز ، ووجه الله باق لا يبلى، وصفة له لا تفنى. ومن أدعى أن وجهه نفسه فقد ألحد، ومن غير معناه فقد كفر، وليس معنى وجه معنى جسم عنده ولا صورة ولا تخطيط، ومن قال ذلك فقد ابتدع" أ.هـ. وقال ابن جرير (ت: 310 هـ) في " التبصير في معالم الدين" (ص 142): وله ]سبحانه[ يدان ويمين وأصابع ، وليست جارحة، ولكن يدان مبسوطتان بالنعم على الخلق، لا مقبوضتان عن الخير. ووجهٌ لا كج وارح الخلق التي من لحم ودم " أ.هـ. المراد وقال أبو عثمان إسماعيل الصابوني (ت:449 هـ) في "عقيدة أصحاب الحديث" (ص/ 165) : " وكذلك يقولون في جميع الصفات التي نزل بذكرها القرآن ، ووردت به الأخبار الصحاح من : " السمع ، والبصر ، والعين ، والوجه ، والعلم ، والقوة ، والقدرة 0 00 "

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الثامنة والثمانون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *حقيقة ذو الجلال والاكرام

وقال البغوي (ت:516 هـ) في "شرح السنة " (1/168): "والإصبع المذكورة في الحديث صفة من صفات الله عز وجل وكذلك كل ما جاء به الكتاب أو السنة من هذا القبيل من صفات الله تعالى؛ كالنفس، والوجه، والعين، واليد، والرجل، والإتيان، والمجيء، والنزول إلى السماء الدنيا, والاستواء على العرش، والضحك، والفرح" أ.هـ.

مع أن احتمال الصفة في قوله : "ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام" جَعَلَهُ جماعة دليلاً على صفة الوجه، ومنهم البيهقي في "الاعتقاد" (ص/89) حيث قال "وهذه صفات طريق إثباتها السمع، فَنُثْيِتُها لورود خبر الصادق بها، ولا نكيفها قال الله تبارك وتعالى: "ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام" فأضاف الوجه إلى الذات، وأضاف النعت إلى الوجه، فقال: "ذو الجلال والإكرام" ولو كان ذكر الوجه صلة –]أي: زيادة[، ولم يكن للذات صفة لقال: ذي الجلال والإكرام. فلمـا قال: ذو الجلال والإكرام علمنا أنه نعت للوجه ، وهو صفة

 للذات" أ.هـ.

فائدة : قال ابن عطية في : "المحرر الوجيز" (15/333): "قرأ جمهور الناس: "ذو الجـلال" على صفة لفظـة الوجـه. وقرأ عبد الله بن مسعـود وأبي: "ذي الجلال" على صفات الرب"أ.هـ. وكذا قال جماعة. ولكن المعروف وجود الخلاف في قوله: "تبارك اسم ربك ذو الجلال والإكرام". قال أبو القاسم الشاطبي في "حرز الأماني":

وآخرها يا ذي الجلال ابن عامر      بـواو ورسـم الشام فيه تمثلا

قال الشيخ عبد الفتاح القاضي في :" الوافي في شـرح الشاطبية" (ص/366): "قرأ ابن عامر: (تبارك اسم ربك ذو الجلال والإكرام) آخر السورة بالواو، وقرأ غيره (ذي الجلال) بالياء وهو مرسوم بالواو في مصحف الشاميين، وبالياء في مصحف غيرهم. وأما قوله تعالى: "ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام" فقد اتفقوا على قراءته بالواو, وقد رُسم بالواو في جميع المصاحف العثمانية"أ.هـ. والله الموفق. [الأنترنت – موقع صيد الفوائد - كتبه صالح بن محمد الأسمري]

*الفرق بين (ذو الجلال) و (ذي الجلال)

قال الرحمن سبحانه (وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ).. (ذو) تفيدنا بأن وجه الرحمن سبحانه هو المصدر المطلق للجلال و الإكرام....

وقال سبحانه (تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ).. (ذي) هنا تفيدنا بتلازم اسم الرب سبحانه بالجلال و الإكرام ، و ذي تعني مُحدِث الفعل وتخصص

 لوصف كيفية إحداثه..

والجلال هو الجُل الكامل أو الكُل المطلق.. والإكرام هو العطاء الكثير من الطيبات ، وسمي نبات العنب كرم لعطاءه الكثير من عوده النحيل (ثمر لذيذ وجم الفوائد) ..

فإذا آمنت بأن ربك ذو الجلال و الإكرام ، واسمه سبحانه ذي الجلال و الإكرام ..

يبارك اسم ربك ما تذكر الاسم عليه ،، فاسمه سبحانه مُحدِث للجلال و الإكرام في كل الطيبات..

قال الرحمن سبحانه (إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ)

إذاً مصدر القوة المطلق هو الله سبحانه..

وقال سبحانه ( إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ{19} ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ)

فالرسول مُحدِث بقوة مطلقة مصدرها هو ( الله سبحانه ) و ذلك لأنه مكين عند ذي العرش سبحانه وتعالى [الأنترنت – موقع منتدى التوحيد]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة التاسعة والثمانون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي بعنوان :

*سبب الرفع في "ذو الجلال" والجر في "ذي الجلال" في سورة "الرحمن"

في قوله تعالى: وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ

جاء الرفع هنا لأن "ذُو" صفة لــ "وَجْهُ " .

 في قوله تعالى تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْأِكْرَامِ

جاء الجر هنا لأن "ذِي"صفة لــ "رَبِّكَ ". وهكذا قرأها الجمهور , إلا بن عامر وأهل الشام.

قال بن عاشور في التحرير والتنوير :

"...وقرأ الجمهور { ذي الجلال } بالياء مجروراً صفة ل { ربك } وهو كذلك مرسوم في غير المصحف الشامي

وقرأه ابن عامر { ذو الجلال } صفة ل { اسم } كما في قوله : { ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام } [ الرحمن : 27 ] . وكذلك هو مرسوم في غير مصحف أهل الشام . والمعنى واحد على الاعتبارين .

ولكن إجماع القراء على رفع { ذو الجلال } الواقع موقع { ويبقى وجه ربك } واختلاف الرواية في جرّ { ذي الجلال } هنا يشعر بأن لفظ { وجه } أقوى دلالة على الذات من لفظ { اسم } لما علمت من جواز أن يكون المعنى جريان البركة على التلفظ بأسماء الله بخلاف قوله : { ويبقى وجه ربك} فذلك من حكمة إنزال القرآن على سبعة أحرف ..."

قال القرطبي :

"....وَقَرَأَ عَامِر " ذُو الْجَلَال " بِالْوَاوِ وَجَعَلَهُ وَصْفًا لِلِاسْمِ , وَذَلِكَ تَقْوِيَة لِكَوْنِ الِاسْم هُوَ الْمُسَمَّى .

الْبَاقُونَ " ذِي الْجَلَال " جَعَلُوا " ذِي " صِفَة ل " رَبّك " ........

إلى أن قال:...وَلَمْ يَخْتَلِف الْقُرَّاء فِي إِجْرَاء النَّعْت عَلَى الْوَجْه بِالرَّفْعِ فِي أَوَّل السُّورَة ..."والله تعالى أعلى وأعلم. [الأنترنت – موقع ملتقى أهل الحديث - أحمد بن شبيب ]

   وقال الإمام المفسر الفقيه ابن عرفة المالكي رحمه الله :قال الله تعالى " كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ "

الضمير عائد على الأرض ، واستثنى بعضهم من هذه الأرواح فإنها باقية بإبقاء الله عز وجل ، وعجب الذنب لما ورد في الحديث " إنه يفنى من ابن آدم كل جسده إلا عجب ذنبه " ، والذنب وهو قدر مغرس الإبرة ، ولهذا يقف بعض الفلاسفة عند  : قوله تعالى " كل من عليها فان "  ويقولون ومنها ما يبقى ، فإن قلت : لم عبر بمن وهلا عبر بما فإنها أعم لوقوعها على ما لا يعقل ؟!، فالجواب : أنهم ما خالفوا إلا في بقاء من يعقل ، لأن الفلاسفة يقولون : إن علم الإنسان لا يفنى ، وأنه لا يزال باقيا ، فإن قلت : لم عبر بالاسم في قوله تعالى " فان " وبالفعل في قوله تعالى " ويبقى وجه ربك " ، والعكس أولى ، فإن البقاء وصف ثابت ، والفناء متجدد ، فالجواب : أنهم لما خالفوا في الفناء أتى بلفظ الاسم المقتضي للثبوت ، والبقاء الثابت لا يحتاج إلى التغيير فيه بالاسم ، وفيه إشارة إلى تصحيح مذهب من يقول إن العرض ما يبقى زمنين ، وأنه في كل وقت ينعدم ، ويأتي غيره

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة التسعون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية بعنوان :

 *سبب الرفع في "ذو الجلال" والجر في "ذي الجلال"

 في سورة "الرحمن"

قال ابن عرفة : المراد البقاء العقلي الذاتي ، وهو من خواص القديم ، وأما البقاء الشرعي السمعي فيكون من الحوادث كنعيم الجنة ، وعذاب أهل النار ، فإنه دائم غير منقطع ، واعتزال الزمخشري في قوله تعالى " ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام " ، فقال : ومعناه الذي محله الموجودون عن التشبيه بخلقه وعن أفعالهم ، والذي يقال له :  ما أجلك وما أكرمك ، أو من عنده الجلال والإكرام من المخلصين من عباده ، قال ابن عرفة : ونحن نقول مسنده إلى الله تعالى قبحها وحسنها ، والجميع حسن عقلا ، بذلك قوله في الصفات.

قوله تعالى " ذو الجلال والإكرام " فسره الزمخشري : بثلاثة أوجه :

الأولان : لأن فيه شبه الإضافة إلى الفاعل ، والأخير فيه شبه الإضافة إلى المفعول ، وعقبه بقوله تعالى " فبأي آلاء ربكما تكذبان " لأن التشبيه على استحضار بقاء الله تعالى واتصافه بالجلال والإكرام نعمة وتفضيلا ، قيل له : وكذلك الفناء لحديث " الدنيا سجن المؤمن ، وراحة الكافر " فقال : لا يحتاج إلى هذا ومناسبتها مع آخر الآية يكفي ويكون في أول الآية وعظ وتخويف ، وفي آخرها نعمة وامتنان .

ويقول إمام أهل السنة وقامع أهل البدعة القشيري رحمه الله :

كل من على وجه الأرض في حكم الفناء من حيث الجواز ، ومن حيث الخبر : ستفنى الدنيا ومن عليها ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام . " والوجه " : صفة لله سبحانه لم يدل عليه العقل قطعا ودلّ عليه جوازا ، وورد الخبر بكونه قطعا .

ويقال : في بقاء الوجه بقاء الذات ، لأن الصفة لا تقوم بنفسها ، ولا محالة شرطها قيامها بنفسه وذاته .

وفائدة تخصيص الوجه بالذكر أن ما عداه يُعرف بالعقل ، والوجه لا يُعلم بالعقل ، وإنما يُعرف بالنقل والأخبار

" ويبقى " : وفي بقائه ، سبحانه خلف عن كل تلف ، وتسلية للمسلمين عمّا يصيبهم من الصمائب ، ويفوتهم من المواهب . [الأنترنت – موقع دمحمد عبد الغفار الشريف - للإمام المفسر الفقيه ابن عرفة المالكي ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الواحدة والتسعون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية بعنوان :

*قول السلف في قوله تعالى (ويبقى وجه ربك ذو الجلالوالإكرام )

صفة الوجه لله سبحانه

يقول الله تعالى : (( ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام )) { الرحمن 27} وهذه معطوفة على قوله تعالى (( كل من عليها فان *ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام )) ولهذا قال بعض السلف : يبنغي إذا قرأت : (( كل من عليها فان )) ؛ أن تصلها بقوله : (( ويبقى وجه ربك )) ؛ حتى يتبين نقص المخلوق وكمال الخالق , وذلك للتقابل ؛ هذا فتاء وهذا بقاء وقوله

 تعالى (( ويبقى وجه ربك )) ؛ أي : لا يفنى .

و الوجه : معناه معلوم , لكن كيفيته مجهولة , لا نعلم كيف وجه الله عز وجل ؛ كسائر صفاته , لكننا نؤمن بأن له وجها موصوفا بالجلال والإكرام , وموصوفا بالبهاء والعظمة ,حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم (( حجابه النور , لو كشفه , لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه )) [رواه مسلم /كتاب الإيمان ]

ولهذا نقول : هذا الوجه وجه عظيم . لا يمكن أبدا أن يماثل أوجه المخلوقات

وبناء على هذا نقول : من عقيدتنا أننا نثبت أن لله وجها حقيقي , ونأخذه من قوله تعالى ( ويبقى وجه ربك ) , ونقول بأن هذا الوجه لا يماثل أوجه المخلوقات ؛ لقوله تعالى ( ليس كمثله شيء ), ونجهل كيفية هذا

الوجه ؛ لقوله تعالى( ولا يحيطون به علما )) طه : 110

فأن حاول أحد أن يتصور هذه الكيفية بقلبه أو أن يتحدث عنها بلسانه ؛ قلنا : إنك مبتدع ضال , قائل على الله ما لا تعلم , وقد حرم الله علينا أن نقول عليه ما لا نعلم ؛ قال تعالى : (( قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر..... ....وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون )) , وقال تعالى (( ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا )) {36الإسراء } .

* وقوله : (( ذ و )) : صفة لوجه , والدليل الرفع , ولو كانت صفة للرب ؛ لقال ذي الجلال كما قال في نفس السورة : (( تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام  ... فلما قال ( ذو الجلال )؛علمنا أنه وصف للوجه .

* (( الجلال )) : معناه والسلطان .

* (( والإكرام )) : هي مصدر من أكرم , صالحه للكرم والمكرم , فالله سبحانه وتعالى مكرم , وإكرامه تعالى القيام بطاعته , ومكرم لمن يستحق الإكرام من خلقه بما أعدلهم من الثواب

فهو لجلاله وكمال سلطانه وعظمته أهل لأن يكرم َ ويُثنى عليه سبحانه وتعالى وإكرام كل أحد بحسبه ؛ فإكرام الله عز وجل أن تقدره حق قدرة , أو، تعظمه حق تعظيمه , لا لا احتياجه إلى إكرام , ولكن ليمن عليك بالجزاء .

الآية الثانية : قوله : (( كل شيءٍ هالك إلا وجهه )) { القصص88} *قولة : (( كل شيء هالك إلا وجهه )) ؛ أي : فان ؛ كقوله (( كل من عليها فان )) .

* وقله : (( إلا وجهه )) : توازي قوله : (( ويبقى وجهه ربك )) .

فالمعنى : كل شيء فان وزائل ؛ إلا وجه الله عز وجل ؛ فإنه باق , ولهذا قال : (( له الحكم وإليه ترجعون )) { القصص 88 } فهو الحكم الباقي الذي يرجع إليه الناس ليحكم بينهم .

وقيل في معنى الآية : (( كل شيء هالك ألا وجهه )) ؛ أي : إلا ما أريد به وجهه ,قالوا : لأن سياق الآية يدل على ذلك : (( ولا تدعُ مع الله إلها آخر لا لأله إلا هو كل شيء هالك إلا وجهه )) , كأنه يقول : لا تدع مع الله إلها آخر فتشرك به ؛ لأن عملك وإشراكك هالك ؛ أي ضائع سدى ؛ إلا ما أخلصته لوجه الله ؛ فإنه يبقى ؛ لأن العمل الصالح له ثواب

 باق لا يفنى في جنات النعيم .

ولكن المعنى الأول أسد وأقوى .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الثانية والتسعون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية بعنوان :

*قول السلف في قوله تعالى (ويبقى وجه ربك ذو الجلالوالإكرام )

وعلى طريقة من يقول بجواز استعمال المشترك في معنييه ؛ نقول :

يمكن أن نحمل الآية على المعنيين ؛ إذ لا منافاة بينهما , فتحمل على هذا وهذا , فيقال : كل شيء يفنى إلا وجه الله عز وجل , كل شيء من الأعمال يذهب هباءً ؛ إلا ما أريد به وجه الله ,.وعلى التقديرين ؛ ففي الآية دليل على ثبوت الوجه لله تعالى .

وهو من الصفات الذاتية الخبرية التي مسماها بالنسبة إلينا أبعاض و أجزاء , ولا نقول : من الصفات الذاتية المعنوية , ولو قلنا بذلك ؛ لكنا نوافق من تأوله تحريفا , ولا نقول : إنها بعض من الله , أ, : جزء من الله لأن ذلك يوهم نقصا لله سبحانه وتعالى .

هذا وقد فسر التحريف وجه الله بثوابه ؛ فقالوا : المراد بالوجه في الآية الثواب , كل شيء يفنى ؛ ألا ثواب الله !

ففسروا الوجه الذي هو صفة كمال ؛ ففسروه بشيء مخلوق بائن عن الله قابل للعدم والوجود ؛ فالثواب حادث بعد أ، لم يكن , وجائز أن يرفع ,لولا وعد الله ببقائه ؛ لكان من حيث العقل جائزا أن يرفع ؛ أعني : الثواب !

فهل تقولون الآن : أن وجه الله الذي وصف الله به نفسه من باب الممكن أو من باب الواجب ؟

إذا فسروه بالثواب ؛ صار من باب الممكن الذي يجوز وجوده وعدمه .

وقولهم مردود بما يلي :

أولاً : أنه مخالف لظاهر اللفظ ؛ فإن ظاهر اللفظ أن هذا وجه خاص , وليس هو الثواب

ثانياً : أنه مخالف لإجماع السلف ؛ فما من السلف أحد قال : إن المراد بالوجه الثواب وهذه كتبهم بين أيدينا مزبورة محفوظة , أخرجوا لنا نصاً عن الصحابة أو عن أئمة التابعين ومن تبعهم بإحسان أنهم فسروا هذا التفسير لن تجدوا إلى ذلك سبيلاً أبدأً .

ثالثاً : هل يمكن أن يوصف الثواب بهذه الصفات العظيمة : (( ذو الجلال والإكرام )) ؟‍ ؟ لا يمكن , لو قلنا مثلا جزاء المتقين ذو جلال وإكرام | فهذا لا يجوز أبدا , والله تعالى وصف هذا الوجه بأنه ذو جلال وإكرام .

رابعاً : نقول : ما تقولون في قول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( حجابه النور , لو كسفه ؛ لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه )) { رواه مسلم } . فهل الثواب له هذا النور الذي يحرق ما انتهى إليه بصر الله من الخلق ؟؟ أبدا , ولا يمكن .

وبهذا عرفنا بطلان قولهم , وأن الواجب علينا أن

نفسر هذا الوجه بما أراده الله , وهو وجه قائم به تبارك وتعالى موصوف بالجلال والإكرام .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الثالثة والتسعون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :*قول السلف في قوله تعالى (ويبقى وجه ربك ذو الجلالوالإكرام )

فإن قلت : هل كل ما جاء من كلمة الوجه مضافا إلى الله يراد به وجه الله الذي هو صفتة ؟

فالجواب : هذا الأصل ؛ كما في قوله تعالى : (( ولا تطرد الذين يدعون ربهم والغداة والعشي يريدون وجهه )) { الأنعام 52} , (( وما لأحدٍ عنده من نعمةٍ تجزى * إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى * ولسوف يرضى )) { الليل 19-21 } ....... وما أشبهها من الآيات.

فالأصل أن المراد بالوجه المضاف إلى الله وجه الله عز وجل الذي هو صفة من صفاتة , لكن هناك كلمة اختلف المفسرون فبها , وهي قوله تعالى

(( ولله المشرق و المغرب فأينما تولوا فثم وجه الله )) { البقرة 115 } ((فأينما تولوا )) ؛ يعني : إلى أي مكان تولوا وجوهكم عند الصلاة . (( فثم)) ؛ لأي : فهناك وجه الله .

فمنهم من قال : إ، الوجه بمعنى الجهة ؛ لقوله تعالى : (( ولكلٍ وجهة هو موليها )) { البقرة 148 } ؛ فالمراد بالوجه الجهة ؛ أي : فثم جهة الله أي : فثم الجهة التي

 يقبل الله صلاتكم إليها .

قالوا : لأنها نزلت في حال السفر , إذا صلى الإنسان النافلة ؛ فإنه يصلي حيث كان وجهه , أو إذا اشتبهت القبلة ؛ فإنه يصلي حيث كان وجهه .

ولكن الصحيح أن المراد بالوجه هنا وجه الله الحقيقي ؛ أي : إلى أي جهة تتوجهون ؛ فثم وجه الله سبحانه وتعالى ؛ لأن الله محيط بكل شيء ولأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم  أن المصلي إذا قام يصلي ؛ فإن الله قبل وجهه , ولهذا نهى أن يبصق أمام وجه ؛ لأن الله قبل وجه .

فإذا صليت فيلا مكان لا تدري أين القبلة , واجتهدت وتحريت , وصليت , وصارت القبلة في الواقع خلفك ؛ فالله يكون قبل وجهك , حتى في هذه الحال .

وهذا معنى صحيح موافق لظاهر الآية .

والمعنى الأول لا يخالفه في الواقع .

إذا قلنا : فثم وجهة الله , وكان هناك دليل , سواء كان هذا الدليل تفسير الآية الثانية في الوجه الثاني , أو كان الدليل ما جاءت به السنة ؛ فإنك إذا توجهت إلى القبلة في صلاتك ؛ فهي وجه الله التي يقبل الله صلاتك إليها ؛ فثم أيضا وجه الله حقاً . وحينئذ يكون المعنيان لا يتنافيان .

واعلم أن هذا الوجه العظيم الموصوف بالجلال والإكرام وجه لا يمكن الإحاطة به وصفا , ولا يمكن الإحاطة به تصورا , بل كل شيء تقدره ؛ فإن الله تعالى فوق ذلك و أعظم ؛ كما قال تعالى (( ولا يحيطون به علما )) {طه:110 } .

فإن قيل ما المراد بالوجه في قوله : (( كل شيء هالك إلا وجهه )) ؟؟؟؟ إن قلت : المراد بالوجه الذات ؛ فيخشى أن تكون حرفت , وأن أردت بالوجه نفس الوجه الصفة أيضا ؛ وقعت في محظور -ــ وهو ما ذهب إليه بعض من لا يقدرون الله حق قدره ؛ حيث قالوا : إن الله يفنى إلا وجهه ــــ فماذا تصنع ؟؟؟؟؟

فالجواب : إن أردت بقولك : إلا ذاته ؛ يعني : أن الله تعالى يبقى هو نفسه مع إثبات الوجه لله ؛ فهذا صحيح , ويكون هنا عبَّر بالوجه عن ألذات لمن له وجه .

وإن أردت بقولك : ألذات أن الوجه عبارة عن الذات بدون إثبات الوجه ؛ فهذا تحريف وغير مقبول .

وعليه فنقول : (( إلا وجهه )) ؛ أي : إلا ذاته المتصفة

بالوجه , وهذا ليس فيه شيء ؛ لأن الفرق بين هذا وبين قول أهل التحريف أن هؤلاء يقولون : إن المراد بالوجه الذات , ولا وجه له , ونحن نقول : المراد بالوجه الذات , لأن له وجها, فعبر به عن الذات .

[الآنترنت – موقع المجلس اليمني- الكاتب : ابوعبدالرحمن]

  إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الرابعة والتسعون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي بعنوان :

*من خيرية المجتمعات .. إكرام اليتيم

من أنواع قضاء الحوائج وصنع المعروف التي عُنيت بها الشريعة الإسلامية ما يتعلق بالفئات المهيضة الجناح ومن لا يخشى انتصافهم لأنفسهم، أولئك الذين فقدوا عائلهم والقائم بشؤونهم من الناس ،وأخص تلك الفئات: اليتامى والأرامل.

ومما وضح جانباً من العناية النبوية بأولئك ما رواه ابن ماجه وغيره بسند صحيح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه سلم: "اللهم إني أُحَرِّجُ حق الضعيفين اليتيم والمرأة".

والمعنى في هذا الحديث: تعظيم ظلم هذين الضعيفين: المرأة واليتيم، فإنَّ ضعفَهما قد يُغري المعتدين بظلمهما وهضم حقوقهما، ولهذا دعا النبي عليه الصلاة والسلام بالحرج - وهو الضيق والإثم - على كُلِّ من نال منهما بسوء.

وقد تضافرت نصوص الوحيين على العناية باليتامى في

 مواضع كثيرة، ففي القرآن العظيم جاء ذكر اليتامى في

 (22) موضعاً، تحذيراً من ظلمهم، وترتيباً لشؤونهم،ومن ذلك قوله تعالى:﴿ فأمَّا اليتيمَ فلا تَقْهَر ﴾ والسنة النبوية زاخرة بالتوجيهات الجليلة التي تُعنى بشؤون اليتامى. ففي صحيح البخاري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا" وأشار بالسبابة والوسطى، وفرَّج بينهما شيئاً.

قال الإمام النووي رحمه الله: كافل اليتيم: القائم بأموره، من نفقة وكسوة وتأديب وتربيه وغير ذلك، وهذه الفضيلة تحصل لمن كفله من مال نفسه أو من مال اليتيم بولاية شرعية.

قال ابن بطَّال: حقٌّ على من سمع هذا الحديث أن يعمل به ليكون رفيق النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجنة، ولا مَنْزِلة في الآخرة أفضل من ذلك.

[الأنترنت – موقع الألوكة= الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع]

*إكرام الضيف

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الخامسة والتسعون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : إكرام الضيف

إكرام الضيف مَكْرُمَة من مكارم الأخلاق، وخصلة من خِصال الخير، وخُلق أكيد من أخلاق الإسلام، يَدلُّ على سماحةٍ في النَّفس، وكرم في الطبع، وإيثار للغير، وشهامة ومروءة، وإيمان بما عند الله تعالى من العِوض والفضل.

وقد حكى الله لنا في كتابه قصَّةَ كرم إبراهيم الخليل عليه السلام، عندما جاءته ملائكةُ الرحمن بصورة بشرية، ونزلوا عليه ضيوفًا، فما كان منه عليه السلام إلا أن أسرع إلى إكرامهم مع عدم معرفته لهم، فقدَّم لهم عجلًا سمينًا مشويًّا مبالغة في إكرامهم، ثم قرَّب الطعامَ إليهم ولم يدعهم إليه؛ ليكون ذلك أدعى في الإكرام، فقال تعالى: ﴿ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ * إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ * فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ * فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ ﴾ [الذاريات: 24 - 27]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((كان أوَّلَ من أضاف الضيفَ إبراهيمُ))[ أخرجه الطبراني في كتابه الأوائل ص (10)، والبيهقي في شعب الإيمان مرفوعًا (6/ 395)، برقم (8641)، وذكره الماوردي في أعلام النبوة ص (33)، والعجلوني في كشف الخفاء (1/ 267)، وقال: رواه مالك عن سعيد بن المسيب مرسلًا، والديلمي عن أبي هريرة رضي الله عنه، وقد حكم عليه الألباني بالحسن في صحيح الجامع]

وحثَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أمَّتَه على إكرام الضيف، وبيَّن أنَّ ذلك من تمام الإيمان بالله تعالى واليومِ الآخر، فقال صلى الله عليه وسلم: ((مَن كان يُؤْمن بالله واليوم الآخر فلْيُكرم ضَيْفه))[ أخرجه البخاري في الأدب، برقم (5672)، ومسلم في الإيمان، برقم (47).]، وأمَّا مَن يبخل عن ضيفانه ويقصِّر في إكرامهم فلا شكَّ أنَّ ذلك نقصٌ في إيمانه ومروءته.

ومن الواجب على المُضِيف أن يُكرم ضيفَه مدَّةَ الضيافة التي حدَّدها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بثلاثة أيام؛ أمَّا اليوم الأوَّل فيزيد في برِّه وإكرامه، ثمَّ يكرمه في اليومين الآخرين بما يحضر عنده دون أن يتكلَّف له، فإذا زاد بقاء الضيف وإقامتُه على ثلاثة أيام، فإنْ أكرمه المُضِيف كان ذلك منه بمنزلة الصَّدَقة على الضَّيف، يُؤجر ويُثاب عليها، ولكن لا ينبغي للضيف أن يثقل على مضيفه حتى يحرِجَه ويضيق عليه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَن كان يؤمنُ بالله واليومِ الآخر فليُكرم ضيفه، جائزته يومٌ وليلة، والضِّيافةُ ثلاثةُ أيامٍ، فما بعد ذلك فهو صدَقة، ولا يحلُّ له أن يثوي[ الثواء: بالتخفيف والمد، الإقامة بمكان معين، انظر: فتح الباري (10/ 533). ]عنده حتى يُحرجه))[ أخرجه البخاري في الأدب، برقم (5784).]

وقد أخبر النَّبي صلى الله عليه وسلم أنَّ البركة تأتي مع الضَّيف، وأنَّ طعامه لن يضيِّق على أهل البيت رِزقهم، فقال صلى الله عليه وسلم: ((طعامُ الاثنين كافي الثَّلاثة، وطعامُ الثَّلاثة كافي الأربعة))[ أخرجه البخاري في الأطعمة، برقم (5077)، ومسلم في الأشربة، برقم (2058).]؛ بل إنَّ من أحبِّ الطعام إلى الله تعالى ما تتكاثَر عليه الأيدي ويأكل منه الضيفان، قال صلى الله عليه وسلم ((إنَّ أحبَّ الطَّعام إلى الله ما كثُرَت عليه الأيدي))[ أخرجه الطبراني في الأوسط (7/ 217) عن جابر بن عبدالله، وقال: لم يَرْوِ هذا الحديث عن ابن جريج إلَّا عبدالحميد، وأبو يعلى في مسنده (4/ 39)، وقال محققه حسين أسد: رجاله رجال الصحيح، وذكره المنذري في الترغيب والترهيب (3/ 134)، وقال: كلهم من رواية عبدالحميد بن أبي داود وقد وثق، ولكن في هذا الحديث نكارة، والهيثمي في المجمع (5/ 15)، وقال: رواه أبو يعلى والطبراني في الأوسط وفيه عبدالمجيد بن أبي رواد وهو ثقة وفيه ضعف، وقد رمز السيوطي لصحَّته في الجامع الصغير. ]،

وعندما جاءه عددٌ من أصحابه يَشكون إليه عدم الشبع، قال لهم: ((فلعلَّكم تَفترقون))، قالوا: نعم، قال: ((فاجتمِعوا على طعامكم، واذكُروا اسمَ الله عليه يُبارك لكُم فيه))[ أخرجه أبو داود في الأطعمة، باب: في الاجتماع على الطعام، برقم (3272)، وابن ماجه في الأطعمة، برقم (3277)، وابن حبان في صحيحه (12/ 27*، قال شعيب الأرنؤوط: حسن بشواهده وإسناده ضعيف.]

وقد ذكر العلماء جملةً من الآداب التي ينبغي أن يتحلَّى بها المُضِيف تجاه ضيفه، منها:

• أن يكون طلقَ الوجه طيِّب الحديث مع ضيفه، فأكمل إكرامه هو إراحة خاطره وإظهار السرور به.

• أن يعجِّل الضيافة للضيوف، ولا يتأخَّر عليهم.

• أن يقدِّم من الطعام قدرَ الكفاية، وأن يكون من أحسن ما عنده.

• أن لا ينظر إليهم ولا يراقب أكلهم فيستحون؛ بل عليه أن يغضَّ بصره وينشغل بنفسه.

• أن لا يمسك عن الطَّعام قبل الضيوف؛ بل عليه أن يحرِّك يده بالطعام ريثما ينتهون.

• أن يقوم بخدمة ضيوفه بنفسه، وهذا من زيادة الإكرام.

• أن لا يرفع الطعامَ قبل الاستيفاء منه، ورفع الأيدي عنه.إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة السادسة والتسعون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : إكرام الضيف

إن من يقرأ السيرةَ النبوية يدرك حتمًا أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أراد أن يغرس في نفوس أصحابه والمؤمنين جميعًا خُلق إكرام الضيفان، فكان من أوَّل ما دعاهم إليه بعد دخوله إلى المدينة المنورة إطعام الطعام، فقال صلى الله عليه وسلم: ((يا أيها الناسُ، أفشُوا السَّلام، وأطعِموا الطَّعام، وصِلوا الأرحام، وصلُّوا بالليل والناسُ نيام، تدخلوا الجنَّةَ بسلامٍ))[ أخرجه الترمذي في الأطعمة، برقم (1854)، وقال: حديث حسن صحيح.]

ولقد ضرب الصحابة رضوان الله عليهم أروعَ صور

الإكرام؛ من ذلك ما فعله ثابت بن قيس الأنصاري رضي الله عنه، عندما جاء رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسُول الله، أصابني الجَهدُ، فأرسل النَّبي صلى الله عليه وسلم إلى نسائه فلم يجِد عندهنَّ شيئًا، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((ألَا رجُلٌ يُضيِّفُه هذه الليلة يرحمُه الله؟))، فقام رجُلٌ من الأنصار فقال: أنا يا رسول الله، فذهب إلى أهله فقال لامرأته: ضيفُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا تدَّخريه شيئًا، قالت: واللهِ ما عندي إلَّا قوتُ الصِّبية، قال: فإذا أراد الصِّبيةُ العشاء فنوِّميهم وتعالي فأطفئي السِّراج، ونطوي بُطوننا الليلة، ففعلَت، ثُمَّ غدا الرَّجُلُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لقد عجِب الله عزَّ وجلَّ أو ضَحِك من فُلانٍ وفُلانة))، وأنزل الله عزَّ وجلَّ قولَه: ﴿ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ﴾ [الحشر: 9]))[ أخرجه البخاري في تفسير القرآن، برقم (4607).[الأنترنت – موقع الألوكة- د. طه فارس]

*الإكرام والطعام

الكرم ‏صفة نبيلة محببة ترفع صاحبها عند الناس، وأهم من ذلك ترفعه عند رب الناس، وحسب الكرم شرفاً حث النصوص الشرعية عليه، وإشادة الناس به من قديم الزمان، وتاريخ الثقافة العربية -وغيرها من الثقافات الأخرى- سجل قديم جديد، يشيد بالكرم ويرفعه مكاناً عليًا.

‏والكرم معنى واسع يتجاوز دائرة بذل اليد وبسطها بالعون والمعروف، لأن اليد المبسوطة السمحة تدل على نفسية مبسوطة سمحة، وحب للخير، وحدب على الناس، وثقة عميقة بالله –عز وجل-، وأنه المالك الحقيقي لكل شيء، وأنه الرازق المنعم، وأنه الغني المدبر، وأنه الذي يخلف على الإنفاق بمثله وخير منه.

‏بل إن الدعوة إلى الله –عز وجل- هي نوع من الكرم يدل على السخاء النفسي لمن يقوم بها، لأنه يشعر أنه امتلك شيئاً نفيساً، يريد للآخرين أن يمتلكوه كما امتلكه، يحدوه إلى ذلك صفاء قلب، وسخاء نفس، وطلاقة روح، وهذا هو الكرم في بواعثه وأعلى ذراه، ولذلك كان كرم النفس أهم من كرم اليد وكلاهما مطلوب.

وإذن فلنا -بل علينا- أن نحب الكرم، ونشيد به، ونحث الناس عليه، ونحذر من البخل ونفضحه، ونبين للناس سوءاته، خاصة أننا مسلمون، والإسلام دين

الكرم، وأننا عرب، والعرب ذؤابة الكرم.

ما الذي تريد أن تضيفه هذه الخاطرة إذن مادام الذي سبق تقريره هو من "تحصيل الحاصل" كما يقولون؟

الذي تريد هذه الخاطرة أن تضيفه هو أن الإكرام بالطعام في كل الحالات كما لو كان قاعدة مطردة خطأ ينبغي أن نتجاوزه.

لقد ارتبط عند أكثرنا الكرم بأنه دعوة الآخرين إلى الطعام، والإكثار منه، والتفنن فيه، والإلحاح على المدعوين في تناوله مرة بعد مرة، وربما قال أحدنا لهم مداعباً وحاثاً: الأكل على قدر المحبة.

‏هذا الإصرار على التعبير عن الكرم بالإطعام باستمرار خطأ ينبغي أن نتجاوزه مهما كانت دوافعه طيبة.

وابتداءً لابد من الإقرار بأن ثمة حالات يغدو فيها الإكرام بالطعام أمراً لازماً، كإنقاذ جائع، أو استضافة صديق، أو أستاذ أو وجيه بعد انقطاع طويل، وبذلك يصبح موضع الاعتراض عما وراء ذلك. ويبدو الأ مر جلياً حين نضرب بعض الأمثلة

مجموعة من الإخوان يتداولون التزاور فيما بينهم، فيحرص كل منهم على أن تكون مائدته عامرة حباً للكرم من ناحية، وخوفاً من شبهة التقصير من ناحية، ويلتقي هؤلاء الإخوان ويأكلون قليلاً من الطعام الذي هو أ‏ضعاف ما يحتاجون إليه، وربما كانوا أحوج إلى الصيام منهم إلى الطعام، بسبب سمنة أو مرض.

‏أخ قادم في سفر لأمر ما، ووقته ضيق، وأعماله كثيرة،

 ومع ذلك نُصرُّ على دعوته إلى الطعام، ولعله بحاجة

إلى أن نُعينه في أداء أعماله لا أن نطعمه.

طالب يعد رسالة علمية يحتاج إلينا في خطة البحث،

 أو اختيار الموضوع، أو تأمين المراجع، فنشغله ونشغل أنفسنا عن ذلك بالطعام.

‏في هذه الأمثلة وما يشابهها كثير، يصبح الإصرار على الإكرام بالطعام، أمراً مفضولاً أو خطأ أو عبئاً، وربما صار حراماً.

ويصبح هذا الإصرار بين الإخوان الذين زالت فيما بينهم الكلفة، وثبتت المودة، وتجاوزوا مرحلة الاختبار، فعرفوا بأنهم أهل كرم وأريحية، خطأ أفدح وأفدح.

‏وفي بعض الأحيان -وربما في أكثرها- تقوم الهدية المناسبة، واللقاء الصادق، والبشر الحقيقي، وتقديم النصح، وحل المشكلة، والحوار الفكري، وإزجاء الدعابة، مقاماً أنفع وأوقع وأجمل من الإكرام بالطعام.

وبعد: إن الإكرام بالطعام حيث ينبغي أمر حميد

ومطلوب، لكن الخطأ أن نجعله قاعدة مطردة في كل الحالات.[ الأنترنت – الألوكة- د. حيدر الغدير]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة السابعة والتسعون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي بعنوان :

*حكم تخصيص دعاء معين للإنجاب

الدعاء من أجلّ العبادات وأفضل القربات ، به يكشف الله الضر ، ويجيب المضطر ، ويرفع البلاء ، ويقضي الحاجات ، ويعين على الطاعات .

روى أبو داود (1479) والترمذي (2969) – واللفظ له - عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : ( وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) قَالَ : ( الدُّعَاءُ هُوَ العِبَادَةُ ) ، وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" .

فعلى العبد أن يلجأ إلى ربه في كل ما يهمه من أمر الدنيا والآخرة ، ويدعوه في كل مقام بما يناسب حاجته ، وخير ما يحرص عليه العبد في ذلك الدعاء بجوامع الكلم مما ورد في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .

أما اختراع أدعية مخصوصة لأحوال معينة ، والاعتقاد بأنها تحقق المراد ، وتعين على المطلوب ، وإرشاد الناس إلى التزامها كما تلتزم الأوراد الشرعية : فهو من التشريع في دين الله بما لم يأذن به الله ، وأقل ما فيه أنه يصرف عن الدعاء المشروع الثابت بالنصوص .

وقال القاضي عياض رحمه الله : " أذن الله في دعائه ، وعلَّم الدعاءَ في كتابه لخليقته ، وعلَّم النبيُّ صلى الله عليه وسلم الدعاءَ لأمَّته ، واجتمعت فيه ثلاثةُ أشياء : العلمُ بالتوحيد ، والعلم باللغة ، والنصيحة للأمَّة ، فلا ينبغي لأحدٍ أن يعدلَ عن دعائه صلى الله عليه وسلم ، وقد احتال الشيطانُ للناس من هذا المقام ، فقيَّض لهم قومَ سوء يخترعون لهم أدعيةً يشتغلون بها عن الاقتداء بالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم " انتهى من "الفتوحات الربانية" – لابن علان (1/17)

وقال القرطبي رحمه الله :

" فعلى الإنسان أن يستعمل ما في كتاب الله وصحيح السنة من الدعاء ويدع ما سواه ، ولا يقول أختار كذا ؛ فإن الله تعالى قد اختار لنبيه وأوليائه وعلمهم كيف يدعون " انتهى من "الجامع لأحكام القرآن" (4 /231) .

وقد سئل شيخ الإسلام رحمه الله عمن يقول : أنا أعتقد أن من أحدث شيئا من الأذكار غير ما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصح عنه أنه قد أساء وأخطأ ؛ إذ لو ارتضى أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم نبيه وإمامه ودليله لاكتفى بما صح عنه من الأذكار . فعدوله إلى رأيه واختراعه جهل وتزيين من الشيطان وخلاف للسنة ؛ إذ الرسول صلى الله عليه وسلم لم يترك خيرا إلا دلنا عليه وشرعه لنا ، ولم يدخر الله عنه خيرا ؛ بدليل إعطائه خير الدنيا والآخرة ؛ إذ هو أكرم الخلق على الله فهل الأمر كذلك أم لا ؟ .

فأجاب :

" الحمد لله ، لا ريب أن الأذكار والدعوات من أفضل العبادات ، والعبادات مبناها على التوقيف والاتباع لا على الهوى والابتداع ، فالأدعية والأذكار النبوية هي أفضل ما يتحراه المتحري من الذكر والدعاء ، وسالكها على سبيل أمان وسلامة ، والفوائد والنتائج التي تحصل : [ أمر ] لا يعبر عنه لسان ولا يحيط به إنسان ، وما سواها من الأذكار قد يكون محرما ، وقد يكون مكروها ، وقد يكون فيه شرك مما لا يهتدي إليه أكثر الناس ، وهي جملة يطول تفصيلها ، وليس لأحد أن يسن للناس نوعا من الأذكار والأدعية غير المسنون ، ويجعلها عبادة راتبة يواظب الناس عليها كما يواظبون على الصلوات الخمس ؛ بل هذا ابتداع دين لم يأذن الله به ، بخلاف ما يدعو به المرء أحيانا من غير أن يجعله للناس سنة ، فهذا إذا لم يعلم أنه يتضمن معنى محرما لم يجز الجزم بتحريمه ، لكن قد يكون فيه ذلك والإنسان لا يشعر به ... وأما اتخاذ ورد غير شرعي واستنان ذكر غير شرعي : فهذا مما ينهى عنه ، ومع هذا ففي الأدعية الشرعية والأذكار الشرعية غاية المطالب الصحيحة ونهاية المقاصد العلية ، ولا يعدل عنها إلى غيرها من الأذكار المحدثة المبتدعة إلا جاهل أو مفرط أو متعد " انتهى من "مجموع الفتاوى" (22 /510-511)

والحاصل :

أنه لا يجوز تداول هذا الدعاء والتواصي به على أنه دعاء مشروع لهذا الغرض ، أو أنه محصل لمطلوبه .

وإذا دعا به المرء في نفسه ، كما يدعو بغيره من الأدعية ، فلا حرج فيه ، ولا يظهر فيه مخالفة شرعية ، وإن كان فيه نوع من التكلف ، والتطويل والتشقيق الذي لا يحتاج له ، ولا هو مما يفضل في مقام الدعاء ، وإذا قارنا ما ذكرناه في هذا الدعاء ، بدعاء شرعي مبارك لهذا المقام ، تبين لنا بركة ما في الحرص على الأدعية الشرعية المأثورة ؛ قال الله تعالى في دعاء زكريا عليه السلام :( رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ ) !!

والمشروع أن يدعو الراغب في الولد بما يناسب رغبته ، وبما يتفق له من كلمات الدعاء ، دون أن يخترع دعاء معينا يواظب عليه أو يدعو إليه ، أو يتابع أحدا عليه . والله أعلم .[الأنترنت – موقع سؤال وجواب – المنجد]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الثامنة والتسعون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي بعنوان :

*«مِنْ أسباب استجابة الدُّعاء»

قالَ الإمام ابن قيِّم الجوزيَّة -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَىٰ-:

"فَصْلٌ: وإذا اِجْتمعَ معَ الدُّعاء حُضور القلبِ وجمعيته بكليته على المطلوب وصادفَ وقتًا مِنْ أوقات الإجابة السِّتة، وهي:

° الثُّلث الأخير مِنَ اللَّيل.

° وعند الأذان، وبين الأذان والإقامة.

° وأدبار الصَّلوات المكتوبات.

° وعند صُعود الإمام يوم الجمعة علىٰ المنبر حتَّى ٰتقضى الصَّلاة.

° وآخر ساعة بعد العصر مِنْ ذٰلكَ اليوم.

° وآخر ساعة مِنْ بعد العصر.

وصادفَ خشوعًا في القلب وانْكسارًا بين يدي الرَّب، وذلاله، وتضرعًا، ورِقَّةً، واسْتقبل الدَّاعي القبلة، وكانَ علىٰ طهارة، ورفعَ يديه إلىٰ الله تَعَالَىٰ، وبدأ بحمد اللهِ والثَّناء عليهِ، ثمَّ ثنى بالصَّلاة علىٰ مُحمَّد عبده صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثمَّ قدَّم بين يدي حاجته التَّوبة والاسْتغفار، ثمَّ دخلَ علىٰ الله وألحَّ عليه في المسألة، وتملقَّه ودعاه رغبةً ورهبةً، وتوسَّل إليه بأسمائه وصفاته وتوحيده، وقدَّم بين يدي دُعائه صدقةً، فإنَّ هٰذا الدُّعاء لا يكادُ يُرَدُّ أبدًا.

ولا سيَّما إنْ صادفَ الأدعية الَّتي أخبرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّها مظنَّة الإجابة أو أنَّها مُتضمِّنة للاِسم الأعظم:

• فمنها: ما في «السُّنن» وفي «صحيح ابن حِبَّان» مِنْ حديثِ عبد الله بن بُريدةَ عَنْ أبيهِ أنَّ رسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ رجُلاً يقولُ: "اللَّهُمَّ! إنِّي أسألكَ بأنِّي أشهد أنَّك أنْتَ الله، لا إلـٰه إلَّا أنت، الأحَد الصَّمد الَّذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن كُفوًا أحَد". فقالَ: ((لَقَدْ سألَ الله بالاِسْمِ الَّذي إذَا سُئِلَ به أعطي وإذَا دُعِيَ بهِ أجابَ) وفي لفظٍ:(لَقَدْ سَألتَ الله باسْمه الأعظم)).

• وفي «السُّنن» و«صحيح ابن حِبَّان» أيضًا: مِنْ حديثِ أنس بن مالكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:

"أنَّهُ كانَ معَ رسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جالسًا ورجلٌ يُصلِّي، ثمَّ دعا فقال: "اللَّهُمَّ!

إنِّي أسألكَ بأنَّ لكَ الحمدُ لا إلـٰه أنتَ المنَّان، بديعُ السَّمـٰوات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا حيُّ يا قيوم"، فقالَ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لقد دعا الله باسْمه العظيم الَّذي إذا دُعِيَ بهِ أجابَ وإذا سُئِلَ بهِ أعطىٰ))"(وأخرج الحديثين الإمام أحمد في "مسنده"

• وفي «جامع التِّرمذيِّ»: مِنْ حديثِ أسماء بنت يزيدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((اِسْمُ اللهِ الأعْظم في هَاتيْن الآيتيْن: ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾، وفاتحة آل عمران: ﴿آلم* اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾)). (قالَ التِّرمذيُّ: هٰذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ).

• وفي «مسند الإمام أحمد» و«صحيح الحاكم»: من حديث أبي هريرة وأنس بن مالك وربيعة بن عامر رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّهُ قَالَ: ((ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام)). يعني: تعلقوا بها، وألزموها، وداوموا عليها.

• وفي «جامع التِّرمذيِّ»: مِنْ حديثِ أبي هريرةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: "أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانَ إذا أهمه الأمر رفعَ رأسه إلىٰ السَّماء، وإذا اِجْتهد في الدُّعاء قَالَ: يا حَيُّ يا قيُّوم".

• وفيه أيضًا: مِنْ حديثِ أنس بن مالكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قال: "كانَ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا حزبهُ أمرٌ قَالَ: يا حَيُّ يا قيُّوم برحمتك أستغيث".

• وفي «صحيح الحاكم»: مِنْ حديثِ أَبِي أُمَامةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((اِسْمُ اللهِ الأعظم في ثلاث سُور من القرآن: ﴿البقرة﴾ و﴿آل عمران﴾ و﴿طَه﴾)). قَالَ القاسم: فالتمستُها فإذا هي آية: ﴿الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾.

• وفي «جامع التِّرمذي» و«صحيح الحاكم»: مِنْ حديثِ سعد بن أبي وقاص رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((دعْوةُ ذِي النُّون إذ دعَا وهُوَ في بطن الحوت: ﴿أَنْ لا إِلَهَ إلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾، إنَّهُ لم يدعُ بها مُسْلمٍ في شيءٍ قطُّ إلَّا اِسْتجابَ اللهُ لهُ)). (قال التِّرمذيُّ: حديثٌ صحيحٌ)".اهـ.

[الأنترنت – موقع الطريق واحد «مِنْ أسباب استجابة الدُّعاء» / للإمام ابن قيِّم الجوزيَّة ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة التاسعة والتسعون في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي بعنوان :

*أحبك ربي (ذو الجلال والإكرام )

1-إن في القلب فاقة لا يسدها إلا حب الله والرجوع إليه ودوام ذكره وصدق الإخلاص له . فهل تعرف ما معنى ذو الجلال والإكرام ؟؟؟ أي : ذو العظمة والكبرياء، وذو الرحمة، والجود، والإحسان العام والخاص. الـمُكْرِمُ لأوليائه وأصفيائه، الذين يُجلُّونه، ويُعظمونه، ويُحبونه.قال تعالى: (( تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْـجَلالِ وَالإِكْرَامِ ))

2-معاني حول الاسم

لماذا قدم الله لفظ الجلال على لفظ الإكرام ؟

لأن الجلال يعني التنزيه ، تقول : جل جلاله ؛ أيْ تنزهت ذاته عن كل نقص ،وإن الإكرام الصادر من الله عز وجل إكرام منزه عن كل غرض .

قد تُدعى لطعام الغداء من قبل أحد الأشخاص ، وبعد أن تنتهي ، يطلب منك حاجة ؛ فهذه الدعوة إذاً ليست خالصة ،وإنما دعوة هادفة،وهي مشوبة بمكسب ، وغرض وتأمين حاجة ؛ لذلك قدم الله اسم الجلا

" لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ، ما زادوا في ملكي شيئاً . ولو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل منكم ، ما نقصوا في ملكي شيئاً "

فتقديم اسم الجلال على اسم الإكرام ، لأن إكرامه منزه

 عن كل غرض .

3-كيف تعبد الله باسمه ذو الجلال والإكرام

*** من عرف جلال الله تواضع له لذلك لا يجتمع كِبْرٌ ومعرفةُ الله عز وجل تقول : أنا ؛ فمن أنت ؟ أنت لا شيء . لا تقل أنا .

( متى أكثر العبد من ذكره ، ولاح نوره على سره ، صار جليل القدر بين العوالم . ومن عرف جلال الله ، تواضع له وتذلل )

*** الإكرام أن تكرم الناس وأن تجعل أساس حياتك العطاء ، أما الجلال أن تترفَّع عن السَّفَاسف . فمن كثر مزاحه ،َ قلَّت هيبته

*** لا تتعلق بالجزئيات والتفاصيل . لا تكن سخيفاً . إن الله يحب مَعالِيَ الأمور ، ويكره سفسافها ودَنِيَّها .

*** "إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم، وذي السلطان، وحامل القرآن غير الغالي فيه ولا الجافي عنه" (رواه أبو داود) .

4-استشعر بقلبك عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ :حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :" يَأْمُرُ اللَّهُ إِسْرَافِيلَ بِنَفْخَةِ الصَّعْقَةِ فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ ،وَجَاءَ مَلَكُ الْمَوْتِ ،

فَقَالَ : يَا رَبِّ : قَدْ مَاتَ أَهْلُ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِلا مَنْ شِئْتَ ،فَيَقُولُ : مَنْ بَقِيَ ؟ - وَهُوَ أَعْلَمُ -قَالَ : يَا رَبِّ بَقِيتَ أَنْتَ الْحَيُّ الَّذِي لا يَمُوتُ، وَبَقِيَ حَمَلَةُ عَرْشِكَ ، وَبَقِيَ جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ وَبَقِيتُ أَنَا ،فَيَقُولُ : لِيَمُتْ جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ وَلْيَمُتْ حَمَلَةُ عَرْشِي ،

فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ - وَهُوَ أَعْلَمُ - فَمَنْ بَقِيَ ؟فَيَقُولُ : بَقِيتَ

 أَنْتَ الْحَيُّ الَّذِي لا يَمُوتُ، وَبَقِيتُ أَنَا

فَيَقُولُ : يَا مَلَكَ الْمَوْتِ : أَنْتَ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِي ، خَلَقْتُكَ لِمَا رَأَيْتَ فَمُتْ ،

فَإِذَا لَمْ يَبْقَ إِلا اللَّهُ الْوَاحِدُ الصَّمَدُ قَالَ اللَّهُ :لا مَوْتَ عَلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ وَلا مَوْتَ عَلَى أَهْلِ النَّارِ ،ثُمَّ طَوَى اللَّهُ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكِتَابِ ثُمَّ قَالَ :

أَنَا الْجَبَّارُ ، لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ؟ثُمَّ قَالَ : لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ؟ثُمَّ قَالَ : لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ؟ ثَلاثًا ثُمَّ قَالَ لِنَفْسِهِ :لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ "فلابد أن يأتي يوم ويرحل فيه كل الخلائق ولا يبقى في الكون إلا خالقه !! (( كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ﴿٢٦﴾ وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴿٢٧﴾ ))

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة المائه في موضوع ذو الجلال والإكرام وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

*أحبك ربي (ذو الجلال والإكرام )

5 -ادع الله ذو الجلال والإكرام

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلا يَقُولُ :

اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدَ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ الْمَنَّانُ بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ذو الجلال والإكرام فَقَالَ : لَقَدْ سَأَلَ اللَّهَ بِاسْمِهِ الأَعْظَمِ الَّذِي إِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى وَإِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ [رواه ابن ماجه]

عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه

 عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :" أَلِظُّوا بِيَا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ "[رواه أحمد ] ألِظّوا بيا ذا الجلال والإكرام ؛ أيْ اِلْتجِئُوا ،فإذا حلت بالمؤمن مشكلة ، أو ألمت به ملمة أو دهمه خطب أو حلت به محنة ،دعا وقال : يا ذا الجلال و الإكرام برحمتك أستغيث "

قال ابن الأثير أيْ :اِلْزَموه واثْبتوا عليه ، وأكثروا من قوْل ذلك في دعائكم

عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَلَّمَ لَمْ يَقْعُدْ إِلا مِقْدَارَ مَا يَقُولُ :" اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلامُ وَمِنْكَ السَّلامُ تَبَارَكْتَ يا ذَا الْجَلالِ وَالاِكْرَامِ "[رواه مسلم] [الأنترنت – موقع اعـرف ربك ( ذو الجلال والإكرام ) -‏ أم نوح]

الخاتمة

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، الحمد لله على نعمه العظيمة التي لا تعد ولاتحصى ، الحمد لله على الوجود وعلى الإسلام وعلى الإيمان وعلى العلم الشرعي وعلى كل فضل وكرم منّ به على جميع خلقه ، ﭧ ﭨ                     ﭱﭲ                 النحل: ١٨   لقد عشت مع اسم الله { ذو الجلال  والإكرام } مايزيد على سبعة أشهر أتذوق حلاوته وطلاوته واقف على كنوزه وادعو الله به واتأمل ماقيل فيه ؛وبفضل من الله زاد إيماني وزادت طاعتي وخشع قلبي وجوارحي فله الحمد وله الشكر وله الثناء الحسن حتى يرضى وإذا رضي وبعد الرضا ؛حمداً يملأ السماء والرضين وما بينهماوما تحت الثرى وهوبحث أشبه ما يكون بالتفسير الموضوعي جمعت فيه وألفته واثبت كل ما قال الله وقاله رسوله والصحابة والتابعين ومن بعدهم الى يومنا هذا ،ووثقت وعزوت كل قول الى قائله  ، إن أصبت فمن الله ، وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان وأستغفر الله ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Image result for ‫ذو الجلال والاكرام صور‬‎

 

Image result for ‫ذو الجلال والاكرام صور‬‎

 

 

تأليف الدكتور/ مسفر بن سعيد دماس الغامدي