المؤمن

المؤمن

بسم الله الرحمن الرحيم

     إن الحمد لله ، نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا

                            وبعــــد :

فهذه الحلقة الأولى في موضوع (المؤمن )وسيكون عنوانها:

*المؤمن اسم من اسماء الله الحسنى .                 معنى الاسم : المؤمن من أسماء الله تعالى الذي وحد نفسه بقوله  عز وجل { وإلهكم إله واحد } ، وبقوله  عز وجل {شهد الله أنه لا إله إلا هو } ، وقيل : المؤمن في صفة الله الذي أمن الخلق من ظلمه ، قال ابن الأعرابي : قال المنذري : سمعت أبا العباس يقول : المؤمن عند العرب المصدق ، يذهب إلى أن الله تعالى يصدق عباده المسلمين يوم القيامة إذا سئلت الأمم عن تبليغ رسلهم ، فيقولون : ما جاءنا من رسول ولا نذير ، ويكذبون أنبياءهم ، ويؤتى بأمة محمد فيسألون عن ذلك فيصدقون الماضين فيصدقهم الله ، ويصدقهم النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهو قوله تعالى : { فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا } ، وقوله : { ويؤمن للمؤمنين } أي يصدق المؤمنين وقيل : المؤمن الذي يصدق عباده ما وعدهم ، وكل هذه الصفات لله عز وجل لأنه صدق بقوله ما دعا إليه عباده من توحيد ،

 وفي الحديث الذي جاء : (ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع )

قال تعالى :  {هو الله الذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ المَلِكُ القُدُّوسُ السَّلامُ المُؤْمِنُ المُهَيْمِنُ العَزِيزُ الجَبَّارُ المُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا  يشْرِكُونَ }

و في  الصحيح عن عبدالله بن عمر قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر وهو يقول : " يأخذ الجبار سمواته وأرضه، وقبض بيده وجعل يقبضها ويبسطها ويقول : أنا الرحمن، أنا الملك، أنا القدوس، أنا السلام، أنا المؤمن، أنا المهيمن، أنا العزيز، أنا الجبار، أنا المتكبر، أنا الذي بدأت الدنيا ولم تكن شيئا، أنا الذي أعدتها، أين المتكبرون ؟ أين الجبارون ؟ " ويميل رسول الله صلى الله عليه

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثانية في موضوع (المؤمن ) وسيكون عنوانها *المؤمن اسم من اسماء الله الحسنى ؛ وهي إستكمالا للحلقة الماضية                   

 قال ابن الجوزي : فيه ستة أقوال :

أحدها :أنه الذي أمن الناس ظلمه وأمن من آمن به عذابه قاله ابن عباس ومقاتل

والثاني :أنه المجير قاله القرظي

والثالث :الذي يصدق المؤمنين إذا وحدوه قاله ابن زيد

والرابع :أنه الذي وحد نفسه لقوله تعالى {شهد الله أنه لا إله إلا هو} ذكره الزجاج

والخامس :أنه الذي يصدق عباده وعده قاله ابن قتيبة

والسادس :أنه يصدق ظنون عباده المؤمنين ولا يخيب آمالهم كقول النبي عليه الصلاة والسلام فيما يحكيه عن ربه عز وجل (أنا عند ظن عبدي بي )حكاه الخطابي

*أما ثمار الإيمان بأسم الله [المؤمن ] فمنها  :

1 - تصديق الله في كل ما أخبر به وتصديق رسله وتصديق كلامه :

ومن دعائه صلى الله عليه وسلم إذا أقام الليل : (اللهم لك الحمد أنت قيوم السموات والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت ملك السموات والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت نور السموات والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت الحق ووعدك حق ولقاؤك حق والجنة حق والنار حق والنبيين حق ومحمد حق والساعة حق,اللهم لك أسلمت,وبك آمنت, وعليك توكلت,واليك انبت,وبك خاصمت,واليك حاكمت,فاغفر لي ماقدمت وما أخرت, وما أسررت وما أعلنت, أنت الله لا اله إلا أنت ولا حول ولا قوة إلا بك ) رواه البخاري عن ابن عباس

2 – ومن الثمار :دعاء الله أن يحفظك مما تخاف ويهبك الأمن فالأمن نعمة من الله والخوف ابتلاء من الله كما في قوله تعالى (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ )

فالمؤمن دائما ما يتعوذ بالله من شر كل ذي شر (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (١) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (٢) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (٣) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (٤) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (٥) )

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثالثة في موضوع (المؤمن ) وسيكون عنوانها

3 - ومن الثمار : نعمة الله علينا بالأمن والأمان :

إن أعظم النعم بعد الإيمان العافية والأمن، فالأمن ضد الخوف، الأمن طمأنينة القلب وسكينته وراحته وهدوءه، فلا يخاف الإنسان مع الأمن على الدين، ولا على النفس، ولا على العرض، ولا على المال، ولا على الحقوق.

ما قيمة المال إذا فقد الأمن؟! ما طيب العيش إذا انعدم الأمن ؟!

الأمن تنبسط معه الآمال، وتطمئن معه النفوس ، وتتعدد أنشطة البشر النافعة مع الأمن،ويتبادلون المصالح والمنافع ، وتكثر الأعمال ، وتدر الخيرات والبركات مع الأمن، وتأمن السبل، وتتسع التجارات، وتُشيد المصانع، ويزيد الحرث والنسل، وتحقن الدماء، وتحفظ الأموال والحقوق، وتتيسر الأرزاق، ويعظم العمران، وتسعد وتبتهج الحياة في جميع مجالاتها مع الأمن.

وقد امتنّ الله على الخلق بنعمة الأمن،قال تعالى: {فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هَـٰذَا ٱلْبَيْتِ ٱلَّذِى أَطْعَمَهُم مّن جُوعٍ وَءامَنَهُم مّنْ خوْفٍ }                                           وعن عبيد الله بن محسن الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أصبح منكم آمناً في سربه، معافىً في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها) رواه الترمذي، وقال: "حديث حسن"

الأمنُ مطلَبٌ في الحياة لا يَستغني عنه الخلقُ لقضاءِ مصالحهم الدينية والدنيوية، وما مِن عبد إلاَّ ويبحثُ لنفسه عن أسبابِ أمْنِها، ويتوقَّى جَهدَ طاقته أسبابَ الخوف التي قد تُحدق به في طريق حياته، ومهما أُوتي الإنسان من سلامةِ بَدن ووَفرة رزق فإنّه لا يشعُر بقيمتِها إلاَّ بالأمن والاستقرار.

ونعمةُ الأمن تُقابَل بالذكر والشكر( فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ )

 إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الرابعة في موضوع (المؤمن ) وسيكون عنوانها

4 - ومن الثمار : أن يأمن الخلق جانبك :

عن أبي هريرة قال: قيل للنبي -صلى الله عليه وسلم-: يا رسول الله! إنّ فلانة تقوم الليل وتصوم النهار، وتفعل، وتصدق، وتؤذي جيرانها بلسانها؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا خير فيها، هي من أهل النار»، قالوا: وفلانة تصلي المكتوبة، وتصَّدّق بأثوارٍ ـ جمع ثور: القطعة من الأقط، وهو الجبن المجفف الذي يتخذ من مخيض لبن الغنم ـ ، ولا تؤذي أحداً؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «هي من أهل الجنّة» أخرجه  أحمد  وصحّحه الألباني

فهذا الحديث يدل على أن كثرة العمل الصالح مع أذية الناس لا ينفع العامل شيئاً، فما يُلْحِقَهُ من الأذى بالآخرين يضيع عليه حسناته، ويطغى على أعماله الصالحة.

وعَنْ أَبِي شُرَيْحٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (وَاللَّهِ لا يُؤْمِنُ وَاللَّهِ لا يُؤْمِنُ وَاللَّهِ لا يُؤْمِنُ ، قِيلَ مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : الَّذِي لا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائقَهُ ) صحيح البخاري ، وبوائقه : شروره وإيذاءه

  وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْمُسْلِمُ  مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ وَالْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ ) سنن الترمذي

5- ومن الثمار : لا تروع مسلما :

 بل كن أمانا للمسلمين جميعا فإنه يحرم ترويع المسلم وتخويفه ولو كان على وجه المزاح واللعب ، كما روى ذلك عبد الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ : حَدَّثَنَا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنَّهُمْ كَانُوا يَسِيرُونَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَنَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ ، فَانْطَلَقَ بَعْضُهُمْ إِلَى حَبْلٍ مَعَهُ فَأَخَذَهُ ، فَفَزِعَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا ) رواه أبو داود

وعن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:  (لا يشير أحدكم على أخيه بالسلاح فإنه لا يدري لعلَّ الشيطان ينزغ في يده فيقع في حفرة في النار (

فالشرع يغلق باب الشر ابتداءً قبل وقوعه، وفي هذا حفظ لأرواح الناس، وحماية لهم، وتحقيق للأمن والأمان لهم.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الخامسة في موضوع (المؤمن ) وسيكون عنوانها : *الإيمان بالله

ﭧ ﭨ ﭽ                            ﭩﭪ               ﭱﭲ             

قال البيضاوي : { وتؤمنون بالله } يتضمن الإيمان بكل ما يجب أن يؤمن به لأن الإيمان به إنما يحق ويعتد به إذا حصل الإيمان بكل ما أمر أن يؤمن به وإنما أخره وحقه أن يقدم لأنه قصد بذكره الدلالة على أنهم أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر إيمانا بالله وتصديقا به وإظهارا لدينه

*والإيمان بالله - تعالى - هو الأصل الأول من أصول الإيمان ؛ بل هو الأصل الأصيل الذي من أجله خلق الله السماوات والأرض، وخلق الجنة والنار، ونصب الميزان وضرب الصراط، وخلق لذلك كل الناس كما قال سبحانه: { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}

والعلم بالله - سبحانه - والإقرار بربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته أساسيات من أساسيات الإيمان بالله، وعلى المسلم أن يتعرف على هذه الأمور وكل ما يتعلق بالله - - عز و جل - حتى يصح له إيمانه ويسلم له اعتقاده، وهذه لمحة سريعة عن هذا الأصل من أصول الإيمان:

والإيمان في اللغة: هو التصديق.

واصطلاحاً: قول باللسان، واعتقاد بالجنان، وعمل بالأركان. وهو الاعتقاد الجازم بأن الله رب كل شيء ومليكه، وأنه الخالق الرازق المحيي المميت، وأنه المستحق لأن يفرد بجميع أنواع العبادة والذل والخضوع، وأنه المتصف بصفات الكمال المنزه عن كل عيب ونقص ،

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة السادسة في موضوع (المؤمن ) وسيكون عنوانها : أنواع التوحيد

 الإيمان بالله - سبحانه - يتضمن توحيده في ثلاث :

1- الإيمان بربوبيته.2- الإيمان بألوهيته.3- الإيمان بأسمائه وصفاته. وتفصيل ذلك فيما يلي :

*أولاً : توحيد الربوبية

وهو الإقرار بأنه - سبحانه - هو الخالق والمالك لهم، ومحييهم ومميتهم ونافعهم وضارهم، ومجيب دعائهم عند الاضطرار، والقادر عليهم ومعطيهم ومانعهم، وله الخلق وله الأمر كله كما قال - سبحانه وتعالى - عن نفسه: { ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين }

ومما يدخل في هذا التوحيد الإيمان بقدر الله – سبحانه - : أي الإيمان بأن كل محدث صادر عن علم الله وإرادته وقدرته، وأنه علم ذلك في الأزل وقدره وكتبه فهو يقع على مراده سبحانه ولا يخرج عنه أحد من خلقه.

وقد أفصح القرآن الكريم عن هذا النوع من التوحيد جد الإفصاح ولا تكاد سورة من سوره تخلو من ذكره أو الإشارة إليه، فهو كالأساس بالنسبة لأنواع التوحيد الأخرى؛ لأن الخالق المالك المدبر، هو الجدير وحده بأن يوحد بالعبادة والخشوع والخضوع، وهو المستحق وحده للحمد والشكر، والذكر، والدعاء، والرجاء، والخوف، وغير ذلك .. والعبادة كلها لا تكون ولا تصح إلا لمن له الخلق والأمر كله.

ومن جهة أخرى فإن الخالق المالك المدبر هو جدير وحده بصفات الجلال والجمال والكمال؛ لأن هذه الصفات لا تكون إلا لرب العالمين، إذ يستحيل ثبوت الربوبية والملك لمن ليس بحي، ولا سميع، ولا بصير ، ولا قادر ، ولا متكلم ، ولا فعَّال لما يريد، ولا حكيم في أقواله وأفعاله.

ولهذا فإنا نجد أن القرآن الكريم قد ذكر هذا النوع من التوحيد في مقام الحمد لله، وعبادته والانقياد له، والاستسلام، وفي مقام بيان صفاته الجليلة وأسمائه الحسنى.- ففي مقام الحمد يتلو المسلم في كل ركعة يصـــليها: { الحمـد لله رب العالمين } ، وقوله - سبحانه وتعالى -: { فلله الحمد رب السموات ورب الأرض رب العالميـن } - وفي مقام الاستسلام والانقياد له - عز وجل -: { قل إن هُدى اللهِ هو الهدى وأمرنا لنسلم لرب العالمين }  - وفي مقام التوجه لله - عز وجل - وإخلاص القصد إليه قال - سبحانه وتعالى -: { قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين }

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة السابعة في موضوع (المؤمن ) وسيكون عنوانها :إستكمالا للحلقة الماضية : توحيد الربوبية

- وفي مقام تولي الله - عز وجل - دون غيره قال – سبحانه -: { قل أغير الله اتخذ ولياً فاطر السموات والأرض وهو يُطْعِمُ ولا يُطْعَم قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم ولا تكونن من المشركين }

- وفي مقام الدعاء قال الله - عز وجل -: { ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين ، ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين }

- وفي مقام عبادة الله - تعالى - قال – سبحانه –: { وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون }

 وتوحيد الربوبية وحده لا يكفى في دخول الإسلام

ومن الأدلة على أن توحيد الربوببية لا يدخل في الإسلام

قِتالُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كفار قريش لاعتراضهم بقدرة الله وإيجاده للخلق قال - تعالى -:       {قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل أفلا تذكرون قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم سيقولون لله قل أفلا تتقون قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل فأنى تسحرون }

وقال - سبحانه وتعالى -: ( ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم ).

فما هذا التذكير الذي وبخوا بالانصراف عنه إلا إفراد الله بالعبادة، فلو كان الإقرار بقدرة الله هو الإسلام لكانوا متقين متذكرين وما استحقوا التوبيخ لعدم التقوى والتذكر ولما وصفوا بالإفك في قوله – تعالى -: { ولئن سألتهم من خلق المسوات والأرض ليقولن الله فأنى يؤفكون } .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثامنة في موضوع (المؤمن ) وسيكون عنوانها :*ثانياً : توحيد الألوهية

ومعناه بعبارة إجمالية: الاعتقاد الجازم بأن الله - سبحانه - هو الإله الحق ولا إله غيره وإفراده بالعبادة.

وبيانه : أن الإله هو المألوه، أي المعبود، والعبادة في اللغة: هي الانقياد والتذلل والخضوع، وقد عرفها بعض العلماء: بأنها كمال الحب مع كمال الخضوع.

فتوحيد الألوهية مبنى على إخلاص العبادة لله وحده في باطنها وظاهرها بحيث لا يكون شيء منها لغيره سبحانه، فالمؤمن بالله يعبد الله وحده ولا يعبد غيره فيخلص لله المحبة، والخوف، والرجاء، والدعاء، والتوكل، والطاعة، والتذلل، والخضوع، وجميع أنواع العبادة وأشكالها.

وهذا النوع يتضمن في حقيقته جميع أنواع التوحيد الأخرى. فيتضمن توحيد الله في ربوبيته وأسمائه وصفاته وليس العكس؛ فإن توحيد العبد لله في ربوبيته لا يعني أنه يوحده في ألوهيته فقد يقر بالربوبية ولا يعبد الله - عز وجل -، وكذلك توحيد الله في أسمائه وصفاته لا يتضمن أنواع التوحيد الأخرى، ولكن العبد الذي يوحد الله في ألوهيته على الخلق فيقر بأنه سبحانه هو وحده، المستحق للعبادة وأن غيره لا يستحقها ولا يستحق شيئاً منها يقر في الواقع بأن الله رب العالمين، وبأن له الأسماء الحسنى، والصفات الكاملة لأن إخلاص العبادة لا يكون لغير الرب ولا يكون لمن فيه نقص. إذ كيف يعبد من لم يخلق ولم يدبر أمر الخلق، وكيف يعبد من كان ناقصاً.

ومن هنا كانت شهادة أن ( لا اله إلا الله ) متضمنة لجميع أنواع التوحيد: فمعناها المباشر؛ توحيد الله في ألوهيته الذي يتضمن توحيد الله في ربوبيته وأسمائه وصفاته.

من أجل ذلك كان هذا التوحيد أول الدِّين وأخره، وباطنه وظاهره ومن أجله خلقت الخليقة، كما قال تعالى  :     { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون }

يقول الإمام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -: وهذا التوحيد هو الفارق بين الموحدين والمشركين، وعليه يقع الجزاء والثواب في الأولى والآخرة، فمن لم يأت به كان من المشركين.  ومن أجل هذا التوحيد أرسلت الرسل، وأنزلت الكتب فما من رسول أرسله الله إلى العباد إلا وكان هذا التوحيد أساسَ دعوته وجوهرها، قال الله - عز وجل -: { ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله  واجتنبوا الطاغوت } ، وقال – سبحانه -: { وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون } ، وأخبر الله - سبحانه - عن رسله : نوح، وهود، وصالح، وشعيب، أنهم كانوا جميعاً يقولون لأقوامهم هذه الكلمة { اعبدوا الله مالكم من إله غيره }

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة التاسعة في موضوع (المؤمن ) وسيكون عنوانها :  مستلزمات توحيد الألوهية

ويستلزم توحيد الألوهية أن نتوجه إليه - سبحانه - وحده بجميع أنواع العبادة وأشكالها، ونُخَلصْ قلوبنا فيها من أيةِ وجهة أخرى، وهذه عبارة تدخل فيها أمور كثيرة نذكر منها :                               

1-    وجوب إخلاص المحبة لله - عز وجل - فلا يتخذ العبد نداً لله في الحب يحبه كما يحب الله، أو يقدمه في المحبة على حب الله - عز وجل - فمن فعل ذلك كان من المشركين قال الله – تعالى -: { ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبـــاً لله } فمن الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله إلا بالتوبة منه: أن يتخذ العبد من دون الله نداً يحبه كما يحب الله - عز وجل -.         

2ـوجوب إفراد الله - تعالى - في الدعاء، والتوكل، والرجاء فيما لا يقدر عليه إلا هو - سبحانه - قال الله - عز وجل -: { ولا تدعُ من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذاً من الظالمين }               3- وجوب إفراد الله - عز و جل - بالخوف منه، فمن اعتقد أن بعض المخلوقات تضر بمشيئتها وقدرتها فخاف منها فقد أشرك بالله لقوله - تعالى -: { فإياي فارهبون } وهذا قيد بين الخوف في العبادة والخوف الفطري فالأول لا يصح إلا لله - عز و جل - والثاني كالخوف من الحيوان المفترس وغيره من المخلوقات لا حرج فيه ، وتوحيد الألوهية أي من قال ( لا إله إلا الله محمد رسول الله ) - صلى الله عليه وسلم - فأفرد الله بالعبادة على ما شرعه رسوله - صلى الله عليه وسلم - فهو متضمن لتوحيد الربوبية وهكذا توحيد الأسماء والصفات فإن لله أسماء حسنى وصفات عليا؛ فنصفه بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله - صلى الله عليه وسلم - من غير تكييف ولا تمثيل كما قال الله - تعالى -: { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } الشورى : 11 ، وكما قال العلماء: إن شهادة ( أن لا إله إلا الله ) متضمنة لتوحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة العاشرة في موضوع (المؤمن ) وسيكون عنوانها : 

*ثالثاً : توحيد الأسماء والصفات:

المقصود بتوحيد الأسماء والصفات: هو الاعتقاد الجازم لكمال الله المطلق ونعوت جلاله، وذلك بإثبات ما أثبته الله لنفسه وما أثبته له رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، من أسمائه الحسنى وصفاته العليا، وما تدل عليه ألفاظها من المعاني من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، قال الله - سبحانه -: { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } ؛ فيُدعى ويتوسل إليه بها قال - تعالى - : { ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها } ، وقال : { قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أياً ما تدعوا فله الأسماء الحسنى }

والواضح من هذا الذي ذكرنا أن توحيد الأسماء والصفات يقوم على ثلاثة أسس:

1- تنزيه الله  عن مشابهة الخلق وعن أي نقص.

2- الإيمان بالأسماء والصفات الثابتة في الكتاب والسنة دون تجاوزها بالنقص منها أو الزيادة عليها أو تحريفها أو تعطيلها.

3- قطع الطمع عن إدراك كيفية هذه الصفات.

فأما الأساس الأول : فهو تنزيه الله - عز و جل - عن أن يشبه شيء من صفاته شيئاً من صفات الخلق، وهذا الأصل يدل عليه قوله - تعالى -: { ليس كمثله شيء } ،

وأما الأساس الثاني : فيقتضى وجوب الاقتصار فيما يثبت لله - تعالى - من الأسماء والصفات على ما ورد منها في القرآن الكريم أو في السنة الثابتة،

وأما الأساس الثالث : فيقتضى من العبد المكلف أن يؤمن بتلك الصفات والأسماء المنصوص عليها في الكتاب والسنة من غير سؤال عن كيفيتها، ولا بحث عن كنهها وذلك لأن معرفة كيفية الصفة متوقفة على معرفة كيفية الذات، لأن الصفات تختلف باختلاف موصوفاتها، وذات الله - عز و جل - لا يسأل عن كنهها وكيفيتها، فكذلك صفاته - سبحانه وتعالى - لا يصح السؤال عن كيفيتها.

ولذلك أثر عن كثير من السلف أنهم قالوا عندما سئلوا عن كيفية استواء الله - عز وجل -: " الاستواء معلوم والكيف مجهول، والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة " فاتفق السلف على أن الكيف غير معلوم لنا ، وأن السؤال عنه بدعة.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الحادية عشرة في موضوع (المؤمن ) وسيكون عنوانها :  *العلاقة بين الإيمان والإسلام

     قال تعالى { قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا } قال الأزهري فإن هذا يحتاج الناس إلى تفهمه ليعلموا أين ينفصل المؤمن من المسلم وأين يستويان فالإسلام إظهار الخضوع والقبول لما أتى به سيدنا رسول الله وبه يحقن الدم فإن كان مع ذلك الإظهار اعتقاد وتصديق بالقلب فذلك الإيمان الذي هذه صفته  فأما من أظهر قبول الشريعة استسلم لدفع المكروه فهو في الظاهر مسلم وباطنه غير مصدق فذلك الذي يقول :   أسلمت  ؛ لأن الإيمان لا بد من أن يكون صاحبه صديقا لأن الإيمان التصديق فالمؤمن مبطن من التصديق مثل ما يظهر المسلم التام الإسلام مظهر للطاعة مؤمن بها المسلم الذي أظهرالإسلام تعوذا غير مؤمن في الحقيقة إلا أن حكمه في الظاهر حكم المسلم قال وإنما قلت إن المؤمن معناه المصدق لأن الإيمان مأخوذ من الأمانة لأن الله تعالى تولى علم السرائر وثبات العقد وجعل ذلك أمانة ائتمن كل مسلم على تلك الأمانة              

الفرق بين الإسلام والإيمان من المسائل التي أطال العلماء في بيانها في كتب العقائد ، وحاصل ما يقررونه في هذا : أنه إذا ورد أحد هذين اللفظين مفردا عن الآخر فالمقصود به دين الإسلام كله ، ولا فرق حينئذ بين الإسلام والإيمان . وأما إذا ورد هذان اللفظان معًا في سياق واحد ، فالإيمان يراد به : الأعمال الباطنة ، وهي أعمال القلوب كالإيمان بالله تعالى ، وحبه وخوفه ورجائه سبحانه وتعالى والإخلاص له .

وأما الإسلام : فيراد به الأعمال الظاهرة التي قد يصحبها الإيمان القلبي ، وقد لا يصحبها فيكون صاحبها منافقا أو مسلما ضعيف الإيمان .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :" اسم " الإيمان " تارة يذكر مفردا غير مقرون باسم الإسلام ، ولا باسم العمل الصالح ، ولا غيرهما ، وتارة يذكر مقرونا بالإسلام كقوله في حديث جبرائيل : (ما الإسلام ... وما الإيمان) ،  وكقوله تعالى : (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ)

فلما ذكر الإيمان مع الإسلام :جعل الإسلام هو الأعمال الظاهرة : الشهادتان والصلاة والزكاة والصيام والحج ...

وجعل الإيمان ما في القلب من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ....

وإذا ذكر اسم الإيمان مجردا دخل فيه الإسلام والأعمال الصالحة

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثانية عشرة في موضوع (المؤمن ) وسيكون عنوانها :  *وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار

ﭧ ﭨ ﭽ                                ﯝﯞ         ﯢﯣ            

قال ابن كثير : يخبر تعالى بما أعده للمؤمنين به والمؤمنات من الخيرات والنعيم المقيم في { جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها } أي ماكثين فيها أبدا { ومساكن طيبة } أي حسنة البناء طيبة القرار كما جاء في الصحيحين  من حديث أبي عمران الجوني عن أبي بكر بن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (جنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن ) ، وبه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  : ( إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة طولها ستون ميلا من السماء للمؤمن فيها أهلون يطوف عليهم لا يرى بعضهم بعضا أخرجاه  وفيهما أيضا  عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من آمن بالله ورسوله وأقام الصلاة وصام رمضان فإن حقا على الله أن يدخله الجنة هاجر في سبيل الله أو حبس في أرضه التي ولد فيها ) ، قالوا يا رسول الله أفلا نخبر الناس ؟ قال :   ( إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله بين كل درجتين كما بين السماء والأرض فاذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أعلى الجنة وأوسط الجنة ومنه تفجر أنهار الجنة وفوقه عرش الرحمن ) وعن أبي حازم عن سهل بن سعد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن أهل الجنة ليتراءون الغرفة في الجنة كما ترون الكوكب في السماء ) أخرجاه في الصحيحين  

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثالثة عشرة في موضوع (المؤمن ) وسيكون عنوانها :  أعلى منزلة في الجنة مكان يقال له الوسيلة

 إن أعلى منزلة في الجنة مكان يقال له الوسيلة لقربه من العرش وهو مسكن رسول الله صلى الله عليه وسلم  من الجنة ، كما اخرج الإمام أحمد بسنده من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  قال : ( إذا صليتم فسلوا الله لي الوسيلة ) قيل : يا رسول الله وما الوسيلة ؟ قال : ( أعلى درجة في الجنة لا ينالها إلا رجل واحد وأرجو أن أكون أنا هو )

، وفي صحيح مسلم   من حديث كعب بن علقمة عن عبد الرحمن بن جبير عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم  يقول : ( إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشرا ثم سلوا لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون هو فمن سأل الله لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة يوم القيامة )  ، وأخرج الحافظ أبو القاسم الطبراني في الأوسط  بسنده من حديث بن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( سلوا الله لي الوسيلة فإنه لم يسألها لي عبد في الدنيا إلا كنت له شهيدا أو شفيعا يوم القيامة )

وفي مسند الإمام أحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قلنا يا رسول الله حدثنا عن الجنة مابناؤها ؟ قال :( لبنة ذهب ولبنة فضة وملاطها المسك وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت وترابها الزعفران من يدخلها ينعم لا ييأس ويخلد لا يموت لا تبلى ثيابه ولايفنى شبابه )  ، وروي عن ابن عمر مرفوعا نحوه  ، وعند الترمذي من حديث عبد الرحمن بن إسحاق عن النعمان بن سعد عن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن في الجنة لغرفا يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها) فقام أعرابي فقال : يا رسول الله لمن هي ؟ فقال : (لمن طيب الكلام وأطعم الطعام وأدام الصيام وصلى بالليل والناس نيام ) ثم قال حديث غريب ، وعن أسامة بن زيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ألا هل مشمر إلى الجنة فإن الجنة لاخطر لها هي ورب الكعبة نور يتلألأ وريحانة تهتز وقصر مشيد ونهر مطرد وثمرة نضيجة وزوجة حسناء جميلة وحلل كثيرة ومقام في أبد  في دار سليمة وفاكهة وخضرة وحبرة ونعمة في محلة عالية بهية ؟ ) قالوا : نعم يا رسول الله نحن المشمرون لها  قال : ( قولوا إن شاء الله ) فقال القوم : إن شاء الله رواه ابن ماجة

    إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الرابعة عشرة في موضوع (المؤمن ) وسيكون عنوانها :  رضى من الله أكبر نعيم                                                   قال تعالى { ورضوان من الله أكبر } أي رضا الله عنهم أكبر وأجل وأعظم مما هم فيه من النعيم كما قال الإمام مالك رحمه الله عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (إن الله عز وجل يقول لأهل الجنة يا أهل الجنة فيقولون لبيك ربنا وسعديك والخير في يديك فيقول هل رضيتم فيقولون وما لنا لا نرضى يارب وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك فيقول ألا أعطيكم أفضل من ذلك فيقولون يارب وأي شيء أفضل من ذلك فيقول أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا أخرجاه من حديث مالك                                                                         وأخرج البزار بسنده من حديث جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا دخل أهل الجنة الجنة قال الله عز وجل هل تشتهون شيئا فأزيدكم قالوا ياربنا ماخير مما أعطيتنا قال رضواني أكبر ) وقال الحافظ الضياء المقدسي في كتابه صفة الجنة هذا عندي على شرط الصحيح

 

  { في جنات عدن ) قيل : هو علم لمكان مخصوص بدليل قوله تعالى : { جنات عدن التي وعد الرحمن } حيث وصف فيه بالمعرفة ولما أخرجه البزار والدارقطني في المختلف والمؤتلف وابن مردويه من حديث أبي الدرداء قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : (عدن) دار الله تعالى لم ترها عين ولم تخطر على قلب بشر لا يسكنها غير ثلاثة : النبيون والصديقون والشهداء يقول الله سبحانه  طوبى لمن دخلك وروي عن عبدالله بن عمرو بن العاص أن في الجنة قصرا يقال له عدن حوله البروج والمروج له خمسة آلاف باب لا يدخله إلا نبي أو صديق أو شهيد  وقال عطاء بن السائب : عدن نهر في الجنة جناته على حافاته وقيل : العدن في الأصل الإستقرار والثبات ويقال : عدن بالمكان إذا أقام والمراد به هنا الإقامة على وجه الخلود لأنه الفرد الكامل المناسب لمقام المدح أي في جنات إقامة وخلود وعلى هذا الجنات كلها جنات عدن { لا يبغون عنها حولا } والتغاير بين المساكن والجنات المشعر به العطف إما ذاتي بناء على أن يراد بالجنات غير عدن وهي لعامة المؤمنين وعدن للنبيين عليهم الصلاة والسلام والصديقين والشهداء أو يراد بها البساتين أنفسها وهي غير المساكن

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الخامسة عشرة في موضوع (المؤمن ) وسيكون عنوانها :

  *المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض

ﭧ ﭨ ﭽ          ﮕﮖ                            ﮢﮣ      ﮦﮧ             قال ابن كثير : أي يتناصرون ويتعاضدون كما جاء في الصحيح (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه ) ، وفي الصحيح أيضا  مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر

وقال القرطبي : قوله تعالى : { بعضهم أولياء بعض } أي قلوبهم متحدة في التواد والتحاب والتعاطف وقال في المنافقين بعضهم من بعض لأن قلوبهم مختلفة ولكن يضم بعضهم إلى بعض في الحكم

وقال السعدي : لما ذكر أن المنافقين ،بعضهم من بعض ، ذكر أن المؤمنين ، بعضهم أولياء بعض ، ووصفهم بضد ما وصف به المنافقين

   وقال ابو السعود : بيان لحسن حال المؤمنين والمؤمنات حالا ومآلا إثر بيان قبح حال أضدادهم عاجلا وآجلا

وقال الرازي : اعلم أنه تعالى لما بالغ في وصف المنافقين بالأعمال الفاسدة والأفعال الخبيثة ، ثم ذكر عقيبه أنواع الوعيد في حقهم في الدنيا والآخرة ، ذكر بعده في هذه الآية كون المؤمنين موصوفين بصفات الخير وأعمال البر ، على ضد صفات المنافقين ، ثم ذكر بعده في هذه الآية أنواع ما أعد الله لهم من الثواب الدائم والنعيم المقيم ، فأما صفات المؤمنين فهي قوله : { والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض }.

و الولاية ضد العداوة ، والأصل في لفظ الولاية القرب ، ويتأكد ذلك بأن ضد الولاية هو العداوة ، ولفظة العداوة مأخوذة من عدا الشيء إذا جاوز عنه .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة السادسة عشرة في موضوع (المؤمن ) وسيكون عنوانها :

*الله أنزل سكينته على رسوله وعلى المؤمنين

ﭧ ﭨ ﭽ                               ﯧﯨ          

قال أبو السعود :  أي رحمته التي تسكن بها القلوب وتطمئن إليها اطمئنانا كليا مستتبعا للنصر القريب وأما مطلق السكينة فقد كانت حاصلة له صلى الله عليه وسلم قبل ذلك أيضا

{ وعلى المؤمنين } عطف على رسوله وتوسيط الجار بينهما للدلالة على ما بينهما من التفاوت أي المؤمنين الذين انهزموا وقيل على الذين ثبتوا مع النبي صلى الله عليه وسلم أو على الكل وهو الأنسب ولا ضير في تحقق أصل السكينة في الثابتين من قبل والتعرض لوصف الإيمان للإشعار بعلية الإنزال

*الرسول صلى الله عليه وسلم بالمؤمنين رؤوف رحيم                   ﭧ ﭨ ﭽ                                 

 قال السعدي : أي : شديد الرأفة والرحمة بهم ، أرحم بهم من والديهم ولهذا كان حقه مقدما على سائر حقوق الخلق ، وواجب على الأمة الإيمان به ، وتعظيمه ، وتوقيره ، وتعزيره                                                 وقال ابن الجوزي : قوله تعالى { بالمؤمنين رؤوف رحيم } قال ابن عباس سماه باسمين من أسمائه وقال أبو عبيدة رؤوف فعول من الرأفة وهي أرق من الرحمة

وقيل رؤوف بالمطيعين رحيم بالمذنبين

وقال الرازي : قوله : { بالمؤمنين رءوف رحيم } يفيد الحصر بمعنى أنه لا رأفة ولا رحمة له إلا بالمؤمنين . فأما الكافرون فليس له عليهم رأفة ورحمة ، وهذا كالمتمم لقدر ما ورد في هذه السورة من التغليظ كأنه يقول : إني وإن بالغت في هذه السورة في التغليظ إلا أن ذلك التغليظ على الكافرين والمنافقين . وأما رحمتي ورأفتي فمخصوصة بالمؤمنين فقط ، فلهذه الدقيقة عدل عن ذلك النسق

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة السابعة عشرة في موضوع (المؤمن ) وسيكون عنوانها :  *وما كان المؤمنون لينفروا كافة   ﭧ ﭨ ﭽ                     ﯫﯬ                                                     

   قال ابن كثير : هذا بيان من الله تعالى لما أراد من نفير الأحياء مع الرسول صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فإنه قد ذهبت طائفة من السلف إلى أنه كان يجب النفير على كل مسلم إذا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ولهذا قال تعالى { انفروا خفافا وثقالا}وقال{ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب } الآية  قال فنسخ ذلك بهذه الآية          وقد يقال إن هذا بيان لمراده تعالى في نفير الأحياء كلها وشرذمة من كل قبيلة إن لم يخرجوا كلهم ليتفقه الخارجون مع الرسول بما ينزل من الوحي عليه وينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم بما كان من أمر العدو فيجتمع لهم الأمران في هذا النفير المعين ؛ وتكون الطائفة النافرة من الحي إما للتفقه وإما للجهاد فإنه فرض كفاية على الأحياء ، وقال العوفي عن ابن عباس في هذه الآية كان ينطلق من كل حي من العرب عصابة فيأتون النبي صلى الله عليه وسلم  فيسألونه عما يريدون من أمر دينهم ويتفقهون في دينهم ويقولون للنبي صلى الله عليه وسلم ما تأمرنا أن نفعله وأخبرنا بما نأمر به عشائرنا إذا قدمنا عليهم قال فيأمرهم نبي الله صلى الله عليه وسلم بطاعة الله وطاعة رسوله ويبعثهم إلى قومهم بالصلاة والزكاة وكانوا إذا أتوا قومهم قالوا إن من أسلم فهو منا وينذرونهم حتى إن الرجل ليفارق أباه وأمه وكان النبي صلى الله عليه وسلم يخبرهم وينذرهم قومهم فإذا رجعوا إليهم يدعونهم إلى الإسلام وينذرونهم النار ويبشرونهم بالجنة  

 وقال البغوي : قال ابن عباس قوله تعالى {فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة } أي فهلا خرج إلى الغزو من كل قبيلة جماعة ويبقى مع رسول الله جماعة ليتفقهوا في الدين يعني الفرقة القاعدين يتعلمون القرآن والسنن والفرائض والأحكام فإذا رجعت السرايا أخبروهم بما أنزل بعدهم فتمكث السرايا يتعلمون ما نزل بعدهم وتبعث سرايا أخر فذلك قوله {ولينذروا قومهم } وليعلموهم بالقرآن ويخوفوهم به إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون أن يجهلوا فلا يعملون بخلافه  

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثامنة عشرة في موضوع (المؤمن ) وسيكون عنوانها :* من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين 

قال الحسن هذا التفقه والإنذار راجع إلى الفرقة النافرة ومعناه هلا نفر فرقة ليتفقهوا أي ليتبصروا بما يريهم الله من الظهور على المشركين ونصرة الدين ولينذروا قومهم من الكفار إذا رجعوا إليهم من الجهاد فيخبروهم بنصر الله رسوله والمؤمنين لعلهم يحذرون أن يعادوا النبي صلى الله عليه وسلم فينزل بهم ما نزل بأصحابهم من الكفار ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين  ) وعن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (تجدون الناس معادن كمعادن الذهب والفضة فخيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا )والفقه هو معرفة أحكام الدين وهو ينقسم إلى فرض عين وفرض كفاية ؛ففرض العين : علم الطهارة والصلاة والصوم فعلى كل مكلف معرفته ،قال النبي صلى الله عليه وسلم (طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة  ) وكذلك كل عبادة أوجبها الشرع على كل واحد يجب عليه معرفتها ومعرفة علما مثل علم الزكاة إن كان له مال وعلم الحج إن وجب عليه وأما فرض الكفاية فهو أن يتعلم حتى يبلغ درجة الاجتهاد ورتبة الفتيا فإذا قعد أهل بلد عن تعلمه عصوا جميعا وإذا قام من كل بلد واحد بتعلمه سقط الفرض عن الآخرين وعليهم تقليده فيما يقع لهم من الحوادث)

  وقال ابن عثيمين : جعَل الله العلم مُعادلًا للجهاد في سبيله، فبَيَّنَ اللهُ -عز وجل- أنه لا يمكن للمؤمنين أن ينفروا للجهاد في سبيل الله كلهم, وهذا يَدُلُّ على أن الجهاد في سبيل الله لا يُمكن أن يكونَ فرض عينٍ على كلِّ واحدٍ؛ كفرض الصلوات مثلًا, بل لا بد أن يكونَ كل جهة من الشريعة الإسلامية لها أهلها القائمون بها؛  فإذا علمتَ أنَّ طلَب العلم مُعادلٌ للجهاد في سبيل الله، فاعلمْ أنه جهادٌ في سبيل الله, وفي بعض الأحيان لا يمكن الجهاد إلا بالعلم, فالمنافقون -مثلًا- لا يُمكن جهادهم بالسلاح؛ لأن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لما استؤذن في قتلهم عبدالله بن أُبي, وقال: «لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه»، ولأن النفاقَ مستورٌ, ونحن مأمورون بأن نُعامل الناس بما يظهر مِن حالهم في الدنيا، أما في الآخرة فأمْرُهم إلى الله, فالمنافقُ -مثلًا- لا يُمكن جهاده بالسلاح، بل بالعلم، والمجادلة بالتي هي أحسن والتخويف، وما أشبه ذلك.

هذا وقد جعَل بعضُ أهل العلم طلَب العلم أفضلَ مِن الجهاد مُطلقًا، وليس نسبيًّا؛ لأنَّ العلمَ يحتاجه كلُّ أحدٍ، بخلاف الجهاد؛ ولكن بشرط أن يكونَ صاحبُه مُهَيَّأً له، وكذلك الجهاد أفضل مِن طلب العلم مُطلقًا في حق القوي الشجاع، الذي لا يقوى على الطلب، وهذا قولٌ جيدٌ''.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة التاسعة عشرة في موضوع (المؤمن ) وسيكون عنوانها :*إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم

ﭧ ﭨ                       ﯠﯡ             ﯧﯨ               ﯯﯰ          ﯵﯶ              ﯻﯼ      ﯿ 

قال ابن كثير : يخبر تعالى أنه عاوض من عباده المؤمنين عن أنفسهم وأموالهم إذ بذلوها في سبيله بالجنة وهذا من فضله وكرمه وإحسانه فإن قبل العوض عما يملكه بما تفضل به على عبيده المطيعين له ولهذا قال الحسن البصري وقتادة : بايعهم ـ والله ـ فأغلى ثمنهم ،وقال شمر بن عطية : مامن مسلم إلا ولله عز وجل في عنقه بيعة وفي بها أو مات عليها ثم تلا هذه الآية ؛ ولهذا يقال من حمل في سبيل الله بايع الله ؛ أي قبل هذا العقد ووفي به ، وقال محمد بن كعب القرظي وغيره قال عبد الله بن رواحة رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم  يعني ليلة العقبة : اشترط لربك ولنفسك ما شئت ؟ فقال : (اشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا واشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأموالكم ) قالوا : فما لنا إذا فعلنا ذلك ؟ قال : (الجنة) قالوا : ربح البيع لا نقيل ولأنستقيل فنزلت { إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم } الآية وقوله { يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون } أي سواء قتلوا أو قتلوا أو اجتمع لهم هذا وهذا فقد وجبت لهم الجنة ولهذا جاء في الصحيحين 

( وتكفل الله لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلا جهاد في سبيلي وتصديق برسلي أذا توفاه أن يدخله الجنة أو يرجعه إلى منزله الذي خرج منه نائلا ما نال من أجر أو غنيمة )

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة العشرون في موضوع (المؤمن ) وسيكون عنوانها :*فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون

ﭧ ﭨ ﭽ              ﯥﯦ                                       

 قال ابن كثير : قال مجاهد هذا وعيد يعني من الله تعالى للمخالفين أوامره بأن أعمالهم ستعرض عليه تبارك وتعالى وعلى الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى المؤمنين وهذا كائن لامحالة يوم القيامة كما قال { يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية } وقال تعالى { يوم تبلى السرائر } وقال { وحصل ما في الصدور } وقد يظهر الله تعالى ذلك للناس في الدنيا كما أخرج الإمام أحمد في مسنده بسنده من حديث أبي سعيد مرفوعا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه : (قال لو أن أحدكم يعمل في صخرة صماء ليس لها باب ولا كوة لأخرج الله عمله للناس كائنا ما كان )

وقال الألوسي : وقل إعملوا ماتشاءون من الأعمال { فسيرى الله عملكم } خيرا كان أو شرا والجملة تعليل لما قبله أو تأكيد لما يستفاد منه من الترغيب والترهيب والسين للتأكيد كما قررنا أي يرى الله تعالى البتة { ورسوله والمؤمنون } عطف على الإسم الجليل والتأخير عن المفعول للأشعار بما بين الرؤيتين من التفاوت والمراد من رؤية العمل عند جمع الإطلاع عليه وعلمه علما جليا ونسبة ذلك للرسول عليه الصلاة والسلام والمؤمنين بإعتبار أن الله تعالى لا يخفي عنهم ويطلعهم عليه إما بالوحي أو بغيره

وقال الرازي : قوله : { فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون } معناه وصول خبر ذلك العمل إلى الكل .

وقال السعدي : يقول تعالى : { وقل } لهؤلاء المنافقين : { اعملوا } ما ترون من الأعمال ، واستمروا على باطلكم ، فلا تحسبوا أن ذلك سيخفى . { فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون } أي : لا بد أن يتبين عملكم ويتضح ، { وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون } من خير وشر . ففي هذا التهديد والوعيد الشديد على من استمر على باطله وطغيانه ، وغيه وعصيانه . ويحتمل أن المعنى : أنكم مهما عملتم من خير وشر ، فإن الله مطلع عليكم ، وسيطلع رسوله وعباده المؤمنين ، على أعمالكم ، ولو كانت باطنة .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الحادية والعشرون في موضوع (المؤمن ) وسيكون عنوانها :                                      *يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين               ﭧ ﭨ ﭽ                   

 قال ابن كثير : يحرض تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم  والمؤمنين على القتال ومناجزة الأعداء ومبارزة الأقران ويخبرهم أنه حسبهم أي كافيهم وناصرهم ومؤيدهم على عدوهم وإن كثرت أعدادهم وترادفت أمدادهم ولو قل عدد المؤمنين قال ابن أبي حاتم بسنده من حديث الشعبي قال حسبك الله وحسب من شهد معك ،

وقال ابن الجوزي:قوله تعالى{حسبك الله ومن اتبعك } فيه قولان :

أحدهما : حسبك الله وحسب من اتبعك هذا قول أبي صالح عن ابن عباس وبه قال ابن زيد ومقاتل والأكثرون  ، والثاني : حسبك الله ومتبعوك قاله مجاهد وعن الشعبي كالقولين وأجاز الفراء والزجاج الوجهين

وأن المعنى كافيك الله ، وكافي { من اتبعك من المؤمنين } لدلالة الاستقراء في القرآن على أن الحسب والكفاية لله وحده ، كقوله تعالى :    { ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله إنا إلى الله راغبون } ، فجعل الإيتاء لله ورسوله ، كما قال : { وما آتاكم الرسول فخذوه }، وجعل الحسب له وحده ، فلم يقل : وقالوا حسبنا الله ورسوله ، بل جعل الحسب مختصا به وقال : { أليس الله بكاف عبده } ؟ فخص الكفاية التي هي الحسب به وحده ، وتمدح تعالى بذلك في قوله : { ومن يتوكل على الله فهو حسبه } ، وقال تعالى : {وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله هو الذى أيدك بنصره وبالمؤمنين } ففرق بين الحسب والتأييد ، فجعل الحسب له وحده ، وجعل التأييد له بنصره وبعباده .

وقد أثنى سبحانه وتعالى على أهل التوحيد والتوكل من عباده حيث أفردوه بالحسب ، فقال تعالى : { الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل } وقال تعالى : { فإن تولوا فقل حسبى الله } . إلى غير ذلك من الآيات

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثانية والعشرون في موضوع (المؤمن ) وسيكون عنوانها :                                          

*والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون

ﭧ ﭨ ﭽ                             ﯨﯩ                  

 قال ابن كثير : لما ذكر تعالى حكم المؤمنين في الدنيا عطف بذكر مالهم في الآخرة فأخبر عنهم بحقيقة الإيمان وأنه سبحانه سيجازيهم بالمغفرة والصفح عن الذنوب إن كانت ، وبالرزق الكريم وهو الحَسَن الكثير الطيب الشريف دائم مستمر أبدا لا ينقطع ولا ينقضي ولايسأم ولا يمل لحسنه وتنوعه ثم ذكر أن الأَتبَاع لهم في الدنيا على ماكانوا عليه من الإيمان والعمل الصالح فهم معهم في الآخرة   وفي الحديث المتفق عليه بل المتواتر من طرق صحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : (المرء مع من أحب ) وفي الحديث الآخر ( من أحب قوما فهو منهم ) وفي رواية  (حشر معهم )  ، وأخرج الإمام أحمــد  بسنده من حديث أبي وائل عن جرير قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (المهاجرون والأنصار بعضهم أولياء لبعض والطلقاء من قريش ومن ثقيف بعضهم أولياء بعض إلى يوم القيامة )

وقال الشوكاني : بين سبحانه حكما آخر يتعلق بالمؤمنين المهاجرين المجاهدين في سبيل الله والمؤمنين الذين آووا من هاجر إليهم ونصروهم وهم الأنصار فقال { أولئك هم المؤمنون حقا } أي الكاملون في الإيمان وليس في هذا تكرير لما قبله فإنه وارد في الثناء على هؤلاء والأول وارد في إيجاب الموالاة والنصرة ثم أخبر سبحانه أن { لهم } منه { مغفرة } لذنوبهم في الآخرة و لهم في الدنيا {ورزق كريم } خالص عن الكدر طيب مستلذ

 إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثالثة والعشرون في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :  *الله أيد نبيه بنصره وبالمؤمنين

ﭧ ﭨ ﭽ             ﭗﭘ               

     قال الطبري : يقول تعالى ذكره وإن يرد يا محمد هؤلاء الذين أمرتك بأن تنبذ إليهم على سواء إن خفت منهم خيانة وبمسالمتهم إن جنحوا للسلم خداعك والمكر بك فإن حسبك الله يقول فإن الله كافيكهم وكافيك خداعهم إياك لأنه متكفل بإظهار دينك على الأديان ومتضمن أن يجعل كلمته العليا وكلمة أعدائه السفلى هو الذي أيدك بنصره يقول الله الذي قواك بنصره إياك على أعدائه وبالمؤمنين يعني بالأنصار وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل  :

عن السدي  "هو الذي أيدك بنصره قال بالأنصار "

 وقال الشوكاني : {هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين } تعليلة أي لا تخف من خد اعهم ومكرهم فإن الله الذى قواك عليهم بالنصر فيما مضى وهو يوم بدر هو الذى سينصرك ويقويك عليهم عند حدوث الخد اع والنكث والمراد بالمؤمنين المهاجرون والأنصار

وقال القرطبي : قوله تعالى : { هو الذي أيدك بنصره } أي قواك بنصره يريد يوم بدر{ وبالمؤمنين } قال النعمان بن بشير : نزلت في الأنصار

وقال الرازي  : { وبالمؤمنين } قال ابن عباس : يعني الأنصار . فإن قيل : لما قال : { هو الذى أيدك بنصره } فأي حاجة مع نصره إلى المؤمنين ،حتى قال : { وبالمؤمنين } . قلنا : التأييد ليس إلا من الله لكنه على قسمين : أحدهما : ما يحصل من غير واسطة أسباب معلومة معتادة . والثاني : ما يحصل بواسطة أسباب معلومة معتادة . فالأول : هو المراد من قوله أيدك بنصره ، والثاني : هو المراد من قوله : { وبالمؤمنين } ثم إنه تعالى بين أنه كيف أيده بالمؤمنين . فقال : { وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما فى الارض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولاكن الله ألف بينهم }

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الرابعة والعشرون في موضوع (المؤمن ) وسيكون عنوانها :  *إن الله مع المؤمنين

ﭧ ﭨ ﭽ         ﭵﭶ           ﭻﭼ      ﭿ                                

قال الألوسي : وقرأ الأكثر { وإن } بالكسر على الإستئناف قيل : وهي أوجه من قراءة الفتح لأن الجملة حينئذ تذييل كأنه قيل : القصد إعلاء أمر المؤمنين وتوهين كيد الكافرين وكيت وكيت وإن سنة الله تعالى جارية في نصر المؤمنين وخذلان الكافرين وهذا إن أمكن إجراؤه على قراءة الفتح لكن قراءة الكسر نص فيه ويؤيدها قراءة ابن مسعود { والله مع المؤمنين } وروي عن عطاء وأبي بن كعب وإليه ذهب أبو علي الجبائي أن الخطاب للمؤمنين والمعنى إن تستنصروا فقد جاءكم النصر وإن تنتهوا عن التكاسل والرغبة عما يرغب فيه الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم فهو خير لكم من كل شيء لما أنه مدار لسعادة الدارين وإن تعودوا إليه نعد عليكم بالإنكار وتهييج العدو ولن تغني عنكم حينئذ كثرتكم إذ لم يكن الله تعالى معكم بالنصر والأمر أن الله سبحانه مع الكاملين في الإيمان ويفهم كلام بعضهم أن الخطاب في { تستفتحوا } و { جاءكم } للمؤمنين وفيما بعده للمشركين ولا يخفى أنه خلاف الظاهر جدا

      قال الشوكاني : قال تعالى :{ وأن الله مع المؤمنين } ومن كان الله معه فهو المنصور ومن كان الله عليه فهو المخذول قرئ بكسر إن وفتحها فالكسر على الاستئناف والفتح على تقدير ولأن الله مع المؤمنين فعل ذلك وقيل إن الآية خطاب للمؤمنين والمعنى إن تستنصروا الله فقد جاءكم النصر فى يوم بدر وإن تنتهوا عن مثل ما فعلتموه من أخذ الغنائم وفداء الأسرى قبل الإذن لكم بذلك فهو خير لكم وإن تعودوا إلى مثل ذلك نعد إلى توبيخكم

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الخامسة والعشرون في موضوع (المؤمن ) وسيكون عنوانها :  *الإيمان يزيد وينقص

أولاً- آيات فيها التصريح بزيادة الإيمان:

جاء في كتاب الله في ستة مواضع منه، التصريح بزيادة الإيمان، وذلك في قوله: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}.، وقوله: {إِنَّمَاالْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} ، وقوله: {وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ}  ، وقوله: {وَلَمَّا رَأى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً}  ، وقوله: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً} ، وقوله: {وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً}  فهذه ستة مواضع من كتاب الله عز وجل صرح فيها سبحانه بزيادة الإيمان، وهذا من أوضح الأدلة وأظهرها على زيادة الإيمان، بل لا أدل منه على ذلك.

قيل لسفيان بن عيينة الإيمان يزيد وينقص ؟ قال: أليس تقرأون: {فزادهم إيماناً}  {وزدناهم هدى}  في غير موضع، قيل: فينقص؟ قال: ليس شيء يزيد إلا وهو ينقص

    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:"والزيادة قد نطق بها القرآن في عدة آيات، كقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً}  ، وهذه زيادة إذا تُليت عليهم الآيات أي: وقت تُليت ليس هو تصديقهم بها عند النزول، وهذا أمر يجده المؤمن إذا تليت عليه الآيات زاد في قلبه بفهم القرآن ومعرفة معانيه من علم الإيمان ما لم يكن، حتى كأنه لم يسمع الآية إلا حينئذ، ويحصل في قلبه من الرغبة في الخير والرهبة من الشر ما لم يكن، فزاد علمه بالله ومحبته لطاعته، وهذه زيادة الإيمان، وقال تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، فهذه الزيادة عند تخويفهم بالعدو لم تكن عند آية نزلت فازدادوا يقيناً وتوكلاً على الله، وثباتاً على الجهاد وتوحيداً بألا يخافوا المخلوق، بل يخافون الخالق وحده، وقال تعالى: {وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة السادسة والعشرون في موضوع (المؤمن ) وسيكون عنوانها : *الإيمان يزيد وينقص

ثانياً- آيات فيها التصريح بزيادة الهدى

والهدى من الإيمان وقد جاء ذلك في القرآن في ثلاثة مواضع، وهي:

قوله تعالى: {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ مَرَدّاً}  وقوله: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} ، وقوله في أصحاب الكهف: {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً} 

فهذه الآيات فيها تصريح الحق سبحانه بزيادة الهدى، والهدى من الإيمان كما دل على ذلك كتاب الله في نحو قوله سبحانه: {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا}  وقوله: {فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ}  .... وغيرها من الآيات.

فإخبار الله سبحانه بزيادة الهدى دليل على زيادة الإيمان، واستدل بهذه الآية وأمثالها غير واحد من الأئمة كالبخاري وغيره ممن ذهب إلى زيادة الإيمان وتفاضله وأنه يزيد وينقص"

ثالثاً- إخباره سبحانه بزيادة الخشوع:

وذلك في موضع واحد من كتابه، وهو قوله تعالى في وصف الذين أوتوا العلم من أهل الكتاب: {وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً} 

فإخباره سبحانه بزيادة الخشوع دليل على زيادة الإيمان، لأن الخشوع من الإيمان كما دلّ عليه قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ}  وقوله: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ} 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: أعمال القلوب مثل محبة الله ورسوله، وخشية الله تعالى ورجاؤه، ونحو ذلك، هي كلها من الإيمان، كما دل على ذلك الكتاب والسنة واتفاق السلف، وهذا يتفاضل الناس فيه تفاضلاً عظيماً"

 إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة السابعة والعشرون في موضوع (المؤمن ) وسيكون عنوانها :  أدلة زيادة الإيمان ونقصانه من السنةوأقوال السلف                                   قال  البخاري في صحيحه من كتاب الإيمان باباً في تفاضل أهل الإيمان بالأعمال وذكر فيه حديث أبي سعيد رضي الله عنه مرفوعاً: «يدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، ثم يقول عز وجل: أخرجوا من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان...».

ومثله حديث أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أحب لله وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله، فقد استكمل الإيمان».

ومثله حديث أبي هريرة.. وغيره رضي الله عنهم مرفوعاً: «أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم أخلاقاً».

وقال أمير المؤمنين في الحديث أبو عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري -رحمه الله-: "لقيت أكثر من ألف رجل من العلماء بالأمصار فما رأيت أحداً يختلف في أن الإيمان قول وعمل، ويزيد وينقص".

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "وأجمع السلف أن الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص".

وقال ابن القيم: ".. فإنه بإجماع السلف: يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية".

وقال ابن كثير -رحمه الله-: "وهذا مذهب جمهور الأمة، بل حكى الإجماع عليه غير واحد من الأئمة كالشافعي وأحمد بن حنبل وأبي عبيد". وقال السفاريني: "والذي اعتمده أئمة الأثر وعلماء السلف: أن الإيمان تصديق بالجنان وإقرار باللسان، وعمل بالأركان، يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان".

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثامنة والعشرون في موضوع (المؤمن ) وسيكون عنوانها إستكمالا للحلقة الماضية 

*أقوال السلف في أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص:

1- كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول لأصحابه: "هلموا نزداد إيمانًا", وفي لفظ: "تعالوا نزداد إيمانًا".

2- وقال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: "اجلسوا بنا نزداد إيمانًا", وكان يقول في دعائه: "اللهم زدني إيمانًا ويقينًا وفقهًا".

3- وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه كان يقول: "اجلسوا بنا نؤمن ساعة".

4- وكان عبدالله بن رواحة رضي الله عنه يأخذ بيد النفر من أصحابه فيقول: "تعالوا نؤمن ساعة، تعالوا فلنذكر الله ونزدد إيمانًا بطاعته، لعله يذكرنا بمغفرته".

5- وعن أبي الدرداء عويمر الأنصاري رضي الله عنه أنه قال: "الإيمان يزداد وينقص".

وروي عنه رضي الله عنه أنه قال: "من فقه العبد أن يعلم أمزداد هو أو منتقص، وإن من فقه العبد أن يعلم نزغات الشيطان أنى تأتيه".

6- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "الإيمان يزداد وينقص". وروي عنه وعن ابن عباس رضي الله عنهما    أنهما قالا: "الإيمان يزيد وينقص".

7- وعن جندب بن عبدالله البجلي رضي الله عنه قال: "كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتيانًا حزاورة فتعلمنا الإيمان، ثم تعلمنا القرآن, فازددنا به إيمانًا".

8- وعن عمير بن حبيب الخطمي رضي الله عنه قال: "الإيمان يزيد وينقص، فقيل: وما زيادته ونقصانه؟ قال: إذا ذكرنا الله عز وجل وحمدناه وسبحناه فذلك زيادته، وإذا غفلنا وضيعنا ونسينا فذلك نقصانه".

9ـ قال ابن القيم -رحمه الله-: "وأقدم من روي عنه زيادة الإيمان ونقصانه من الصحابة عمير بن حبيب الخطمي".

10- وعن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: "ثلاث من جمعهن فقد جمع الإيمان: الإنفاق من الإقتار، والإنصاف من النفس، وبذل السلام للعالم".

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة التاسعة والعشرون في موضوع (المؤمن ) وسيكون عنوانها :  أدلة زيادة الإيمان ونقصانه من السنةوأقوال السلف                                  

11- وعن علقمة بن قيس النخعي -رحمه الله- أنه كان يقول لأصحابه: "امشوا بنا نزدد إيمانًا".

12- وكتب عمر بن عبدالعزيز إلى عدي بن عدي أحد عماله على الجزيرة: "أما بعد: فإن للإيمان حدودًا وشرائع وفرائض، من استكملها استكمل الإيمان، ومن لم يستكملها لم يستكمل الإيمان". علقه البخاري في كتاب الإيمان من صحيحه ، وقال ابن حجر مبينًا سبب ذكر البخاري له: "والغرض من هذا الأثر أن عمر بن عبدالعزيز كان ممن يقول بأن الإيمان يزيد وينقص، حيث قال: استكمل ولم يستكمل".

13- وعن مجاهد بن جبر قال: "الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص".

14- وقال عبدالرحمن بن عمرو الأوزاعي: "الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص, فمن زعم أن الإيمان يزيد ولا ينقص فاحذروه فإنه مبتدع"."وسئل -رحمه الله- عن الإيمان أيزيد؟ قال: نعم, حتى يكون كالجبال, قيل: فينقص؟ قال: نعم, حتى لا يبقى منه شيء".

15- وثبت عن الإمام مالك -رحمه الله- القول بزيادة الإيمان ونقصانه من طرق متعددة                           16- وقال عبدالله بن المبارك: "الإيمان قول وعمل، والإيمان يتفاضل".

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وبعضهم أي: السلف عدل عن لفظ الزيادة والنقصان إلى لفظ التفاضل, فقال أقول: الإيمان يتفاضل ويتفاوت، ويروى هذا عن ابن المبارك، وكان مقصوده الإعراض عن لفظ وقع فيه النزاع إلى معنى لا ريب في ثبوته". قال ابن كثير :قوله تعالى { ويزداد الذين آمنوا إيمانا } أي إلى إيمانهم بما يشهدون من صدق إخبار نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم

   إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثلاثون في موضوع (المؤمن ) وسيكون عنوانها :*إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم

ﭧ ﭨ ﭽ                                        

 قال الشوكاني : الوجل الخوف والفزع والمراد أن حصول الخوف من الله والفزع منه عند ذكره هو شأن المؤمنين الكاملي الإيمان والمخلصين لله فالحصر باعتبار كمال الإيمان لا باعتبار أصل الإيمان قال جماعة من المفسرين هذه الآية متضمنة للتحريض على طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أمر به من قسمة الغنائم ولا يخفاك أن هذا وإن صح إدراجه تحت معنى الآية من جهة أن وجل القلوب عند الذكر وزيادة الإيمان عند تلاوة آيات الله يستلزمان امتثال ما أمر به سبحانه من كون الأنفال لله والرسول ولكن الظاهر أن مقصود الآية هو إثبات هذه المزية لمن كمل إيمانه من غير تقييد بحال دون حال ولا بوقت دون وقت ولا بواقعة دون واقعة والمراد من تلاوة آياته تلاوة الآيات المنزلة أو التعبير عن بديع صنعته وكمال قدرته فى آياته التكوينية بذكر خلقها البديع وعجائبها التى يخشع عند ذكرها المؤمنون قيل والمراد بزيادة الإيمان هو زيادة انشراح الصدر وطمأنينة القلب وانثلاج الخاطر عند تلاوة الآيات{ وعلى ربهم يتوكلون } لا على غيره والتوكل على الله تفويض الأمر إليه فى جميع الأمور  

وقال القرطبي : قال العلماء : هذه الآية تحريض على إلزام طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم فيما أمر به من قسمة تلك الغنيمة... والفزع من عذاب الله وقد جمع الله بين المعنيين في قوله : {الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله } أي تسكن نفوسهم من حيث اليقين إلى الله وإن كانوا يخافون الله فهذه حالة العارفين بالله الخائفين من سطوته وعقوبته

وقال الرازي : والخوف على قسمين : خوف العقاب ، وخوف العظمة والجلال ؛ أما خوف العقاب فهو للعصاة ، وأما خوف الجلال والعظمة فهو لا يزول عن قلب أحد من المخلوقين ، سواء كان ملكا مقربا أو نبيا مرسلا ، وذلك لأنه تعالى غني لذاته عن كل الموجودات ، وما سواه من الموجودات فمحتاجون إليه ، والمحتاج إذا حضر عند الملك الغني يهابه ويخافه ، وليست تلك الهيبة من العقاب ،  بل مجرد علمه بكونه غنيا عنه ، وكونه محتاجا إليه يوجب تلك المهابة ، وذلك الخوف .

إذا عرفت هذا فنقول : إن كان المراد من الوجل القسم الأول ، فذلك لا يحصل من مجرد ذكر الله ، وإنما يحصل من ذكر عقاب الله . وهذا هو اللائق بهذا الموضع ، لأن المقصود من هذه الآية إلزام أصحاب بدر طاعة الله وطاعة الرسول في قسمة الأنفال ، وأما إن كان المراد من الوجل القسم الثاني ، فذلك لازم من مجرد ذكر الله ، ولا حاجة في الآية إلى الإضمار .  

واعلم أن هذه الصفات الثلاثة مرتبة على أحسن جهات الترتيب ، فإن المرتبة الأولى هي : الوجل من عقاب الله . والمرتبة الثانية : هي الانقياد لمقامات التكاليف لله .

والمرتبة الثالثة : هي الانقطاع بالكلية عما سوى الله ، والاعتماد بالكلية على الله ، بل الغنى بالكلية عما سوى الله تعالى . إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الواحدة والثلاثون في موضوع (المؤمن ) وسيكون عنوانها :

*وجوب الإصلاح بين الطائفتين المؤمنتين المتقا تلتين

ﭧ ﭨ ﭽ              ﮟﮠ                                     ﮭﮮ             ﯕﯖ            

  قال ابن كثير : قال تعالى آمرا بالإصلاح بين الفئتين الباغيتين بعضهم على بعض { وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما } فسماهم مؤمنين مع الاقتتال وبهذا استدل البخاري وغيره على أنه لا يخرج عن الإيمان بالمعصية وإن عظمت لا كما يقوله الخوارج ومن تابعهم من المعتزلة ونحوهم

 وهكذا ثبت في صحيح البخاري من حديث الحسن عن أبي بكرة رضي الله عنه قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب يوما ومعه على المنبر الحسن بن علي رضي الله عنه فجعل ينظر إليه مرة وإلى الناس أخرى يقول : ( إن ابني هذا سيد ولعل الله تعالى أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين ) فكان كما قال صلى الله عليه وسلم أصلح الله تعالى به بين أهل الشام وأهل العراق بعد الحروب الطويلة والواقعات المهولة

وقال السدي كان رجل من الأنصار يقال له عمران كانت له امرأة تدعى أم زيد وإن المرأة أرادت أن تزور أهلها فحبسها زوجها وجعلها في علية له لا يدخلها عليها أحد من أهلها وإن المرأة بعثت إلى أهلها فجاء قومها وأنزلوها لينطلقوا بها وإن الرجل كان قد خرج فاستعان أهل الرجل فجاء بنو عمه ليحولوا بين المرأة وبين أهلها فتدافعوا واجتلدوا بالنعال فنزلت فيهم هذه الآية فبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم  وأصلح بينهم وفاءوا إلى أمر الله تعالى ، وفي صحيح البخاري أيضا ، ومسلم ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشده بعضه بعضا وشبك بين أصابعه صلى الله عليه وسلم )

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثانية والثلاثون في موضوع (المؤمن ) وسيكون عنوانها

*الراسخون في العلم والمؤمنون ؛ يؤمنون بما أنزل على الرسول وما أنزل على من قبله 

ﭧ ﭨ ﭽ                                  ﯽﯾ  ﯿ  ﰀﰁ                               

قال ابن كثير : قال ابن عباس أنزلت في عبد الله بن سلام وثعلبة بن سعيه وأسد بن سعيه وأسد بن عبيد الذين دخلوا في الإسلام وصدقوا بما أرسل الله به محمدا صلى الله عليه وسلم  

وقال السعدي : لما ذكر معايب أهل الكتاب ، ذكر الممدوحين منهم فقال : { لكن الراسخون في العلم } أي : الذين ثبت العلم في قلوبهم ، ورسخ الإيقان في أفئدتهم ، فأثمر لهم الإيمان التام العام ، وأثمر لهم الأعمال الصالحة ، من إقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، الذين هما أفضل الأعمال . وقد اشتملتا على الإخلاص للمعبود ، والإحسان إلى العبيد . وآمنوا باليوم الآخر ، فخافوا الوعيد ، ورجوا الوعد .

*وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا

ﭧ ﭨ ﭽ         ﭕﭖ               ﭝﭞ           ﭣﭤ            

قال الرازي : أما قوله تعالى : { وليبلى المؤمنين منه بلاء حسنا } فهذا معطوف على قوله : { ولاكن الله رمى } والمراد من هذا البلاء الإنعام ، أي ينعم عليهم نعمة عظيمة بالنصرة والغنيمة والأجر والثواب ، قال القاضي : ولولا أن المفسرين اتفقوا على حمل الابتلاء ههنا على النعمة ، وإلا لكان يحتمل المحنة بالتكليف فيما بعده من الجهاد ، حتى يقال : إن الذي فعله تعالى يوم بدر ، كان السبب في حصول تكليف شاق عليهم فيما بعد ذلك من الغزوات .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثالثة والثلاثون في موضوع (المؤمن ) وسيكون عنوانها :

*يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ

ﭧ ﭨ ﭽ        

حكم الوفاء بالعهود والعقود:

يجب الوفاء بالعهود والعقود، وعدم الوفاء بها يستوجب مقت الله وغضبه، والوفاء بها خُلُق الأنبياء والمرسلين، سواء كانت مع مسلم أو كافر.

1- قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}

2- وقال الله تعالى:{وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا}

3- وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ ، كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ}

4- وَعَنْ عَبْدِالله بْنِ عَمْرو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (أرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقاً خَالِصاً، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإذَا خَاصَمَ فَجَرَ). متفق عليه.

 *شروط العهود والعقود:

يشترط في العهود والعقود التي يجب احترامها والوفاء بها ما يلي:

1- ألا تخالف القرآن والسنة.

2- أن تكون عن رضا واختيار بين الطرفين.

3- أن تكون بينة واضحة، لا لبس فيها ولا غموض.

*حكم نقض العهود والعقود:

لا يجوز نقض العهد إلا في إحدى الأحوال الآتية:

1- إذا كانت مؤقتة بوقت وانتهت مدتها.

قال الله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ }

2- إذا أخل العدو بالعهد.

1-      قال الله تعالى: {فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ }

2- وقال الله تعالى: {أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } التوبة: 13

3- إذا ظهرت من العدو بوادر الغدر، ودلائل الخيانة.

قال الله تعالى: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ }

 إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الرابعة والثلاثون في موضوع (المؤمن ) وسيكون عنوانها :*وأنا أول المؤمنين

ﭧ ﭨ ﭽ                      ﯚﯛ                              ﯧﯨ                    ﯱﯲ                             

قال الآمدي : إن التوبة وإن كانت تستدعي سابقية الذنب إلا أنه ليس هناك مايدل قطعا على أن الذنب في سؤاله بل جاز أن تكون التوبة عما تقدم قبل السؤال مما يعده هو عليه السلام ذنبا والداعي لذلك مارأى من الأهوال العظيمة من تدكدك الجبل على ماهو عادة المؤمنين الصلحاء من تجديد التوبة عما سلف إذا رأوا آية وأمرا مهولا وذكر أن قوله عليه السلام : { وأنا أول المؤمنين } ليس المراد منه إبتداء الإيمان في تلك الحالة بل المراد به إضافة الأولية إليه لا إلى الإيمان ولعل المراد من ذلك الإخبارالإستعطاف  لقبول توبته عليه السلام عما هو ذنب عنده وأراد بالمؤمنين قومه على ماروي عن مجاهد وما يشير إليه كلام الزمخشري من أن الآية أبلغ دليل على عدم إمكان الرؤية لايخفى ما فيه على من أحاط خبرا بما ذكرناه

ومن المحققين من إستند في دلالة الآية على إمكانها بغير ما تقدم أيضا وهو أنه تعالى أحال إنتفاء الرؤية على عجز الرائي وضعفه عنها حيث قال له : { لن تراني } ولو كانت رؤيته تعالى غير جائزة لكان الجواب لست بمرئي ألا ترى لو قال : أرني أنظر إلى صورتك ومكانك لم يحسن في الجواب أن يقال لن ترى صورتي ولا مكاني بل الحسن لست بذي صورة ولا مكان وقال بعضهم بعد أن بين كون الآية دليلا على أن الرؤية جائزة في الجملة ببعض ما تقدم : ولذلك رده سبحانه بقوله : { لن تراني } دون لن أُرى ولن أُريك ولن تنظر إلى تنبيها على أنه عليه السلام قاصر عن رؤيته تعالى لتوقفها على معد في الرائي ولم يوجد فيه بعد وذلك لأن لن أرى يدل على إمتناع الرؤية مطلقا ولن أريك يقتضي أن المانع من جهته تعالى وليس في لن تنظر تنبيه على المقصود

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الخامسة والثلاثون في موضوع (المؤمن ) وسيكون عنوانها :*وبشر المؤمنين

لفظ (بشر) ومشتقاته ورد في القرآن الكريم في ثلاثة وعشرين ومائة موضع، ورد في ثمانية وأربعين موضعاً بصيغة الفعل، من ذلك قوله تعالى:  {وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات} ، وهذا الفعل هو أكثر أفعال هذا اللفظ وروداً في القرآن الكريم، حيث ورد في ثلاثة عشر موضعاً. وورد هذا اللفظ بصيغة الاسم في خمسة وسبعين موضعاً، منها قوله سبحانه: {وهدى وبشرى للمؤمنين} ، وأكثر الأسماء وروداً لهذا اللفظ لفظ (البشر)، حيث ورد في سبعة وثلاثين موضعاً، منها قوله عز وجل {وقلن حاش لله ما هذا بشرا} وخُص في القرآن كل موضع اعتبر من الإنسان جثته وظاهره بلفظ (البشر) ، نحو قوله تعالى: {وهو الذي خلق من الماء بشرا} ولفظ (البشارة) ورد في القرآن الكريم على وجوه، هي وفق التالي
الأول: بشارة أصحاب الإنابة بالهداية: قال تعالى: {والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البشرى فبشر عباد * الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله}

الثاني: بشارة المخبتين والمخلصين بالحفظ والرعاية، قال سبحانه: {وبشر المخبتين } الآية

الثالث: بشارة المستقيمين بتأييد الله لهم، وتثبيتهم على الحق: قال تعالى: {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون }

الرابع: بشارة المتقين بالفوز والحماية: قال سبحانه{الذين آمنوا وكانوا يتقون * لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة} ، الخامس: بشارة المذنبين بالمغفرة والوقاية: قال تعالى: {إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب فبشره بمغفرة وأجر كريم }

السادس: بشارة المجاهدين بالرضا والعناية: قال سبحانه: {الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزون، يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم}

 السابع: بشارة المطيعين بالجنة والسعادة: قال سبحانه: {وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات} الثامن: بشارة المؤمنين بالعطاء والشفاعة: قال تعالى: {وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم}

التاسع : بشارة الصابرين بالدعاء لهم والرحمة: قال تعالى: {وبشر الصابرين }

العاشر: بشارة المؤمنين بلقاء ربهم، والعيش في روضات الجنات: قال سبحانه: {وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا}

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة السادسة والثلاثون في موضوع (المؤمن ) وسيكون عنوانها إستكمالا للحلقة الماضية :         *وبشر المؤمنين

ﭧ ﭨ ﭽ   ﯱﯲ             ﯷﯸ          

قال البغوي : { وبشر المؤمنين } يا محمد بالنصر في الدنيا والجنة في الآخرة

وﭧ ﭨ ﭽ                               ﭞﭟ         

 قال السعدي : كأنه قيل : من هم المؤمنون الذين لهم البشارة من الله بدخول الجنات ، ونيل الكرامات ؟ فقال : هم ) التائبون ( أي : الملازمون للتوبة في جميع الأوقات عن جميع السيئات . ) العابدون ( أي : المتصفون بالعبودية لله ، والاستمرار على طاعته من أداء الواجبات والمستحبات في كل وقت ، فبذلك يكون العبد من العابدين . ) الحامدون ( لله في السراء والضراء ، واليسر والعسر ، المعترفون بما لله عليهم من النعم الظاهرة والباطنة ، المثنون على الله بذكرها وبذكره في آناء الليل ، وآناء النهار . ) السائحون ( فسرت السياحة بالصيام ، أو السياحة في طلب العلم ، وفسرت بسياحة القلب ، في معرفة الله ومحبته ، والإنابة إليه على الدوام ، والصحيح أن المراد بالسياحة : السفر في القربات ، كالحج ، والعمرة ، والجهاد ، وطلب العلم ، وصلة الأقارب ، ونحو ذلك . ) الراكعون الساجدون ( أي : المكثرون من الصلاة ، المشتملة على الركوع والسجود . ) الآمرون بالمعروف ( ويدخل فيه جميع الواجبات والمستحبات . ) والناهون عن المنكر ( وهي جميع ما نهى الله ورسوله عنه . ) والحافظون لحدود الله ( بتعلمهم حدود ما أنزل الله على رسوله ، وما يدخل في الأوامر ، والنواهي ، والأحكام ، وما لا يدخل ، الملازمون لها فعلا وتركا . ) وبشر المؤمنين ( لم يذكر ما يبشر لهم به ، ليعم جميع ما رتب على الإيمان ، من ثواب الدنيا ، والدين والآخرة ، فالبشارة متناولة لكل مؤمن . وأما مقدارها وصفتها فإنها بحسب حال المؤمنين ، وإيمانهم ، قوة ، وضعفا ، وعملا بمقتضاه

      إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة السابعة والثلاثون في موضوع (المؤمن ) وسيكون عنوانها :

*إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا

ﭧ ﭨ ﭽ                                ﯯﯰ           

قال الطبري : يقول - تعالى ذكره - : إنما المناجاة من الشيطان ، ثم اختلف أهل العلم في النجوى التي أخبر الله أنها من الشيطان - أي ذلك هو :

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال : عني به مناجاة المنافقين بعضهم بعضا بالإثم والعدوان ، وذلك أن الله - جل ثناؤه - تقدم بالنهي عنها بقوله : ( إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصية الرسول ) ، ثم عما في ذلك من المكروه على أهل الإيمان ، وعن سبب نهيه إياهم عنه ، فقال : ( إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا . ) فبين بذلك - إذ كان النهي عن رؤية المرء في  منامه كان كذلك ، وكان عقيب نهيه عن النجوى بصفة - أنه من صفة ما نهى عنه .

وقوله : ( وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله ) يقول - تعالى ذكره - : وليس التناجي بضار المؤمنين شيئا إلا بإذن الله ، يعني بقضاء الله وقدره .

    وقوله : ( وعلى الله فليتوكل المؤمنون ) يقول - تعالى ذكره - : وعلى الله فليتوكل في أمورهم أهل الإيمان به ، ولا يحزنوا من تناجي المنافقين ومن يكيدهم بذلك ، وأن تناجيهم غير ضارهم إذا حفظهم ربهم .

قال ابن كثير: قال تعالى :{ إنما النجوى من الشيطان } أي إنما النجوى وهي المسارة حيث يتوهم مؤمن بها سوءا { من الشيطان ليحزن الذين آمنوا } يعني إنما يصدر هذا من المتناجين عن تسويل الشيطان وتزيينه { ليحزن الذين آمنوا } أي ليسوءهم وليس ذلك بضارهم شيئا إلا بإذن الله ومن أحس من ذلك شيئا فليستعذ بالله وليتوكل على الله فإنه لا يضره شيء بإذن الله          وقد وردت السنة بالنهي عن التناجي حيث يكون في ذلك تأذ على مؤمن كما أخرج الإمام أحمد بسنده من حديث عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى إثنان دون صاحبهما فإن ذلك يحزنه)،أخرجه مسلم من حديث الأعمش ، وفي الصحيحين عن بن عمر أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا كان ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الواحد ) إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثامنة والثلاثون في موضوع (المؤمن ) وسيكون عنوانها :

*فقاتل في سبيل الله لاتكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين

ﭧ ﭨ ﭽ                  ﯓﯔ    ﯖﯗ               ﯞﯟ               

 قال ابن كثير : يأمر تعالى عبده ورسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بأن يباشر القتال بنفسه ومن نكل عنه فلا عليه منه

 وقال القرطبي : قوله تعالى : { وحرض المؤمنين } أي حضهم على الجهاد والقتال يقال : حرضت فلانا على كذا إذا أمرته به وحارض فلان على الأمر وأكب وواظب بمعنى واحد

وقال الرازي : قال تعالى : { وحرض المؤمنين } والمعنى ان الواجب على الرسول عليه الصلاة والسلام إنما هو الجهاد وتحريض الناس في الجهاد ، فان أتى بهذين الأمرين فقد خرج عن عهدة التكليف وليس عليه من كون غيره تاركا للجهاد شيء 

وقال السعدي : هذه الحالة ، أفضل أحوال العبد ، أن يجتهد في نفسه على امتثال أمر الله ، من الجهاد وغيره ، ويحرض غيره عليه . وقد يعدم في العبد الأمران أو أحدهما ، فلهذا قال لرسوله : { فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك } أي : ليس لك قدرة على غير نفسك ، فلن تكلف بفعل غيرك .{ وحرض المؤمنين} على القتال، وهذا يشمل كل أمر يحصل به نشاط المؤمنين، وقوة قلوبهم،من تقويتهم،والإخبار بضعف الأعداء وفشلهم ، وبما أعد للمقاتلين من الثواب ، وما على المتخلفين من العقاب . فهذا وأمثاله ، كله يدخل في التحريض على القتال .

    وقال الطاهر ابن عاشور : والتحريض : المبالغة في الطلب . ولما كان عموم الجنس الذي دل عليه تعريف القتال يقتضي عموم الأحوال باعتبار المقاتلين بفتح التاء وكان في ذلك إجمال من الأحوال ، وقد يكون العدو كثيرين ويكون المؤمنون أقل منهم ، بين هذا الإجمال بقوله : إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين الآية

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة التاسعة والثلاثون في موضوع (المؤمن ) وسيكون عنوانها :

  *أخرج الله المؤمنين من بين قوم لوط

ﭧ ﭨ ﭽ                                                              ﭿ   

 قال الطبري : أخبر تعالى أنه أخرج بأمره من كان في قرية لوط { من المؤمنين } منجيا لهم واعاد الضمير على القرية ولم يصرح لها قبل ذلك بذكر لشهرة امرها ولأن القوم المجرمين معلوم انهم في قرية ولا بد ، قال المفسرون : ولا فرق بين تقدم ذكر المؤمنين وتأخره وإنما هما وصفان ذكرهم أولا بأحدهما ثم آخر بالثاني قال الرماني الآية دالة على ان الإيمان هو الإسلام  ، قال القاضي أبو محمد : ويظهر لي ان في المعنى زيادة تحسن التقديم للإيمان وذلك انه ذكره مع الإخراج من القرية كانه يقول نفذ امرنا بإخراج كل مؤمن

 وقال الطاهر ابن عاشور : وإسناد الإخراج إلى الله لأنه أمر به الملائكة أن يبلغوه لوطا ولأن الله يسر إخراج المؤمنين ونجاتهم إذ أخر نزول الحجارة إلى أن خرج المؤمنون وهم لوط وأهله إلا امرأته وعبر عنهم  بـ  :       ( المؤمنين ) للإشارة إلى أن إيمانهم هو سبب نجاتهم أي إيمانهم بلوط . والتعبير عنه بـ ( المسلمين ) لأنهم آل نبي وإيمان الأنبياء إسلام قال تعالى ( ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون )

والمؤمن : هو المصدق بما يجب التصديق به ،والمسلم المنقاد إلى مقتضى الإيمان ولا نجاة إلا بمجموع الأمرين فحصل في الكلام مع التفنن في الألفاظ الإشارة إلى التنويه بكليهما وإلى أن النجاة باجتماعهما

وقال البيضاوي : { وذكر } لا تدع التذكير والموعظة { فإن الذكرى تنفع المؤمنين } من قدر الله إيمانه أو من آمن فإنه يزداد بها بصيرة

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الأربعون في موضوع (المؤمن ) وسيكون عنوانها :*الذكرى تنفع المؤمنين

ﭧ ﭨ ﭽ            

 قال الرازي : قوله تعالى : { فإن الذكرى تنفع المؤمنين } يحتمل وجوها :

أحدها : أن يراد قوة يقينهم كما قال تعالى:{ ليزدادوا إيمانا }  وقال تعالى : { زادهم هدى وءاتاهم تقواهم }

 ثانيها : تنفع المؤمنين الذين بعدك فكأنك إذا أكثرت التذكير بالتكرير نقل عنك ذلك بالتواتر فينتفع به من يجيء بعدك من المؤمنين

 ثالثها : هو أن الذكرى إن أفاد إيمان كافر فقد نفع مؤمنا لأنه صار مؤمنا،وإن لم يفد يوجد حسنة ويزاد في حسنة المؤمنين فينتفعوا

وقال السعدي :  التذكير نوعان :

  تذكير بما لم يعرف تفصيله ، مما عرف مجمله بالفِطَر والعقول ، فإن الله فطر العقول على محبة الخير وإيثاره ، وكراهة الشر والزهد فيه ، وشرعه موافق لذلك ، فكل أمر ونهي من الشرع ، فهو من التذكير ، وتمام التذكير ، أن يذكر ما في المأمور ، من الخير والحسن والمصالح ، وما في المنهي عنه من المضار .

 والنوع الثاني من التذكير : تذكير بما هو معلوم للمؤمنين ، ولكن انسحبت عليه الغفلة والذهول ، فيذكرون بذلك ، ويكرر عليهم ليرسخ في أذهانهم ، وينتبهوا ويعملوا بما تذكروه من ذلك ، وليحدث لهم نشاطا وهمة ، توجب لهم الانتفاع والارتفاع . وأخبر الله أن الذكرى تنفع المؤمنين ، لأن ما معهم من الإيمان والخشية والإنابة ،واتباع رضوان الله ، يوجب لهم أن تنفع فيهم الذكرى وتقع الموعظة منهم موقعها كما قال تعالى : { فذكر إن نفعت الذكرى سيذكر من يخشى ويتجنبها الأشقى } .

وأما من ليس له معه إيمان ولا استعداد لقبول التذكير ، فهذا لا ينفع تذكيره ، بمنزلة الأرض السبخة التي لا يفيدها المطر شيئا ، وهؤلاء الصنف ، لو جاءتهم كل آية لا يؤمنوا بها حتى يروا العذاب الأليم

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الحادية والأربعون في موضوع (المؤمن ) وسيكون عنوانها :*المؤمنون والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم يوم القيامة

ﭧ ﭨ ﭽ                                                             

قال ابن كثير : يقول تعالى مخبرا عن المؤمنين المتصدقين أنهم يوم القيامة يسعى نورهم بين أيديهم في عرصات القيامة بحسب اعمالهم كما قال عبد الله بن مسعود في قوله تعالى { يسعى نورهم بين أيديهم } قال : على قدر أعمالهم يمرون على الصراط منهم من نوره مثل الجبل ومنهم من نوره مثل النخلة ومنهم من نوره مثل الرجل القائم وأدناهم نورا من نوره في إبهامه يتقد مرة ويطفأ مرة  "ورواه ابن أبي حاتم وابن جرير وقال قتادة : ذكر لنا نبي الله صلى الله عليه وسلم  كان يقول : (من المؤمنين من يضيء نوره بين المدينة إلى عدن أبين وصنعاء فدون ذلك حتى أن من المؤمنين من يضيء نوره من موضع قدميه )

 وقال الشنقيطي : أما سعي نورهم بين أيديهم وبأيمانهم ، فقد بينه تعالى في سورة التحريم ، وزاد فيها بيان دعائهم الذين يدعون به في ذلك الوقت وذلك في قوله تعالى :{ يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنآ أتمم لنا نورنا }

وقال السعدي : يقول تعالى مبينا لفضل الإيمان واغتباط أهله به يوم القيامة : { يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم } ، أي : إذا كان يوم القيامة ، وكورت الشمس ، وخسف القمر ، وصار الناس في الظلمة ، ونصب الصراط على متن جهنم ، فحينئذ ترى المؤمنين والمؤمنات ، يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم ، فيمشون بإيمانهم ونورهم ، في ذلك الموقف الهائل الصعب ، كل على قدر إيمانه ، ويبشرون عند ذلك ، بأعظم بشارة ، فيقال : { بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم } . فلله ما أحلى هذه البشارة بقلوبهم ، وألذها لنفوسهم ، حيث حصل لهم كل مطلوب محبوب ، ونجوا من كل شر ومرهوب . فإذا رأى المنافقون المؤمنين يمشون بنورهم ، وهم قد طفىء نورهم ، وبقوا في الظلمات حائرين ، قالوا للمؤمنين : { انظرونا نقتبس من نوركم } ، أي : أمهلونا ، لننال من نوركم ما نمشي به ، لننجو من العذاب . { قيل } لهم : { ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا } ، أي : إن كان ذلك ممكنا ، والحال أن ذلك غير ممكن ، بل هو من المحالات .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثانية والأربعون في موضوع (المؤمن ) وسيكون عنوانها :

*إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا

ﭧ ﭨ ﭽ                                ﯛﯜ          

 قال ابن كثير : " إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ " أَيْ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الْكُمَّل " الَّذِينَ آمَنُوا بِاَللَّهِ وَرَسُوله ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا " أَيْ لَمْ يَشُكُّوا وَلَا تَزَلْزَلُوا بَلْ ثَبَتُوا عَلَى حَال وَاحِدَة , وَهِيَ التَّصْدِيق الْمَحْض "

وقال الشوكاني : لما ذكر سبحانه أن أولئك الذين قالوا آمنا لم يؤمنوا ولا دخل الإيمان في قلوبهم ؛ بين المؤمنين المستحقين لإطلاق الإيمان عليهم فقال { إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله } يعني إيمانا صحيحا خالصا عن مواطأة القلب واللسان   { ثم لم يرتابوا } أي لم يدخل قلوبهم شئ من الريب ولا خالطهم شك من الشكوك      وقال الرازي : إرشادا للأعراب الذين قالوا  { آمنا } إلى حقيقة الإيمان فقال : إن كنتم تريدون الإيمان فـالمؤمنون من آمن بالله ورسوله ثم لم يرتابوا ، يعني أيقنوا بأن الإيمان إيقان ، وثم للتراخي في الحكاية ، كأنه يقول آمنوا ، ثم أقول شيئا آخر لم يرتابوا ، ويحتمل أن يقال هو للتراخي في الفعل تقديره آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا فيما قال النبي صلى الله عليه وسلم من الحشر والنشر ، وقوله تعالى : { وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم } يحقق ذلك ، أي أيقنوا أن بعد هذه الدار دارا فجاهدوا طالبين العقبى ، وقوله { أولئك هم الصادقون } في إيمانهم ، لا الأعراب الذين قالوا قولا ولم يخلصوا عملا .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثالثة والأربعون في موضوع (المؤمن ) وسيكون عنوانها :

*أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين

ﭧ ﭨ ﭽ                                                           ﮨﮩ              

قال ابن كثير : وهي قول لا إله إلا الله

وقال الشوكاني : أي أنزل الطمأنينة والوقار على رسوله وعلى المؤمنين حيث لم يدخلهم ما دخل أهل الكفر من الحمية وقيل ثبتهم على الرضى والتسليم

وقال الشنقيطي : ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه أنزل السكينة على رسوله وعلى المؤمنين . والسكينة تشمل الطمأنينة والسكون إلى الحق والثبات والشجاعة عند البأس .

وقد ذكر جل وعلا إنزاله السكينة على رسوله وعلى المؤمنين في براءة في قوله تعالى : { ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين } وذكر إنزال سكينته على رسوله في قوله في براءة : { إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه } .

وذكر إنزاله سكينته على المؤمنين في قوله { فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم } . وهذه الآيات كلها لم يبين فيها موضع إنزال السكينة ، وقد بين في هذه السورة الكريمة أن محل إنزال السكينة هو القلوب .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الرابعة والأربعون في موضوع (المؤمن ) وسيكون عنوانها : *أنزل الله سكينته في قلوب المؤمنين

وﭧ ﭨ ﭽ                         ﭶﭷ   

قال ابن كثير : يقول تعالى { هو الذي أنزل السكينة } أي جعل الطمأنينة قاله ابن عباس رضي الله عنهما وعنه الرحمة وقال قتادة الوقار في قلوب المؤمنين وهم الصحابة رضي الله عنهم يوم الحديبية الذين استجابوا لله ولرسوله وانقادوا لحكم الله ورسوله فلما اطمأنت قلوبهم بذلك واستقرت زادهم إيمانا مع إيمانهم وقد استدل بها البخاري وغيره من الأئمة على تفاضل الإيمان في القلوب

وقال ابو السعود : بيان لما افاض عليهم من مبادىء الفتح من الثبات والطمأنينة أى أنزلها { في قلوب المؤمنين } بسبب الصلح والأمن إظهارا لفضله تعالى عليهم بتيسير الأمن بعد الخوف { ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم } أى يقينا منضما إلى يقينهم

وقال السعدي : يخبر تعالى عن منته على المؤمنين بإنزال السكينة في قلوبهم ، وهي : السكون والطمأنينة ، والثبات عند نزول المحن المقلقة ، والأمور الصعبة التي تشوش القلوب وتزعج الألباب وتضعف النفوس . فمن نعمة الله على عبده في هذه الحال أن يثبته ويربط على قلبه ، وينزل عليه السكينة ، ليتلقى هذه المشقات بقلب ثابت ، ونفس مطمئنة ، فيستعد بذلك لإقامة أمر الله في هذه الحال ، فيزداد بذلك إيمانه ، ويتم إيقانه . فالصحابة رضي الله عنهم لما جرى بين رسول الله صلى الله عليه وسلم والمشركين ، من تلك الشروط التي ظاهرها أنها غضاضة عليهم ، وحط من أقدارهم ، وتلك لا تكاد تصبر عليها النفوس . فلما صبروا عليها ، ووطنوا أنفسهم لها ، ازدادوا بذلك إيمانا مع إيمانهم .

قال الإمام المحقق ابن القيم في كتابه الروح في الفرق بين المهابة والكبر : إن المهابة أثر من آثار امتلاء القلب بعظمة الله ومحبته وإجلاله ، فإذا امتلأ القلب بذلك حل فيه النور ، ونزلت عليه السكينة ، وألبس رداء الهيبة ، فاكتسى وجهه الحلاوة والمهابة ، فأخذ بمجامع القلوب محبة ومهابة ، فحنت إليه الأفئدة ، وقرت به العيون ، وأنست به القلوب ، فكلامه نور ، ومدخله نور ، ومخرجه نور ، وعلمه نور ، إن سكت علاه الوقار ، وإن تكلم أخذ بالقلوب والأسماع .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الخامسة والأربعون في موضوع (المؤمن ) وسيكون عنوانها :

*لقد رضى الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة

ﭧ ﭨ ﭽ                      

قال الواحدي : { لقد رضي الله عن المؤمنين } وكانوا ألفا وأربعمائة { إذ يبايعونك } بالحديبية على أن يناجزوا قريشا ولا يفروا { تحت الشجرة } هو يعني سمرة كانت هنالك وهذه البيعة تسمى بيعة الرضوان

  وقال ابن كثير : يخبر تعالى عن رضاه عن المؤمنين الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم  تحت الشجرة وكانوا ألفا وأربع مئة وأن الشجرة كانت سمرة بأرض الحديبية قال البخاري في صحيحه: حدثنا محمود حدثنا عبيد الله عن إسرائيل عن طارق بن عبد الرحمن رضي الله عنه قال : انطلقت حاجا فمررت بقوم يصلون فقلت ما هذا المسجد ؟ قالوا : هذه الشجرة حيث بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم  بيعة الرضوان فأتيت سعيد بن المسيب فأخبرته فقال سعيد :حدثني أبي أنه كان فيمن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة فلما خرجنا في العام المقبل نسيناها فلم نقدر عليها فقال سعيد : إن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لم يعلموها وعلمتموها أنتم فأنتم أعلم ؟ !

وقال الشوكاني : أي رضي الله عنهم وقت تلك البيعة وهي بيعة الرضوان وكانت الحديبية والعامل في تحت إما يبايعونك أو محذوف على إنه حال من المفعول وهذه الشجرة المذكورة هي شجرة كانت بالحديبية وقيل سدرة وكانت البيعة على أن يقاتلوا قريشا ولا يفروا وروى أنه بايعهم على الموت

وقال السعدي : يخبر تعالى ، بفضله ورحمته ، برضاه عن المؤمنين إذ يبايعون الرسول صلى الله عليه وسلم ، تلك المبايعة التي بيضت وجوههم ، واكتسبوا بها سعادة الدنيا والآخرة . وكان سبب هذه البيعة التي يقال لها : ( بيعة الرضوان ) لرضا الله عن المؤمنين فيها  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دار الكلام بينه وبين المشركين يوم الحديبية ، في شأن مجيئه ، وأنه لم يجىء لقتال أحد ، وإنما جاء زائرا هذا البيت ، معظما له . فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه لمكة في ذلك . فجاء خبر غير صادق ، أن عثمان قتله المشركون . فجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم من معه من المؤمنين ، وكانوا نحوا من ألف وخمسمائة ، فبايعوه تحت شجرة ، على قتال المشركين ، وأن لا يفروا حتى يموتوا . فأخبر تعالى أنه رضي عن المؤمنين في تلك الحال ، التي هي من أكبر الطاعات وأجل القربات

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة السادسة والأربعون في موضوع (المؤمن ) وسيكون عنوانها :

*آمن الرسول بمآ أنزل إليه من ربه والمؤمنون

ﭧ ﭨ ﭽ                 ﮞﮟ                             ﮫﮬ       ﮯﮰ           

روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي مسعود البدري عن النبي صلى الله عليه وسلم  أنه قال الآيتان من آخر سورة البقرة من قرأهما في ليلة كفتاه قال أبو بكر النقاش معناه كفتاه عن قيام الليل وقيل إنهما نزلتا على سبب وهو ما روى العلاء عن أبيه عن أبي هريرة

قال لما أنزل الله تعالى { وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله } اشتد ذلك على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم  ثم جثوا على الركب فقالوا قد أنزل عليك هذه الآية ولا نطيقها فقال :         ( أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم سمعنا وعصينا قولوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا واليك المصير ) فلما قالوها وذلت بها ألسنتهم أنزل الله في أثرها { آمن الرسول } قال الزجاج لما ذكر ما تشتمل عليه هذه السورة من القصص والأحكام ختمها بتصديق نبيه والمؤمنين

 وقال السعدي : يخبر تعالى عن إيمان الرسول والمؤمنين معه ، وانقيادهم وطاعتهم وسؤالهم مع ذلك المغفرة ، فأخبر أنهم آمنوا بالله وملائكته وكتبه ورسله ، وهذا يتضمن الإيمان بجميع ما أخبر الله به عن نفسه ، وأخبرت به عنه رسله من صفات كماله ونعوت جلاله على وجه الإجمال والتفصيل ، وتنزيهه عن التمثيل والتعطيل وعن جميع صفات النقص

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة السابعة والأربعون في موضوع (المؤمن ) وسيكون عنوانها :*وعلى الله فليتوكل المؤمنين

ﭧ ﭨ ﭽ                   ﯾﯿ                         ﭘﭙ          

قال القرطبي : اختلف العلماء في حقيقة التوكل فسئل عنه سهل بن عبد الله فقال : قالت فرقة الرضا بالضمان وقطع الطمع من المخلوقين وقال قوم : التوكل ترك الأسباب والركون إلى مسبب الأسباب فإذا شغله السبب عن المسبب زال عنه أسم التوكل ، قال سهل : من قال إن التوكل يكون بترك السبب فقد طعن في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم  لأن الله عز وجل يقول : {فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا } فالغنيمة آكتساب وقال تعالى : { فآضربوا فوق الأعناق وآضربوا منهم كل بنان } فهذا عمل ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم  ( إن الله يحب العبد المحترف ) وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقترعون على السرية وقال غيره : وهذا قول عامة الفقهاء وأن التوكل على الله هو الثقة بالله والإيقان بأن قضاءه ماض وأتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم  في السعي فيما لا بد منه من الأسباب من مطعم ومشرب وتحرز من عدو وإعداد الأسلحة وآستعمال ما تقتضيه سنة الله تعالى المعتادة

 وقال ابن الجوزي :  التوكل هو الثقة بالله وقيل هو إظهار العجز في الأمر والاعتماد على غيرك يقال وكلت أمري إلى فلان فتوكل به أي ضمنه وقام به وأنا متوكل عليه وقال بعضهم هو تفويض الأمر إلى الله ثقة بحسن تدبيره

وقال السعدي : قال تعالى { وعلى الله فليتوكل المؤمنون } ففيها الأمر بالتوكل الذي هو اعتماد القلب على الله في جلب المنافع ودفع المضار ، مع الثقة بالله ، وأنه بحسب إيمان العبد يكون توكله ، وأن المؤمنين أولى بالتوكل على الله من غيرهم ، وخصوصا في مواطن الشدة والقتال ، فإنهم مضطرون إلى التوكل والاستعانة بربهم والاستنصار له ، والتبري من حولهم وقوتهم ، والاعتماد على حول الله وقوته ، فبذلك ينصرهم ويدفع عنهم البلايا والمحن

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثامنة والأربعون في موضوع (المؤمن ) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*وعلى الله فليتوكل المؤمنون

ﭧ ﭨ ﭽ           ﭿ    ﮁﮂ                 ﮊﮋ           

وﭧ ﭨ ﭽ                       ﮏﮐ             

المسلم عليه أن يعتمد على الله في أمره كله، ويتأكد في مواضع، ذكر بعضها الفيروز آبادي في بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز، منها :

1= عند النوم:  قال النبي صلى الله عليه وسلم: « وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك

2= عند نزول الفاقة: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «مَنْ نَزَلَتْ بِهِ فَاقَةٌ فَأَنْزَلَهَا بِالنَّاسِ لَمْ تُسَدَّ فَاقَتُهُ، وَمَنْ نَزَلَتْ بِهِ فَاقَةٌ فَأَنْزَلَهَا بِاللَّهِ فَيُوشِكُ اللَّهُ لَهُ بِرِزْقٍ عَاجِلٍ أَوْ آجِلٍ».

3= عند الإعراض عن الأعداء :

قال تعالى: {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلً}

4= إذا أعرض الناس عنك :

قال تعالى :{فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وهو رب العرش العظيم}

5= عند مسالمة الأعداء :

قال تعالى: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ}

6= عند مواجهة الأعداء :

قال تعالى: { وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ}

7= عند نزول المصائب وحلول الكرب :

قال تعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللَّهُ لَنا هُوَ مَوْلانا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}

8= عند الخروج من المنزل:

قال النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ بَيْتِهِ فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، يُقَالُ حِينَئِذٍ: هُدِيتَ، وَكُفِيتَ، وَوُقِيتَ، فَتَتَنَحَّى لَهُ الشَّيَاطِينُ، فَيَقُولُ لَهُ شَيْطَانٌ آخَرُ: كَيْفَ لَكَ بِرَجُلٍ قَدْ هُدِيَ وَكُفِيَ وَوُقِيَ»؟

9= إذا تسرب إلى النفس شيء من التطير :

قال رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «الطِّيَرَةُ شِرْكٌ، الطِّيَرَةُ شِرْكٌ، الطيرة شرك». قال ابن مسعود: وَمَا مِنَّا إِلَّا، وَلَكِنَّ اللَّهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة التاسعة والأربعون في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان:

نماذج من توكل الأنبياء عليهم السلام ، والصالحين:

1= ثبت في صحيح البخاري عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أنه قال :{حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}، قَالَهَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَام حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالُوا: { إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}.

2= قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :«إِنَّ هَذَا اخْتَرَطَ سَيْفِي وَأَنَا نَائِمٌ، فَاسْتَيْقَظْتُ وَهُوَ فِي يَدِهِ صَلْتًا، فَقَالَ لِي: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قُلْتُ: اللَّهُ، فَهَا هُوَ ذَا جَالِسٌ» ثُمَّ لَمْ يُعَاقِبْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم [البخاري ومسلم].

3=قال تعالى : {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}

4= قال تعالى عن هود عليه السلام : { إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ}

5= قال تعالى عن نوح عليه السلام: { فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ}

6= قال الله تعالى عن يعقوب عليه السلام: { إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ}

7= قال تعالى عن موسى عليه السلام: { قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ}

8= وقال عن مؤمن آل فرعون: {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ * فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآَلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ }

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الخمسون في موضوع (المؤمن ) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

من ثمرات التوكل  :

أ= النصر: قال تعالى: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}

ب = الحفظ من الشيطان الرجيم: قال تعالى: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}

ج = الشجاعة: في الصحيحين عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ  وَسَلَّمَ  أَحْسَنَ  النَّاسِ ،  وَأَشْجَعَ  النَّاسِ ، وَلَقَدْ  فَزِعَ  أَهْلُ  الْمَدِينَةِ  لَيْلَةً  فَخَرَجُوا  نَحْوَ  الصَّوْتِ  ، فَاسْتَقْبَلَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ اسْتَبْرَأَ الْخَبَرَ، وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ، وَفِي عُنُقِهِ السَّيْفُ، وَهُوَ يَقُولُ: «لَمْ تُرَاعُوا، لَمْ تُرَاعُوا»،

د = الرزق : في سنن الترمذي وابن ماجة: عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ أَنَّكُمْ  تَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرُزِقْتُمْ كَمَا يُرْزَقُ الطَّيْرُ، تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا».

*والتوكل دليل على صدق الإيمان:

قال تعالى :{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} وفي سبعة مواضع في القرآن الكريم :{ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}.

وقال ابن القيم رحمه الله: "التوكل نصف الدين، والنصف الثاني الإنابة؛ فإن الدين استعانة وعبادة، فالتوكل هو الاستعانة والإنابة هي العبادة"

*والتوكل على الله يثمرالكفاية والحماية والرعاية:  قال تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلً}

وقال: { وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}

وقال: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}

قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}

و أعظم ثمار التوكل جنة الله :

قال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ ، الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يتوكلون}

   إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الواحدة والخمسون في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان:

*لقد منً الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم

ﭧ ﭨ ﭽ                                                                     

قال البيضاوي : قال تعالى : { لقد من الله على المؤمنين } أنعم على من آمن مع الرسول صلى الله عليه وسلم  من قومه وتخصيصهم مع أن نعمة البعثة عامة لزيادة انتفاعهم بها وقرئ { لمن من الله } على أنه خبر مبتدأ محذوف مثل منه أو بعثه { إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم } من نسبهم أو من جنسهم عربيا مثلهم ليفهموا كلامه بسهولة ويكونوا واقفين على حاله في الصدق والأمانة مفتخرين به                   وقال الرازي :إن بعثة الرسول إحسان إلى كل العالمين ، وذلك لأن وجه الاحسان في بعثته كونه داعيا لهم إلى ما يخلصهم من عقاب الله ويوصلهم إلى ثواب الله ، وهذا عام في حق العالمين ، لأنه مبعوث إلى كل العالمين ، كما قال تعالى : { وما أرسلناك إلا كافة للناس } ، إلا أنه لما لم ينتفع بهذا الانعام الا أهل الاسلام  ؛ فلهذا التأويل خص تعالى هذه المنة بالمؤمنين ، ونظيره قوله تعالى : { هدى للمتقين } مع أنه هدى للكل ، كما قال : { هدى للناس } وقوله : { إنما أنت منذر من يخشاها }

ثم قال : اعلم أن بعثة الرسول إحسان من الله إلى الخلق ثم انه لما كان الانتفاع بالرسول أكثر كان وجه الانعام في بعثة الرسل أكثر ، وبعثة محمد صلى الله عليه وسلم كانت مشتملة على الأمرين : أحدهما : المنافع الحاصلة من أصل البعثة ، والثاني : المنافع الحاصلة بسب ما فيه من الخصال التي ما كانت موجودة في غيره .

هذه المنة التي امتن بها على عباده أكبر النعم بل أصلها وهي الامتنان عليهم بهذا الرسول الكريم الذي أنقذهم الله به من الضلالة وعصمهم به من الهلكة فقال : { لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم } يعرفون نسبه وحاله ولسانه من قومهم وقبيلتهم ناصحا لهم مشفقا عليهم يتلو عليهم آياته يعلمهم ألفاظها ومعانيها { ويزكيهم } من الشرك والمعاصي والرذائل وسائر مساوىء الأخلاق . إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثانية والخمسون في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان:

*وإذ غدوت من أهلك تبويء المؤمنين مقاعد للقتال

ﭧ ﭨ ﭽ                   ﯾﯿ         قال السعدي : هذه الآيات نزلت في وقعة ' أحد ' ، وقصتها مشهورة في السير والتواريخ ، ولعل الحكمة في ذكرها في هذا الموضع ، وأدخل في أثنائها وقعة ' بدر ' لما أن الله تعالى قد وعد المؤمنين أنهم إذا صبروا واتقوا نصرهم ، ورد كيد الأعداء عنهم  ، وكان  هذا  حكما  عاما  ووعدا  صادقا لا يتخلف  مع  الإتيان  بشرطه ،

فذكر نموذجا من هذا في هاتين القصتين ، وأن الله نصر المؤمنين في ' بدر ' لما صبروا واتقوا ، وأدال عليهم العدو لما صدر من بعضهم من الإخلال بالتقوى ما صدر ، ومن حكمة الجمع بين القصتين أن الله يحب من عباده إذا أصابهم ما يكرهون أن يتذكروا ما يحبون ، فيخفُ عنهم البلاء ويشكروا الله على نعمه العظيمة التي إذا قوبلت بما ينالهم من المكروه الذي هو في الحقيقة خير لهم ، كان المكروه بالنسبة إلى المحبوب نزرا يسيرا

 وقال البيضاوي : { إذ همت } متعلق بقوله { سميع عليم } أو بدل من إذ غدوت { طائفتان منكم } بنو سلمة من الخزرج وبنو حارثة من الأوس وكانا جناحي العسكر { أن تفشلا } أن تجبنا وتضعفا ، روي أنه صلى الله عليه وسلم خرج في زهاء ألف رجل ووعد لهم النصر إن صبروا فلما بلغوا الشوط انخذل ابن أبي في ثلاثمائة رجل وقال : علام نقتل أنفسنا وأولادنا فتبعهم عمرو بن حزم الأنصاري وقال : أنشدكم الله والإسلام في نبيكم وأنفسكم فقال ابن أبي : لو نعلم قتالا لاتبعناكم فهم الحيان باتباعه فعصمهم الله فمضوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم  والظاهر أنها ما كانت عزيمة لقوله تعالى { والله وليهما } أي عاصمهما من اتباع تلك الخطرة ويجوز أن يراد  [ الله ناصرهما فما لهما يفشلان ولا يتوكلان على الله ] { وعلى الله فليتوكل المؤمنون } أي فليتوكلوا عليه ولا يتوكلوا على غيره لينصرهم كما نصرهم ببدر

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثالثة والخمسون في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان:*وكفى الله المؤمنين القتال

ﭧ ﭨ ﭽ                    ﭿﮀ        ﮄﮅ            

 قال ابن كثير : أي لم يحتاجوا إلى منازلتهم ومبازتهم حتى يجلوهم عن بلادهم بل كفى الله وحده ونصر عبده وأعز جنده ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده فلا شيء بعده أخرجاه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، وفي الصحيحين : صحيح البخاري من حديث إسماعيل بن أبي خالد عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأحزاب فقال : (اللهم منزل الكتاب سريع الحساب اهزم الأحزاب اللهم اهزمهم وزلزلهم ) وفي قوله عز وجل { وكفى الله المؤمنين القتال } اشارة إلى وضع الحرب بينهم وبين قريش ، وهكذا وقع بعدها لم يغزهم المشركون بل غزاهم المسلمون في بلادهم ، قال محمد بن إسحاق لما انصرف أهل الخندق عن الخندق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا : (لن تغزوكم قريش بعد عامكم هذا ولكنكم تغزونهم ) فلم تغز قريش بعد ذلك وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو يغزوهم بعد ذلك حتى فتح الله تعالى مكة ، وهذا الحديث الذي ذكره محمد بن إسحاق حديث صحيح كما قال الإمام أحمد في المسندبسنده من حديث سليمان بن صرد رضي الله عنه يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب : (الآن نغزوهم ولا يغزونا ) ، وهكذا رواه البخاري في صحيحه من حديث الثوري وإسرائيل عن أبي إسحاق به  

 وقال الشنقيطي : قوله تعالى: { ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال } . ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه رد الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا ، وأنه كفى المؤمنين القتال ، وهم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه . ولم يبين هنا السبب الذي رد به الذين كفروا وكفى به المؤمنين القتال ، ولكنه جل وعلا بين ذلك بقوله : { فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها } ، أي : وبسبب تلك الريح وتلك الجنود ردهم بغيظهم وكفاكم القتال ، كما هو ظاهر .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الرابعة والخمسون في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان:

*إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات 000 أعد لهم مغفرة واجرا عظيما

 ﭧ ﭨ ﭽ                                                                                 

  قال الشوكاني : ذكر { المؤمنين والمؤمنات } وهم من يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والقدر خيره وشره كما ثبت ذلك فى الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ..... والخبر لجميع ماتقدم هو قوله { أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما } أى مغفرة لذنوبهم التى أذنبوها وأجرا عظيما على طاعاتهم التى فعلوها من الإسلام والإيمان والقنوت والصدق والصبر والخشوع والتصدق والصوم والعفاف والذكر ووصف الأجر بالعظيم للدلالة على أنه بالغ غاية المبالغ ولاشىء أعظم من أجر هو الجنة ونعيمها الدائم الذى لاينقطع ولاينفذ اللهم اغفر ذنوبنا وأعظم أجورنا

وقال ابن الجوزي : في سبب نزولها خمسة أقوال :

أحدها : أن نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم قلن ما له ليس يذكر إلا المؤمنون ولا تذكر المؤمنات بشئ فنزلت هذه الآية

والثاني : أن أم سلمة قالت يا رسول الله يذكر الرجال ولا ذكر للنساء فنزلت هذه الآية

والثالث : أن أم عمارة الأنصارية قالت قلت يارسول الله بأبي وأمي ما بال الرجال يذكرون ولا تذكر النساء فنزلت هذه الآية

والرابع : أن الله تعالى لما ذكر أزواج رسوله دخل النساء المسلمات عليهن فقلن ذكرتن ولم نذكر ولو كان فينا خير ذكرنا فنزلت هذه الآية

والخامس : أن أسماء بنت عميس لما رجعت من الحبشة دخلت على نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت هل نزل فينا شئ من القرآن قلن لا فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن النساء لفي خيبة وخسار قال ومم ذاك قالت لأنهن لا يذكرن بخير كما يذكر الرجال فنزلت هذه الآية

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الخامسة والخمسون في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان:*فرح المؤمنين بنصر الله

قال تعالى: {غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ}

 يوم أن كان الصراع على أَشُدِّهُ في مكة بين المسلمين والمشركين، حصل قتال بين الفرس - وكانوا عَبَدَةَ نارٍ، لا كتاب لهم - وبين الروم - النصارى - وكان النصر في هذه المعركة للفرس، ففرح المشركون في مكة بهذا النصر ، وقالوا للمسلمين: "أنتم والروم والنصارى أهل الكتاب, ونحن والفرس أميِّون لا كتاب لنا, وقد أظهر الله إخواننا على إخوانكم، ولَنَظْهَرَنَّ عليكم".

فأنزل الله تعالى هذه الآياتِ مشيرةً إلى هزيمة الروم, ومؤكدةً أن الفرس سيُهزمون في معركـتهم القادمة مع الروم, وسيكون هذا بعد عدة سنوات, وعندها سيفرح المسلمون بنصر الله, وقد تحقق وعد الله.

الذي يعنينا في هذا المقام قوله: {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ  بِنَصْرِ اللَّهِ}، وصلته بالسياق الوارد فيه, فالمعنى المتبادر: أن يكون فرح المسلمين هذا كان بسبب انتصار الروم على الفرس؛ ردّاً على فرح كفار قريش بانتصار الفرس على الروم, ويحتمل أن يكون هذا الفرح ناشئاً عن ظهور حجة القرآن الكريم، الذي أخبر عن هذا النصر قبل عدة سنوات من حصوله , وهذا يؤكد مصدريَّة القرآن الكريم, وإبطال قول كفار مكة فيه.

وقد ورد أن هذا النصر تزامن مع غزوة بدر؛ فتكون الإشارة إلى فرح المسلمين بالانتصار على كفار مكة, وهي بشرى بفرح آجل, وقد تحقق، وهذا يجعل فرح المسلمين مضاعفاً, حين فرحوا بانتصارهم على كفار مكة، ثم فرحوا بانتصار الروم على الفرس.

وثمَّةَ فرحٌ رابع ناشئ عن تناقص الأمتين؛ الروم في الواقعة الأولى, ثم الفرس في الواقعة الثانية, وفي هذا التناقص والضعف قوةٌ للإسلام وأهله؛ لأن المسلمين قاتلوا الفرس والروم فيما بعدُ، وانتصروا عليهم.

جماع الأمر هنا: أن المسلم مأمور بأن يفرح، حين ينتصر الحق على الباطل، في أيٍّ من ميادين الصراع, وهو فرح محمود يثاب عليه... , بل إن الفيروزآبادي حصر الفرح فيه، فقال: "ما أذن الله تعالى في شيء من الفرح إلا في هذا المقام", وأراد قوله: {بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ}، وفي قوله تعالى: {فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا} ولعله أراد إبراز هذا النوع من الفرح لا حصره فيه. قاله : زيد بن عمر عبد الله

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة السادسة والخمسون في موضوع (المؤمن ) وستكون إستكمالا للماضية والتي بعنوان:            *فرح المؤمنين بنصر الله

إن بين الفرح بالإسلام والفرح بنصرته وأهله صوراً متعددة من الفرح المحمود, لا تكاد تحصى, أسماها منزلةً: الفرح بالله تعالى، وبأسمائه وصفاته, والفرح بالعبودية له سبحانه, والفرح كذلك بكلامه وأحكامه, والفرح برسوله – صلى الله عليه وسلم - وهذا أفضل ما يُعطاه العبد, وبها يبتهج القلب.

ولا شك أن دوام هذا - وما شاكلَه - إنما يكون بالتمكين للدين، وبزوال ما يضاده, وبانتصار أهله, ولهذا كان الفرح به محموداً, ويوازيه الفرح بانقطاع دابر الكافرين, وهو الفرح الذي يعبر عنه بحمد الله تعالى على هلاك أهل الشرك؛ لأن في هلاكهم تمكيناً للدين الحق, وهو أمر يفرح به أهل الإسلام، بمقابلة فرح أهل الكفر بالدنيا، ونسيان أمر الآخرة والكفر بها...

إن الفرح المحمود - الذي سبق الحديث عنه - إنما يكون في الدنيا، وله امتداد في الآخرة, يظهر في صور نعرض لها بما يتناسب مع الحديث عن العالم الآخر.

لقد ذكر القرآن الكريم فرح الشهداء، وهم أولئك الذين فرحوا بالإسلام في الدنيا؛ فهانت عليهم أرواحهم في سبيله؛ فماتوا من أجله؛ فامتد فرحهم في الآخرة؛ يقول الله تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ}

وذكر ابن القيم منها: "حين يلقى المؤمن أهله وأصحابه، فيفرحون به ويفرح بهم، فرحَ الغائب يقدم على أهله, وهذا كله قبل الفرح الأكبر، يوم حشر الأجساد، بجلوسه في ظل العرش، وشربه من الحوض".

بعد ذلك فرحٌ آخر لا يقدَّر قدره, ولا يعبَّر عنه, تتلاشى هذه الأفراح كلها عنده, إنه الفرح برؤية وجه الله تبارك وتعالى.

إن هذا الفرح المحمود بذاته, والطيب بآثاره, والمُثاب صاحبه، تخلو صوره كلها - ما ذكرنا منها وما لم نذكر - من المكدرات والشوائب ، ومن المزاحمات, أبوابها متسعة للمتواردين عليها, فلا شحناء بينهم ولا تحاسد.

أنظر : الأنترنت ـ موقع الألوكة بقلم زيد عمر عبد الله

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة السابعة والخمسون في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان:*وكان حقا علينا نصر المؤمنين

ﭧ ﭨ ﭽ                          ﮩﮪ               

أولاً: أعمدة النصر:

1- الإيمان بالله والنصر: قال تعالى:{...وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ وقال تعالى:{ إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا... }

2- العبودية لله والنصر:

قال تعالى :{وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ } وقال سبحانه: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ}

3- نُصْرَةُ الله والنصر: قال تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ... }

ومن نُصْرَة الله تعالى:

أ- تحقيق الولاء والبراء..

ب- تطهير الأرض من المنكرات والموبقات

ج- القيام حمايةً لدين الله من أن يَمَسَّه دَنِيٌّ بسوء، أو أن يَقْصِدَه سافل بنقيصة .

د- حراسة محارم الله وحفظها من أن يتعرَّض لها من سلبه الله العفاف والحشمة .

4- النصر من الله تعالى: قال تعالى:{...وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ... }وقال:{...وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ... }.

قال ابن القيِّم رحمه الله في سرَدِه الفوائدَ المأخوذةَ من تلك الغزوة:'واقتضت حكمته سبحانه أن أذاق المسلمين أولاً مرارة الهزيمة والكسرة مع كثرة عددهم وعُددهم، وقوة شوكتهم، …، وليبيِّن سبحانه لمن قال:'لن نغلب اليوم من قلَّة' أن النصر إنما هو من عنده، وأنه من ينصره فلا غالب له، ومن يخذله فلا ناصر له غيره، وأنه سبحانه هو الذي تولى نصر رسوله ودينه، لا كثرتكم التي أعجبتكم فلم تغنِ عنكم شيئاً، فوليتم مدبرين'

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثامنة والخمسون في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :  ثانيًا : مبشرات النصر:

1- البشارة بظهور الدين: قال تعالى:{ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}وقال تعالى: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ}وقال تعالى:{ كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ}

وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [ لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَلَا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الْإِسْلَامَ وَذُلًّا يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ]رواه أحمد.

2- الطائفة الظاهرة: قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [ لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي قَائِمَةً بِأَمْرِ اللَّهِ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ أَوْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ عَلَى النَّاسِ]رواه البخاري ومسلم.

3- الوعد الإلهي الحق: قال تعالى:{ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا...}.

4- المدينتان المُنْتَظَرَتان: قال عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْمَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ أَوَّلًا قُسْطَنْطِينِيَّةُ أَوْ رُومِيَّةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [ مَدِينَةُ هِرَقْلَ تُفْتَحُ أَوَّلًا- يَعْنِي قُسْطَنْطِينِيَّةَ-] رواه أحمد والدارمي.

ومما يزيد في البشارة أن هذه المدينة قد فتحت على يد السلطان محمد الفاتح العثماني التركماني ؛ ولكن ليس هو الفتح المذكور في الأحاديث؛ لأن الفتح الذي في الأحاديث يكون بعد الملحمة الكبرى، وقبل خروج الدجال بيسير. [انظر: اتحاف الجماعة للتويجري [

ولفتح القسطنطينية الفتح الحق علامة واردة في أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، معروفة مشهورة، وهي :

عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [عُمْرَانُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ خَرَابُ يَثْرِبَ وَخَرَابُ يَثْرِبَ خُرُوجُ الْمَلْحَمَةِ وَخُرُوجُ الْمَلْحَمَةِ فَتْحُ قُسْطَنْطِينِيَّةَ وَفَتْحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ خُرُوجُ الدَّجَّالِ رواه أبوداود وأحمد.

فإذا كان أن الفتح الذي حصل على يد محمد الفاتح ليس هوالفتح الوارد في الحديث فإنا لعلى يقين بقرب فتحين عظيمين لمدينتين كبيرتين، وهذا قريب، ووَعْدُ الله نافذ، ومُتحقق بإذنه تعالى .                                   إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة التاسعة والخمسون في موضوع (المؤمن ) وستكون إستكمالا للماضية والتي بعنوان:             *وكان حقا علينا نصر المؤمنين      

ومن المبشرات :

5- المعركة الفاصلة: قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا الْيَهُودَ حَتَّى يَقُولَ الْحَجَرُ وَرَاءَهُ الْيَهُودِيُّ يَا مُسْلِمُ هَذَا يَهُودِيٌّ وَرَائِي فَاقْتُلْهُ]رواه البخاري ومسلم.                                             

 وهذه المعركة هي الفاصلة بين المسلمين واليهود، وهي التي يُظْهِر فيها الله عباده المؤمنين، وينصرهم على اليهود بعدما ذاقوا منهم الأذى والنكال . ولم تأتِ بعد هذه المعركة وإنا على انتظارها، وهي آتيةٌ لا محالة إن شاء الله

6-محمد المنتظر: مما ثبت في السنة، واعتقده السلف الصالح، ودانوا لله به: ثبوت المهدي، وأنه سيخرج في آخر الزمان .

قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [ لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَمْلِكَ الْعَرَبَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي] رواه أبوداود والترمذي وأحمد. وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [ يَكُونُ فِي آخِرِ أُمَّتِي خَلِيفَةٌ يَحْثِي الْمَالَ حَثْيًا لَا يَعُدُّهُ عَدَدًا]رواه مسلم. وأخباره متواترة تواتراً لا يعتريه شك .

وفي خروجه يكثر الخير، قال ابن كثير رحمه الله:'في زمانه تكون الثمار كثيرة، والزروع غزيرة، والمال وافر والسلطان قاهر، والدين قائم، والعدو راغم، والخير في أيامه دائم'

فهذا المهدي [ محمد بن عبد الله ] المنتظر لم يخرج بعدُ، وبخروجه يقوم الدين، ويرتفع الحق، ويخمد الباطل، وتتبدد كل قوة علت من قوى الباطل، وكل ما هو آت قريب، فصبر جميل.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الستون في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان: ثالثًا : ساعات النصر:

1-اليأس والنصر: قال تعالى:{ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ}.

وقال تعالى:{ حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ }. فهذه صورة يَحِلُّ فيها اليأس على قلب العبد، ويُخَيِّم القنوط على نفوس الصالحين، وإنها لصورة من أشد الصور، وأخطرها على نفوس المسلمين، فالنصر ينزل على العباد 'عند ضيق الحال وانتظار الفرج من الله في أحوج الأوقات إليه'[تفسير ابن كثير]                           

 و'إنها لساعة رهيبة، ترسم مبلغ الشدة والكرب والضيق في حياة الرسل،وهم يواجهون الكفر والعمى والإصرار والجحود، وتمرُّ الأيام وهم يدعون فلا يستجيب لهم إلا القليل، وتكرُّ الأعوام والباطل في قوته، وكثرة أهله، والمؤمنون في عُدَّتِهم القليلة، وقوتهم الضئيلة'[ في ظلال القرآن [ 4/2035].                                   2- المظلوم والنصر: الظلم شيمة من ابتلاه الله بالكبر والغطرسة، ومن هذا شأنه كان حريَّاً بأن يناله من الله عقاب لتقرَّ عين المظلوم بنكاية الله بالظالم، ونكاله به، فجعل الله دعوة المظلوم تسلك طريقها في السماء، وتكفل الله بنصرها ولو بعد حين، ووَعْدُ الله حق، وهذه بشارة عُظمى، إن نصر الله قريب، هذا كله في عموم الناس المسلم والكافر، فكيف إذا كان المظلوم أمة مسلمة لله، والظالم لها كافر لا يؤمن بالله رباً، ولا بمحمد نبياً، ولا بالإسلام ديناً، فأقول إن الأمر غاية في اليقين أن نصر الله قريب جداً .

وهذه ساعة من أهم ساعات الانتصار والغلبة أن يتمكن العدو من المسلمين، ويتحزبون عليهم من كل جانب من فوقهم، ومن تحتهم، وعن أيمانهم، وعن شمائلهم..{ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ  . فما على المؤمنين حال تلك الساعة إلا الجأر بالدعاء، والابتهال والتضرع بين يدي الله أن يُعجِّل بنصرهم، وأن يَخْذِل عدوَّهم[ ويُحِلَّ عليهم غضبه وسخطه..وموعود الله قريب للمظلوم، والويل للظالم من عقاب الله .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الواحدة والستون في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :

رابعًا:حُجُبُ النَّصْرِ:

1-حجاب الكفر: قال الله:{ فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ } وقال تعالى:{ قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ .... {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ هذه آيات أنزلها الله في كتابه قضى فيها أن الكفر لن يغلب الإسلام مهما كانت له من القوى، ومهما ملك من العُدَد والعَدَد، ولقد صدق الله وَعْدَه، فنصر عبده، وأعز جُنْدَه، وهزم الأحزاب وَحْدَه..

وإن انتصر الكفار على المسلمين فهو نصر مؤقَّتٌ لا يدوم 2- حجاب الظلم:قال تعالى:{...وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} وقال تعالى:{...وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ}    

وما أكثر الظلم في المسلمين؛ والذي بسببه حُرِمْنا النصر على أعدائنا، فالظلم يمنع النصر كما في هذه الآيات وكما في حديث دعوة المظلوم وأنه ليس بينها وبين الله حجاب، والله تعالى قد وعد بأنه سينصرها ولوبعد حين .

فمتى طُهِّرَت الأمة من الظلم بجميع أنواعه وصوره؛ فإن نصر الله آتٍ، ووعده متحقق سواء في ذلك قرب الزمن أو بعده .

2-      حجاب النفاق: قال الله تعالى:{...إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا }

 بيَّن الله في هذه الآية أن نصرَه محرومٌ منه كل منافق دخيل في صفوف المسلمين، بل محروم منه كل من قرَّب المنافقين وأنالهم منه مكاناً مرموقاً، وجاهاً رفيعاً..إن النفاق ما وُجِدَ في قوم إلا أحلَّهم دار البوار، ومنعهم الخير والنصر، وما وُجِدَ المنافقون في أرض إلا مَكَّنُوا منها العدو على المسلمين، وأذلُّوا الصالحين من عباد الله.

فإذا ما طهُرَت الأرض، وسَلِمَت الأمة من هؤلاء 'المتلونين' استحقت النصر من الله على عدوها، وكان لها الظفر بالعدو.

وما مُنِعَ المسلمون النصر يوماً قط إلا بسبب ما كان منهم من تقريب لهؤلاء المنافقين، وحبٍّ لهم، ومجالسة معهم، وتمام وُدٍّ لهم.. إن النفاق في هذه الأزمان قد طال ريشه بين المسلمين، ودام مُقامُه بينهم، ونال أهلُه من المسلمين كل ما يريدونه، بل نال الصالحين المُبيِّنين حالهم وضلالهم الأذى منهم ومن أسيادهم. وحين تلتفت الأمة إلى هؤلاء المجرمين، وتبدأ بهم، وتنكِّل بهم؛ تنعم بعد ذلك بنصر من الله مؤزَّرٌ، وبإيفاء الله وعده لهم .

أسأل الله تعالى أن يُحيي ما مات من آمالنا، وأن ينصر دينه، وكتابه، وسنة نبيِّه صلى الله عليه وسلم، وعباده الصالحين .

بقلم الشيخ/ عبد الله بن سليمان العبد الله

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثانية والستون في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان : *هنالك ابتلي المؤمنون

ﭧ ﭨ ﭽ                 

قال الرازي : أي عند ذلك امتحن الله المؤمنين فتميز الصادق عن المنافق ، والامتحان من الله ليس لاستبانة الأمر له بل لحكمة أخرى وهي أن الله تعالى عالم بما هم عليه لكنه أراد إظهار الأمر لغيره من الملائكة والأنبياء ، كما أن السيد إذا علم من عبده المخالفة وعزم على معاقبته على مخالفته وعنده غيره من العبيد وغيرهم فيأمره بأمر عالما بأنه يخالفه فيبين الأمر عند الغير فتقع المعاقبة على أحسن الوجوه حيث لا يقع لأحد أنها بظلم أو من قلة حلم

وقال السمعاني : قوله تعالى : { هنالك ابتلى المؤمنون } هنالك في اللغة للبعيد ، وهنا للقريب ، وهناك للوسط ، ومعنى هنالك ها هنا أي : عند ذلك ابتلي المؤمنون . *ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله                                               ﭧ ﭨ ﭽ                            ﰍﰎ                    

قال الشوكاني :  بين سبحانه ما وقع من المؤمنين المخلصين عند رؤيتهم للأحزاب ومشاهدتهم لتلك الجيوش التى أحاطت بهم كالبحر العباب فقال { ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله } الإشارة بقوله هذا إلى ما رأوه من الجيوش أو إلى الخطب الذى نزل والبلاء الذى دهم وهذا القول منهم قالوه استبشارا بحصول ما وعدهم الله ورسوله من مجىء هذه الجنود وإنه يتعقب مجيئهم إليهم نزول النصر والظفر من عند الله وما فى ما وعدنا الله هى الموصولة أو المصدرية ثم أردفوا ما قالوه بقولهم { وصدق الله ورسوله } أى ظهر صدق خبر الله ورسوله { وما زادهم إلا إيمانا وتسليما } أى ما زادهم ما رأوه إلا إيمانا بالله وتسليما لأمره      

قال الفراء : ما زادهم النظر إلى الأحزاب إلا إيمانا وتسليما . قال على بن سليمان : رأى يدل على الرؤية وتأنيث الرؤية غير حقيقي والمعنى ما زادهم الرؤية إلا إيمانا للرب وتسليما للقضاء ، ولو قال ما زادتهم لجاز

  إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثالثة والستون في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :

*من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه

قال تعالى : :{ من المؤمنين رجالٌ صدقوا ما عاهدوا اللهَ عليه }

قال ابن كثير : لما ذكر عز وجل عن المنافقين أنهم نقضوا العهد الذي كانوا عاهدوا الله عليه لا يولون الأدبار وصف المؤمنين بأنهم استمروا على العهد والميثاق و { صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه } قال بعضهم : أجله ،وقال البخاري  : قبل عهده وهو يرجع إلى الأول { ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا } أي وما غيروا عهد الله ولا نقضوه ولا بدلوه  ، وأخرج البخاري  بسنده من حديث زيد بن ثابت قال : لما نسخنا المصحف فقدمت آية من سورة الأحزاب كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها لم أجدها مع أحد إلا مع خزيمة بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه الذي جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته بشهادة رجلين { من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه }  تفرد به البخاري دون مسلم وأخرجه أحمد في مسنده والترمذي  والنسائي  في التفسير من سننيهما من حديث الزهري به ، وقال الترمذي حسن صحيح ، وأخرج البخاري أيضا بسنده من حديث  أنس بن مالك رضي الله عنه قال : نرى هذه الآية نزلت في أنس بن النضر رضي الله عنه

الآية انفرد به البخاري

وقال ابن الجوزي : اختلفوا فيمن نزلت على قولين احدهما : أنها نزلت في أنس بن النضر قاله انس بن مالك

والثاني : أنها نزلت في طلحة بن عبيد الله روى النزال بن سبرة عن علي رضى الله عنه أنهم قالوا له حدثنا عن طلحة قال ذاك امرؤ نزلت فيه آية من كتاب الله تعالى {فمنهم من قضى نحبه} لا حساب عليه فيما يستقبل

 وقال السعدي : أي : وفوا به ، وأتموه ، وأكملوه . فبذلوا مهجهم في مرضاته ، وسبلوا نفوسهم في طاعته

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الرابعة والستون في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :*الله ينجي المؤمنين

ﭧ ﭨ ﭽ            ﮭﮮ                        

قال السعدي : { ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا } من مكاره الدنيا والآخرة ، وشدائدهما . { كذلك حقا علينا } أوجبناه على أنفسنا { ننجي المؤمنين } فإن الله يدافع عن الذين آمنوا ، فإنه بحسب ما مع العبد من الإيمان تحصل له النجاة من المكاره .  

وقال البيضاوي : { ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا } عطف على محذوف دل عليه { إلا مثل أيام الذين خلوا } كأنه قيل نهلك الأمم ثم ننجي رسلنا ومن آمن بهم على حكاية الحال الماضية { كذلك حقا علينا ننج المؤمنين } كذلك الانجاء أو انجاء كذلك ننجي محمدا وصحبه حين نهلك المشركين و{حقا علينا } اعتراض ونصبه بفعله المقدر وقيل بدل من كذلك وقرأ حفص والكسائي { ننجي } مخففا

*وأمرت أن أكون من المؤمنين

ﭧ ﭨ ﭽ                                                          ﯪﯫ               

قال الشوكاني : أي بأن أكون من جنس من آمن بالله وأخلص له الدين

وقال الرازي : لما ذكر العبادة وهي من جنس أعمال الجوارح انتقل منها إلى الإيمان والمعرفة  وهذا يدل على أنه ما لم يصر الظاهر مزينا بالأعمال الصالحة ، فإنه لا يحصل في القلب نور الإيمان والمعرفة .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الخامسة والستون في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :*أن كنا أول المؤمنين

ﭧ ﭨ ﭽ                              

قال ابن كثير : أي ما قارفنا من الذنوب وما أكرهتنا عليه من السحر{ أن كنا أول المؤمنين } أي بسبب إنا بادرنا قومنا من القبط إلى الإيمان فقتلهم كلهم                وقال الألوسي : وقولهم : { أول المؤمنين } يحتمل أنهم أرادوا به أول المؤمنين من أتباع فرعون أو أول المؤمنين من أهل المشهد أو أول المؤمنين من أهل زمانهم ولعل الاخبار بكونهم كذلك لعدم علمهم بمؤمن سبقهم بالايمان فهو اخبار مبني على غالب الظن ولا محذور فيه كذا قيل وقيل : أرادوا أول من أظهر الايمان بالله تعالى وبرسوله عند فرعون كفاحا بعد الدعوة وظهور الآية فلا يرد مؤمن آل فرعون وآسية وكذا لايرد بنو اسرائيل لأنهم كما في البحر كانوا مؤمنين قبلهم إما لعدم علم السحرة بذلك أو لأن كلا من المذكورين لم يظهر الايمان بالله تعالى ورسوله عند فرعون كفاحا بعد الدعوة وظهور الآية فتأمل

*وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين ﭧ ﭨ ﭽ         ﭢﭣ

                         

 قال ابن كثير : يخبر تعالى عما أنعم به على عبديه ونبييه داود وابنه سليمان عليهما السلام من النعم الجزيلة والمواهب الجليلة والصفات الجميلة وما جمع لهما بين سعادة الدنيا والآخرة والملك والتمكين التام في الدنيا والنبوة والرسالة في الدين

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة السادسة والستون في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :*الأنبياء لا يطردون المؤمنين

ﭧ ﭨ ﭽ                                                                 الطرد: هو الإزعاج والإبعاد على سبيل الاستخفاف،  قال تعالى: ﴿ويا قوم من ينصرني من الله إن طردتهم﴾ ﴿وما أنا بطارد المؤمنين﴾ 

قال ابن كثير : يقولون: لا نؤمن لك ولا نتبعك ونتأسى في ذلك بهؤلاء الأرذلين، الذين اتبعوك وصدقوك وهم أراذلنا، ولهذا { قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون * قال وما علمي بما كانوا يعملون} أي وأي شيء يلزمني من اتباع هؤلاء لي ولو كانوا على أي شيء كانوا عليه، لا يلزمني التنقيب عنهم والبحث والفحص، إنما علي أن أقبل منهم تصديقهم إياي، وأَكِلَ سرائرهم إلى اللّه عزَّ وجلَّ، { إن حسابهم إلا على ربي لو تشعرون * وما أنا بطارد المؤمنين} كأنهم سألوا منه أن يبعدهم عنه ويتابعوه فأبى عليهم ذلك، وقال { وما أنا بطارد المؤمنين * إن أنا إلا نذير مبين} أي إنما بعثت نذيراً، فمن أطاعني واتبعني وصدقني كان مني وأنا منه، سواء كان شريفاً أو وضيعاً، أو جليلاً أو حقيراً.

وﭧ ﭨ ﭽ               ﭱﭲ        

قال الطاهر ابن عاشور : عدي بـ (من) أي من يخلصني وينجيني من الله ، أي من عقابه ; لأن طردهم إهانة تؤذيهم بلا موجب معتبر عند الله ، والله لا يحب إهانة أوليائه . وفرع على ذلك إنكارا على قومه في إهمالهم التذكر ، أي التأمل في الدلائل ومدلولاتها ، والأسباب ومسبباتها .

وأمّا من ناحية التقديم والتأخير في الآية الكريمة ، فنلاحظ أنّه قال : ( مَن ينصرني من الله إن طردتهم ) ، وهذا يختلف عن قولنا : "إنْ طردتهم ، مَن ينصرني من الله" . فالعبارة الأولى تستبعد الطرد وتلغي فكرته إلغاءً ، لأنّ الشرط (إن طردتهم) جاء في آخر العبارة ، وهذا يُشعر أنّ الشرط جاء كفرض من أجل الجدل . أمّا مجيء الشرط في أوّل العبارة فيوحي بأنّ الشرط قد يؤدّي إلى نتيجة وأنّ عليك أنْ تلتزم بهذه النتيجة ، ويوحي بأنّ قائل الشرط إنّما هو "يساوم" وعنده استعداد لقبول نتيجة الشرط ، ولو كانت طرد أتباعه المؤمنين . والأنبياء ذوو أخلاق عالية ، فلا يخطر ببالهم أنْ ينقلبوا على أتباعهم أبداً .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة السابعة والستون في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :

*الله يستجيب للمؤمنين وينجيهم من كل غم

ﭧ ﭨ ﭽ           ﮪﮫ            

قال ابن كثير : أي أخرجناه من بطن الحوت وتلك الظلمات { وكذلك ننجي المؤمنين } أي إذا كانوا في الشدائد ودعونا منيبين إلينا ولا سيما إذا دعوا بهذا الدعاء في حال البلاء فقد جاء الترغيب في الدعاء به عن سيد الأنبياء ،أخرج الإمام أحمد بسنده من حديث سعد  بن أبي وقاص رضي الله عنه قال دعوة ذي النون إذ هو في بطن الحوت { لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين } فإنه لم يدع بها مسلم ربه في شيء قط إلا استجاب له ورواه الترمذي والنسائي وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من دعا بدعاء يونس استجيب له

 قال أبو سعيد يريد به ، { وكذلك ننجي المؤمنين }    وأخرج ابن جرير بسنده من حديث سعيد بن المسيب قال سمعت سعد بن أبي وقاص يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : اسم الله الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى دعوة يونس بن متي قال قلت يا رسول الله هي ليونس خاصة أم لجماعة المسلمين قال هي ليونس بن متي خاصة ولجماعة المؤمنين عامة إذا دعوا بها ألم تسمع قول الله عز وجل { فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين } فهو شرط من الله لمن دعاه به

  قال تعالى :  (وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِأَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ   إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) إنتبه إلى هذه الجملة إلى هذه الآية الشريفة المقدسة المباركة (لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)

فعلى كل صاحب كرب أوهم أوغم أومصيبة أن لا ينسى التضرع لأن الله سبحانه وتعالى يحب تضرع المتضرعين، أصحاب الكروب والكرب لا يكون إلا لمن له رب عظيم يثق به ثقة كاملة لقوله عليه الصلاة والسلام (أدعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة) فإذا فعلت ذلك وأستنجدت بالله عز وجل وتضرعت إليه كما تضرع إليه ذا النون وبقية الأنبياء وتتبعت القرآن الكريم حيثما وجدت الفاء كما سيأتي فى حلقات أخرى تضرعات سيدنا موسى وغيره من الأنبياء عليك أن تعلم أن التضرع الذى بعده فاء، فاء الفرج هذا عام ناموس وقاموس وكل من له نفس القضية نفس المصيبة نفس الكرب سوف يجد نفس الفرج الذى فرج الله به على أحد أنبيائه .

 إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثامنة والستون في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :*قد أفلح المؤمنون

ﭧ ﭨ ﭽ                     

     قال السعدي : أي : قد فازوا وسعدوا ونجحوا ، وأدركوا كل ما يروم المؤمنون الذين آمنوا بالله وصدقوا المرسلين الذين من صفاتهم الكاملة أنهم { في صلاتهم خاشعون } . والخشوع في الصلاة هو : حضور القلب بين يدي الله تعالى ، مستحضرا لقربه ، فيسكن لذلك قلبه ، وتطمئن نفسه ، وتسكن حركاته ويقل التفاته ، متأدبا بين يدي ربه ، مستحضرا جميع ما يقوله ويفعله في صلاته ، من أول صلاته إلى آخرها ، فتنتفي بذلك ، الوساوس والأفكار الردية . وهذا روح الصلاة ، والمقصود منها ، وهو الذي يكتب للعبد . فالصلاة التي لا خشوع فيها ولا حضور قلب ، وإن كانت مجزية مثابا عليها ، فإن الثواب على حسب ما يعقل القلب منها . { والذين هم عن اللغو } وهو الكلام الذي لا خير فيه ، ولا فائدة . { معرضون } رغبة عنه ، وتنزيها لأنفسهم ، وترفعا عنه ، وإذا مروا باللغو ، مروا كراما ، وإذا كانوا معرضين عن اللغو ، فإعراضهم عن المحرم ، من باب أولى ، وأحرى . وإذا ملك العبد لسانه وخزنه إلا في الخير كان مالكا لأمره ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، لمعاذ بن جبل حين وصاه بوصايا قال : ( ألا أخبرك بملاك ذلك كله ؟ قلت : بلى يا رسول الله ، فأخذ بلسان نفسه وقال : كف عليك هذا ) . فالمؤمنون من صفاتهم الحميدة ، كف ألسنتهم ، عن اللغو والمحرمات . { والذين هم للزكاة فاعلون } أي : مؤدون لزكاة أموالهم ، على اختلاف أجناس الأموال ، مزكين لأنفسهم من أدناس الأخلاق ومساوىء الأعمال التي تزكْو النفوس بتركها وتجنبها ، فأحسنوا في عبادة الخالق ، في الخشوع في الصلاة ، وأحسنوا إلى خلقه بأداء الزكاة . { والذين هم لفروجهم حافظون } عن الزنا ، ومن تمام حفظها تجنب ما يدعو إلى ذلك كالنظر واللمس ونحوهما . فحفظوا فروجهم عن كل أحد { إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم } من الإماء المملوكات { فإنهم غير ملومين } بقربهما ، لأن الله تعالى أحلهما . { فمن ابتغى وراء ذلك } غير الزوجة والسرية { فأولئك هم العادون } الذين تعدوا ما أحل الله إلى ما حرمه ، المتجرؤون على محارم الله . وعموم هذه الآية ، يدل على تحريم المتعة ، فإنها ليست زوجة حقيقة مقصودا بقاؤها ، ولا مملوكة ، وتحريم نكاح المحلل لذلك . ويدل قوله : { أو ما ملكت أيمانهم } أنه يشترط في حل المملوكة ، أن تكون كلها في ملكه ، فلو كان له بعضها لم تحل ، لأنها ليست مما ملكت يمينه ، بل هي ملك له ولغيره ، فكما أنه لا يجوز أن يشترك في المرأة الحرة زوجان ، فلا يجوز أن يشترك في الأمة المملوكة سيدان .{ والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون} أي : مراعون لها ،ضابطون ،حافظون ، حريصون على القيام بها وتنفيذها . وهذا عام في جميع الأمانات ، التي هي حق لله ، والتي هي حق للعباد .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة التاسعة والستون في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان : *ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا

    ﭧ ﭨ ﭽ                ﭖﭗ        ﭛﭜ         ﭠﭡ                 ﭨﭩ                                                     

قال الطبري : هذا عتاب من الله تعالى ؛ ذكره لأهل الإيمان به فيما وقع في أنفسهم من إرجاف في أمر عائشة بما أُرجف به يقول لهم تعالى ذكره هلا أيها الناس إذ سمعتم ما قال أهل الإفك في عائشة ظن المؤمنون منكم والمؤمنات بأنفسهم خيرا يقول ظننتم بمن قُذف بذلك منكم خيرا ولم تظنوا به أنه أتى الفاحشة ، وقال بأنفسهم لأن أهل الإسلام كلهم بمنزلة نفس واحدة لأنهم أهل ملة واحدة  

 

 وقال ابن كثير : هذا تأديب من الله تعالى للمؤمنين في قصة عائشة رضي الله عنها حين أفاض بعضهم في ذلك الكلام السيء وماذكر من شأن الإفك فقال تعالى ( لولا ) أي هلا ( إذ سمعتموه ) أي ذلك الكلام الذي رميت به أم المومنين رضي الله عنها ( ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا ) أي قاسوا ذلك الكلام على أنفسهم فإن كان لا يليق بهم فأم المؤمنين أولى بالبراءة منه بطريق الأولى والأحرى وقد قيل إنها نزلت في أبي أيوب خالد بن زيد الأنصاري وامرأته رضي الله عنهما كما قال الإمام محمد بن إسحاق بن يسار في السيرة  عن أبيه عن بعض رجال بني النجار أن أبا أيوب خالد بن زيد الأنصاري قالت له امرأته أم أيوب : يا أبا أيوب أما تسمع ما يقول الناس في عائشة رضي الله عنها ؟ قال : نعم ، وذلك الكذب أكنت فاعلة ذلك يا أم أيوب ؟ قالت : لا والله ماكنت لأفعله . قال : فعائشة والله خير منك ، قال فلما نزل القرآن ذكر الله عز وجل من قال في الفاحشة ما قال من أهل الإفك { إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم } وذلك حسان وأصحابه الذين قالوا ما قالوا ثم قال تعالى { لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون } الآية ، أي كما قال أبو أيوب وصاحبته

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة السبعون في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :* يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ

قال الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ }

قال ابن حجر الهيتمي: عقَّب تعالى بأمره باجتناب الظَّن، وعلَّل ذلك بأنَّ بعض الظَّن إثم، وهو ما تخيَّلت وقوعه من غيرك من غير مستند يقيني لك عليه، وقد صمَّم عليه قلبك، أو تكلَّم به لسانك من غير مسوِّغ شرعي)   .

ويقول الطبري: يقول تعالى ذكره: يا أيُّها الذين صدقوا الله ورسوله، لا تقربوا كثيرًا من الظَّن بالمؤمنين، وذلك إن تظنوا بهم سوءًا، فإنَّ الظَّان غير محق، وقال جلَّ ثناؤه: {اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ }ولم يقل: الظَّن كلَّه، إذ كان قد أَذِن للمؤمنين أن يظنَّ بعضهم ببعض الخير، فقال: {لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ } ، فأَذِن الله جلَّ ثناؤه للمؤمنين أن يظنَّ بعضهم ببعض الخير، وأن يقولوه، وإن لم يكونوا من قِيلِه فيهم على يقين....

عن ابن عباس نهى الله المؤمن أن يظنَّ بالمؤمن شرًّا.    وإنَّ ظنَّ المؤمن بالمؤمن الشَّر لا الخير، إِثْمٌ؛ لأنَّ الله قد نهاه عنه، فَفِعْل ما نهى الله عنه إِثْمٌ)   

وعن النَّبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (إيَّاكم والظَّن، فإنَّ الظَّن أكذب الحديث، ولا تحسَّسوا، ولا تجسَّسوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، وكونوا عباد الله إخوانًا) قال النَّووي: المراد: النَّهي عن ظنِّ السَّوء، قال الخطَّابي: هو تحقيق الظَّن وتصديقه دون ما يهجس في النَّفس، فإنَّ ذلك لا يُمْلَك. ومراد الخطَّابي أنَّ المحَرَّم من الظَّن ما يستمر صاحبه عليه، ويستقر في قلبه، دون ما يعرض في القلب ولا يستقر، فإنَّ هذا لا يكلَّف به)   .

    قال الغزالي: أي: لا يحقِّقه في نفسه بعقد ولا فعل، لا في القلب ولا في الجوارح، أما في القلب فبتغيره إلى النُّفرة والكراهة، وأما في الجوارح فبالعمل بموجبه. والشَّيطان قد يقرِّر على القلب بأدنى مَخِيلة مَسَاءة النَّاس، ويلقي إليه أنَّ هذا من فطنتك، وسرعة فهمك وذكائك، وأنَّ المؤمن ينظر بنور الله تعالى، وهو على التَّحقيق ناظر بغرور الشَّيطان وظلمته .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الواحدة والسبعون في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :*قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم

ﭧ ﭨ ﭽ   ﭿ           ﮄﮅ       ﮈﮉ                          

  قال ابن كثير : لما كان النظر داعية إلى فساد القلب كما قال بعض السلف النظر سهم سم إلى القلب أمر الله بحفظ الفروج كما أمر بحفظ الأبصار التي هي بواعث إلى ذلك ، وحفظ الفرج يكون تارة بمنعه من الزنا ، وتارة يكون بحفظه من النظر إليه { ذلك أزكى لهم } أي أطهر لقلوبهم وأتقى لدينهم وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لامحالة فزنا العينين النظر وزنا اللسان النطق وزنا الأذنين الإستماع وزنا اليدين البطش وزنا الرجلين الخطى ، والنفس تتمنى وتشتهي ،والفرج يصدق ذلك أو يكذبه ) رواه البخاري تعليقا ومسلم مسندا

{وقل للمؤمنات يغضضن . . . . .}  هذا أمر من الله تعالى للنساء المؤمنات وغيرة منه لأزواجهن عباده المؤمنين وتمييز لهن عن صفة نساء الجاهلية وفعال المشركات    أي عما حرم الله عليهن من النظر إلى غير أزواجهن ، ولهذا ذهب كثير من العلماء إلى أنه لا يجوز للمرأة النظر إلى الرجال الأجانب بشهوة ولابغير شهوة أصلا ، وذهب آخرون من العلماء إلى جواز نظرهن إلى الأجانب بغير شهوة كما ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل ينظر إلى الحبشة وهم يلعبون بحرابهم يوم العيد في المسجد وعائشة أم المؤمنين تنظر إليهم من ورائه وهو يسترها منهم حتى ملت ورجعت

      وقال الرازي : اعلم أنه تعالى قال : { قل للمؤمنين } وإنما خصهم بذلك لأن غيرهم لا يلزمه غض البصر عما لا يحل له ويحفظ الفرج عما لا يحل له ، لأن هذه الأحكام كالفروع للإسلام والمؤمنون مأمورون بها ابتداء ، والكفار مأمورون قبلها بما تصير هذه الأحكام تابعة له

 واعلم أنه سبحانه أمر الرجال بغض البصر وحفظ الفرج ، وأمر النساء بمثل ما أمر به الرجال وزاد فيهن أن لا يبدين زينتهن إلا لأقوام مخصوصين .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثانية والسبعون في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :*إفراط المؤمن ببصره إلى المحرمات.

من أفرط ببصره ونظر به إلى المحرمات فقد وقع في محاذير كثيرة : منها :

1- مخالفة الله في أمره ونهيه ، ومخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمره ونهيه ، والله تعالى يقول : (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)

2- أيضاً من المحاذير الواقعة من النظر إلى المحرمات والعورات : الوقوع في الزنى واللواط ، ومشين الأخلاق والطباع ، ولهذا سمي النظر إلى المحرمات زنى كما جاء في الحديث الصحيح : ( العين تزني وزناها النظر ، وفي آخره : والفرج يصدق ذلك أو يكذبه ) .

3- أيضاً من المحاذير : الاستهانة بالمنكر المنظور إليه ، فمن تلذذ بالنظر إلى منكرٍ من المنكرات لا يبعد أن يتلذذ بفعله ولو بعد حين لأن أمره هان عنده ، والمؤمن الموحد إجلالاً لله وأمره ، واحتراما لرسول الله وشرعه : لا يقوى قلبه على رؤية ما يبغضه الله ورسوله ! .

4- أيضاً من المحاذير : فساد القلب ، وانتكاس الأمزجة ، وتبدل الفِطَر ، ولهذا تجد من يستمتع بالنظر إلى المحرمات لا يتمعر وجهه عند رؤية  وثن يعبد ، أو صليب معلّق ، أو امرأة متهتكة سافرة ، بل ربما هلك  وقال : بأن الأمر عادي ! أو طبيعي ! ، فهان في نظره ما يسخط الله تعالى ولا حول ولا قوة إلاّ بالله .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( فالنّظر داعية إلى فساد القلب، قال بعض السلف : النظر سهمُ سمٍّ إلى القلب )

وقال رحمه الله : ( وقوله سبحانه : ( لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ) يتناول النظر إلى الأموال واللباس والصور وغير ذلك من متاع الدنيا .... وذلك أن الله يمتع بالصور كما يمتع بالأموال ، وكلاهما زهرة الحياة الدنيا ، وكلاهما يفتن أهله وأصحابه ، وربما أفضى به إلى الهلاك دنيا وأخرى ) 

وليعلم أن الأمر بغض البصر عام للرجال والنساء ، فالمرأة مأمورة بغض بصرها عن محارم الله تعالى ، وعن الصور والأفلام ، وقد أجمع العلماء على حرمة نظر النساء للرجال بشهوة ، واختلفوا في مجرد الرؤية بدون شهوة

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثالثة والسبعون في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :*القرآن يبشر المؤمنين

ﭧ ﭨ ﭽ                                       

قال الرازي :  اعلم أنه تعالى وصف القرآن بثلاثة أنواع من الصفات : الصفة الأولى : أنه يهدي للتي هي أقوم .  

   والصفة الثانية : أنه يبشر الذين يعملون الصالحات بالأجر الكبير ، وذلك لأن الصفة الأولى لما دلت على كون القرآن هاديا إلى الإعتقاد الأصوب والعمل الأصلح ، وجب أن يظهر لهذا الصواب والصلاح أثر ، وذلك هو الأجر الكبير لأن الطريق الأقوم لا بد وأن يفيد الربح الأكبر والنفع الأعظم .

 والصفة الثالثة : قوله : { وأن الذين لا يؤمنون بالاخرة أعتدنا لهم عذابا أليما } وذلك لأن الإعتقاد الأصوب والعمل الأصلح،كما يوجب لفاعله النفع الأكمل الأعظم،فكذلك تركه يوجب لتاركه الضررالأعظم الأكمل وقال القرطبي :  قوله تعالى : { وبشر المؤمنين } الواو عاطفة جملة على جملة والمعنى منقطع من الذي قبله أمره تعالى أن يبشر المؤمنين بالفضل الكبير من الله تعالى   قال بن عطية : قال لنا أبي رضي الله عنه : هذه من أرجى الآيات عندي في كتاب الله تعالى لأن الله عز وجل قد أمر نبيه أن يبشر المؤمنين بأن لهم عنده فضلا كبيرا وقد بين تعالى الفضل الكبير في قوله تعالى : {والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير }

وقال الشوكاني : { وبشر المؤمنين } عطف على مقدر يقتضيه المقام كأنه قال فاشهد وبشر أو فدبر أحوال الناس ) وبشر المؤمنين ( أو هو من عطف جملة على جملة وهى المذكورة سابقا ولايمنع من ذلك الاختلاف بين الجملتين بالإخبار والإنشاء أمره سبحانه بأن يبشرهم بأن لهم من الله فضلا كبيرا على سائر الأمم وقد بين ذلك سبحانه بقوله { والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاؤون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير }

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الرابعة والسبعون في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :*إذاء المؤمنين والمؤمنات ونتائجة

   ﭧ ﭨ ﭽ                            

 قال الشوكاني :  لما فرغ من الذم لمن آذى الله ورسوله ذكر الأذية لصالحى عباده فقال { والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات } بوجه من وجوه الأذى من قول أو فعل ومعنى { بغير ما اكتسبوا } أنه لم يكن ذلك لسبب فعلوه يوجب عليهم الأذية ويستحقونها به فأما الأذية للمؤمن والمؤمنة بما كسبه مما يوجب عليه حدا أو تعزيرا أو نحوهما فذلك حق أثبته الشرع ، وأمر أمرنا الله به وندبنا إليه ، وهكذا إذا وقع من المؤمنين والمؤمنات الابتداء بشتم لمؤمن أو مؤمنة أو ضرب فإن القصاص من الفاعل ليس من الأذية المحرمة على أى وجه كان مالم يجاوز ما شرعه الله ، ثم أخبر عما لهؤلاء الذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقال : { فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا } أى ظاهرا واضحا لاشك فى كونه من البهتان والإثم .                                      وقال ابن الجوزي : قوله تعالى { والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات } في سبب نزولها أربعة أقوال :

أحدها : أن عمر بن الخطاب رأى جارية متبرجة فضربها وكف ما رأى من زينتها فذهبت إلى أهلها تشكو فخرجوا إليه فآذوه فنزلت هذه الآية رواه عطاء عن ابن عباس

والثاني : أنها نزلت في الزناة الذين كانوا يمشون في طرق المدينة يتبعون النساء إذا برزن بالليل لقضاء حوائجهن فيرون المرأة فيدنون منها فيغمزونها وإنما كانوا يؤذون الإماء غير أنه لم تكن الامة تعرف من الحرة فشكون ذلك إلى أزواجهن فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية قاله السدي

والثالث : أنها نزلت فيمن تكلم في عائشة وصفوان بن المعطل بالإفك قاله الضحاك

والرابع : ان ناسا من المنافقين آذوا علي بن أبي طالب فنزلت هذه الآية قاله مقاتل  

وقال القرطبي : أذية المؤمنين والمؤمنات بالأفعال والأقوال القبيحة كالبهتان والتكذيب الفاحش المختلق وهذه الآية نظير الآية التي في النساء : {ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد إحتمل بهتانا وإثما مبينا } كما قال هنا

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الخامسة والسبعون في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :

*يا آيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيهن

     ﭧ ﭨ ﭽ                       ﮧﮨ            ﮮﮯ            

قال ابن كثير : يقول الله تعالى آمرا رسوله صلى الله عليه وسلم أن يأمر النساء المؤمنات خاصة أزواجه وبناته لشرفهن بأن يدنين عليهن من جلابيبهن ليتميزن عن سمات نساء الجاهلية وسمات الإماء والجلباب هو الرداء فوق الخمار قاله ابن مسعود وعبيدة وقتادة والحسن البصري وسعيد بن جبير وإبراهيم النخعي وعطاء الخراساني وغير واحد وهو بمنزلة الإزار اليوم قال الجوهري الجلباب الملحفة قالت امرأة من هذيل ترثي قتيلا لها :

تمشي النسور إليه وهي لاهية  مشي العذارى عليهن الجلابيب

قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رءوسهن بالجلابيب ويبدين عينا واحدة  ، وقال محمد بن سيرين : سألت عبيدة السلماني عن قول الله عز وجل { يدنين عليهن من جلابيبهن } فغطى وجهه ورأسه وأبرز عينه اليسرى ، وقال عكرمة تغطي ثغرة نحرها بجلبابها تدنيه عليها ، وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو عبد الله الظهراني فيما كتب إلي حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن ابن خثيم عن صفية بنت شيبة عن أم سلمة قالت لما نزلت هذه الآية { يدنين عليهن من جلابيبهن } خرج نساء الأنصار كأن على رءوسهن الغربان من السكينة وعليهن أكسية سود يلبسنها .  وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا أبو صالح حدثني الليث حدثنا يونس ابن يزيد قال وسألناه يعني الزهري هل على الوليدة خمار متزوجة أو غير متزوجة قال : عليها الخمار إن كانت متزوجة وتنهى عن الجلباب لأنه يكره لهن أن يتشبهن بالحرائر المحصنات

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة السادسة والسبعون في موضوع (المؤمن ) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

إدناء جلباب المؤمنة على جسمها

وقال البغوي :  جمع الجلباب وهو الملاءة التي تشتمل بها المرأة فوق الدرع والخمار وقال ابن عباس وأبو عبيدة أمر نساء المؤمنين أن يغطين رؤوسهن ووجوهن بالجلابيب إلا عينا واحدة ليعلم انهن حرائر { ذلك ادنى أن يعرفن } انهن حرائر { فلا يؤذين } فلا يتعرض لهن { وكان الله غفورا رحيما }

وقال الشوكاني : لما فرغ سبحانه من الزجر لمن يؤذى رسوله والمؤمنين والمؤمنات من عباده أمر رسوله e بأن يأمر بعض من ناله الأذى ببعض ما يدفع مايقع عليه منه فقال { يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن } من للتبعيض والجلابيب جمع جلباب وهو ثوب أكبر من الخمار  ، قال الجوهرى : الجلباب الملحفة وقيل القناع وقيل هو ثوب يستر جميع بدن المرأة كما ثبت فى الصحيح من حديث  أم عطية أنها قالت يا رسول الله إحدانا لايكون لها جلباب فقال لتلبسها أختها من جلبابها قال الواحدى قال المفسرون يغطين وجوههن ورؤوسهن إلا عينا واحدة فيعلم أنهن حرائر فلا يعرض لهن بأذى

    وقال ابن الجوزي : قوله تعالى { يا أيها النبي قل لأزواجك } الآية سبب نزولها أن الفساق كانوا يؤذون النساء إذا خرجن بالليل فاذا رأوا المرأة عليها قناع تركوها وقالوا هذه حرة وإذا رأوها بغير قناع قالوا أمة فآذوها فنزلت هذه الآية قاله السدي

وقال الرازي : لما ذكر أن من يؤذي المؤمنين يحتمل بهتانا وكان فيه منع المكلف عن إيذاء المؤمن ، أمر المؤمن باجتناب المواضع التي فيها التهم الموجبة للتأذي لئلا يحصل الإيذاء الممنوع منه . ولما كان الإيذاء القولي مختصا بالذكر اختص بالذكر ما هو سبب الإيذاء القولي وهو النساء فإن ذكرهن بالسوء يؤذي الرجال والنساء بخلاف ذكر الرجال فإن من ذكر امرأة بالسوء تأذت وتأذى أقاربها أكثر من تأذيها ، ومن ذكر رجلا بالسوء تأذى ولا يتأذى نساؤه ، وكان في الجاهلية تخرج الحرة والأمة مكشوفات يتبعهن الزناة وتقع التهم ، فأمر الله الحرائر بالتجلبب .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة السابعة والسبعون في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :*النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم

ﭧ ﭨ ﭽ         ﯜﯝ    ﯟﯠ                                         ﯱﯲ              

قال ابن كثير : قد علم تعالى شفقة رسوله صلى الله عليه وسلم على أمته ونصحه لهم فجعله أولى بهم من أنفسهم وحكمه فيهم كان مقدما على اختيارهم لأنفسهم كما قال تعالى { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما } ، وفي صحيح البخاري: ( والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وماله وولده والناس أجمعين)  وفي الصحيح البخاري أيضا أن عمر رضي الله عنه قال : يا رسول الله لأنت أحب الي من كل شيء إلا نفسي ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( لا ياعمر حتى أكون أحب إليك من نفسك ) فقال : يا رسول الله والله لأنت أحب إلي من كل شيء حتى من نفسي ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( الآن ياعمر ) وأخرج البخاري  عند هذه الآية الكريمة بسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مامن مؤمن إلا وأنا أولى الناس به في الدنيا والآخرة إقرءوا إن شئتم { النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم } فأيما مؤمن ترك مالا فليرثه عصبته من كانوا وان ترك دينا أو ضياعا فليأتني فأنا مولاه ) تفرد به البخاري ، وقال السعدي : يخبر تعالى المؤمنين ، خبرا يعرفون به حالة الرسول صلى الله عليه وسلم ومرتبته ، فيعاملونه بمقتضى تلك الحالة فقال : { النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم } أقرب ما للإنسان ، وأولى ما له نفسه . فالرسول أولى بالمؤمن من نفسه ، لأنه عليه الصلاة والسلام ، بذل لهم من النصح ،والشفقة ،والرأفة ، ما كان به أرحم الخلق ،وأرأفهم . فرسول الله،أعظم الخلق منة عليهم ، من كل أحد ، فإنه لم يصل إليهم مثقال ذرة من الخير ، ولا اندفع عنهم مثقال ذرة من الشر ، إلا على يديه وبسببه . فلذلك وجب عليهم إذا تعارض مراد النفس ، أو مراد أحد من الناس ، مع مراد الرسول ، أن يقدم مراد الرسول ، وأن لا يعارض قول الرسول ، بقول أحد ، كائنا من كان ، وأن يفدوه بأنفسهم وأموالهم وأولادهم ، ويقدموا محبته على الخلق كلهم ، وألا يقولوا حتى يقول ، ولا يتقدموا بين يديه .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثامنة والسبعون في موضوع (المؤمن ) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :       *النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم

وهو صلى الله عليه وسلم ، أب للمؤمنين ، كما في قراءة بعض الصحابة ، يربـيهم كما يربي الوالد أولاده . فترتب على هذه الأبوة ، أن كان نساؤه أمهاتهم ، أي : في الحرمة والاحترام ، والإكرام ، لا في الخلوة والمحرمية ، وكأن هذا مقدمة ، لما سيأتي في قصة زيد بن حارثة ، الذي كان يدعى قبل ( زيد بن محمد )    

حتى أنزل الله { ما كان محمد أبا أحد من رجالكم } فقطع نسبه وانتسابه منه . فأخبر في هذه الآية ، أن المؤمنين كلهم ، أولاد للرسول ، فلا مزيد لأحد عن أحد . وإن انقطع عن أحدهم انتساب الدعوة ، فإن النسب الإيماني لم ينقطع عنه ، فلا يحزن ولا يأسف . وترتب على أن زوجات الرسول أمهات المؤمنين ، أنهن لا يحللن لأحد من بعده ، كما صرح بذلك في قوله : { ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا }.{ وأولوا الأرحام } أي : الأقارب ، قربوا أو بعدوا { بعضهم أولى ببعض في كتاب الله } أي : في حكمه ، فيرث بعضهم بعضا ، ويبر بعضهم بعضا ، فهم أولى من الحلف والنصرة . والأدعياء الذين كانوا من قبل ، يرثون بهذه الأسباب ، دون ذوي الأرحام . فقطع تعالى ، التوارث بذلك ، وجعله للأقارب ، لطفا منه وحكمة ، فإن الأمر لو استمر على العادة السابقة ، لحصل من الفساد والشر ، والتحيل لحرمان الأقارب من الميراث، شيء كثير . { من المؤمنين والمهاجرين } أي : سواء كان الأقارب مؤمنين مهاجرين ، أو غير مهاجرين ، فإن ذوي الأرحام مقدمون في ذلك . وهذه الآية حجة على ولاية ذوي الأرحام ، في جميع الولايات ، كولاية النكاح والمال وغير ذلك .

والخلاصة : أن النبي صلى الله عليه وسلم أب للمؤمنين أبوة دينية تفوق أبوة النسب وتعلوها قدرا ومكانة وشأنا؛ ولهذا صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:   لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين   .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة التاسعة والسبعون في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :      

*المؤمنون لايذهبوا حتى يستأذنوا الرسول

ﭧ ﭨ ﭽ                                   ﭠﭡ                    ﭩﭪ                            ﭵﭶ           

 قال ابن كثير : هذا أدب أرشد الله عباده المؤمنين إليه فكما أمرهم بالاستئذان عند الدخول كذلك أمرهم بالاستئذان عند الانصراف لاسيما إذا كانوا في أمر جامع مع الرسول صلوات الله وسلامه عليه من صلاة جمعة أو عيد جماعة أو اجتماع في مشورة ونحو ذلك ، أمرهم الله تعالى أن لا يتفرقوا عنه والحالة هذه إلا بعد استئذانه ومشاورته وإن من يفعل ذلك فإنه من المؤمنين الكاملين ثم أمر رسوله صلوات الله وسلامه عليه إذا استأذنه أحد منهم في ذلك أن يأذن له إن شاء ولهذا قال { فائذن لمن شئت منهم واستغفر لهم الله } الآية وقد أخرج أبو داودبسنده من حديث  أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلىالله عليه وسلم : (إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم فإذا أراد أن يقوم فليسلم فليست الأولى بأحق من الآخرة ) وهكذا رواه الترمذي والنسائي وقال الترمذي حديث حسن

     وقال القرطبي : المعنى : لا يتم ولا يكمل إيمان من آمن بالله ورسوله إلا بأن يكون من الرسول سامعا غير معنت في أن يكون الرسول يريد إكمال أمر فيريد هو إفساده بزواله في وقت الجمع ونحو ذلك

 وقال الرازي : فيه وجوها :                   

  أحدها : أن الأمر الجامع هو الأمر الموجب للاجتماع عليه وثانيها : عن الضحاك في أمر جامع الجمعة والأعياد وكل شيء تكون فيه الخطبة                                                                                                                    وثالثها : عن مجاهد في الحرب وغيره .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثمانون في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :      

*القرآن شفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين

ﭧ ﭨ ﭽ                                                                 

قال ابن كثير : يقول تعالى ممتنا على خلقه بما أنزل إليهم من القرآن العظيم على رسوله الكريم : ( ياأيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم ) أي : زاجر عن الفواحش ، ( وشفاء لما في الصدور ) أي : من الشبه والشكوك ، وهو إزالة ما فيها من رجس ودنس ، ( وهدى ورحمة ) أي : محصل لها الهداية والرحمة من الله تعالى . وإنما ذلك للمؤمنين به والمصدقين الموقنين بما فيه ، كما قال تعالى : ( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا )  

وقال أبو السعود : أى كتاب جامع لهذه الفوائد والمنافع فإنه كاشف عن أحوال الأعمال حسناتها وسيئاتها مرغب فى الأولى ورادع عن الأخرى ومبين للمعارف الحقة التى هي شفاء لما فى الصدور من الأدواء القلبية كالجهل والشك والشرك والنفاق وغيرها من العقائد الزائغة وهاد إلى طريق الحق واليقين وقد أجملت إصلاح القرآن الكريم لأنفس البشر في أربعة أمور:1- الموعظة الحسنة للناس كل الناس بالترغيب والترهيب قال تعالى  ﴿هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ

2- الشفاء لما في القلوب من أدواء الشرك والنفاق وسائر الأمراض

3- الهدى إلى طريق الحق، واليقين والبعد عن الضلال في الاعتقاد والعمل.

4- الرحمة للمؤمنين وهي ما تُثمر لهم هداية القرآن وتفيضه على قلوبهم قال تعالى : ﴿الم  ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ }

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الواحدة والثمانون في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :      

*حرم الله على المؤمنين والمؤمنات نكاح الزواني والزانيات

ﭧ ﭨ ﭽ                 ﭿ                ﮅﮆ            

   قال البغوي : اختلف العلماء في معنى الآية وحكمها فقال قوم قدم المهاجرون المدينة وفيهم فقراء لا مال لهم ولا عشائر وبالمدينة نساء بغايا يكرين أنفسهن وهن يومئذ أخصب أهل المدينة فرغب أناس من فقراء المسلمين في نكاحهن لينفقن عليهم فاستأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية وهذا قول مجاهد وغيره ...

وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال كان رجل يقال له مرثد بن أبي مرثد الغنوي كان يحمل الأسارى من مكة حتى يأتي بهم المدينة وكانت بمكة بغي يقال لها عناق وكانت صديقة له في الجاهلية فلما أتى مكة دعته عناق إلى نفسها فقال مرثد إن الله حرم الزنا قالت فانكحني فقال حتى أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله أنكح عناقا فأمسك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يرد شيئا فنزلت { والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك } فدعاني النبي صلى الله عليه وسلم فقرأها علي وقال لي لا تنكحها

 قال السعدي : هذا بيان لرذيلة الزنا ، وأنه يدنس عرض صاحبه ، وعرض من قارنه ومازجه ، ما لا يفعله بقية الذنوب . فأخبر أن الزاني لا يقدم على نكاحه من النساء ، إلا أنثى زانية ، تناسب حاله حالها ، أو مشركة بالله ، لا تؤمن ببعث ولا جزاء ، ولا تلتزم أمر الله . والزانية كذلك ، لا ينكحها إلا زان أو مشرك { وحرم ذلك على المؤمنين } أي : حرم عليهم أن ينكحوا زانيا ، أو ينكحوا زانية .

  وهذا دليل صريح على تحريم نكاح الزانية ، حتى تتوب ، وكذلك نكاح الزاني حتى يتوب ، فإن مقارنة الزوج لزوجته ، والزوجة لزوجها ، أشد الاقترانات

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثانية والثمانون في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :*الله يكره أذى المؤمن

إن كف الأذى عن كل مسلم عبادة جليلة دل الكتاب والسنة على فضلها وعظم منزلتها.

قال تعالى: (َوقُل لِعبَاِدي يَقُولُوا الَّتِيِ هَي أَحَسُن إِن الَّشْيَطاَن يَنَزُغ بَينَهْم إِن الَّشْيَطاَنَ كاَنِ لِلإنَساِنَ عدُ واُ مبِيًن) وعن أبي موسى الأشعري قال : قلنا يا رسول الله : أي الإسلام أفضل ؟ قال: (من سلم المسلمون من لسانه ويده). متفق عليه.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يتناج اثنان دون واحد فإن ذلك يؤذي المؤمن والله عز وجل يكره

أذى المؤمن). رواه الترمذي.

إن إيذاء المسلمين ورد فيه وعيد شديد وعقوبة أخروية قال تعالى: (َوالَّذيَن يُؤذُوَن اْلُمْؤِمنِيَنَ واْلُمْؤِمنَاِت بِغَيِر

ما اْكتَسبُوا فَقَد اْحتَملُوا بُهتَاناًوإِثْماًمبِيناً). وعن أبي هريرة قال : (قال رجل: يا رسول الله إن فلانة يذكر من

كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها. قال : هي في النار. قال : يا رسول الله فإن

فلانة يذكر من قلة صيامها وصلاتها وصدقتها وأنها تصدق بالأثوار من الأقط ولا تؤذي جيرانها بلسانها. قال:

هي في الجنة). أخرجه أحمد.

إن إيذاء الغير يشمل كل أذى حسي ومعنوي ...

وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إياكم والجلوس في الطرقات فقالوا : يا رسول الله مالنا بد من مجالسنا نتحدث فيها فقال: فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه قالوا : وما حقه قال : غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي

عن المنكر). متفق عليه.

ومن أعظم الأذى الذي يبتلى فيه بعض الجهال تنقص العلماء والحط من قدرهم ولمزهم واتهامهم في نياتهم

وإخلاصهم والتطاول عليهم وجحد معروفهم وجهودهم في الأمة.

ومن أعظم الأذى أن يكون لسان المسلم سفاحا يلعن المسلمين ويكفرهم ويبدعهم ويفسقهم لأدنى شبهة وأقرب

مخالفة لمذهبه وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر). رواه مسلم. وحذر

من التكفير فقال: (من دعا رجلا بالكفر أو قال عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه). رواه مسلم.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثالثة والثمانون في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :

*ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر الله به من سيئاته

أخرج مسلم في صحيحه عن أبي سعيد وأبي هريرة - رضي الله عنهما - أنهما سمعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول «ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر الله به من سيئاته» والوصب والنصب التعب "

قال ابن القيم رحمه الله : في كتابه " عدة الصابرين "

وفي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله يقول الله عز وجل [ما لعبدي المؤمن جزاء اذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه الا الجنة ]   وفي صحيحه أيضا عن عطاء بن أبي رباح قال قال لي ابن عباس ألا أريك امرأة من أهل الجنة ؟ قلت : بلى قال : هذه المرأة السوداء أتت النبي فقالت يا رسول الله اني أصرع واني أتكشف فادع الله لي قال ان شئت صبرت ولك الجنة وان شئت دعوت الله تعالى ان يعافيك ) فقالت : أصبر فقالت أني أتكشف فادع الله ان لا أتكشف فدعا لها

وفي الصحيحين أن رسول الله قسم مالا فقال بعض الناس هذه قسمة ما أريد بها وجه الله فأخبر بذلك رسول الله فقال رحم الله موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر

وفي المسند من حديث أبي هريرة عن النبي قال لا يزال البلاء بالمؤمن أو المؤمنة في جسده وفي ماله وفي ولده حتى يلقى الله وما عليه خطيئة

وفي الصحيح من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله أي الناس أشد بلاء قال :   (الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل يبتلى الرجل على حسب دينه فان كان في دينه صلابة زيد في بلائه وان كان في دينه رقة خفف عنه وما يزال البلاء بالمؤمن حتى يمشي على الارض وليس عليه خطيئة )

وفي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال دخلت على النبي وهو يوعك وعكا شديدا قال فقلت يا رسول الله انك لتوعك وعكا شديدا قال : (أجل انى لأوعك كما يوعك رجلان منكم قلت ان لك لأجرين قال نعم والذى نفسى بيده ما على الارض مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه الا حط الله عنه به خطاياه كما تحط الشجرة ورقها

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الرابعة والثمانون في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :

الوصايا العشر للمؤمن في مواجهة المحن والمصائب والأزمات الشخصية :

 (1) على المصاب أن يسترجع ويصبر ويحتسب لحظة وقوع الصدمة ثم يركن إلى الله - تعالى -رجاء أن يخلف الله عليه ويعوضه عن مصابه.

 (2) أن يحمد الله - تعالى - على أن مصيبته وقعت عند هذا الحد وأنه - تعالى - لو شاء لجعلها أعظم مما هي، وعليه أن يستقبلها بالبشر والقبول والكتمان.

 (3) أن يوطن المصاب نفسه على أن كل مصيبة تأتيه هي من عند الله - تعالى -، وأنها بقضائه وقدره وأنه - سبحانه وتعالى- لم يقدرها عليه ليهلكه بها ولا ليعذبه وإنما ابتلاه ليمتحن صبره ورضاه وشكواه إليه وابتهاله ودعاءه.

(4) ألا يدعو المصاب على نفسه أو يحزن ويبكى إلا على تفريطه في حق الله - تعالى - أو ما لا يقترن بمحرم.   (5) أن يعلم المصاب أن الدنيا ليس فيها لذة على الحقيقة إلا وهي مشوبة بالكدر وأن مرارة الدنيا هي بعينها حلاوة في الآخرة وحلاوة الدنيا هي بعينها مرارة في الآخرة.

 (6) أن يعلم المصاب أنه لولا محن الدنيا ومصائبها لأصابه من أدواء الكبر والعجب والفرعنة وقسوة القلب ما هو سبب هلاكه عاجلا وآجلا.

 (7) أن يطفئ المصاب نار مصيبته ببرد التأسي بأهل المصائب

(8) على المصاب ألا ينشغل بالجزع والشكوى عما يجب أن يلتفت إليه. وعلى المصاب أن يعلم، أن ما يعقبه الصبر والاحتساب من اللذة والمسرة أضعاف ما يحصل بدون ذلك، بل يكفيه من ذلك بيت الحمد الذي يبنى له في الجنة على حمده لربه و استرجاعه على مصيبته

 (9) ينبغي للمصاب في نفسه أو بولده أو بغيرهما أن يجعل مكان الأنين والتأوه ذكر الله - تعالى - والاستغفار والتعبد خاصة في مصيبة مرض الموت.

 (10) أن يعلم المصاب أن من أعظم مصائب الدنيا والآخرة: المصيبة في الدين، وأيا كانت المصيبة التي أصيب بها طالما أنها ليست في دينه فهي تهون؛ لأن المصيبة في الدين هي الخسارة التي لا ربح معها. قاله الدكتور : أحمد بن إبراهيم خضر 

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الخامسة والثمانون في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :

*ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله خيرا له من زوجة صالحة

أخرج ابن ماجة بسنده من حديث أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول : (ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله خيرا له من زوجة صالحة إن أمرها أطاعته وإن نظر إليها سرته وإن أقسم عليها أبرته وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله )

 

الزوجة الصالحة أساس الأسرة الصالحة

الأسرة هي الخلية الأولى في المجتمع، بل تعتبر اللبنة الأساسية التي بقوم عليها المجتمع كله.وبناء الأسرة الصالحة مسؤولية عظيمة وهي الغاية التي يهدف الإسلام إلى تحقيقها ؛لإن الأسرة المتماسكة المترابطة هي التي تبني مع غيرها من الأسر الصالحة المجتمع المسلم المتماسك والذي يقوم بوظيفة الاستخلاف في الأرض:﴿ إني جاعل في الأرض خليفة ﴾ وتتألف الأسرة من الزوجة والزوج والأبناء،ولا تتكون الأسرة الصالحة إلاباتباع المنهج الرباني

الذي منح كل فرد الإجابة الشافية،والمعرفة الوافية بالطريق الواجب اتباعه،والسلوك الأمثل الواجب الاقتداء به،والخلق الفاضل الواجب التحلي به مما يضمن الأمان والاستقرار؛إذ الهدف الأسمى في الأسرة هو الظفر بنعمة السكينة الإيمانية قال الله تعالى: ﴿ ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ﴾ وتعتبر الزوجة حجر الزاوية في صلاح الأسرة ،إذ الزوجة الصالحة هي المرأة المؤمنة العابدة، التي تحفظ نفسها، وتحفظ زوجها في نفسه وعرضه، وتحفظه في ماله وولده، وهي التي تُحسن معاملة زوجها وأهلها وجيرانها، وتُحسن إدارة بيتها الذي هو مملكتها الخاصة التي جعلها الله سبحانه وتعالى ملكة متوَّجة عليه. فالزوج قد يقضي في منزله ساعات قليلة في اليوم لكن المرأة تقضي معظم وقتها في بيتها، فإن كانت صالحة صلَح البيت كله وإن كانت فاسدة فسَد البيت كله. ولم لا وهي بمثابة القلب للإنسان، فإن صلَح القلب صلَح الجسد كله وإن فسَد القلب فسَد الجسد كله وضاع صاحبه.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة السادسة والثمانون في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان : ثمرات الزواج بالمرأة المؤمنة

=المرأة الصالحة نعمة من نعم الله تعالى :

- قال رسول الله : ( أربع من أصابهن فقد أعطي خير الدنيا الآخرة:لسان ذاكر،وقلب شاكر،وبدن على البلاء صابر،وزوجة لاتبغيه خونا في نفسها وماله ) وقال رسول الله : (ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله عز وجل خيرا له من زوجة صالحة،إن أمرها أطاعته،وإن نظر إليها سرته،وإن أقسم إليها أبرته وإن غاب عنها حفظته في نفسها وماله. ) وقال رسول الله : (ليتخذ أحدكم قلبا شاكرا ولسانا ذاكرا وزوجة مؤمنة صالحة تعينه على آخرته )

= المرأة الصالحة كنز:

عن ثوبان رضي الله عنه قال :لما نزلت : ﴿والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم﴾  قال:كنا مع رسول الله في بعض أسفاره فقال بعض أصحابه أنزلت في الذهب والفضة، فلو علمنا أي المال خير فنتخذه ؟فقال:لسان ذاكر،وقلب شاكر،وزوجة مؤمنة تعينه على إيمانه )  .

= المرأة الصالحة متاع الدنيا وخير الآخرة :

قال رسول الله:( الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة .)  .وقال عليه الصلاة والسلام:(من سعادة ابن آدم ثلاثة ،ومن شقوة ابن آدم ثلاثة، من سعادة ابن آدم:المرأة الصالحة،والمسكن الصالح،والمركب الصالح؛ومن شقوة ابن آدم المرأة السوء،والمسكن السوء،والمركب السوء.  

= المرأة الصالحة عون على نصف الدين :

قال رسول الله :( من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر دينه‘فليتق الله في الشطر الباقي)

= المرأة الصالحة عون لزوجها على الكسب الحلال:   فهي توصي زوجها عند الخروج من المنزل:يا فلان اتق الله فينا ولا تطعمنا من كسب حرام فإنا نصبر على حر الجوع ولا نصبر على حر النار.وإذا رأت من زوجها تقصيرا في أداء عمله الذي يكسب منه عيشهم دفعته لإصلاح ذلك التقصير حتى يحلل لقمة عيشهم.

= المرأة الصالحة تكون عونا للرجل على بر والديه :   فهي تضع نصب عينيها دائما وأبدا أن أمه أولى بالبر منها امتثالا لحديث رسول الله لما سألته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: من أحق الناس بصحابة المرأة؟فقال : (زوجها)،فقالت من أحق الناس بحسن صحابة الرجل؟ فقال : (أمه).

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة السابعة والثمانون في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان : *أهم صفات الزوجة المؤمنة :

1 – الدين :  إن المرأة ذات الدين تكون عونا لزوجها في كل شؤونه، وتربي أولادها على الفضيلة وحسن الأخلاق. قال عليه الصلاة والسلام:﴿ تنكح المرأة لأربع : لمالها،ولحسبها،ولجمالها،ولدينها،فاظفر بذات الدين تربت يداك.﴾                                                  2 -حسن الخلق : وهو التحلي بكريم الصفات وطيب الأقوال والأفعال؛ وهو الرفعة عن ردئ الأفعال وبذاءة اللسان وكفران النعم وفحش القول وسوء العمل

3 – حسن الخلقة : وإذ تحقق مطلب الدين في المرأة فلا مانع أن يجتمع معه الجمال فإذا اجتمع حسن الخلقة وحسن الخلق كان أحسن . يقول رسول الله : (خير النساء من إذا نظرت إليها سرتك وإذا أمرتها أطاعتك وإذا أقسمت عليها أبرتك وإن غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك. ).

4- خفة المهر: إن المرأة الخفيفة المهر تكون أكثر بركة قال رسول الله: (إن أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة )؛ وقال عليه الصلاة والسلام : ( أقلهن مهراً أكثرهن بركة )

5– الكفاءة : أن تراعى الكفاءة بين الزوجين من حيث : الدين ، والسن، والمركز الاجتماعي، والمستوى الثقافي والاقتصادي...فإن التقارب في هذه النواحي يعين على دوام العشرة وبقاء الألفة قال رسول الله : ﴿  تخيروا لنطفكم وانكحوا الأكفاء﴾

وخلاصة القول: إن الزوجة الصالحة ضرورة حتمية لكل باحث عن السعادة، وكل راغب في حياة شريفة، وكل تقي يأمل في آخرة كريمة، إنها ضرورة شرعاً وعقلاً.. وشرفاً وعرفاً، وإنها ضرورة للدين والدنيا، وللفرد والجماعة، وللأسرة والأمة، وعلى كل صاحب لب وكل تقي وكل عاقل أن لا يرضى عن الزوجة الصالحة بديلاً وليبحث عنها بحثاً حثيثاً وليسع إليها سعياً جاداً، فإن وجدها عضَّ عليها بالنواجذ، وقبض عليها بكلتا يديه فإنها كنز لا يفنى، من وجدها وجد السعادة، ومن فقدها فقد الكثير. والزوجة الصالحة أساس الأسرة الصالحة،والأسرة الصالحة أساس المجتمع الصالح                                                                                       

إن الزوجة الصالحة تجعل من البيت جنة ينعم فيها الصغير ويسعد بها الزوج وتعد للحياة أبناء صالحين بل تكون أساسا لمجتمع كريم سليم

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثامنة والثمانون في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان   *لعن المؤمن كقتله

أقوال أهل العلم في حكم اللعن للمؤمن :

أولا : لعن المؤمن المصون : وهو الذي لم يرتكب الكبائر ولم يجاهر بالمعاصي ويدع إليها .                       ولبيان حكم لعنه نسوق الأدلة على ذلك :

1- ـ قال تعالى: {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً}

2 ـ عن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لعنُ المؤمنِ كقتلِه» متفق عليه

3 ـ وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّ من الكبائر أن يلعنَ الرجل والديه ... » متفق عليه

4 ـ وعن سلمة بن الأكوع قال:(كنّا إذا رأينا الرجل يلعن أخاه، رأينا أن قد أتى باباً من الكبائر) صحيح الترغيب والترهيب

5- وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن العبد إذا لعن شيئا صعدت اللعنة إلى السماء فتغلق أبواب السماء دونها ثم تهبط إلى الأرض فتغلق أبوابها دونها ثم تأخذ يمينا وشمالا فإن لم تجد مساغا رجعت إلى الذي لعن فإن كان أهلا وإلا رجعت إلى قائلها) حسن لغيره ( صحيح الجامع )

وقد نقل النووي الإجماع على حرمة ذلك فقال في الأذكار : "اعلم أن لعن المسلم المصون حرامٌ بإجماع المسلمين"  

وكذلك شيخ الإسلام فقد قال بمجموع الفتاوى ما نصه :(الْإِجْمَاعُ مُنْعَقِدٌ عَلَى تَحْرِيمِ لَعْنَةِ مُعَيَّنٍ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ)

في الصحيحين عن ثابت بن الضحاك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لعن المؤمن كقتله " .      وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لا ينبغي لصديق أن يكون لعانا " . وفي الترمذي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ليس المؤمن بالطعان , ولا اللعان , ولا الفاحش , ولا البذيء " وقال : حديث حسن .

إن لعن المؤمن كقتله يعني إذا قلت للمؤمن: لعنك الله فكأنما قتلته لأن اللعن هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله ومن طرد وأبعد عن رحمة الله صار كالمقتول الذي عدم الحياة الدنيا

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة التاسعة والثمانون في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان : 

* الخلق الحسن أثقل مافي ميزان المؤمن يوم القيامة.

 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(ما من شيء يوضع في الميزان أثقل من حسن الخلق، وإن صاحب حسن الخلق ليبلغ به درجة صاحب الصوم والصلاة(الألباني صحيح الترمذي)

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( ما شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن فإن الله تعالى ليبغض الفاحش البذيء. الألباني صحيح الترمذي

   وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، الموطؤون أكنافا، الذين يألفون و يؤلفون، و لا خير فيمن لا يألف و لا يؤلف. الألباني صحيح الجامع

*الدعاء سلاح المؤمن

الدعاء طريق النجاة، وسلم الوصول، ومطلب العارفين، ومطية الصالحين، ومفزع المظلومين، وملجأ المستضعفين، به تُستجلب النعم، وبمثله تُستدفع النقم. ما أشد حاجة العباد إليه، وما أعظم ضرورتهم إليه، لا يستغني عنه المسلم بحال من الأحوال.

والدعاء من أنفع الأدوية، وهو عدو البلاء يدافعه ويعالجه، ويمنع نزوله ويرفعه أو يخففه. وأمرٌ هذا شأنه حريٌ بالمسلم أن يقف على فضائله وآدابه

فضائل الدعاء : للدعاء فضائل لا تحصى، وثمرات لا تعد، ويكفي أنه نوع من أنواع العبادة، بل هو العبادة كلها كما أخبر النبي بقوله: { الدعاء هو العبادة } رواه الترمذي وصححه الألباني

وترك الدعاء استكبار عن عبادة الله كما قال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ  ، كما أنه طاعة لله    عز وجل واستجابة لأمره، قال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ }

وهو سلاح قوي يستخدمه المسلم في جلب الخير ودفع الضر، قال رسول الله : ( من فُتح له منكم باب الدعاء فتحت له أبواب الرحمة، وما سُئل الله شيئاً يُعطى أحب إليه من أن يُسأل العافية، إن الدعاء ينفع مما نزل وما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء ) رواه الترمذي وحسنه الألباني

 إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة التسعون في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان : * الدعاء سلاح استخدمه المؤمنون وخاصة الأنبياء في أصعب المواقف.    

=فها هو النبي في غزوة بدر عندما نظر إلى المشركين وهم ألف وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر استقبل القبلة ثم رفع يديه قائلاً: { اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آت ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض } فما زال يهتف بالدعاء ماداً يديه، مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه، فأتاه أبوبكر فأخذ رداءه وألقاه على منكبه ثم التزمه من ورائه وقال: ( يا نبي الله، كفاك مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك ) [رواه مسلم].

=وها هو نبي الله أيوب عليه السلام يستخدم سلاح الدعاء بعدما نزل به أنواع البلاء، وانقطع عنه الناس، ولن يبق أحد يحنو عليه سوى زوجته، وهو في ذلك كله صابر محتسب، فلما طال به البلاء دعا ربه قائلاً: {وَأيُوبَ إذ نَادى رَبَهُ أنّي مَسَنِىَ الضُرُ وَأنتَ أرحَمُ الرّاحِمِينَ * فَاستَجَبنَا لَهُ فَكَشَفنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ }

=والدعاء سبب لتفريج الهموم وزوال الغموم، وإنشراح الصدور، وتيسير الأمور، وفيه يناجي العبدُ ربّه، ويعترف بعجزه وضعفه، وحاجته إلى خالقه ومولاه، وهو سبب لدفع غضب الله تعالى لقول النبي : { من لم يسأل الله يغضب عليه } [رواه أحمد والترمذي وحسنه الألباني]. وما أحسن قول الشاعر:

لا تسألن بني آدم حاجة *** وسلِ الذي أبوابُه لا تحجبُ

الله يغضب إن تركت سؤاله*وبني آدم حين يسأل يغضبُ

=وهو سلاح المظلومين ومفزع الضعفاء المكسورين إذا انقطعت بهم الأسباب، وأغلقت في وجوههم الأبواب،

=آداب الدعاء : من هذه الآداب:

1 - افتتاح الدعاء بحمد الله تعالى والثناء عليه، والصلاة على النبي

2 - الإعتراف بالذنب والإقرار به

3 - الإلحاح في الدعاء والعزم في المسألة

4 - الوضوء واستقبال القبلة ورفع الأيدي حال الدعاء

 5 - خفض الصوت والإسرار بالدعاء:

6 - عدم تكلف السجع

7 - تحري الأوقات المستحبة واغتنام الأحوال الشريفة:

8 - تجنب الدعاء على النفس والأهل والمال

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الواحدة والتسعون في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :  نماذج لأدعية من الكتاب والسنة

أولاً: أدعية من القرآن الكريم:

1 ـ (رَبَنَا اصرٍف عَنَا عَذّابَ جَهَنَمَ إنَ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً * إنَهَا سَآءَت مُستَقَراً وَمُقَاماً) 2 ـ (رَبَنَا هَب لَنَا مِن أزوَجِنَا وَذُرِياتِنَا قُرَةَ أعيُنٍ واَجعَلنَا لِلمُتَقِينَ إمَاماً)                                            3 ـ (رَبَنَا اغفِر لَنَا وَلإخوَنِنَا الّذِينَ سَبَقُونَا بِاللإيمَانِ وَلاَ تَجعَل فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَذِينَ ءَامَنُوا رَبَنَآ إنَكَ رَؤوفٌ رَحِيمٌ)

4 ـ (رَبِ اغفِر وَارحَم وَأنتَ خَيرُ الرَاحِمينَ)

5 ـ (رَبَنَآ ءَاتِنَا فِي الدُنّيَا حَسَنَةً وَفيِ الأَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَارِ) 6 ـ (رَبَنَا لاَ تُؤَاخِذنَآ إن نَسِينَآ أَو أخطَأنَا رَبَنَا وَلاَ تَحمِل عَلَيَنآ إصراً كَمَا حَمَلتَهُ عَلَى الّذِينَ مِن قَبلِنَا رَبَنآ وَلاَ تَحمِلنَآ مَلاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعفُ عَنّا واغفِر لَنَا وَارحَمنَآ أنتَ مَولَنَا فانصُرنَا عَلَى القَومِ الكَافِرِينَ)

7 ـ (رَبَنَا لاَ تُزِغ قُلُبَنَا بَعدَ إذ هَدَيَتَنا وَهَب لَنَا مِن لَدُنكَ رَحمَةً إنَكَ أنتَ الوَهَابُ)

8 ـ (رَبِّ اشرَح لي صَدرِي ، وَيَسِّر ليِ أمرِي ، وَحلُل عٌقدَةً مِن لِسَاني ، يَفقَهُوا قَوليِ) 9 ـ (رَبِ إنّيِ ظَلَمتُ نَفسِي فَاغفِر ليِ)

10 ـ (رَبَنآ لاَ تَجعَلَنَآ فِتنَةً لِلقَومِ الظّالِمينَ * وَنَجِنآ بِرَحمَتِكَ مِنَ القَومِ الكَافِرِينَ)

11 ـ (رَبَنآ اغفِر لَنَا ذُنُوبَنَا وَإسرَافَنَا فيِ أمرِنَا وَثَبِت أقدَامَنَا وَانصُرنَا عَلَى القَومِ الكَافِرِينَ)

12ـ(رَبَنَآ ءَاتِنَا مِن لَدُنكَ رَحمَةً وَهَيىء لَنَا مِن أمرِنَا رَشَداً)

13 - (رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً)

14 - (رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ)

15 - (رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)

16 - (رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء) 17 - (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)

18 - (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء) ،19-(رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ)

20 - (رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)

21 - (رَبِّ انصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ)

22 - (رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ )

23 - (رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ)

24 - (رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ)

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثانية والتسعون في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :  نماذج لأدعية من الكتاب والسنة

ثانياً: أدعية من السنة النبوية:

1 - { اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر }.

2-{اللهم إني أسألك الهدى، والتقى، والعفاف، والغنى }. 3 - { اللهم إني أعوذ بك من العجز، والكسل، والجبن، والبخل، والهرم، وعذاب القبر، اللهم آت نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها. اللهم إني أعوذ بك من علم لاينفع، ومن قلب لايخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لايستجاب لها }.

4 - { اللهم اهدني وسددني، اللهم إني أسألك الهدى والسداد }.

5 - { اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجاءة نقمتك، وجميع سخطك }.

6 - { اللهم إني عبدك ابن عبدك، ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك. أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي }.

7 - { اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك }. 8 - { يامقلب القلوب ثبت قلبي على دينك }.

9 - { اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة }.

10 - { اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار، وعذاب النار، وفتنة القبر، وعذاب القبر، وشر فتنة الغنى، وشر فتنة الفقر، اللهم إني أعوذ بك من شر فتنة المسيح الدجال، اللهم اغسل قلبي بماء الثلج والبرد، ونق قلبي من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس، وباعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب. اللهم إني أعوذ بك من الكسل والمأثم والمغرم }.

11 - { اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والهرم والبخل، وأعوذ بك من عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات }.

12 - { اللهم إني أعوذ بك من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء }.

13 - { اللهم إني أعوذ بك من شر ماعملت، ومن شر ما لم أعمل }.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الواحدة والتسعون في موضوع (المؤمن ) وستكون إستكمالا للماضية والتي بعنوان :  نماذج لأدعية من السنة

14 - { اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت }.

15 - { لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين }.

16 -  { اللهم إني أعوذ بك من شر سمعي،  ومن شر بصري،  ومن شر لساني، ومن شر قلبي،  ومن شر منيي }.

17 - { اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق، والأعمال، والأهواء }.

18 - { اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني }.

19 - { اللهم إني أسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تغفر لي، وترحمني، وإذا أردت فتنة قوم فتوفني غير مفتون، وأسألك حبك، وحب من يحبك، وحب عمل يقربني إلى حبك }.

20 - { اللهم إني أسألك من الخير كله: عاجله وآجله، ماعلمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله: عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم. اللهم إني أسألك من خير ما سألك عبدك ونبيك، وأعوذ بك من شر ما استعاذ منه عبدك ونبيك. اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأسالك أن تجعل كل قضاء قضيته لي خيراً }.

21 - { اللهم احفظني بالإسلام قائماً، واحفظني بالإسلام قاعداً، واحفظني بالإسلام راقداً، ولا تشمت بي عدواً ولا حاسداً. اللهم إني أسألك من كل خير خزائنه بيدك، وأعوذ بك من كل شر خزائنه بيدك }.

22 - { اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، اللهم متعنا بأسماعنا، وأبصارنا، وقواتنا ما أحببتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لايرحمنا }.

23 - { اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي، وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي هزلي وجدي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي }.

24 - { اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة }.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثالثة والتسعون في موضوع (المؤمن ) وستكون إستكمالا للماضية والتي بعنوان :  نماذج لأدعية من السنة

25 - { رب أعني ولا تعن عليّ، وانصرني ولا تنصر عليّ، وامكر لي ولا تمكر عليّ، واهدني ويسر الهدى إليّ، وانصرني على من بغى عليّ، رب اجعلني لك شاكراً، لك ذكاراً، لك رهّاباً، لك مطواعاً، إليك مخبتاً أواهاً منيباً، رب تقبل توبتي، واغسل حوبتي، وأجب دعوتي، وثبت حجتي، واهد قلبي، وسدد لساني، واسلل سخيمة قلبي

26 - { اللهم ألهمني رشدي، وأعذني من شر نفسي }.

27 - { اللهم إني أسألك علماً نافعاً، وأعوذ بك من علم لاينفع }.

28 - { اللهم رب السماوات السبع ورب الأرض، ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شي، فالق الحب والنوى، ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان، أعوذ بك من شر كل شئ أنت آخذ بناصيته، اللهم أنت الأول فليس قبلك شئ، وأنت الآخر فليس بعدك شئ، وأنت الظاهر فليس فوقك شئ، وأنت الباطن فليس دونك شئ، اقض عنا الدين وأعننا من الفقر }.

29 - { اللهم حاسبني حساباً يسيراً }. 30 - { اللهم أعنا على ذكرك،وشكرك، وحسن عبادتك }.

31 - { اللهم إني أسألك إيماناً لايرتد، ونعيماً لاينفد، ومرافقة محمد صلى الله وعليه وسلم في أعلى جنة الخلد }.

32 - { اللهم إني أعوذ بك من غلبة الدين، وغلبة العدو، وشماتة الأعداء }.

33 - { اللهم إني أسألك الجنة وأستجير بك من النار } ( ثلاث مرات).

34 - { اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم }.

35 - { اللهم انفعني بما علمتني، وعلمني ما ينفعني، وزدني علماً }. 36 - { اللهم إني أسألك علماً نافعاً، ورزقاً طيباً، وعملاً متقبلاً }.

37 - { اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت وبك خاصمت. اللهم إني أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني. أنت الحي الذي لايموت، والجن والإنس يموتون }.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الرابعة والتسعون في موضوع (المؤمن ) وستكون إستكمالا للماضية والتي بعنوان :  نماذج لأدعية من السنة

38 - { اللهم إنا نسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والسلامة من كل إثم، والغنيمة من كل بر، والفوز بالجنة، والنجاة من النار }.

39 - { اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق، أحيني ماعلمت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا علمت الوفاة خيراً لي، اللهم إني أسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وأسألك كلمة الحق في الرضاء والغضب، وأسألك القصد في الغنى والفقر، وأسألك نعيماً لاينفد، وأسألك قرة عين لا تنقطع، وأسألك الرضاء بعد القضاء، وأسألك برد العيش بعد الموت، وأسألك لذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك، في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة. اللهم زينا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهتدين }.

40 - { اللهم طهرني من الذنوب والخطايا، اللهم نقني منها كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم طهرني بالثلج والبرد والماء البارد }.

41 - { اللهم متعني بسمعي وبصري، واجعلهما الوارث مني، وانصرني على من يظلمني، وخُذ منه بثأري }.

42 - { اللهم إني أسألك عيشة نقية، وميتة سوية، ومرداً غير مخز ولا فاضح }.

43 - { اللهم زدنا ولاتنقصنا، وأكرمنا ولاتهنا، وأعطنا ولا تحرمنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وأرض عنا }.

44 - { اللهم أحسنت خلقي فأحسن خلقي }. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الدعاء راحه للنفس وتقرب الي الرب لأن الداعي يدعو عند الشدائد، والمجيب هو الله سبحانه وتعالى،

الدعاء هو قارب النجاة في بحر الذنوب والعصيان. والدعاء هو سلاح المؤمن ضد الشيطان.

والدعاء هو الطريق الموصل للجنان. ففي الحديث القدسي عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: قال تعالى:(أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه) حديث صحيح رواه أحمد وابن ماجه والحاكم.

وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم (إن الله ليستحيي أن يبسط العبد يديه يسأله فيهما خيرًا فيردهما خائبتين) أخرجه أبو داود والترمذي.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الخامسة والتسعون في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :  للدعاء فضائل عدة

قال ابن القيم : الدعاء من أقوى الأسباب في دفع المكروه وحصول المطلوب، ولكن قد يتخلف أثره عنه إما لضعف في نفسه بأن يكون دعاؤك لا يحبه الله لما فيه من العدوان، وإما لضعف القلب وعدم إقباله على الله وجمعيته عليه وقت الدعاء فيكون بمنزلة القوس الرخو جدًا إن السهم يخرج منه خروجًاضعيفًا – وإما لحصول المانع من الإجابة من أكل الحرام، ورين الذنوب على القلوب واستيلاء الغفلة والشهوة واللهو وجلبتها عليها

وعن أبي هريرة قال: قال النبي صلي الله عليه وسلم      (ما من رجل يدعو بدعاء إلا استجيب له فإما أن يعجل له في الدنيا وإما أن يدخر له في الآخرة، ما لم يدع بإثمٍ أو قطيعة رحم أو يستعجل، يقول: دعوت ربي فما استجاب لي(( صحيح رواه الترمذي والحاكم.

إن من أعظم القربات وأفضل الطاعات .. طاعة يحبها الله عزَّ وجلَّ؛ لأنها تُجَسِد معني العبودية التي خلقنا من أجلها .. عبادة يسيرة جداً، لا تحتاج أكثر من أن تحرك شفتيك وتقبل على ربك بقلبك وترفع يدك وتقول له: يــــــــا رب.

من فضائل الدعاء :

1) الامتثال لأمر الله عز وجل .لقد أمرنا الله عز وجل أن ندعوه {وَقَالَ رَبّكم ادعونِي أَستَجِب لَكم} فالدعاء واجب يومي لابد من القيام به، وليس عندما تحتاج فقط .. لذا يغضب الله عز وجل ممن لا يدعوه.

2) أعظم طاعة وأفضل قربة .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الدعاء هو العبادة ثم قرأ {وَقَالَ رَبّكم ادعونِي أَستَجِب لَكم ..} رواه ابن ماجة وصححه الألباني] .. فيجب أن تفرح أن الله عز وجل قد أكرمك بأن تؤدي أفضل عبادة.

3) التقرب إلى الله عز وجل .. إن أردت أن تعرف ربك وتتعرف عليه، فما عليك سوى أن ترفع يديك وأنت مستشعرًا لقربه ومستشعرًا لمدى جوده وكرمه، فهو الكريم المنان ذو الفضل والإحسان .. قال تعالى {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أجِيب دَعوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَليَستَجِيبوا لِي وَليؤمِنوا بِي لَعَلَّهم يَرشدونَ}      4) علاج لآفة الكِبر .. وهو من أخطر الأمراض، لإنه هو الذى منعك من الاستسلام لأمره فعصيته .. كما قال صلى الله عليه وسلم "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر" وقال "الكبر بطر الحق وغمط الناس" رواه مسلم

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة السادسة والتسعون في موضوع (المؤمن ) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : 

فضائل الدعاء :

5) من أعظم الأسباب لعلاج قسوة القلب .. فالله عز وجل يبتلى العبد وهو يُحبه، ليسمع تضرعه .. قال تعالى {فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.. فلو إنك تضرعت إلى ربك وقت الشدة، لتحرك قلبك وزالت قسوته        6) وقاية من عذاب الله عز وجل .. فلولا الدعاء لصبّ الله علينا العذاب صباً، الله عز وجل يقول {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا}

7) ناهيك عن مِنَنٍ لا تُحصى وعطاء من لا تنقص خزائنه سبحانه وتعالى .. قال صلى الله عليه وسلم "الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل فعليكم عباد الله بالدعاء" [حسنه الألباني، صحيح الجامع

فتعرّف إلى الله في الرخاء، يعرفك في الشدة .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من سره أن يستجيب الله له عند الشدائد والكرب فليكثر الدعاء في الرخاء ) رواه الترمذي وحسنه الألباني

ولكن ما لنا ندعو ولا يُستجاب لنا؟! .. عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ما من مسلم يدعو ليس بإثم ولا بقطيعة رحم إلا أعطاه إحدى ثلاث إما أن يعجل له دعوته وإما أن يدخرها له في الآخرة وإما أن يدفع عنه من السوء مثلها )، قالوا : إذاً نكثر، قال "الله أكثر"صحيح الأدب المفرد

فإن لم يُستجاب دعاءك، فاعلم .. أن الله إذا أحب عبداً حماه، فمنعه عنك ليحفظك .. لأن هذه الدعوة لم يكن فيها الخير لك، والله سبحانه وتعالى أعلم بك منك وهو الذي يُدبر أمرك .. فثق في حكمته، {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}

فما منعك إلا ليُعطِيّك ..أو أخّرها عنك، لكي تجتهد أكثر في الدعاء .. لأنه يحب أن يسمع أنينك، ولك في قصص الأنبياء والصالحين أسوة حسنة ..أو قد تكون قد وقعت في إحدى موانع إجابة الدعاء ..

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة السابعة والتسعون في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان : * موانع إجابة الدعاء :

(1) الدعاء بإثم أو بقطيعه رحم ..

(2) أن تكون ظالمًا .. ودعوة الظالم لا تستجاب ..

(3) الكسب الحرام .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ..} وقال {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ..} ، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك ؟ ) [رواه مسلم].

4) التعدي في الدعاء .. كأن تدعو بشيء مستحيل، أو أن يشتمل الدعاء على شركيات كالتوسل بغير الله تعالى، أو أن يشتمل الدعاء على النفس بالموت، أو يدعو بتعجيل عقوبة الآخرة في الدنيا.

5) غفلة القلب .. الذي هو أثر الذنوب على القلب، قال تعالى {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ، كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ } وقال صلى الله عليه وسلم  ( ادعوا الله تعالى وأنتم موقنون بالإجابة واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه" السلسلة الصحيحة

6) ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .. لقول النبي صلى الله عليه وسلم "والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عذابا منه ثم تدعونه فلا يستجيب لكم) رواه الترمذي وحسنه الألباني

7) الاستعجال .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  (يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل" . قيل يا رسول الله ما الاستعجال ؟، قال "يقول قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجاب لي فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء ) [رواه مسلم] .. يستحسر أي: ينقطع.

قال تعالى : { ادعوني أستجب لكم } إن قلت وعده حق فإذا طلب العبد ما لم يكن في علمه حصوله فيلزم إما إخلاف الوعد أو غير ما تعلق به العلم .

.وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من لم يسأل الله يغضب عليه)

      إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثامنة والتسعون في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان : 

*المؤمن الذي يخالط الناس ، ويصبر على أذاهم

روى الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قَال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لا يُخَالِطُ النَّاسَ وَلا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ  )

*المؤمن من أمنه الناس

روى الإمام أحمد من حديث أبي هريرة  عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : المسلم من سلم الناس من لسانه ويده والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم ،ثم قال شعيب الأرنؤوط : إسناده قوي ، وقال عنه العلامة الألباني: حسن صحيح.                                     

وله شاهد آخر من حديث فضالة بن عبيد في المسند  قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : في حجة الوداع الا أخبركم بالمؤمن من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب ) ثم قال شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح 

1-فالمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم، فإن الإيمان إذا تمكن في القلب، وامتلأ القلب به أوجب لصاحبه القيام بحقوق الإيمان التي من أهمها: رعاية الأمانات، والصدق في المعاملات، والورع عن ظلم الناس في دمائهم وأموالهم، ومن كان كذلك عرف الناس هذا منه وأمنوه على دمائهم وأموالهم ووثقوا به، لما يعلمون منه من مراعاة الأمانات، فإن رعاية الأمانة من أخص واجبات الإيمان كما قال صلى الله عليه وسلم:(لا إيمان لمن لا أمانة له)

2- والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، وذلك أن الإسلام الحقيقي هو الاستسلام لله وتكميلُ عبوديته والقيام بحقوق المسلمين ولا يتم الإسلام حتى يحب للمسلمين ما يحب لنفسه، ولا يتحقق ذلك إلا بسلامتهم من شر لسانه وشر يده، فإن هذا أصل هذا الفرض الذي عليه المسلمون، فمن لم يسلم المسلمون من لسانه أو يده كيف يكون قائماً بالفرض الذي عليه لإخوانه المسلمين؟ ومن بسط في المسلمين يده ولسانه أذىً وعدواناً أين هو من تحقيق الإسلام؟ فسلامتهم من شره القولي والفعلي عنوان على كمال إسلامه.

وفي هذا دلالة على أن المؤمن أعلى رتبة من المسلم، فإن من كان مأموناً على الدماء والأموال كان المسلمون يسلمون من لسانه ويده ولولا سلامتُهم منه لما ائتمنوه، وليس كلُّ من سلموا منه يكون مأموناً عندهم، فقد يترك أذاهم وهم لا يأمنون إليه خوفاً أن يكون ترك أذاهم لرغبة أو رهبة لا لإيمان في قلبه قاله :(عبد المحسن البدر )

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة التاسعة والتسعون في موضوع (المؤمن) وستكون بعنوان :  *ما هية الأمانة :

الأمانة أن يأمنك الناس على أمورهم العامة و الخاصة ,فيطمئن الناس إذا وكلوا إليك أمرا من أمورهم أنك ستقوم بحقه على خير وجه ,فإذا أخبرك أحدهم بسر اطمأن أنك لن تذيعه , و إن دفع إليك مالا اطمأن أنك لن تضيعه , و إذا طلب منك حاجة اطمأن أنك ستتقن صنعها و القيام بها . قال النبي صلى الله عليه و سلم :   ( المؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم )

*كيف أكون أمينا ؟

· أكون أمينا على المال إذا حفظته فلم أسرقه أو أتلفه أو أضيعه قال النبي صلى الله عليه و سلم : ( الوزن أمانة و الكيل أمانة )

. أكون أمينا على طاعتي إذا فعلتها كما أمر بها الله عز و جل فلم أنتقص منها أو أتساهل فيها قال النبي صلى الله عليه و سلم : ( الصلاة أمانة ,و الوضوء أمانة )

· أكون أمينا على الأسرار و الأحاديث إذا كتمتها فلم أفشها بين الناس قال النبي صلى الله عليه و سلم : ( إذا حدث الرجل الحديث ثم التفت فهي أمانة )

· أكون أمينا على عملي إذا أتقنته و قمت به على أحسن وجه قال النبي صلى الله عليه و سلم :( إن الله تعالى يحب من أحدكم إذا عمل عملا أن يتقنه )

· أكون أمينا في بيعي و شرائي إذا كنت صادقا مع الناس فلم أخف العيب قال النبي صلى الله عليه و سلم : ( لا يحل لأحد يبيع شيئا إلا بين ما فيه )

· أكون أمينا على جسدي عندما أحفظه من المرض فأعتني به و أنظفه , و أمارس الرياضة فأقوي بها جسدي .و أبتعد عن التدخين و غيره مما يضر. قال النبي صلى الله عليه و سلم : ( إن لجسدك عليك حقا )

· أكون أمينا على جسدي كذلك بأن أحفظه من معصية الله عز و جل , فأغض من بصري , و أحفظ أذني عن كل فحش و بذاءة , وأنزه لساني عن كل غيبة أو نميمة قال تعالى ( إن السمع و البصر و الفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا )

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان : 

*ثمار الأمانة ؛ الجنة : قال النبي صلى الله عليه و سلم : ( اضمنوا لي ستا أضمن لكم الجنة اصدقوا إذا حدثتم و أوفوا إذا وعدتم و أدوا إذا ائتمنتم .....)

*عقوبة خيانة الأمانة ؛ 1 - يحرم الله عليه الجنة :           قال النبي صلى الله عليه و سلم :( ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت و هو غاش لها إلا حرم الله عليه الجنة )

2 - عاقبته النار : قال النبي صلى الله عليه و سلم : ( يؤتى بالعبد يوم القيامة , و إن قتل في سبيل الله , فيقال : أد أمانتك . فيقول : أي رب كيف و قد ذهبت الدنيا , فيقال : انطلقوا به إلى الهاوية )

3 - لا يقبل الله عبادته : قال النبي صلى الله عليه و سلم : ( أشد شيء في هذا الدين الأمانة , و إنه لا دين لمن لا أمانة له , و لا صلاة لمن لا أمانة له و لا زكاة لمن لا أمانة له )

4 - لا يكون مؤمنا كامل الإيمان : قال النبي صلى الله عليه و سلم : ( المؤمن يطبع على كل خلق إلا الكذب و الخيانة )                                                  5 - يكون من المنافقين : قال النبي صلى الله عليه و سلم : ( آية المنافق ثلاث , إذا حدث كذب و إذا وعد أخلف , و إذا اؤتمن خان )

6- ليس من جماعة المؤمنين الصادقين : قال النبي صلى الله عليه و سلم : ( من غش فليس منا )

7- تشمله لعنة الله : قال النبي صلى الله عليه و سلم :  ( لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده , و يسرق الحبل فتقطع يده )

8- يفضحه الله يوم القيامة : قال النبي صلى الله عليه و سلم :( إذا جمع الله الأولين و الآخرين يوم القيامة يرفع لكل غادر لواء , فيقال : هذه غدرة فلان بن فلان )   

*حال النبي صلى الله عليه و سلم مع الأمانة :

كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يدعى في الجاهلية ( الصادق الأمين ) لأمانته و صدقه , و من ذلك أن كفار قريش كانوا لا يجدون رجلا يأمنونه على أموالهم مثل النبي صلى الله عليه و سلم و حتى و هم يحاربونه , فإنه لما أراد الهجرة ترك سيدنا عليا مكانه حتى يؤدي للناس ودائعهم و أماناتهم التي كانت عنده .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الأولى بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان : 

*مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن

عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن، كمثل الأترجة طعمها طيب وريحها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة، طعمها طيب ولا ريح لها، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن، كمثل الريحانة، ريحها طيب ولا طعم لها، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن، كمثل الحنظلة طعمها مر ولا ريح لها " صحيح البخاري

 قال ابن حجر: قوله: (طَعْمهَا طَيِّب وَرِيحهَا طَيِّب) قِيلَ: خَصَّ صِفَة الْإِيمَان بِالطَّعْمِ, وَصِفَة التِّلَاوَة بِالرِّيحِ؛ لِأَنَّ الْإِيمَان أَلْزَم لِلْمُؤْمِنِ مِن الْقُرْآن؛ إِذْ يُمْكِن حُصُول الْإِيمَان بِدُونِ الْقِرَاءَة, وَكَذَلِكَ الطَّعْم أَلْزَم لِلْجَوْهَرِ مِن الرِّيح؛ فَقَدْ يَذْهَب رِيح الْجَوْهَر وَيَبْقَى طَعْمه.

ثُمَّ قِيلَ: الْحِكْمَة فِي تَخْصِيص الْأُتْرُجَّة بِالتَّمْثِيلِ دُون غَيْرهَا مِن الْفَاكِهَة الَّتِي تَجْمَع طِيب الطَّعْم وَالرِّيح كَالتُّفَّاحَةِ؛ لِأَنَّهُ يُتَدَاوَى بِقِشْرِهَا وَهُوَ مُفْرِح بِالْخَاصِّيَّةِ, وَيُسْتَخْرَج مِنْ حَبِّهَا دُهْن لَهُ مَنَافِع. وَقِيلَ: إِنَّ الْجِنّ لَا تَقْرَب الْبَيْت الَّذِي فِيهِ الْأُتْرُجّ فَنَاسَبَ أَنْ يُمَثِّلَ بِهِ الْقُرْآن الَّذِي لَا تَقْرَبهُ الشَّيَاطِين, وَغِلَاف حَبّه أَبْيَض فَيُنَاسِب قَلْب الْمُؤْمِن, وَفِيهَا أَيْضًا مِن الْمَزَايَا كِبْر جُرْمهَا وَحُسْن مَنْظَرهَا وَتَفْرِيح لَوْنهَا وَلِين مَلْمَسهَا, وَفِي أَكْلهَا مَعَ الِالْتِذَاذ طِيب نَكْهَة وَدِبَاغ مَعِدَة وَجَوْدَة هَضْمٍ, وَلَهَا مَنَافِع أُخْرَى مَذْكُورَة فِي الْمُفْرَدَات .

 وقال بن بطال: "معنى هذا الباب أن قراءة الفاجر والمنافق لا ترتفع إلى الله ولا تزكو عنده, وإنما يزكو عنده ما أريد به وجهه, وكان عن نية التقرب إليه, وشبهه بالريحانة حين لم ينتفع ببركة القرآن, ولم يفز بحلاوة أجره, فلم يجاوز الطيب موضع الصوت وهو الحلق,ولا اتصل بالقلب, وهؤلاء هم الذين يمرقون من الدين"

   وقال العيني: "اعلم أن هذا التشبيه والتمثيل في الحقيقة وصف اشتمل على معنى معقول صرف لا يبرزه عن مكنونه إلا تصويره بالمحسوس المشاهد, ثم إن كلام الله المجيد له تأثير في باطن العبد وظاهره, وإن العباد متفاوتون في ذلك, فمنهم من له النصيب الأوفر من ذلك التأثير, وهو المؤمن القارئ ومنهم من لا نصيب له البتة وهو المنافق الحقيقي, ومنهم من تأثر ظاهره دون باطنه وهو المرائي, أو بالعكس وهو المؤمن الذي لم يقرأه, وإبراز هذه المعاني وتصويرها في المحسوسات ما هو مذكور في الحديث, ولم يجد ما يوافقها ويلائمها أقرب ولا أحسن ولا أجمع من ذلك؛ لأن المشبهات والمشبه بها واردة على التقسيم الحاضر؛ لأن الناس إما مؤمن أو غير مؤمن, والثاني إما منافق صرف أو ملحق به, والأول إما مواظب عليها, فعلى هذا قس الأثمار المشبه بها, ووجه التشبيه في المذكورات مركب منتزع من أمرين محسوسين طعم وريح, وقد ضرب النبي المثل بما تنبته الأرض ويخرجه الشجر للمشابهة التي بينها وبين الأعمال؛ فإنها من ثمرات النفوس فخص ما يخرجه الشجر من الأترجة والتمر بالمؤمن, وبما تنبته الأرض من الحنظلة والريحانة بالمنافق, تنبيهًا على علو شأن المؤمن وارتفاع علمه ودوام ذلك, وتوقيفًا على ضعة شأن المنافق وإحباط عمله وقلة جدواه"

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثانية بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :  أقسام المؤمنين في علاقتهم بالقرآن أربعة :

قال الحافظ ابن حجر في شَرْحه على صحيح البخاري:

يقسِّم النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث الناس أربعة أقسام في علاقتهم بالقرآن :

القسم الأول: المؤمن الذي يقرأ القرآن ويُفهم من ذلك أنه يعملُ بما يقرأ، وينفذ أوامره، ويصير خُلقه القرآن؛ كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - خُلقه القرآن؛ كما حدَّثَتْ بذلك عائشة، قالتْ: (كان خُلقه القرآن، كان قرآنًا يمشي على الأرض ) ، ومعناه: أنَّ القرآن قد تمثَّل في شَخْص النبي - صلى الله عليه وسلم.

أما القسم الثاني، فهو المؤمن الذي لا يقرأ القرآن؛ أي: إنه يعمل بما في القرآن لكنَّه لا يتلوه، فمثله مَثَل التمرة؛ طعمها حلو ولا رِيحَ لها، ولأختيار التمرة هنا معنًى بديع: وهو أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قد شبَّه المؤمن بالنخلة بجامع كَثَرة الفوائد بينهما؛ قال ابن عمر: "كنَّا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتى بجُمَّار، فقال: (إنَّ من الشجر شجرة مَثَلها كمَثَل المسلم)، فأردتُ أن أقول: هي النخلة، فإذا أنا أصغر القوم، فسكتُّ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (هي النخلة)؛ رواه البخاري.

قال صاحب تُحفة الأحوذي:

"ووجْه الشَّبَه بين النخلة والمؤمن من جهة عدم سقوط الوَرَق ما رواه الحرث بن أسامة في هذا الحديث من وجهٍ آخرَ عن ابن عمر ولفظه، قال: "كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم، فقال: ((إنَّ مثَلَ المؤمن كمثل شجرة لا تسقط لها أُنْمُلَة، أتدرون ما هي؟))، قالوا: لا، فقال: ((هي النخلة، لا تسقط لها أُنْمُلة، ولا تسقط لمؤمن دعوة)).

القسم الثالث: المنافق الذي يقرأ القرآن، فهو لا يعمل به ويتظاهر أمام الناس أنه مؤمنٌ، فهو في ذلك مثل الريحانة لها رائحة وطعمها مُرٌّ.

القسم الرابع: المنافق الذي لا يقرأ القرآن، شبَّهه النبي - صلى الله عليه وسلم - بالحنظلة، وفيها ما فيها من المذاق المرِّ؛ ولذا قال: (لا رائحة لها، وطعمها مُرٌّ)، وفي رواية للترمذي: (رِيحُها مُرٌّ وطعمُها مُرٌّ)، واستشكلتْ هذه الرواية من جهة أنَّ المرارة من أوصاف الطعوم، فكيف يوصف بها الريحُ؟! والإجابة بأنَّ الريح لَمَّا كان كريهًا، اسْتُعيرَ له وصْفُ (المرارة).

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثالثة بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :

*ما لعبدي المؤمن إذا قبضت صفية من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة

 عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (يقول الله تعالى: [ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة ] رواه البخاري.                               فهذا الحديث أورده الإمام النووي -رحمه الله- في باب الصبر من كتابه رياض الصالحين، وموطن الشاهد فيه ظاهر، وذلك أن من قُبض صفيه من أهل الدنيا فإن ذلك يستدعي منه صبراً، وإلا فإن ذلك قد يفضي به إلى الجزع، والخروج إلى ما لا ينبغي،وما لا يليق من النياحة، والتسخط على أقدار الله -عز وجل-، وما إلى ذلك.

هذا الحديث من الأحاديث القدسية، فما صدر بمثل هذه الجملة يضيفه النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى ربه، أو يقول الراوي: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ما يرويه عن ربه، فيكون ذلك من قبيل الحديث القدسي، وهذه الأحاديث معروفة، وتقارب المائة، منها ما يصح ومنها ما لا يصح، والفرق بينها وبين القرآن -على الأرجح- أن الأحاديث القدسية من كلام الله -عز وجل-، كما أن القرآن من كلام الله -تبارك وتعالى- إلا أنها تفترق عنه بأن القرآن متعبد بتلاوته، وأن القرآن قد تعهد الله -عز وجل- بحفظه، وأن القرآن حفظه الله -تبارك وتعالى- من التبديل والتحريف، وهذه الأحاديث القدسية ليست بمعجزة بلفظها، ولا متعبد بتلاوة ألفاظها، ولم يتعهد الله -تبارك وتعالى- بحفظها.

والمقصود بالصفي أي: من تصافيه، وهو خلاصة الأحباب والأصحاب، الذي يكون بينك وبينه الصفا والود، فهذا إذا قبض لا شك أن المصيبة فيه تعظم، وأن النفس تحزن لفقده، فإذا ألزَم الإنسان نفسه بالصبر في مثل هذا المقام فإن الله -عز وجل- قد وعده بالجنة. قال: (ثم احتسبه) أي: احتسب الأجر على الصبر على فقد هذا الصفي المحبوب، فليس له جزاء إلا الجنة، ولذلك كان السلف -رضي الله تعالى عنهم- يدركون هذا المعنى إدراكاً جيداً،

إذا وقع للإنسان شيء من المكروه، ثم احتسب ذلك عند الله -عز وجل- فإنه يُرفع بهذا، ويكفر عنه من خطاياه، فالمؤمن في ربح دائم مستمر، والله -عز وجل- لا يبتليه ليكسره، وإنما يبتليه ليرفعه.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الرابعة بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان : *إذا مات أحدكم انقطع عمله وإنه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيرا

عن أبي هُريرة رضي الله عنهُ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يتمن أحدكم الموت إما مُحسناً ، فلعله يزداد، وإما مسيئاً فلعلهُ يستعتب) متفق عليه              قال ابن عثيمين في شرحه للحديث : النهي هنا للتحريم؛ لأن تمني الموت فيه شيء من عدم الرضا بقضاء الله، والمؤمن يجب عليه الصبر، إذا إصابته الضراء يصبر، فإذا صبر على الضراء نال شيئين مهمين:

الأول :تكفير الخطايا، فإن الإنسان لا يصيبه همٌّ ولا غمُّ ولا أذى ولا شيء إلا كفر عنه حتى الشوكة يشاكها؛ فإنه يكفر بها عنه.

الثاني :إذا وفّق لاحتساب الأجر من الله وصبر يبتغي بذلك وجه الله؛ فإنه يُثاب، وقد قال الله تعالى : ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}

أما كونه يتمنى الموت فهذا يدل على أنه غير صابر على ما قضى الله عزّ وجلَّ ولا راضٍ به، وبين الرسول عليه الصلاة والسلام أنه إما أن يكون من المحسنين، فيزداد في بقاء حياته يزداد عملاً صالحاً.

ومن المعلوم أن التسبيحة الواحدة في صحيفة الإنسان خيرٌ من الدنيا وما فيها؛ لأن الدنيا وما فيها تذهب وتزول، والتسبيح والعمل الصالح يبقى، قال الله عزّ وجلَّ : (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً)  فأنت إذا بقيت ولو على أذى ولو على ضرر؛ فإنك ربما تزداد حسنات.

وإما مسيئاً قد عمل عملاً سيئاً، فلعله يستعتب أي: يطلب من الله العتبى أي: الرضا والعذر، فيموت وقد تاب من سيئاته، فلا تتمنَّ الموت؛ لأن الأمر كله مقضي، وربما يكون في بقائك خيرٌ لك أو خيرٌ لك ولغيرك، فلا تتمن الموت؛ بل اصبر واحتسب، ودوام الحال من المحال، و قال النبي عليه الصلاة والسلام ( فإن كان لا بد فاعلاً فليقل : اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي)

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الخامسة بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :

*رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من أجزاء النبوة

  أخرج البخاري ومسلم والترمذي من حديث أنس وغيره : ( إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب وأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثا ورؤيا المسلم جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة والرؤيا ثلاثة ..) الحديث  

والناس في الرؤيا على ثلاث درجات :

الأنبياء ورؤياهم كلها صدق، وقد يقع فيها ما يحتاج إلى التعبير.

والصالحون: والأغلب على رؤياهم الصدق، وقد يقع فيها ما لا يحتاج إلى تعبير.

ومن عداهم: يقع في رؤياهم الصدق والأضغاث، وهم ثلاثة أقسام : 

1-مستورون: فالغالب استواء الحال في حقهم. 

2-وفسقة : والغالب على رؤياهم الأضغاث، ويقل فيها الصدق.     

3-وكفار: ويندر في رؤياهم الصدق. 

ويشير لهذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: وأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثاً. رواه مسلم.

ورؤيا المؤمن الصالح الصادق هي التي تنسب إلى أجزاء النبوة، وقيل تعد من أقصى الأجزاء...

والمسلم الصادق هو الذي يناسب حاله حال الأنبياء ويتحلى بأخلاقهم ويهتدي بهديهم.. فهذا يكرم بنوع مما أكرم به الأنبياء وهو الرؤيا الصادقة والاطلاع على بعض المغيبات. 

وأما الكافر والفاسق والمخلط... فلا، ولو صدقت رؤياهم أحياناً فقد يصدق الكذوب وليس كل من حدث عن غيب أو أخبر به يكون خبره من أجزاء النبوة، فالكاهن والمنجم والعراف... ربما أخبرتهم شياطينهم ببعض المغيبات، فالعبرة بالاستقامة واتباع هدي الأنبياء

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة السادسة بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون إستكمالا للماضية والتي بعنوان :

*رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من أجزاء النبوة

اشتملت أحاديث الباب على صفات للرؤيا التي هي جزء من أجزاء النبوة، وعلى صفات لصاحبها، وسأقتصر في هذا المطلب على ما ورد في الروايات الصحيحة:

فقد ورد: "الرؤيا الصالحة" في حديث ، و"الرؤيا الصادقة الصالحة" في حديث، و"رؤيا العبد المؤمن الصادقة الصالحة" في  حديث، و"الرؤيا الحسنة من الرجل الصالح" في حديث ، و"رؤيا المسلم" في حديث ، و"رؤيا الرجل المسلم" في حديث ، و"رؤيا المؤمن" في حديث .

فقد ذكرت هذه الروايات ثلاث صفات للرؤيا، وهي: الصالحة، والصادقة، والحسنة. وثلاث صفات لصاحبها، وهي: الإسلام، والإيمان، والصلاح.

والملاحظ أن صفة (الصلاح) للرؤيا وصاحبها هي الصفة الغالبة في هذه الروايات، فقد ذكرت تارة مفردة، وتارة مضافة إلى صفات أخرى، وفي هذا دليل على أن الرؤيا لا تكون من أجزاء النبوة إلا إذا كانت صالحة، ورائيها صالحاً.

أما الرائي: فالصلاح في حقه مرتبة بعد الإسلام والإيمان، وتكون رؤياه من أجزاء النبوة إذا تحقق بالإسلام والإيمان وكان صالحاً، وهذا جمع حسن بين ألفاظ الروايات السابقة.

ومعنى صلاح العبد: استقامته على شرع الله تعالى في الأقوال والأفعال وسائر الأحوال.

ولما كان الناس متفاوتين في هذا، كانت رؤاهم متفاوتة في قدر جزء النبوة، دل عليه قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثاً) .

قال ابن حجر :"وإنما كان كذلك؛ لأن من كثر صدقه تنور قلبه، وقوي إدراكه، فانتقشت فيه المعاني على وجه الصحة، وكذلك من كان غالب حاله الصدق في يقظته، استصحب ذلك في نومه، فلا يرى إلا صدقاً..".

والرؤية الصالحة: هي الصحيحة المستقيمة، المحققة الوقوع، التي لا تكون أضغاثاً، ولا من تشبيهات الشيطان، ولا ناتجة عن حديث النفس.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة السابعة بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :*إن الله يدني المؤمن فيضع عليه كنفه

قال تعالى :                                  ﯛﯜ                    

قال ابن كثير : أي كما يتناجى به الجهلة من كفرة أهل الكتاب ومن مالأهم على ضلالهم من المنافقين " وتناجوا بالبر والتقوى واتقوا الله الذي إليه تحشرون " أي فيخبركم بجميع أعمالكم وأقوالكم التي أحصاها عليكم وسيجزيكم بها .

 أخرج الإمام أحمد بسنده من حديث  صفوان بن محرز قال كنت آخذا بيد ابن عمر إذ عرض له رجل فقال كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في النجوى يوم القيامة ؟ قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " إن الله يدني المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره من الناس ويقرره بذنوبه ويقول له أتعرف ذنب كذا ؟ أتعرف ذنب كذا ؟ أتعرف ذنب كذا ؟ حتى إذا قرره بذنوبه ورأى في نفسه أن قد هلك قال فإني قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم ثم يعطى كتاب حسناته وأما الكفار والمنافقون فيقول الأشهاد" هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين " أخرجاه في الصحيحين من حديث قتادة.

والكنف صفةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عزَّ وجلَّ بالحديث الصحيح، والكَنَف في اللغة: السِّتر والحِرز والجانب والنَّاحية.

· الدليل: حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: ( يدنو أحدكــم من ربـه حتى يضع كَنَفَه عليه فيقول...)             

قال البخاري: (قال عبد الله بن المبارك: كَنَفَه؛ يعني: ستره)    

وقال الشيخ الغنيمان  : قولـه : (حتى يضع كَنَفَه عليه) : جاء الكَنَفُ مفسراً في الحديث بأنه السِّتر، والمعنى: أنه تعالى يستر عبده عن رؤية الخلق له؛ لئلا يفتضح أمامهم فيخزى؛ لأنه حين السؤال والتقرير بذنوبه تتغير حاله، ويظهر على وجهه الخوف الشديد، ويتبين فيه الكرب والشدة)

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثامنة بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :

*الناس كالإبل المائة لا تكاد تجد فيها راحلة (وهو المؤمن )                                                      

أخرج البخاري في صحيحه  من حديث ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إنما الناس كالإبل المائة، لا تكاد تجد فيها راحلة )

 قال الحافظ ابن حجر في شرح هذا الحديث : قال الخطابي : تأولوا هذا الحديث على وجهين:

  أحدهما : أن الناس في أحكام الدين سواء، لا فضل فيها لشريف على مشروف، ولا لرفيع على وضيع، كالإبل المائة التي لا يكون فيها راحلة وهي التي ترحل لتركب، والراحلة فاعلة بمعنى مفعولة، أي كلها حمولة تصلح للحمل، ولا تصلح للرحل والركوب عليها.

والثاني: أن أكثر الناس أهل نقص، وأما أهل الفضل فعددهم قليل جداً، فهم بمنزلة الراحلة في الإبل المحمولة، ومنه قوله تعالى (ولكن أكثر الناس لايعلمون) ".

ورجح الثاني الأزهري، والنووي، والقرطبي وغيرهم. ولاشك أن المعنيين ثابتان بأدلة أخرى، ومرادنا هاهنا المعنى الثاني، وسواء أكان هو المراد بهذا الحديث أم المراد غيره فهكذا شأن الناس؛ فالقليل منهم هو الذي يعتمد عليه، وأكثرهم دون ذلك. وفي هذا المعنى وقفات عدة :

الوقفة الأولى :  أن على الدعاة والمربين الاعتناء بالعناصر الفاعلة المتميزة .

الوقفة الثانية: حين يدرك الداعية والمربي هذا المعنى، يدعوه ذلك لأن يكون واقعياً في ما يطلبه من الناس وينتظره منهم، فالناس لن يكونوا كلهم رواحل، ولا يسوغ أن نرسم صورة مثالية وننتظر من الناس جميعاً أن يصلوا إليها.

الوقفة الثالثة:حين نرى صورة واقعية من أحد من الناس، فلا يسوغ أن نتخذها نموذجاً نقارن الآخرين به       الوقفة الرابعة: ليس معيار الاختلاف بين الناس قاصراً على القدرات العقلية والذهنية وحدها، فهم يتفاوتون في تحملهم للأعباء، وفي جديتهم، وفي تضخيمهم للمخاطر، وفي قدراتهم النفسية…..إلخ

الوقفة الخامسة:إدراك هذا المعنى يجعل المسلم عالي الهمة، متطلعاً للمزيد، ينظر -في العلم والصلاح- إلى من هو فوقه، ولاينظر إلى من هو دونه. قاله الدكتور / محمد بن عبدالله الدويش 

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة التاسعة بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :*يموت المؤمن بعرق الجبين

 

صح عنه عليه الصلاة والسلام عند ابن حبان والحاكم واحمد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( يموت المؤمن بعرق الجبين )

قيل: أنه إذا حضرته سكرات الموت أصابه عرق، وأتاه رشح، وهذا معنىً موجه، وهو صحيح.

وقيل: أنه يموت كداً وكدحاً في العمل الصالح؛ وهي كناية عن اجتهاده في العمل الصالح، وعن بذله، وعن تقواه لله عزوجل حتى يلقاه الله عزوجل وقد بلغ من نفسه مبلغاً من العبادة، والمجاهدة { وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ }

وبعض العلماء يقولون: "من علامة المؤمن أنه قد يتبسم في سكرات الموت، ويعرق جبينه، وتأتيه مبشرات" وقد حدث هذا لـ ابن المبارك ، فيما نقلوا عنه أنه تبسم، وقال: " { لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ } وقد ترى له رؤيا حسنة في الحياة الدنيا؛ والرؤيا من المبشرات يراها المؤمن، أو تُرى له كما قال عليه الصلاة والسلام.

أخرج الإمام أحمد وحسَّنه الحاكم ووافقه الذهبي من حديث بُريدة بن الحُصيب - رضي الله عنه -: "أنه كان بخُراسان، فعاد أخًا له وهو مريض، فوجده بالموت، وإذا هو يَعرق جبينه، فقال: الله أكبر، سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (موتُ المؤمنِ بعَرقِ الجبين)

وفي كتاب "الثبات حتى الممات" لابن الجوزي: لما احتضر أبو بكر بن حبيب - وكان يدرس ويعظ وكان نِعْمَ المؤدِّب - قال له أصحابه لما احتضر: أوصنا، فقال: أوصيكم بثلاث: بتقوى الله - عز وجل - ومراقبته في الخلوة، واحذروا مصرعي هذا، فقد عشت إحدى وستين سنة، وما كأني رأيتُ الدنيا، ثم قال لبعض إخوانه: انظر هل ترى جَبيني يعرَقُ؟ فقال: نعم، فقال: الحمدُ لله، هذه علامة المؤمن - يُريد بذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم -: (الْمُؤْمِنُ يَمُوتُ بِعَرَقِ الْجَبِينِ)، ثم بسط يده عند الموت، وقال:

هَا قدْ مَدَدْتُ يَدِي إلَيْكَ فَرُدَّهَا  بِالْفَضْلِ لاَ بِشَمَاتةِ الأَعْدَاءِ

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة العاشرة بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان : *المؤمن في قبره

روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن المؤمن إذا ألحد في قبره أتاه ملكان أزرقان أسودان ، فيأتيانه من قبل رأسه ، فتقول صلاته لا يؤتى من قبلي ، فرب ليلة قد بات فيها ساهرا حذارا لهذا المضجع فيوتى من قبل رجليه ، فتقول رجلاه لا يؤتي من قبلنا ، فقد كان ينصب ويمشي علينا في طاعة الله حذارا لهذا المضجع فيؤتى من قبل يمينه فتقول صدقته لا يؤتى من قبلي ، فقد كان يتصدق حذارا لهذا المضجع ، فيؤتى من قبل شماله ، فيقول صومه لا يؤتى من قبلي ، فقد كان يجوع ويظمأ حذارا لهذا المضجع ، فيوقظ كما يوقظ النائم ، ثم يسأل " رواه ابن حبان ، والحاكم

  قد دلت الأدلة على أن المؤمن ينعم في قبره ، حتى تقوم الساعة فينتقل بفضل الله ورحمته إلى النعيم الذي لا ينفد ولا ينقطع وهو نعيم الجنة . جعلنا الله تعالى من أهلها .

وهذه بعض صور مما ينعم به المؤمن في قبره :

1- يفرش له من فراش الجنة .

2- ويُلبس من لباس الجنة .

3- ويفتح له باب إلي الجنة ، لِيَأْتِيَهُ مِنْ نَسِيمِهَا وَيَشَمُّ مِنْ طِيبِهَا وَتَقَرُّ عَيْنُهُ بِمَا يَرَى فِيهَا مِنْ النعيم .

4- ويفسح له في قبره .

5- ويبشر برضوان الله وجنته . ولذلك يشتاق إلى قيام الساعة .

6- ينام نومة العروس .   7- وينور له قبره .

فالمؤمن ينتقل في قبره من نعيم إلى نعيم.

فأول نعيم يلقاه في قبره أن الله - جل وعلا - يُثبِّته عند سؤال الملكين؛ قال تعالى: ﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ﴾

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الحادية عشرة بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :*إن الله لا يظلم المؤمن حسنة

أخرج مسلم بسنده من حديث أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن الله لا يظلم مؤمنا حسنة يعطى بها في الدنيا ويجزى بها في الآخرة وأما الكافر فيطعم بحسنات ما عمل بها لله في الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم تكن له حسنة يجزى بها )  

 قال النووي : المؤمن يدخر له حسناته وثواب أعماله إلى الآخرة ، ويجزى بها مع ذلك أيضا في الدنيا ، ولا مانع من جزائه بها في الدنيا والآخرة ، وقد ورد الشرع به فيجب اعتقاده .

 قوله : ( إن الله تعالى لا يظلم مؤمنا حسنة ) معناه : لا يترك مجازاته بشيء من حسناته ، والظلم يطلق بمعنى النقص وحقيقة الظلم مستحيلة من الله تعالى  

وقال ابن كثير : قال تعالى : ( إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما }

  يخبر تعالى أنه لا يظلم عبدا من عباده يوم القيامة مثقال حبة خردل ولا مثقال ذرة ، بل يوفيها به ويضاعفها له إن كانت حسنة

    وفي الصحيحين ، من حديث أبي سعيد الخدري ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة الطويل ، وفيه : فيقول الله عز وجل : " ارجعوا ، فمن وجدتم في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان ، فأخرجوه من النار " .

وأخرج الإمام أحمد بسنده من حديث أبي هريرة أنه قال : بلغني أن الله تعالى يعطي عبده المؤمن بالحسنة الواحدة ألف ألف حسنة . قال : فقضى أني انطلقت حاجا أو معتمرا ، فلقيته فقلت : بلغني عنك حديث أنك تقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الله يعطى عبده المؤمن بالحسنة ألف ألف حسنة " قال أبو هريرة : لا بل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الله عز وجل يعطيه ألفي ألف حسنة " ثم تلا( يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما) فمن يقدره قدره

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثانية عشرة بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :*أسس الحساب يوم القيامة:

- من أسس الحساب يوم القيامة: أنه مبني على عدل الله تعالى،{وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ }

- ومن الأسس: أن العبد يوم القيامة يوفى كل العمل     { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ }،

- من أسس المحاسبة يوم القيامة: أنه لا يؤخذ أحد بجريرة أحد، قال عز وجل: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى }

- ومن أسس المحاسبة يوم القيامة: جبر النقص في الفرائض من النوافل التي يعملها صاحب الفريضة، فعن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم  يقول: (إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر، فإن انتقص من فريضته شيء قال الرب عز وجل: انظروا هل لعبدي من تطوع فيكمل بها ما انتقص من الفريضة ثم يكون سائر عمله على ذلك)،     -من أسس المحاسبة يوم القيامة: أن الحساب يكون بمقابلة الحسنات والسيئات، فهنالك ميزان فيه كفتان، توزن الحسنات والسيئات، وبحسب الراجح في الميزان يكون المصير

- ومن أسس الحساب يوم القيامة: أن من هم بحسنة في الدنيا فلم يعملها جُزي عليها بحسنة كاملة، كما قال عليه الصلاة والسلام: (إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة)

- من أسس الحساب يوم القيامة: أن الحسنة التي يعملها العبد تكتب بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، والله يضاعف لمن يشاء، قال عليه الصلاة والسلام: (فإن هو هم بها)، أي بالحسنة، (فعملها كتبها الله له عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة) ،

- ومن أسس الحساب يوم القيامة: أن من عمل سيئة فإنها تكتب عليه سيئة واحدة ولا تضاعف، وهذا فضل من الله تعالى كما قال في الحديث: (فإن هو هم بها فعملها كتبها الله له سيئة واحدة) ،

- ومن أسس المحاسبة يوم القيامة: المقاصة بين العباد بالحسنات والسيئات، قال عليه الصلاة والسلام: ( ولا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة ولأحد من أهل النار عنده حق حتى أقصه منه، حتى اللطمة)

 إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثالثة عشرة بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :*المؤمن لا يتمنى الموت

روى البخاري ومسلم  عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به فإن كان لا بد متمنيا فليقل : اللهم أحيني ما كانتاالحياة خيرا لي و توفني إذا كانت الوفاة خيرا لي )  

ومن أسماء الموت  : المنون، الحتف، الحِمام، السام، الوفاة، الردى، الهلاك.

ومعاني الموت : قال ابن الجوزي رحمه الله: "ذكر بعض المفسرين أنّ الموت في القرآن على أوجه:

أحدها: الموت نفسه، ومنه قوله تعالى: }كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ{ الثاني: الضلال، ومنه قوله تعالى: }أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ{ الثّالث: الجدب، ومنه قوله تعالى: {فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ} الرّابع: الجماد، ومنه قوله تعالى: }أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ{ يعني الأوثان.الخامس: الكفر، ومنه قوله تعالى: {وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ} وهو الكافر"

والنوم موت. قال تعالى: }الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها} وقال: }وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ} وقال النبي صلى الله عليه وسلم : «النوم أخو الموت، ولا يموت أهل الجنة» رواه البيهقي في الشعب. ولهذا كان نبينا  صلى الله عليه وسلم  إذا استيقظ من نومه قال: «الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور» رواه أبو داود.

ويطلق الموت على شدة العذاب، قال تعالى: }ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت}

قال الحسن البصري رحمه الله: "ما رأيت يقينا لا شك فيه أشبه بشك لا يقين فيه من الموت"

فالموت هو الحقيقة التي لا يمكن لأحدٍ أن ينكرها، أنكر فئام من الناس وجود الله تعالى، وأنكر المشركون البعث، وأُنكرت غير هذه الحقائق القَطعِيِة التي لا شك فيها، أما الموت فلا يمكن إنكاره.. قال تعالى –عن المشركين-: }وقالوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ} وقال: }كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ{ وقال: }كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ{وقال: }أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ{

ولو كان أحدٌ يبقى لما كان أولى بذلك من رسول الله  صلى الله عليه وسلم ، ولكن كتب الله الفناء على جميع عباده فلا يبقى إلا وجهه.. قاله الدكتور : مهران ماهر عثمان  إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الرابعة عشرة بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان

*المؤمن أفضل من الملائكة الذين عند الله عز وجل

عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " المؤمن أفضل من الملائكة الذين عند الله عز وجل "

وفي تفضيل الملائكة على البشر اختلاف

وفي الحديث عن جابر يرفعه قال: ( لما خلق الله آدم وذريته قالت الملائكة : يا رب خلقتهم يأكلون ويشربون وينكحون فاجعل لهم الدنيا ولنا الآخرة فقال تعالى: ( لا أجعل من خلقته بيدي ونفخت فيه من روحي كمن قلت له: كن فكان ) .

والأولى أن يقال: عوام المؤمنين أفضل من عوام الملائكة وخواص المؤمنين أفضل من خواص الملائكة قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ }

وروي عن أبي هريرة أنه قال: « المؤمن أكرم على الله من الملائكة الذين عنده » .

قال ابن كثير : " قد اختلف الناس في تفضيل الملائكة على البشر على أقوال : فأكثر ما توجد هذه المسألة في كتب المتكلمين ، والخلاف فيها مع المعتزلة ومن وافقهم .

وأقدم كلام رأيته في هذه المسألة ما ذكره الحافظ ابن عساكر في تاريخه في ترجمة أمية بن عمرو بن سعيد بن العاص : " أنّه حضر مجلساً لعمر بن عبد العزيز وعنده جماعة ، فقال عمر : ما أحد أكرم على الله من كريم بني آدم ، واستدل بقوله تعالى : ( إنَّ الَّذين آمنوا وعملوا الصَّالحات أولئك هم خير البريَّة ). ووافقه على ذلك أمية بن عمرو بن سعيد .

فقال عراك بن مالك : ما أحد أكرم على الله من ملائكته ، هم خدمة دارَيْه ، ورسله إلى أنبيائه ، واستدل بقوله تعالى : ( ما نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عن هذه الشَّجرة إلاَّ أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين )

فقال عمر بن عبد العزيز لمحمد بن كعب القرظي : ما تقول أنت يا أبا حمزة ؟ فقال : قد أكرم الله آدم فخلقه بيده ، ونفخ فيه من روحه ، وأسجد له ملائكته ، وجعل من ذريته الأنبياء ، والرسل ومن يزوره الملائكة .

فوافق عمر بن عبد العزيز في الحكم واستدل بغير دليله "

وهذا الذي ذكره ابن كثير من كلام عمر بن عبد العزيز وجلسائه في هذه المسألة يبين الخطأ ما قاله تاج الدين الفزاري ، حيث يقول : " هذه المسألة من بدع علم الكلام ، التي لم يتكلم فيها الصدر الأول من الأمة ، ولا من بعدهم من أعلام الأئمة " ، بل قد ثبت أن بعض الصحابة تكلموا في شيء من ذلك ، فهذا عبد الله بن سلام يقول : " ما خلق الله خلقاً أكرم عليه من محمد . فقيل له : ولا جبريل ولا ميكائيل ؟ "

فقال للسائل : " أتدري ما جبريل وميكائيل ؟ إنما جبريل وميكائيل خلق مسخر كالشمس والقمر ، وما خلق الله خلقاً أكرم عليه من محمد صلى الله عليه وسلم " . رواه الحاكم في مستدركه وصححه هو والذهبي .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الرابعة عشرة بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون إستكمالا للماضية والتي بعنوان :

*المؤمن أفضل من الملائكة الذين عند الله عز وجل

الأقوال في المسألة :

قال الإمام أحمد : حجة الذين ذهبوا إلى تفضيل البشر :

الدليل الأول : أن الله أمر الملائكة بالسجود لآدم ، فلولا فضله لما أمروا بالسجود له : ( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلاَّ إبليس أبى واستكبر ).

الدليل الثاني : قوله قصصاً عن إبليس : ( أَرَأَيْتَكَ هذا الَّذي كرَّمت عَلَيَّ ) فإن هذا نص في تكريم آدم على إبليس إذ أمر بالسجود له .

الدليل الثالث : أن الله تعالى خلق آدم بيده ، وخلق الملائكة بكلمته .

الدليل الرابع : قوله تعالى : ( إِنِّي جاعلٌ في الأرض خليفةً ). فالخليفة يفضل على من ليس خليفة ، وقد طلبت الملائكة أن يكون الاستخلاف فيهم ، والخليفة منهم حيث قالوا : ( أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ) فلولا أن الخلافة درجة عالية أعلى من درجاتهم لما طلبوها وغبطوا صاحبها .

الدليل الخامس : تفضيل بني آدم عليهم بالعلم حين سألهم الله عزّ وجلّ عن علم الأسماء ، فلم يجيبوه ؛ بل اعترفوا أنهم لا يحسنونها،فأنبأهم آدم بذلك،وقد قال تعالى:( قل هل يستوي الَّذين يعلمون والَّذين لا يعلمون )

الدليل السادس : ومما يدل على تفضيلهم أن طاعة البشر أشقّ ، والأشق أفضل ، فإن البشر مجبولون على الشهوة ، والحرص ، والغضب ، والهوى ، وهي مفقودة في الملك

الدليل السابع : أن السلف كانوا يحدثون الأحاديث المتضمنة فضل صالحي البشر على الملائكة ، وتروى على رؤوس الناس ، ولو كان هذا منكراً لأنكروه ، فدلّ على اعتقادهم ذلك .

الدليل الثامن : مباهاة الله بهم الملائكة : فالله يباهي بعباده الملائكة ، إذا أدوا ما أوجبه عليهم وأمرهم به . فإذا صلوا الفريضة باهى بهم الملائكة ، ففي المسند وابن ماجة عن عبد الله : أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال :    ( ابشروا ، هذا ربكم قد فتح باباً من أبواب السماء ، يباهي بكم الملائكة ، يقول : انظروا إلى عبادي قد قضوا فريضة ، وهم ينتظرون أخرى )  .

وعن أبي هريرة : أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله يباهي بأهل عرفات أهل السماء ، فيقول لهم : (انظروا إلى عبادي هؤلاء جاؤوني شعثاً غبراً ) . إسناده صحيح ، رواه ابن حبان في صحيحه ، والحاكم ، والبيهقي في السنن  .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الخامسة عشرة بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون إستكمالا للماضية والتي بعنوان :

*المؤمن أفضل من الملائكة الذين عند الله عز وجل

الأقوال في المسألة :

والذين فضلوا الملائكة احتجوا بمثل حديث : ( من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم ) .

واحتجوا بأن بني آدم فيهم النقص والقصور ، وتقع منهم الزلات والهفوات ، واحتجوا بمثل قوله تعالى :           ( ولا أقول لكم إِنِّي ملك ). وهذا يدل على فضل الملائكة على البشر .

تحقيق القول في ذلك :

وتحقيق القول في ذلك ما ذكره ابن تيمية من أن صالحي البشر أفضل باعتبار كمال النهاية ، وذلك إنما يكون إذا دخلوا الجنة ، ونالوا الزلفى ، وسكنوا الدرجات العلا ، وحياهم الرحمن ، وخصهم بمزيد قربه ، وتجلى لهم ، يستمتعون بالنظر إلى وجهه الكريم ، وقامت الملائكة في خدمتهم بإذن ربهم .

والملائكة أفضل باعتبار البداية ، فإن الملائكة الآن في الرفيق الأعلى ، منزهون عمّا يلابسه بنو آدم ، مستغرقون في عبادة الرب ، ولا ريب أن هذه الأحوال الآن أكمل من أحوال البشر .

قال ابن القيم : وبهذا التفصيل يتبين سرّ التفضيل ، وتتفق أدلة الفريقين ، ويصالح كل منهم على حقه

 . والله أعلم بالصواب )اهـ.

   وهذه مسألة كثر الكلام فيها في كتب المتأخرين من أهل العلم أخذاً ورداً، وطال طولاً أخرجها عن فائدتها وحدها، وخلاصة ما قيل فيها أن الناس فيها على مذاهب ثلاثة

الأول: تفضيل الملائكة على البشر مطلقاً، وإليه ذهبت المعتزلة, وبعض الأشعرية, وابن حزم, ومال إليه بعض أهل السنة, وبعض الصوفية, واستدلوا بأدلة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لها وجهها في الدلالة على قولهم

الثاني: تفضيل الأنبياء وصالحي البشر على الملائكة: وهو مذهب جمهور أهل السنة والجماعة وكذا جمهور أصحاب الأشعري واستدلوا بأدلة ظاهرة الدلالة على قولهم

القول الثالث : وهو التوقف والسكوت عن التفضيل. وإنا إن ذهبنا نتتبع الأدلة والردود ورد الردود لخرج بنا الموضوع عن حده وطال طولاً لا نستطيع الوقوف عند حد له. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والصلاة والسلام على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه  الحلقة  السادسة  عشرة  بعد  المائة  في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان : *المؤمن يغار

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله - تعالى - يغار، وغَيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرَّم الله عليه)؛ متفق عليه.    الغَيرة بفتح الغين وأصلها الأَنفَة.

والغَيرة صفة حقيقية ثابتة لله - عز وجل - ولكنها ليست كغَيرتنا، والله - سبحانه - بحكمته، أوجَب على العباد أشياءَ، وحرَّم عليهم أشياء، وأحل لهم أشياءَ، فما أوجبه عليهم، فهو خير لهم في دينهم ودنياهم، وفي حاضرهم ومستقبلهم، وما حرَّمه عليهم، فإنه شر لهم في دينهم ودنياهم، وحاضرهم ومستقبلهم، فإذا حرم الله على عباده أشياءَ، فإنه - عز وجل - يغار أن يأتي الإنسان ما حرَّم الله عليه.

وكيف يأتي الإنسان محارم ربه، والله إنما حرمها من أجل مصلحة العبد، أما الله فلا يضره أن يعصي الإنسان ربه، لكن يغار كيف يعلم الإنسان أن الله - سبحانه - حكيم ورحيم، ولا يحرم على عباده شيئًا بُخلاً منه عليهم به، ولكن من أجل مصلحتهم، ثم يأتي العبد فيتقدَّم، فيعصي الله - عز وجل؟! ولا سيما في الزنا؛ لأن الزنا فاحشة، وحرم الله على عباده الزنا، وجميع وسائل الزنا، فإذا زنا العبد - والعياذ بالله - فإن الله يغار غَيرة أشد وأعظم من غيرته على ما دونه من المحارم، ومن باب أولى وأشد اللواط، نسأل الله العافية.

وفي هذا الحديث إثبات صفة الغيرة لله تعالى، وسبيل أهل السنة والجماعة فيه وفي غيره من أحاديث الصفات وآيات الصفات، أنهم يثبتونها لله - سبحانه - على الوجه اللائق به، يقولون: "إن الله يغار، لكن ليست كغيرة المخلوق، وإن الله يفرح، ولكن ليس كفرح المخلوق، وإن الله له من الصفات الكاملة ما يليق به، ولا تُشبهه صفات المخلوقين، والله الموفق"

  وقال الحقيل : إن من أخلاق العرب السامية : خلق الغيرة : هذا الخلق كان العرب في جاهليتهم يعرفون به , وقد أفرطوا فيه وغالوا وتشددوا ، وتجاوزوا حده المشروع، حتى وصل بهم إلى وأد بناتهم خشية العار.

جاء الإسلام فأقر أصل الغيرة ، لكنه هذبها وعَدَّلَها؛ لتكون بين الإفراط والتفريط ، وبين الغلو والتقصير.

وقلةُ الغيرة من قلة الإيمان ؛ لأن المؤمنَ يَغَارُ ؛ يَغَارُ لنفسه إذا شورك في شيء يختص به ، ويغار لله تعالى إذا انتهكت محارم الله تعالى ، أخرج الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : «إن الله يغار ، وإن المؤمن يغار ، وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم عليه».  

وفي الصحيحين واللفظ لمسلم من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله : «ليس أحد أحبَّ إليه المدح من الله عز وجل، من أجل ذلك مدح نفسه، وليس أحد أغير من الله، من أجل ذلك حَرَّمَ الفواحش، وليس أحدٌ أحبَّ إليه العذر من الله، من أجل ذلك أنزل الكتاب وأرسل الرسل».

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة السابعة عشرة بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون إستكمالا للماضية والتي بعنوان : *المؤمن يغار  

من صفات المؤمنين أنهم غيورون؛ يغارون على حرمات الله تعالى أن تنتهك، ويغارون على محارمهم وما يخصهم، ورسول الله  أشد الناس غيرة، ثم صحابته من بعده رضي الله عنهم وأرضاهم.

 وعند مسلم في الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال سعد بن عبادة: (يا رسول الله،لو وجدت مع أهلي رجلاً لم أمسه حتى آتي بأربعة شهداء ). قال رسول الله : «نعم». قال: «كلا ، والذي بعثك بالحق إن كنت لأعاجله بالسيف قبل ذلك». قال رسول الله : «اسمعوا إلى ما يقول سيدكم ، إنه لغيور ، وإني لأغير منه ، والله أغير مني».

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: «وبَيَّنَ النبيُّ  أنه أغير من غيرة المؤمن ، وأن المؤمن يغار، والله يحب الغيرة، وذلك في الريبة، ومن لا يغار فهو ديوث». وقد جاء في الحديث: «لا يدخل الجنة ديوث».  

 فالغيرة المحبوبة هي ما وافقت غيرة الله تعالى ، وهذه الغيرة هي أن تنتهك محارم الله ، وهي أن تؤتى الفواحش الباطنةُ والظاهرة .

 لكن غيرة العبد الخاصة هي من أن يشركه الغير في أهله؛ فغيرته عن فاحشة أهله ليست كغيرته من زنا الغير؛ لأن هذا ما يتعلق به، وذاك لا يتعلق إلا من جهة بغضه لما أبغضه الله، ولهذا كانت الغيرة الواجبة عليه هي من غيرته على أهله، وأعظم ذلك امرأته ثم أقاربه، ومن هو تحت طاعته، ولهذا كان له إذا زنت أن يلاعنها؛ لما عليه في ذلك من الضرر؛ بخلاف ما إذا زنا غير امرأته ».  

وقَسَّمَ شيخ الإسلام رحمه الله تعالى بني آدم في الغيرة إلى أربعة أقسام:

1- قومٌ لا يغارون على حرمات الله بحال ولا عن حُرُمِها ، مثل الديوث 

2- وقوم يغارون على ما حَرَّمَه الله وعلى ما أمر به مما هو من نوع الحب والكره

3-      وقوم يغارون على ما أمر الله به دون ما حرمه

4-      وقوم يغارون مما يكرهه الله، ويحبون ما يحبه الله، هؤلاء هم أهل الإيمان.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثامنة عشرة بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :

*لا تصيب المؤمن شوكة فما فوقها إلا رفعه الله عز وجل بها درجة وحط عنه بها خطيئة

في الصحيحين من حديث الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله: 'ما من مصيبة تصيب المسلم الا كفر الله بها عنه حتى الشوكة يشاكها' وفيهما أيضا من حديث أبي سعيد وأبي هريرة عن النبي: 'قال ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها الا كفر الله بها من خطاياه'.

وفي صحيح مسلم من حديث عائشة عن النبي أنه قال: 'لا يصيب المؤمن من شوكة فما فوقها الا رفعه الله بها درجة وحط عنه بها خطيئة' وفي المسند من حديث أبي هريرة عن النبي قال: 'لا يزال البلاء بالمؤمن أو المؤمنة في جسده وفي ماله وفي ولده حتى يلقى الله وما عليه خطيئة' وفي الصحيح من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: 'قلت يا رسول الله أي الناس أشد بلاء قال الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل يبتلى الرجل على حسب دينه فان كان في دينه صلابة زيد في بلائه وان كان في دينه رقة خفف عنه وما يزال البلاء بالمؤمن حتى يمشي على الارض وليس عليه خطيئة'.

وفي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال: 'دخلت على النبي وهو يوعك وعكا شديدا قال فقلت يا رسول الله انك لتوعك وعكا شديدا قال : (أجل انى لأوعك كما يوعك رجلان منكم ) قلت ان لك لأجرين قال  : (نعم والذى نفسى بيده ما على الارض مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه الا حط الله عنه به خطاياه كما تحط الشجرة ورقها )

 وفي الصحيحين أيضا من حديث عائشة رضى الله عنها قالت: ما رأيت الوجع اشد منه على رسول الله'.

وفي بعض المسانيد مرفوعا 'ان الرجل لتكون له الدرجة عند الله لا يبلغها بعمل حتى يبتلى ببلاء في جسمه فيبلغها بذلك'

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة التاسعة عشرة بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان : *الله يضحك إلى عبده المؤمن

  لله سبحانه وتعالى صفات الكمال والجمال والجلال ؛ ومنها الضحك ، وضحك الله ثابت بالنصوص الصحيحة الصريحة ، لكنه ضحك يليق بجلاله وهو ليس كضحك المخلوقين ، وهو دليل على الرحمة والمغفرة والإحسان والرضى والإنعام ، ومن ضحك الله إليه لايعذبه   

أخرج الإمام أحمد والحاكم بسنديهما من حديث أسماء بنت يزيد بن سكن قالت : لما توفي سعد بن معاذ صاحت أمه فقال النبي : ( ألا يرقا دمعك ويذهب حزنك بأن ابنك أول من ضحك الله له واهتز له العرش ) ثم قال الحاكم : صحيح الإسناد ولم يخرجاه  

وقال ابن تيمية:الضحك فى موضعه المناسب له صفة مدح وكمال واذا قُدّرحيّان أحدهما يضحك مما يضحك منه والآخرلايضحك قط كان الأول أكمل من الثانى ولهذا قال النبى:(ينظر اليكم الرب قنطين فيظل يضحك يعلم أن فرجكم قريب) فقال له ابو رزين العقيلى: يا رسول الله اويضحك الرب ؟ قال : (نعم ) قال: لن نعدم من رب يضحك خيرا فجعل الاعرابى العاقل بصحة فطرته ضحكه دليلا على احسانه وانعامه فدل على ان هذا الوصف مقرون بالإحسان المحمود وانه من صفات الكمال  

وأخرج البخاري بسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر يدخلان الجنة يقاتل هذا في سبيل الله فيقتل ثم يتوب الله على القاتل فيستشهد )   

وقال الإمام ابن خزيمة : (باب: ذكر إثبات ضحك ربنا عزَّ وجلَّ : بلا صفةٍ تصفُ ضحكه جلَّ ثناؤه، لا ولا يشبَّه ضَحِكُه بضحك المخلوقين، وضحكهم كذلك، بل نؤمن بأنه يضحك؛ كما أعلم النبي صلى الله عليه وسلم، ونسكت عن صفة ضحكه جلَّ وعلا، إذ الله عزَّ وجلَّ استأثر بصفة ضحكه، لم يطلعنا على ذلك؛ فنحن قائلون بما قال النبي صلى الله عليه وسلم، مصَدِّقون بذلك، بقلوبنا منصتون عمَّا لم يبين لنا مما استأثر الله بعلمه)  

وعن عاصم بن عمر بن قتادة قال : : ( لما التقى الناس يوم بدر قال عوف ابن عفراء بن الحارث رضي الله عنه : يا رسول الله ما يضحك الرب تبارك و تعالى من عبده ، قال : أن يراه قد غمس يده في القتال يقاتل حاسرا ، فنزع عوف درعه ، ثم تقدم فقاتل حتى قتل) ( رواه البيهقى )  وعن أبى موسى الأشعرى قال : (يتجلى لنا ربنا عز وجل يوم القيامة ضاحكا) ( حديث صحيح فى السلسلة الصحيحة )

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة العشرون بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :

 *إذا توضأ العبد المؤمن فمضمض خرجت الخطايا من فيه

 ورد في القرآن الأمر بالوضوء إجمالاً كقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ }

فلم يرد في الآية الأمر بالمضمضة والاستنشاق؛ لأن القرآن مجمل وجاء في السنة ما يفصله،قال تعالى ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾

وعن عبد الله الصنايجي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا توضأ العبد المؤمن فتمضمض خرجت الخطايا من فيه فإذا استنثر خرجت الخطايا من أنفه»أخرجه مالك وغيره وصححه الألباني

وعن حمران مولى عثمان أنه رأى عثمان دعا بإناء فأفرغ على كفيه ثلاث مرار فغسلهما ثم أدخل يمينه في الإناء فمضمض واستنثر ثم غسل وجهه ثلاث مرات ويديه إلى المرفقين ثلاث مرات ثم مسح برأسه ثم غسل رجليه ثلاث مرات ثم قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه») أخرجه مسلم

عن أبي هريرة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا استجمر أحدكم فليستجمر وترا وإذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثم لينتث»

آثارالمضمضة والاستنشاق والاستنثار من منظور علمي:

أثبت العلم الحديث بعد الفحص الميكروسكوبي للمزرعة الميكروبية التي أجريت للمنتظمين في الوضوء ولغير المنتظمين: أن الذين يتوضئون باستمرار قد ظهر الأنف عند غالبيتهم نظيفا طاهرا خاليا من الميكروبات، ولذلك جاءت المزارع الميكروبية التي أجريت لهم خالية تماما من أي نوع من الميكروبات، في حين أعطت أنوف من لا يتوضئون مزارع ميكروبية ذات أنواع متعددة وبكميات كبيرة من الميكروبات الكروية العنقودية الشديدة العدوى والكروية السبحية السريعة الانتشار والميكروبات العضوية التي تسبب العديد من الأمراض.

 إن تراكم البقايا الطعامية في الفم يجعلها عرضة للتخمر وتصبح بؤرة مناسبة لتكاثر الجراثيم مما قد يسبب التهابات في اللثة والقلاع ونخر الأسنان وغيرها من التهابات جوف الفم، ومن ثم إلى انتقالها إلى الجهاز الهضمي وما ينتج عنه من اضطرابات هضمية وتعفنات يصدر عنها رائحة الفم الكريهة، ويعمل الاستنشاق والاستنثار كلاهما معاً على التخلص مما تراكم في الأنف من مواد مخاطية، وما التصق بها من غبار وجراثيم مما يؤدي إلى تجديد طبقته المخاطية وتنشيطها لتقوم بوظيفتها الحيوية على أتم وجه

  مجلة الإصلاح من ندوات جمعية الإعجاز العلمي للقرآن في القاهرة

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الواحدة والعشرون بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون إستكمالا للماضية والتي بعنوان :

 *إذا توضأ العبد المؤمن فمضمض خرجت الخطايا من فيه

قال الدكتور أحمد شوقي إبراهيم عضو الجمعية الطبية الملكية بلندن واستشاري الأمراض الباطنية والقلب: "توصل العلماء إلى أن سقوط أشعة الضوء على الماء أثناء الوضوء يؤدي إلى انطلاق أيونات سالبة ويقلل الايونات الموجبة مما يؤدي إلى استرخاء الأعصاب والعضلات، ويتخلص الجسم من ارتفاع ضغط الدم والآلام العضلية وحالات القلق والأرق". ويؤكد ذلك أحد العلماء الأمريكيين في قوله: "إن للماء قوة سحرية بل إن رذاذ الماء على الوجه واليدين -يقصد الوضوء- هو أفضل وسيلة للاسترخاء وإزالة التوتر"

وجه الإعجاز:

ما تقدم هو نتائج بحوث متواصلة تم فيها استخدام أحدث وسائل البحث من أجهزة تعقيم ووسائل تغذية للبكتريا والميكروبات وهو ما يسمى بالإستنبات ليتم من خلالها دراسة أعداد البكتريا المتكونة في حيز صغير، وكذلك أجهزة الميكروسكوب المجهرية وغيرها من وسائل مخبرية حديثة لمعرفة حقائق تلك الكائنات الدقيقة التي ما كان لأحد قبل ألف وأربعمائة عام أن يتخيل بأن هناك شيء اسمه كائنات دقيقة فضلا عن تصور إمكانية رؤيتها، بل فضلا عن إمكانية دراسة كيفية معالجتها والتخلص منها.

وإذا ما علمنا أن أكثر الأمراض انتشاراً بين الناس كالزكام والأنفلونزا والتهاب القصبات إنما تنتقل إلى الإنسان عن طريق الرذاذ الذي يخرج من المريض بواسطة الهواء الذي يمر عبر الأنف أدركنا أهمية الدعوة النبوية للالتزام بعمل الاستنشاق والاستنثار مع كل وضوء والذي يكرره المسلم مرات ومرات في اليوم لأداء صلواته.

إن ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من أمور بخصوص الوضوء عموما والمضمضة والاستنشاق والاستنثار خصوصا سواءً من خلال أقواله وتطبيقه لها في وضوءه أو بعد أكله أو شربه أو قيامة من نومه أو بالحض على فعلها، وحرصه على أن يتأسى به أصحابه من بعده، إن كل ذلك ليؤكد لنا أن تلك السنن التي حافظ عليها نبينا صلى الله عليه وآله وسلم وأمرنا بفعلها إنما هي من أمر خالق عليم بأحوال خلقه وما ينفعهم في دينهم ودنياهم رحيم بهم ﴿أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [الملك: 14].

وأن ما أخبرنا به صلى الله عليه وآله وسلم هو أمر حق من الحق على لسان صادق مصدوق لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، اختاره الله العظيم ليكون رسولا مبشرا ونذيرا ومعلما ورفيقا بالناس كافة، كافرهم ومؤمنهم قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ [سبأ: 28]، فهل آن الآوان لأولي الألباب أن يقولوا سمعنا وأطعنا؟

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثانية والعشرون بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان : *المؤمن اخو المؤمن

جاءت النصوص من الكتاب والسنة ببيان حقوق وآداب المسلم على أخيه المسلم ؛ لترسم لأخوة الدين مكانتها العظيمة في مجتمع الناس ، ولتسبق بذلك دعاة حقوق الإنسان في هذا الزمان .

إنها آداب راقية تبني مجتمعًا متحابًا متعاطفًا متماسكًا ، كالبنيان يشد بعضه بعضًا ، وكالجسد الواحد إذا اشتكى رأسه اشتكى كله ، وإذا اشتكى عينه اشتكى كله .

هذا هو مجتمع المسلمين الذي تسود فيه تعاليم الإسلام وآدابه ، ومن يقرأ التاريخ سيجد أن هذاالمجتمع المتراحم المتحاب كان قائمًا على مر تاريخ المسلمين ؛ وإنما تراجعت فيه هذه الصفات عندما تراجع فيه الاستمساك بتعاليم وآداب دين الإسلام .

أذكر أن بعض المستشرقين قال : إن الإسلام يريد من أهله إذا عطس أحدهم بالمغرب أن يشمته الذي بالهند  أقول : نعم ؛ إذا سمعه ، فقد قال نبي الإنسانية  : " فَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ ، فَحَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أَنْ يُشَمِّتَهُ "  ؛ وقال  : " تَرَى الْمُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى عُضْوًا تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى "

وقال - أيضًا : " الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ ، وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ ، وَيُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ ، يَرُدُّ مُشِدُّهُمْ عَلَى مُضْعِفِهِمْ ، وَمُتَسَرِّيهِمْ عَلَى قَاعِدِهِمْ ". وما أجمل قول الشاعر :

يا أخي في الهند أو في المغرب=أنا منك أنت مني أنت بي

لا تسل عن عنصري عن نسبي= إنـه الإسـلام أمي وأبي

لقد امتن الله تعالى على المسلمين الأوائل بقوله :         { وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا }                         قال ابن كثير  : وهذا السياق في شأن الأوْس والخَزْرَج ، فإنه كانت بينهم حُروبٌ كثيرة في الجاهلية ، وعداوة شديدة وضغائن وإحَنٌ وذُحُول طال بسببها قتالهم والوقائع بينهم ، فلما جاء الله بالإسلام فدخل فيه من دخل منهم ، صاروا إخوانًا متحابين بجلال الله ، متواصلين في ذات الله ، متعاونين على البر والتقوى.ا.هـ .

لقد ألف الإسلام بين هذه القلوب فجمعهم على تلك الأخوة الإيمانية ، التي تحولت بها القلوب من التنافر إلى التآلف ، ومن التكاره إلى التحاب ، ومن العداوة إلى المحبة . ما أجمل أن يرجع المسلمون إلى تلك الأخوة الإيمانية التي تجمعهم تحت مظلة التراحم والتواد والتعاطف

لقد أصَّل الإسلام لأهله من التعاليم والآداب ما يحافظ به على هذه الأخوة العظيمة .. أخوة الدين ؛ فجعل من تمام الإيمان أن يحب المسلم لأخيه ما يحب لنفسه ؛ ونهاهم عن كل ما يوغر الصدور ويورث التباغض والتدابر والتحاسد

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثالثة والعشرون بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :*من فضائل الأخوة في الله :

1- تكون وجوههم نورًا، كما في الأحاديث التي رواها أبو داود، وأحمد النسائي وابن حبان في صحيحه .

2- أنهم في ظل عرش الله يوم القيامة كما في حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ومنهم (رجلان تحابا في الله )متفق عليه.

3- أن الله يحبهم كما في قصة الذي زار أخا له في قرية لأنه يحبه في الله فأخبره الملك أن الله يحبه كما أحبه فيه رواه مسلم.

4- أن من أحب الله وأحب لله يجد حلاوة الإيمان ولذته كما في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم.

5- أن المحبة لله وفي الله توجب الإيمان الذي يوجب دخول الجنة كما في الحديث الذي رواه مسلم «لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم».

6- الأخوة في الله جامعة الإيمان كما قال تعالى:{فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ}

*شروط الأخوة في الله :

للأخوة في الله شروطا أساسية لا ينتظم عقدها إلا بها ولا يمكن أن تكون مقبولة عند الله عزوجل إلا أن ينتهج المسلمون سبيلها ويأخذوا بأحسنها وهي:

1- أن تكون الأخوة خالصة لله.

2- أن تكون الأخوة في الله مقرونة بالإيمان والتقوى.

3- أن تكون الأخوة ملتزمة منهج الإسلام.

5-      أن تكون الأخوة قائمة على النصح لله ولعباده قال عليه الصلاة والسلام «الدين النصيحة» قالها ثلاثا، قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: «لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم» رواه مسلم.

*وأظهر الوسائل لتعميق روح الأخوة ما يلي:

1- إذا أحب الرجل أخاه فليخبره أنه يحبه.

2- إذا فارق الأخ أخاه فليطلب منه الدعاء له بظهر الغيب.3- إذا لقي الأخ أخاه فليطلق وجهه عند اللقاء أي يلقه بوجه متهلل بالبشر والتلطف والابتسام.

4- إذا لقي الأخ أخاه فليبادر إلى مصافحته والسلام عليه.

5- أن يكثر من زيارة أخيه المسلم بين الحين والآخر.

6- أن يهنئه ويدخل السرور عليه عند المناسبات السارة.7- أن يعزيه ويسليه ويواسيه عند المصائب.

8- أن يساعده ويعاونه عند الحاجة.

9- أن يؤدي له حقوق الأخوة كاملة.

ولا شك أن الأخ إذا قام بتنفيذ هذه الوسائل نحو أخيه المسلم على الوجه الأكمل توثقت بينهما عرى المودة وتعمقت معاني المحبة وقويت أخوة الإسلام بينهما.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الرابعة والعشرون بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان : *من فوائد الأخوة وثمراتها :

1- أنه يتذوق حلاوة الإيمان فيحيا حياة السعداء.

2- أنه يحيطه الله برحمته ويقيه شدائد يوم القيامة.

3- أنه ينال الأمن والسرور ويعد في صفوف السبعة الذين يظلهم الله يوم لا ظل إلا ظله.

4- تكون شجرة إيمانه مورقة مزهرة مباركة.

5- أنه يستشعر زيادة محبة الله ورسوله ويجد حلاوتها في قلبه.

6- المحبة في الله علامة القبول وعنوان التوفيق.

7- أن زيادة درجات الجنة تنال في صدق الإخاء في الله.

8- أن المتحابين في الله قلوبهم مطمئنة آمنة من الأهوال تتلألأ وجوههم نورًا وسرورًا يوم القيامة.

9- أنها عروة الإيمان الوثقى من تمسك بها نجا.

10- أنها من بشائر الأعمال الصالحة الموصلة إلى قبول الله تعالى الدالة على الهداية والنجاح.

11- أن المتحابين في الله مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين يوم القيامة.

12- أن الأخوة في الله سلوك حسن وصحبة نافعة وسيرة طيبة ونية صالحة وعيشة سعيدة.

13- أن الداعي إلى المحبة والأخوة له نصيب في الخير وسهم في الأجر.

14- أن الحب في الله يدل على كمال الدين وصفاء السريرة والعمل المتقن وخوف الله ورعاية حقه واحترام كتابه وحب نبيه .

15- الأخوة تعين على طاعة الله تعالى.

16- الأخوة تكافل اجتماعي إنساني.

17- الأخوة أنس ومحبة وتكاتف وإحساس بحاجة الأخ والسعي لقضائها.

وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. بقلم عبدالله الجارالله

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الخامسة والعشرون بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :

*اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله.

ﭧ ﭨ ﭽ             

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله ) أخرجه الطبراني من حديث أبي أمامة.

 

والفراسة ثلاثة أنواع:

إيمانية: ... وسببها نور يقذفه الله في قلب عبده، يفرق به بين الحق والباطل،... والصادق والكاذب. وحقيقتها أنها خاطر يهجم على القلب، ينفي ما يضاده، يثب على القلب وُثوبَ الأسد على الفريسة ...

وقال ابن مسعود  رضي الله عنه: أفرس الناس ثلاثة: العزيز في يوسف، حيث قال لامرأته: {أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا}.  وابنة شعيب حين قالت لأبيها في موسى: {اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} ، وأبو بكر في عمر رضي الله عنهما حيث استخلفه،

وأصل هذا النوع من الفراسة من الحياة والنور، اللَّذَيْنِ يهبهما الله لمن يشاء من عباده؛ فيحيا القلب بذلك، ويستنير؛ فلا تكاد فراسته تخطئ. قال الله تعالى: {أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا}

الفراسة الثانية: فراسة الرياضة، والجوع، والسهر، والتخلي. فإن النفس إذا تجردت عن العوائق صار لها من الفراسة والكشف بِحَسَبِ تجردها

الفراسة الثالثة: الفراسة الخَلْقية، وهي التي صنف فيها الأطباء وغيرهم واستدلوا بالخَلْق على الخُلُق؛ لما بينهما من الارتباط الذي اقتضته حكمة الله، كالاستدلال بصغر الرأس الخارج عن العادة على صغر العقل، وبكبره، وبسعة الصدر، وبُعْد ما بين جانبيه على سعة خُلق صاحبه، واحتماله،

وفراسة المتفرس تتعلق بثلاثة أشياء: بعينه، وأذنه، وقلبه. فعينُه للسيماء والعلامات. وأذُنه للكلام، وتصريحه وتعريضه، ومنطوقه ومفهومه، وفحواه وإشارته، ولحنه وإيمائه، ونحو ذلك. وقلبُه للعبور والاستدلال من المنظور والمسموع إلى باطنه وخفيه، فيَعْبُر إلى ما وراء ظاهره،

وللفراسة سببان:

- أحدهما: جودة ذهن المتفرس، وحِدَّةُ قلبه، وحسن فطنته.

- والثاني: ظهور العلامات والأدلة على المتفرَّس فيه. فإذا اجتمع السببان، لم تكد تخطئ للعبد فراسة

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة السادسة والعشرون بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :

*لو وزن رجاء المؤمن وخوفه لاعتدلا

ﭧ ﭨ ﭽ                             ﯱﯲ                       

قال التستري : رحمته جنته في الظاهر وفي الباطن حقيقة المعروف. ثم قال : إن الخوف والرجاء زمان للإنسان فإذا استوى قامت له أحواله ، وإذا رجح أحدهما بطل الآخر  ، ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول : « لو وزن رجاء المؤمن وخوفه لاعتدلا »

المؤمن يطير إلى اللّه بجناحي الخوف والرجاء ، ولو زاد واحد على الآخر لثقل حاله ، ولا يطيق أن يطير متمكّناً في مقامات الإيمان ، فخوفه من نار اللّه وغضبه يمنع نفسه من عصيانه ، ورجاؤه إلى جنّة اللّه ورضاه يهيّجه إلى طاعته ، وهذان المعنيان ـ الامتناع من المعصية والشروع في الطاعة ـ من كفّتي ميزان العبودية ، ولا يجوز أن يزيد أحدهما على الآخر في مقام الإيمان ؛ لأنّ الخوف إذا زاد على رجاء المؤمن أوقعه في القنوط ويتعطّل وجوده في مشقّة العبادات الكثيرة ، وإذا زاد رجاؤه على خوفه أوقعه في الأمن والجرأة ، ولا يفعل طاعة اللّه تعالى فيهلك . فمن حكمة اللّه وتدبيره جعل خوف المؤمن ورجائه معتدلاً ؛ شفقةً ورحمةً به ، وهذا من وصف أهل الإيمان ...

والخوف هو تألم القلب واحتراقه بسبب توقع مكروه في المستقبل. وأخوفُ الناس أعرَفُهم بنفسه وبربه،

ولذلك قال النبي :

صلى الله عليه وسلم-: "أنا أعرفكم بالله وأشدكم له خشية" (البخاري) .. وقال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}

ومظاهر الخوف:

يظهر على الجوارح بكفها عن المعاصي وإلزامها الطاعات، تلافيًا لما فرط واستعدادًا للمستقبل، قال بعضهم: من خاف أدلج. وقال آخر: ليس الخائف من بكى، إنما الخائف من ترك ما يقدر عليه، ومن ثمرات الخوف أنه يقمع الشهوات، ويكدر اللذات فتصير المعاصي المحبوبةُ عنده مكروهةً، كما يصير العسل مكروهاً عند من يشتهيه إذا علم أن فيه سماً، فتحترق الشهوات بالخوف، وتتأدب الجوارح، ويذل القلب، ويفارقه الكبر والحقد والحسد، ويستوعبه الهم لخوفه فلا يتفرغ لغيره، ولا يكون له شغل إلا المراقبة والمحاسبة والمجاهدة والضنة بالأنفاس واللحظات ومؤاخذة النفس في الخطرات والخطوات والكلمات.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة السابعة والعشرون بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :*الخوف المحمود والمذموم:

الخوف له إفراط، وله اعتدال، وله قصور..        والمحمود من ذلك الاعتدال، وهو بمنزلة السوط للبهيمة؛ فإن الأصلح للبهيمة ألا تخلو عن سوط، وليس المبالغة في الضرب محمودة، ولا المتقاصر عن الخوف أيضاً بمحمود، وهو كالذي يخطر بالبال عند سماع آية أو سبب هائل فيورث البكاء، فإذا غاب ذلك السبب عن الحس رجع القلب إلى الغفلة، وهذا هو الغالب على الناس كلهم إلا العارفين والعلماء، أعني العلماء بالله وآياته، وقد عز وجودهم، أما المتمرسمون برسم العلم فإنهم أبعد الناس عن الخوف..

وأما القسم الأول وهو الخوف المفرط فهو كالذي يقوى ويجاوز حد الاعتدال حتى يخرج إلى اليأس والقنوط، فهو أيضاً مذموم، لأنه يمنع من العمل، وكل ما يراد لأمر، فالمحمود منه ما يفضي إلى المراد المقصود منه، وفائدة الخوف الحذر والورع والتقوى والمجاهدة والفكر والذكر وسائر الأسباب التي توصل إلى الله.
أقسام الخوف:

من الناس من يغلب على قلبه خوفُ الموت قبل التوبة، ومنهم من يغلب عليه خوفُ الاستدراج بالنعم أو خوف الميل عن الاستقامة، ومنهم من يغلب عليه خوف سوء الخاتمة. 
وأعلى من هذا خوف السابقة؛ لأن الخاتمة فرع السابقة، ومن الخائفين من يخاف سكرات الموت وشدته، أو سؤال منكر ونكير، أو عذاب القبر، ومنهم من يخاف الوقوف بين يدي الله تعالى، والخوف من المناقشة، والعبور على الصراط، والنار وأهوالها أو حرمان الجنة أو الحجاب عن الله سبحانه وتعالى، وأعلاها رتبة خوف العارفين وهو خوف الحجاب عن الله تعالى وما قبل ذلك خوف العابدين.
*فضيلة الخوف والرجاء وما ينبغي أن يكون الغالب منهما وكيف يكون التوازن بينهما:

فضيلة كل شيء بقدر إعانته على طلب السعادة؛ وهي لقاء الله تعالى والقرب منه، فكل ما أعان على ذلك فهو فضيلة؛ قال تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} وقال تعالى: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ}
أما قول القائل: أيما أفضل الخوف أو الرجاء؟ فهو كقوله: أيما أفضل الخبز أم الماء، وجوابه أن يقال: الخبز للجائع أفضل، والماء للعطشان أفضل، والخوف والرجاء دواءان تداوى بهما القلوب ففضلهما بحسب الداء الموجود؛ فإن كان الغالب على القلب الأمن من مكر الله فالخوف أفضل وكذلك إن كان الغالب على العبد المعصية،     وإن كان الغالب عليه اليأس والقنوط فالرجاء أفضل، أما المتقي فالأفضل عنده اعتدال الخوف والرجاء، ولذلك قيل: لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه لاعتدلا.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثامنة والعشرون بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :

 كيف اعتدال الخوف والرجاء في قلب المؤمن؟
  الجواب : أن المؤمن غير متيقن صحة عمله فمثله مثل  من بذر بذراً ولم يجرب جنسه في أرض غريبة، والبذر الإيمان، وشروط صحته دقيقة، والأرض القلب، وخفايا خبثه وصفاته من النفاق، وخبايا الأخلاق غامضة، والصواعق أهوال سكرات الموت، وهناك تضطرب العقائد وكل هذا يوجب الخوف عليه، وكيف لا يخاف المؤمن، والخوف المحمود يبعث على العمل ويزعج القلب عن الركون إلى الدنيا..

وأما عند نزول الموت فالأصلح للإنسان الرجاء؛ لأن الخوف كالسوط الباعث على العمل وليس ثم عمل، فلا يستفيد الخائف حينئذٍ إلا تقطيع نياط قلبه والرجاء في هذا الوقت يقوي قلبه ويحبب إليه ربه فلا ينبغي لأحد أن يفارق الدنيا إلا محباً لله تعالى، محباً للقائه، حسن الظن به.
وللخوف من الله تعالى مقامان:

1- الخوف من عذابه وهو خوف عامة الخلق وهو حاصل بالإيمان بالجنة والنار ويضعف هذا الخوف بسبب ضعف الإيمان أو قوة الغفلة. وزوال الغفلة يحصل بالتذكر والتفكر في عذاب الآخرة ويزيد بالنظر إلى الخائفين ومجالستهم أو سماع أخبارهم.

2-الخوف من الله تعالى وهو خوف العلماء العارفين.. {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ}  ومن أعجب ما ظاهره الرجاء وهو شديد التخويف {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى}  فإنه علق المغفرة على أربعة أمور يصعب تصحيحها.. ومن المخوفات قوله تعالى: {وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ}  ثم ذكر بعدها أربعة شروط بها يقع الخلاص من الخسران: الإيمان، والعمل الصالح، والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر..
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة التاسعة والعشرون بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :أسباب سوء الخاتمة

لسوء الخاتمة أسباب تتقدم على الموت مثل البدعة، والنفاق، والكبر، ولذلك اشتد خوف السلف من النفاق.
وسوء الخاتمة على رتبتين: أحدهما أعظم وهو أن يغلب على القلب -والعياذ بالله- شك أو جحود عند سكرات الموت وأهواله، فيقتضي ذلك العذاب الدائم.. 

والثانية دونها؛ وهو أن يسخط الأقدار ويتكلم بالاعتراض أو يجور في وصيته أو يموت مصراً على ذنب، ومن اعتقد في الله سبحانه وصفاته اعتقاداً مجملاً على طريقة السلف من غير بحث ولا تنقير، فهو بمعزل عن هذا الخطر إن شاء الله تعالى..
وأما الختم على المعاصي، فسببه ضعف الإيمان في الأصل. وذلك يورث الانهماك في المعاصي، والمعاصي مطفئة لنور الإيمان وإذا ضعف الإيمان ضعف حب الله تعالى، فإذا جاءت سكرات الموت ازداد ذلك ضعفاً، لاستشعاره فراق الدنيا. فإن السبب الذي يفضي إلى مثل هذه الخاتمة هو حب الدنيا مع ضعف الإيمان الموجب لضعف حب الله، فمن وجد في قلبه حب الله تعالى أغلب من حب الدنيا فهو أبعد من هذا الخطر، وكل من مات على محبة الله تعالى قدم عليه قدوم العبد المشتاق إلى مولاه، فلا يخفى ما يلقاه من الفرح والسرور بمجرد القدوم على ما يستحقه من الإكرام.. ومن فارقه الروح في حال خطر بباله فيها الإنكار على الله سبحانه في فعله أو كان مصراً على مخالفته، قدم على الله قدوم من قدم به قهراً فلا يخفى ما يستحقه من النكال.. فمن أراد طريق السلامة تزحزح من أسباب الهلاك، على أن العلم بتغليب القلوب وتغيير الأحوال يقلقل قلوب الخائفين..
وإذا عرفت معنى سوء الخاتمة فاحذر أسبابها وأعد ما يصلح لها، وإياك والتسويف بالاستعداد؛ فإن العمر قصير، وكل نفس من أنفاسك بمنزلة خاتمتك؛ لأنه يمكن أن تخطف فيه روحك، والإنسان يموت على ما عاش عليه، ويحشر على ما مات عليه..
واعلم أنه لا يتيسر لك الاستعداد بما يصلح إلا أن تقنع بما يقيمك وتترك طلب الفضول

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثلاثون بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :

*خوف الملائكة وخوف نبينا محمد صلى الله عليه وسلم:

قال تعالى: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} ومن خوف نبينا – صلى الله عليه وسلم- أن عائشة –رضي الله عنها- قالت: "ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قط مستجمعاً ضاحكاً حتى أرى لهواته، إنما كان يبتسم، وكان إذا رأى غيماً أو ريحاً عرف ذلك في وجهه، فقلت: يا رسول الله: الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر، وأراك إذا رأيته عرفت الكراهة في وجهك. فقال: "يا عائشة ما يؤمنني أن يكون فيه عذاب؟ قد عذب قوم بالريح، وقد رأى قوم العذاب فقالوا: هذا عارض ممطرنا".. أخرجاه في الصحيحين..

إن الواجب على المكلف أن يعبد ربه بالحب والخوف والرجاء جميعاً، وإن من عبد الله بالحب وحده تزندق كحال من ترك التكاليف من فساق الصوفية بحجة الوصول، ومن عبد الله بالخوف فقط فهو كالخوارج، ومن عبد الله بالرجاء فقط وقع في بدعة الإرجاء ،والتوسط والقصد أن يكون في القلب الحب لله مع الخوف منه، ورجاء رحمته وعفوه، وقد قال ابن قدامة في كتابه المختصر (منهاج القاصدين) : فضيلة كل شيء بقدر إعانته على طلب السعادة، وهي لقاء الله تعالى، والقرب منه، فكل ما أعان على ذلك فهو فضيلة، قال الله تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}. وقال تعالى: {رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ}. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: قال الله عز وجل: [وعزتي وجلالي، لا أجمع على عبدي خوفين، ولا أجمع له أمنين، إن أمنني في الدنيا، أخفته يوم القيامة، وإن خافني في الدنيا، أمنته يوم القيامة )

وعن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (عينان لا تمسهما النار أبداً، عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله )  إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الواحدة والثلاثون بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :

*ما ترددت في شيء كترددي في قبض روح المؤمن

  قال شيخ الإسلام ابن تيمية : تعارض إرادتين : إرادة قبض نفس المؤمن وكراهة الله لما يسوء المؤمن ، وهو الموت .
وليس هذا التردد من الله ناشئا عن الجهل بمقتضى الحكمة ، والجهل بما ينتهي إليه الأمر فهذا تردد المخلوق بل هو سبحانه العليم الحكيم ، فهذا التعارض بين إرادتيه سبحانه تردد مع كمال العلم بالحكمة ، ومنتهى الأمر ، ولهذا قال في الحديث : " ولا بد له منه ". فتردد المخلوق الناشئ عن جهله نقص بخلاف التردد من الله فلا نقص فيه بل هو متضمن للكمال : كمال العلم ، وكمال الحكمة .

وسئل شيخ الإسلام : عن معنى تردد الله؟ فأجاب:

هذا حديث شريف، قد رواه البخاري من حديث أبي هريرة، وهو أشرف حديث روي في صفة الأولياء، وقد رد هذا الكلام طائفة وقالوا: إن الله لا يوصف بالتردد، وإنما يتردد من لا يعلم عواقب الأمور،والله أعلم بالعواقب وربما قال بعضهم:إن الله يعامل معاملة المتردد والتحقيق :

أن كلام رسوله حق، وليس أحد أعلم بالله من رسوله، ولا أنصح للأمة منه، ولا أفصح ولا أحسن بيانًا منه، فإذا كان كذلك كان المتحذلق والمنكر عليه من أضل الناس؛ وأجهلهم وأسوئهم أدبًا، بل يجب تأديبه وتعزيره، ويجب أن يصان كلام رسول الله عن الظنون الباطلة؛ والاعتقادات الفاسدة، ولكن المتردد منا، وإن كان تردده في الأمر لأجل كونه ما يعلم عاقبة الأمور، لا يكون ما وصف الله به نفسه بمنزلة ما يوصف به الواحد منا. فإن الله ليس كمثله شيء، لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، ثم هذا باطل؛ فإن الواحد منا يتردد تارة لعدم العلم بالعواقب، وتارة لما في الفعلين من المصالح والمفاسد، فيريد الفعل لما فيه من المصلحة، ويكرهه لما فيه من المفسدة، لا لجهله منه بالشيء الواحد الذي يحب من وجه ويكره من وجه

 

وهذا مثل إرادة المريض لدوائه الكريه، بل جميع ما يريده العبد من الأعمال الصالحة التي تكرهها النفس هو من هذا الباب، وفي الصحيح: «حفت النار بالشهوات، وحفت الجنة بالمكاره» وقال تعالى: { كُتِبَ عليكُمُ الْقِتَالُ  وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ } الآية

ومن هذا الباب، يظهر معنى التردد المذكور في هذا الحديث، فإنه قال: «لا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه» فإن العبد الذي هذا حاله صار محبوبًا للحق، محبًا له، يتقرب إليه أولًا بالفرائض، وهو يحبها، ثم اجتهد في النوافل التي يحبها ويحب فاعلها، فأتي بكل ما يقدر عليه من محبوب الحق، فأحبه الحق لفعل محبوبه من الجانبين، بقصد اتفاق الإرادة، بحيث يحب ما يحبه محبوبه، ويكره ما يكرهه محبوبه، والرب يكره أن يسوء عبده ومحبوبه، فلزم من هذا أن يكره الموت ليزداد من محاب محبوبه

والله سبحانه وتعالى قد قضى بالموت، فكل ما قضى به فهو يريده ولابد منه، فالرب مريد لموته لما سبق به قضاؤه، وهو مع ذلك كاره لمساءة عبده؛ وهي المساءة التي تحصل له بالموت، فصار الموت مرادًا للحق من وجه، مكروهًا له من وجه، وهذا حقيقة التردد وهو: أن يكون الشيء الواحد مرادًا من وجه، مكروهًا من وجه، وإن كان لابد من ترجح أحد الجانبين، كما ترجح إرادة الموت، لكن مع وجود كراهة مساءة عبده، وليس إرادته لموت المؤمن الذي يحبه ويكره مساءته، كإرادته لموت الكافر الذي يبغضه ويريد مساءته.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثانيةوالثلاثون بعد المائة في موضوع(المؤمن ) وستكون بعنوان:*نور المؤمن يسعى بين يديه يوم القيامة

قوله تعالى : {يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم }

 قال التستري : نور المؤمن يسعى بين يديه ، له هيبة في قلوب الموافقين والمخالفين ، يعظمه الموافق ويعظم شأنه ، ويهابه المخالف ويخافه ، وهو النور الذي جعله الله تعالى لأوليائه ، ولا يظهر ذلك النور لأحد إلا إن انقاد له وخضع ، وهو من نور الإيمان ، ثم وصف المنافقين أنهم يقولون لهم :{ انظرونا نقتبس من نوركم } فنمضي معكم على الصراط فإنا في الظلمة ، فتقول لهم الملائكة : {ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا }  بعقولكم التي كنتم تدبرون بها أموركم في الدنيا ، فيرجعون إلى ورائهم ، فلا يصلون إلى طريق الهدى ، حتى إذا انتهوا في السير على الصراط سقطوا في جهنم خالدين فيها.

 وعندما يذهب بالكفرة الملحدين، والمشركين الضالين إلى دار البوار: جهنم يصلونها، وبئس القرار،يبقى في عرصات القيامة أتباع الرسل الموحدون، وفيهم أهل الذنوب والمعاصي، وفيهم أهل النفاق، وتلقى عليهم الظلمة قبل الجسر كما في الحديث الذي يرويه مسلم في (صحيحه) عن عائشة قالت: (سئل الرسول صلى الله عليه وسلم: أين يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات؟ فقال: هم في الظلمة دون الجسر)       

. يقول شارح (الطحاوية): وفي هذا الموضع يفترق المنافقون عن المؤمنين، ويتخلفون عنهم، ويسبقهم المؤمنون، ويحال بينهم بسور يمنعهم من الوصول إليهم.  وعن عبدالله، قال: يجمع الله الناس يوم القيامة إلى أن قال: فمنهم من يعطى نوره مثل الجبل بين يديه، ومنهم من يعطى نوره فوق ذلك، ومنهم من يعطى نوره مثل النخلة بيمينه، ومنهم من يعطى دون ذلك بيمينه، حتى يكون آخر من يعطى نوره في إبهام قدمه، يضيء مرة ويطفأ أخرى، إذا أضاء قدم قدمه، وإذا أطفأ قام، قال: فيمر ويمرون على الصراط، والصراط كحد السيف دحض مزلة، ويقال لهم: امضوا على قدر نوركم، فمنهم من يمر كانقضاض الكوكب، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يمر كالطرف، ومنهم من يمر كأشد رجل، يرمل رملاً على قدر عمله، حتى يمر الذي نوره على إبهام قدمه، تخر يد، وتعلق يد، وتخر رجل وتعلق رجل، وتصيب جوانبه النار، فيخلصون فإذا خلصوا، قالوا: الحمد لله الذي نجانا منك، بعد أن أراناك، لقد أعطانا ما لم يعط أحد ،رواه البيهقي في (البعث والنشور) والحديث رواه الطبراني والحاكم  وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذا   اللفظ. وقال الألباني صحيح.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثالثةوالثلاثون بعد المائة في موضوع(المؤمن ) وستكون بعنوان : *مشهد مرور المؤمنين على الصراط      

  حدثنا تبارك وتعالى عن مشهد مرور المؤمنين على الصراط، فقال: {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ يَوْمَ يَقُولُ

الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الأَمَانِيُّ حَتَّى جَاء أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ } فالحق يخبر أن المؤمنين والمؤمنات الذين استناروا بهذا الدين العظيم في الدنيا، وعاشوا في ضوئه، يعطون في يوم القيامة نوراً يكشف لهم الطريق الموصلة إلى جنات النعيم،

ويجنبهم العثرات والمزالق في طريق دحض مزلة، وهناك يبشرون بجنات النعيم، ويحرم المنافقون الذين كانوا يزعمون في الدنيا أنهم مع المؤمنين، وأنهم منهم، لكنهم في الحقيقة مفارقون لهم لا يهتدون بهداهم، ولا يسلكون سبيلهم من النور، كما حرموا أنفسهم في الدنيا من نور القرآن العظيم، فيطلب المنافقون من أهل الإيمان أن ينتظروهم ليستضيئوا بنورهم، وهناك يخدعون، كما كانوا يخدعون المؤمنين في الدنيا، ويقال لهم: ارجعوا وراءكم فالتمسوا نوراً، وبذلك يعود المنافقون إلى الوراء، ويتقدم المؤمنون إلى الأمام، فإذا تمايز الفريقان، ضرب الله بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب، ويكون مصير المؤمنين والمؤمنات الجنة، ومصير المنافقين والمنافقات النار.

ويمكن أن نلخص كيفية المرور بما يلي:

1-      يعطي الله كل إنسان نوراً على قدر عمله يتبعه على الصراط: كما في حديث جابر عند مسلم 

2-انطفاء نور المنافقين: في هذا الموقف الرهيب حيث تجد أن الذعر والخوف قد استحوذ على الناس، كلهم يريد النجاة بحشاشة نفسه من الكلاليب, والخطاطيف, فإذا نور المنافقين يطفأ

2-      اختلاف سرعة الناس في المرور على الصراط: وذلك باختلاف قوة النور الذي يعطى لهم على قدر أعمالهم

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الرابعةوالثلاثون بعد المائة في موضوع(المؤمن ) وستكون بعنوان :حقُّ المسلمِ على المسلم ست

أخرج البخاري ومسلم وغيرهما من حديث  أبي هريرة - رضي الله عنه -: أَنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم- قال: «حقُّ المسلمِ على المسلم خمس: ردُّ السلام، وعِيادةُ المريض، واتِّباعُ الجنازة، وإِجابةُ الدَّعْوَةِ، وتشميتُ العاطس» . ولمسلم: «حقُّ المسلم على المسلم سِتّ، قيل: ما هنَّ يا رسولَ الله؟ قال: إِذا لقيتَه فسلِّمْ عليه، وإِذا دَعَاكَ

فأَجِبْهُ، وإِذَا استنصحَكَ فانْصَحْ له، وإِذا عَطَسَ فَحمِدَ الله فشَمِّتْه، وإِذا مرضَ فعُدْه، وإِذَا ماتَ فاتْبَعْهُ» .

فالسلام هو التحية التي أنزلها الله علي رسوله صلي الله عليه وسلم وهي تحية أهل الجنة. قال تعالي: (تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلام)

ثانياً : إجابة الدعوة

ومن الدعوات ما تكون واجبة، ومنها ما تكون سنة، ومنها ما يحرم إجابتها.                                    فأما ما هي واجبة: فدعوة الزواج ـ إذا لم يكن هناك منكر ـ ففي الصحيحين من حديث ابن عمر ـ رضي الله

عنهما ـ : (إذا دعي أحدكم إلي الوليمة فليأتها). والوليمة هي وليمة العرس

ثالثا: الدين النصيحة

 النصيحة واجبة عند أهل العلم، وقد قال صلي الله عليه وسلم كما عند مسلم. : ( الدين النصيحة ، فقلنا: لمن؟ قال : لله ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم).

رابعاً : تشميت العاطس

عند البخاري ومسلم والترمزي وابن ماجة وأحمد عن أنس : ( أنه عطس عنده رجلان فشمت أحدهما، ولم يشمت الآخر، فقال الذي لم يشمته: عطس فلان فشمته، وعطست فلم تشمتني، فقال: هذا حمد الله، وأنت لم تحمد الله).

وعند مسلم وأحمد من حديث أبى موسى الشعري أنه صلي الله عليه وسلم قال: ( إذا عطس أحدكم فحمد الله فشمتوه، فإن لم يحمد الله فلا تشمتوه).

خامساً: عيادة المريض 

 روي مسلم عن ثوبان قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ( من عاد مريضاً لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع).

سادساً: اتباع الجنازة  : يقول صلي الله عليه وسلم في الحديث: ( وإذا مات فاتبعه)

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الخامسةوالثلاثون بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :

*قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن

قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }

قال ابن عباس : يحول بين المؤمن وبين الكافر ، وبين الكفر وبين الإيمان .

وقال السدي : يحول بين الإنسان وقلبه ، فلا يستطيع أن يؤمن ولا يكفر إلا بإذنه .

وقد وردت الأحاديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما يناسب هذه الآية .

أخرج الإمام أحمد بسنده من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يكثر أن يقول : (يا مقلب القلوب ، ثبت قلبي على دينك ) قال : فقلنا : يا رسول الله ، آمنا بك وبما جئت به ، فهل تخاف علينا ؟ قال : (نعم ، إن القلوب بين إصبعين من أصابع الله تعالى يقلبها كيف يشاء

ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم مصرف القلوب،صرف قلوبنا إلى طاعتك) إخرجه مسلم  

أسباب قسوة القلوب وعلاجها :

القلوب بيد الله عز وجل يقلبها كيف يشاء، فعن النواس بن سمعان رضي الله عنه يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من قلب إلاَّ وهو معلق بين اصبعين من أصابع الرحمن: إن شاء أقامه، وإن شاء أزاغه، والميزان بيد الرحمن يرفع أقواماً ويضع آخرين إلى يوم القيامة"

وما سمي القلب بذلك إلاَّ لتقلبه كما قيل:

ما سمي القلب إلاَّ من تقلبه ***  فاحذر على القلب من قَلْب وتحويل

 والقلب هو ملك الجوارح وسيدها، وبصلاحه تصلح الجوارح وبفساده تفسد: (ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب) الترمذي وقال: حسن صحيح  

ومع ذلك قد يتأثر القلب ببعض ما تقترفه جارحة من الجوارح، فقد خرج الترمذي في سننه وصححه عن أبي هريرة يرفعه: "أن الرجل ليصيب الذنب فيسوّد قلبه، فإن هو تاب صقل قلبه)

    إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الخامسةوالثلاثون بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :

القلب القاسي :

هو الذي نزعت منه الرحمة، وقابلية الهداية للذكرى والمواعظ، فهو الذي لا يعرف معروفاً، ولا ينكر منكراً، فهو أشد صلابة وقسوة من الحجارة الصماء، قال تعالى في ذم بني إسرائيل: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}" 

قال القرطبي رحمه الله في تأويلها: القسوة: الصلابة والشدة واليبس، وهي عبارة عن خلوها من الإنابة والاذعان لآيات الله تعالى. قال أبو العالية وقتادة وغيرهما: المراد: قلوب جميع بني إسرائيل. وقال ابن عباس: المراد قلوب ورثة القتيل، لأنهم حين حيي وأخبر بقاتله وعاد إلى موته انكروا قتله، وقالوا: كذب

*ما ورد في ذم القلب القاسي

لقد ذم الله ورسوله والمؤمنون القلب القاسي، وحذروا من قساوة القلب من ذلك:

قوله تعالى: "فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ"وقوله تعالى: "فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً"

وقوله تعالى: "أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ" 

قال ابن مسعود رضي الله عنه: ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله بهذه الآية: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ.....} إلاَّ أربع سنين، فجعل ينظر بعضنا إلى بعض، ويقول: ما أحدثنا؟.  

. قال الحسن: استبطأهم وهم أحب خلقه إليه)

   وعن ابن عمر يرفعه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله، فإنَّ كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة للقلب، وإن ابعد الناس عن الله، القلب القاسي"

وقال مالك بن دينار: (ما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة السادسةوالثلاثون بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :

أسباب قسوة القلب :

لاشك أن أسباب قسوة القلب كثيرة، ولكن سنشير إلى أخطرها للحذر منها :

أولاً: الاكثار من الفضوليات

فضول الأكل، والشرب، والكلام بغير ذكر الله، والنظر، والسمع، والنوم،والمخالطة،والاهتمام بما لا يعني المرء...

ثانياً: كثرة الضحك

كثرة الضحك من أسباب قسوة القلب كذلك، فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "..... ولا تكثر الضحك، فإنَّ كثرة الضحك تميت القلب

ثالثاً: كثرة الذنوب

قال تعالى: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ}

لله در ابن المبارك القائل :   

رأيت الذنوب تميت القلوب***  ويورث الـذلَ ادمانُها

وترك الذنوب حياة القلوب ***وخير لنفسك عصيانها

رابعاً: نقض العهد والميثاق مع الله عز وجل

قال تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً}

فنقض العهود والمواثيق من علامات النفاق، كما صح بذلك الخبر: "وإذا عاهد غدر"، الحديث

 قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله: قال ابن عقيل يوماً في وعظه: يا من يجد في قلبه قسوة، احذر أن تكون نقضت عهداً، فإنَّ الله يقول: "فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ"

قال القرطبي في تفسير قوله تعالى {وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً} : أي صلبة لا تعي خيراً ولا تفعله، والقاسية والعاتية بمعنى واحد    

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد

فهذه الحلقة السابعةوالثلاثون بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :

أسباب زوال قسوة القلب، والتخلص منها :

أسباب زوال القسوة والتخلص منها كثيرة ويسيرة لمن يسرها الله له، وسنشير إلى طرف منها:

أولاً: الدعاء، والتضرع، وسؤال الله عزو جل

والتضرع إليه أن يثبت قلبك على الإيمان، وأن يصرفه إلى طاعة الله ورسوله، سيما أنْ تلهج بالآتي:

اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، ويا مصرف القلوب صرف قلبي لطاعتك وطاعة رسولك"

وكذلك الإكثار من الدعاء القرآني: {رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ}

ثانياً: الإكثار من ذكر الله عزو جل

قال تعالى: "{الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}  ، وقال: "اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ" 

والذكر الذي يزيل القسوة المراد به تلاوة القرآن بتدبر، وتفكر، وتمعن، وكذلك الأذكار النبوية الجامعة الثابتة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثالثاً: الاكثار من ذكر هادم اللذات

ومفرق الجماعات وميتم البنين والبنات، ومأيم الأزواج والزوجات -الموت-، فكفى بالموت واعظاً، فقد صح عنه أنه قال: "اكثروا من ذكر هادم اللذات، الموت"

رابعاً: الاكثار من زيارة القبور للرجال

فقد قال صلى الله عليه وسلم مرغباً وحاضاً ومعللاً لزيارة القبور: "زوروا القبور فإنها تذكر الموت"

خامساً: الاحسان لليتامى والأرامل والمساكين

عن أبي هريرة رضي الله عنه: "أنَّ رجلاً شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه، فقال: (إنْ احببت أن يلين قلبك فامسح رأس اليتيم واطعم المساكين)

سادساً: أكل الحلال الطيب

فإنه سبب رئيس لاصلاح القلوب والأبدان ولإجابة الدعاء

اللهم إنا نسألك قلباً سليماً، ولساناً صادقاً، ونسألك شكر نعمك، وحسن عبادتك (وكتبه الأمين الحاج محمد)

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثامنةوالثلاثون بعد المائة في موضوع(المؤمن ) وستكون بعنوان :*شرف المؤمن قيامه بالليل

عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « أتاني جبريل فقال: يا محمد ! عش ما شئت فإنك ميت وأحبب من شئت فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك مجزي به واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل وعزه استغناؤه عن الناس» رواه الحاكم والبيهقي وحسنه المنذري والألباني

إن قيام الليل عبادة جليله وقربة عظيمة وشريعة ربانية وسنة نبوية وخصلة حميدة ومدرسة إيمانية وخلوة برب

 

البرية ..

* قيام الليل من أفضل الطاعات
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل» رواه مسلم.
وعن صهيب بن النعمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « صلاة الرجل تطوعا حيث لا يراه الناس تعدل صلاته على أعين الناس خمسا وعشرين » رواه أبو يعلى بسند حسن.
*تكـفير السـيئـات
قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه: « ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جنة،والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار وصلاة الرجل من جوف الليل ثم تلا: { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } رواه الترمذي بسند صحيح.
*قرب الرب من عبده القائم
عن عمرو بن عبسة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: « أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الأخير فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن» رواه الترمذي بسند صحيح.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة التاسعةوالثلاثون بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :

*فضل قيام الليل ومنه : طرد الغفلة عن القلب
عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين ومن قام بمائة آية كتب من القانتين ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين» رواه أبو داود بسند صحيح.
*شهود لنزول الرحمن
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟» متفق عليه.
*يورث سكنى غرف في الجنان
عن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن في الجنة لغرفاً يُرى ظهورها من بطونها وبطونها من ظهورها، فقام إليه أعرابي فقال : لمن هي يارسول الله ؟ قال : هي لمن أطاب الكلام وأطعم الطعام وأدام الصيام وصلى لله بالليل والناس نيام ) رواه الترمذي بسند حسن.
*الفوز بمحبه الله تعالى
عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ثلاثة يحبهم الله ويضحك إليهم ويستبشر بهم - وذكر من بينهم - والذي له امرأة حسناء وفراش لين حسن فيقوم من الليل : يذر شهوته ويذكرني ولو شاء رقد» رواه الطبراني بسند حسن.
*قيام الليل سبب لمباهاة الملائكة
عن ابن مسعود رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عجب ربنا تبارك وتعالى من رجلين: من رجل ثار من لحافه وفراشه من بين حبه وأهله إلى صلاته فيقول الله لملائكته: يا ملائكتي انظروا إلى عبدي هذا قام من بين فراشه ولحافه من بين حبه وأهله إلى صلاته رغبة فيها عندي وشفقة مما عندي» رواه أبويعلي بسند حسن.
*إجابـة الدعـاء
عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « من تعار من الليل فقال: لا إله إلا الله وحده لاشريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، الحمد لله وسبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال: اللهم اغفر لي أو دعا استجيب له فإن توضأ قبلت صلاته» رواه البخاري. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الاربعون بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :
*فضل قيام الليل ومنه :أجر القائم على حسب نيته
عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « من أتى فراشه وهو ينوي أن يقوم فيصلي من الليل فغلبته عينه حتى يصبح كتب له ما نوى وكان نومه صدقة عليه من ربه عزوجل» رواه النسائي بسند صحيح.
*قيام الليل طريق الصالحين
عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم وهو قربة إلى ربكم ومكفرة للسيئات ومنهاة للإثم» رواه الترمذي بسند حسن.
*القيام مع الإمام يكتب له قنوت ليلة
عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: « إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف حسب له قيام الليلة » رواه أبو داود والترمذي
* تثبيت القرآن في الصدر
عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إذا قام صاحب القرآن فقرأه بالليل والنهار ذكره وإذا لم يقم به نسيه» رواه مسلم.
*الفوز بالجنان ورضى الرحمن
عن عبدالله بن سلام رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « يا أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام» رواه ابن ماجه بسند صحيح.

قال تعالى: { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} قال مجاهد والحسن: يعني قيام الليل.

وقال النبي في شأن عبد الله بن عمر) نعم الرجل عبد الله، لو كان يصلي من الليل (متفق عليه

*قيام النبي صلى الله عليه وسلم :

أمر الله تعالى نبيه بقيام الليل في قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً (2) نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً } وقال سبحانه: { وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً } وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ( كان النبي يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه. فقلت له: لِمَ تصنع هذا يا رسول الله، وقد غُفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أكون عبداً شكوراً؟ ) [متفق عليه

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الواحدة والأربعون بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :

*الأسباب الميسِّرة لقيام الليل :

ذكر أبو حامد الغزالي أسباباً ظاهرة وأخرى باطنة ميسرة لقيام الليل:
فأما الأسباب الظاهرة فأربعة أمور:
الأول: ألا يكثر الأكل فيكثر الشرب، فيغلبه النوم، ويثقل عليه القيام.
الثاني: ألا يتعب نفسه بالنهار بما لا فائدة فيه.
الثالث: ألا يترك القيلولة بالنهار فإنها تعين على القيام.
الرابع: ألا يرتكب الأوزار بالنهار فيحرم القيام بالليل.
-وأما الأسباب الباطنة فأربعة أمور:
الأول: سلامة القلب عن الحقد على المسلمين، وعن البدع وعن فضول الدنيا.
الثاني: خوف غالب يلزم القلب مع قصر الأمل.
الثالث: أن يعرف فضل قيام الليل.
الرابع: وهو أشرف البواعث: الحب لله، وقوة الإيمان بأنه في قيامه لا يتكلم بحرف إلا وهو مناج ربه.
*قيام رمضان :

قيام رمضان هو صلاة التراويح التي يؤديها المسلمون في رمضان، وهو من أعظم العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه في هذا الشهر. لقول النبي : ( من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه  ) متفق عليه وقيام رمضان شامل للصلاة في أول الليل وآخره، وعلى هذا فالتراويح من قيام رمضان، وتشرع صلاة التراويح جماعة في المساجد، وكان النبي أول من سنّ الجماعة في صلاة التراويح في المسجد، ثم تركها خشية أن تُفرض على أمته، فلما لحق رسول الله بجوار ربه، واستقرت الشريعة؛ زالت الخشية، وبقيت مشروعية  صلاتها جماعة قائمة.
ولا ينبغي للرجل أن يتخلف عن صلاة التراويح لينال ثوابها وأجرها، ولا ينصرف حتى ينتهي الإمام منها ومن الوتر ليحصل له أجر قيام الليل كله
ويجوز للنساء حضور التراويح في المساجد إذا أمنت الفتنة منهن وبهن.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثانيةوالأربعون بعدالمائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :*المؤمن يأكل في معى واحد

أخرج مسلم بسنده من حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال  ( الكافر يأكل في سبعة أمعاء والمؤمن يأكل في معى واحد )

وفي الرواية الأخرى أنه صلى الله عليه وسلم قال هذا الكلام بعد أن أضاف كافرا ، فشرب حلاب سبع شياه ، ثم أسلم من الغد ، فشرب حلاب شاة ، ولم يستتم حلاب الثانية . قال القاضي : قيل : إن هذا في رجل بعينه ، فقيل له على جهة التمثيل ، وقيل : إن المراد أن المؤمن يقتصد في أكله ، وقيل : المراد المؤمن يسمي الله تعالى عند طعامه ، فلا يشركه فيه الشيطان ، والكافر لا يسمي فيشاركه الشيطان فيه . وفي صحيح مسلم ( إن الشيطان يستحل الطعام ألا يذكر اسم الله تعالى عليه ) .

قال أهل الطب : لكل إنسان سبعة أمعاء : المعدة ، ثم ثلاثة متصلة بها رقاق ، ثم ثلاثة غلاظ . فالكافر لشرهه وعدم تسميته لا يكفيه إلا ملؤها ، والمؤمن لاقتصاده وتسميته يشبعه ملء أحدها ، ويحتمل أن يكون هذا في بعض المؤمنين وبعض الكفار ، وقيل : المراد بالسبعة سبع صفات : الحرص والشره ، وطول الأمل ، والطمع ، وسوء الطبع ، والحسد ، والسمن . وقيل : المراد بالمؤمن هنا تام الإيمان ، المعرض عن الشهوات ، المقتصر على سد خلته ، والمختار أن معناه بعض المؤمنين يأكل في معى واحد ، وأن أكثر الكفار يأكلون في سبعة أمعاء ، ولا يلزم أن كل واحد من السبعة مثل معى المؤمن .

  قال العلماء : ومقصود الحديث التقلل من الدنيا ، والحث على الزهد فيها ، والقناعة . مع أن قلة الأكل من محاسن أخلاق الرجل ، وكثرة الأكل بضده . وأما قول ابن عمر في المسكين الذي أكل عنده كثيرا : لا يدخلن هذا علي . فإنما قال هذا لأنه أشبه الكفار ، ومن أشبه الكفار كرهت مخالطته لغير حاجة أو ضرورة ، ولأن القدر الذي يأكله هذا يمكن أن يسد به خلة جماعة . وأما الرجل المذكور في الكتاب الذي شرب حلاب سبع شياه فقيل : هو ثمامة بن أثال ، وقيل : جهجاه الغفاري ، وقيل : نضرة بن أبى نضرة الغفاري . إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثالثة والأربعون بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :*المؤمن لا ينجس

 روى البخاري قال أبو هريرة رضي الله عنه : لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا جنب ، فأخذ بيدي ، فمشيت معه حتى قعد ، فانسللت فأتيت الرحل فاغتسلت ، ثم جئت وهو قاعد ، فقال : أين كنت يا أبا هـر ؟ فقلت له ، فقال : سبحان الله يا أبا هر إن المؤمن لا ينجس .

وفي رواية لمسلم عن حميد الطويل عن أبي رافع عن أبي هريرة أنه لقيه النبي صلى الله عليه وسلم في طريق من طرق المدينة وهو جنب ، فانسلّ فذهب فاغتسل ، فتفقده النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما جاءه قال : أين كنت يا أبا هريرة ؟ قال : يا رسول الله لقيتني وأنا جنب ، فكرهت أن أجالسك حتى أغتسل . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سبحان الله إن المؤمن لا ينجس .

*المؤمن يشدد عليه من وجعه ليحط عنه من خطاياه

 قال ابن حجر في الفتح : باب مَا جَاءَ فِي كَفَّارَةِ الْمَرَضِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِه}

قال الكرماني: مناسبة الاية للباب أن الاية أعم، إذ المعنى أن كل من يعمل سيئة فإنه يجازى بها.

وقال ابن المنير: الحاصل أن المرض كما جاز أن يكون مكفرا للخطايا فكذلك يكون جزاء لها.

وقال ابن بطال: ذهب أكثر أهل التأويل إلى أن معنى الاية أن المسلم يجازى على خطاياه في الدنيا بالمصائب التي تقع له فيها فتكون كفارة لها.

وعن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَا مِنْ مُصِيبَةٍ تُصِيبُ الْمُسْلِمَ إِلا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا عَنْهُ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا)

وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلا وَصَبٍ وَلا هَمٍّ وَلا حُزْنٍ وَلا أَذًى وَلا غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إِلا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الرابعة والأربعون بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :*لهو المؤمن

 روى أحمدُ، والترمذي، عن عقبة بن عامر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (كل ما يلهو به الرجل المسلم باطلٌ، إلا رميه بقوسه، وتأديبه فرسه، وملاعبته أهله، فإنهنَّ مِن الحق)).  أخرجه الترمذي ، وقال: حسن صحيح.

ومعنى "باطل": أنه لا يُؤجَر عليه، ولكن لا يلحقه إثمٌ، وقد دلَّ على ذلك ما ثبت عن عطاء بن أبي رباح، قال: "رأيت جابر بن عبدالله وجابر بن عميرٍ الأنصاريين يرميان قال: فأما أحدهما: فجلس، فقال له صاحبه: أكسلت؟ قال: نعم، فقال أحدهما للآخر: أما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (كل شيءٍ ليس من ذِكْر الله فهو لعبٌ، لا يكون اللهو في أربعة : مُلاعبة  الرجل  امرأته ، وتأديب  الرجل  فرسه ، ومشي الرجل بين الغرضين ، وتعلم الرجل السباحة).

هذا يؤكد أن اللهو من غير هذه الأربعة لعبٌ، وليس كل لعبٍ محرمًا.

قال الإمام ابن تيميَّة في "الاستقامة": "... والباطل مِن الأعمال هو ما ليس فيه منفعة، فهذا يرخص فيه للنفوس التي لا تصبر على ما ينفع، وهذا الحق في القدر الذي يحتاج إليه في الأوقات التي تقتضي ذلك الأعياد والأعراس وقدوم الغائب ونحو ذلك...". اهـ.

وقال الشوكاني في "نَيْل الأوطار": "... قال الغزالي: قلنا: قوله - صلى الله عليه وسلم -: (فهو باطلٌ): لا يدل على التحريم, بل يدل على عدم فائد ته". انتهى.

وهو جوابٌ صحيحٌ؛ لأن ما لا فائدة فيه مِن قِسْم المباح".

 وحفظَ الوقت، وإشغال  النفس بما يعود عليها بالنفع في الدنيا والآخرة ؛ مطلب شرعي                         قال - صلى الله عليه وسلم -: (نعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس: الصحة، والفراغ)؛ رواه البخاري.

وفي صحيح مسلم أن حَنْظَلَةَ الْأُسَيِّدِيِّ رضي الله عنه قَالَ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا ذَاكَ؟ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَكُونُ عِنْدَكَ تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ، حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ، نَسِينَا كَثِيرًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنْ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي وَفِي الذِّكْرِ، لَصَافَحَتْكُمْ الْمَلَائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ وَفِي طُرُقِكُمْ، وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً ثَلَاثَ مَرَّاتٍ . إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الخامسة والأربعون بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون إستكمالا للماضية والتي بعنوان :  *لهو المؤمن

في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ لِي صَوَاحِبُ يَلْعَبْنَ مَعِي فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ يَتَقَمَّعْنَ مِنْهُ فَيُسَرِّبُهُنَّ إِلَيَّ فَيَلْعَبْنَ مَعِي .

ومن هنا أجاز العلماء صور وتماثيل العرائس في لعب البنات، وفيها مصلحة تعويد الفتاة على مشاعر الأمومة ورعاية الولد .

وفي الصحيحين عن عائشة في قصة بناء النبي صلى الله عليه وسلم بها قالت: (فَأَتَتْنِي أُمِّي وَإِنِّي لَفِي أُرْجُوحَةٍ وَمَعِي صَوَاحِبُ لِي ... قالت: وَأَنَا يَوْمَئِذٍ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ)

ولما كبرت عائشة رضي الله عنها سابقها النبي صلى الله عليه وسلم، وسترها صلى الله عليه وسلم  وهي تنظر للحبشة وهم يلعبون في المسجد .

وكان عليه الصلاة والسلام يلاعب الحسن والحسين، وربما ارتحلاه فصَعَدا فوق ظهره الشريف وهو يصلي .

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (إني ليعجبني أن يكون الرجل في أهله مثل الصبي، فإذا بغي منه حاجة وجد رجلاً).

وقال أبو الوفاء بن عقيل الحنبلي: "العاقل إذا خلا بزوجاته وإمائه، لاعب ومازح وهازل، يعطي للزوجة والنفس حقهما، وإن خلا بأطفاله خرج في صورة طفل، وهجر الجدّ في بعض الوقت" اهـ.

وإذا كان للصغار ترويح، فإن للكبار ترويحاً يناسب حالهم ، كما كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لهم مزاح أيضا مع بعضهم وخصوصا في الأسفار، وكانوا يتبادحون أي يترامون بالبطيخ فإذا كانت الحقائق كانوا هم الرجال .

وقال علي رضي الله عنه: روحوا القلوب ساعة فإنها إذا أكرهت عميت .

وكان بعض العلماء يروحون عن أنفسهم بالشعر والقصص كما ورد عن ابن عباس، وكان ابن سيرين والأعمش وغيرهم يداعبون أصحابهم بالمزاح المباح بينهم لكي ينشطوا في العلم .

ونقل ابن عبد البر – رحمه الله – عن أبي الدرداء أنه قال: (إني لأستجمّ نفسي بالشيء من اللهو غير المحرم، فيكون أقوى لها على الحق) . إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة السادسة والأربعون بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون إستكمالا للماضية والتي بعنوان :  *لهو المؤمن

   أما اللهو المحرم فقد قال الإمام البخاري – رحمه الله – في صحيحه: "باب كل لهو باطل، إذا أشغله عن طاعة الله" قال ابن حجر: "أي كمن التهى بشيء من الأشياء مطلقاً، سواء كان مأذونا في فعله أو منهياً عنه، كمن اشتغل بصلاة نافلة، أو بتلاوة، أو ذكر، أو تفكر في معاني القرآن مثلاً، حتى خرج وقت الصلاة المفروضة عمداً، فإنه يدخل تحت هذا الضابط، وإذا كان هذا في الأشياء المرغب فيها، المطلوب فعلها، فكيف حال ما دونها؟ اهـ .

وقد قال الله تعالى : (وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَـٰرَةً أَوْ لَهْواً ٱنفَضُّواْ إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً قُلْ مَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ مّنَ ٱللَّهْوِ وَمِنَ ٱلتّجَـٰرَةِ وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلرزِقِينَ) .

وإذا كان هذا هو مفهوم اللهو والترويح في الإسلام، فإننا ندرك البون الشاسع بينه وبين كثير من صور اللهو والترويح في عالم اليوم، مما يوجب النظر في موافقتها للشرع، ومدى الإفادة منها في تحقيق المصالح للفرد والمجتمع، في توازن وتكامل، وعدم مزاحمة للبناء والعمل الجاد، وبعدٍ عن الاسترخاء الفكري، وهشاشة الضابط القيمي .

لقد ازدهرت صناعة الترفيه اليوم، وتفنن الكفار في صناعتها، حتى تحولت إلى أصل في الحياة بعد أن كانت أمراً تكميلياً يؤخذ منه بقدر .. حتى وصلت مرتبات بعض مهندسي الترفيه وصانعي الألعاب ومخترعي ألعاب البلاي ستيشن، في السنة إلى نحو من 50 مليون دولار سنوياً للواحد، بينما لا تصل المرتبات السنوية لأكبر الأطباء والمفكرين والمخترعين والباحثين إلى واحد في المائة من هذه الأرقام .

ومن العجيب أن ترى أهل الكفر صناع الترفيه، ينشطون ويتعبون في أعمالهم ووظائفهم ومصانعهم وأمور دنياهم، ثم يقضون بقية يومهم في لعب ولهو ونوم وشهوات .. بينما يشكو الكثير من المسلمين من البطالة والكسل وضياع الأوقات في النهار، ثم يمضي بقية يومه في اللعب واللهو، فلا نحن أخذنا بجد الكفار في طلب الدنيا، ولا نحن أخذنا بجد أسلافنا في طلب الدنيا والآخرة . قاله : سامي بن خالد الحمود . نُقل بتصرف يسير

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة السابعة والأربعون بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :  *الشتاء ربيع المؤمن

 الدهور والأعوام الليالي والأيام، سنن الله تتعاقب في هذه الدنيا ولن تجد لسنة اله تبديلا، وبتعاقبها وسيرها تتعاقب الفصول على الناس، فهذا فصل للصيف وذا للشتاء وذاك للخريف وذا للربيع، ومن نعمه أن خص كل موسم بما يناسبه من الزروع والثمار ونوع الأعمال، ودفع السآمة عن الإنسان ؛ والمؤمن الحق من وقف مع هذه النعمة وتدبرها حق التدبر وشكر الله لأجلها، قولا وعملا

أخرج الإمام أحمد في حديثه الحسن عن أبي سعيد الخدري عن النبي أنه قال: (الشتاء ربيع المؤمن) أخرجه البيهقي، وزاد فيه: (طال ليله فقامه وقصر نهاره فصامه) وإنما كان الشتاء ربيع المؤمن لأنه يرتع فيه في بساتين الطاعات، ويسرح في ميادين العبادات، ونزه قلبه في رياض الأعمال الميسرة فيه، ويصلح بين المؤمن في الشتاء على صيام نهاره من غير مشقة من الطاعات ،فإن المؤمن يقدر في الشتاء على صيام نهاره من غير مشقة، ولا كلفة تحل له من جوع ولا عطش، فلا يحس بمشقة الصيام، وفي المسند والترمذي عن النبي: (الصيام في الشتاء الغنيمة الباردة)، وكان أبو هريرة رضي الله تعالى عنه يقول: " ألا أدلكم على الغنيمة الباردة؛ قالوا: بلى؛ فيقول: الصيام في الشتاء وقيام ليل الشتاء "- نسأل الله أن يوفقنا لأدائه-، يكون يسيرا لطول الليل فيه يمكن أن تأخذ النفس حظها من النوم ثم تقوم بعد ذلك إلى الصلاة وروي عن ابن مسعود قال: " مرحبا بالشتاء تنزل فيه البركة ويطول فيه الليل للقيام ويقصر فيه النهار للصيام "، وعن الحسن قال: "ونعم زمان المؤمن الشتاء ليله طويل يقومه ونهاره قصير يصومه " قال ابن رجب رحمه الله : " قيام ليل الشتاء يعدل صيام نهار الصيف ولهذا بكى معاذ عند موته، وقال: إنما أبكي على ظمأ الهواجر وقيام ليل الشتاء ومزاحمة العلماء بالركب عند حلق الذكر " انتهي ومن فضائل الشتاء أنه يُذكِّر بزمهرير جهنم، ويوجب الاستعاذة منها ذكر ابن رجب في حديث أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما عن النبي قال: (إذا كان يوم شديد البرد فإذا قال العبد لا إله إلا الله ما أشد برد هذا اليوم، اللهم أجرني من زمهرير جهنم، قال الله تعالى لجهنم إن عبدا من عبادي استجار بي من زمهريرك وإني أشهدك أني قد أجرته، قالوا وما زمهرير جهنم. قال: بيت يلقى فيه الكفار فيتميز من شدة برده)، وفي الحديث عند الشيخين وغيرهما عن النبي أنه قال: (إن لجهنم نفسين نفسا في الشتاء ونفسا في الصيف، فأشد ما تجدون من البرد من زمهريرها، وأشد ما تجدون من الحر من سمومها)         إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثامنة والأربعون بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :  *ما يصيب المؤمن في الدنيا
   أخرج الحاكم بسنده من حديث عن معاوية ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول)  ما من شيء يصيب المؤمن في جسده يؤذيه إلا كفر عنه من سيئاته (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه     وعن أبي هريرة ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : " إن الله ليبتلي عبده بالسقم حتى يكفر ذلك عنه كل ذنب " هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه

قال ابن عثيمين في شرح هذا الحديث :

عن أبي هريرة رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه "
في حديث أبي سعيد وأبي هريرة وابن مسعود-رضي الله عنهم- فيه دليل على أن الإنسان يُكفّر عنه بما يصيبه من الهمّ والنّصب والغم وغير هذا من نعمة الله سبحانه وتعالى يَبتلي سبحانه وتعالى عبده بالمصائب وتكون تكفيرًا لسيئاته وحطًا لذنوبه .
والإنسان في هذه الدنيا لا يمكن أن يبقى مسرورًأ دائمًا بل هو يوم يُسَر ويوم يحزن ،ويوم يأتيه شيء ويوم لا يأتيه ،فهو مصاب بمصائب في نفسه ومصائب في بدنه ومصائب في مجتمعه ومصائب في أهله ولا تحصى المصائب

 التي تصيب الإنسان ،ولكن المؤمن أمره كله خير إن أصابته ضرّاء صبر فكان خيرًا له وإن أصابته سَرّاء شكر فكان خيرًأ له .
فإن أُصبت بالمصيبة فلا تظن أن هذا الهم الذي يأتيك أو هذا الألم الذي يأتيك ولو كان شوكة لا تظن أنه سيذهب سُدى بل ستُعوّض خيرًا منه ،ستُحطّ عنك الذنوب كما تحطُّ الشجرة ورقها وهذا من نعمة الله .
وإذا زاد الإنسان على ذلك الصبر الاحتساب : أي احتساب الأجركان له مع هذا أجر .
فالمصائب تكون على وجهين:

تارة إذا أصيب إنسان تذكر الأجر واحتسب هذه المصيبة على الله فيكون فيها فائدتان : تكفير الذنوب وزيادة الحسنات .
وتارة يغفل عن هذا فيضيق صدره, ويغفل عن نية الاحتساب والأجر على الله فيكون في ذلك تكفيرلسيئاته.
إذَا هو رابح على كل حال في هذه المصائب التي تأتيه.
فإما أن يربح تكفير السيئات ،وحظ الذنوب بدون أن يحصل له أجر لأنه لم ينو شيئًا ولم يصبر ولم يحتسب الأجر ،وإمّا أن يربح شيئين كما تقدّم .
ولهذا ينبغي للإنسان إذا أصيب ولو بشوكة , فليتذكر الاحتساب من الله على هذه المصيبة .
وهذا من نعمة الله سبحانه وتعالى وجوده وكرمه حيث يبتلي المؤمن ثم يثيبه على هذه البلوى أو يكفر عنه سيئاته .فالحمد لله رب العالمين.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة التاسعة والأربعون بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :  *أسباب المصائب

للمصائب والابتلاءات في الكتاب والسنة سببان اثنان مباشران – إلى جانب حكمة الله تعالى في قضائه وقدره:

السبب الأول : الذنوب والمعاصي التي يرتكبها الإنسان ، سواء كانت كفرا أو معصية مجردة أو كبيرة من الكبائر ، فيبتلي الله عز وجل بسببها صاحبها بالمصيبة على وجه المجازاة والعقوبة العاجلة .

يقول الله عز وجل :(وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ ) ، قال المفسرون : أي بذنبك . ويقول سبحانه : ( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ )

وعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

( إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدِهِ الْخَيْرَ عَجَّلَ لَهُ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا ، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدِهِ الشَّرَّ أَمْسَكَ عَنْهُ بِذَنْبِهِ حَتَّى يُوَافِيَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) . رواه الترمذي  وحسنه ، وصححه الألباني

 السبب الثاني :  إرادة الله تعالى رفعة درجات  المؤمن الصابر ، فيبتليه  بالمصيبة  ليرضى  ويصبر فيُوفَّى أجر الصابرين في الآخرة ، ويكتب عند الله من الفائزين ، وقد رافق البلاء الأنبياء والصالحين فلم يغادرهم ، جعله الله تعالى مكرمة لهم ينالون به الدرجة العالية في الجنة ، ولهذا جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا سَبَقَتْ لَهُ مِنْ اللَّهِ مَنْزِلَةٌ لَمْ يَبْلُغْهَا بِعَمَلِهِ ابْتَلَاهُ اللَّهُ فِي جَسَدِهِ أَوْ فِي مَالِهِ أَوْ فِي وَلَدِهِ )         رواه أبو داود  وصححه الألباني

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( قَالَ : إِنَّ عِظَمَ الجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ البَلاَءِ ، وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاَهُمْ ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا ، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ ) . رواه الترمذي  وحسنه ، وصححه الشيخ الألباني

وقد جُمع السببان في حديث عائشة رضي الله عنها ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ شَوْكَةٍ فَمَا فَوْقَهَا إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً ، أَوْ حَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً ) رواه البخاري ، ومسلم

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الخمسون بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان : * الدنيا سجن المؤمن

 حديث " الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر " حديث صحيح أخرجه مسلم وغيره عن أبي هريرة, ومعناه - كما قال النووي وغيره من الشراح -: أن كل مؤمن مسجون ممنوع في الدنيا من الشهوات المحرمة والمكروهة مكلف بفعل الطاعات الشاقة فإذا مات استراح من هذا وانقلب إلى ما أعد الله تعالى له من النعيم الدائم والراحة الخالصة من النقصان .

وأما الكافر فإنما له من ذلك ما حصل في الدنيا مع قلته وتكديره بالمنغصات فإذا مات صار إلى العذاب الدائم وشقاء الأبد .

والأدلة النقلية والواقعية في هذا الباب كثيرة لا تخفى على ذي عينين .

يقولتعالى : { فَذَرْنِي، وَمَن يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُم ، مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ }

وقال جل شأنه: { وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ }

وفي الصحيحين عن أبي موسى رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته } قال ثم قرأ : { وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} وقال جل شأنه : { وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِن سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ }  

وفي الصحيحين: أن عمر بن الخطاب دخل على النبي عليه الصلاة والسلام وكان جالسًا على حصير ما بينه وبينه شيء وتحت رأسه وسادة من أَدَم حشوها ليف وإن عند رجليه قَرَظًا مضبورا وعند رأسه أُهبًامعلقة .

قال عمر : فرأيت أثر الحصير في جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكيت .فقال: " ما يبكيك ؟" .فقلت : يا رسول الله إن كسرى وقيصر فيما هما فيه وأنت رسول الله .فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أما ترضى أن تكون لهما الدنيا ولك الآخرة "

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الواحدة والخمسون بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :*شرح صدر المؤمن

    قال تعالى :  { فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون }
 أي : يفتح قلبه وينوره حتى يقبل الإسلام ، ولما نزلت هذه الآية سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شرح الصدر ، فقال : " نور يقذفه الله في قلب المؤمن فينشرح له وينفسح " ، قيل : فهل لذلك [ أمارة؟ ] قال : " نعم ، الإنابة إلى دار الخلود والتجافي عن دار الغرور والاستعداد للموت قبل نزول الموت " .

وتبين هذه الآية الكريمة إلى أن من أراد الله هدايته شرح صدره للإسلام فاطمأن به قلبه واستنارت له نفسه، وأن من أراد به الضلال وفق مشيئته ضاق صدره عن قبول الإيمان وانغلق انغلاقا تاما حتى لا يجد الخير حينئذ مسلكاً إلى قلبه، وقد شبه المولى - سبحانه - ضيق صدر هذا البائس بضيق صدر الذي يتصاعد في السماء بتناقص قدرته على التنفس الطبيعي درجة بعد درجة، وذلك لانخفاض الضغط الجزيئي للأكسجين في طبقات الجو العليا حتى يصل الضيق إلى أشد مراحله، وهو مرحلة الحرج والتي لا يستطيع بعدها الأكسجين أن ينفذ إلى دمه، وهو تشبيه بليغ شبهت فيه الحالة المعنوية بحالة حسية، أدركت حقائقها وشوهدت كيفياتها اليقينية في هذا الزمان، ولم تكن معلومة للبشر وقت التنزيل .

والشرح: الكشف. وشرح الشيء يشرحه شرحاً: فتحه وبينه وكشفه، وشرح الله صدره لقبول الخير يشرحه شرحاً فانشرح: وسعه لقبول الحق فاتسع

والشرح: كناية عن قبول النفس للحق والهدى، وبين لفظ الشرح والضيق طباق وهو من المحسنات البديعية.

وأصل الشرح التوسعة، وشرحت الأمر بينته وأوضحته، ويشرح صدره للإسلام أي يوسعه له ويوفقه .
ويقول البيضاوي: وهذا كناية عن جعل النفس قابلة للحق مهيأة لحلوله فيها مصفاة عما يمنعه وينافيه

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثانية والخمسون بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان : *المؤمن مألفة

 عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المؤمن يأْلَف ويُؤْلَف، ولا خير فيمن لا يأْلَف ولا يُؤْلَف) .
قال المناوي: (لحسن أخلاقه وسهولة طباعه ولين جانبه. وفي رواية ) إلْفٌ مَأْلُوفٌ(   والإلْف: اللَّازم للشَّيء، فالمؤمن يأْلَف الخير، وأهله ويألفونه بمناسبة الإيمان، قال الطِّيبي: يحتمل كونه مصدرًا على سبيل المبالغة، كرجل عدل، أو اسم كان، أي: يكون مكان الأُلْفَة ومنتهاها، ومنه إنشاؤها وإليه مرجعها
وقال الماورديُّ: بيَّن به أن الإنسان لا يُصْلِح حاله إلَّا الأُلْفَة الجامعة؛ فإنَّه مقصود بالأذيَّة، محسود بالنِّعمة، فإذا لم يكن إلفًا مألوفًا تختطفه أيدي حاسديه، وتحكَّم فيه أهواء أعاديه، فلم تسلم له نعمة، ولم تَصْفُ له مدَّة، وإذا كان إلفًا مألوفًا انتصر بالأُلْف على أعاديه، وامتنع بهم مِن حسَّاده، فسلمت نعمته منهم، وصفت مودَّته بينهم، وإن كان صفو الزَّمان كدرًا ويُسْرُه عسرًا وسلمه خطرًا.
قال الرَّاغب الأصفهاني: ولذلك حثَّنا على الاجتماعات في الجماعات والجمعات، لكون ذلك سببًا للأُلْفَة، بل لذلك عظَّم الله تعالى المنَّة على المؤمنين بإيقاع الأُلْفَة بين المؤمنين ... وليس ذلك في الإنسان فقط، بل لولا أنَّ الله تعالى ألَّف بين الأركان المتضادة، لما استقام العالم

والألفة من صفات المؤمن ..قال صلى الله عليه وسلم) إذا أحب أحدكم صاحبه فليأته في منزله فليخبره أنه يحبه لله (رواه أحمد وهو صحيح مخرج في صحيح الجامع  والسلسلة الصحيحة

ولفظ مألفة، يعني موضع للألفة، وموضع للاجتماع، فالمؤمن يجتمع عليه الإخوان، المؤمن يجمع بين الإخوان يؤلف بينهم،سماه مألف، موضع الائتلاف، موضع الاجتماع.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثالثة والخمسون بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :*مثل المؤمن كمثل النحل

في مسند الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

وَالَّذِي نَفْسُ ‏ ‏مُحَمَّدٍ ‏ ‏بِيَدِهِ إِنَّ مَثَلَ الْمُؤْمِنِ ‏كَمَثَلِ النَّحْلَةِ أَكَلَتْ طَيِّبًا وَوَضَعَتْ طَيِّبًا وَوَقَعَتْ فَلَمْ تَكْسِر ولم تُفْسِد .ْ صححه الشيخ أحمد شاكر والشيخ الألباني .

شبه الرسول صلى الله عليه وسلم المؤمن بالنحلة ، والتشبيه إما أن يكون كليا أو جزئيا أو كل بكل أو جزء بجزء ، والصحيح أن التشبيه في الحديث تشبيه كلي بكلي .. وليس تشبيه كل صفات المؤمن بصفات النحلة أو بعض أجزائه ببعض أجزاء النحلة ..

ومعنى تشبيه الكلي بالكلي أي تشبيه النوع بالنوع من حيث النفع .. فتكون كل الصفات المحمودة في النحلة موجودة في المؤمن ، وعدد منها الرسول صلى الله عليه وسلم ما هو جدير بالتنبيه ، وترك للسامع بقية المقارنة والموازنة .

ومجموع هذه الصفات تعتبر علامة فارقة في النحل دون غيره من الحشرات ، فليس ثم من الحشرات ما ينفع نِتاجه مثل النحل .. وليس من الحشرات ما ينتقي ما يقع عليه مثل النحل .. ورعي النحل للزهور وأعواد الورود وبساتين البراعم رعي حنون ، فهي لا تهجم هجوم الجراد ، ولا تعيث عيث الزنابير ، كما أن رعيها للزهور تلقيح لها لتثمر ، وتهييج للمياسم لتنتج ...

فالنحل لا يمتص إلا رحيق الأزهار الفواحة .. لذا كان أطيب العسل البري الجبلي الذي ينتقي فيه النحل زهوره بنفسه لا بانتقاء الناس له ...

والعسل الخارج من بطنها من أطيب الإفرازات الحيوانية وأنفعها على الإطلاق ولذلك امتدحه القرآن وامتن به الله تبارك وتعالى .

والنحل ليس من نوع الحشرات الذي يهيج ويفسد كالجراد والزنابير ، حتى خلاياه يشيدها بعيدة عن مرمى البصر ومتناول الأيدي حتى لا يؤذي أحدا بها ...

والنحل بطبعه لا يلدغ إلا من آذاه .. وهو يسيح في كل مكان ، إذا رأى حيوانا أو بشرا تحاشاه ، وليس كالزنابير التي قد تثور لأقل حركة ...

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الرابعة والخمسون بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :

 *صفات المؤمن .. على ضوء تشبيه النبي صلى الله عليه وسلم له بالنحل ؟!

إن المؤمن طيب ... فمعدن الإيمان في قلبه ينفي الخبث ويطرد الدنيء ...

فإذا طاب المؤمن وطاب معدنه صار محلا للطيبات .. فلا ترى المؤمن يقبل إلا الطيب ..

كسبه طيب .. ونفقته طيبة .. وكلامه طيب .. وعمله طيب .. وعبادته طيبة .. مطعمه طيب ..  ومشربه طيب .. وملبسه طيب .. فاستحق أن تقول له ولأخوانه الملائكة يوم الدين :

{سلامٌ عليكم طبتم فادخلوها خالدين }. فالجنة دار طيبة .. أعدت للطيبين .. والمؤمن طيب .. لا يَقبل إلا طيبا ، ولا يُقبِل إلا على الطيب .. وما يستودعه المؤمن عند الآخرين طيب .. مثل العسل الذي يضعه النحل فيستفيد منه الناس .. إذا أنجز عملا كان طيبا .. ينتفع به الخلق .. وإذا علّم علما كان طيبا .. ينفع الناس ويمكث في الأرض . وإذا أنتج شيئا كان إنتاجه من أطيب الطيبات .

المؤمن مثل النحل .. لا يقع على الجيف النتنة .. ليس كالذباب يحوم حول النجاسات والقذارات ..

فالمؤمن إن رأى عيبا اصلحه أو خللا سده .. إن رأى تقصيرا أكمله وجمله .. لا يبحث عن أخطاء الآخرين .. ولا يجعلها هدفا لعمله ، فالنحل ينشد الفائدة فقط ، ولا يضيع وقته في السفاسف .. والمؤمن لا يتحسس أخطاء الناس .. إن رأى تلك الأخطاء لا يجعلها مادة حياته .. وقبلة اهتمامه .. بل يمر عليها ولا يقف .. كالنحل

والنحل إذا وقع على العود لم يكسره ... لأنه خفيفٌ حِمله .. رشيق تنقُّله .. فكذا المؤمن .. إذا عالج أمرا .. وتناول مشكلا لم يكسر القضية ويشوهها .. بل يقف على أعواد المشكلات وقوف النحل خفة ورشاقة ، ويعالج المشكل كما يعالج النحل مص الرحيق من الأزهار وهو واقف على العود لا ينكسر به ، حتى إذا نال بغيته ، وكلملت طِلبته قام عن العود وهو أكمل من ذي قبل ، فما من مشكلة يتناولها المؤمن إلا ويخرج منها وقد نالت منه خيرا ، ولم تر منه نقصا . والنحل لا يُفسد في ترحاله وتنقله .. وكذا المؤمن .. يتجول في كل الأمور والقضايا نافعا منتفعا ، يفيد الناس عونا ، ويستفيد منه مثوبة وأجرا .. والنحل صبور .. وكذلك المؤمن ... جلد قوي .. ذو عزيمة وشكيمة ، يغالب الأمور ولا تغلبه ، يصارعها ولا تصرعه .. يحب الجماعة كما النحل .. يتقوى بإخوانه .. ويستعين بهم ..

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الخامسة والخمسون بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :

*روح المؤمن يعرج بها إلى السماء فيستفتح لها

في حديث البراء بن عازب الذي يصف الرسول صلى الله عليه وسلم فيه رحلة الإنسان من الموت إلى البرزخ قال: ( حتى إذا خرجت روحه صلى عليه كل ملك بين السماء والأرض، وكل ملك في السماء، وفتحت له أبواب السماء، ليس من أهل باب إلا وهم يدعون الله أن يعرج من قبلهم، فإذا أخذها (يعني ملك الموت) لم يدعوها في يده طرفة عين، حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن، وفي ذلك الحنوط، فذلك قوله تعالى{ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ } ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض.
قال: فيصعدون بها، فلا يمرون – يعني – بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الطيب؟ فيقولون: فلان ابن فلان – بأحسن أسمائه التي كان يسمونه بها في الدنيا، حتى ينتهوا إلى السماء الدنيا، فيستفتحون له، فيفتح لهم، فيشيعه من كل سماء مقربوها، إلى السماء التي تليها، حتى ينتهى به إلى السماء السابعة، فيقول الله عز وجل: اكتبوا كتاب عبدي في عليين، وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ - كِتَابٌ مَّرْقُومٌ - يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ [فيكتب كتابه في عليين، ثم يقال: أعيدوه إلى الأرض فإني منها خلقتهم، وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارة أخرى.....     . .    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الرُّوحَ تَبْقَى بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْبَدَنِ؛خِلَافًا لِضُلَّالِ الْمُتَكَلِّمِينَ ؛ وَأَنَّهَا تَصْعَدُ وَتَنْزِلُ خِلَافًا لِضُلَّالِ الْفَلَاسِفَةِ ؛ وَأَنَّهَا تُعَادُ إلَى الْبَدَنِ ، وَأَنَّ الْمَيِّتَ يُسْأَلُ فَيُنَعَّمُ أَوْ يُعَذَّبُ"انتهى    ورى ابن ماجة  عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ( الْمَيِّتُ تَحْضُرُهُ الْمَلَائِكَةُ ، فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ صَالِحًا، قَالُوا: اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ، كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الطَّيِّبِ ، اخْرُجِي حَمِيدَةً، وَأَبْشِرِي بِرَوْحٍ وَرَيْحَانٍ ، وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ ، فَلَا يَزَالُ يُقَالُ لَهَا ذَلِكَ حَتَّى تَخْرُجَ ، ثُمَّ يُعْرَجُ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ ، فَيُفْتَحُ لَهَا، فَيُقَالُ : مَنْ هَذَا ؟ فَيَقُولُونَ : فُلَانٌ ، فَيُقَالُ: مَرْحَبًا بِالنَّفْسِ الطَّيِّبَةِ ، كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الطَّيِّبِ ، ادْخُلِي حَمِيدَةً ، وَأَبْشِرِي بِرَوْحٍ وَرَيْحَانٍ ، وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ ، فَلَا يَزَالُ يُقَالُ لَهَا ذَلِكَ حَتَّى يُنْتَهَى بِهَا إِلَى السَّمَاءِ الَّتِي فِيهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ

 إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة السادسة والخمسون بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :*المرض يكفر ذنوب المؤمن

سنة الابتلاء :- إن المرض وسائر المكاره بل الصحة وسائر المحاب سنة ربانية للابتلاء والامتحان، فالعبد مبتلى في كل شيء ، فيما يسره ويحبه ، وفيما يسوؤه ويكرهه

 قال تعالى : { ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون } ،  قال ابن عباس : نبتليكم بالشدة والرخاء ، والصحة والسقم، والغني والفقر والحلال والحرام والطاعة والمعصية ، والهدي والضلالة ؛ فالأمراض من جملة ما يبتلى الله به عباده ولها فوائد وحكم

وذكر ابن القيم أكثر من مئة منها في حكم وفوائد المرض :

1- استخراج عبودية الضراء وهي الصبر وعبودية السراء وهي الشكر

2- تكفير الذنوب والسيئات

3- كتابة الحسنات ورفعُ الدرجات :

4- سبب في دخول الجنة

5-النجاة من النار

6- رد العبد إلى ربه وتذكيره بمعصيته وايقاظه من غفلته

7- تذكيرك بنعم الله السابقة والحاضرة

8- تذكير العبد بحال إخوانه المرضى

9- طهارة القلب من الأمراض

والمرض نعمة ومنحة :- من خلال ما تقدم ذكره من فوائد المرض يتضح لنا أن الأمراض والمصائب نعمة ومنحة من الله ورحمة . ولكون المرض والبلاء نعمة كان الصالحون يفرحون به كما يفرح الواحد منا بالرخاء : فقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ابتلاء الأنبياء والصالحين بالمرض وغيره ثم قال:( وإن كان أحدهم ليفرح بالبلاء كما يفرح أحدكم بالرخاء )   والبلاء يشتد على المؤمنين بحسب إيمانهم :- قالت عائشة رضي الله عنها : " ما رأيت أحدا أشد عليه الوجع من رسول الله صلى الله عليه وسلم "

بشرى للمريض :- ماكنت تعمله من الطاعات والقربات ، ومنعك المرض من فعله،فهو مكتوب لك ولو لم تفعله

وعن أبي موسى قال :قال رسول الله : ( إذا مرض العبدُ أو سافر كُتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً)البخاري

وعن أنس قال : قال رسول الله : ( إذا ابتلى الله العبد المسلم ببلاء في جسده ، قال الله عز وجل للملك : أكتب له صالح عمله الذي كان يعمله ، فإن شفاه غسله وطهره ، وإن قبضه غفر له ورحمه ) وحسنه الألباني  إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة السابعة والخمسون بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان : * أسباب الصبر على المرض                                                                    قال ابن القيم رحمه الله :" الصبر على المصائب واجب بإجماع الأمة ، وهو نصف الإيمان ، فإن الإيمان نصفان ، نصف صبر ونصف شكر …

ثم قال : والصبر يتحقق بثلاثة أمور : حبس النفس عن الجزع والسخط . وحبس اللسان عن الشكوى للخلق . وحبس الجوارح عن فعل ما ينافي الصبر ....

أما الأسباب والأمورالتي تعين على تحصيل الصبر على المرض فمنها :

1- العلم بأن المرض مقدر من عند الله : قال تعالى{ قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا

2-  التيقن أن الله أرحم بك من نفسك ومن الناس أجمعين، قال تعالى{ كتب على نفسه الرحمة ) وقال صلى الله عليه وسلم ( لله أرحم بعباده من هذه بولدها )

3- أن تعلم أن حق الله عليك في هذه البلوى هو الصبر فهو عبودية الضراء .

4- أن تتذكر فوائد المرض وثمراته التي مرت معنا .

5-أن تعلم أن الله أراد بك خيرا في هذا المرض ففي الحديث ( من يرد الله به خيرا يصب منه )

6-أن تعلم أن الابتلاء بالمرض وغيره علامة على محبة الله للعبد : قال رسول الله ( إن عِظم الجزاء مع عظم البلاء ، وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم ، فمن رضي فله الرضا ، ومن سخط فله السخط )

7-ومن الأمور التي تعين على الصبر: علمك بأن الجزع لا يفيد العبد وإنما يزيد ا لآلام  ويضاعف عليك المصيبة ويفوّت عليك الأجر ، كما في الحديث السابق ( فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط)

8-تذكر الموت وسرعة الانتقال عن هذه الدار عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( أكثروا من ذكر هادم اللذات ، فما ذكره عبد قط وهو في ضيق إلا وسعه عليه ، ولا ذكره وهو في سعة إلا ضيقها عليه)

9- علمك بأن الدنيا دار ابتلاء وامتحان ، وهي محل للأنكاد والأسقام والأحزان ، قال تعالى { لقد خلقنا الإنسان في كبد }

10- التسلى والتأسي بالنظر إلى من هو أشد منك بلاء وأعظم منك مرضا .

11- أن تنظر إلى ما أبقاه الله عليك من النعم الأخرى ، نعمة الإيمان والعقل والسمع والبصر والنطق وغيرها ،

 12- ومن أسباب الصبر على المرض : أن تصبر نفسك عليه ، كما في الحديث " ومن يتصبر يصبره الله "

13- وأخيرا من الأسباب : انتظار الفرج فإن في ذلك تهوينا للمرض ومعونة على الصبر عليه .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثامنة والخمسون بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :*آية المؤمن حب الأنصار

1- حديث أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (آيَةُ الإيمانِ حُبُّ الأَنْصارِ، وَآيَةُ النِّفاقِ بُغْضُ الأَنْصارِ). متفق عليه.

2- حديث الْبَراء قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (الأَنْصارُ لا يُحِبُّهُمْ إِلاَّ مُؤْمِنٌ، وَلا يُبْغِضُهُمْ إِلاّ مُنافِقٌ، فَمَنْ أَحَبَّهُمْ أَحَبَّهُ اللهُ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ أَبْغَضَهُ اللهُ). متفق عليه.

فيه أن حب المؤمن لقبيلة الأنصار شعبة من شعب الإيمان وعلامة عليه فلا يحبهم إلا مؤمن. وفيه أن بغضهم وكرههم شعبة من شعب النفاق والكفر فلا يبغضهم إلا منافق.                                             والأنصار هم من سكن المدينة من الأوس والخزرج وآمنوا بالرسول ونصروه وعزروه وآووه بعد هجرته إليهم واستقراره فيهم. وقد ورد في فضلهم شمائل عظيمة ومناقب جمة.

 قال تعالى في مدحهم: (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).       وأثنى عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في مناسبات حافلة وفاضل بين دورهم وأحيائهم وأوصى باحترام حقوقهم وحفظ منزلتهم ومراعاتهم والتجاوز عن زلاتهم بعد موته وقد أخبر أن الناس يكثرون وهم يقلون مع مرور الزمان. وانتسب إليهم خلق كثير ليسوا منهم خاصة في بلاد الأعاجم. وإنما أمر الله بمحبتهم وموالاتهم لما قاموا به من الإيمان والجهاد والنصرة والتضحية بأغلى ما يملكون في سبيل هذا الدين فاستحقوا هذه المنزلة العظيمة والمرتبة المنيفة في أهل الإيمان. وفيه أن محبتهم من مقتضى محبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فمن كمال محبة الله الواجبة أن يحب المرء كل ما أحبه الله من الأزمنة والأمكنة والأشياء والأعيان من النبيين والصديقين والصالحين ومن أعلاهم الأنصار. وفيه أن من أبغضهم أو كفرهم أو طعن في دينهم وعاداهم وترك موالاتهم فهو منافق مكذب لله ورسوله صلى الله عليه وسلم طاعن في الشريعة التي بلغوها عنه. وهذه البدعة السيئة شائعة لدى بعض الفرق الضالة كالرافضة وغيرهم. والمقصود بالمدح والثناء من الأنصار من كان مؤمنا بالله مواليا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ناصرا لدينه من الصحابة ومن تبعهم بإحسان أما من كان كافرا لم يؤمن بالرسول أو منافقا ومات على ذلك فليس داخلا في جماعة الأنصار الممدوحين ولا يلحقه فضل وإن كان ذو نسب فيهم كعبد الله بن أبي بن سلول ومن كان على شاكلته في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ومن تابعه على النفاق بعد ذلك إلى آخر الزمان. قاله : البليهد - موقع صيد الفوائد

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة التاسعة والخمسون بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :*عجبا لأمر المؤمن،كله خير

 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له)، رواه مسلم.

ومن المعلوم أن من قارف شيئاً من الأمور التي تستوجب العقوبة فإن ذلك قد يندفع عنه بسبب توبة، أو بسبب حسنات كثيرة ماحية، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لعمر في قصة حاطب: (أما علمت أن الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم قد غفرت لكم؟)  أخرجه البخاري

لأن شهودهم بدراً كان عملاً عظيماً، وكذلك في قصة عثمان لما جهز جيش العسرة قال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ما ضر عثمانَ ما عمل بعد اليوم) أخرجه الترمذي

 ومعلوم أن المفلح الناجي هو من غلبت عشراته آحاده، أي: من غلبت الحسنات عنده على السيئات، {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ* وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُم بِمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يِظْلِمُونَ}

فالعبرة بغلبة الحسنات، وكثرة الخير والصلاح، والبر، والمعروف، وإن كان لا يخلو أحد من تقصير، ومن ذنوب، لكن المشكلة حينما تغمرنا الذنوب، والتقصير، والتفريط، والغفلة.

فإذا عرف الإنسان هذه الحقيقة يكون متقلباً بين الشكر والصبر، بل لربما أفضى به الأمر في مثل هذه الأمور المكروهة إلى أن ينتقل من الصبر إلى الرضا، فيكون راضياً لما قدر الله -عز وجل- له.

 والابتلاء في هذه الحياةِ الدنيا تارة يكون بالنعمة والرخاء ، وتارة يكون بالشدة والبلاء ، تارة يكون بالصحة وتارة يكون بالمرض ، تارة يكون بالغنى وتارة يكون بالفقر ، والمؤمن عرضة للبلاء في هذين البابين : باب الشدة وباب الرخاء . والمؤمن  من خيرٍ إلى خير في كل ابتلاءاته

والمؤمن في مقام الضراء يفوز بثواب الصابرين ، وفي مقام السَّعَة والرخاء يفوز بثواب الشاكرين ؛ فهو يتقلب في هذه الابتلاءات بين صبر وشكر ، وقد قال الله تعالى في أربعة مواضع من القرآن الكريم ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ﴾ ؛ فذكر جل شأنه المقامين العظيمين مقام الصبر على البلاء ، ومقام الشكر على النعماء .

 وينبغي على عبد الله المؤمن أن يعلم أن توسيع الله جل شأنه على بعض الناس في مالٍ أو صحةٍ أو تجارةٍ أو ولدٍ أو غير ذلك من أنواع الإنعام ليس دليلاً ولا بد على رضا الله عنه وإكرامه له ، وكذلك ليس التضييق على العبد والتقتير عليه في ماله أو في صحته أو في سائر أحواله دليلا على عدم رضا الله عنه أو إهانته له ؛ فهذا ظن يظنه بعض الناس نفاه الله جل وعلا في القرآن ، وتأمل قول الله سبحانه وتعالى: ﴿ فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ﴾ ، قال الله تعالى نافياً لهذا الظن ﴿ كَلَّا ﴾ : أي ليس الأمر كما يظنون ، وليس الشأن كما يزعمون

قاله : عبد الرزاق البدر

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الستون بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :*آخر شدة يلقاها المؤمن الموت

  إن الله تعالى خلق الموت والحياة، كما قال سبحانه وتعالى: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ)

والموت هو انقطاع تعلق الروح بالبدن ومفارقتها له، والحياة هي تعلق الروح بالبدن واتصالها به. هذه هي حقيقة الموت والحياة، إلا أن الله تعالى يجسد الموت يوم القيامة في هيئة كبش ثم يذبح، لما رواه البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يؤتى بالموت كهيئة كبش أملح، فينادي منادٍ يا أهل الجنة فيشرئبون - (يمدون أعناقهم ويرفعون رؤوسهم للنظر) - وينظرون، فيقول: هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم. هذا الموت، وكلهم قد رآه، فيذبح ثم يقول: يا أهل النار فيشرئبون، فيقول: هل تعرفون هذا؟. فيقولون: نعم هذا الموت، وكلهم قد رآه فيذبح، ثم يقول: يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت، ثم قرأ: (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ)

 و في حديث ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : ( احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده أمامك تعرف الى الله في الرخاء يعرفك في الشده )

 وفي قصة يونس عليه السلام لما تقدم له عمل صالح قال : { فلولا أنه كان من المسبحين * للبث في بطنه إلى يوم يبعثون } ولما لم يكن لفرعون عمل خير قط لم يجد وقت الشدة متعلقا فقيل له : { آلآن و قد عصيت قبل و كنت من المفسدين } فمن ضيع الله في صحته فإنه يضيع في مرضه ،

 وروى مسلم  عَنْ جَابِرٍ، قَالَ : " سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَبْلَ وَفَاتِهِ بِثَلَاثٍ، يَقُولُ: ( لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ بِاللهِ الظَّنَّ ) " .

وسكرات الموت آخر شدة يلقاها العبد قبل لقاء الله ، وسكرات الموت هي آخر ما يكفر الله به عن عبده ، نسأل الله أن يخفف عنا هذه السكرات وأن يعيننا عليها .

روى البخاري  عن عَائِشَةَ : " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مرضه الذي تُوُفِّيَ فِيه جَعَلَ يُدْخِلُ يَدَيْهِ فِي المَاءِ فَيَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ ، يَقُولُ : ( لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، إِنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ ) ثُمَّ نَصَبَ يَدَهُ ، فَجَعَلَ يَقُولُ : ( فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى ) حَتَّى قُبِضَ وَمَالَتْ يَدُهُ " .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الواحد والستون بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان :

*ذرية المؤمن معه في درجته في الجنة

  ﭧ ﭨ                                ﮒﮓ                  

أخرج الحاكم في المستدرك كتاب التفسير في قوله تعالى : { ألحقنا بهم ذريتهم } قول النبي صلى الله عليه وسلم  : (إن الله يرفع ذرية المؤمن معه في درجته في الجنة ، وإن كانوا دونه في العمل . .) الحديث .

 وقال ابن كثير : يخبر تعالى عن فضله وكرمه وامتنانه، ولطفه بخلقه وإحسانه، أن المؤمنين إذا اتبعتهم ذرياتهم في الإيمان، يلحقهم بآبائهم في المنزلة، وإن لم يبلغوا عملهم لتقر أعين الآباء بالأبناء، فيجمع بينهم على أحسن الوجوه بأن يرفع الناقص العمل بكامل العمل، ولا ينقص ذلك من عمله ومنزلته للتساوي بينه وبين ذاك

قال ابن عباس: إن اللّه ليرفع ذرية المؤمن في درجته وإن كانوا دونه في العمل لتقرَّ بهم عينه

 وعن أبي هريرة عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) أخرجه مسلم

 وقال الزمخشري : فيجمع الله لهم أنواع السرور بسعادتهم في أنفسهم، وبمزاوجة الحور العين، وبمؤانسة الإخوان المؤمنين، وباجتماع أولادهم ونسلهم بهم.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثانية والستون بعد المائة في موضوع (المؤمن ) وستكون بعنوان : *الله يفرح بتوبة عبده المؤمن

أولاً: فضل التوبة فى القرآن والسنة:

إن المتأمل والمتدبر فى آيات القرآن الكريم يجد أن المولى سبحانه وتعالى قد أمر عباده بالتوبة والإنابة والرجوع إليه إذا وقعوا فى المعاصى واقترفوا الذنوب والآثام فإنه سبحانه يغفرها للعبد إذا تاب توبة صادقة فى آيات كثيرة من كتابه العزيز.

قال تعالى:(قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }

وقال عز وجل:(وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)

وقال سبحانه:(أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)

ودعا الله عز وجل الناس جميعاً إلى التوبة الصادقة والعودة إليه سبحانه حتى المشركين دعاهم إلى التوبة فقال سبحانه:(فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }

وقال سبحانه:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ... } الآيات

وجاءت أحاديث كثيرة فى سنة النبى صلى الله عليه وسلم يأمرنا فيها صلى الله عليه وسلم بالتوبة والإنابة والرجوع إلى الله منها:

أنه صلى الله عليه وسلم كان يكثر من التوبة والاستغفار: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة)(رواه البخارى).

وعن الأغر بن يسار المزني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه فإني أتوب إليه في اليوم مائة مرة)(رواه مسلم). ففى هذين الحديثين: دليل على وجوب التوبة لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بها

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثالثة  والستون  بعد  المائة  في موضوع  (المؤمن ) وستكون إستكمالا للماضية والتي بعنوان :

*الله يفرح بتوبة عبده المؤمن

=إن الله عز وجل يفرح بتوبة حين يتوب ويرجع إليه:عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لله أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فآيس منها فأتى شجرة فاضطجع في ظلها قد آيس من راحلته فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثم قال- من شدة الفرح- اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح) (رواه مسلم).

=وبين الله عز وجل أنه مهما كثرت ذنوب العبد فإنه يغفرها له إذا استغفر وتاب : عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تعالى: (يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة) أخرجه الترمذي وصححه الألبانى

=إن باب التوبة مفتوح فى كل وقت بالليل والنهار: وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها)(رواه مسلم).

وعن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تعالى: (يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم) (رواه مسلم).

وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يعدون له في المجلس الواحد قبل أن يقوم: (رب اغفر لي وتب عليَّ إنك أنت التواب الغفور مائة مرة) أخرجه الترمذي  وصححه الألبانى

وقال طلق بن حبيب: إن حقوق الله أعظم من أن يقوم بها العبد ولكن أصبحوا تائبين وأمسوا تائبين.

وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : من ذكر خطيئة ألم بها فوجل منها قلبه محيت عنه في أم الكتاب.

وقال عمر رضي الله عنه: اجلسوا إلى التوابين فإنهم أرق أفئدة.

وقال بعضهم: أنا أعلم متى يغفر الله لي قيل: ومتى؟ قال :إذا تاب علي 

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الرابعة والستون  بعد  المائة  في موضوع  (المؤمن ) وستكون بعنوان :

ثانياً: التوبة النصوح :

والتوبة النصوح هي : تخليصها من كل غشٍ ونقصٍ، وفساد.

وقال الحسن البصري : هي أن يكون العبد نادماً على ما مضى، مجمعاً على ألا يعود فيه.

وقال الكلبي: أن يستغفر باللسان، ويندم بالقلب، ويمسك بالبدن.

وقال الإمام ابن القيم : النصح في التوبة يتضمن ثلاثة أشياء: الأول: تعميم جميع الذنوب واستغراقها، بحيث لا تدع ذنباً إلا تناولته. الثانى: إجماع العزم والصدق بكليته عليها، بحيث لا يبقى عنده تردد. ولا تلوم ولا انتظار، بل يجمع عليها كل إرادته وعزيمته مبادراً بها. الثالث: تخليصها من الشوائب والعلل القادحة في إخلاصها، ووقوعها لمحض الخوف من الله وخشيته، والرغبة فيما لديه والرهبة مما عنده، لا كمن يتوب لحفظ حاجته وحرمته ومنصبه.

 وقال ذو النون المصرى : التوبة النصوح : أن تضيق عليك الأرض بما رحبت حتى لا يكون لك قرار، ثم تضيق عليك نفسك كما أخبر الله تعالى في كتابه:(وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)

وقال الجنيد رحمه الله: التوبة على ثلاثة أركان:الندم على ما فات، والعزم على ترك المعاودة لما نهى الله عنه، والسعي في أداء المظالم.

وقال عبد الله بن المبارك : حقيقة التوبة لها ست علامات : أولها : الندم على ما مضى .

والثانية : العزم على أن لا تعود ، والثالثة : أن تعمد إلى كل فرض ضيعته فتؤديه .

والرابعة : أن تعمد إلى مظالم العباد ، فتؤدّى إلى كل ذى حق حقه .

والخامسة : أن تعمد إلى البدن الذى ربيتهُ بالسحت والحرام فتذيبه بالهموم والأحزان حتى يلصق الجلد بالعظم ، ثم تنشىء بينهما لحمًا طيبًا إن هو نشأ ، والسادسة : أن تذيق البدن ألم الطاعة كما أذقته لذة المعصية .

وقال محمد بن كعب القرظي: التوبة النصوح يجمعها أربعة أشياء: الاستغفار باللسان، والإقلاع بالأبدان، وإضمار ترك العود بالجنان، ومهاجرة سيء الإخوان.

وقال أبو على الدقاق: التوبة على ثلاثة أقسام: أولها: التوبة، وأوسطها: الإنابة، وآخرها: الأوبة

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الخامسة والستون  بعد  المائة  في موضوع  (المؤمن ) وستكون بعنوان : *ثالثاً: شروط التوبة :

قال الإمام النووي رحمه الله:قال العلماء: التوبة واجبة من كل ذنب، فإن كانت المعصية بين العبد وبين الله تعالى لا تتعلق بحق آدمي، فلها ثلاثة شروط:

أحدها: أن يقلع عن المعصية. والثاني: أن يندم على فعلها.

والثالث: أن يعزم ألا يعود إليها أبداً، فإن فقد أحد الثلاثة لم تصح توبته.

وإن كانت المعصية تتعلق بآدمي فشروطها أربعة:هذه الثلاثة وأن يبرأ من صاحبها، فإن كانت مالاً أو نحوه رده إليه، وإن كانت حد قذف ونحوه مكنه منه أو طلب عفوه وإن كانت غيبةً استحله منها. ويجب أن يتوب من جميع الذنوب، فإن تاب من بعضها صحت توبته عند أهل الحق من ذلك الذنب وبقي عليه الباقي.

ويزاد على هذه الشروط أن تكون في زمن تقبل فيه التوبة فإن تاب في زمن لا تقبل فيه التوبة لم تنفعه التوبة وذلك على نوعين:

النوع الأول: باعتبار كل إنسان بحسبه.

والنوع الثاني: باعتبار العموم: أما الأول: فلابد أن تكون التوبة قبل حلول الأجل يعني الموت، فإن كانت بعد حلول الأجل فإنها لا تنفع التائب لقول الله سبحانه: (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر) أي: ما لم تصل الروح الحلقوم، فإذا وصلت الروح الحلقوم فلا توبة.

النوع الثاني: وهو العموم فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأن: (الهجرة لا تنقطع حتى تنقطع التوبة ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها) فإذا طلعت الشمس من مغربها لم تنفع أحداً توبة.

قال الله سبحانه:( يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انتَظِرُواْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ}  وهذا البعض هو طلوع الشمس من مغربها كما فسر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة السادسة والستون  بعد  المائة  في موضوع  (المؤمن ) وستكون بعنوان :*رابعاً: فوائد التوبة:

إن للتوبة فوائد كثيرة لا نستطيع أن نكتبها أو أن نحيط بها، لكن حسبنا أن نستشعر أن من هذه الفوائد ما يلي:

1-      التوبة سبب لمحبة الله جل وعلا:قال تعالى:( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ

2- التوبة سبب للخروج من دائرة الظالمين:قال تعالى: (وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)

3-التوبة طاعة لأمر الله عز وجل :قال تعالى: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)

 4- التوبة سبب لمحو الذنوب: عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له)    

5- التوبة سبب للفلاح في الدنيا والآخرة : قال تعالى: (فَأَمَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَن يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ )

6- التوبة تبدل السيئات إلى حسنات : قال تعالى: (إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا}

7- التوبة سبب في الرزق والقوة : قال تعالى عن لسان نبيه نوح عليه السلام:( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا ، يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا ، وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا)

8- التوبة سبب في الحياة الهادئة المطمئنة:

قال تعالى:(وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ

9- التوبة تطهر قلب التائب:

أخرج الإمام أحمد في مسنده والترمذي في سننه بسند حسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن العبد إذا أخطأ خطيئة نكتت في قلبه نكتة سوداء، فإن هو نزع واستغفر وتاب صقل قلبه، وإن عاد زيد فيها حتى تعلو على قلبه وهو الران الذي ذكر الله تعالى: (كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ)

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة السابعة والستون  بعد  المائة  في موضوع  (المؤمن ) وستكون بعنوان :  

*تبكي السماء والأرض لفقد المؤمن أربعين صباحا

      قال ابن كثير : وقوله سبحانه وتعالى :{ فما بكت عليهم السماء والأرض} أي لم تكن لهم أعمال صالحة تصعد في أبواب السماء فتبكي على فقدهم، ولا لهم في الأرض بقاع عبدوا اللّه تعالى فيها فقدتهم، فلهذا استحقوا ألا ينظروا ولا يؤخروا لكفرهم وإجرامهم وعتوهم وعنادهم، روى الحافظ الموصلي، عن أَنَس بن مالك رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: (ما من عبد إلا وله في السماء بابان: باب يخرج منه رزقه، وباب يدخل منه عمله وكلامه، فإذا مات فقداه وبكيا عليه) وتلا هذه الآية: { فما بكت عليهم السماء والأرض} ورواه ابن أبي حاتم أيضاً بنحوه وذكر أنهم لم يكونوا عملوا على الأرض عملاً صالحاً يبكي عليهم، ولم يصعد لهم إلى السماء من كلامهم، ولا من عملهم كلام طيب ولا عمل صالح فتفقدهم فتبكي عليهم

وقال الشيخ ابن باز : يقول الله سبحانه وتعالى حين أهلك قوم فرعون {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِين } روى ابن جرير في تفسيره عن بن عباس رضي الله عنه في هذه الآية: أن رجلاً قال له: يا أبا العباس رأيت قول الله تعالى : " فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين "
فهل تبكي السماء والأرض على أحد ؟ فقال رضي الله عنه : نعم إنه ليس أحدٌ من الخلائق إلا وله باب في
السماء منه ينزل رزقه ومنه يصعد عمله فإذا مات المؤمن فأغلق بابه من السماء الذي كان يصعد به عمله وينزل منه رزقه فقد بكى عليه..وإذا فقده مصلاه في الأرض التي كان يصلي فيها ويذكر الله عز و جل فيهابكت عليه.
قال ابن عباس : أن الأرض تبكي على المؤمن أربعين صباحاً .فقلت له: أتبكي الأرض ؟
قال: أتعجب؟!!!   وما للأرض لا تبكي على عبد كان يعمرها بالركوع والسجود..!!!
وما للسماء لا تبكي على عبد كان لتكبيره وتسبيحه فيها كدوي النحل..!!

 إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثامنة والستون  بعد  المائة  في موضوع  (المؤمن ) وستكون بعنوان :

*ليس المؤمن الذي يبيت وجاره إلى جنبه جائع

-  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" ليس المؤمن الذي يبيت وجاره إلى جنبه جائع " . أخرجه الطحاوي والحاكم وقال : صحيح الإسناد . (2)

وقال عليه الصلاة والسلام " ما ءامن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به " اهـ .

 المراد نفي الإيمان الكامل وذلك لأنه يدل على قسوة قلبه وكثرة شحه وسقوط مروءته وعظيم لؤمه وخبث طويته، والمعنى لا يكون إيـمانه كاملا من يبيت شبعان وجاره المؤمن من أهل الضرورات ولا يـجد ما يسد به ضرورياته وهو عالم بحاله، فإذا كان هذا حال من علم به ولم يـمد له يد العون وهو قادر على ذلك، فكيف بـمن لا يرأف به بل يثقل عليه ويزيده كربا فوق كربه. والبأساء والضراء والكرب والشدة تتنقل كحجر الشطرنج من مربع إلى ءاخر. فليتعلم كل منا من حوادث الماضي ودروس الماضي فالمؤمنون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى كما قال عليه الصلاة والسلام فلا ينبغي أن تستغل ظروف إخوانك المؤمنين القاهرة لتحصل مزيد منافع دنيوية لك على حساب زيادة الكرب والشدة عليهم ولا ينبغي أن تكون ممن يثقل عليهم وقد أثقلتهم همومهم التي هم بها أصلا. فادعوا إخوانكم الذين تعرفون فيهم السعة في المال إلى الرأفة بأهل الفقر والحاجة والبأساء والضراء فإن البلاء إذا اشتد قد يصيب الصالح والطالح ولكن الصالح يحشر على نيته ولا تؤثر فيه مصائب الدنيا إن أصابته إلا رفعة درجة وزيادة ثواب يوم القيامة وقد ورد في الأثر أن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب ( رواه أبو يعلى وغيره فمن ابتلي منا بـمصيبة فليحمد الله فإن المؤمن أمره كله له خير، إن أصابه خير فشكر كان خيرا له وإن أصابه شر فصبر كان خيرا له

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة التاسعة والستون  بعد  المائة  في موضوع  (المؤمن ) وستكون بعنوان :

* قلب المؤمن ربيعه القرآن

 عن عبدالله بن مسعود قال قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ما أصاب أحدا قط هم ولا حزن فقال اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن امتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضائك اسألك بكل اسم هو لك سميت بهي نفسك أو علمته أحد من خلقك أو انزلته في كتابك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القران ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرجا ) قال عقيل يارسول الله ألا نتعلمها ؟فقال : (بلى ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها)رواه احمد وهوصحيح

  فالربيع هو أحسن فصول السنة، ويأنس فيه الناس ما لا يأنسون في غيره من الفصول حيث الأمطار والنبات والخيرات. والقرآن أحسن الكلام، وعلومه ومعارفه أعلى المعارف والعلوم، ومواعظه أرق المواعظ وأجزلها، فكان ربيع القلوب. قال ابن الأثير رحمه الله تعالى: جعل القرآن ربيع قلبه؛ لأن الإنسان يرتاح قلبه في الربيع من الأزمان، ويميل إليه.  

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : فسأل الله أن يجعله ماء يحيي به قلبه كما يحيي الأرض بالربيع، ونورا لصدره. والحياة والنور جماع الكمال، كما قال (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا) وفي خطبة أحمد بن حنبل: يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون بنور الله أهل العمى؛ لأنه بالحياة يخرج عن الموت وبالنور يخرج عن ظلمة الجهل فيصير حيا عالما ناطقا وهو كمال الصفات فى المخلوق.

وقال ابن القيم رحمه الله تعالى: فتضمن الدعاء أن يحيي قلبه بربيع القرآن وأن ينور به صدره فتجتمع له الحياة والنور.

وقال القاري : كما أن الربيع سبب ظهور آثار رحمة الله تعالى وإحياء الأرض بعد موتها كذلك القرآن سبب ظهور تأثير لطف الله من الإيمان والمعارف وزوال ظلمات الكفر والجهل.

ونلحظ أنه صلى الله عليه وسلم سأل الربيع للقلب، وسأل النور للصدر، والسبب هو: أن الغيث لا يتعدى محله، فإذا نزل الربيع بأرض أحياها، أما النور فإنه ينتشر ضوءه عن محله، فلما كان الصدر حاويا للقلب جعل الربيع فى القلب والنور فى الصدر لانتشاره. 

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة السبعون بعد المائة  في موضوع  (المؤمن ) وستكون بعنوان :  *مثل المؤمن مثل النخلة

 

إنَّ الشجرة الكريمة المباركة – أعني النخلة – التي هي أفضل الشجر وأطيبه وأحسنه قد جعلها الله في كتابه الكريم مثلاً لعبده المؤمن ، يقول الله تعالى : {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ ، تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}.

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إِنَّ مِنْ الشَّجَرِ شَجَرَةً لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا وَإِنَّهَا مَثَلُ الْمُسْلِمِ فَحَدِّثُونِي مَا هِيَ ؟ )  فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَوَادِي قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : وَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ فَاسْتَحْيَيْتُ . ثُمَّ قَالُوا حَدِّثْنَا مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : ( هِيَ النَّخْلَةُ ) رواه البخاري  ومسلم       

ومن يتأمل في النخلة والمؤمن المطيع لله يجد بينهما أوجهاً من الشبَه كثيرة ، منها :

1-  أن النخلة لابد لها من عروق وساق وفروع وورق وثمر ، وكذلك الإيمان لابد له من أصل وفروع وثمر ؛ فأصله الإيمان بأصول الإيمان الستة المعروفة ، وفروعه الأعمال الصالحة والطاعات المتنوعة والقربات العديدة ، وثمراته كل خير يحصِّله المؤمن وكل سعادة يجنيها في الدنيا والآخرة .

2-   والنخلة لا تبقى حية إلا بمادة تسقيها وتنمِّيها ، فهي لا تحيا ولا تنمو إلا إذا سقيت بالماء ، فإذا حُبس عنها الماء ذبلت ، وإذا قُطع عنها تماماً ماتت ؛ وهكذا الشأن في المؤمن لا يحيا الحياة الحقيقية ولا تستقيم له حياته إلا بسقي من نوع خاص ؛ وهو سقي قلبه بالوحي : كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم . قال الله تعالى : {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا}

3-ومن أوجه الشبه بين المؤمن والنخلة : أن النخلة شديدة الثبوت كما قال الله تعالى { أَصْلُهَا ثَابِتٌ } ، وهكذا الشأن في الإيمان إذا رسخ في القلب ؛ فإنه يصير في أشد ما يكون من الثبات لا يزعزعه شيء بل يكون ثابتاً كثبوت الجبال الرواسي ، سُئل الأوزاعي رحمه الله عن الإيمان أيزيد ؟ قال : " نعم حتى يكون مثل الجبال " قيل : أينقص ؟ قال : " نعم حتى لا يبقى منه شيء " .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الواحدة والسبعون بعد المائة  في موضوع  (المؤمن ) وستكون إستكمالا للماضية والتي بعنوان :  *مثل المؤمن مثل النخلة

4-  والنخلة لا تنبت في كل أرض ، بل لا تنبت إلا في أراضٍ معيَّنة طيبة التربة ، فهي في بعض الأماكن لا تنبت مطلقاً ، وفي بعضها تنبت ولكن لا تثمر ، وفي بعضها تثمر ولكن يكون الثمر ضعيفاً ، فليست كل أرض تناسب النخلة . وهكذا الشأن في الإيمان ؛ فهو لا يثبت في كل قلب ، وإنما يثبت في قلب من كتب الله له الهداية وشرح صدره للإيمان ، والقلوب أوعية متفاوتة وبعضها أوعى من بعض .

5-  وقد وصفت النخلة في الآية بأنها شجرة طيبة ، وهذا أعم من طيب المنظر والصورة والشكل ومن طيب الريح وطيب الثمر وطيب المنفعة ؛ والمؤمن كذلك أجلُّ صفاته الطيب في شؤونه كلها وأحواله جميعها ، في ظاهره وباطنه وفي سره وعلنه ، ولهذا عندما يدخل المؤمنون الجنة تتلقاهم خزنتها قائلة لهم : {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ}

6-  والنخلة وصفت بأنها ما أخذت منها من شيء نفعك كما في حديث ابن عمر المتقدم ، فكل شيء في النخلة ينفع ، وهكذا الشأن بالنسبة للمؤمن مع إخوانه وجلسائه ؛ لا يُرى فيه إلا الأخلاق الكريمة والآداب الرفيعة والمعاملة الحسنة والنصح لجلسائه وبذل الخير لهم ، ولا يصلُ إليهم منه ما يضر ، بل لا يصل إليهم منه إلا ما ينفع

7-  ثم إن قلب النخلة وهو الجمار من أطيب القلوب وأحلاها ؛ إذ هو حلو الطعم جميل المذاق ، وكذلك قلب المؤمن من أطيب القلوب وأحسنها ، لا يحمل إلا الخير ، ولا يبطن سوى الاستقامة والصلاح والسلامة .

8-  وثمر النخلة من أنفع ثمار العالم وله حلاوة لا تدانيها حلاوة ، وكذلك الإيمان له حلاوة ولذة لا يذوقها إلا صحيح الإيمان .

عن أنس رضي الله عنه : عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ ... ) الحديث رواه البخاري ومسلم

9-  ثم إن النخل بينه تفاوت عظيم في شكله ونوعه وثمره ، فليست النخيل في مستوى واحد في الحسن والجودة بل بينه من التفاوت والتمايز الشيء الكثير ؛ وهكذا الشأن بين المؤمنين ، فالمؤمنون متفاوتون في الإيمان ، وليسو في الإيمان على درجة واحدة

10-  والنخلة كلما طال عمرها ازداد خيرها وجاد ثمرها ، وكذلك المؤمن إذا طال عمره ازداد خيره وحسن عمله . فهذه بعض أوجه الشبه بين المؤمن وبين النخلة .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثانية والسبعون بعد المائة  في موضوع  (المؤمن ) وستكون بعنوان : 

*يجب على المؤمن أن يسمي أخاه بأحب أسمائه إليه ولا يسخر منه أو ينبزه

   ﭧ ﭨ                                                        ﯽﯾ  ﯿ          ﰄﰅ           ﰊﰋ                

  قال القرطبي : في الآية ثلاث مسائل :

 الأولى : اللمز باليد والعين واللسان والإشارة ،والهمز لا يكون إلا باللسان .

الثانية : النبز  بالتحريك : اللقب ، والجمع : الأنباز .

روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :   (من عير مؤمنا بذنب تاب منه كان حقا على الله أن يبتليه به ويفضحه فيه في الدنيا والآخرة )

الثالثة : وقع من ذلك مستثنى من غلب عليه الاستعمال كالأعرج والأحدب ولم يكن له فيه كسب يجد في نفسه منه عليه ، فجوزته الأمة واتفق على قوله أهل الملة    وعلى هذا المعنى ترجم البخاري رحمه الله في  ( كتاب الأدب ) من الجامع الصحيح . في ( باب ما يجوز من ذكر الناس نحو قولهم الطويل والقصير لا يراد به شين الرجل ) قال : وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( ما يقول ذو اليدين ) قال أبو عبد الله بن خويز منداد : تضمنت الآية المنع من تلقيب الإنسان بما يكره ، ويجوز تلقيبه بما يحب

قال الزمخشري : روي عن النبي صلى الله عليه وسلم    ( من حق المؤمن على المؤمن أن يسميه بأحب أسمائه إليه ) . ولهذا كانت التكنية من السنة والأدب الحسن ، قال عمر - رضي الله عنه - : أشيعوا الكنى فإنها منبهة . ولقد لقب أبو بكر بالعتيق والصديق ، وعمر بالفاروق ، وحمزة بأسد الله ، وخالد بسيف الله . وقل من المشاهير في  الجاهلية والإسلام من ليس له لقب . ولم تزل هذه الألقاب الحسنة في الأمم كلها - من العرب والعجم - تجري في مخاطباتهم ومكاتباتهم من غير نكير .                 

وعن النبي - صلى الله عليه وسلم -  أنه قال: «من حق المؤمن على أخيه: أن يسميه بأحب أسمائه إليه»، وروي عنه - صلى الله عليه وسلم -  أنه قال: «ثلاث يصفين لك ود أخيك: أن تسلم عليه إذا لقيته، وأن توسع له في المجلس، وأن تدعوه بأحب أسمائه إليه».     إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثالثة والسبعون بعد المائة  في موضوع  (المؤمن ) وستكون بعنوان : *أعداء المؤمن ثلاثة

قال المرادي : أعداء المؤمن ثلاثة : النفس ، والشيطان ، والدنيا ، فحارب النفس بالمخالفة وحارب الشيطان بالذكر وحارب الدنيا بالقناعة.

( الشيطان ) إبليس هو القائل كما في كتاب الله: {فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} ، إبليس الذي له من كل جانب طريق، ومن كل باب مدخل، وفي كل ميدان تلبيس {ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ}

ومن هنا ننظر إلى الوسائل والأساليب التي يُدخل بها علينا، وأولها التزيين: {لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} يحاربون الحق بعد أن زين لهم الشيطان ذلك، يحاربون الخيرين بعد أن ظنوا ولبَّس عليهم الشيطان مثل ذلك، والشيطان كما وصف الله جل وعلا في كتابه: {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً}

من هذا التزيين أنهم يمضون في طريق الباطل مع تلك الأماني الشيطانية والوعود الإبليسية والتسويل الذي يخاطب ويوسوس فيه الشيطان للنفس {الشيطان سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ}

نفث في نفوسهم وبث في عقولهم وجال في خواطرهم فوقع الأمر المنكر في غير ما رؤية لهذا التسويل الخطير، وقد بين الحق جل وعلا ذلك: {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ} والتلبيس وهو إظهار الباطل في صورة الحق وستر الحقيقة وتشويهها، وكم نرى من صور ذلك؟ وأذكر صورا صغيرة للدلالة على ما هو أكبر منها وأشير إليها:

محاربة للحجاب والعفة وعدم الاختلاط بتلبيس يقولون إنه لمنع التشدد والانغلاق وضرورة الانفتاح على العصر، وأكبر من ذلك وأعظم محاربة دين الله وتحكيم شرعه بدعوى ضرورة التجانس مع المجتمع الدولي وضرورة عدم إظهار الإسلام بصورة لا يفهمها غير المسلمين، فتُعطل شريعة الله ويُمنع تحكيم القرآن في دنيا المسلمين

ويُنحى كل من يدعو إلى ذلك أو يحارب في مثل هذا التلبيس الشيطاني الذي نراه في واقع حياتنا كثيرا والتحريش وما أدراك ما التحريش وقد ذكره النبي صلى الله عليه وسلم بنص صريح واضح في قوله: "إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَلَكِنْ في التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ" (رواه مسلم).  إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الرابعة والسبعون بعد المائة  في موضوع  (المؤمن ) وستكون إستكمالا للماضية والتي بعنوان : *أعداء المؤمن ثلاثة : (الهوى )

الهوى، وما أدراك ما الهوى، ذلك العدو الآخر المستتر المختفي {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ} يصبح الهوى معبودا من دون الله لأنك توافقه ولأنك تمضي فيما يشير إليه أو يدعو إليه، والله سبحانه وتعالى قد بين لنا المخاطر فقارن الهوى بالضلال {وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ} وبين كذلك أن الهوى قرين الظلم {بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ}

وكل ظلم نراه وبغي نشاهده فإنما هو عنوان ظاهر لاتباع الهوى وترك الهدى {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ وَاقٍ} من اتبع الهوى حُرم من ولاية الله جل وعلا، قد يغتر بقوته، قد يعتمد على كثرته، قد يستعين على غيره، لكن ذلك كله لن ينفعه ما لم تكن له ولاية من الله وحماية من الله فمن فقد ذلك فستدور الدائرة عليه وتكون العاقبة دائرة عليه.

وكل مشاهد الحياة تدل على ذلك، وكل صور الفقه الإيماني في مسيرة التاريخ الإسلامي بدءا من سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام ومرورا بأخيار هذه الأمة وأعلامها في كل زمان ومكان أن العاقبة للمتقين وأن الدائرة على الكافرين {أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ} كم نرى من اضطراب في الآراء، واختلال في المواقف، وجدل في التصحيح والتصويب والتخطئة، والسبب ترك الهدى واتباع الهوى، ومن كان على بينة من ربه لا يضره شيء حتى وإن خالفه الآخرون لأنه يرجع إلى يقين لا شك فيه وصواب لا خطأ فيه، يرجع إلى كتاب الله الذي {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ} يرجع إلى هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم المعصوم المسدد بالوحي عليه الصلاة والسلام، {قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَكَذَّبْتُم بِهِ مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ} إن بدا لك الأمر على غير ما ترى في الآيات والهدي النبوي فأيقن بذلك وكذب ما ترى بعينك فإن الأمور لا تكون فيما يظهر وإنما فيما يكون من فقه الإيمان الذي يكشف ما وراء الظواهر إلى الحقائق، وما يكون في أول الأمر إلى آخره وما يكون في البداية إلى المآل، والمآل دائما ويقينا في دين الله ولدين الله سبحانه وتعالى،

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الخامسة والسبعون بعد المائة  في موضوع  (المؤمن ) وستكون إستكمالا للماضية والتي بعنوان : *أعداء المؤمن ثلاثة : (النفس )

النفس وما أدراك ما النفس هي بين جنبيك {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} تقعدك عن الطاعة تصِعّبُ عليك الوقوف أو القول بالحق والوقوف معه، تجعلك تستعظم الاستمساك بدين الله عز وجل وتريك ضريبته الكبيرة لتركن إلى الأرض وتجعل لسانك أخرس وعينك عمياء وأذنك صماء وقلبك قاس كالحجر لا يرعوي ولا ينزجر ولا يتعظ ولا يعتبر.

ومن هنا ينبغي أن ندرك أننا في حاجة إلى إعلان الجهاد، ولست أقول ذلك من عند نفسي بل يقوله الحق جل وعلا في كتابه: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}

وهذه كلمات مشرقة مضيئة من كلام ابن القيم رحمه الله عن هذه الآية قال: "علق سبحانه وتعالى الهداية بالجهاد، فأكمل الناس هداية أعظمهم جهادا، وأفرض الجهاد جهاد النفس وجهاد الهوى وجهاد الشيطان وجهاد الدنيا، فمتى جاهد هذه الأربعة في الله هداه الله سبيل رضاه الموصلة إلى الجنة، ومن ترك الجهاد فاته من الهدى بحسب ما عطل من الجهاد".

قال الجنيد: "والذين جاهدوا أهواءهم فينا بالتوبة لنهدينهم سبيل الإخلاص، ولا يتمكن من جهاد عدوه في الظاهر إلا من جاهد هذه الأعداء باطنا، فمن نُصر عليها نُصر على عدوه ومن نُصرت عليه نُصر عليه عدوه".

وإليكم أسلحتنا أيها الإخوة التي نجاهد بها في كل ميدان، والميادين الأولى التي أشارت إليها هذه الكلمة العظيمة:

أولها : الاستعانة بالله:

والأمر الثاني : الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم     

والأمر الثالث : مخالفة الهوى

وقال القرطبي : " فمن أطاع مولاه و جاهد نفسه و هواه، و خالف شيطانه و دنياه، كانت الجنة نزله و مأواه، و من تمادى في غيه و طغيانه و أرخى في الدنيا زمام عصيانه، و وافق نفسه و هواه في مناه و لذاته و أطاع شيطانه في جمع شهواته كانت النار أولى به، قال الله تعالى : {فَأَمَّا مَن طَغَى، وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا، فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى، وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى، فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى . قاله د: أحمد بشير

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة السادسة والسبعون بعد المائة  في موضوع  (المؤمن ) وستكون بعنوان :

*المؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ، وفي كل خير ، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز. وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا ولكن قل :قدر الله وما شاء فعل ، فإن لو تفتح عمل الشيطان " رواه مسلم.

هذا الحديث من جوامع الكلم التي اوتيها الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهو نصيحة غالية ودعوة صريحة للأمة ،أفرادا وجماعات أن يتملكوا أسباب ا لقوة التي يحبها الله ورسوله ، القوة في كل شيء مادية ومعنوية  ،وفي جميع معانيها المحبوبة لكل إنسان . والله سبحانه وتعالى لايحب للمؤمنين أن يكونوا في الجانب الضعيف ، ولا أن يكونوا من المتقاعسين الذين يضعفون عن مجابهة التحديات أو يجبنون عن مقاومة الأعداء .

هكذا جاءت الكلمات معرّفة عامة ( المؤمن القوي ) ولكن تسلية للمؤمن الذي لايملك الشخصية القوية ولا الشكيمة والإعتزاز فإنه لم يستثن من الخيرية ( وفي كل خير ) وذلك حسب ماعنده من جوانب ايجابية ولوأنها قليلة أوضعيفة ، وحتى لا يقع في أجواء الخيبة والخسران ، وهذا من العدل والإنصاف .

 من أين تأتي القوة ؟ تأتي من الإيمان العميق والتمسك بالمبدأ ( الإسلام ) الذي يدفعه إلى التضحية والصبر والمصابرة وتقديم النفس والنفيس في سبيله . تأتي القوة من قول الحق والجهر به والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . وتأتي من الأخلاق العالية، فالصبر قوة والرحمة قوة لأنها لا تكون إلا من ذوي النفوس الكبيرة، والعدل قوة لأن العادل لا يخشى بأس المتكبرين ولا يرجو نفعا من المظلومين والتواضع قوة، والحلم قوة، فالحليم لا يستفزه تطاول الناس لأنه أكبر من ذلك. وكل هذه القوى كانت متمثلة في شخص الرسول صلى الله عليه وسلم فهو أشجع الناس وأكرم الناس وأحلم الناس وأعدل الناس.

تأتي القوة من البعد عن سفاسف الأمور والبعد عن الحسد والحقد والصراع من أجل الجاه والمناصب، فالإنسان المعطاء قوي لأنه لا يعتمد في  قوته على المال أو الجاه، إنه يملك أشياء لا يستطيع أحد أن يأخذها منه، يملك الصدق والصبر والشجاعة والشهامة.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة السابعة والسبعون بعد المائة  في موضوع  (المؤمن ) وستكون إستكمالا للماضية والتي بعنوان : *المؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير

 قال ابن القيم رحمه الله : الحديث يُفَضِّل المؤمِنَ القَوِيَّ على المُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وإنْ كانَ في الضَّعِيفِ خير؛ وهو وصف الإيمان؛ لكن الإيمان يحتاج إلى إذاعة بين الناس، ودعوة إليه، ومحاجَّةٍ له، وجهادٍ لأعدائِهِ، ولا يَقْدر على ذلك إلا المُؤْمِنُ القَوِيّ.

وكُلَّمَا كان المؤمِنُ أقوى كان أقدر وأنفع للإسلام قوة في الإيمان، وقوة في العبادة، وقوة في الحق وفي الحجة، وفي كُلِّ ما تخدم فيه القوة دين الله - تعالى - والقوة مَمْدُوحةٌ في كتاب الله - تعالى -: ﴿ وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الأَيْدِي وَالأَبْصَارِ ﴾ فالأيدي هنا: القُوَّةُ والعزائم في تنفيذِ أَمْرِ اللهِ - تَعالَى - وقد أَمَرَ الله المؤمنين باتخاذها في قوله - تعالى -: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ﴾ ﴿ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ القَوِيُّ الأَمِينُ ﴾

 فالله - سُبْحَانَهُ وَتَعالَى - يحب مُقْتَضَى أسمائه وصفاته، وما يوافقها؛ فهو القَوِيّ ويحب المؤمن القوي ؛ لأن قوته تنفع الإسلام والمسلمين.

والقوة التي يشيد بها النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويخبر أنها مناط التفضيل هي: القوة المنبعثة من الإيمان، والمؤسسة على القاعدة التي تعصمها من الشَّطَطِ والتَّهَوُّر؛ فتشيع الأمن في النفوس، والاطمئنان في المجتمعات، وليست القوة التي تنطلق من عِقَالها لِتُهْلِكَ الحَرْثَ والنَّسْلَ، وَتَبُثُّ الرُّعْبَ، وتركب مراكب التدمير؛ لتُعَبِّدَ النَّاس لذات مصالحها. وحينما يستشعر المؤمن هذا المعنى تكبر نفسه فلا يكتفي بكلمة الإيمان يقولها بينه وبين نفسه؛ بل يعمل بمقتضاها ولوازمها ويحملها للعالمين غير هيَّاب ولا وَجِل. ومن وجد في نفسه ضعفًا موروثًا      أو مكتسبًا فعليه أن يُحَاوِلَ جاهدًا التخلص منه بالتدرب على التحمل والمُعَاناة

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثامنة والسبعون بعد المائة  في موضوع  (المؤمن ) وستكون إستكمالا للماضية والتي بعنوان : *المؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير

ثم يَرْسِم النبي - صلى الله عليه وسلَّم - الخُطَّة العملية من أجل تحقيق معنى ( القوة ) بقوله:(احرص على ما ينفعك) قال ابْنُ القَيِّمِ - رَحِمَهُ اللهُ -: "سعادةُ الإنسانِ في حِرْصِهِ على ما يَنْفَعُهُ في مَعاشِه وَمَعَادِهِ ، وما يَنْفَعُ تُحَدِّدُهُ الغايةُ الأُولَى وَهِيَ الإيمان،فَكُلُّ ما يَعُودُ بِالنَّفْعِ على الإيمانِ فَالحِرْصُ عَلَيْهِ مَطْلُوبٌ، والبحث عن نَيْلِه مَرْغُوبٌ ، وَمِنْ أجل أن لا يَتَّكِلَ المُؤْمِنُ على نَفْسِهِ، ولا يَغْتَرَّ بِقُوَّتِهِ، ذَكَّرَه النبي - صلى الله عليه وسلم - بخالقه ورازقه في قوله: (واسْتَعِنْ بِالله) والمؤمن يقرأ في كل ركعة من صلاته    ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ ومِنْ دُعاءِ عُمَرَ في قُنُوتِهِ: (اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُكَ ونَسْتَهْدِيكَ" ، وأَوْصَى النبي - صلى الله عليه وسلم - مُعَاذًا أن لا يَدَعَ في دُبُرِ كُلِّ صلاةٍ هذا الدعاءَ: (اللهُمَّ أَعِنّي على ذكرك وشكرك وحُسْنِ عبادتك) وكان من دعائه - صلى الله عليه وسلم – (اللَّهُمَّ أعنّي ولا تُعِنْ عَلَيَّ) .

وكلُّ عَمَلٍ لا يُسْتَعَانُ بالله عليه لا يُبَارك فيه؛ لأنه يكون مصروفًا إلى غير مَرْضَاة الله من الغايات النفسية؛ كالأثرة؛ وحب الجاه؛ وإشباع الرغبات، فلابد للمؤمن من الاستعانة بالله في الأمور كلها، والتبرؤ من الحول والطَّوْلِ والقُوَّةِ إلا بالله – سبحانه - ، وحتَّى لا يَظُنُّ ظانٌّ أنَّ التَّوَاكُلَ يَكْفِي عَنِ التَّوَكُّل، وأنَّ الاستعانة بالله تقتضي عدم العمل والأخذ بالأسباب قال الحديث: (ولا تَعْجِزْ) فلا تكفي الاستعانة باللسان دون الأخذ بالأسباب؛ بَلْ إِنَّ الاستعانة بالله - تعالى - تقتضي العمل، كما يقتضي التوكل الأخذ بالأسباب

قال ابن القَيِّمِ: "العَجْزُ يُنافِي حِرْصَهُ على ما يَنْفَعُهُ، ويُنافِي اسْتِعانَتَهُ بالله، فالحريصُ على ما يَنْفَعُهُ المستعينُ بالله ضِدّ العاجِزِ"

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة التاسعة والسبعون بعد المائة  في موضوع  (المؤمن ) وستكون بعنوان :

  *إذا مات ولد العبد المؤمن

وقد ورد في فضل الصبر على فقد الولد خاصة أحاديث منها :

ما رواه الترمذي  عَنْ أَبِي سِنَانٍ قَالَ دَفَنْتُ ابْنِي سِنَانًا وَأَبُو طَلْحَةَ الْخَوْلانِيُّ جَالِسٌ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ فَلَمَّا أَرَدْتُ الْخُرُوجَ أَخَذَ بِيَدِي فَقَالَ أَلا أُبَشِّرُكَ يَا أَبَا سِنَانٍ قُلْتُ بَلَى فَقَالَ حَدَّثَنِي الضَّحَّاكُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَرْزَبٍ عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :( إِذَا مَاتَ وَلَدُ الْعَبْدِ قَالَ اللَّهُ لِمَلائِكَتِهِ قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي فَيَقُولُونَ نَعَمْ فَيَقُولُ قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ فَيَقُولُونَ نَعَمْ فَيَقُولُ مَاذَا قَالَ عَبْدِي فَيَقُولُونَ حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ فَيَقُولُ اللَّهُ : " ابْنُوا لِعَبْدِي بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَسَمُّوهُ بَيْتَ الْحَمْدِ "

وورد في الصحيحين أجر خاص لمن توفي له أكثر من طفل فصبر واحتسب فعن عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النِّسَاءَ قُلْنَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجْعَلْ لَنَا يَوْمًا فَوَعَظَهُنَّ وَقَالَ أَيُّمَا امْرَأَةٍ مَاتَ لَهَا ثَلَاثَةٌ مِنْ الْوَلَدِ كَانُوا حِجَابًا مِنْ النَّارِ قَالَتْ امْرَأَةٌ وَاثْنَانِ قَالَ وَاثْنَانِ "

   وفي رواية عند البخاري  عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا مِنْ النَّاسِ مُسْلِمٌ يَمُوتُ لَهُ ثَلَاثَةٌ مِنْ الْوَلَدِ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ إِلا أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إِيَّاهُمْ"

فهذه الأحاديث تبين أن من توفي له ولدان أو أكثر فصبر عليهما أنه موعود بالجنة ، والنجاة من النار .

وقد علمنا نبينا صلى الله عليه وسلم دعاء نقوله عند المصيبة فيه فضل وأجر عظيم وهو ما رواه مسلم في صحيحه عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " مَا مِنْ مُسْلِمٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ فَيَقُولُ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ ( إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ) اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا إِلا أَخْلَفَ اللَّهُ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا قَالَتْ فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ قُلْتُ أَيُّ الْمُسْلِمِينَ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ أَوَّلُ بَيْتٍ هَاجَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ إِنِّي قُلْتُهَا فَأَخْلَفَ اللَّهُ لِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "

 إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثمانون بعد المائة  في موضوع  (المؤمن ) وستكون بعنوان :

*مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع تفيئها الرياح

قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( مَثل المؤمن كمثل خامة الزرع، من حيث أتتها الريح كفأتها، فإذا اعتدلت كفأتها بالبلاء والفاجر كالأَرَزة، صماء معتدلة حتى يقصمها الله إذا شاء ) رواه البخاري ومسلم

 قال الحافظ ابن رجب الحنبلي: في هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب مثلَ المؤمن في إصابة البلاء جسدَه بخامة الزرع التى تفيئها أي : تقلبها الرياح يَمْنَةً ويَسْرَةً ، والخامة : هى الرَّطْبة من النبات. ومثَل المنافق والفاجر بالأَرَزة، وهى الشجرة العظيمة التى لا تحركها ولا تزعزعها الرياح حتى يرسل الله عليها ريحاً عاصفاً فتقلعها من الأرض دفعة واحدة. وقد قيل : إنها شجرة الصنوبر ، قاله أبو عبيد وغيره،وقيل: إنها شجرة تشبه شجر الصنوبر.

 ففي هذه فضيلة عظمى للمؤمن بابتلائه فى الدنيا فى جسده بأنواع البلاء وتمييزٌ له عن المنافق والفاجر بأنه لا يصيبه البلاءُ حتى يموت بحاله فيلقى الله بذنوبه كلِها، فيستحقَ العقوبة عليها والنصوص فى تكفير ذنوب المؤمن بالبلاء والمصائب كثيرة جدا

منها: ...(ما تزال البلايا بالمؤمن والمؤمنة في جسده وماله وولده حتى يلقى الله وما عليه خطيئة) ومنها:...( إن الرجل ليكون له عند الله المنزلة فما يبلغها بعمل فلا يزال الله يبتليه بما يكره حتى يبلغه إياها)  

قال الفضيل: إنما جُعلت العلل ليؤدَّبَ بها العباد، ليس كُلُّ مَنْ مَرِضَ مات. وإلى هذا المعنى الإشارة بقوله عز وجل : {أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُونَ }

وقال ابن القيم: "هذا المثل ضرب للمؤمن وما يلقاه من عواصف البلاء والأوجاع والأوجال وغيرها فلا يزال بين عافية وبلاء، ومحنة ومنحة، وصحة وسقم، وأمن وخوف، وغير ذلك، فيقع مرة ويقوم أخرى، ويميل تارة ويعتدل أخرى، فيكفر عنه بالبلاء ويمحص به ويخلص من كدره، والكافر كله خبث ولا يصلح إلا للوقود فليس في إصابته في الدنيا بأنواع البلاء من الحكمة والرحمة ما في إصابة المؤمن فهذه حال المؤمن في الابتلاء "  

  إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الواحدة والثمانون بعد المائة  في موضوع  (المؤمن ) وستكون بعنوان :

*حرمة مال المؤمن كحرمة دمه

عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ : (رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ وَيَقُولُ مَا أَطْيَبَكِ وَأَطْيَبَ رِيحَكِ مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَحُرْمَةُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ حُرْمَةً مِنْكِ مَالِهِ وَدَمِهِ وَأَنْ نَظُنَّ بِهِ إِلَّا خَيْرًا  )

 هذا الحديث ورد من عدة طرق ، بعضها صحيح ، وبعضها حسن ، وبعضها صالح للاستشهاد ..

ففي غاية المرام للإمام الألباني : "نظر عبد الله بن عمر يوما إلى الكعبة فقال ما أعظمك وأعظم حرمتك والمؤمن أعظم حرمة منك  "

*ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا البذيء ولا الفاحش

 عن أبي الدرداء - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الله يبغض الفاحش البذيءَ ) أخرجه الترمذيُّ وصحَّحه، وله من حديث ابنِ مسعودٍ رفعه « ليس المؤمنُ بالطَّعَّانِ، ولا اللَّعَّانِ، ولا الفاحشِ، ولا البذيءِ»

أما فوائد الحديث :

1-الحديث فيه النهي الأكيد عن هذه الخصال القبيحة، وأنها ليست من صفات المؤمن الكامل الذي يمنعه إيمانه من المنكرات وفاحش القول وبذيء الكلام، وإنما هذه صفات وأخلاق ضعفاء الإيمان وسيّئي الأخلاق ممن لم يذوقوا حلاوة الإيمان ولم تخالط بشاشته قلوبهم.

2- إن الله يبغض الفاحش في قوله ممن فاه بفاحش القول من السب والشتم واللعن والقذف والكذب وجميع الألفاظ النابية المحرمة.

3- البذيء: صاحب منطق السوء وقبيح اللفظ ممن يؤذي بهجره وسفاهة منطقه، فلا يخاطب الناس إلا باللفظ المستكره، ولا يناديهم إلا بالألقاب المستقبحة، ولا يشافههم إلا بخشن الكلام، فهذا مكروه يبغضه الله تعالى كما يبغضه خلقه في السموات والأرض.

4- أما الطعّان: فهو الذي يطعن الناس في أعراضهم وأنسابهم، ويعيبهم في أقوالهم وأفعالهم، ويوجه إليهم انتقاده المُرّ الذي لم يقصد به التوجيه، وإنما يقصد به إظهار العيب والفضيحة.

5- وأما اللعّان فهو كثير اللعن والشتم بسبب وبدون سبب، وإنما اللعن والشتم سجية قبيحة طبع على أصلها ونمت عنده وزادت من إهماله تهذيب نفسه وتزكيتها. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثانية والثمانون بعد المائة  في موضوع  (المؤمن ) وستكون بعنوان :

*المؤمن كالجمل الأنف حيثما قيد انقاد

 اخرج ابن ماجة في سننه بسنده من حديث ‏ ‏عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو السُّلَمِيِّ ‏: أَنَّهُ سَمِعَ ‏ ‏الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ ‏ ‏يَقُولُ ‏ : (وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏مَوْعِظَةً ‏ ‏ذَرَفَتْ ‏ ‏مِنْهَا الْعُيُونُ ‏...‏ فَإِنَّمَا الْمُؤْمِنُ كَالْجَمَلِ الْأَنِفِ ‏ ‏حَيْثُمَا قِيدَ انْقَادَ ) وصحيحه الألباني

وقال المناوي : (فإنما المؤمن كالجمل الأنف) أي المأنوف وهو الذي عقر أنفه فلم يمتنع على قائده .(حيثما قيد انقاد).

*المؤمن أمين

  إنَّ موضوع  (الأمانة) من الأهميَّة بمكان، خُصوصًا في هذا الزمان. إنَّ الأمانة من أجلِّ الأخلاق الإسلاميَّة التي بُنيت عليها شريعةُ ربِّ البريَّة، وبالأمانة تُصانُ الأعْراض والأموال والدِّماء وجميع حُقوق العِباد، وبها يستَقيمُ حال الناس مع رَبِّ العالمين؛ لأنَّ الأمانة تَعُمُّ جميعَ وَظائف الدِّين؛ كما قال القرطبي

ويقول الكفويُّ : الأمانة كلُّ ما افتَرَض الله على العِباد، فهو أمانةٌ كالصلاة والزكاة والصيام وأداء الدَّيْن، وأوكدها الوَدائع، وأوكد الودائع كتمُ الأسرار.

وقال في موضعٍ آخَر: كلُّ ما يُؤتَمن عليه من أموالٍ، وحُرمٍ وأسرار فهو أمانةٌ، وقال ابن عباسٍ - رضِي الله عنه -: المقصود بالأمانة التكاليف - وهذا هو قول الجمهور.

والأمانة تأتي في القُرآن ويُراد بها ثلاثة أمور، ذكرهم ابن الجوزي :

الأول: الفرائض: ومنه قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ ﴾

الثاني: الوديعة: ومنه قوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾

الثالث: العِفَّة: ومنه قوله تعالى: ﴿ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ﴾ وهذا في شأن موسى - عليه السلام –

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثالثة والثمانون بعد المائة  في موضوع  (المؤمن ) وستكون بعنوان :

*الأمانة شرطٌ أساسٌ لاصطِفاء الرُّسل بالرسالة.

فالأمانة من أبرز أخلاق الرسل: فها هو نبيُّ الله هود - عليه السلام - لَمَّا دعا قومَه وأبَوْا أنْ يستَجِيبوا لداعي الله واتَّهموه بالسَّفاهة والكذب؛  ﴿ قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ﴾

قال ابن كثيرٍ: وهذه الصِّفات التي يتَّصف بها الرسل (البلاغ والنُّصح والأمانة). بل لقد جاء جميعُ الرسل وأخبروا قومَهم بأمانَتِهم في تبليغ الرسالة إليهم:

• فقال نبي الله نوح - عليه السلام - لقومه: ﴿ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾

• وقال نبيُّ الله هود - عليه السلام - لقومه: ﴿ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾

• وقال نبيُّ الله صالح - عليه السلام - لقومه: ﴿ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾

• وقال نبيُّ الله لوط - عليه السلام - لقومه: ﴿ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾

• وقال نبي الله شعيب - عليه السلام - لقومه: ﴿ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾ [الشعراء: 178].

• وقال نبيُّ الله موسى - عليه السلام - لقومه: ﴿ أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾

وقد قِيل في قوله تعالى: ﴿ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾  أي: لا يخون ولا يخدع ولا يغش، ولا يزيد شيئًا أو ينقص شيئًا ممَّا كُلِّفه من التَّبليغ.

لقد كان النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يُلقَّب قبلَ البعثة بالصادق الأمين، وهل كان النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - لا يمتلكُ إلا هاتين الصِّفتين؟

بل كان النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يجمعُ كلَّ الصفات الحسنة، ولكن لَمَّا كانت صفة الصِّدق وصفة الأمانة من أعظم الصِّفات لُقِّبَ النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - بالصادق الأمين، وكان الناس يَختارُونه لحفْظ وَدائعهم، ولَمَّا هاجَر - صلَّى الله عليه وسلَّم - وكَّل عليَّ بن أبي طالبٍ بردِّ الودائع إلى أصحابها.

فالأمانة صِفهٌ تَميَّز بها النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - ودَعَا إليها.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الرابعة والثمانون بعد المائة  في موضوع  (المؤمن ) وستكون بعنوان :الأمينان جبريل ومحمد عليهما السلام

 أخرج البخاري ومسلم: عن عبدالله بن عباسٍ - رضِي الله عنهما - قال: "أخبرَنِي أبو سُفيان أنَّ هِرقلَ قال له: سألتُك ماذا يأمُرُكم فزعَمتَ أنَّه يأمُر بالصَّلاة والصِّدق والعَفاف والوفاء بالعهد وأداءِ الأمانة، قال: وهذه صفةُ نَبِيٍّ".

• وأخرج الأمام أحمدُ: عن أمِّ سلمة - رضِي الله عنها - في حديث هجرة الحبَشة، ومن كلام جعفَرٍ في مُخاطَبة النجاشيِّ، فقال له: أيُّها الملك، كُنَّا قومًا أهلَ جاهليَّة، نعبُد الأصنام، ونأكُل الميتَة، ونأتي الفواحِشَ، ونقطعُ الأرحام، ونُسِيءُ الجوار، يأكُل القويُّ منَّا الضعيف، فكُنَّا على ذلك حتى بعَث الله إلينا رسولاً منَّا، نعرفُ نسَبَهُ وصِدْقَهُ وأمانتَه وعَفافَه، فدعانا إلى الله، لنُوحِّدَهُ ونعبُدَه، ونخلع ما كُنَّا نعبدُ نحن وآباؤنا من دُونه من الحجارة والأوثان، وأمرَنا بصِدق الحديث وأداء الأمانة وصِلة الرَّحِم وحُسن الجوار، والكفِّ عن المَحارِم والدِّماء، ونَهانا عن الفَواحش، وقول الزُّور، وأكْل مال اليتيم، وقذْف المحصَنة، وأمَرَنا أنْ نعبُدَ الله وحدَه لا نشرك به شيئًا، وأمَرَنا بالصلاة والزَّكاةِ والصِّيامِ، قال: فعدَّد عليه أمُورَ الإسلام، فصَدَّقناهُ وآمَنَّا، واتَّبعناهُ على ما جَاءَ به..."

وأخرج الترمذيُّ والنسائيُّ: عن عائشة - رضِي الله عنها - قالت: كان على رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ثَوْبانِ قطريَّانِ غَلِيظانِ، فكان إذا قعَد فعرقَ، ثَقُلا عليه، فقَدِم بَزٌّ من الشام لفلانٍ اليهوديِّ، فقلت: لو بَعَثْتَ إليه فاشتريت منه ثوبين إلى الميسرةِ، فأرسل إليه فقال: قد علمْتُ ما يريد، إنما يريدُ أنْ يذهب بمالي أو بدَراهمي، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: (كَذَبَ؛ قد عَلِمَ أنِّي من أتقاهُم لله وآداهُمْ للأمانَة) صحَّحه الألباني

وكان - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقولُ عن نفسه: (أمَا والله إنِّي لأمينٌ في السَّماء وأمينٌ في الأرض) صحَّحه الألباني

وعند البخاري بلفظ: (ألا تأمَنُوني وأنا أمينُ مَن في السماءِ، يأتيني خبرُ السماء صباحًا ومساءً؟)

وقال - جلَّ وعلا - عن جبريل - عليه السلام - أمينِ الوحي الذي ينزلُ بالوحي على أنبيائه: ﴿ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ﴾

وقال ابن كثير: وهو جبريل - عليه السلام - قال مجاهد: أي: نزَل به مَلَكٌ كريم أمين ذو مكانةٍ عند الله ﴿ على قلبك ﴾ يا محمد سالمًا من الدَّنس والزيادة والنقص. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الخامسة والثمانون بعد المائة  في موضوع  (المؤمن ) وستكون بعنوان :

*الأصل في الإنسان أنَّه أمين :

الله - عزَّ وجلَّ - أنزَل الأمانةَ فوضَعَها في أصْل قُلوب الناس، ثم نزَلتِ الشَّرائع التي أنزَلَها الله في كتبه وجاءت بها رسلُه؛ لتُنمِّي هذا الأصلَ وتُزكِّيه.

ولكنَّ كثيرًا من الناس انحرَفَ عن هذا الأصل؛ إمَّا لظُلمه أو جهلِه، فخانَ وضيَّع الأمانة التي حُمِّلَها، وهذا خِلافُ الأصل.

• يقول محمد رشيد رضا: الأصل أنْ يكون الناس أُمَناء يقومون بوازع الفِطرة والدِّين، والخيانةُ خِلافُ الأصل .

وممَّا يدلُّ على أنَّ الأمانة هي الأصل، وأنها مركوزةٌ في الفِطرة ما أخرَجَه البخاري ومسلمٌ عن حُذيفة - رضِي الله عنه - قال: حدَّثَنا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - حديثين؛ رأيت أحدَهما، وأنا أنتظِرُ الآخَر: حَدَّثَنا أنَّ الأمانةَ نزلتْ في جَذْرِ قُلوبِ الرِّجال، ثم عَلِموا من القُرآن، ثم عَلِمُوا من السُّنَّة، وحدَّثَنا عن رفعها، قال: ينامُ الرَّجلُ النومة فتُقبَضُ الأمانةُ من قلبه، فيَظلُّ أثَرُها مثل أثَر الوَكْت، ثم ينامُ النومة فتُقبضُ، فيبقى أثرُها مثل المَجْل، كجمرٍ دحْرجْتَه على رجْلِك فنَفِطَ فتراه مُنْتَبِرًا

وليس فيه شيءٌ، فيُصبحُ الناس يَتبايَعُون، فلا يَكادُ أحدهم يُؤدِّي الأمانة، فيُقالُ: إنَّ في بَني فُلانٍ رجلاً أمينًا، ويُقال للرجل: ما أعقَلَهُ، وما أظرَفَهُ، وما أجلدهُ! وما في قلبه مثقَالُ حبَّة خَردلٍ من إيمانٍ، ويقول حُذَيفة:

ولقد أتى زمانٌ وما أُبالي أيَّكم بَايعتُ، لئنْ كان مسلمًا رَدَّهُ عليَّ الإسلام، وإنْ كان نصرانيًّا رَدَّهُ عليَّ ساعيه، فأمَّا اليوم فما كنتُ أُبايعُ إلا فُلانًا وفُلانًا".

قيل: إنَّ الأمانة المقصودة في الحديث هي أمانةُ الهداية والمعرفة والإيمان بالله.

أخبر الرسولُ الأمين - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال كما عند الطبراني من حديث شدَّاد بن أوس - رضِي الله عنه -: (أوَّل ما تَفقِدون من دِينكم الأمانةُ)؛ "صحيح الجامع وكان عمر بن الخطاب كما في "الحلية" -: لا تنظُروا إلى صِيام أحدٍ ولا صَلاته، ولكنِ انظُروا إلى صِدْق حَديثِه إذا حدَّث، وأمانته إذا اؤتمِن، ووَرَعِه إذا أَشْفَى

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة السادسة والثمانون بعد المائة  في موضوع  (المؤمن ) وستكون بعنوان :

*الأمانة دليلٌ على إيمان العبد :

 أثنَى الله - عزَّ وجلَّ - في أكثر من آيةٍ على رعاية المؤمنين للأمانة، وفي هذا إعلاءٌ لشَأنها، من هذا الثَّناء قولُه تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾ فجعَلَها صفةً بارزةً للمؤمنين.

وقال ابن كثيرٍ - رحمه الله - في تفسيره لهذه الآية: "إنَّ المؤمنين إذا اؤتمنوا لم يخونوا، بل يؤدُّونها إلى أهلها، وإذا عاهَدُوا أو عاقَدُوا أَوْفوا بذلك".وجمَع الله الأمانات باعتبار تَعدُّد أنواعها وتعدُّدِ القائمين بحِفظها؛ وذلك تنصيصٌ على العُموم، والحِكمة في جمْع الله تعالى الأمانةَ دُون العهد - والله أعلم - أنَّ الأمانة أعمُّ من العهد؛ ولذا فكُلُّ عهدٍ أمانةٌ"  

وهناك علاقةٌ وثيقة بين الإيمان والأمانة، وقد ربَط بينهما النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقد أخرج أحمد والترمذي عن أبي هُريرة - رضِي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: (المسلمُ مَن سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن مَن أَمِنَه الناس على دِمائهم وأموالهم) صححه الألباني

أخرج ابن ماجه وأحمد وابن حبَّان عن فضالة بن عُبَيْدٍ قال: قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: (المؤمنُ مَن أَمِنَهُ الناس على أموالهم وأنفسهم، والمهاجر مَن هَجَر الخطايا والذُّنوب) صححه الألباني

وكان عُروة بن الزبير - رضِي الله عنهما - يقول: ما نقصَتْ أمانةُ الرجل إلا نقَص إيمانُه.

بل أعلَنَها النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وبيَّن أنَّه لا إيمانَ لِمَن لا أمانةَ له؛ فقد أخرج الإمام أحمدُ وابن حبان عن أنسٍ رضِي الله عنه قال: ما خطبنا رسول الله إلاَّ قال: (لا إيمانَ لِمَن لا أمانةَ له، ولا دِين لِمَن لا عَهْدَ له) صححه الالباني  

وبهذا تعلمُ أخي الحبيب أنَّ المؤمن صادقَ الإيمان لا يُتصوَّر منه خِيانةٌ؛ فقد أخرج البيهقيُّ في "سننه" وأبو يَعلى في "مسنده" عن سعد بن أبي وقاصٍ - رضِي الله عنه - أنَّ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: (يُطبَعُ المؤمِنُ على كُلِّ خلَّةٍ غيرَ الخيانة والكذب)، قال الحافظ: سنده قوي

*العقل أمانة:

"اتِّصاف المرء بالعقل وتسخيرُه في طاعة الله - عزَّ وجلَّ - أمانةٌ كُبرى يُثابُ عليها؛ لذا كان من رِعاية الإسلام لأمانة العقل أنْ جعَلَه إحدى الضروريَّات الخمس - ومنَع أيَّ فِعْلٍ يُعطِّل مُهِمَّته، وحَرَّمَ حِفظًا له كلَّ ما يضرُّ بمهمَّتِه ولو لفترةٍ محدودة؛ فقد حرَّم كلَّ مُسْكرٍ ومُخدِّرٍ ممَّا يُخامِرُ العقل ويُغطِّيه؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾

 ومن أجل صِيانة العقل شُرعت عُقوبةُ جَلْدِ شارب الخمر لردْع مُتناوِله، وزجر كُلِّ ما يَسعَى إلى الإضرار بأمانة العقل ولو لفترةٍ محدودة.

أمَّا تعطيل العقل بالكليَّة بأيِّ سببٍ يُؤدِّي إلى ذهابه، فقد عاقَب الشرع فاعلَه بالدِّية كاملةً رعايةً لَهُ.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة السابعة والثمانون بعد المائة  في موضوع  (المؤمن ) وستكون إستكمالا للماضية والتي بعنوان : *العقل أمانة

 قال ابن القيم - رحمه الله -: "إنَّ امتناع السَّماوات والأرض والجبال من حمل الأمانة لأجْل خُلُوِّها من العقل الذي يكونُ به الفهم والإفهام، وحُمِّلَ الإنسان إيَّاها لمكان العقل فيه"

 ومن الأمثلة العظيمة لأمانة العقل أنَّه لَمَّا عزَم أبو بكرٍ الصِّدِّيق - رضِي الله عنه - على جمع القُرآن، قال لزيد بن ثابت - رضِي الله عنهما -: "إنَّك رجلٌ شاب عاقل لا نتَّهمُكَ، قد كنت تكتبُ الوحي لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فتتبَّع القُرآن فاجمَعْه "  

فكان أوَّل ما حمَل أبا بكرٍ - رضِي الله عنه - على اختيار زَيْدٍ ما اتَّصف به من أمانة العقل.

قال المهلَّب مُعقِّبًا على قول أبي بكرٍ - رضِي الله عنه -: "إنَّ العقل أصلُ الخِلال المحمودة؛ لأنَّه لم يصفْ زيدًا بأكثر من العقل، وجعَلَه سببًا لائتمَانه ورفع التُّهمة عنه"

ومن حِفظ أمانة العقل أنْ يُزكِّيه الإنسانُ ويُوظِّفه ويُعلِي همَّتَه في ذلك بأنْ يُوجِّهه إلى آيات الله الكونيَّة، وفي النفس البشريَّة، وارتياد أوسع الآفاق لخِدمة الناس في الحياة الدُّنيا وبناء الحَضارة الإسلاميَّة، وفوق هذا معرفة أسرار الشريعة، والفهْم في كتاب الله تعالى وسنَّة نبيه - صلَّى الله عليه وسلَّم.

وعلى هذا نقول: إنَّ مَن عطَّل العقلَ وغيَّبَه عن مُهمَّته فقد ضيَّع الأمانة التي سيُسأل عنها يومَ القيامة.

الجوارح أمانة؛ عينُك، وسمعك، وبصرك، ويدك، ورجلك، وفرجك، ولسانك، وأنفك : قال تعالى: ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾

فستُسأَل عن هذه الأمانات: هل أدَّيت حَقَّها أو ضيَّعت هذا الحقَّ؟ هل أديت حقَّ هذه الأمانة؟

لكلِّ جارحة عبوديَّةٌ، ومَن نظَر إلى حرامٍ، أو سَمِع حَرَامًا، أو تكلَّم بحرامٍ، أو ذاقَ حَرامًا، أو أكَل حرامًا، أو شَمَّ حَرامًا، فقد أخَلَّ بالأمانة.

يقول أبو حامدٍ الغزالي: اعلم أنَّك تَعصِي الله بِجَوارِحك، وإنما هي نعمةٌ من الله عليك، وأمانةٌ لديك، فاستِعانتُك بنعمة الله تعالى على معصيته غايةُ الكُفران، وخِيانتك في أمانةٍ أودَعَكَها الله تعالى غايةَ الطُّغيان، فأعْضاؤك رعاؤك، فانظُر كيف ترعاها؛ (ألا فكُلُّكُم راعٍ، وكُلُّكُم مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ)

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثامنة والثمانون بعد المائة  في موضوع  (المؤمن ) وستكون بعنوان :*المال أمانة:

وإذا كان الله - سبحانه وتعالى - قد استَخلَف الإنسانَ في المال ووَضَعَه في يده وتحتَ تصرُّفه، فليس معنى ذلك أنَّ له مطلقَ الحريَّة من التصرُّف فيه بحيث يضَعُه حيث شاء أو يُنفِقه كيف شاء؛ لأنَّ المال في حقيقة الأمر مالُ الله، والإنسان خليفتُه في ذلك؛ كما قال الله تعالى: ﴿ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ﴾

 وما دام الإنسان قد استَخلَفه الله تعالى على هذا المال فلا بُدَّ أنْ يَضَعَه أو يتصرَّف فيه حيث أمَرَه مالِكُه، وإلا فسوف يكون مسؤولاً عن ضَياعه أو تقصيره في المحافظة عليه؛ فقد أخرَجَ الترمذي أنَّ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: (لا تزولُ قدَما ابن آدم يوم القيامة حتى يُسأَل عن خمسٍ: عن عُمره فيمَ أفْناه، وعن شَبابه فيمَ أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيمَ أنفقه، وماذا عمل فيما عَلِمَ)).

وما دام الإنسان سيُسأَل عن هذا المال من أين اكتسَبه وفيمَ أنفقه فلا بُدَّ أنْ يكون كسبُه حَلالاً، وإنفاقُه في طاعة الرحمن، ساعتَها يكون المال نعمةً عليه ويُغبَط بهذه النِّعمة.

كما جاء في الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم عن عبدالله بن مسعود - رضِي الله عنه - عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: (لا حَسَدَ إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالاً فسلَّطَه على هلكَتِه في الحقِّ، ورجل آتاه الله حكمةً فهو يَقضِي بها ويُعلِّمها).

ومعنى الحديث: إنَّه ينبغي ألا يُغبَط أحدٌ إلا على إحدى هاتين الخصلتين، ومَن كان معه مالٌ فأنفَقَه في طاعة الرحمن فهو بأفضل المنازل؛ كما جاء في الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد والترمذي: عن أبي كبشة الأنماري - رضِي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: (ثلاثٌ أُقسِمُ عليهنَّ: ما نقص مالُ عَبْدٍ من صدقةٍ، ولا ظُلِمَ عبدٌ مَظلَمةً صَبَر عليها إلا زادَه الله - عزَّ وجلَّ - عِزًّا، ولا فتَح عَبْدٌ بابَ مَسْألةٍ إلاَّ فتح الله عليه بابَ فَقْرٍ، وأُحدِّثُكم حديثًا فاحفَظُوه: إنَّما الدنيا لأربعة نَفَرٍ: عبد رزَقَه الله مالاً وعِلْمًا فهو يَتَّقي فيه ربَّه، ويصلُ فيه رَحِمَهُ، ويعملُ لله فيه حقًّا، فهذا بأفضل المنازل، وعبد رزَقَه الله تعالى عِلْمًا ولم يرزُقه مالاً،فهو صادِقُ النِّيَّة، يقولُ: لو أنَّ لي مالاً لعَمِلْتُ بعَمَل فُلانٍ، فهو بنيَّته، فأجرُهما سواء، وعبد رزَقَه الله مالاً، ولم يَرزُقه علْمًا، يخبِطُ في مالِهِ بغير علمٍ؛ لا يتَّقي فيه ربَّه، ولا يَصل فيه رَحمَه، ولا يعمل لله فيه حَقًّا، فهذا بأخبَثِ المنازل، وعبد لم يرزُقْه الله مالاً ولا عِلْمًا فهو يقول: لو أنَّ لي مالاً لعَمِلتُ فيه بعملِ فُلانٍ، فهو بنيَّتِه، فوِزرُهما سواء) صححه الألباني

 إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة التاسعة والثمانون بعد المائة  في موضوع  (المؤمن ) وستكون بعنوان : * العلم أمانة :

والعلم أعظمُ أمانةٍ حملَها الإنسان. وهذه الأمانة حمَلَها العلماء، وهذا جعلَهُم يُواصِلون الليلَ بالنَّهار لدعوة النَّاس؛ يُبصِّرون أبناء الأمَّة بدِينهم، ويَصِفون الطريق للسَّالِكين، ويهدون إليه المتحيِّرين.

وأمانة العلم جعَلت العلماء يصدَعُون بكلمة الحقِّ ولا يخافون في الله لومةَ لائمٍ؛ عملاً بقوله - تعالى -: ﴿ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ ﴾

ومخافة من قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾

وأيضًا مخافةً من قول النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم -: (مَن سُئِلَ عن علمٍ فكتَمَه ألجَمَهُ الله يوم القيامة بلجامٍ من نار) رواه ابن ماجه من حديث أبي هُريرة - رضِي الله عنه.

ومن أمانة العلم كذلك أنْ يتربَّى الإنسان على نصف العلم، وهي قول: "لا أدري"؛ حتى لا يُفتي الناسَ بغير علم فيَضل ويُضل.

فقد أخرج البخاري ومسلم: عن عبدالله بن عمر - رضِي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: (إنَّ الله تعالى لا يَقبِضُ العِلْم انتِزاعًا ينتزعُهُ من العباد، ولكن يقبض العلمَ بقبضِ العلماءِ، حتى إذا لم يُبقِ عالمًا اتَّخذ الناس رُؤوسًا جُهَّالاً، فسُئِلُوا، فأفْتَوْا بغير علم، فضلُّوا وأضَلُّوا).

ومن أعظم الخيانة لأمانة العلم أن يُتعلَّم العلم الشرعي لغير وجه الله تعالى؛ فمَن فعَل ذلك فحرامٌ عليه الجنَّةُ. فقد أخرج الإمام أحمد وأبو داود عن أبي هُريرة - رضِي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: (مَن تَعلَّم عِلمًا ممَّا يُبتغَى به وجهُ الله لا يتعلَّمُه إلاَّ ليُصيب به عِوَضًا من الدُّنيا، لم يَجِدْ عَرْفَ الجنَّة يوم القيامة)  

بل هم أوَّل مَن ستُسَعَّرُ بهم النار كما أخبر بذلك الحبيب المختار - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقد أخرج الأمام مسلمٌ في حديثٍ طويل عن أبي هُرَيرة - رضِي الله عنه - عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: (إنَّ أوَّل الناس يُقضَى يوم القيامة عليه...)) ثلاثة، وذكر من جُملتهم: ((ورجلٌ تعلَّم العلمَ وعلَّمَه، وقرأ القُرآن فأتى به فعرَّفَه نِعَمَه فعرفها، قال: فما عملتَ فيها؟ قال تعلَّمت العلم وعلَّمته، وقرأت فيك القُرآنَ، قال: كذبت، ولكنَّك تعلَّمت العلم ليُقال: عالم، وقرأت القُرآن ليُقال: هو قارئ، فقد قيل، ثم أُمر به فسُحِبَ على وجهه حتى أُلقي في النار).

*العبادة أمانة:

عرَّف شيخُ الإسلام ابن تيميَّة العبادة فقال: هي اسمٌ جامع لكلِّ ما يحبُّه الله ويَرْضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة؛ فالصَّلاة، والزكاة.. وصِدق الحديث، وأداء الأمانة، وبر الوالدين.. وأمثال ذلك من العبادة، ا.هـ   قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة التسعون بعد المائة  في موضوع  (المؤمن ) وستكون بعنوان :*

*نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة

 قال ابن كثير : وأرواح العباد في البرزخ متفاوتة في منازلها، وقد استقرأنا النصوص الواردة في ذلك فأفادتنا التقسيم التالي:

أولاً: أرواح الأنبياء، وهذه تكون في خير المنازل في أعلى عليين، في الرفيق الأعلى، وقد سمعت السيدة عائشة الرسول صلى الله عليه وسلم في آخر لحظات حياته يقول: (اللهمَّ الرفيق الأعلى) رواه   البخاري ومسلم

الثاني: أرواح الشهداء، وهؤلاء أحياء عند ربهم يرزقون، قال تعالى: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } وقد سأل مسروق عبد الله بن مسعود عن هذه الآية، فقال: إنا قد سألنا عن ذلك، فقال: ( أرواحهم في أجواف طير خضر، لها قناديل معلقة بالعرش، تسرح من الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى تلك القناديل)) رواه مسلم 

وهذه أرواح بعض الشهداء لا كل الشهداء، لأن منهم من تحبس روحه عن دخول الجنة لدين عليه، كما في المسند عن عبد الله بن جحش: (أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، مالي إن قتلت في سبيل الله؟ قال: الجنة، فلما ولّى، قال: إلا الدين، سارني به جبريل آنفاً) وقال الألباني: إسناده جيد.                                     الثالث: أرواح المؤمنين الصالحين: تكون طيوراً تعلق في شجر الجنة، ففي الحديث الذي يرويه عبد الرحمن بن كعب بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إنما نسمة المسلم طير يعلق في شجر الجنة، حتى يرجعها الله إلى جسده إلى يوم القيامة) رواه أحمد   وقال الألباني: إسناده صحيح

    والفرق بين أرواح المؤمنين وأرواح الشهداء، أن أرواح الشهداء في حواصل طير خضر تسرح متنقلة في رياض الجنة، وتأوي إلى قناديل معلقة في العرض، أما أرواح المؤمنين فإنها في أجواف طير يعلق ثمر الجنة ولا ينتقل في أرجائها. وكون أرواح المؤمنين في أجواف طير يعلق شجر الجنة لا يشكل عليه الحديث الآخر الذي رويه أبو هريرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وفيه (أن الملائكة تقبض روح العبد المؤمن، وترقى به إلى السماء، فتقول الملائكة: ما أطيب هذه الريح التي جاءتكم من الأرض، فيأتون به أرواح المؤمنين، فلهم أشدُّ فرحاً من أحدكم بغائبه يقدم عليه، فيسألونه: ماذا فعل فلان؟   ماذا فعل فلان؟ فيقولون: دعوه، فإنه كان في غم الدنيا، فيقول: قد مات، أما أتاكم؟ قالوا: ذهب به إلى أمه الهاوية)) رواه   النسائي ، وابن حبان ، والحاكم ؛ وقال: سنده صحيح

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الواحدة والتسعون بعد المائة  في موضوع  (المؤمن ) وستكون بعنوان: *المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه

 يحسب الكثير ان الجهاد هو فعل واحد وهذا ليس بصحيح بل هو مجموعة من الافعال وهو على انواع :

النوع الأول: جهاد النفس الأمارة بالسوء ويكون بحملها على أن تتعلم أمور الدين وتعمل بها وتعلمها ،وذلك بصرفها عن هواها ومقاومة رعوناتها ، وقد قيل أن جهاد النفس هو الجهاد الأكبر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . (أفضل الجهاد أن يجاهد الرجل نفسه وهواه)     ( رواه أبو نعيم وصححه الألباني).

النوع الثاني: جهاد الشيطان ويكون بدفع ما يأتي به من الشبهات وترك ما يزينه من الشهوات لقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ۖ وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِير الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ۖ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ}

النوع الثالث: هو جهاد الكفار ،وان اقتضت الضرورة أن يكون هو أول المسائل لكن المسلم أن لم يجاهد نفسه ، ويجاهد الشيطان! كيف له من أن يجاهد الكفار ! يقول تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} وهنا اقترن الأيمان بالله بالتقوى أي بمخافته ، والسبيل الذي يؤدي لرضاه هو الجهاد في سبيله ، ففلاح المسلم هو جهاد الكفار في سبيله . وعلى المسلم أن يحذر في أن لايكون الجهاد إلا خالصا لوجهه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:

( إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لِأَنْ يُقَالَ: جَرِيءٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ....) الحديث رواه مسلم و الترمذي والنسائي . وجهاد الكفار لن يكون بالقتال وجها لوجه فحسب بل هو باليد واللسان والقلب لقوله صلى الله عليه وسلم (جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم )  رواه أحمد والنسائي وصححه الحاكم

النوع الرابع: هو جهاد الفساق ويكون باليد واللسان لقوله صلى الله عليه وسلم ( من رأي منكرا فاستطاع أن يغيره بيده فليغيره فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) صحيح سنن أبي داود ) إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثانية والتسعون بعد المائة  في موضوع  (المؤمن ) وستكون بعنوان :*

*عاجل بشرى المؤمن حب الناس له

عاجل بشرى المؤمن أن يعمل المؤمن العمل الصالح مخلصا لله فيه ، لا يرجو به غير وجه الله ، فيطلع الناس عليه ، فيثنوا عليه به ، فيسره ذلك ويستبشر به خيرا ، فتلك عاجل بشرى المؤمن.

ومن ذلك الرؤيا الصالحة يراها في نومه أو تُرى له .

ومن ذلك وقوع محبته في قلوب الناس،ورضاهم عنه .

ومن ذلك أن يجد في نفسه راحة للعمل الصالح وانشراح صدر .

روى البخاري ومسلم عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ : إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحْبِبْهُ . فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ : إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ . فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ ) .

ورواه الترمذي  وزاد : ( فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمْ الرَّحْمَنُ وُدًّا ) .

قال النووي رحمه الله :" وَمَعْنَى ( يُوضَع لَهُ الْقَبُول فِي الْأَرْض ) أَيْ الْحُبّ فِي قُلُوب النَّاس , وَرِضَاهُمْ عَنْهُ , فَتَمِيل إِلَيْهِ الْقُلُوب , وَتَرْضَى عَنْهُ . وَقَدْ جَاءَ فِي رِوَايَة   ( فَتُوضَع لَهُ الْمَحَبَّة ) " انتهى .

وقال ابن كثير رحمه الله :" يخبر تعالى أنه يغرس لعباده المؤمنين الذين يعملون الصالحات في قلوب عباده الصالحين مودة ، وهذا أمر لا بد منه ولا محيد عنه "  

وروى مسلم  عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ : قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَعْمَلُ الْعَمَلَ مِنْ الْخَيْرِ وَيَحْمَدُهُ النَّاسُ عَلَيْهِ ؟ قَالَ : ( تِلْكَ عَاجِلُ بُشْرَى الْمُؤْمِنِ )

 قال النووي رحمه الله : " قَالَ الْعُلَمَاء : مَعْنَاهُ هَذِهِ الْبُشْرَى الْمُعَجَّلَة لَهُ بِالْخَيْرِ , وَهِيَ دَلِيل عَلَى رِضَاء اللَّه تَعَالَى عَنْهُ , وَمَحَبَّته لَهُ , فَيُحَبِّبهُ إِلَى الْخَلْق كَمَا سَبَقَ فِي الْحَدِيث , ثُمَّ يُوضَع لَهُ الْقَبُول فِي الْأَرْض . هَذَا كُلّه إِذَا حَمِدَهُ النَّاس مِنْ غَيْر تَعَرُّض مِنْهُ لِحَمْدِهِمْ , وَإِلَّا فَالتَّعَرُّض مَذْمُوم " انتهى .

وقال ابن الجوزي رحمه الله :" والمعنى : أن الله تعالى إذا تقبل العمل أوقع في القلوب قبول العامل ومدحه ، فيكون ما أوقع في القلوب مبشرا بالقبول ، كما أنه إذا أحب عبدا حببه إلى خلقه وهم شهداء الله في الأرض " إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثالثة والتسعون بعد المائة  في موضوع  (المؤمن ) وستكون بعنوان : *الكرم قلب المؤمن

أخرج مسلم عن ابن أبي عمر وعمرو الناقد قالا : حدثنا سفيان بهذا السند قال : " قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : (لا تقولوا للعنب كرم فإن الكرم قلب المؤمن)

قال القاريء في شرح البخاري : ( باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إنما الكرم قلب المؤمن )

قال القاريء : أي هذا باب في ذكر قول النبي : ( إنما الكرم قلب المؤمن) هذا قطعة من آخر حديث رواه أبو هريرة ويأتي الآن في هذا الباب من رواية سعيد بن المسيب عن أبي هريرة ورواه مسلم من رواية الأعرج عنه قال قال النبي : ( لا يقولن أحدكم الكرم فإن الكرم قلب المؤمن ) وله من رواية ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي (لاتسموا العنب الكرم فإن الكرم الرجل المسلم ) وفي رواية له من حديث علقمة  بن وائل عن أبيه أن النبي قال (لا تقولوا الكرم ولكن قولوا العنب والحبلة قوله إنما الكرم قلب المؤمن أي لما فيه من نور الإيمان والتقوى قال الله تعالى { إن أكرمكم عند الله أتقاكم  }

وقال في الباب الذي قبله لا تسموا العنب الكرم وقال هنا إنما الكرم قلب المؤمن قالت العلماء سبب كراهة ذلك أن لفظ الكرم كانت العرب تطلقها على شجر العنب وعلى الخمر المتخذة من العنب سموها كرما لكونها متخذة منها ولأنها تحمل على الكرم والسخاء فكره الشارع إطلاق هذه اللفظة على العنب وشجره لأنهم إذا سمعوا اللفظ فربما تذكروا بها الخمر وهيجت نفوسهم إليها فيقعوا فيها أو قاربوا وقال إنما يستحق هذا الإسم قلب المؤمن لأنه منبع الكرم والتقوى والنور والهدى والمشهور في اللغة أن الكرم بسكون الراء العنب قال الأزهري سمى العنب كرما لكرمه وذلك لأنه ذلل لقاطعه ويحمل الأصل عنه مثل ما تحمل النخلة وأكثر وكل شيء كثر فقد كرم

وقال ابن الأنباري سمي كرما لأن الخمر منه وهي تحث على السخاء وتأمر بمكارم الأخلاق كما سموها راحا وذلك قال لا تسموا العنب كرما كره أن يسمى أصل الخمر باسم مأخوذ من الكرم وجعل المؤمن الذي يتقي شربها ويرى الكرم في تركها أحق بهذا الإسم الحسن تأكيدا لحرمته وأسقط الخمر عن هذه الرتبة تحقيرا لها

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الرابعة والتسعون بعد المائة  في موضوع  (المؤمن ) وستكون بعنوان : *

*ظل المؤمن يوم القيامة صدقته

*فضل اداء الزكاة والصدقة

(1) الفوز بالقرب من رحمة الله  {ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين ينفقون و يؤتون الزكاة }         (2) ان الله يعين المتصدق على الطاعة ويهيئ له طرق السداد والرشاد  {فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى }

(3) التطهير من دنس الذنوب و الأخلاق و الرذيلة     { خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها }

 (4) إن الصدقة سبب من أسباب المعية الخاصة لان المتصدق محسن " إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون" (5) الصدقة برهان على إيمان صاحبها كما في الحديث    " الصدقة برهان" (6) السلامة من صفة المنافقين كما في الحديث " ظهرت لهم الصلاة فقبلوها وخفيت لهم الزكاة فأكلوها أولئك المنافقون"

(7) إنها تطفيء عن أهلها حر القبور كما في الحديث "إن الصدقة لتطفيء عن أهلها حر القبور"

(8) انها تدفع ميتة السوء كما في الحديث "ان الصدقة تطفىء غضب الرب وتدفع ميتة السوء"

(9) ان المتصدق يكون في ظل الله يوم القيامة كما في الحديث "انما يستظل المؤمن يوم القيامة في ظل صدقته"

(10) انها تزيد العمر ويذهب الله بها الكبر والفخر كما في الحديث "ان صدقة المسلم تزيد في العمر وتمنع ميتة السوء ويذهب بها الكبر و الفخر"

(11) ان الصدقة حجاب من النار لمن احتسبها كما في الحديث " انها حجاب من النار لمن احتسبها يبتغي بها وجه الله عز وجل"

(12) ان البلاء لا يتخطى الصدقة وانها تسد سبعين بابا من السوء كما في الحديث " ان الصدقة تسد سبعين بابا من السوء باكروا بالصدقة فان البلاء لا يتخطاها"

(13) "من تصدق بعدل تمره من كسب طيب و لا يقبل الله إلا الطيب فان الله يقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل" متفق عليه

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الخامسة والتسعون بعد المائة  في موضوع  (المؤمن ) وستكون إستكمالا للماضية والتي بعنوان :  *ظل المؤمن يوم القيامة صدقته

 (14) ان المصدقين يضاعف الله لهم ثواب أعمالهم الحسنة بعشر امثالها الى سبعمائة ضعف الى حيث يشاء الله عز وجل " ان المصدقين و المصدقات و أقرضوا الله قرضا حسنا يضاعف لهم و لهم أجر كريم"

(15) انه يسخر للمتصدق ما يكون سببا لنمو ماله كبركة في ماء نهر وسقي أرض كما في الحديث " بينا رجل في فلاة من الأرض فسمع صوتا في سحابة اسق حديقة فلان فتنحى دلك السحاب فافرغ ماءه في حره فاذا شرجة من تلك الشراج قد استوعبت دلك الماء كله فتبع الماء فاذا رجل قائم في حديقة يحول الماء بمسحاته فقال له : يا عبدالله ما أسمك؟ قال فلان للاسم الذي سمع في السحابة , فقال يا عبدالله لم سألتني عن أسمي, قال سمعت في السحاب الذي هذا ماؤها يقول أسق حديقة فلان لاسمك فما تصنع فيها . قال أما اذ قلت هذا فاني أنظر إلى ما يخرج منها فأتصدق بثلثه وأكل أنا وعيالي ثلثه وأرد فيها ثلثه" رواه مسلم

(16) السلامة من التطويق بالشجاع الأقرع كما في الحديث " ما من أحد لا يؤدي زكاة ماله إلا مثل له يوم القيامة شجاع أقرع يطوق به عنقه"

(17) تحصين المال وحفظه كما في الحديث " حصنوا أموالكم بالزكاة"

(18) إن الصدقة دواء من الأمراض كما في الحديث     " داوا مرضاكم بالصدقة"

(19) أنها سبب لدفع جميع الأسقام كما في الحديث " باكروا بالصدقة فان البلاء لا يتخطاها"

(20) انها سبب للرزق و النصر كما في الحديث " وكثرة الصدقة في السر و العلانية ترزقوا و تنصروا و تجبروا"

(21) ان من لم يؤدي حق الله في ماله أنه أحد الثلاثة الذين هم أول من يدخل النار كما في الحديث " عرض علي أول ثلاثة يدخلون الجنة و أول ثلاثة يدخلون النار ....و أما أول ثلاثة يدخلون النار فأمير متسلط و ذو ثروة من مال لا يؤدي حق الله في ماله و فقير فخور"

(22) الظفر بدعاء الملائكة للمنفق (الأنترنت ـ موقع الثقافة الإسلامية)

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة السادسة والتسعون بعد المائة  في موضوع  (المؤمن ) وستكون إستكمالا للماضية والتي بعنوان : *ظل المؤمن يوم القيامة صدقته

ومن فوائدالصدقة ما يتعلق بثوابها وجزائها عند الله يوم القيامة وهي كالآتي:

1 ـ أن الصدقة تطفئ حرَّ القبور على أهلها، وقد ورد ذلك في حديث عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  «إنّ الصدقة لتطفئ عن أهلها حرّ القبور، و إنما يستظل المؤمن يوم

القيامة في ظل صدقته»

2 ـ من فوائدالصدقة و ثمراتها التي يجنيها المتصدّق يوم القيامة أنها مكفّرات للذنوب و من أسباب دخول الجنة والنجاة من النار، و قد تضافرت النصوص النبوية على ذلك، و منها ما يلي:

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيّما مؤمن أطعم مؤمنا على جوع أطعمه الله يوم القيامة من ثمار الجنة، و أيّما مؤمن سقى مؤمنا على ظمأ سقاه الله يوم القيامة من الرحيق المختوم، و أيّما مؤمن كسا مؤمنا على عُرْي كساه الله من خضر الجنة».

عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(اعبدوا الرحمن، وأطعموا الطعام، وأفشوا السلام، تدخلوا الجنة بسلام )

عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تصدّقوا، فإن الصدقة فكاككُمْ من النار»

3ــ ومن فوائدها أن الناس إذا حُشروا يوم القيامة واشتدّ الكرب، فإن المتصدّقين يتفيئون في ظلّ العرش، و قد ثبت ذلك في أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، و منها ما يلي:عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «كُلّ امرئ في ظِلّ صدقته حتى يفصل بين الناس»، أو قال: «حتى يُحكم بين الناس» قال يزيد: - راوي الحديث - و كان أبو الخير لا يُخطئه يومٌ إلاّ تصدّق فيه بشيء ولو كعكة أو بصلة أو كذا.

4 ـ من فوائدالصدقة و ثمراتها أنها إذا كانت من كسب طيب و خالصة لوجه الله فإن الله يقبلها و يضاعف ثوابها لصاحبها، ويكفي أن يعلم المتصدق أن ما يقدمه من صدقات لوجه الله تعالى فإنما يحتفظ به لنفسه...

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما تصـدق أحدٌ بصدقة من طيّب، ولا يقبل الله إلا الطيّب، إلاّ أخذها الرحمن بيمينه، وإن كانت تمرة، فتربُو في كفّ الرحمن حتى تكون أعظم من

الجبل، كما يُربّي أحدُكم فَلُوَّه أو فصيله  (الأنترنت ـ موقع ثمرات الصدقة)

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة السابعة والتسعون بعد المائة  في موضوع  (المؤمن ) وستكون بعنوان :     

*نفس المؤمن معلقة بدينه

أخرج الترمذي بسنده من حديث  أبي سلمة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه )

قال المبارك فوري في تحفة الأحوذي  :

قال السيوطي أي : محبوسة عن مقامها الكريم ، وقال العراقي أي : أمرها موقوف لا حكم لها بنجاة ، ولا هلاك حتى ينظر هل يقضى ما عليها من الدين أم لا . انتهى ، وسواء ترك الميت وفاء أم لا كما صرح به جمهور أصحابنا ، وشذ الماوردي فقال : إن الحديث محمول على من يخلف وفاء ، كذا في قوت المغتذي ، وقال الشوكاني في النيل :فيه الحث للورثة على قضاء دين الميت ، والإخبار لهم بأن نفسه معلقة بدينه حتى يقضى عنه ، وهذا مقيد بمن له مال يقضى منه دينه ، وأما من لا مال له ، ومات عازما على القضاء ، فقد ورد في الأحاديث ما يدل على أن الله تعالى يقضي عنه ، بل ثبت أن مجرد محبة المديون عند موته للقضاء موجبة لتولي الله سبحانه لقضاء دينه ، وإن كان له مال ولم يقض منه الورثة .

أخرج الطبراني عن أبي أمامة مرفوعا : (من ادان بدين في نفسه وفاؤه ، ومات تجاوز الله عنه وأرضى غريمه بما شاء ، ومن ادان بدين ، وليس في نفسه وفاؤه ، ومات ، اقتص الله لغريمه منه يوم القيامة )

وأخرج أيضا من حديث ابن عمر : ( الدين دينان . فمن مات ، وهو ينوي قضاءه فأنا وليه ، ومن مات ، ولا ينوي قضاءه فذلك الذي يؤخذ من حسناته ، ليس يومئذ دينار ، ولا درهم )

 وروى أبو هريرة مرفوعا : (من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه ، ومن أخذ يريد إتلافها أتلفه الله) أخرجه البخاري 

وأخرج البخاري من حديث أبي هريرة قال :  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ما من مؤمن إلا وأنا أولى به في الدنيا والآخرة ، اقرءوا إن شئتم {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم } فأيما مؤمن مات وترك مالا فليرثه عصبته من كانوا ، ومن ترك دينا ، أو ضياعا فليأتني فأنا مولاه)

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثامنة والتسعون بعد المائة  في موضوع  (المؤمن ) وستكون بعنوان :    

*إذا وضع المؤمن على سريره يقول: قدموني قدموني

أخرج البخاري بسنده من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال :كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( إذا وضعت الجنازة فاحتملها الرجال على أعناقهم فإن كانت صالحة قالت : قدموني وإن كانت غير صالحة قالت لأهلها : يا ويلها أين يذهبون بها يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان ولو سمع الإنسان لصعق )  

قال ابن حجر في فتح الباري: وظاهره أن قائل ذلك هو الجسد المحمول على الأعناق . وقال ابن بطال : إنما يقول ذلك الروح

ومما يدل على عظم الأمر حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (أسرعوا بالجنازة، فإن تكُ صالحة فخير تقدمونها إليه، وإن تكُ سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم)      

ويزيد الأمر اعتناءً حديث أبي قتادة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مُرَّ عليه بجنازة فقال: (مستريح ومُستراحٌ منه)، قالوا: يا رسول الله: ما المستريح والمستراح منه؟ فقال: (العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا، والعبد الفاجر يستريح منه العباد، والبلاد، والشجر، والدواب) رواه مسلم

 قال القاريء في عمدة القاري : قال ابن بطال قدموني أي إلى العمل الصالح الذي عملته يعني إلى ثوابه وفي لفظ يسمع دلالة أن القول ههنا حقيقة لا مجاز وأنه تعالى يحدث النطق في الميت إذا شاء وقال يا ويلها لأنها تعلم أنها لم تقدم خيرا وأنها تقدم على ما يسوؤها فتكره القدوم عليها والضمير في قوله لو سمعه راجع إلى دعائه بالويل على نفسها أي تصيح بصوت منكر لو سمعه الإنسان لأغشي عليه " قاله ابن حجر

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة التاسعة والتسعون بعد المائة  في موضوع  (المؤمن ) وستكون بعنوان :    

*أزرة المؤمن إلى نصف الساق

لا شك أن الله تعالى قد سخّر لعباده ما في السموات وما في الأرض جميعا منه وأباح لهم الطيبات من المآكل والمشارب والملابس ولكنه سبحانه قد وضع حدوداً لتلك المباحات لا ينبغي تجاوزها قال تعالى { يا بني آدم خُذوا زينتكم عند كل مسجدٍ وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين } ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم ( كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا في غير إسراف ولا مَخِيلة ) رواه البخاري معلقا، ووصله ابن أبي الدنيا في كتاب الشكر.

ومما تجاوز كثير من الناس فيه حدود المباح فيما يخص اللباس ( الإسبال ) وهو الإرخاء إلى ما دون الكعبين من الثياب بالنسبة للرجال وهذا أمر محرّم قد جاءت النصوص بتحريمه قال صلى الله عليه وسلم : ( ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار ) رواه البخاري، وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم، فقرأها ثلاثاً، فقال أبو ذر: خابوا وخسروا من هم يا رسول الله ؟ قال: المسبل والمنان والمنفِّق سلعته بالحلف الكاذب ) رواه مسلم، وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( بينما رجل يجر إزاره إذ خُسف به، فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة ). رواه البخاري.

وذكر ابن حجر رحمه الله أن رواية الترمذي فيها زيادة بعد قوله صلى الله عليه وسلم ( من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة ) فقالت أم سلمة: فكيف تصنع النساء بذيولهن؟ فقال: يرخين شبراً، فقالت : إذا تنكشف أقدامهن ؛ قال: فيرخينه ذراعاً لا يزدن عليه.

ثم قال رحمه الله: وقد نقل القاضي عياض الإجماع على أن المنع في حق الرجال دون النساء ، ومراده منع

وقال  ابن حجر  - أيضا - : وأما الإسبال لغير الخيلاء فظاهر الأحاديث تحريمه.  إن الإسبال مظنة الخيلاء. لأن الإسبال يستلزم جر الثوب وجر الثوب يستلزم الخيلاء، ولو لم يقصد اللابس الخيلاء، ويؤيده ما أخرجه أحمد بن منيع من وجه آخر عن ابن عمر في أثناء حديث رفعه ( وإيّاك وجر الإزار، فإن جر الإزار من المخيلة )

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الأولى بعد المائتين في موضوع  (المؤمن ) وستكون بعنوان :    

*المؤمن يحسن الظن بالله

 قال الله تعالى في الحديث القدسي (أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء )  (صحيح الجامع )

أي إن كان ظن عبدي أن أغفر له فسأغفر له، وإن ظن أني سأقبل توبته فسأقبل توبته، وإن ظن عبدي أن أجيب دعوته أجبت دعوته .. فلترجو وتأمل في عفوه سبحانه وإياك أن ييأسك الشيطان من رحمة الله ..  فهذا سوء الظن بالله ..  تذكر دائمًا أن لك ربًا كريمًا جوادًا .. رحيمًا بعباده .. ونحن وإن كنا نذّم أنفسنا ولا نُحسن الظن بها، ولكن لنا رب برّ رحيم يغفر الذنوب ويعفو عن كثير ؛ فما ظنك برب العالمين؟؟

وسوء الظن بالله يتمثل فى:                                                                                      1) اليـأس والـقـنـوت .. أن تيأس من رحمة الله وتظن إنه لن يغفر لك .. يقول الله عز وجل في الحديث

القدسي ( يا ابن آدم، لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي ) رواه الترمذي وحسنه الألباني  

2) اعـتقـاد أن الله لـن يثيـب المحـسـن ويُعـاقـب العـاصـى .. فربك عادل لايمكن أن يساوي بين مُحسن طائع وبين مسيء عاصي، قال تعالى {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ}

3) اعتقـاد أن الله لا يـقـبل تضـرع مـن دعـاه .. فالله يقبل دعاء كل أحد ولكن القبول على مراتب؛ إما أن يعجل بالإجابة أو يكفّر عنه بها سيئات أو يدخرها له ليوم القيامة .. و عندما يرى العبد الهدية يوم القيامة يتمنى لو أن كل دعائه لم يُعجل إجابته فى الدنيا .. {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}

4) إن تظـن أن الله لـن ينـصـر ديـنـه وأولياؤه وأن أعداء الإسلام سيظلون يتسلطون علينا طوال العمر وأن المسلمين لن يروا العزّ والتمكين أبدًا .. ولكن ظننا بالله أن يرحمنا فالله أرحم بنا من أمهاتنا وأبائنا.

وعن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع بجنته أحد ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من جنته أحد" [متفق عليه] .. أي إنه إذا علم المؤمن العقاب الذي عند الله فلن يطمع أن يدخل الجنة بل سيكون أقصى طمعه فى البعد عن النار، ولكن رحمته سبقت غضبه سبحانه حتى إن الكافر لو علِم رحمة الله ما يأس من أن ينال جنته.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثانية بعد المائتين في موضوع  (المؤمن ) وستكون بعنوان : لماذا نُحسن الظن بالله ؟

1) حُسن الظن بالله واجب .. عن جابر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل موته بثلاثة أيام يقول "لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله" [رواه مسلم]

2) نحسن الظن بالله حتى نتعبده بأسماءه وصفاته الجميلة .. قال تعالى {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} وأغلب الأسماء هي صفات جمال، مثل: العفو والجود والكرم وغيرها من صفات الجمال ..

فجانب الرجاء أعظم من جانب الخوف، لذا يجب أن نُحسن الظن بالله .. قال صلى الله عليه وسلم "إن عبدا أصاب ذنبا فقال رب أذنبت فاغفره، فقال ربه: أعلم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به غفرت لعبدي ثم مكث ما شاء الله ثم أصاب ذنبا فقال ربي أذنبت آخر فاغفر لي، قال: أعلم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به غفرت لعبدي، ثم أصاب ذنبا فقال رب أذنبت آخر فاغفر لي، قال:

 أعلم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به قد غفرت لعبدي فليعمل ما شاء" صحيح الجامع

3) لأننا موقنون بصدق وعد الله .. يقول الله عز وجل {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ } ولأننا موقنون أن الله سيُمكننا فى الأرض فقد قال الله تعالى { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}

4) لكى ندخل جنة الرضا .. فالقلوب مليئة برواسب من الذنوب والتربية الخاطئة، التي تقطع ما بينك وبين الله .. ولا يوجد لها ترياق سوى حُسن الظن بالله .. أن تُحبه وتُحب قربه وتتعرف عليه برحمته وكرمه وفضله، فتدخل جنة الرضا .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا"[رواه مسلم] ..

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثالثة بعد المائتين في موضوع  (المؤمن ) وستكون بعنوان :

*لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يرق دما حراما بغير حله

أخي المسلم الكريم : إياك إياك الوقوع في دماء المسلمين فإنَّ مما عُلِمَ من الدين بالضرورة وتواترتْ به الأدلة من الكتاب والسنة حُرمة دم المسلم ؛ فإنَّ المسلم معصوم الدم والمال ، لا تُرفعُ عنه هذه العصمة إلاّ بإحدى ثلاث ؛ إذ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لا يَحلُّ دمُ امرىءٍ مسلم إلاّ بإحدى ثلاث : كَفَرَ بعدَ إسلامهِ ، أو زَنَى بعد إحصانهِ ، أو قَتَلَ نفساً بغير نفس )

وما عدا ذلك ، فحرمة المسلم أعظم عند الله من حرمة الكعبة ، بل من الدنيا أجمع . وفي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( والذي نفسي بيده لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا ) وهذا الحديث وحده يكفي لبيان عظيم حرمة دم المسلم ، ثم تبصّر ماذا سيكون موقفك عند الله يوم القيامة إنْ أنت وقعت في دم حرام ، نسأل الله السلامة .

قال ابن كثير:  وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد لمن تعاطى هذا الذنب العظيم الذي هو مقرون بالشرك بالله في غير ما آية في كتاب الله ، حيث يقول الله سبحانه ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقّ ) الآية

وأخرج البخاري بسنده من حديث أنس رضي الله عنه : ( فإذا شهدوا أنْ لا إله إلاّ الله وأنَّ محمداً رسول الله واستقبلوا قبلتنا وأكلوا ذبيحتنا وصلوا صلاتنا فقد حُرّمتْ علينا دماؤهم وأموالهم إلاّ بحقها، هم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم )

واعلم أخي المسلم أنَّ أول ما يُقضَى يوم القيامة بين العباد في الدماء ففي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( أولُ ما يُحاسَبُ به العبدُ الصلاةُ ، وأولُ ما يُقضَى بينَ الناسِ الدماءُ ) أخرجه : البخاري ، ومسلم

وما ذلك إلا لعظم خطرها يوم القيامة فاستعد للموقف العظيم ، والسؤال الصعب الذي ما بعده إلا جنة أو نار . وكل الذنوب يُرجَى معها العفو والصفح إلاّ الشرك ، ومظالم العباد . ولا رَيبَ أنَّ سَفْكَ دماء المسلمين وهَتْكَ حرماتهم لَمِنْ أعظم المظالم في حق العباد

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم : ( لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يُصِبْ دماً حراماً ) أخرجه : البخاري

وإلى هنا فهذه آخر حلقات هذا الموضوع ( لمؤمن ) إن أصبت فمن الله ، وإن اخطأت فمن نفسي والشيطان وأستغفر الله وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

المؤمنالمؤمن

{هو الله الذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ المَلِكُ القُدُّوسُ السَّلامُ المُؤْمِنُ المُهَيْمِنُ العَزِيزُ الجَبَّارُ المُتَكَبِّرُ}

 

تأليف : الدكتور / مسفر بن سعيد دماس الغامدي