المجيد

بسم الله الرحمن الرحيم

المجيد المختصر

إن الحمد لله ، نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا اله الا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله  ، قال تعالى:{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ، ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون} آل عمران/ 120 وبعـــــد :

فهذه الحلقة الأولى في موضوع ( المجيد ) وسيكون عنوانها:

المقدمة :

    إن أشرف أحوال العبد وأرفع مقاماته ؛ أن يكون مطيعا لله ، مُثنياً على ربِّه معظِّما لجنابه ممجِّداً له،كما مجد نفسه سبحانه فقال :             هود: ٧٣  

ومن أعظم التمجيد تلاوة كلامه المجيد ، وتدبره والعمل به

 ،وقد وصفه تبارك وتعالى بذلك في موضعين من القرآن، قال تعالى: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ ، فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ} البروج: 21-22 ، وقال تعالى: {ق ۚ وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} ق: 1.

   ودراسة أسماء الله الحسنى تجدد الإيمان في القلوب وتعلقها بالله علام الغيوب ؛ ولذلك وجب علينا معرفة ثمرات أسماء الله الحسنى ومنها :

الثمرة الأولى : الإيمان بالله العظيم المجيد

يقول النابلسي : الإيمان بالله شيء ، والإيمان به عظيماً شيء آخر ، قال تعالى في شأن مًن استحق دخول النار : ﴿ إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ﴾ سورة الحاقة                                   وآمن باليوم الآخر ، إن الإيمان ما وقر في القلب ، وأقر به اللسان ، وأكده العمل 0         

فأول أثر من آثار الإيمان بأسماء الله الحسنى تعظيم الله ، ويجب أن نؤمن أن هناك علاقة مطردة بين تعظيم الله و طاعته ، وكلما تعمق العبد في أسماء الله الحسنى كان تعظيمه لله أكبر، وكانت طاعته أكثر ، وكانت مسارعته  إلى رضوانه أكثر ، فأصل الدين معرفة الله .

إذن فالطاعة مرتبطة بالتعظيم والتعظيم مرتبط بأسماء الله الحسنى ؛ فمعرفة الله والإيمان به وتعظيمه   وطاعته ينقذ الإنسان من الهلكة

الثمرة الثانية : تحقيق شرف العلم بالله ؛فالإنسان يشرف بقدر ما يعلم ؛وهل هناك أشرف من العلم بالله؟فهو أشرف معلوم.

الثمرة الثالثة : السعادة في توافق الحركة مع الهدف ؛ فالإنسان إذا عرف الله عرف نفسه والغاية التي من أجلها خلق (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون )

إن عبادةُ الله علّةُ وجود الإنسان و السعادة في توافق الحركة مع الهدف . والشقاء إذا جاءت الحركة ليست موافقة للهدف .قال تعالى :(فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (١٢٣) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا ... (١٢٤) طه

الثمرة الرابعة : دْعُاء الله بِهَا قال تعالى (وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) الأعراف:180.

  وقد جاء في دعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «اللّهم إنّي أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك....) و (يا حيُّ يا قيّوم، برحمتك أستغيث.)  و ( اللهم اذهب البأس رب الناس اشف وأنت  الشافي .....) وينبغي أن يستحضر من أسماء الله ما يناسب مطلبه فيراعى فيها التناسب  ، كما تقول: يا غفور اغفر لي، ويا رزاق ارزقني، ويا منان منّ عليَّ .

 ولا يقبل أن يقول :اللهم عليك بمن ظلمني يا أرحم الراحمين ، أو يا شديد العقاب اغفر لي !!!

الثمرة الخامسة : إحصاء أسماء الله الحسنى باب من أبواب الجنة ، ورد في الصحيحين عن أبي هريرة ( إن لله تسعة وتسعين اسماً ، مائة إلا واحدا ، من أحصاها دخل الجنة ) ومعنى أحصاها أن يعرف الاسماء ويفهم معناها وأن يتعبد لله بمقتضاها   [ الأنترنت – موقع الكلم الطيب ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله،والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فهذه الحلقة الثانية في موضوع ( المجيد ) وسيكون عنوانها:

*معنى المجيد

   المجيد هو الكبير العظيم، الموصوف بصفات المجد والكبرياء، والعظمة والجلال، الذي هو أكبر وأجل وأعلم وأعظم من كل شيء، وله التعظيم والإجلال في قلوب أوليائه. الشريف ذاته، الجميل أفعاله، الجزيل عطاؤه وثوابه[   الوجيز فى اسماء الله العزيز]

ومعنى مجيد :  اسم فاعل من أجادَ  ، جمع أمجاد ومُجداء : صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من مجُدَ : كريم شريف حسن الفعال والخصال والشمائل ، تامّ كامل متناه في الشَّرف . رفيعٌ عالٍ.

 والمجيد اسم من أسماء الله الحسنى ، ومعناه : العظيم في ذاته

 ، الكثير الخير والإحسان :- قال تعالى : { رَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ }  وقال : { ق وَالْقُرْءَانِ الْمَجِيدِ } .

 والمَجِيدُ : الوافر المجد .

ومنه :  1 . :- بَطَلٌ مَجِيدٌ :- : ذُو مَجْدٍ .

        2 . :- عَمَلٌ مَجِيدٌ :- : رَفِيعٌ ، عَالٍ .

        3 . :- هُوَ اللهُ الْمَجِيدُ :-: الْمُبَجَّلُ .

        4 . :- الكِتَابُ الْمَجِيدُ :- : القُرْآنُ الكَرِيمُ .

        5 . :- عَبْدُ الْمَجِيدِ :-: اِسْمُ عَلَمٍ مُرَكَّبٌ .

 ومجُد الشّيء :خصُ مجَد ؛ كان ذا عِزَّةٍ ورفعة وشرف :

 مجُد أعضاءُ هذه الأسرة أبًا عن جدّ

 يتغنّى العربُ بأمجاد أجدادهم

 العربُ أمجاد بين شعوب العالم ،

قال عليّ رضي الله عنه : أمّا نحن بنو هاشم فأنجاد أمجاد .

وأجادَ الشَّخصُ أتى بالجيِّد من قولٍ أو عملٍ :- أجاد الممثِّلُ في تأدية دوره . وأجادَ العملَ : أتقنه ، صيّره جَيِّدًا :- أجاد لغةً أجنبيَّةً ، - كافأه على إجادته .

والمَجْدُ : المُرُوءةُ والسخاءُ  ،والكرمُ والشرفُ ، وأَمجَدَه ومَجَّده كلاهما : عظَّمَه وأَثنى عليه . وتماجَدَ القومُ فيما بينهم : ذكَروا مَجْدَهم  ، وماجَدَه مِجاداً : عارَضه بالمجد . [الأنترنت – موقع الكلم الطيب]

ومَجَدَ: تظهر عليه أرفع وأعلى علامات القوة والرفعة والغنى والنعمة والاكتفاء تَمْجُدُ الإبل: تظهر عليها علامات الشبع والارتواء والنضرة والقوة ، بعد أن ترعى مرعى خصب وفير ، ومَجِيْد: على وزن" فعيل ": اسم فاعل مبالغة من " مَجَدَ - يَمْجُدُ ": الذي يكون رفيع المقام والدرجات وغنياً عن غيره منعماً مكتفياً، وقوياً قادراً على العطاء وإكرام الآخرين . مَجَّدَه: عظمه وأثنى عليه

واللفظ ينتمي إلى مجموعة ألفاظ " صفات الجلال والمجد

 والقدسية والعزة والإكرام"، وهي: قَدُسَ ؛ يَقْدُس، جَلَّ ؛ يَجِلُّ، عَزَّ ؛ يَعِزُّ، جَدَّ ؛ يَجُدُّ، مَجَدَ ؛ يَمْجُدُ  مَجُدَ ؛ يَمْجُدُ ،كَرُمَ ؛ يَكْرُمُ

والله مجيدقال تعالى : { قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد73} هود

ووصف العرش بأنه مجيد قال تعالى :{ذو العرش المجيد(15) } البروج ،  ووصف القرآن بالمجيد قال تعالى : { بل هو قرآن مجيد(21) } البروج                          

وقال : { ق والقرآن المجيد(1) } ق [مختار الصحاح] والمَجْدُ الكرم وقد مَجُدَ الرجل بالضم مَجْداً فهو مَجِيدٌ و مَاجِدٌ [الراغب ]

 والمجد: السعة في الكرم والجلال، يقال: مجد يمجد مجدا ومجادة، [انظر: مجمع الأمثال 2/74؛ والمستقصى 2/183؛ وجمهرة الأمثال 2/292؛ وديوان الأدب 1/101؛ وفصل المقال ص 202]،

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله،والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فهذه الحلقة الثالثة في موضوع ( المجيد ) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:*معنى المجيد

وقولهم في صفة الله تعالى: المجيد. أي: يجري السعة في بذل الفضل المختص به  [انظر: الأسماء والصفات للبيهقي ص 57؛والمنهاج في شعب الإيمان للحليمي 1/197] وقوله في صفة القرآن: {ق والقرآن المجيد} ق/1  ؛ قال البيهقي: قيل في تفسيرها: إن معناه الكريم، وقيل: الشريف. [الأسماء والصفات ص 57 ] فوصفه بذلك لكثرة ما يتضمن من المكارم الدنيوية والأخروية، وعلى هذا وصفه بالكريم بقوله: {إنه لقرآن كريم}الواقعة/77، وعلى نحوه: {بل هو قرآن مجيد} البروج/21، وقوله: }ذو العرش المجيد{ [البروج/15] فوصفه بذلك لسعة فيضة وكثرة جوده، وقرئ: }المجيد{ بالكسر فلجلالته وعظم قدره، وما أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (ما الكرسي في جنب العرش إلا كحلقة ملقاة في أرض فلاة) (الحديث ، وعلى هذا قوله: }لا إله إلا هو رب العرش العظيم{ [النمل/26]

والتمجيد من العبد لله : بالإعتقاد الصحيح وبالقول الجميل  ، وبذكره وشكره وحسن عبادته ، ودعاءه بإسمائه الحسنى وصفاته العلا، ومن الله للعبد بتوفيقه إياه وحفظه ورزقه والدفاع عنه وتيسير أموره والرضا عنه وبإعطائه الفضل.

وقد ورد في اللسان ما ملخصه :

1. المَجْدُ: المُرُوءةُ والسخاءُ.

2. والمَجْدُ: الكرمُ والشرفُ. المجد نَيْل الشرف،

3. وقيل: لا يكون إِلا بالآباءِ، وقيل: المَجْدُ  كَرَمُ الآباء خاصة، رجل شريف ماجدٌ، له آباءٌ متقدّمون في الشرف؛ قال: والحسب والكرم

4. وقيل: المَجْدُ الأَخذ من الشرف والسُّؤدَد ما يكفي؛

 وقد مَجَدَ يَمْجُدُ مَجْداً، فهو ماجد. ومَجُد، بالضم، مَجادةً،

 فهو مجيد،  وتَمَجَّد.

5. والمجدُ: كَرَمُ فِعاله.

6. وأَمجَدَه ومَجَّده كلاهما: عظَّمَه وأَثنى عليه.  مَجَّدَني عَبْدي أَي شرَّفني وعَظَّمني

7. ومَجَدَتِ الإِبل تَمْجُدُ مُجُوداً، وهي مواجِدُ ومُجَّد ومُجُدٌ،وأَمْجَدَتْ: نالت من الكلإِ قريباً من الشبع وعرف ذلك في أَجسامها،  ومَجَّدْتُها أَنا تمجيداً وأَمجَدَها راعيها وقد أَمجَدَ القومُ إِبلهم، وذلك في  أَول الربيع ،مَجَدَتِ الإِبل إِذا وقعت  في مَرْعًى كثير واسع؛ وأَمجَدَها الراعي وأَمجَدْتُها

8. ويقال: أَمجَدَ فلان عطاءَه ومَجَّده إِذا كثَّره [لسان العرب ] ،والمجد :يدلُّ على بلوغ النِّهاية، ولا يكون إلاّ في محمود. منه المَجْد: بلوغ النِّهاية في الكَرَم. والله الماجد والمجيد، لا كَرَمَ فوق كرَمه. وتقول العرب: ماجَدَ فلانٌ فلاناً: فاخَرَه. [مقاييس اللغة ]، [الأنترنت – موقع كتاب الله ]

ومعنى كلمة الْمَجِيدُ في القرآن الكريم هو: الكريم المتناهي في الكرم ،والواسع في كل شيء

والشريف في كل مجال الذي يزيد على كل شريف ،والعظيم الجليل الجميل صاحب الكمال المطلق الذي يجري السعة في بذل الفضل المختص به [ الأنترنت – موقع المعاني ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله،والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فهذه الحلقة الرابعة في موضوع ( المجيد ) وستكون بعنوان:

*الله مدح نفسه بصفات الجمال والجلال

  فصفات الجمال جماعها : "الحميد"

 وصفات الجلال جماعها : "المجيد"

فالجمال"طرف"و الجلال"طرف " و الكمال " وسط بينهما "

 والكامل يأخذ بالجمال تارة ، وبالجلال تارة أخرى ،

ولكل مقام مقال ، وإنما يقع الخلل في استعمال الجمال في مواضع الجلال ، واستعمال الجلال في مواضع الجمال ؛قال الشاعر:

 ووضع الندى في موضع السيف بالعلا

 مضر كوضع السيف في موضع النـدى .

  فلك أن تتخيل مقاتلا يستعمل الجمال في قتاله ، فيرق قلبه لعدوه الذي استباح دمه وعرضه وأرضه ، ولك أن تتخيل رجلا يستعمل الجلال مع أهله وعشيرته ، فيستحل دماءهم ظلما وعدوانا ، بتأويل فاسد

 فالأول : وقع في التفريط المذموم

 والثاني : وقع في الإفراط المذموم .

وشريعة الإسلام بين الأديان في هذا الباب : وسط بين : شريعة الجلال اليهودية،التي أنزلها الله،عز وجل،لسياسة قوم تحجرت أفئدتهم وغلظت نفوسهم،ولا يفل الحديد إلاالحديد .

وشريعة الجمال النصرانية ، التي أنزلها الله ، عز وجل ،

 لسياسة قوم رقت قلوبهم حتى خرجوا عن حد الاعتدال فأصابهم من الميوعة ما أصابهم . ودين الله وسط بين : الغالي والجافي .

   فالمسلم قد جمع بين خيري الفريقين : اليهود والنصارى ، فهو لين هين لإخوانه بلا ميوعة أوخلاعة ، شديد عزيز على أعدائه بلا ظلم أو تعد: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ) .

 يقول ابن تيمية  : "ففي شريعته صلى الله عليه وسلم من اللين والعفو والصفح ومكارم الأخلاق أعظم مما في الإنجيل وفيها من الشدة والجهاد وإقامة الحدود على الكفار والمنافقين أعظم مما في التوراة

وهذا هو غاية الكمال ولهذا قال بعضهم : بعث موسى بالجلال وبعث عيسى بالجمال وبعث محمد بالكمال) . [بتصرف يسير من "الجواب الصحيح" ، (5/86) ]

   وعن شريعة الإسلام بين الشريعتين يقول :"وكذلك في

 الشرائع كالحلال والحرام فإن اليهود حرمت عليهم طيبات أحلت لهم عقوبة لهم وعليهم تشديد في النجاسات يجتنبون أشياء كثيرة طاهرة مع اجتناب النجاسة والنصارى لا يحرمون ما حرمه الله ورسوله بل يستحلون الخبائث ويباشرون النجاسات وكلما كان الراهب أكثر ملابسة للنجاسات والخبائث كان أفضل عندهم والمسلمون أباح الله لهم الطيبات وحرم عليهم الخبائث وهم وسط في سائر الأمور "الصفدية (2/313)

   ومذهب أهل السنة بين النحل ، كدين المسلمين بين الملل ، فلا إفراط ولا تفريط ، فلا هم :

خوارج قساة القلوب يقنطون الناس من رحمة الله، ولا مرجئة يخدعون الناس بالأماني الكاذبة .

يقول ابن تيمية أيضاً :"وهم وسط في الوعيد بين الوعيدية من

 الخوارج والمعتزلة ، وبين المرجئة الذين لا يجزمون بتعذيب كل

 أحد من فساق الأمة" . اهـــ "الصفدية" ، (2/313) .

    ومعلوم أنه لابد أن يعذب بعض مرتكبي الكبائر من هذه الأمة ، ممن ماتوا على التوحيد ، عذابا غير مؤبد يطهرون به من ذنوبهم ، ومن ثم يخرجون إلى جنان الرحمن بشفاعة من يأذن الله ، عز وجل له بالشفاعة ، فتحرم أجسادهم على النار إلى الأبد .                          

 ووسطية الأخلاق في الإسلام من الأبواب التي يظهر فيها هذا الأمر جليا : فأخلاق المسلمين وسط بين الشدة واللين ، فأخلاق اليهود : أخلاق مادية نفعية ، وأخلاق النصارى : أخلاق معنوية أفلاطونية لا تصلح لسياسة الناس وإقامة الدول .

   إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

 

بسم الله،والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فهذه الحلقة الخامسة في موضوع ( المجيد ) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*الله مدح نفسه بصفات الجمال والجلال( الحميد المجيد )

يقول ابن القيم رحمه الله : "فصل : للأخلاق حد متى جاوزته صارت عدوانا ومتى قصرت عنه كان نقصا ومهانة :

فللغضب حدوهوالشجاعة المحمودة والأنفة من الرذائل والنقائص

 وهذا كماله فإذا جاوز حده تعدى صاحبه وجار وإن نقص عنه جبن ولم يأنف من الرذائل .

    وللحرص حد وهو الكفاية في أمور الدنيا وحصول البلاغ منها فمتى نقص من ذلك كان مهانة وإضاعة ومتى زاد عليه كان شرها ورغبة فيما لا تحمد الرغبة فيه .

  وللحسد حد وهو المنافسة في طلب الكمال والأنفة أن يتقدم عليه نظيره فمتى تعدى ذلك صار بغيا وظلما يتمنى معه زوال النعمة عن المحسود ويحرص على إيذائه ومتى نقص عن ذلك كان دناءة وضعف همة وصغر نفس ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : (لا حسد إلا في اثنين : رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق ورجل أتاه الله الحكمة فهو يقضى بها ويعلمها الناس) ، فهذا حسد منافسة يطالب الحاسد به نفسه أن يكون مثل المحسود لا حسد مهانة يتمنى به زوال النعمة عن المحسود .

     وللشهوة حد وهو راحة القلب والعقل من كد الطاعة واكتساب الفضائل والاستعانة بقضائها على ذلك فمتى زادت على ذلك صارت  نهمة  وشبقا  والتحق  صاحبها  بدرجة  الحيوانات ومتى نقصت عنه ولم يكن فراغا في طلب الكمال والفضل كانت ضعفا وعجزا ومهانة .

   وللراحة حد وهو إجمام النفس والقوى المدركة والفعالة للاستعداد للطاعة واكتساب الفضائل وتوفرها على ذلك بحيث لا يضعفها الكد والتعب ويضعف أثرها فمتى زاد على ذلك صار توانيا وكسلا وإضاعة وفات به أكثر مصالح العبد ومتى نقص عنه صار مضرا بالقوى موهنا لها وربما انقطع به كالمنبت الذي لا أرضا قطع ولا ظهر أبقى .

 والجود له حد بين طرفين فمتى جاوز حده صار إسرافا وتبذيرا أو متى نقص عنه كان بخلا وتقتيرا

   وللشجاعة حد متي جاوزته صارت تهورا ومتي نقصت عنه صارت جبنا وخورا ، وحدها الإقدام في مواضع الإقدام والإحجام في مواضع الإحجام ، كما قال معاوية لعمرو بن العاص : أعياني أن أعرف أشجاع أنت أم جبان ؟!!! ، تقدم حتى أقول من أشجع الناس وتجبن حتى أقول من أجبن الناس فقال : شجاع إذا ما أمكنتني فرصة**** فإن لم تكن لي فرصة فجبان .

   والغيرة لها حد إذا جاوزته صارت تهمة وظنا سيئا بالبريء وإن قصرت عنه كانت تغافلا ومبادىء دياثة .

    وللتواضع حد إذا جاوزه كان ذلا ومهانة ومن قصر عنه

انحرف إلى الكبر والفخر .

    وللعز حد إذا جاوزه كان كبرا وخلقا مذموما وإن قصر عنه انحرف إلى الذل و المهانة .

وضابط هذا كله (العدل وهو الأخذ بالوسط) الموضوع بين طرفي الإفراط والتفريط وعليه بناء مصالح الدنيا والآخرة بل لا تقوم مصلحة البدن إلا به فإنه متى خرج بعض أخلاطه عن العدل وجاوزه أو نقص عنه ذهب من صحته وقوته بحسب ذلك وكذلك الأفعال الطبيعية كالنوم والسهر والأكل والشرب والجماع والحركة والرياضة والخلوة والمخالطة وغير ذلك إذا كانت وسطا بين الطرفين المذمومين كانت عدلا وإن انحرفت إلى أحدهما كانت نقصا وأثمرت نقصا" [الفوائد ص141]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

بسم الله،والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فهذه الحلقة السادسة في موضوع ( المجيد ) وستكون إستكمالا للماضيات والتي هي بعنوان:

  الله مدح نفسه بصفات الجمال وجماعها : "الحميد"

                وصفات الجلال وجماعها : "المجيد"

 ولكلٍ عبادة :

فعبادة "الحميد" : الرغبة فيما أعده للطائعين من ثواب ، وعبادة "المجيد" : الرهبة مما أعده للعصاة من عقاب .

  وجماع الأمرين : (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) .

  يقول ابن بطال رحمه الله : "طريق العمل بأسماء الله عز وجل ، أن ما كان يسوغ الاقتداء به كالرحيم والكريم فيمرن العبد نفسه على أن يصح له الاتصاف بها ، وما كان يخص الرب ، جل وعلا ، كالجبار والمتكبر فعلى العبد الإقرار بها والخضوع لها ، وعدم التحلي بصفة منها ، وما كان فيه معنى الوعد يقف فيه عند الطمع والرغبة ، وما كان فيه معنى الوعيد يقف منه عند الخشية والرهبة" . اهـــ [نقلا عن "الثمرات الزكية" ، للشيخ الدكتور أحمد فريد ، حفظه الله ، ص31 ]

   ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم : أكمل من جمع هذه الثنائية من البشر ، فهو : الضحوك القتال : (ضحوك في وجوه المؤمنين غير عابس ولا مقطب ولا غضوب ولا فظ ، قتال لأعداء الله لا تأخذه فيهم لومة لائم) . ["زاد المعاد" ، (1/35) ]

   ويقول ابن تيمية رحمه الله :"وكان نبينا صلى الله عليه و سلم مبعوثا بأعدل الأمور وأكملها فهو الضحوك القتال وهو نبي الرحمة ونبي الملحمة بل أمته موصوفون بذلك في مثل قوله تعالى : (أشداء على الكفار رحماء بينهم)[منهاج السنة6/138]

 فالرحمة : جمال ، والملحمة : جلال .

  ويقول ابن تيمية أيضاً :"وهكذا أبو بكر خليفة رسول الله رضى الله عنه ما زال يستعمل خالدا فى حرب أهل الردة وفي فتوح العراق والشام وبدت منه هفوات كان له فيها تأويل وقد ذكر له عنه أنه كان له فيها هوى فلم يعزله من أجلها بل عاتبه عليها لرجحان المصلحة على المفسدة فى بقائه وأن غيره لم يكن يقوم مقامه لأن المتولي الكبير إذا كان خلقه يميل إلى اللين فينبغي أن يكون خلق نائبه يميل إلى الشدة وإذا كان خلقه يميل إلى الشدة فينبغي أن يكون خلق نائبه يميل إلى اللين ليعتدل الأمر ولهذا كان أبو بكر الصديق رضى الله عنه يؤثر استنابة خالد وكان عمر بن الخطاب رضى الله عنه يؤثر عزل خالد واستنابة أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه لأن خالدا كان شديدا كعمر ابن الخطاب وأبا عبيدة كان لينا كأبي بكر وكان الأصلح لكل منهما أن يولي من ولاه ليكون أمره معتدلا ويكون بذلك من خلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى هو معتدل ...

    وأما عثمان ، رضي الله عنه ، فجماله أشهر من أن يذكر ،

 فهو أشد الأمة حياء ، ومع ذلك ظهر من جلاله يوم الدار ما

 ظهر ، فافتدى الأمة بدمه الزكي .

يقول ابن تيمية رحمه الله :

"ومن المعلوم بالتواتر أن عثمان كان من أكف الناس عن الدماء وأصبر الناس على من نال من عرضه وعلى من سعى في دمه فحاصروه وسعوا في قتله وقد عرف إرادتهم لقتله وقد جاءه المسلمون من كل ناحية ينصرونه ويشيرون عليه بقتالهم وهو يأمر الناس بالكف عن القتال ويأمر من يطيعه أن لا يقاتلهم وروى أنه قال لمماليكه : من كف يده فهو حر ، وقيل له : تذهب إلى مكة فقال : لا أكون ممن ألحد في الحرم ، فقيل له : تذهب إلى الشام فقال : لا أفارق دار هجرتي فقيل له : فقاتلهم ، فقال : لا أكون أول من خلف محمدا في أمته بالسيف . فكان صبر عثمان حتى قتل من أعظم فضائله عند المسلمين" ."منهاج السنة" ، (6/286) .

ولا يصبر على ما صبر عليه عثمان ، رضي الله عنه ، إلا رجل أوتي من جلال القلب ما أوتي .

 وأما علي ، رضي الله عنه ، فجلاله أشهر من أن يذكر ، وهو القائل : "أما أني ما بارزت أحدا إلا انتصفت منه"  ، ومن وصف ضرار بن حمزة لأبي الحسن رضي الله عنه :"كان والله كأحدنا يدنينا إذا أتيناه ، ويجيبنا إذا سألناه ، وكان مع تقربه إلينا وقربه منا لا نكلمه هيبة له ، فإن تبسم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم ، يعظم أهل الدين ، ويحب المساكين ، لا يطمع القوي في باطله ، ولا ييأس الضعيف من عدله" . فهو قريب من القلب لجماله ، مهيب لجلاله ، لا يطمع القوي في باطله لجلاله ، ولا ييأس الضعيف من عدله لجماله ، وبمثل هؤلاء قام دين الله ، عز وجل ، ودانت أمم الشرق والغرب لأمة الإسلام !!!! والله أعلى وأعلم .[الأنترنت – موقع مشكاة الفصيح  - مهاجر]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

بسم الله،والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فهذه الحلقة السابعة في موضوع ( المجيد ) وستكون بعنوان:

*المجيد اسم من أسماء الله الحسنى

تعظيم اسم الله "المجيد"

معنى اسم "المجيد" في حق الله تعالى:

قال الأزهري: "الله تعالى هو المجيد، يمجد لذاته ، ولصفاته،  ولأفعاله، ولعظمته".

وقال ابن القيم : "وصف نفسه بـ(المجيد) وهو: المتضمن لكثرة صفات كماله وسعتها، وعدم إحصاء الخلق لها، وسعة أفعاله وكثرة خيره ودوامه، وأما من ليس له صفات كمال ولا أفعال حميدة فليس له من المجد شيء،والمخلوق إنما يصير مجيدًا بأوصافه وأفعاله فكيف يكون الرب - تبارك وتعالى - مجيدًا وهو معطل عن الأوصاف والأفعال تعالى الله عما يقول المعطلون علوًا كبيرًا، بل هو المجيد الفعال لما يريد

، والمجد في لغة العرب: كثرة أوصاف الكمال وكثرة أفعال الخير"

وقال الشيخ السعدي:"المجيد: الكبير العظيم الجليل، وهو الموصوف بصفات المجد والكبرياء والعظمة والجلال الذي هو أكبر من كل شيء، وأعظم من كل شيء، وأجل وأعلى،

وله التعظيم والإجلال في قلوب أوليائه وأصفيائه، قد ملئت قلوبهم من تعظيمه وإجلاله والخضوع له والتذلل لكبريائه"

[ولله اﻷسماء الحسنى - عبد العزيز الجليل[الأنترنت – موقع حياة القلوب في معرفة علام الغيوب ]

    والماجد اسمٌ من أسماء الله الحُسنى وقبل أن نبدأ بشرح هذا الاسم الجليل، ينبغي أن نعلم علم اليقين أن طبيعة النفس البشرية مفطورةٌ على حبِّ الكمال، وأن أسماء الله الحُسنى أسماءٌ حُسنى كاملة، فكمال الله عزَّ وجلَّ وفِطرة النفس التي فُطرت على حبِّ الكمال يتوافقان.

 فلذلك لا يطمئن الإنسان، ولا تقبل نفسه على الله إلا إذا رأى في الله الكمال المطلق بينما الإنسانُ كمالهُ نسبيّ يصيب كثيراً وقد يخطئ قليلاً، ويبقى عند الناس كاملاً، لكن الله سبحانه وتعالى كماله مطلق، لذلك الشرّ المطلق لا وجود له، لأنه يتناقض مع وجود الله، لكن الشرَّ النسبي يوظِّفه الله سبحانه وتعالى للخير المطلق.

 فالماجد اسمٌ مشتقٌ من المجد، والمجد في لغة العرب نهاية الشرف، نهاية السمو نهاية الرفعة، نهاية الكمال، يقال رجلٌ ماجد أي رجلٌ شريف له آباء متقدِّمون في الشرف.

 كلمة الماجد معناها: من حيث النسب ؛ ينتمي إلى أشرف أسرة، ومن حيث السلوك كثير الخير مفضال معطاء، فربنا عزَّ وجلَّ كماله مطلق وفعله خير كله.

 والماجد في حق الله تعالى المتناهي في الكمال والعز، ونفس الإنسان تحبُّ الكمال لذلك النفس الإنسانية لا يملؤها إلا معرفة الله، فلو أنها اختارت غير الله، اختارت مادون الله فإنها تبقى في اضطراب، لا تسكن، ولا تستريح.

 يمر الإنسان في مراحل مِنْ حياته في حالات متنوعة، يطلب

 المال مثلاً فإذا بلغه وجمعه سقط من عينيه وأصبح شيئاً تافهاً، يطلب اللذائذ فإذا اقتنصها صغرت في عينه، أما إذا طلب الله سبحانه وتعالى ومهما جدَّ في الطلب يبقى سعيداً إلى أقصى درجة لأن الله لا نهائي، لأن الله كماله مطلق.

 لذلك هناك نقطة دقيقة.. الشاب يوصف بأنه يعيش أحلاماً وإذ هو شاب في مقتبل العمر يتصور بيته ويتصور زوجته، ويتصور عمله، واختصاصه ومكانته، فهو لا يزال شاباً ويسعده الحلم، وتسعده الآمال، فإذا وصل إلى حدوده القصوى، أي إذا تزوج، أو توظف، أو اختار هذه الحرفة دون تلك وزاول العمل فيها فإنَّ حياته أصبحت مغلقة، محددة،ممله ؛ هذا بيته وهذه زوجته، وهؤلاء أولاده، وهذا دخله، وهذه مكانته. وهذه حرفته.

 ومن ثمّ يشعر بالفراغ، كما يشعر بالرتابة.. لذلك الناجحون في الحياة المادية من عجيب أمرهم أنهم ينصرفون إلى الميسر أحياناً لأن حياتهم أصبحت مملة، بلغوا قمة النجاح، ماذا بعد النجاح ؟ لابُدَّ من التغيير.

 فالإنسان إذا نجح في عمله، وفي زواجه وكان بعيداً عن الله عزَّ وجلَّ معرفةً وسلوكاً فإنه يبحث عن لذائذ مستجدة، فلذلك تراه ينحرف انحرافات خطيرة لا لأنه يحبها، بل لأنه يجدد من خلالها حياته.

 أمّا المؤمن إذا عرف الله عزَّ وجلَّ فمعرفتُه بالله تملأ نفسه إلى أبد الآبدين، لأن النفس لا نهائية، لا يملؤها إلا المطلق، أما المحدود لا يملؤها، فهي أكبر، فالدنيا محدودة، والدنيا بكلّ لذائذها محدودة، فالشيء الثابت أن الإنسان يشتري بيتاً واسعاً، في الأسبوعين الأولين أو الثلاثة يسعد به أشد السعادة، أما بعد حين فيغدو لا معنى له، يتزوج أجمل امرأة ثم لا يلبث أن يركب أفخر مركبة وبعد حين تجده في سأم وفتور وتناقص، الأشياء الدنيوية محدودة، والنفس لا محدودة، فإذا طلبت السعادة في المحدود لن تجدها، وما سوى الله محدود، أجل كلّ ما سوى الله كلّه محدود، كلِّ شيء ما سوى الله يخبو بريقه، تتناقص لذَّته، تتناقص ثمرته.

    إذًا إن أردت الله فأنت في سعادةٍ متنامية، وإن أردت ما سوى الله فأنت في سعادةٍ متناقصة، إذًا فالمشكلة ليست مع الشاب، فقط بل ومع كل إنسانٍ ولو بلغ كهولته وتوضحت معالم حياته وتحددت، إنَّ نفسه لا نهائية، فإن أراد المحدود وتحلقت نفسه به، وقع في الحيرة وفي الضجر، فإما أن ينحرف، وإما أن يهديه الله إليه.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

 

 

بسم الله،والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فهذه الحلقة الثامنة في موضوع ( المجيد ) وستكون بعنوان:

الماجد في حق الله تعالى هو المتناهي في الكمال والعزَّ:

 له الجمال في الذات وفي الأوصاف والأفعال، الذي يعامل عباده بالكرم والجود ويتجلى لهم بنور الوداد، ماجد وذاته ماجدة، أفعاله كريمة، مودته لعباده بالغة، ومن كلمات الدعاء.. اللهم أنت الماجد المجيد، الفعال لما يريد نسألك الأمن يوم الوعيد، أنت الماجد المجيد.

 ومن الحقائق التي لا تخفي أن الإنسان إذا أحبَّ شيئاً تغنَّى به، ومن أحبَّ الله تغنَّى بكماله، والثناء على الله عزَّ وجلَّ

 الماجد هو الواسع الكرم، الغنيُّ المغني:

أنت ماذا قدَّمت إلى الله ؟ الذي قدَّم لك الوجود، قدَّم لك الحواس الخمس، قدَّم لك العقل، قدَّم لك الأعضاء، قدّم لك زوجة صممها لك أجمل تصميم وأحسنه، قدَّم لك بيتاً، وأولاداً ومكانةً، أمدك بكلّ ما تحتاج ثم هداك إليه.. فأنت ماذا قدَّمت ؟ فهل يا ترى أنت شكرت الله عزَّ وجلَّ ؟ لو أن الله لم يخلقنا لما كان لنا وجود، إذًا وجودنا منّة منه وتفضّلاً.. فقد قال الله تعالى:﴿هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً (1)﴾(سورة الإنسان)

 قال الله تعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (8)﴾(سورة الانفطار) وجعلك مكرّماً..

فلذلك تجد الإنسان أحياناً يسأل نفسه: الله عزَّ وجلَّ منحني نعماً كثيرة.. نعمة الإيجاد والإمداد والهدى والرشاد، أكبر سؤال ينبغي أن تسأل نفسك عنه ماذا فعلت من أجل ربي ؟ ماذا فعلت إرضاءً لربي ؟.

 في الأعم الأغلب يأتي اسم الماجد بعد اسم الواجد.. الواجد هو الغني، والماجد هو المغني، أي غني مُغْنٍ

 فالواجد الماجد الغني المغني هو الله، والله عزَّ وجلَّ إذا

أعطى أدهش، فقد أعطاك صحة.. وأنت ماشٍ على رجليك، حواس خمس، جهاز هضم، وجهاز دوران، وجهاز تنفس، وجهاز طرح الفضلات، وجهاز تصفية، وأعصاب، وعضلات، وهيكل عظمي، وعقل في رأسك، وجلد سليم، فإذا أنعم الله عزَّ وجلَّ عليك بالصحة فقد أعطاك شيئاً ثميناً، والصحة تنتهي عند الموت،

 إن الموت يأتي على كل شيء، فما الذي يبقى؟ العمل الصالح، لذلك أعظمُ نعمة، نعمة الهدى، ثم الصحة، ثم الكفاية، لذلك قال عليه الصلاة والسلام:(مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ آمِنًا فِي سِرْبِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا)(سنن ابن ماجة)

 اسم الماجدأي رفيع الشرف، المتناهي بالمجد والكمال،

الواسع العطاء الغني، المغنيُّ. المغني هذا هو الماجد..

 ما هي علاقة المؤمن بهذا الاسم ؟

 الله عزَّ وجلَّ قال:﴿وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (32)﴾ (سورة الزخرف)﴿مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ ﴾(سورة فاطر) إذا عرفت أن الله ماجد أي غنيٌ مُغنٍ، متناهٍ في الشرف والرفعة والمجد وهو يعطي عطاءً لامنتهى له، إذًا فَتَخلَّقْ بأخلاق الله.

فحظ العبد من هذا الاسم أن يعامل الخلق بالصفح والإحسان ،والعفو والإكرام، واللين والبشاشة،وتجنّب الشقاق،وأن يعطي من ماله للفقراء، وأن يتواضع مع الخلق، وان يرفق بالضعفاء، وأن يعامل الناس كأنهم أهله وجيرانه.

فالصلاة التي هي عماد الدين وعصام اليقين ودرة الطاعات، وأعظم القربات، هذه الصلاة من أجل أن تكتسب الكمال من الله، لا يمكن أن تكون صلاتك صحيحة وتكون بخيلاً، معنى ذلك أنك غير متصل بالله، لا يمكن أن تكون الصلاة صحيحة وتكون جباناً، لا يمكن أن تكون الصلاة صحيحة وأنت حقود هذا شيء مستحيل حقد، جبن، بخل، لؤم، قسوة، قلب قاسٍ لايرقّ للناس هذا كله يتناقض مع الصلاة.

 فقد قال الله تعالى:﴿ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾(سورة العنكبوت الآية: 45) أي أكبر ما فيها.. فلذلك إذا أنت اتصلت بالله يجب أن تشتق لنفسك من اسمه صفة الكرم، فإنك إذا خرجت من البيت ساعياً لعملك فالتقيت بإنسان وسألك أجبته،أو طلب إعانة أعنته ، أو وجدته ضالاً هديته، أووجدته فقيراً أغنيته.(النابلسي)

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

 

 

 

بسم الله،والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فهذه الحلقة التاسعة في موضوع ( المجيد ) وستكون بعنوان:

اسم المجيد.. الماجد على وزن فاعل، أما المجيد على وزن فعيل، المجيد صيغة مبالغة

 وإذا قلنا مبالغة في حقِّ الله عزَّ وجلَّ، فهذه المبالغة كماً وكيفاً، إذا قلنا إن الله عز وجل مجيد أي يتناهى في الرفعة في كلِّ صفاته هذا معنى المبالغة.. أما المبالغة النوعية فالله على كلّ شيء قدير مهما بدا كبيراً، وعلى الأشياء كلّها قدير مهما كثرت، مهما كثرت ومهما كبرت.

 شرف الذات إذا قارنه حسن الفعال سمي مجداً، والمجد المروءة والسخاء والكرم وكرم الفعال.

 سيدنا سعد بن عبادة كان يقول: اللهم هب لي حمداً ومجداً لا مجد إلا بفعال، ولا فعال إلا بمال، اللهم لا يصلحني إلا هو، ولا أصلح إلا عليه.

 كلام دقيق.. إن من عبادي من لا يصلح له إلا الغنى، فإذا أفقرته أفسدت عليه دينه، هذا حديث شريف.. إلا أن الآية الكريمة تعطيك قاعدة عامة وثابتة، قال الله تعالى:﴿وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ﴾ (سورة الشورى) معنى ذلك أن الله عزَّ وجلَّ إذا قنن، فإنّه يقنن تقنين تأديب لا تقنين عجز، إذا وجدتَ الأمطار قد شحَّت، والموارد قلَّت، والأعمال أصبحت عسيرة، والأمور غير ميسرة، معنى ذلك أنه تقنينٌ من الله عزَّ وجلَّ، وهذا التقنين لا يمكن أن يكون تقنين عجز إلا أنه تقنين تأديب.

ولا مجد إلا بفعال ولا فعال إلا بمال اللهم لا يصلحني إلا هو ولا أصلح إلا عليه.

 فإذا رأيت إنساناً عظيماً وليس له عمل صالح فإن عظمته تكون فارغة، العظمة أساسها العمل العظيم، لا مجد إلا بفعال ولا فعال إلا بمال.

   فإذا رجا إنسان ربّه أن يكون غنياً ليكون بهذا المال ماجداً انقلب هذا الطلب إلى عبادة، فلو أن شخصاً يبحث عن مال وهدفه إذا اغتنى أن يبني مسجداً، أو يبني معهداً شرعياً، أو يطعم الفقراء، أو يكرم الأيتام وينشئ ميتماً مثلاً، وينفق إنفاق الطامع برحمة الله ويرجو وجهه، أو يعلم الطلاب على حسابه لكي يصبحوا دعاة، فإذا كان هذا هدفه فعمله عبادة، وأي عبادة...

 الله عزَّ وجلَّ ذكر اسمه المجيد في القرآن الكريم، قال الله تعالى:﴿ق وَالْقُرْآَنِ الْمَجِيدِ (1) ﴾

وصف الله تعالى قرآنه بأنه مجيد لكثرة فوائده، فالمجيد في صفة الله يدل على كثرة إحسانه وأفضاله، والمجيد هو الشريف بذاته الجليل بأفعاله الجزيل بعطائه، البالغ المنتهى في الكرم، وقيل المجيد المتناهي في الشرف في ذاته وصفاته وأفعاله وهو الجليل في نعوته والجميل في ملكه وملكوته.

 جاء اسم المجيد في آيات آخرى فالله عز وجل في سورة هود قال: ﴿قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ (73) ﴾ (سورة هود) أي أنه كثير العطاء.

الله عزَّ وجلَّ هدى عبده المؤمن سُبُل السلام، فهو في سلام مع نفسه، وفي سلام مع من حوله، وفي سلام مع ربُّه، وفي سلام مع مستقبله:﴿قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا ﴾ (سورة التوبة)

 المؤمن في سلام، لن تجد عنده مفارقات وأخباراً صاعقة،

إذا طمأنك الله عزَّ وجلَّ وقال لك:﴿فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ﴾(سورة الطور) فلا تخف، فأنت موضع عنايتنا، فأحياناً تجد أن الله عزَّ وجلَّ يلقي بقلبك الطمأنينة وتشعر بالثقة، وتشعر بأنَّ العناية تحوطك، فاحمد الله على نعمائه فالله قال:﴿ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ﴾ فهل هذا شيء قليل أن يعتني الله بك ويدافع عنك ويطمئنك، ويُلقي السكينة بقلبك والسعادة فهل هذا قليل ؟ والثمن بيدك وهو طاعتك، فأطعه وانظر متدبرا في قول القائل:

أطع أمرنا نرفع لأجلك حجبنا.. فإنا منحنا بالرضى من أحبَّنا

ولُذ بحمانا واحتم بجنابنا..  لنحميك مما فيه أشرار خلقنا

وعن ذكرنا لا يشغُلنَّك شاغلٌ  وأخلص لنا تلقِ المسرَّة والهنا

وسلِّم إلينا الأمر في كلِّ ما يكُن  فما القرب والإبعاد إلا بأمرنا.

الله عزَّ وجلَّ قال: ﴿ قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ﴾ عطاؤه لا حدود له، فالله عزَّ وجلَّ أحياناً يعطي الإنسان قليلا من الدنيا قد يختلَّ توازنه بسببه،كأن يعطيه بيتاً جميلاً، زوجةً جميلة، تجارة رابحة، فكيف إذا أعطاك الله الجنَّة..

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

بسم الله،والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فهذه الحلقة العاشرة في موضوع ( المجيد ) وستكون بعنوان:

 ( المجيد ) الكريم المغني

  وهو الأعز الأكرم المتفرد بجميع آيات الجلال وصفات الجمال وصور الكمال والمقدس في ذاته وصفاته وأفعاله، والغني بذاته عن سائر خلقه، والمتعالي على عرشه، والقوي في سلطانه، والقاهر فوق عباده، له المجد والحمد في الأولى والآخرة، وله الأمر كله، ولا راد لقضائه ولا معقب لحكمه، ومن هذه المعاني كلها جاء اسم الله تعالى «المجيد» والذي لم يتصف به غيره.

  قال ابن القيم رحمه الله: وصف الله تعالى نفسه بالمجيد وهو

 المتضمن لكثرة صفات كماله وسعتها وعدم إحصاء الخلق لها وسعة أفعاله وكثرة خيره ودوامه والرب تبارك وتعالى هو المجيد الفعال لما يريد والمجد في لغة العرب كثرة أوصاف الكمال وكثرة أفعال الخير وأحسن ما قرن اسم المجيد إلى الحميد كما قالت الملائكة لبيت الخليل إبراهيم عليه السلام: «رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد» وكما شرع لنا في آخر الصلاة أن نثني على الرب تعالى بأنه حميد مجيد وشرع في آخر الركعة عند الاعتدال أن نقول ربنا ولك الحمد أهل الثناء والمجد فالحمد والمجد على الإطلاق لله الحميد المجيد المستحق لجميع صفات الكمال العظيم الواسع القادر الغني ذي الجلال والإكرام. ...

[ الأنترنت – موقع الإتحاد -  أحمد محمد (القاهرة) ] [الأنترنت – موقع الأسماء الحسنى ]

وقال تعالى: وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ[البروج: 14، 15].

 من قرأ المجيد بالكسر فهو صفة لعرشه سبحانه وإذا كان عرشه مجيداً فهو سبحانه أحق بالمجد وقد استشكل هذه القراءة بعض الناس وقال لم يسمع في صفات الخلق مجيد ثم خرجها على أحد الوجهين إما على الجوار وإما أن يكون صفة لربك وهذا من قلة بضاعة هذا القائل فإن الله سبحانه وصف عرشه بالكرم وهو نظير المجد ووصفه بالعظمة ؛ فوصفه سبحانه بالمجد مطابق لوصفه بالعظمة والكرم بل هو أحق المخلوقات أن يوصف بذلك لسعته وحسنه وبهاء منظره فإنه أوسع كل شيء في المخلوقات وأجمله وأجمعه لصفات الحسن وبهاء المنظر وعلو القدر والرتبة والذات ولا يقدر قدر عظمته وحسنه وبهاء منظره إلا الله ،ومجده مستفاد من مجد خالقه ومبدعه والسماوات السبع والأرضون السبع في الكرسي الذي بين يديه كحلقة ملقاة في أرض فلاة والكرسي فيه كتلك الحلقة في الفلاة قال ابن عباس السماوات السبع في العرش كسبعة دراهم جعلن في ترس فكيف لا يكون مجيداً وهذا شأنه فهو عظيم كريم مجيد [ الأنترنت – موقع الدرر السنية]

 وقال النابلسي: واسم"المجيد" يجمع معنى الجليل، والوهاب، والكريم والمجد المروءة والكرم، والسخاء والشرف، والفخر والحسب، والعزة ، والرفعة  

والمجد أيضاً الأخذ من الشرف والسؤدد ما يكفي.

"المجيد" سبحانه وتعالى هو الذي علا وارتفع بذاته، له المجد في

 أسمائه، وصفاته، وأفعاله ؛مجد الذات الإلهية بيّن في جمال الله.( إن الله جميل يحب الجمال ) [أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي عن عبد الله بن مسعود ] وسعته، وعلوه، واستوائه على عرشه روى مسلم عن أبي موسى : ( حِجَابُه النُّورُ، لو كَشَفَهُ لأحْرَقتْ سُبُحات وجهه ما انتهى إليه بصرُه من خلقه ) ﴿ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ ( سورة النور الآية: 35 )

هذا جمال الذات، أما كيفية جمال الذات أمر لا يدركه أحد، عين العلم به، عين الجهل به، وكل شيء خطر ببالك فالله بخلاف ذلك، والعجز عن إدراك الإدراك إدراك كيفية جمال الذات لا يعلمه إلا الله، وليس عند المخلوقين منه إلا ما أخبر به عن نفسه، من كمال وصفه، سبحانك لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك، كمال وصفه وجلال ذاته، وكمال فعله، ومن مجد ذاته أنه استوى على العرش، فهو العلي بذاته على خلقه.

الله عز وجل مجّد ذاته باستوائه على العرش:ومع ذلك ﴿ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى ﴾( سورة طه ) وهو القائم عليهم والمحيط بهم، قال تعالى:﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ﴾( سورة طه ) الاستواء معلوم، والكيف مجهول، وقد ثبت أن العرش أعلى المخلوقات، والله جلّ جلاله فوق ذلك محيط بالخلائق والكائنات، ويعلم ما هم عليه.( فإذا سألتُم الله فاسألوه الفِرْدَوس، فإنه أوسطُ الجنة وأعلى الجنة، وفوقَه عرش الرحمن، ومنه تَفَجَّرُ أنهار الجنة )[ البخاري عن أبي هريرة]

ومن جلال الله جلّ جلاله وكمال مجده أنه خصّ الكرسي بالذكر دون العرش في أعظم آية في كتاب الله، فقال: ﴿ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾  للدلالة على عظم العرش

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله،والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:

فهذه الحلقة الحادية عشرة في موضوع  ( المجيد )  وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:(المجيد) الكريم الغني المغني

قال رسول الله عن الله  ( إني والإنس والجن في نبأ عظيم، أخلق ويعبد غيري، وأرزق ويشكر سواي، خيري إلى العباد نازل، وشرهم إلي صاعد، أتحبب إليهم بنعمي وأنا الغني عنهم ، ويتبغضون إلي بالمعاصي وهم أفقر شيء إلي، من أقبل عليّ منهم تلقيته من بعيد، ومن أعرض عني منهم ناديته من قريب، أهل ذكري أهل مودتي، أهل شكري أهل زيادتي ، أهل  معصيتي لا أقنطهم من رحمتي، إن تابوا فأنا حبيبهم، وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم ، أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من الذنوب والمعايب، الحسنة عندي بعشرة أمثالها وأزيد والسيئة بمثلها وأعفو، وأنا أرأف بعبدي من الأم بولدها ))

[ رواه البيهقي والحاكم عن معاذ، والديلمي وابن عساكر عن أبي الدرداء ]

المجيد وصف جامع لكل أنواع العلو التي يتصف بها الله عزوجل

:تحدثنا عن مجد ذاته، وعن مجد أفعاله، والآن عن مجد أوصافه، له علو الشأن، لا ند له، لا مثل له، ولا نظير له، ولا شبيه له، ولا مثيل، فالمجد وصف جامع لكل أنواع العلو التي يتصف بها المعبود

 ومن لوازم الإيمان أن نمجد الله سبحانه وتعالى، ومن لوازم الإيمان أن نذكر الله ذكراً كثيراً، ومن لوازم الإيمان أن نحبه حباً عظيماً، ومن لوازم الإيمان أن نخضع له، بل إن قمة لوازم الإيمان أن نعبده، والعبادة طاعة طوعية، ممزوجة بمحبة قلبية، أساسها معرفة يقينية، تفضي إلى سعادة أبدية. [ الأنترنت – موقع موسوعة النابلسي]                                                      

والمجيد : اسم عظيم ورد في القرآن مرتين في قوله تعالى(رحمت الله وبركاته عليكم أهل البيت أنه حميد مجيد) وقوله(وهو الغفور الودود*ذو العرش المجيد)برفع المجيد وقد قرئ المجيد بالرفع نعتا لله عز وجل وبالجر نعتا للعرش وهومن الأسماء الحسنى الداله على أوصاف عديدة لاعلى معنى مفرد . ومعناه : واسع الصفات عظيمها كثير النعوت كريمها فالمجيد يرجع إلى عظمة أوصافه وكثرتها وسعتها وإلى عظمة ملكه وسلطانه وإلى تفرده بالكمال المطلق الذي لايمكن العباد أن يحيطوا بشيء من ذالك ، والله عز وجل مجد نفسه في كتابه في آيات عديدة بل إن القرآن الكريم كله كتاب تمجيد وتعظيم لله عز وجل

   روى مسلم في صحيحة من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم

يقول الله"قال الله تعالى قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ماسأل فإذا قال العبد الحمد لله رب العالمين قال الله تعالى حمدني عبدي وإذا قال الرحمن الرحيم قال الله تعالى أثنى علي عبدي وإذا قال مالك يوم الدين قال الله تعالى مجدني عبدي" وإذا قعد المصلي للتشهد يثني على الله ويمجده ويختم ذلك بقوله "إنك حميد مجيد"فأول الصلاة حمد وتمجيد وآخرها حمد وتمجيد بل كلها قائمة على الحمد والتمجيد للحميد المجيد سبحانه أهل الثناء والمجد[الأنترنت – موقع عالم حواء ]

  والمجيد : الذي له المجد العظيم ، والمجد هو عظمة الصفات وسعتها، فكل وصف من أوصافه عظيم شأنه : فهو العليم الكامل في علمه ، الرحيم الذي وسعت رحمته كل شيء، القدير الذي لا يعجزه شيء، الحليم الكامل في حلمه ،الحكيم الكامل في حكمته، إلى بقية أسمائه وصفاته التي بلغت غاية المجد فليس في شيء منها قصور أو نقصان وقال تعالى : { رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد } [ الأنترنت – موقع  شرح اسماء الله الحسنى]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

 

بسم الله،والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:

فهذه الحلقة الثانية عشرة في موضوع  ( المجيد )  وستكون بعنوان:*العرش المجيد :

 ولأن الله هو "المجيد" فقد اتخذ لنفسه عرشًا استوى عليه إستواءً يليق بجلاله وعظيم سلطانه ووصفه بالمجيد، فلا يختار لذاته إلا الأفضل والأكمل -سبحانه-، قال تعالى: (ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ) [البروج: 15] [ الأنترنت – موقع ملتقى الخطباء ]

قال الذهبي : خصائص العرش :

  *وسنذكر في هذا المبحث بعض الخصائص التي اختص بها العرش وكرم بها، والتي جعلته يوصف بهذا الوصف في القرآن الكريم ويجعل له تلك المنزلة الرفيعة.

أولاً: الاستواء عليه :

   يعتبر استواء الله سبحانه وتعالى على العرش أعظم

 الخصائص التي اختص بها العرش، بل إن ما سواها من الخصائص الأخرى التي تميز بها العرش إنما جعلت له لأجل استواء الله عز وجل عليه، وذلك أن الله تعالى لما اختصه بهذا الأمر جعل له من الخصائص والصفات كارتفاعه وعظم خلقه وكبره وثقل وزنه؛ لكي يتناسب مع ما ميز وشرف به من الاستواء عليه.

ثانياً: العرش أعلى المخلوقات وأرفعها سقفها.

    إن مما اختص به الخالق سبحانه وتعالى العرش مع استوائه عليه كونه أعلى المخلوقات وأرفعها وأقربها إلى الله تعالى، فقد ثبت أن العرش أعلى من السموات والأرض والجنة وأنه كالسقف عليها، والأدلة على هذا الأمر كثيرة

   قال محمد بن عبد الله بن أبي زمنين في كتابه " أصول السنة ": "ومن قول أهل السنة أن الله عز وجل خلق العرش واختصه بالعلو والارتفاع فوق جميع ما خلق، ثم استوى عليه

 كيف شاء" [أصول السنة (ص88)  ] 

وكذلك ما جاء عن ابن مسعود: "بين السماء السابعة

والكرسي خمسمائة عام، وبين الكرسي إلى الماء خمسمائة عام، والعرش على الماء، والله فوق العرش وهو يعلم ما أنتم عليه"   [ أخرجه الدارمي في الرد على الجهمية (ص26، 27) . واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (3/396) . وأورده ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية (ص100) وقال: (رواه ابو داود بإسناد صحيح).

ثالثاً: العرش أكبر المخلوقات وأعظمها وأثقلها.

ومما يشهد لعظم العرش وسعة خلقه الأحاديث والآثار التي تتحدث عن كبر حجمه وسعته، فقد جاء عن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يا أبا ذر ما السموات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة وفضل العرش

على الكرسي كفضل الفلاة على الحلقة".

والعرش يمتاز مع كبر حجمه وسعته، بكونه أثقل المخلوقات وزنته أثقل الأوزان، فقد جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجويرية: "لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن، سبحان الله

 وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته".

قال ابن تيمية: "فهذا يبين أن زنة العرش أثقل الأوزان

[ الرسالة العرشية (ص8)  ]

رابعاً: العرش ليس داخلا فيما يقبض ويطوى.

لقد خص الله سبحانه وتعالى العرش بخصائص منها ما انفرد بها العرش عن غيره من المخلوقات، ومنها ما اتفق سلف الأمة وأئمتها وسائر أهل السنة والجماعة علىه من أن من المخلوقات ما لا يعدم ولا يفنى كالجنة والنار والعرش[ الفتاوى (18/307)

   فعلى هذا يكون العرش ليس داخلا فيما يقبض ويطوى ويبدل، والأدلة على بقاء العرش كثيرة في الكتاب والسنة، فالله سبحانه وتعالى يقول مخبرا عن بقاء عرشه يوم القيامة: {وَحُمِلَتِ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ وَانشَقَّتِ السَّمَاء فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} [الحاقة 14-17] .

    وكذلك ما جاء في سورة الزمر من إخباره تعالى بقبضه للأرض وطيه للسموات بيمينه وذكر نفخ الصور وصعق من في السموات والأرض إلا ما شاء الله، ثم ذكر النفخة الثانية التي يقومون بها، وأن الأرض تشرق بنور ربها وأن الكتاب يوضع، ويجاء بالنبيين والشهداء، وأنه توفى كل نفس ما عملت، وذكر سوق الكفار إلى النار، وسوق المؤمنين إلى الجنة إلى أن قال تعالى: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ. وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الزمر 74-75] . فالآيات فيها إخبار عن الموقف يوم القيامة وفيها شاهد على أن العرش باق حتى بعد انتهاء الحساب.

 يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأما العرش فلم يكن داخلا فيما خلقه في الأيام الستة ولا يشقه ويفطره، بل الأحاديث المشهورة دلت على ما دل عليه القرآن من بقاء العرش، فقد ثبت في الصحيح أن جنة عدن سقفها عرش الرحمن قال صلى الله عليه وسلم: "إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس فإنه أعلى الجنة وأوسط الجنة وفوقه عرش الرحمن[ نقض التأسيس (1/155) ][ العرش للذهبي ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

بسم الله،والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:

فهذه الحلقة الثالثة عشرة في موضوع  ( المجيد )  وستكون بعنوان: الدعاء بإسم الله (لمجيد )

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى

 آل إبراهيم إنك حميد مجيد، والصلاة على النبي والدعاء،

هنا : طلب زيادة في الشرف والقدر والمكانة والمنزلة فالمقام مقام سعة، فأتى باسم من أسماء الله -تبارك وتعالى- يتناسب مع المطلوب، قال: الحميد المجيد، والحميد أيضا هو من هذا القبيل الأسماء الدالة على معان، الحميد دال على الحمد، والله -عز وجل- يُحمد لكمال أسمائه وكمال صفاته ولنعمه وعطاياه ومننه -سبحانه وتعالى- التي لا تعد ولا تحصى، فأتى هنا باسم يناسب المطلوب قال كما تقول: اغفر لي وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم، لو قال قائل: اغفر لي وارحمني إنك أنت شديد العقاب، حصل تنافر بين المطلوب والوسيلة التي ذكرها.

ولهذا ينبغي على السائل والمتوسل أن يتوسل إلى الله -تبارك وتعالى- من أسمائه وصفاته بما يناسب مطلوبه، المطلوب هنا سعة وزيادة وكثرة، فاختار من الأسماء ما يناسب هذا المطلوب فقال: إنك أنت الحميد المجيد، وهذه قاعدة لطيفة ومهمة في باب الدعاء، وهي أيضا نبه عليها العلماء في الآيات التي في القرآن مختومة بأسماء وصفات لله -سبحانه وتعالى- وممن أطال في تقرير هذه القاعدة وضرب لها أمثلة كثيرة العلامة ابن سعدي -رحمه الله- في كتابه "القواعد الحسان لآي القرآن" ذكر قاعدة عظيمة في هذا الباب، وابن القيم قبل ذلك ذكرها في كتاب "إعلام الموقعين" وذكرها غيرهم من أهل العلم، (وهي أن كل آية ختمت باسم من أسماء الله الحسنى أو أكثر فللاسم الذي ختمت به تعلق بالمعنى المذكور في الآية، وهذا مضطرد في جميع الآيات.

  وذكر الشيخ عبد الرحمن لما قرر هذه القاعدة في كتابه "القواعد الحسان" ذكر أمثلة كثيرة جدا، وحقيقة عندما تقرأ هذه القاعدة وتقرأ أمثلتها تفيدك فائدة عظيمة في تدبر القرآن وفهم أسماء الله وصفاته، وربط هذه الأسماء بما تقتضيه من العبودية والذل والخضوع لله جل وعلا، ومعرفة الأحكام والشرائع ودين الله ففيها فوائد عظيمة وجليلة القدر لا يدركها إلا من عانى هذا الأمر

  [الأنترنت – موقع المكتبة الإلكترونية  شرح فائدة جليلة في قواعد الأسماء الحسنى]

*من أراد المجد والعز والرفعة فليطلبها من المجيد العظيم

 إن المجد والرفعة والعظمة لا تتأتى إلا باتباع الشرع المطهر والقرآن المجيد العظيم، فمن عظّم اللهَ وقرآنه وشرعَه ودينَه واتبع رسولَه، أعزه الله ورفعَه، وأعلى شأنه؛ لأن الله -سبحانه- هو المجيد،فكل من يبحث عن مجد شخصي أورفعة بلده،أوعز قومه ، فليسأل ذلك ربَّه المجيد، فهو رب العالمين سبحانه، المتصف بكل صفات الكمال والجلال والجمال والعظمة، وكل من عرف نفسه بالضعف والفقر والحاجة، فإنه يشهد للمجيد -سبحانه- شهادة عملية على غناه ومجده وعزه سبحانه وتعالى .

واعلموا أن الله - سبحانه- هو المجيد العظيم في مجده، العليم الكامل في علمه، الرّحيم الذي وسعت رحمته كل شيء، القدير الذي لا يعجزه شيء، الكامل في حلمه، الكامل في حكمته، بلغت أسماؤه وصفاته غاية المجد، فليس في شيء منها قصور أو نقصان.

    سبحان الله الحميد المجيد هو الكامل في ذاته، وأسمائه، وصفاته، وأفعاله، فله من الأسماء أحسنها، ومن الصفات أكملها، ومن الأفعال أتمها وأحسنها، تبارك ربنا المجيد الكبير العظيم الجليل، الموصوف بصفات المجد، والكبرياء، والعظمة، والجلال، الذي هو أكبر من كل شيء، وأعظم من كل شيء، وأجل وأعلى، له التعظيم والإجلال والتمجيد من أوليائه وأصفيائه، فقد مُلئت قلوبهم من تعظيمه، وإجلاله، والخضوع له، والتذلل لكبريائه ،

   إنه قد تعالى مجد ربنا وعظم ملكه وسلطانه، وتفرد بالكمال التام والجلال والجمال المطلقين، فلا يمكن للعباد أن يحيطوا بشيء من ذلك، فهو أكبر من كل شيء, وأعظم وأجل وأعلى من كل شي، لا مجد إلا مجده، ولا عظمة ولا جلال ولا جمال ولا كبرياء إلا جلاله وجماله وكبريائه، وأسماؤه كلها مجد، وصفاته وأفعاله وأقواله مجد.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

بسم الله،والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:

فهذه الحلقة الرابعة عشرة في موضوع  ( المجيد )  وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: الدعاء بإسم الله (لمجيد )

   لقد أثنى الله -تبارك وتعالى- على ذاته العلية، فوصف نفسه بأنه المجيد، قال تعالى: (ذُو العَرْشِ المَجِيدُ) [البروج:15]. وقال جل وعلا: (رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) [هود: 73]، ووصف الله -سبحانه- كتابَه بالمجيد؛ قال عز وجل: (ق* وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ) [ق: 1- ، ومن مجد القرآن وشرفه أن الله حفظه وصانه من كيد الحاقدين، وتحريف المبطلين، ومن مجده أنه الذكر الحسن لأهله، قال تعالى: (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ) [الزخرف: 44].

وكون القرآن مجيدًا يُفهم منه أن مُنَزِّلَه متصفٌ بالمجد؛ لأنه صفة من صفاته، فلزم أن يكون المتكلم به ذو مجد من باب أولى, والقرآن مجيد لكثرة فوائده، ولكثرة ما تضمنه من العلوم والمكارم والمقاصد العليا. كما أن من مجدِ القرآن وشرفه أنه لا يمكن للجن والإنس أن يأتوا بمثله، بل بسورة أو بآية منه، قال تعالى: (قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا) وفعلاً لم يقدروا على الإتيان بمثله، أو محاكاته، أو اختراقه، بل وقفوا أمام عظمته حائرين, وأمام مجده مبهورين, وأمام حسنه وجماله عاجزين، فسبحان من هذا كلامه.

    إن الله المجيد -سبحانه- يرفع بالقرآن المجيد أهله الذين عملوا به، واتخذوه منهجًا، وفي المقابل يكتب الذلة والصغار على من تركه وهجره، قال عُمَر رضي الله عنه: أَمَا إِنَّ نَبِيَّكُمْ -صلى الله عليه وسلم- قَدْ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ" (مسلم 1934) ، وهكذا السؤدد والمجد والرفعة تلازم حامل القرآن في الدنيا، والتي منها أحقيته بإمامة المسلمين، وفي القبر بأوليته في اللحد،

وفي الآخرة حين يقال لصاحب القرآن: "اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلك عند آخر آية تقرؤها" (أبو داود 1464 وصححه الألباني)، ولهذا كله وصف ربنا القرآن بأنه مجيد.

ولأن الله هو "المجيد" فقد اتخذ لنفسه عرشًا استوى عليه ووصفه بالمجيد، فلا يختار لذاته إلا الأفضل والأكمل -سبحانه-، قال تعالى: (ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ) [البروج: 15].

وقد أثنى نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- على ربه، وهو أعرف الخلق به، فوصفه بأنه المجيد، فعن كَعْب بْن عُجْرَةَ -رضي الله عنه-، قَالَ: سَأَلْنَا رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَقُلْنَا: "يَا رَسُولَ اللهِ: كَيْفَ الصَّلَاةُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ، فَإِنَّ اللهَ قَدْ عَلَّمَنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ؟ قَالَ: "قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ". (البخاري 3370).

ومما يدل على أهميّة التعبد بتمجيد الله -تعالى- أن الملائكة يبلغون ربهم -وهو أعلم- بتمجيد العباد له, وذلك حين ترفع أعمال العباد إليه؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً يَطُوفُونَ فِي الطُّرُقِ؛ يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ، فَإِذَا وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَنَادَوْا هَلُمُّوا إِلَى حَاجَتِكُمْ، قَالَ: فَيَحُفُّونَهُمْ بِأَجْنِحَتِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا. قَالَ: فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ مِنْهُمْ: مَا يَقُولُ عِبَادِي؟ قَالُوا: يَقُولُونَ: يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ، وَيَحْمَدُونَكَ وَيُمَجِّدُونَكَ, قَالَ فَيَقُولُ: هَلْ رَأَوْنِي؟ قَالَ فَيَقُولُونَ: لَا وَاللَّهِ مَا رَأَوْكَ, قَالَ: فَيَقُولُ: وَكَيْفَ لَوْ رَأَوْنِي؟ قَالَ يَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْكَ كَانُوا أَشَدَّ لَكَ عِبَادَةً, وَأَشَدَّ لَكَ تَمْجِيدًا وَتَحْمِيدًا، وَأَكْثَرَ لَكَ تَسْبِيحًا.. الحديث، وفي آخره: قَالَ فَيَقُولُ: "فَأُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ" (البخاري 6408).

فهؤلاء الذاكرون يقولون: سبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، فالتمجيد هو قول لا إله إلاّ الله؛ لما فيه من تعظيم الله تعالى، بتوحيد الألوهية.

   فللمجيد -سبحانه- معاني الشرف، والفخر، والحسب، والعزة، والرفعة والمروءة، والكرم، والسخاء، له الشرف الكامل، والملك الواسع الذي لا غاية له، ولا مزيد وراءه؛ لأنه تام ظاهر، ولا تطرأ عليه الحوادث ولا تبدّله -سبحانه وتعالى-

 ولذلك كله امتلأت قلوب المؤمنين به بتعظيمه وإجلاله، والخضوع له والتذلل لكبريائه، فقد تمجّد بفعاله، ومجّده خلقه لعظمته وجلاله وكبريائه؛ إذ هو -سبحانه- الشريف في ذاته، الجميل في أفعاله، الجزيل عطاؤه، البالغ في الكرم، الكبير العظيم، ذو المجد والكبرياء، والعظمة والجلال، أعظم من كل شيء، وأكبر من كل شيء، له المجد كله؛ لكثرة أسمائه وصفاته، وسعتها وعظمتها، وكمال أفعاله، وكثرة خيره ودوامه. ولذلك تألهه القلوب وتحبه؛ لأنه -سبحانه- علا وارتفع بذاته، له المجد في أسمائه وصفاته وأفعاله، فمجد الذات الإلهية بيِّنٌ في جمال الله وسعته، وعلوه واستوائه على عرشه.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

بسم الله،والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:

فهذه الحلقة الخامسة عشرة في موضوع  ( المجيد )  وستكون بعنوان : تعظيم إسم الله (لمجيد )والإيمان به

   والمجيد -سبحانه- هو الواسع الكريم الذي لا يمكن إحصاء نعمه وفضله، ملأ الكون نعمًا وكرمًا من فيض خيره، وجميل بركته، وجعل شأن كل كائن متناسبًا في رتبة وجوده ومحله ومكانه، وكل شيء في الكون هو محض فضله وكرمه، فهو -سبحانه- كثير الخير، واسع العطاء للعالمين، يعامل العباد بالجود والكرم، وهو الكريم الذي كثر عطاؤه واتسع، وعمَّ فضله الجميع، شمل فضله وإحسانه المؤمنَ والكافرَ، والبرَّ والفاجر، والإنسان والحيوان: (كُلاً نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا) [الإسراء: 20].  فهو المجيد -سبحانه- لكثرة إحسانه وأفضاله.

 عظّموا الله في نفوسكم، وأجلّوه في قلوبكم، وأحبوه وأطيعوه، واعلموا أن الله -سبحانه- تفرد بكل كمال وجلال وعظمة، وإن من خصائص النفس البشرية التي جُبلت عليها: عشقها دائمًا للكمال والجمال والعطاء، وأنها فُطرت على حبّ ذلك، وحينما يؤمن الإنسان بالله إيمانًا صحيحًا يجد أن أصل الكمال والجمال والعطاء من عند الله، لذلك فإن للذات الإلهية الكمال المطلق، والنفس الإنسانية لن تخضع إلا للكمال والإحسان والجمال، فالله هو الذي خلق النفس، ويعلم طبيعتها، وما فطرها عليه من الإعجاب بالكمال والجمال، لذلك هناك توافق بين خصائص النفس، وبين كمالات الله -جل جلاله-.

    وإن إلإيمان باسم الله المجيد يدفع المؤمن إلى الإقبال عليه، والتوكل عليه، وأن يسارع ليصل إليه، وأن يسعد بقربه، فهناك توافق عجيب بين خصائص النفس التي لا يملؤها إلا معرفة الله عز وجل، فأي هدفٍ أرضيٍّ محدودٍ أقبلت عليه، واتجهت إليه بعد أن تصل إلى مبتغاها منه، تشعر بالسأم، والملل، والضجر، هذا شأن النفس البشرية.

      ومن الآثار الإيمانية التي تعود على من آمن باسم الله المجيد أن يعامل المسلم كل من حوله بالصفح والعفو، وسلاسة الطباع، وأن يكون سامي الأخلاق، متغافلاً عن زلات الآخرين، يقيل عثراتهم، مترفعًا عن سفاسف الأمور، كريمًا في جميع الأحوال مع ملازمة الأدب، وبهذا سيكتسب المجد الخالد والذكر الحسن.

    وعلى المسلم أن يكون مجيد الذات، برفع الهمة لطلب رضا الله، فلا يبتغي سواه، ولا يرضى بدونه، وأن يكون مجيد الصفات بحسن أخلاقه، ومجيد الأفعال بالتزام الآداب والفضائل، ولهذا قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ مَكَارِمَ الأَخْلاقِ، وَيَكْرَهُ سَفْسَافَهَا" (البيهقي في السنن 10/191 وصححه الألباني]،  وأرشد من طلب الجنّة أن يطلب أعلاها، ولا يقنع بأقل درجة فيها: "إِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ الْجَنَّة، فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ" (البخاري 2581).

 ينبغي للمسلم أن يكون في سلوكه وحياته متعاليًا عن النقائص ، مترفعًا عن العيوب، سريع التوبة من الذنوب، يطلب الرفعة والمجد ؛ تتطلع نفسه للرفيق الأعلى مع الأبرار في عليين: (كَلا إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ) [المطففين: 18]، في جنات النعيم خالدين: (لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ) [آل عمران: 198]، وقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً *

خَالِدِينَ فِيهَا لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً) [الكهف: 108].

    ومن تمام الإيمان بأسماء الله وصفاته دعاء الله بها, فينبغي أن يسأل العبد ربه باسمه تعالى المجيد في دعائه، كما في حديث تعليمه -صلى الله عليه وسلم- لمن سأله عن كيفية الصلاة عليه -صلى الله عليه وسلم-، قال: "قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ" (البخاري 3370).

     إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

بسم الله،والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:

فهذه الحلقة الخامسة عشرة في موضوع  ( المجيد )  وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

    تعظيم إسم الله (لمجيد )والإيمان به

إن هناك كثيرًا من العبادات والأعمال الصالحة التي تغمر النفس وتملأها إيمانًا بالله المجيد -سبحانه-، ومن ذلك: أن التعظيم والإجلال لا ينبغي للمؤمن أن يُتوجه بهما إلا إلى الله وحده، وعليه أن يترك الاغترار والعجب. وأن يعظّم المؤمن ما عظّمه العظيم، ويمجّد ما مجّده المجيد -سبحانه-، حتى يكون هوى العبد ومراده تابعًا لرضا ربه -سبحانه وتعالى-.

     إن القرآن الكريم مليء بتمجيد الله وتعظيمه، وقد سمى الله تعالى كتابه العظيم بالمجيد في آيتين من كتابه، في قوله تعالى: ( ق* وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ) [ق:1-2]، وقوله: (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ) [البروج: 22]، وهو كلام الله تعالى البالغ النهاية في الشرف والرفعة، غزير المعاني عظيمها، كثير الخير والعلم، ولمّا يحصل الإيمان بهذا يعظّم المؤمن كلام ربه، ويعمل به، ولا يقصر في تنفيذ أمره، ولا يتردد في تصديق خبره؛ لأن الله تعالى قال في شأنه: (وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) [فصلت: 42].

    ومن أعظم ما يعظّم به العبد ربه ويمجده: تلاوة كتاب ربه آناء الليل وأطراف النهار، فلا أحد يستطيع أن يُحصي الثناء على ربه ولا يمجده كما أثنى الله على نفسه، فقد كان -صلى الله عليه وسلم- يناجي ربه وهو ساجد في ظلام الليل، ويقول: "اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لاَ أُحْصِى ثَنَاءً عَلَيْكَ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ (مسلم 1118).

    إن الصلاة كلها تمجيد لله، في أفعالها وألفاظها، فهي مبنية على الثناء والتعظيم، وقائمة على التمجيد للحميد المجيد -سبحانه-، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قَسَمْتُ الصَّلاَةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ). قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: حَمِدَنِي عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ). قَالَ مَجَّدَنِي عَبْدِي.." (مسلم 904).

    وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قَالَ: كَانَ -عليه الصلاة والسلام- إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَالَ: "اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَوَاتِ وَمِلْءَ الأَرْضِ، وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ، أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ، لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلاَ مُعْطِىَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدّ" (أبو داود (847) وصححه الألباني)، فأول الصلاة حمد وتمجيد، وآخرها حمد وتمجيد، كما في حديث المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- قال: إِنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ إِذَا سَلَّمَ: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ" (البخاري 6330).

    لقد مجّد المجيد نفسه في آيات كثيرة من القرآن، وأعظم الآيات احتواء على ذلك: آية الكرسي، وكذلك سورة الفاتحة والإخلاص وغيرهن؛ إذ إنه لا أحد يقدر أن يوفي الله حقه، ولا أن يثني عليه حق ثنائه، ولا يحصيه مدحًا وتمجيدًا سواه سبحانه ؛ لأننا لم نُحِطْ به حتى نقدره قدره، فهو كما أثنى على نفسه في كتابه الكريم، حتى أعرف العباد بربه وأخشاهم وأكملهم ثناءً وتمجيدًا وأكثرهم تحميدًا محمد -عليه الصلاة والسلام-، فبرغم ثنائه ومدحه إلا أنه لا يمكنه أن يُحصي ثناء عليه. فعَنْ عَائِشَة -رضي الله عنها- قَالَتْ: فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَيْلَةً مِنَ الْفِرَاشِ، فَالْتَمَسْتُهُ فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى بَطْنِ قَدَمَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ، وَهُوَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لاَ أُحْصِى ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ" (مسلم 1118). [الانترنت – موقع ملتقى الخطباء - بتصرف قليل]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

بسم الله،والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:

فهذه الحلقة السادسة عشرة في موضوع  ( المجيد )  وستكون بعنوان :

*رَحْمَتُ ٱللَّهِ وَبَرَكَٰتُهُۥ عَلَيْكُمْ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ ۚ إِنَّهُۥ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ

    قالت الرسل لها: أتعجبين من أمر الله وقضائه؟ رحمة الله وبركاته عليكم معشر أهل بيت النبوة. إنه سبحانه وتعالى حميد الصفات والأفعال، ذو مَجْد وعظمة فيها.

   قال السعدى : { قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ } فإن أمره لا

عجب فيه، لنفوذ مشيئته التامة في كل شيء، فلا يستغرب على قدرته شيء، وخصوصا فيما يدبره ويمضيه، لأهل هذا البيت المبارك.

{ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ } أي: لا تزال رحمته وإحسانه وبركاته، وهي: الزيادة من خيره وإحسانه، وحلول الخير الإلهي على العبد { عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ } أي: حميد الصفات، لأن صفاته صفات كمال، حميد الأفعال لأن أفعاله إحسان، وجود، وبر، وحكمة، وعدل، وقسط.

مجيد، والمجد: هو عظمة الصفات وسعتها، فله صفات الكمال، وله من كل صفة كمال أكملها وأتمها وأعمها.  [التفسير الميسر ]

   قال صاحب الكشاف : وإنما أنكرت عليها الملائكة تعجبها ، لأنها كانت فى بيت الآيات ، ومهبط المعجزات ، والأمور الخارقة للعادات ، فكان عليها أن تتوقر ، ولا يزدهيها ما يزدهى سائر النساء الناشئات فى غير بيت النبوة وأن تسبح الله وتمجده ، مكان التعجب ، وإلى ذلك أشارت الملائكة فى قولهم ( رَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ البيت ) .

أرادوا أن هذه وأمثالها مما يكرمهم به رب العزة ، ويخصكم بالإِنعام به يا أهل بيت النبوة ، فليس بمكان عجب ، والكلام مستأنف علل به إنكارا التعجب . كأنه قيل : " إياك والتعجب ، فإن أمثال هذه الرحمة والبركة متكاثرة من الله عليكم " .

وقوله - سبحانه - ( إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ ) تذييل بديع قصد به وجوب مداومتها على حمد الله وتمجيده على أن وهبها الولد بعد أن بلغت سن اليأس من الحمل .

   أى إنه - سبحانه - ( حَمِيدٌ ) أى : مستحق للحمد لكثرة نعمه على عباده ( مَّجِيدٌ ) أى : كريم واسع الإِحسان ، فليس بعيداً منه أن يعطى الولد للآباء بعد الكبر .

قال صاحب المنار ما ملخصه :

والمجد فى البيوت والأنساب ما يعده الرجل من سعة كرم آبائه

 وكثرة نوالهم . ووصف الله كتابه بالمجيد ، كما وصف نفسه بذلك ، لسعة هداية كتابه ، وسعة كرمه وفضله على عباده . .

    وقال ابن كثير : ( قالوا أتعجبين من أمر الله ) أي : قالت الملائكة لها ، لا تعجبي من أمر الله ، فإنه إذا أراد شيئا أن يقول له : " كن " فيكون ، فلا تعجبي من هذا ، وإن كنت عجوزا  كبيرة  عقيما ، وبعلك وهو زوجها الخليل عليه السلام ، وإن كان شيخا كبيرا ، فإن الله على ما يشاء قدير .

( رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد ) أي : هو الحميد في جميع أفعاله وأقواله محمود ، ممجد في صفاته وذاته; ولهذا ثبت في الصحيحين أنهم قالوا : قد علمنا السلام عليك ، فكيف الصلاة عليك يا رسول الله ؟ قال : قولوا : " اللهم صل على محمد ، وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم ، وبارك على محمد وعلى آل محمد ، كما باركت على  إبراهيم و  آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد " .

     وقال الطبرى : (قالوا أتعجبين من أمر الله) ، يقول الله تعالى ذكره: قالت الرسل لها: أتعجبين من أمرٍ أمر الله به أن يكون ، وقضاء قضاه الله فيك وفي بعلك.

، وقوله: (رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت)، يقول: رحمة الله وسعادته لكم أهل بيت إبراهيم  ، وجعلت الألف واللام خلفًا من الإضافة ، وقوله: (إنه حَميدٌ مجيد)، يقول: إن الله محمود في تفضله عليكم بما تفضل به من النعم عليكم وعلى سائر خلقه  ، (مجيد) ، يقول: ذو مجد ومَدْح وَثَناء كريم.

يقال في " فعل " منه: " مجد الرجل يمجد مجادة " إذا صار كذلك، وإذا أردت أنك مدحته قلت: " مجّدته تمجيدًا ".

    وقال ابن عاشور :

وجملة { إنّه حميد مجيد } تعليل لتوجه رحمته وبركاته إليهم بأنّ الله يحمد من يطيعه ، وبأنّه مَجِيدٌ ، أي عظيم الشأن لاَ حَدّ لِنِعَمِه فلا يعظم عليه أن يعطيها ولداً ، وفي اختيار وصف الحميد من بين الأسماء الحسنى كناية عن رضى الله تعالى على إبراهيم عليه السّلام وأهله .

[الأنترنت – موقع الآيات : رَحْمَتُ ٱللَّهِ وَبَرَكَٰتُهُۥ عَلَيْكُمْ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ ۚ إِنَّهُۥ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

بسم الله،والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:

فهذه الحلقة السابعة عشرة في موضوع  ( المجيد )  وستكون بعنوان :*القرآن المجيد

   قال تعالى { ق والقرآن المجيد ، بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا شيء عجيب أئذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد }

  قسم بالقرآن ، والقسم به كناية عن التنويه بشأنه لأن القسم لا يكون إلا بعظيم عند المقسم فكان التعظيم من لوازم القسم .

وأتبع هذا التنويه الكنائي بتنويه صريح بوصف القرآن بـ " المجيد " فالمجيد المتصف بقوة المجد .

 والمجد: الشرف الكامل وكرم النوع  ، وشرف القرآن من بين أنواع الكلام أنه مشتمل على أعلى المعاني النافعة لصلاح الناس فذلك مجده .

    وأما كمال مجده الذي دلت عليه صيغة المبالغة بوصف " مجيد " فذلك بأنه يفوق أفضل ما أبلغه الله للناس من أنواع الكلام الدال على مراد الله تعالى إذ أوجد ألفاظه وتراكيبه وصورة نظمه بقدرته دون واسطة ، فإن أكثر الكلام الدال على مراد الله تعالى أوجده الرسل والأنبياء المتكلمون به يعبرون بكلامهم عما يلقى إليهم من الوحي .

    ويدخل في كمال مجده أنه يفوق كل كلام تكلم به الله تعالى بقدرته على سبيل خرق العادة مثل الكلام الذي كلم الله به موسى عليه السلام بدون واسطة الملائكة ، ومثل ما أوحي به إلى محمد صلى الله عليه وسلم من أقوال الله تعالى المعبر عنه في اصطلاح علمائنا بالحديث القدسي ، فإن القرآن يفوق ذلك كله لما جعله الله بأفصح اللغات وجعله معجزا لبلغاء أهل تلك اللغة عن الإتيان بمثل أقصر سورة منه .

  ويفوق كل كلام من ذلك القبيل بوفرة معانيه وعدم انحصارها ، وأيضا بأنه تميز على سائر الكتب الدينية بأنه لا ينسخه كتاب يجيء بعده وما ينسخ منه إلا شيء قليل ينسخه ببعضه .

[الأنترنت – موقع - تفسير القرآن - التحرير والتنوير - محمد الطاهر ابن عاشور]

 وأشرف أحوال العبد وأرفع مقاماته أن يكون مُثنياً على ربِّه معظِّما لجنابه ممجِّداً له، ومن أعظم ذلك تلاوة كلامه المجيد، وقد وصفه تبارك وتعالى بذلك في موضعين من القرآن، قال تعالى: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ (21) فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ} [البروج ]وقال تعالى: {ق ۚ وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ}[ق: 1].

فالقرآن مجيد أي: عليٌّ قدرُه، رفيعٌ شأنُه، عظيمةٌ مكانتُه، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد.

[ الأنترنت – موقع سلسلة من نحب - الله تعالى –]

 وصف الله عز وجل كتابه ب (المجيد)، وذلك كما مر بنا في الآيتين في سورة البروج وسورة ق. فالقرآن مجيد أي: شريف كريم عظيم واسع الخير والفضل والكرم، وذلك لما تضمنه من العلوم والمكارم والمقاصد العليا والمصالح الدنيوية والأخروية ولا غرابة في ذلك فإنه كلام الله عز وجل المجيد الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، ومن عظمة هذا القرآن ومجده: (أن الله يرفع به أقوامًا، ويخفض به آخرين. يرفع به من عمل به واتخذه دينًا ومنهجًا، ويخفض به ويذل من تركه وراءه ظهريًا؛ ففي صحيح مسلم عن عامر بن واثلة أن نافع ابن عبدالحارث لقي عمر بعسفان، وكان عمر يستعمله على مكة، فقال: من استعملت على أهل الوادي؟ فقال: ابن أبزى، قال: ومن ابن أبزى؟ قال: مولى من موالينا، قال: فاستخلفت عليهم مولى؟! قال: إنه قارئٌ لكتاب الله عز وجل وإنه عالمٌ بالفرائض، قال عمر: أما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قد قال: (إن الله يرفعُ بهذا الكتاب أقوامًا ويضعُ به آخرين). فقد رفع الله تعالى هذا المولى لحفظه لكتابه، وعلمه به مع انحطاط نسبه وشرفه على غيره من أهل مكة أهل الشرف والنسب. وهذا المجد والرفعة في الدرجات في الآخرة، فإنما هي لمن أخذ بهذا الكتاب، وعمل به، والذّل والمهانة والدركات لمن تركه وأعرض عنه.  [ الأنترنت – موقع جزايرس ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

بسم الله،والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:

فهذه الحلقة الثامنة عشرة في موضوع  ( المجيد )  وستكون بعنوان :* تمجيد لله قبل الدعاء

   ومما يمجَّد به الربُّ سبحانه حسنُ الثناء عليه تحميداً وتكبيراً

 وتسبيحاً وتهليلاً، ومَن لازَمَ ذلك سَعِد سعادةً لا شقاء معها،

وفاز بخيري الدُّنيا والآخرة.

روى البخاري في "صحيحه" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: "إنَّ لله ملائكةً يطوفون في الطرق يلتمسون أهلَ الذِّكر، فإذا وجدوا قوما يذكرون الله تنادوا: هلمُّوا إلى حاجتكم، قال: فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدّنيا، قال: فيسألهم ربُّهم عزّ وجل - وهو أعلم منهم -: ما يقول عبادي؟ قال: تقول: يسبحونك، ويكبرونك، ويحمدونك، ويمجّدونك، قال: فيقول: هل رأوني؟ فيقولون: لا والله ما رأوك، قال: فيقول: كيف لو رأوني؟ قال: يقولون: لو رأوك كانوا أشدَّ لك عبادة وأشدَّ لك تمجيداً، وأكثرَ لك تسبيحاً، قال: يقول: فما يسألوني؟ قال: يسألونك الجنّة، قال: يقول: وهل رأوها؟ قال: يقولون: لا والله يا ربّ ما رأوها، قال: فيقول: فكيف لو أنهم رأوها؟ قال: يقولون: لو أنهم رأوها كانوا أشدَّ عليها حرصاً، وأشدّ لها طلباً، وأعظمَ فيها رغبة، قال: فمم يتعوَّذون؟ قال: يقولون: من النار، قال: يقول: وهل رأوها؟ قال: فيقولون: لا والله يا ربّ ما رأوها، قال: يقول: فكيف لو رأوها؟ قال: يقولون: لو رأوها كانوا أشدّ منها فراراً، وأشدّ منها مخافة، قال: فيقول: فأشهدكم أني قد غفرت لهم، قال: يقول ملك من الملائكة: فيهم فلان ليس منهم إنما جاء لحاجة، قال: هم الجلساء لا يشقى جليسُهم"، وإذا كان جليسُهم لا يشقى فكيف الشّأن بهم، نسأل الله الكريم من فضله.

[الأنترنت – موقع سلسلة من نحب - الله تعالى –]

  والمقصود بتمجيد الله والثناء عليه قبل الدعاء : هو البداءة بحمد الله تعالى وشكره ، وذكر بعض أسمائه الحسنى وصفاته العلى ، والاعتراف بين يديه سبحانه وتعالى بالذل والفقر إليه، لتكون هذه الكلمات تمهيدا لسؤاله عز وجل ، فهو سبحانه يحب من عبده التذلل إليه ، والاعتراف بعظيم نعمه وجليل فضله ، فإذا قدم العبد صدق التذلل ، ثم أتبعه بصدق الدعاء والمسألة ، كان ذلك أدعى لإجابة الدعاء .

عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال :( سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يَدْعُو فِي صَلَاتِهِ لَمْ يُمَجِّدْ اللَّهَ تَعَالَى ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : عَجِلَ هَذَا . ثُمَّ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ : إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَمْجِيدِ رَبِّهِ جَلَّ وَعَزَّ ، وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ يَدْعُو بَعْدُ بِمَا شَاءَ ) رواه أبو داود (1481) ، والترمذي (3477) وقال : حسن صحيح .

   " إنَّ من ضوابط الدعاء المهمة وآدابه العظيمة أن يقدِّم المسلم بين يدي دعائه الثناءَ على ربِّه بما هو أهلُه من نعوت الجلال ، وصفات العظمة والكمال ، وذكر جوده وفضله وكرَمه وعظيم إنعامه ، وذلك أنَّه أبلغُ ما يكون في حال السائل والطالب ثناؤُه على ربِّه ، وحمدُه له ، وتمجيدُه ، وذكرُ نعمه وآلائه ، وجعل ذلك كلِّه بين يدي مسألته وسيلةً للقبول ومفتاحاً للإجابة.

ومَن يتأمّل الأدعيةَ الواردة في الكتاب والسنة يجد كثيراً منها مبدوءاً بالثناء على الله وعدِّ نِعمه وآلائه ، والاعتراف بفضله وجوده وعطائه ، ومن الأمثلة على ذلك الدعاءُ العظيم الذي اشتملت عليه سورة الفاتحة التي هي أعظم سور القرآن الكريم وأجلُّها ( اهدنا الصراط المستقيم )

  فهذا الدعاءُ العظيم مبدوءٌ بالثناء على الله وحمده وتمجيده ، مما هو سببٌ لقبوله ، ومفتاحٌ لإجابته

قال ابن القيم رحمه الله : ولما كان سؤال الله الهدايةَ إلى الصراط المستقيم أجلَّ المطالب ، ونيلُه أشرفَ المواهب ، علّم الله عبادَه كيفيةَ سؤاله ، وأمرهم أن يقدِّموا بين يديه حمدَه والثناء عليه وتمجيدَه ، ثمَّ ذكر عبوديتهم وتوحيدهم ، فهاتان وسيلتان إلى مطلوبهم ، توسلٌ إليه بأسمائه وصفاته ، وتوسلٌ إليه بعبوديته ، وهاتان الوسيلتان لا يكاد يُردُّ معهما الدعاء ...

 إلى أن قال رحمه الله : وقد جَمعت الفاتحة الوسيلتين ، وهما

التوسلُ بالحمد والثناء عليه وتمجيده ، والتوسلُ إليه بعبوديته وتوحيده ، ثمَّ جاء سؤال أهم المطالب وأنجح الرغائب ، وهو الهداية بعد الوسيلتين ، فالداعي به حقيقٌ بالإجابة .

[قاله الدكتور عبد الرزاق البدر ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

بسم الله،والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:

فهذه الحلقة التاسعة عشرة في موضوع  ( المجيد )  وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :* تمجيد لله قبل الدعاء

 ومن الأمثلة على ذلك دعاء يوسف عليه السلام : ( رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ المُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيث فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ) ، ودعاء أيوب عليه السلام ، قال تعالى :        ( وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ، فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلعَابِدِينَ ) ، ودعاءُ أولي الألباب الذين يذكرون الله قياما وقعوداً وعلى جنوبهم ، ويتفكرون في خلق السموات والأرض ( رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) ، ودعاءُ الملائكة : ( رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهْمْ عَذَابَ الجَحِيمِ ) ، والأمثلة على ذلك كثيرةٌ جداًّ ، يطول عدُّها ، فينبغي على المسلم أن يحافظ على هذا الأدب الرفيع عند سؤاله له سبحانه بأن يُثْنِيَ عليه ويَحمده ويمجّده ، ويعترف بفضله وإنعامه ، ثمَّ يسأله بعد ذلك ما يشاء من خَيْرَي الدنيا والآخرة " انتهى." [فقه الأدعية والأذكار " (2/203-207) [الأنترنت – موقع الإسلام سؤال وجواب]

والسؤال : كيف استطيع إن امدح الله سبحانه وتعالي ؟

    الجواب : لا شك أن مدح الله والثناء عليه من أجل العبادات التي يتقرب بها العبد لمولاه. ولا أحد أحب للمدح من الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ولا شخص أحب إليه المدحة من الله من أجل ذلك وعد الله الجنة). متفق عليه .وفي رواية : (ولا أحد أحب إليه المدحة من الله ، فلذلك مدح نفسه). والمعنى أن الله من أجل محبته للحمد والثناء أثنى على نفسه ورغب عباده بالثناء عليه ووعدهم بالجنة النعمة العظمى ليحمدوه على ذلك ويجدوا في حمده وطاعته. والله وحده هو المستحق للمدح لما له من صفات الجمال والجلال وحسن الأفعال والتفرد بالخلق والرزق والإنعام والتدبير.

وقد كان رسول الله صلى الله كثير الثناء والمدح لله في سائر أحواله العامة والخاصة لعظم عبوديته لله وشدة خشيته له وتعلقه بربه. كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يتهجد قال : (اللهم لك الحمد ؛ أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت قـيّـم السماوات والأرض ومن فيهن). متفق عليه. وكان يفتتح خطبه ومواعظه بالحمد. وكان صلى الله عليه وسلم إذا آوى إلى فراشه قال : (الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا فكم ممن لا كافي له ولا مؤوي). رواه مسلم .

فأعظم المدح وأجمله ما كان لله سبحانه لأنه مدح خالص لا مطمع فيه لشيء من الدنيا ولأنه حق لا باطل فيه ولا غلو ولأنه يتخذ زلفى لرضوان الله ودار كرامته. وكلما عظم يقين العبد ومعرفته بالله وتعظيمه له ومعرفته بحقوقه وشعوره بالتفريط والتقصير بشكره عظم مدحه لله وكثر ثناؤه وهو من توفيق الله ومنته على من يشاء من عباده. فنسأله تبارك وتعالى العطاء والمن والفتح علينا في هذا الباب العظيم الذي يخفى على كثير من الخلق.

وحقيقة المدح الثناء على الله بذكر الصفات الجميلة والأفعال الحسنة. ومدح الله يكون بالثناء عليه بذكر أسمائه الحسنى وصفاته العلى والتمعن في معانيها التامة فكل اسم وصفة ثبت في الكتاب والسنة شرع للمسلم شرع مدحه بها والعمل بمقتضاها ويكون أيضا بذكر أفعاله الحسنة وعاداته الطيبة وجوده وكرمه على عباده ولطفه وصبره وحلمه على كفرهم وأذاهم وعدله مع أعدائه وفضله على أوليائه. ويكون أيضا بالاشتغال بذكر الحمد والتسبيح والتمجيد والتهليل والمداومة على ذلك عند تجدد النعم ونزول النقم. وقد ورد في السنة الصحيحة فضل الحمد والثناء وعظمه ثوابه.

ولا يستطيع أحد من الخلق مهما كمل إيمانه وعظمت معرفته بالله وخشيته به أن يحصي ويحيط بالثناء على الله ويستوفي محامده لأن الله جل جلاله كملت أوصافه لا يحيط الوصف والعلم بأفضاله وأفعاله وآلائه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في سجوده: (لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك). رواه مسلم. قال الإمام مالك أنه قال: (وإن اجتهدت في الثناء عليك فلن أحصي نعمك ومننك وإحسانك).

وقد يفتح الله على من شاء من عباده في بعض الأحوال

ويخصهم دون غيرهم كما يفتح الله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة دون سائر رسله فيحمده بمحامد لم يحمده عليها الأولون والآخرون كما ثبت في الصحيحين أنه قال عليه الصلاة والسلام : (فأقوم بين يديه فأحمده بمحامد لا أقدر عليه الآن يلهمنيه الله ثم أخر له ساجدا فيقال لي : يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع لك وسل تعطه واشفع تشفع). وهذا هو المقام المحمود الذي خصه الله به وشرفه على سائر خلقه.

والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .[ الأنترنت – موقع صيد الفوائد - خالد بن سعود البليهد - عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

بسم الله،والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:

فهذه الحلقة العشرون في موضوع ( المجيد ) وستكون بعنوان :

*الصّلاة كلّها قائمة على الثّناء والتّعظيم والتّمجيد للحميد المجيد

     الصّلاة كلّها قائمة على الثّناء والتّعظيم والتّمجيد للحميد المجيد سبحانه أهل الثناء كله والمجد، وقد كان رسول الله ﷺ إذا رفع رأسه من الرّكوع قال: "ربَّنا لك الحمد، ملء السموات والأرض، وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثّناء والمجد، أحقّ ما قال العبد، وكلُّنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد" رواه مسلم، وفي ركوعه وسجوده يعظِّم الله ويمجِّده، وإذا قعد للتّشهد يثني على الله ويمجّده ويختم ذلك بقوله: "إنّك حميد مجيد"، فأوّل الصّلاة حمد وتمجيد، وآخرها حمد وتمجيد، بل كلها قائمة على الحمد والتمجيد.

    وقد جاء في الحديث القدسي: (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي، فإذا قال العبد الحمد لله

 رب العالمين، قال الله تعالى: حمدني عبدي، وإذا قال: الرحمن

 الرحيم، قال الله تعالى: أثنى علي عبدي، وإذا قال: مالك يوم

 الدين، قال: مجدني عبدي...).

  ومن هذا الحديث يظهر لنا معنى من معاني المجيد حيث إن من تمجيد الله تعالى وصفه والاعتراف له بالملك والقهر، والحكم يوم الدين والحساب لا معقب لحكمه، ولا مهرب من جزائه.

     قال ابن القيِّم رحمه الله: "وأحسن ما قرن اسم المجيد إلى الحميد، كما قالت الملائكة لبيت الخليل عليه السّلام: {قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ۖ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ۚ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ} [هود: 73]، كما شرع لنا في آخر الصّلاة أن نثني على الرّبّ تعالى أنه حميد مجيد، وشرع في آخر الرّكعة عند الاعتدال أن نقول: "ربنا ولك الحمد أهل الثّناء والمجد"، فالحمد والمجد على الإطلاق لله الحميد المجيد، فالحميد: الحبيب المستحق لجميع صفات الكمال، والمجيد: العظيم الواسع القادر الغني ذو الجلال والإكرام"

    وفي ختم التشهد باسم الله المجيد معنى لطيفٌ نبَّه عليه ابن

 القيم رحمه الله قال: "وتأمَّل كيف جاء هذا الاسم مقترناً بطلب الصّلاة من الله على رسوله كما علمناه ﷺ ؛ لأنه في مقام طلب المزيد، والتعرض لسعة العطاء وكثرته ودوامه، فأتى في هذا المطلوب باسم يقتضيه"

لأنَّ المجد يدل على كثرة أوصاف الكمال وكثرة أفعال البر والخير وتعدد العطاء والنوال.[الأنترنت – موقع سلسلة من نحب - الله تعالى –] [ الأنترنت – موقع جزايرس ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

بسم الله،والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:

فهذه الحلقة الواحدة والعشرون في موضوع  ( المجيد )  وستكون بعنوان :

*تأمل الثناء والتعظيم والتمجيد على الله في صلاتك :

-    من خلال العناصر التالية:

1-  تكبيرة الإحرام وتكبيرات الانتقال من ركن إلى ركن عندما تقول: ( الله أكبر ) ففيه تعظيم لله وأنه أكبر من كل شيء.

2-  دعاء الاستفتاح: سبحانك اللهم وبحمدك , وتبارك اسمك , وتعالى جدك , ولا إله غيرك، وقوله: تعالى جدك  أي: عظمتك وشأنك وسلطانك ومجدك .

3-  الاستعاذة: فالإنسان لا يستعيذ إلا بمن يعتقد أنه قوي قادر.

4-   البسملة:ففيها الاستعانة بالله والتوكل عليه وذكر الرحمن الرحيم.

5-   الفاتحة:أول ثلاث آيات منها (الحمدلله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين)، ففيها الثناء والتمجيد لله.

6- أذكار الركوع: سبحان ربي العظيم. سبّوح  قدوس , رب الملائكة والروح. سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي.

 سبحان ذي الجبروت , والملكوت , والكبرياء , والعظمة.

7-أدعية الرفع من الركوع: سمع الله لمن حمده .ربنا ولك الحمد , حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه . ملء السماوات وملء الأرض وما بينهما , وملء ما شئت من شيء بعده . أهل الثناء والمجد , أحق ما قال العبد , وكلنا لك عبد , اللهم لا مانع لما أعطيت , ولا معطي لما منعت , ولا ينفع ذا الجد منك الجد .

8- أدعية السجود: سبحان ربي الأعلى ،سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي،سبوح , قدوس,رب الملائكة والروح

،اللهم لك سجدت وبك آمنت , ولك أسلمت , سجد وجهي للذي خلقه , وصوره , وشق سمعه وبصره , تبارك الله أحسن الخالقين .- سبحان ذي الجبروت , والملكوت , والكبرياء , والعظمة.

9-  التشهد: التحيات لله , والصلوات , والطيبات , السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته , السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين . أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .-  قال النووي: وأما التحيات فجمع تحية وهي الملك وقيل البقاء وقيل العظمة وقيل الحياة.

10_ في آخر الصلاة الإبراهيمية:( ........ إنك حميدُ مجيد ) ففيه ثناء على الله بكثرة الحمد والتمجيد لله سبحانه وتعالى .

-   فأنت تعظّم الله وتثني عليه في صلاتك بقلبك ولسانك وجوارحك فانتبه لهذا الأمر ولا تكن من الغافلين اللاهين الذين لا يدرون ما يقولون في صلاتهم ولا يتدبرون ولا يتأملون في هذه الأذكار والأدعية. [ الأنترنت – موقع الله ]

*ومن الأذكار المتعلقة بالصلاة والتي هي ثناء وتحميد وتمجيد لله سبحانه وتعالى لا نزال في الحديث عن الأذكار المتعلقة بالصلاة، خرج الإمام مسلم ـ رحمه الله ـ في كتابه الصحيح عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال: "كَشَفَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم السِّتَارَةَ والنَّاسُ صفوفٌ خلفَ أبي بكر رضي الله عنه فقال: أيُّها الناس إنَّه لَم يَبْقَ من مُبَشِّرات النُّبُوَة إلاَّ الرؤيا الصالحَة يراها المسلمُ أو تُرَى له، ألاَ وإنِّي نُهيتُ أن أقرأَ القرآنَ راكعاً، فأمَّا الركوع فعظِّموا فيه الرَّبَّ عز وجل، وأمَّا السُّجُود فاجْتَهدوا في الدُّعاء فقَمِنٌ أن يُستجابَ لَكم"[صحيح مسلم (رقم:479) ]

فقد أوضح النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ما يَختَصُّ به هذان الرُّكنان العظيمان؛ الركوع والسجود من ذكر يُناسب هيئتَهما بعد ذكره للنهي عن قراءة القرآن فيهما؛ لأنَّهما حالتَا ذلٍّ وخضوع وتطامن وانخفاض، فأمَّا الركوعُ وهو حال انخفاض وتطامن وخضوع، فيُشرع للمسلم فيه أن يَذكر عظمةَ ربِّه، وأنَّه سبحانه العظيم الذي له جميع معاني العظمة والجلال،كالقوَّة والعزَّة وكمال القدرة وسعة العلم وكمال المجد وغيرها من أوصاف العظمة والكبرياء، وأنَّه لا يَستحق أحدٌ التعظيمَ والتكبيرَ والإجلالَ والتمجيدَ غيره، فيَستحق على العباد أن يُعظِّموه بقلوبهم وألسنتِهم وأعمالهم.

قال ابن القيم رحمه الله: "فأفضل ما يقول الراكع على الإطلاق سبحان ربي العظيم، فإن الله سبحانه أمر العباد بذلك وعين المبلغ عنه السفير بينه وبين عباده هذا المحل لهذا الذكر لما نزلت: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [سورة: الواقعة، الآية (74) ] ،  قال: (اجعلوها في ركوعكم) … وبالجملة فسِرُّ الركوع تعظيمُ الرب ـ جل جلاله بالقلب والقالب والقول؛ ولهذا قال النَّبيّ صلى الله عليه وسلم:

(أما الركوع فعظِّموا فيه الرب") [كتاب الصلاة (ص:176) ]

وأما السجود ـ وهو حال قرب من الله، وخضوع له، وتذلل بين يديه، وانكسار له سبحانه ـ فيُشرع للمسلم فيه أن يُكثرَ من الدعاء، والدعاءُ في هذا المحل أقربُ إلى الإجابة

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

بسم الله،والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:

فهذه الحلقة الثانية والعشرون في موضوع  ( المجيد ) وستكون بعنوان : *اقتران الحميد بالمجيد

   قال الشيخ عبدالرزاق البدرحفظه :

   " إن من الأمور المفيد ملاحظتها في فقه الأسماء الحسنى اقتران أسماء الله في مواضع عديدة من القرآن والسنّة بعضها ببعض، نحو: "السميع البصير" و "الغفور الرحيم"، و "الغني الحميد"، و" الخبير البصير"، "والرؤوف الرحيم"، و" الحكيم العليم"، "الحميد المجيد"،و "العزيز الحكيم"، و" العلي العظيم"، و" الفتّاح العليم" و" اللطيف الخبير"، و" الشكور الحليم"، و" العفوّ الغفور"، "الغني الكريم"، والأمثلة كثيرة جداً لهذه الأسماء المقترنة.

    ولا ريب أن هذا الاقتران فيه من الحكم العظيمة والفوائد الجليلة والمنافع الكبيرة ما يدلّ على كمال الربّ مع حسن الثناء وكمال التمجيد، إذ كلّ اسم من أسمائه متضمن صفة كمال لله ، فإذا اقترن باسم آخر كان له سبحانه ثناءٌ من كلّ اسم منهما باعتبار انفراده وثناءٌ من اجتماعهما، وذلك قدر زائد على مفرديهما.

 "[ فقه الأسماء الحسنى ] [الأنترنت – موقع ملتقى أهل الحديث ]

  الحميد سبحانه هو الذي له من الصفات وأسباب الحمد ما يقتضي أن يكون محمودا، وإن لم يحمده غيره فهو حميد في نفسه، والمحمود من تعلق به حمد الحامدين، وهكذا المجيد، والحمد والمجد إليهما يرجع الكمال كله؛ فإن الحمد يستلزم الثناء والمحبة للمحمود، فمن أحببته ولم تثن عليه لم تكن حامدا له حتى تكون مثنيا عليه محبا له، وهذا الثناء والحب تبع للأسباب المقتضية له، وهو ما عليه المحمود من صفات الكمال ونعوت الجلال والإحسان إلى الغير فإن هذه هي أسباب المحبة، وكلما كانت هذه الصفات أجمع وأكمل كان الحمد والحب أتم وأعظم .

 والله سبحانه له الكمال المطلق الذي لا نقص فيه بوجه ما، والإحسان كله له ومنه، فهو أحق بكل حمد وبكل حب من كل جهة، فهو أهل أن يحب لذاته وصفاته وأفعاله وأسمائه وإحسانه وكل ما صدر منه سبحانه وتعالى، وأما المجد فهو مستلزم للعظمة والسعة والجلال التي يحمد من أجلها، ولهذا جمع سبحانه بين هذين الاسمين فقال: }قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ** [هود:73] [ جلاء الأفهام ص318 بتصرف ] [الأنترنت - موقع- اقتران الحميد بالمجيد ]

    إن اسم (الحميد) قد اقترن باسم (المجيد) في القرآن الكريم مرة واحدة 1 في قوله تعالى {قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ} (هود الآية 73) .

ومعنى هذه الآية: أن امرأة إبراهيم عليه السلام لما بشرتها الملائكة بإسحاق ومن ورائه يعقوب عجبتْ لقيام مانعيْن من وجود الولد وهما: أنها عجوزٌ لا تلد، وأن زوجها شيخ لا تحمل من مثله النساء، فقالت لها الملائكة إنكاراً لتعجبها، لا تعجبي من أمر الله فإنه إذا أراد شيئاً أن يقول له: كُنْ فيكون. فلا تعجبي من هذا وإن كنت عجوزاً عقيماً وبعلك شيخاً كبيراً، فإن الله على ما يشاء قدير، وهو سبحانه الحميد في جميع أفعاله وأقواله، المحمود الممَجد في صفاته وذاته، ولهذا ثبت في الصحيحين أنهم قالوا: قد علمنا السلام عليك، فكيف الصلاة عليك يا رسول الله؟ قال: " قولوا: اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد كما صليتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد"[المعجم المفهرس ]

 والذي يبين لي من اقتران اسم (الحميد) سبحانه باسم (المجيد) جل وعلا، أَنه عز وجل قد عظمت ذاته وتمجدت على وجه مطلق، وتمجدت كذلك أَسماؤه الحسنى التي اختارها سبحانه لنفسه، والتي تضمنت جميع صفاته الكمال المطلق، ومن ثم فإن أفعال هذا الإله العظيم (المجيد) إنما هي جميعها أفعال عظيمة مجيدة في اختيارها، وتقديرها، وإنفاذها، ويستحق سبحانه على كل فعل منها كمال الحمد الذي لا يستحقه أحد غيره، سواءٌ حَمِدَهُ بالفعل عبادهُ، أم أعرضوا عن حمده، فهو جل وعلا- وحده- المستحقُ لكافة أنواع الحمد رغم أنوف كل الجاحدين المعرضين.[ تفسير الإمام ابن كثير الجزء الثاني ص453 ـ بقليل تصرف ـ] [ الأنترنت – موقع مفهوم الأسماء والصفات - سعد نداالمدرس بالجامعة الإسلامية ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

بسم الله،والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:

فهذه الحلقة الثالثة والعشرون في موضوع  ( المجيد ) وستكون بعنوان : *شرح الصلاة الإبراهيمية في الصلاة

"اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، فِي الْعَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ [ البخاري، برقم 3370، وعند مسلم، برقم 405]

  قوله: (إنك حميد مجيد)): ختم الدعاء بأحسن الختام, باسمين من أسماء اللَّه تبارك وتعالى الحسنى, وأكده بـ((إنَّ)) زيادة في التأكيد و((الحميد)): صيغة مبالغة على وزن (فعيل), والحمد نقيض الذم, وهو أعمُّ وأصدق في الثناء على المحمود من المدح والشكر[  لسان العرب، 3 / 156, تفسير الطبري، 13 / 179 ]، فاللَّه تبارك وتعالى هو المحمود في ذاته, وأسمائه, وصفاته, وأفعاله, فله من الأسماء أحسنها، ومن الصفات أكملها, ومن الأفعال أتمَّها وأحسنها, فإنها دائرة بين الفضل والحكمة والعدل[  تفسير ابن السعدي، 5/ 624 ]

و(المجيد) : من صيغ المبالغة على وزن (فعيل): وأصل المجد: السعة, والكثرة, يقال: رجل ماجدٌ إذا كان سخياً، واسع العطاء، ويدلّ كذلك على الشرف, والرفعة, وعظم القدر, والشأن, والجلال[  المفردات، ص 463, لسان العرب، 5 / 4138, والمقصد الأسنى، ص 123]

وقال عبدالله ابن آدم :

  ومناسبة ختم هذا الدعاء بهذين الاسمين العظيمين أن المطلوب تكريم الله لنبيه وثناؤه عليه والتنويه به وزيادة تقريبه، وذلك مما يستلزم طلب الحمد والمجد ففي ذلك إشارة إلى أنهما كالتعليل للمطلوب، أو هو كالتذييل له، والمعنى إنك فاعل ما تستوجب به الحمد من النعم المترادفة، كريم بكثرة الإحسان إلى جميع عبادك. [انتهى مختصراً بتصرف يسير] [فتح الباري - كتاب الدعوات - باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم للحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله] [الأنترنت – موقع الألوكة ]

*الدعاء بما يناسب اسمه المجيد

  ومن الدعاء بما يناسب اسمه المجيد ما صح من حديث أبي سعيد أن رسول الله صلي الله عليه وسلم كان إذا قام من الليل كبر ثم يقول: (سُبحانك اللهم وبحمدِك وتبَارَك اسمك وتعَالى جَدك ولاَ إِله غيرك، ثم يقول: لا إِله إلا الله ثلاَثا، ثم يقول: الله أكْبَر كبيرا ثلاَثا، أعُوذ بالله السَّميع العَليم من الشيطَانِ الرجِيم من همزه ونفخِه ونفثِه)  .

    ومن آثار توحيد المسلم لله في اسمه المجيد أن يعظم الله سبحانه وتعالي في قلبه ويعتقد في علوه على خلقه، وأن يكون في قوله وفعله مترفعا عن النقائص والعيوب، سريع التوبة من المعاصي والذنوب، يسموا بهمته إلى الدرجات العلى والفردوس الأعلى في الرفيق الأعلى، ومن آثار الاسم أيضا يقين الموحد بأن عزه ومجده في توحيده لله وعبوديته وقربه وطاعته والرضا بمحبته والفوز بجنته، وليس مجده في طلب الجاه ورفعته أو المال وزينته، فالله سبحانه وتعالي جعل دار القرار جزاء لمن طرح عن نفسه العلو والاستكبار، ومجد الله بتوحيد الأسماء والصفات والأفعال، فلا بد أن يعظم كلام الله ولا يهون من شأنه أو يقصر في تنفيذ أمره، أو يتردد في تصديق خبره .   [الأنترنت – الموقع  الرسمي للدكتور محمود عبد الرازق ] [الأنترنت – موقع راجعون الى الله]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله،والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:

فهذه الحلقة الرابعة والعشرون في موضوع  ( المجيد ) وستكون بعنوان :*من آثار تعظيم الله وتمجيده

أولاً: محبة الله - عز وجل - الذي وسع خلقه بكرمه وفضله ورحمته!! وهذا يلزم عليه عبادته وحده لا شريك له، والتعلق به وحده، وسؤاله قضاء الحوائج، وتفريج الكربات وحده ، وترك التعلق بالمخلوق الضعيف الفقير بذاته إلى الله تعالى وإن كان فيه مجد أو كرم محدود فهو من جود الله تعالى وكرمه.

ثانيًا: تمجيده سبحانه واللهج بذكره، والثناء عليه بالتهليل والتحميد والتسبيح والتكبير وسؤاله بأسمائه الحسنى،لأن كل أسمائه وصفاته هي من باب التمجيد لله رب العالمين،

فقولنا: هو الله الواحد الأحد، الصمد، العزيز، الوهاب، الملك الأول، الآخر، الظاهر والباطن، الحميد، السميع، البصير؛ كل هذا من باب التمجيد لله الواحد الأحد.

ثالثًا: التقرب إلى الله - عز وجل - بطاعته والتماس مرضاته، والبعد عن معاصية ومساخطه، وهذه هي حقيقة التقوى التي فيها الشرف والمجد والرفعة للعبد في الدنيا والآخرة. قال الله - عز وجل -: { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ } [الحجرات: 13]، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : (... ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه) فالله سبحانه (المجيد) لا يهب المجد والرفعة والذكر الحسن إلا لمن عبده ووحده، ومجده، واتقاه [ولله اﻷسماء الحسنى - عبد العزيز الجليل ، الأنترنت – موقع حياة القلوب في معرفة علام الغيوب ]

*ومن الآثار الإيمانية لاسم الله المجيد

1- قال الأزهري: الله تعالى هو (المجيد) تمجد بفعاله، ومجده خلقه لعظمته ،فالله سبحانه له المجد العلي العظيم، بفعاله العظيمة وصفاته العلية وبأسمائه الحسنى، فلا مجد إلا مجده، ولا عظمة إلا عظمته، وكل مجد لغيره إنما هو منه عطاء وتفضل.

وفي اقتران (الحميد) مع (المجيد) بيان أنه محمود على مجده

وعظمته وكمال صفاته، فليس كل ذي شرف محمود، وكذلك ليس كل محمود يكون ذو شرف.

قال الحليمي: (المجيد) ومعناه: المنيع المحمود، لأن العرب لا تقول لكل محمود مجيداً، ولا لكل منيع مجيداً. أو قد يكون الواحد منيعاً غير محمود، كالمتآمر الخليع الجائر، أو اللص المتحصن ببعض القلاع.وقد يكون محموداً غير منيع، كأمير السوقة والصابرين من أهل القبلة.

فلما لم يقل لكل واحد منهما مجيد، علمنا أن (المجيد) من جمع بينهما فكان منيعاً لا يرام، وكان في منعته حسن الخصال جميل الفعال، والباري – جل ثناؤه – يجل عن أن يرام وأن يوصل إليه، وهو مع ذلك فحسن مجمل لا يستطيع العبد أن يحصي نعمته، ولو استنفذ فيه مدته، فاستحق اسم المجيد وما هو أعلى منه اهـ   .

2- إن الله سبحانه عطاؤه واسع، وفضله سابغ، قد شمل

المؤمن والكافر، والبر والفاجر، مجد بذلك نفسه في قوله عز وجل {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا }[إبراهيم: 34].

3- مجد الله تعالى نفسه في كتابه العزيز في آيات كثيرة بل القرآن مليء بتمجيد الله وتعظيمه، وكذا حديث رسوله صلى الله عليه وسلم، وأعظم آيات القرآن وسوره هي التي احتوت على ذلك، كآية الكرسي في البقرة، وسورة الفاتحة والإخلاص.

ومن أعظم من يعظم به العبد ربه ويمجده هو تلاوة كتابه، في آناء الليل وأطراف النهار، فإنه لا أحد يحصى الثناء عليه والتمجيد له، هو كما أثنى على نفسه.

ففي الحديث القدسي ((قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين، قال الله تعالى: حمدني عبدي، وإذا قال الرحمن الرحيم، قال الله تعالى: أثنى علي عبدي، وإذا قال: مالك يوم الدين، قال: مجدني عبدي...))   .

ثم ذكره وتسبيحه وتحميده وتكبيره وتهليله، وما يلتحق بها من الحوقلة والبسملة والحسبلة والاستغفار والدعاء بخيري الدنيا والآخرة.

وهذه الحال هي حال أهل الذكر، من لا يشقى بهم الجليس، من الأنبياء والصديقين، والشهداء والصالحين، كما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر، فإذا وجدوا قوماً يذكرون الله تنادوا هلموا إلى حاجتكم، قال فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا، قال فيسألهم ربهم عز وجل وهو أعلم منهم: ما يقول عبادي؟ قال تقول: يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ويمجدونك، قال فيقول: هل رأوني؟ قال فيقولون: لا والله ما رأوك، قال فيقول: كيف لو رأوني؟ قال يقولون: لو رأوك كانوا أشد لك عبادة، وأشد لك تمجيداً وأكثر لك تسبيحاً...، حتى قال تعالى: فأشهدكم أني قد غفرت لهم، قال يقول: ملك من الملائكة: فيهم فلان ليس منهم، إنما جاء لحاجة قال هم الجلساء لا يشقى جليسهم))   .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله،والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:

فهذه الحلقة الخامسة والعشرون في موضوع  ( المجيد ) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

**ومن الآثار الإيمانية لاسم الله المجيد

4- سمى الله تبارك وتعالى كتابه بـ (المجيد) في آيتين من كتابه: في قوله تعالى ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ [ق: 1]. وقوله بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ [البروج: 21-22]. قال قتادة: بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ يقول: قرآن كريم

 . فالقرآن مجيد أي شريف كريم عظيم، ولا غرابة في ذلك فإنه

 كلام الله المجيد الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من

خلفه تنزيل من حكيم حميد.

ومن مجد القرآن وشرفه أنه لا يمكن للجن والأنس أن يأتوا بمثله، بل بسورة منه، قال تعالى قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا [الإسراء: 88].

وهذا يتجلى لنا في جوانب عديدة:

منها، أنه لا يمكن للجن والإنس أن يأتوا بمثل ما فيه من التشريعات من أمر ونهي، وحلال وحرام، وما فيه من العبادات الدينية والمعاملات الدنيوية، فهذا من أعظم إعجازه.

ومنها أن بلاغته وفصاحته، وروعته وبهاؤه، وحسن تراكيبه وأسلوبه، وأخذه بالنفوس كله مما لا يضاهي.

ومنها كثرة فوائده التي لا تنقضي، ولا يشبع منها العلماء على مر الدهور والعصور.

ومن شرفه ورفعته، أن الله سبحانه حفظه وصانه من كيد

الكفار والمنافقين، ومن الحاقدين على هذا الدين، حفظه من أن يبدلوه أو أن يحرفوه، أو أن يزيدوا فيه أو ينقصوه، قال سبحانه إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر: 9].

ومن عظمة هذا الكتاب ومجده، أن الله يرفع به من عمل به واتخذه دينا ومنهاجاً، ويخفض به ويذل من تركه وراء ظهره، ورأى أن العمل به رجعية وتخلف وجمود.

ففي صحيح مسلم عن عامر بن واثلة أن نافع بن عبد الحارث لقي عمر بعسفان، وكان عمر يستعمله على مكة، فقال: من استعملت على أهل الوادي؟ فقال: ابن أبزي، قال: ومن ابن أبزي؟ قال: مولى من موالينا، قال: فاستخلفت عليهم مولى؟! قال: إنه قارئ لكتاب الله عز وجل، وإنه عالم بالفرائض، قال عمر: أما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قد قال: (إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين)  .

فقد رفع الله تعالى هذا المولى لحفظه لكتابه وعلمه به مع

 انحطاط نسبه وشرفه على غيره من أهل مكة أهل الشرف والنسب.

وهكذا الجد والرفعة في الدرجات في الآخرة، فإنما هي لمن أخذ بهذا الكتاب، وعمل به، والذل والمهانة والدركات لمن تركه وأعرض عنه  [ الأنترنت – موقع الدرر السنية ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله،والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:

فهذه الحلقة السادسة والعشرون في موضوع  ( المجيد ) وستكون بعنوان :*ومن ثمراتِ تعظيمِ اللهِ عزوجل

1- تحقيقُ التوحيدِ للهِ والسلامةُ من الشركِ ووسائلِه.

2- محبةُ اللهِ عزوجل المحبةَ الشرعيةَ.

3- الخوفُ من اللهِ عزوجل من غيرِ قنوطٍ.

4- الرجاءُ في اللهِ عزوجل مع حسنِ العملِ.

5- مراقبةُ اللهِ عزوجل في السرِّ والعلانيةِ.

6- التوكلُ على اللهِ في كلِّ الأمورِ معَ الأخذِ بالأسبابِ.

7- الثقةُ باللهِ عزوجل في أَحْلَكِ الظروفِ.

8- الثباتُ والطمأنينةُ واليقينُ في اللهِ عزوجل.

9- الحياءُ من اللهِ عزوجل.

10-التبرؤُ من الحولِ والقوةِ وإظهارُ الافتقارِ إلى اللهِ عزوجل.

11-تحكيمُ شرعِ اللهِ عزوجل في كافةِ الأمورِ مع الرِّضَا والتسليمِ.

12-حفظُ الضرورياتِ الخمسِ؛ وهيَ: الدينُ، والنفسُ، والعقلُ ، والمالُ، والعرضُ.

13-المسارعةُ إلى أداءِ الواجباتِ من صلاةٍ وزكاةٍ وصيامٍ وحجٍّ وبرٍ بالوالدينِ وصلةٍ للرحمِ وحسنِ خلقٍ.

14-تركُ جميعِ المعاصي والمنكراتِ القوليةِ والعمليةِ والاعتقاديةِ.

15-   كثرةُ ذكرِ اللهِ عزوجل ودعائِه واستغفارِه وتلاوةِ كتابِه.

16-   الإكثارُ من ذكرِ الموتِ.

17-   قصرُ الأملِ.

18-   اتهامُ النفسِ دائمًا بالإهمالِ والتقصيرِ.

19-   ألَّا يَرَى لنفسِهِ على اللهِ حقًّا.

20-   ألا يَشْكُو اللهَ عزوجل إلى خلقِه.

21-   ألا يُذِلَّ نفسَه لصاحبِ دنيا.

[الأنترنت – موقع من ثمراتِ تعظيمِ اللهِ عزوجل ، للأستاذ الدكتور أحمد المزيد ]

*الثناء على اللـه تعالى وتمجيده

·   إن من جوانب النقص في حياتنا وفي دعائنا ومناجاتنا لربنا قلة الثناء على الله تعالى وتمجيده وتعظيمه وتقديسه مع ما من الله به علينا من النعم الدينية والدنيوية التي لا تعد ولا تحصى.

·   مثال واقعي: لو أعطاك شخص كل شهر مبلغا كبيرا من المال كيف سيكون تمجيدك وتعظيمك واحترامك وكثرة مدحك له في المجالس وغيرها ؟! ولله المثل الأعلى، فالله جل وعلا لا نستطيع أن نستغني عنه طرفة عين في حياتنا اليومية، أفلا يستحق هذا الرب الكريم المنان الرحيم الوهاب الرزاق الذي له الأسماء الحسنى والصفات العلى أن نُثني عليه ونمدحه ونمجّده في الليل والنهار وفي جميع أحوالنا وشؤوننا كلها ؟!

*الثناء على الله في القرآن :

-   لو تدبرنا القرآن حق التدبر لوجدنا أن القرآن كله في الحديث عن الله تعالى وعن أسمائه وصفاته وقدرته وعظمته، قال تعالى: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ)، ولقد عرّفنا الله بنفسه في كتابه الكريم في عدة آيات منها على سبيل المثال:-

-  أعظم آية في القرآن: آية الكرسي وهي كلها من أولها إلى آخرها ثناء على الله.

-    قوله سبحانه: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْوَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ).

-    وقوله تعالى: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا).

-  وقول الحق: (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ).

-   وقوله سبحانه: (لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).

-    وقوله جل وعلا: (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).

-    وقوله عز وجل: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).

-   وقوله سبحانه: (قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ).

- وقوله تعالى: (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).

-   وقوله سبحانه: (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)

- ووصفه نفسه سبحانه وتعالى بأنه: (خير الناصرين)، وأنه (خير الراحمين)، وأنه (خير الفاتحين)، وأنه (خير الغافرين)، وأنه (خير الحاكمين)، وأنه (خير الرازقين)، وأنه (خير الوارثين)، وأنه (خير الفاصلين)، وأنه (خير المنزلين).

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله،والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:

فهذه الحلقة السادسة والعشرون في موضوع  ( المجيد ) وستكون بعنوان :*الثناء على الله تعالى في السنة :

-  قال صلى الله عليه و سلم: (ولا أحد أحب إليه المدح من الله تعالى  [رواه البخاري ومسلم

قال النووي:حقيقة هذا مصلحة للعباد لأنهم يثنون عليه سبحانه وتعالى فيثيبهم فينتفعون وهو سبحانه غنى عن العالمين لا ينفعه مدحهم ولا يضره تركهم ذلك وفيه تنبيه على فضل الثناء عليه سبحانه وتعالى وتسبيحه وتهليله وتحميده وتكبيره وسائر الأذكار.

-  قال النبي صلى الله عليه وسلم: [ اَلِظُّوا بيَا ذَا الجَلال والإِكرام ] رواه الترمذي. أي الْزَمُوه واثْبُتُوا عليه وأكْثِرُوا من قوله والتَّلَفُّظِ به في دُعائِكم.

-  جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: علمني كلاما أقوله قال: قل لا إله إلا الله وحده لا شريك له الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا سبحان الله رب العالمين لا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم قال: فهؤلاء لربي فما لي قال: قل اللهم اغفر لي وارحمني واهدنى وارزقني.[رواه مسلم.فهذا الحديث يشتمل على الثناء على الله في بدايته ثم الدعاء للنفس.

- دعاء الكرب: ]لا إله إلا الله العظيم الحليم , لا إله إلا الله رب العرش العظيم , لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم[متفق عليه.[ الأنترنت – موقع الله ]

وغير هذا كثير جداً

الخاتمة

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات تم الإنتها من البحث الموسوم بـ ( المجيد ) بعد أن عشت مع كلام المجيد ، وكلام سيد الخلق أجمعين ، وكلام خير القرون ، والأئمة الربانين والعلماء والمفكرين والكتاب والعباد وغيرهم ....

وعزوت كل قول لقائله أو موقعه ، وبذلت قصارى جهدي فيه وهو اشبه ما يكون بالتفسير الموضوعي ، إن أصبت فمن الله ، وإن أخطأت  فمن  نفسي والشيطان وأستغفر الله من كل ذنب وخطيئة ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

نتيجة بحث الصور عن المجيد اسم من اسماء الله الحسنى صور

 

 

جمع وتأليف

الدكتور : مسفر بن سعيد دماس الغامدي