المجيب

بسم الله الرحمن الرحيم

المجيب المختصر

المقدمة :

 إن الحمد لله ، نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا اله الا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله 

قال تعالى:{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ، ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون} آل عمران/ 120 وبعد :

فهذه الحلقة الأولى في موضوع (المجيب ) وسيكون عنوانها( مقدمة )

فهذه الدنيا دار أختبار وابتلاء ، لا دار نعيم واستقرار ، وكل من فيها أصحاب حاجات؛ ومنهم من تكالبت عليهم الملمات، ومنهم من هو مكروب، ومهموم، ومظلوم، ومريض ، وفيهم من عينه باكيةٌ وقلبه حزين ، وكثير منهم الضعفاء والمنكوبين ، ومنهم عزيز قوم قد ذل ، وغني قد افتقر، وصحيح قد مرض ......                          

    نحن وأنتم وأولئك إلى من يلجئون ومن ينادون وإلى من يشتكون؟ أيدي الجميع إلى من يمدون؟ وقرع باب السماء يتجهون وبالدعاء إلى الله يجأرون وعن أنفسهم ينفسون ويستمطرون من رب الأرض والسماوات ما به يسعدون ، فالدعاء سلاح المؤمن وعماد الدين ، وسؤال الكريم  وقرع  بابه هو الدين ، بل الإكثار والإلحاح مما يرضي رب العالمين .

وليعلم الجميع أن (العفو) عند الله أحب إليه من الانتقام ، و(الرحمة) أحب إليه من العقوبة

، و(الفضل) أحب إليه من العدل، و(العطاء) أحب إليه من المنع، سبقت رحمته غضبه، وحلمه عقوبته .                          

   إذاً  البدار البدار بقرع  باب السماء فصاحبه سميع مجيب قريب ؛ وقد قال : ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ﴾ [البقرة: 186]

 فلا إله إلا الله كم من ضعيف نصره ، وملهوف انقذه ، ولا إله إلا الله كم من داعي إستجاب له ،ومحتاج رزقه ، ومذنب غفر له ، ولا إله إلا الله إذا أراد شيئا قال له كن فيكون ، ولا إله إلا الله قريب سميع مجيب، عطائه قريب ممنوح، وخيره يغدو ويروح وبابه مفتوح، حليم كريم صفوح، قريب فرجه في لمح البصر ،وغوثه في لفتتِ النظرحقيق، لأنه قريب جواد مجيد، لا ضد له ولا ند، أقرب للعبد من حبل الوريد، محمود ممدوح حميد، ولا إله إلا الله دعا المذنبين للتوبة والإعتذار، وفتح لهم الباب وأجاب،ورفع عن أهل الحاجات الحجاب  فهلا قرعتم الباب  وناديتم  العزيز الوهاب ؟!

ولحاجتي وإضطراري -  وغيري مثلي - للواحد ألأحد الفرد الصمد السميع المجيب القريب ؛ كان هذا الموضوع المهم ، لعل الله أن يستجيب الدعاء ويحقق السؤال ويرحمنا برحمته ويغفر لنا ويشفينا ويزيدنا من واسع فضله ويختم لنا بالصالحات ويدخلنا الجنات....

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثانية في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان تعريفات :

معنى المجيب :

مُجيب: (اسم)  ، مَنْ يُجِيبُ الدُّعَاءَ أَوِ النِّدَاءَ                              والمُجيب : اسم من أسماء الله الحُسنى ،ومعناه :الذي يستجيب لدعاء عبده ،ويُنيل سائلَه،قال تعالى:

{ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ } . وقال :{ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ } والإِجابةُ : رَجْعُ الكلام ، تقول : أَجابَه عن سُؤَاله...[الأنترنت- موقع المعاني]

و كلمة مُجيب لها معنيان:

 - المعنى الأول: الإجابة.

 - المعنى الثاني: أن يُعطي الله السائل مطلوبه.

 فإذا سألت إنساناً، يُجيبك، وإن سألته حاجةً، يُعطيك. فإما أن تكون الإجابة بيانيَّةً، وإما أن تكون الإجابة عطاءً

 والمجيب في حق الله تعالى: هو الذي يُقابِل مسألة السائلين بالإسعاف، والاستجابة صفة من صِفات الإنسان لكنها اسم من أسماء الله الحُسنى قال تعالى:﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي

لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186) ﴾(سورة البقرة)     

  إن أكثر ما يحتاجه الإنسان في الدين هو الدعاء، حينما يدعو ربه، يعلم أنه سميعٌ، وحينما يدعو ربه يعلم أنه بصير، وحينما يدعو ربه يعلم أنه قدير، و حينما يدعو ربه يعلم أنه رحيم، وحينما يدعو ربه يعلم أنه عفوّ، وحينما تسأل تسأل غَنِياً، وحينما تسأل تسأل قوياً. وحينما تسأل، تسأل مُحِباً.

فبالدعاء يتوجّه الداعي إلى معانٍ كثيرة ويستحضر ويعتقد في الله عقائد عظيمة....                   فَلِذلك المجيب : اسم من أسماء الله الحُسنى ويستجيب لمن دعاه بِشَكلٍ أو آخر، إما أن يُطمئنك، وإما أن يعطيك، وإما أن يُلْقي في رَوْعِك أن هذه الحاجة لا تناسِبك ،روى الترمذي عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ  : ( إِنَّ اللَّهَ حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي إِذَا رَفَعَ الرَّجُلُ إِلَيْهِ يَدَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا خَائِبَتَيْنِ)

 بل يُنْعِم قبل النِّداء ويتفضل قبل الدعاء - وهذا معنى جديد من معاني المجيب ، ، ولكن لماذا أحياناً يتأخّر العطاء إلى ما بعد الدعاء ؟ هنا لطيفة دقيقة الدلالة جداً مفادها أن الله تعالى يحب من عبده أن يدعُوَه، وأن يلجأ إليه، وأن يتصل به، وأن يناجِيَه، وأن يمرِّغ وجهه في أعتابِه، ويحب أن يسمع نداءه  ؛ فَيَجْعل حاجتك وسيلة لِهدف الاتصال به والتعبّد له وهذه عباده مهمة جداً، قد يُحوِجك إلى شيء، وقد يخيفك من شيء، وقد يلوح لك شبح مصيبة ؛ من أجل أن تسأله، وتفزع إليه، وتتصل به، وتلوذ بِحِماه، ومن أجل أن تُصلي وتدعوه، ومن أجل أن ترجوه ؛ لأنك بهذا الدعاء، وذاك الاتصال، وهذا الرجاء يُسعدك دنيا وآخره

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثالثة في موضوع ( المجيب) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان تعريفات :

 إنّ التضرّعُ في الدعاء هو الهدف، فإذا فهِمت عن الله قصده في إسعادك رأيت المصائب وسائل والاتصال بالله هو الهدف، فالله خلقك لِيُسعِدك، وهو تعالى يعلم حاجة المحتاجين قبل سؤالهم، والدليل على ذلك : خلقنا وخلق ما نحتاج إليه  قال تعالى:﴿وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (13)﴾(سورة الجاثية)

 الكون كله مسخّر لك يا عبد الله بدْءاً من الأرض وانتِهاءً بِالمجرات مسخر لهذا الإنسان الذي قَبِل حمْل الأمانة، قال تعالى:﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً(72)﴾(سورة الأحزاب

 وقيل إن المجيب: هو الذي يقابل الدعاء بِالقبول، والسؤال بِالعطاء، تدعوه فَيَقْبَلُك وتسْأله فَيُعْطيك، ثم إن الله سبحانه وتعالى يجيب دعاء المضطرين ؛ فهذا المضطر من له غير الله ؟ لا شك أن كل إنسان يمر بِحالات اضطرار شديدة ويكون فيها، على أحَرّ من الجمر ؛ يا رب يا الله قال تعالى:﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ (62)﴾(سورة النمل)

 إنه المجيب هو الذي يجيب دعاء الداعين ويكشف ضرورة الطالبين، بل إنه ما من واحد من خلقه، إذا كان صادِقاً مع ربه مؤمناً بِوُجوده وبِأسمائه الحُسنى وَوَحْدانِيَته، إلا وله تجرِبة مع الله. دَعَاه فَأجابه، وسأله فَأَعْطاه ، إنّ مِحنة وراءها نقلة نوعِية على مِحور معرِفته، وعلى مِحور محبَّتِه. لمعرِفة جديدة، ومحبة جديدة. والله عزّ وجل رب العالمين، يُقَلِّب حال عِباده من حال إلى حال، ومن مقام إلى مقام، ومن منزلة إلى منزلة، ومن درجة إلى درجة، إلى أن يصِل بههم إلى أقصى ما يُمكن أن يصِلوا إليه

  إن أسماء الله الحُسنى تتفاوت من حيث ذِكرها في كِتاب الله بين الكثرة والقِلّة.                       واسم المجيب ورد في كتاب الله كثيراً قال تعالى:﴿وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ (61)﴾(سورة هود) وقال تعالى ﴿ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ﴾ وقال تعالى:﴿ وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُمْ مِنْ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ ﴾ وفي سورة الصافات:﴿وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ (75)﴾

   إن الذي يجيب هو الله عز وجل، وقال تعالى:﴿رَبَّنَا وَآَتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ (194) فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَاباً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ (195)﴾(سورة آل عمران)

 وفي سورة الأنبياء قال تعالى:﴿وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ (84) ﴾(سورة الأنبياء)

 فالله عز وجل هو وحده أهلٌ أن تسأله ، وأن تدعُوَه، وأن ترجُوَه، وأن تحطّ رِحالَكَ عِنده، وأن تُعَلِّق الآمال عليه، وأن تستجير به، وأن تلوذ به، وأن تستعيذ به ......

 إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الرابعة في موضوع ( المجيب) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان تعريفات :                      

إن قوله سبحانه {فليستَجِبوا لي، ولِيُؤمنوا بي لعلهم يرشدون}. يوَجِب عليك أن تؤمن به أوَّلاً بِوُجوده، وكماله، ووحْدانِيَتِه، وأن تؤمن بِأسمائه الحسنى وهذه الأبحاث من صُلْبِ العقيدة الصحيحة. ما من بحث أنت بِأمسّ الحاجة إليه مثل أن تعرف الله عز وجل، كي تُقْبِل عليه قال تعالى:﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا

 لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾

 والحقيقة ورد في كتاب الله آيات كثيرة تزيد عن عشر آيات كلها تبدأ بكلمة يسألونك قال تعالى:

﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)﴾(سورة البقرة )

 قال تعالى:﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً85﴾ (سورة الإسراء)

﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219) ﴾(سورة البقرة)

 يسألونك أكثر من عشر آيات وردَتْ بهذه الصيغة [يسألونك، قل ] ثم يأتي الجواب مبدوءً بكلمة قلْ، إلا هذه الآية الوحيدة قال تعالى:﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾

 قالوا: لأنه في الدعاء ليس بين العبد وربه حِجاب، وليس بين العبد وربه وسيط، وليس بين العبد وربه وسيلة، هو قريب سميع مجيب، ما عليك إلا أن تسأله. لكن من أجل أن تعرف ماذا تسأله ؛ عليك أن تؤمن به أولاً، وأن تستجيب له ثانِياً، حتى تُحسِن أن تسأله، وحتى يستجيب لك ثالِثاً.  {وقال ربكم ادعوني استجِب لكم } وما أمرك الله أن تدعُوَه إلا لِيَستجيب لك.

وليعلم كلّ مؤمن أنّ استِجابة الله بالعطاء، وإجابته للدعاء على أنواعٍ كثيرة ؛ أحياناً ربنا عز وجل لِحِكمةٍ يُريدها يُجيب العبد قبل أن يَدعُوَه، بِمعنى أنه يتفضل عليه لِيقْبِل عليه، هو الذي بدأ، إذْ إن المرء يغفل ويلهو فإذا أتاه فضل من الله من غير سؤال، تجد الذي معدنه طيِّب حينما يغمره الله تعالى بِفضْلِه يستجيب، فهو إما أن تدعُوَه فَيُعْطِيَك، وإما أن يُعطِيَك لِتدْعُوَه. فقد يأتي الدعاء قبل العطاء، وقد يأتي العطاء قبل الدعاء. فإن كان الدعاء قبل العطاء، فالمُبادرة منك. وإن كان العطاء قبل الدعاء، فهذه حِكمة بالِغة أراد الله أن يمتَحِنك بها. فَتُطيعُه لِيُكْرِمك، وأحياناً يُكْرِمك لتُطيعَه. ربما ضيَّق عليهم الحال ابتِلاءً وامتِحاناً ورفْعاً لِدرَجاتِهم بِصَبْرِهم وشكرِهم في السراء والضراء. فهو تعالى يستجيب بعد الضيق أو يُكرِم قبل الدعاء.  [ الأنترنت – موقع موسوعة النابلسي –     د محمد راتب النابلسي ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الخامسة في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان

معنى القريب، المجيب:

قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ }[البقرة: 186].

(القريب): هو الذي ليس ببعيد فالله عز وجل قريب من عباده ... أي: أنه قريب بمعيته وعلمه وسمعه واستجابتة، وهو مثل قوله –عز وجل-  {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ }[الحديد: 4]. وكما قال –عز وجل-: {مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا } [المجادلة: 9].

وكما قال –عز وجل-: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ } [ق: 16].

قال ابن القيم:وهو القريب وقربه المختص  بــالداعي وعباده على الإيمان

فقربه سبحانه وتعالى نوعان:

1- قرب عام: وهو إحاطة علمه بجميع الأشياء، وهو أقرب إلى الإنسان من حبل الوريد، وهو بمعنى المعية العامة.

2- قرب خاص بالداعين والعابدين، هو قرب يقتضي

المحبة والنصرة، والتأييد في الحركات والسكنات،

 والإجابة للداعين، والقبول والإنابة للعابدين  .

وإذا فهم القرب بهذا المعنى في العموم والخصوص لم يكن هناك تعارض أصلاً بينه وبين ما هو معلوم من وجوده تعالى فوق عرشه فسبحان من هو عليٌ في دنوه قريبٌ في علوه  .

فالله عز وجل قريب ممن دعاه بإجابته، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فكانوا يرفعون أصواتهم بالتكبير، فقال: (يا أيها الناس أربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصم ولا غائباً إنما تدعون سميعاً قريباً،

 إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته)) .

وكذلك قول صالح -عليه السلام- لقومه، في القرآن الكريم :{ فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ }[هود: 61]. فقوله قريب مجيب مقرون بالتوبة والاستغفار، أراد قريب مجيب لاستغفار المستغفرين التائبين إليه.

أما المجيب فاسم فاعل من أجاب يجيب فهو مجيب. فالله –عز وجل- مجيب دعاء عباده إذا دعوه كما قال –عز وجل-: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ  } فهو سبحانه وتعالى: المجيب الذي يجيب المضطر إذا دعاه، ويغيث الملهوف إذا ناداه، ويقابل مسألة السائلين بالإسعاف، ودعاء الداعين بالإجابة، وضرورة المضطرين بالكفاية، بل ينعم قبل النداء، ويتفضل قبل الدعاء.

قال ابن القيم:  وهو المجيب يقول لمن يدعو 

              أجيبـــه أنا المجيب لكل من ناداني

               وهو المجيب لدعوة المضطر إذ

               يدعوه في سر وفي إعلان

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة السادسة في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان : *إجابة الله -عز وجل- لعباده نوعان:

1- إجابة عامة لكل من دعاه دعاء عبادة أو دعاء مسألة، قال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر: 60] فدعاء المسألة أن يقول العبد اللهم أعطني كذا أو اللهم ادفع عني كذا،وهذا يقع من البر والفاجر، ويستجيب الله فيه لكل من دعاه بحسب الحال المقتضية وبحسب ما تقتضيه حكمته، وهذا يستدل به على كرم المولى وشمول إحسانه للبر والفاجر، ولا يدل بمجرده على حسن حال الداعي الذي أجيبت دعوته إن لم يقترن بذلك ما يدل عليه وعلى صدقه وتعين الحق معه، كسؤال الأنبياء ودعائهم لقومهم وعلى قومهم فيجيبهم الله، فإنه يدل على صدقهم فيما أخبروا به وكرامتهم على ربهم، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يدعو بدعاء يشاهد المسلمون وغيرهم إجابته، وذلك من دلائل نبوته وآيات صدقه، وكذلك ما يذكرونه عن كثير من أولياء الله من إجابة الدعوات، فإنه من أدلة كراماتهم على الله.

2- إجابة خاصة ولها أسباب عديدة، منها دعوة المضطر الذي وقع في شدة وكربة عظيمة، فإن الله يجيب دعوته، قال تعالى: { أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ } [النمل: 62].

وسبب ذلك شدة الافتقار إلى الله وقوة الانكسار وانقطاع تعلقه بالمخلوقين، ولسعة رحمة الله التي يشمل بها الخلق بحسب حاجتهم إليها،فكيف بمن اضطر إليها،   ومن أسباب الإجابة طول السفر، والتوسل إلى الله بأحب الوسائل إليه من أسمائه وصفاته ونعمه    وكذلك دعوة المريض والمظلوم والصائم والوالد على ولده أو له وفي الأوقات والأحوال الشريفة.

قال الشاعر:

مجيب السائلين.. حملت ذنبي     وسرت على الطريق إلى حماكا

ورحت أدق بابك مستجيراً        ومعتذراً... ومنتظراً رضاكا

دعوتك يا مفرج كل كرب           ولست ترد مكروباً دعاكا

وتبت إليك.. توبة من تراه     غريقاً في الدموع.. ولا يراكا

[الانترنت- موقع الدرر السنية ]

*المجيب يستجيب للمؤمن والكافر

الله تعالى هو المجيب لدعوة الداعين، وسؤال السائلين، وعباده المستجيبين، وإجابته سبحانه وتعالى نوعان:

أولاً: إجابة عامة للداعين: مهما كانوا، وأينما كانوا، وعلى كل حال كانوا، كما وعَدهم بهذا الوعد المطلق الصادق الذي لا يتخلَّف.

ثانيًا: إجابة خاصة: للمستجيبين له، المنقادِين لشرعه، المخلِصين له في الدعاء والعبادة؛ ولهذا

 عقب بقوله: ﴿ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي ﴾ [البقرة: 186][2]. [2] أسماء الله الحسنى؛ جلالها، لطائفها، وثمراتها في ضوء الكتاب والسنة صـ 88.

ومن هنا يتبيَّنُ أن اللهَ يجيب مَن دعاه في حالة الاضطرار، مؤمنا كان أو كافرا؛ قال تعالى عن استجابتِه للكفَّارِ في حالة الاضطرار: ﴿ فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ ﴾ [العنكبوت: 65].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة السابعة في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان

إستجابة الله للكافر سواء مضطرا أو مستكبرا

  أن يستجيبَ الله للمؤمن والكافر في حال اضطراره، فليس هذا بغريب على ربٍّ مجيب، لكن السؤال الذي دار في خَلَدي: هل يستجيب الله للكافر المستكبر المصرِّ على كُفره واستكباره؟!

الجواب: نعم، كما يجيب اللهُ دعاءَ من يُحبُّ، فإنه قد يجيب دعاء مَن يُبغِض، ومَن ليس له عنده أي كرامة، ومن القرآن العظيم أستشِفُّ هذا المكنون العجيب

 لاسم الله المجيب:

1- استجاب الله لإبليس دعوته حين طلب أن يُنظِرَه الله إلى يوم الوقت المعلوم:﴿ قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ﴾ [الحجر: 36 - 38]، قال العلامة السعدي في تفسيره: "وليس لإجابة اللهِ لدعائه كرامة في حقه، وإنما ذلك امتحان وابتلاء من اللهِ له وللعباد"[3]. [3] تفسير السعدي، صـ 443.

2- استجاب الله لفرعونِ هذه الأمة أبي جهل حين استفتح يوم بَدْرٍ فقال مقولته: "اللهم أقطعنا للرحم، وآتانا بما لا نعرِفُه، فأَحِنْه الغداة، اللهم أينا أحبُّ إليك، وأرضى عندك، فانصُرْه اليوم، وفي ذلك أنزَل الله تعالى: ﴿ إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾[الأنفال: 19الرحيق المختوم صـ 216.

3- استجاب اللهُ لقوم سبأ في سورةٍ سمَّاها باسمهم؛ وذلك حين أنعَم اللهُ عليهم بنِعَمِه العظيمة، وآلائه  الجسيمة، فاستكثروا نِعَم الله، وقابَلوها بالجحود والنُّكران: ﴿ فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ﴾[سبأ: 19] 4- النَّضر بن الحارث حين دعا وقال: "اللهم إن كان هذا هو الحقَّ، فأمطِرْ علينا حجارة من السماء، أو ائتِنا بعذاب أليم"، قال عطاء: لقد نزَل في النضرِ بن الحارث بضعَ عَشْرةَ آيةً، فحاق به ما سأَل من العذابِ يوم بَدْرٍ.

هذه بعضُ المعاني التي وقفتُ عليها، أردتُ من خلالها أن أرسلَ رسالة لكل شخص: لا تكُنْ عدوَّ نفسِك، وتَدْعُ دعاء تُسخِط به ربَّك، بل كن على حذرٍ من نفسك الأمَّارةِ بالسوء، واعلم أنه سبحانه هو الرحمن الرحيم، قد لا يستجيب للشخص في كثيرٍ من الأمور؛ ليصرفَ عنه شرورًا هو لا يعلمها، ولا شك أن ما خفِيَ عنا كان أعظمَ، فأسأل الله جل جلاله أن يعرِّفَنا به وبأسمائه وصفاته معرفة تدلُّنا عليه، وتأخذ بأيدينا إلى جناته جنات النعيم، وصلى الله على نبينا محمد.[الأنترنت – موقع الألوكة - تأملات في اسم الله المجيب- جواهر بنت صويلح المطرفي]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة السابعة في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان

*إن ربي قريب مجيب

إن من حكمة الله أن يبتلى عباده بألوان من الهموم والأمراض والمصائب ؛ ليسألوه ، ويقفوا بين يديه ، فيجدوا رباً غنياً غير فقير ، وقريباً غير بعيد ، وعزيزاً غير ذليل لأن الابتلاء يسوق الإنسان إلى ربه سوقاً ، يتوسل إليه ويدعوه فيجده ربا قريباً مجيباً فيعرف العباد له قدرته وكرمه ورحمته وحكمته . ذلك هو اسم الله المجيب : ( إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ) [هود:61] .

مجيب السائلين حملت ذنبي *** وسرت على الطريق إلى حماكا

ورحت أدق بابك مستجيراً *** ومعتذراً ... ومنتظراً رضاكا

دعوتك يا مفرج كل كرب *** ولست ترد مكروباً دعاكـا

وفي خضم الحياة المادية يحتاج المؤمن إلى ملجئ يأوي إليه ، ومعين يعتمد عليه ، وقوي جليل يتقوى بقواه ، وعظيم كبير يحتمي بحماه ومفتاح ذلك الدعاء .

تسقط القوة ، وتعيا الحيلة فليس إلا الدعاء ...

  تضيق الدنيا بأهلها حتى كأنها سم الخياط فليس إلا الدعاء .

بالدعاء تحل عقد المكاره ، ويفل حد الشدائد ، وبه يلتمس المخرج ، ومعه تفتح أبواب الفرج .

إن الدعاء معين من الخير لا ينضب ، ومدد من العون لا ينفد ؛ لأنه باب العطاء العظيم والله سبحانه يحب الداعين ولا يخيب السائلين !

إنه المُجِيب الذي يُقابِل السؤالَ والدُّعاء بالقَبُول والعَطاء .

إنه المجيب الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويغيث

 الملهوف إذا ناداه ، ويكشف السوء عن عباده ويرفع

 البلاء عن أحبائه .

كل الخلائق مفتقرة إليه ، ولا قوام لحياتها إلا عليه ، لا ملجأ لها منه إلا إليه ،وجميع الخلائق تصمد إليه وتعتمد عليه [1] ، ولكن الله حكيم في إجابته ، قد يعجل أو يؤجل على حسب السائل والسؤال ، أو يلطف بعبده باختياره الأفضل لواقع الحال ، أو يدخر له ما ينفعه عند المصير والمآل ، لكن الله تعالى يجيب عبده حتماً ولا يخيب ظنه أبداً كما وعد وقال وهو أصدق القائلين (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَليَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) [البقرة:186] ، وقال : (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) [غافر:60]

إنه الإله العظيم القريب المجيب ... يدعى لكشف الضر ؛ فترسل السماء ماءها وتخرج الأرض بركاتها وزهرتها

خرج رجل يوم الجمعة من باب كان وجاه المنبر ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً فقال يا رسول الله : هلكت المواشي وانقطعت السبل فادع الله يغيثنا . قال : فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ، فقال : اللهم اسقنا ، اللهم اسقنا ، اللهم اسقنا . قال أنس : ولا والله مانرى في السماء من سحاب ولا قزعة ولا شيئاً ، وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار . قال : فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت .قال : والله مارأينا الشمس ستاً ، ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب فاستقبله قائماً ، فقال : يارسول الله هلكت الأموال ، وانقطعت السبل فادع الله يمسكها . قال : فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ، ثم قال : اللهم حوالينا ولا علينا اللهم على الآكام والجبال والآجام والضراب والأودية ومنابت الشجر . قال : فانقطعت وخرجنا نمشي في الشمس ) [2]. ) [2] متفق عليه : رواه البخاري برقم 967 ، ومسلم برقم 898 من حديث أنس رضي الله عنهما

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثامنة في موضوع ( المجيب) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : إن ربي قريب مجيب

وفي كتاب ( الفرح بعد الشدة ) للتنوخي أن امرأة بالبادية ، جاء البرد فذهب بزرع كان لها، فجاء الناس يعزونها ، فرفعت طرفها إلى السماء ، وقالت : اللهم أنت المأمول لأحسن الخلف ، وبيدك التعويض عما تلف ، فافعل بنا ما أنت أهله ، فإن أرزاقنا عليك، وآمالنا مصروفة إليك قال:فلم تبرح،حتى جاء رجل من الأجلاء ، فحدث بما كان،فوهب لها خمسمائة دينار .

إنه الإله العظيم الكريم المجيب ... يدعى ويؤمل لصلاح القلب ، فتذهب عن النفوس شدتها ، وعن القلوب قسوتها، ويبتهل إليه لشفاء السقيم ومغفرة الذنب العظيم ، فيشفى المرض ويغفر الذنب .

إنه مجيب السائلين صاحب العطايا ، ومنزل البركات

وفي ساعات الاضطرار واليأس من كل قريب ، وانقطاع الأسباب عن كل مجيب فالله هو الذي       ( يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ) (النمل:62) .

أخرج ابن أبي الدنيا في كتاب : ( المجابين ) عن الحسن – رحمه الله – أنه قال : كان رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار يكنى أبا مغلق وكان تاجراً يتجر بمال له ولغيره يضرب به في الآفاق وكان ناسكاً ورعاً فخرج مرة فلقيه لص مقنع في السلاح . فقال له : ضع ما معك فإني قاتلك ! قال : فما تريد إلى دمي فشأنك والمال ؟ قال : أما المال فلي ، ولست أريد إلا دمك . قال : أما إذا أبيت فذرني أصلى أربع ركعات قال صلي ما بدا لك فتوضأ ثم صلى أربع ركعات فكان من دعائه في آخر سجدة أن قال : يا ودود يا ذا العرش المجيد يا فعالاً لما تريد أسألك بعزك الذي لا يرام ، وبملكك الذي لا يضام ، وبنورك الذي ملأ أركان عرشك أن تكفيني شرهذا اللص يا مغيث أغثني يا مغيث أغثني ، يا مغيث أغثني ، يامغيث أغثني ، يا مغيث أغثني ، فإذا هو بفارس أقبل بيده حربة قد وضعها بين أذني فرسه فلما بصر به اللص أقبل نحوه فطعنه فقتله ثم أقبل إليه ، فقال : قم ، فقال : من أنت بأبي أنت وأمي فقد أغاثني الله بك اليوم ، فقال : أنا ملك من أهل السماء الرابعة دعوت فسمعت لأبواب السماء قعقعة ثم دعوت بدعائك الثاني فسمعت لأهل السماء ضجة ثم دعوت بدعائك الثالث فقيل لي دعاء مكروب فسألت الله أن يوليني قتله . قال الحسن فمن توضأ وصلى أربع ركعات ودعا بهذا الدعاء استجيب له مكروبا كان أو غير مكروب .  قال الإمام ابن القيم في الجواب الكافي :وكثيرا ما نجد أدعية دعا بها قوم فاستجيب لهم فيكون قد اقترن بالدعاء ضرورة صاحبه وإقباله على الله أو حسنة تقدمت منه جعل الله سبحانه إجابة دعوته شكراَ لحسنته أو صادف الدعاء وقت إجابة ونحو ذلك فأجيبت دعوته فيظن الظان أن السر في لفظ ذلك الدعاء فيأخذه .]

فإذا كنت في كرب وشدة فإن الفرج موصول بالدعاء فإنه سبحانه نعم المجيب ( ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون ) ، ( وَنُوحاً إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ) (الأنبياء:76) .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة التاسعة في موضوع ( المجيب) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

إن ربي قريب مجيب

وإذا كنت في ضر ومرض وألم فلا تضن على نفسك بالدعاء فبه يكشف الضر وبه يزول : (وأيوب إذ نادى ربه أني مسنى الضر وأنت أرحم الراحمين فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ) (الأنبياء:84) .

وإذا دُفعت إلى شدة شديدة ، وخوف عظيم ، لا حيلة لك فيها، ، فالجأ إلى الصلاة والدعاء ، وأقبل على التضرع والبكاء ، وأسأل الله عز وجل تعجيل الفرج فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو عند الكرب يقول : ( لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب العرش الكريم لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض رب العرش الكريم ) [أخرجه البخاري في صحيحه ( 5/ 2336 برقم 5986 ].

وقد كان صلى الله عليه وسلم يقول : ( ما أصاب أحداً قط هم ولا حزن فقال اللهم إني عبدك بن عبدك بن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك أسألك اللهم بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو علمته أحداً من خلقك أو أنزلته في كتابك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرحاً فقيل : يا رسول الله ألا نتعلمها ؟ قال : بل ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها )[ أخرجه الإمام أحمد في مسنده 1/391 برقم ( 3712) ].                   قال ابن مسعود : ما كُرب نبي من الأنبياء إلا استغاث بالتسبيح (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) (الأنبياء:88) )

وفي كتاب ( الفرج بعد الشدة ) أن الوليد بن عبد الملك بن مروان كتب إلى صالح بن عبد الله المزني، عامله على المدينة، أن أنزل الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، فاضربه في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، خمسمائة سوط.

قال: فأخرجه صالح إلى المسجد، ليقرأ عليهم كتاب الوليد بن عبد الملك، ثم ينزل فيضرب الحسن، فبينما هو يقرأ الكتاب، إذ جاء علي بن الحسين عليهما السلام ، مبادراً يريد الحسن، فدخل والناس معه إلى المسجد، واجتمع الناس، حتى انتهى إلى الحسن فقال له: يا ابن عم، ادع بدعاء الكرب . فقال : وما هو يا ابن عم قال: قل: لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله العلي العظيم، سبحان الله رب السماوات السبع، ورب العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين  قال: وانصرف علي، وأقبل الحسن يكررها دفعات كثيرة. فلما فرغ صالح من قراءة الكتاب ونزل عن المنبر، قال للناس: أرى سحنة رجل مظلوم، أخروا أمره حتى أراجع أمير المؤمنين، وأكتب في أمره . ففعل ذلك ، ولم يزل يكاتب ، حتى أطلق . قال: وكان الناس يدعون ، ويكررون هذا الدعاء ، وحفظوه . قال: فما دعونا بهذا الدعاء في شدة إلا فرجها الله عنا بمنه . )

اللهم إليك نفزع ، وعليك نتوكل ، وإياك نستعين .                                             سبحانك لا مغلق لما فتحت ، ولا فاتح لما أغلقت .

سبحانك لا ميسر لما عسرت ، ولا معسر لما يسرت

اللهم اجعل لنا وللمستضعفين من المؤمنين من كل هم فرجاً ، ومن كل ضيق مخرجاً ، ومن كل بلاء عافية . دعوناك كما أمرتنا ، فاستجب لنا كما وعدتنا وأنت القريب المجيب ، لا نخيب ونحن لك راجون ، ولا نذل ونحن بابك واقفون ، ولا نفتقر ونحن لك قاصدون .

[الأنترنت – موقع صيد الفوائد  - ماجد بن أحمد الصغير- كلية الشريعة وأصول الدين - جامعة القصيم]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة العاشرة في موضوع ( المجيب) وستكون إستكمالا للماضية والتي هب بعنوان :

*إن ربي قريب مجيب

وقال د عبد الرزاق البدر : المجيب : ورد اسم الله (المجيب) في موضع واحد من القرآن الكريم ،وهو قوله تعالى :{ وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ} [هود : 61]

واسمه تعالى (المجيب) يدل على أنه سبحانه يسمع دعاء

 الداعين ،ويجيب سؤال السائلين ،ولا يخيّب مؤمنًا دعاه ،ولا يرد مسلمًا ناجاه ،ويحب سبحانه أن يسأله العباد جميع مصالحهم الدينية والدنيوية .

وقد ورد في السنة النبوية أحاديث عديدة في الترغيب بالدعاء ،وبيان أن الله تبارك وتعالى يجيب الداعين ويعطي السائلين ،وأنه جل وعلا حيي كريم ،أكرم من أن يرد من دعاه أو يخيّب من ناجاه ،أو يمنع من سأله.

روى أبو داود والترمذي وغيرهما عن سلمان الفارسي –رضي الله عنه –عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إن الله حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه

إليه أن يردهما صفرا).

وفي حديث النزول الإلهي يقول صلى الله عليه وسلم : ( ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول :من يدعوني فأستجيب له،من يسألني فأعطيه،من يستغفرني فأغفر له ) متفق عليه.

وإن من أثر الإيمان باسم الله (المجيب) أن يقوي يقين العبد بالله ، ويعظم رجاؤه ويزيد إقباله عليه وطمعه فيما عنده ،ويذهب عنه داء القنوط من رحمته أو اليأس من روحه . [الأنترنت – موقع د عبد الرزاق البدر ]

*الدعاء هو العبادة :

قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي

 رواه أبو داود والترمذي: «الدعاء هو العبادة» وفي لفظ آخر للترمذي: «الدعاء مخ العبادة» والمعنى أن العبادة في حقيقتها كلها دعاء وتقرب إلى الله تعالى فمن فرط فيه يكن قد فرط في العبادة، وفي الحديث إشارة لطيفة مضمونها دعوة العبد للحرص والإكثار من الدعاء لأنه صلة العبد بربه سبحانه، مما يجعل العبد دومًا متعلقًا بالله تعالى يتوكل عليه ويعتصم به ويستغفره من ذنبه ويسأله الهداية ويستزيده الرزق ويطلبه العون والشفاء ويدعوه لكل ما يهمه من أمور الدنيا والآخرة، وبهذا الشكل يبقى العبد متصلاً بربه تعالى دومًا متعلقًا به حريصًا على تقوية الصلة به ومعه.

وفي الحديث الآخر الذي رواه الترمذي قول الرسول

 صلى الله عليه وسلم : «من لم يسأل الله يغضب عليه» والمعنى أن من ترك الدعاء فكأنه قد نسي الله تعالى والحاجة إليه وبالتالي كأنه استغنى عن ربه عز وجل فيغضب عليه، والعبد لا غنى له عن ربه سبحانه وتعالى ولا مقدار طرفة عين ولا أقل من ذلك لذا عليه دوام الدعاءوالتعلق بربه عز وجل والتقرب منه سبحانه

وفي الحديث الآخر الذي رواه الترمذي أيضًا قول الرسول صلى الله عليه وسلم : «ليس شيء أكرم على الله تعالى من الدعاء» والمعنى أن الله تعالى هو الفاعل القادر الرازق المعطي المتفضل والخلق كلهم مفتقرون إليه ومحتاجون لفضله ولنعمه فمتى ما دعا العبد ربه عز وجل ولجأ إليه كان ذلك اعترافًا منه بفقره وبعجزه وبحاجته وفي نفس الوقت الاعتراف بحول الله تعالى وقوته وبقدرته على كل شيء وهو عز وجل لا يرد من لجأ إليه ودعاه ولا يخيب من رجاه ويستجيب لعبده الداعي

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الحادية عشرة في موضوع ( المجيب) وستكون إستكمالا للماضية والتي هب بعنوان :

 الدعاء يحقق التوفيق لكل خير

إن الدعاء باب عظيم من فتحه على نفسه وفق لكل خير ومن تركه يكن قد أضاع على نفسه الخير الكثير وأغلق على نفسه باب السماء وقد قال صلى الله عليه وسلم  في الحديث الذي رواه الترمذي: «من فتح له منكم باب الدعاء فتحت له أبواب الرحمة وما سئل الله شيئًا يُعطى أحب إليه من أن يسأل العافية» فالحديث يدل على أن من وفق للدعاء فقد أوتي خيرًا كثيرًا ومن حرمه فقد حرم خيرًا كثيرًا، وأن العافية هي أحب شيء يْسأله الله سبحانه وتعالى ويعطيه لخلقه.

والدعاء هو مفتاح السماء به يعطي الله تعالى العبد ما يشاء بكرمه ومَنِّهِ ويمنع عنه ما يشاء بحكمته ورحمته، والعبد ولا شك يسأل الله تعالى أمورًا كثيرة مما يهمه من أمور الدنيا والآخرة ولعله يكون حريصًا على أن تتحقق له كلها وربما لو أنها تحققت له لكان شرًا عليه، فهو بحكمته ورحمته سبحانه يعطي ويمنع ما يشاء ولمن شاء متى شاء وكيف ما شاء.

والله سبحانه وتعالى برحمته وعد بالإجابة لمن دعاه

وأقبل عليه ورجاه وسأله واستغفره وهو موقن بذلك مصداقًا لقوله صلى الله عليه وسلم  في الحديث الذي رواه الترمذي والحاكم: «ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة واعلموا أن الله لا يستجيب من قلب غافل لاه»   ففي الحديث إشارة على وجوب استحضار القلب حال الدعاء والوقوف بين يدي الله تعالى، وأن الله عز وجل يستجيب لعبده المخلص الصادق المقبل عليه والفار إليه.

وقد علمنا صلى الله عليه وسلم  أن ندعو الله تعالى بجوامع الدعاء لأنها ألفاظ معدودة تجمع الخير الكثير وتغني عن العبارات الكثيرة قالت عائشة رضي الله عنها في الحديث الذي رواه أبو داود والترمذي: (كان صلى الله عليه وسلم  يستحب الجوامع من الدعاء، ويدع ما سوى ذلك) فحسْبْ الداعي الدعوات المختصرة التي تحوي المعاني الكثيرة.

وكما علمنا صلى الله عليه وسلم  حال الدعاء أن نسأل الله تعالى بأفضل ما نريد وليس شيء على الله بعزيز وهو عليه يسير، وأفضل ما يسعى إليه المسلم ولا ريب هو سؤال الله تعالى الجنة فإذا سألنا الله تعالى الجنة فليكن سؤالنا الفردوس الأعلى كما في الحديث المتفق عليه قول الرسول صلى الله عليه وسلم :    «إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس الأعلى، فإنه وسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة» اللهم إنا نسألك الفردوس الأعلى يا رب العالمين اللهم آمين.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثانية عشرة في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان : أسرار الدعاء وفضله:

إن الدعاء هو حبل السماء الذي يمده العبد بينه وبين ربه سبحانه وتعالى ويلجأ إليه متى شاء فيقف بين يدي الله عز وجل ويدعو ويطلب ويسأل ما شاء ومتى شاء وكيف ما شاء.

والله سبحانه وتعالى يفتح باب الدعاء ويمن به عز وجل على من يشاء من عباده ممن رضي عنه فيلهمه أسرارًا من الدعاء تصعد إلى السماء كالسهم الذي لا يحيد عن مرماه ويعلمه دعوات لا ترد وبألفاظ وعبارات تنم عن قلب خاضع وخاشع ومنطرح بين يدي ربه تعالى مقبل عليه سبحانه معترف بغاية الفقر والافتقار لائذٌ بربه عز وجل متعلقٌ متصل به.

وحسن الدعاء لا يؤتاه العبد بكثرة تحصيل ولا علم ولا دراية ولكن يؤتاه بتوفيق وببصيرة وبقرب من الله تعالى وإخلاص وصدق نية ورضًا وخشوع، وهناك ألفاظ وعبارات من الدعاء لا يؤتاها أي عبد بل يعطيها سبحانه وتعالى لمن أحب ويقذفها في قلب من رضي عنه وجعله من أوليائه الصالحين.

فالصالحين والأولياء مثًلا يعلمهم ويلهمهم سبحانه

 وتعالى ويجري على ألسنتهم أدعية مباركة في غاية الحسن والجمال والتقرب إليه سبحانه، فهي كنز ثمين يؤتيه عز وجل من يشاء من عباده وصدق سبحانه القائل في سورة [البقرة 282]: }وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ{ ففي الآية دلالة على أن من اتقى الله سبحانه وتعالى علمه وألهمه وأفاض عليه من نعيمه وكنوزه وكشف له من الأسرار الشيء الكثير ومن ذلك حسن الدعاء، فسبحان الله العظيم.                                             وباب السماء مفتوح أبدًا ولا يغلق وهذا من عظيم رحمة الله تعالى ورأفته بعباده قال الرسول صلى الله عليه وسلم  في ذلك في الحديث الذي رواه مسلم: «إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها» والمعنى أن باب السماء مفتوح دومًا للداعي وللمستغفر وللسائل والله سبحانه يبسط يديه يقبل كل ذلك وفي أي وقت من ليل أو نهار، وهذا يعني أنه يسع العبد الوقوف بين يدي ربه تعالى في أي وقت مباشرة ودون أي انتظار.

وقال الرسول صلى الله عليه وسلم  في الحديث الآخر المتفق عليه: «ينزل الله تبارك وتعالى في كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير فيقول هل من سائل فأعطيه؟ هل من داع فأستجيب له؟ هل من مستغفر فأغفر له؟» فانظر أخي المسلم كيف أن الله تعالى يعرض رحمته ويهيئ لعباده سبل القبول والتوبة والإنابة في كل وقت وحين فمن أحب أن يقف بين يدي ربه سبحانه وتعالى ويدعوه ويخضع له ويعرض عليه شكايته ويناجيه بحاجاته وتظلماته أو يستغفره من ذنبه أو يطلبه من أموره وحوائجه أو يسأله من واسع فضله فله ذلك لا يمنعه منه أحد، ولئن كانت الملوك تغلق أبوابها دون حاجات الناس فباب ملك الملوك مفتوح دائمًا متى شاء العبد دخله ووقف بين يدي ربه عز وجل ودون أية واسطة وعرض عليه مسألته وحاجته ودعواه، وهذا كما قلت من عظيم رحمة الله تعالى وغاية رأفته بعباده سبحانه.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثالثة عشرة في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان :الإخلاص والخضوع في الدعاء

والعبد كلما أخلص في الدعاء وبالغ في الخضوع والانحناء بين يدي ربه تعالى أو كلما كان العبد مضطرًا محتاجًا أو كلما كان العبد زاهدًا ورعًا قريبًا من ربه عز وجل كان ذلك أقرب للإجابة وأحرى لتحقيق ما أراد من ربه سبحانه وتعالى.

والله سبحانه وتعالى قريب من العباد في كل وقت وحين يسمع كلامهم ويستجيب دعاءهم لا تلتبس عليه ألسنتهم ولا تختلط عليه لغاتهم ولا ترهقه حاجاتهم ولا يشغله أحد عن أحد وصدق سبحانه القائل في محكم التنزيل في سورة [البقرة 186]: }وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ{ ففي الآية دلالة على أن الله تعالى مطلع على عباده قريب منهم دومًا مجيب لمن دعاه سبحانه في أي وقت كان وفي أي ظرف كان، فمتى دعا الداعي وجد ربه سبحانه وتعالى قريبًا منه سميعًا له مجيبًا لدعواه فله الحمد عز وجل.

وقد ذكر ابن كثير وغيره من المفسرين في سبب نزول هذه الآية هو أن إعرابيًا جاء فقال: (يا رسول الله صلى الله عليك وسلم أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه فسكت النبي  صلى الله عليه وسلم  فأنزل الله تعالى هذه الآية {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي{ والمعنى أن الله تعالى قريب من عباده دومًا متى دعوه سمعهم وأجابهم سبحانه وتعالى.

وكما ذكر القرطبي في تفسيره في تفسير قوله تعالى:

 }فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ{ [آل عمران: 195] أي أجابهم، قال الحسن ما زالوا يقولون (ربنا ربنا) حتى استجاب لهم، وقال جعفر الصادق: (من حزبه أمر فقال خمس مرات: ربنا؛ أنجاه الله مما يخاف وأعطاه ما أراد قيل وكيف ذلك قال اقرؤوا إن شئتم }الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ{ إلى قوله }إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ{ [آل عمران: 191-195] وذلك لأن لفظ (ربنا) ورد في هذه الآيات المذكورة خمس مرات ثم تبع ذلك قوله تعالى: }فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ{ فمن دعا ربه قائلاً خمس مرات (ربنا) استجاب الله تعالى له بعدها فله الحمد والمنة سبحانه[الأنترنت – موقع أسرار الدعاء ومفاتيح السماء  تأليف خالد بن محمد عطية ]                                                         

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الرابعة عشرة في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان : *أهمية الدعاء :

قال الدكتور / إبراهيم الدويش: يا سامعا لكل شكوى

يا خالق الأكوان أنت المرتجى... ...   وإليك وحدك ترتقي صلواتي

يا خالقي ماذا أقول وأنت تعلمني000 وتعلم حاجتي وشكاتــي

يا خالقي ماذا أقول وأنت.... ..... .. مطلع على شكواي والأناتي

اللهم يا موضع كل شكوى، ويا سامع كل نجوى، ويا شاهد كل بلوى، يا عالم كل خفية، و يا كاشف كل بلية، يا من يملك حوائج السائلين، ويعلم ضمائر الصامتين ندعوك دعاء من أشدت فاقته، وضعفت قوته، وقلت حيلته دعاء الغرباء المضطرين الذين لا يجدون لكشف ما هم فيه إلا أنت. يا أرحم الراحمين أكشف ما بنا وبالمسلمين من ضعف وفتور وذل وهوان.

يا سامعا لكل شكوى أعن المساكين والمستضعفين وأرحم النساء الثكالى والأطفال اليتامى وذي الشيبة الكبير، إنك على كل شيء قدير.

معاشر الأخوة والأخوات: إن في تقلب الدهر عجائب، وفي تغير الأحوال مواعظ، توالت العقبات، وتكاثرت النكبات،  وطغت  الماديات على كثير من الخلق

  فتنكروا  لربهم ووهنت  صلتهم به.

اعتمدوا على الأسباب المادية البحتة، فسادة موجات القلق والاضطراب، والضعف والهوان، وعم الهلع والخوف من المستقبل، خافوا على المستقبل، تخلوا عن ربهم فتخلى الله عنهم:

( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ).جميعُ الخلق مفتقرون إلى الله، مفتقرون إلى الله في كل شؤونِهم وأحوالِهم، وفي كلِ كبيرةٍ وصغيره، وفي هذا العصرُ تعلقَ الناسُ بالناسِ، وشكا الناسُ إلى الناس، ولا بأسَ أن يُستعانُ بالناس في ما يقدرون عليه، لكن أن يكونَ المُعتمَدُ عليهم، والسؤال إليهم، والتعلقُ بهم فهذا هو الهلاكُ بعينه، فإن من تعلق بشيٍ وكلَ إليه.

نعتمدُ على أنفسِنا وذكائِنا بكل غرورٍ وعجب وصلف، أما أن نسأل اللهَ العونَ والتوفيق، ونلحَ عليه بالدعاء، ونحرِصِ على دوام الصلة باللهِ في كلِ الأشياء، وفي الشدةِ والرخاء، فهذا أخرُ ما يفكرُ به بعض الناس.

فقيراً جئتُ بابك يا إلهي.........ولستُ إلى عبادك بالفقيرِ

غنياً عنهمُ بيقينِ قلبي...........وأطمعُ منك في الفضلِ الكبيرِ

الهي ما سألتُ سواك عونا......فحسبي العونُ من ربٍ قديرِ

الهي ما سألتُ سواك عفوا.....فحسبي العفوُ من ربٍ غفورِ

الهي ما سألتُ سواك هديا.....فحسبي الهديُ من ربٍ بصيرِ

إذا لم أستعن بك يا الهي......فمن عونيِ سواك ومن مجيرِ

إن الفرار إلى الله، واللجوء إليه في كلِ حالٍ وفي كل كربٍ وهم، هو السبيلُ للتخلصَ من ضعفنا وفتورنا وذلنا و هواننا.

إن في هذه الدنيا مصائبَ ورزايا، ومحناً وبلايا، آلامُ تضيقُ بها النفوس، ومزعجاتُ تورث الخوفَ والجزع، كم في الدنيا من عينٍ باكيةٍ ؟وكم فيها من قلب حزين؟وكم فيها من الضعفاءِ والمعدومين، قلوبُهم تشتعل، ودموعُهم تسيل ؟هذا يشكُ علةً وسقما. وذاك حاجةً وفقرا. وآخر هماً وقلقا. عزيزٌ قد ذل، وغنيٌ افتقر، وصحيحٌ مرض، رجل يتبرم من زوجه وولده، وآخرُ يشكُ ويئنُ من ظلمِ سيده. وثالثٌ كسدة وبارت تجارته، شاب أو فتاة يبحث عن عروس، وطالب يشكُ كثرة الامتحانات والدروس. هذا مسحور وذاك مدين ،وأخر ابتليَ بالإدمان والتدخين، ورابعُ أصابه الخوفُ ووسوسةُ الشياطين. تلك هي الدنيا، تضحكُ وتبكي، وتجمعُ وتشتت، شدةُ ورخاءُ وسراءٌ وضراءُ.  وصدق الله العظيم: (لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ).

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الخامسة عشرة في موضوع ( المجيب) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : أهمية الدعاء :

يا أصحابَ الحاجات.أيها المرضى.أيها المدينون.

أيها المكروب والمظلوم.أيها المُعسرُ والمهموم.

أيها الفقيرُ والمحروم.يا من يبحث عن السعادة الزوجية.يا من يشكو العقم ويبحث عن الذرية.

يا من يريد التوفيق بالدراسة والوظيفة.يا من يهتم لأمر المسلمين. يا كلُ محتاج، يا من ضاقت عليه الأرضُ بما رحبت. لماذا لا نشكُ إلى اللهِ أمرنا ؟ وهو القائل:

 (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ).

  لماذا لا نرفعُ أكفَ الضراعة إلى الله ؟وهو القائل: ( فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ).

لماذا ضُعفُ الصلةِ بالله، وقلةُ الاعتمادِ على الله، وهو القائل: ( قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ ). لولا دعاؤكم.

  أيها المؤمنون، أيها المسلمون يا أصحابَ الحاجات، ألم نقرأ في القرآنِ قول الحق عز وجل:        ( فَأَخَذْنَاهُمْ  بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ) لماذا ؟ ( لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ).

فأين نحن من الشكوى لله، أين نحن من الإلحاح والتضرعِ  لله؟

سبحان الله، ألسنا بحاجةٍ إلى ربنا؟ أنعتمدُ على قوتنا

 وحولِنا، والله ثم واللهِ (لا حول لنا ولا قوةَ إلا بالله )

واللهِ لا شفاء إلا بيد الله، ولا كاشفَ للبلوى إلا الله، لا توفيق ولا فلاح ولا سعادةَ ولا نجاح

 إلا من الله. العجيبُ والغريب أيها الأخوةُ  أن كلَ مسلمٍ يعلمُ ذلك، ويعترفُ بهذا بل ويقسمُ

على هذا، فلماذا إذاً تتعلقُ القلوبُ بالضعفاءُ العاجزين ؟ولماذا نشكو إلى الناسِ ونلجأَ للمخلوقين ؟

سل الله ربك ما عنده......... ولا تسأل الناس ما عندهم

ولا تبتغي من سواه الغنى..... وكن عبده لا تكن عبدهم

فمن يا إذا  بُليت سلاك أحبابك، وهجرك أصحابك.

 يا من نزلت بها نازلة، أو حلت به كارثة.

يا من بليت بمصيبةٍ أو بلاءٍ، ارفع يديك إلى السماء وأكثر الدمعَ والبكاء، وألحَ على اللهِ بالدعاء وقل: يا سامعاً لكلِ شكوى. إذا استعنت فأستعن بالله، وإذا سألت فأسأل الله، وقل يا سامعاً لكل شكوى. توكل على الله وحده، وأعلن بصدقٍ أنك عبده واسجد لله بخشوع، وردد بصوتٍ مسموع:يا سامعاً لكلِ شكوى.

أنت الملاذُ إذا ما أزمةٌ شملت........وأنت ملجأُ من ضاقت بهِ الحيلُ

أنتَ المنادى به في كلِ حادثِةٍ.......أنت الإلهُ وأنت الذخرُ والأملُ

أنت الرجاءُ لمن سُدت مذاهبهُ......أنت الدليلُ لمن ضلت بهِ السبلُ

إنا قصدناك والآمال واقعةٌ.........عليكَ والكلُ ملهوفُ ومبتهلُ

إن الأنبياء والرسلَ، وهم خيرُ الخلق، وأحبُ الناسَ إلى الله،  نزل بهم البلاء واشتدَ بهم الكرب، فماذا

 فعلوا وإلى من لجئوا. 

  أخي الحبيب، أختصرُ لك الإجابة، إنه التضرعُ والدعاء، والافتقارُ لربِ الأرضِ والسماء،

إنها الشكايةُ لله وحُسنُ الصلةِ بالله.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة السادسة عشرة في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان : دعاء الأنبياءوالإستجابه لهم :

هذا نوحٌ عليه السلام يشكو أمرَه إلى الله ويلجأُ لمولاه: قال تعالى: (وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ * وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ). كانتِ المناداة، كانتِ المناجاة، فكانتِ الإجابةُ من  الرحمن الرحيم.

وقال تعالى: ( وَنُوحاً إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ).

وقال عز من قائل: (فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ *

فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ).

   هذا أيوبُ عليه السلام، ابتلاهُ اللهُ بالمرضِ ثمانيةَ عشر عاماً حتى أن الناسُ ملوا زيارته لطولِ المدة، فلم يبقى معه إلا رجلانِ من إخوانهِ يزورانه، لكنه لم ييئس عليه السلام، بل صبرَ واحتسب، وأثنى الله عليه:   ( إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ)، أواب أي رجاعٌ منيبٌ إلى ربه، ظل على صلتِه بربِه وثقتِه به، ورضِاهُ بما قسم الله له، توجه إلى ربه بالشكوى ليرفع عنه الضراء والبلوى قال تعالى:(وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ). فماذا كانتَ النتيجة ؟ قال الحقُ عز وجل ، العليمُ البصيرُ بعباده، الرحمنُ الرحيم قالَ: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ).

   وهذا يونسُ عليه السلام، رفع الشكاية لله فلم ينادي ولم يناجي إلا الله قال تعالى:

( وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ). فماذا كانتَ النتيجة ؟ (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ).

وزكريا عليه السلام قال الحق عز وجل عنه: (وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ). ماذا كانت النتيجة ؟  (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ).     

الذين يشكون العقم وقلة الولد. إذاً لماذا استجاب الله دعائهم؟ لأنهم كانوا يسارعون في الخيرات، وكانوا لا يملون الدعاء، بل كان القلب متصل متعلق بالله، لذلك قال الله عنهم: (وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ).خاشعين متذللين، معترفين بالتقصير، فالشكاية تخرج من القلب قبل اللسان.

ويعقوبُ عليه السلام قال: (قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ)،

انظروا لليقين، انظروا للمعرفة برب العالمين: (وَأَعْلَمُ مِنَ

 اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ)، فاستجاب اللهُ دعائَه وشكواه وردَ عليه يوسفَ وأخاه.

   وهذا يوسف عليه السلام ابتلاه الله بكيد النساء، فلجأ إلى الله، وشكى إليه ودعاه فقال:

( وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ)، إنه التضرع والدعاء، والافتقار لرب الأرض والسماء، إنها الشكاية لله، وحسن الصلة بالله. (فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة السابعة عشرة في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان : دعاء الأنبياءوالصالحين والإستجابه لهم :

 وأخبر الله عن نبينا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وأصحابه فقال تعالى: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ). استغاثة ألجاته إلى الله، شكوى وصلة بالله سبحانه وتعالى.

 وهكذا أيها الأحبةِ حينما نستعرضُ حياةَ الرسلِ جميعاً، كما قصها علينا القرآن الكريم، نرى أن الابتلاء والامتحان كان مادتُها وماُئها، وأن الصبرَ وحسنُ الصلةِ بالله ودوام الالتجاءِ وكثرةُ الدعاءِ وحلاوة الشكوى كان قوَمُها.

وما أشرنا إليه إنما هي نماذج من الاستجابة للدعاء، ومن رجع إلى كتب السير والتفاسير وقف على شدةِ البلاء الذي أصاب الأنبياء، وعلم أن الاستجابةَ جاءت بعد إلحاحٍ ودعاء، واستغاثةٍ ونداء. إنها آياتُ بينات وبراهينُ واضحات، تقول بل وتعلن أن من توكلَ واعتمد على الله ،وأحسن الصلة بمولاه استجاب الله دعاءه، وحفظه ورعاه، فإن لم يكن ذلك في الدنيا كان في الآخرة: ( وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلا تَعْقِلُونَ).

  إنها صفحاتٌ من الابتلاء والصبر معروضةٌ للبشرية

، لتسجل أن لا اعتماد إلا على الله، وان لا فارجَ للهمِ ولا كاشفَ للبلوى إلا الله.

هذا هو طريق الاستعلاء أن تنظرَ إلى السماء،  وأن تلحُ بالدعاء، لأن الشكوى إلى الله تشعرك بالقوةِ والسعادة، وأنك تأوي إلى ركنٍ شديد.

أما الشكوى إلى الناس، والنظرِ إلى ما في أيدي الناس فيشعرك بالضعف والذل والإهانةِ والتبعية.

يا أهل التوحيد،أليس هذا أصل من أصول التوحيد ؟

إن من أصول التوحيد أن تتعلق القلوبُ بخالقها في

 وقت الشدةِ والرخاء والخوفِ والأمن، والمرضِ والصحة، وفي كل حالٍ وزمان.

وما نراه اليومَ من تعلقِ القلوب بالمخلوقين، وبالأسباب وحدها دون اللجأ إلى الله، لهو نذيرُ خطرٍ يزعزعُ عقيدةِ التوحيدِ في النفوس.

 إن الشكوى لله، والتضرعَ إلى الله، وإظهارَ الحاجة إليه، ولاعتراف بالافتقار إليه من أعظمِ عرى الإيمانِ وثوابتِ التوحيد، وبرهانُ ذلك الدعاء والإلحاح بالسؤال، والثقةُ واليقينُ بالله في كلِ حال.

ولقد زخرت كتبُ السنةِ بأنواعٍ من الدعاءِ تجعلُ المسلمَ على صلةٍ بربه، وفي حرزٍ من عدوه، يقضي أمره ويكفي همه.

في كلِ مناسبةٍ دعاء، في اليقظةِ والمنام، والحركة

 والسكون، قياماً وقعودا، وعلى الجنوب، ابتهالٌ وتضرعٌ في كل ما أهم العبد، وهل إلى غيرِ الله مفر، أم هل إلى غيره ملاذ.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثامنة عشرة في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان : أمثلة على الأدعية                           ففي المرض مثلا الأحاديث كثيرة، والأدعية مستفيضة،إليك على سبيل المثال ما أخرجه البخاري

 ومسلم من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها:

أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه المعوذات، وينفث، فلما أشتد وجعه كنت اقرأ عليه وأمسح عليه رجاء بركتها.

وأخرج البخاري ومسلم أيضا من حديث عائشة قالت:

 كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا اشتكى منا إنسان مسحه بيمينه ثم قال: أذهب البأس رب الناس، وأشفي أنت الشافي لا شفاء إلا شفائك، شفاء لا يغادر سقما، أي لا يترك سقما.

وفي صحيح مسلم عن عثمان أبن أبي العاص رضي الله تعالى عنه: أنه شكى إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وجعا يجده في جسده منذ أسلم، فقال له (صلى الله عليه وآله وسلم): ضع يدك على الذي تألم من جسدك.-انظروا لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، قدوتنا وحبيبنا يربي الناس، ويربي أصحابه على الاعتماد واللجاءة إلى الله- ضع يدك، -الإرشاد أولا لله، التعلق أولا بالله، لم يرشده أولا لطبيب حاذق ولا بأس بهذا، لكن التعلق بالله يأتي أولا-

ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل بسم الله، بسم الله ، بسم الله ثم قل سبعا أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر.

وفي رواية أمسحه بيمينك سبع مرات، وفي رواية قال عثمان فقلت ذلك  فأذهب الله ما كان بي، فلم أزل آمر بها أهلي وغيرهم.

سبحان الله، اسمعوا لحسن الصلة بالله، والتوكل على الله، فلم أزل آمر بها أهلي وغيرهم.

أيها المريض، أعلم أن من أعظم أسباب الشفاء

 التداوي بالرقى الشرعية من القرآن والأدعية النبوية، ولها أثر عجيب في شفاء المريض وزوال علته، لكنها تريد قلبا صادقا وذلا وخضوعا لله.

رددها أنت بلسانك، فرقيتك لنفسك أفضل وأنجع وأنجح، فأنت المريض وأنت صاحب الحاجة

، وأنت المضطر، وليست النائحة الثكلى كالنائحة المستأجرة، وما حك جلدك مثل ظفرك، فتوكل على الله بصدق وألح عليه بدون ملل، وأظهر ضعفك وعجزك، وحالك وفقرك إليه، وستجد النتيجة العجيبة إن شاء الله ثقة بالله.

فإلى كل مريض مهما كان مرضه أقول: شفاك الله

وعافاك، اعلم أن الأمراض من جملة ما يبتلي الله به عباده، والله عز وجل لا يقضي شيئا إلا وفيه الخير والرحمة لعباده، وربما كان مرضك لحكمة خفيت عليك، أو خفيت على عقلك البشري الضعيف، وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة التاسعة عشرة في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان : فوائد الأمراض

أيها الحبيب شفاك الله، هل علمت أن للأمراض والأسقام فوائد وحكم أشار أبن القيم إلى أنه أحصاها فزادت على مائة فائدة [انظر كتاب شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل صفحة 525]

هل سمعت قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه، إلا حط الله به سيئاته كما تحط الشجرة ورقها.

وهل سمعت أنه (صلى الله عليه وآله وسلم): زار أم

 العلاء وهي مريضة فقال لها ابشري يا أم العلاء فإن مرض المسلم يذهب الله به خطاياه كما تذهب النار خبث الذهب والفضة.

قال أبن عبد البر رحمه الله: الذنوب تكفرها المصائب والآلام، والأمراض والأسقام، وهذا أمر مجمع عليه.

والأحاديث والآثار في هذا مشهورة ليس هذا مقام بسطها، لكن المراد هنا أننا نرى حال بعض الناس إذا مرض فهو يفعل كل الأسباب المادية من ذهاب للأطباء وأخذ للدواء وبذل للأموال وسفر للقريب والبعيد، ولا شك أن هذا مشروع محمود، ولكن الأمر الغريب أن يطرق كل الأبواب وينسى باب مسبب الأسباب، بل ربما لجأ للسحرة والمشعوذين، نعوذ بالله من حال الشرك والمشركين. ألم يقرأ هذا وأمثاله في القرآن:( وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ).

أيها المريض أعلم أن الشافي هو الله، ولا شفاء إلا شفائه.

أيها المريض، بل يا كل مصاب أيا كانت مصيبته، هل سألت نفسك لماذا ابتلاك الله بهذا المرض، أو بهذه المصيبة ؟ ربما لخير كثير ولحكم لا تعلمها ولكن الله يعلمها،ألم يخطر ببالك أنه أصابك بهذا البلاء ليسمع صوتك وأنت تدعوه، ويرى فقرك وأنت ترجوه، فمن فوائد المصائب استخراج مكنون عبودية الدعاء.

قال أحدهم: سبحان من استخرج الدعاء بالبلاء.

وفي الأثر (أن الله ابتلى عبدا صالحا من عباده وقال لملائكته لأسمع صوته.) يعني بالدعاء والإلحاح.

أيها المريض، المرض يريك فقرك وحاجتك إلى الله، وأنه لا غنى لك عنه طرفة عين، فيتعلق قلبك بالله، وتقبل عليه بعد أن كنت غافلا عنه، وصدق من قال: فربما صحت الأجسام بالعلل.

فأرفع يديك وأسل دمع عينيك، وأظهر فقرك وعجزك، واعترف بذلك وضعفك.

في رواية عن سعيد ابن عنبسة قال: بينما رجل جالس وهو يعبث بالحصى ويحذف به إذ رجعت حصاة منه عليه فصارت في أذنه، فجهدوا بكل حيلة فلم يقدروا على إخراجها، فبقيت الحصاة في أذنه مدة وهي تألمه، فبينما هو ذات يوم جالس إذ سمع قارئ يقرأ: (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ).فقال الرجل: يا رب أنت المجيب وأنا المضطر فأكشف عني ما أنا فيه، فنزلت الحصاة من أذنه في الحال. لا تعجب ، إن ربي لسميع الدعاء، إذا أراد شيئا  قال له كن فيكون.

أيها المريض، إياك وسوء الظن بالله إن طال بك المرض، فتعتقد أن الله أراد بك سوء، أو أنه لا يريد معافاتك، أو أنه ظالم لك، فإنك إن ظننت ذلك فإنك على خطر عظيم.

أخرج الإمام أحمد بسند صحيح من حديث أبي هريرة أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إن الله تعالى يقول أنا عند ظني عبد بي، إن ظن خيرا فله، وإن ظن شرا فله.

يعني ما كان في ظنه فإني فاعله به، فأحسن الظن بالله تجد خيرا إن شاء الله.

لا تجزعن إذا نالتك موجعة.............. واضرع إلى الله يسرع نحوك الفرج

ثم استعن بجميل الصبر محتسبا............ فصبح يسرك بعد العسر ينسلج

فسوف يدلج عنك الهم مرتحلا........... وإن أقام قليلا سوف يدّلج

هذا في المرض، وأطلت فيه لكثرة المرضى، وحاجة الناس إلى مثل هذه التوجيهات، وهي تحتاج إلى دروس ومحاضرات، ولكن حسبي ما ذكرته الآن لأن الموضوع عام في المصائب والآلام.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة العشرون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان :الدعاء لتفريج هم الدين

ومن المصائب والآلام التي يحتاج الناس فيها إلى الشكوى إلى الله تراكم الديون وكثرة المعسرين.

كم من مدين عجز عن الوفاء، وكم من معسر يعيش في شقاء، هم في الليل وذل في النهار،أحزان وآلام لا يغمض في منام، ولا يهنأ في طعام، طريد للغرماء، أو مع السجناء، صبية صغار، وبيت للأجار، وزوجة مسكينة لا تدري أتطرق أبواب المحسنين أو تسلك

 طرق الفاسقين.

هذه رسالة مؤلمة من زوجة إلى زوجها في السجن بسبب الديون جاء فيها:

لم أتمتع معك في حياتنا الزوجية إلا فترة من الزمن حتى غيبوك في غياهب السجون، كم سنة غبت عني لا أدري ماذا فعل الله بك، ولا أدري عنك أحي فترجى أم ميت فتنعى، ليتك ترى حالي وحال أولادك، ليتك ترى حال صغارك، لست أدري هل أخون أمانة الله وأمانتك وأطلب الرزق لهؤلاء بطرق محرمة وأنا في ذمتك وعهدك، أم أطلب الطلاق ويضيع أولادك..  إلى أخر الرسالة من كتاب  إلى الدائنين والمدينين.

وأقول أيها الأحبة، تصوروا حال هذا الزوج كيف يكون وهو يقرأ هذه الكلمات، ديون وسجون وهموم وأولاد، ذل وخضوع للناس.

وأسمعوا لهذا الرجل وهو يشكو حاله ويقول: أنا رجل سجين على مبلغ من المال، وصار لي في السجن أكثر من سنة ونصف، ولا يقبل خصمي كفيلا، وأنا معسر

وصاحب عائلة فهل يجوز سجني؟

إلى هؤلاء وأمثالهم أقول: لماذا طرقتم الأبواب كلها ونسيتم باب من يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا خائبتين. وسنده جيد.

قال السري السبطي: كن مثل الصبي إذا اشتهى على

 أبويه شهوة فلم يمكناه قعد يبكي عليهما، فكن أنت مثله إذا سألت ربك ولم يعطك، فأقعد وأبكي عليه.

ولرب نازلة يضيق بها الفتى............... ذرعا وعند الله منها المخرج

كملت فلما استحكمت حلقاتها.......... فرجت وكان يظنها لا تفرج

ومن الأدعية في قضاء الدين ما أخرجه أبو داوود في سننه من حديث أبي سعيد الخدري

قال: دخل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) المسجد ذات يوم فرأى فيه رجلا من الأنصار يقال له أبو أمامه ، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إني أراك جالسا في المسجد في غير وقت صلاة، قال هموم لزمتني ، وديون يا رسول الله. قال (صلى الله عليه وآله وسلم) أفلا أعلمك كلاما إذ قلته أذهب الله همك وقضى عنك دينك، قلت بلى يا رسول الله، قال (قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال). قال ففعلت ذلك فأذهب الله تعالى همي وغمي وقضى عني ديني. يعلق القلوب بالله صلوات الله وسلامه عليه !

وروى البيهقي في فضائل الأعمال عن حماد ابن سلمة أن عاصما ابن أبي إسحاق شيخ القراء في زمانه قال: أصابتني خصاصة -أ ي حاجة وفاقة - فجئت إلى بعض إخواني فأخبرته بأمري فرأيت في وجهه الكراهة، فخرجت من منزله إلى الصحراء ثم وضعت وجهي على الأرض وقلت يا مسبب الأسباب، يا مفتح الأبواب، يا سمع الأصوات، يا مجيب الدعوات، يا قاضي الحاجات اكفني بحلالك عن حرامك وأغنني بفضل عن من سواك. يلح على الله بهذا الدعاء.

قال فوالله ما رفعت رأسي حتى سمعت وقعت بقربي، فرفعت رأسي فإذا بحدأة طرحت كيسا أحمر فأخذت الكيس فإذا فيه ثمانون دينارا وجوهرا ملفوفا بقطنة، فبعت الجواهر بمال عظيم، وأبقيت الدنانير فاشتريت منها عقارا وحمدت الله تعالى على ذلك.                                         إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الواحدة والعشرون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان :الدعاء عند الهم والغم

 من الأدعية عند الهم والقلق ما أخرجه أحمد في المسند من حديث عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما أصاب أحدا قط هم ولا حزن فقال : اللهم إني عبدك، ابن عبدك أبن أمتك ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضائك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي، إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرجا، وفي رواية فرحا، قال فقيل يا رسول الله ألا نتعلمها، قال بلى ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها.

أيها الأخوة، إن الإنسان منا ضعيف، فكيف إذا اجتمعت عليه الهموم والأحزان، وشواغل الدنيا ومشاكلها فزادته ضعفا، وجعلته فريسة للهم والقلق والتمزق النفسي.

انظروا للعيادات النفسية، وكثرت المراجعين لها، شباب وفتيات في أعمار الزهور، أين هؤلاء من الاعتصام بالله، والاتصال والشكوى للذي قدّر الهموم والغموم وقضى بالمصائب والأحزان.

يتصل به متذللا معترفا بذنبه طارقا بابه مستعينا به مستيقنا بأنه هو القادر على كشفها دون سواه، وما سواه إلا أسباب هو الذي يقدرها ويهيئها للعبد.

إن الله تعالى يقول: ( وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً).

قال أبن القيم في طريق الهجرتين: فإن الإنسان ضعيف البنية، ضعيف القوة، ضعيف الإرادة ضعيف الصبر والآفات إليه مع هذا الضعف أسرع من السيل في صبب الحدور، فبالاضطرار لابد له من حافظ معين يقويـه ويعينـه وينصره ويساعده، فإن تخلى عنه هذا

 المعين فالهلاك أقرب إليه من نفسه.

إذا فلنتعلم هذا الحديث كما أوصى (صلى الله عليه وآله وسلم) فإن فيه خضوعا وخشوعا لله، فيه اعترافا بالعبودية والذل لله، فيه توسل واستغاثة بجميع أسماء الله ما يُعرف منها وما لا يعرف، ماظهر وما خفى.

وأبشر أخي الحبيب فإن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه.

يا صاحب الهم إن الهم منفرج......... أبشر بخير فإن الفارج الله

إذا بليت فثق بالله وأرضى به......... إن الذي يكشف البلوى هو الله

ومن الأدعية عند النوازل والفتن والخوف ما أخرجه أبو داوود والنسائي عن أبي موسى أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان إذا خاف قوما قال: اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم.

وكان يقول (صلى الله عليه وآله وسلم) عند لقاء العدو: اللهم أنت عضدي وأنت ناصري، بك أصول وبك أجول وبك أقاتل.

وفي صحيح البخاري من حديث ابن عباس قال: (حسبنا الله ونعم الوكيل) قالها إبراهيم حين القي في النار، وقالها نبينا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) حين قال له الناس إن الناس قد جمعوا لكم.

فإذا كان المحيي والمميت والرزاق هو الله، فلماذا التعلق بغير الله؟

لماذا الخوف من الناس و(صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء كتبه الله عليك.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثانيةوالعشرون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان : لايسكن القلب إلا لله

 لا يمكن للقلب أبدا أن يسكن أو يرتاح أو يطمأن لغير الله، فاحفظ الله يحفظك وردد : ( فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ).

رأى موسى عليه السلام البحر أمامه والعدو خلفه

 فقال: (قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ)، إنها العناية

 الربانية إذا ركن إليها العبد صادقا مخلصا.

نبينا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) في الغار ويرى

 أقدام أعدائه على باب الغار، ويلتفت إلى صاحبه يقول: ( لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا )، والأعجب من ذلك أنه مطارد مشرد يبشر سراقة بأنه سوف يلبس سواري كسرى، هكذا الإيمان والاعتصام بالله.

كان (صلى) إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة، أي إذا نزل به ألم أو أصابه غم لجأ إلى الله، فزع إلى الصلاة ليلجأ إلى الله، ويشكو إلى الله، ويناجي مولاه.

إنها الثقة بالله عند الشدائد،فهو يأوي إلى ركن شديد.

فيا من وقعت بشدة أرفع يديك إلى السماء، وألح على الله بالدعاء والله يعصمك من الناس.

وإن كنتَ مظلوماً فأبشر فإن النبيَ (صلى الله عليه

وآله وسلم) قال لمعاذ حين بعثه إلى اليمن: وأتقِ دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): دعوة المظلوم مستجابة وإن كان فاجرا ففجوره على نفسه.

ألا قولوا لشخص قد تقوى............على ضعفي ولم يخشى رقيبه

خبأت له سهاما في الليالي............. وأرجو أن تكون له مصيبة

 إن من أعظم البلايا وأشد الرزايا ما يصيب المسلمين في كل مكان من غزو واجتياح وتعديات ومظالم وفقر وتجويع حتى أصاب بعض النفوس الضعيفة اليأس والقنوط والإحباط وفقدان الثقة والأمل.

لماذا أيها الأخوة ؟ أليس الأمر لله من قبل ومن بعد، أليس حسبنا الله وكفى بالله حسيبا، أليس الله بقادر ، أليس هو الناصر وكفى بالله نصيرا، ألا يعلم الله مكرهم، ألم يقل:( وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ).أليس الله بكافٍ عبده: (أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ).ألم يقل:(إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئينَ). ألم يقل: (فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).

معاشر الأخوة اسمعوا وعوا، وأعلموا وأعلنوا، إن مصيبتنا ليست بقوة عدونا، إنما هي بضعف صلتنا بربنا، وضعف ثقتنا وقلة اعتمادنا عليه، لنفتش في أنفسنا عند وقوعنا في الشدائد والمحن، أين الضراعة والشكوى لله، أين اللجاءة والمنجاة لله؟ ليس شيء أفضل عند الله من الدعاء لأن فيه إظهار الفقر والعجز، والتذلل والاعتراف بقوة الله وقدرته وغناه.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثالثةوالعشرون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان :فن الدعاء والتذلل

أيها المسلمون نريدأن تعلم فن الدعاء والتذلل والخضوع  

والبكاء، لنعترف بالفقر إليه، ولنظهر العجز والضعف بين يديه، أليس لنا في رسول الله قدوة، أليس لنا فيه أسوة، أوذي أشد الأذى، وكُذّب أشد التكذيب، أتهم بعرضه وخدشت كرامته، وطرد من بلده، عاشا يتيما وافتقر، ومن شدةِ الجوع ربط على بطنه الحجر، قيل عنه كذابُ وساحر، ومجنونُ وشاعر، توضعُ العراقيلُ في طريقه، وسلى الجزورِ على ظهره، يشجُ رأسُه، وتكسرُ رباعيتُه، يقتلُ عمه، جمعوا عليه الأحزابَ وحاصره، المشركون والمنافقون واليهود.

يذهبُ إلى الطائفِ يبلغُ دعوتَه فيقابلَ بالتكذيبِ والسبِ والشتمِ، ويطُردَ ويلاحقَ ويرمى بالحجارةِ  فماذا فعل -بأبي هوَ وأمي- (صلى الله عليه وآله وسلم) ؟

أين ذهب، من يسأل، على من يشكو، إلى ذي الجبروتِ والملكوتِ، إلى القوي العزيز، فأعلن (صلى الله عليه وآله وسلم) الشكوى، ورفعَ يديه بالنجوى، دعاء وألحَاح وبكاء، وتظلمَ وتألمَ وشكا، لكن اسمع لفنِ الشكوى وإظهار العجزِ والضعفِ والافتقار منه

(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: اللهم إليك أشكو ضعفَ قوتي وقلتَ حيلتي وهوانِ على الناس، يا أرحم الراحمين، إلى من تكِلني إلى عدوٍ يتجهمني، أم إلى قريبٍ ملكتَه أمري، إن لم يكن بك سخط علي فلا أُبالي، غير أن عافيتَك أوسعُ لي، أعوذ بنورِ وجهَك الكريم، الذي أضاءت له السماوات، وأشرقت له الظلمات، وصلُحَ عليه أمرُ الدنيا والآخرة، أن تُحلَ علي غضبَك أو تُنزلَ علي سخَطَك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حولَ ولا قوة إلا بك.

هكذا كان (صلى الله عليه وآله وسلم) ضراعة ونجوى لربه.

أيها الأخوة، لماذا نشكو إلى الناس، ونبث الضعف والهوان والهزيمة النفسية في مجالسنا، وننسى أو نتكاسل عن الشكوى لمن بيده الأمر من قبل ومن بعد:( قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِين * قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ).

أليس فينا من بينه وبين الله أسرار؟ أليس فينا أيها الأحبة أشعث أغبر ذي طمرين لو أقسم على الله لأبره، أليس فينا من يرفع يديه إلى الله في ظلمة الليل يسجد ويركع، ينتحب ويرفع الشكوى إلى الله.

 فلنشكو إلى الله ولنقوي الصلة بالله: (وَاللَّهُ غَالِبٌ

 عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ).

ومن الأدعية في المصيبة والكرب والشدة والضيق ما أخرجه البخاري ومسلم من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يقول عند الكرب: لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض رب العرش الكريم.

قال النووي في شرح مسلم: هو حديث جليل ينبغي الاعتناء به والإكثار منه عند الكرب والأمور العظيمة، وقال الطبراني كان السلف يدعون به ويسمونه دعاء الكرب. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الرابعةوالعشرون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان : دعاء الكرب                                                                      أخرج أبو داوود وأحمد عن أبي بكرة رضي الله عنه أن رسول الله  (صلى الله عليه وسلم) قال: دعوات المكروب، اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفت عين وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت.

وأخرج الترمذي عن سعد ابن أبي وقاص رضي الله عنه قال، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): دعوت ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت :      لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين،     فإنه لم يدعو بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له.

لما قالها يونس عليه السلام وهو في بطن الحوت، قال

 الله عز وجل: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ)، قال ابن كثير في تفسيره: (وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ)، أي إذا كانوا في الشدائد ودعونا منيبين إلينا، ولا سيما إذا دعوا  بهذا الدعاء في حال البلاء، فقد جاء الترغيب بها عن سيد الأنبياء.

وأخرج مسلم من حديث أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله (إن لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها، إلا أخلف الله له خيرا منها).

قالت فلما مات أبو سلمة قلت في نفسي أي المسلمين

 خير من أبي سلمة؟ أول بيت هاجر إلى رسول الله، ثم إني قلتها –أي الدعاء- فأخلف الله لي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

إذا فالاسترجاع ملجأ وملاذ لذوي المصائب، ومعناه باختصار: إنا لله: توحيد وإقرار بالعبودية والملك، وإنا إليه راجعون إقرار بأن الله يهلكنا ثم يبعثـنا.

إذا فالأمر كله لله، ولا ملجأ منه إلا إليه، والله عز

 وجل يقول: ( وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ).

إليكم أيها الأحبة أمثلة ومواقف للذين لجئوا إلى حصن الإيمان وسلاح الدعاء، وأدركوا أن المفزع بعد الإيمان هو الدعاء، السلاح الذي يستدفع به البلاء ويرد به شر القضاء.

عن أصبغ ابن زيد قال: مكثت أنا ومن عندي ثلاثا لم نطعم شيئا من الجوع، فخرجت إلي ابنتي الصغيرة وقالت يا أبتي الجوع، تشكو الجوع، قال فأتيت مكان الوضوء – انظروا إلى من يلجئون- فتوضأت وصليت ركعتين، وألهمت دعاء دعوت به وفي آخره: اللهم افتح علي رزقا لا تجعل لأحد علي فيه منة، ولا لك علي فيه في الآخرة تبعة برحمتك يا أرحم الراحمين، ثم انصرفت إلى البيت فإذا بابنتي الكبيرة قامت إلي وقالت: يا أبه جاء رجل يقول أنه عمي بهذه الصرة من الدراهم وبحمال عليه دقيق وحمال عليه من كل شيء في السوق، وقال: أقرءوا أخي السلام وقول له إذا احتجت إلى شيء فأدعو بهذا الدعاء تأتيك حاجتك.

قال أصبغ ابن زيد والله ما كان لي أخو قط، ولا أعرف من كان هذا القائل، ولكن الله على كل شيء قدير. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الخامسةوالعشرون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان :العلاج بالدعاء ومنها الفاتحة

وأسمع لدعا أبن القيم في الفاتحة يقول: ومكثت بمكة مدة يعتريني أدواء لا أجد لها طبيبا ولا دواء، فكنت أعالج نفسي بالفاتحة فأرى لها تأثيرا عجيبا، فكنت أصف ذلك لمن يشتكي ألما، فكان كثير منهم يبرأ سريعا.

وفي حديث أبي سعيد الخدري المتفق عليه لما قرأ على سيد الحي الفاتحة قال: فكأنما نشط من عقال، وهذا يشهد أيضا بفضل الفاتحة.

ومن المواقف الجميلة الطريفة في فضل الدعاء أنه كان لسعيد أبن جبير ديكا، كان يقوم من الليل بصياحه، فلم يصح ليلة من الليالي حتى أصبح، فلم يصلي سعيد قيام الليل تلك الليلة فشق عليه ذلك، فقال ماله قطع الله صوته –يعني الديك-؟ وكان سعيد مجاب الدعوة، فما سمع للديك صوت بعد ذلك الدعاء، فقالت أم سعيد: يا بني لا تدعو على شيء بعدها.

وذكر أحد الدعاة في بعض رسائله أن رجلا من العباد كان مع أهله في الصحراء في جهة البادية، وكان عابدا قانتا منيبا ذاكرا لله، قال فانقطعت المياه المجاورة لنا وذهبت التمس ماء لأهلي فوجدت أن الغدير قد جف، فعدت إليهم ثم التمسنا الماء يمنة ويسرة فلم نجد ولو قطرة، وأدركنا الظمأ واحتاج أطفالي للماء، فتذكرت رب العزة سبحانه القريب المجيب، فقمت وتيممت واستقبلت القبلة وصليت ركعتين، ثم رفعت يدي وبكيت وسالت دموعي وسألت الله بإلحاح وتذكرت قوله:

(أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ).

قال وما هو والله إلا أن قمت من مقامي وليس في السماء من سحاب ولا غيم، وإذا بسحابة قد توسطت مكاني ومنزلي في الصحراء، واحتكمت على المكان ثم أنزلت ماءها فامتلأت الغدران من حولنا وعن يميننا وعن يسارنا فشربنا واغتسلنا وتوضئنا وحمدنا الله

 سبحانه وتعالى، ثم ارتحلت قليلا خلف هذا المكان

 وإذا الجدب والقحط، فعلمت أن الله ساقها لي بدعائي، فحمدت الله عز وجل:(وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ).

وذكر أيضا أن رجلا مسلما ذهب إلى إحدى الدول والتجأ بأهله إليها، وطلب بأن تمنحه جنسية، قال فأغلقت في وجهه الأبواب، وحاول هذا الرجل كل المحاولة واستفرغ جهده وعرض الأمر على كل معارفه، فبارت الحيل وسدت السبل، ثم لقي عالما ورعا فشكا إليه الحال، فقال له عليك بالثلث الأخير من الليل فأدعو مولاك، إنه الميسر سبحانه وتعالى،           قال هذا الرجل: ووالله فقد تركت الذهاب إلى الناس وطلب الشفاعات، وأخذت أداوم على الثلث الأخير كما أخبرني ذلك العالم، وكنت أهتف لله في السحر وأدعوه، وما هو إلا بعد أيام وتقدمت بمعروض عادي ولم اجعل بيني وبينهم واسطة فذهب هذا الخطاب وما هو إلا أيام وفوجئت وأنا في بيتي أني ادعى وأسلم الجنسية، وكنت في ظروف صعبة.

إن الله سميع مجيب، ولطيف قريب، لكن التقصير منا، لابد أن نلج على الله وندعوه، وابشروا:

 (إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ).

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة السادسة والعشرون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان :الدعاء وأمثلة لتفريج الهموم

وأذكر أن طالبا متميز في دراسته حصل له ظرف في

 ليلة امتحان إحدى المواد، ولم يستطع أن يذاكر جميع المنهج المقرر للمادة إلا بقدر الثلث، فأهتم لذلك واغتم وضاقت عليه نفسه، ولم يستطع الإفادة من باقي الوقت لاضطراب النفس وطول المنهج.

فما كان منه إلا أن توضأ وصلى ركعتين وألح على الله بأسمائه وصفاته وباسمه الأعظم، يقول الطالب فدخلت قاعة الامتحان ووزعت أوراق الأسئلة، وقبل أن انظر فيها دعوت الله ورددت بعض الأذكار، ثم قلبت الورقة فإذا الأسئلة أكثرها من ذلك الثلث الذي درسته، فبدأت بالإجابة ففتح الله علي فتحا عجيبا لم ك أتصوره، ولكن ربي سميع مجيب.

فإلى كل الطلاب والطالبات أقول: ماذا غفلتم عن الدعاء والشكوى لله وأنتم تشكون لبعضكم وتزفرون وتتوجعون ؟لماذا يعتمد الكثير منكم على نفسه وذكائه، بل ربما اعتمد البعض على الغش والاحتيال.

إن النفس مهما بلغت من الكمال والذكاء فإنها ضعيفة وهي عرضة للغفلة والنسيان، نعم لنفعل الأسباب

 ولنحفظ ولنذاكر ولنجتهد ولكن كلها لا شيء إن لم

 يعينك الله ويفتح عليك، فلا حول ولا قوة إلا بالله في كل شيء، فهل طلبت العون من الله، توكل على الله، وافعل الأسباب، وارفع يديك إلى السماء وقل: يا سامعا لكل شكوى، وأظهر ضعفك وفقرك لله وسترى النتائج بأذن الله.

وأنت أيها المدرس والمدرسة، بل ويا كل داعية لماذا نعتمد على أنفسنا الضعيفة في التوجيه والتعليم، هب أننا أعددنا الدرس جيدا وفعلنا كل الأسباب، هل يكفي هذا؟لعلك تسأل ما بقي؟

أقول هل سألت الله العون والتوفيق عند تحضير

 الدرس؟هل سألت الله أن يفتح لك القلوب وأن يبارك في كلماتك وأن ينفع بها؟هل سألت الله العون والتوفيق وأنت تلقي الدرس؟

هل دعوت لطلابك أن يبارك الله لهم وأن ينفع بهم وأن يصلحهم وأن ييسر عليهم.

هذه بعض الأمثلة والمواقف، وما يعرف ويحكى أكثر وأكثر، ولكننا نريد العمل والتطبيق.

تنبيه مهم:كثير من الناس إذا وقع بشدة عمد إلى الحرام كمن يذهب للسحرة والكهان،أو يتعامل بالربا والحرام، فإذا نُصح أو ذكّر قال: أنه مضطر.

 إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة السابعة والعشرون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان : دعاء المضطر

 قال تعالى: (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ)،والمضطر الذي أحوجه مرض أو فقر أو نازلة من نوازل الدنيا إلى اللجأ والتضرع إلى الله كما يقول الزمخشري.

وأنت أيها الأخ، أو أيتها الأخت، تذكر أنك مضطر والمضطر وعده الله بالإجابة حتى وإن كان فاسقا، فإذا كان الله قد أجاب دعوة المشركين عند الاضطرار

 فإن إجابته للمسلمين مع تقصيرهم من باب أولى.

جاء رجل إلى مالك ابن دينار فقال: أنا أسألك بالله أن تدعو لي فأنا مضطر، قال فاسأله فإنه يجيب المضطر إذا دعاه.

إن الله قد عز وجل قد ذم من لا يستكين له، ولا يتضرع إليه عند الشدائد، وانتبهوا أيها الأحبة أنه لابد للضراعة والاستكانة لله عند الشدة كما أخبر الله فقال عز من قائل: (وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ).أي لو استكانوا لربهم لكان أمرا أخر، فكيف بحال من يقع بالشرك والحرام عند البلاء والشدة فيزيد الطين بلة، كيف يريد الشفاء أو

 انكشاف البلاء وهو يطلبه من مخلوقين مثله ضعفاء.

أيها الأخوة إن اللهَ يحبُ أن يُسأل، ويغضبُ على من لا يسألُه، فإنه يريدُ من عباده أن يرغبوا إليه ويسألوه، ويدعوه ويفتقروا إليه، ويحبُ الملحين في الدعاء، بل وينادي في كلِ ليلةٍ : هل من سأل فأعطيه، هل من داعٍ فأستجيب له. فأين المضطرون، أين أصحابُ الحاجات، أين من وقع في الشدائدِ والكُربات.

معاشر الأخوة والأخوات، اقرءوا وانظروا في حادثة الإفك، وفي حديث الثلاثة أصحاب الغار، وحديث المغترب الذي وضع المال في الخشبة وألقاها في البحر، وحديث الثلاثة الذين خلفوا، وغيرها من القصص النبوي في الصحاح والسنن، فرج عنهم بسؤالهم لله، وإلحاحهم بالدعاء، رفعوا أيديهم إلى الله، وأعلنوا الخضوع والذل لله، وهذا الذل لا يصلح إلى لله، لحبيبه ومولاه.

ذل الفتى في الحب مكرمة....... وخضوعه لحبيبه شرف

 فالعبوديةُ لله عزٌ ورفعةٌ، ولغيره ذلٌ ومهانة، وفي سؤال الله عبودية عظيمة لأنها إظهار للافتقار إليه، واعتراف بقدرته على قضاء الحوائج.

فإذا ابتليت ببذل وجهك سائلا......فأبذله للمتكرم المفضال 

كان يحي ابن معاذ يقول: يا من يغضب على من لا يسأله لا تمنع من سألك.

وكان بكر المزني يقول: من مثلك يا ابن آدم؟ متى شئت تطهرت ثم ناجيت ربك ليس بينك وبينه حجاب ولا ترجمان.

وسأل رجل بعض الصالحين أن يشفع له في حاجة إلى بعض المخلوقين، فقال له أنا لا أترك بابا مفتوحا وأذهب إلى باب مغلق. هكذا فلتكن الثقة بالله والتوكل على الله.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثامنة والعشرون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان :توجيهات في فن الشكوى

حتى نصل إلى ما نريد من فن الشكوى وحسن النجوى ننبه إلى هذه التوجيهات:

أولا: الدعاء له آداب وشروط:

لابد من تعلمها والحرص عليها، واسمع لهذا الكلام الجميل النفيس من ابن القيم رحمه الله قال: وإذا جمع العبد مع الدعاء حضور القلب وصادف وقتا من أوقات الإجابة وخشوعا في القلب وانكسارا بين يدي الرب وذلا له وتضرعا ورقة واستقبل الداعي القبلة وكان على طهارة ورفع يديه إلى الله، وبدأ بحمد الله والثناء عليه، ثم ثنى بالصلاة على رسول الله، ثم قدم بين يدي حاجته التوبة والاستغفار ثم دخل على الله وألح عليه في المسألة وتملقه ودعاه رغبة ورهبة وتوسل إليه بأسمائه وصفاته وتوحيده، وقدم بين يدي دعائه صدقة فإن هذا الدعاء لا يكاد يرد أبدا، ولا سيما إذا صادف الأدعية التي أخبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنها مظنة الإجابة، وأنها متضمنة للإسم الأعظم. انتهى كلامه بتصرف.

ثانيا: الصدقة: وقد أكد عليها أبن القيم في كلامه السابق، ولها أثر عجيب في قبول الدعاء، بل وفعل

 المعروف أياً كان وصنائع المعروف تقي مصارع السوء كما قال أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه، وبعضهم يرفعه إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)

ثالثا: عليك بالصبر وإياك واليأس والقنوط:

وفي هذا توجيهات منها : أن تعلم أن الدعاء عبادة، ولو لم يتوفر لك من دعائك إلا الأجر على هذا الدعاء بعد إخلاصك لله عز وجل فيه لكفى، ومنها أن تعلم أن الله أعلم بمصلحتك منك، فيعلم سبحانه أن مصلحتك بتأجيل الإجابة أو عدمها، ومنها لا تجزع من عدم الإجابة فربما دُفع عنك بهذا الدعاء شرا كان سينزل بك، فعن عبادة ابن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: ما على الأرض مسلم يدعو الله بدعوة إلا أتاه الله إياها أو صرف عنه من السوء مثلها، ما لم يدعو بإثم أو قطيعة رحم، فقال رجل من القوم إذا نكثر، قال الله أكثر. وزاد فيه الحاكم: أو يدخر له من الأجر مثلها.

رابعا : ربما كان عدم الإجابة أو تأخيرها امتحان لصبرك وتحملك وجلدك:

وهل تستمر في الدعاء وفي هذه العبادة، أم تستحسر وتمل وتترك الدعاء، ففي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: يستجاب لأحدكم ما لم يعجل يقول قد دعوت

 ربي فلم يستجب لي.

وفي رواية لمسلم قيل: يا رسول الله ماالاستعجال؟ قال يقول قد دعوت وقد دعوت فلم يستجاب لي، فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة التاسعة والعشرون في موضوع ( المجيب) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : توجيهات في فن الشكوى

خامسا: أن تلقي باللوم على نفسك:

وهي من أهمها، فقد يكون سبب عدم الإجابة وقوعك أنت في بعض المعاصي، أو التقصير وإخلالك بالدعاء أو تعديك فيه، فمن أعظم الأمور أن تتهم نفسك وتنسب التقصيروعدم الإجابة لنفسك، فهذا من أعظم الذل والافتقار لله.

وأسمع أيضا لهذا الكلام الجميل النفيس لأبن رجب

رحمه الله يقول: إن المؤمن إذا استبطأ الفرج ويئس منه ولا سيما بعد كثرة الدعاء وتضرعه ولم يظهر له أثر الإجابة، رجع إلى نفسه باللائمة يقول لها إنما أتيت من قبلك، ولو كان فيك خيرا لأُجبت، وهذا اللوم أحب إلى الله من كثير من الطاعات، فإنه يوجب انكسار العبد لمولاه، واعترافه له بأنه ليس بأهل لإجابة دعائه، فلذلك يسرع إليه حين إذ إجابة الدعاء، وتفريج الكرب، فإنه تعالى عند المنكسرة قلوبهم من أجله، وعلى قدر الكسر يكون الجبر. أ ه

سادسا: تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة:

قال سلمان الفارسي: إذا كان للرجل دعاء في السراء، فنزلت به ضراء فدعا الله عز وجل قالت الملائكة صوت معروف فشفعوا له، وإذا كان ليس له دعاء في السراء فنزلت به ضراء فدعا الله عز وجل قالت الملائكة صوت ليس بمعروف.

أيها الأخوة، وأنا أتأمل في حديث الثلاثة أصحاب الغار وهم يدعون ويتوسلون إلى الله بصالح أعمالهم وأخلصها لله، أقول في نفسي وأفتش فيها أين ذلك العمل الصالح الخالص لله الخالي من حظوظ النفس، الذي سألجأ إلى الله فيه عند الشدة.

فلنرجع لأنفسنا ولنسألها مثل هذا السؤال، لنبحث

في أعمالنا وعن الإخلاص لله فيها، ولنكن على صلة بالله في الرخاء، وصدق من قال:

إذا افتقرت إلى الذخائر لم تجد......ذخرا يكون كصالح الأعمال

سابعا: إن الإيمان بالقضاء والقدر ركن من أركان الإيمان بالله تعالى : وفيه اطمئنان للنفس وراحة للقلب، فأعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطئك لم يكن ليصيبك، وتذكر دائما أن كل شيء بقضاء وقدر، وأنه من عند الله.

ثامنا: أحرص على أكل الحلال فهو شرط من شروط إجابة الدعاء:

وفي الحديث: ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر

 يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام  وغذي بالحرام  فأنا

يستجاب له)

تاسعا: حتى تكون مجاب للدعوة إن شاء الله أكثر من الاستغفار في الليل والنهار:

فلو لم يكن فيه إلا قول الحق عز وجل: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً)، فأين من يشكو الفقر والعقم والقحط عن هذه الآية.

هذه توجيهات أنتبه إليها قبل أن ترفع يديك إلى السماء

 لتكن مجاب الدعاء إن شاء الله.

 إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثلاثون في موضوع ( المجيب) وستكون  بعنوان : لست وحدك في هذا الطريق

إلى كل مصاب ومنكوب، وإلى كل من وقع في شدة وضيق أقول: اطمأنوا فقد سبقكم أناس في هذا الطريق

، وما هي إلا أيام سرعان ما تنقضي،وفي بطون الكتب

 المصنفة في الفرج بعد الشدة للتنوخي وأبن أبي الدنيا والسيوطي وغيرهم مئات القصص لمن مرضوا أو افتقروا أو عذبوا أو شردوا أو حبسوا أو عزلوا، ثم جاءهم الفرج ساقه لهم السميع المجيب.

فلك في المصابين أسوة قال ابن القيم في زاد المعاد كلام جميل أيضا فأسمعه:

قال ومن علاجه – أي علاج المصيبة- أن يطفأ نار مصيبته ببرد التأسي بأهل المصائب، وليعلم أنه في كل واد بنو سعد، ولينظر يمنة فهل يرى إلا محنة، ثم ليعطف يسرة فهل يرى إلا حسرة، وأنه لو فتش العالم لم يرى فيهم إلا مبتلى إما بفوت محبوب، أو حصول مكروه، وأن سرور الدنيا أحلام نوم أو كظل زائل، إن أضحكت قليلا أبكت كثيرا، وإن سرت يوما ساءت دهرا، وإن متعت قليلا منعت طويلا، وما ملئت دارا حبرة –أي سعادة- إلا ملأتها عبرة، ولا سرته بيوم سرور إلا خبأت له يوم شرور

أيها الأخوة والأخوات، قصص القرآن والأحاديث في كتب السنة والقصص والمواقف في كتب الفرج بعد الشدة، والأحداث والعبر في واقعنا المعاصر جميعها تخبرنا أن الشدائد مهما طالت لا تدوم على أصحابها.

إذا اشتملت على اليأس القلوب...وضاقت لما به الصدر الرحيب

و أوطنت المكاره واطمأنت........وأرست في أماكنها الخطوب

ولم ترى لانكشاف الضر وجها.....ولا أغني بحيلته الأريب

أتاك على قنوط منك غوث..... يجيء به القريب المستجيب

وكل الحادثات إذا تناهت......... فموصول بها الفرج القريب

ولو لم يكن في المصائب والبلايا إلا أنها سبب لتكفير الذنوب، وكسر لجماح النفس وغرورها، ونيل للثواب بالصبر عليها وتذكير بالعمة التي غفل عن شكرها.وهي تذكر العبد بذنوبه، فربما تاب وأقلع عنها.            وهي تجلب عطف الناس ووقوفهم مع المصاب، بل من أعظم ثمار المصيبة أن يتوجه العبد بقلبه إلى الله، ويقف ببابه ويتضرع إليه، فسبحان مستخرج الدعاء بالبلاء.

فالبلاء يقطع قلب المؤمن عن الالتفات للمخلوقين ويوجب له الإقبال على الخالق وحده، وهذا هو الإخلاص والتوحيد.

فإذا علم العبد أن هذه من ثمار المصيبة أنس بها وارتاح ولم ينزعج، ولم يقنط، فإلى ذوي المصائب والحاجات والشدائد والكربات إن منهج القرآن يقول:

( وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ).  بل اسمعوا إلى هذه الآية العجيبة ففيها عزاء وتطمين قلوب المسلمين } قال تعالى: ( فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً).

فلماذا التسخط والجزع والشكوى والأنين فلعل في ما حصل خيرا لك فتفاءل وأبشر، واعتمد على الله وارفع يديك إلى السماء وقل: يا سامعا لكل شكوى.

واحسن الظن بالله وقل: صبرا جميلا ما أسرع الفرج من صدق الله في الأمور نجى ،من خشي الله لم ينله أذى ،من رجا الله كان حيث رجا

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الواحدة والثلاثون في موضوع ( المجيب) وستكون  بعنوان : تضرع ودعاء

هذه كلمات لتسلية المحزونين، وتفريج كرب الملذوعين، وهي عزاء للمصابين وتطييب للمنكسرين. أسأل الله أن ينفع بها المسلمين وأن يغفر لي ولك أجمعين.

 فيا سامعا لكل شكوى، ويا عالما بكل نجوى. يا سابغ النعم، ويا دافع النقم، ويا فارج الغمم، ويا كاشف الظلل، ويا أعدل من حكم، ويا حسيب من ظلم، ويا ولي من ظُلم. يا من لا تراه العيون،ولا تخالطه الظنون ،ولا يصفه الواصفون، ولا تغيره الحوادث ولا الدهور، يعلم مثاقيل الجبال،ومكاييل البحار،وعدد قطر الأمطار ، وعدد ورق الأشجار، وعدد ما يظلم عليه الليل ويشرق عليه النهار. كم من نعمة أنعمت بها علينا قل لك عندها شكرنا، وكم من بلية ابتليتنا بها قل عندها صبرنا، فيا من قل عند نعمته شكرنا فلم يحرمنا، ويا من قل عند بلائه صبرنا فلم يخذلنا أقذف في قلوبنا رجائك ، اللهم اقذف في قلوبنا رجائك، اللهم اقذف في قلوبنا رجائك حتى لا نرجو أحدا غيرك.

اللهم إنا نسألك إيمانا ثابتا، ويقينا صادقا حتى نعلم أنه لن يصيبنا إلا ما كتبت لنا، اللهم لا نهلك وأنت رجائنا، احرسنا بعينك التي لا تنام وبركنك الذي لا يرام.

يا سامعا لكل شكوى، ويا عالما بكل نجوى، يا كاشف

 كربتنا، ويا مستمع دعوتنا، ويا راحم عبرتنا، ويا مقيل عثرتنا. يا رب البيت العتيق أكشف عنا وعن المسلمين كل شدة وضيق، واكفنا والمسلمين ما نطيق وما لا نطيق ، اللهم فرج عنا وعن المسلمين كل هم غم ، وأخرجنا  والمسلمين من كل حزن وكرب. يا فارج الهم، يا كاشف الغم، يا منزل القطر، يا مجيب دعوت المضطر، يا سامعا لكل نجوى احفظ إيمان وأمن بلادنا، ووفق ولاة الأمر لما فيه صلاح الإسلام والعباد. يا كاشف كل ضر وبلية، ويا عالم كل سر وخفية نسألك فرجا قريبا للمسلمين ، وصبرا جميلا للمستضعفين ، يا ذا المعروف الذي لا ينقضي أبدا، ويا ذا النعم التي لا تحصى أبدا، أسألك أن تصلي

على محمد وعلى آلي محمد وصحبه أجمعين. [الأنترنت – موقع ياسامعا لكل شكوى- ابراهيم الدويش ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثانيةوالثلاثون في موضوع ( المجيب) وستكون  بعنوان :أهمية الدعاء وكيفيته في السنة النبوية

فيمكن الحديث عن هذا الموضوع، من جهتين:

الأولى: من جهة أهميته : للدعاء أهمية كبرى، وثمرات جليلة، وفضائل عظيمة، وأسرار بديعة منها:

1_ أن الدعاء طاعة لله وامتثال لأمره _عز وجل_: قال_تعالى_:[وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ] (غافر:60)، وقال:[وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ] [الأعراف:29].

فالداعي مطيع لله، مستجيب لأمره.

2_ السلامة من الكبر: قال-تعالى-:"وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين" [غافر:60].

قال الإمام الشوكاني في هذه الآية: (والآية الكريمة دلت على أن الدعاء من العبادة؛ فإنه-سبحانه وتعالى- أمر عباده أن يدعوه، ثم قال:"إن الذين يستكبرون عن عبادتي".

فأفاد ذلك أن الدعاء عبادة، وأن ترك دعاء الرب-سبحانه- استكبار، ولا أقبح من هذا الاستكبار.

وكيف يستكبر العبد عن دعاء من هو خالق له،

 ورازقه، وموجده من العدم، وخالق العالم أجمع،

 ورازقه، ومحييه، ومميته، ومثيبه، ومعاقبه؟!

فلا شك أن هذا الاستكبار طرف من الجنون، وشعبة من كفران النعم

3_الدعاء عبادة: للآية السابقة، وكما جاء عن النعمان بن بشير-رضي الله عنهما- أن رسول الله_صلى الله عليه وسلم_ قال:"الدعاء هو العبادة"

4_الدعاء أكرم شيء على الله: فعن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النبي_صلى الله عليه وسلم_ أنه قال:"ليس شيء أكرم على الله_عز وجل_ من الدعاء"

قال الشوكاني في هذا الحديث:(قيل وجه ذلك أنه يدل

 على قدرة الله_تعالى_ وعجز الداعي).

والأولى أن يقال: أن الدعاء لـمَّا كان هو العبادة، وكان مخَّ العبادة كما تقدم_كان أكرم على الله من هذه الحيثية؛ لأن العبادة هي التي خلق الله_سبحانه_ الخلق لها، كما قال _تعالى_: [وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون]الذاريات: 56.

5_ الدعاء محبوب لله_عز وجل_: فعن ابن مسعود-رضي الله عنه- مرفوعًا:"سلوا الله من فضله؛ فإن الله يحب أن يُسأل"

6_الدعاء سبب لانشراح الصدر: ففيه تفريج الهم، وزوال الغم، وتيسير الأمور، ولقد أحسن من قال:

وإني لأدعو اللهَ والأمـرُ ضيِّقٌ *** عليَّ فما ينفكُّ أن ينفرجـا

ورُبَّ فتىً ضاقت عليه وجوهُهُ *** أصاب له في دعوة الله مخرجا

7_الدعاء سبب لدفع غضب الله: فمن لم يسألِ الله يغضبْ عليه؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"من لم يسأل الله يغضبْ عليه" ففي هذا الحديث دليل على أن الدعاء من العبد لربه من أهم الواجبات، وأعظم المفروضات؛ لأن تجنب ما يغضب الله منه لا خلاف في وجوبه

ولقد أحسن من قال:

لا تسألنَّ بُنَيَّ آدمَ حـاجةً *** وسل الذي أبوابُهُ لا تحجبُ

اللهُ يغضبُ إن تركت سؤالَه*** وبنيُّ آدمَ حين يُسألُ يغضبُ

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثالثةوالثلاثون في موضوع ( المجيب) وستكون  إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

أهمية الدعاء وكيفيته في السنة النبوية

8_ الدعاء دليل على التوكل على الله: فَسِرُّ التوكل على الله وحقيقتُهُ هو اعتماد القلب على الله وحده.

وأعظم ما يتجلى التوكل حال الدعاء؛ ذلك أن الداعي حال دعائه مستعين بالله، مفوض أمره إليه وحده دون سواه. ثم إن التوكل لا يتحقق إلا بالقيام بالأسباب المأمور بها، فمن عطَّلها لم يصح توكله، والدعاء  من  أعظم هذه الأسباب إن لم يكن أعظمها.

9_ الدعاء وسيلة لكبر النفس وعلو الهمة: فبالدعاء تكبر النفس وتشرف، وتعلو الهمة وتتسامى؛ ذلك أن الداعي يأوي إلى ركن شديد،ينزل به حاجاته ويستعين  به في كافة أموره، وبهذا يقطع الطمع مما في أيدي الخلق ، فيتخلص من أسرهم، ويتحرر من رقهم، ويسلم من مِنَّتِهم؛ فالمنة تصدع قناة العزة، وتنال نيلها من الهمة.

وبالدعاء يسلم من ذلك كله، فيظل مهيب الجناب، موفور الكرامة، وهذا رأس الفلاح، وأسُّ النجاح.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية(وكلما قوي طمع العبد في فضل الله ورحمته لقضاء حاجته ودفع ضرورته، قويت عبوديته له، وحريته مما سواه؛ فكما أن طمعه في المخلوق يوجب عبوديته له؛ فيأسه منه يوجب غنى قلبه عنه)

10_ الدعاء سلامة من العجز، ودليل على الكياسة: فعن أبي هريرة-رضي الله عنه- أن النبي_صلى الله عليه وسلم_قال:"أعجز الناس من عجز عن الدعاء، وأبخل الناس من بخل بالسلام" فأضعف الناس رأيًا، وأدناهم همة، وأعماهم بصيرةمن عجز عن الدعاء؛ ذلك أن الدعاء لا يضره أبدًا، بل ينفعه.

11_ ثمرة الدعاء مضمونة-بإذن الله-: فإذا أتى الداعي بشرائط الإجابة فإنه سيحصل على الخير،وسينال نصيبًا وافرًا من ثمرات الدعاء ولا بد.

فعن أبي هريرة-رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"ما من أحد يدعو بدعاء إلا آتاه الله ما سأل، أو كف عنه من سوء مثله، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم"

وعن أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

"ما من مسلم يدعو، ليس بإثم ولا بقطيعة رحم_ إلا أعطاه الله إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يدفع عنه من السوء مثلها" قال: إذًا نكثر، قال:"الله أكثر" .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ما من مسلم ينصب وجهه إلى الله، يسأله مسألة إلا أعطاه إياها، إما عجلها له في الدنيا، وإما ذخرها له في الآخرة ما لم يعجل". قالوا: يا رسول الله، وما عَجَلَتُه؟ قال: يقول: دعوتُ دعوت، ولا أراه يستجاب لي ) ففي ما مضى من الأحاديث دليل على أن دعاء المسلم لا يهمل، بل يعطى ما سأله، إما معجلاً، وإما مؤجلاً، تفضلاً من الله_جل وعلا_

قال ابن حجر(كل داع يستجاب له، لكن تتنوع الإجابة؛ فتارة تقع بعين ما دعا به، وتارة بعِوَضِهِ)

 إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الرابعة والثلاثون في موضوع ( المجيب) وستكون  إستكمالا للماضيات والتي هي بعنوان :أهمية الدعاء وكيفيته في السنة النبوية

12_ الدعاء سبب لدفع البلاء قبل نزوله: قال_عليه الصلاة والسلام_:"ولا يرد القدر إلا الدعاء"

قال الشوكاني عن هذا الحديث:(فيه دليل على أنه سبحانه يدفع بالدعاء ما قد قضاه على العبد، وقد وردت بهذا أحاديث كثيرة)

وقال:(والحاصل أن الدعاء من قدر الله عزَّ وجلَّ

 فقد يقضي على عبده قضاءً مقيدًا بأن لا يدعوه، فإذا دعاه اندفع عنه)

13_ الدعاء سبب لرفع البلاء بعد نزوله: قال_صلى الله عليه وسلم_:"من فتح له منكم باب الدعاء فتحت له أبواب الرحمة، وما سئل الله شيئًا يعطى_ أحبَّ إليه من أن يسأل العافية، إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل؛ فعليكم عباد الله بالدعاء)

ولهذا يجدر بالعبد إذا وجد من نفسه النشاط إلى الدعاء والإقبال عليه أن يستكثر منه؛ فإنه مجاب، وتقضى حاجته بفضل الله، ورحمته، فإنَّ فَتْحَ أبواب الرحمة دليل على إجابة الدعاء

وقال:"لا يغني حذر من قدر، والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، وإن الدعاء ليلقى البلاء فيعتلجان إلى يوم القيامة" ومعنى يعتلجان: أي يتصارعان، ويتدافعان.

14_ الدعاء يفتح للعبد باب المناجاة ولذائذها:     فقد يقوم العبد لمناجاة ربه، وإنزال حاجاته ببابه _ فَيُفْتَح على قلبه حال السؤال والدعاء من محبة الله، ومعرفته، والذل والخضوع له، والتملق بين يديه _ ما ينسيه حاجته، ويكون ما فتح له من ذلك أحبَّ إليه من حاجته، بحيث يحب أن تدوم له تلك الحال، وتكون آثر عنده من حاجته، ويكون فرحه بها أعظمَ من فرحه بحاجته لو عجلت له وفاته تلك الحال

قال بعض العُبَّاد:(إنه لتكون لي حاجةٌ إلى الله، فأسأله إياها، فيفتح لي من مناجاته، ومعرفته، والتذلل له، والتملق بين يديه _ ما أحبُّ معه أن يُؤخِّر عني قضاءها، وتدوم لي تلك الحال)

15_ حصول المودة بين المسلمين: فإذا دعا المسلم لأخيه المسلم في ظهر الغيب_ استجيبت دعوته، ودل ذلك على موافقة باطنه لظاهره، وهذا دليل التقوى والصدق والترابط بين المسلمين، فهذا مما يقوي أواصر المحبة، ويثبت دعائمها، قال  تعالى :"إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودًا" [مريم:96]، يعني: يَوَدُّن، ويُوَدُّن، يُحِبُّن، ويُحَبُّن، والدعاء _ بلا شك _ من العمل الصالح.

16_ الدعاء من صفات عباد الله المتقين: قال _ جلَّ شأنه _ عن أنبيائه _ عليهم السلام _:"إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبًا ورهبًا وكانوا لنا خاشعين" [الأنبياء: 90]، وقال عن عباده الصالحين: "والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم" [الحشر:10]، إلى غير ذك من الآيات في هذا المعنى.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الخامسة والثلاثون في موضوع ( المجيب) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي  بعنوان :

أهمية الدعاء وكيفيته في السنة النبوية

17_ الدعاء سبب للثبات والنصر على الأعداء: قال _ تعالى _ عن طالوت وجنوده لما برزوا لجالوت وجنوده:"قالوا ربنا أفرغ علينا صبرًا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين" [البقرة:250]، فماذا كانت النتيجة؟ "فهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت" [البقرة:251].

18_ الدعاء مَفْزَعُ المظلومين، وملجأ المستضعفين: فالمظلوم _ أو المستضعف _ إذا انقطعت به الأسباب، وأغلقت في وجهه الأبواب، ولم يجد من يرفع عنه مظلمته، ويعينه على من تسلط عليه وظلمه، ثم رفع يديه إلى السماء، وبث إلى الجبار العظيم شكواه _ نصره الله وأعزه، وانتقم له ممن ظلمه ولو بعد حين.

ولهذا دعا نوح _ عليه السلام _ على قومه عندما استضعفوه، وكذَّبوه، وردُّوا دعوته.

وكذلك موسى _ عليه السلام _ دعا على فرعون

 عندما طغى، وتجبر، وتسلط، ورفض الهدى ودين

 الحق؛ فاستجاب الله لهما، وحاق بالظالمين الخزي في

 الدنيا، وسوء العذاب في العقبى.

وكذلك الحال بالنسبة لكل من ظُلِم، واستُضْعِف؛ فإنه إن لجأ إلى ربه، وفزع إليه بالدعاء أجابه الله، وانتصر له وإن كان فاجرًا.

قال الإمام الشافعي وما أجمل ما قال:

وربَّ ظلومٍ قد كفيت بحربـــه*** فأوقعه المقدور أيَّ وقـوعِ

فما كان لي الإسلامُ إلا تعبــدًا *** وأدعيــةً لا تُتَّقى بدروع

وحسبك أن ينجو الظلومُ وخلفـه*** سهامُ دعاءٍ من قِسيِّ ركوع                             مُرَيَّشة بالهدب من كل ساهـرٍ *** منهلة أطرافها بدمــوع

وقال:

أتهزأ بالدعاء وتزدريه *** وما تدري بما صنع الدعاءُ

سهام الليل لا تخطي ولكن *** له أمدٌ وللأمد انقضاءُ

19_ الدعاء دليل على الإيمان بالله، والاعتراف له بالربوبية، والألوهية، والأسماء والصفات: فدعاء الإنسان لربه متضمن إيمانه بوجوده، وأنه غني، سميع، بصير، كريم، رحيم، قادر، مستحق للعبادة وحده دون من سواه [الأنترنت- موقع من كتاب "أهمية الدعاء وكيفيته في السنة النبوية" - للشيخ محمد بن إبراهيم الحمد ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة السادسةوالثلاثون في موضوع ( المجيب) وستكون  بعنوان : اخطاء فى الدعاء

1_  أن يشتمل الدعاء على شيء من التوسلات الشركية: كأن يُدعى غير الله  تبارك وتعالى  من بشر، أو حجر، أو شجر، أو جن، أو غير ذلك، فهذا أقبح أنواع الاعتداء في الدعاء؛ لأن الدعاء عبادة، وصرفه لغير الله شرك، والشرك أعظم ذنب عصى الله به.

2_  أن يشتمل على شيء من التوسلات البدعية: كالتوسل بذات النبي"، أو بجاهه _ عليه الصلاة والسلام _، فهذا التوسل توسل بدعي، والدين مبناه على الاتباع لا الابتداع، والبدعة بريد الكفر.[  انظر: قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة لابن تيمية، ص160 و 170.]

3_تمني الموت وسؤال ذلك: فبعض الناس إذا زاد به البلاء، واشتدت به اللأواء _ تمنى الموت، وسأل الله أن يتوفاه، وهذا خطأ.

فعن قيس قال: أتيت خبابًا وقد اكتوى سبعًا قال:لولا أن رسول الله"نهانا عن أن ندعو بالموت لدعوت به[   رواه البخاري (6350) باب الدعاء بالموت والحياة، ومسلم(2681) الذكر والدعاء]

وعن أنس قال: قال رسول الله":لا يتمنين أحدكم الموت

 لضر نزل به، فإن كان لا بد متمنيًا للموت  فليقل:

 اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرًا لي، وتوفني ما كانت الوفاة خيرًا لي[  رواه البخاري(6351)  باب الدعاء بالموت والحياة، ومسلم(2680) الذكر والدعاء.]

قال الشيخ عبدالرحمن ابن سعدي  في شرحه لهذا الحديث: هذا نهي عن تمني الموت؛ للضر الذي ينزل بالعبد، من مرض، أو فقر، أو خوف، أو وقوع في شدة أو مهلكة أو نحوها من الأشياء؛ فإن في تمني الموت لذلك مفاسدَ منها: أنه يؤذن بالتسخط والتضجر من الحالة التي أصيب بها، وهو مأمور بالصبر، والقيام بوظيفته، والصبر ينافي ذلك.

ومنها: أنه يضعف النفس، ويحدث الخور والكسل، ويوقع في اليأس.

والمطلوب من العبد مقاومة هذه الأمور، والسعي في إضعافها وتخفيفها بحسب اقتداره، وأن يكون معه من قوة القلب وقوة الطمع في زوال ما نزل به.

وذلك موجب لأمرين:

1-اللطف الإلهي لمن أتى بالأسباب  المأمور بها.     2-السعي النافع الذي يوجبه قوة القلب ورجاؤه.

ومنها: أن تمني الموت جهل وحمق؛ فإنه لا يدري ما يكون بعد الموت؛ فربما كان كالمستجير من الضر إلى ما هو أفظع منه، من عذاب البرزخ وأهواله.

ومنها : أن الموت يقطع على العبد الأعمال الصالحة التي هو بصدد فعلها، والقيامِ بها، وبقية عمر المؤمن لا قيمة له؛ فكيف يتمنى انقطاعَ عملٍ الذَّرَّةُ منه خير من الدنيا وما عليها؟!.

وخصّ من هذا العموم قيامه بالصبر على الضر الذي أصابه؛ فإن الله يوفي الصابرين أجرهم بغير حساب       [  بهجة قلوب الأبرار للسعدي ص 251_252 شرح الحديث رقم 77 ]

4_ الدعاء بتعجيل العقوبة: كأن يقول الإنسان: اللهم عجل عقوبتي في هذه الدنيا؛ لأدخل الجنة يوم القيامة، وأسلم من عذاب النار! فهذا خطأ، وأولى لهذا ثم أولى له أن يسأل الله السلامة في الدارين. فعن أنس أن رسول الله"عاد رجلاً من المسلمين قد خَفَتَ فصار مثل الفرخ، فقال له رسول الله":هل كنت تدعو بشيء أو تسأله إياه؟

قال: نعم، كنت أقول: اللهم ما كنت معاقبني به في الآخرة فعجله لي في الدنيا.

فقال رسول الله": سبحان الله، لا تطيقه،أو لا تستطيعه، أفلا قلت: اللهم آتنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، وقنا عذاب النار؟ فدعا الله له، فشفاه[ رواه أحمد 3/107، ومسلم(2688) الذكر والدعاء، باب كراهة الدعاء بتعجيل العقوبة، والترمذي(3487) في الدعوات، باب عقد التسبيح باليد.]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة السابعةوالثلاثون في موضوع ( المجيب) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

اخطاء فى الدعاء

5_ الدعاء بما هو مستحيل، أو بما هو ممتنع عقلاً أو عادةً، أو شرعًا: كأن يدعو بأن يخلد في الدنيا، أو أن يعطى النبوة، أو ألا يقيم الله الساعة، أو ألا يمر الناس على الصراط، أو أن يسأل الله أن يحيي الموتى، أو أن يسأل رؤية الله في الدنيا، أو أن ترفع عنه لوازم البشرية ، فيستغني عن الطعام والشراب، والنَّفَس، أو أن يطلب الولد دون زواج أو تسَرٍّ، أو يسأل الثمر دون زرع أو حراثة، أو أن يعطى جبلاً من ذهب، أو أن يكون متواجدًا في مكانين في آن واحد، وهكذا دواليك...

6_ الدعاء بأمر قد فرغ منه: وهذا قريب مما قبله، فهذا الدعاء من باب تحصيل الحاصل؛

فالشيء إذا فرغ منه لم يتعلق بالدعاء فيه فائدة.

كمن يسأل الله ألا تهلك هذه الأمة بسنة بعامة، وألا يسلط الله عليها عدوًّا من سوى أنفسها فيستبيح بيضتها، فهذان أمران دعا بهما النبي"وأجيبت دعوته.[  انظر صحيح مسلم(2889).

ومن ذلك أن يدعو ألا يدخل الكفار الجنة إن ماتوا على كفرهم، أو أن يدخلوا النار، أو أن يخلدوا فيها، أو بألا يخلد المؤمن في النار، فالدعاء بمثل هذه الأمور وما شاكلها تحصيل حاصل؛ لأنه دعاء بأمور قد فرغ منها.

7_ أن يدعو بما دل الشرع على عدم وقوعه: كأن يدعو على مسلم ألا يدخل الجنة، أو أن يدعو لكافر بدخول الجنة بعد أن مات على الكفر.

8_ الدعاء على الأهل والأموال والنفس: وقد مر بنا الدليل قريبًا على عدم جواز هذا الدعاء.

9_ الدعاء بالإثم: كأن يدعو على شخص أن يكون مدمنًا للخمر، أو أن يميته الله كافرًا، أو أن يبتلى بالزنا أو غير ذلك، أو أن يدعو الله أن ييسر له الفساد والفجور.

10_ الدعاء بقطيعة الرحم: كأن يقول: اللهم فرق بين فلان وأمه، أو أقاربه أو زوجته، أو يقول: اللهم فرق شمل المسلمين، وخالف بين كلمتهم.

11_  الدعاء بانتشار المعاصي: كما تفعل الرافضة؛ فهم يدعون، ويتمنون أن ينتشر الفساد، وتكثر المعاصي في الأرض؛ حتى يخرج المهدي _ بزعمهم _ فيملأ الأرض عدلاً وقسطًا كما ملئت جورًا وظلمًا!.

12_  تحجير الرحمة: وقد مر بنا قريبًا، كحال من يقول: اللهم أنزل الغيث على بلادنا فحسب، أو اللهم اشفني وحدي ووفقني، وارزقني وحدي، أو نحو ذلك.

13_ أن يخص الإمام نفسه بالدعاء دون المأمومين إذا كانوا يؤمِّنون وراءه: كأن يقول: اللهم اهدني، وارحمني، وعافني.

قال"كما في حديث ثوبان: ولا يؤم قومًا فيخص نفسه بدعوة دونهم، فإن فعل فقد خانهم[  رواه أحمد 5/250، وأبو داود(90) الطهارة، والترمذي(357) وقال: حديث حسن.]

والمراد بهذا الحديث إذا كان الدعاء يُؤَمَّنُ عليه كدعاء القنوت، والدعاء في خطبة الجمعة.

أما دعاؤه لنفسه في سجوده، أو في آخر الصلاة قبل أن يسلم _ فلا بأس بأن يخص نفسه؛ لما ثبت عنه"أنه يقول في سجوده: اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، أوله وآخره الحديث.

   إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثامنةوالثلاثون في موضوع ( المجيب) وستكون إستكمالا للماضيتين والتي هي بعنوان :

اخطاء فى الدعاء        

14_ ترك الأدب في الدعاء: وذلك بأن يدعو بما لا يليق، وبما ينافي الأدب مع الله عز وجل 

كأن يقول: اللهم يا خالق الحيَّات، والعقارب، والحمير، ونحو ذلك.                                         15_ الدعاء على وجه التجربة والاختبار لله _ عز وجل _: كأن يقول: سأجرب وأدعو؛ لأرى أيستجاب لي أم لا!.

16_ أن يكون غرض الداعي فاسدًا: كأن يسأل الله أن يرزقه مالاً؛ ليتكثر به ويفتخر على الناس، أو ليستعين به على المعاصي، أو أن يسأل الله ملكًا أو سلطانًا؛ ليحارب من خلاله أولياء الله، ويتسلط عليهم.

17_ أن يعتمد العبد على غيره في الدعاء: فتجد من الناس من لا يدعو الله بنفسه؛ بحجة أنه مذنب، فتجده دائمًا يطلب من العلماء، والعباد، والصالحين أن يدعوا له.[  انظر تحفة المريض د. عبدالله الجعيثن ص99.]

ولهذا جاء رجل إلى مالك بن دينار فقال:

=أنا أسألك بالله أن تدعو لي؛ فأنا مضطر. قال: إذًا فاسأله؛ فإنه يجيب المضطر إذا دعاه  [الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 13/223.]

وعن عبيدالله بن أبي صالح قال:=دخل عليَّ طاووس يعودني، فقلت له: ادع الله لي يا أبا عبدالرحمن. فقال: ادع لنفسك؛ فإنه يجيب المضطر إذا دعاه[  تفسير بن كثير 3/358.]

18_ كثرة اللحن: خصوصًا إذا كان يحيل المعنى، أو كان ناتجًا عن قلة مبالاة، أو كان ناتجًا من إمام يُؤَمِّنُ الناس خلفه.

19_ قلة الاهتمام باختيار الاسم المناسب أو الصفة المناسبة: فتجد بعض الداعين، أو كثيرًا منهم لا يهتم بهذا الأمر، فمن ذلك قول بعضهم: اللهم ارحمني يا شديد العقاب، أو اللهم عليك بالكفار يا أرحم الراحمين، أو نحو ذلك...

20_ اليأس أو قلة اليقين من إجابة الدعاء: فكثير من الناس إذا أصيب بمرض عضال يغلب على الظن أنه لا يبرأ، وأن المصاب به لا يشفى _ تجده يَدَعُ الدعاء، ويترك اللجوء إلى الله؛ ليأسه، وقلة يقينه بأن الله قادر على تبديل الحال.

وربما ألقى الشيطان في رُوعه أن الدعاء لا داعي له

 في هذه الحالة، ولا فائدة وراءه حيال هذا الأمر، كحال من يصاب بمرض السرطان _ عياذًا بالله _

21_  أن يُفصل الداعي تفصيلاً لا لزوم له: كما يقول بعض الناس: اللهم اغفر لآبائنا، وأمهاتنا، وأجدادنا، وجداتنا، وأخوالنا، وخالاتنا، وأعمامنا، وعماتنا، ثم يمضي في تعداد أقاربه، وينتقل بعد ذلك إلى الدعاء لجيرانه، وزملائه، وهكذا يستغرق وقتًا ليس باليسير في هذه التفاصيل. وكان يغنيه أن يقول: اللهم اغفر لنا، ولإخواننا وأحبابنا، وأقاربنا، أو اللهم اغفر للمسلمين

 والمسلمات، ورحمةُ الله واسعة.

أما إذا لم يصل التفصيل إلى مبالغة وتطويل فلا بأس

 به؛ فقد ورد في السنة ما يدل على ذلك

22_  دعاء الله بأسماء لم ترد في الكتاب والسنة: كقول بعض الناس: يا سلطان، يا غفران، يا سبحلن، يا برهان، ونحوها؛ فإنها ليست من أسماء الله  تعالى

 إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة التاسعةوالثلاثون في موضوع ( المجيب) وستكون إستكمالا للماضيتين والتي هي بعنوان :

اخطاء فى الدعاء       

23_ المبالغة في رفع الصوت: وهذا الأمر قد انتشر في زماننا هذا بخاصة، لوجود مكبرات الصوت، فربما سمعت الداعي إمامًا في شرق المدينة وأنت في غربها.

أما إذا كان الداعي وحده _ فليكن دعاؤه سِرًّا.

24_ الدعاء بـ: اللهم إني لا أسألك رد القضاء، ولكن أسألك اللطف فيه: فهذا الدعاء يكثر على الألسنة، وهو خطأ؛ ذلك لأنه شُرِع لنا أن نسأل الله رد القضاء، وكل ما يصيب الإنسان من بلاء فهو من القضاء، فهل يستسلم الإنسان لذلك ويدع الدعاء، أم ينازع قدر الله بقدر الله؟.

25_ تعليق الدعاء على المشيئة: كأن يقول: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت؛ فهذا مناف للجزم بالدعاء، ودليل على قلة الرغبة، وقد مر بنا الدليل على ذلك قريبًا.

26_ الإدلال على الله وترك التضرع: كمن يدعو دعاء المستغني بما عنده، المُدِلِّ على ربه؛ فلا يدعو دعاء الخاشع المتضرع، المتذلل. فهذا ضرب من ضروب

 الكبر، وباب من أبواب الاعتداء.

27_ تصنع البكاء ورفع الصوت بذلك: كحال من يرفع صوته بالبكاء أثناء دعاء القنوت في شهر رمضان، فهذا خطأ، ومناف للإخلاص، ومدعاة للرياء، ومخالف لهدي النبي"وأصحابه _ رضي الله عنهم _. فالبكاء المطلوب هو ما كان عن خشوع، وإخبات وتأثر بعيدًا عن رفع الصوت بذلك، إلا من غُلِب على نفسه، ولم يستطع أن يتمالك زمام أمره _ فإنه لا حرج عليه؛ فالله _ عز وجل _ لا يؤاخذه بذلك.

28_ تركُ الإمامِ رفعَ يديه إذا استسقى في خطبة الجمعة: فبعض الأئمة إذا استسقى أثناء خطبة الجمعة _ لا يرفع يديه، وهذا خلاف السنة؛ فالسنة أن يرفع الإمام يديه إذا استسقى في خطبة الجمعة كما جاء ذلك في حديث الأعرابي الذي جاء والنبي"يخطب يوم الجمعة، فشكا لهم ما هم فيه من الشدة. وقد جاء في الحديث: فرفع رسول الله"يديه، فقال: اللهم اسقنا، اللهم اسقنا، اللهم اسقنا[  رواه البخاري(933) الجمعة، باب الاستسقاء في الخطبة، ومسلم(897) الاستسقاء، باب الدعاء في الاستسقاء.]

29_ الإطالة بالدعاء حال القنوت، والدعاء بما لا يناسب المقصود فيه: فالقنوت يشرع عندالنوازل  للدعاء لقوم وللدعاء على آخرين[ انظر: زاد المعاد 1/272_273.]

قال شيخ الإسلام ابن تيمية :وينبغي للقانت أن يدعو عند كل نازلة بالدعاء المناسب لتلك النازلة، وإذا سمى من يدعو لهم من المؤمنين، ومن يدعو عليهم من الكافرين المحاربين _ كان ذلك حسنًا[  مجموع الفتاوى، 22/271]

ولهذا جاء في الصحيحين عن أبي هريرة قال: كان رسول الله"يدعو حين يفرغ من صلاة الفجر من القراءة، ويكبر، ويرفع رأسه : اللهم انج الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة، والمستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مضر، واجعلها عليهم كسنيِّ يوسف، اللهم العن لحيان، ورِعْلان، وذكوان  [  البخاري(1006) الاستسقاء، ومسلم(675) المساجد ومواضع الصلاة ، الأنترنت – موقع الكلم الطيب]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة الأربعون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان : *الله ( المجيب) يعطي قبل السؤال وبعده

الداعي يجب أن يعتقد أن المجيب يستجيب لجميع الكائنات ومنهم المكلفين سواء  المؤمنين أو غيرهم بل ويحقق لهم ما يحتاجونة قبل السؤال بناء على حكمته وكرمه ورحمته فكيف بعد سؤالهم إياه ؟

و( المنان ) هو الله عز وجل، و هو ذو الهبات العظيمة، والعطايا الوافرة، الذي ينعم، ويبدأ بالنوال قبل السؤال.

 *وحظ العبد من الدعاء الاتصال

 لأن كرم الله يقتضي أنه يعطي عبده، ولو لم تكن سائلاً،وقد تسأله ولا يعطيك، إن كان هذا العطاء ليس في صالحك، لأن الله عز وجل لا يفعل إلا ما هو خير لك. ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ﴾  ( سورة آل عمران الآية: 26 )

  أي إن أعطاك فهوخير، وإن منعك فهوخير، إعزازك خير، وإذلالك خير، لكن العلماء، قالوا: لا ينبغي أن تقول: الله ضار، ينبغي أن تقول: الضار النافع، لأنه يضر لينفع، ولا ينبغي أن تقول: الله الخافض، هو يخفض ليرفع، ولا ينبغي أن تقول: الله المذل، هو يذل كي تتوب إليه، عندئذٍ يعزك، الله عز وجل يعطي من دون سؤال، ولله المنة والفضل، ولا منة لأحد عليك، وهو المحسن إلى العبد، والمُنعم عليه، ولا يطلب جزاء. ﴿ وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ﴾ لا تمنن من أجل أن تستكثر الرد.

 أحيانا يَدعي إنسانٌ الذكاء، يقول: أنا الآن أخدمه، لكن أنا لي مصلحة معه، أخدمه، لكن أنتظر منه في وقت ما أن أسترد هذه الخدمات عطاء كبيرا، هذا معنى قول الله عز وجل:﴿ وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ﴾  لكن الله سبحانه وتعالى يمنحك كل شيء، ولا يطالبك بشيء

وبالعودة الى المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم نجد أن الفضل وُصِف بالعظيم في ثماني آيات في القرآن كله ووصف بالكبير في ثلاث آيات ووصف بالمبين في آية واحدة والخلاصة التي نقدمها في هذا الموضوع هي أن الوصف إذا كان بلفظ العظيم فيكون متصل الاسناد مباشرة باسم الجلالة (الله) ويكون الوصف متعدداً وعندما تكون الاشارة الى فضل من الله تعالى بغير اسناد مباشر للفظ الجلالة (الله) يوصف الفضل بالكبير وعندما يكون الأمر دنيوياً ويكون شيئاً مباشراً ظاهراً ملموساً يستعمل كلمة مبين في وصف الفضل. [ الأنترنت – موقع موسوعة الدكتور محمد راتب النابلسي]

وليعلم كلّ مؤمن أنّ استِجابة الله بالعطاء، وإجابته

 للدعاء على أنواعٍ كثيرة ؛ أحياناً ربنا عز وجل لِحِكمةٍ يُريدها يُجيب العبد قبل أن يَدعُوَه، بِمعنى أنه يتفضل عليه لِيقْبِل عليه، هو سبحانه الذي بدأ قبل أن يدعو الداعي ، إذْ إن المرء يغفل ويلهو فإذا أتاه فضل من الله من غير سؤال، تجد الذي معدنه طيِّب حينما يغمره الله تعالى بِفضْلِه يستجيب، فهو إما أن يدعُوَه فَيُعْطِيَه، وإما أن يُعطِيَه لِيدْعُوَه. فقد يأتي الدعاء قبل العطاء، وقد يأتي العطاء قبل الدعاء. فإن كان الدعاء قبل العطاء، فالمُبادرة من العبد الداعي. وإن كان العطاء قبل الدعاء، فهذه حِكمة بالِغة أراد الله أن يمتَحِن بها عبده . فَيطيعُه لِيُكْرِمه، وأحياناً يُكْرِمه ليطيعَه. ربما ضيَّق عليهم الحال ابتِلاءً وامتِحاناً ورفْعاً لِدرَجاتِهم بِصَبْرِهم وشكرِهم في السراء والضراء. فهو تعالى يستجيب بعد الضيق أو يُكرِم قبل الدعاء.

أحد العارفين بالله نظم قصيدة بدأها:

اشتدِّي أزمةُ تنْفَرِجي *** فلما استَحكمت حلقاتها فُرِجت

والأمور إذا ضاقت اتَّسعت ***  وكان يظنّها لا تُنفْرَج

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة الواحدة والأربعون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان : يجب على العبد الفهم عن الله

 والفهم عن الله ؛ أن تفهم عنه حِكمته ؛ وأن تفهم عنه كماله ؛ وأن تفهم عنه  رحمته.   لكن الله يضمن للعبد إجابة الدعاء بِما يعلم أنه خير للعبد ؛بِحَسَب عِلمه، لا بِحسَب علم الداعي ؛ في الوقت الذي يريده الله، لا في الوقت الذي يريده العبد. فأنت لا تعلم والله يعلم. وأنت لا تدري والله يدري، وأنت لا تعرف ما يناسبك والله يعلم المناسب. دَعَوْتُك له أمر مرغوب ؛ لكن لا ينبغي أن تحدد متى يستجيب لك ؛ فهذا سوء أدبٍ مع الله، يستجيب لك في الوقت المناسب، وبالقَدْر المناسب، و بالطريقة المناسِبة، فما عليك إلا أن تدعُوَه وتنتظر الإجابة وكفى.

[ الأنترنت - موقع إسلاميات - الله صاحب الفضل العظيم والكبير والمبين ]

*«المجيب» ينعم قبل النداء، ويعطي قبل السؤال يغيث الملهوف إذا ناداه يقابل الدعاء بالقبول، يكشف السوء عن أوليائه، ويرفع البلاء عن أحبابه لا تخيب لديه آمال الطالبين، وهو اسم كله أمل وطمأنينة واستبشار.

*"المجيب " لم يحدد موعدا للدعاء، متى طلبه الداعي وجده، يستجيب في كل الأوقات لا يشغله سمع عن سمع فلا تختلط عليه الأصوات، وفي الحديث القدسي:       «يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل واحد منهم مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر».

وجاء أعرابي إلى النبي صل الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله أبعيد ربنا فنناديه أم قريب فنناجيه فلم يرد النبي صل الله عليه وسلم ونزل قول الله تعالى: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان)، «البقرة: 186».

*"والمجيب "ينفق على عباده بسخاء

يقول تعالى :(بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء) ويحب الملحين في الدعاء ودائما يأتي اسم "المجيب "مع اسم الله "القريب " وقوله: (أجيب دعوة الداع) ولم يقل أجيب دعوة المؤمن أو العابد وهذا يعني أن الأمر مكفول للإنسان وبيده إذا أراد أن يدعوه يقول تعالى: (وقال ربكم ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين)، أي أن الله تعالى اعتبر أن من لا يدعوه مستكبر عن عبادته إنه أمر الهي أن ندعوه يقول تعالى: (ادعوا ربكم تضرعا وخيفة) [الأنترنت  موقع جريدة الإتحاد - قاله  أحمد محمد(القاهرة)]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة الثانية والأربعون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان :

*الله سميع ولو لم يكن سميعا لما استجاب

فالداعي يعتقد أن المدعو يسمع جميع الكائنات وما تتحرك ذرة في السماء والأرض إلا هو يسمعها ولا يقال قول  إلا وهو يسمعه، بل لا تختلط عليه اللهجات لأنه على كل شيء قدير، بل يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور

 أخرج النسائي و ابن ماجة و ابن جرير و ابن أبي

حاتم ، من حديث عائشة قالت : تبارك الذي أوعى سمعه كل شيء إني لأسمع كلام خولة بنت ثعلبة و يخفي علي بعضه و هي تشتكي زوجها إلى رسول الله  صلى الله عليه وسلم  و هي تقول : يا رسول الله أكل مالي و أفنى شبابي و نثرت له بطني حتى إذا كبرت سني و انقطع ولدي ظاهر مني اللهم إني اشكو إليك قالت :   فما برحت حتى نزل جبريل بهذه الآية { قد سمع ...} [معارج القبول ج1/ص235]

والسميع الذي قد استوى في سمعه سر القول وجهره وسع سمعه الأصوات فلا تختلف عليه أصوات الخلق ولا تشتبه عليه ولا يشغله منها سمع عن سمع ولا تغلطه المسائل ولا يبرمه كثرة السائلين [ طريق الهجرتين ج1/ص212]

 واسم السميع يدل على ذات الرب وسمعه بالمطابقة وعلى الذات وحدها وعلى السمع وحده بالتضمن ويدل على اسم الحي وصفة الحياة بالإلتزام وكذلك سائر أسمائه وصفاته  والمجيب منها ولكن يتفاوت الناس في معرفة اللزوم وعدمه ومن ههنا يقع اختلافهم في كثير من الأسماء والصفات والأحكام فإن من علم أن الفعل الإختياري لازم للحياة وأن السمع والبصر لازم للحياة الكاملة وأن سائر الكمال من لوازم الحياة الكاملة أثبت من أسماء الرب وصفاته وأفعاله ما ينكره من لم يعرف لزوم ذلك ولا عرف حقيقة الحياة ولوازمها وكذلك سائر صفاته والله تعالى سميع بصير بسمع وبصر قديمين ذاتيين وجوديين متعلقين بكل مسموع ومبصر

 [مدارج السالكين ج1/ص30]

 وعن أبي موسى قال كنا مع رسول الله في غزوة فجعلنا لا نصعد شرفا ولا نهبط واديا إلا رفعنا أصواتنا بالتكبير فدنا منا رسول الله ، فقال : ( أيها الناس اربعو على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصما ولا غائبا إنما تدعون سميعا بصيرا إن الذي تدعون أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته) [أخرجه مسلم في الصحيح عن إسحاق بن راهوية عن عبد الوهاب وأخرجه البخاري من حديث سفيان الثوري وغيره عن عاصم ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة الثالثة والأربعون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان :

*الله بصير ولو لم يكون بصيرا لما استجاب

  فالداعي السائل  يعتقد أن المدعو بصير محيط بصره بجميع الكائنات علويها وسفليها ظاهرها وباطنها وما تتحرك ذرة في السماء والأرض إلا هو يبصرها ومطلع عليها ، ولذلك يرى ويسمع ويعلم حاجة المحتاجين فيجيبهم الى ما طلبوا وسألوا لأنه هو المجيب السميع البصير

   قال تعالى : { أبصر به و أسمع } تأويل الكلام ما أبصر الله لكل موجود ! و ما أسمعه لكل مسموع ! لا يخفى عليه من ذلك شيئا  ، روى عن قتادة في قوله تعالى { أبصر به و أسمع } فلا أحد أبصر من الله و لا أسمع ، و قال ابن زيد :{ أبصر به و أسمع } يرى أعمالهم و يسمع ذلك منهم إنه كان سميعا بصيرا ،       و قال البغوي : أي ما أبصر الله بكل موجود و أسمعه لكل مسموع ؛ أي لا يغيب عن سمعه و بصره شيء ، و قال تعالى لموسى و هرون عليهما السلام { إنني معكما أسمع و أرى }  طه / 64  قال ابن عباس رضي الله عنهما :أسمع دعاءكما فأجيبه و أرى ما يراد بكما فأمنعه لست بغافل عنكما فلا تهتما ،              و قال تعالى { ألم يعلم بأن الله يرى }  العلق / 41  ، و قال تعالى { الذي يراك حين تقوم و تقلبك في الساجدين إنه هو السميع العليم}الشعراء / 022

*الله على كل شيء قدير ولذلك يستجيب للسائلين

فالداعي يعتقد أن المدعو(الله المجيب) على كل شيء قدير ؛ بل لا يعجزه شيئا، إنما يقول للشيء كن فيكون ، وأنه على إجابة سؤال عبده قدير ؛ حتى لو كان طلبه عظيما

ﭧ ﭨ ﭽ                                                          ﮘﮙ       ﮛﮜ                         آل عمران: ٢٦

  قل أيها النبي متوجها إلى ربك بالدعاء-: يا مَن لك الملك كلُّه، أنت الذي تمنح الملك والمال والتمكين في الأرض مَن تشاء مِن خلقك، وتسلب الملك ممن تشاء، وتهب العزة في الدنيا والآخرة مَن تشاء، وتجعل الذلَّة على من تشاء، بيدك الخير، إنك -وحدك- على كل شيء قدير.[ التفسير الميسر] وﭧ ﭨ ﭽ           ﰝﰞ                       المائدة: ١٢٠

  القدرة إذا وصف بها الإنسان فاسم لهيئة له بها يتمكن من فعل شيء ما، وإذا وصف الله تعالى بها فهي نفي العجز عنه، ومحال أن يوصف غير الله بالقدرة المطلقة بل يقال: قادر على كذا، ومتى قيل: هو قادر، فعلى سبيل معنى التقييد، ولهذا لا أحد غير الله يوصف بالقدرة من وجه إلا ويصح أن يوصف بالعجز من وجه آخر، والله تعالى هو الذي ينتفي عنه العجز من كل وجه. والقدير: هو الفاعل لما يشاء على قدر ما تقتضي الحكمة، لا زائدا عليه ولا ناقصا عنه، ولذلك لا يصح أن يوصف به إلا الله تعالى، قال: ﴿إن الله على كل شيء قدير﴾ [البقرة/ 20]. والمقتدر يقاربه نحو: ﴿عند مليك مقتدر﴾ [القمر/55]، لكن قد يوصف به البشر، وإذا استعمل في حق الله فمعناه القدير، وإذا استعمل في حق البشر فمعناه: المتكلف والمكتسب للقدرة، يقال: قدرت على كذا. قال تعالى: ﴿لا يقدرون على شيء مما كسبوا﴾ البقرة/264.[ الأنترنت – موقع المعاني ]

   إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة الرابعة والأربعون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان : دعاء الاستخارة

ودعاء الاستخارة الذي صح عن رسول الله نص على وجوب الإعتقاد الجازم أن الله على كل شيء قدير حتى يستجيب الله  الدعاء  وهو ( اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علاَّم الغيوب. اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر [ ثم يسميه ] خير لي في ديني، ومعاشي، وعاقبة أمري، عاجله وآجله،  فاقدره لي ويسّره لي، ثم بارك لي فيه. وإن كنت تعلم أن هذا الأمر [ يذكر الأمر ويسميه ] شرٌ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، عاجله وآجله، فاصرفه عني، واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به )). ويجب أن تكون ثقته بالله كبيرة، وتوكله عليه صادقاً، موقنًا بالهداية، منتظرًا الإجابة، غير مستعجل لها.

والله على كل شيء قدير يسمع دعاء عباده ..

 ويستجيب لهم في كل زمان ومكان على اختلاف حاجاتهم ولغاتهم كما قال سبحانه : ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعانِ فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ) البقرة/186 .

وقد أمرنا الله عز وجل أن ندعوه سراً بخضوع وتذلل كما قال سبحانه : ( ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين ) الأعراف/55 .

والله سبحانه له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير تسبح له السماوات والأرض وما فيهن كما قال سبحانه ( تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون

 تسبيحهم إنه كان حليماً غفوراً ) الإسراء/44 .

  ولأنك دعوت الله فأنت مؤمن بوجوده ، ولأنك دعوت الله فأنت مؤمن بأنه يسمعك ، وإن تحركت يراك ، وإن أضمرت يعلم ما في نفسك ، ولأنك دعوت الله فأنت مؤمن أيضاً أنه قادر على كل شيء ، تعلقت قدرته بكل شيء ، فلولا أنك مؤمن بوجوده ، وبأنه يسمعك ، وبأنه قدير على كل شيء ، ما دعوته .

واليقين بالإجابة من أهم اسباب قبول الدعاء ، بل لا نقول حسن الظن بالله فحسب بل الشعور العميق بأن الله مجيب قريب وأن هذا الدعاء سيجاب بإذن الله وقدرته لا محالة لأن الله على كل شيء قدير، وأن نلغي كل موانع نفسية أوحسية وكل شك أو يأس أوقنوط فهذه الموانع  تفسد العمل وتعارض اليقين في القدير العليم.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة الخامسة والأربعون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان : معرفة الله تجعلك تلجأ اليه

إن معرفة الله قوة وحفظ وإذا كنت مع القدير شعرت بالقوة وإذا عرفت قدرة الله عز وجل.. تشعر بالضعف أمامه، وترى نفسك صغيرًا بدون معونته ويحملك هذا على العدل والإنصاف خوفًا من بطشه، وحبًا في معيته وتلجأ إليه وتسأله وإذا عرفت الله وقدرته وقدره خضعت له واستعنت به ودعوته، واعتمدت عليه، وتوكلت عليه فأصبحت من أقوى الأقوياء، وإذا عرفت قدرته صَغُرت نفسك ووقفت عند حدها وافتقرت إليه..    

ولذلك ترى الأحرار في ميادين الحرية والجهاد قلوبهم معبأة بالثقة في النصر، والتمكين ...                      لا لأننا أقوياء، ولا لأننا كثرة، ولا لأننا نملك أسباب النصر؛ ولكن لأننا نحتمي ونتوكل ونأوي إلى ركنٍ شديد، إلى القوي العزيزالقدير.

[الأنتر نت – موقع ملتقى أهل الحديث - أبومعاذ الاثري ]

  ومن شروط إجابة الدعاء : أن يكون الداعي عالمًا بأن الله _ وحده _ هو القادر على إجابة دعائه: فلا يجلب له النفع إلا هو، ولا يكشف عنه السوء إلا هو، فهو سبحانه على كل شيء قدير، لأنه تعالى يقول للشيء كن فيكون، قال سبحانه: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَآ أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ} [النحل /40] وقال سبحانه: {إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس /82]. ومما يزيد ثقة المسلم بربه تعالى أن يعلم أن جميع خزائن الخيرات والبركات عند الله تعالى، قال سبحانه: {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَآئِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ} [الحجر /21].[الأنترنت – موقع المكتبة الشاملة]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة السادسة والأربعون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان : الرحيم يرحم من طلب الرحمة منه

فالداعي يعتقد أن المدعو (رحمن رحيم ) وسعت رحمته كل شيء فيسأله الرحمة التي تشمل كل عطاء في الدنيا ولاخرة .

  اسمي الله تعالى: (الرحمن الرحيـــــم). من أسماء الله عزَّ وجلَّ الحسنى ، فهو ذو الرحمة الواسعة الشاملة لجميع خلقه سبحـــانه وتعالى ، قال تعالى : {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} [البقرة:163]، والرحمن من الأسماء الخاصة به سبحانه ولا يجوز أن تُنسب لغيره، قال تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى..} [الإسراء:110]. وقد ورود الاسم ( الرحمن ) في القرآن الكريم 57 مرة، أما اسمه (الرحيـــم) فذُكرفي القرآن  114 مرة.

ومعنى الاسمين في حق الله تعالى مشتقان من الرحمة، والرحمة في اللغة: هي الرقة والتعطُّف، و(رحمن) أشد مبالغة من (رحيـــم) ولكن ما الفرق بينهما؟ الرحمن: هو ذو الرحمة الشاملة لجميع الخلائق في الدنيا، وللمؤمنين في الآخرة، أي: إن رحمته عامة تشمل المؤمن والكافر في الدنيا، وخاصة بالمؤمنين فقط في الآخرة، قال تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5]، فذكر الاستواء باسمه (الرحمن) ليعم جميع خلقه برحمته.     الرحيـــــم: هو ذو الرحمة للمؤمنين يوم القيامة، كما في قوله تعالى: {..وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} [الأحزاب:43]، فخص برحمته عباده المؤمنين.

يقول ابن القيم: "الرحمن دال على الصفة القائمة به سبحانه والرحيم دال على تعلقها بالمرحوم، فكان الأول للوصف والثاني للفعل، فالأول دال أن الرحمة صفته، والثاني دال على أنه يرحم خلقه برحمته وإذا أردت فهم هذا فتأمل قوله: {..وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} [الأحزاب:43]، {..إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة:117]، ولم يجيء قط رحمن بهم فعُلِم أن الرحمن هو الموصوف بالرحمة، ورحيم هو الراحم برحمته" ، فالرحمنُ الذي الرَّحْمَةُ وَصْفُهُ، والرحيمُ الراحمُ لِعِبَادِهِ.   [بدائع الفوائد:2:34- الأنترنت – موقع طريق الإسلام )]

   إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة السابعة والأربعون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان :

حظ المؤمن من اسمي الله الرحمن الرحيــــم،   موجبــــات الرحمة : فالرحمة بمثابة الوقود الذي يدفع العبد للعمل والحركة والدعاء، فلا بد أن يأخذ بتلك الأسبــاب التي توجب الرحمة، ويعتمد على الله وحده ورحمته حتى يوفقه للعمل الصالح ومن اعظمها الدعاء .

ومن موجبـــات حصول رحمة الله : طاعة الله ورسوله، فهي من أعظم أسبــاب الرحمة، وكلما كان العبد أطوَّع لله، كان أكثر استحقاقًا لاستنزال الرحمة به، قال تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [آل عمران:132].

 وندعو الله باسميه الرحمن الرحيم بما يلي :

1- الثناء على الله عزَّ وجلَّ في كل حال وزمان والإكثاِر منه بين الخلائـــق، والتحدث بنعم الله ورحمته ، وتقول: يا لرحمة الله، وافرح برحمة الله تعالى: إذا تنزلت عليه، قال تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس:58].  2-أن يُكثر العبد من سؤال ربِّه الرحمة، فيقول:اللهم ارحمني، اللهم رحمتك التي وسعت كل شيء. وإذا دعا العبد الله، فليعزم في الدعــاء ولا يتردد، قال رسول الله: «إذا دعا أحدكم فلا يقل اللهم اغفر لي إن شئت، ارحمني إن شئت، ارزقني إن شئت، وليعزم مسألته إنه يفعل ما يشاء ولا مكره له»[رواه البخاري ][الأنترنت – موقع الإسلام سؤال وجواب – المنجد]

  ولا يتنافى كون الله تعالى أرحم بالعبد من الأم بولدها ، مع تخليد الكافر في النار .

    ولا شك أن الله تعالى أرحم الراحمين ، وأن رحمته وسعت كل شيء ، وأنه أرحم بعبده من الأم بولدها ، بل هو سبحانه أرحم بالعبد من نفسه .              ولا يتنافى ذلك مع تعذيب الكافر وتخليده في النار

 يوم القيامة ، والكلام في ذلك على ثلاث مقامات :

أولا : التفريق بين رحمة الله العامة التي تكون في الدنيا ، ورحمته الخاصة التي تكون في الآخرة ، فهو سبحانه يرحم عباده في الدنيا كلهم ، مؤمنهم وكافرهم ، طائعهم وعاصيهم ، رحمة عامة ، فيرزقهم ويطعمهم ويسقيهم ويشفهم ويعافيهم ، إلى غير ذلك من صور الرحمة التي لا تحصى ، فلولا رحمة الله ما تنفس أحد الهواء ، ولا وجد أحد شربة ماء ، ولا ما يطعمه ولا ما يكسوه ، وإذا مرض فلولا الله ما عوفي ، والناس في ذلك - من جهة العموم - سواء ، فهذه رحمة عامة ، يرحم بها وليه وعدوه  ، أما رحمته الخاصة التي تكون في الآخرة

فلا تكون إلا للمؤمنين ، وليس للكافرين فيها نصيب .

ثانيا : أن الذي جعل الوالدة رحيمة لا بد أن يكون أرحم منها ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :" اللَّه أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ أَرْحَمِ الْوَالِدَاتِ بِوَلَدِهَا؛ فَإِنَّ مَنْ جَعَلَهَا رَحِيمَةً أَرْحَمُ مِنْهَا " . انتهى من  [مجموع الفتاوى" (16/ 448) .]

فمقتضى العقل : أن الله أرحم من كل راحم من خلقه ، مهما بلغت رحمته ؛ لأنه سبحانه هو الذي جعلهم يرحمون . وقد روى البخاري (6000) ، ومسلم (2752)  عن أبي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( جَعَلَ اللَّهُ الرَّحْمَةَ مِائَةَ جُزْءٍ ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ جُزْءًا ، وَأَنْزَلَ فِي الأَرْضِ جُزْءًا وَاحِدًا ، فَمِنْ ذَلِكَ الجُزْءِ يَتَرَاحَمُ الخَلْقُ ، حَتَّى تَرْفَعَ الفَرَسُ حَافِرَهَا عَنْ وَلَدِهَا، خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ ) .

ثالثا : أن أسماء الله تعالى وصفاته لا تتعارض ، وإنما يصدق بعضها بعضا ، ويدل بعضها على بعض فمقتضى رحمته سبحانه الرحمة ، ومقتضى عدله العدل ،

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة الثامنة والأربعون في موضوع ( المجيب) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

حظ المؤمن من اسمي الله الرحمن الرحيــــم،  

فإذا قال قائل : يتوجب أن يرحم الكافر لأنه أرحم الراحمين فالرحمة صفته ، قيل : يلزم لذلك أن لا يعدل ، والعدل صفته ، قال تعالى : ( أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ) الجاثية/ 21،وقال سبحانه :(أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ  فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ) سورة ص/ 28 ، وقال سبحانه :  ( أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) القلم: 35، 36 . فمن تمام حكمة الله وعدله سبحانه أن يفرق بين وليه وعدوه ، وأهل طاعته وأهل معصيته ، ومن عبده ، ومن عبد غيره ، وإلا فإن التسوية بين هؤلاء جميعا من الظلم الذي يناقض العدل والحكمة ، وإذا كان المخلوق لا يساوي بين عدوه ووليه ، ويعد ذلك في عقول الناس وأفهامهم وأعرافهم سفها وجهلا وظلما ، فكيف بالله رب العالمين سبحانه ؟!

فالله تعالى أرحم الراحمين خلق الخلق ورزقهم ومنّ عليهم بنعم لا تحصى ، ثم أرسل إليهم الرسل وأنزل الكتب وهداهم إلى بينة الإيمان وعلامة الهدى ، وهذا لا شك أعظم بكثير من رحمة الأم بولدها .

فلما أطاعه المؤمن ، وعصاه الكافر : امتنع أن يسوي بينهما بمقتضى حكمته وعلمه وعدله ووعد ه ووعيده ، وأخرج الكافر نفسه من التأهل لهذه الرحمة الخاصة في الدار الآخرة .

 قال تعالى : ( قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ ) الأعراف/ 156 .

وقال عز وجل : (إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) الأعراف/ 56 .

قال ابن الجوزي : " من عموم رحمته إرسال الرسل ، وإمهال المذنبين ، فإذا جحده الكافر  خرج إلى مقام العناد ، فلم يكن أهلا للرحمة.                       وأما خصوص رحمته : فلعباده المؤمنين،فهو يلطف

 بهم في الشدة والرخاء ، يزيد على لطف الوالدة بولدها " انتهى من "كشف المشكل" (1/ 94) .

والحاصل : أن رحمة الله الخاصة ، في الدار الآخرة : إنما تكون لأوليائه وأحبائه من أهل التوحيد ، أما من مات على الكفر معاندا ومستكبرا فلا حظ له في رحمة الله ، وينتقل عنها إلى عدله سبحانه ؛ وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا ، وحاق بالكافرين ما كانوا به يكذبون ، ويستهزئون .

يقول تعالى للكافرين - إذا سألوا الله أن يخرجهم من النار ، وتوسلوا إلى الله تعالى بربوبيته ، واعترافهم على أنفسهم: ( ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون) المؤمنون/ 107 ؛ فلا تدركهم الرحمة ،بل يدركهم العدل، فيقول الله عز وجل لهم: (اخسئوا فيها ولا تكلمون) المؤمنون/  108 ["مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" (8/ 28). ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة التاسعة و الأربعون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان : العبد يلجأ الى (العفوالمجيب) ليعفو عنه

الداعي يعتقد أن المدعو(الله) عفو فهو يعفو لكل من طلب العفو منه؛ حتى لوكان الذنب من الكبائر

   العفو جل جلاله : من حِكمة الله عزَّ وجلَّ

تعريفه عبده أنه لا سبيل له إلى النجاة إلا بعفوه ومغفرته، وأنه رهينٌ بحقه فإن لم يتغمده بعفوه ومغفرته وإلا فهو من الهالكين لا محالة، فليس أحدٌ من خلقه إلا وهو محتاجٌ إلى عفوه ومغفرته، كما هو محتاجٌ إلى فضله ورحمته... العفوُّ سبحانه هو الذي يحب العفو والستر، ويصفح عن الذنوب مهما كان شأنها ويستر العيوب ولا يحب الجهر بها، يعفو عن المسيء كَرَمًا وإحسانًا، ويفتح واسع رحمته فضلاً وإنعامًا، حتى يزول اليأس من القلوب وتتعلق في رجائها بمقلب القلوب. ومن حِكمة الله عزَّ وجلَّ تعريفه عبده أنه لا سبيل له إلى النجاة إلا بعفوه ومغفرته، وأنه رهينٌ بحقه فإن لم يتغمده بعفوه ومغفرته وإلا فهو من الهالكين لا محالة، فليس أحدٌ من خلقه إلا وهو محتاجٌ إلى عفوه ومغفرته، كما هو محتاجٌ إلى فضله ورحمته. اللهمَّ اعفُّ عنَّا واغفر لنـــا

 سمى الله عزَّ وجلَّ نفسه العَفوُّ على سبيل الإطلاق في خمس آيات، في قوله تعالى:{فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا} [النساء من الأية:43]، وقوله: {فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا} [النساء من الأية:99]، وقوله: {إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا} [النساء:149]، وقوله عزَّ وجلَّ: {ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ} [الحج:60]، وقوله تعالى: {وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ} [المجادلة من الأية:2].

والعَفوُّ في اللغة على وزن فعُول من العَفوِ، وهو من صيغ المبالغةِ، والعفو يدلّ على معنيين أصليّين:

1)ترك الشّيء 2) طلبه  ، ومن المعنى الأوَّل عفو الله تعالى عن خلقه، وذلك تركه إيّاهم فلا يعاقبهم، فضلاً منه تعالى. قال الخليل "العفو : تركُكَ إنسانًا استوجَبَ عُقوبةً فعفوتَ عنه تعفُوِ والله العَفُوُّ الغَفور" (كتاب العين: [2/258]). وقال ابن فارس: "وقد يكون أن يعفُوَ الإنسان عن الشَّيء بمعنى الترك، ولا يكون ذلك عن استحقاق. ألا ترى أنّ النبيّ عليه الصلاة والسلام قال: «عفوت عنكم عن صَدَقة الخيل» (رواه ابن ماجه وحسنه الألباني: 1790)، فليس العفو هاهنا عن استحقاق، ويكون معناه تركت أن أُوجِب عليكم الصّدقةَ في الخيل" (معجم مقاييس اللغة: [4/57])، أي: إنه لا يُشترط للعفو عن شخصٍ ما أن يكون مُستحقًا لذلك. فالعفو هو التجاوُزُ عن الذنب وتَرْك العِقاب عليه، وأَصله المَحْوُ والطمْس، والعفو يأتي أيضًا على معنى الكثرة والزيادة، فعَفوُ المالِ هو ما يَفضُل عن النَّفقة كما في قوله تعالى: {وَيَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} [البقرة من الأية:219]، وَالعَفْو فِي حَدِيثِ أَبي بَكْرٍ: «سَلُوا اللهَ العَفْو وَالْعَافِيَةَ» (رواه الترمذي وصححه الألباني)، "فأَما العَفْوُ: فَهُوَ مَا وصفْناه مِنْ مَحْو اللَّهِ تَعَالَى ذُنوبَ عَبْدِهِ عَنْهُ، وأَما الْعَافِيَةُ: فَهُوَ أَن يُعافيَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ سُقْمٍ أَو بَلِيَّةٍ وَهِيَ الصِّحَّةُ ضدُّ المَرَض. يُقَالُ: عافاهُ اللَّهُ وأَعْفَاه أَي وهَب لَهُ الْعَافِيَةَ مِنَ العِلَل والبَلايا. وأَما المُعافاةُ: فأَنْ يُعافِيَكَ اللهُ مِنَ النَّاسِ ويُعافِيَهم منكَ، أي: يُغْنيك عَنْهُمْ وَيُغْنِيَهِمْ عنك ويصرف أَذاهم عَنْكَ وأَذاك عَنْهُمْ، وَقِيلَ: هِيَ مُفاعَلَة مِنَ العفوِ، وَهُوَ أَن يَعْفُوَ عَنِ النَّاسِ ويَعْفُوا هُمْ عَنْهُ" (لسان العرب: [15/73]).

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة الخمسون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان :الفرق بين العفو والغفران

ويتمثّل في أمور عديدة أهمّها: · أنَّ الغفران يقتضي إسقاط العقاب ونيل الثّواب، ولا يستحقّه إلّا المؤمن ولا يكون إلّا في حقّ الباريء سبحانه وتعالى: {وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ} [آل عمران من الأية:135]. · أمّا العفو فإنّه يقتضي إسقاط اللّوم والذَّمُّ، ولا يقتضي نيل الثَّواب ويستعمل في العبد أيضًا. · العفو قد يكون قبل العقوبة أو بعدها، أمّا الغفران؛ فإنّه لا يكون معه عقوبة البتَّة ولا يوصف بالعفو إلّا القادر عليه. · في العفو إسقاط للعقاب، وفي المغفرة ستر للذّنب وصون من عذاب الخزي والفضيحة.

وأما معنى الاسم في حق الله تعالى: قال ابن جرير: "{إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا} [النساء من الأية:43]، أي: إن الله لم يزل عفوًا عن ذنوب عباده، وتركه العقوبة على كثير منها ما لم يشركوا به" (جامع البيان: [5/74]). وقال الزجاج: "والله تعالى عفوٌّ عن الذنوب، تاركٌ العقوبة عليها" (تفسير الأسماء: 62). وقال الخطَّابي: "العَفْوُّ: الصَّفحُ عن الذنوب، وتركُ مُجازاة المسيء" (شأن الدعاء: 90). وقال الحليمي: "العَفْوُّ، معناه: الواضعُ عن عباده تَبِعَات خطاياهم وآثارهم، فلا يستوفيها منهم، وذلك إذا تابوا واستغفروا، أو تركوا لوجهه أعظم مما فعلوا، فيُكفِّر عنهم ما فعلوا بما تركوا، أو بشفاعة من يشفع لهم، أو يجعل ذلك كرامة لذي حرمة لهم به، وجزاء له بعمله" (المنهاج: [1/201]). قال السعدي :"(العَفْوُّ، الغَفور، الغَفَّار) الذي لم يزل، ولا يزال بالعفو معروفًا، وبالغفران والصفح عن عباده موصوفًا، كل أحدٍ مضطرٌ إلى عفوه ومغفرته، كما هو مضطرٌ إلى رحمته وكرمه، وقد وعد بالمغفرة والعفو لمن أتى بأسبابها، قال تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} [طه:82]" (تيسير الكريم الرحمن: [5/300]). يقول الغزَّالي: "العَفْوُّ: هو الذي يمحو السيئات ويتجاوز عن المعاصي وهو قريب من الغفور ولكنه أبلغ منه، فإن الغفران ينبيء عن الستر والعفو ينبيء عن المحو والمحو أبلغ من الستر" (المقصد الأسنى: [1/140]). وقال ابن القيم في قصيدته النونية: وَهْوَ العَفُوُّ فعَفْوُهُ وَسِعَ الوَرَى *** لَوْلاهُ غَارَ الأَرْضُ بالسُّكَّانِ

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة الواحدة والخمسون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان : حظ العبد من اسم الله العَفْوُّ:

1-كثرة الدعـــاء باسم الله العَفْوُّ وسؤال الله العفو والعافية ورد دعاء المسألة بالاسم المطلق في حديث عائشة أنها قالت: "قلت: يَا رَسُولَ اللهِ أَرَأَيْتَ إِنْ وَافَقْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مَا أَدْعُو؟، قَالَ" تَقُولِينَ: «اللهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي» (رواه ابن ماجه وصححه الألباني: 3850). وعن أبي بكر قال: قام رسول الله على المنبر ثم بكى، فقال: «سلوا الله العفو والعافية، فإن أحدًا لم يعط بعد اليقين خيرًا من العافية» (رواه الترمذي وصححه الألباني، مشكاة المصابيح: 2489). وعن ابن عمر قال : "لم يكن رسول الله يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح" «اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي واحفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي وأعوذ بك أن أغتال من تحتي» (رواه ابن ماجه وصححه الألباني: 3871).

2) الاستغفار والتوبـة والعمل الصالــح: فمن كمال عفوه سبحانه أنه مهما أسرف العبد على نفسه ثمَّ تاب إليه ورجع، غفر له جميع جُرْمِهِ، كما قال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر:53].

 3) اعفُ يُعْفَ عنك وقد حثَّ الله تعالى عباده

على العفو والصفح وقبول الأعذار، وقد كان أبو بكر الصديق يتصدَّق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه، فلما شارك المنافقين في اتهام أم المؤمنين عائشة بالإفك وبرأها الله عزَّ وجلَّ، قال أبو بكر: "وَاللهِ لاَ أُنْفِقُ عَلى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا بَعْدَ مَا قَال لعَائِشَةَ"، فَأَنْزَل اللهُ سبحانه وتعالى: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور:22]، فَقَال أَبُو بَكْرٍ: "بَلى، وَاللهِ إِنِّي لأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لي"، فَرَجَعَ إِلى مِسْطَحٍ الذِي كَانَ يُجْرِي عَليْهِ. (صحيح البخاري). وقال تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [الشورى:40]. فاعْفُ عن الظالمين، وأَعْرِض عن الجاهلين، ويَسِّر علي المعسرين طلبًا لعفو الله عند لقائه.

 4) التجاوز عن المُعسِر والعفو عنه، وعدم مؤاخذته على عدم استطاعته سداد الدّين .. فعليك أن تتجاوز، حتى يتجاوز الله تعالى عنك، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: «أُتِيَ اللَّهُ بِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِهِ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا، فَقَالَ لَهُ: مَاذَا عَمِلْتَ فِي الدُّنْيَا؟، قَالَ: وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا، قَالَ: يَا رَبِّ آتَيْتَنِي مَالَكَ فَكُنْتُ أُبَايِعُ النَّاسَ وَكَانَ مِنْ خُلُقِي الْجَوَازُ فَكُنْتُ أَتَيَسَّرُ عَلَى الْمُوسِرِ وَأُنْظِرُ الْمُعْسِرَ، فَقَالَ اللَّهُ: أَنَا أَحَقُّ بِذَا مِنْكَ، تَجَاوَزُوا عَنْ عَبْدِي»، فَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ الْجُهَنِيُّ وَأَبُو مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيُّ: هَكَذَا سَمِعْنَاهُ مِنْ فِي رَسُولِ اللَّهِ (صحيح مسلم).

 5) عدم المجاهرة بالذنــب: عَنْ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: «كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنْ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَيَقُولَ: يَا فُلَانُ، عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ» (متفق عليه).

 إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة الثانية والخمسون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان : من أعظم فوائد العفو:

 1) أنه يستوجب محبة الله تعالى، فإذا كنت من العافين عن الناس فإن الله تعالى سيحبك، ويجعلك من أهل الإحسان الذين هم أعلى الناس إيمانًا، كما في قوله تعالى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّه يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران من الأية:134].

 2) من عفا، عُفِى عنه يوم القيامة، إذ الجزاء من جنس العمل.

3) يُورث التقوى، يقول الله تعالى: {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [البقرة من الأية:237]، فالعفو عن الناس من الأسباب التي تجعل العبد تقيًّا نقيًّا.

 4) يقتضى غفران الله تعالى للذنب، فالعبد إذا عفا وصفح، كان ذلك سببًا في مغفرة الله  له.

 5) العفو يزيد الإنسان عزًّا، فالنبي يقول: «وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا» (صحيح مسلم), فكلما عفوت، ازددت عزًّا عند الله تعالى.

 6) الأجر العظيم عند الله تعالى، لقوله تعالى: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى من الأية:40].

 7) العفو يُثْمِر محبة الناس.

 8) وهو دليل على كمال الإيمان وحُسن الإسلام.

 9) وهو مظهر من مظاهر حُسن الخلق، ودليل على سعة الصدر وحُسن الظن.

 10) وطريق نورٍ وهدايةٍ لأهل الإيمان. نسأل الله تعالى أن يَمُنَّ علينا بالتحلى بهذا الخُلق العظيم، خُلُق العفو، ونسأله جلَّ في علاه أن يعفو عنا ويغفر لنا، إنه ولي ذلك والقادر عليه.[الأنترنت – موقع طريق الإسلام – هاني حلمي ]

*الغني الذي عنده خزائن كل شيء  يعطي ويستجيب للسائلين : فالداعي يعتقد أن المدعو( الله ) غنياً بل عنده خزائن كل شيء وهي ملأ لا تنفذ رغم العطاء المستمر والعظيم

   ومادمت قد ذقت حلاوة ما أعطاك الحق من كل شيء فأنت ستتجه إلى شكره سبحانه، وهذا يناسب أن يرد عليك الحق فيقول: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب} ونلحظ أن "إذا" جاءت، ولم تأت "إن" فالحق يؤكد لك أنك بعدما ترى هذه الحلاوة ستشكره ؛ لأنه سبحانه يقول في الحديث القدسي: (ثلاثة لا ترد دعوتهم، الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم، يرفعها الله فوق الغمام وتفتح لها أبواب السماء ) ويقول الرب: (وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين) أخرجه الترمذى وابن ماجه والإمام أحمد فى مسنده عن أبى هريرة.                                       إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة الثالثة والخمسون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان : إذا أستجاب الله للعبد فهو من المخلصين

فمادام سبحانه سيجيب دعوتك فأنت من عباده المخلصين وعندما تقرأ في كتاب الله كلمة "سأل" ستجد أن مادة السؤال بالنسبة للقرآن وردت في جوابها "قل".{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ (من الآية 219 سورة البقرة) وقوله: {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ }(من الآية 219 سورة البقرة) وقوله: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ }(من الآية 215 سورة البقرة)

وكل" يسألونك" يأتي في جوابها "قل" إلا آية واحدة جاءت فيها "فقل" بالفاء، وهي قول الحق:

{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي}(من الآية 105 سورة طه)

انظر إلى الدقة الأدائية: الأولى "قل"، وهذه "فقل"، فكأن "يسألونك عن الخمر والميسر" يؤكد أن السؤال قد وقع بالفعل، ولكن قوله: "يسألونك عن الجبال"، فالسؤال هذا ستتعرض له، فكأن الله أجاب عن أسئلة وقعت بالفعل فقال: "قل"، والسؤال الذي سيأتي من بعد ذلك جاء وجاءت إجابته بـ"فقل" أي أعطاه جواباً مسبقاً، إذن ففيه فرق بين جواب عن سؤال حدث، وبين جواب عن سؤال سوف يحدث، ليدلك على أن أحداً لن يفاجئ الله بسؤال،"ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفاً".

لكن نحن الآن أمام آية جاء فيها سؤال وكانت الإجابة مباشرة: "وإذا سألك عبادي عني". فلم يقل: فقل: إني قريب؛ لأن قوله: "قل" هو عملية تطيل القرب، ويريد الله أن يجعل القرب في الجواب عن السؤال بدون وساطة "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب". لقد جعل الله الجواب منه لعباده مباشرة، وإن كان الذي سيبلغ الجواب هو رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذه لها قصة: لقد سألوا رسول الله: أقريب ربك فنناجيه أم بعيد فنناديه؟ لأن عادة البعيد أن ينادى، أما القريب فيناجى، ولكي يبين لهم القرب، حذف كلمة "قل"، فجاء قول الحق: "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب" وما فائدة ذلك القرب؟ إن الحق يقول: "أجيب دعوة الداع إذا دعان" ولكن ما الشروط اللازمة لذلك؟

لقد قال الحق: "وإذا سألك عبادي" ونعرف أن فيه فرقا بين "عبيد" و"عباد"، صحيح أن مفرد كل منهما "عبد"، لكن هناك "عبيد" و"عباد"، وكل من في الأرض عبيداً لله، ولكن ليس كل من في الأرض عباداً لله، لماذا؟ لأن العبيد هم الذين يقهرون في الوجود كغيرهم بأشياء، وهناك من يختارون التمرد على الحق، لقد أخذوا اختيارهم تمرداً، لكن العباد هم الذين اختاروا الانقياد لله في كل الأمور. إنهم منقادون مع الجميع في أن واحدا لا يتحكم متى يولد، ولا متى يموت، ولا كيف يوجد، لكن العباد يمتازون بأن الأمر الذي جعل الله لهم فيه اختياراً قالوا: صحيح يا رب أنت جعلت لنا الاختيار، وقد اخترنا منهجك، ولم نترك هوانا ليتحكم فينا، أنت قلت سبحانك: "افعل كذا" و"لا تفعل كذا" ونحن قبلنا التكليف منك يا رب.

ولا يقول لك ربك: "افعل" إلا إذا كنت صالحاً للفعل ولعدم الفعل. ولا يقول لك: "لا تفعل" إلا إذا كنت صالحاً لهذه ولهذه. إذن فكلمة "افعل" و"لا تفعل" تدخل في الأمور الاختيارية،  والحق قد قال "أفعل" و"لا تفعل"، فتكون حراً في أن تفعلها أو لا تفعلها، اسمها "منطقة الاختيار المباح ، فهناك اختيار قيد بالتكليف بافعل ولا تفعل، واختيار بقى لك أن تفعله أو لا تفعله ولا يترتب عليه ضرر؛فالذي أخذ الاختيار  وقال: يا رب أنت وهبتني الاختيار، ولكنني تركت لك يا واهب الاختيار أن توجه هذا الاختيار كما تحب، أنا سأتنازل عن اختياري، وما تقول لي: "افعل" سأفعله، والذي تقول لي: "لا تفعله" لن أفعله. إذن فالعباد هم الذين أخذوا منطقة الاختيار، وسلموها لمن خلق فيهم الاختيار، وقالوا لله: وإن كنت مختاراً إلا أنني أمنتك على نفسي.                               إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة الرابعة والخمسون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان : المستجيبون هم عباد الرحمن

 إن العباد هم الذين ردوا أمر الاختيار إلى من وهب الاختيار ويصفهم الحق بقوله:

{وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً(63) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً(64)(سورة الفرقان)

هؤلاء هم عباد الرحمن، ولذلك يقول الحق للشيطان

 في شأنهم:{إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ }

(من الآية 42 سورة الحجر)

إذن فللشيطان سلطان على مطلق العبيد؛ لأنه يدخل عليهم من باب الاختيار ولم تأت كلمة "عبادي" لغير هؤلاء إلا حين تقوم الساعة، ويحاسب الحق الذين أضلوا العباد فيقول:{أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاء } (من الآية 17 سورة الفرقان) ساعة تقوم الساعة لا يوجد الاختيار ويصير الكل عباداً؛ حتى الكفرة لم يعد لهم اختيار. وحين يقول الحق: "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان" فالعباد الذين التزموا لله بالمنهج الإيماني لن يسألوا الله إلا بشيء لا يتنافى مع الإيمان وتكاليفه. والحق يقول: "فليستجيبوا لي"؛ لأن الدعاء يطلب جواباً، ومادمت تطلب إجابة الدعاء فتأدب مع ربك؛ فهو سبحانه قد دعاك إلى منهجه فاستجب له إن كنت تحب أن يستجيب الله لك "فليستجيبوا لي"، وبعد ذلك يتكلم الحق سبحانه وتعالى في كلمة "الداع" ولا يتركها مطلقة، فيقول: "إذا دعان" فكأن كلمة "دعا" تأتي ويدعو بها الإنسان، وربما اتجه بالدعوة إلى غير القادر على الإجابة، ومثال ذلك قول الحق: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ } (من الآية 194 سورة الأعراف) وقوله الحق:{ إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ } (من الآية 14 سورة فاطر)

فكأن الداعي قد يأخذ صفة يدعو بها غير مؤهل للإجابة، والحق هنا قال: "أجيب دعوة الداع إذا دعان" أما إذا ذهب فدعا غير قادر على الوفاء فالله ليس مسئولا عن إجابة دعوته. إن الحق سبحانه وتعالى يريد أن يعلمنا أن الإنسان يدعو بالخير لنفسه، وأنت لا تستطيع أن تحدد هذا الخير؛ لأنك قد تنظر إلى شيء على أنه الخير وهو شر، ومادمت تدعو فأنت تظن أن ذلك هو الخير، إذن فملحـظية الأصل في الدعاء هي أنك تحب الخير، ولكنك قد تخطئ الطريق إلى فهم الخير أو الوسيلة إلى الخير، أنت تحب الخير لا جدال، لذلك تكون إجابة ربك إلى دعائك هي أن يمنع إجابة دعوتك إن كانت لا تصادف الخير بالنسبة لك، ولذلك يجب ألا تفهم أنك حين لا تجاب دعوتك كما رجوت وطلبت أن الله لم يستجب لك فتقول: لماذا لم يستجب الله لي؟. لا لقد استجاب لك، ولكنه نحى عنك حمق الدعوة أو ما تجهل بأنه شر لك. فالذي تدعوه هو حكيم؛ فيقول: "أنا سأعطيك الخير، والخير الذي أعلمه أنا فوق الخير الذي تعلمه أنت، ولذلك فمن الخير لك ألا تجاب إلى هذه الدعوة.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة الخامسة والخمسون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان :

 الإجابة هي إرادة الله، وحظ العبد من الدعاء هو العبودية

 الحق سبحانه وتعالى يقول: {وَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً(11) (سورة الإسراء)

ولذلك يقول سبحانه: {سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ}  (من الآية 37 سورة الأنبياء)

والعلماء يقولون: إن الدعاء إن قصدت به الذلة

 والعبودية يكون جميلا، أما الإجابة فهي إرادة الله، وأنت إن قدرت حظك من الدعاء في الإجابة عليه فأنت لا تقدر الأمر. إن حظك من الدعاء هو العبادة والذلة لله؛ لأنك لا تدعو إلا إذا اعتقدت أن أسبابك كبشر لا تقدر على هذه، ولذلك سألت من يقدر عليها، وسألت من يملك، ولذلك يقول الله في الحديث القدسي: "من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته افضل ما أعطي السائلين"أخرجه البخارى فى تاريخه. ولنتعلم ما علمه رسول الله لعائشة أم المؤمنين. لقد سألت رسول الله إذا صادفت ليلة القدر فقالت: إن أدركتني هذه الليلة بماذا أدعو؟

انظروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد علم

أم المؤمنين عائشة أن تدعو بمقاييس الخير الواسع فقال لها: "قولي: اللهم إنك تحب العفو فاعف عني"هذا لفظ الترمذى وقال حديث حسن صحيح واخرجه الحاكم فى مستدركه وقال صحيح على شرط الشيخين. ولا يوجد جمال احسن من العفو، ولا يوجد خير احسن من العفو، فلا أقول أعطني، أعطني؛ لأن هذا قد ينطبق عليه قول الحق: {وَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً(11)(سورة الإسراء)

فمن يقول: لقد دعوت ربي فلم يستجب لي، نقول له: لا تكن قليل الفطنة فمن الخير لك أنك لا تجاب إلى ما طلبت فإنه يعطيك الخير في الوقت الذي يريده. وبعد ذلك يترك الحق لبعض قضايا الوجود في المجتمع أن تجيبك إلى شيء ثم يتبين لك منه الشر، لتعلم أن قبض إجابته عنك كان هو عين الخير، ولذلك فإن الدعاء له شروط، فالرسول صلى الله عليه وسلم يدعونا إلى الطيب من الرزق. فقد جاء في الحديث الشريف عن أبي هريرة قوله: "ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يده إلى السماء: يا رب يا رب ومطعمه حرام وملبسه حرام وغذى بالحرام فأني يستجاب له"رواه مسلم قى صحيحه.

إن الرسول يكشف أمامنا كيف يفسد جهاز الإنسان الذي يدعو، لذلك فعدم إجابة الدعوة إما لأن جهاز الدعوة جهاز فاسد، وإما لأنك دعوت بشيء تظن أن فيه الخير لك لكن الله يعلم أنه ليس كذلك، ولهذا يأخذ بيدك إلى مجال حكمته، ويمنع عنك الأمر الذي يحمل لك الشر.

وشيء آخر، قد يحجب عنك الإجابة، لأنه إن أعطاك ما تحب فقد أعطاك في خير الدنيا الفانية، وهو يحبك فيبقى لك الإجابة إلى خير الباقية، وهذه ارتقاءات لا ينالها إلا الخاصة، وهناك ارتقاءات أخرى تتمثل في أنه مادام الدعاء فيه ذلة وخضوع فقد يطبق الله عليك ما جاء في الحديث القدسي: "ينزل الله تعالى في السماء الدنيا فيقول: من يدعوني فأستجيب له أو يسألني فأعطيه؟ ثم يقول: من يقرض غير عديم ولا ظلوم" رواه مسلم وابو داود والترمذى. ولأن الإنسان مرتبط بمسائل يحبها، فمادامت لم تأت فهو يقول دائما يا رب. وهذا الدعاء يحب الله أن يسمعه من مثل هذا العبد فيقول: "إن من عبادي من أحب دعاءهم فأنا أبتليهم ليقولوا: يا رب. إن الإنسان المؤمن لا يجعل حظه من الدعاء أن يجاب، إنما حظه من الدعاء ما قاله الحق:{قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ (من الآية 77 سورة الفرقان)

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة السادسة والخمسون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان :إستجابة العبد شرط لاستجابة الدعاء

إن معنى الربوبية والمربوبية أن تقول دائما: "يا رب". والحق سبحانه يضع شرطا للاستجابة للدعاء، وهو أن يستجيب العبد لله سبحانه وتعالى فيما دعاه إليه. عندئذ سيكون العباد أهلا للدعاء، ولذلك قال الحق في الحديث القدسي: "من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته افضل ما أعطي السائلين"رواه البخارى فى تاريخه.

ومثال ذلك سيدنا إبراهيم عليه السلام حين ألقى

في النار، قال له جبريل: ألك حاجة؟.

لم ينف أن له حاجة، فلا يوجد استكبار على البلوى، ولكنه قال لجبريل: أما إليك فلا، صحيح أن له حاجة إنما ليست لجبريل، لأنه يعلم جيدا أن نجاته من النار المطبوعة على أن تحرق وقد ألقى فيها، هي عملية ليست لمخلوق أن يتحكم فيها ولكنها قدرة لا يملكها إلا من خلق النار. فقال لجبريل: أما إليك فلا، وعلمه بحالي يغني عن سؤالي. لذلك جاء الأمر من الحق: {قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ } (سورة الأنبياء)

 إذن فقوله: "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب

 أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي" تعني ضرورة الاستجابة للمنهج، "وليؤمنوا بي" أي أن يؤمنوا به سبحانه إلها حكيما. وليس كل من يسأل يستجاب له بسؤاله نفسه؛ لأن الألوهية تقتضي الحكمة التي تعطي كل صاحب دعوة خيراً يناسب الداعي لا بمقاييسه هو ولكن بمقاييس من يجيب الدعوة.

ويذيل الحق الآية بقول: "لعلهم يرشدون" فما معنى

 "يرشدون"؟ إنه يعني الوصول إلى طريق الخير وإلي طريق الصواب. وهذه الآية جاءت بعد آية "شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس" كي تبين لنا أن الصفائية في الصيام تجعل الصائم أهلا للدعاء، وقد لا يكون حظك من هذا الدعاء الإجابة، وإنما يكون حظك فيه العبادة.

إن الله سبحانه وتعالى عنده خزائن كل شيء لا تنفذ، فليس مثل ملوك وأغنياء الدنيا الذين لا بد أن يعطوا وأن يحرموا، وهذا في حق الله، فهو الذي لا تنتهي خزائنه (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ)[الحجر:21]

وقال في حديث أبي ذر: { يا عبادي لو أن أولكم

وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا على صعيد واحد، ثم سألوني فأعطيت كل واحد منهم مسألته ما نقص ذلك من ملكي شيئاً إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر } سواء كانوا على هدى، وتقى، أو على ضلال وعصيان ، فالله سبحانه وتعالى يتفضل عليهم جميعاً كما قال: ((كُلّاً نُمِدُّ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً ))[الإسراء:20] فهو الغني سبحانه وتعالى كل الغنى((يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ))[فاطر:15] فهو الذي غناه غنىً مطلقاً، وهو الذي لو سأله الخلق جميعاً فأعطى كل واحد مسألته ما نقص ذلك من ملكه شيئاً.[الأنترنت – موقع د سفر الحوالي]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة السابعة والخمسون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان :

القوي الذي لا يعجزه شيء يستجيب لمن دعاه

فالداعي يعتقد أن المدعو ( الله) قوياً لا تعجزه أي قوة بل كل قوة أمام قوتة ضعيفة فيدعوه

القوي من أسماء الله الحسنى ، ومعناه: الذي لا يغلبه غالب ولا يرد قضاءه راد ينفذ أمره، ويمضي قضاؤه في خلقه، شديد عقابه لمن كفر بآياته وجحد حججه

ورد اسم الله (القوي) في القرآن الكريم تسع مرات

 منها: قال تعالى: {كَدَأْبِ آَلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ } سورة الأنفال:52

وقال تعالى: {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ }سورة هود:66 ، وقال تعالى: {مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ }سورة الحج:74 ، وقال تعالى: {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا }سورة الأحزاب:25 ، وقال تعالى: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ }سورة المجادلة:21

قال الطبري: «القوي: الذي لا يغلبه غالب ولا يرد قضاءه راد ينفذ أمره، ويمضي قضاؤه في خلقه، شديد عقابه لمن كفر بآياته وجحد حججه»

وقال ابن كثير: «لا يغلبه غالب ولا يفوته هارب»

 وقال الخطابي: «هو الذي لا يستولي عليه العجز في حال من الأحوال، والمخلوق وإن وصف بالقوة فإن قوته غيرمتناهية وعن بعض الأمور قاصرة»

وقال ابن عثيمين مبينًا الفرق بين القوة والقدرة: «القدرة يقابلها العجز، والقوة يقابلها الضعف، والفرق بينهما أن القدرة يوصف بها ذو الشعور، والقوة يوصف بها ذو الشعور وغيره.

ثانياً: أن القوة أخص فكل قوي من ذي الشعور قادر وليس كل قادر قوياً»

قال ابن القيم: «قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو

 الْقُوَّةِ الْمَتِينُ }سورة الذاريات:58.      

 فعلم أن (القوي) من أسمائه ومعناه: الموصوف بالقوة»

وقال أيضًا: وهو القوي له القوى جمعًا تعالى  *******رب ذي الأكوان والأزمان

[الأنترنت – موقع الموسوعة الحرة ]

الله جلّ جلاله سمى ذاته العلية باسم "القوي" لأنه :

1 ـ موصوف بالقوة لا يغلبه غالب:

 "القوي" سبحانه وتعالى هو الموصوف بالقوة، والإنسان في أصل فطرته يعجب بالـ "القوي"،

2 ـ قوي في فعله قادر على إتمامه:

الإنسان ضعيف، يقوي ضعفه بالله، فيصبح قوياً، والإنسان جاهل يلغي جهله بمعرفة الله، الإنسان أحياناً ما عنده حكمة يكون حكيماً إذا اتصل بالله.

3 ـ قوي في بطشه لا يعتريه ضعف أو قصور:

والله هو "القوي" سبحانه، لا يعتريه ضعف أو قصور، قيوم لا يتأثر بوهم أو فتور، ينصر من نصره، ويخذل من خذله. ﴿ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ﴾( سورة محمد الآية: 7 )

هناك هدف للمسلمين الآن يفوق من أن ننتصر على أعدائنا وما أكثرهم ؛ أن نكون أقوياء،

﴿ إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ﴾( سورة آل عمران الآية: 160 ) وإذا كان الله معك فمن عليك ؟، وإذا كان عليك فمن معك؟،ويا رب ماذا فقد من وجدك وماذا وجد من فقدك ؟

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة الثامنة والخمسون في موضوع ( المجيب) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

الله جلّ جلاله سمى ذاته العلية باسم "القوي" لأنه :

4 ـ كتب الغلبة لنفسه فقط:

و "القوي" سبحانه، الذي كتب الغلبة لنفسه فقط، يقول:. ﴿ كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي ﴾( سورة المجادلة الآية: 21 )

﴿ إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾( سورة غافر الآية: 51 ) .....علينا أن ننصر الله حتى نستحق نصره، وأول وأعظم النصر أن ينصرنا على أنفسنا حتى ينصرنا ، على أعدائنا، والحديث الشريف: ( هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ )[ البخاري عن مصعب بن سعد ]  وإذا نصرنا الضعيف، والفقير، والجائع، والمظلوم ينصرنا الله عز وجل.

5 ـ موصوف بالقوة المطلقة:

الله القوي الذي لا يستولي عليه العجز في حال من الأحوال، والموصوف بالقوة المطلقة، قال تعالى:﴿ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾( سورة الحج )

6 ـ الله مُتَنَاهٍ بالقوة

"القوي" المتناهي في القوة، الذي تتصاغر كل قوة أمام قوته، زلزال واحد (تسونامي ) يساوي مليون قنبلة ذرية، هناك جزر انزاحت، هناك حديث طويل عن هذا الزلزال هذا مثل لقوة الله عز وجل.

 زلزال آخر جعل كل شيء في المدينة  ركاماً، تفتت المدينة فتاتاً عجيباً إلا مسجداً، ومعهداً شرعياً، هذه الصورة تركت أثراً بالعالم، هذه رسالة من الله.

7 ـ له كمال القدرة والعظمة ولا يعجزه شيء:

"القوي" هو الذي له كمال القدرة والعظمة، ولا يعجزه شيء، قال العلماء: "القوي" غالب لا يُغلب، يُجير ولا يُجار عليه، فقوته فوق كل قوي، ما قولك أن تكون مع هذا "القوي" ؟ هل تخشى أحداً ؟ هل ترتعد فرائصك من أحد؟ إذا كنت مع "القوي" فأنت القوي

من عرف الله زهد فيما سواه[ الأنترنت – موقع موسوعة النابلسي]

 إنَّ النَّاس يغفلون عن هذه الحقيقة الإيمانية الكبرى، في ساعات الرَّخاء، وفترات الغفلة، يغفلون عنها فيلتمسون القوَّة والنّصرة والحماية في قوَّة من قوى الأرض الهزيلة .. ويغفلون أنَّ قوَّة الله سبحانه هي القوّة الحقيقية، فهي القوَّة الوحيدة التي فيها الغوث والنجدة والنَّصر ..

نلجأ إليه بالدّعاء الخالص، وخير الدّعاء ما كان بأسماء

الله الحسنى وصفاته العليا، يقول الله تعالى:{ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (الأعراف:180)، قال الإمام ابن قيّم : (الدُّعاء ثلاثة أقسام؛ أحدها: أن يسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته، وهذا أحد التَّأويلين في قوله تعالى: { وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}، والثاني: أن تسأله بحاجتك وفقرك وذلك فتقول أنا العبد الفقير المسكين البائس الذليل المستجير ونحو ذلك، والثالث: أن تسأل حاجتك ولا تذكر واحداً من الأمرين، فالأوَّل أكمل من الثَّاني، والثَّاني أكمل من الثالث، فإذا جمع الدُّعاء الأمور الثلاثة كان أكمل، وهذه عامة أدعية النَّبي صلَّى الله عليه وسلّم)[الأنترنت – موقع الصحفيين التونسيين بصفاقس]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة تسعةوخمسون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان : الودود يحب أولياءه فيستجيب لهم

فالداعي يعتقد أن المدعو( الله) يود ويحب أولياءه فهو يكرمهم ويسعدهم بل ويتفضل عليهم ويحقق مطالبهم ، و يتودد إليهم بالنعم التي أحاطهم بها

قال الله في الحديث القدسي : ( لو أنَّ أوَّلَكم وآخرَكم وإنسَكم وجِنَّكم، كانوا على أفجرِ قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئاً، لو أنَّ أوَّلَكم وآخرَكم وإنْسَكم وجِنَّكم كانوا على أتْقَى قلب رجل واحدِ منكم، ما زاد ذلك في مُلْكي شيئاً، لو أنَّ أوَّلكم وآخرَكم، وإنسَكم وجِنَّكم، قاموا في صعيد واحد فسألوني، فأعطيتُ كُلَّ إنسان مسألتَهُ، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما يَنْقُص المِخْيَطُ إذا أُدِخلَ البحرَ، ذلك لأن عطائي كلام وأخذي كلام، فمن وَجَدَ خيراً فليَحْمَدِ الله ومن وجد غير ذلك فلا يَلُومَنَّ إلا نَفْسَهُ ))[ أخرجه مسلم والترمذي عن أبي ذر الغفاري ]

من أحب الله و أحسن إلى عباده أحبه الله عز وجل ؛ لأنه "ودود"

صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قوله : ( يا معاذ إني لأحبك )[ النسائي عن معاذ بن جبل]وهذا شيء لا يقدر بثمن أن يحبك رسول الله، أو أن يحبك المؤمنون، أو أن يحبك الله عز وجل. قال تعالى ﴿ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ﴾( سورة المائدة الآية: 54 )

 بل إن الله أراد أن تكون العلاقة بينه وبين عباده علاقة حب، لهذا قال:﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾

( سورة البقرة الآية: 156 ) يريدك أن تأتيه محباً، طائعاً، برغبة منك، بمبادرة منك،

من دون قهر، من دون إكراه ومن أحبه الله ألقى محبته في قلوب الخلق جميعاً:

 لذلك الله "الودود"  يحب عباده، كيف يحبهم ؟ يرضى عنهم، يغفر لهم، يرحمهم، يتوب عليهم، يستجيب دعاءهم، يتقبل أعمالهم، يوددهم إلى خلقه، إذا أحبك الله ألقى محبتك في قلوب الخلق، فهو ودود، إذا أحبك الله جعل الخلق يحبونك، هذا من نعم الله الكبرى.

 لذلك لا تتوهم أن الخلق إذا أحبوك بجهدك، وبذكائك

، وبحنكتك، لا، إنما ألقى الله في قلوب الخلق محبتك، والدليل قوله تعالى:﴿ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي ﴾( سورة طه الآية: 39 )

 ألقيت عليك محبة في قلوب الخلق مني، أنا السبب، وأحياناً الله عز وجل يلقي بغض إنسان في قلوب الخلق، لا أحد يحبه، يكون على مستوى عالٍ من الذكاء، من الجمال، من المال، من القوة لا يُحب،

أن يحبك الناس هذا أكبر عطاء من الله عز وجل.

الله عز وجل يتودد إلى عباده بالمغفرة و التوبة و استجابة الدعاء [ الأنترنت – موقع موسوعة النابلسي]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة الستون في موضوع ( المجيب) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :   الودود يحب أولياءه فيستجيب لهم

قال ابن القيم رحمه الله على قوله تعالى : " يحبهم ويحبونه ":" ليس المستغرب أننا نحب الله تبارك وتعالى، ليس بمستغرب أن الفقير يحب الغني وأن الذليل يحب العزيز ؛ فالنفس مجبولة على حب من أنعم عليها وتفضل عليها بالنعم لكن العجيب من ملك يحب رعيته ويحب عباده ويتفضل عليهم بسائر النعم "

إن حب الله لعبد من عبيده أمر هائل عظيم وفضل غامر جزيل لا يقدر على إدراك قيمته إلا من يعرف الله سبحانه بصفاته كما وصف نفسه.. فمن علامات محبة الله تعالى للعبد أن يحفظه من متاع الدنيا ويحول بينه وبين نعيمها وشهواتها ويقيه أن يتلوث بزفرتها لألا يمرض قلبه بها وبمحبتها ... ولو كانت الدنيا عند الله تساوي

 جناح بعوضة ما سقى منها كافرا شربة مـــاء...

ومن علامات حب الله للعبد حسن التدبير له فيربيه من الطفولة على أحسن نظام ويكتب الإيمان في قلبه

وينور له عقله ،ويجتبيه لمحبته ،ويستخلصه لعبادته ،ويشغل لسانه بذكره وجوارحه لخدمته.

فيتولاه بتيسير أموره من غير ذل للمخلوق ، ويسدد

 ظاهره وباطنه ،ويجعل همه هما واحدا ؛ فإذا زاد

في المحبة شغله به عن كل شيء..

عن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم ، وإن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب ، ولا يعطي الإيمان إلا من يحب ، ولن تؤمن والله حتى يكون الله ورسوله أحب إليك مما سواهما "

ومن علامات حب الله للعبد أن يجعل في قلبه الرفق واللين. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله إذا أحب أهل بيت أدخل عليهم الرفق "وإذا أحب الله عبدا جعله شفيقا رحيما على جميع عباده رفيقا بهم شديدا على أعدائهم كما قال تعالى :" محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم " وقال عنهم" أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين " وإنما يرحم الله من عباده الرحماء ..                      ومن علامات حب الله للعبد القبول في الأرض :

 والمراد به قبول القلوب له بالمحبة والميل إليه والرضا عنه والثناء عليه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إن الله إذا أحب عبدا دعا جبريل فقال إني أحب فلانا فأحبه قال فيحبه جبريل ثم ينادي في السماء فيقول إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء ،ثم يوضع له القبول في الأرض "

ومن علامات حب الله للعبد أيضا أن يبتليه بأنواع البلاء حتى يمحصه من الذنوب كما قال صلى الله عليه وسلم :" ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله وما عليه خطيئة "

أمـــا حب العبد لله فإدعاء يدعيه كثير من خلق الله

،ولما كثر المدعون طلب الله منهم الدليل والبينة..

واعلم رعاك الله أن محبة الله دعوة يدعيها كل أحد فما أسهل الدعوة وما أعز المعنى ، فلا ينبغي أن يغتر الإنسان بتلبيس الشيطان وخداع النفس إذا ادعت محبة الله تعالى ، ما لم يمتحنها بالعلامات ويطالبها بالبراهين ...

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة الواحدة والستون في موضوع ( المجيب) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

الودود يحب أولياءه فيستجيب لهم

فالمحبة شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء ، وثمارها تظهر في القلب واللسان والجوارح .

لله قوم أخلصوا في حبه ****** فرضي بهم واختصهم خداما

قوم إذا جن الظلام عليهم ******* باتوا هناك سجدا وقياما

خمصُ البطون من التعفف ضمرا **** لا يعرفون سوى الحلال طعاما

 ومن علامات حب العبد لله أن يكون صابرا على

 المكاره.. فالصبر من آهم المنازل في طريق المحبة وألزمها للمحبين فإن بقوة الصبر على المكاره في مراد المحبوب يعلم صحة محبته.. ولهذا كانت محبة أكثر الناس كاذبة ، لأنهم كلهم ادعوا محبة الله تعالى ، فلما امتحنهم بالمكاره ظهروا على حقيقتهم ولم يثبت إلا الصابرون .. فلولا تحمل المشاق وتجشم المكاره بالصبر لما ثبتت صحة محبتهم ...

انظر كيف وصف الله تعالى بالصبر خاصة أولياءه وأحبابه ، فقال عن حبيبه أيوب :" إنا وجدناه صابرا" وأمر الله أحب الخلق إليه بالصبر لحكمه ، وأخبر أن صبره به وبذلك تهون جميع المصائب فقال : واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا وسبح بحمد ربك حين تقوم

، ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم "

ومن علامات حب العبد لله : أن يكثر من ذكره فلا يفتر عنه لسانه ولا يخلو عنه قلبه .

فإن من أحب شيئا أكثر من ذكره ، فذكر الله قوت القلوب ، وبه يزول الهم والغم والقلق أما سمعت قوله" ألا بذكر الله تطمئن القلوب " أمرنا بذكره ذكرا كثيرا قياما وقعودا وعلى الجنوب وفي السلم والحرب وأنفع الذكر إذا تواطأ القلب مع اللسان...

قال الحسن البصري رحمه الله : " تفقدوا الحلاوة في ثلاثة أشياء في الصلاة وفي الذكر وقراءة القرآن فإن وجدتموها وإلا فاعلموا أن الباب مغلق " .

قال ذا النون : " ما طابت الدنيا إلا بذكره ،ولا طابت الآخرة إلا بعفوه ، ولا طابت الجنة إلا برؤيته "

ومن علامات حب العبد لله : فعل طاعاته وترك معصيته ، أن يكون العبد مؤثرا ما أحبه الله تعالى على ما يحبه في ظاهره وباطنه ، فيترك معصية الله محبة لله ..

وأفضل الترك الترك لله ، كما أن أفضل الطاعة طاعة المحبين ، فالطاعة للمحب عنوان محبته كما قيل ..

تدعي حب الإله وأنت تعصاه ******** إن هذا لعمري في القياس بديع

لو كنت صادقا في حبك لأطعته ***** إن  المحب  للمحب  مطيع

[الأنترنت – موقع عباد الرحمن - يوسف عمر]

 إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة الثانية والستون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان :عطاء الله لأولياءه الذين يحبهم

  قال: (قوله: ( ولئن سألني لأعطينه ولئن أستعاذني لأعيذنه )، وفي الرواية الأخرى: ( إن دعاني أجبته، وإن سألني أعطيته )، يعني هذا: أن المحبوب المقرب إلى الله له عند الله منزلة خاصة تقتضي أنه إذا سأل الله شيئاً أعطاه إياه، وإذا استعاذ به من شيء أعاذه منه، وإن دعاه أجابه) وهذا غاية ما يريد الإنسان، وهل هناك هدف أو غاية أكبر من أنك أنت العبد الفقير الضعيف المحتاج بتقربك إلى الله، وبطاعتك له، وحبك له؛ تصبح عند الله تعالى بهذه المنزلة: إن سألته أعطاك، وإن استعذت به أعاذك، وإن دعوته أجابك، فهذه درجة عظيمة، فمن يستطيع أن يصل إليها! من يطمح إلى شيء غيرها! فتسأله الجنة، وتسأله لذة النظر إلى وجهه الكريم، وتسأله الثبات على الحق، وتسأله النصر على أعدائك، وتسأله أي شيء؛ فيستجيب لك، وتستعيذ به مما تكره: من شر الشيطان، ومن كيد أولياء الشيطان، ومن شرور الدنيا والآخرة؛ فيستجيب لك، فهذه درجة عظيمة جداً.  ولو تأملنا الحديث السابق نجد أن الله تعالى لم يقل: فإذا أحبني كنت سمعه، أي: إذا كان العبد يحب الله، فإذا أحب الله كان سمعه، وبصره، وكانت أعضاؤه تسير على مقتضى محبته لله، ليس الأمر كذلك، وإنما قال: ( فإذا أحببته كنت سمعه ) أي: أن الله عز وجل إذا أحب العبد فإنه يكون بهذه المنزلة، ولذلك إذا دعاني أجيبه، وإذا استعاذ بي أعيذه؛ لأنه هو الذي أحبني حتى وصلت محبته إلى هذه الدرجة، وهذه المرتبة.يقول: (فيصير مجاب الدعوة؛ لكرامته على الله عز وجل) أي: أن غاية الأولياء أن يصبح الواحد منهم مجاب الدعوة؛ كما كان الرسل الكرام صلوات الله وسلامه عليهم، فهذا دليل على أنه من خلص أولياء الله المتقربين إليه عز وجل،وكثير من السلف ثبت لهم ذلك إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة الثالثة والستون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان :

صور من بعض مجابي الدعاء من السلف

    يقول: (وقد كان كثير من السلف الصالح معروفاً بإجابة الدعوة، ففي الصحيح: ( أن الربيع بنت النضر كسرت ثنية جارية، فعرضوا عليهم الأرش فأبوا -وهي دية العضو- فطلبوا منهم العفو فأبوا، فقضى بينهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقصاص، فقال أنس بن النضر : أتكسر ثنية الربيع ؟! والذي بعثك بالحق! لا تكسر ثنيتها ) )، فحلف أنها لا تكسر، وهذا حكم الله ( فرضي القوم وأخذوا الأرش، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره ) ، وهو لم يحلف اعتراضاً على حكم الله، ولكنه حلف أن هذا لا يكون ولا يصير،فبر الله تعالى يمينه.

  وفي المستدرك للحاكم  عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( كم من ضعيف متضعف ذي طمرين لو أقسم على الله لأبره، منهم البراء بن مالك  )، فلما كان البراء في معركة وزحفوا على المشركين؛ قال المسلمون: يا براء ! أقسم على ربك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(إنك لو أقسمت على الله لأبرك ) ، قال: أقسمت عليك يا ربي! لما منحتنا أكتافهم، فمنحهم الله تعالى أكتافهم، فقتلوهم وأبادوهم وغلبوهم.

    ثم التقى المسلمون مع الفرس مرة أخرى في فتح تستر ، فقالوا له: أقسم على ربك، فقال: أقسمت عليك يا ربي! لما منحتنا أكتافهم، ثم قال: وألحقني بنبيك صلى الله عليه وسلم،فمُنحوا أكتافهم، واستشهد البراء رضي الله تعالى عنه، فهؤلاء هم المقربون الخلص ، فانتصر المسلمون، واستشهد رضي الله تعالى عنه وأرضاه. والقصص في هذا كثيرة تستحق أن تفرد وحدها، وإنما أشرنا إلى شيء منها إشارة.

 إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة الرابعة والستون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان :

    اشتراط الولاية للإجابة الدائمة للدعاء

    وهنا مسألة: وهي: هل معنى قوله: ( ولئن سألني لأعطينه، ولئن أستعاذني لأعيذنه ) أن من كان ولياً لله عز وجل فلا بد أن يستجاب له دعاءه كما طلب، وأن يكون حالاً؟

والجواب: أن ليس ذلك شرطاً؛ لحكم يعلمها الله سبحانه وتعالى، وقد أشار الحافظ رحمه الله إلى هذا إشارة لطيفة خفيفة، وقال: قد تقدم في أول كتاب الدعوات: أن الحال لا يخرج عن ثلاثة أمور:

إما أن يستجيب الله لوليه كما طلب ولو ناجزاً، وهذا فضل من الله.

الأمر الثاني: أن يدخره له في الآخرة،

والأمر الثالث: أن يدفع عنه من البلاء بقدر ذلك.  وهذا كما جاء في الحديث الذي رواه الأمام أحمد في هذا الشأن، فيكون الولي مستجاب الدعوة، ويحبه الله تبارك وتعالى، ويكرمه، ويرضيه، ولا يخيبه أبداً، لكن ليس شرط ذلك أن يعطيه كما ظن أو كما دعا؛ لأنه تبارك وتعالى أعلم بمصلحة العبد المؤمن من نفسه، فمهما كان العبد من عباد الله الصالحين المؤمنين الأتقياء، ويرى المصلحة له أو لدينه في شيء، ويظن أن هذا أنفع له في دينه ودنياه، لكن الله تعالى أعلم بما يصلح ولا شك،وهو تعالى لمحبته لهذا الولي العبد هو أحرص على ما ينفعه من حرصه لنفسه، لهذا فالله عز وجل لا يستجيب له فيما طلب، ولكنه لا يضيعه، وإنما يعطيه أمراً آخراً، أو يصرف عنه شراً عظيماً لم يكن يعلم أنه واقع، والمهم أنه غير خائب.

وكيف يخيب الولي إذا دعا والله تعالى لا يخيب أحداً دعاه أصلاً؟فإذا تحققت شروط الدعاء في أحد فإنه لا يخيب أبداً ولو لم يكن من الأولياء الصالحين، فكيف بالولي الصالح؟! قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن الله حيي كريم، يستحي إذا رفع عبده إليه يديه بالدعاء أن يردهما صفراً ) يعني: خاليتين، فذلك لا يمكن أبداً.

    ولو تأمل العبد ذلك لوجده من المعاني اللائقة بالله تبارك وتعالى حقاً، وهو بها أولى؛ فإن الكريم من أهل الدنيا -وهم كلهم فقراء إلى الله- لا يمكن أن يردك مطلقاً أبداً،فكيف بالله عز وجل الذي لا تنفدخزائنه سبحانه وتعالى، فمقتضى ذلك أن يدعو الله عز وجل دائماً، وأن يكثر من هذا، (( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ))[غافر:60].[ الأنترنت – موقع د سفر الحوالي]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة الخامسة والستون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان :

العليم بكل أحوال الداعين يستجيب دعائهم                                     فالداعي يعتقد أن المدعو ( الله المجيب ) عالم وعلمه محيط بجميع الكائنات وما تتحرك ذرة في السماء والأرض إلا هو عالم بها ولا يخطر على البال خاطر إلا هو يعلمه ، ولا يختلج في النفس شيء إلا وهو مطلع عليه ؛فيحقق لسائليه ما سألوا وفيه صلاح لحالهم في العاجل والآجل

قال تعالى: قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ [التحريم: 3].

قال السعدي : (-العليم الخبير- وهو الذي أحاط علمِه بالظواهر والبواطن، والإسرار والإعلان، وبالواجبات والمستحيلات والممكنات وبالعالم العلوي والسفلي، وبالماضي والحاضر والمستقبل، فلا يخفى عليه شيء من الأشياء) .الانترنت – موقع تفسير السعدي

 (العـلـيـم ) ورد هذا الاسم في القرآن الكريم في أكثر من مائة و خمسين موضعا ، قال تعالى :    ( يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَهُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْقَدِيرُ ) ، و قال تعالى : ( وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ عَلِيماً) ، و للإيمان بهذا الاسم العظيم آثار مباركة على العبد ، بل هو أكبر زاجر و أعظم واعظ .

قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي  : ( أجمع العلماء على أنه أكبر واعظ و أعظم زاجر نزل من السماء الى الأرض ، ... و لا تكاد تقلب ورقة واحدة من أوراق المصحف الكريم إلا وجدت فيها هذا الواعظ الأكبر و الزاجر الأعظم ( بِكُل شَيْءٍ عَلِيمٌ) ، ( وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)، ( يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ ) ، ( وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا ) ، ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ) ، ( وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِيۤ أَنْفُسِكُمْ فَٱحْذَرُوهُ ) ، ( وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُواْ مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ ) .

فينبغي علينا جميعا أن نعتبر بهذا الزّاجر الأكبر

، و الواعظ الأعظم ، و أن لا ننساه لئلا نهلك أنفسنا ).[مختصر فقه الأسماء الحسنى الأنتر نت – موقع منتديات لك النسائية[

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة السادسة والستون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان :

*حظ المؤمن من اسم الله تعالى العليــم

 1) إيمانه بالقضـــاء والقدر. فيصدق تصديقًا جازمًا بأن قدر الله سبحانه وتعالى لا يأتي إلا بالخير؛ لأنه الله عزَّ وجلَّ عـــالم بكل شيء وهو الحكيـــم سبحــــانه.

 2) العلم عبـــادة القلب. فلا ينبغي أن يتوقف الإنسان أبدًا عن طلب العلم؛ لإنه إذا توقف سيفسد قلبه. ولا بد في طلب العلم من منهجية .. بحيث لا يُقدِم شيء على الكتــــاب والسُّنَّة. كما لا بد له من مرحلية .. بحيث يبدأ بتعلُّم فرض العين عليه من العلوم الشرعية، وبعدها يتدرج في تعلُّم العلم الذي ينفعه.

 3) العلم يورث الخشيــــة. كما في قوله تعالى {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ} [فاطر:28].

 4) العلم يورث الحيـــــاء من الله عزَّ وجلَّ. فعندما يعلم أن الله سبحانه وتعالى يعلم سره وعلانيته، سيستحيي من ربِّه أن يطلِّع على قلبه فيجد فيه ما يكرهه وتعلقات بدنيـــا فانيــــة.

 5) الطريـــق للعلم النـــافع هو التقوى. فالله سبحـــانه وتعالى لن يستودع قلبك معرفته ومحبته إلا إذا شـــاء.. {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ} [البقرة:255]، فإن كنت تريد أن يمُنَّ الله عزَّ وجلَّ عليك بالعلم النـــافع، عليك بالتقوى والطاعة له سبحانه وتعالى، يقول تعالى {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [البقرة:282]. 6) مهما بلغت من العلم، فهو قليــــل. كما جاء في قصة موسى عليه السلام والخضر لما رَكِبا السفينة: «..فَجَاءَ عُصْفُورٌ فَوَقَعَ عَلَى حَرْفِ السَّفِينَةِ فَنَقَرَ نَقْرَةً أَوْ نَقْرَتَيْنِ فِي الْبَحْرِ، فَقَالَ الْخَضِرُ: يَا مُوسَى، مَا نَقَصَ عِلْمِي وَعِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ إِلَّا كَنَقْرَةِ هَذَا الْعُصْفُورِ فِي الْبَحْر»(صحيح البخاري). فإيـــاك أن تتكبَّر بعلمك.. والحل: أن تنظر إلى من هو أعلى منك علمًا، فتعلم قدرك الحقيقي.

6) دعــاء المسألة باسمه تعالى العليم: على العبد أن يسأل ربَّه تبارك وتعالى باسمه العليم؛ حتى يفتح عليه بالعلم ويَمُنَّ عليه بمعرفة ما خفيَ عنه من الخير؛ لأنه ليس كل ما خَفِيَ عنك فيه الخير، فلا نسأل إلا عما يفيدنا في أمر ديننا وينبغي أن يترتب على هذا العلم العمل. وقد ورد الدعاء باسمه العليـــم في دعاء إبراهيم عليه السلام {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة:127]. وكان النبي يفتتح صلاته بالاستعاذة بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم .. عن أبي سعيد الخدري قال: كان رسول الله إذا قام من الليل كبر ثم يقول: «سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك، ثم يقول: لا إله إلا الله ثلاثًا، ثم يقول: الله أكبر كبيرًا ثلاثًا، أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه.» (رواه أبو داوود وصححه الألباني). وسُألت عائشة رضي الله عنها: بما كان يستفتح النبي صلاته إذا قام من الليل؟، قالت: كان يقول: «اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة .. أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك لتهدي إلى صراط مستقيم» (رواه ابن ماجه وحسنه الألباني). وما أحوجنا لهذا الدعاء في زمن الفرقة والشتات، فادعُ ربَّك العليم أن يهدك إلى الحق وسبيل الرشـــــاد في زمن الفتن وإتبـــاع الأهواء. نسأل الله تعالى أن يُعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا وأن يزيدنا علمًا ينفعنا.[ الأنترنت – موقع طريق الإسلام]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة السابعة والستون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان :

كيف نعرف عظمة الله تعالى العلمية ؟

إن ظهور النقص في علم المخلوقين يدل على كمال علم الخالق وظهور العلوم الجديدة والأفكار الجديدة لدى المخلوقين تبين أن الخالق قد وسع كل شي علما ، وتباين واختلاف العلماء المخلوقين تشير إلى عظمة الخالق وقدرته وتدبيره  ، بين الله تعالى في كتابه الكريم...    عجز كثير من عباده عن معرفة كل شي رغم ما سخّره لهم من الإمكانات وعظمة الملك والسلطان.

    في قصة نبي الله سليمان سخّر الله تعالى له الريح والجن والطير وأعطاه ملك عظيم كما أنه ملكٌ ابن ملكٌ رغم هذا كله أحب الله أن يبين له أن هناك مايَخفَى عنه فبين له هذا بطير ضعيف يملكة وهو الهدهد.  قال الله تعالى : {وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ(سورة النمل).

 وفي قصة نبي الله إبراهيم ؛فرغم أن الله تعالى يحبه وهو خليل الله فقد بين له أنه لم يعرف الملائكة وقدّم لهم الطعام ،قال الله تعالى : {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ قَالُوا كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ }(سورة الذاريات).

 بل أن سيد الخلق رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم بيَّن الله تعالى له علمه بالمنافقين من أهل المدينة ،قال الله تعالى : {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ } (سورة التوبة)

بل إن ربنا سبحانه وتعالى بين لنا بأن هناك قبيلتين موجودة في الأرض التي نسكن فيها وسخر لنا الأقمار الصناعية وعلم الأرض واستخراج بعض الخيرات من باطن الأرض ولكن حتى الآن لم يستطع أحد معرفة أين يسكنون ووعد الله بإخراجهم في آخر الزمان ،قال الله تعالى : {قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا آَتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آَتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا }(سورة الكهف) ،وقال الله تعالى : {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (سورة الأنبياء).

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة الثامنة والستون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان :*أعلم من في الأرض

سأل رجل نبي الله موسى علية السلام هل في الأرض أعلم منك ؟ فنسي موسى بقدر الله أن يقول الله أعلم فقال لا يوجد أعلم مني على الأرض ، فعاتبه ربه وبين له أن هناك في الأرض من هو أعلم منه ويسَّر له الوصول له ،قال الله تعالى : {قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (سورة الكهف).

*التعامل مع اسم الله العليم

إذا علم العبد بأن الله يعلم كل شي ووسع علمه كل شي فإنه يستحي ويتأدب مع العليم والحياء من الله والخشية منه مرتبطة بمعرفة الله والعلم به وبقدرته وأنه يعلم مافي الصدور. قال الله تعالى : {وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (سورة فاطر).  وقال الله تعالى : {قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (سورة آل عمران) موقع الموسوعة الحرة

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة التاسعة و الستون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان :

*الرزاق يستجيب لكل من سأل الرزق بل يرزق قبل الطلب : فالداعي يعتقد أن المدعو(الله المجيب) رزاقٌ عم رزقهُ جميع المخلوقات في السماء والأرض سواء مؤمنهم وكافرهم وصغيرهم وكبيرهم العاقل وغير العاقل

اسم الرزاق في اللغة : مايُنتفع به، يُقال رزق الخلقَ رَزقـًا ورِزقـًا والرزاق من أبنية المبالغة على صيغة فعَّال.

ورد اسم الله الرزاق في القرآن مفردًا مرة واحدة في

 قول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}

[الذاريات:58]

وقد قُرِئ الرازِق ها هنا في قراءة ابن مُحيصن وغيره {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّازِقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات:58]

وورد بصيغة الجمع خمس مرات منها  قول الله تعالى {وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [المائدة:114] وقوله تعالى: {وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}  [الجمعة:11] هكذا في سورة الجمعة.

وورد قول النبي لإثبات هذا الاسم في الحديث أنه قال: (إن اللهَ هو المسعر القابض الباسط الرازق) [صححه الألباني]

وورد في الحديث الذي رواه الترمذي وصححه الألباني من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: (أقرئنى رسول الله إني أنا الرزاق ذو القوة المتين)

حقيقة الرزق هو العطاء المتجدد الذي يأخذه صاحبه في كل تقديرٍ يومي أو سنوي أو عمري فينال ما قسم الله له في التقدير الأزلي والميثاقي.

والرزاق سبحانه وتعالى هو الذي يتولى تنفيذ المقدر في عطاء الرزق المقسوم والذى يخرجُه في السموات والأرض. فإخراجه في السموات يعنى أنه مقضيٌّ مكتوب، وإخراجه في الأرض يعنى أنه سينفذ لا محالة.

فالرزق أولا مكتوب في اللوح المحفوظ ثم بعد ذلك

 ينزل في السموات لتعرفه الملائكة وتنزل به إلى صاحب الرزق في الأرض فينفذ على صاحبه.

ولذلك قال الله تعالى في شأن الهدهد الموحد ومخاطبته سليمان {أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ} [النمل: 25] الخبء: أي الشيء الخفي المخبوء. فهنا أدرك الهدهد أن الرزق مكتوبٌ في السماء قبل أن يكون واقعًا مقدرًا في الأرض. وقد قال الله تعالى: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ}[الذاريات:22] وقال عن تنفيذ ماقسمه لكل مخلوق {وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}      وقال {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا

وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا} [هود: 6]

إذا فالرزاق سبحانه هو الذي يتولى تنفيذ العطاء الذي قدرهُ لأرزاق الخلائق لحظةً بلحظة، فهو المفيضُ بالأرزاقِ رزقًا بعد رزق ومبالغةً في هذا الإرزاق وهذا الإنفاق، ولذلك ليس من أحدٍ يُسمى بهذا الاسم إلا الله جل في علاه ولا ينبغي أن يوصف به بشر فلا يقال عن أحد أنه رزاق أبدًا لأن هذه صفه استأثر الله سبحانه وتعالى بها لنفسه.

-يقول الحُليني: هو المفيض على عباده ما لم يجعل لأبدانهم قوامًا إلا به.فالصحة رزق والعافية رزق، والمال

رزق. وقال هو الرزاق رزقًا بعد رزق والمكثر

الموسع على عبيده سبحانه وتعالى".

-قال السعدى: الرزق نوعان :  رزق عام يشمل البر والفاجر والأولين والأخرين وهذا رزقُ الأبدان، ورزق خاص وهو رزق القلوب. وهذا معنى هام جدا في اسم الله الرزاق، فمتى تحدثنا عن "الرزاق" سبحانه تجد الناس انصرفت قلوبهم وعقولهم إلى رزق الأبدان فقط من المال وغيره. ولكن أعظم الرزق هو رزق القلب، وهو بأن يُغذيه الله تعالى بالعلم والإيمان هذا هو الرزقُ الحلال الذي يعين على صلاح الدين وهذا خاصٌ بالمؤمنين على مراتبهم بحسب ما تقتضيه حكمة الله تعالى ورحمته.                                    إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة السبعون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان : أثر الإيمان باسم الله الرزاق:

الدرس الأول: التوكل

 أول شيء لتحقيق الإيمان بمعنى اسم الله الرزاق: التوكل ، وهوأن تسعى في اتخاذ الأسباب دون اعتماد عليها و تعلم تمامًا أن الله سبحانه وتعالى إذا أراد شيئًا كان.

وإذا رزقت فانفق تزدد رزقا..ولا تعتمد على الادخار سببا في حفظ الرزق..فإن هذا مما ينافي التوكل أيضا

 روى البزار وصححه الألباني من حديث ابن مسعود (أن النبي  صلى الله عليه وسلم دخل على بلال وعنده صُبرة من تمر فقال ماهذا يا بلال؟ قال: شيء ادخرته لغد أو أعد ذلك لأضيافك  قال: أما تخشى أن يفور له بخار في نار جهنم يوم القيامة أنفق يا بلال ولا تخشى من ذي العرش إقلالاً) [صححه الألباني]

وقال النبي صلى اللهُ عليه وسلم: (لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتعود بطانا) [السلسلة الصحيحة :620]

وقد وكل الله ملكين ينزلان من السماء أحدهما يدعو لكل منفق والأخر يدعو على كل ممسك فيقول النبي صلى اللهُ عليه وسلم  في الحديث الذي رواه البخاري (ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما اللهم أعط منفقًا خلفا ويقول الأخر اللهم أعطِ ممسكًا تلفا) [صحيح البخاري]

وتأمل في سورة الليل كيف ربط الله بين البخل والاستغناء عنه سبحانه فقال : {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى} يبخل حين يحب المال ويصفه الله أنه إذا فعل فإنه بهذا يستغني عنه، لأنه يركن إلى ماله ويرى فيه الأمان والمستقبل والعزة فهل وجد في ماله ما يريد..كلا {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى}[الليل:5]

مثال على الإنفاق : يروى عن الشيخ ابن باز رحمه الله أنه كان ينفق ما يقارب 68 مليون ريال سعودى في السنة كلها في سبيل الله. وروى أن امرأة مشلولة أرسلت له تشكو الله زهد الرجال في الزواج منها وأنها تتمنى بناء منزل يرغب الناس في الزواج منها..فأرسل لها الشيخ 400 ألف ريال وأمر أن يبنى لها المنزل عسى أن يتقدم أحد للزواج منها. 

الدرس الثاني: توحيد الله باسمه الرزاق.

صفة الرزق من صفات الربوبية التي لا يتصف بها سوى الرب الخالق وهذا معناه أن تعلقك بالأسباب يوقعك في شرك وقدح في توحيدك..

يقول الله تعالى {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ..} فكما أن الله هو الخالق المحي المميت فكذلك هو وحده الرزاق، فلا أحد يستطيع أن ينسب الخلق إلا لله، وكذلك الإحياء والإماتة، فكذلك عليك ألا تنسب الرزق لغيره..

الدرس الثالث: كلما زادك الرزق قربا من الله وازددت به إيمانا فهو بشارة بزيادة محبة الله لك، ففي الحديث (وإن الله عز وجل يعُطى الدنيا من يُحب ومن لايُحب ولا يُعطى الإيمان إلا من أحب) [صححه الألباني]  فانظر لرزقك ماذا فعل فيك؟

*الدعاء باسم الله الرزاق :

ورد بالوصف كثيرًا عن النبي  دعائه باسم الله الرزاق، من ذلك:­ ما رواه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي قال: (لا يقل أحدكم اللهم اغفر لى إن شئت، وارحمنى إن شئت وارزقنى إن شئت، ليعزم مسألته إنه يفعل مايشاء لا مكره له) [صحيح البخاري]  فدلنا النبي أن ندعو الله تعالى ونوقن بالإجابة ونعزم في المسألة اللهم ارزقنا

­ ومنها ما رواه البخاري أيضًا من حديث عمر قال: (اللهم ارزقني شهادة في سبيلك واجعل موتي في بلد رسولك ) فرزقه الله الشهادة وفي بلد رسول الله المدينة ­ وفي صحيح مسلم أنه كان يقول :  (اللهم اجعل رزق آل محمد قوتاً ) أي  أعطهم قدر احتياجهم لا توسع عليهم فيطغوا ولا تقدر عليهم فيضيق عليهم فيجزعوا وإنما أعطهم ما يكفيهم وقنعهم بذلك.

­ وكان النبي يعلم أصحابه الصلاة إذا أسلموا ثم يأمرهم أن يدعو بهؤلاء الكلمات " اللهم  اغفر لي وارحمني واهدني وعافني وارزقني.) [رواه مسلم] خمس كلمات جمعت الخير كله في الدنيا والآخرة. أن يغفر له تعالى ويرحمه ويكتُب له الهداية هداية التوفيق وكذلك يعافيه في الدنيا ، ويرزقه

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة الواحدة والسبعون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان :

الفرق بين الاسمين ؛ اسم الله الرزاق واسم الله الرازق

 الرازق سبحانه هو الذي يرزق الخلائق أجمعين وهو الذي قدر أرزاقهم قبل خلق العالمين وهو الذي تكفل باستكمالها ولو بعد حين فلن تموت نفسا إلا باستكمال رزقها يقول النبي   :( أيها الناس اتقوا الله وأجملوا في الطلب فإن نفسا لن تموت حتى تستوفي رزقها وإن أبطأ عنها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، خذوا ما حل

ودعوا ما حرم) [صححه الألباني]وفي لفظ آخر في مسند الشهاب من حديثِ أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي قال: (إن روح القدس نفث في روعى أنَّ نفسًا لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ولا يحملنكم استبطاء الرزق على أن تطلبوه بمعصية الله فإنَّ الله تعالى لا يُنال ماعنده إلا بطاعته.)

إذن فالرازقُ فيه معنى الرزق المطلق، فهو يفيد ثبوت صفة الرزق لله عز وجل أما الرزاق فتفيد التكثير،لأنه يرزق رزقا بعد رزق.

 بعض مفاتيح الرزق كأسباب يأخذ بها العبد لزيادة

 رزقه، منها:

1_ الاستغفار والتوبة  {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً} [نوح : 12]

2_  التبكير في طلب الرزق يقول النبي : (اللهم بارك لأمتى في بكورها) [صحيح] ووقت البكور هو وقت ما بعد الفجر.

3_  التقوى {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}[الطلاق : 2]

قال الله تعالى:{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ

لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكِن

كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ }[الأعراف : 96] .

4_ اجتناب المعاصي قال الله {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}[الروم : 41] ، وفي الحديث (إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه)

5_ التوكل: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً} [الطلاق : 3]

6_ التفرغ للعبادة: عكس مايقوله الناس والدليل  قول الله تعالى في الحديث القدسى  و اللفظ في الحاكم (يابن ءادم تفرغ لعبادتي أملا قلبك غنى وأسدُّ فقرك وأملأ قلبك غنى وأملأ يديك رزقاً، يابن ءادم لا

تباعد منى فأملأ قلبك فقرا وأملأ يديك شغلا)

7_ المتابعة بين الحج والعمرة فإنها سبب للرزق لأن النبي قال (تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة)

8_ كثرة الإنفاق في سبيل الله قال الله: {وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}[سبأ : 39] أنفق ينفق عليك.

9_ الإنفاق على من تفرغ لطلب العلم الشرعي: النفقة على طلبة العلم سبب للرزق، ففي الحديث أنه كان ثمة أخوان على عهد رسول الله   وكان أحدهما يأتى النبي والآخر يحترف, فشكى المحترف أخاه إلى النبي فقال له النبي   : (لعلك تُرزق به).

10_ صلة الرحم سببٌ لسعة الرزق (من سره أن يبسط له في رزقه وينسَأ له في أثره فليصل رحمه) [رواه البخارى]

11_ إكرام الضعفاء والإحسان إليهم لأن النبى قال: (هل تُنصرون وتُرزقون إلا بضعفائكم ) [رواه البخارى]

12_ الهجرة في سبيل الله وهو ترك مكان الضيق إلى ما فيه سعة في الرزق  قال الله تعالى: {وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} [النساء: 100][الأنتر نت – موقع الكلم الطيب ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة الثانية والسبعون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان :

*الله الكريم إذا سأله السائل أجابه وأكرمه

فالداعي يعتقد أن المدعو(الله المجيب) كريم عم كرمه جميع المخلوقات فكيف بأولياءه

ومعنى الاسم{الكريم } :

    الكثير الخير الجواد المعطي الذي لا ينفد عطاؤه ، وهو الكريم المطلق .

و هو الجامع لأنواع الخير والشرف والفضائل . وهو اسم جامع لكل ما يحمد ، فا لله عز وجل كريم حميد الفعال [ لسان العرب  ج 12   ص 510، 511 ]

   يقول الغزالي :"الكريم هو الذي إذا قدر عفا وإذا وعد وفى .. وإذا أعطى زاد على منتهى الرجاء ، ولا يبالي كم أعطى ولمن أعطى .. وإن رُفِعَت حاجةٌ إلى غيره لا يرضى .. وإذا جُفِيَ عاتب وما استقصى .. ولا يضيع من لاذ به والتجأ، ويغنيه عن الوسائل والشفعاء .. فمن اجتمع له جميع ذلك لا بالتكلُّف، فهو الكريم المطلق وذلك لله سبحانه وتعالى فقط.

[  المقصد الأسنى  1 /117]

وقد أورد ابن العربي ستة عشر قولاً في معنى اسمه تعالى الكريم، وهي:1)الذي يعطي لا لعوض .. 2) الذي يعطي بغير سبب .. 3) الذي لا يحتاج إلى الوسيلة ..4) الذي لا يبالي من أعطى ولا من يُحسن إليه .. كان مؤمنًا أو كافرًا، مُقرًا أو جاحدًا .. لولا كرمهُ ما سقى كافر شربة ماء.5) الذي يُستبشر بقبول عطائه ويُسرُّ به.

6) الذي يعطي ويثني .. كما فعل بأوليائه حبَّبَ إليهم الإيمان وكرَّه إليهم الكفر والفسوق والعصيان،

ﭧ ﭨ ﭽ                                            ﭿ                                                            الحجرات: ٧ - ٨   يُحكى أنَّ الجُنيد سَمِعَ رجلاً يقرأ                                   ص: ٤٤ فقال: سبحـــان الله ! أعطى وأثنى .. وهو الذي وهب عبده أيوب عليه السلام الصبر، ثمَّ مدحه به وأثنى. 7) الذي يَعُمُّ عطاؤه المحتاجين وغيرهم. 8) الذي يُعطي من يلومه .. فيعطي العبد برغم إساءته للأدب مع ربِّه سبحانه وتعالى. 9) يُعطي قبل السؤال .. قال تعالى                                  إبراهيم: ٣٤ ،10) يُعطي بالتعرُّض .. 11) الذي إذا قَدَرَ عفى ..12) الذي إذا وَعَدَ وفَّى .. 13) الذي تُرفَع إليه كل حاجة صغيرة كانت أو كبيرة ..           14) الذي لا يُضيع من توسَّل إليه ولا يترك من التجأ إليه .. عن سلمان   قال: قال رسول الله  (إن الله حيي كريم يستحيي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرا خائبتين) رواه أبو داود وصححه  الألباني15) الذي لا يُعاتب ..، 16) الذي لا يُعاقب[الأنترنت ـ موقع منهج الإسلام]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة الثالثة والسبعون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان :*ليس شيء أكرم على الله من الدعاء

أخرج الترمذي وقال غريب وابن ماجه وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال صحيح الإسناد عن أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعا «ليس شيء أكرم على الله من الدعاء» [ إتحاف المهرة لابن حجر  ج 14   ص 655  ،إطراف المسند المعتلي بأطراف المسند الحنبلي ج 7 ص 105 ،غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب  ج 2   ص 511]

وأخرج الصنعاني بسنده من حديث سلمان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :

«لا يرد القضاء إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر» رواه الترمذي وقال: حديث حسن، وأخرجه الحاكم وصححه السيوطي. وله وحسنه من حديث أبي هريرة رفعه: «ليس شيء أكرم على الله من الدعاء» وصححه ابن حبان والحاكم وأقره الذهبي . وله عن سلمان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «إن ربكم حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يده إليه أن يردهما صفرا[أخرجه أبو داود والترمذي وزاد «خائبتين» وقال: حديث حسن غريب. وصححه الحاكم .]

*الدعاء باسمي الله تعالى { الكريم ، الأكرم }

منه: دعـــاء ليلة القدر .. عن عائشة قالت: قلت:  يا رسول الله، أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها؟، قال: "قولي: اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني" [ رواه الترمذي وصححه الألباني]

وورد الدعاء باسمه الأكرم .. عن ابن مسعود  : أنه كان يدعو في السعي: "اللهمَّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ الأَعَزُّ الأَكْرَمُ"، وفي رواية: "اللهمَّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَاعْفُ عَمَّا تَعْلَمُ وَأَنْتَ الأَعَزُّ الأَكْرَمُ، اللهمَّ آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِى الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ"،

وقال الألباني: "وإن دعا في السعي بقوله: رب اغفر وارحم إنك أنت الأعز الأكرم فلا بأس لثبوته عن جمع من السلف" [ مناسك الحج والعمرة (26)]

ومما ورد في الدعاء بالوصف .. ما رواه مسلم من

 حديث عوف بن مالك   أنه قال: سَمِعْتُ رسُولَ اللهِ   يُصَلِّي عَلَى مَيِّتٍ فَسَمِعْتُ مِنْ دُعَائِهِ وَهُوَ يَقُولُ: "اللهُمَّ اغفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ وَأَكرِمْ نُزُلَهُ، وَأَوْسِعْ مُدْخَلهُ، وَاغسِلهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقّهِ مِنَ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ" [      صحيح مسلم ، وانظر:سلسلة شرح الأسماء والصفات لفضيلة الشيخ هاني حلمي ، وكتاب (النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى) لفضيلة الشيخ محمد حمود النجدي  وكتاب (أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة) د/محمود الرضواني ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة الرابعة والسبعون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان :

*الله العزيز يستجيب لأولياءه وينصرهم

فالداعي يعتقد أن المدعو (الله المجيب)عزيز ينصر أولياءه على أعداءه

أولاً: نصر الله للمسلمين على أعدائهم من الكفار

 المحاربين لهم وعدُ حقٍّ ، وقولُ صدقٍ ، فقد وعد الله تعالى به المؤمنين ، وأخبرهم أنه قريب ، وإنما يؤخره تعالى لحكَم جليلة ، ومن كان قوي الإيمان ، صادق اليقين فسيعلم أن ذلك يكون قريباً كما أخبر به الرب تعالى .

قال تعالى:( أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ) البقرة 214 

قال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله :

" فمعنى الكلام : أم حسبتم أنكم أيها المؤمنون بالله ورسله تدخلون الجنة ولم يصبكم مثلُ ما أصاب مَن قبلكم مِن أتباع الأنبياء والرسل من الشدائد والمحن والاختبار ، فتُبتلوا بما ابتُلوا واختبروا به من " البأساء " ، وهو شدة الحاجة والفاقة ، " والضراء " ، وهي العلل والأوصاب ، ولم تزلزلوا زلزالهم ، يعني : ولم يصبهم من أعدائهم من الخوف والرعب شدة وجهدٌ ، حتى يستبطئ القومُ نصرَ الله إياهم ، فيقولون : متى الله ناصرنا ؟ ثم أخبرهم الله أن نصره منهم قريبٌ ، وأنه مُعليهم على عدوِّهم ، ومظهرهم عليه ، فنجَّز لهم ما وعدهم ، وأعلى كلمتهم ، وأطفأ نار حرب الذين كفروا " انتهى ."تفسير الطبري" (4/288) .

وذكر الشيخ محمد العثيمين بعض الفوائد المستقاة من الآية  :" ومنها :1-أنه ينبغي للإنسان ألا يسأل النصر إلا من القادرعليه ، وهو الله عزّ وجلّ ؛ لقوله تعالى : ( متى نصر الله ) .

2. أن المؤمنين بالرسل منهاجهم منهاج الرسل ، يقولون ما قالوا ؛ لقوله تعالى : ( حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ) ، يتفقون على هذه الكلمة استعجالاً للنصر .

3. تمام قدرة الله عزّ وجلّ ؛ لقوله تعالى : ( ألا إن نصر الله قريب ) .

4. حكمة الله حيث يمنع النصر لفترة معينة من الزمن ، مع أنه قريب .

5. أن الصبر على البلاء في ذات الله عزّ وجلّ من أسباب دخول الجنة ؛ لأن معنى الآية : اصبروا حتى تدخلوا الجنة .

6. تبشير المؤمنين بالنصر ليتقووا على الاستمرار في الجهاد ترقباً للنصر المبشرين به " انتهى .

"تفسير سورة البقرة" (3/42) .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة الخامسة والسبعون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان :

ثانياً: نصر الله تعالى القريب ليس لكل من ادعى الإيمان ، وزعم الإسلام ، إنما هو لمن حقق الإيمان بقلبه ، وعمل بالإسلام بجوارحه :

قال تعالى : ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ . وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) النور/55 ، 56 .

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله :

" هذا وعدٌ من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم بأنه سيجعل أمته خلفاء الأرض أي : أئمةَ الناس ، والولاةَ عليهم ، وبهم تصلح البلاد،وتخضع لهم العباد ، ولَيُبدلَنّ بعد خوفهم من الناس أمناً وحكماً فيهم ،وقد فعل تبارك وتعالى ذلك ، وله الحمد والمنَّة ، فإنه لم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى فتح الله عليه مكة ، وخيبر ، والبحرين ،وسائر جزيرة العرب ،وأرض اليمن بكاملها ، وأخذ الجزية من مَجُوس هَجَر ، ومن بعض أطراف الشام ، وهاداه هرقل ملك الروم ، وصاحب مصر والإسكندرية وهو المقوقس، وملوك عُمان ، والنجاشي ملك الحبشة،الذي تَملَّك بعد أصْحَمة،رحمه الله وأكرمه

ثم لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم واختار الله له ما عنده من الكرامة : قام بالأمر بعده خليفته أبو بكر الصديق " انتهى .

وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله : " هذا من أوعاده الصادقة ، التي شوهد تأويلها ومخبرها ، فإنه وعدَ من قام بالإيمان والعمل الصالح من هذه الأمة أن يستخلفهم في الأرض،يكونون هم الخلفاء فيها المتصرفين في تدبيرها،وأنه يمكِّن لهم دينهم الذي ارتضى لهم ، وهو دين الإسلام ، الذي فاق الأديان كلها ، ارتضاه لهذه الأمة ، لفضلها وشرفها ونعمته عليها ، بأن يتمكنوا من إقامته ، وإقامة شرائعه الظاهرة والباطنة ، في أنفسهم ، وفي غيرهم ، لكون غيرهم من أهل الأديان وسائر الكفار مغلوبين ذليلين ، وأنه يبدلهم من بعد خوفهم الذي كان الواحد منهم لا يتمكن من إظهار دينه ، وما هو عليه إلا بأذى كثير من الكفار ، وكون جماعة المسلمين قليلين جدّاً بالنسبة إلى غيرهم ، وقد رماهم أهل الأرض عن قوس واحدة ، وبغوا لهم الغوائل .

فوعدهم الله هذه الأمور وقت نزول الآية ، وهي لم تشاهد الاستخلاف في الأرض والتمكين فيها ، والتمكين من إقامة الدين الإسلامي ، والأمن التام ، بحيث يعبدون الله ، ولا يشركون به شيئاً ، ولا يخافون أحداً إلا الله ، فقام صدر هذه الأمة من الإيمان والعمل الصالح بما يفوقون على غيرهم ، فمكَّنهم من البلاد والعباد ، وفتحت مشارق الأرض ومغاربها ، وحصل الأمن التام والتمكين التام ، فهذا من آيات الله العجيبة الباهرة ، ولا يزال الأمر إلى قيام الساعة ، مهما قاموا بالإيمان والعمل الصالح : فلا بد أن يوجد ما وعدهم الله ، وإنما يسلط عليهم الكفار والمنافقين ، ويديلهم في بعض الأحيان : بسبب إخلال المسلمين بالإيمان والعمل الصالح [تفسير السعدي ص/573 ، وانظر أيضا : "أضواء البيان" للشنقيطي (6/36) ، "فتح القدير" للشوكاني (4/69) ].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة السادسة والسبعون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان : النصر على الأعداء له أسباب

ثالثاً: صدق الناس في إيمانهم بربهم ، وإقامتهم لشرعه ، دليل على ما يكون من حالهم،حين يمكن الله تعالى لهم ، وهؤلاء هم الذي وعدهم الله تعالى بالنصر والتمكين :

قال تعالى : ( الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ) الحج/ 41 .

رابعاً : قال الشيخ سعيد بن وهف القحطاني: "

من المعلوم يقينًا أن النصر على الأعداء له أسباب تحققه للمسلمين على عدوهم بإذن الله تعالى ، ومن هذه الأسباب ما يأتي :

1. الإيمان والعمل الصالح : قال الله تعالى : ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) النور/55 .

2. نصر دين الله تعالى : ومن أعظم أسباب النصر :

نصر دين الله تعالى، والقيام به ، قولاً ، واعتقاداً

، وعملاً ، ودعوةً ، قال الله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ . وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ ) محمد /7 ، 8 .

3. التوكل على الله ، والأخذ بالأسباب .

التوكل على الله مع إعداد القوة من أعظم عوامل النصر ،قال تعالى : ( فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ) آل عمران/ 159 ،ولابد من التوكل من الأخذ بالأسباب ؛ لأن التوكل يقوم على ركنين عظيمين :

الأول: الاعتماد على الله والثقة بوعده ونصره تعالى .

الثاني: الأخذ بالأسباب المشروعة؛ولهذا قال الله

 تعالى : ( وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ ) الأنفال/ 60 .

4. المشاورة بين المسؤولين لتعبئة الجيوش الإسلامية

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشاور أصحابه ، مع كمال عقله ، وسداد رأيه ؛ امتثالاً لأمر الله تعالى ، وتطييبًا لنفوس أصحابه ، قال سبحانه : ( وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ) الشورى/ 38 .                      5. الثبات عند لقاء العدو وعدم الانهزام والفرار :

عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه عن النبي

صلى الله عليه وسلم قال : ( يا أيها الناس ، لا تمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية ، فإذا لقيتموهم فاصبروا ، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف ) .

6. الشجاعة والبطولة والتضحية .

من أعظم أسباب النصر : الاتصاف بالشجاعة ، والتضحية بالنفس ، والاعتقاد بأن الجهاد لا يقدم الموت ، ولا يؤخره .

قال الله تعالى : ( أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ ) النساء/ 78 .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة السابعة والسبعون في موضوع ( المجيب) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :    أسباب النصر على الأعداء 

7. الدعاء وكثرة الذِّكر : من أعظم وأقوى عوامل النصر : الاستغاثة بالله ، وكثرة ذكره ؛ لأنه القوي القادر على هزيمة أعدائه ، ونصر أوليائه ، قال تعالى: ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) البقرة/ 186

8. طاعة الله ، ورسوله صلى الله عليه وسلم :

قال تعالى : ( وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ) النور/ 52 .

9. الاجتماع وعدم النزاع : يجب على المجاهدين أن يحققوا عوامل النصر ولاسيما الاعتصام بالله والتكاتف ، وعدم النزاع والافتراق ،قال الله تعالى: ( وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) الأنفال/ 46 .

10. الصبر والمصابرة : قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)  آل عمران/ 200 .

11. الإخلاص لله تعالى:قال الله تعالى:(وَلاَ تَكُونُواْ

كَالَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَراً وَرِئَاءَ النَّاسِ ) الأنفال/ 47 .

12. الرغبة فيما عند الله تعالى:مما يعين على النصر على الأعداء هو:الطمع في فضل الله،وسعادة الدنيا والآخرة

13. إسناد القيادة لأهل الإيمان :قال الله تعالى : ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) الحجرات/ 13 .

14. التحصن بالدعائم المنجيات من المهالك والهزائم ونزول العذاب :                                        وتتلخص في اتباع الدعائم المنجيات الآتية :

أولاً: التوبة ، والاستغفار من جميع المعاصي والذنوب كبيرها وصغيرها

ثانياً: تقوى الله تعالى ، وهي أن يجعل العبد بينه

وبين ما يخشاه من ربه ومن غضبه وسخطه وعقابه وقاية تقيه من ذلك .

ثالثاً: أداء جميع الفرائض ، وإتباعها بالنوافل .

رابعاً: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .

خامساً: الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في جميع الاعتقادات ، والأقوال ، والأفعال .

سادساً : الدعاء ، والضراعة  [ انتهى من"الجهاد في سبيل الله ، فضله ، ومراتبه ، وأسباب النصر على الأعداء" للشيخ سعيد بن علي بن وهف القحطاني (ص21 - 30) باختصار .

الأنترنت – موقع الإسلام سؤال وجواب ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة الثامنة والسبعون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان :   

*الستير يستر على عباده وخاصة إذا سألوه

فالداعي يعتقد أن المدعو(اللهالمجيب ) ستير يستر على عباده فلا يفضحهم في الدنيا ولافي الآخرة

الستير سبحانه هو الذي يحب الستر ويبغض القبائح، ويأمر بستر العورات ويبغض الفضائح، يستر العيوب على عباده وإن كانوا بها مجاهرين، ويغفر الذنوب مهما عَظُمَت طالما أن عبده من الموحدين، وإذا ستر الله

  عبدًا في الدنيا ستره يوم القيامة ..

ومعنى الاسم :الستير على وزن فعِيل من صيغ المبالغة، فعله ستر الشيء يَسْتُرُه سَترًا: أَخفاه ..          والستير: هو الذي من شأْنه حب الستر والصَّوْن والحياء .. ،والاسم لم يرد في القرآن الكريم، لكنه ورد في الحديث عن عطاء عن يعلى: أن رسول الله رأى رجلاً يغتسل بالبراز (أي: بالخلاء) فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، وقال "إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَل حَلِيمٌ حَيِيٌّ سِتِّيرٌ، يُحِبُّ الْحَيَاءَ وَالسَّتْرَ، فَإِذَا اغْتَسَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَتِرْ" [رواه النسائي وصححه الألباني، صحيح الجامع (1756)]

ومعنى الستيـــر في حق الله تعالى

يقول ابن الأثير "ستيــر: فعيل بمعنى فاعل، أي: من شأنه وإرادته حبُّ السَّتر والصون"

ويقول البيهقي "ستيــر: يعني أنه ساتِرٌ يستر على عباده كثيرًا، ولا يفضحهم في المشاهد. كذلك يحبُّ من عباده السَّتر على أنفسهم، واجتناب ما يَشينهم،

قال المناوي "ستيــر، أي: تاركٌ لحب القبائح، ساتر للعيوب والفضائح"

قال ابن القيم:

وهو الحَيِيُّ فَلَيسَ يَفْضَحُ عَبْدَهُ ... عندَ التَّجَاهُرِ مِنْهُ بالعِصْيَانِ ،   لَكِنَّهُ يُلْقِي عَلَيْهِ سِتْرَهُ ... فَهْوَ السَّتِيرُ وصَاحِبُ الغُفْرَانِ  [القصيدة النونية (189)]

آثــار الإيمان باسم الله تعالى الستيــر

قال تعالى {وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً} [لقمان: 20]

قال مقاتل " الظاهرة الإسلام، والباطنة ما ستره الله من المعاصي" [تفسير الماوردي]

فمن أعظم نِعَم الله تعالى عليك: أن يشملك بستره،، فالله سبحانه وتعالى سِتيرٌ يحبُّ السَّتر والصَّون، فيستر على عباده الكثير من الذنوب والعيوب، ويكره القبائح والفضائح والمجاهرة بها.

وقد أمر تبارك وتعالى بالسَّتر، وكره المفاخرة بالمعصية، أو مجرد محبة ذكرها وشياعها بين المؤمنين .. يقول الله جلَّ وعلا {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ

يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النور: 19]

وأخبر الرسول بأن المُجاهر بالمعاصي لا يُعافى منها .. فقال "كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ،وَإِنَّ مِنْ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ،فَيَقُولَ:يَا فُلَانُ،عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا،وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ،وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ" [متفق عليه]

قال الكرماني: "ومُحَصَّل الكلام: أن كلُّ واحدٍ من الأمة يُعفى من ذنبه، ولا يؤاخذ به إلا الفاسق المُعْلِن".

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة التاسعة والسبعون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان : الفوز بستر الله

قال أبو البقاء الكفوي "الغفران: يقتضي إسقاط العقاب ونيل الثواب ولا يستحقه إلا المؤمن ولا يستعمل إلا من الباري تعالى" .. لذلك يقول تعالى {.. وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ ..} [آل عمران: 135] .. "والغفران في الآخرة فقط .. والستر: أخص من الغفران، إذ يجوز أن يستر ولا يغفر" [كتاب الكليات (1:1058)]

*حظ المؤمن من اسم الله تعالى الستيـــر

بعض أسبــاب الفوز بستر الله تعالى عليك:

1) الإخلاص واجتناب الريـــاء ..

قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ، وَمَنْ يُرَائِي يُرَائِي اللَّهُ بِهِ" [متفق عليه]

2) عدم المجاهرة بالذنب والستر على نفسه .. عَنْ مَيْمُوْنٍ قَالَ: "مَنْ أَسَاءَ سِرّاً، فَلْيَتُبْ سِرّاً، وَمَنْ أَسَاءَ عَلاَنِيَةً، فَلْيَتُبْ عَلاَنِيَةً .. فَإِنَّ النَّاسَ يُعَيِّرُوْنَ وَلاَ يَغْفِرُوْنَ، وَالله يَغْفِرُ وَلاَ يُعَيِّرُ" [سير أعلام النبلاء (9:81)]

وعن العلاء بن بذر قال: "لا يعذب الله قومًا يسترون الذنوب"وعن عثمان بن أبي سودة قال: لا ينبغي لأحد أن يهتك ستر الله قيل: وكيف يهتك ستر الله؟ قال:

يعمل الرجل الذنب فيستره الله عليه فيذيعه في الناس.

قالَ ابن بَطّال : فِي الجَهر بِالمَعصِيَةِ استِخفاف بِحَقِّ الله ورَسُوله وبِصالِحِي المُؤمِنِينَ، وفِيهِ ضَرب مِنَ العِناد لَهُم، وفِي السِّتر بِها السَّلامَة مِنَ الاستِخفاف، لأَنَّ المَعاصِي تُذِلّ أَهلها، ومِن إِقامَة الحَدّ عَلَيهِ إِن كانَ فِيهِ حَدّ ومَن التَّعزِير إِن لَم يُوجِب حَدًّا، وإِذا تَمَحَّضَ حَقّ الله فَهُو أَكرَم الأَكرَمِينَ ورَحمَته سَبَقَت غَضَبه، فَلِذَلِكَ إِذا سَتَرَهُ فِي الدُّنيا لَم يَفضَحهُ فِي الآخِرَة ، والَّذِي يُجاهِر يَفُوتهُ جَمِيع ذَلِكَ. [فتح الباري (10:487)]

وعَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ "إِنَّ اللَّهَ يُدْنِي الْمُؤْمِنَ فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيَسْتُرُهُ، فَيَقُولُ: أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟، فَيَقُولُ: نَعَمْ، أَيْ رَبِّ .. حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ، قَالَ: سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ، الْيَوْمَ فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ وَأَمَّا الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُ فَيَقُولُ الْأَشْهَادُ {هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ}" [متفق عليه]

3) الاستغفار والإكثـــار من العبادات ..

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ، قَالَ: وَلَمْ يَسْأَلْهُ عَنْهُ، قَالَ: وَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ قَامَ إِلَيْهِ الرَّجُلُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْ فِيَّ كِتَابَ اللَّهِ، قَالَ "أَلَيْسَ قَدْ صَلَّيْتَ مَعَنَا؟"، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ "فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ ذَنْبَكَ أَوْ قَالَ حَدَّكَ" [متفق عليه]

 4) أن تستر على أخيـــك المسلم ..

فإن الجزاء من جنس العمل .. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "لَا يَسْتُرُ عَبْدٌ عَبْدًا فِي الدُّنْيَا، إِلَّا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" [صحيح مسلم]

وقال رسول الله ".. وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" [صحيح البخاري] .. يقول ابن حجر "قَوله: "ومَن سَتَرَ مُسلِمًا"؛ أَي رَآهُ عَلَى قَبِيحٍ فَلَم يُظهِرهُ أَي لِلنّاسِ، ولَيسَ فِي هَذا ما يَقتَضِي تَرك الإِنكار عَلَيهِ فِيما بَينَهُ وبَينَهُ.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة الثمانون في موضوع ( المجيب) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : الفوز بستر الله  

5) عدم تتبع عورات المسلمين ..

عن أبي برزة الأسلمي قال: قال رسول الله :

 "يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته " [رواه أبو داوود وقال الألباني: حسن صحيح (4880)]

وعن ابن عباس عن النبي قال "من ستر عورة أخيه المسلم ستر الله عورته يوم القيامة، ومن كشف عورة أخيه المسلم كشف الله عورته حتى يفضحه بها في بيته" [رواه ابن ماجه وصححه الألباني (2546)]

6) الصدقـــة ..فالصدقة من أسباب الستر وأن يحجبك الله تعالى عن النار، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ:سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَتِرَ مِنْ النَّارِ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَلْيَفْعَلْ[ مسلم]

7) ستر المسلم عند تغسيله ..قال رسول الله "من غسل ميتًا فستره، ستره الله من الذنوب. ومن كفنه، كساه الله من السندس" [رواه الطبراني وحسنه الألباني، صحيح الجامع (6403)]

9) كظم الغيظ والغضب ..قال رسول الله ".. ومن كف غضبه ستر الله عورته .." [رواه ابن أبي الدنيا وحسنه الألباني، صحيح الجامع (176)]

10) الدعـــاء ..عن ابن عمر قال:  لم يكن رسول الله يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح: "اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي[رواه أبو داوود وصححه الألباني]

11) حُسن الظن بالله ..فمن جملة الخير أن يُحسن العبد ظنه بربِّه ويُحسن الظن بأنه سيستره في الدنيا والآخرة، فالله جلَّ في علاه هو الستيـــر يحب الستر على عباده ويسترهم في الدنيا والآخرة، يقول الله عزَّ وجلَّ في الحديث القدسي:أنا عند ظن عبدي بي إن خيرا فخير وإن شرا فشر) [صحيح الجامع (1905)] [الأنترنت – موقع الكلم الطيب]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة الواحدة والثمانون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان :

الهادي يهدي من دعاه الى الصراط المستقيم وإلى كل خير:

فالداعي يعتقد أن المدعو (الله ) هادي لجميع مخلوقاته لما يصلحهم فما بالك بمن يستهديه  من عباده

*الهداية والرزق بيد الله قال الله تعالى: (يا عبادي! كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم، يا عبادي! كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم).

الهداية بيد الله، والرزق بيد الله، هو الذي يرزق العباد ويطعمهم ويسقيهم ويكسوهم، خلق الماء، والأرض، والبذر، والشجر، والحيوان، فإذا منع ذلك كله، فمن أين تأكل؟ ومن أين تشرب؟ ومن أين تُكسى؟ قال الله تبارك وتعالى:{ الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ * وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ }[الشعراء:78-82] .

فهذا هو ربكم تبارك وتعالى فاسألوه وحده، فبيده

الهداية والرزق، وبيده الموت والحياة، والعباد عبيد مربوبون مقهورون، وأمرهم بيد الله تبارك وتعالى، وأمر الله فيهم ماض، فالخلق والأمر لله تبارك وتعالى، والرزق منه تبارك وتعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ [فاطر:15] (أنتم الفقراء إلى الله) تأتون ضعفاء، وتذهبون ضعفاء، وتعيشون ضعفاء، وإن كانت خزائنكم ملأى بالمال لكنكم ضعفاء.

فالغني الذي لا يفتقر أبداً هو الحي القيوم الذي لا تنتهي حياته، ولا ينتهي وجوده، (أنتم الفقراء إلى الله) تحتاجون إلى هدايته ورزقه وعونه وتأييده وتوفيقه، فعليه فتوكلوا، وإليه فاجأروا، ووحده فاسألوا.

[الأنترنت ـ موقع إسلام ويب ـ قاله عمر الأشقر]

*طريق الهداية

إن أعظم وأشرف وأجل نعمة يمتن الله – جل وعلا - بها على عباده نعمة الهداية نعمة الهداية للإيمان والتوحيد، بل لقد افترض الله – جل وعلا – على عباده أن يتضرعوا إليه بطلب الهداية في كل ركعة من ركعات الصلاة سواء كانت الصلاة فريضة أم نافلة، فما من ركعة وإلا تتضرع فيها إلى الله أن يهديك إلى الصراط المستقيم بقولك: {اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ} [الفاتحة:6].     

وتنقسم إلى أربعة أقسام:

القسم الأول: الهداية العامة:

وهي مأخوذة من قول ربي حين سأل فرعون موسى وهارون عن ربهما قال فرعون: {قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَا مُوسَى} [طه:49] فأجابه موسى بقوله: {قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه:50] هذه هي الهداية العامة

قال ابن القيم: من تأمل بعض هداياته في خلقه لعلم أنه الإله الواحد الحق الذي يستحق أن يوحد ويستحق أن يعبد بلا منازع أو شريك {رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه:50] أي: ثم هداه إلى ما يصلحه، ويؤهله للقيام بالوظيفة التي خلق من أجلها ووجد من أجلها، هذه هي الهداية العامة لو تدبرت كل شيء في الكون لوصلت إليها.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة الثانية والثمانون في موضوع ( المجيب) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

 الهداية تنقسم إلى أربعة أقسام:

ثانيا: من أقسام الهداية: هداية الدلالة والبيان والتعريف والإرشاد:

ومعناها: أن الله – جل وعلا – خلق الإنسان وأرشده ودله وهداه وعرفه طريق الخير والشر.

قال تعالى: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} [البلد:10] أي: الطريقين : طريق الخير وطريق الشر.

وقال تعالى: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً} [الإنسان:3]

قال ابن القيم: "ولا يكون الرجل من أتباع النبي -صلى الله عليه وسلم- حقا حتى يدعو إلى ما دعا إليه النبي صلى الله عليه وسلم على بصيرة.

ثالثا: هداية التوفيق: وهذه لا يملكها مَلَكّ مقرب، ولا نبي مرسل، ولو كان المصطفى صلى الله عليه وسلم، لا يملك هداية التوفيق إلا الله، نعم! لا يملك هداية التوفيق إلا الله، ما عليك فقط إلا أن تبحث عن هداية الدلالة، عن الأسباب، وأن تجاهد، وأن تسأل ربك الهدى ليرزقك هداية التوفيق.

أما هداية التوفيق قال الله فيها لنبيه: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ} [القصص:56].

روى البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أبي طالب وهو على فراش الموت وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية، فجلس النبي صلى الله عليه وسلم إلى جوار عمه وقال: « يا عم قل: لا إله إلا الله، يا عم قل: لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله يوم القيامة» فقال أبو جهل لأبي طالب: أترغب عن ملة عبد المطلب؟! يعني: أتترك دين آبائك وأجدادك، فقال أبو طالب – ولا حول ولا قوة إلا بالله – بأنه على دين عبد المطلب، فخرج الرحمة المهداة والنعمة المسداة صاحب القلب الكبير خرج من عند عمه وهو يقول: «لأستغفرن لك ما لم أُنه عنك» .. فنزل عليه قول الله عز وجل: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [التوبة:113

رابعاً: الهداية في الآخرة: الهداية العامة وهداية الدلالة والبيان، وهداية التوفيق، والهداية في الآخرة، أقسام الهداية وآخر مراتب الهداية. تدبر معي أيها الحبيب اللبيب فمن هدي في الدنيا إلى الصراط المستقيم هدي في الآخرة للسير على قَدْر هداه في الدنيا على الصراط المضروب على متن جهنم.

  أهل الإيمان يعبرون الصراط إلى الجنة تدبر معي قول ربي: {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ(23)وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ} أي في الدنيا، وفي الآخرة {وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ} [الحج:24،23]قال ابن القيم:السابقون في الآخرة إلى الرضوان والجنات،هم السابقون في الدنيا إلى الخيرات والطاعات،وعلى قدر السبق هنا يكون السبق هناك".                                       إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة الثالثة والثمانون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان : أعظم أسباب الهداية:

أولا : أن تعرف الله، فمن عرف الله بأسماء جلاله وصفات كماله أحبه، من عرف الله أحبه، ومن عرف الله خافه، والحب والخوف هما العبادة، فالعبادة هي كمال الحب لله، مع كمال الذل لله، ومن عبد الله – عز وجل – وحده لا شريك له فقد هدي إلى الصراط المستقيم، من عبد الله – عز وجل وحده لا شريك له فقد هدي إلى الصراط المستقيم.

ثانيا: الإيمان بالله – تبارك وتعالى: تدبر معي هذه الآية الجميلة قال سبحانه: {مَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [التغابن:11] ولو هُدى القلب لسجد بين يدي الرب سجدة لا يقوم منها حتى يستمتع بالنظر إلى وجه ربه في الجنة، والله لو ذاق القلب حلاوة السجود ما قام من سجدته، والله لو ذاق القلب حلاوة الإيمان ما فارق هذا الباب أبدا وهدى القلب سبيل السعادة في الدنيا والآخرة {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ(88)إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء:89،88] اللهم اهد قلوبنا.

ثالثا: الاعتصام بالله: {مَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [آل عمران:101] ما هو الصراط المستقيم؟ وأنت تكرر اللفظة كثيرا. قال عليّ رضي الله عنه: الصراط المستقيم هو القرآن. قال ابن عباس رضي الله عنه: الصراط المستقيم هو الإسلام. قال ابن الحنفية رضي الله عنه: الصراط المستقيم هو دين الله، الذي لا يقبل غيره أبدا .. دين الله هو الصراط المستقيم.

وفي الحديث الصحيح  الذي رواه أحمد في مسنده وغيره من حديث النواس بن سمعا ن– رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ضرب الله مثلا صراطا مستقيما، وعلى جنبتي الصراط سوران وفيهما أبواب مفتحةوعلى الأبواب ستور مرخاة وعلى رأس الصراط داع يقول: أيها الناس ادخلوا الصراط جميعا، ولا تعوجوا، وداع يدعو من فوق الصراط ويقول» إذا أراد الإنسان أن يدخل باباً من هذه الأبواب المفتحة التي أرخيت عليها الستور يقول له الداعي من فوق الصراط: «ويحك ويحك لا تفتحه فإنك إن تفتحه تلجه»..

رابعا : المحافظة على الصلوات.

قال ابن مسعود – والحديث رواه مسلم: من سره أن يلقى الله تعالى غداً مسلما، فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن، فإن الله قد شرع لنبيكم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كالمتخلف الذي يصلي في بيته، لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق، معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف.

خامساً: الصحبة الصالحة من أعظم أسباب الهداية أن تصحب رجلا يذكرك بالله، وأن تبتعد عن رجل يحول بينك وبين معرفة الله: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً(27)يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَاناً خَلِيلاً(28)لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولاً} [الفرقان:27-29] لذا قال الحبيب صلى الله عليه وسلم: «لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي»[الأنترنت ـ موقع  : وذكر  للكاتب : محمد فتحي حسان  ، الأنترنت ـ موقع الألوكة]            إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة الرابعة والثمانون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان : التواب يتوب على من دعاه

فالداعي يعتقد أن المدعو(الله ) تواب لكل من دعاه وتاب واناب :من أسمائه سبحانه : التّواب، وهو من صيغ المبالغة ،وصيغ المبالغة إذا اتصلت بأسماء الله الحسنى، فتعني الكم والنوع، يعني يغفر جميع الذنوب كماً، ويغفر أكبر الذنوب نوعاً.

وقد ورد في القرآن الكريم إحدى عشرة مرة، ستة مواضع معرفاً بأل، كما في قوله تعالى:﴿فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾ ،وقد ورد أيضاً في ستة مواضع، منوناً، كما في قوله تعالى:﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ﴾، وكان من دعاء إبراهيم وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام : {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ }

والتّواب له عدة معانٍ : الأول : أن التّواب هو الذي شرع التوبة لعبادة وجعلها محض تفضيل منه وكرم وجودٍ، ولم يكن بدلالة العقل أن الإنسان حينما يخطئ ثم يقلع عن ذنوبه، أن يسامح ويعفى من الذنب إلا أن هذا كان فضلاً من الله، الذي شرع لعباده التوبة من الذنوب.

 الثاني : الله التواب الذي يوفق عباده إلى التوبة، ويبعث في قلوبهم الرغبة فيها، فإن العبدلم يكن ليتوب لولا توفيق الله عز وجل لذلك هو سبحانه يوفق من يشاء من عباده، ويعينهم على التوجه إلى التوبة

الثالث : أن الله يثبت العباد على التوبة، فإن العبد ربما تاب اليوم ونكث غدًا، وهكذا حتى يصبح مضطربًا، لا يستقر على حال من القلق.

 الرابع : أنه يقبل التوبة عن عباده، كما قال سبحانه : {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} إن الله يغفر الذنب مهما عظم، إذا تاب العبد منه وأناب، فالله سبحانه وتعالى هو الغفور الرحيم.[( المصدر: اسم الله التواب – النابلسي ) (الأنترنت – موقع الموسوعة الحرة )]

قال ابن القيم : فهو الذي يسر أسباب التوبة لعباده مرة بعد أخرى بما يظهر لهم من العبر والآيات , وبما يقذف في قلوبهم من محبة الإنابة إليه , وبما يريهم من غوائل المعاصي, وآثار السيئات , فتنكسر حينئذ قلوبهم , وتندم له أفئدتهم,وتذل جوارحهم ,وتستغيث ألسنتهم بربها مناديةً له بما ناده به نبيه وكليمه موسى - عليه السلام:{ سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمين} فيقبل التواب منهم توبتهم كلما عادوا إليه ولا يستكثر ذنباً أن يغفره ولا سوءاً، أن يمحوه ,ولا يستعظمه جرم أن يتجاوز عنه مهما بلغ الجرم مداه , وكل هذا يحصل لمن عصاه وفرط في جنبه .

وقال ابن القيم :" إن توبة العبد إلى ربه محفوفة بتوبة من الله عليه قبلها وتوبة منه بعدها ، فتوبته بين توبتين من الله سابقة ولاحقة ، فإن تاب عليه أولا إذنا وتوفيقا وإلهاما ، فتاب العبد تاب الله عليه ثانيا قبولا وإثابة ، قال تعالى : { وَعَلَى الثلاثَةِ الذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِن اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}[التوبة:118] ، فأخبر سبحانه أن توبته عليهم سبقت توبتهم ، وأنها هي التي جعلتهم تائبين ، فكانت سببا ومقتضيا لتوبتهم ، فدل على أنهم ما تابوا حتى تاب الله عليهم ، فالعبد تواب والله تواب ، فتوبة العبد رجوعه إلى سيده بعد الإباق ،وتوبة الله نوعان : إذن وتوفيق ، وقبول وإمداد [ مدارج السالكين1/312 .]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة الخامسة والثمانون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان : الله يريد أن يتوب على عباده

قال تعالى : {وَٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ ٱلَّذِينَ

يَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوَٰتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلًا عَظِيمًا  } (النساء - 27)

   قال الطبرى : يعني بذلك تعالى ذكره والله يريد ان يراجع بكم طاعته والانابه اليه ليعفو لكم عما سلف من اثامكم ويتجاوز لكم عما كان منكم في جاهليتكم من استحلالكم ما هو حرام عليكم من نكاح حلائل ابائكم وابنائكم وغير ذلك مما كنتم تستحلونه وتاتونه مما كان غير جائز لكم اتيانه من معاصي الله      

# الله يتوب على من يشاء

قال تعالى :{ ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب الله على من يشاء والله عليم حكيم(15) } التوبة

وورد في التفسير الميسر : يا معشر المؤمنين قاتلوا

 أعداء الله يعذبهم عز وجل بأيديكم، ويذلهم بالهزيمة والخزي، وينصركم عليهم، ويُعْلِ كلمته، ويشف بهزيمتهم صدوركم التي طالما لحق بها الحزن والغم من كيد هؤلاء المشركين، ويُذْهِب عن قلوب المؤمنين الغيظ. ومن تاب من هؤلاء المعاندين فإن الله يتوب على من يشاء. والله عليم بصدق توبة التائب، حكيم في تدبيره وصنعه ووَضْع تشريعاته لعباده.

* الله يغفر لمن تاب و آمن و عمل صالحا ثم اهتدى

قال الله تعالى ( وإني لغفار لمن تاب و آمن و عمل صالحا ثم اهتدى ) (سورة طه آية82).

ذكر الله في هذه الآية للمغفرة أربعة أسباب:

1-  التوبة النصوح في جميع الأوقات من جميع الذنوب والسيئات قال الله تعالى ( وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون ) (سورة النور آية 31).

2-ومن أعظم أسباب المغفرة الإيمان الصادق بالله تعالى وأمره ونهيه ووعده ووعيده وثوابه وعقابه ،والإيمان بملائكة الله الكرام البرره وأنهم عباد مكرمون لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون مايؤمرون والإيمان بكتب الله المنزلة على رسله لهدايتهم واخراجهم من الظلمات إلى النور وفي مقدمتها القرآن الكريم أفضل الكتب السماوية (وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد) (سورة فصلت آية 42)

والإيمان بالبعث بعد الموت والجزاء والحساب والثواب والعقاب والحوض والميزان والصراط والجنه والنار وأنهما دار ثواب للمحسنين وعقاب للمسيئين.

والإيمان بالقدر خيره وشره وأن ما شاء الله كان ومالم يشأ لم يكن وأن ماأصاب الإنسان لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه

3-ومن أعظم أسباب المغفرة : العمل الصالح الخالص لله الموافق لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم

4- والإستمرار على الإيمان الصادق والعمل الصالح والتوبة النصوح مدى الحياة حتى الممات قال الله تعالى ( واعبد ربك حتى يأتيك اليقين )(سورة الحجر آية 99)

فأسباب المغفرة كلها منحصرة في هذه الأسباب الأربعة : الإيمان الصادق والعمل الصالح و التوبة النصوح والاستقامة على ذلك فإن التوبة تجب ما قبلها والإيمان و الإسلام يهدم ما قبله و العمل الصالح الذي هو الحسنات يذهب السيئات، وسلوك طرق الهداية من تعلم علم وتعليمه والدعوة إليه و العمل به و الصبر عليه كلها مكفرات للذنوب و موجبات للمغفرة و الرحمة و الرضوان و ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء و الله ذو الفضل العظيم [الأنترنت – موقع شبكة النصيحة الإسلامية]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة السادسة والثمانون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان : الحي القيوم يستجيب لمن دعاه:

فالداعي يعتقد أن المدعو (الله )يتصف بالحياة والقيومية : فالميت والنائم أو الغافل لا يستطيع

التصرف لنفسه ولهذا عاب الله المشركين بدعائهم للأصنام التي ليس لها حياة فضلا عن القوامة فقال :  ( والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون )

الحي اسم من اسماء الله ، والحياة صفة من صفاته 

   الله له الأسماء الحسنى وهي كثيرة منها ماأنزله في كتابه أو علمه أحداً من خلقه ؛ومنها ما استأثر بعلمه .

   وصفاته عليا ، له الكمال والجلال والجمال في ذاته واسمائه وصفاته  ومن اسمائه  الحي  ، والحياة صفة من صفاته 

   قال البيهيقي : الحي في صفة الله عز وجل هو الذي لم يزل موجودا وبالحياة موصوفا فالحياة له صفة قائمة بذاته [ الاعتقاد ، ج1/ص62 ، وقال ابن تيمية  : ﭧ ﭨ ﭽ                                       الفرقان / 58

والدلائل على حياته كثيرة :

   منها : أنه قد ثبت أنه عالم والعلم لا يقوم إلا بحي وثبت أنه قادر مختار يفعل بمشيئته والقادر المختار لا يكون إلا حيا

   ومنها : أنه خالق الأحياء وغيرهم والخالق أكمل من المخلوق فكل كمال ثبت للمخلوق فهو من الخالق فيمتنع أن يكون المخلوق أكمل من خالقه وكماله أكمل منه

   ومنها : أن الحي أكمل من غير الحي كما قال تعالى : { وما يستوي الأحياء ولا الأموات .... }

   والله موصوف بصفات الكمال الثبوتية كالحياة والعلم والقدرة فيلزم من ثبوتها سلب صفات النقص وهو سبحانه لا يمدح بالصفات السلبية إلا لتضمنها المعاني

 الثبوتية... ولهذا جاء كتاب الله تعالى على هذا الوجه فيصف سبحانه نفسه بالصفات الثبوتية صفات الكمال وبصفات السلب المتضمنة للثبوت كقوله ﭨ ﭽ                                                                                                                                   البقرة / 255  ،      فنفي أخذ السنة والنوم يتضمن كمال حياته وقيوميته إذ النوم أخو الموت ولهذا كان أهل الجنة لا ينامون مع

 كمال الراحة كما لا يموتون[الجواب الصحيح ،لابن تيمية ج3/ص208  ]

   وطريقة السلف في هذا النوع من التوحيد هو أن يسمى الله ويوصف بما سمى ووصف به نفسه على وجه الحقيقة لا تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل مثال ذلك: أن الله سبحانه وتعالى سمى نفسه بالحي القيوم فيجب علينا أن نؤمن بأن الحي اسم من أسماء الله تعالى ويجب علينا أن نؤمن بما تضمنه هذا الإسم من وصف وهي الحياة الكاملة التي لم تسبق بعدم ولا يلحقها فناء [ فتاوى مهمة لعبد العزيز بن باز ، ومحمد بن عثيمين ، دار العاصمة ، ط الأولى ج1/ص11]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة السابعة والثمانون في موضوع ( المجيب) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

الحي القيوم يستجيب لمن دعاه :

وقال ابن القيم على الآية الكريمة: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ....}

: فهو (الحي القيوم) الذي له كمال حياته وقيوميته لا تأخذه سنة ولا نوم، مالك السموات والأرض الذي له كمال ملكه لا يشفع عنده أَحد إِلا بإِذنه

وقال ابن القيم أيضاً : فإن الحياة مستلزمة لجميع صفات

 الكمال ولا يتخلف عنها صفة منها إلا لضعف الحياة فإذا كانت حياته تعالى أكمل حياة وأتمها استلزم إثباتها إثبات كل كمال يضاد نفي كمال الحياة وبهذا الطريق العقلي أثبت متكلمو أهل الإثبات له تعالى صفة السمع والبصر والعلم والإرادة والقدرة والكلام وسائر صفات الكمال، وأما (القيوم) فهو متضمن كمال غناه وكمال قدرته فإنه القائم بنفسه لا يحتاج إلى من يقيمه بوجه من الوجوه وهذا من كمال غناه بنفسه عما سواه وهو المقيم لغيره فلا قيام لغيره إلا بإقامته وهذا من كمال قدرته وعزته فانتظم هذان الاسمان صفات الكمال والغنى التام والقدرة التامة فكأن المستغيث بهما مستغيث بكل اسم من أسماء الرب تعالى وبكل صفة من صفاته فما أولى الاستغاثة بهذين الاسمين أن يكونا في مظنة تفريج الكربات وإغاثة اللهفات وإنالة الطلبات [ آثار معرفة الحي القيوم ]    

وقال أيضاً:  معنى اسمه القيوم، وهو الذي قام بنفسه فلم يحتج إلى أحد، وقام كل شيء به، فكل ما سواه محتاج إليه بالذات،وليست حاجته إليه معللة بحدوث، كما يقول المتكلمون، ولا بإمكان، كما يقول الفلاسفة المشاءون، بل حاجته إليه ذاتية، وما بالذات لا يعلل

*من آثارهما : الهداية النازلة من الله سبحانه وتعالى المنبثقة في قلوب العباد التي تلقت كلام الله سبحانه وتعالى، ولولا هذه القلوب النابضة بالحياة ما تلقت كلام الله، لهذا قال: {نُورٌ عَلَى نُورٍ النور}:]         نور الفطرة الحي الذي لم يلوث، تلقى نور الله، وهو كلامه، فصار {نوراً على نور يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ }[النور:35]، لهذا نحن في الدعاء نقول: اللهم اهدنا فيمن هديت.

*آثارهما في يوم القيامة

قال تعالى: وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ [طه:111]، وهذا معنى ثالث غير المعنيين الأولين، {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ }[طه:111] يحدث في الدنيا، ويحدث في الآخرة. أما في الدنيا: فكم من الوجوه تعنو إلى الله، وكم من الدموع تتحدر في ظلام الليل كاللؤلؤ، وأنوارهم تشرق لأهل السماء، فينظرون إلى أهل الدنيا في صلاة الليل في الخشوع، وقد عنت الوجوه للحي القيوم، وهم يسبحونه ويكبرونه ويهللونه ويستغفرونه، فينظرون إلى صفيحة الدنيا، وقد انبث فيها الصالحون كأنهم كواكب، أو نجوم، أو أقمار.

*أما آثارهما في الدنيا : 

  قال تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ }[الفرقان:58]، وهذا معنى رابع أفادنا اسم الله الحي واتصافه بالحياة، أعطانا مقاماً جديداً من مقامات العبودية وهو: التوكل على الله. حي فتوكل عليه، أما الميت فلا تتوكل عليه؛ لأنه من توكل على الأموات خاب، فقد شهدنا وسمعنا الذين توكلوا على زعمائهم ورؤسائهم - مات توكلهم - بموت الزعيم أو الرئيس، وهذا المفهوم الخطير هو الذي أكده أبو بكر الصديق للصحابة رضي الله عنهم أئمة المتوكلين، وظل القرآن يعالجه في نفوسهم سنين طويلة بالوحي، ويخبرهم بأن يحذروا كل الحذر من أن يتوكلوا على محمد في حياته صلى الله عليه وسلم، بل محمد صلى الله عليه وسلم أُمر أن يتوكل على الحي الذي لا يموت، فإن الداعية يأتي ويذهب، ويحيا ويموت، ويثبت ويفتن، ويسحر ويمرض ويجوع، وظل القرآن يعالج فيهم هذه القضية معالجة عملية.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة الثامنة والثمانون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان :آثارهما في التيقن بأن النصر للإسلام هذا المفهوم يجب أن يكون في قلوبنا راسخاً كرسوخ الجبال ؛ النصارى أخذوا القدس وفلسطين واحداً وتسعين عاماً، لكن عقيدة الحي القيوم ظلت في قلوب المسلمين يثقون بها، فبعثها الله بعد أجيال، لأنه لم يمت،فهو يراقب الصليب والصليبيين،والمذابح والمجازر فخلق لها صلاح الدين رحمة الله عليه، فحررها بإذن الحي القيوم.

وهذا يدعوننا إلى أن نثق بالحي القيوم مهما ظل اليهود في فلسطين الآن ، اليهود يموتون، والزعامات تموت، والخونة يموتون، والعملاء يموتون، وأملنا ليس بهم، وتوكلنا ليس عليهم، وثقتنا ليست فيهم، إنما في الحي الذي لا يموت.[ الأنترنت – موقع الدرر السنية]

* ما نتعلمه من أدب اسم الله الحي القيوم .. جل جلاله :

(1) لقد دعانا الله سبحانه وتعالى إلى التوكل عليه والإلتجاء إليه والإعتصام به ( وتوكل على الحي الذي لا يموت )  فأقطع قلبك عن التعلق بالخلق كي توصله بالخالق .. فإذا علمت أنه سبحانه القائم بأمرك

 فأستغني به عمن سواه ..                                     

 (2) الحب والقرب من الله في ظل اسمه الحي جل جلاله : إن أحببت مخلوقا فهو لا محالة ميت فبكيته وحزنت على فراقه .. فما الحال إن أحببت الحي

الذي لا يموت .. وما هو حالك إن أحببت الحي القيوم الباقي ..

(3) كون الله هو الحي .. فسبحانه لا تضيع ودائعه :

فكل ما ينفق في سبيل الله هو في الحقيقة مدخرا له عند الله الغني الحي القيوم الذي لا تضيع عنده الودائع .. فيا من تخزن المال والغلال .. تأمل اسمه تعالى الحي (4) من حق المنعم عليك القيوم على إيجادك والحفيظ لكل أسباب حياتك والمعطي لك كل ما عليه قيامك وكل شيئ قائم بأمره .. من حقه عليك أن تكون وفيا في حركاتك وسكناتك وفي ظاهرك وفي باطنك لله رب العالمين وألا تكون ظهيرا لأحد دونه .. قال تعالى : (قال رب بما أنعمت عليّ فلن أكون ظهيرا للمجرمين ).. فيالضيعة الوفاء على موائد اللئام .. يأكلون من خيره وينيبون إلى غيره .. والحساب على الله الحي القيوم .. ومن هنا كان الخوف من الله .. وخشية الله قال تعالى : ( ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد )

 (5) في ظل اسم الله القيوم وفي أنوار قيومية الله سبحانه يجب أن تقطع قلبك عن التعلق بالخلق فإذا أنقطع التعلق بالخلق تماما وصل قلبك إلى التعلق

بالخالق القيوم فهو القائم بأمرك فأستغنى به عمن سواه

 (6) يا من كنت عبدا للحي القيوم .. فأستحي من الله ؛ فمن كان له رب فعليه أن يستحي فلا يحمل هما للرزق  ..

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة التاسعة والثمانون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان :

* الذكر والدعاء في ظل اسم الله الحي القيوم سبحانه :

يرى بعض العلماء أن ( الحي القيوم ) اسم الله الأعظم

 .. مثلما جاء في تفسير القرطبي .. ويقال أن عيسى عليه السلام كان إذا أراد أن يحي الموتى يدعو بهذا الدعاء : يا حي يا قيوم

ويقال أن أصف بن برخيا – لما أراد أن يأتي بعرش بلقيس إلى سليمان دعا بقوله : يا حي يا قيوم ويقال أن بني اسرائيل سألوا سيدنا موسى عن اسم الله الأعظم فقال لهم : ( إياهيا شراهيا ) يعني ( يا حي يا قيوم ) ويقال هو دعاء أهل البحر إذا خاوفوا الغرق يدعون به  كما قال القرطبي

ومن الأدعية ما ورد عن بعض الصحابة رضوان الله عليهم:(اللهم أسألك بأن الحمد لك لا إله إلا أنت المنان بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم إني أسألك)ويسمي حاجته

إن المؤمن إذا فهم معنى هذين الاسمين العظيمين وذكر الله بهما قبل الدعاء وبعده فإن الله عز وجل يستجيب له بشرط أن يكون قد أطاب مطعمه وأخلص في دعائه وكان موقنا بالإجابة .. وقيل أن كثرة ذكر اسم الله الحي يبرئ من المرض ويهب الحياة السعيدة الفاضلة .. وقيل أن كثرة ذكر اسم الله القيوم يقي من عوارض النسيان ويقوي حفظ البليد وينور قلبه ..

وقيل أنهما شفاء لمن يكثر نومه إذا قرأ على رأسه ( آلم الله لا إله إلا هو الحي القيوم ) ..

وتكرار ذكر هاذين الأسمين العظيمين يحي القلوب بإذن الله من الموات ..

وقيل من ذكر ( يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث ) من الفجر إلى طلوع الشمس بعث الله في نفسه النشاط وجنبه الخمول والكسل وفتح له باب الفهم والحفظ والعلم والعمل ..[ الأنترنت –موقع إسلام ويب – أحمد القطان]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة التسعون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان : القريب إذا سأله السائل يجيب

فالداعي يعتقد أن المدعو (الله المجيب) يتصف بالمعية والقرب ممن دعاه بسمعه وبصره وعلمه فيسارع في تحقيق مسألته ؛ ولذلك قال تعالى ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب ) قيل في سبب نزولها أنها نزلت في

سائل سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه فأنزل الله هذه الآية ، قال القرطبي : فيه أربع مسائل :                                                                             

الأولى : قوله تعالى : وإذا سألك المعنى وإذا سألوك عن المعبود فأخبرهم أنه قريب يثيب على الطاعة ويجيب الداعي ، ويعلم ما يفعله العبد من صوم وصلاة وغير ذلك ، واختلف في سبب نزولها ، فقال مقاتل : إن عمر رضي الله عنه واقع امرأته بعد ما صلى العشاء فندم على ذلك وبكى ، وجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك ورجع مغتما ، وكان ذلك قبل نزول الرخصة ، فنزلت هذه الآية :{وإذا سألك عبادي عني فإني قريب }، وقيل : لما وجب عليهم في الابتداء ترك الأكل بعد النوم فأكل بعضهم ثم ندم ، فنزلت هذه الآية في قبول التوبة ونسخ ذلك الحكم ، على ما يأتي بيانه . وروى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : قالت اليهود كيف يسمع ربنا دعاءنا ، وأنت تزعم أن بيننا وبين السماء خمسمائة عام ، وغلظ كل سماء مثل ذلك ؟ فنزلت هذه الآية ، وقال الحسن : سببها أن قوما قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : أقريب ربنا فنناجيه ، أم بعيد فنناديه ؟ فنزلت ، وقال عطاء وقتادة : لما نزلت : وقال ربكم ادعوني أستجب لكم قال قوم : في أي ساعة ندعوه ؟ فنزلت .

الثانية : قوله تعالى : فإني قريب أي بالإجابة ، وقيل بالعلم ، وقيل : قريب من أوليائي بالإفضال والإنعام .

الثالثة : قوله تعالى : أجيب دعوة الداع إذا دعان أي أقبل عبادة من عبدني ، فالدعاء بمعنى العبادة ، والإجابة بمعنى القبول . دليله ما رواه أبو داود عن النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الدعاء هو العبادة وقال ربكم ادعوني أستجب لكم فسمي الدعاء عبادة ، ومنه قوله تعالى : {إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين}   أي دعائي ، فأمر تعالى بالدعاء وخص عليه وسماه عبادة ، ووعد بأن يستجيب لهم . روى ليث عن شهر بن حوشب عن عبادة بن الصامت قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أعطيت أمتي ثلاثا لم تعط إلا الأنبياء كان الله إذا بعث نبيا قال ادعني أستجب لك وقال لهذه الأمة ادعوني أستجب لكم ،وكان الله إذا بعث النبي قال له ما جعل عليك في الدين من حرج وقال لهذه الأمة ما جعل عليكم في الدين من حرج ،وكان الله إذا بعث النبي جعله شهيدا على قومه وجعل هذه الأمة شهداء على الناس، وكان خالد الربعي يقول : عجبت لهذه الأمة في {ادعوني أستجب لكم } أمرهم بالدعاء ووعدهم بالإجابة ، وليس بينهما شرط . قال له قائل : مثل ماذا ؟ قال مثل قوله : {وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات } فها هنا شرط ، وقوله : {وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق } فليس فيه شرط العمل ، ومثل قوله : {فادعوا الله مخلصين له الدين } فها هنا شرط ، وقوله : {ادعوني أستجب لكم } ليس فيه شرط ، وكانت الأمم تفزع إلى أنبيائها في حوائجهم حتى تسأل الأنبياء لهم ذلك .

فإن قيل : فما للداعي قد يدعو فلا يجاب ؟ فالجواب أن يعلم أن قوله الحق في الآيتين أجيب أستجب لا يقتضي الاستجابة مطلقا لكل داع على التفصيل ، ولا بكل مطلوب على التفصيل ، فقد قال ربنا تبارك وتعالى في آية أخرى : {ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين }وكلُ مصر على كبيرة عالما بها أو جاهلا فهو معتدٍ ،وقد أخبر أنه لا يحب المعتدين فكيف يستجيب له ، وأنواع الاعتداء كثيرة ، يأتي بيانها هنا وفي [ الأعراف ] إن شاء الله تعالى  

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة الواحدة والتسعون في موضوع ( المجيب) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :   القريب إذا سأله السائل يجيب

 قال بعض العلماء : أجيب إن شئت ، كما قال : {فيكشف ما تدعون إليه إن شاء } فيكون هذا من باب المطلق والمقيد ، وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم في ثلاث   فأعطي  اثنتين  ومنع  واحدة .        وقيل : إنما مقصود هذا الإخبار تعريف جميع المؤمنين أن هذا وصف ربهم سبحانه أن يجيب دعاء الداعين في الجملة ، وأنه قريب من العبد يسمع دعاءه ويعلم اضطراره فيجيبه بما شاء وكيف شاء ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له الآية .      وقد يجيب السيد عبده والوالد ولده ثم لا يعطيه سؤله ، فالإجابة كانت حاصلة لا محالة عند وجود الدعوة ; لأن أجيب وأستجب خبر لا ينسخ فيصير المخبر كذابا . يدل على هذا التأويل ما روى ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من فتح له في الدعاء فتحت له أبواب الإجابة . وأوحى الله تعالى إلى داود : أن قل للظلمة من عبادي لا يدعوني فإني أوجبت على نفسي أن أجيب من دعاني وإني إذا أجبت الظلمة لعنتهم وقال قوم : إن الله يجيب كل الدعاء ، فإما أن تظهر الإجابة في الدنيا ، وإما أن يكفر عنه ، وإما أن يدخر له في الآخرة ، لما رواه أبو سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث ؛ إما أن يعجل له دعوته ، وإما أن يدخر له ، وإما أن يكف عنه من السوء بمثلها . قالوا : إذن نكثر ؟ قال : لله أكثر . خرجه أبو عمر بن عبد البر ، وصححه أبو محمد عبد الحق ، وهو في الموطأ منقطع السند . قال أبو عمر : وهذا الحديث يخرج في التفسير المسند لقول الله تعالى{ادعوني أستجب لكم} فهذا كله من الإجابة ، وقال ابن عباس : كل عبد دعا استجيب له ، فإن كان الذي يدعو به رزقا له في الدنيا أعطيه ، وإن لم يكن رزقا له في الدنيا ذخر له .

قلت : وحديث أبي سعيد الخدري وإن كان إذنا بالإجابة في إحدى ثلاث فقد دلك على صحة ما تقدم من اجتناب الاعتداء المانع من الإجابة حيث قال فيه : ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم وزاد مسلم : ما لم يستعجل . رواه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل - قيل : يا رسول الله ، ما الاستعجال ؟ قال - يقول قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجيب لي فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء ، وروى البخاري ومسلم وأبو داود عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يستجاب لأحدكم ما لم يعجل يقول دعوت فلم يستجب لي . قال علماؤنا رحمة الله عليهم : يحتمل قوله يستجاب لأحدكم الإخبار عن وجوب وقوع الإجابة ، والإخبار عن جواز وقوعها ، فإذا كان بمعنى الإخبار عن الوجوب والوقوع فإن الإجابة تكون بمعنى الثلاثة الأشياء المتقدمة ، فإذا قال : قد دعوت فلم يستجب لي ، بطل وقوع أحد هذه الثلاثة الأشياء وعري الدعاء من جميعها ، وإن كان بمعنى جواز الإجابة فإن الإجابة حينئذ تكون بفعل ما دعا به خاصة ، ويمنع من ذلك قول الداعي : قد دعوت فلم يستجب لي ; لأن ذلك من باب القنوط وضعف اليقين والسخط .

 وقيل لإبراهيم بن أدهم : ما بالنا ندعو فلا يستجاب لنا ؟ قال : لأنكم عرفتم الله فلم تطيعوه ، وعرفتم الرسول فلم تتبعوا سنته ، وعرفتم القرآن فلم تعملوا به ، وأكلتم نعم الله فلم تؤدوا شكرها ، وعرفتم الجنة فلم تطلبوها ، وعرفتم النار فلم تهربوا منها ، وعرفتم الشيطان فلم تحاربوه ووافقتموه ، وعرفتم الموت فلم تستعدوا له ، ودفنتم الأموات فلم تعتبروا ، وتركتم عيوبكم واشتغلتم بعيوب الناس .  [الأنترنت- تفسير القرطبي - محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي» الجامع لأحكام القرآن» سورة البقرة»]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة الثانية والتسعون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان : جوانب التعبد باسم الله القريب:

1) الاعتقاد الجازمُ بأن القريب من أسماء الله الحسنى، وأن له من هذه الصفة الكمال المطلق بما يليق بجلاله وعظمته، من غير تمثيل ولا تشبيه، ولا تعطيل ولا تكييف، وهو سبحانه عليٌّ في قربه ودنوه، قريبٌ في علوه.

2) التعبُّد لله تعالى بطلب القربِ منه، وذلك بطاعته وامتثال أوامره، والتزود من النوافل ما استطاع، قال الله تعالى في الحديث القدسي: (إذا تقرَّب مني عبدي شبرًا تقرَّبت منه ذراعًا، وإذا تقرَّب مني ذراعًا تقرَّبت منه بوعًا، وإذا تقرب مني بوعًا أتيته أهرولُ).

ولا شك أن قرب الله من عبده يجعلُ العبد في معيَّة ربه يحوطه، وينصره، ويؤيده ويسدده، ويوفقه، ويجعل له نورًا من جميع جهاته.

3) التعبد لله تعالى بكثرة الدعاء والإلحاح عليه، موقنًا أن الله القريبَ المجيب سيُجِيب دعاءه، ولا يخيب رجاءه، وأن أعتقد أنني إذا كنت قريبًا من الله كان الله قريبًا مني، وإذا كان الله قريبًا مني فلست أبالي مَن يكون بعيدًا عني، بل أنا آملُ مِن الله القريب أن يجعل الصالحين الناصحين الأوفياء الأنقياء قريبينَ مني، بل سيجعل مخلوقاته كلها - من غير الإنس والجن - قريبةً مني، تحبُّ وجودي، وتدفع عني الأذى، وتكون عونًا لي على طاعته.

4) التعبد لله تعالى بطلب الهداية؛ لقوله تعالى: ﴿ وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ ﴾ [سبأ: 50]، ومِن طلب الهداية أن تأخذ بأسباب حصولها، وذلك بطلب علم الوحي كتابًا وسُنة، والتعبد لله تعالى بكثرة الدعاء للتوفيق للعمل الصالح، مع الأخذ بالأسباب المؤدِّية لحصول هذا العمل، كمَن دعا أن يرزقه الله قيامَ الليل، فعليه أن يأخذ بالأسباب المُعِينة عليه؛ كالنوم مبكرًا، والقيلولة بالنهار، والنوم على طهارة وذكر، وترك المعاصي نهارًا، وتنقية قلبه من الآفات، ومَن دعا الله تعالى أن يرزقه حفظ القرآن مثلًا، فعليه بالأخذ بأسباب الحفظ، وهكذا في سائر الأدعية التي فيها أسباب يسرها الله لعباده، وهذا كله تحقيق لقوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69]، ولا شك أنه سبحانه هداهم سبلَه؛ لأنه قريب منهم، وهو مع المحسنين؛ أي قريب منهم.

5) التعبد لله تعالى بكثرة السجود، فإن مَن سجد لله تعالى اقترب مِن الله تعالى؛ لقوله تعالى:   ﴿ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ ﴾ [العلق: 19]، ولقوله صلى الله عليه وسلم: ((أقربُ ما يكون العبد من ربه وهو ساجد))، والجزاء مِن جنس العمل، فإذا كنت في حال قريبًا من الله عز وجل كان الله قريبًا منك في تلك الحال. وقال صلى الله عليه وسلم: ((إنك لن تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة))؛ وذلك لأن الساجد وضعَ أشرفَ ما فيه - وهو وجهُه - في أسفل مكان وهو الأرض، فكافأه الله عز وجل برفعِ قدره يوم القيامة، وإذا رفع قدره ومنزلته في الجنةِ كان قريبًا من الله العليِّ الأعلى، ولذلك جعل الله منزلة الأنبياء أعلى منزلةً في الجنة؛ لأنهم أقرب الناس إليه، وهو سبحانه أكثر قربا إليهم من سائر خلقه.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة الثالثة والتسعون في موضوع ( المجيب) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

جوانب التعبد باسم الله القريب 

6) التعبد لله تعالى بترك جميع المنكرات والمعاصي والفواحش؛ وذلك لأن القرب من المعاصي يباعدني عن ربي سبحانه، وأنا أحبُّ القرب من ربي فأجتنب المعاصي لأقترب من ربي، فيكون ربي قريبًا مني فأنالَ منه الخير العميم في الدنيا والآخرة، ولذلك جاء في الحديث: (اتقِ المحارمَ تكُنْ أعبدَ الناس)، ولا شك أن أعبد الناس هو أقربهم إلى الله تعالى، فالله أقربُ إلى هذا العبد من غيره، وقد جاءت الآيات بعدم الاقتراب من بعض المعاصي بعينها؛ كما في قوله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى ﴾ [النساء: 43]، وقال تعالى: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [الأنعام: 151]، ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [الأنعام: 152]، ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ﴾ [الإسراء: 32]، ﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 187].

7) التعبُّد لله تعالى بالتقرُّب إليه بكثرة التوبة والاستغفار؛ وذلك لأن المعاصيَ تباعد العبدَ من ربه، والتوبةُ والاستغفار تمحوانِ الذنوب وآثارَها من القلب، فتجعل العبد يقترب من ربِّه ويُنِيب إليه، فيقترب الله منه بقَبول توبته ومَحْوِ خطيئته، ويقترب الرب العظيم من عبده المنيب التائب، وفي الحديث: (لَلَّهُ أشد فرحًا بتوبة عبدِه حين يتوب إليه، مِن أحدكم كان على راحلته بأرض فلاةٍ،فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه، فأيِس منها، فأتى شجرةً، فاضطجع في ظلها، قد أيِس من راحلته، فبينا هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده، فأخذ بخطامِها، ثم قال مِن شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربُّك، أخطأ من شدة الفرح)؛ قال الله تعالى: ﴿ إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 17]، وقال﴿ فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ ﴾ [هود: 61].

8) التعبد لله تعالى بأن يكون هواه تبعًا لِما جاء عن الله تعالى، فتكون رؤيتُنا منبثقة عن رؤية الله تعالى، ومحبته وجميع عواطفه متابعة لمحبة الله تعالى، فنكون بذلك قريبين من الله تعالى، فيكون الله قريبًا منا، وقد لَمَحتُ هذا الجانب من قوله تعالى: ﴿ إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا * وَنَرَاهُ قَرِيبًا ﴾ [المعارج: 6، 7].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة الرابعة والتسعون في موضوع ( المجيب) وستكون إستكمالا للماضيتين والتي هي بعنوان :  جوانب التعبد باسم الله القريب

9) التعبد لله تعالى بذبح الهدايا والأضاحي؛ لأن الله تعالى سماها القرابين، بل ويتقرَّب إلى الله تعالى بالذبح له في غير هذه المناسبات، وليعلم العبدُ أنه كلما كان قلبُه أخلص لله تعالى وأتبعَ لأوامره، كان قربانه مقبولًا، والعكس بالعكس، فإذا لم يكن قلبه خالصًا مخلصًا ولا مذعنًا منقادًا، ردَّ قربانه؛ لأنه جاء من شخص بعيد عن الله تعالى، فأبعده الله بعدم قَبول قربانه؛ قال تعالى: ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [المائدة: 27]، فانظر كيف قرب الله العبد الطائع وقبِل منه، وكيف أبعد العبد العاصي ولم يقبَل منه.

10) التعبد لله تعالى بالإيمان بالله واليوم الآخر، والإنفاق في سبيل الله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال الله تعالى: ﴿ وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 99].

11) التعبد لله تعالى بصفة الإحسان في القول والعمل والاعتقاد، سواء كان الإحسان إلى الأهل أو الأقربين أو إلى سائر الخلق، فإن الإحسان يجعل المحسنَ قريبًا من الله تعالى، وتكون رحمة الله قريبا من المحسنين، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الأعراف: 56].

12) التعبد لله تعالى بإيتاءِ ذوي القربى والإحسان إليهم؛ حيث أمرنا الله بذلك في آيات كثيرة منها قوله تعالى: ﴿ وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا ﴾ [الإسراء: 26]؛ وذلك لأن الله هو القريبُ وهو يُقرِّب مَن يصل قريبَه ويحبُّه حتى تظل القرابة قائمةً وموصولة.

13) التعبد لله تعالى بفعل كل ما هو أقربُ للتقوى؛ لأنه سيكون أقرب إلى الله تعالى وإلى محبوباته ، لذلك أمر الله عباده وحبَّذ لهم أن يفعلوا ما هو أقرب للتقوى؛ كالعفو عن بعض الحقوق من أحد الزوجين للآخر، ﴿ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾[البقرة: 237]، وكذلك أمر بالعدل مع الخصمِ الكافر؛ لأن العدل أقرب للتقوى؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [المائدة: 8]؛ ولذلك فإن من التعبُّد لله تعالى بهذا الاسم أن نعفوَ عمَّن ظلمنا، وأن نتجاوز في بعض حقوقنا أو في كلها، وأن نعدل مع كل الخصوم حتى مع الكافر، وهذا أقربُ لمنهج الرحمن جل جلاله في معاملة الخلق، فيكون العبد قريبًا من الله تعالى فيكون الله قريبًا منه.

14) التقرب إلى الله تعالى بتقريب الخلق من ربهم عز وجل، وذلك بدعوتهم ودلالتهم على ربهم بكل أنواع وطرق الدعوة إليه. [الأنترنت- موقع الألوكة - عبدالجواد أحمد عبدالجواد شاهين]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة الخامسة والتسعون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان :  الحِكَم من تأخُرِ إجابة الدعاء :

(1) أن تأخر الإجابة من البلاء الذي يحتاج إلى صبر:

فتأخر الإجابة من الابتلاء، كما أن سرعة الإجابة من الابتلاء. قال تعالى: (وَنَبْلُوكُم بِالشّرّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً) [الأنبياء / 35] فالابتلاء بالخير يحتاج إلى شكر، والابتلاء بالشر يحتاج إلى صبر؛ فإياك أن تستطيل زمان البلاء، وتَضْجَرَ من كثرة الدعاء؛ فإنك ممتحن بالبلاء، مُتَعَبَّدٌ بالصبر والدعاء.

فلا تيأسن من روح الله وإن طال البلاء؛ فإن الله _ عز وجل _ يبتليك؛ ليبلو أخبارك، وهل الابتلاء إلا الإعراض وعكس المقاصد؟

 قال عمر بن عبد العزيز: أصبحت ومالي سرور إلا في انتظار مواقع القدر؛ إن تكن السراء فعندي الشكر، وإن تكن الضراء فعندي الصبر.

(2) أن الله تعالى هو مالك الملك: فله التصرف المطلق بالعطاء والمنع، فلا راد لفضله، ولا معقب لحكمه، ولا اعتراض على عطائه ومَنْعِه؛ إن أعطى فبفضل، وإن منع فبعدل.

 قال ابن ناصر الدين الدمشقي: فإنه ليس لأحد مفر عن أمر الله وقضائه، ولا محيد له عن حكمه النافذ وابتلائه، إنَّا لله ملكه وعبيده، يتصرف فينا كما يشاؤه وما يريده.

(3) أنه لا حق للمخلوق على الخالق: فالمخلوق مربوب ، مملوك، مقهور، مُدَبَّر، والخالق ربٌّ، قاهر، مُدَبِّر. والمملوك العاقل مطالب بأداء حق المالك، ويعلم أنه لا يجب على المالك تبليغه ما يهوى؛ فكيف يُقَصِّر المملوك ثم يطلب حقه كاملاً مع أنه لا حق له أصلاً؟!

 قال ابن القيم رحمه الله:

فمن أنفع ما للقلب النظرُ في حق الله على العباد؛ فإن ذلك يورث مقت نفسه، والإزراء عليها، ويخلصه من العجب ورؤية العمل، ويفتح له باب الخضوع والذل، والانكسار بين يدي ربه، واليأس من نفسه، وأن النجاة لا تحصل إلا بعفو الله، ومغفرته، ورحمته؛ فإن حقه أن يطاع ولا يعصى، وأن يذكر ولا ينسى، وأن يشكر فلا يكفر.

فمن نظر في هذا الحق الذي لربه عَلِمَ عِلْمَ اليقين أنه غير مؤدٍ له كما ينبغي، وأنه لا يسعه إلا العفو والمغفرة، وأنه إن أحيل على عمله هلك.

فهذا محل نظر أهل المعرفة بالله تعالى وبنفوسهم، وهذا الذي أيأسهم من أنفسهم، وعلق رجاءهم كله بعفو الله ومغفرته.

ثم قال: وإذا تأملت حال أكثر الناس وجدتهم بضد ذلك؛ ينظرون في حقهم على الله، ولا ينظرون في حق الله عليهم.

ومن ههنا انقطعوا عن الله، وحُجبت قلوبهم عن معرفته، ومحبته، والشوق إلى لقائه، والتنعم بذكره. وهذا غاية جهل الإنسان بربه وبنفسه.

[ إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان لابن القيم تحقيق مجدي السيد ص97_98.]

(4) أن الله تعالى له الحكمة البالغة:

فلا يعطي إلا لحكمة، ولا يمنع إلا لحكمة، وقد ترى الشيء مصلحة ظاهرة، ولكن الحكمة لا تقتضيه؛ فقد يخفى في الحكمة فيما يفعله الطبيب من أشياء تؤذي في الظاهر يقصد بها المصلحة؛ فهذا من ذاك.

ثم إن الله تعالى له الحكمة البالغة، فأسماؤه الحسنى وأفعاله تمنع نسبة الظلم إليه، وتقتضي ألا يفعل

 إلا ما هو مطابق للحكمة، موافق لها؛ فتأخر الإجابة قد يكون عين المصلحة للداعي كما سيأتي بيانه في الفقرات التالية.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة السادسة والتسعون في موضوع ( المجيب) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :     الحِكَم من تأخُرِ إجابة الدعاء :

(5) قد يكون في تحقق المطلوب زيادة في الشر:

فربما تحقق للداعي مطلوبه، وأجيب له سؤله، فكان ذلك سببًا في زيادة إثم، أو تأخر عن مرتبة، أو كان ذلك حملاً على الأشر والبطر؛ فكان التأخير أو المنع أصلح.

 وقد روي عن بعض السلف أنه كان يسأل الله الغزو، فهتف به هاتف: إنك إن غزوت أُسِرْتَ، وإن أسرت تَنَصَّرْتَ.[ صيد الخاطر 1/ 109.]

قال ابن القيم رحمه الله تعالى:

فقضاؤه لعبده المؤمن عطاء وإن كان في صورة المنع، ونعمة وإن كان في صورة محنة، وبلاؤه عافية وإن كان في صورة بلية. ولكن لجهل العبد وظلمه لا يعد العطاء والنعمة والعافية إلا ما التذ به في العاجل، وكان ملائمًا لطبعه.  ولو رزق من المعرفة حَظًّا وافرًا لعدَّ المنع نعمة، والبلاء رحمة، وتلذذ بالبلاء أكثر من لذته بالعافية، وتلذذ بالفقر أكثر من لذته بالغنى، وكان في حال القلة أعظم شكرًا من حال الكثرة. [ مدارج السالكين 2/ 215_216.]

(6) أن اختيار الله للعبد خير من اختيار العبد لنفسه: وهذا سر بديع يحسن بالعبد أن يتفطن له حال دعائه لربه؛ ذلك أن الله عز وجل أحكم الحاكمين، وأرحم الراحمين، فهو أعلم بمصالح عباده منهم، وأرحم بهم من أنفسهم وآبائهم وأمهاتهم.

وإذا أنزل بهم ما يكرهون كان خيرًا لهم من ألا ينزل بهم؛ نظرًا منه لهم، وإحسانًا إليهم، ولطفًا بهم.

ولو مُكِّنُوا من الاختيار لأنفسهم لعجزوا عن القيام بمصالحهم علمًا، وإرادةً، وعملاً.

لكنه تعالى تولى تدبير أمورهم بموجب علمه، وعدله، وحكمته، ورحمته أَحَبُّوا أم كرهوا.

فإذا سلَّم العبد لله، وأيقن بأن المُلك ملكه، والأمر أمره، وأنه أرحم به من نفسه طاب قلبه، قضيت حاجته أو لم تُقضَ.

وإذا فوض العبد ربه، ورضي بما يختاره له أَمَدَّه فيما يختاره له بالقوة عليه، والعزيمة، والصبر، وصرف عنه الآفات التي هي عرضة اختيار العبد لنفسه، وأراه من حسن عواقب اختياره له ما لم يكن ليصل إلى بعضه بما يختاره هو لنفسه.                               وهذا يريحه من الأفكار المتعبة في أنواع الاختيارات، ويفرغ قلبه من التقديرات والتدبيرات التي يصعد منها في عقبة، وينزل في أخرى. ومع هذا فلا خروج له عما قدر عليه، فلو رضي باختيار الله أصابه القدر وهو محمود مشكور ملطوف به، وإلا جرى عليه القدر وهو مذموم غير ملطوف به.ومتى صح تفويضه ورضاه اكتنفه في المقدور العطفُ عليه، واللطف فيه، فيصير بين عطفه ولطفه؛ فعطفه يقيه ما يحذره، ولطفه يُهَوِّن عليه ما قدر له. قال سفيان الثوري رحمه الله تعالى: منعه عطاء؛ وذلك أنه لم يمنع عن بخل ولا عدم، وإنما نظر في خير العبد فمنعه اختيارًا وحسن نظر. [ مدارج السالكين 2/ 215.]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة السابعة والتسعون في موضوع ( المجيب) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :     الحِكَم من تأخُرِ إجابة الدعاء :

(7) أن الإنسان لا يعلم عاقبة أمره:

فربما يطلب ما لا يَحْمد عاقبته، وربما كان فيه ضرره، كمثل طفل محموم يطلب الحلوى وهي لا تناسبه.

والمدبر للإنسان أعلم بمصالحه، وعاقبةِ أمره، كيف وقد قال تعالى: (وَعَسَىَ أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لّكُمْ) [البقرة / 216] ومن أسرار هذه الآية أنها تقتضي من العبد التفويض إلى من يعلم عواقب الأمور، والرضا بما يقضيه عليه؛ لما يرجوه من حسن العاقبة.

 ومن أسرارها ألا يقترح على ربه، ولا يسأله ما ليس له به علم؛ فلعل فيه مضرَّتَه وهو لا يعلم؛ فلا يختار على ربه، بل يسأله حسن العاقبة فيما يختار له؛ فلا أنفع له من ذلك.

ولهذا من لطف الله تعالى لعبده أنه ربما طمحت نفسه لسبب من الأسباب الدنيوية، التي يظن بها إدراك بغيته، فيعلم الله أنها تضره، وتصده عما ينفعه، فيحول بينه وبينها، فيظل العبد كارهًا، ولم يدْرِ أن ربه قد لطف به؛ حيث أبقى له الأمر النافع، وصرف عنه الأمر الضار. [ المواهب الربانية من الآيات القرآنية للشيخ ابن سعدي، اعتنى بها سمير الماضي ص151.]

(8) الدخول في زمرة المحبوبين لله تعالى:

فالذين يدعون ربهم، ويبتلون بتأخر الإجابة عنهم  يدخلون في زمرة المحبوبين، المُشَرَّفِين بمحبة رب العالمين ؛فهو سبحانه إذا أحب قومًا ابتلاهم. [ انظر برد الأكباد ص39.]

وقد جاء في السنة ما يشير إلى أن الابتلاء دليل على محبة الله للعبد؛(حديث أنس رضي الله عنه الثابت في صحيح الترمذي أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إن عظم الجزاء مع عظم البلاء و إن الله تعالى إذا أحب قوما ابتلاهم فمن رضي فله الرضا و من سخط فله السخط.

(حديث سعد ابن أبي وقاص رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل يبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان في دينه صلبا اشتد بلاؤه و إن كان في دينه رقة ابتلي على قدر دينه فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض و ما عليه خطيئة.

(9) أن المكروه قد يأتي بالمحبوب والعكس بالعكس:

قال تعالى: (فَعَسَىَ أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً) [النساء / 19] وقال تعالى: (وَعَسَىَ أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لّكُمْ وَعَسَىَ أَن تُحِبّواْ شَيْئاً

وَهُوَ شَرّ لّكُمْ) [البقرة / 216]

 (10) تأخر الإجابة سبب لتفقد العبد لنفسه:

فقد يكون امتناع الإجابة لآفة في الداعي؛ فربما كان في مطعومه شبهة، أو في قلبه وقت الدعاء غفلة، أو كان متلبسًا بذنوب مانعة.

 (11) قد تكون الدعوة مستجابة دون علم الداعي

إن ثمرة الدعاء مضمونة إذا أتى الإنسان بأسباب الإجابة، وسلم من موانعها؛ فالداعي لا يخلو من أن يستجاب له دعاؤه فيرى أثره في الدنيا، أو لا يستجاب له لوجود أحد الموانع، فلا يرى أثرًا لدعائه في الدنيا، أو أن يستجاب له ولكن لا يرى أثرًا للإجابة في الدنيا وإنما يؤخر له من الأجر مثل دعوته يوم القيامة، أو أن يستجاب له الدعاء فلا يرى أثرًا للإجابة، ولكن يصرف الله عنه من السوء مثل دعوته وهو لا يعلم.  إذا تقرر هذا فكيف يستبطئ الداعي الإجابة طالما أن الثمرة مضمونة؟ ولماذا لا يحسن العبد ظنه بربه ويقول: لعله استجيب لي من حيث لا أعلم؟.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة الثامنة والتسعون في موضوع ( المجيب) وستكون إستكمالا للماضيات والتي هي بعنوان :     الحِكَم من تأخُرِ إجابة الدعاء :

(12) قد يكون الدعاء ضعيفًا فلا يقاوم البلاء:

 قال ابن القيم رحمه الله تعالى: وله  مع البلاء ثلاث مقامات: أحدها: أن يكون أقوى من البلاء فيدفعه.

الثاني: أن يكون أضعف من البلاء، فيصاب به العبد، ولكن قد يخففه وإن كان ضعيفًا.

الثالث: أن يتقاوما، ويمنع كل واحد منهما صاحبه.

(13) قد يكون الإنسان سد طريق الإجابة بالمعاصي:

فلو فتحها بالتقوى لحصل على مراده؛ فكيف يستبطئ الإجابة وقد سد طريقها بالمعاصي؟.

أما علم أن التقوى سبب الراحة،وأنها مفتاح كل خير؟ أما سمع قوله تعالى: (وَمَن يَتّقِ اللّهَ يَجْعَل لّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ)

أَوَ ما فهم أن العكس بالعكس؟

 قال بعض السلف: لا تستبطئ الإجابة، وقد سَددْتَ طُرقَها بالمعاصى. وقد أخذ بعض الشعراء هذا المعنى فقال: " نحن ندعو الإلهَ في كل كرب ******ثم ننساهُ عند كشف الكروب

              كيف نرجو إجابةَ لدعاء  ********** قد سددنا طريقَها بالذنوب؟

 (حديث أبي هريرة في صحيح مسلم أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا فقال تعالى (يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم) وقال (يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم) ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك. الشاهد: قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فأنى يستجاب لذلك)وهو استفهام واقع على وجه التعجب والاستبعاد  أي كيف يدعو هذا الآكل للحرام وينتظر الإجابة مع تيقنه من سوء فعاله، نسأل الله أن يطعمنا الحلال ويجنبنا مهاوى الضلال إنه ولى ذلك والقادر عليه.

(14) ظهورآثار أسماء الله تعالى: فمن أسماء الله عز وجل المعطي، المانع، الحكم، العدل، الكريم، العليم، البر، الرحيم، المالك، الحكيم.

وهذه الأسماء تستدعي متعلقات تظهر فيها أحكامها، ومقتضياتها، وآثارها؛ فتأخر الإجابة من أسباب ظهور تلك الآثار، والمقتضيات والأحكام.

فقد يمنع عز وجل أحدًا من الناس؛ لحكمته، وعدله، وعلمه. وقد يعطي برحمته عز وجل، وحكمته، وبره، وعلمه.

(15) تكميل مراتب العبودية للأولياء:

فالله تعالى يحب أولياءه، ويريد أن يكمل لهم مراتب العبودية، فيبتليهم بأنواع من البلاء، ومنها تأخر إجابة الدعاء؛ كي يتَرَقَّوا في مدارج الكمال ومراتب العبودية؛ فكمال المخلوق في تحقيق عبوديته، وكلما ازداد العبد تحقيقًا للعبودية ازداد كماله، وعلت درجته.........

[الأنترنت – موقع المكتبة الشاملة ، أعده للشاملة/ الغريب الشهري ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة التاسعة والتسعون في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان :  رسالة إلى مهموم

أيها المهموم: اصبر وما صبرك إلا بالله، استقبل المكاره برحابة صدر... استقبل الهموم والغموم بقوة وشجاعة تناطح السحاب... اصبر مهما داهمتك الخطوب.. اصبر مهما أظلمت أمامك الدروب... فإن مع العسر يسرًا... وإن مع الكرب فرجًا..

 أيها المهموم: إذا أصابك ما يهمك...ونزلت عليك النوازل...وأصابتك الملمات...وقهرك الرجال... وفشلت في الأعمال... فلا تغضب... ولا تجزع... ولا تنهر أهلك... ولا تشتكِ إلى أحد...ولا تجعل شدة المصيبة على أبيك أو على ولدك أو على أخيك أو على سيارتك ولكن قل... الحمد لله... قل.. الشكر لله... قل قدر الله وما شاء فعل... استسلم للقدر... لا تتسخط... لا تتذمر... اعترف بالقضاء والقدر... وليهدأ بالك... ولا تقل لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا, ولكن قل قدر الله وما شاء فعل...

أيها المهموم: سوف أدلك على واسطة تحقق لك كل ما تريد... ولكن إذا نويت الدخول عليه.

    فتهيأ تهيؤاً كاملاً والتزم بالشروط التي يجب

 إحضارها إليه؛ من أجل أن يقبل ما عندك... أرسل له برقية مباشرة بينك وبينه؛ حتى تخرج من عنده بثقة كاملة في الحصول على المطلوب... من الواسطة الذي ستذهب إليه هذه الليلة؟ إنه ملك الملوك. إنه رب الوزراء... إنه إله الرؤساء... إنه الله الذي أمره بين الكاف والنون... (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ). فاستعد قبل الدخول عليه. وادخل عليه لوحدك في ظلمة الليل... ادخل عليه في ذلك الوقت الذي ينام فيه أهل الواسطة الذين نتعلق بهم... ولكن... ما نام الذي ما تنام عينه... ما نام الحي القيوم... يقول للعباد...

 هل من داعٍ فأستجيب له... هل من مستغفر فأغفر له... في هذا الوقت قدم ما لديك على ربك... ادعه... ناده... ثم إذا فرغت من دعائك له، فإنك سوف تفوز بأحد ثلاثة أشياء:

 إما أن يحقق لك طلبك... وإما أن يدخر لك يوم القيامة بشيء أفضل بكثير, وكثير مما تطلبه في هذه الدنيا... وإما أن يدفع الله بهذا الدعاء بلاء ينزل عليك من السماء...

أيها المهموم: إذا ضاق صدرك... وصعب أمرك...... وأظلمت في وجهك الأيام... فعليك بالصلاة...

الصلاة مستشفى تداوي البشر من السقم وتشرح

 الصدر من الهم والألم، كان الرسول في المهمات العظيمة يشرح صدره بالصلاة،وكان العظماء يحاطون بالنكبات، فيفزعون إلى الصلاة، فيفرج الله عنهم.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة المئة في موضوع ( المجيب) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : رسالة الى مهموم   

أيها المهموم:أبشرباللطف الخفي...أبشربالأمل المشرق... أبشر بالمستقبل الحافل... فقد آن أن تداوي شكك باليقين... قد آن أن تقشع عنك غياهب الظلام بفجر صادق... قد آن أن تقشع مرارة الأسى بحلاوة الرضا... أبشر أيها المهموم... بصبح يملؤك نورًا...أيها المهموم...

 اطمئن فإنك تتعامل مع اللطيف بالعباد والرحيم بالخلق. أيها المهموم... اطمئن فإن العواقب حسنة،

 والنتائج مريحة، والخاتمة كريمة.

أيها المؤمن! نادِ ربك بقلب حاضر، بصوت خافت، وتأمل حال نبي الله زكريا [إذ نادى ربهُ ندَاءً خفيًا..] فرزقه الله يحيى نبيا!  هل فاتتك أمنية كنت تتمناها بشدة أم ضاع من بين يديك حلم.. وأصبحت تتألم لأجل ذلك ؟ لا تأسَ ولا تحزن .

قال تعالى ( لكي لا تأسوا على ما فاتكم ) .  لا تحزن ولا تبتأس على أمور فاتتك .. لا تبقى أسير أحداث الماضي . بل انظر للمستقبل وتفائل بالخير واعلم أنك اذا استعنت بالله ووثقت به وشمرت عن ساعد الجد فستعوض بإذن الله ما فاتك ..والله والله والله أن الحزن يضرك ولا ينفعك . لا تستسلم للحزن اترك الحزن

 لديك حياة واحدة فقط ! اسئل نفسك : هل سأمضي كامل حياتي حزينا .. مهما كانت أسباب حزنك عظيمة .. فأنت تستطيع تجاوز مرحلة الحزن ! واستعن بالله وثق به واذكره وادعوه ثم اجتهد وحاول واملىء وقتك بكل عمل مثمر واقرأ وطالع وجرب واعمل واعلم وتعلم ..تحرك .. فالحركة بركة ! وسيختفي الحزن من حياتك ! ما خاب من قال يا رب ومن سار على الدرب وصل جربها .. نعم جربها .. [الأنترنت – موقع شبكة فلسطين للحوار]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة الواحدة بعدالمئة في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان : دقائق ذهبية للدعاء

لا شك أن الدعاء في الإسلام عبادة من أعظم

العبادات , وطاعة مستحبة في كل الأوقات , وكيف لا و الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يقول عن الدعاء بأنه هو العبادة , ففي الحديث الصحيح عن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الدعاء هو العبادة ) ثم قرأ  { وقال ربكم ادعوني أستجب لكم } .[ صحيح ابن ماجة للألباني برقم/3818]

نعم .. لقد امتن الله تعالى على أتباع الدين الخاتم بهذه العبادة التي تجعل المسلم دائم الصلة بالله تعالى , يفزع إليها في وقت رخائه وشدته وفي حالة يسره وعسره , معبرا في الأولى عن مدى شكره وامتنانه على نعم الله وآلائه التي لا تعد ولا تحصى , وسائلا في الأخرى – بعد الصبر والرضا بقضاء الله وقدره - الفرج والأجر والثواب على امتحانه واختباره , فتغدو أيامه ولياليه وساعات حياته بين صبر وشكر وصلة بالمولى سبحانه

لم يتوقف الكرم الإلهي على عباده بالاكتفاء بتشريع عبادة الدعاء التي لا يعلم فضلها ومنزلتها وأهميتها في حياة الإنسان إلا من ذاق لذة طعم مناجاة الله تعالى بعد غفلة أو بُعدٍ عن هذا الكنز العظيم من كنوز الإسلام ...بل اكتمل فضل الله بوعده باستجابة دعاء عباده إن هم استكملوا شروط ذلك , قال تعالى :     { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } البقرة/186 , وقال تعالى : { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ } غافر/60

وبعد كل هذا الفضل الإلهي والمنة الربانية خصَّ الله أتباع هذا الدين العظيم بمنة أخرى وفضل جديد تمثل بإفراد بعض الأوقات بمزيد من الفضل والمزية , من خلال التأكيد على أنها أرجى إجابة لدعاء المسلم فيها , تشجيعا للمسلمين على الإقبال على الدعاء , وتنبيها على فضل هذه الأوقات على غيرها فيما يخص طرق باب رحمة الله تعالى وكرمه وفضله .

ونظرا لكثرة الأوقات التي يستحب فيها الدعاء ويستجاب , حيث تتجاوز تعدادها العشرين زمانا ومكانا , فإني أريد أن أقتصر في هذا المقال على فضل الدعاء بين الأذان والإقامة , نظرا لتكراره كل يوم بخلاف غيرها من الأوقات التي قد تكون في العام مرة كما هو الشأن في ليلة القدر , أو في الأسبوع مرة كما هو الحال مع ساعة الاستجابة يوم الجمعة , أو في اليوم مرة كما في الثلث الأخير من الليل......الخ وغفلة كثير من المسلمين عن اغتنام هذه الدقائق الذهبية .

وقد ثبت فضل الدعاء بين الأذان والإقامة والتأكيد على حتمية الاستجابة فيه بالحديث الصحيح عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم – ( لاَ يُرَدُّ الدُّعَاءُ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ ) [سنن الترمذي برقم521 وصححه الألباني .]

والحقيقة أن الكثير من المسلمين قد يفوتهم الدعاء في هذه الدقائق الذهبية نظرا لعدم التزامهم بأداء الصلوات الخمس جماعة كما حث على ذلك النبي صلى الله عليه وسلم

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة الثانية بعدالمئة في موضوع ( المجيب) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :    دقائق ذهبية للدعاء

   إن المتبادر إلى الذهن من نص حديث عدم رد الدعاء بين الأذان والإقامة هو صلاة الجماعة كما أكد على ذلك الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين – رحمه الله – حيث قال :

" يُراد بالإقامة هاهنا إقامة المؤذن عندما يحضر الإمام لأداء الصلاة، فالدعاء تُرجى إجابته بين فراغ المؤذن من الأذان وابتدائه في الإقامة ، ولا يدخل في ذلك الذين يُصلون في بيوتهم ولا يحضرون إقامة المؤذن للصلاة في المسجد سيما إذا كان تخلفهم من باب الكسل والتثاقل والتهاون بصلاة الجماعة ......أما المرأة فإن اشتغالها بالصلاة وإقامتها لها تكون قُرب إقامة الأئمة للصلاة في المساجد، فيكون الدعاء في حقها مُقيدًا بما بين أذان المؤذن وإقامته، فلا يدخل في ذلك ما إذا  تأخرت  عن الصلاة ، حيث يفوت  وقت الاستجابة بإقامة المؤذنين

من جهة أخرى قد يفوت الدعاء في هذه الدقائق الذهبية كثير من المسلمين ممن يؤدون الصلوات الخمس جماعة في المسجد , وذلك لتأخرهم عن المجيء إلى المسجد لحضور الجماعة حتى يقيم المؤدن الصلاة , وهو ما يحرمهم من كنز ثمين لم يقدروه حق قدره .

بل قد يغفل عن هذه الدقائق التي أكد النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم أن الدعاء فيها لا يرد كثير ممن يجلسون في المسجد ينتظرون الصلاة , إما لانشغالهم بخير آخر كتلاوة القرآن مثلا , أو بالدنيا وزخرفها التي أضحت تدخل حتى إلى مساجد المسلمين وصلاتهم وعباداتهم .

أما من انشغل بتلاوة القرآن أو ماشابه عن الدعاء في هذه الدقائق , فهو وإن كان على خير فإن الدعاء أفضل كما قال العلماء , نظرا لورود النص باغتنام هذه الدقائق بالدعاء , في الوقت الذي يمكنه تلاوة القرآن الكريم في كل وقت , قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله : كثير من الناس يهملون الدعاء بين الأذان والإقامة ويشتغلون بتلاوة القرآن , تلاوة القرآن لا شك أنها عمل جليل , ولكن تلاوة القرآن لها وقت آخر , كونك تستغل هذا الوقت بالدعاء والذكر أفضل , لأن الدعاء المقيد في وقته أفضل من الدعاء المطلق , وتلاوة القرآن مطلقة في كل وقت وهذا الوقت مخصص للدعاء  ، وأما من انشغل في هذه الدقائق المباركة بأمور الدنيا كتصفح المحمول أو ما شابه فقد فوت على نفسه خيرا كثيرا , ناهيك عن تفويته للمقصود من تخصيص هذه الدقائق بالعبادة والطاعة , والابتعاد عن مشاغل الدنيا وملهياتها , وتفريغ القلب للإقبال على الله تعالى .

إن من يدقق في الغاية الكبرى من العبادات سواء كانت فرائض أو سنن أو نوافل , لا يشك

لحظة بأنها للتأكيد على العبودية لله تعالى وحده

والخضوع له سبحانه , ولعل الدعاء النموذج الأمثل للتعبير عن هذه العبودية والخضوع , ومن هنا كان اهتمام دين الله الخاتم بهذه العبادة التي قد يغفل عنها بعض الناس , فينغمسون في أداء مظاهر العبادة وشكلها – مع التأكيد على أهمية ذلك – دون أن ينفذوا إلى جوهرها ولبها المتمثل باستشعار العبودية المطلقة لله أثناء أدائها .

إن اغتنام المسلم لهذه الدقائق المباركة في هذا الوقت العصيب الذي تمر به الأمة عموما من الضرورة بمكان , فإذا كانت حاجات المسلم وافتقاره إلى الدعاء وطلب رحمة الله وفضله في زمن الرخاء والأمن والسعة كثيرة ولا يمكن أن تعد أو تحصى , فإنها في زمن الشدة والخوف والضيق والمحن والنوازل التي ألمت بالأمة أولى وأكثر ضرورة وإلحاحا . فهلا اغتنم المسلم هذه الدقائق الذهبية بحق بالدعاء لنفسه وأهل بيته وأمته . [الأنترنت – موقع المسلم- د. عامر الهوشان]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة الثالثة بعدالمئة في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان : أسرار الشفاء بالدعاء النبوي

طريقة جديدة في الشفاء، ألا وهي العلاج بالدعاء

النبوي للأمراض النفسية والجسدية بل والاقتصادية.

 لماذا كان النبي يدعو ربه وقد غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟

لقد كان النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم كثير الدعاء حتى لا تمر لحظة إلا ويدعو ربه، والحقيقة إن الذي يتعمق في حياة المصطفى عليه الصلاة والسلام يلاحظ أشياء عجيبة. فقد كان أكثر دعائه: (اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك) هذا هو حال خير البشر وأعظم الخلق، يطلب من ربه أن ينجيه من عذاب يوم القيامة!!!

   هذا الدعاء يا أحبتي ليس مجرد كلمات، بل له معاني

 كثيرة، وكأن الرسول يذكر نفسه في كل لحظة بيوم القيامة وعذاب الله، كأنه يشاهد الجنة والنار في كل لحظة، فيستعيذ بالله من شرجهنم ويسأل الله الجنة، وكأنه أيضاً يطلب من ربه أن ينجيه من أي نوع من أنواع العذاب ، ونتساءل: هل المرض نوع من أنواع العذاب؟

هنالك دعاء عظيم يسبب لك السعادة المطلقة في الدنيا والآخرة، ويصرف عذاب المرض في الدنيا والآخرة، وهو: (اللهم إني أسألك العافية والمعافاة الدائمة في الدنيا والآخرة) فإذا دعوت بهذا الدعاء كل يوم فإن النبي الكريم يقول لك: فإذا أُعطيتَ العافية في الدنيا وأُعطيتَها في الآخرة فقد أفلحتَ [رواه الترمذي]!!

فهذا دعاء عظيم من أجل صرف الأمراض وإبعادها والتمتع بالعافية، وقد جرَّبتُ هذا الدعاء حيث أدعو به كل يوم مراراً وتكراراً ووجدتُ أن الحالة النفسية والصحية تتحسن بشكل كبير. ولذلك أنصح كل أخ وأخت أن يدعو بهذا الدعاء ويكرره لما له من تأثير مذهل على صحة الإنسان.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة الرابعة بعدالمئة في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان :   

علاج المشاكل الصحية والاقتصادية بالدعاء

كلمات قليلة كان يقول عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإن هؤلاء تجمع لك خير الدنيا والآخرة، فما هي هذه الكلمات؟ إنها: (اللهم اغفر لي، وارحمني، واهدني، وعافني، وارزقني) [رواه مسلم]. انظروا معي كم تحوي هذه الكلمات من فوائد:

1-      المغفرة: وهذه أول خطوة قبل استجابة الدعاء،

لأن الله تعالى يريد أن تصلح العلاقة معه عز وجل، وتتوب إليه وترجع عن ذنوبك ليغفر لك أولاً ثم تبدأ الخطوة الثانية.

2-      الرحمة: وهي أعظم نعمة يمن الله بها علينا أن يرحمنا في حياتنا وفي أولادنا، فيصرف عنا الأوبئة والأمراض، ويسخر لنا الخيرات، وأهم شيء ألا يعذبنا في الدنيا والآخرة.           

3- الهداية: هل هناك أجمل من أن يهديك الله في كل شأنك؟ فإذا درست مادة لتنجح فيها سخر لك الله أسباب الهداية للنجاح، وإذا زرت طبيباً للعلاج سخر الله لك الطبيب المناسب وهداك للدواء المناسب للشفاء، وإذا خطبت امرأة هيَّأ الله لك أسباب الهداية إلى زوجة صالحة تعينك على خيري الدنيا والآخرة...وهكذا الهداية في تجارتك وفي تعاملك وفي مشاكلك يهديك الله للحل المناسب

4- العافية: وهي أن يعافيك الله في بدنك وفي صحتك وفي عقلك وفي حالتك النفسية وفي أفكارك فلا يتدخل فيها الشيطان، ويعافيك من كل شر من المحتمل أن يصيبك، ويعافيك من شر الحوادث والأضرار وغير ذلك، وكل هذا ببركة هذا الدعاء.

5- الرزق: أن يرزقك الله من حيث لا تحتسب، فيسخر الله لك أسباب الرزق وأسباب المعيشة  الطيبة، ويسخر لك المال الحلال، ويهيء لك المنزل المبارك ويرزقك أولاداً صالحين، ويرزقك زوجة صالحة تكون سبباً في دخولك الجنة إن شاء الله.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة الخامسة بعدالمئة في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان :  العلاج بالدعاء 

*علاج الإحباط والاكتئاب بدعاء واحد

يؤكد علماء النفس والأطباء أن معظم الأمراض

 النفسية وحالات الانتحار وأمراض الاكتئاب والإحباط خصوصاً إنما تعود أسبابها لشيء واحد وهو عدم الرضا عن الواقع والظروف المحيطة وعدم الرضا عن النفس. والعلاج سهل يا أحبتي، فقد علمنا النبي الكريم دعاءً عظيماً، ألا وهو: (رضيت بالله تعالى رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيّاً) [رواه أحمد].       

فمن قال هذا الدعاء ثلاثاً حين يصبح وثلاثاً حين يمسي كان حقاً على الله أن يرضيه يوم القيامة!! يا لها من كلمات قليلة ولكن نتيجتها كبيرة جداً، ألا تحب أخي القارئ أن يرضيك الله يوم القيامة؟

*العلاج الوقائي لكل شر بالدعاء

  هذا الدعاء هو: (بسم الله الذي لا يضرّ مع اسمه شيءٌ في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) [رواه ابن ماجة]. وكان النبي الكريم يقول عن هذا الدعاء: من قاله ثلاثاً إذا أصبح وثلاثاً إذا أمسى لم يضره شيء!!  من هنا نؤكد أن هذا الدعاء مناسب جداً فلا نتركه أبداً، فإذا كان حبيب الله وهو الذي يعيش في رعاية الله وحفظه والله قد عصمه وأيده بنصره والملائكة تحفُّه والله معه في كل لحظة وعلى الرغم من ذلك كان لا يترك هذا الدعاء، فما بالنا نحن؟

*علاج الهم والحزن والضيق بالدعاء

لقد كان الرسول الأعظم يدعو بالقرآن، ففي كتاب الله تعالى آيات محددة لأمراض محددة، ومن بين هذه الآيات آية عظيمة لا زال النبي الكريم يرددها كلما تعرض لأي همّ أو كرب أو ضيق، وكان يقول عنها: من قالها حين يصبح وحين يمسي سبع مرات، كفاه الله ما أهمّه من أمر الدنيا والآخرة، إنها: (حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلتُ وهو ربُّ العرش العظيم) [التوبة: 129].

فأنت عندما تدعو بهذه الآية إنما تعطي معلومة أو أمراً لدماغك أن يلجأ إلى الله فهو يكفيه، وكأن هذه الآية تذكرك بأن همومك مهما كانت عظيمة فالله أعظم (وهو ربُّ العرش العظيم) ومهما تعرضت لمشاكل ومواقف صعبة في حياتك، فإن الله يكفيك هذه الهموم فهو حسبك أي يكفيك لا حاجة لتلجأ معه إلى أي مخلوق: (حسبي الله) أي: الله يكفيني، أخي القارئ جرِّب هذا الدعاء سبع مرات صباحاً ومساءً، وانظر كيف ستتغير الأمور إن شاء الله.

*علاج المشاكل الاقتصادية بالدعاء

وهذا دعاء عظيم إذا حفظته وكررته باستمرار وبأي عدد تشاء فإن الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام يؤكد لك أنه: لو كان عليك مثل جبل ديناً أدّاه الله عنك!!!! والدعاء هو: (اللهم اكفِني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمَّن سواك)، فما أحوجنا لمثل هذا الدعاء وبخاصة في عصرنا هذا، حيث الغلاء وارتفاع الأسعار وقلة الأموال، إن هذا الدعاء سييسر لك الرزق الحلال وهذا أهم شيء، فما فائدة الأموال إذا كانت تجلب علينا غضب الله؟

لذلك انظروا معي كيف ركَّز النبي في دعائه أول شيء على الحلال: (اللهم اكفِني بحلالك) ثم على الغنى (وأغنني بفضلك) فكأنما يريد أن يبث لك رسالة: إذا كنتَ تأكل مالاً حراماً فأسرع وابتعد عنه والجأ إلى الله ليرزقك الرزق الحلال، فمتى أصبح رزقك حلالاً أغناك الله من فضله.   الأدعية النبوية كثيرة، وقد ثبت أنها تشفي بإذن الله، ومن أهم الأدعية: (اللهم أذهب الباس، رب الناس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً)، وتكرره ثلاث مرات. وتضع يدك على مكان الألم وتقول: (بسم الله) 3 مرات ثم تقول: (أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذِر) تكررها 7 مرات. [الأنترنت – موقع الكلم الطيب ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة السادسة بعدالمئة في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان : 

*أربع وعشرون وسيلة لتكون مستجاب الدعوة

1- أخلص لله في دعائك ولا تدعو إلا الله سبحانه

، فإن الدعاء عبادة من العبادات، بل هو من أشرف الطاعات وأفضلِ القربات، ولا يقبل الله من ذلك إلا ما كان خالصا لوجهه الكريم، قال الله تعالى: (وَأَنَّ ٱلْمَسَـٰجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُواْ مَعَ ٱللَّهِ أَحَداً) الجن:18 ، وقال تعالى: (فَٱدْعُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدّينَ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَـٰفِرُونَ) غافر: 14 ، و عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله) [رواه أحمد (1/293، 307)، والترمذي (2511)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (7957)]

2- إصبر ولا تستعجل الإجابة :فإن نفذ صبرك فأنت الخاسر .. أسأت الادب مع الله ، فصرت احد رجلين : إما منان وإما بخيل ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي) [رواه البخاري في الدعوات (6340)، ومسلم في الذكر والدعاء (2735)]. وعنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: (لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل). قيل: يا رسول الله، ما الاستعجال؟ قال: ((يقول: قد دعوت ، وقد دعوت، فلم أر يستجيب لي، فيستحسر عند ذلك، ويدع الدعاء) رواه مسلم في الذكر والدعاء (2735).

وقال ابن القيم: "ومن الآفات التي تمنع أثر الدعاء أن يتعجل العبد ويستبطئ الإجابة فيستحسر ويَدَعَ الدعاء، وهو بمنزلة من بذر بذراً أو غرس غرساً فجعل يتعاهده ويسقيه،فلما استبطأ كماله وإدراكه تركه

 وأهمله" [الجواب الكافي (ص 10)]

3- تب الى الله من كل المعاصي وأعلن الرجوع الى الله تعالى ، فإن اكثر اولئك الذي يشكون من عدم اجابة الدعاء آفتهم المعاصي فهي خلْفُ كل مصيبة .

قال عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) : بالورع عما حرم الله يقبل الله الدعاء والتسبيح ،               قال بعض السلف : لا تستبطئ الاجابة وقد سددت طرقها بالمعاصي

3-      إحرص على اللقمة الحلال : فلا تدخل بطنك حراما …. فإنه إذا اتصف العبد بذلك لمس اثر الاجابة في دعائة ووجد اثارا طيبة لذلك …

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

(أيها الناس إن الله طيب لا يقبل الا طيبا وان الله امر المؤمنين بما أمر به المرسلين ، فقال : ( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا اني بما تعملون عليم ) المؤمنون : 51 وقال : ( يا أيها الذين أمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم ) البقرة : 172 .

ثم ذكر الرجل يطيل السفر ، أشعث اغبر يمد يديه الى السماء يارب يارب ومطعمه حرام ! ومشربه حرام ! وملبسه حرام ! وغذي بالحرام ! فأنى يستجاب لذلك ؟ ! ) رواه مسلم والترمذي

فهذا سعد بن أبي وقاص ( رضي الله عنه ) اشتهر

 بإجابة الدعاء … فكان إذا دعا ارتفع دعاؤه واخترق الحجب فلا يرجع إلا بتحقيق المطلوب ! .

يقول : ما رفعت الى فمي لقمة إلا وأنا عالم من اين مجيئها ؟ ! ومن أين خرجت . ذاك هو سر استجابة الدعاء ..اللقمة الحلال

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة السابعة بعدالمئة في موضوع ( المجيب) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :     *أربع وعشرون وسيلة لتكون مستجاب الدعوة 

5- أحسن الظن بالله تعالى، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، فإن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه) أخرجه الترمذي (3479 )وحسنه الألباني في صحيح الجامع (245 ، وعنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: (يقول الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حيث يذكرني)) رواه البخاري (7405)، ومسلم (2675) ، فلا يمنعنك أخي من الدعاء ما تعلم من نفسك فقد أجاب الله دعاء شر الخلق ابليس وهو شر منك .

6- إحضر قلبك مع الدعاء ، وتدبر معاني ما تقول، لقوله صلى الله عليه وسلم فيما تقدم: (واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه).

7- لا تعتدي في الدعاء، والاعتداء هو كل سؤال يناقض حكمة الله، أو يتضمن مناقضة شرعه وأمره، أو يتضمن خلاف ما أخبر به، قال الله تعالى: { ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ } الأعراف:55،  فمن ذلك:

-أن تسأل الله تعالى ما لا يليق بك من منازل الأنبياء ،أو تتنطع في السؤال بذكر تفاصيل يغني عنها العموم ،أوتسأل ما لا يجوزلك سؤاله من الإعانة على المحرمات ،أو تسأل ما لا يفعله الله، مثل أن تسأله تخليدك إلى يوم القيامة، أو ترفع صوتك بالدعاء الى غير ذلك .

8- مُر بالمعروف وانهى عن المنكر، فعن حذيفة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه، فتدعونه فلا يستجاب لكم)  [رواه الترمذي في الفتن (2169) وحسنه، وأحمد (5/288)،]

9- اذا دعوت الله تعالى فلتبدأ أولا : بحمده والثناء

 عليه تبارك وتعالى ثم بعدها : بالصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم .. ثم ابدأ بعد ذلك في دعائك ومسألتك .

10- استقبل القبلة، واختر أحسن الألفاظ وأنبلها وأجمعها للمعاني وأبينها، ولا أحسن مما ورد في الكتاب والسنة الصحيحة، لأنها أكثر بركة، ولأنها جامعة للخير كله.                          

 11- أدع الله دعاء الراغب الراهب المستكين .. الخاضع .. المتذلل الفقير الى ما عند ربه تبارك وتعالى . أدع بلسان الذلةوالافتقارلابلسان الفصاحة والانطلاق

قال ابن القيم رحمه الله: إذا اجتمع عليه قلبه وصدقت

  ضرورته وفاقته وقوي رجاؤه فلا يكاد يرد دعاؤه" ،وقال ابن عطاء " تحقق بأوصافك يمدك بأوصافه ، تحقق بذلِك يمدك بعزه ، تحقق بعجزك يمدك بقدرته ، تحقق بضعفك يمدك بقوته ".

12- ترصد لدعائك الأوقات الشريفة وتخيّر وقت الطلب : كعشية عرفة من السنة، ورمضان من الأشهر، وخاصة العشر الأواخر منه، وبالأخص ليلة القدر، ويوم الجمعة من الأسبوع، ووقت السحر من ساعات الليل، وبين الأذان والإقامة ،وعند سماع صوت الديك ،وعند التحام الصفوف في القتال ، وعند نزول الغيث .                                  إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة الثامنة بعدالمئة في موضوع ( المجيب) وستكون إستكمالا للماضيتين والتي هي بعنوان :     *أربع وعشرون وسيلة لتكون مستجاب الدعوة 

13- إغتنم الحالات الفاضلة: كالسجود، ودبر الصلوات، والصيام، وعند اللقاء، وعند نزول الغيث.

14- إستغلَّ حالات الضرورة والانكسار، وساعات الضيق والشدة: كالسفر، والمرض، وكونك مظلوما.

15- إرفع يديك وابسط كفيك، فعن أبي موسى رضي الله عنه قال: (دعا النبي صلى الله عليه وسلم ثم رفع يديه، ورأيت بياض إبطيه) [أخرجه البخاري في المغازي (4323)، ومسلم في فضائل الصحابة (2498)، ] وعن سلمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله حي كريم، يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفراً خائبتين)) [ صححه الألباني في صحيح الجامع (1757).]

16- قدِم بين يدي دعائك عملا صالحا كصلاة او صيام او صدقة … الا ترى اخي ان الدعاء بعد الصلوات ارجي للاجابة . لانه وقع بعد عمل صالح ، فالدعاء يرفعه العمل الصالح ، فجرب اخي أن تدعو عقب دمعة من خشية الله ، أو حاجة مسلم قضيتها ، أو صدقة في ظلام الليل بذلتها ، أو جرعة غيظ تحمّلتها ما انفذتها وسترى سرعة الإجابة .

17- إخفض صوتك في دعائك …. فان الداعي مناج لربه تبارك وتعالى ، والله تعالى يعلم السر واخفي .

18- أدع الله بأسمائه الحسنى لأنها حسنة في الأسماع والقلوب ، وهي تدل على توحيده وكرمه وجوده ورحمته وافضاله ، (لله الأسماء الحسنى فادعوه بها ) الأعراف : 180.

19- توسل الى الله بأعمالك الصالحة التي وفقك الله إليها .. فالعمل الصالح نعم الشفيع لصاحبة في الدنيا والآخرة اذا كان صاحبة مخلصا فيه .

20- كن عبداً ملحاحاً علي ربك سبحانه بتكرير ذكر ربوبيته، وهو أعظم ما يطلب به إجابة الدعاء، فإن الإلحاح يدل على صدق الرغبة، والله تعالى يحب الملحين في الدعاء، وأعلم أن من يكثر قرع الباب يوشك أن يفتح له .

21- إجزم في دعائك وأعزم في المسألة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا دعا أحدكم فلا يقل: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، ولكن ليعزم المسألة، وليعظم الرغبة، فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه) [رواه البخاري في الدعوات: (6339)، ومسلم في الذكر والدعاء: باب العزم بالدعاء (2679) واللفظ له]

22- إبدأ بنفسك، ثم ادعو لإخوانك المسلمين،

و خُص الوالدين، وأهل الفضل من العلماء والصالحين

، ومن في صلاحه صلاح المسلمين.

23- اشهد مجالس الذكر : فالله يستجيب دعاء من يشهدون مجالس الذكر ويغفر لهم ببركة جلوسهم فيقول : "أشهدكم يا ملائكتي اني قد غفرت لهم " ، فيقول ملك من الملائكة :فيهم فلان ليس منهم وانما جاء لحاجة  "فيقول :هم القوم لا يشقى بهم جليسهم " رواه الشيخان واحمد عن ابي هريرة                                                                                   24- كن من هؤلاء : فالله يستجيب للمضطر إذا دعاه ،وللمظلوم ولو كان فاجراً أو كافراً،ولمن يدعولأخيه بظهر الغيب وللوالدين على ولدهما وللإمام العادل وللمسافر حتى يرجع وللمريض

حتى يبرأ ،وللصائم حتى يفطر ،فإذا استطعت أن تكون واحداً من هؤلاء فافعل .             أخيراً : أخي لا تظن أن دعواتك تخيب فإن لم ترى جواباً.. فربما لم يجبك ،لانه قد دفع عنك من البلاء مالا تعرف . وربما لم يجبك لعلمه أن كف حسناتك لت ترجح يوم القيامة إلا بتأخير هذه الدعوات الى يوم القيامة .

وربما لم يجبك لعلمه أن ما طلبت شر لك ،فالمال الذي طلبت ربما أطغاك وأفسدك ، وإن كان ولداً ربما كبر فعقك وأجهدك ،وإن كان عملاً ربما فتح لك بابا من الحرام فكم من محبوب في مكروه وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وانتم لاتعلمون ،وربما لم يجبك لأنك أدخلت الحرام في رزقك ، أو أسكنت شهوة في قلبك. ، وربما ما أجابك لانه يريد أن يسمع الحاحك وانينك في الاسحار وفي جوف الليل ، [ الأنترنت- موقع 24وسيلة لتكون مستجاب الدعوة ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة التاسعة بعدالمئة في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان : من فوائد إخفاء الدعاء  :

1- أنه أعظم إيمانا لأن صاحبه يعلم أن الله يسمع الدعاء الخفي.

2- أنه أعظم في الأدب والتعظيم لأن الملوك لا ترفع الأصوات عندهم ومن رفع صوته لديهم مقتوه ولله المثل الأعلى فإذا كان يسمع الدعاء الخفي فلا يليق بالأديب بين يديه إلا خفض الصوت له.

3-أنه أبلغ في التضرع والخشوع الذي هو روح الدعاء

 ولبه ومقصوده فإن الخاشع الذليل إنما يسأل مسألة مسكين ذليل قد انكسر قلبه وذلت جوارحه وخشع صوته حتى أنه ليكاد تبلغ ذلته وسكينته وضراعته إلى أن ينكسر لسانه فلا يطاوعه بالنطق وقلبه يسأل طالبا مبتهلاولسانه لشدة ذلته ساكتا وهذه الحال لا تأتى مع رفع الصوت بالدعاء أصلا.

4- أنه أبلغ في الإخلاص.

5- أنه أبلغ في جمعية القلب على الذلة في الدعاء فإن رفع الصوت يفرقه فكلما خفض صوته كان أبلغ في تجريد همته وقصده للمدعو سبحانه.

6- أنه دال على إعتقاد قرب الداعي من المدعو لا مسألة نداء البعيد للبعيد ولهذا أثنى الله على عبده زكريا بقوله عز وجل: " إذ نادى ربه نداء خفيا "

7- أنه ادعى إلى دوام الطلب والسؤال فإن اللسان لا يمل والجوارح لا تتعب بخلاف ما إذا رفع صوته فإنه قد يمل اللسان وتضعف قواه وهذا نظير من يقرأ ويكرر فإذا رفع صوته فإنه لا يطول له بخلاف من خفض صوته.

8- أن إخفاء الدعاء أبعد له من القواطع والمشوشات ، فإن الداعي إذا أخفى دعاءه لم يدر به أحد فلا يحصل على هذا تشويش ولا غيره وإذا جهر به فرطت له الأرواح البشرية ولا بد ومانعته وعارضته ولو لم يكن إلا أن تعلقها به يفزع عليه همته فيضعف أثر الدعاء ومن له تجربة يعرف هذا فإذا أسر الدعاء أمن هذه المفسدة.

9- أن أعظم النعمة الإقبال والتعبد ولكل نعمة حاسد على قدرها دقت أو جلت ولا نعمة أعظم من هذه النعمة فإن أنفس الحاسدين متعلقة بها وليس للمحسود أسلم من إخفاء نعمته عن الحاسد

10- أن الدعاء هو ذكر للمدعو سبحانه وتعالى متضمن للطلب والثناء عليه بأوصافه وأسمائه فهو ذكر وزيادة كما أن الذكر سمي دعاء لتضمنه للطلب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " أفضل الدعاء الحمد لله " فسمى الحمد لله دعاء وهو ثناء محض لأن الحمد متضمن الحب والثناء والحب أعلى أنواع الطلب فالحامد طالب للمحبوب فهو أحق أن يسمى داعيا من السائل الطالب فنفس الحمد والثناء متضمن لأعظم الطلب فهو دعاء حقيقة بل أحق أن يسمى دعاء من غيره من أنواع الطلب الذي هو دونه.[المصدر: مجموع الفتاوى 15/ 16-18 - الأنترنت – موقع  ملتقى أهل الحديث - سلمان الخوير-  من كلام ابن تيمية]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة العاشرة بعدالمئة في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان :    

*فقه الدعاء وفقه الإجابة : هناك عدة مسائل :

المسألة الأولي :ما سبب تأخر الاجابه؟

تقدمت الإجابة في عدة حلقات

المسألة الثانية: من عجلت له دعوته في الدنيا هل ينقص ذلك من أجره في ألآخرة؟

الجواب : هناك قولان:

الأول : قالوا لا ؛بدليل أن النبي صلي الله عليه وسلم

 شرح الله له صدره ورفع له ذكره وفتحت له الأمصار ثم هو يوم القيامة سيد ولد ادم ,سيدنا عيسي كان وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين, سيدنا يوسف أتاه الله من الملك وعلمه من تأويل الأحاديث ثم هو يوم القيامة في الدرجات العلى والنعيم المقيم0

معني ذلك أنه لا مانع أن الله يجمع الخير في الدنيا والآخرة  حتى لا يقتصر الإنسان في الدعاء على خير الدنيا بل يسأل من خيري الدنياوالآخرة ؛ بل إن أكثر دعاء النبي صلي الله عليه وسلم كان (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ) وكان يختم بها جلوسه في المجالس وكان يختم بها صلاته 0

والثاني : قالوا أنه يوجد كلام غير هذا أن النبي صلي الله عليه وسلم قال إن لكل نبي دعوه فتعجل كل نبي دعوته وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة وردوا على ذلك إن هذه الدعوة مخصوصة للأنبياء والنبي صلي الله عليه وسلم أعظم الأنبياء ومع ذلك كان أفضلهم عملا0

 سيدنا سعد ابن أبي وقاص كان مجاب الدعوة والأثر في مستدرك الحاكم من حديث سعد أن رجلا نال من علي فدعا عليه سعد فجاءته ناقة فقتلته فاعتق سعد نسمة قال والله ما أدعو علي احد بعد ذلك والحكمة هنا أنه رأي أن العفو أعلى ,قال سيدنا عمر للنبي صلي الله عليه وسلم أدعو الله أن يوسع على أمتك فإن فارس والروم قد وسع الله عليهم وهم لا يعبدون الله فجلس النبي صلي الله عليه وسلم وكان متكئ وقال ( أوَفي هذا أنت يابن الخطاب إن هؤلاء قوم قد عجلت طيباتهم في الحياة الدنيا ),وقال النبي صلي الله عليه وسلم للمرأة السوداء إن شئت دعوت الله لكِ وإن شئتِ صبرتِ ولك الجنة وليس معني ذلك أنها إذا دعا النبي لها منعت الخير في الآخرة ولكن هذا ينقص من درجاتها في الجنة 0

المسألة الثالثة :يستحب لإجابة الدعاء طلب الدعاء من أهل الطاعة

أخبر النبي صلي الله عليه وسلم أن رجلا يأتي عليكم

 من أهل اليمن "وهذا من معجزات النبي صلي الله عليه وسلم" اسمه أويس ابن عامر ووصفه لهم وقال وله والدة من بره بها انه لو أقسم علي الله لأبره فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل ) فلما فتح الله سبحانه وتعالي على المسلمين في عهد سيدنا عمر  وأقبل وفد اليمن تفقده عمر قال لهم : أفيكم أويس ابن عامر ؟أفيكم أويس ابن عامر ؟حتى أتي على أويس وقال له : أنت اويس ابن عامر قال من مراد ؟قال : نعم قال : ثم من قرن ؟قال : نعم قال : وكان بك برص فبرأت منه إلا موضع درهم؟قال : نعم قال : لك والدة؟  قال : نعم،ثم قال له الحديث،ثم قال له : فاستغفر لي؟  فاستغفر له ثم قال له عمر : أين تريد ؟ فقال : الكوفة قال : ألا اكتب لك إلي عاملها ؟ قال : أكون في غبراء الناس أحب إلي ) فالشاهد من هذه الواقعة أن سيدنا عمر طلب منه الاستغفار 0

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة الحاديةعشرة بعدالمئة في موضوع ( المجيب) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :    

*فقه الدعاء وفقه الإجابة : هناك عدة مسائل :

المسألة الرابعة : المنازعة في الدعاء قال العلماء : يكره لغيره أن يسأل ربه نفس السؤال قالوا:

1- أن فيه معني الإيثار"ويؤثرون علي أنفسهم ولو كان بهم خصاصة"

2- أن النبي صلي الله عليه وسلم لما صلى وعرض له الشيطان فقال النبي إن الشيطان عرض لي فشد على ليقطع الصلاة على فأمكنني الله منه فهممت أن أوثقه إلي سارية حتى تصبحوا فتنظروا إليه فذكرت قول سليمان "ربي اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي"فرده الله خاسئا فلا ينبغي أن تدعو بذلك

3- أن يكون بها حسد

المسألة الخامسة:هل تُعلق الدعاء أو تَعزم فيه؟

بهذا وذاك أتت السنة ولكن أكثر الدعاء الوارد في الكتاب والسنة علي الجزم قال سيدنا إبراهيم "وارزق أهله من الثمرات" سيدنا عيسي "وارزقنا وأنت خير الرازقين"سيدنا سليمان "ربي اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي"

النبي صلي الله عليه وسلم في دعائه قال"اللهم ارزقني الهدى والتقى والعفاف والغنى"إلي آخر هذه الدعوات

وقال أيضا "إذا دعا أحدكم فليعزم في المسألة ولا يقول اللهم إن شئت فاعطني فانه لا مستكره له"

ولكن هناك موطنان يجوز أن يقول العبد إن شئت

في الاستخارة, إن خشي علة نفسه الفتنة فيقول أحيني ما علمت أن الحياة خيرا لي وتوفني ما علمت الوفاة خيرا لي

المسألة السادسة : الدعاء ساعة الغضب هل يجوز أن يرجع الإنسان فيه؟

قالوا : نعم في غير ما موضع ورد رجوع الأنبياء عن دعائهم مثلا سيدنا نوح قال "ربي إن ابني من أهلي وان وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألني ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين قال ربي إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلم تغفر

لي وترحمني أكن من الخاسرين"

سيدنا إبراهيم سال المغفرة لأبيه قال {واغفر لأبي انه كان من الضالين} فقال الله "وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له انه عدو لله تبرا منه إن إبراهيم لأواه حليم}

سيدنا موسي قال {ربي إرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن أنظر إلي الجبل فان استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلي ربه للجبل جعله دكا وخر موسي صعقا فلما أفاق قال تبت إليك وأنا أول المؤمنين }

هل يجوز الاستدراك في الدعاء؟                    نعم ورد ذلك مثلا دعا شخص بدعوة ثم صححت أنت

 له هذه الدعوة نعم ورد ذلك في قصة الغلام الذي تكلم في المهد عن النبي صلي الله عليه وسلم قال:لم يتكلم في المهد إلا ثلاث وذكر الحديث وفيه (وبينما صبي يرضع من أمه فمر رجل راكب علي دابة فارهه فقالت أمه اللهم اجعل ابني مثل هذا فترك الثدي واقبل إليه فنظر إليه وقال اللهم لا تجعلني مثله ثم اقبل إلي ثدي أمه فجعل يرضع قال وكأني أنظر إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو يحكي ارتضاعه إصبعه في فمه فجعل يمص قال ومروا بجارية وهم يضربونها ويقولون :  زنت سرقت وهي تقول حسبي الله ونعم الوكيل فقالت أمه اللهم لا تجعل ابني مثلها فترك الرضيع الثدي ونظر إليها وقال اللهم اجعلني مثلها فقال النبي صلي الله عليه وسلم وهنا تراجعت الحديث وقالت حلقي مر رجل حسن الهيئة فقلت اللهم اجعل ابني مثله فقلت اللهم لا تجعلني مثله ومروا بهذه الامة وهم يقولون زنت سرقت فقلت اللهم لا تجعل ابني مثلها فقلت اللهم اجعلني مثلها فقال الغلام الصغير وهو في المهد إن هذا الرجل كان جبار فقلت اللهم لا تجعلني مثله وإن هذه الامة يقولون لها زنت ولم تزن وسرقت ولم تسرق فقلت اللهم اجعلني مثلها "الشاهد أن الغلام استدرك علي أمه فيجوز الاستدراك على الدعاء [الأنترنت – موقع اسم الله المجيب- أميرة تامر]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة الثانية عشرة بعدالمئة في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان :    

اقتران اسم الله القريب باسمه المجيب..

قرن الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم بين اسمه القريب واسمه المجيب في مواضع، ولهذا الاقتران حكم وأسرار نعرضها في السطور التالية:

اقترانهما في القرآن: قال تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ) (البقرة: من الآية 186)، وقال تعالى على لسان صالح عليه السلام (إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ)(هود: من الآية 61) أي: قريب ممن دعاه دعاء مسألة، أو دعاء عبادة، يجيبه بإعطائه سؤله، وقبول عبادته، وإثابته عليها، أجل الثواب.

وقربه تعالى نوعان: عام، وخاص :

فالقرب العام: قربه بعلمه، من جميع الخلق، وهو المذكور في قوله تعالى: (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) (ق: من الآية 16).

والقرب الخاص: قربه من عابديه، وسائليه، ومحبيه

، وهو المذكور في قوله تعالى: (وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ ) (العلق: من الآية 19).

وهذا النوع، قرب يقتضي ألطافه تعالى، وإجابته

 لدعواتهم، وتحقيقه لمراداتهم ، والقرب هنا مستعار للرأفة والإكرام؛ لأن البعد يُستعَار للجفاء والإعراض.

وهنا تساؤل: لماذا قال لهم صالح عليه السلام: (إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ الآية)؟

لأنهم استعظموا أن يكون جرمهم مما يقبل الاستغفار عنه، فأجيبوا بأن الله قريب مجيب

اقترانهما في السنة:

عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ ، فَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالدُّعَاءِ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّكُمْ لاَ تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِبًا، إِنَّكُمْ تَدْعُونَ قَرِيبًا مُجِيبًا يَسْمَعُ دُعَاءَكُمْ وَيَسْتَجِيبُ"[ مسند الإمام أحمد: 4/ 403 قال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين ]

الهدايات المستنبطة من اقتران اسم الله القريب باسمه المجيب:

1- أن الله قريب من كل من أقبل إليه، مجيب لكل من ناداه.

2-على الدعاة إرشاد الناس إلى ربهم مهما فعلوا من جُرْم، فإنه قريب منهم إذا دعوه، مجيب لهم إذا سألوه، تواب لذنوبهم إذا تابوا ورجعوا إليه.

3- إخفاء الدعاء والإسرار به لله سبحانه وتعالى:

لأنه دال على قرب صاحبه من الله وأنه لاقترابه

منه وشدة حضوره يسأله مسألة أقرب شيء إليه؛ فيسأله مسألة

4- كلما استجاب المرء لأوامر الله ورسوله، أجاب الله نداءه إجابة تليق بجلاله وكرمه وجوده، كما قال تعالى: (وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ (75)) (الصافات)، أي كنا بما لنا من العظمة له ولغيره ممن كان نعم المجيبُ لنا، هذه صفتنا لا تَغير لها.

5- كلما تقرب العبد من الله بالطاعات المُرضية له المُفرحة له، تقرب الله من عبده تقربًا يليق بجلاله وعظمته، حتى تتحقق للعبد محبة الله سبحانه وتعالى، ويوفقه الله إلى كل ما يرضيه ويكون على مراده

6- الإكثار من الدعاء بـ"يا قريب يا مجيب": عن اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: رَأَيْتُ إِسْمَاعِيلَ بْنَ عُقْبَةَ بَصِيرًا ثُمَّ رَأَيْتُهُ قَدْ عَمِيَ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ بَصِيرًا، فَقُلْتُ: أَلَيْسَ رَأَيْتُكَ بَصِيرًا، ثُمَّ عَمِيتَ، ثُمَّ أَبْصَرْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: وَبِمَ ذَاكَ؟ قَالَ: "رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ فَقِيلَ لِي قُلْ: يَا قَرِيبُ يَا مُجِيبُ، يَا سَمِيعَ الدُّعَاءِ، يَا لَطِيفُ لِمُا يَشَاءُ فَقُلْتُهَا فَرَدَّ اللهُ عَلَيَّ بَصَرِي"الأنترنت – موقع منتدى الدكتور ياسر عبد الله - بقلم: د. توفيق علي زبادي

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة الثالثةعشرة بعدالمئة في موضوع ( المجيب) وستكون بعنوان : اقرعوا باب السماء بالدعاء

الحمد لله ما خاب من دعاه ولا ندم من سأله ورجاه لا إله إلا هو يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف الكرب

عمن ناجاه ويسمع تضرع المظلوم وشكواه لا إله إلا هو لا يخفى عليه نداء المنكوب إذا ناداه أو من تحركت بالدعاء شفتاه. والصلاة والسلام على رسول الله محمد ابن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، ثم الوصية تقوى الله.

لا إله إلا الله ما قرعت أبواب السماء بمثل مفاتيح

الدعاء، لا إله إلا الله أجاب قوماً بنملة بعد أن رفعت يديها إلى السماء لما خرج سليمان يستسقي بالناس وفي طريقه للمصلى رأى نملة رفعت يديها تدعوا الذي يعطي ويمنع ويلطف ويغيث، قال سليمان أيها الناس عودوا فقد كفيتم بدعاء غيركم، فأخذ الغيث ينهمر، لا إله إلا الله إليه يصعد الكلم الطيب والدعاء الخالص والهاتف الصادق والدمع البريء، فهلا قرعنا بابه وهلا لذنا بجنابه ووقفنا بعتبات بابه.

يا أصحاب الحاجات؛ يا مَن تكالبت عليكُم الملمات، يا كل مكروب، يا كل مهموم، يا كل مظلوم، أليس فيكم عينٌ باكيةٌ وقلبٌ حزين؟ أليس منكم من الضعفاء المنكوبين؟ أليس منكم عزيزٌ قد ذل؟ وغني قد افتقر؟ وصحيح قد مرض؟ أنتم وأولئك إلى من تلجئون ومن تنادون ومن تشتكون؟ أيديكم إلى من تمدون؟ اقرعوا باب السماء وجدّوا في الدعاء، فالدعاء سلاح المؤمن وعماد الدين ونور السماوات والأرضين.            اقرعوا الباب وأكثروا القرع والإلحاح. واعلموا أن الله العفو أحب إليه من الانتقام والرحمة أحب إليه من العقوبة، سبقت رحمته غضبه، وحلمه عقوبته، الفضل أحب إليه من العدل، والعطاء أحب إليه من المنع، إذاً بادر أخي بقرع الباب وأنت الذليل الحقير واضرع إلى العلي الكبير تضرع الأسير بقلبٍ كبير.

لا إله إلا الله هو ناصر الضعيف ومفزع كل ملهوف، لا إله إلا الله من تكلم سمع نطقه ومن سكت علم سره ومن عاش فعليه رزقه ومن مات فإليه منقلبه، لا إله إلا الله إذا أراد شيئا قال له كن فيكون، ما بين طرفت عين وانتباهتها يغير الله من حال إلى حال. ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ﴾ [البقرة: 186] لا إله إلا الله قريب يسمع ويجيب، قريب عطائه ممنوح، وخيره يغدو ويروح وبابه مفتوح، حليم كريم صفوح، قريب فرجه في لمح البصر وغوثه في لفتتِ النظر، قريب جواد مجيد، لا ضد له ولا ند، أقرب للعبد والله من حبل الوريد، محمود ممدوح حميد، لا إله إلا الله دعا المذنبين للمتاب، وفتح للمستغفرين الباب، ورفع عن أهل الحاجات الحجاب فهلا قرعتم الباب وناديتم العزيز الوهاب كما دعاه عبده يونس ﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 87] أسمعوا الإجابة ﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾ فسبحان من سمعه من قعر البحار وهو على عرشه واحد قهار.

لا إله إلا الله ﴿ يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ﴾ [الرحمن: 29]

أين أنتم يا أهل الحاجات؟أين المرضى؟أين المديونون؟

 أين المستضعفون؟ لماذا طرقتم الأبواب كلها ونسي

 الكثير باب الله.

سبحانه، فلا إله إلا الله، وصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم قال في حديث أبن عمر(الدعاء ينفع ما نزل وما لم ينزل)، أين أنتم أيه المرضى؟ أين أنتم يا أهل الأسرة البيضاء يا من سهرت عيونكم من الأنين وتعبت  أجسامكم  وأجسادكم  من  البكاء  والآلام والحنين؟ هل يا ترى نسيتم باب الكريم الذي يسمع دعاء المريض؟

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه الحلقة الرابعةعشرة بعدالمئة في موضوع ( المجيب) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :     اقرعوا باب السماء بالدعاء

عباد الله: عليكم بالدعاء فهو من أنفع الأدوية، فالدعاء عدو البلاء يدافعه ويعالجه، أو يمنع نزوله ويرفعه أو يخففه إذا نزل، وهو سلاح المؤمن.

أخي عبد الله: أرفع أكفك إلى السماء وأقرع باب السماء بمفاتيح الدعاء، وقل (يا أرحم الراحمين)، لقد جاء في حديث أبي أمامة قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (إن لله ملك موكل يؤمن ويقول يا أرحم الراحمين، فمن قالها ثلاثاً قال الملك له إن أرحم الرحمين قد أقبل عليك فسأله). فمن الذي يفزع إليه المكروب ويستغيث به المنكوب، وتصمد إليه الكائنات، وتسأله المخلوقات، وتلهج بذكره الألسن، وتألهه القلوب؟ إنه الله الذي لا إله إلا الله هو أحسن الأسماء وأجمل الحروف وأصدق العبارات، وأثمن الكلمات.

وجاء عن الإمام محمد ابن المنكدر أنه قال: في ليلة من الليالي أستسقى أهل الحرم أي بالمدينة ولم يسقو يقول ذهبتُ إلى مسجد رسول الله أتعبدو في مكانٍ لي فقال بينما أنا جالس في منتصف الليل إذ دخل علي رجل لم أعرفه رجلٌ أسود تعلوه صفرة، عليه رداءٌ وإزار، وجلس يلتفت يمنةً ويسرة حتى اطمأن أن لا أحد في المسجد فرفع أكفه إلى السماء فقال: يا رب إن أهل الحرم قد أستسقوك ولم تسقهم، ثم اسمعوا ماذا قال قال: يارب اللهم إني أقسم عليك أن تنزل عليهم المطر، قال الأمام محمد قلت هذا مجنون كيف يجرأ يقسم على الله جل وعلا، قال أقسم عليك يا الله أن تنزل المطر، قال الإمام محمد والله ما تحرك من مكانه إلا وقد نزل المطر علينا، رُبَ أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبره.

وجاء في حديث عائشة أنها قالت (إن الله يحب الملحين في الدعاء)، ومن حديث أنس إن النبي - صلى الله عليه وسلم -قال: (لا تعجزوا في الدعاء فإنه لا يهلك مع الدعاء أحد).

لا إله إلا الله إذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت وضاقت عليك نفسك بما حملت فاهتف وقل يا الله.

ذُ كِر عن الحسنِ قال كان رجلٌ من أصحاب النبي من الأنصار يكنا بأبي معلق وكان تاجراً يتّجر بماله ومال غيره يضرب به في الآفاق وكان ناسكاً ورعا، فخرج مرةً فلقيه لصٌ مقنعٌ بالسلاح، قال له ذلك اللص ضع ما معك فإني قاتلك، قال ما تريد من دمي خذ المال، قال: أما المال فهو لي ولا أريد إلا دمك، قال إذاً أتركني أصلي أربع ركعات قال صلي ما بدالك يقول ثم صلى أربع ركعات فكان من دعائه في آخر سجوده أنه قال: (يا ودود يا ذي العرش المجيد يا فعالٌ لما تريد أسألك بعزك الذي لا يرام و بملكك الذي لا يظام وبنورك الذي ملأ أركان عرشك أن تكفيني شر هذا اللص، يا مغيث أغثني يا مغيث أغثني، فإذا هو بفارس قد أقبل بيده حربة قد وضعها بين أُذني فرسه فلما أبصر به اللص أقبل نحوه فطعنه فقتله، ثم أقبل إلي قال لي قم فيقول قمت فقلت من أنت بأبي وأمي فقد أغاثني الِله بك اليوم فقال: أنا ملك من أهل السماء الرابعة دعوت بدعائك الأول فسمعت لأبواب السماء قعقعه، ثم دعوت بدعائك الثاني فسمع لأهل السماء ضجة ثم دعوت بدعائك الثالث فقيل لي دعاء مكروب

 فسألت الله أن يوليني قتله).                      اسمعوا يا أهل الحاجات اسمع يا مكروب اسمع يامهموم

، اسمع يا مظلوم قال الحسن: فمن توضأ وصلى أربع ركعات ودعا بهذا الدعاء استجيب له مكروباً كان أو غير مكروب.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه  الحلقة  الخامسة عشرة بعد المئة في موضوع         ( المجيب) وستكون إستكمالا للماضيتين والتي هي بعنوان : اقرعوا باب السماء بالدعاء

  ليتنا عباد الله ندعوا الله كثيرا، ليت ضعفنا يتصل بقوته وفقرنا يتصل بغناه وعجزنا بقدرته، سبحان الله حق لنا والله أن ندعوه في الشدة والرخاء والسراء والضراء، ونفزع إليه  في  الملمات  ونتوسل  إليه  في الكربات، كل الحبال تتصرم إلا حبله، كل الأبواب توصد إلا بابه، يأمرك الله وأنت الضعيف المحتاج وهو

 الغني القوي الواحد الماجد، إذا نزلت بك النوازل

 وألمت بك الخطوط فألهج بذكره، واهتف باسمه، وأطلب مدده، وأسأله فتحه ونصره  ، مرغ الجبين لتقديس أسمه لتحصل على تاج الحرية، وأرغم الأنف في طين عبوديته لتحوز وسام النجاة، أصبر فإن مع العسر يسرا ومع الصبر نصرا وبعد الشدةِ رخاء وبعد الضراء سراء، إذا رأيت الحبل يشتد ويشتد فأعلم أنه سوف ينقطع، إذاً فلا تضيقوا ذرعاً فمن المحال دوام الحال، وأفضل العبادة إنتصار الفرج، والأيام دول والدهر متقلب والغيب مستور والحكيم كل يوم هو في شأن ولعل الله يحدث بعد ذلك أمرا، بشر المريض بعلاج سريعٍ بإذن الله، بشر المنكوب بلطفٍ خفي وكفٍ حانية وادعة، بشر الفقير بغنى والغائب بالقدوم والمتعب بالراحة والمسجون بالخروج، ولكلِ أمرٍ حد، والدهر مقبلٌ مدبر، والأيام آخذةٌ معطيه، ولكل نازلةٍ رحيل، ولكل صعوبة سهولة، ولكل داء دواء، حكمة نافذة وقدرة باهرة، فلا تجزع فإن مع العسر يسرا، ولا تيأس إن مع العسر يسرا ليس يسراً واحدا ولكن يسران، إذاً فاقرعوا باب السماء بالدعاء وادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (ادعوا الله وأنتم موقِنون بالإجابة)، وجاء من حديث جابر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُوصِي قبل وفاته بثلاث ليال يقول:(لا يموتاً أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله جل وعلى )، وعنه - صلى الله عليه وسلم - قال: إن الله عزوجل يقول:(أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حيث يذكرني). جاء في بعض الآثار أن رجل صلى على جنازة مع الناس في المسجد يقول ووقفت في الصف الأول لا أدري ماذا أقول في دعائي للميت، فلما كبرنا التكبيرة الأولى قرأة الفاتحة، وفي الثانية صليت على رسولِ الله، وفي الثالثة وقفت متحيراً لا أدري ماذا أقول، فنظرة تلقاء وجهي فرأيت الجنازة ممددة على النعش فقلت: يا رب لو أن هذا الميت ضيفي لأكرمته، وهو اليوم ضيفك وأنت أكرم الأكرمين، قيل فرأي الميت بعد زمان فقيل له ماذا صنع الله بك قال: إن الله غفر لي ورحمني وأدخلني الجنة بدعوة فلان ابن فلان.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه  الحلقة  السادسة عشرة بعد المئة في موضوع         ( المجيب) وستكون إستكمالا للماضيات والتي هي بعنوان : اقرعوا باب السماء بالدعاء

   اسمع يا من تراكمت عليك الديون، كم واحدٍ من المديونين عجز عن الوفاء، وكم يعيش من المعسرين وربي في شقاء، أسمعوا لهذا الحديث عن علي رضي الله عنه، أن مُكَاتباً جائهُ فقال إني عجزت عن كتابتي فأعني – أي عجزت عن سداد ديني فأعني - قال أولا أعلمك كلمات؛ أسمع أيها المديون كلمات علمني إياها رسول الله قال:(لو كان عليك مثل جبلٍ دينا أداه الله عنك، قال: قل اللهم أكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك)، وعن أبي سعيد الخدري قال دخل رسول الله المسجد فإذا هو برجل من الأنصار يقال له أبو أمامة فقال - صلى الله عليه وسلم -: (يا أبو أمامة مالي أراك جالس في غير وقت صلاة) فقال: يا رسول الله همومٌ لزمتني، وديونٌ أثقلتني، فقال له الرسول - صلى الله عليه وسلم - (أفلا أعلمك كلمات إذا قلتها أذهب الله عنك همك وقضى الله عنك دينك) قلت بلى يا رسول الله قال: (قل إذا أصبحت وإذا أمسيت اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل وغلبت الدين وقهر الرجال)، ففعلت ذلك فأذهب الله عني همي وقضى الله عني ديني. لا إله إلا الله يجيب من دعاه ويسمع من ناجاه، إذاً إرض بما عند الله في جميع ما يفعله بك، فإنه ما منعك إلا ليعطيك، ولا ابتلاك إلا ليعافيك، ولا أماتك إلا ليحييك، فإياك أن تفارق الرضى عنه في طرفت عين فتسقط من عينِ الله.

أيها المظلوم والمستضعف، يا من سرت دعوتك في

 آخر الليل وسالت دمعاتك على الخدين، إذا أنقطعت بك الأسباب وغُلقت في وجهك الأبواب إرفع أكفك إلى السماء وأقرع باب السماء وأبشر بالفرج، فعن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:( إن الله يستجيب دعوت المظلوم ولو كان فاجرا)، وقال ربك جل وعلا في الحديث القدسي (وعزتتي وجلالي لأنصرنكِ ولو بعد حين). أسمعت أيها الظالم؛ أسمعت أيها المظلوم؛ أسمعتم جميعا من الذي أقسم إنه الله عز وجل وقد أقسم بعزته وجلاله إنه لينصر دعوة المظلوم ولو بعد حين، فتذكر أيه الأخ إذا دعتك قدرتك على ظلم الناس فتذكر قدرت الله عليك قبل ظلم للناس.

   يا من تبحثون عن الوظيفة لماذا طرقتم الأبواب

كلها ونسي الكثير باب الله؟ هل سألتم الله قبل سؤال الناس؟ يقول أحد الشباب ممن يحمل الشهادة الثانوية ما تركتُ دائرةً علمت أن فيها مجالاً للوظيفة إلا وتقدمت  لها لكن دون جدوى، يقول فنصحتني والدتي مذكرةً لي بأن النافع والرازق هو الله سبحانه، يقول فدعوت الله في تلك الليلة دعوةً صادقة فصليت صلاة الفجر فإذا بأحدهم يسألني عن الوظيفة فأخبرته بما حصل فقال لي تأتيني هذا اليوم في مكتبي وهو أحد المسؤولين فجئته حاملاً ملفي وقام فوراً بتوجيه الاعتماد لعملي، فعلمت علم يقين أن النافع والرازق هو الله سبحانه

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾[الأعراف: 55- 56]. [الأنترنت – موقع الألوكة - اقرعوا باب السماء بالدعاء - أحمد محمد مخترش ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  فهذه  الحلقة  السابعة عشرة بعد المئة في موضوع  

 ( المجيب) وهي الأخيرة وستكون بعنوان :الخاتمة

وفي الختام الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى ، حمداً يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه ، حمداً يبلغ مابين السماوات والأرضين وما بينهما وما تحت الثرى ؛ على نعمه وكرمه وفضله وإحسانه وهباته التي لا تعد ولا تحصَ والتي شملت الأولين والآخرين بل وجميع مخلوقاته على مدى الأزمان

ومن النعم العظيمة نعمة الإسلام ونعمة الإيمان ونعمة العلم الشرعي وخاصة علم الأسماء والصفات - وأي علم يشرف بشرف متعلقه - وأسماء الله وصفاته متعلقة بذات الله العلية ؛ فهو اشرف العلوم على الإطلاق وكل أسماء الله حسنى وكل صفاته علا ومنها  :       ( المجيب) وقد علمنا الله جل جلاله في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم انه هو المجيب ، والمستجيب لكل من دعاه بل يعطي من دون سؤال ، بل كل نعمة وفضل وعطاء منه سبحانه لكل مخلوقاته المكلف منها  وغير المكلف على وفق علمه وحكمته ورحمته وقدرته وكرمه وفضله ، فله  الحمد  أولا  وآخراً وظاهراً وباطناً وفي كل حال وفي كل زمان وفي كل مكان ، وإنني لفرح فرحاً كبيرا  بهذا البحث الرائع ( المجيب ) لأنني تعلمت منه الكثير والكثير وجعلني الجأ الى الله وأرجع إليه رجوع حقيقي وأدعوه :

يا سامعا لكل شكوى، ويا عالما بكل نجوى. يا سابغ النعم، ويا دافع النقم، ويا فارج الغمم، ويا كاشف الظلل، ويا أعدل من حكم، ويا حسيب من ظلم، ويا ولي من ظُلم.   يا من لا تراه العيون، ولا تخالطه الظنون، ولا يصفه الواصفون، ولا تغيره الحوادث ولا الدهور، يعلم مثاقيل الجبال، ومكاييل البحار، وعدد قطر الأمطار، وعدد ورق الأشجار، وعدد ما يظلم عليه الليل ويشرق عليه النهار. كم من نعمة أنعمت بها علينا قل لك عندها شكرنا، وكم من بلية ابتليتنا بها قل عندها صبرنا، فيا من قل عند نعمته شكرنا فلم يحرمنا، ويا من قل عند بلائه صبرنا فلم يخذلنا أقذف في قلوبنا رجائك ، اللهم اقذف في قلوبنا رجائك، اللهم اقذف في قلوبنا رجائك حتى لا نرجو أحدا غيرك.

اللهم إنا نسألك إيمانا ثابتا، ويقينا صادقا حتى نعلم أنه لن يصيبنا إلا ما كتبت لنا، اللهم لا نهلك وأنت رجائنا، اللهم لا نهلك وأنت رجائنا احرسنا بعينك التي لا تنام وبركنك الذي لا يرام.

يا سامعا لكل شكوى، ويا عالما بكل نجوى، يا كاشف كربتنا، ويا مستمع دعوتنا، ويا راحم عبرتنا، ويا مقيل عثرتنا.

 يا رب البيت العتيق أكشف عنا وعن المسلمين كل شدة وضيق، واكفنا والمسلمين ما نطيق وما لا نطيق، اللهم فرج عنا وعن المسلمين كل هم وغم، وأخرجنا والمسلمين من كل حزن وكرب.

يا فارج الهم، يا كاشف الغم، يا منزل القطر، يا مجيب دعوت المضطر، يا سامعا لكل نجوى احفظ إيمان وأمن بلادنا، ووفق ولاة الأمر لما فيه صلاح الإسلام والعباد.

يا كاشف كل ضر وبلية، ويا عالم كل سر وخفية نسألك فرجا قريبا للمسلمين، وصبرا جميلا للمستضعفين، يا ذا المعروف الذي لا ينقضي أبدا، ويا ذا النعم التي لا تحصى أبدا،

اللهم إليك نشكو ضعفَ قوتنا وقلتَ حيلتنا وهواننا على الناس، يا أرحم الراحمين، إلى من تكلنا إلى عدوٍ يتجهمنا، أم إلى قريبٍ ملكتَه أمرنا، إن لم تكن ساخطاً علينا فلا نبالي، غير أن عافيتَك أوسعُ لنا، نعوذ بنورِ وجهَك الكريم، الذي أضاءت له السماوات، وأشرقت له الظلمات، وصلُحَ عليه أمرُ الدنيا والآخرة، أن تُحلَ علينا غضبَك أو تُنزلَ علينا سخَطَك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حولَ ولا قوة إلا بك.

 اللهم اجعل هذا البحث ( المجيب ) علماً نافعاً وعملا صالحاً متقبلا يارب العالمين  

 وهذا البحث اشبه ما يكون بالتفسير الموضوعي إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان وأستغفر الله من كل ذنب وخطيئة  ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آ له وصحبه أجمعين 0

 

 

           ﯮﯯ          ﯴﯵ             البقرة : ١٨٦

جمع وتأليف

الدكتور / مسفر بن سعيد دماس الغامدي