العفو

العفو

بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :فهذه الحلقة الأولى في موضوع (العفو)وستكون بعنوان : مقدمة وتعريفات

ما احوج العباد إلى عفوالله ورحمته ومغفرته فهم الخطائون والمذنبون والمقصرون000،وعفو الله أمل كل مسلم مكلف بل وغايته ومراده، اللهم اعف عنا ياسميع الدعاء0

معنى العفو : معناه في اللغة : المحو والطمس ،قال الأنباري في قوله تعالى {عفا الله عنك لم  أذنت لهم } محا الله عنك ، مأخوذ من قولهم : عفت الرياح الآثار إذا درستها ومحتها .

وفي الإصطلاح : "العفُوّ " اسم من ا سماء الله، والعفو هو التجاوز عن الذنب ، وترك العقاب عليه ، قال الليث : العفو عفو الله ، عز وجل ،  عن خلقه ، والله العفو الغفور ، وكل من استحق عقوبة فتركها  فقد عفوت عنه … ، وعفا عن ذنبه عفواً : صفح

قال المقدسي : العفو أن تستحق حقاً فتسقطه ، وتؤدي عنه من قصاص أو غرامة ، وهو غير الحلم والكظم . قال تعال : {والعافين عن الناس} وقال :{فمن عفا وأصلح فأجره على الله } وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم – قال:(ما نقصت صدقة من مال ، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله )

 أولاً : الله عفو غفور                                  قال تعالى : { إن الله لعفو غفور } وقال تعالى :{ إن الله كان عفو اً غفور اً} وقال تعالى : { فإن الله كان عفواً قديراً } في هذه الآيات وغيرها سمى الله نفسه ووصفها بـ ( العفو ) فهو العفو ، وهو يعفو عن السيئات ، ويتجاوز عن من وقع في المعاصي إذا أقبل اليه وتاب ، ولا يؤاخذ عباده بالزلات والهفوات بل يصفح عنهم ، ويترك معاقبتهم مع إستحقاقهم للعذاب .قال تعالى:{ ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة}وقالت عائشة:قلت يارسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة؛ ليلة القدر، ما أقول فيها ؟ قال(قولي:اللهم إنك عفوكريم تحب العفو فاعف عني) أخرجه الترمذي في الجامع ثم قال :حسن صحيح  

ثانياً : إقتران ( العفو ) بغيره من الاسماء ، أو الصفات

      قال ابن القيم : صفة تحصل من اقتران أحد الاسمين والوصفين بالآخر ، وذلك قدر زائدعلى مفرديهما ، نحو   ( العفو القدير ) إن العفو صفة كمال ، والقدرة كذلك ، والمغفرة كذلك ..لكن إجتماع العفو مع القدرة ، أو العفو مع المغفرة ؛كمال آخر فيه قدر زائد على مفرديهما، فله ثناء من عفوه ، وثناء من قدرته ، وثناء من إجتماعهما ، كما أن له ثناء  من عفوه ،وثناء من مغفر ته وثناء من إجتماعهما  قال تعالى : { وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفوا عن السيئات} وقال تعالى: { ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغى عليه لينصرنه الله إن الله لعفو غفور } فالله لولم يكن قديراً لم يكن عفواً  ولا غفوراً  ، ثم العفو والمغفرة صفتان قريبتان  ؛ فإذا عفا غفر ، وإذا غفر عفا  نسأل الله العفو والمغفرة .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقةالثانية في موضوع (العفو) وستكون بعنوان :

ثالثاً : فضل العفو

  لما كان الله سبحانه وتعالى  قد اتصف بصفات الكمال والجمال والجلال ، ومن هذه الصفات العلا { العفو} فقد عفا عن عباده المسيئين ، وغفر لهم ، ومحا عنهم ذنوبهم ، وتجاوز عنهم ثم أمر عباده بالعفو ، وحظهم عليه ، ورغب فيه،ووعد بالجزاء الأوفى لمن عفا عن  إخوانه المؤمنين ومن عفو الله                                                                             
 1- عفو الله عمن كانوا يختانون أنفسهم  :
 قال تعالى : { أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم ، هن لباس لكم وأنتم لباس لهن ، علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم ، فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم } 

2-عفو الله عن المؤمنين في غزوة احد عندما فشلوا وتنازعوا وعصوا وفروا

قال تعالى :{ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه ، حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما  أراكم ما تحبون ، منكم من يريد الدنيا ، ومنكم من يريد الآخرة ، ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ، ولقد عفا عنكم،والله ذو فضل على المؤمنين }

3- عفو الله عمن قتل الصيد وهو حرم   

قال تعالى:{يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمداً  فجزآءٌ مثل  ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هدياً بالغ الكعبة أو كفارةٌ  إطعام  عشرة مساكين أو عدل ذلك صياماً ليذوق وبال أمره ، عفا الله عما سلف ، ومن عاد فينتقم الله منه ، والله عزيز ذو انتقام }    

4 – عفو الله عن النبي عندما أذن للمنافقين في القعود :

  قال تعالى: { عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم  الكاذبين }

5– عفو الله عمن عبد العجل بعد ذهاب موسى لميقات ربه قال تعالى :{ وإذ واعدنا موسى أربعين ليلةً ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون ، ثم عفونا عنكم من بعد ذلك لعلكم تشكرون }

6– عفو الله عن بعض من استهزأ بالله وآياته ورسوله :

قال تعالى :{ ولئن سألتهم ليقولن: إنما كنا نخوض ونلعب . قل : أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون ،  لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ، إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين }

7 – عفو الله عمن ركب البحر بإرسال الريح بحسب الحاجة :                                                                                     قال تعالى { ومن آياته الجوار في البحر كالاعلام إن يشأ يسكن الريح فيضللن رواكد على ظهره ~ إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور  ، أو يوبقهن بما كسبوا ويعف عن كثير }

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقةالثالثة في موضوع (العفو) وستكون بعنوان :

نماذج من عفو الله

8-عفو الله عن المستضعفين الذين لم يهاجروا :

 قال تعالى : { إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي~ أنفسهم قالوا : فيما كنتم ؟ قالوا :كنا مستضعفين في الأرض ، قالوا : ألم تكن أرض الله واسعةً فتهاجروا فيها ؟ فأولئك  مأواهم جهنم  وسآئت مصيراً  إلا المستضعفين من الرجال والنسآء والولدان لا يستطيعون حيلةً ولا يهتدون سبيلا ، فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفواً غفوراً }

 

9 – عفو الله عمن أساء ؛ إذا تاب ورجع عن كثير من السيئات :

قال تعالى :{ وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفوعن السيئات ويعلم ما تفعلون}

10- عفو الله عن المؤمنين الذين قاتلوا المشركين عندما بغوا عليهم في الشهر الحرام ، فنصرهم الله عليهم :

قال تعالى :{ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به،ثم بغى عليه لينصرنه الله ، إن الله لعفوٌ غفورٌ }

11 – عفو الله عمن ظاهر من إمرأته :

قال تعالى :{ الذين يظاهرون منكم من نسآئهم ماهن أُمهاتهم ، إن أمهاتهم إلا اللآئي ولدنهم ، وإنهم ليقولون منكراً من القول وزوراً ، وإن الله لعفو غفور }        12 –  عفو الله عن المؤمنين في أن شرع لهم رخصة التيمم رحمة وتوسعة عليهم :

قال تعالى :{ وإن كنتم مرضى~ أو على سفر أو جآء أحد منكم من الغآئط أو لامستم النسآء فلم تجدوا مآءً فتيمموا صعيداً طيباً فامسحوا بوجوهكم وأيديكم إن الله كان عفواً غفوراً }

رابعاً: أمَرَ الله عباده بالعفو   

أولاً  : أمر الله  تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم  بالعفو                 قال تعالى :{ فبما رحمة من الله لنت لهم ، ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك ، فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر ، فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين }

ثانياً :  الله دَعَا ونَدَبَ عباده إلى العفو والصفح والتجاوز:

قال تعالى :{ وجزاء سيئةٍ سيئةُ مثلها ، فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا  يحب الظالمين ،ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل ، إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم ، ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور }

 

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقةالرابعة في موضوع (العفو) وستكون بعنوان :

خامساً : من صفات رسول الله صلى الله عليه وسلم:

أنه يعفو ، ويغفر ، ويصفح ، ويتجاوز

قال تعالى :{ وإنك لعلى خلق عظيم } وقال تعالى :{ لقد جآءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين روءف رحيم } وأخرج البخاري بسنده من حديث عطاء بن يسار قال : لقيت عبد الله بن عمرو ابن العاص قلت: أخبرني عن صفة رسول الله  صلى الله عليه  وسلم في التوراة ، قال : أجل ، والله إنه لموصوف في التوراة ببعض  صفته في القرآن : ياأيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً وحرزاً للأميين، أنت عبدي ورسولي ، سميتك المتوكل ، ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق ، ولا يدفع بالسيئة السيئة ، ولكن يعفو ويغفر …. ) وفي رواية (ويصفح)  

سادساً : نماذج من عفو رسول الله صلى الله عليه وسلم

1 – عفو وإعراض رسول الله عن بيان بعض الأحكام التي أخفاها أهل الكتاب 0                                                                            

2 – عفو النبي صلى الله عليه وسلم عن المنافق عبد الله بن سلول                                                                            

3 – عفو النبي صلى الله عليه وسلم عمن أراد به وبأصحابه سوأً  في  الحديبية                                                                              

4 – عفو النبي صلى الله عليه وسلم عن الذمي الذي سحر

5- عفو النبي صلى الله عليه وسلم عمن اخترط عليه سيفه وهو نائم ثم قال :من يمنعك مني؟                

6 – عفو النبي صلى الله عليه وسلم عن الأعرابي الذي جبذه برد اءه

7 – عفو النبي صلى الله عليه وسلم عن أهل مكة يوم الفتح

سابعاً : حث الرسول صلى الله عليه وسلم  أمته على العفو

   في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة عن رسول الله  صلى الله عليه وسلم  قال : ( مانقصت صدقة من مال ، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً ، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله )

ثامناً : دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ربه بالعفو،والعافيه في الدنيا والآخرة

أخرج مسلم بسنده من حديث عائشة قالت : فقدت رسول الله  صلى الله عليه وسلم  ليلةً من الفراش  فالتمسته ، فوقعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد ، وهما منصوبتان، وهو يقول : ( اللهم أعوذ برضاك من سخطك ، وبمعافاتك من عقوبتك ، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناءً عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك )                          تاسعاً : أمر الله المؤمنين أن يعفوا و يغفروا ويصفحوا

 للذين  لا يرجون أيام الله قال تعالى : {قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ، ليجزى قوماً بما كانوا يكسبون }

عاشراً : وصَفَ اللهُ سبحانه وتعالى عباده المؤمنين بالعفو والصفح والتجاوز :

قال تعالى : { والذين يجتنبون كبائر الأثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون}

حادي عشر : نماذج من عفو الصحابة رضي الله عنهم  :

1 – عفو أبي بكر الصديق رضى الله عنه عمن شارك في حادثة الافك 0                                                                                                                                                       

2 – عفو عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن الحر بن قيس الذي اتهم عمر بالجور و الظلم                                                                          

ثاني عشر : نماذج من عفو من جاء بعد الصحابة :

1 -  عفو الإمام أحمد بن حنبل عمن آذاه وعذبه وسجنه في محنة خلق القرآن

2-  عفو الإمام مالك عن أبي جعفر المنصور الذي  أمر واليه على المدينة بضربه سبعين سوطاً

3- عفو ابن تيمية وصفحه عن كل من آذاه ............ 

وفي الختام نسأل الله أن يعفوعنا ويغفر لنا ويرحمنا وعن جميع المسلمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

 

 

 

 

 

 

 

العفو

{ إن الله كان عفواً غفوراً }

 

تأليف

د. مسفر بن سعيد دماس الغامدي