العظيم

بسم الله الرحمن الرحيم

العظيم

إن الحمد لله ، نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا اله الا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله  قال تعالى :{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته،ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون} آل عمران/ 120

 وبعـــــد : فهذه الحلقة الأولى في موضوع (العظيم)

وستكون بعنوان : مقدمة                              

   من أسماء ربنا وخالقنا ومولانا الحسنى " العظيم " ، وهو جل وعلا عظيم في أسمائه ، وعظيم في صفاته ، وعظيم في أفعاله ، وعظيم في كلامه ، وعظيم في وحيه وشرعه وتنزيله ، بل لا يستحقّ أحدٌ التّعظيم والتكبير والإجلال والتمجيد غيره، فيستحق على العباد أن يعظّموه بقلوبهم وألسنتهم وأعمالهم، وذلك ببذل الجهد في معرفته ومحبّته والذّل له والخوف منه .            ومن تعظيمه سبحانه أن يطاع فلا يُعصى، ويُذكر فلا يُنسى، ويُشكر فلا يُكفر، ومن تعظيمه وإجلاله أن يُخضع لأوامره وشرعه وحكمه، وأن لا يُعترض على شيء من شرعه.

إن تعظيم الله جل شأنه فرع عن المعرفة بالله جل وعلا ؛ فكلما كان العبد أعظم معرفة بالله كان أشد لله تعظيما وأشد له إجلالا وأعظم له مخافة وتحقيقا لتقواه جل شأنه ، وإذا عظّم القلب ربه خضع له سبحانه وانقاد لحكمه وامتثل أمره وخضع له جل شأنه.           وجميع صنوف الانحرافات وأنواع الأباطيل والضلالات في جميع الناس منشؤها من ضعف التعظيم لله أو انعدامه في القلوب.

*أسماء الله كثيرة ومتفاضلة بعضها أعظم من بعض   إن أسماء الله كثيرة لا تحصر ولا تحد بعدد، وهي متفاضلة غير متساوية في الفضل بعضها أفضل من بعض، وإن كانت أسماء لمسمى واحد ، والأدلة على تفاضلها متعددة منها :قوله صلى الله عليه وسلم: ((لقد سأل الله باسمه الأعظم)) . ومنهاقوله : ((دعا الله باسمه الأعظم))  ، وفي رواية: ((أسألك باسمك الأعلى الأعز الأجل الأكرم))  ، على اختلاف في تعيين الاسم الأعظم ما هو؟

ففي هذه الروايات دلالة ظاهرة على تفاضل الأسماء الحسنى، لدلالتها على أن في الأسماء الحسنى اسم أعظم يفضلها فهو أعظمها. ومن الأدلة على تفاضل أسمائه سبحانه قوله صلى الله عليه وسلم: ((إن لله تسعة وتسعين اسماً مائة إلا واحد، من أحصاها دخل الجنة)) فخص النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الأسماء التسعة والتسعين بهذه الفضيلة، وهي أن من أحصاها دخل الجنة، فاختصت بهذه الفضيلة.

وأسماء الله غير محصورة في هذا العدد فله سبحانه أسماء غيرها، كما قال النووي: (واتفق العلماء على أن هذا الحديث ليس فيه حصر لأسمائه سبحانه وتعالى، فليس معناه أنه ليس له أسماء غير هذه التسعة والتسعين، وإنما مقصود الحديث أن هذه التسعة والتسعين من أحصاها دخل الجنة، فالمراد الإخبار عن دخول الجنة بإحصائها) . [ الأنترنت – موقع الدرر السنية] إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الثانية في موضوع (العظيم ) وسيكون عنوانها إستكمالا للماضية والتي بعنوان : المقدمةوالتعريفات

واستدلوا على عدم حصر أسماء الله تعالى الحسنى في هذا العدد بما [ رواه أحمد رقم3704]   عن عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلاحَزَنٌ فَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ ، وَابْنُ عَبْدِكَ ، وَابْنُ أَمَتِكَ ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ ، أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي ، وَنُورَ صَدْرِي ، وَجِلَاءَ حُزْنِي ، وَذَهَابَ هَمِّي إِلا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَجًا . فَقِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَلا نَتَعَلَّمُهَا ؟ فَقَالَ : بَلَى ، يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَا . [صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (199) ]

فقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ ) دليل على أن من أسماء الله تعالى الحسنى ما استأثر به في علم الغيب عنده ، فلم يطلع عليه أحداً من خلقه ، وهذا يدل على أنها أكثر من تسعة وتسعين .قال شيخ الإسلام في  [مجموع الفتاوى" (6/374) ] عن هذا الحديث :

فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلَّهِ أَسْمَاءً فَوْقَ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ اهـ .

والحديث صحيح كما قال ابن القيم في [الصواعق المرسلة (3/913) وغيرها من كتبه] ، [والشيخ الألباني في الصحيحة (رقم 199 ] ، ومما تلقته الأمة بالقبول، لا سيما في العقائد، حيث يحتج به أهل السنة-وبغيره - على أن أسماء الله لا حصر لها .[ الأنترنت – موقع الإسلام سؤال وجواب]

 *معنى عظيم في اللغة : عَظُمَ الشيء عِظَماً: كبُر، فهو عظيمٌ. وعَظَّمه، أي فخَّمه. والتَعْظيمُ: التبجيلُ. واسْتَعْظَمه: عدَّه عظيماً. واستعظَمَ وتَعَظَّمَ: تكبر.    قال الليث : العَظمةُ التَّعَظُّمُ والنَّخْوةُ والزَّهْوُ ، وإذا وُصِفَ العبدُ بالعَظمة فهو ذَمٌّ لأن العظمة في الحقيقة لله عز وجل وأما عَظَمَةُ العبدِ فكِبْرُه المذمومُ وتَجَبُّره

 وفي الحديث مَنْ تَعَظَّمَ في نفسه لَقِيَ الله تَبارَك وتعالى عليه غَضْبانَ وَوَصَفَ الله عذابَ النَّارِ فقال عَذاب عَظِيم وكذلك العَذاب في الدُّنْيا ووَصَف كَيْدَ النِّساء فقال{ إنَّ كيدَكُنَّ عَظيمٌ } ورجلٌ عَظِيمٌ في المَجْدِ

وقال الحليمي : والعظيم في اللغة: صفة مشبهة لمن اتصف بالعظمة، والعظمة: معناها الكبر والاتساع وعلو الشأن والارتفاع،

وفي معنى التعظيم يأتي اسمه تعالى الكبير وكذا اسمه الواسع وكذا يأتي معنى التبجيل لله سبحانه وتعالى، أما في حق العبد فإن العظمة مذمومة، ففي الحديث الذي رواه البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من تعظم في نفسه أو اختال في مشيته، لقى الله وهو عليه غضبان»، لأنه نازع الله تعالى في صفة استأثر بها نفسه. [ الأنترنت – موقع طريق الإسلام – هاني حلمي]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الثالثة في موضوع (العظيم ) وسيكون عنوانها إستكمالا للماضية والتي بعنوان : المقدمةوالتعريفات

*ومعنى العظيم في الإصطلاح :

مِنْ صِفاتِ الله عزَّ وجلَّ العلِيُّ العَظِيمُ ويُسبِّح

العبدُ رَبَّه فيقول : (سبحان رَبِّي العظيم ) والعَظِيمُ الذي جاوَزَ قدْرُهُ وجلَّ عن حدودِ العُقول حتى لا تُتَصَوَّر الإحاطةُ بِكُنْهِه وحَقِيقتهِ والعِظَمُ في صِفاتِ الأَجْسام كِبَرُ الطُّولِ والعرضِ والعمْق والله تعالى جلَّ عن ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( أمَّا الرُّكوعُ فعظِّمُوا فيه الربَّ) أي اجْعلُوه في أنْفُسِكم ذا عَظمةٍ وعَظمةُ اللهِ سبحانه لا تُكَيَّفُ ولا تُحدُّ ولا تُمثَّل بشيء ويجبُ على العبادِ أن يَعْلَمُوا أنه عظيمٌ كما وصَفَ نفْسه وفَوْقَ ذلك بلا كَيفِيَّةٍ ولا تَحْديدٍ  [ الأنترنت – موقع معاجم  ، الأنترنت – موقع لسان العرب – عظيم ، الأنترنت – موقع مختار الصحاح ]

قال الحليمي : معنى الاسم في حق الله تعالى:

- العظيم هو الذي يعظمه خلقه ويهابونه ويتقونه، فله سبحانه وتعالى صفة العظمة في كل شيء، فهو عظيم في ذاته، عظيم في أفعاله، عظيم في صفاته وكل ما كان من دونه سبحانه وتعالى فصغير"، لو ملأ قلبك بهذه فإنها تحفظك أن تخاف ما سواه سبحانه وتعالى   وليس في الكون عظيم غيره؟ فلا يعظم أحد مثله فهو وحده ذو العظمة والجلال في ملكه وسلطانه.

- وقال الأصفهاني: "العظمة صفة من صفات الله لا يقوم لها خلق، والله تعالى خلق بين الخلق عظمة يعظم بها بعضهم بعضًا، فمن الناس من يعظم لمال، ومنهم من يعظم لفضل، ومنهم من يعظم لعلم،ومنهم من يعظم لسلطان، ومنهم من يعظم لجاه، وكل واحد من الخلق إنما يعظم بمعنى دون معنى؛ أما الله عز وجل فيعظم في الأحوال كلها".

- ويقول ابن الأثير: العظيم معناه الذي جاوز قدره  حدود العقول فلا تدركه الأبصار، ولا تدركه العقول حتى لا تتصور الإحاطة بكنهه وحقيقته"، فالله عظيم لدرجة لا يستوعبها عقلك القاصر الذي ليس بعظيم لذا فهو لا يستوعب معرفة عظمة الله عزوجل، فهو محدود مهما راح وغدا.  [الأنترنت – موقع طريق الإسلام – هاني حلمي]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الرابعة في موضوع (العظيم) وسيكون عنوانها :

* (العظيم ) اسم من اسماء الله الحسنى

الاسم (العظيم) هو من أسماء الله الحسنى، وهو من صيغ المبالغة، ومعناه: الذي يعظمه خلقه ويهابونه ويتقونه، فله صفة العظمة في كل شيء. [ شرح وأسرار الأسماء الحسنى لهانى حلمى]

ورد في القرآن الكريم في البقرة  آية الكرسي قال تعالى :{ اللَّهُ لاَ إِلَٰهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ } [ سورة البقرة:255] وورد في سورة الواقعة قال تعالى  ﴿فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ﴾ [سورة الواقعة:74]

وورد في السنة النبوية عن أبي هريرة : قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ )  [صحيح البخاري برقم 6406 وصحيح مسلم برقم 2694]

 وعن عبد الله بن عمرو : أن رسول الله  كان إذا دخل المسجدَ قال : (أعوذُ باللهِ العظيمِ ، وبوجهِهِ الكريمِ ، وبسلطانِهِ القديمِ ، من الشيطانِ الرجيمِ . قال : فإذا قال ذلك ، قال الشيطانُ : حُفِظَ مِنِّي سائرَ اليومِ )  [صححه الألباني في الكلم الطيب (66) ]

 وعن ابن عباس: أنَّ نبيَّ اللهِ كان يقولُ عند الكربِ :  (لا إله إلا الله العظيمُ الحليمُ، لا إله إلا الله ربُّ العرشِ العظيمُ، لا إله إلا اللهُ ربُّ السماواتِ وربُّ الأرضِ وربُّ العرشِ الكريمُ )  [صحيح البخاري برقم 6345 وصحيح مسلم برقم 2730 واللفظ له     ]

وعن أبي هريرة أن رسول الله قال فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى : (الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني في واحد منهما قصمته، ثم قذفته في النار) [ يشهد له حديث أبي هريرة عند أحمد 2/ 248، 427،414، 442،ومسلم في البر والصلة (2620) باب: تحريم الكبر ] ، [وأبي داود في اللباس (4090) باب: ما جاء في الكبر ]، [وابن ماجة في الزهد (4174) باب: البراءة من الكبر والتواضع  ]، [وصححه ابن حبان برقم (328)، والحاكم 1/ 61 ]

الأقوال في معناه : قال الأصبهاني:«العظمة صفة من صفات الله لا يقوم لها خلق، والله تعالى خلق بين الخلق عظمة يعظم بها بعضهم بعضًا، فمن الناس من يعظم لمال، ومنهم من يعظم لفضل، ومنهم من يعظم لعلم، ومنهم من يعظم لسلطان، ومنهم من يعظم لجاه، وكل واحد من الخلق إنما يعظم بمعنى دون معنى؛ أما الله عز وجل فيعظم في الأحوال كلها» [ المنهاج في شعب الإيمان (1/195) ]قال ابن الأثير: العظيم معناه الذي جاوز قدره حدود العقول فلا تدركه الأبصار، ولا تدركه العقول حتى لا تتصور الإحاطة بكنهه وحقيقته

  قال الحليمي: «ومعناه الذي لا يمكن الامتناع عليه بالإطلاق، لأن عظيم القوم إنما يكون مالك أمورهم، الذي لا يقدرون على مقاومته ومخالفة أموره، إلا أنه وإن كان كذلك، فقد يلحقه العجز بآفات تدخل عليه فيما بيده فتوهنه وتضعفه، حتى يستطاع مقاومته، بل قهره وإبطاله، والله جل ثناؤه قادر لا يعجزه شيء، ولا يمكن أن يعصى كرهاً، أو يخالف أمره قهراً. فهو العظيم إذاً حقاً وصدقا، وكان الاسم لمن دونه بحسبه

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الخامسة في موضوع (العظيم) وسيكون عنوانها إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

(العظيم ) اسم من اسماء الله الحسنى

 وقال ابن القيم في القصيدة النونية :

وهو العظيم بكل معنى يوجب

التــعظيم لا يحصيه من إنسان  [الأنتر نت – موقع الموسوعة الحرة - (أسماء الله الحسنى)

وقال المنجد : من أسماء الله الحسنى : " العظيم " ، والعظمة من صفات الله تعالى الذاتية ، ولا ريب أنها صفة مدح وكمال .

قال أبو القاسم الأصبهاني رحمه الله :

مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى الْعَظِيمُ: الْعَظَمَةُ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ لَا يَقُومُ لَهَا خَلْقٌ، وَاللَّهُ تَعَالَى خَلَقَ بَيْنَ الْخَلْقِ عَظَمَةً ، يُعَظِّمُ بِهَا بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعَظَّمُ لِمَالٍ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُعَظَّمُ لِفَضْلٍ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُعَظَّمُ لِعِلْمٍ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُعَظَّمُ لِسُلْطَانٍ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُعَظَّمُ لِجَاهٍ ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْخَلْقِ إِنَّمَا يُعَظَّمُ لِمَعْنًى دُونَ مَعْنًى، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يُعَظَّمُ فِي الأَحْوَالِ كُلِّهَا، فَيَنْبَغِي لِمَنْ عَرَفَ حَقَّ عَظَمَةِ اللَّهِ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ يَكْرَهُهَا اللَّهُ ، وَلا يَرْتَكِبُ مَعْصِيَةً لَا يَرْضَاهَا اللَّهُ ، إِذْ هُوَ الْقَائِمُ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ"من [الحجة في بيان المحجة" (1/ 141-142)

وقال أبو منصور الأزهري :وعَظَمة الله لَا تكيف

وَلَا تُحَدّ وَلَا تمثَّل بِشَيْء ، وَيجب على الْعباد أَن يعلمُوا أَنه عَظِيم كَمَا وصف نفسَه ، وَفَوق ذَلِك ؛ بِلَا كيفيَّة ، وَلَا تَحْدِيد من [تهذيب اللغة (2/ 182) ]

ثانيا : صفة العظمة لله تعالى تعني العظمة في كل شيء ، بما يليق به سبحانه ، فهو عظيم في ربوبيته ، عظيم في ألوهيته ، عظيم في أفعاله ، عظيم في قدرته ، ولا يوجد وصف للعظمة مما يليق بجلاله سبحانه إلا وهو متصف به ، كما لا يوجد وصف من أوصاف الكمال التي تليق به سبحانه إلا كان أولى بها

ومن تأمل خلق الله وملكوته وسعة سلطانه وجبروته وقهره لجميع خلقه أدرك عظمة الله تعالى وعزه .

قال الشيخ ابن باز رحمه الله :

" قوله تعالى: (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ) فيه الدلالة على عظمة الكرسي وسعته، كما يدل ذلك على عظمة خالقه سبحانه وكمال قدرته " من مجموع فتاوى ابن باز[ الانترنت – موقع الإسلام سؤال وجواب ]

الدعاء باسم الله العظيم :

   قال الحليمي :  ورد هذا الاسم مقرونًا باسمه العلي، وورد الدعاء بالوصف في بعض الأحاديث من ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اللهم اجعل في قلبي نورًا وفي بصري نورًا وفي سمعي نورًا وعن يميني نورًا وعن يساري نورًا ومن فوقي نورًا وتحتي نورًا وأمامي نورًا وخلفي نورًا وعظم لي نورًا». وفي لفظ عند أبي داوود: «اللهم وأعظم لي نورًا».

وورد كذا في أذكار الصباح والمساء أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح: « اللهم إني أسالك العافية في الدنيا والآخرة اللهم إني أسالك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي اللهم أحفظني من بين يداي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي فيخسف بي».      إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة السادسة في موضوع (العظيم) وسيكون عنوانها إستكمالا للماضيةوالتي هي بعنوان :

الدعاء باسم الله العظيم :

وروى النسائي وصححه الألباني قال: "كشف رسول الله صلى الله عليه وسلم الستر ورأسه معصوب في مرضه الذي مات فيه فقال: «اللهم قد بلغت ثلاث مرات اللهم قد بلغت اللهم قد بلغت، إنه لم يبقى من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها العبد أو ترى له، ألا إني قد نهيت عن القراءة في الركوع والسجود فإذا ركعتم فعظموا ربكم وإذا سجدتم فاجتهدوا في الدعاء فانه قمن -أي: حرى أو أولى- أن يستجاب لكم».

 وهنا لفتة : فهذا موقف للنبي صلى الله عليه وسلم قبل وفاته، رغم شدة مرضه لا يسكت عن الدعوة وفي مسائل المفترض أنه قد رسخها في أتباعه وعاشوا عليها، فلقد صلى معه الصحابة ما يقارب العشر سنوات ويعرفون الركوع والسجود وما يقولون فيه، ولكنه صلى الله عليه وسلم يؤكد على المعالم، يؤكد على الاقتداء به: «صلوا كما رأيتموني أصلى» [صحيح البخاري:631 ]  حتى لا يلتبس الأمر على الناس فيأتي من يقول نقرأ في الركوع والسجود بدلا من التسبيح.

وكان صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا دعى أحدكم فلا يقل اللهم اغفر لي إن شئت ولكن ليعزم المسالة وليعظم الرغبة فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه»  [صحيح مسلم:2679 ] ورد كذلك الدعاء بمقتضى هذا الاسم فقد كان صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام يضطجع على شقه الأيمن ويقول: «اللهم رب السموات ورب الأرض ورب العرش العظيم ربنا ورب كل شيء فالق الحب والنوى ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان...» إلى أن يقول صلى الله عليه وسلم: «...اقض عنا الدين واغننا من الفقر»  [صحيح مسلم:2713] وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم صحابته الاستخارة في الأمور ومن ذلك أن تقول: "وأسالك من فضلك العظيم" فهو يدعو بصفة من صفات الله سبحانه أنه ذو الفضل العظيم، وكذلك الحديث في الأدب المفرد من حديث عبد الله بن مسعود أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول: «إذا كان على أحدكم إمام يخاف تغطرسه -يخاف ظلمه- فليقل اللهم رب السموات السبع ورب العرش العظيم، كن لي جارًا من فلان بن فلان وأحزابه من خلقائك أن يفرط على أحد منهم أو يطغى، عز جارك وجل ثناءك ولا إله إلا أنت».

روى ابن ماجه وصححه الألباني من حديث أسماء بنت يزيد أنها قالت: "لما توفى ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم إبراهيم بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال المعزى إما أبو بكر وإما عمر : أنت أحق من عظم الله حقه.." كأنهم تعاظموا أن يبكي النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: "أنت أحق من عظم الله حقه" فقال: «تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط الرب لولا أنه وعد صادق وموعود جامع وأن الآخر تابع للأول لوجدنا عليك يا إبراهيم أفضل مما وجدنا وإنا بك لمحزونون».

».      إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

 

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة السابعة في موضوع (العظيم) وسيكون عنوانها :

*حظ المؤمن من هذا الاسم :

لا شك أن اعتقاد العبد بأن الله سبحانه وتعالى عظيم هذا يورثه شيء من الاطمئنان لأنه حين يشعر أن ربنا هو العظيم كما قلنا وما دونه حقير لا يساوى شيئا فإنه لا يأبه بأي ضغوط ولا يخاف شيء.

الأمر الثاني قاله ابن القيم في (الوابل الصيب) : أن العبد إذا أراد أن يكون له حظ من اسم الله العظيم فينبغي أن يعظم أمره ونهيه، قال رحمه الله: "فعلامة تعظيم الآمر الناهي تعظيم الأمر والنهي،

ومن هذا أن لا يترخص ترخصًا جافيًا يخرجه عن حد التعظيم"، لأن تعظيم الله عز وجل يوجب على العبد الامتثال للأمر والنهي ابتداءً وسرعة الاستجابة، ثم إتيان الأمر على مراد الله ولا يخرجه عن حدالاعتدال ، يعني لا يترخص ولا يغلو.

قال تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الأنعام:91]، فالله سبحانه وتعالى مهما بالغت في العبادة له لا تفي له بأدنى شيء، لذا ينبغي على العبد أن يستقصى جهده وتعلو همته في البذل لكي يصل إلى ربه، فيكون تعظيم الله سبحانه وتعالى دافعا له على ذلك.

   منها كذلك إذا كان هو يرى الله بعين التعظم

والإكبار يرى نفسه بعين الذل والانكسار والافتقار.

لذلك سبحان ربي العظيم مناسبة جدًا   للركوع، سبحان فيها تنزيه له سبحانه عن النقص والإقرار لنفسي به، وربي فيها معنى المحبة، ثم العظيم فيها الإعظام والإكبار، فيتحقق في سبحان ربي العظيم معاني العبودية: (ذل تام، وحب تام) على جهة التعظيم والإكبار والإجلال.

- ومن تعظيم الله الإكثار من ذكره والبدء باسمه دائما في كل شيء كما بدأ به سبحانه كتابه.

فيستحب أن يسمي الإنسان في جميع أموره لا سيما في البيوت، ولا سيما حين انكشاف العورات، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم إذا دخل أحدُهم الخلاءَ أن يقول العبد بسم الله»  [صححه الألباني في تخريج مشكاة المصابيح:343 ]   فالشيطان يخنس ويصغر عند ذكر الله لأنه لا يعظم مع اسم الله شيء، والمفترض أن قلبك كذلك يخضع وينكسر لما يذكر عنده اسم الله، فلا يعظم مع اسم الله شيء!

- من تعظيمه سبحانه أن يطاع نبيه ورسوله صلى الله عليه وسلم لأن الله قال: {مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء:80]. فمن أطاع الرسول فقد أطاع المرسل ومن عصاه فقد عصى الله. قال الله " لِّتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ "الفتح: أي أن تعظموه وتعطوه قدره صلى الله عليه وسلم فلا ينبغي بأي حال ابتداء أن ينادى النبي صلى الله عليه وسلم كما ينادى غيره ولا ينبغي بحال أن تكون مكانة النبي صلى الله عليه وسلم توازى في قلبك مكانة أي أحد آخر فالله ورسوله أحب إليك مما سواهما، وهذا يحتاج إلى معايشةٌ معه صلى الله عليه وسلم من خلال سيرته.

فمن يتعايش معه ومع صفاته يكبره ويعظمه ويجله.      إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة الثامنة في موضوع (العظيم) وسيكون عنوانها :

- من تعظيم الله أن يعظم القرآن وشرائعه

فعليك بمعرفة آدابه قراءة وحملاً، اقرأ آداب حملة القرآن للإمام النووي، و(التبيان في آداب حملة القرآن) وللآجوري، واقرأ كذلك (مقدمة تفسير القرطبي) في المبحث الخاص آداب تعلم القرآن، لتعرف كيف تعظم القرآن وتتعامل معه، فالقرآن له عظمة وتعظيمه من تعظيم الله عزوجل.

- من تعظيم الله كذلك تعظيم الشعائر..

ما عظمه الله يجب أن يعظم عندك، ونذكر قول

الله تعالى في سورة الحاقة لما تكلم عن أهل الشمال أعاذنا الله منهم وإياكم: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ . وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ . يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ . مَا أَغْنَىٰ عَنِّي مَالِيَهْ . هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ . خُذُوهُ فَغُلُّوهُ . ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ . ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ . إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ} [الحاقة:25-33]، أي أنه لم يكن يعظم ما نعظم، فإذا كان الله سبحانه يعظم شأن بعض الأيام كالعشر من ذي الحجة فينبغي أن تُعظم في قلبك..

وإذا كان لرمضان مزية عن باقي الشهور فينبغي أن يُعظم في قلبك، وإذا كان للأشهر الحرم مزية عن غيرها من الشهور فينبغي أن تُعظم، وهكذا لذلك قال الله تعالى: {ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج:٣٢]، فمن تعظيمه تعظيم شعائره لاسيما ما عظم في شرعنا وعلى رأسها الصلاة.

- ومن تعظيم الله كذلك أن تجتنب النواهي يقول الله: {ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ} [الحج:30 ]، لأنك ما وقعت في النهي إلا لما هان الله في قلبك، والأصل أنك قد هنت عنده فوكلك إلى نفسك ومن يهن الله فماله من مكرم. ولو كان لله في قلبك من التعظيم ما وقعت.

- من تعظيم الله تعالى الغيرة له..

أن تغار لله، فالله يغار وغيرة الله أن تنتهك محارمه، فتغار وأنت ترى انتهاك حرمات الله سبحانه وتعالى، وينكر قلبك ولا يخلو حال العبد من أسف وندم على هذا الانتهاك. إذا كان يؤمن أن الله عظيم فيغار لله سبحانه وتعالى. [ الأنترنت – موقع طريق الإسلام – هاني حلمي ]

وقال د عبد الرزاق البدر : من عظم الله سبحانه وقدره حق قدره تحقق فلاحه ونجاحه وسعادته في دنياه وأخراه ، بل إنَّ تعظيمه سبحانه أساس الفلاح، وكيف يفلح ويسعد قلب لا يعظم ربه وخالقه وسيده ومولاه، ومن عظم الله عرف أحقية الله عز وجل بالذل والخضوع والخشوع والانكسار، وعظّم شرعه ، وعظّم دينه ، وعرف مكانة رسله. وهذا التعظيم لله سبحانه يعد أساسا متينا يقوم عليه دين الإسلام. بل إن روح العبادة في الإسلام هو التعظيم، وقد ثبت في الحديث الصحيح عن نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سيد ولد آدم إمام الأولين والآخرين وقدوة الخلائق أجمعين وأتقى الناس لرب العالمين - أنه صلوات الله وسلامه عليه كان يقول في ركوعه وسجوده بأبي هو وأمي صلوات الله وسلامه عليه :(( سُبْحَانَ ذِى الْجَبَرُوتِ وَالْمَلَكُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ)) ، وكان يقول عليه الصلاة والسلام :((فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ)) ، وكان عليه الصلاة والسلام يقول في ركوعه :((سُبْحَانَ رَبِّىَ الْعَظِيمِ)) ، ويقول في سجوده :((سُبْحَانَ رَبِّىَ الأَعْلَى)) ، ويقول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ ثَقِيلَتَانِ فِى الْمِيزَانِ حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ)) .

 إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

 

 

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة التاسعة في موضوع (العظيم) وسيكون عنوانها إستكمالا للماضيةوالتي هي بعنوان :

 من تعظيم الله :

ثم قال البدر : ومن أسماء ربنا وخالقنا ومولانا الحسنى " العظيم " ، وهو جل وعلا عظيم في أسمائه ، وعظيم في صفاته ، وعظيم في أفعاله ، وعظيم في كلامه ، وعظيم في وحيه وشرعه وتنزيله ، بل لا يستحقّ أحدٌ التّعظيم والتكبير والإجلال والتمجيد غيره، فيستحق على العباد أن يعظّموه بقلوبهم وألسنتهم وأعمالهم، وذلك ببذل الجهد في معرفته ومحبّته والذّل له والخوف منه،

 ومن تعظيمه سبحانه أن يطاع فلا يُعصى، ويُذكر

فلا يُنسى، ويُشكر فلا يُكفر، ومن تعظيمه وإجلاله أن يخضع لأوامره وشرعه وحكمه، وأن لا يُعترض على شيء من شرعه.

وهو جل وعلا عظيم مستحق من عباده أن يعظموه جل وعلا حق تعظيمه ، وأن يقدروه جل وعلا حق قدره ، قال الله تعالى: { وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ } [الزمر:67]، وفي الصحيحين من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال:((جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا محمد إنا نجد أن الله يجعل السموات على إصبع ، والأرضين على إصبع ، والشجر على إصبع ، والماء والثرى على إصبع ، وسائر الخلائق على إصبع فيقول: أنا الملك فضحك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى بدت نواجذه تصديقاً لقول الحبر ثم قرأ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} )) .

وسبحان الله! أين ذهبتْ عقولُ هؤلاء المشركين حين صرفوا ذلّهم وخضوعهم وانكسارهم ورجاءهم وخوفهم ورغبهم ورهبهم وحبَّهم وطمعَهم إلى مخلوقات ضئيلة، وكائنات ذليلة، لا تملك لنفسها شيئاً من النّفع والضّر، فضلاً عن أن تملكه لغيرها، وتركوا الخضوع والذّل للربِّ العظيم والكبير المتعال، والخالق الجليل تعالى الله عمّا يصفون، وسبحان الله عمّا يشركون، وهو وحده المستحقّ للتعظيم والإجلال والتّألّه والخضوع والذّل، وهذا خالص حقّه، فمن أقبحِ الظُّلمِ أن يُعطى حقّه لغيره، أو يشرك بينه وبين غيره فيه، ومن اتّخذ الشركاء والأنداد له ما قدر اللهَ حقَّ قدره، ولا عظّمه حقَّ تعظيمه، سبحانه وتعالى الذي عنت له الوجوه، وخشعت له الأصوات، ووجلت القلوب من خشيته، وذلّت له الرِّقاب، تبارك الله ربّ العالمين.

وإن من أعظم ما يعين العبد على تحقيق عبودية التعظيم للرب : أن يتفكّر في مخلوقات الله العظيمة وآياته - جل شأنه - الجسيمة الدالة على عظمة مبدعها وكمال خالقها وموجدها ، { إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ }[آل عمران:190]: أي براهين واضحات وشواهد بينات ودلائل ساطعات على عظمة المبدع وكماله جل شأنه، بادية لمن أبصرها وقد رقمت سطورها على صفحات المخلوقات يقرأها كل عاقل وغير كاتب نصبت شاهدة لله بالوحدانية والربوبية والعلم والحكمة والعظمة

     إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذه الحلقة العاشرة في موضوع (العظيم) وسيكون عنوانها إستكمالا للماضيةوالتي هي بعنوان : تعظيم الله

  إن تفكر المؤمن وتأمّله في آيات الله العظيمة

ومخلوقاته  الباهرة تهدي قلبه وتسوقه إلى تعظيم خالقه ، تفكر في هذه الأرض التي تمشي عليها والجبال المحيطة بك ، تجد أنها مخلوقات عظيمة ؛ عظمة تبهر القلوب، فإذا ما وسّعتَ النظر ونظرت فيما هو أعظم من ذلك وتأملت في السماء المحيطة بالأرض تتضاءل عندك هذه العظمة ؛ عظمة الأرض بالنسبة إلى عظمة السماء ، ثم إذا تأملت فيما هو أعظم وهو السماوات السبع المحيطة بهذه الأرض يزداد الأمر عظمة ، ثم إذا تأملت في ذلكم المخلوق العظيم الذي قال الله عنه في أعظم آية في كتاب الله:{ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ } [البقرة:255]:أي أحاط بها ؛ فتتضاءل عظمة السماوات وعظمة الأرض أمام عظمة هذا المخلوق ، ثم تتضاءل هذه العظمة إذا تأمل العبد في النسبة بين عظمة الكرسي وعظمة العرش المجيد أوسع المخلوقات وأعظمها

فما بال الإنسان يتغافل ويتجاهل وينسى هذه الحقائق العظيمة والبراهين الساطعة !! ثم يكون غافلا عن تعظيم ربه وخالقه ومولاه ، فترى في الناس ملحداً زنديقاً، وترى في الناس مشركاً منَدِّداً، وترى في الناس كافراً بربه ليس موحِّدا ، وترى في الناس مستهزئاً بشرع الله مستخفاً بدين الله ، وترى في الناس متهكماً ساخراً برسل الله ،{ وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ } [يوسف:103]، إلا القليل من عباد الله يوفقهم جل شأنه إلى تعظيم الخالق عز وجل ، فإذا عظّمت القلوب الله عظُم في النفس شرع الله ، وعظُمت حرمات الله ، وصلحت أحوال العباد { ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ }[الحج:32].

إن تعظيم الله جل شأنه فرع عن المعرفة بالله جل وعلا ؛ فكلما كان العبد أعظم معرفة بالله كان أشد لله تعظيما وأشد له إجلالا وأعظم له مخافة وتحقيقا لتقواه جل شأنه ، وإذا عظّم القلب ربه خضع له سبحانه وانقاد لحكمه وامتثل أمره وخضع له جل شأنه.           وجميع صنوف الانحرافات وأنواع الأباطيل والضلالات في جميع الناس منشؤها من ضعف التعظيم لله أو انعدامه في القلوب.

وسيندم جميع هؤلاء يوم لقاء الله، فهو يوم عصيب لمن كان لا يؤمن بالله العظيم { وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (26) يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (27) مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (28) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ (29) خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ }[الحاقة:25-32]، والسبب في ذلك { إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ } [الحاقة:33].         [ الأنترنت – موقع د . عبد الرزاق البدر ]

   إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الحادية عشرة في موضوع (العظيم) وسيكون عنوانها *فقه عظمة العظيم

قال الله تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255)} [البقرة: 255].

وقال الله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67)} [الزمر: 67].

وقال الله تعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23)} [الحشر: 23].

الله تبارك وتعالى هو العظيم في ذاته، العظيم في أسمائه، العظيم في صفاته، العظيم في خلقه وأمره، العظيم في دينه وشرعه، العظيم في ملكه وسلطانه.

وهو سبحانه العظيم الذي خلق المخلوقات، وأوجد الموجودات، وصور الكائنات، وخلق الأرض السموات.

وهو سبحانه القدير الذي قدر الأقدار في السموات والأرض، وكل شيء عنده بمقدار: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ (9)} [الرعد: 9].

وهو سبحانه القوي الذي خضعت الأعناق لعظمته، وخشعت الأصوات لهيبته، وذل الأقوياء لقوته، وقهر الخلائق بقدرته.

وهو سبحانه الملك المتفرد بالخلق والإيجاد، والتصريف والتدبير، كل يوم هو في شأن، يخلق ويرزق، ويحيي ويميت، ويعز ويذل، ويعطي ويمنع، ويرفع ويخفض، لا راد لقضائه، ولا معقب لحكمه.

وهو سبحانه الغني الذي يرزق الخلائق، ويهب الأولاد، ويقسم الأرزاق، ويرسل الرياح، وينزل المياه، ويجيب المضطر، ويكشف السوء، ويطعم الخلق، ويدبر الأمر.

يفعل ذلك كله متى شاء .. وفي أي وقت شاء .. وبأي قدر شاء.

وهو سبحانه الكبير الذي له الكبرياء في السموات والأرض، الجبار الذي قهر الجبابرة بجبروته، وعلاهم بعظمته، القاهر فوق عباده، القاهر لهم على ما أراد، الفعال لما يشاء.

وهو سبحانه القوي العزيز الذي لا يعجزه شيء، ولا يغلبه شيء، ولا يعزب عنه شيء، القادر على كل شيء، المالك لكل شيء، المحيط بكل شيء، العالم بكل شيء، الذي يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد.

حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه، لا تراه العيون، ولا تخالطه الظنون، ولا يصفه الواصفون كما ينبغي لجلال وجهه، وعظيم سلطانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)} [الشورى: 11].

له الخلق والأمر، وأمره بين الكاف والنون: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82)} [يس: 82].

والله تبارك وتعالى له الكمال المطلق في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، فهو بكل شيء عليم، وعلى كل شيء قدير، وهو الغني الذي له خزائن السموات والأرض، يعطي من يشاء، ويمنع من يشاء، لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، وما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثانية عشرة في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضية والتي عنوانها :         *فقه عظمة العظيم

مالك الملك، يعز من يشاء، ويذل من يشاء: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26) تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (27)} [آل عمران: 26، 27].

وهو سبحانه رب كل شيء ومليكه، لا إله غيره ولا رب سواه، مالك كل شيء، ورب كل شيء.

له وحده ربوبية الخلق والإيجاد والتدبير: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (62)} [الزمر: 62].

وله وحده ربوبية التعليم والإرشاد: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)} [العلق: 1 - 5].

وله وحده ربوبية التمليك والإمداد: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29].

وله وحده ربوبية التسخير: {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (20)} ... [لقمان: 20].

وله وحده ربوبية التكريم والاستخلاف: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (165)} [الأنعام: 165].

فما أعظم هذا الرب العظيم الكريم الرحيم الذي هذا فعله .. وهذا خلقه .. وهذا فضله .. وما أكرمه .. وما أرحمه بعباده.

وهذا عطاؤه في الدنيا لمن أطاعه وعصاه، ومن آمن به ومن كفر به، فكيف يكون عطاؤه وإكرامه في الآخرة لأهل طاعته؟.

{فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17)} [السجدة: 17].

وكيف يكون عذابه وجزاؤه في الآخرة لمن عصاه: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (14)} [النساء: 14].

وهو سبحانه العظيم الذي لا أعظم منه، الكبير الذي لا أكبر منه، والعظمة والكبرياء من خصائص الرب عزَّ وجلَّ، والكبرياء أعلى من العظمة، ولهذا جعلها سبحانه بمنزلة الرداء، كما جعل العظَمة بمنزلة الإزار.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الْعِزُّ إِزَارُهُ، وَالْكِبْرِيَاءُ رِدَاؤُهُ، فَمَنْ يُنَازِعُنِي عَذَّبْتُهُ» أخرجه مسلم         والله جل جلاله عظيم لا تراه العيون، ولا تدركه الأبصار: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103)} [الأنعام: 103].

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثالثة عشرة في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضيتين والتي عنوانها :         *فقه عظمة العظيم

وحين جاء موسى - صلى الله عليه وسلم - لميقات ربه، تشوفت روحه واشتاقت نفسه لرؤية ربه، فطلب من ربه أن ينظر إليه، فأعلمه الله أنه لا يطيق أن يراه، وأمره أن ينظر إلى الجبل الذي هو أمكن وأثبت وأكبر من الإنسان، فلما تجلى ربه للجبل جعله دكاً.

ومن رهبة الموقف خرّ موسى صعقاً، فغُشي عليه، وغاب عن وعيه كما قال سبحانه: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (143)} [الأعراف: 143].سبحانك تنزهت وتعاليت أن تُرى بالأبصار وتُدرك، تبت إليك من تجاوز المدى في سؤالك، وأنا أول المؤمنين بعظمتك وجلالك، وبما أنزلته من كلمات.

والله سبحانه هو الخلاق العليم، الذي خلق السموات والأرض، وخلق الشمس والقمر، وخلق الليل والنهار، وخلق البر والبحر، وخلق السهول والجبال، وخلق الإنس والجن، وخلق الروح والملائكة، وخلق الجبال والرياح: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ } [الزمر: 62].

والله عزَّ وجلَّ خالق كل شيء، خلق السموات والأرض، ثم استوى على العرش، وهو مع خلقه يبصر أعمالهم من فوق عرشه، ويسمع كلامهم، ويعلم أحوالهم، ويدبر أمورهم: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (7)} ... [المجادلة: 7].

فهذه المعية العامة لعموم الخلق.

أما المعية الخاصة فهي لعباده المؤمنين، وتكون بالنصرة لهم، والتأييد والمعونة كما قال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (128)} [النحل:128].

وهو سبحانه العلي العظيم، الذي علوه لا يناقض معيته، ومعيته لا تبطل عُلُوَّه، وكلاهما حق، فمعيته لعموم العباد بالعلم والإحاطة، ومعيته للمؤمنين معية القرب التي تتضمن الموالاة والنصر، والحفظ والإعانة.

والله جل جلاله هو مالك الملك وحده، ومالك الكون بلا شريك، يُملِّك من شاء من ملكه تمليك العارية، يستردها مالكها ممن يشاء، عندما يشاء، فليس لأحد مُلكية أصيلة يتصرف فيها على هواه، إنما هي ملكية معارة له، خاضعة لشروط المملِّك الأول وتعليماته، فإذا تصرف المستعير فيها تصرفاً حسناً موافقاً لأمر الله أسعده الله في الدنيا والآخرة. وإن تصرف في الملك تصرفاً سيئاً مخالفاً لأمر الله وقع هذا التصرف باطلاً، يحاسب ويعاقب عليه ممن ملّكه إياه.

والله سبحانه بيده الملك، وهو على كل شيء قدير، فالخسوف والكسوف، والبراكين والزلازل، والرياح والعواصف، وسائر القوى الكونية كلها بيد الله وحده، وليس في أيدي البشر منها شيء، وكل ما يبنيه الناس على ظهر الأرض تذهب به رجفة من رجفاتها، أو إعصار من أعاصيرها بأمر الله الواحد القهار.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

 

 

 

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الرابعة عشرة في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضيات والتي عنوانها :         *فقه عظمة العظيم

إن الإنسان قوي بالقدر الذي وهبه الله من القوة، عالم بالقدر الذي أعطاه الله من العلم، ولكن هذا الكون الهائل زمامه بيد خالقه،وقواه من إمداده، وهذه القوى تسير وفق أمره سبحانه، ويقف الإنسان أمام قوى الكون الهائلة مكتوف اليدين حسيراً،ليس له إلا أن يتذكر خالق هذه القوى،ويتطلع إلى عونه في مواجهتها

وحين ينسى الإنسان هذا، ويغتر وينخدع بما قسم

الله له من العلم والقدرة على تسخير بعض قوى الكون، فإنه يصبح مخلوقاً مسيخاً مقطوعاً عن العلم الحقيقي، ويخلد إلى الأرض، بينما العالم المؤمن كله راكع لربه الجليل.

إن جميع قوى الكون الهائلة تلجئ الإنسان الجاءً إلى موقف العجز والتسليم للخالق العظيم.

إن الله مالك الملك، استخلف هذا الإنسان في هذه الأرض، ووهبه من القوة والقدرة والعلم ما يشاء، والله كالئه وحاميه، والله رازقه ومعطيه، ولو تخلت عنه يد الله لحظة لسحقته أقل القوى المسخرة له، ولأكله الذباب، وما هو أصغر من الذباب، ولكنه بإذن الله مكلوء محفوظ مكرم من بارئه وفاطره.

والله تبارك وتعالى هو العظيم وحده، والعظيم هو الموصوف بكل صفة كمال، ولا يستحق ذلك إلا الله وحده.

ومن عظمته سبحانه أن السموات السبع والأرضين السبع في يد الرحمن أصغر من الخردلة، فهو سبحانه العظيم الذي يستحق من عباده أن يعظموه بقلوبهم وألسنتهم وجوارحهم، وذلك لا يكون إلا بعد معرفته بأسمائه وصفاته.  ومن تعظيمه سبحانه أن يُتقى حق تقاته، فيُطاع ولا يُعصى، ويُذكر فلا يُنسى، ويُشكر

فلا يُكفر.  ومن تعظيمه سبحانه تعظيم كل ما شرعه من زمان ومكان وأقوال وأعمال: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (32)} [الحج: 32].

ومن تعظيمه سبحانه ألا يعترض على شيء مما خلقه وشرعه، ولا على شيء مما قضاه وقدره، ولا على شئ مما أحله وحرمه.

ومن تعظيمه سبحانه توقير رسله، والعمل بما جاءوا به.

ومن تعظيمه سبحانه تعظيم حرماته:{ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ}الحج: 30

ومن تعظيم الله معرفة عظمته وجلاله، وجبروته وكبريائه، وآلائه وإحسانه: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67)}  [الزمر: 67].

ومن تعظيمه سبحانه عبادته وحده لا شريك له: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (102)} [الأنعام: 102].

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

 

 

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الخامسة عشرة في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضيات والتي عنوانها :         *فقه عظمة العظيم

والذي يُّحمد ويُمدح ويعظّم في الدنيا لأحد وجوه أربعة:

إما لكونه كاملاً في ذاته وأسمائه وصفاته، منزهاً عن النقائص والآفات ..

وإما لكونه محسناً إليك ..

وإما لكونك ترجو وصول إحسانه إليك في المستقبل .. وإما لأنك خائف من قهره وقوته وكمال سطوته.

فهذه الجهات الموجبة للتعظيم بين البشر.

والله وحده هو الكامل في ذاته وأسمائه وصفاته، وهو المحسن إلى جميع خلقه،وهو الذي يرجى دوام إحسانه، وهو القاهر فوق عباده، القاهر لجميع مخلوقاته.

فحقه سبحانه أن يُعبد وحده لا شريك له، وأن يُطاع أمره، وأن تُطاع رسله، وأن يُعمل بشرعه، وأن يُشكر فلا يُكفر، ويُذكر فلا يُنسى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)} [الأحزاب: 71].

وإذا أردت أن تقف على معرفة شيء من مبادئ عظمة الله وجلاله وكبريائه، فانظر في آياته ومخلوقاته في السماء والأرض، فإن عظمة المخلوق تدل على عظمة الخالق سبحانه، واستحضر في نفسك جميع مخلوقات الله تعالى من عالم الأجسام وعالم الأرواح، وعالم الغيب، وعالم الشهادة، وما تبصره، وما لاتبصره، وما خلقه الله في الدنيا، وما خلقه الله في الآخرة.

وذلك بأن تبدأ من نفسك فتستحضر في عقلك جملة أعضائك البسيطة والمركبة، والظاهرة والباطنة، وجميع قواك الطبيعية والحيوانية والإنسانية التي وهبك الله سبحانه.

ثم استحضر في عقلك جميع ما في هذا العالم من أنواع المعادن والتراب، والنبات والحيوان، والإنس والجان.  ثم ضم إليه ما خلق الله سبحانه من البحار والجبال،

والمفاوز والتلال، وجملة ما فيها من عجائب النبات

والحيوان وذرات الهباء.

ثم ترقَّ منها إلى بحر الهواء وما فيه من الطيور السابحات كما تسبح الأسماك في بحر الماء، غادية ورائحة، صاعدة وهابطة.

ثم ترقَّ منها إلى السماء الدنيا، وانظر إلى عظمتها وجمالها واتساعها، وكيف زينها الله عزَّ وجلَّ بالنجوم والكواكب المنثورة التي لا تحصى، فهل ترى فيها من فطور: {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ (6)} [ق: 6].ثم ترقَّ من سماء إلى سماء لترى عظمة صنع الله الذي أتقن كل شيء.

ثم ترقَّ بعقلك وفكرك حتى تصل إلى سدرة المنتهى

،والبيت المعمور، وما يطوف به من الملائكة، واللوح والقلم، والجنة والنار، والعرش والكرسي ترى مَلِكاً لا أعظم منه، ومُلكاً لا أعظم منه، وخلقاً لا أعظم منه.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة السادسة عشرة في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضيات والتي عنوانها :         *فقه عظمة العظيم                                       ثم انتقل من عالم الأجساد إلى عالم الأرواح،واستحضر  في عقلك جميع الأرواح العلوية والسفلية، البشرية

وغير البشرية. ثم استحضر جميع الأرواح المتعلقة بالوحي والنبات والجبال والبحار والمياه والأرحام والأقوال والأفعال.

ثم استحضر ملائكة سماء الدنيا، وملائكة جميع السموات السبع، تجد ما في السموات السبع موضع شبر إلا وفيه ملك قائم أو راكع أو ساجد لربه: {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ (19) يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ (20)}[الأنبياء: 19، 20].ثم استحضر جميع الملائكة الذين يطوفون بالبيت المعمور فوق السماء السابعة، ولكثرتهم من طاف به منهم لا يعود إليه.

ثم استحضر ملائكة الجنة، وخزنة النار، وكثرتهم وعظمة خلقهم. ثم استحضر جميع الملائكة المقربين، والحافين حول العرش، وجميع حملة العرش، وانظر إلى عظمتهم، وعظمة العرش الذي يحملون، وعظمة التسبيح والتقديس الذي به يتلذذون: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (7)} [غافر: 7]. والعرش أعظم المخلوقات وأعلاها وأوسعها، وما السموات السبع والأرضون السبع وما فيهن وما بينهن بالنسبة للكرسي إلا كحلقة ملقاة في أرض فلاة، وفضل العرش على الكرسي كفضل تلك الفلاة على تلك الحلقة، والعرش لا يقدر قدره أحد، ولا يعرف عظمته إلا الذي خلقه، والله بعظمته وجلاله وكبريائه مستوٍ على العرش بأعظم الصفات وأوسعها وهي صفة الرحمة كما قال سبحانه: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5)} [طه: 5]. وإذا عرفنا أن عظمة العرش في مقابل عظمة الله كالذرة بالنسبة للجبل، علمنا أن خالق هذا الكون، وفاطر هذا العالم، هو الله العظيم الذي لا أعظم منه، الكبير الذي لا أكبر منه، القوي الذي لا أقوى منه، الغني الذي لا أغنى منه، لا إله إلا هو رب العرش العظيم.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة السابعة عشرة في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضيات والتي عنوانها :         *فقه عظمة العظيم

فأعظم الطاعات معرفة الله سبحانه، وعبادته وحده لا شريك له، وحسن الظن به كما قال سبحانه: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ (19)} [محمد: 19].

وأعظم المعاصي الجهل بالله عزَّ وجلَّ، وسوء الظن به، فالمسيء به الظن قد ظن به خلاف كماله المقدس، وظن به ما يناقض أسماءه وصفاته، فأي ضلال وجهل

وسوء فوق هذا؟.ولهذا توعد الله سبحانه هؤلاء بما لم يتوعد به غيرهم : { الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (6)} [الفتح: 6].

وقال إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - لقومه: {مَاذَا تَعْبُدُونَ (85) أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ (86) فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (87)} [الصافات: 85 - 87].أي فما ظنكم بربكم أن يجازيكم به إذا لقيتموه وقد عبدتم معه غيره؟.

وما ظننتم به حتى عبدتم معه غيره؟.

وما ظننتم بأسمائه وصفاته وربوبيته من النقص حتى أحوجكم ذلك إلى عبادة غيره؟.

فلو ظننتم به ما هو أهله سبحانه من أنه بكل شيء عليم، وعلى كل شيء قدير، وأنه الغني عن كل ما سواه، وكل ما سواه فقير إليه، لما عبدتم معه غيره.

ولو علمتم أن الله قائم بالقسط على خلقه وحده، وأنه المتفرد بتدبير خلقه، لا يشركه فيه غيره، والعالِم بتفاصيل الأمور كلها فلا يخفى عليه خافية من خلقه، لما عبدتم معه غيره.

ولو علمتم أن الله وحده هو الكافي لعباده فلا يحتاج إلى معين، وهو الرحمن بذاته فلا يحتاج في رحمته إلى من يستعطفه، لما توكلتم إلا عليه، ولما عبدتم معه غيره.

إن الملوك والرؤساء والأمراء لعجزهم وجهلهم يحتاجون

إلى من يعرفهم أحوال الرعية وحوائجهم، وإلى من يعينهم على قضاء حوائجهم، وإلى من يستعطفهم ويسترحمهم بالشفاعة، فاحتاجوا إلى الوسائط ضرورة، لحاجتهم وضعفهم وعجزهم وقصور علمهم.

أما القادر على كل شيء، العالم بكل شيء، الغني بذاته عن كل شيء، الرحمن الرحيم الذي وسعت رحمته كل شيء، فإدخال الوسائط بينه وبين خلقه ينقص بحق ربوبيته وألوهيته وتوحيده وكماله، وظن به ظن السوء.

إن الله تبارك وتعالى وحده هو الرب العظيم، الذي يستحق لذاته كمال التعظيم والإجلال، وكمال التأله والخضوع، وهذا خالص حقه سبحانه.

فمن أقبح الظلم أن يُعطى حقه لغيره، أو يُشرك معه فيه غيره، لا سيما إذا كان الذي جُعل شريكه في حقه هو عبده ومملوكه كما قال سبحانه: {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (28)} ... [الروم: 28].

فما قدر الله حق قدره من جهل عظمته وقدرته وكبرياءه، وأشرك معه في عبادته من ليس له شيء من ذلك البتة، بل هو أعجز شيء وأضعفه.

   فهل قدر الله حق قدره من هذا وصفه؟

وهل قدر الله حق قدره من شارك بينه وبين عدوه

في محض حقه،من الإجلال والتعظيم، والطاعة والمحبة، والخضوع والذل، والرجاء والخوف؟. وهو سبحانه العظيم .. الذي خلق كل عظيم .. المالك لكل عظيم .. وخزائنه مملوءة بكل عظيم: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67)} [الزمر: 67]. واذا عرف الإنسان أن ربه العظيم بيده كل شيء أحبه وعظمه .. وتوكل عليه .. وخافه ورجاه .. وأقبل على طاعته .. واجتنب معاصيه وتلذذ بعبادته: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ(3)} [يونس: 3]. [ الأنترنت- موقع الكلم الطيب ]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثامنة عشرة في موضوع (العظيم) وستكون بعنوان : *إسم الله الأعظم

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي :

إن الله تبارك وتعالى حثَّنا على معرفة أسمائه وصفاته،

 وأثنى على من عرفها، وتفقه فيها، ودعا الله بها دعاء عبادة وتَعَبُّد ودعاء مسألة، ولا ريب أن الاسم الأعظم منها أولاها بهذا الأمر؛ فإنه تعالى هو الجواد المطلق الذي لا منتهى لجوده وكرمه، وهو يحب الجود على عباده، ومن أعظم ما جاد به عليهم تَعَرُّفُه لهم بأسمائه الحسنى وصفاته العليا؛ فالصواب أن الأسماء الحسنى كلها حسنى، وكل واحد منها عظيم، ولكن الاسم الأعظم منها كل اسم مفرد أو مقرون مع غيره إذا دل على جميع صفاته الذاتية والفعلية، أو دل على معاني جميع الصفات؛ مثل: الله؛ فإنه الاسم الجامع لمعاني الألوهية كلها، وهي جميع أوصاف الكمال.

 ومثل: الحميد المجيد؛ فإن الحميد الاسم الذي دل على جميع المحامد والكمالات لله تعالى. والمجيد الذي دل على أوصاف العظمة والجلال، ويقرب من ذلك الجليل الجميل الغني الكريم.

 ومثل: الحي القيوم؛ فإن الحي من له الحياة الكاملة العظيمة الجامعة لجميع معاني الذات. والقيوم الذي قام بنفسه واستغنى عن جميع خلقه وقام بجميع الموجودات ؛ فهو الاسم الذي تدخل فيه صفات الأفعال كلها.

 ومثل: اسمه العظيم الكبير الذي له جميع معاني العظمة والكبرياء في ذاته وأسمائه وصفاته، وله جميع معاني التعظيم من خواص خلقه.

ومثل: قولك: يا ذا الجلال والإكرام؛ فإن الجلال صفات العظمة والكبرياء والكمالات المتنوعة. والإكرام استحقاقه على عباده غاية الحب وغاية الذل وما أشبه ذلك.

 فعلم بذلك أن الاسم الأعظم اسم جنس، وهذا هو الذي تدل عليه الأدلة الشرعية والاشتقاق؛ كما في «السنن» أنه صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول: اللهم! إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت، الأحد، الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد. فقال:«والذي نفسي بيده؛ لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى»[أخرجه: الترمذي (3475)، وأبو داود (1493)،وابن ماجه (3857). وأخرجه: النسائي (3/ 52) بلفظ مغاير،والحديث صححه الألباني في كتاب التوسل (33)]

وكذلك الحديث الآخر حين دعا الرجل، فقال: اللهم! إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت المنان، بديع السماوات والأرض، ذو الجلال والإكرام، يا حي! يا قيوم! فقال صلى الله عليه وسلم:«والذي نفسي بيده؛ لقد دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى» [ ـ أخرجه أحمد (3/ 15، وأبو داود (1495) والنسائي (3/ 52)، وابن ماجه (385 والترمذي (3544) والحاكم (1/504).]

وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم؛ «اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين: {{وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَانُ الرَّحِيمُ *}} [البقرة: 163] ،{اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}} [البقرة: 255] .[ رواه أبو داود والترمذي و أخرجه: الإمام أحمد (6/461)، والترمذي (347 ـ وقال: " هذا حديث حسن صحيح" ـ، وـأبو داود (1496)، وابن ماجه (3855) ـ وحسنه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (3109).]

فمتى دعا الله العبدُ باسم من هذه الأسماء العظيمة بحضور قلب ورقة وانكسار؛ لم تكد ترد له دعوة..     [ كتاب مجموع الفوائد واقتناص الأوابد للشيخ عبد الرحمن سعدي  ملتقى أهل الحديث ]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة التاسعة عشرة في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :     *إسم الله الأعظم

وقال إبراهيم الهاشمي : ثبت اسم الله الأعظم بأربعة أحاديث وهي :

- الحديث الأول- حديث بريدة رضي الله عنه ان رسول الله سمع رجلاً يقول : اللهم إني اسالك بأني أشهد أنك انت الله لااله الا انت الاحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً احد . فقال :.( لقد سالت الله تعالى بالاسم الذي اذا سئل به اعطى واذا دعي به اجاب ) وفي رواية :.( لقد سالت الله تعالى باسمه الاعظم ). رواه في سننه الترمذي وابوداود وابن ماجه . قال ابن حجر :. ان هذا الحديث ارجح ماورد في الاسم الاعظم من حيث السند . وصححه ابن حبان و الحاكم والذهبي وقواه المقدسي وصححه الالباني والوادعي وحسنه الترمذي والسخاوي.

- الحديث الثاني- حديث أنس رضي الله عنه انه كان مع رسول الله جالساً ورجل يصلي ثم دعا: اللهم إني أسالك بان لك الحمد لااله الا انت المنان بديع السماوات و الارض ياذا الجلال و الاكرام ياحي ياقيوم فقال النبي : ( لقد دعا الله تعالى باسمه العظيم الذي اذا دعي به اجاب واذا سئل به اعطى ) . [رواه أحمد و البخاري في الادب المفرد و رواه الاربعة ]وقد صححه ابن حبان والحاكم و الذهبي والضياء المقدسي و الالباني . وحسنه ابن حجر والسخاوي والوادعي.

ـ الحديث الثالث- حديث أبي امامةرضي الله عنه يرفعه قال: "اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب في ثلاث: سورة البقرة وآل عمران وطه" وقال هشام -وهو ابن عمار خطيب دمشق-: أما البقرة فـ ( اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ) ،وفي آل عمران: {الم * اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ،وفي طه: {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ [طه:111] قال عنه المناوي [حديث سنده حسن وقيل صحيح] وقد صححه الألباني في صحيح الجامع وحسنه في السلسلة الصحيحة.

ـ الحديث الرابع- حديث أسماء بنت يزيد بن السكن، رضي الله عنها عن رسول الله أنه قال: "اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين: ( وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ) و{الم اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة العشرون في موضوع (العظيم) وستكون بعنوان : أسماء الله الحسنى الواردة مع شرحها .

 اولا: الأسماء الواردة في احاديث اسم الله (الأعظم)

هي إحدى عشر اسما لله عز وجل وهي.

1-[الله]2-[الواحد]3-[الأحد]4-[الصمد]5-[المنان] 6-[بديع السماوات والأرض]7-[ذوا لجلال والإكرام] 8-[الحي]9-[القيوم]10-[الرحمن]11-[الرحيم]

 ثانيا شرحها شرحا ميسرا.

الأول-[الله] هو المألوه المعبود, المستحق لإفراده بالعبادة, لما اتصف به من صفات الألوهية وهي صفات الكمال] تفسير السعدي رحمه الله.

الثاني- اسم الله[الواحد] أي متوحد منفرد في ذاته, وأسمائه, وصفاته, وأفعاله، فليس له شريك في ذاته, ولا سَمي له ولا كفو له, ولا مثل, ولا نظير, ولا خالق, ولا مدبر غيره، ] تفسير السعدي رحمه الله.

الثالث- اسم الله تعالى[الأحد][أي: قد انحصرت فيه الأحدية، فهو الأحد المنفرد بالكمال، الذي له الأسماء الحسنى، والصفات الكاملة العليا، والأفعال المقدسة

، الذي لا نظير له ولا مثيل. ] تفسير السعدي

الرابع- اسم الله تعالى[الصمد] [أي: المقصود في جميع الحوائج. فأهل العالم العلوي والسفلي مفتقرون إليه غاية الافتقار، يسألونه حوائجهم، ويرغبون إليه في مهماتهم، لأنه الكامل في أوصافه، العليم الذي قد كمل في علمه، الحليم الذي قد كمل في حلمه، الرحيم الذي كمل في رحمته الذي وسعت رحمته كل شيء، وهكذا سائر أوصافه،] تفسير السعدي رحمه الله.

الخامس- اسم الله تعالى [المنان] أَيْ كَثِير الْعَطَاء مِنْ الْمِنَّة بِمَعْنَى النِّعْمَةِ , وَالْمِنَّةُ مَذْمُومَةٌ مِنْ الْخَلْق لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا .  قَالَ صَاحِبُ الصِّحَاح : مَنَّ عَلَيْهِ هُنَا

 أَيْ أَنْعَمَ ، كتاب عون المعبود في شرح سنن ابي داود.

السادس- اسم الله تعالى [بَدِيع السَّمَوَات وَالْأَرْض] أي: خالقهما على وجه قد أتقنهما وأحسنهما على غير مثال سبق

السابع- [ذوالجلال والأكرام ] أي:  صَاحِب الْعَظَمَة وَالْمِنَّة] كتاب عون المعبود في شرح سنن ابي داود.

الثامن والتاسع- [الحي القيوم] هذان الاسمان الكريمان يدلان على سائر الأسماء الحسنى دلالة مطابقة وتضمنا ولزوما، فالحي من له الحياة الكاملة المستلزمة لجميع صفات الذات، كالسمع والبصر والعلم والقدرة، ونحو ذلك، والقيوم: هو الذي قام بنفسه وقام بغيره، وذلك مستلزم لجميع الأفعال التي اتصف بها رب العالمين من فعله ما يشاء من الاستواء والنزول والكلام والقول والخلق والرزق والإماتة والإحياء، وسائر أنواع التدبير، كل ذلك داخل في قيومية الباري، ولهذا قال بعض المحققين: إنهما الاسم الأعظم الذي إذا دعي الله به أجاب، وإذا سئل به أعطى،] تفسير السعدي

العاشر والحادي عشر[الرحمن الرحيم] اسمان دالان على أنه تعالى ذو الرحمة الواسعة العظيمة التي وسعت كل شيء, وعمت كل حي,وكتبها للمتقين المتبعين لأنبيائه ورسله. فهؤلاء لهم الرحمة المطلقة, ومن عداهم فلهم نصيب منها.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الواحدة والعشرون في موضوع (العظيم) وستكون بعنوان : * تعيين اسم الله الأعظم

ثم قال إبراهيم الهاشمي :

هذه بعض إجتهادات أهل العلم رحمهم الله في تعين اسم الله الأعظم سائلا المولى الكريم أن ينفعنا بها:

1- أن اسم الله الأعظم هو:[ ذو الجلال والإكرام]

إختاره الإمام مجاهد رحمه الله فقد روى الإمام الطبري رحمه الله في تفسيره في سورة النمل عند قوله تعالى[قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم (40) ] [ حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله : ( الذي عنده علم من الكتاب ) قال: الاسم الذي إذا دعي به أجاب، وهو: يا ذا الجلال والإكرام.]

2-أن اسم الله الأعظم هو :  لفظ الجلاله ( الله )

1-إختاره الإمام زيد بن جابر رحمه الله قال ابن أبـي

حاتم في تفسيره: حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح حدثنا إسماعيل ابن علية عن أبـي رجاء حدثني رجل عن جابر بن عبد الله بن زيد أنه قال:اسم الله الأعظم هو (الله ) ألم تسمع أنه يقول:{هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم}

2-وإختاره الإمام الشعبي رحمه الله قال ابن أبي الدنيا في كتاب الدعاء: حدثنا إسحق بن إسماعيل عن سفيان بن عيينة عن مسعر قال:قال الشعبي: اسم الله الأعظم يا [الله]

3- وإختاراه الإمامين أبو حنيفة والطحاوي رحمها الله قال الإمام الطحاوي في كتابه مشكل الآثار[بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي اسْمِ اللَّهِ الْأَعْظَمِ أَيُّ أَسْمَائِهِ هُوَ ) حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ وَمَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ { سَمِعَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَجُلًا يَقُولُ : اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك بِأَنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ الْأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ فَقَالَ : لَقَدْ سَأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِاسْمِهِ الَّذِي إذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى } . حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ الْهَمْدَانِيُّ قَالَ ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْر حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ : { مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ يُصَلِّي , وَهُوَ : يَقُولُ اللَّهُمَّ لَك الْحَمْدُ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ يَا مَنَّانُ يَا بَدِيعَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِنَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ تَدْرُونَ مَا دَعَا الرَّجُلُ قَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ دَعَا رَبَّهُ بِاسْمِهِ الْأَعْظَمِ الَّذِي إذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى } حَدَّثَنَا فَهْدٌ ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ثنا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ عَنْ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ عَنْ { أَنَسٍ قَالَ كُنْت قَاعِدًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَلْقَةٍ فَقَامَ رَجُلٌ يُصَلِّي فَلَمَّا رَكَعَ وَسَجَدَ وَقَعَدَ فَتَشَهَّدَ دَعَا فَقَالَ : اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك بِأَنَّ لَك الْحَمْدَ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَتَدْرُونَ مَا دَعَا قَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ : إنَّهُ دَعَا بِاسْمِهِ الْعَظِيمِ الَّذِي إذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى } .

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَهَذِهِ الْآثَارُ قَدْ رُوِيَتْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَّفِقَةً فِي اسْمِ اللَّهِ الْأَعْظَمِ أَنَّهُ (اللَّهُ )جَلَّ وَعَزَّ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي هَذَا شَيْءٌ نَحْو ما ذَكِرُوهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَهُوَ عنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ اسْمُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الْأَكْبَرُ هُوَ (اللَّهُ ) قَالَ مُحَمَّدٌ أَلَا تَرَى أَنَّ الرَّحْمَنَ اُشْتُقَّ مِنْ الرَّحْمَةِ وَالرَّبَّ مِنْ الرُّبُوبِيَّةِ وَذَكَرَ أَشْيَاءَ نَحْوَ هَذَا وَاَللَّهُ غَيْرُ مُشْتَقٍّ مِنْ شَيْءٍ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ أَنَّ مَا اسْتَخْرَجَهُ أَبُو حَفْصٍ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِيهِ ( اللَّهُ ) وَاَلَّذِي اسْتَخْرَجَهُ مِنْ آلِ عِمْرَانَ كَذَلِكَ أَيْضًا فِيهِ ( اللَّهُ ) فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ خَارِجًا مِنْ الْآثَارِ الَّتِي رَوَيْنَاهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ وَلَا مُخَالِفًا لِمَا فِيهَا وَكَانَ مَا اسْتَخْرَجَهُ مِمَّا فِي طَه قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كَمَا اسْتَخْرَجَهُ فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ اسْمَ اللَّهِ الْأَعْظَمَ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ مَا فِي طَه سِوَى ذَلِكَ , وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى فِيهَا { وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى اللَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ } الْآيَةَ فَيَرْجِعُ مَا فِي طَه إلَى مِثْلِ مَا رَجَعَ إلَيْهِ مَا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَمَا فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ أَنَّهُ اللَّهُ تَعَالَى   إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثانية والعشرون في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

* تعيين اسم الله الأعظم

3-أن اسم الله الأعظم هو : [ الحي]

إختاره شيخ الإسلام ابن تيمية فقد قال في مجموع الفتاوى قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ الْكُرَبِ الَّذِي رَوَاهُ أَحْمَد مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ : { اللَّهُمَّ إنِّي عَبْدُك ابْنُ عَبْدِك ابْنُ أَمَتِك نَاصِيَتِي بِيَدِك أَسْأَلُك بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَك سَمَّيْت بِهِ نَفْسَك أَوْ أَنْزَلْته فِي كِتَابِك أَوْ عَلَّمْته أَحَدًا مِنْ خَلْقِك أَوْ اسْتَأْثَرْت بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَك أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي وَنُورَ صَدْرِي وَجَلَاءَ حُزْنِي وَذَهَابَ هَمِّي وَغَمِّي إلَّا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَغَمَّهُ وَأَبْدَلَهُ بِهِ فَرَحًا . } . الرَّبِيعُ : هُوَ الْمَطَرُ الْمُنْبِتُ لِلرَّبِيعِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ فِي دُعَاءِ الِاسْتِسْقَاءِ : { اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا رَبِيعًا مُرْبِعًا } وَهُوَ الْمَطَرُ الوسمي الَّذِي يَسِمُ الْأَرْضَ بِالنَّبَاتِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ : { الْقُرْآنُ رَبِيعٌ لِلْمُؤْمِنِ } . فَسَأَلَ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَهُ مَاءً يُحْيِ بِهِ قَلْبَهُ كَمَا يُحْيِ الْأَرْضَ بِالرَّبِيعِ وَنُورًا لِصَدْرِهِ . وَالْحَيَاةُ وَالنُّورُ جِمَاعُ الْكَمَالِ كَمَا قَالَ : { أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ } وَفِي خُطْبَةِ أَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ : يُحْيُونَ بِكِتَابِ اللَّهِ الْمَوْتَى وَيُبَصِّرُونَ بِنُورِ اللَّهِ أَهْلَ الْعَمَى ; لِأَنَّهُ بِالْحَيَاةِ يَخْرُجُ عَنْ الْمَوْتِ وَبِالنُّورِ يَخْرُجُ عَنْ ظُلْمَةِ الْجَهْلِ فَيَصِيرُ حَيًّا عَالِمًا نَاطِقًا وَهُوَ كَمَالُ الصِّفَاتِ فِي الْمَخْلُوقِ . وَكَذَلِكَ قَدْ قِيلَ  فِي  الْخَالِقِ حَتَّى النَّصَارَى فَسَّرُوا الْأَبَ وَالِابْنَ وَرُوحَ الْقُدُسِ بِالْمَوْجُودِ الْحَيِّ الْعَالِمِ .    وَالْغَزَالِيُّ رَدَّ صِفَاتِ اللَّهِ إلَى الْحَيِّ الْعَالِمِ وَهُوَ مُوَافِقٌ فِي الْمَعْنَى لِقَوْلِ الْفَلَاسِفَةِ : عَاقِلٌ وَمَعْقُولٌ وَعَقْلٌ ; لِأَنَّ الْعِلْمَ يَتْبَعُ الْكَلَامَ الْخَبَرِيَّ وَيَسْتَلْزِمُ الْإِرَادَةَ وَالْكَلَامَ الطَّلَبِيَّ ; لِأَنَّ كُلَّ حَيٍّ عَالِمٌ فَلَهُ إرَادَةٌ وَكَلَامٌ وَيَسْتَلْزِمُ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ لَكِنْ هَذَا لَيْسَ بِجَيِّدِ لِأَنَّهُ يُقَالُ : فَالْحَيُّ نَفْسُهُ مُسْتَلْزِمٌ لِجَمِيعِ الصِّفَاتِ وَهُوَ أَصْلُهَا ; وَلِهَذَا كَانَ أَعْظَمَ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ : { اللَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ } . وَهُوَ الِاسْمُ الْأَعْظَمُ ; لِأَنَّهُ مَا مِنْ حَيٍّ إلَّا وَهُوَ شَاعِرٌ مُرِيدٌ فَاسْتَلْزَمَ جَمِيعَ الصِّفَاتِ فَلَوْ اكْتَفَى فِي الصِّفَاتِ بِالتَّلَازُمِ لَاكْتَفَى بِالْحَيِّ وَهَذَا يَنْفَعُ فِي الدَّلَالَةِ وَالْوُجُودِ لَكِنْ لَا يَصِحُّ أَنْ يُجْعَلَ مَعْنَى الْعَالِمِ هُوَ مَعْنَى الْمُرِيدِ فَإِنَّ الْمَلْزُومَ لَيْسَ هُوَ عَيْنَ اللَّازِمِ وَإِلَّا فَالذَّاتُ الْمُقَدَّسَةُ مُسْتَلْزِمَةٌ لِجَمِيعِ الصِّفَاتِ . فَإِنْ قِيلَ : فَلِمَ جَمَعَ فِي الْمَطْلُوبِ لَنَا بَيْنَ مَا يُوجِبُ الْحَيَاةَ وَالنُّورَ فَقَطْ دُونَ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْحَيَاةِ أَوْ الِازْدِيَادِ مِنْ الْقُدْرَةِ وَغَيْرِهَا ؟ قِيلَ : لِأَنَّ الْأَحْيَاءَ الْآدَمِيِّينَ فِيهِمْ مَنْ يَهْتَدِي إلَى الْحَقِّ وَفِيهِمْ مَنْ لَا يَهْتَدِي . فَالْهِدَايَةُ كَمَالُ الْحَيَاةِ وَأَمَّا الْقُدْرَةُ فَشَرْطٌ فِي التَّكْلِيفِ لَا فِي السَّعَادَةِ فَلَا يَضُرُّ فَقْدُهَا وَنُورُ الصَّدْرِ يَمْنَعُ أَنْ يُرِيدَ سِوَاهُ . ثُمَّ قَوْلُهُ : { رَبِيعَ قَلْبِي وَنُورَ صَدْرِي } لِأَنَّهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ : الْحَيَا لَا يَتَعَدَّى مَحَلَّهُ ; بَلْ إذَا نَزَلَ الرَّبِيعُ بِأَرْضِ أَحْيَاهَا . أَمَّا النُّورُ فَإِنَّهُ يَنْتَشِرُ ضَوْءُهُ عَنْ مَحَلِّهِ . فَلَمَّا كَانَ الصَّدْرُ حَاوِيًا لِلْقَلْبِ جَعَلَ الرَّبِيعَ فِي الْقَلْبِ وَالنُّورَ فِي الصَّدْرِ لِانْتِشَارِهِ كَمَا فَسَّرَتْهُ الْمِشْكَاةُ ; فِي قَوْلِهِ : { مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ } وَهُوَ الْقَلْبُ ]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثالثة والعشرون في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

* تعيين اسم الله الأعظم

4-أن اسم الله الأعظم هو: [الحي القيوم]

وقد إختار هذا القول الإمام ابن القيم رحمه الله فقد قال في كتابه القيم زاد المعاد[وفي تأثير قوله‏:‏ يا حي يا قيوم، برحمتك أستغيث في دفع هذا الداء مناسبة بديعة، فإن صفة الحياة متضمنة لجميع صفات الكمال، مستلزمة لها، وصفة القيومية متضمنة لجميع صفات الأفعال، ولهذا كان اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى‏:‏ هو اسم الحي القيوم، والحياة التامة تضاد جميع الأسقام والآلام، ولهذا لما كملت حياة أهل الجنة لم يلحقهم هم ولا غم ولا حزن ولا شيء من الآفات‏.‏ ونقصان الحياة تضر بالأفعال، وتنافي القيومة، فكمال القيومية لكمال الحياة، فالحي المطلق التام الحياة لا تفوته صفة الكمال البتة، والقيوم لا يتعذر عليه فعل ممكن البتة، فالتوسل بصفة الحياة القيومية له تأثير في إزالة ما يضاد الحياة،ويضر بالأفعال‏‏

ونظير هذا توسل النبي ـ ـ إلى ربه بربوبيته لجبريل وميكائيل وإسرافيل أن يهديه لما اختلف فيه من الحق بإذنه، فإن حياة القلب بالهداية، وقد وكل الله سبحانه هؤلاء الأملاك الثلاثة بالحياة، فجبريل موكل بالوحي الذي هو حياة القلوب، وميكائيل بالقطر الذي هو حياة الأبدان والحيوان، وإسرافيل بالنفخ في الصور الذي هو سبب حياة العالم وعود الأرواح إلى أجسادها، فالتوسل إليه سبحانه بربوبية هذه الأرواح العظيمة الموكلة بالحياة، له تأثير في حصول المطلوب‏.‏

والمقصود‏:‏ أن لاسم الحي القيوم تأثيرًا خاصًا في إجابة الدعوات، وكشف الكربات، وفي السنن و صحيح أبي حاتم مرفوعًا‏:‏ ‏(‏اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين‏)‏‏.‏ ‏{‏وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم‏}‏ وفاتحة آل عمران ‏{‏الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم‏}‏ ، قال الترمذي‏:‏ حديث صحيح‏.‏

وفي السنن وصحيح ابن حبان أيضًا‏:‏ من حديث أنس أن رجلًا دعا، فقال‏:‏ اللهم إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت المنان، بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم، فقال النبي ـ ـ‏:‏ ‏(‏(‏لقد دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا

سئل به أعطى‏) ولهذا كان النبي ـ ـ إذا اجتهد في الدعاء قال‏:‏ ‏(‏يا حي يا قيوم‏)‏ [ الأنترنت – موقع الآجري ]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الرابعة والعشرون في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

* تعيين اسم الله الأعظم

وقال عبدالغني آل خصخوصي :

    من خلال ما تقدم نستنتج أن اسم الله الأعظم هو (الحي القيوم), لذلك كان صلى الله عليه و سلم يعلمه لفاطمة كما ورد ذلك في حديث صحيح عن أنس بن مالك قال : قال النبي لفاطمة :( ما يمنعك أن تسمعي ما أوصيك به ، أو تقولي إذا أصبحت وإذا أمسيت : يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث ، أصلح لي شأني كله ، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين )

[ رواه النسائي في "السنن الكبرى" (6/147) وفي "عمل اليوم والليلة" (رق/46) ، والحاكم في "المستدرك" (1/730) ، والبيهقي في "الأسماء والصفات(112) ]

و عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ كَانَ إِذَا أَهَمَّهُ الأَمْرُ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ ‏"‏ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ ‏"‏ ‏.‏ وَإِذَا اجْتَهَدَ فِي الدُّعَاءِ قَالَ ‏"‏ يَا حَىُّ يَا قَيُّومُ ‏"‏ ‏. جامع الترمذي _ و قال أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ ‏.‏توصلنا من خلال النقل إلى كون اسم الله الأعظم هو "الحي القيوم" وهو أعظم الأسماء الحسنى و ذلك لأن الله إنما عرف بهذه الأسماء لندعوه بها:

 * وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ : يكفيك أيها العبد أن تعرف أن الله قريب مجيب دون الخوض في السؤال عن ذاته العلية لأنه ليس كمثله شيء و هو السميع البصير

* فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ: و شرط إجابة الدعاء والرشاد هو الاستجابة لله باتباع الهدى ( فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي) و الإيمان بالله غيبا (وَلْيُؤْمِنُوا بِي)  و قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ

وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ

مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [ الأعراف 180]

بعد أن أخبر تعالى في الآية السابقة أنه قريب مجيب, يعلم عباده كيف يدعوه ليستجيب لهم و كيف يسألوه ليعطيهم , كما علمنا من قبل: كيف نحمده ب: الحمد لله رب العالمين؟ كيف نثني عليه ب: الرحمان الرحيم  ؟

  كيف نمجده ب: مالك يوم الدين؟

  وسمي باسم الله الأعظم لأنه مركب من اسمين من أسماء الله الحسنى:"الحي" الذي لا يموت الذي خلق الموت و الحياة

"القيوم" الذي يقوم بلا انقطاع بتدبير شؤون و متطلبات حياة الخلائق من الرزق والأمن.

 و من الأدلة العقلية على كون الاسم الأعظم لله تعالى هو "الحي القيوم" :

    1. ارتباط كل النعم الأخرى على اختلافها و تنوعها بالحياة, إذ لا قيمة للنعم بفقدان الحياة كما قيل: "لا يَضُرُّ الشاةَ سَلخُها بَعدَ ذَبحِها" فبالموت تنعدم قيمة هذه النعم الدنيوية

    2. ارتباط الحياة بالنعم الدنيوية, فلا حلاوة للحياة بفقدان هذه النعم, كما قال تعالى حين حذر آدم من سماع مكر إبليس لعنه الله و خروجه من النعيم إلى الشقاء: {فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ (117) إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَىٰ (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَىٰ } (119) طه  [الأنترنت – موقع ملتقى أهل التفسير ]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الخامسة والعشرون في موضوع (العظيم) وستكون بعنوان :

*الآثار الإيمانية لاسم الله (العظيم)

1- إن الله سبحانه، هو العظيم المطلق، فهو عظيم في ذاته، عظيم في أسمائه كلها، عظيم في صفاته كلها، فهو عظيم في سمعه وبصره، عظيم في قدرته وقوته، عظيم في علمه...، فلا يجوز قصر عظمته في شيء دون شيء، لأن ذلك تحكم لم يأذن به الله.

قال ابن القيم رحمه الله في نونيته مقرراً ذلك:

وهو العظيم بكل معنى يوجب

التــعظيم لا يحصيه من إنسان

فمن عظمته في علمه وقدرته أنه لا يشق عليه أن يحفظ السماوات السبع والأرضين السبع، ومن فيهما كما قال: {وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ}

2- الفرق بين عظمة الخالق والمخلوق:

أن المخلوق قد يكون عظيماً في حال دون حال، وفي زمان دون زمان، فقد يكون عظيماً في شبابه، ولا يكون كذلك عند شيبه، وقد يكون ملكاً أو غنياً معظماً في قومه، فيذهب ملكه وغناه أو يفارق قومه وتذهب عظمته معها، لكن الله سبحانه هو العظيم أبدا.

قال الحليمي في (العظيم): ومعناه الذي لا يمكن الامتناع عليه بالإطلاق، لأن عظيم القوم إنما يكون مالك أمورهم، الذي لا يقدرون على مقاومته ومخالفة أموره، إلا أنه وإن كان كذلك، فقد يلحقه العجز بآفات تدخل عليه فيما بيده فتوهنه وتضعفه، حتى يستطاع مقاومته، بل قهره وإبطاله، والله جل ثناؤه قادر لا يعجزه شيء، ولا يمكن أن يعصى  كرهاً ،

 أو يخالف أمره قهراً. فهو العظيم إذاً حقاً وصدقا اهـ

3- على المسلم أن يعظم الله حق تعظيمه، ويقدره حق قدره، وإن كان هذا لا يستقصى، إلا أن على المسلم أن يبذل قصارى ما يملك لكي يصل إليه.

وتعظيم الله سبحانه وتعالى أولاً، إنما هو بوصفه بما يليق به من الأوصاف والنعوت التي وصف بها نفسه، والإيمان بها وإثباتها له، دون تشبيهها بخلقه، ولا تعطيلها عما تضمنته من معاني عظيمة. فمن شبه ومثل، أو عطل وأول، فما عظم الله حق تعظيمه.

ومن تعظيمه جل علا، الإكثار من ذكره في كل وقت وحين، والبدء باسمه في جميع الأمور،وحمده والثناء

عليه  بما هو أهل له، وتهليله وتكبيره.

ومن تعظيم الله سبحانه، أن يطاع رسوله صلى الله عليه وسلم {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ [النساء: 64]، فمن أطاع الرسول فقد أطاع المُرسل {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ} [النساء: 80]، ومن عصاه فقد عصى الله. ومن تعظيم الله سبحانه أن يعظم رسوله ويوقره،    قال تعالى{ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ [الفتح: وأن لا يُقدِم على كلامه أحد مهما كانت مكانته قال تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ [الحجرات: 1].                         إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة السادسة والعشرون في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

*الآثار الإيمانية لاسم الله (العظيم)

ومن تعظيم الله سبحانه أن يصدق كتابه، لأنه كلامه، وأن يحكم في الأرض لأنه شرعه الذي ارتضاه للناس أجمعين. فمن لم يفعل فما عظم الله حق تعظيمه، بل التحق بأشباهه من اليهود الذين اتخذوا كتاب الله وراءهم ظهرياً واتبعوا شياطين الإنس والجن.

ومن تعظيم الله سبحانه، أن تعظم شعائر دينه كالصلاة والزكاة والصيام والحج والعمرة وغيرها.

قال تعالى: وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج: 32].

ومن تعظيم الله سبحانه أن تجتنب نواهيه ومحارمه التي حرمها في كتابه، أو حرمها رسوله صلى الله عليه وسلم قال تعالى: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ [الحج: 30] ومن أعظم ما حرمه الله الشرك بأنواعه. ومقابل هذا أن يعمل المسلم بأوامره التي أمر بها، والتي من أعظمها توحيده وإفراده بالعبادة. وحده لا شريك له.

4- ليس أضل من ذلك الإنسان الذي أبى أن يعبد الله وحده، وأصر على أن يشرك به مالا يملك له رزقاً، ولا يملك له نفعاً ولا ضراً، من أوثان وأحجار وأشجار، أو قبور وأضرحة، قد صار أصحابها عظاماً نخرة، فكيف تَقضي لهم حاجة؟ أو تَشفي لهم مريضاً؟ أو تَرد لهم غائباً؟ لكنه العمى والضلال البعيد، وهم في الآخرة في العذاب الشديد {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ [الحاقة: 30-33]، فلما لم يعظمه حق التعظيم، عذب العذاب العظيم.

وهذا في المشركين الذين أقروا بخالقهم وخالق السموات والأرض، وأنه منزل المطر ومحي الأرض بعد موتها، فما بالك بأولئك الشيوعيين الأنجاس، الذين أبت نفوسهم العفنة أن تقر بخالقها ورازقها ومدبر أمرها، والذين يسمون أنفسهم بـ (اليساريين) وما أصدق هذه التسمية عليهم، فهم أهل اليسار حقاً في الآخرة {وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ لاَّ بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ [الواقعة: 41-44].

4- أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يسبح بهذا الاسم في الركوع فقال: ((... ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً، فأما الركوع فعظموا فيه الرب عز وجل، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم)  [ الأنترنت – موقع الدرر السنية ]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة السابعة والعشرون في موضوع (العظيم) وستكون بعنوان : شرح دعاء الكرب:

(  لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ، وَرَبُّ الْأَرْضِ، وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ)) [ البخاري، كتاب الدعوات، باب الدعاء عند الكرب، برقم 6345 ] ، [ ومسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب دعاء الكرب،  برقم 2730.]

المفردات:

العظيم: هو اسم جليل لربنا عز وجل يدلّ على عظمة الذات، والصفات لله جلَّ وعلا، وهو من صفات الذات والفعل كذلك، دلّ عليه قوله تعالى:

﴿ذَلِكَ أَمْرُ اللَّه أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّه يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا﴾ [ سورة الطلاق، الآية: 5.]

الكريم: هذا الاسم للَّه تعالى يدل على سعة خيراته وفضائل كرائمه التي لا تحد ولا تعد فهو الجامع لأنواع الخير والشرف والفضائل، فمن كمال كرمه تعالى أنه تعالى يستحي من عبده إذا رفع يديه أن يردهما فارغتين دون عطاء، وهو يدل على صفة الذات والفعل .

الحليم: وهذا الاسم يدل على الصفح والأناة، فاللَّه تعالى لا يعجل العقوبة على عباده مع كثرة ذنوبهم و عصيانهم، بل يرزقهم ولا يحبس أفضاله عليهم،

 وهو من صفة الأفعال .

العرش: هو سرير الملك وهو أعظم المخلوقات، فوق جميع العباد استوى عليه تعالى استواء يليق بجلاله وعظمته، واستوائه جل وعلا من صفاته الفعلية التي تتعلق بمشيئته [فاستواؤه على العرش معلوم، والإيمان به واجب، والكيف مجهول، والسؤال عنه بدعة]، أما علوّه تعالى فهو من الصفات الذاتية.

الشرح:

هذا حديث عظيم جليل القدر، ينبغي الاعتناء به، والإكثار منه عند الكرب، والأمور العظيمة

 قال الطبري: كان السلف يدعون به ويسمونه

دعاء الكرب [ شرح النووي على صحيح مسلم، 9/ 55 ] فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوله عند كربه وإذا حزبه أمر أي: إذا نزل وألمَّ به أمر شديد، سُمِّي بدعاء الكرب لأنه ذِكْرٌ يُستفتح به الدعاء ثم يدعو بما شاء [  شرح النووي على صحيح مسلم، 9/ 55 ] ولأنه كذلك يتضمن الدعاء لأنه في سياق بيان الحال، وقد بيَّنا في تفسير بعض آيات الدعاء، أن الدعاء يكون بالطلب الصريح، ويكون بالطلب غير الصريح من شكاية الحال: من ضعفٍ، وعجزٍ، وغير ذلك، المتضمن للسؤال بالكشف عن ما ألمَّ به العبد من ضر ،  مثل دعاء موسى عليه السلام ((رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ)).

((وهذا الدعاء المبارك فيه كلمات إيمان عظيمة، وكلمات  توحيد، وتعظيم، وإخلاص للَّه عز وجل بالإفراد له تعالى: بالألوهية، والربوبية، والأسماء والصفات، وفي هذا الحديث: دلالة واضحة على أن أعظم علاج للكرب، هو الإيمان، والتوحيد الخالص للَّه تعالى، وأن ترديد هذه الكلمات العظام مُذْهِبٌ للكرب، والهمّ، والغمّ، فما دفعت شدائد الدنيا، وأهوال الآخرة بمثل التوحيد، فإذا قالها المسلم مُتأمِّلاً لمعانيها مُتفكِّراً في دلالاتها: سكن قلبه، واطمأنّت نفسه، وزال عنه كربه، وشدته)) [  فقه الأدعية والأذكار، 4/ 186 بتصرف ] فلا يثبت الكرب والهمّ أمام كلمات التوحيد والتعظيم الخالص للَّه تعالى رب العالمين، واقتران اسمه تعالى: ((العظيم الحليم)) دلالة على كمال آخر غير الكمال في إفراد أحدهما، ففي اقترانهما دلالة كمال عظمته مع حلمه تعالى عكس البشر، فإنه قد يكون عظيماً، وليس بحليم، وقد يكون حليماً وهو ذليل، فهو تعالى لم تمنعه عظمته من الحلم بخلقه، ولم يكن حلمه جل وعلا عن ضعف وعجز، بل عن كمال العظمة والجلال، وكذلك سعة حلمه مع كمال عظمته جل وعلا، فهو العظيم الحليم على الإطلاق.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثامنة والعشرون في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

شرح دعاء الكرب:

ووجه ذكر اسمه تعالى ((العظيم))؛ لأنه تعالى لا يتعاظم عليه شيء مهما كان، ومن ذلك تفريج الكروب والهموم، فكأنه يقول: يا رب أنت العظيم الذي لا يتعاظم عليك شيء، وأنت الحليم فلم تُعجِّل عليَّ عقوبتك مع كثرة ذنوبي، وأنت رب السموات والأرض، ورب أعظم مخلوقاتك عرشك العظيم، أسألك أن تَفْرُجَ عنِّي: كربي، وهمّي، وغمّي.

ووجه ذكر اسمه تعالى ((الحليم)) في هذا الدعاء المبارك: لأن كرب المؤمن غالباً يكون بسبب تقصيرٍ في حق ربه؛ فإن المصائب بسبب الذنوب قال تعالى: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ [ سورة الشورى، الآية: 30 ] وقد يكون حصول الكرب بسبب الغفلة. وفي تكرير ذكر العرش لأنه أعظم المخلوقات ، قال ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: ((الكرسي موضع القدمين، والعرش لا يقدر قدره إلا اللّه تعالى))، أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات، برقم 828، والطبراني في المعجم الكبير 12/ 39، والترمذي الحكيم في نوادر الأصول، 3/ 139، والضياء المقدسي في المختارة، 10/ 310، وأبو الشيخ في العظمة، 2/ 582، وصححه الألباني في شرح الطحاوية، ص 842،

وهذا حكمه حكم الموجودات وتنبيهاً على عظم شأن خالقه عز وجل فإن من كان كذلك لا يعجزه أي أمر مهما كان. [ الأنترنت – موقع الكلم الطيب ]

 *الخلاف في اسم الله الأعظم

قال المنجد : قد اختلف أهل العلم في " اسم الله الأعظم " من حيث وجوده على أقوال :

القول الأول :

إنكار وجوده أصلاً ! لاعتقادهم بعدم تفضيل اسم من أسماء الله تعالى على آخر ، وقد تأول هؤلاء الأحاديث الواردة السابقة فحملوها على وجوه :

الوجه الأول : من قال بأن معنى " الأعظم " هو " العظيم " وأنه لا تفاضل بين أسماء الله تعالى .

قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :

وقد أنكره قوم كأبي جعفر الطبري وأبي الحسن الأشعري وجماعة بعدهما كأبي حاتم بن حبان والقاضي أبي بكر الباقلاني فقالوا : لا يجوز تفضيل بعض الأسماء على بعض ، ونسب ذلك بعضُهم لمالك ؛ لكراهيته أن تعاد سورة أو تردد دون غيرها من السور لئلا يُظن أن بعض القرآن أفضل من بعض فيؤذن ذلك باعتقاد نقصان المفضول عن الأفضل ، وحملوا ما ورد من ذلك على أن المراد بالأعظم : العظيم ، وأن أسماء الله كلها عظيمة ، وعبارة أبي جعفر الطبري : " اختلفت الآثار في تعيين الاسم الأعظم والذي عندي : أن الأقوال كلها صحيحة إذ لم يرد في خبر منها أنه الاسم الأعظم ، ولا شيء أعظم منه " ، فكأنه يقول : كل اسم من أسمائه تعالى يجوز وصفه بكونه أعظم ، فيرجع إلى معنى عظيم كما تقدم .انتهى

الوجه الثاني : أن المراد بالأحاديث السابقة بيان مزيد ثواب من دعا بذلك الاسم .

قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :

وقال ابن حبان : الأعظمية الواردة في الأخبار :

 إنما يراد بها مزيد ثواب الداعي بذلك ، كما أطلق ذلك في القرآن ، والمراد به : مزيد ثواب القارئ .انتهى

الوجه الثالث : أن المراد بالاسم الأعظم حالة يكون عليها الداعي ، وهي تشمل كل من دعا الله تعالى بأي اسم من أسمائه ، إن كان على تلك الحال .

قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :وقيل : المراد بالاسم الأعظم : كل اسم من أسماء الله تعالى دعا العبد به مستغرقاً بحيث لا يكون في فكره حالتئذ غير الله تعالى ، فإن من تأتَّى له ذلك : استجيب له ، ونقل معنى هذا عن جعفر الصادق ، وعن الجنيد ، وعن غيرهما . إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة التاسعة والعشرون في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

*الخلاف في اسم الله الأعظم

القول الثاني : قول من قال بأن الله تعالى قد استأثر بعلم تحديد اسمه الأعظم ، وأنه لم يُطلع عليه أحداً من خلقه

قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - : وقال آخرون : استأثر الله تعالى بعلم الاسم الأعظم ولم يطلع عليه أحداً من خلقه .انتهى [فتح الباري " ، للحافظ ابن حجر ( 11 / 224 ) ]

القول الثالث :قول من أثبت وجود اسم الله الأعظم

وعيَّنه ، وقد اختلف هؤلاء المعينون في الاسم الأعظم على أربعة عشر قولاً ! وقد ساقها الحافظ ابن حجر رحمه الله في كتابه  [ فتح الباري " ( 11 / 224 ، 225 ) ]

وهي :1. هو ! 2. الله 3. الله الرحمن الرحيم 4. الرحمن الرحيم الحي القيوم 5. الحي القيوم 6. الحنان المنان بديع السماوات والأرض ذو الجلال والاكرام الحي القيوم 7. بديع السماوات والأرض ذو الجلال والاكرام 8. ذو الجلال والإكرام 9. الله لا إله إلا هو الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد 10. رب رب 11. دعوة ذي النون في بطن الحوت " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " 12. هو الله الله الله الذي لا إله إلا هو رب العرش العظيم 13. هو مخفي في الأسماء الحسنى 14. كلمة التوحيد " لا إله إلا الله " .

قال الشيخ الألباني رحمه الله :واعلم أن العلماء اختلفوا في تعيين اسم الله الأعظم على أربعة عشر قولاً ، ساقها الحافظ في " الفتح " ، وذكر لكل قول دليله ، وأكثرها أدلتها من الأحاديث ، وبعضها مجرد رأي لا يلتفت إليه ، مثل القول الثاني عشر ؛ فإن دليله : أن فلاناً سأل الله أن يعلِّمه الاسم الأعظم ، فرأى في النوم ؛ هو الله ، الله ، الله ، الذي لا إله إلا هو رب العرش العظيم !! .

وتلك الأحاديث منها الصحيح ، ولكنه ليس صريح الدلالة ، ومنها الموقوف كهذا ، ومنها الصريح الدلالة ؛ وهو قسمان :

قسم صحيح صريح ، وهو حديث بريدة : ( الله لا إله إلا هو الأحد الصمد الذي لم يلد ... ) إلخ ، وقال الحافظ : " وهو أرجح من حيث السند من جميع ما ورد في ذلك " ، وهو كما قال رحمه الله ، وأقره الشوكاني في[ تحفة الذاكرين  ص 52  وهو مخرج في صحيح أبي داود ( 1341 )  ]

والقسم الآخر : صريح غير صحيح ، بعضه مما صرح الحافظ بضعفه ؛ كحديث القول الثالث عن عائشة في  [ ابن ماجه ( 3859 ) ]، وهو في [ ضعيف ابن ماجه " رقم ( 841 ) ] وبعضه مما سكت عنه فلم يحسن ! كحديث القول الثامن من حديث معاذ بن جبل في الترمذي ، وهو مخرج في         [ الضعيفة " برقم ( 4520 )  ]

وهناك أحاديث أخرى صريحة لم يتعرض الحافظ لذكرها ، ولكنها واهية ، [سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة " ( 13 / 279 ) ]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثلاثون في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

*الخلاف في اسم الله الأعظم

ثالثاً: لعل ألأقرب من تلك الأقوال أن الاسم الأعظم هو " الله " ؛ فهو الاسم الجامع لله تعالى الذي يدل على جميع أسمائه وصفاته تعالى ، وهو اسم لم يُطلق على أحد غير الله تعالى ، وعلى هذا أكثر أهل العلم

 1-قال ابن القيم : اسم " الله " دالٌّ على جميع الأسماء الحسنى والصفات العليا بالدلالات الثلاث مدارج 1 / 32   

والدلالات الثلاث هي : المطابقة والتضمن واللزوم .

2. وقال ابن أمير حاج الحنفي :عن محمد بن الحسن قال : سمعتُ أبا حنيفة رحمه الله يقول : اسم الله الأعظم هو " الله " , وبه قال الطحاوي وكثير من العلماء , وأكثر العارفين . وفي  [ التقرير والتحبير " ( 1 / 5 )  ]

3. وقال أبو البقاء الفتوحي الحنبلي : فائدتان : الأولى : أن اسم " الله " علم للذات , ومختص به , فيعم جميع أسمائه الحسنى .

الثانية : أنه اسم (الله) الأعظم عند أكثر أهل العلم الذي هو متصف بجميع المحامد .[ شرح الكوكب المنير " ( ص 4 )  ]

4. وقال الشربيني الشافعي :وعند المحققين أنه اسم (الله) الأعظم ، وقد ذكر في القرآن العزيز في ألفين وثلثمائة وستين موضعاً[ مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج (1 /88 ،89 ]

5. وقال الشيخ عمر الأشقر :والذي يظهر من المقارنة بين النصوص التي ورد فيها اسم الله الأعظم أنّه :     ( الله ) ، فهذا الاسم هو الاسم الوحيد الذي يوجد في جميع النصوص التي قال الرسول صلى الله عليه وسلم إنّ اسم الله الأعظم ورد فيها .

ومما يُرجِّح أن ( الله ) هو الاسم الأعظم أنه تكرر في القرآن الكريم ( 2697 ) سبعاً وتسعين وستمائة وألفين - حسب إحصاء المعجم المفهرس - وورد بلفظ ( اللهم ) خمس مرات ، في حين أنّ اسماً آخر مما يختص بالله تعالى وهو ( الرحمن ) لم يرد ذكره إلا سبعاً وخمسين مرة ، ويرجحه أيضاً : ما تضمنه هذا الاسم من المعاني العظيمة الكثيرة . [ العقيدة في الله " ( ص 213 )  ]

ويأتي في الدرجة الثانية من القوة في كونه اسم الله الأعظم " الحي القيوم " ، وهو قول طائفة من العلماء ، ومنهم النووي ، ورجحه الشيخ العثيمين رحمه الله .والله أعلم [ الأنترنت – موقع سؤال وجواب ]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الواحدة والثلاثون في موضوع (العظيم) وستكون بعنوان :*توحيد الألوهية العظيم

قال المنجد : وتوحيد الألوهية هو : إفراد الله تعالى بجميع أنواع العبادة الظاهرة والباطنة قولا وعملا ، ونفي العبادة عن كل ما سوى الله كائنا من كان كما قال تعالى : ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه ) الإسراء/23 ، وقال تعالى : ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ) النساء/36 ، ويمكن أن يُعرف بأنه : توحيد الله بأفعال العباد .

وسمي بتوحيد الألوهية : لأنه مبني على التأله لله وهو التعبد المصاحب للمحبة والتعظيم .

ويسمى توحيد العبادة لأن العبد يتعبد لله بأداء ما أمره به واجتناب ما نهاه عنه .

ويسمى توحيد الطلب والقصد والإرادة ؛ لأن العبد لا يطلب ولا يقصد ولا يريد إلا وجه الله سبحانه فيعبد الله مخلصا له الدين .                               وهذا النوع هو الذي وقع فيه الخلل ، ومن أجله بعثت الرسل ، وأنزلت الكتب ، ومن أجله خلق الخلق ، وشرعت الشرائع ، وفيه وقعت الخصومة بين الأنبياء وأقوامهم ، فأهلك المعاندين ونجى المؤمنين .

فمن أخل به بأن صرف شيئا من العبادة لغير الله فقد خرج من الملة ، ووقع في الفتنة ، وضل عن سواء السبيل .نسأل الله السلامة[ الأنترنت – موقع الإسلام سؤال وجواب ]

     وقال ابن عثيمين: توحيد الألوهية وهو"إفراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة"بأن لا يتخذ الإنسان مع الله أحداً يعبده ويتقرب إليه كما يعبد الله تعالى ويتقرب إليه وهذا النوع من التوحيد هو الذي ضل فيه المشركون الذين قاتلهم النبي صلى الله عليه وسلم واستباح دماءهم وأموالهم وأرضهم وديارهم وسبى نساءهم وذريتهم، وهو الذي بعثت به الرسل وأنزلت به الكتب مع أخويه توحيدي الربوبية، والأسماء والصفات ، لكنَّ أكثر ما يعالج الرسل أقوامهم على هذا النوع من التوحيد وهو توحيد الألوهية بحيث لا يصرف الإنسان شيئاً من العبادة لغير الله سبحانه وتعالى لا لملك مقرب، ولا لنبي مرسل، ولا لولي صالح، ولا لأي أحد من المخلوقين،لأن العبادة لا تصح إلا لله عز وجل ، ومن أخلَّ بهذا التوحيد فهو مشرك كافر وإن أقر بتوحيد الربوبية، وبتوحيد الأسماء والصفات. فلو أن رجلاً من الناس يؤمن بأن الله سبحانه وتعالى هو الخالق المالك المدبر لجميع الأمور، وأنه سبحانه وتعالى المستحق لما يستحقه من الأسماء والصفات لكن يعبد مع الله غيره لم ينفعه إقراره بتوحيد الربوبية والأسماء والصفات. فلو فرض أن رجلاً يقر إقراراً كاملاً بتوحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات لكن يذهب إلى القبر فيعبد صاحبه أو ينذر له قرباناً يتقرب به إليه فإن هذا مشرك كافر خالد في النار، قال الله تبارك وتعالى: {إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار}، ومن المعلوم لكل من قرأ كتاب الله عز وجل أن المشركين الذين قاتلهم النبي صلى الله عليه وسلم واستحل دماءهم، وأموالهم وسبى نساءهم، وذريتهم، وغنم أرضهم كانوا مقرين بأن الله تعالى وحده هو الرب الخالق لا يشكون في ذلك، ولكن لما كانوا يعبدون معه غيره صاروا بذلك مشركين مباحي الدم والمال. [ الأنترنت – موقع طريق الإسلام ]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثانية والثلاثون في موضوع (العظيم) وستكون بعنوان : *معنى العبودية لله :

ألا تكون عبداً لغير الله، لا تعبد ملكاً ولا نبياً ولا ولياً ولا شيخاً ولا أماً ولا أباً، لا تعبد إلا الله وحده، فتُفرد الله عز وجل وحده بالتأله والتعبد، ولهذا يسمى: توحيد الألوهية، ويسمى: توحيد العبادة، فباعتبار إضافته إلى الله هو توحيد ألوهية، وباعتبار إضافته إلى العابد هو توحيد عبادة.

والعبادة مبنية على أمرين عظيمين، هما المحبة والتعظيم، الناتج عنهما: ( إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَبا) (الأنبياء: من الآية90) ، فبالمحبة تكون الرغبة، وبالتعظيم تكون الرهبة والخوف.

ولهذا كانت العبادة أوامر ونواهي: أوامر مبنية على الرغبة وطلب الوصول إلى الآمر، ونواهي مبنية على التعظيم والرهبة من هذا العظيم.

فإذا أحببت الله عز وجل، رغبت فيما عنده ورغبت في الوصول إليه، وطلبت الطريق الموصل إليه، وقمت بطاعته على الوجه الأكمل، وإذا عظمته خفت منه، كلما هممت بمعصية،استشعرت عظمة الخالق عز وجل ، فنفرت، (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء) (يوسف: من الآية24) ، فهذه من نعمة الله عليك، إذا هممت بمعصية، وجدت الله أمامك، فهبت وخفت وتباعدت عن المعصية، لأنك تعبد الله رغبة ورهبة.

فما معنى العبادة ؟

العبادة: تطلق على أمرين، على الفعل والمفعول.

تطلق على الفعل الذي هو التعبد، فيقال: عَبَدَ الرجل ربه عبادة وتعبداً وإطلاقها على التعبد من باب إطلاق اسم المصدر على المصدر، ونعرفها باعتبار إطلاقها على الفعل بأنها: "التذلل لله عز وجل حباً وتعظيماً، بفعل أوامره واجتناب نواهيه".

وكل من ذل لله عز بالله ، ( وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِه) (المنافقون: من الآية8) . وتطلق على المفعول، أي: المتعبد به وهي بهذا المعنى تُعرف بما عرفها به شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال :العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله   و يرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة

هذا الشيء الذي تعبدنا الله به يجب توحيد الله به، لا يصرف لغيره، كالصلاة والصيام والزكاة والحج والدعاء والنذر والخشية والتوكل.. إلى غير ذلك من العبادات.

فإن قلت : ما هو الدليل على أن الله منفرد بالألوهية؟

فالجواب: هناك أدلة كثيرة، منها:

قوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) (الأنبياء:25) .( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوت) (النحل: من الآية36) .

وأيضاً قوله تعالى: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَوَالْمَلائِكَةُ  وَأُولُو الْعِلْمِ) (آل عمران: من الآية18) ، لو لم يكن من فضل العلم إلا هذه المنقبة، حيث إن الله ما أخبر أن أحداً شهد بألوهيته إلا أولو العلم، نسأل الله أن يجعلنا منهم إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثالثة والثلاثون في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

أدلة تفرد الله بالألوهية :

: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ) ، بالعدل، ثم قرر هذه الشهادة بقوله: (لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) فهذا دليل واضح على أنه لا إله إلا الله عز وجل، أشهد أن لا إله إلا الله، وأنتم تشهدون أن لا إله إلا الله . هذه الشهادة الحق .

فإذا قال قائل: كيف تقرونها مع أن الله تعالى يثبت آلهة غيره، مثل قوله تعالى: (وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَر) (القصص: من الآية88) ، ومثل قوله: (وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِه) (المؤمنون: من الآية117) ، ومثل قوله:( فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْء) (هود: من الآية101) ، ومثل قول إبراهيم: (أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ) (الصافات:86) .. إلى غير ذلك من الآيات، كيف تجمع بين هذا وبين الشهادة بأن لا إله إلا الله ؟

  فالجواب: أن ألوهية ما سوى الله ألوهية باطلة، مجرد تسمية، (إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَان) (لنجم: من الآية23) ، فألوهيتها باطلة، وهي وإن عُبدت وتأله إليها من ضل، فإنها ليست أهلا لأن تُعبد، فهي آلهة معبودة، لكنها آلهة باطلة،(ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ) (لقمان: من الآية30) .

وهذان النوعان من أنواع التوحيد لا يجحدهما ولا ينكرهما أحد من أهل القبلة المنتسبين إلى الإسلام، لأن الله تعالى موحد بالربوبية والألوهية، لكن حصل فيما بعد أن من الناس من ادعى ألوهية أحد من البشر، كغلاة الرافضة مثلاً، الذين يقولون: إن علياً إله، كما صنع زعيمهم عبد الله بن سبأ، حيث جاء إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقال له: أنت الله حقاً‍ لكن عبد الله بن سبأ أصله يهودي دخل في دين الإسلام بدعوى التشيع لآل البيت، ليفسد على أهل الإسلام دينهم، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وقال: "إن هذا صنع كما صنع بولص حين دخل في دين النصارى ليفسد دين النصارى"

هذا الرجل عبد الله بن سبأ قال لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه أنت الله حقاً وعلي ابن أبي طالب لا يرضى أن أحداً ينزله فوق منزلته هو حتى إنه رضي الله عنه من إنصافه وعدله وعلمه وخبرته كان يقول على منبر الكوفة: "خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر، يعلن ذلك في الخطبة، وقد تواتر النقل عنه بذلك رضي الله عنه، والذي يقول هكذا ويقر بالفضل لأهله من البشر كيف يرضي أن يقول له قائل: إنك أنت الله؟‍ ولهذا عزرهم أبشع تعزير، أمر بالأخاديد فخدت، ثم ملئت حطباً وأوقدت، ثم أتى بهؤلاء فقذفهم في النار وأحرقهم بها، لأن فريتهم عظيمة ـ والعياذ بالله ـ وليست هينة، ويقال: إن عبد الله بن سبأ هرب ولم يمسكوه المهم أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أحرق السبئية بالنار، لأنهم ادعوا فيه الألوهية. فنقول: كل من كان من أهل القبلة لا ينكرون هذين النوعين من التوحيد: وهما: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وإن كان يوجد في بعض أهل البدع من يُؤَلِهُ أحداً من البشر. [ الأنترنت – موقع التوحيد المصدر:الشيخ بن عثيمين/ شرح العقيدة الواسطية ]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الرابعة والثلاثون في موضوع (العظيم) وستكون بعنوان :

*علاقة توحيد الألوهية العظيم بتوحيد الربوبية

 [ الإرشاد ص21_23 ]

أنواع التوحيد متلازمة، وبعضها مرتبط ببعض، وفيما يلي يتبين لنا شيء من علاقة توحيد الألوهية؛ بتوحيد الربوبية والعكس :

1_ توحيد الربوبية مستلزم لتوحيد الألوهية؛ بمعنى أن الإقرار بتوحيد الربوبية يوجب الإقرار بتوحيد الألوهية؛ فمن عرف أن الله ربه وخالقه ومدبر أموره، وقد دعاه هذا الخالق إلى عبادته وجب عليه أن يعبده وحده لا شريك له؛ فإذا كان هو الخالق الرازق النافع الضار وحده لزم إفراده بالعبادة.

2_ توحيد الألوهية متضمن لتوحيد الربوبية بمعنى أن توحيد الربوبية يدخل ضمناً في توحيد الألوهية، فمن عَبَدَ الله وحده لا شريك له فلابد أن يكون معتقداً أنه ربه وخالقه ورازقه؛ إذ لا يعبد إلا من بيده النفع والضر ، وله الخلق والأمر.

3_ الربوبية عمل قلبي لا يتعدى القلب، ولذا سمي توحيد المعرفة والإثبات، أو التوحيد العلمي.

أما الألوهية فهو عمل قلبي وبدني، فلا يكفي فيه

 عمل القلب، بل يتعداه إلى السلوك والعمل قصداً لله وحده لا شريك له.

4_ أن توحيد الربوبية لا يكفي وحده؛ ذلك لأن توحيد الربوبية مركوز في الفطر، فلو كان كافياً لما احتاج الناس إلى بعثة الرسل، وإنزال الكتب، فلا يكفي أن يقر الإنسان بما يستحقه الرب تعالى من الصفات، وأنه الرب الخالق وحده.

ولا يكون موحداً إلا إذا شهد أن لا إله إلا الله، فيقر ويعلم بأن الله هو المألوه المعبود وحده، ويعبده بمقتضى هذا الإقرار والعلم.                            5_توحيد الألوهية هو الذي جاءت به الرسل، وهو الذي حصل به النزاع بين الرسل عليهم السلام وبين أممهم، كما قال قوم هود لنبيهم هود عليه السلام عندما قال لهم : [اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ](الأعراف: 59) [قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} (70)] (الأعراف). وكما قال كفار قريش لما أُمِروا بإفراد الله بالعبادة:{أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ } (ص: 5).

أما توحيد الربوبية فإنهم لم ينكروه، بل إن إبليس لم ينكره { قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي} (الحجر: 39).

6_ أنهما  إذا  اجتمعا  افترقا، وإذا  افترقا  اجتمعا، ومعنى ذلك أنهما إذا ذكرا جميعاً فلكل لفظ ما يراد به، كما في قوله تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ(3) }

فيكون معنى الرب: هو المالك المتصرف، وهذا توحيد الربوبية، ويكون معنى الإله: المعبود بحق المستحق للعبادة دون سواه وهذا توحيد الألوهية.

وتارة يذكر أحدهما مفرداً عن الآخرفيجتمعان في المعنى؛ كما في قول الملكين للميت في القبر: (من ربك؟)، ومعناه: من إلهك؟ وكما في قوله تعالى :[الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ] (الحج:40)، وقوله: [قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبّاً](الأنعام: 164)، وقوله: عن الخليل عليه السلام : [رَبِّي الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ] (البقرة: 258)، وكما في قوله تعالى:[أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ] (النمل: 62).

7_ لابد لسلامة التوحيد، والفوز بالدارين من تحقيق هذين الأمرين.[ الأنترنت – موقع الله]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الخامسة والثلاثون في موضوع (العظيم) وستكون بعنوان :*العلاقة بين أقسام التوحيد        لا يكمل لأحد توحيده إلا باجتماع أنواع التوحيد الثلاثة، فهي متكاملة متلازمة يكمل بعضها بعضًا، ولا يمكن الاستغناء ببعضها عن الآخر، فلا ينفع توحيد الربوبية بدون توحيد الألوهية، وكذلك لا يصح ولا يقوم توحيد الألوهية بدون توحيد الربوبية، وكذلك توحيد الله في ربوبيته وألوهيته لا يستقيم بدون توحيد الله في أسمائه وصفاته، فالخلل والانحراف في أي نوع منها هو خلل في التوحيد كله.

(فمعرفة الله لا تكون بدون عبادته، والعبادة لا تكون بدون معرفة الله، فهما متلازمان) [ تحذير أهل الإيمان 1/140 (ضمن مجموعة الرسائل المنيرية)] وقد أوضح بعض أهل العلم هذه العلاقة بقوله: (هي علاقة تلازم وتضمن وشمول).

• فتوحيد الربوبية مستلزم لتوحيد الألوهية.

• وتوحيد الألوهية متضمن لتوحيد الربوبية.

• وتوحيد الأسماء والصفات شامل للنوعين معًا.

بيان ذلك: أن من أقر بتوحيد الربوبية وعلم أن الله سبحانه هو الرب وحده لا شريك له في ربوبيته لزمه  من ذلك الإقرار أن يفرد الله بالعبادة وحده سبحانه وتعالى، لأنه لا يصلح أن يعبد إلا من كان ربا خالقًا مالكًا مدبرًا، وما دام كله لله وحده وجب أن يكون هو المعبود وحده.

ولهذا جرت سنة القرآن الكريم على سوق آيات الربوبية مقرونة بآيات الدعوة إلى توحيد الألوهية، ومن أمثلة ذلك قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [سورة البقرة: 21 ،22].

وأما توحيد الألوهية فهو متضمن لتوحيد الربوبية، لأن من عبد الله ولم يشرك به شيئًا فهذا يدل ضمنًا على أنه قد اعتقد بأن الله هو ربه ومالكه الذي لا رب غيره.

وهذا أمر يشاهده الموحد من نفسه، فكونه قد أفرد الله بالعبادة ولم يصرف شيئًا منها لغير الله، ما هو إلا لإقراره بتوحيد الربوبية وأنه لا رب ولا مالك ولا

متصرف إلا الله وحده.

وأما توحيد الأسماء والصفات فهو شامل للنوعين معًا، وذلك لأنه يقوم على إفراد الله تعالى بكل ما له من الأسماء الحسنى والصفات العلى التي لا تنبغي إلا له سبحانه وتعالى، والتي من جملتها:

الرب - الخالق - الرازق - الملك، وهذا هو توحيد الربوبية. ومن جملتها: الله - الغفور- الرحيم - التواب، وهذا هو توحيد الألوهية  [ الكواشف الجلية عن معاني الواسطية للشيخ عبد العزيز السلمان ص 421-422]  ، [ معتقد أهل السنة والجماعة في توحيد الأسماء والصفات / الشيخ محمد بن خليفة بن علي التميمي - الناشر أضواء السلف، الرياض، المملكة العربية السعودية، الطبعة الأولى 1419هـ/1999م. ص 40-42]                                       إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة السادسة والثلاثون في موضوع (العظيم) وستكون بعنوان : العلاقة التلازمية بين أنواع التوحيد

قال الشيخ أبو عبدالمعزِّ محمَّد علي بن بوزيد بن علي فركوس القُبِّي : إعلم أنَّه لا يكمل لأحد توحيدُه إلاَّ باجتماعِ أنواعِ التوحيدِ الثلاثةِ وهي: توحيدُ الربوبيةِ، والأسماءِ والصفاتِ، والألوهيةِ، فلا ينفعُ توحيدُ الربوبيةِ بدونِ توحيدِ الألوهيةِ، ولا يقومُ توحيدُ الألوهيةِ بدونِ توحيدِ الربوبيةِ، ولاَ يَسْتَقيمُ تَوحيدُ الله في رُبُوبيتِهِ وأُلُوهِيَتِهِ بِدُونِ توحيدِه في أسمائِه وصفاتِه [ "الكواشف الجلية" للسلمان: (422). ] فهذِه الثلاثةُ متلازِمَةٌ يُكَمِّلُ بعضُهَا بعضًا، ولا يَسَعُ الاستِغْناءُ بِبعضِها عن البعْضِ الآخرِ، فالعلاقَةُ الرابطةُ بينَ هذِه الأقسامِ هي علاقةُ تلازُمٍ وتضمُّنٍ وشُمُولٍ.

وتوحيدُ الربوبيةِ يستلْزِمُ توحيدَ الألوهيةِ، ومَعْنى ذلكَ أنَّ تَوحيدَ الألوهيةِ خَارجٌ عَن مَدلُولِ توحيدِ الربوبيةِ، فلا يتحَقَّقُ توحيدُ الربوبيةِ إلاَّ بتوحيدِ الألوهيةِ، أي: أنَّ تَوحيدَ الربُوبيةِ لا يُدْخِل مَنْ آمن بِه في الإسْلاَمِ، بِخلافِ تَوْحِيدِ الألُوهِيةِ فَإنَّه يَتَضمَّنُ تَوْحيدَ الربوبيةِ    [ "شرح العقيدة الطحاوية" لابن أبي العزّ: (1/41). ] أي: أنَّ توحيدَ الربوبيةِ جزْءٌ مِن معنى توحيدِ الألُوهيةِ فالإيمانُ بتوحيدِ الألُوهيةِ يُدْخِلُ في الإسلامِ.

فيتقَرَّرُ عِنْدئذٍ أنَّ توْحيدَ الربُوبيةِ عِلْمِيٌّ اعْتِقَادِيٌّ، وتَوحِيدُ الألُوهيةِ عَمَلِيٌّ طَلَبِيٌّ، والعمليُّ متضَمِّنٌ للعِلْمِيِّ؛ ذلك لأنَّ متعلّقاتِ الربوبيةِ الأمورُ الكونيةُ، كالخلقِ والرِّزقِ، والتدبيرِ والإحياءِ، والإمَاتَةِ وغيرِ ذلكِ، بينَمَا مُتعلّقَاتُ تَوحِيدِ الألُوهِيةِ الأوامِرُ والنواهِي، فإذَا عَلِم العَبْدُ أنَّ الله ربُّهُ لا شَرِيكَ لَه في خَلْقِه وأسمائِه وصفاتِه ترتَّبَ عنه أن يعمَلَ عَلى طاعتِه وامتثالِ أوامرِه واجتنابِ نواهِيهِ، أي: يعْمَلُ عَلَى عبادتِه [دعوة التوحيد         ا لهراس: (83، 84). ] ومنهُ يُفْهَم أنَّ عبادَةَ اللهِ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ هِي نتيجةٌ لاعترافٍ أَوَّليٍّ بأنَّه لا ربَّ غيرُ الله يُشْرِكهُ في خلْقِهِ وأَمْرِه، أي: تَعلّقُ القَلْبِ ابتداءً بتوحيدِ الربوبيةِ ثمَّ يَرتَقِي بعدهَا إلى توحيدِ الألوهيةِ، ولهذا قال ابنُ القيِّم: (والإلهية التي دعت الرسل أُممَهم إلى توحيد الربِّ بها هي العبادة والتأليه، ومن لوازمها توحيد الربوبية الذي أقرّ به المشركون فاحتجَّ الله عليهم به، فإنَّه يلزم من الإقرار به الإقرار بتوحيد الإلهية)  [ "إغاثة اللهفان": (2/135) ] ومعنى كلامِ ابن القيِّمِ أنَّ الله تعالى احتَجَّ على المشْرِكينَ بتوحِيدِ الربوبيةِ عَلى توحيدِ الألوهيةِ والعبادةِ ولا العكسُ، ومنْهُ يُفْهمُ - أيضًا - أنَّ توحيدَ الربوبيةِ والأسماءِ والصفاتِ وحدهُ لا يكفِي لإدْخَالِ صاحبِه في الإسلامِ ولا يُنْقِذُه من النَّارِ، ولا يَعْصِمُ مالَه ودَمَهُ إلاَّ بتوحِيدِ الألوهيةِ والعبادةِ.

أمَّا توحيدُ الأسماءِ والصفاتِ فهو شَاملٌ للنوعينِ

 معًا (توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية)؛ وذلك لأنَّه يقومُ على إفرادِ الله تعالى بكلِّ مَا لَهُ منَ الأسماءِ الحسْنَى والصِّفاتِ العُلَى التي لاتُبْتَغَى إلاَّ لهُ سبحانَه، والتي من جُمْلتِها: الربُّ، الخالقُ، الرَّازِقُ، الملِكُ وهذا هو توحيدُ الربوبيةِ، وكذلِك من جُمْلتِها: الله، الغفُورُ، الرَّحيمُ، التوَّابُ، وهذا توحيد الألوهيةِ  

[الأنترنت – موقع الألوكة - أكرم غانم إسماعيل تكاي ]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة السابعة والثلاثون في موضوع (العظيم) وستكون بعنوان :*إثبات الذات لله تعالى

لقد أجمع الخلق أجمعون، والسلف والآخرون، على إطلاق لفظة الذات على الرب جل في علاه، كما أجمعوا على أن صفات الله تعالى منها الذاتية ومنها الفعلية، ونظرا للكثرة المتكاثرة عن إثبات السلف لذات الله تعالى أكتفي ببعض النقول فقط، لعل مُقلدة غلاة الجهمية يتَّقون، وبربهم يؤمنون، وله يرجعون، وعن غيهم ينكفون:  فروى حرملة بن يحيى قال: سمعت عبدالله بن وهب يقول: سمعت مالك بن أنس يقول: "من وصف شيئا من ذات الله تعالى مثل قوله {وقالت اليهود يد الله مغلولة...}

 وعن أبي حنيفة رحمه الله قال:" لا ينبغي لأحد أن ينطق في ذات الله بشيء بل يصفه بما وصف به نفسه"

وذكر [ الخلال في السنة 6/18 ] عن محمد بن سليمان أنه قال لأبي عبد الله أحمد بن حنبل : ما تقول في القرآن؟ قال : عن أي شئ تسأل ؟ قلت : كلامه. قال: كلام الله وليس بمخلوق ولا تجزع أن تقول ليس مخلوق فإن كلام الله من الله عز وجل من الله ومن ذات الله، وتكلم الله به وليس من الله شئ مخلوق"،

    وقال الأصمعي سمعت شعبة يقول: كان سفيان الثوري يبغض أهل الأهواء وينهى عن مجالستهم أشد النهي وكان يقول عليكم بالأثر وإياكم والكلام في ذات الله"

وقال الطحاوي في عقيدته:" ـ باب ـ حرمة الخوض في ذات الله والجدال في دين الله وقرآنه"،

وقال اللالكائي:سياق ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن التفكير في ذات الله عزوجل

وقال الخطيب:" والأصل أن الكلام في الصفات فرع على الكلام في الذات"، وهذه قاعدة مجمع عليها عند السلف.

    وقال ابن حزم في [ الفصل 2/108] :" قد صح أن ذات الله تعالى ليست غيره وأن وجهه ليس غيره وأن نفسه ليست غيره وإن هذه الأسماء لا يعبر بها إلا عنه تعالى لا عن شيء غيره تعالى البتة"،

وقال المقدسي في أقاويل الثقات:" فإن الصفات كالذات فكما أن ذات الله ثابتة حقيقة من غير أن تكون من جنس ذوات المخلوقين فكذلك صفاته ثابتة.."

 وقال ابن منده:" ومعنى السلام أن ذات الله عز وجل خلصت بانفراد الوحدانية من كل شيء"،

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثامنة والثلاثون في موضوع (العظيم) وستكون بعنوان :

من اطلق لفظ الذات على الله من أهل الحديث، وبماذا استدلوا؟

 كتب السلف مليئة جدا بإثبات الذات، لله رب السماوات، ومن أقوالهم في ذلك: استوى على العرش بذاته، وأنه ينزل ويصعد ويجئ بذاته، لا ند له، ولا شبيه به، واستمر هذا الإطلاق منذ زمن آدم وجميع الأنبياء، إلى خاتم النبيين، وزينة المرسلين، إلى زمن القرون المفضلين، إلى أن نبتت نابتة من الجهميين المارقين، الضالين المتزندقين، فأحدثوا نفي لفظة الذات، سعيا منهم لما يترتب عليها من الصفات، لِما علموا أن الكلام في الصفات، فرع عن الكلام في الذات، كما قرر ذلك كل السلف، وخالفهم الجهمية من الخلف، فقال أبو الحسن الأشعري في مقالات الإسلاميين ص496:" وكان عباد الفوطي الجهمي ينكر قول من قال إن لله عز وجل وجها، وينكر القول وجه الله ونفس الله، ويُنكر القول ذات الله، وينكر أن يكون الله ذا عين، وأن يكون له يدان هما يداه، وكان يقول إن الله غير لا كالأغيار، وكان إذا قيل له تقول: إن الله عالم قادر حى سميع بصير عزيز عظيم جليل في حقيقة القياس أنكر ذلك ولم يقله"،

وذكر أبو الحسن أنه كان يُخَطِّئُ جميع المسلمين فقال عنه:" كان إذا قيل له: تقول أن البارئ عالم بنفسه أو يعلم؟ أنكر القول بنفسه أو بعلم وقال: قولكم عالم صواب، وقولكم بنفسه خطأ وقولكم بعلم خطأ، وكذلك القول بذاته خطأ"،

وقال ابن خزيمة في [ التوحيد 1/15 ]  : ضد قول الجهمية المعطلة الذين لا يؤمنون بكتاب الله ويحرفون الكلم عن مواضعه تشبها باليهود ،وينكرون أن لله علمًا مضافًا إليه من صفات الذات..."، ثم قال:".. فكفرت الجهمية وأنكرت أن يكون لخالقنا علمًا مضافًا إليه من صفات الذات، تعالى الله عما يقول الطاعنون في علم الله

 علوًا كبيرًا"، ومع كفرهم فقد خالفوا الإجماع,

 فقال أبو يعلى في [إبطاله] في معرض ردّه على من أنكر الخنصر لله تعالى [1/ 337  ] :" وقد أجمعنا ومثبتوا الصفات عَلَى أَنَّهُ تجلى بذاته للجبل، وكلم مُوسَى بنفسه، كذلك ها هنا يجب أن يحمل الخنصر عَلَى أنها صفة لذاته"،

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في [ بيان تلبيس الجهمية (2/33) و(2/398)  ] :" وقال الشيخ أبو نصر السجزي في كتاب الإبانة له:" وأئمتنا كسفيان الثوري ومالك بن أنس وسفيان بن عيينة وحماد بن زيد وحماد بن سلمة وعبد الله بن المبارك وفضيل بن عياض وأحمد بن حنبل واسحاق بن ابراهيم الحنظلي متفقون على ان الله سبحانه بذاته فوق العرش وأن علمه بكل مكان ... فمن خالف شيئا من ذلك فهو منهم بريء وهم منه براء"، وإننا برءاء إلى الله ممن أنكر ذاته

 إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة التاسعة والثلاثون في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

من اطلق لفظ الذات على الله من أهل الحديث، وبماذا استدلوا؟

 قال شيخ الإسلام:" وقال الإمام أبو عمر الطلمنكي في كتاب الوصول الى معرفة الاصول:"   وأجمع المسلمون من أهل السنة على أن معنى:{ وهو معكم أينما كنتم}ونحو ذلك من القرآن، أن ذلك علمه، وأن الله فوق السموات بذاته مستو على عرشه كيف شاء"، وقال ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو الجهمية:" بعد ذكر قول أبي عمرو الطلمنكي: فصل في بيان ما اجتمعت عليه الأمة من السنن :.. وأن الله عز و جل كلم موسى عليه الصلاة و السلام بذاته"، فمن ذا يترك إجماع السلف الصالحين، ويلتفت إلى غلاة الجهمية أعداء الدين، في إنكارهم لذات رب العالمين، إلا كل خاسر مفتون، متهم في دينه غير مأمون، نعوذ بالله من إنكار ذاته، أو تأويل صفاته. [ الأنترنت – موقع الألوكة – أبو عيسى ]

* استحالة إدراك الذات الإلهية العظيمة

إن حقيقة الذات الإلهية لا يمكن للعقل معرفتها، ولا يستطيع إدراك كُنْهِها؛ لأنها لا تحيط بها الفكرة، والإنسان لم يعط وسائل إدراكها بعد.

إن العقل البشرى مهما كان مبلغه من الذكاء وقوة الإدراك قاصر غاية القصور، وعاجز غاية العجز عن معرفة حقائق الأشياء.

فهو عاجز عن معرفة النفس الإنسانية، ومعرفة النفس لا تزال من أعقد مسائل العلم والفلسفة.

وهو عاجز عن معرفة حقيقة الضوء، والضوء من أظهر الأشياء وأوضحها.

وعاجز عن معرفة حقيقة المادة، وحقيقة الذرات التى تتألف منها؛ والمادة ألصق بالإنسان.

ولا يزال العلم يقف عاجزًا أمام كثير من حقائق الكون والطبيعة، لا يستطيع أن يقول فيها الكلمة الأخيرة.

قال العلامة الفلكى المشهور (كاميل فلامَريون) فى كتابه (القوى الطبيعية المجهولة): نرانا نفكر، ولكن ما هو الفكر؟ لا يستطيع أحد أن يجيب على هذا السؤال؛ ونرانا نمشى، ولكن ما هو العمل العضلى؟ لا يعرف أحد ذلك .. أرى أن إرادتى قوة غير مادية، وأن جميع خصائص نفسى غير مادية أيضًا .. ومع ذلك فمتى أردت أن أرفع ذراعى، أرى أن إرادتى تحرك مادتى، فكيف يحدث ذلك؟ وما هو الوسيط الذى يتوسط للقوى العقلية فى إنتاج نتيجة مادية؟ هل يوجد من يستطيع أن يجيبنى عن هذا أيضًا؟ بل قل لى: كيف ينقل العصب البصرى صور الأشياء إلى العقل؟ وقل لى: كيف يدرك العقل هذا؟ وأين مستقره؟ وما هى طبيعة العمل المخى؟قولوا لى أيها السادة(يريدالملحدين)  ولكن كفى كفى! فإنى أستطيع أن أسألكم عشر سنين، ولا يستطيع أكبر رأس فيكم أن يجيب على أحقر أسئلتى ".

فإذا كان موقف العقل هكذا حيال النفس والضوء والمادة، وما فى الكون المنظور وغير المنظور من أشياء .. فكيف يتطلع إلى معرفة ذات البارى جل شأنه؟ ويحاول إدراك كنهه؟!

إن ذات الله أكبر من أن تدركها العقول، أو تحيط بها الأفكار، وما أصدق قول الله سبحانه:

{لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}  سورة الأنعام - الآية 103.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الأربعون في موضوع (العظيم) وستكون بعنوان :

* العجز عن معرفة حقيقة الأشياء لا ينفى وجودها

 إن قصور العقل، وعجزه عن إدراك حقيقة الأشياء لا ينفى وجودها .. فعجزه عن إدراك حقيقة النفس لا ينفى أنها موجودة، وعجزه عن إدراك حقيقة الضوء لا ينفى وجود ضوء يعم الآفاق، وعجزه عن إدراك كنه الذرة لا ينفى أن ثمة ذرات تتكون منها المادة، وهكذا سائر الأشياء التى يقصر العقل عن إدراك حقيقتها ويعجز عن معرفة كنهها.

ومثل ذلك الذات الإلهية إذا عجز الإنسان عن إدراك حقيقتها، فليس معنى ذلك أنها غير موجودة، بل هى موجودة كأقوى ما يكون الوجود.

إن وجوده سبحانه فى حكم البدهيات الأولية، والمسلمات العقلية، وما كان كذلك لا يطالب بإقامة الدليل عليه، إلا المكابر، كالأعمى الذى يطلب إقامة الدليل على وجود الشمس أثناء النهار، ومع ذلك فنحن نسوق من الأدلة ما يهدى إلى الحق ويكشف عن وجه الصواب. [الأنترنت – موقع موسوعة العقيدة والسنة ]

*مفهوم الذات الإلهية العظيمة عند علماء الحديث والسنة

    ذاته تعالى كاملة الكمال المطلق الذي لا يشاركه فيه أحد، فلا تشبه ذاته ذوات خلقه بل لا يعلم كيف هو إلا هو سبحانه. وذاته موصوفة بجميع الكمالات التي لا تعد ولا تحصى، وإلى هذا المعنى يشير رسول الهدى صلى الله عليه وسلم، حيث يقول في بعض دعائه وتضرعاته وهو ساجد لله سبحانه: "لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك"

وأما علم حقيقة ذاته وكيفيتها فأمر لا سبيل إليه لأي مخلوق، إذ ليس من الجائز أن يحيط المخلوق بالخالق علماً وإدراكاً لحقيقته ذاتاً ووصفاً، وصدق الله حيث يقول: {وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا}، {وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً}، قال صاحب المواقف: "إن ذاته مخالفة لسائر الذوات، فهو منـزه عن المثل والند، تعالى عن ذلك علواً كبيراً"،

    والصفة في اصطلاح المتكلمين حال وراء الذات، أو ما قام بالذات من المعاني والنعوت وهي في حق الله تعالى نعوت الجلال والجمال والعظمة والكمال، كالقدرة والإرادة والعلم والحكمة.

والصفة غير الذات وزائدة عليها من حيث مفهومها وتصورها، بيد أنها لا تنفك عن الذات، إذ لا نتصور في الخارج ذاتاً مجردة عن الصفات، هذا وإن صفات الله تعالى توقيفية فلا مجال فيها للاجتهادوالاستحسان ، بل الواجب الوقوف عند ما وصف الله به نفسه، أو وصفه به رسوله محمد عليه الصلاة والسلام، قال الإمام أحمد في هذا الصدد: "لا يتجاوز الكتاب والسنة"، إذ لا يصف الله اعلم بالله من الله، ولا يصفه في خلقه أعلم من رسوله عليه الصلاة والسلام. ولا يقال في صفاته: هي مجاز بل صفاته كلها حقيقة على ما يليق بالله سبحانه، كما أن صفات خلقه حقيقة ؛حقيقة تناسب حالهم وضعفهم وحدوثهم. فليست الحقيقة كالحقيقة كما هو الشأن في الذات، لأن ذات الله حقيقة؛ حقيقة تليق به سبحانه، وذوات المخلوقات حقيقة أيضاً، والحقائق مختلفة هنا وهناك.

    فليعلم ذلك لأنه مقام مهم، ومزلة أقدام زلّت فيها أقدام كثير من علماء الكلام، والله المستعان.

فإيماننا بصفات الله تعالى على وفق إيماننا بذاته تعالى، وهو إيمان إثبات وتسليم لا تكييف فيه ولا تشبيه، وبالتالي لا تحريف فيه ولا تعطيل، بل إيماننا بالله وبصفاته في ضوء قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}، وقوله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ}، وقوله: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا}وما في هذا المعنى من نصوص الكتاب والسنة التي تدل على التنـزيه الكامل مع إثبات الصفات إثباتاً لا يصل إلى التشبيه والتجسيم.

    وهذه النصوص تتفق مع الأدلة العقلية التي تدعو إلى الإيمان بجميع كمالات الرب تعالى بالجملة، كمال الذات، وكمال الصفات، وكمال الأفعال.

    ولا فرق فيما ذكرنا عند السلف بين صفات الذات كالقدرة والإرادة، والعلم مثلاً، وبين صفات الأفعال كالاستواء والنـزول والمجيء لأنها كلها جاءت بها نصوص الكتاب والسنة، والعقل السليم لا يرفض ذلك، بل يبادر إلى قبوله. فمن غير الجائز إذاً التفريق بين ما جمع الله في كتابه، أو فيما أوحى به إلى رسوله عليه الصلاة والسلام.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الواحدة والأربعون في موضوع (العظيم) وستكون بعنوان :*مفهوم الذات في القرآن الكريم

    تحدث القرآن عن الذات الإلهية في عديد من الآيات "دون تصريح بلفظ الذات" وكثيراً ما يصدر الحديث باسم "الله" فالله علم على الذات العلية مثل:

- قوله تعالى: {اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ} - وقوله تعالى: {اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ}- وقوله تعالى: {اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ} - وقوله تعالى: {اللّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ}-    وقوله تعالى: {اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى}- وقوله تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ}

 - وقوله تعالى: {اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ}

- وقوله تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا} - وقوه تعالى: {الرَّحْمَنُ* عَلَّمَ الْقُرْآنَ* خَلَقَ الإِنسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ}

    فالله والرحمن وغيرهما من أسماء الله إنما هي أعلام دالة على ذات الله تعالى، وهي مع كونها أعلاماً دالة على الذات، وهي أيضاً أوصاف كمال.

    وآيات أخرى كثيرة، هذا، وليس بين المؤمنين بالله وبكتابه وبرسوله عليه الصلاة والسلام، وما جاء به من الهدى خلاف في أن مقام الإلهية فوق كل مقام. وأن ذاته سبحانه فوق كل الذوات، وأن له سبحانه الكمال المطلق في ذاته وصفاته.

ثم إنه من غير الجائز عقلاً وشرعاً محاولة إدراك حقيقة ذاته، وصفاته بل العجز عن الإدراك هو الإدراك كما يحكى ذلك عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه.

 هذا... وذات الله - مع أنها فوق أن تدرك، وفوق أن تحد - قد وصفت في القرآن بصفات كثيرة، كالإرادة والعلم، والقدرة وغيرها، وهي صفات كمال ؛ الكمال المطلق، ومع هذا فلا بد أن تضاف هذه الصفات إلى "ذات" كما تضاف مثل هذه الصفات وغيرها إلى ذاتنا مع الفارق البعيد بين كمالها في ذات الإله، ونقصها في ذات الإنسان.!!

وقد جاء في القرآن الكريم كثير من الآيات التي تضيف إلى الله صفات فعل تدل على الإيجاد كقوله تعالى: في أول ما نزل من الكتاب:

 {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}، ففي الآيات تعريف بذات الله، وأنها تخلق وتعلم، وكقوله تعالى: {اللّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ}،

وقوله تعالى: {اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْقَوِيُّ العَزِيزُ}، وقوله تعالى: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ}،

فذات الإله ذات توصف بالسمع وتوصف بالرؤية وتوصف بالعزة والحكمة {إِنَّ اللّهَ لاَ يَخْفَىَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء* هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاء لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}،

 وأكثر فواصل القرآن تنتهي غالباً بصفة من صفات

الله تعالى، أو بالمزاوجة بين صفتين من صفاته.

    ومن النوع الأول:

    قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}154، {وَكَانَ اللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطًا}

    ومن النوع الثاني:

    وهو الأعم الأغلب، قوله تعالى: {إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا}، وقوله: {إِنَّ اللّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}

    هذا... وقد كان السلف من الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم يتلون كتاب الله ويستمعون إلى آيات الكتاب وأحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام، فما وقفوا موقف تساؤل أو حيرة أمام صفة من صفات الله، ولا وقع في تفكيرهم أن "الذات" شيء وأن الصفات شيء، أو أنهما وجهان لحقيقة واحدة، أو غير هذا مما دار حوله الجدل واشتد فيه الخصام بين جماعات المسلمين بعد أن مضى عهد الراشدين ودخلت في الإسلام مذاهب وآراء وفلسفات، مع الذين دخلوا في دين الله من فرس وروم وبربر وهنود وغيرهم.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثانية والأربعون في موضوع (العظيم) وستكون بعنوان :مفهومات الذات في السنة النبوية

وقد وردت عدة أحاديث فيها إطلاق لفظ الذات

 وإثباتها لله تعالى ومن ذلك:

أ‌-حديث أبي هريرة  عند البخاري، حيث يقول الرسول الأمين عليه الصلاة والسلام: "لم يكذب إبراهيم عليه الصلاة والسلام إلا ثلاث كذبات، اثنتين منهن في ذات الله عز وجل " :

  1- قوله: إني سقيم. 2- قوله: بل فعله كبيرهم هذا.

  3- قوله لسارة هي أخته خوفاً عليها من سلطان جبار وسارة زوجته والقضية مستوفاة في[ البخاري ]

  ب- حديث أبي هريرة في قصة خبيب الأنصاري عندما قتله المشركون حيث قال:

    ولست أبالي حين أقتل مسلماً

 على أي شق كان لله مصرعي

  وذلك في ذات الإله وإن يشأ

 يبارك على أوصال شلو ممزع  [ فتح الباري 17/152 ]

 ج- حديث ابن عباس: "تفكروا في كل شيء، ولا تفكروا في ذات الله" روي موقوفاً، قال الحافظ ابن حجر: وسنده جيد.

 د- حديث أبي الدرداء: "لا تفقه كل الفقه حتى تمقت الناس في ذات الله"، قال الحافظ ابن حجر: رجاله ثقات إلا أنه منقطع. ثم قال الحافظ: ولفظ "ذات" في الأحاديث المذكورة بمعنى من أجل أو بمعنى حق، وأردف قائلاً: ومثله قول حسان:

  وإن أخا الأحقاف إذ قام فيهم 

 يجاهد في ذات الإله ويعدل

 وهو كقوله تعالى حكاية عن قول القائل: {يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ} ثم قال الحافظ: فالذي يظهر أن المراد جواز إطلاق لفظ "ذات" لا بالمعنى الذي أحدثه المتكلمون، ولكنه غير مردود إذا عرف أن المراد به النفس لثبوت لفظ النفي في الكتاب العزيز    [ فتح الباري 17/153 ] هذاوقد تقدم تحقيق لفظ "ذات" من حيث اللغة وفي اصطلاح المتكلمين نقلاً عن الحافظ

 ابن القيم في أول هذا المبحث[الأنترنت – موقع الألوكة – نور السلفية   إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثالثة والأربعون في موضوع (العظيم) وستكون بعنوان :

*نفس الله العظيمة هي ذاته العلية العظيمة

أهل السنة والجماعة يثبتون النَّفْس لله تعالى، ونَفْسُه هي ذاته عزَّ وجلَّ، وهي ثابتة بالكتاب والسنة.

• الدليل من الكتاب:

1- قولـه تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ} [آل عمران: 28، 30].

2- و قولـه:تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِـي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ [المائدة: 116]

3- وقولـه: كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ [الأنعام: 54].

• الدليل من السنة: 1- الحديث المشهور: ((يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي))

2- حديث عائشة رضي الله عنها: ((... وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك))

3- حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفســه، ذكرتـه في نفسي...))

قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن نَفْس الله: (ونفسه هي ذاته المقدسة)

وقال أيضاً: (ويراد بنَفْس الشيء ذاته وعينه؛ كما يقال: رأيت زيداً نفسه وعينه، ...وفي الحديث الصحيح؛ أنه قال لأم المؤمنين: ((لقد قلت بعدك أربع كلمات لو وزن بما قلتيه لوزنتهن: سبحان الله عدد خلقه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله رضا نفسه، سبحان الله مداد كلماته))، وفي الحديث الصحيح الإلهي عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حين يذكرني، إن ذكرني في نفسه، ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ؛ ذكرته في ملأ خير منهم))؛ فهذه المواضع المراد فيها بلفظ النَفْس عند جمهور العلماء: الله نفسه، التي هي ذاته، المتصفة بصفاته، ليس المراد بها ذاتاً منفكة عن الصفات، ولا المراد بها صفة للذات، وطائفة من الناس يجعلونها من باب الصفات، كما يظن طائفة أنها الذات المجردة عن الصفات، وكلا القولين خطأ)

وفي (كتاب التوحيد) مـن (صحيح البخاري): (باب: قول الله تعالى: وَيُحَذِّرُكُمْ اللهُ نَفْسَهُ، وقولـه جل ذكره: تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي ولا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ).

قال القاسمي في التفسير: (وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ أي: ذاته المقدسة).

وقال الشيخ ابن عثيمين: (نفس الشيء هو الشيء، فقوله تعالى: وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ أي: يحذركم إياه، وليست النفس شيئاً آخر، والله شيئاً آخر، الله هو النفس، وكذلك قوله: تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي ولا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ، أي: تعلم ما عندي أنا في نفسي ولا أعلم ما في نفسك، فليست النفس صفة زائدة على الذات، بل هي الذات نفسها)

وقال الشيخ عبد الله الغنيمان: (المراد بالنَّفْسِ في هذا: اللهُ تعالى، المتصف بصفاته، ولا يقصد بذلك ذاتاً منفكة عن الصفات، كما لا يراد به صفة الذات كما قاله بعض الناس)

لكن من السلف من يعدُّ (النَّفْس) صفةً لله عزَّ وجلَّ، منهم الإمام ابن خزيمة ؛ حيث قال في أوله: (فأول ما نبدأ به من ذكر صفات خالقنا جل وعلا في كتابنا هذا: ذكر نفسه، جلَّ ربُّنا عن أن تكون نَفْسُه كنَفْسِ خلقه، وعزَّ أن يكون عَدَماً لا نَفْس له)

ومنهم عبد الغني المقدسي؛ قال: (ومما نطق به القرآن وصحَّ به النقل من الصفات (النَّفْس) )، ثم سرد بعض الآيات والأحاديث لإثبات ذلك

ومنهم البغوي. انظر: صفة (الأصابع).

ومن المتأخرين صديق حسن خان؛ قال: (ومما نطق بها القرآن وصحَّ بها النقل من الصفات: (النَّفْس)...)  لكنه في تفسير قولـه تعالى: وَيُحَذِّرُكُمْ اللهُ نَفْسَهُ، قال: أي: ذاته المقدسة) [ الأنترنت – موقع الدرر السنية ]                               إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الرابعة والأربعون في موضوع (العظيم) وستكون بعنوان :*الملك العظيم

قال تعالى . {أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاسَ عَلَىٰ مَآ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِۦ ۖ فَقَدْ ءَاتَيْنَآ ءَالَ إِبْرَٰهِيمَ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ وَءَاتَيْنَٰهُم مُّلْكًا عَظِيمًا (النساء - 54) 

 قال السعدى : أي: هل الحامل لهم على قولهم كونهم شركاءَ لله فيفضلون من شاءوا؟  أم الحامل لهم على ذلك الحسدُ للرسول وللمؤمنين على ما آتاهم الله من فضله؟ وذلك ليس ببدع ولا غريب على فضل الله.  { فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا } وذلك ما أنعم الله به على إبراهيم وذريته من النبوة والكتاب والملك الذي أعطاه من أعطاه من أنبيائه كـ "داود" و "سليمان" . فإنعامه لم يزل مستمرًا على عباده المؤمنين. فكيف ينكرون إنعامه بالنبوة والنصر والملك لمحمد صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق وأجلهم وأعظمهم معرفة بالله وأخشاهم له؟"

    وقال الفخر الرازي:  والمعنى: إنكم بحسدكم للنبي صلى الله عليه وسلم على ما آتاه الله من فضله، تكونون قد ضللتم وسرتم في طريق الشيطان، لأنكم لو كنتم عقلاء لما فعلتم ذلك، إذ أنتم تعلمون علم اليقين أن الله- تعالى- قد أعطى آلَ إِبْراهِيمَ أى: قرابته القريبة من ذريته كإسماعيل- وهو جد العرب- وإسحاق ويعقوب وغيرهم.. أعطاهم الْكِتابَ أى: جنس الكتب السماوية فيشمل ذلك التوراة والإنجيل والزبور وغيرها. وأعطاهم الْحِكْمَةَ أى العلم النافع مع العمل به.

    وأعطاهم مُلْكاً عَظِيماً أى سلطانا واسعا وبسطة في الأرض.

    ومع ذلك فأنتم لم تحسدوا هؤلاء على ما أعطاهم الله من كتاب وحكمة وملك عظيم، فلماذا تحسدون محمدا صلى الله عليه وسلم على ما آتاه الله من فضله مع أنه من نسل إبراهيم- عليه السلام-؟.

    فالجملة الكريمة توبيخ لهم على أنانيتهم وحسدهم، وإلزام لهم بما يعرفونه من واقع كتبهم، وكشف للناس عن أن أحقادهم مرجعها إلى انطماس بصيرتهم، وخبث نفوسهم.

   وقال البغوى : ( أم يحسدون الناس ) يعني : اليهود ، ويحسدون الناس : قال قتادة : المراد بالناس العرب ، حسدهم اليهود على النبوة ، وما أكرمهم الله تعالى بمحمد صلى الله عليه وسلم . وقيل : أراد محمدا صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وقال ابن عباس والحسن ومجاهد وجماعة : المراد بالناس : رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده حسدوه على ما أحل الله له من النساء ، وقالوا : ما له هم إلا النكاح ، وهو المراد من قوله : ( على ما آتاهم الله من فضله ) وقيل : حسدوه على النبوة وهو المراد من الفضل المذكور في الآية ، ( فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة ) أراد بآل إبراهيم : داود وسليمان ، وبالكتاب : ما أنزل الله عليهم وبالحكمة النبوة ( وآتيناهم ملكا عظيما ) فمن فسر الفضل بكثرة النساء فسر الملك العظيم في حق داود وسليمان عليهما السلام بكثرة النساء ، فإنه كان لسليمان ألف امرأة ثلاثمائة حرة وسبعمائة سرية وكان لداود مائة امرأة ، ولم يكن يومئذ لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا تسع نسوة ، فلما قال لهم ذلك سكتوا .              إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الخامسة والأربعون في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :    *الملك العظيم

 وقال ابن كثير : ثم قال : ( أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله ) يعني بذلك : حسدهم النبي صلى الله عليه وسلم على ما رزقه الله من النبوة العظيمة ، ومنعهم من تصديقهم إياه حسدهم له ; لكونه من العرب وليس من بني إسرائيل .

 وأخرج الطبراني : بسنده من حديث  ابن عباس قوله : ( أم يحسدون الناس ) [ على ما آتاهم الله من فضله ] ) الآية ، قال ابن عباس : نحن الناس دون الناس ، قال الله تعالى : ( فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما ) أي : فقد جعلنا في أسباط بني إسرائيل - الذين هم من ذرية إبراهيم - النبوة ، وأنزلنا عليهم الكتب ، وحكموا فيهم بالسنن - وهي الحكمة - وجعلنا فيهم الملوك

    القرطبى  : قوله تعالى : فقد آتينا ثم أخبر تعالى أنه آتى آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتاهم ملكا عظيما . قال همام بن الحارث : أيدوا بالملائكة . وقيل : يعني ملك سليمان ؛ عن ابن عباس . وعنه أيضا : المعنى أم يحسدون محمدا على ما أحل الله له من النساء فيكون الملك العظيم على هذا أنه أحل لداود تسعا وتسعين امرأة ولسليمان أكثر من ذلك . واختار الطبري أن يكون المراد ما أوتيه سليمان من الملك وتحليل النساء . والمراد تكذيب اليهود والرد عليهم في قولهم : لو كان نبيا ما رغب في كثرة النساء ولشغلته النبوة عن ذلك ؛ فأخبر الله تعالى بما كان لداود وسليمان يوبخهم ، فأقرت اليهود أنه اجتمع عند سليمان ألف امرأة ، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : ألف امرأة ؟ قالوا : نعم ثلاثمائة مهرية ، وسبعمائة سرية ، وعند داود مائة امرأة . فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : ألف عند رجل ومائة عند رجل أكثر أو تسع نسوة ؟ فسكتوا . وكان له يومئذ تسع نسوة .

وقال الطبرى :  القول في تأويل قوله : فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا

    يعني بذلك جل ثناؤه: أم يحسد هؤلاء اليهود = الذين وصف صفتهم في هذه الآيات = الناسَ على ما آتاهم الله من فضله، من أجل أنهم ليسوا منهم؟ فكيف لا يحسدون آل إبراهيم، فقد آتيناهم الكتاب = ويعني بقوله: " فقد آتينا آل إبراهيم "، فقد أعطينا آل إبراهيم، يعني: أهله وأتباعه على دينه  " الكتاب "، يعني كتاب الله الذي أوحاه إليهم، وذلك كصحف إبراهيم وموسى والزّبور، وسائر ما آتاهم من الكتب.

 واختلف أهل التأويل في معنى " الملك العظيم " الذي عناه الله في هذه الآية فقال بعضهم: هو النبوّة.

وقال آخرون: بل معنى قوله: وآتيناهم ملكًا عظيمًا "،

 الذي آتى سليمان بن داود.

 وقال آخرون: بل كانوا أُيِّدوا بالملائكة. [ الأنترنت – موقع  { وَءَاتَيْنَٰهُم مُّلْكًا عَظِيمًا }

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة السادسة والأربعون في موضوع (العظيم) وستكون بعنوان :*البلاء العظيم

آيات ورد فيها "بَلَاءً عظيم "

    وَفِي ذَٰلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ ﴿٤٩ البقرة﴾

    وَفِي ذَٰلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ ﴿١٤١ الأعراف﴾

    وَفِي ذَٰلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ ﴿٦ ابراهيم﴾

قال ابو عامر العامري :

قال تعالى : {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (6) وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7) وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الأرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (8) }

يقول تعالى مخبرا عن موسى، حين ذَكَّر قومه بأيام الله عندهم ونعمه عليهم، إذ أنجاهم من آل فرعون، وما كانوا يسومونهم به من العذاب والإذلال، حين  كانوا يذبحون من وجد من أبنائهم، ويتركون إناثهم فأنقذ الله بني إسرائيل من ذلك، وهذه نعمة عظيمة؛ ولهذا قال: { وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ } أي: نعمة عظيمة منه عليكم في ذلك، أنتم عاجزون عن القيام بشكرها.

وقيل: وفيما كان يصنعه بكم قوم فرعون من تلك الأفاعيل { بلاء } أي: اختبار عظيم. ويحتمل أن يكون المراد هذا وهذا، والله أعلم، كما قال تعالى: { وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } [الأعراف: 168]. [ الأنترنت – موقع منتديات كل السلفيين ]

وقال سليمان الخراشي :

إذا وقعت مصيبة على مسلم ، يتساءل الناس ، بل حتى من وقعت عليه : هل هذا ابتلاء ؛ لإيمانه ؟ أو هو عقوبة له على ذنوب قد لا نعلمها ؟

يتردد هذا كثيرًا في الأذهان عند المصائب . وقد رأيتُ كلامًا متعلقًا بهذا التساؤل في رسالة قيّمة - لم تُطبع بعد -للدكتور حسن الحميد - وفقه الله - : عنوانها " [ سُنن الله في الأمم من خلال آيات القرآن " قال فيها ( ص 386-388  ]  :

( هل يُعد كل ابتلاء مصيبة جزاء على تقصير؟ وبالتالي فهل كل بلاء ومصيبة عقوبة؟

وتلك مسألة قد تُشكل على بعض الناس. ومنشأ الإشكال فيما أرى : هو الاختلاف في فهم النصوص المتعلقة بهذه المسألة، وكيف يكون الجزاء على الأعمال.

فعلى حين يرد التصريح في بعضها بأن كل مصيبة تقع فهي بسبب ما كسبه العبد، كقوله تبارك وتعالى: ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير)

نجد نصوصاً أخر تصرح بأن (أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل). كما جاء ذلك في الحديث الصحيح.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة السابعة والأربعون في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

*البلاء العظيم

وبأن البلاء يقع –فيما يقع له- على المؤمنين ليكشف عن معدنهم ويختبر صدقهم (ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم).

فلو كان كل بلاء يقع يكون جزاء على تقصير ؛ لكان القياس أن يكون أشد الناس بلاء الكفرة والمشركين والمنافقين، بدليل الآية السابقة ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم...) !.

والذي يزول به هذا الإشكال بإذن الله تعالى، هو أن ننظر إلى هذه المسألة من ثلاث جهات:

الأولى: أن نفرق بين حال المؤمنين وحال الكفار في هذه الدنيا.

فالمؤمنون لابد لهم من الابتلاء في هذه الدنيا، لأنهم مؤمنون، قبل أن يكونوا شيئاً آخر، فهذا خاص بهم، وليس الكفار كذلك. ( ألـم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ) .

الجهة الثانية: أنه لا انفصال بين الجزاء في الدنيا والجزاء في الآخرة.

فما يقع على المؤمنين من البلاء والمصائب في الدنيا،

 فهو بما كسبت أيديهم من جهة، وبحسب منازلهم عند الله في الدار الآخرة من جهة ثانية.

فمنهم من يجزى بكل ما اكتسب من الذنوب في هذه الدنيا، حتى يلقى الله يوم القيامة وليس عليه خطيئة. وهذا أرفع منـزلة ممن يلقى الله بذنوبه وخطاياه، ولهذا اشتد البلاء على الأنبياء فالصالحين فالأمثل فالأمثل؛ لأنهم أكرم على الله من غيرهم.

ومن كان دون ذلك فجزاؤه بما كسبت يداه في هذه الدنيا بحسب حاله.

وليس الكفار كذلك؛ فإنهم ( ليس لهم في الآخرة إلا النار) ، فليس هناك أجور تضاعف ولا درجات ترفع، ولا سيئات تُكفّر. ومقتضى الحكمة ألا يدّخر الله لهم في الآخرة عملاً صالحاً، بل ما كان لهم من عمل خير، وما قدّموا من نفع للخلق يجزون ويكافئون به في الدنيا، بأن يخفف عنهم من لأوائها وأمراضها.

وبالتالي لا يمن عليهم ولا يبتليهم بهذا النوع من المصائب والابتلاءات.

فما يصيب المؤمنين ليس قدراً زائداً على ما كسبته أيديهم، بل هو ما كسبوه أو بعضه، عُجل لهم، لما لهم من القدر والمنـزلة عندالله.

وهذه يوضحها النظر في الجهة الثالثة وهي:

أن نعلم علم اليقين أن أي عمل نافع تقوم به الجماعة

 أو الأمة المسلمة، فإنها لابد أن تلقى جزاءه في الدنيا، كما يلقى ذلك غيرها، بل أفضل مما يلقاه غيرها. وهذا شيء اقتضته حكمة الله، وجرت به سنته. كما سبق بيانه في أكثر من موضع.

ولهذا صح من حديث أنس بن مالك –رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله لا يظلم مؤمناً حسنة. يُعطى بها في الدنيا ويُجزى بها في الآخرة. وأما الكافر فيُطعم بحسنات ما عمل بها لله في الدنيا، حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم تكن له حسنة يُجزى بها).

والخلاصة : أنه لا يكون بلاء ومصيبة إلا بسبب ذنب. وأن المؤمنين يجزون بحسناتهم في الدنيا والآخرة، ويُزاد في بلائهم في الدنيا ليكفر الله عنهم من خطاياهم التي يجترحونها، فلا يُعاقبون عليها هناك، وحتى تسلم لهم حسناتهم في الآخرة.

وأما الكفار فيُجزون بحسناتهم كلها في الدنيا، فيكون ما يستمتعون به في دنياهم – مما يُرى أنه قدر زائد على ما أعْطيه المؤمنون- يكون هذا في مقابلة ما يكون لهم من حسنات. وليس لهم في الآخرة من خلاق. والله أعلم ) .[ الأنترنت – موقع ملتقى أهل الحديث]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثامنة والأربعون في موضوع (العظيم) وستكون بعنوان : *الإختبار

وقال أبو أسامة : البلاء والابتلاء، والفتنة،والامتحان

، والاختبار خمسة ألفاظ مختلفة تشترك في الدلالة على معنى واحد هو الاختبار، يقال في اللغة: بلاه يبلوه بلواً، أو بلاء، وابتلاء يبتليه ابتلاء: إذا جرَّبه واختبره، وفي القرآن الكريم: (إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ) [القلم 17] أي اختبرنا أهل مكة بالقحط والجوع حتى أكلوا الجِيَفَ. وقال تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا) [البقرة 124]: أي اختبره بما كلفه من الأوامر والنواهي. وقال تعالى: (وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ) [ص 34]: أي ابتليناه واختبرناه. وقال تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ) [الممتحنة 10]: أي اختبروهن لتعرفوا إيمانهن. وقال تعالى: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) [الملك 2] جعل العلة لخلق المؤمن والحياة اختباراً لعباده وابتلاءهم لتبيين محسنهم ومسيئهم وقال تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ، الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) [البقرة 155- 157] أقسم سبحانه إنه سيبلو عباده أي :يختبرهم بالمكاره والمصائب ليظهر صبرهم واحتسابهم ورضاهم بما قدَّره عليهم.

لقد خلق الله سبحانه وتعالى ابن آدم وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة نعماً كثيرة لاتعد ولا تحصى، وجعل فيه غرائزَ وحاجاتٍ عضويةً وخلق له عقلاً مميزاً يميز به الصواب من الخطأ، وكلفه برسالة منه، فمن تبع هدى الله فقد اهتدى ومن ضل فإنما يضل على نفسه وخسر الدنيا والآخرة. فكانت الدنيا للإنسان دار اختبار وامتحان وابتلاء، فإما أن يلتزم أمر الله في إشباعه لغرائزه وحاجاته العضوية ويجتاز هذا الامتحان  بنجاح وله خير الجزاء، وإما أن  يخسر وذلك هو الخسران المبين. فكل خير يتفضل الله به على عبد من عباده هو اختبار له ليظهر شكره، وحسن استخدام النعم فيما يرضي الله سبحانه وتعالى، فإن شكر فقد نجح في امتحان الخير، وأرضى ربه، واستحق المزيد من الخير لقول الله عز وجل: (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) [إبراهيم 7].

وكثيراً ما يخفى على الناس أن النعم ابتلاء، فيظنونها تكريماً من الله لهم لا اختباراً لشكرهم فيسيئون استخدامها، ويغترون بها ولا يبالون إن كان ذلك يسخط الرب أم لا، فيفسدون ولا يصلحون  وعلى الله يستعلون وبالله ونعمه يجحدون وبآلائه يكذبون، على نحو ما قصه القرآن عن قارون: (إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ(76)وَابْتَغِ فِيمَا ءَاتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ، قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ) [القصص 76-78].                             إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة التاسعة والأربعون في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *الإختبار

والله عز وجل ذكر لنا أنه يبتلي عباده بالخير كما يبتليهم بالشر، فيقول سبحانه وتعالى: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) [الأنبياء 35]. ليختبركم في الذي أنعم به عليكم وامتحنكم به ليختبر الغني في غناه ويسأله عن شكره، والفقير في فقره ويسأله عن صبره، وفي صحيح مسلم من حديث أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ، فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ» وكذلك قوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا) [الفرقان 20] أي إن الدنيا دار بلاء وامتحان, فأراد سبحانه أن يجعل بعض الناس فتنة لبعض على العموم في جميع الناس مؤمن وكافر, فالصحيح فتنة للمريض, والغني فتنة للفقير, والفقير الصابر فتنة للغني. ومعنى هذا أن كل واحد مختبر بصاحبه، فالغني ممتحن بالفقير, عليه أن يواسيه ولا يسخر منه. والفقير ممتحن بالغني, عليه ألا يحسده ولا يأخذ منه إلا ما أعطاه, وأن يصبر كل واحد منهما على الحق; كما قال الضحاك في معنى (أَتَصْبِرُونَ): أي على الحق. وأصحاب البلايا يقولون: لم لم نعافَ؟ والأعمى يقول: لم لمْ أجعل كالبصير؟ وهكذا صاحب كل آفة. والرسول المخصوص بكرامة النبوة فتنة لأشراف الناس من الكفار في عصره، فالفتنة أن يحسد المبتلى المعافى, ويحقر المعافى المبتلى. والصبر: أن يحبس كلاهما نفسه, هذا عن البطر, وذاك عن الضجر. وعن أبي الدرداء (رضي الله عنه) أنه سمع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: «ويلٌ للعالِمِ من الجاهِلِ وويلٌ للجاهِلِ من العالِمِ، وويلٌ للمالكِ من المملوكِ وويلٌ للمملوك من المالكِ، وويلٌ للشديدِ من الضعيفِ وويلٌ للضعيفِ من الشديدِ، وويلٌ للسلطانِ من الرعيةِ وويلٌ للرعيةِ من السلطانِ، وبعضهم لبعض فتنة، وهو قوله: (وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ)» أسنده الثعلبي تغمده الله برحمته. وقال مقاتل: نزلت في أبي جهل ابن هشام والوليد بن المغيرة والعاص بن وائل, وعقبة بن أبي معيط وعتبة بن ربيعة والنضر ابن الحارث حين رأوا أبا ذر وعبد الله بن مسعود وعماراً وبلالاً وصهيباً وعامر بن فهيرة وسالماً مولى أبي حذيفة ومهجعاً مولى عمر بن الخطاب وجبراً مولى الحضرمي وذويهم; فقالوا على سبيل الاستهزاء: أنسلم فنكون مثل هؤلاء؟ فأنزل الله تعالى يخاطب هؤلاء المؤمنين: (أَتَصْبِرُونَ) على ما ترون من هذه الحال الشديدة والفقر; فالتوقيف بـ(أَتَصْبِرُونَ) خاص للمؤمنين المحقين من أمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم). كأنه جعل إمهال الكفار والتوسعة عليهم فتنة للمؤمنين, أي اختباراً لهم. ولما صبر المسلمون أنزل الله فيهم: (إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا ءَامَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ، فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ، إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ) [المؤمنون].

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الخمسون في موضوع (العظيم) وستكون بعنوان : * الابتلاء هو امتحان واختبار من الله

الابتلاء هو امتحان واختبار من الله تعالى لعبده الصادق ليعلم مدى صدقه وإخلاصه في محبته له. والابتلاء إما أن يكون امتحاناً من الله لعبده واختباراً له بالخير أو بالشر وإما أن يكون عقوبة له على ما اقترف من فعل المحرمات واجتراح السيئات، ويكون عقابه بمده بالنعم أو أن يصب عليه النقم.      والابتلاء الذي هو امتحان واختبار أنواع كثيرة منها ابتلاء بتكليف عبده بأحكام أو برسالة كما في قوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا) [البقرة 124] ومن الابتلاء بالتكليف كما حدث لأصحاب القرية من بني إسرائيل (وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ) [الأعراف 163]، وقال سبحانه: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ) [محمد 31] ويجوز أن يكون البلاء من الله مالاً يغدق على أحدهم، كما يجوز أن يكون نقصاً في المال والولد أو جوعاً وخوفاً وحرماناً، وذلك كما في الآية الكريمة: (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) [الأنبياء 35]. وكذلك نحن المسلمون كلفنا الله بأحكام كثيرة إن التزمنا بها كنا من الفائزين وخاصة في زماننا هذا حيث المنكرات الكثيرة وظهور الفساد في الأرض وانتشار المحرمات والموبقات والفرقة بين الناس والتشاجر والتناحر والتنافس على الشر  وعلى النفاق للظالمين، وعلينا أن نقف وقفة الرجال ونكون في فسطاط الخير وأهله ونكون مع العاملين للإسلام والمتمسكين بأحكامه يوم تخلى الناس عنها، والذائدين عن حياضه، والصامدين أمام الطغاة وأعوانهم، والصابرين على أذاهم وأذى الناس المفتونين بالدنيا وزخارفها، ونكون بذلك من الفائزين.

 وهناك ابتلاء بالمحن والشدائد والمصائب ليظهر العبد المؤمن المتقي الصبر والرضا والتسليم، وإن من سنة الله في خلقه أن يختبر إيمان المؤمنين بأن يصيبهم بما يكرهون، فإن صبروا ورضوا بما قدَّر ربهم فقد صدقوا في إيمانهم، فحامل الدعوة قد يبتلى و يمتحن بالتضييق عليه في رزقه وحرمانه من الوظائف أو المناصب الرفيعة لا لأنه ليس أهلاً لها ولكن ترفعاً منه عن المناصب التي تجعله قريباً من الحكام وأعوانهم الظلمة، أو محاربةً وتضييقاً منهم عليه.                        ومن الابتلاء بالمحن والشدائد ما تحفل به حياة الأنبياء والمرسلين قال تعالى: (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [يوسف 111] وكذلك من انتهج نهجهم وحمل الدعوة مثلهم معرض للابتلاءات والفتن والنكبات ومحاربة الأهل والأقارب والأصحاب لهم  والناس أجمعين حكاماً ومحكومين؛ فيصبح غريباً بين أهله وجيرانه وأصحابه وأقرانه وخلانه وهذا بلاء عظيم، قال تعالى: (فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) [يونس 85]. أي لا تظفرهم بنا وتسلطهم علينا فيظنوا أنهم إنما سلطوا لأنهم على الحق ونحن على الباطل فيفتنوا بذلك، هكذا روي عن أبي مجلز وأبي الضحى، وقال ابن أبي نجيح وغيره عن مجاهد لا تعذبنا بأيدي آل فرعون ولا بعذاب من عندك فيقول قوم فرعون لو كانوا على حق ما عذبوا ولا سلطنا عليهم فيفتنوا بنا (تفسير ابن كثير). يبتلى حملة الدعوة والعاملون لنصرة هذا الدين بابتلاءات كثيرة ولكن أوجعها وأكثرها تأثيراً تأخر النصر وعدم استجابة الناس لهم، وكلما تأخر النصر ظن العوام أن حملة الدعوة والعاملين للإسلام على ضلال أو على خطأ فازدادوا تصلباً وبعداً عن نصرة الإسلام القويم ونصرة حملة الدعوة المخلصين.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الواحدة والخمسون في موضوع (العظيم) وستكون بعنوان : تأخير النصرللمؤمنين إبتلاء

والابتلاء يكون لعباده المؤمنين العاملين لنصرة دين الله  بتأخر النصر تمحيصاً لما في الصدور من إيمان، واختباراً لمعنوياتهم واصطبارهم على الشدائد والمحن، قال تعالى: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ) [البقرة 214] فهذا إخبار من الله تعالى، ذكره أصحاب رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه مبتليهم وممتحنهم بشدائد من الأمور ليعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه, كما ابتلاهم فامتحنهم بتحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة, وكما امتحن أصفياءه قبلهم، وقد كان أصحاب رسول اللَّه (صلى الله عليه وآله وسلم) في شدة من أذى الكفار ومن الجوع، فصبروا على ذلك حتى فرج اللَّه عنهم، وكل من صبر فرج اللَّه عنهم، فإن الفرج مع الصبر وإن مع العسر يسراً، وكان الصالحون رحمهم اللَّه يفرحون بالشدة لما يرجون من ثوابها ومن ذلك قوله تعالى: (وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ) [آل عمران 154]، كما أن الله يختبر عبده المخلص ليظهر كيف يكون حاله بعد بلاء تأخر النصر، وذلك في قوله تعالى: (وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا) [الأنفال 17]، وكما في قوله تعالى: (هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا) [الأحزاب 11]، وهذا البلاء يعني أيضاً اختبار الله تعالى للمؤمنين، حتى يظهر صدقهم وإخلاصهم وتوكلهم على الله في كل الأمور، كما جاء في الآية الكريمة (وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ) [البقرة 49] وإن أكثر الخلق وأعظمهم ابتلاء هم الأنبياء مع أنهم أحب الخلق إلى الله. قال (صلى الله عليه وآله وسلم): «نحنُ معاشرَ الأنبياءِ أشدُّ الناسِ بلاءً».

 أما الأحاديث الواردة في الصبر على البلاء فهي كثيرة ومنها ما رواه أحمد عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاءً؟ قَالَ: «الأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الصَّالِحُونَ، ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ مِنْ النَّاسِ…»، ومنها قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ» (رواه الإمام مسلم في صحيحه عن صهيب بن سنان). وقال سبحانه وتعالى: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) [الزمر 10]

والآيات والأحاديث في ذلك كثيرة ومما ورد في الأحاديث في الصبر على البلاء قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «لا يَزَالُ الْبَلاءُ بِالْمُؤْمِنِ أَوْ الْمُؤْمِنَةِ فِي جَسَدِهِ وَفِي مَالِهِ وَفِي وَلَدِهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَمَا عَلَيْهِ مِنْ خَطِيئَةٍ» (رواه أحمد في مسنده عن أبي هريرة).

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثانية والخمسون في موضوع (العظيم) وستكون بعنوان :

ومن أنواع  البلاء النعمة والمنّة الإلهية والعطايا الربانية

فإنما هي مذكورة في الآية الكريمة في قوله تعالى: (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا) [الإنسان 2] وقوله عز من قائل: (فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ، وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ) [الفجر 15-16]. فالابتلاء هو نوع من الامتحان الذي يمر بها المسلم، سواء أكان خيراً أم شراً، نعمة أم نقمة، يمتحن بها الله عبده، فينعم عليه فإن اغتر بما أعطاه الله انتكس وأصبح من الخاسرين، قال تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) [الأنبياء] أي (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ) في الدنيا (وَنَبْلُوكُمْ) نختبركم (بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ) كفقر وغنى وسقم وصحة (فِتْنَةً) مفعول له أي لننظر أتصبرون وتشكرون أم لا (وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) فنجازيكم (تفسير الجلالين). فالابتلاء بالخير هو امتحان غير مباشر لا يدرك حقيقته إلا من صدق إيمانه، وصفت بصيرته، فأدرك أنه مسؤول عن كل ما يتفضل الله به عليه من الصحة.

والابتلاء بالشر أهون من الابتلاء بالخير، فإن الامتحان بالشر امتحان مباشر يدركه عامة الناس، فكل من وقع فيما لا يحب من مصيبة أو فقد عزيز أو نقص في مال أو نفس يدرك -غالباً- أنه مُبتلى ومُختبر، فيلجأ إلى ربه يسأل اللطف والتخفيف والتعويض قائلاً: إنا لله وإنا إليه راجعون، فإذا ابتلي الإنسان بالشر ولم يكن صابراً راضياً واعترض على ابتلاء الله وخرج عن طريق الطاعة والإخلاص سقط وانتكس وأصبح من الخائبين، فلو صبر على ما ابتلاه الله به ورضي بما قسم له لأنعم الله عليه بنعمة من عنده ورحمة ورضوان.

وكذلك يبتلي الله عباده المخلصين الطائعين له الملتزمين أمره بالخير الوفير ليعلم مدى إخلاصهم، وهل يزيدهم من الله إيماناً وصدقاً؟ أم أنهم سيفتنون بهذه الخيرات الزائلة فيقعون في حبائل الشيطان ويكفرون بالله ويبتعدون عن طريق الحق  طريق الرحمن؟

ويكون الابتلاء على قدر الإيمان فكلما قوي إيمان العبد اشتد ابتلاؤه، فالأنبياء أقوى المؤمنين إيماناً كان بلاؤهم شديداً، أخرج الترمذي عن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاءً؟ قَالَ: الأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ، يُبْتَلَى الْعَبْدُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ…». والابتلاء دليل على حب الله لمن ابتلاه من عباده المتقين الصالحين، فعن أنس بن مالك (رضي الله عنهما) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: «عِظَمُ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاءِ، وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْماً ابْتَلاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ» (رواه ابن ماجه). والصبر على البلاء يكفِّر السيئات ويرفع الدرجات فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (رضي الله عنه) عَنْ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قَالَ: «مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلا وَصَبٍ وَلا هَمٍّ وَلا حُزْنٍ وَلا أَذًى وَلا غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إِلا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ» (أخرجه البخاري).

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثالثة والخمسون في موضوع (العظيم) وستكون بعنوان : حكمة إبتلاء المؤمن بالإمراض

   قد يبتلى الناس بالأسقام والأمراض ونحو ذلك ليس عقوبة للعبد المتقي الله في شؤونه كلها، ولكن لحكمة بالغة منها رفع الدرجات وحط الخطايا، عن عائشة (رضي الله عنها) عن رسول اللَّه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: «مَا مِنْ مُصِيبَةٍ تُصِيبُ الْمُسْلِمَ إِلا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا عَنْهُ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا» (متفق عليه). وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: «إن الرجلَ لَتَكُونُ له الدرجةُ عند اللَّهِ لا يبلغُها بعمِلِه حتى يُبتلى ببلاءِ في جسمِه فيبلُغُها بذلك». وقد يبتلى الإنسان بالسراء كالمال العظيم والنساء والأولاد وغير ذلك فلا ينبغي أن يظن أنه بذلك يكون محبوباً عند الله إذا لم يكن مستقيماً على طاعته، فقد يكون من حصل له ذلك محبوباً، وقد يكون مبغضاً، والأحوال تختلف والمحبة عند الله ليست بالجاه والأولاد والمال والمناصب، وإنما تكون المحبة عند الله بالعمل الصالح والتقوى لله والإنابة إليه والقيام بحقه وبالاستقامة، فعن أنس بن مالك (رضي الله عنهما) قال رسول اللَّه (صلى الله عليه وآله وسلم): «إذا أراد اللَّهُ بعبدٍ خيراً أو أرادَ أن يصافِيَهُ صبَّ عليهِ البلاءَ صباً، وَثَجَّهُ عليه ثَجّاً، وإذا دعاهُ قالتِ الملائكةُ: يا ربِّ صوتٌ معروفٌ، فإذا دعاه الثانيةَ فقال: يا ربِّ قال اللَّهُ تعالى: لبيكَ وسعدَيْكَ لا تسألُني شيئاً ألا أعطيتُكَ أو دفعتُ عنكَ ما هو شرٌ وادّخرْتُ عندي لك ما هو أفضلُ منه، فإذا كان يومُ القيامة جيءَ بأهلِ الأعمالِ فَوُفُّوا أعمالَهم بالميزان أهلُ الصلاةِ والصيامِ والصدقةِ والحجِ، ثم يؤتى بأهلِ البلاءِ فلا يُنصَبُ لهم الميزان ولا يُنشَرُ لهم الديوانُ ويُصَبُّ عليهم الأجرُ صباً كما يُصَبُّ عليهمُ البلاءُ، فيودّ أهلُ العافيةِ في الدنيا لو أنهم كانت تُقْرَضُ أجسادُهم بالمقاريضِ لما يَرَوْنَ مما يَذْهَبُ به أهلُ البلاء من الثواب فذلك قوله تعالى: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ)».

ومن أنواع الابتلاء عقاب على ارتكاب المعاصي التي يرتكبها العباد فيسلط اللهُ العاهاتِ والأمراضَ والمصائبَ والنكباتِ والآفاتِ والأمراضَ التي لم يسمع بها من قبل كالإيدز وجنون البقر وأنفلونزا الطيور والخنازير والقرود والزلازل والبراكين والصواعق والأعاصير المدمرة كتسونامي وكترينا وغيرها، والهزات الاقتصادية وانهيار الأسواق المالية والهزائم والضعف والهوان والوهن ومن ذلك قوله تعالى: (إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ) [القلم 17] فما أصاب أهل مكة، وما نزل بحديقة هؤلاء المانعين حق الله هو ابتلاء انتقام وعقاب. قال سبحانه: (وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الأعراف 168]. وروى أحمد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ أَنَّ رَجُلاً لَقِيَ امْرَأَةً كَانَتْ بَغِيًّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَجَعَلَ يُلاعِبُهَا حَتَّى بَسَطَ يَدَهُ إِلَيْهَا، فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: مَهْ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ ذَهَبَ بِالشِّرْكِ، فَوَلَّى الرَّجُلُ فَأَصَابَ وَجْهَهُ الْحَائِطُ فَشَجَّهُ، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: «أَنْتَ عَبْدٌ أَرَادَ اللَّهُ بِكَ خَيْراً، إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِعَبْدٍ خَيْراً عَجَّلَ لَهُ عُقُوبَةَ ذَنْبِهِ، وَإِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ شَرّاً أَمْسَكَ عَلَيْهِ بِذَنْبِهِ حَتَّى يُوَفَّى بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُ عَيْرٌ».

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الرابعة والخمسون في موضوع (العظيم) وستكون بعنوان :  قد يكون الابتلاء استدراجاً

 وقد يكون الابتلاء استدراجاً فقد يبتلى بالنعم يستدرج بها حتى يقع في الشر وفيما هو أسوأ من حاله الأولى قال تعالى: (سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ، وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) [الأعراف 182-183] عن عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ عَنْ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قَالَ: «إِذَا رَأَيْتَ اللَّهَ يُعْطِي الْعَبْدَ مِنْ الدُّنْيَا عَلَى مَعَاصِيهِ مَا يُحِبُّ فَإِنَّمَا هُوَ اسْتِدْرَاجٌ. ثُمَّ تَلا رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم): (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ) [الأنعام 44]» (رواه أحمد) أي آيسون من كل خير والعياذ بالله. ويقول جل وعلا: (أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ، نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَا يَشْعُرُونَ) [المؤمنون 55-56]. والمصائب في الدنيا التي تقع على الكافرين والعصاة بكسب الأوزار لقوله تعالى: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) [الشورى 30].  وهذا يفسر السعة التي يعيشها الكافرون والضيق والضعف والهوان الذي يحل بالمسلمين.   وهنا يسأل البعض: كيف لنا أن نفرق بين من وقع عليه بلاء أن ذلك عقوبة وليس بلاء واختبار وتمحيص؟ ينظر إلى حال من وقع عليه البلاء، فان كان طائعاً لله ملتزماً أمره مطبقاً شرعه فهذا ابتلاء وامتحان وتمحيص واختبار وبالصبر عليه تكفر السيئات وترفع الدرجات، أما إن كان من المفترين المكذبين أو الكافرين المجرمين أومن العصاة المفتونين فذلك عقوبة لهم، فإن رجعوا وتابوا وإلى الله وأنابوا فإن الله غفور رحيم ويبدل سيئاتهم حسناتٍ والسخط بالرضا والهزيمة بالنصر والعسر باليسر. وكذلك الأمم والشعوب ونحن في هذا الزمان حيث المصائب تتنزل على الناس أفراداً وجماعاتٍ وما ذلك إلا بما كسبت أيدي الناس واقترفت من معاصٍ واجترحت من سيئات، فما تنزل من نازلة إلا عقاباً للمخالفين لأمر الله وامتحاناً وتمحيصاً لقلوب المؤمنين الطائعين.

كما أن بعض المفتونين بحضارة الكافرين يظن أن  السعة التي يعيش بها الكفار  والضيق الذي يعيشه المسلمون إنما ذلك لأن الكفار أفضل منا ومرضي عنهم أكثر منا وهذا ظن خاطىء، فالله سبحانه وتعالى يملي للكفرة العصاة أي يمهلهم ويمدلهم وما ذلك إلا ابتلاء لنا أنصبر ونهتدي ونعود إلى الله أم نفتن ونزداد بعداً عن الله.                 عندما يحصل البلاء للمؤمن فهو تخفيف لعقوبة الآخرة أو تكفير لسيئاته أو رفعة لدرجاته أو اختبار لإيمانه ولصبره .أما للكافر فهي عقوبة له، و البلاء يكون بسبب المعاصي والكفر، قال تعالى: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الروم 41].

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الخامسة والخمسون في موضوع (العظيم) وستكون بعنوان :  وقوع البلاء بتقدير الله وحكمته: فقد يبتلي أقواماً ويدع أسوأ منهم، وقد يبتلي المؤمن ويمهل الكافر بل يعفو عن كثير ، قال تعالى: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) هذه حكمة البلاء للمؤمن وهذا يدل على قوة إيمانه إن صبر وادّكر، فقد سئل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاءً؟ قَالَ: «الأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الصَّالِحُونَ، ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ مِنْ النَّاسِ…» (رواه أحمد) ويدل ذلك على محبة الله للمؤمن المبتلى، قال (صلى الله عليه وآله وسلم): «… وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاهُمْ…» (رواه الترمذي). وهي علامة لإرادة الله بعبده الخير، قال (صلى الله عليه وآله وسلم): «إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدِهِ الْخَيْرَ عَجَّلَ لَهُ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا…» (رواه الترمذي) وأيضاً هي كفارة لذنوبه، قال (صلى الله عليه وآله وسلم): «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى شَوْكَةٌ فَمَا فَوْقَهَا إِلا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا سَيِّئَاتِهِ كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا» (البخاري). وقال تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ، الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) [البقرة 155-157]، فالصبرَ الصبرَ أيها العاملون للإسلام، يا ورثة الأنبياء، يا حملة لواء الإسلام، ويا حملة الدعوة للأنام،  قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامَ الصَّبْرِ؛ الصَّبْرُ فِيهِ مِثْلُ قَبْضٍ عَلَى الْجَمْرِ، لِلْعَامِلِ فِيهِمْ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلا يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِهِ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْهُمْ. قَالَ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْكُمْ» (رواه ابن ماجه).

والبشرى العظيمة أن المستقبل للإسلام والعاقبة للمتقين، قال تعالى: (حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ) [يوسف 110]، وكذلك قول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): «‏لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَلا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلا وَبَرٍ إِلا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ، بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ، عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الإِسْلَمَ، وَذُلا يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ»  [ رواه أحمد ]

 و ليس من الصبر على البلاء عدم إنكار المنكر فالواجب عند وجود البلاء بالمنكرات هو إنكارها باليد أو باللسان أو بالقلب حسب الطاقة، لقول الله سبحانه (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) [التوبة 71] ولقول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ» (رواه مسلم) وعلى المسلمين عند الابتلاء بالمنكرات سواء أكان ذلك في البيت أم في الطريق أم في غيرها -منكرات أفراد أو دولة- عليهم الإنكار ولا يجوز التساهل في ذلك، فلنتواصَ بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال تعالى: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ) [هود 117]، وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): «إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا الظَّالِمَ فَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمْ اللَّهُ بِعِقَابٍ مِنْهُ» [صحيح الجامع 1970]. [ الأنترنت – موقع مجلة الوعي - الحكمة في سنة الابتلاء والفتنة _ أبو أسامة ]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة السادسة والخمسون في موضوع (العظيم) وستكون بعنوان :  *البهتان العظيم

"هو الكذب والافتراء الباطل الذي يُتحيَّر منه"

• حكم البهتان: عدَّ ابنُ حجر الهيتمي البهتانَ من كبائر الذنوب، وذكَر أنه أشدُّ من الغيبة

ومن معاني البهتان التي وردت في القرآن الكريم ما يلي: أولاً: الزنى: ومنه قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الممتحنة: 12].

ثانيًا: الحرام: ومنه قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا * وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا ﴾ [النساء: 20 - 21].

ثالثًا: الكذبُ الفاحش، وهو بيت القصيد، والمَعْنِي من الكلام: ومنه قوله تعالى: ﴿ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ * إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ * وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ ﴾ [النور: 14 - 16].

• وأخرج البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: "بلَغ عبدالله بن سلام مَقْدَمُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم المدينةَ، فأتاه فقال: إني سائلك عن ثلاث لا يعْلمُهنَّ إلا نبي، قال: ما أول أشراط الساعة؟ وما أول طعام يأكله أهل الجَنَّة؟ ومن أي شيء ينزعُ الولد إلى أبيه؟ ومن أي شيء ينزع إلى أخواله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خَبَّرَني بهن آنفًا جبريل))، قال: فقال عبدالله: ذاك عدوُّ اليهود من الملائكة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أمَّا أول أشراط الساعة فنار تحشرُ الناس من المشرق إلى المغرب، وأما أول طعام يأكله أهل الجَنَّة فزيادةُ كبدِ حوت، وأما الشَّبَهُ في الولد فإن الرجل إذا غَشِيَ المرأة فسبَقها ماؤُهُ كان الشَّبَهُ له، وإذا سبق ماؤها كان الشَّبَهُ لها))، قال: أشهد أنَّك رسول الله، ثم قال: يا رسول الله، إن اليهود قومُ بُهْتٌ، إن عَلِموا بإسلامي قبل أن تسألهم بهَتوني[2] عندك، فجاءت اليهود، ودخل عبدالله البيت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أي رجلٍ فيكم عبدالله بن سلام؟))، قالوا: أعلمُنَا وابن أعلَمِنِا، وأخيرُنَا وابن أخْيَرِنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أفرأيتم إن أسلم عبدالله؟))، قالوا: أعاذه الله من ذلك، فخرج عبدالله إليهم، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله. فقالوا: شَرُّنا وابن شَرِّنا، ووقعوا فيه".

• وأخرج الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أتدرون ما الغيبة؟))، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ((ذكرُك أخاك بما يكره))، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: ((إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته)).

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة السابعة والخمسون في موضوع (العظيم) وستكون بعنوان : 

* الفرق بين البهتان والاغتياب والافتراء والإفك:

تتقارب معاني هذه الألفاظ، بَيْدَ أنها عند التدقيق ممَّا تَختلف دلالته وتتفاوَت؛ فالاغتياب: هو أن يتكلَّم شخصٌ خلف إنسانٍ مستور بكلامٍ هو فيه، وإن لم يكن ذلك الكلام فيه فهو بُهتان، والكذب الفاحش الذي يُدْهَشُ له سامعُه هو بهتانٌ إن لم يكن بحضرة المقول فيه؛ فإن كان بحضرته كان افتراء، سواء أكان ذلك عن قصد أم عن غير قصد، فإذا كان ذلك عن قصد كان إفكًا؛ (بتلخيص عن الكفوي في الكليات). [ الأنترنت – موقع الألوكة- الشيخ ندا أبو أحمد]

وقال البغوي : قوله عز وجل: { إذ تلقونه } تقولونه،  { بألسنتكم } قال مجاهد ومقاتل: يرويه بعضكم عن بعض. وقال الكلبي: وذلك أن الرجل منهم يلقى الرجل فيقول بلغني كذا وكذا يتلقونه تلقيا، وقال الزجاج: يلقيه بعضكم إلى بعض، وقرأت عائشة "تلقونه" بكسر اللام وتخفيف القاف من الولق وهو الكذب{ وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا } تظنون أنه سهل لا إثم فيه، { وهو عند الله عظيم } في الوزر { ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك } هذا اللفظ هاهنا معناه التعجب { هذا بهتان عظيم } أي: كذب عظيم يبهت ويتحير من عظمته. وفي بعض الأخبار أن أم أيوب قالت لأبي أيوب الأنصاري: أما بلغك ما يقول الناس في عائشة؟ فقال أبو أيوب: سبحانك هذا بهتان عظيم  فنزلت الآية على وفق قوله. { يعظكم الله } قال ابن عباس رضي الله عنهما: يحرم الله عليكم وقال مجاهد: ينهاكم الله. { أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين } { ويبين الله لكم الآيات } في الأمر والنهي، { والله عليم } بأمر عائشة وصفوان، { حكيم } حكم ببراءتهما. قوله عز وجل: { إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة } يعني: تظهر، ويذيع الزنا، { في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة } يعني عبد الله بن أبي وأصحابه المنافقين، والعذاب في الدنيا الحد، وفي الآخرة النار، { والله يعلم } كذبهم وبراءة عائشة وما خاضوا فيه من سخط الله { وأنتم لا تعلمون } [ الأنترنت – موقع تفسير البغوي ]

وقال البضاوي : ( سبحانك ) تعجب من ذلك الإفك أو ممن يقول ذلك ، وأصله أن يذكر عند كل متعجب تنزيها لله تعالى من أن يصعب عليه مثله ثم كثر فاستعمل لكل متعجب ، أو تنزيه لله تعالى من أن تكون حرمة نبيه فاجرة فإن فجورها ينفر عنه ويخل بمقصود الزواج بخلاف كفرها فيكون تقريرا لما قبله وتمهيدا لقوله : ( هذا بهتان عظيم ) لعظمة المبهوت عليه فإن حقارة الذنوب وعظمها باعتبار متعلقاتها .

( يعظكم الله أن تعودوا لمثله ) كراهة أن تعودوا أو في أن تعودوا . ( أبدا ) ما دمتم أحياء مكلفين . ( إن كنتم مؤمنين ) فإن الإيمان يمنع عنه وفيه تهييج وتقريع .

( ويبين الله لكم الآيات ) الدالة على الشرائع ومحاسن الآداب كي تتعظوا وتتأدبوا . ( والله عليم ) بالأحوال كلها . ( حكيم ) في تدابيره ولا يجوز الكشخنة على نبيه ولا يقرره عليها . [ الأنترنت – موقع تفسير البيضاوي ]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثامنة والخمسون في موضوع (العظيم) وستكون بعنوان :  *الحنث العظيم

قال ابن منظور في اللسان :

الحنث الخلف في اليمين ونقضها والنكث فيها وهو من الحنث الاثم يقول إما أن يندم على ما حلف عليه أو يحنث فتلزمه الكفارة والحنث الذنب العظيم والإثم وفي التنزيل العزيز{وكانوا يصرون على الحنث العظيم} يصرون أي يدومون وقيل هو الشرك وبلغ الغلام الحنث أي الإدراك والبلوغ [ الأنترنت – موقع لسان العرب ]

 وقال المقدم قال تعالى: إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ * وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنثِ الْعَظِيمِ [الواقعة:45-46]^ أي: كانوا قبل ذلك منهمكين في اللذات والشهوات، منغمسين في الأمور الطبيعية والغواشي البدنية، فبذلك اكتسبوا هذه الهيئات الموبقة والتبعات المهلكة. وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنثِ الْعَظِيمِ الذنب العظيم من الأقاويل الباطلة والعقائد الفاسدة التي استحقوا بها العذاب المخلد والعقاب المؤبد.

وفسره السبكي بالقسم. يعني أن السبكي فسر الحنث العظيم بالقسم على إنكار البعث في حينما كانوا يحلفون في الدنيا، كما قص الله تعالى عنهم: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ [النحل:38] فهذا هو الحنث العظيم. قال الشهاب : وهو تفسير حسن. قال: لأن الحنث وإن فسر بالذنب مطلقاً أو بالذنب العظيم، فالمعروف استعماله في عدم البر بالقسم. فكلمة الحنث تستعمل في معنى الذنب العظيم أو الذنب مطلقاً؛ لكنها -أيضاً- تستعمل بصورة مشهورة في عدم البر بالقسم [ الأنترنت – موقع طريق السلف - الشيخ محمد بن إسماعيل المقدم  ]

وقال ابن كثير: قال تعالى: { إنهم كانوا قبل ذلك مترفين} أي كانوا في الدار الدنيا منعمين، مقبلين على لذات أنفسهم، { وكانوا يصرون} أي يقيمون ولا ينوون توبة { على الحنث العظيم} ، وهو الكفر باللّه، قال ابن عباس: الحنث العظيم: الشرك وكذا قال مجاهد وعكرمة والضحّاك وقتادة ، وقال الشعبي: هو اليمين الغموس

وقال الطبري : وَقَوْله : { وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْث الْعَظِيم } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَكَانُوا يُقِيمُونَ عَلَى الذَّنْب الْعَظِيم .

ومما سبق يتضح تعدد أقوال المفسرين في تفسير قوله تعالى: وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الحِنْثِ العَظِيمِ

فقال ابن عباس: الحنث العظيم: الشرك، وكذا قال مجاهد وعكرمة والضحاك وقتادة والسدي.

وقال الشعبي: هو اليمين الغموس.

وروي عن قتادة ومجاهد أنه الذنب العظيم الذي لا يتوبون منه.

 ولا تعارض بين هذه الأقوال لأن الحنث في لغة العرب الإثم والذنب، ولا شك أن الشرك أعظم الإثم وأكبر الذنوب، ولا شك أن اليمين الغموس إثم وذنب، فكل واحد من المفسرين فسرها ببعض ما يشمله لفظ الحنث العظيم. [ الأنترنت – موقع إسلام ويب ]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة التاسعة والخمسون في موضوع (العظيم) وستكون بعنوان :  *الِذِبْحٍ العَظِيمٍۢ

 التسليم والانقياد بالتوحيد لرب العالمين من أعظم العبادات ،فبالتوحيد والانقياد تصلح العبادات وتقبل من رب الأرض والسماوات ، والله تعالى يمتحن عباده ليرى منهم الخضوع له وحده ، وليرفع منزلتهم في الدنيا والآخرة ، و من هؤلاء العباد المخلصين الصالحين خليل الرحمن أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام وصفه الله تعالى بأنه كان أمة ، نعم كان أمة وحده وقدوة لمن بعده موحدا غير مشرك ، قال تعالى :{إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ. وَآتَيْنَاهُ فِي الْدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} [النحل: 120-122].

جاء في تفسير الشنقيطي قوله تعالى : وفديناه بذبح عظيم قال : اعلم أن القرآن العظيم قد دل في موضعين ، على أن الذبيح هو إسماعيل لا إسحاق . أحدهما في " الصافات " ، والثاني في " هود " .

أما دلالة آيات " الصافات " على ذلك ، فهي واضحة جدا من سياق الآيات ، وإيضاح ذلك أنه تعالى قال عن نبيه إبراهيم { وقال إني ذاهب إلى ربي سيهدين رب هب لي من الصالحين فبشرناه بغلام حليم فلما بلغ معه السعي قال يابني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال ياأبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين فلما أسلما وتله للجبين وناديناه أن ياإبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين إن هذا لهو البلاء المبين وفديناه بذبح عظيم وتركنا عليه في الآخرين سلام على إبراهيم كذلك نجزي المحسنين [ 37 \ 99 - 110 ] ، قال بعد ذلك عاطفا على البشارة الأولى : وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين [ 37 \ 112 ] ، فدل ذلك على أن البشارة الأولى شيء غير المبشر به في الثانية ; لأنه لا يجوز حمل كتاب الله على أن معناه : فبشرناه بإسحاق ، ثم بعد انتهاء قصة ذبحه يقول أيضا : وبشرناه بإسحاق ، فهو تكرار لا فائدة فيه ينزه عنه كلام الله ، وهو واضح في أن الغلام المبشر به أولا الذي فدي بالذبح العظيم ، هو إسماعيل ، وأن البشارة بإسحاق نص الله عليها مستقلة بعد ذلك .

وأما الموضع الثاني الدال على ذلك الذي ذكرنا أنه في سورة " هود " ، فهو قوله تعالى : {وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب }[ 11 \ 71 ] ; لأن رسل الله من الملائكة بشرتها بإسحاق ، وأن إسحاق يلد يعقوب ، فكيف يعقل أن يؤمر إبراهيم بذبحه ، وهو صغير ، وهو عنده علم يقين بأنه يعيش حتى يلد يعقوب .

فهذه الآية أيضا دليل واضح على ما ذكرنا ، فلا ينبغي للمنصف الخلاف في ذلك بعد دلالة هذه الأدلة القرآنية على ذلك ، والعلم عند الله تعالى .إهـ

فإذا تقرر أن الذبيح هو إسماعيل فلا مجال للشك بعد اليقين وقوله: { وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ } أي: وجعلنا فداء ذبح ولده ما يسره الله تعالى له من العوض عنه.

والمشهور عند الجمهور: أنه كبش أبيض، أعين، أقرن، رآه مربوطًا بسمرة في ثبير. إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الستون في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :* الذبح العظيم 

يقول الشيخ بن عثيمين

هذه بعض الفوائد من هذه القصة العظيمة:

1 – أبو الأنبياء إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام وصف بأنه أمة.

2 – الامة لها معاني منها : الطائفة العظمى ، القدوة ،الإمام،المعلم للخير ...

3 – معنى القانت : المطيع ، ومعنى الحنيف : المجانب للباطل.

4 – ادعاء اليهود والنصارى إن إبراهيم منهم و رد القرآن عليهم : { ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً، ولكن كان حنيفاً مسلما}.

5- الاختلاف في الذبيح هل هو إسحاق أو إسماعيل ، والقول الصواب الحق هو إسماعيل للأدلة الواضحة.

6 – الغلام الحليم هو إسماعيل ، والغلام العليم هو إسحاق عليه السلام .

7 – رؤيا الأنبياء حق تقع كما ترى.

8 – امتحان إبراهيم عليه السلام في ابنه إسماعيل واستسلامه لله تعالى.

9 – طواعية الولد و بره لابيه في هذا الامتحان .

10 – تنفيذ أوامر الله تعالى وكمال العبودية له من إبراهيم في ذبح ابنه .

11 – تغيير موازين الأشياء بقدرة الله : السكين لا تقطع ، كما في نار التي كانت بردا وسلاما على إبراهيم.

12 - تم الامتحان وأتى الفرج من الرحمن وفداه بذبح عظيم.

13          – وفاء نبي الله إبراهيم عليه السلام وإنجاز ما وعد امتثالا لأمر الله سبحانه وتعالى.

[الأنترنت – موقع  التصفية والتربية السلفيةجمعه وكتبه :أبو عبد السلام جابر البسكري]

وأغلب أقوال المفسِّرين أن الذَّبح كبش من الضّآن،

وإذا لم يدلُّ دليل على أصل الكَبش ولا على أكله

 فالظاهر ـ كالمعتاد ـ أن الكَبش من غَنم الأرضِ وأن إبراهيم أكَلَ منه وتصدَّق على غَيره شكرًا لله على فداءِ إسماعيل، شأنَ الأضحية في الإسلام التي قال فيها النبيّ ـ صلّى الله عليه وسلم ـ “سُنُّوا بها سُنّة أبيكم إبراهيمَ”.

وأنتبِه إلى أن القرآن لا يهتمُّ بذكر التفاصيل الجزئيّة اهتمامه بموضع العِبرة والموعظة وإبراهيم لم يذبح جملاً ولا بقرة، لأنّه كان لا يعرف فداءَ ولده، ولكن الله هو الذي نبّهه إلى ذلك على ما يُفهَم من ظاهر التعبير “وفَديْناه بذِبحٍ عَظيمٍ” فهو توجيه من الله سبحانه ، والواجب هو الاتباع.

[ الأنترنت – موقع  فتوى إسلام أون لاين ]

 وقال السعدى : [ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ } أي: صار بدله ذبح من الغنم عظيم، ذبحه إبراهيم، فكان عظيما من جهة أنه كان فداء لإسماعيل، ومن جهة أنه من جملة العبادات الجليلة، ومن جهة أنه كان قربانا وسنة إلى يوم القيامة.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الواحدة والستون في موضوع (العظيم) وستكون بعنوان :  *إن زلزلة الساعة شيء عظيم   

قال القرطبى : الزلزلة شدة الحركة ، ومنه قوله - تعالى { وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله . . } وأصل الكلمة من زل فلان عن الموضع ، أى : زال عنه وتحرك ، وزلزل الله قدمه ، أى : حركها وهذه اللفظة تستعمل فى تهويل الشىء " .

وقال الآلوسى : " والزلزلة : التحريك الشديد ، والإزعاج العنيف ، بطريق التكرير ، بحيث يزيل الأشياء من مقارها ، ويخرجها من مراكزها .

وإضافتها إلى الساعة ، من إضافة المصدر إلى فاعله

والمعنى : يأيها الناس اتقوا ربكم إتقاءً تاماً ، بأن تصونوا أنفسكم عن كل ما لا يرضيه ، وبأن تسارعوا إلى فعل ما يحبه ، لأن ما يحدث فى هذا الكون عند قيام الساعة ، شىء عظيم ، ترتجف لهوله القلوب ، وتخشع له النفوس

وقال - سبحانه - : { إن زلزلة الساعة شيء عظيم } بصيغة الإجمال والإبهام لهذا الشىء العظيم ، لزيادة التهويل والتخويف .

ثم فصل سبحانه هذا الشىء العظيم تفصيلا يزيد

فى وجل القلوب فقال : { يوم ترونها تذهل كل مرضعة عمآ أرضعت . . } .

والضمير فى " ترونها " ، يعود إلى الزلزلة لأنها هى المتحدث عنها والظرف " يوم " منصوب بالفعل تذهل ، والرؤية بصرية لأنهم يرون ذلك بأعينهم .

والذهول : الذهاب عن الأمر والانشغال عنه مع دهشة وحيرة وخوف أى : أن هذه الزلزلة من مظاهر شدتها ورهبتها ، أنكم ترون الأم بسببها تنسى وتترك وليدها الذى ألقمته ثديها . وكأنها لا تراه ولا تحس به من شدة الفزع .

وقوله  سبحانه { وتضع كل ذات حمل حملها }

 بيان لحالة ثانية تدل على شدة الزلزلة وعلى عنف آثارها . أى : وترونها - أيضا - تجعل كل حامل تضع حملها قبل تمامه من شدة الفزع .

ثم بين  سبحانه حالة ثالثة لللآثار التى تدل على شدة هذه الزلزلة فقال : { وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد } .

أى : وترى - أيها المخاطب - الناس فى هذا الوقت العصيب ، هيئتهم كهيئة السكارى من قوة الرعب والفزع . وما هم على الحقيقة بسكارى ، لأنهم لم يشربوا ما يسكرهم ولكن عذاب الله شديد . أى : ولكن شدة عذابه سبحانه هى التى جعلتهم بهذه الحالة التى

تشبه حالة السكارى فى الذهول والاضطراب .

وقد أشار صاحب الكشاف إلى هذا المعنى فقال : " وتراهم سكارى على التشبيه ، وما هم بسكارى على التحقيق ، ولكن ما رهقهم من خوف عذاب الله ، هو الذى أذهب عقولهم ، وطير تمييزهم ، وردهم فى نحو حال من يذهب السكر بعقله وتمييزه . . " .

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

 

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثانية والستون في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :      *إن زلزلة الساعة شيء عظيم   

 وقد اختلف العلماء فى وقت هذه الزلزلة المذكورة هنا ، فمنهم من يرى أنها تكون فى آخر عمر الدنيا ، وأول أحوال الساعة ومنهم من يرى أنها تكون يوم القيامة ، بعد خروج الناس من قبروهم للحساب .

وقد وفى هذه المسألة حقها الإمام ابن كثير فقال ما ملخصه : " قال قائلون : هذه الزلزلة كائنة فى آخر عمر الدنيا . وأول أحوال الساعة .

وقال آخرون : بل ذلك هول وفزع وزلزال وبلبال ، كائن يوم القيامة فى العرصات ، بعد القيام من القبور .

ثم ساق - رحمه الله - سبعة أحاديث استدل بها أصحاب الرأى الثانى .

ومن هذه الأحاديث ما رواه الشيخان عن أبى سعيد الخدرى قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يقول الله - تعالى - يوم القيامة : يا آدم . فيقول : لبيك ربنا وسعديك . فينادى بصوت : إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثا إلى النار ، قال : يا رب ، وما بعث النار؟ قال : من كل ألف - أراه قال - تسعمائة وتسعة وتسعين ، فحينئذ تضع الحامل حملها ويشيب الوليد ، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد " . فشق ذلك على الناس حتى تغيرت وجوههم . فقال - صلى الله عليه وسلم - : " من يأجوج ومأجوج تسعمائة وتسعة وتسعين ومنكم واحد ، ثم أنتم فى الناس كالشعرة البيضاء فى الثور الأسود ، وإنى لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة - فكبرنا - ثم قال : ثلث أهل الجنة - فكبرنا - ثم قال : شطر أهل الجنة فكبرنا " "

وعلى الرأى الأول تكون الزلزلة بمعناها الحقيقى ، بأن تتزلزل الأرض وتضطرب ، ويعقبها طلوع الشمس من مغربها ، ثم تقوم الساعة .

وعلى الرأى الثانى تكون الزلزلة المقصود بها شدة الخوف والفزع ، كما فى قوله - تعالى - فى شأن المؤمنين بعد أن أحاطت بهم جيوش الأحزاب : { هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا } فالمقصود : أصيبوا بالفزع والخوف ، وليس المقصود أن الأرض تحركت واضطربت من تحتهم .

[ الأنترنت – موقع  الموسعة الشاملة  الوسيط لطنطاوي ]

 وقال ابو السعود :قولُه تعالى: { إِنَّ زَلْزَلَةَ ٱلسَّاعَةِ شَىْء عَظِيمٌ } تعليلٌ لموجبِ الأمرِ بذكرِ بعضِ عقوباتِه الهائلةِ فإنَّ ملاحظةَ عِظَمِها وهولِها وفظاعةِ ما هيَ من مباديهِ ومقدماتِه من الأحوالِ والأهوالِ التي لا مَلْجأَ منها سوى التَّدرعِ بلباسِ التَّقوى مما يوجبُ مزيدَ الاعتناءِ بملابستِه وملازمتِه لا محالةَ. والزلزلةُ التحريكُ الشديدُ والإزعاجُ العنيفُ بطريقِ التكريرِ بحيث يزيلُ الأشياءَ من مقارِّها ويُخرجُها عن مراكزِها. وهي الزَّلزلةُ المذكورةُ في قولِه تعالى: { إِذَا زُلْزِلَتِ ٱلأَرْضُ زِلْزَالَهَا }[سورة الزلزلة: 1]. عن الحسنِ أنَّها تكونُ يومَ القيامةِ. وعن ابنِ عباسٍ رضيَ الله عنهُمَا: زلزلةُ السَّاعةِ قيامُها، وعن علقمةَ والشَّعبـيِّ: أنَّها قبلَ طلوعِ الشَّمسِ من مغربِها، فإضافتُها إلى الساعةِ حينئذٍ لكونِها من أشراطِها، وفي التعبـيرِ عنها بالشيءِ إيذانٌ بأنَّ العقولَ قاصِرةٌ عنْ إدراكِ كُنهِها والعبارةُ ضيقةٌ لا تحيطُ بها إلاَّ على وجهِ الإبهامِ.[الأنترنت – موقع تفسير ابو السعود ]                                         إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثالثة والستون في موضوع (العظيم) وستكون بعنوان : *الطود العظيم

 الطَّوْدُ : الثبات والطَّوْدُ الجبلُ العظيم الذاهبُ صُعُداً في الجوِّ، ويُشَبَّهُ به غيرهُ من كل مرتفِعٍ أَو عظيمٍ أو راسخٍ.، وفي التنزيل العزيز:الشعراء آية 63 فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلٌ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظيمِ) ) [الأنترنت –موقع معجم الوسيط]

وقال ابن كثير قال الله تعالى  : { فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ } أي: كالجبل الكبير. قاله ابن مسعود، وابن عباس، ومحمد بن كعب، والضحاك، وقتادة، وغيرهم.

وقال عطاء الخراساني: هو الفَجّ بين الجبلين.

وقال ابن عباس: صار البحر اثني عشر طريقًا، لكل سبط طريق -وزاد السدي: وصار فيه طاقات ينظر بعضهم إلى بعض، وقام الماء على حيله كالحيطان، وبعث الله الريح إلى قعر البحر فلفحته، فصار يَبَسا  كوجه الأرض، قال الله : فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لا تَخَافُ دَرَكًا وَلا تَخْشَى [طه:77]

وقال البغوي : فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ قطعة من الماء، كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ كالجبل الضخم، وقال الشوكاني في فتح القدير : {فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كالطود العظيم } ، والفرق : القطعة من البحر، وقرىء :" فلق "بلام بدل الراء ،

وقال الشنقيطي : وبين أن أمواج البحر الذي أغرق الله فيه فرعون وقومه كالجبال أيضاً بقوله : فانفلق فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كالطود العظيم [ الشعراء : 63 ] والطود : الجبل العظيم . الأنترنت –موقع أهل اللغة

وقال الرازي  : ( فكان كل فرق كالطود العظيم ) فالفرق الجزء المنفرق منه ، وقرئ " كل فلق " والمعنى واحد ، والطود الجبل المتطاول أي المرتفع في السماء وهو معجز من وجوه :

أحدها : أن تفرق ذلك الماء معجز

وثانيها : أن اجتماع ذلك الماء فوق كل طرف منه حتى صار كالجبل من المعجزات أيضا ؛ لأنه كان لا يمتنع في الماء الذي أزيل بذلك التفريق أن يبدده الله تعالى حتى يصير كأنه لم يكن فلما جمع على الطرفين صار مؤكدا لهذا الإعجاز .

وثالثها : أنه إن ثبت ما روي في الخبر أنه تعالى أرسل على فرعون وقومه من الرياح والظلمة ما حيرهم فاحتبسوا القدر الذي يتكامل معه عبور بني إسرائيل فهو معجز ثالث .

ورابعها : أن جعل الله في تلك الجدران المائية كوى ينظر منها بعضهم إلى بعض فهو معجز رابع .

وخامسها : أن أبقى الله تعالى تلك المسالك حتى قرب منها آل فرعون وطمعوا أن يتخلصوا من البحر كما تخلص قوم موسى عليه السلام فهو معجز خامس . [الأنترنت –موقع التفسير الكبير]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الرابعة والستون في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

*الطود العظيم

وقال محمد السمان :الطود العظيم في نجاة موسى الكليم وهلاك فرعون اللئيم

لما تمادى قبط مصر على كفرهم وعتوهم وعنادهم

متابعة لملكهم الطاغية فرعون ومخالفة لنبي الله ورسوله وكليمه موسى بن عمران عليه السلام وأقام الله على أهل مصر الحجج العظيمة القاهرة وأراهم من خوارق العادات ما بهر الأبصار وحير العقول وهم مع ذلك لا يرعوون ولا ينتهون ولا ينزعون ولا يرجعون .

لقد تمادى فرعون في سطوته وجبروته وكفره وطغيانه يفتن قومه عن الدين الحق قال الله تعالى مخبرا عن فرعون وكفى بالله شهيداً ( وإن فرعون لعال في الأرض ) أي جبار عنيد مستعل بغير الحق ( وإنه لمن المسرفين ) أي في جميع أموره وشئونه وأحواله .

ولم بلغ به الأمر مبلغه حتى اعتبر نفسه إلاهاً معبوداً ،

 وهنا لما بلغ الكفر مبلغه والطغيان منتهاه وظن الرسل أن يأتيهم نصر الله ، ولقد كانت أول معالم ذلك النصر اجتماع موسى عليه السلام بأتباعه يوصيهم ويثبتهم ويرشدهم ، ويربطهم بفاطر الأرض والسماء ( يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين ) ويأتي الجواب مطمئنا ً لموسى عليه السلام ممن تربوا في هذه المدرسة النبوية فقالوا ( على الله توكلنا ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين ونجنا برحمتك من القوم الكافرين ) أمرهم بالتوكل على الله والاستعانة به والالتجاء إليه فأتمروا بذلك فجعل الله لهم مما كانوا فيه فرجا ومخرجا .

ويأتي الثاني من معالم النصر بشرى الله لهم ( وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوآ لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين )

فقد أوحى الله تعالى إلى نبيه موسى وأخيه هارون عليهما السلام أن يتخذوا لقومهما بيوتاً متميزة فيما بينهم عن بيوت القبط ليكونوا على أهبة في الرحيل إذا أمروا به ليعرف بعضهم بيوت بعض ، وفي هذا العمل تأكيد على مبدأ فعل الأسباب وأنه ينبغي أن يقرن بالتوكل على الله تعالى .

ثم إن الله قد أمرهم ( واجعلوا بيوتكم قبلة ) قيل مساجد وقيل معناه كثرة الصلاة فيها قاله مجاهد وغيره ومعناه على هذا الاستعانة على ما هم فيه من الضر والشدة والضيق بكثرة الصلاة كما قال تعالى ( واستعينوا بالصبر والصلاة ) وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع للصلاة فالصلاة لها من الآثار الدنيوية والأخروية الشيء الكثير .

وتتالى الأيام وموسى عليه السلام ومن معه يكسوهم الصبر ويحليهم الإيمان بالله والتوكل عليه ويزينهم الصلة بالله والاستعانة بالصلاة ، وهناك في الطرف الآخر فرعون ومن معه في غيهم يعمهون وعن الحق معرضين يعاندون ويتمردون .

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الخامسة والستون في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضيتين والتي هي بعنوان :

*الطود العظيم    

وتقرب لحظات النصر(وقال موسى ربنا إنك آتيت

 فرعون وملأه زينة وأموالاً في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم وأشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم ) إنه دعاء من قلب صادق متوكل على الله ، دعاء لنصرة الحق ودحر الباطل إنها دعوة عظيمة دعا بها كليم الله موسى على عدو الله فرعون غضباً لله عليه لتكبره عن اتباع الحق وصده عن سبيل الله ومعاندته وعتوه وتمرده واستمراره على الباطل ومكابرته الحق الواضح الجلي الحسي والمعنوي والبرهان القطعي وتأتي الإجابة من القريب المجيب سبحانه وتعالى ( قال قد أجيبت دعوتكما ، فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون ) ويأتي الإذن من الله لموسى عليه السلام ليسير ومن اتبعه إلى الشام خارجين من مصر ، فلما علم بذهابهم فرعون حنق عليهم كل الحنق واشتد غضبه عليهم وشرع في استحثاث جيشه وجمع جنوه ليلحقوا بموسى عليه السلام ومن معه ، وأجمل بالقرآن الكريم وهو يصور لنا هذه الأحداث في منظر بديع وتصوير أخاذ قال الله ومن أصدق من الله قيلاً : (وأوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي إنكم متبعون فأرسل فرعون في المدائن حاشرين إن هؤلاء لشرذمة قليلون وإنهم لنا لغائظون وإنا لجميع حاذرون فأخرجناهم من جنات وعيون وكنوز ومقام كريم كذلك وأورثناها بني إسرائيل فأتبعوهم مشرقين )

قال علماء التفسير : لما ركب فرعون في جنوده طالباً بني إسرائيل كان في جيش كثيف عرمرم حتى قيل كان في خيوله مائة ألف فحل أدهم وكانت عدة جنوده تزيد على ألف ألف وستمائة ألف

والمقصود أن فرعون لحقهم بالجنود فادركهم عند شروق الشمس وتراءى الجمعان ولم يبق ثم ريب ولا لبس ، وعاين كل من الفريقين صاحبه وتحققه ورآه ولم يبق إلا المقاتلة والمجادلة والمحاماة فعندها قال أصحاب موسى وهم خائفون ( إنا لمدركون )وذلك لأنهم اضطروا في طريقهم إلى البحر فليس لهم طريق ولا محيد الا سلوكه وخوضه وهذا ما لا يستطيعه أحد ولا يقدر عليه والجبال عن يسرتهم وعن أيمانهم وهي شاهقة منيفة وفرعون قد غالقهم وواجههم وعاينوه في جنوده وجيوشه وعدده وهم منه في غاية الخوف والذعر لما قاسوا في سلطانه من الإهانة والمنكر فشكوا إلى نبي الله ما هم فيه مما قد شاهدوه وعاينوه فقال لهم الرسول الصادق المصدوق ( كلا إن معي ربي سيهدين )      ( كلا ) .. يالها من كلمة قوية مدوية ، ثبات وثقة بوعد الله وموعوده ، حتى في أحلك الظروف ولك أن تتخيل الموقف أكثر ، موسى عليه السلام ومن معه محاصرون البحر أمامهم والعدو الحاقد خلفهم ، والوقت يمضي والعدو يقرب من مناله .

فلما تفاقم الأمر وضاق الحال واشتد الأمر واقترب فرعون وجنوده في جدهم وحدهم وحديدهم وغضبهم هناك تنزل الوحي على موسى عليه السلام ( فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم ) نعم لقد تحول البحر إلى يابس حوله من يقول للشيء كن فيكون .

فلما آل أمر البحر إلى هذه الحال بإذن الرب العظيم الشديد المحال أمر موسى عليه السلام أن يجوزه ببني إسرائيل فانحدروا فيه مسرعين مستبشرين مبادرين وقد شاهدوا من الأمر العظيم ما يحير الناظرين ويهدي قلوب المؤمنين فلما جاوزوه وجاوزه وخرج آخرهم منه وانفصلوا عنه كان ذلك عند قدوم أول جيش فرعون إليه ووفودهم عليه فأراد موسى عليه السلام أن يضرب البحر بعصاه ليرجع كما كان عليه لئلا يكون لفرعون وجنوده وصول إليه ولا سبيل عليه فأمره القدير ذو الجلال أن يترك البحر على هذه الحال (واترك البحر رهوا ) أي ساكناً على هيئته لا تغيره عن هذه الصفة إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة السادسة والستون في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضيتين والتي هي بعنوان :

*الطود العظيم  

 فلما تركه على هيئته وحالته وانتهى فرعون فرأى ما رأى وعاين ما عاين هاله هذا المنظر العظيم وتحقق ما كان يتحققه قبل ذلك من أن هذا من فعل رب العرش الكريم فأحجم ولم يتقدم وندم في نفسه على خروجه في طلبهم والحالة هذه حيث لا ينفعه الندم لكنه أظهر لجنوده تجلداً وعاملهم معاملة العدا وحملته النفس الكافرة والسجية الفاجرة على أن قال لمن استخفهم فأطاعوه وعلى باطله تابعوه : أنظروا كيف انحسر البحر لي لأدرك عبيدي الآبقين من يدي الخارجين عن طاعتي وجعل يوري في نفسه أن يذهب خلفهم ويرجو أن ينجو وهيهات ويقدم تارة ويحجم فلما رأته الجنود قد سلك البحر اقتحموا وراءه مسرعين فحصلوا في البحر أجمعين حتى هم أولهم بالخروج منه عند ذلك أمر الله تعالى كليمه فيما أوحاه إليه أن يضرب البحر بعصاه فضربه فارتد عليهم البحر كما كان فلم ينج منهم إنسان قال الله تعالى ( وأنجينا موسى ومن معه أجمعين ثم أغرقنا الآخرين إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم )

إن في إنجاء الله لأولياءه فلم يغرق منهم أحد وإغراقه لأعداءه فلم يخلص منهم أحد آية عظيمة وبرهان قاطع على قدرته تعالى العظيمة وصدق رسوله عليه السلام فيما جاء به عن ربه من الشريعة الكريمة والمناهج المستقيمة

ولما رأى فرعون الحقيقة وأدركه الغرق(قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين ) وهيهات(آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين ) ويأتي الحكم من الله ( فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون ) وانتهت أحداث ذلك اليوم العظيم كما سماه رسولنا

فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فوجد اليهود صياما يوم عاشوراء فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هذا اليوم الذي تصومونه فقالوا هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه وغرق فرعون وقومه فصامه موسى شكرا فنحن نصومه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فنحن أحق وأولى بموسى منكم فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه ( رواه البخاري ) [ الأنترنت – موقع صيد الفوائد ]

وقال الطبري : وقوله: ( فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ) يقول تعالى ذكره: فكان كل طائفة من البحر لما ضربه موسى كالجبل العظيم.  وذُكر أنه انفلق اثنتي عشرة فلقة على عدد الأسباط, لكل سبط منهم فرق [ الأنترنت – موقع تفسير الطبري ]

 إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة السابعة والستون في موضوع (العظيم) وستكون بعنوان : *الحظ العظيم

  قال ابن عاشور :  قال تعالى : {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ }(35) فصلت

والحظ : النصيب من الشيء مطلقاً ، وقيل :

خاص بالنصيب من خير ، والمراد هنا : نصيب الخير ، بالقرينة أو بدلالة الوضع ، أي ما يحصل دفع السيئة بالحسنة إلا لصاحب نصيب عظيم من الفضائل ، أي من الخلق الحسن والاهتداء والتقوى .

فتحصَّل من هذين أن التخلق بالصبر شرط في الاضطلاع بفضيلة دفع السيئة بالتي هي أحسن ، وأنه ليس وحده شرطاً فيها بل وراءه شروط أُخر يجمعها قوله : { حَظٍ عظيم } ، أي من الأخلاق الفاضلة ، والصبرُ من جملة الحظ العظيم لأن الحظ العظيم أعمّ من الصبر ، وإنما خص الصبر بالذكر لأنه أصلها ورأس أمرها وعمودُها .

وفي إعادة فعل { ومَا يُلقاها } دون اكتفاء بحرف العطف إظهار لمزيد الاهتمام بهذا الخبر بحيث لا يستِتر من صريحه شيء تحتَ العاطف .

وأفاد { ذُو حَظّ عَظِيمٍ } أن الحظ العظيم من الخير سجيتُه وملكته كما اقتضته إضافة { ذو } . وحاصل ما أشارت إليه الجملتان أنّ مِثْلَك من يتلقى هذه الوصية وما هي بالأمر الهيّن لكل أحد .[ الأنترنت – موقع التحرير والتنوير ]

قال تعالى : {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} أي: فإذا أساء إليك مسيء من الخلق، خصوصًا من له حق كبير عليك، كالأقارب، والأصحاب، ونحوهم، إساءة بالقول أو بالفعل، فقابله بالإحسان إليه، فإن قطعك فَصلْهُ، وإن ظلمك، فاعف عنه، وإن تكلم فيك، غائبًا أو حاضرًا، فلا تقابله، بل اعف عنه، وعامله بالقول اللين. وإن هجرك، وترك خطابك، فَطيِّبْ له الكلام، وابذل له السلام، فإذا قابلت الإساءة بالإحسان، حصل فائدة عظيمة.

{فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} أي: كأنه قريب شفيق. {وَمَا يُلَقَّاهَا} أي: وما يوفق لهذه الخصلة الحميدة {إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا} نفوسهم على ما تكره، وأجبروها على ما يحبه الله، فإن النفوس مجبولة على مقابلة المسيء بإساءته وعدم العفو عنه، فكيف بالإحسان؟ ".

فإذا صبر الإنسان نفسه، وامتثل أمر ربه، وعرف جزيل الثواب، وعلم أن مقابلته للمسيء بجنس عمله، لا يفيده شيئًا، ولا يزيد العداوة إلا شدة، وأن إحسانه إليه، ليس بواضع قدره، بل من تواضع لله رفعه، هان عليه الأمر، وفعل ذلك، متلذذًا مستحليًا له.

{وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} لكونها من خصال خواص الخلق، التي ينال بها العبد الرفعة في الدنيا والآخرة، التي هي من أكبر خصال مكارم الأخلاق.

لما ذكر تعالى ما يقابل به العدو من الإنس، وهو مقابلة إساءته بالإحسان، ذكر ما يدفع به العدو الجني، وهو الاستعاذة بالله، والاحتماء من شره فقال:

{وَإِمَّا يَنزغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نزغٌ} أي: أي وقت من الأوقات، أحسست بشيء من نزغات الشيطان، أي: من وساوسه وتزيينه للشر، وتكسيله عن الخير، وإصابتة ببعض الذنوب، وإطاعة له ببعض ما يأمر به {فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} أي: اسأله، مفتقرًا إليه، أن يعيذك ويعصمك منه، {إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} فإنه يسمع قولك وتضرعك، ويعلم حالك واضطرارك إلى عصمته وحمايته.[ الأنترنت – موقع شبكة سحاب السلفية ]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثامنة والستون في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :    *الحظ العظيم

وقاعدة مقابلة السيئة بالحسنة في الغالبية الغالبة من الحالات التي تثمر ثماراً عظيمةً فينقلب الهياج إلى وداعة. والغضب إلى سكينة. والتبجح إلى حياء

ولو قوبل بمثل فعله ازداد هياجاً وغضباً وتبجحاً ومروداً. وخلع حياءه نهائياً ، وأفلت زمامه ، وأخذته العزة بالإثم.

غير أن تلك السماحة تحتاج إلى قلب كبير يعطف

ويسمح وهو قادر على الإساءة والرد.             وهذه القدرة ضرورية لتؤتي السماحة أثرها. حتى لا يصور الإحسان في نفس المسيء ضعفا. ولئن أحس أنه ضعف لم يحترمه ، ولم يكن للحسنة أثرها إطلاقا.

وهذه السماحة كذلك قاصرة على حالات الإساءة الشخصية. لا العدوان على العقيدة وفتنة المؤمنين عنها.

فأما في هذا فهو الدفع والمقاومة بكل صورة من صورها

 ،أو الصبر حتى يقضي اللّه أمرا كان مفعولا.

وهذه الدرجة ؛ درجة دفع السيئة بالحسنة ، والسماحة التي تستعلي على دفعات الغيظ والغضب ، والتوازن الذي يعرف متى تكون السماحة ومتى يكون الدفع بالحسنى .. درجة عظيمة لا يلقاها كل إنسان. فهي في حاجة إلى الصبر. وهي كذلك حظ موهوب يتفضل به اللّه على عباده الذين يحاولون فيستحقون :«وَما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا ، وَما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ» ..

إنها درجة عالية إلى حد أن رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - وهو الذي لم يغضب لنفسه قط وإذا غضب للّه لم يقم لغضبه أحد. قيل له - وقيل لكل داعية في شخصه - :

«وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ، إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ» ..

فالغضب قد ينزغ. وقد يلقي في الروع قلة الصبر على الإساءة. أو ضيق الصدر عن السماحة. فالاستعاذة باللّه من الشيطان الرجيم حينئذ وقاية ، تدفع محاولاته ، لاستغلال الغضب ، والنفاذ من ثغرته.

إن خالق هذا القلب البشري ، الذي يعرف مداخله ومساربه ، ويعرف طاقته واستعداده ، ويعرف من أين يدخل الشيطان إليه ، يحوط قلب الداعية إلى اللّه من نزغات الغضب. أو نزغات الشيطان. مما يلقاه في طريقه مما يثير غضب الحليم.

إنه طريق شاق. طريق السير في مسارب النفس ودروبها وأشواكها وشعابها ، حتى يبلغ الداعية منها موضع التوجيه ونقطة القياد!!! [ الأنترنت – موقع ملتقى أهل الحديث ]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة التاسعة والستون في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :    *الحظ العظيم

وقال ابن كثير : قال تعالى  : ( وما يلقاها إلا الذين صبروا ) أي : وما يقبل هذه الوصية ويعمل بها إلا من صبر على ذلك ، فإنه يشق على النفوس ، ( وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم ) أي : ذو نصيب وافر من السعادة في الدنيا والأخرى .

قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في تفسير هذه الآية : أمر الله المؤمنين بالصبر عند الغضب ، والحلم عند الجهل ، والعفو عند الإساءة ، فإذا فعلوا ذلك عصمهم الله من الشيطان ، وخضع لهم عدوهم كأنه ولي حميم . [ الأنترنت – موقع تفسير ابن كثير]

 وقال الدكتور / لطف الله بن ملا عبد العظيم خوجه : قارون كان من قوم موسى، آتاه الله من الكنوز، ما إن مفاتحه لينوء بحملها العصبة أولوا القوة.. رفع رأسه في غرور ليقول: كل هذه حصلت لي بذكائي، وحيلتي، وتخطيط مني.

فخرج على قومه، وقد امتطى مراكبه الفارهة، وقد لبس زينته، فصاح خدام الدنيا وطلابها: { يا ليت لنا مثلما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم}، فأجابهم طلاب الآخرة: {ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ولا يلقاها إلا الصابرون}.

الحظ العظيم عند خدام الدنيا كانت كنوز قارون، وعند طالبي الآخرة ثواب الله؛ وهو الجنة، والتي لايلقاها إلا الصابرون: {وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم}.

الحظ العظيم جزاء الصبر؛ فالصبر ارتبط بالجنة، فكل من دخلها فقد كان من الصابرين: (صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة) ، { إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب  }. فالجنة والصبر اشتبكا وتداخلا إلى يوم القيامة، فمن الناس حظه عظيم، ومن الأجيال حظها عظيم، وهو لا يحصل إلا بالسلامة في الدين، والسلامة لا تحصل إلا بالصبر على فتن الدنيا.      الفتن هي المفسدة لهذا الحظ ؛ففي الزمان أو المكان الذي  تقل فيه الفتن، تزداد فرص الانضمام والدخول في سلك ذوي الحظ العظيم، بالمعافاة في الدين، حتى إن المرء ليسلم ويعافى فيفوز بأدنى الإيمان، وأقل العمل الصالح.

وفي الزمان أو المكان الذي تكثر فيه الفتن، تقل الفرصة أو تتعسر، فيكون القابض على دينه كالقابض على جمر، ويعز الصابرون، فيحتاج إلى إيمان أعظم لا يغني أدناه، وإلى عمل صالح أكثر لا يكفي أقله.

قال ابن تيمية: "فكثير من الناس لا يصلون إلى اليقين، ولا إلى الجهاد، ولو شككوا لشكوا، ولو أمروا بالجهاد لما جاهدوا، وليسوا كفارا ولا منافقين، بل ليس عندهم من علم القلب ومعرفته ما يدرأ الريب، ولا عندهم من قوة الحب لله ورسوله ما يقدمونه على الأهل والمال، وهؤلاء إن عوفوا من المحنة دخلوا الجنة، وإن ابتلوا بمن يدخل عليهم شبهات توجب ريبهم، فإن لم ينعم الله عليهم بما يزيل الريب، وإلا صاروا مرتابين". الفتاوى  [ الأنترنت – موقع صيد الفوائد ]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة السبعون في موضوع (العظيم) وستكون بعنوان : *النبأ العظيم

قوله تعالى :{عم يتساءلون عن النبإ العظيم الذي هم فيه

قال القرطبي : إن ما تساءلوا عنه أبهم أولا ، ثم بين بعده بأنهم : يتساءلون عن النبإ العظيم ، ولكن بقي بيان هذا النبإ العظيم ما هو ؟ . فقيل : هو الرسول - صلى الله عليه وسلم في بعثته لهم .

وقيل : في القرآن الذي أنزل عليه يدعوهم به .

وقيل في البعث بعد الموت .

وقد رجح ابن جرير : احتمال الجميع وألا تعارض بينها .

والواقع أنها كلها متلازمة ; لأن من كذب بواحد منها كذب بها كلها ، ومن صدق بواحد منها صدق بها كلها ، ومن اختلف في واحد منها لا شك أنه يختلف فيها كلها .

ولكن السياق في النبأ وهو مفرد . فما المراد به هنا بالذات ؟

قال ابن كثير والقرطبي : من قال إنه القرآن : قال بدليل قوله : قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون [ 38 \ 67 - 68 ] .

ومن قال : إنه البعث ، قال بدليل الآتي بعدها : إن يوم الفصل كان ميقاتا [ 78 \ 17 ] . والذي يظهر - والله تعالى أعلم - : أن أظهرها دليلا هو يوم القيامة والبعث ; لأنه جاء بعده بدلائل وبراهين البعث كلها ، وعقبها بالنص على يوم الفصل صراحة ، أما براهين البعث فهي معلومة أربعة : خلق الأرض والسماوات ، وإحياء الأرض بالنبات ، ونشأة الإنسان من العدم ، وإحياء الموتى بالفعل في الدنيا لمعاينتها . وكلها موجودة هنا .

  أما خلق الأرض والسماوات ، فنبه عليه بقوله : ألم نجعل الأرض مهادا والجبال أوتادا [ 78 \ 6 - 7 ] ، وقوله : وبنينا فوقكم سبعا شدادا وجعلنا سراجا وهاجا } ، فكلها آيات كونية دالة على قدرته تعالى كما قال : لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس [ 40 \ 57

وأما إحياء الأرض بالنبات ففي قوله تعالى : وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا لنخرج به حبا ونباتا وجنات ألفافا [ 78 \ 14 - 16 ] كما قال تعالى : ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت إن الذي أحياها لمحيي الموتى [ 41 \ 39 ] .وأما نشأة الإنسان من العدم ،ففي قوله تعالى:وخلقناكم أزواجا [78 \ 8 ] ، أي : أصنافا ، كما قال تعالى : قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم [ 36 \ 79 ] .وأما إحياء الموتى في الدنيا بالفعل ، ففي قوله تعالى : وجعلنا نومكم سباتا [ 78 \ 9 ] والسبات : الانقطاع عن الحركة . وقيل : هو الموت ، فهو ميتة صغرى ، وقد سماه الله وفاة في قوله تعالى : الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها [ 39 \ 42 ] ، وقوله تعالى : وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه [ 6 \ 60 ] ، وهذا كقتيل بني إسرائيل وطيور إبراهيم ، فهذه آيات البعث ذكرت كلها مجملة .

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الواحدة والسبعون في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

   *النبأ العظيم

  هذه السورة نمودج لاتجاه هذا الجزء بموضوعاته وحقائقه ومشاهده وصوره وظلاله ولمساته في الكون والنفس ، والدنيا والآخرة ، واختيار الألفاظ والعبارات لتوقع أشد حقائقها أثراً في الحس والضمير .

وهي تفتتح بسؤال مثير للاستهوال والاستعظام وتضخيم الحقيقة التي يختلفون عليها ، وهي أمر عظيم لاخفاء فيه ، ولا شبهة ، ويعقب على هذا بتهديدهم يوم يعلمون حقيقته : ( عم يتساءلون ؟ عن النبأ العظيم ، الذي هم فيه مختلفون . كلا سيعلمون . ثم كلا سيعلمون ! )

ومن ثم يعدل السياق عن المعنى في الحديث عن النبأ ويدعه لحينه ، ويلفتهم إلى ما هو واقع بين أيديهم وحولهم ، في ذوات أنفسهم وفي الكون حولهم من أمر عظيم ، يدل على ما وراءه ويوحى بما سيتلوه : ( ألم نجعل الأرض مهادا ، والجبال أوتادا ؟ وخلقناكم أزواجا ؟ وجعلنا نومكم سباتاً ؟ وجعلنا الليل لباسا ، وجعلنا النهار معاشا؟وبنينا فوقكم سبعاً شداداً؟وجعلنا

سراجاً وهاجا؟وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا ؟

 لنخرج به حباً ونباتاً وجنات ألفافاً ؟ )

ومن هذا الحشد من الحقائق والمشاهد والصور يعود بهم إلى ذلك النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون ، والذي هددهم به يوم يعلمون ! ليقول لهم ماهو ؟ وكيف يكون : ( إن يوم الفصل كان ميقاتا . يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا . وفتحت السماء فكانت أبوابا . وسيرت الجبال فكانت سرابا ) ..

ثم مشهد العذاب بكل قوته وعنفه : ( إن جهنم كانت مرصاداً ، للطاغين مآبا ، لابثين فيها أحقابا ، لايذوقون فيها برداً ولاشراباً . إلا حميماً وغساقاً . جزاء وفاقا. إنهم كانوا لايرجون حساباً،وكذبوا بآياتنا كذاباً، وكل شيء

أحصيناه كتابا فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذاباً ) ..

ومشهد النعيم وهو يتدفق تدفقاً : ( إن للمتقين مفازاً : حدائق وأعناباً ، وكواعب أتراباً ، وكأساً دهاقاً ، لايسمعون فيها لغواً ولا كذاباً . جزاء من ربك عطاء حساباً )

وتختم السورة بإيقاع جليل في حقيقته وفي المشهد الذي يعرض فيه . وبإنذار وتذكير قبل أن يجيء اليوم الذي يكون فيه هذا المشهد الجليل : ( رب السماوات والأرض وما بينهما الرحمن لا يملكون منه خطابا . يوم يقوم الروح والملائكة صفاً لايتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صواباً . ذلك اليوم الحق فمن شاء اتخد إلى ربه مآبا .إنا أنذرناكم عذاباً قريباً يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ويقول الكافر ياليتني كنت تراباً ) ذلك هو النبأ العظيم . الذي يتساءلون عنه . وذلك ما سيكون يوم يعلمون ذلك النبأ العظيم ! [ الأنترنت – الموسوعة الحرة ]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثانية والسبعون في موضوع (العظيم) وستكون بعنوان : *رجل من القريتين عظيم

  قال ابن كثير : قال تعالى : {وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيم}[سورة الزخرف الآية رقم 31 ]"وَقَالُوا"أَيْ كَالْمُعْتَرِضِينَ عَلَى الَّذِي أَنْزَلَهُ تَعَالَى وَتَقَدَّسَ " لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآن عَلَى رَجُل مِنْ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيم " أَيْ هَلَّا كَانَ إِنْزَال هَذَا الْقُرْآن عَلَى رَجُل عَظِيم كَبِير فِي أَعْيُنهمْ مِنْ الْقَرْيَتَيْنِ ؟ يَعْنُونَ مَكَّة وَالطَّائِف قَالَهُ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا وَعِكْرِمَة وَمُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ وَقَتَادَة وَالسُّدِّيّ وَابْن زَيْد وَقَدْ ذَكَرَ غَيْر وَاحِد مِنْهُمْ أَنَّهُمْ أَرَادُوا بِذَلِكَ الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة وَعُرْوَة بْن مَسْعُود الثَّقَفِيّ وَعَنْ مُجَاهِد يَعْنُونَ عُمَيْر بْن عَمْرو بْن مَسْعُود الثَّقَفِيّ وَعَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُمْ يَعْنُونَ عُتْبَة بْن رَبِيعَة وَعَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا جَبَّارًا مِنْ جَبَابِرَة قُرَيْش وَعَنْهُ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا أَنَّهُمْ يَعْنُونَ الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة وَحَبِيب بْن عَمْرو بْن عُمَيْر الثَّقَفِيّ وَعَنْ مُجَاهِد يَعْنُونَ عُتْبَة بْن رَبِيعَة بِمَكَّة وَابْن عَبْد يَالَيْلَ بِالطَّائِفِ وَقَالَ السُّدِّيّ عَنَوْا بِذَلِكَ الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة وَكِنَانَة بْن عَمْرو بْن عُمَيْر الثَّقَفِيّ وَالظَّاهِر أَنَّ مُرَادهمْ رَجُل كَبِير مِنْ أَيّ الْبَلْدَتَيْنِ كَانَ .

" أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَة رَبّك " أَيْ لَيْسَ الْأَمْر مَرْدُودًا إِلَيْهِمْ بَلْ إِلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَاَللَّه أَعْلَم حَيْثُ يَجْعَل رِسَالَاته فَإِنَّهُ لَا يُنَزِّلُهَا إِلَّا عَلَى أَزْكَى الْخَلْق قَلْبًا وَنَفْسًا وَأَشْرَفَهُمْ بَيْتًا وَأَطْهَرهمْ أَصْلًا ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ مُبَيِّنًا أَنَّهُ قَدْ فَاوَتَ بَيْن خَلْقه فِيمَا أَعْطَاهُمْ مِنْ الْأَمْوَال وَالْأَرْزَاق وَالْعُقُول وَالْفُهُوم وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الْقُوَى الظَّاهِرَة وَالْبَاطِنَة فَقَالَ " نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنهمْ مَعِيشَتهمْ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا" الْآيَة . وَقَوْله جَلَّتْ عَظَمَته " لِيَتَّخِذ بَعْضهمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا " قِيلَ مَعْنَاهُ لِيُسَخِّر بَعْضهمْ بَعْضًا فِي الْأَعْمَال لِاحْتِيَاجِ هَذَا إِلَى هَذَا وَهَذَا إِلَى هَذَا قَالَهُ السُّدِّيّ وَغَيْره ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ " وَرَحْمَة رَبّك خَيْر مِمَّا يَجْمَعُونَ " أَيْ رَحْمَة اللَّه بِخَلْقِهِ خَيْر لَهُمْ مِمَّا بِأَيْدِيهِمْ مِنْ الْأَمْوَال وَمَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا.[ الأنترنت – موقع تفسير ابن كثير سورة الزخرف ]

وقال الزركشي : قوله تعالى: ﴿ لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ﴾، ردَّ عليهم بقوله: ﴿ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ﴾

وقال أبو علي: إن ظاهر اللفظ يقتضي أن يكون من مكة والطائف جميعًا، ولما لم يمكن أن يكون منهما، دلَّ المعنى على تقدير: "رجل من إحدى القريتين".

﴿ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾

قال ابن فارس: وكل شيء في القرآن من "يسْخَرون" و"سِخرِيًّا"، فإنه يراد به: الاستهزاء، غير التي في سورة الزخرف ﴿ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا ﴾، فإنه أراد أعوانا وخدمًا

وقوله تعالى: ﴿ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ ﴾ ﴿ وَكَمْ قَصَمْنَا ﴾ بالسين: تفريق الأرزاق والإنعام، وبالصاد: تفريق الإهلاك والإعدام. [ الأنترنت موقع – الألوكة – تفسير الزركشي ]

    إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثالثة والسبعون في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

*رجل من القريتين عظيم

وقال الدكتور/ صالح العصيمي  : قَالَ اللهُ جَلَّ فِي عُلَاهُ : (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ). لقدِ اعترضَ بعضُ أئِـمَّـةِ الْكُـفْرِ وَالشِّرْكِ عَلَى نُزُولِ الرسالةِ عَلَى نَبِيِّنَا محمدٍ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقَالُوا مَقَالَتَهُمُ الشَّنِيعَةَ، التِـي فِيهَا اِجْتِـرَاءٌ عَلَى اللهِ، واعتراضٌ عَلَى أَمْرِهِ، وَذَكَرَهَا اللهُ بِقَوْلِهِ: (وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ)؛ ثُـمَّ رَدَّ اللهُ عَلَيهِمْ بِقَولِهِ: (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ)؛ فَأَخْبَـرَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنَّ اِقْتِـرَاحَ الْمُشْرِكِينَ؛ بِـجَـعْلِ النُّبُوَّةِ فَيمَنْ يَـخْتَارُونَهُ هُمْ مِنَ الْقَرْيَتِيْـنِ مِنْ أَصْحَابِ الْمَالِ وَالْـجَاهِ؛ سَاقِطٌ لَاغٍ، لَا قِـيمَةَ لَهُ، وَأَنَّ تَدَابِيـرِ الأُمُورِ بِيَدِهِ وَحْدَهُ، عَزَّ وَجَلَّ، لأَنَّهُمْ بِاقْتِـرَاحِهِمْ يَنْظُرُونَ -فِي أَحْكَامِهِمْ عَلَى النَّاسِ- إِلَى الأُمُورِ الظَّاهِرِيَّةِ؛ لأَنَّ هَذَا حُدُودُ عِلْمِهِمْ، وَمُنْتَهَى أَمَلِهِمْ. ولو عرفُوا حقائِقَ الرجَالِ وبَاطِنَهُمْ، والصفَاتِ التي يجبُ أَنْ تتوفَّرَ فيهِمْ؛ لعلمُوا عِظَمَ منزلةِ محمدٍ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأنَّهُ أعظمُ الرجالِ قَدْرًا، وأعلاهُمْ مَقَامًا، وأكملُهُم عقلًا، وأغزرُهُم علمًا، وأجَلُّهُم: رأيًا، وعزمًا، وحزمًا، وأكملُهم خلقًا، وأوسعُهُم رحمةً، وأَعْظَمُهُمْ شفقةً، وأهدَاهُمْ، وأتقَاهُم؛ فَهو سيدُ ولدِ آدمَ، يعرفُ ذلكَ أولياؤُهُ وأعداؤُهُ؛ فكيفَ يُفضِّلُ عَلَيهِ هؤلاءِ المشركُون مَنْ لَـمْ يَشِمْ مثقالَ ذَرَّةٍ مِنْ كَمَالِهَ ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! بلْ ويفضِّلونَ عليهِ مَنِ اتَّـخَذَ صَنَمًا، أو شَجَرًا، أو حَجَرًا، إلـهًا يَعْبُدُهُ ويدعُوهُ ويتقرَّبُ إليهِ، وَهُوَ لَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ، وَلَا يُعْطِي وَلَا يَـمْنَعُ، بَلْ إِلَـهُهُ هَذَا كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ، يَـحتَاجُ لِمَنْ يَقُومُ بِـمصَالِـحِهِ، فَهَلْ هَذَا إِلَّا مِنْ فِعْلِ السُّفَهَاءِ وَالْمَجَانِيـنَ؟ فَكَيْفَ يُـجْعَلُ مِثْلُ هَذَا الْـمُشْرِكِ عَظِيمًا؟ نَاهِيكَ أَنْ يُفضَّلَ عِنْدَهُمْ عَلَى خَاتَـمِ الرُّسُلِ، وَسَيِّدِ وَلَدِ آدَمَ، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلامُ؟ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا يَعْقِلُونَ. فَعَجَبًا واللهِ! مَا لَـهُمْ وَرَحْـمَةَ رَبِّكَ حَتَّـى يَعْتَـرِضُوا عَلَيْهَا؟! فَإِذَا كَانُوا لَا يَـمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ شيئًا، وَلَيْسَ لَـهُمْ إِلَّا مَا كَتَبَ اللهُ لَـهُمْ؛ فَكَيْفَ يَتَحَكَّمُونَ بِرِزْقِ غَيْـرِهِمْ؟!

فَرَحْـمَةُ اللهِ بيدِهِ وَحْدَهُ سُبْحَانَهُ، وَلَيْسَتْ بِيَدِ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ؛ فَتَشْمَلُ هَذِهِ الرَّحْـمَةُ: النُّبُوَّةَ، وَالْعِلْمَ، وَالْمَالَ، وَالْوَلَدَ، وَالْـخَيْـرَ كُلَّهُ. وَبَيَّـنَ اللهِ، جَلَّ وَعَلَا، أَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُقَسِّمُ تِلْكَ الأَرْزَاقَ، وَلَـمْ يُفَوِّضْ أَحَدًا منَ العبادِ أنْ يتحكمَ بِهَا، بلْ الْـحُكْمُ للهِ وَحْدَهُ. فَهُوَ الْـحَكِيمُ الْـخَبِيـرُ الَّذِي يُعْطِي لِـحِكْمَةٍ، وَيَـمْنَعُ لِـحِكْمَةٍ، وَيُعِزُّ لِـحِكْمَةٍ، وَيُذِلُّ لِـحِكْمَةٍ، وَيَرْفَعُ وَيَـخْفِضُ، ويُوَسِّعُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ، وَيَـمْنَعُهُ عَـمَّنُ يَشَاءُ، وَيُسَخِّرُ الْعِبَادَ بَعْضَهُمْ لِبَعْضٍ؛ وَخَلَقَ التَّفَاضُلَ بَيْنَهُمْ لِـحِكْمَةٍ عَظِيمَةٍ، فَالْـحُكْمُ لَهُ وَحْدَهُ (أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ) فَجَعَلَ بَعْضَهُمْ أَفْضَلَ مِنْ بَعْضٍ بالرزقِ، أوِ الرِئَاسَةِ، أوِ القُوَّةِ، أوِ الحرِيَّةِ، أوِ العقلِ، أوِ العلمِ. ثُـمَّ بَيَّـنَ اللهُ، جَلَّ وَعَلَا، الْـحِكْمَةَ مِنْ هَذَا التَّفَاضُلِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: (لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا)؛ وَالتَّفَاوُتُ فِي الرِّزْقِ هُوَ الَّذِي يُسَخِّرُ هَذَا لِذَاكَ، فَذَاكَ الْمُهَنْدِسُ، وَذَاكَ الطَّبِيبُ، وَذَاكَ الْعَامِلُ. فَيُسَخِّرُ بَعْضَهُمْ لِبَعْضٍ فِي الأَعْمَالِ، لاحتِيَاجِ هَذَا إِلَى هَذا، وَهَذَا إلَى هَذَا، حتى يكونَ بعضُهُم سببًا لمعاشِ بعضٍ؛ فيستفيدُ الفقيرُ منَ الغنيِّ، والْـحُرُّ مِنَ العبدِ، والرئيسُ منَ المرؤُوسِ، والجاهلُ منَ العالِـمِ؛ وبذلكَ تَتِمُّ مصالِـحُ العِبَادِ، وينتظِمُ معاشُهُم، ويَصِلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَنْ طَرِيقِ الآخَرِ لِـمَطْلُوبِهِ؛ فَالْبَشَرُ بَعْضُهُمْ مُـحْتَاجٌ لِبَعْضِ؛ وَلَا يَسْتَطِيعُ إِنْسَانٌ أَنْ يُتْقِنَ كُلَّ الصِّنَاعَاتِ؛ فَيَصْنَعُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، وَيُعْطِي بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، فَذَاكَ مُسَخَّرٌ لِـجَمْعِ الْمَالِ؛ فَيَأْكُلُ وَيُرْزَقُ مِنْهُ هُوَ وَغَيْـرُهُ  [ الأنترنت – موقع ملتقى الخطباء ]

   إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الرابعة والسبعون في موضوع (العظيم) وستكون بعنوان : والنبّوة منحة إلهيّة ، لا تنال بمجرد التشهي والرغبة، ولا تنال بالمجاهدة والمعاناة

وقد كذب الفلاسفة الذين زعموا أن النبوة تنال بمجرد الكسب بالجدّ والاجتهاد، وتكلّف أنواع العبادات، واقتحام أشقّ الطاعات، والدأب في تهذيب النفوس، وتنقية الخواطر، وتطهير الأخلاق، ورياضة النفس والبدن .

وقد بيّن الله في أكثر من آية أنّ النبوة نعمة ربانية إلهية، قال تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرائيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا [ مريم: 58 ]، وحكى الله قول يعقوب لابنه يوسف: وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبّكَ [ يوسف: 6 ]، وقال الله لموسى: إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي [ الأعراف: 144 ].

وقد طمع أمية بن أبي الصَّلت في أن يكون نبي هذه الأمة، وقال الكثير من الشعر متوجهاً به إلى الله، وداعياً إليه، ولكنه لم يحصل على مراده، وصدق الله إذ يقول: اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ [ الأنعام: 124].

وعندما اقترح المشركون أن يختار الله لأمر النبوة والرسالة أحد الرجلين العظيمين في مكة والطائف عروة بن مسعود الثقفي أو الوليد بن المغيرة، أنكر الله ذلك القول، وبين أنّ هذا مستنكر، فهو الإله العظيم الذي قسم بينهم أرزاقهم في الدنيا، أفيجوز لهم أن يتدخلوا في تحديد المستحقِّ لرحمة النبوة والرسالة؟ وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَىَ رَجُلٍ مّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدّنْيَا.. [ الزخرف: 31-32 ]. [ الأنترنت – موقع الدرر السنية ]

 وقال طنطاوي : فهم لجهلهم وانطماس بصائرهم ، استكثروا أن ينزل هذا القرآن على محمد - صلى الله عليه وسلم - الذى وإن كان فى القمة من الشرف والسمو بين قومه إلا أنه لم يكن أكثرهم مالا وسلطانا ، وهم يريدون أن تكون النبوة فى زعيم من زعمائهم ، أورئيس من رؤسائهم .

وهذا منهم - كما يقول الآلوسى - لجهلهم بأن رتبة الرسالة ، إنما تستدعى عظيم النفس ، بالتخلى عن الرذائل الدنية ، والتحلى بالكمالات والفضائل القدسية ، دون التزخرف بالزخارف الدنيوية .[ الأنترنت – موقع الوسيط ]

 وقال الطبري : يقول - تعالى ذكره - : وقال هؤلاء المشركون بالله من قريش لما جاءهم القرآن من عند الله : هذا سحر ، فإن كان حقا فهلا نزل على رجل عظيم من إحدى هاتين القريتين مكة أو الطائف .

واختلف في الرجل الذي وصفوه بأنه عظيم ،

فقالوا : هلا نزل عليه هذا القرآن ، فقال بعضهم : هلا نزل على الوليد بن المغيرة المخزومي من أهل مكة ، أو حبيب بن عمرو بن عمير الثقفي من أهل الطائف ؟ . [ الأنترنت – موقع تفسير الطبري ]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الخامسة والسبعون في موضوع (العظيم) وستكون بعنوان :*اليوم العظيم                      قال السعدي:قال تعالى:{ فاخْتَلَفَ الأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن مَّشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيم}سورة مريم الآية رقم 37

لما بين تعالى حال عيسى بن مريم الذي لا يشك فيها ولا يمتري, أخبر أن الأحزاب, أي: فرق الضلال, من اليهود والنصارى وغيرهم, على اختلاف طبقاتهم - اختلفوا في عيسى عليه السلام, فمن غال فيه وجاف.

فمنهم من قال: إنه الله, ومنهم من قال: إنه ابن الله. ومنهم من قال: إنه ثالث ثلاثة. ومنهم من يجعله رسولا, بل رماه بأنه ولد بغي كاليهود.

وكل هؤلاء أقوالهم باطله, وآراؤهم فاسدة, مبنية على الشك والعناد, والأدلة الفاسدة, والشبه الكاسدة, وكل هؤلاء مستحقون للوعيد الشديد, ولهذا قال: "فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا } بالله ورسله, وكتبه.

ويدخل فيهم, اليهود والنصارى, القائلون بعيسى قول الكفر.{مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ }أي: مشهد يوم القيامة, الذي يشهده الأولون والآخرون,أهل السماوات, وأهل الأرض الخالق ، والمخلوق , الممتلئ بالزلازل والأهوال المشتمل على الجزاء بالأعمال.فحينئذ يتبين ما كانوا يخفون ويبدون,وما كانوا يكتمون[ الأنترنت – تفسير السعدي

وقال ابن كثير : قوله : ( فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم ) تهديد ووعيد شديد لمن كذب على الله ، وافترى ، وزعم أن له ولدا . ولكن أنظرهم تعالى إلى يوم القيامة وأجلهم حلما وثقة بقدرته عليهم; فإنه الذي لا يعجل على من عصاه ، كما جاء في الصحيحين :      " إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته " ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم:( وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد)[هود : 102  وفي الصحيحين أيضا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا أحد أصبر على أذى سمعه من الله ، إنهم يجعلون له ولدا ، وهو يرزقهم ويعافيهم " .   وقد قال الله تعالى : ( وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة ثم أخذتها وإلي المصير ) [ الحج : 48 ] وقال تعالى :  ( ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار ) [ إبراهيم : 42 ] ولهذا قال هاهنا : ( فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم ) أي : يوم القيامة ، وقد جاء في الحديث الصحيح المتفق على صحته ، عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ، وأن الجنة حق ، والنار حق ، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل "  [الأنترنت – موقع تفسير ابن كثير ]

  إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة السادسة والسبعون في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :     *اليوم العظيم                     

ويوم القيامة يوم عظيم أمره، شديد هوله ؛ ويدل على عظمة أهواله أمور:

الأول: أن الله عز وجل وصف ذلك اليوم بالعظيم.. والثقيل.. والعسير.. والعبوس.. وغير ذلك من الأوصاف المروعة:

قال الله تعالى: {أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ [4] لِيَوْمٍ عَظِيمٍ [5] يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ [6]} [المطففين وقال الله تعالى: {إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا [27]} [الإنسان

وقال الله تعالى: {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ [8] فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ [9]} [المدثر] وقال الله تعالى: {إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا [10]} [الإنسان

الثاني: الرعب والفزع الذي يصيب الناس في ذلك اليوم: قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ [1] يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ [2]} [الحج

وقال الله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ [42] مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ [43]} [إبراهيم: 42- 43].

وقال الله تعالى: {فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا [17] السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا [18]} [المزمل: 17- 18].

وقال الله تعالى: {يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ [6] تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ [7] قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ [8] أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ [9]} [النازعات: 6- 9].                                  الثالث: فرار الخلق من بعضهم لشدة الأهوال والمخاوف قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْايَوْمًا

لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ [33]} [لقمان:

الرابع: استعداد الكفار لبذل كل شيء للنجاة من العذاب:

قال الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ [54]} [يونس: 54].

الخامس: طول يوم القيامة حتى يظن الناس أنهم لم يلبثوا في الدنيا إلا ساعة:  وقال الله تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ [45]} [يونس: 45].

وقال الله تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ [55]} [الروم: 55]. [ الأنترنت – موقع نداء الإيمان ]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة السابعة والسبعون في موضوع (العظيم) وستكون بعنوان :  *إن الشرك لظلم عظيم                 قال نبيل باهي : قال الإمام المفسر السعدي رحمه الله "واعلموا أنه يغفر الذنوب جميعا من الشرك والقتل والزنا والربا وغير ذلك من الذنوب الكبار والصغار، ولكن الله لحكمته ومغفرته ورحمته قدر لنيلها أسباب إن لم يأت بها العبد فقد أغلق على نفسه باب الرحمة والمغفرة، أعظمها وأجلها بل لا سبب لها غيره الإنابة إلى الله تعالى بالتوبة النصوح والدعاء والتضرع والتأله والتعبد، فهلُمَّ إلى هذا السبب الأجل والطريق الأعظم) تيسير الكريم الرحمان ص 694.

وأما غير التائبين ومن مات على ذنب ما فإنه تحت مشيئة الله تعالى خلا الشرك، قال تعالى {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}   النساء 116

وهذه في حق غير التائبين، قال الإمام أبو عثمان الصابوني (ويعتقد أهل السنة أن المؤمن وإن أذنب ذنوبا كثيرة صغائر كانت أو كبائر، فإنه لا يكفر بها وإن خرج من الدنيا غير تائب منها ومات على التوحيد والإخلاص، فإن أمره إلى الله عز وجل إن شاء عفى عنه وأدخله الجنة يوم القيامة سالما غانما غير مبتلى بالنار ولا معاقب على ما ارتكبه واكتسبه ثم استصحبه إلى يوم القيامة من الآثام والأوزار، وإن شاء عاقبه وعذبه مدة بعذاب النار، وإذا عذبه لم يخلده فيها، بل أعتقه وأخرجه منها إلى نعيم دار القرار)   [عقيدة السلف أصحاب الحديث 71-72 ]

إذا تبين لك هذا وجب عليك أيها الناصح لنفسك

أن تسعى في فكاكها من هذا الذنب العظيم؛ أعظم الظلم {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} لقمان 13.

وقال السعدي : (ووجه كونه عظيما أن لا أفظع وأبشع ممن سوَّى المخلوق من تراب بمالك الرقاب وسوى الذي لا يملك من الأمر شيئا بمن له الأمر كله،  وسوَّى الناقص الفقير من جميع الوجوه بالرب الكامل الغني من جميع الوجوه، وسوَّى من لم ينعم بمثقال ذرة من النعم بالذي ما بالخلق من نعمة في دينهم ودنياهم وأخراهم وقلوبهم وأبدانهم إلا منه، ولا يصرف السوء إلا هو، فهل أعظم من هذا الظلم شيء) تيسير الكريم الرحمان ص 618،

ولا سبيل إلى الفكاك والخلاص من هذا الظلم

العظيم إلا بالله وصدق اللجوء إليه والفرار إليه

قال العلامة ابن القيم رحمه الله في رسالته العظيمة؛     [ الرسالة التابوكية ص 17- 18 ] : (فيهاجر بقلبه من محبة غير الله إلى محبته، ومن عبودية غيره إلى عبوديته، ومن خوف غيره ورجائه والتوكل عليه إلى خوف الله ورجائه والتوكل عليه، ومن دعاء غيره وسؤاله والخضوع له والذل والاستكانة له إلى دعائه وسؤاله والخضوع له والذل له والاستكانة له، وهذا بعينه معنى الفرار إليه، قال تعالى: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ} الذاريات:50،   والتوحيد المطلوب من العبد هو الفرار من الله إليه، وتحت "من" و"إلى" في هذا سر عظيم من أسرار التوحيد، فإن الفرار إليه سبحانه يتضمن إفراده بالطلب والعبودية ولوازمها، فهو متضمن لتوحيد الإلهية التي اتفقت عليها دعوة الرسل -صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين-.).

ثم بمعرفة الشرك ماهيته وأنواعه وعواقبه الوخيمة في العاجلة والآجلة وقد عرفه النبي صلى الله عليه وسلم حين أجاب السائل عن الذنب الأعظم فقال «أن تجعل لله ندا وهو خلقك»[ رواه البخاري ومسلم.]

وقد خافه أبو الأنبياء وإمام الحنفاء عليه السلام حين دعا ربه {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ} إبراهيم 35،   قال بعض السلف (ومن يأمن البلاء بعد إبراهيم).

       إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثامنة والسبعون في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :      *إن الشرك لظلم عظيم                

والشرك أخطر آفات القلوب على الإطلاق إذ صاحبه خالد مخلَّد في النار، بعيد عن مغفرة العزيز الغفار {إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ}،

قال الإمام ابن القيم رحمه الله في [ إغاثة اللهفان 1/60 ] : (والمقصود أن الشرك لما كان أظلم الظلم وأقبح القبائح وأنكر المنكرات كان أبغض الأشياء إلى الله تعالى وأكرهها له وأشدها مقتا لديه، ورتب عليه من عقوبات الدنيا والآخرة ما لم يرتبه على ذنب سواه وأخبر أنه لا يغفره وأن أهله نجس ومنعهم من قربان حرمه وحرم ذكاتهم ومناكحتهم وقطع الموالاة بينهم وبين المؤمنين).

هذا واعلم أن الشرك في توحيد الألوهية والعبادة على نوعين شرك أكبر وشرك أصغر:

فأما الأكبر قال عنه ابن القيم في  [ مدارج السالكين 1/306  ] كلاما ماتعا نافعا: "وهو أن يتخذ من دون الله ندا يحبه كما يحب الله وهو الشرك الذي تضمن تسوية آلهة المشركين برب العالمين ولهذا قالوا لآلهتهم في النار { تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَال مُبِين إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} الشعراء 97-98، مع إقرارهم بأن الله وحده خالق كل شيء وربه ومليكه، وأن آلهتهم لا تخلق ولا ترزق ولا تحيي ولا تميت، وإنما كانت هذه التسوية في المحبة والتعظيم والعبادة كما هو حال أكثر مشركي العالم، بل كلهم يحبون معبوداتهم ويعظمونها ويوالونها من دون الله، وكثير منهم بل أكثرهم يحبون آلهتهم أعظم من محبة الله، ويستبشرون بذكرهم أعظم من استبشارهم إذا ذكر الله وحده، ويغضبون لمنتقص معبوديهم وآلهتهم من المشايخ أعظم مما يغضبون إذا انتقص أحد رب العالمين وإذا انتهكت حرمة من حرمات آلهتهم ومعبوداتهم غضبوا غضب الليث إذا حرد (غضب) ، وإذا انتُهكت حرمات الله لم يغضبوا لها بل إذا قام المنتهك لها بإطعامهم شيئا رضوا عنه ولم تتنكر له قلوبهم، وقد شاهدنا هذا نحن وغيرنا منهم جهرة وترى أحدهم قد اتخذ ذكر إلهه ومعبوده من دون الله على لسانه ديدنا له إن قام وإن قعد وإن عثر وإن مرض، وإن استوحش فذكر إلهه ومعبوده من دون الله هو الغالب على قلبه ولسانه وهو لا ينكر ذلك ويزعم أنه باب حاجته إلى الله وشفيعه عنده ووسيلته إليه)

وقال ابن القيم  في النونية:

والشرك فاحذره فشرك ظاهر

 ذا القسم ليس بقابل الغفران

وهو اتخاذ  الند  للرحمان أيا 

 كان من حجر ومن إنسان

يدعوه أو يرجوه ثم  يخافه    

ويحبه كمحبة   الديان

       إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة التاسعة والسبعون في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضيتين والتي هي بعنوان :      *إن الشرك لظلم عظيم                

وأما الشرك الأصغر وهو شرك لا يخرج من الملة لكنه ينقص التوحيد وهو وسيلة إلى الشرك الأكبر قاله الشيخ الفوزان في إعانة المستفيد: وهو بدوره قسمان:

شرك ظاهر على اللسان والجوارح وهو ألفاظ وأفعال، فالألفاظ مثل الحلف بغير الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :«من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك» رواه أبو داوود والترمذي وحسنه، ولذا قال ابن مسعود رضي الله عنه (لأن أحلف بالله كاذبا أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقا) أخرجه عبد الرزاق في المصنف والطبراني في الكبير وهو في [صحيح الترغيب والترهيب للألباني 2953 ]

وقول: "ما شاء الله وشئت"، فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم ما شاء الله وشئت، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم «أجعلتني لله ندا بل ما شاء الله وحده»  [ رواه أحمد والبخاري في الأدب المفرد ]

وقول: "لولا الله وفلان"، والصواب أن يقال ما شاء الله ثم فلان ولولا الله ثم فلان لأن ثم تفيد الترتيب مع التراخي وتجعل مشيئة العبد تابعة لمشيئة الله، {وَمَا تَشَآءُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ} التكوير 29، أفاده الشيخ الفوزان في [ إعانة المستفيد ص-514 ]

وأما الأفعال مثل لبس الحلقة للتبرك والخيط لرفع البلاء أو دفعه ومثل تعليق التمائم خوفا من العين،

قال الشيخ الفوزان حفظه الله: (فإذا اعتقد أن هذه أسباب لرفع البلاء أو دفعه فهذا شرك أصغر لأن الله لم يجعل هذه أسبابا وأما إن اعتقد أنها تدفع أو ترفع البلاء بنفسها فهذا شرك أكبر لأنه تعلق بغير الله تعالى)،[ إعانة المستفيد ص 35 ]                           والقسم الثاني من قسمي الشرك الأصغر؛ الشرك الخفي، وهو الشرك في الإرادات والنيات كالرياء والسمعة كأن يعمل عملا مما يتقرب به إلى الله

يريد به ثناء الناس عليه، كتحسين الصلاة، وإظهار الصدقة من أجل الثناء والمدح والرياء إذا خالط العمل أبطله، وهو أخوف ما خافه النبي صلى الله عليه وسلم على أمته، فعن محمود بن لبيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر قالوا وما الشرك الأصغر يا رسول الله، قال الرياء» [ رواه أحمد وهو صحيح ]

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال الله تبارك وتعالى: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه)»، وعند البخاري عن جندب رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع سمَّع الله به، ومن يرائي يرائي الله به»

       إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثمانون في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضيات والتي هي بعنوان :

*إن الشرك لظلم عظيم                

قال الإمام ابن القيم في [الجواب الكافي ص-201 ] :

"وأما الشرك في الإرادات والنيات فذلك البحر الذي لا ساحل له وقل من ينجو منه فمن أراد بعمله غير وجه الله ونوى شيئا غير التقرب إليه وطلب الجزاء منه فقد أشرك في نيته وإرادته والإخلاص أن يخلص لله في أفعاله وأقواله وإرادته ونيته وهذه هي الحنيفية ملة ابراهيم التي أمر الله بها عباده كلهم ولا يقبل من أحد غيرها وهي حقيقة الإسلام كما قال تعالى{وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} آل عمران-85، وهي ملة إبراهيم عليه السلام التي من رغب عنها فهو من أسفه السفهاء) [ الأنترنت – موقع التصفية والتربية السلفية- المؤلف:  نبيل باهي ]

 قال تعالى : وإذ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ * وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [لقمان : 13 - 15]

نـبـّه الباري -جلّ وعلا- في هذه الآيات الكريمة إلى المقام الرفيع الذي أُعطيه العبد الصالح ( لقمان ). . وذكّر بحق الوالدين، وحذّر من الشرك، الذي هو أعظم الجرائم عند الله، فالله -جلّ ثناؤه- يخبرنا عن أمر ذلك العبد الصالح، الذي رزقه الله الحكمة، وآتاه العقل والرشد، فكان ينطق بالحكمة ويعلّمها الناس.

وقد عدّد -سبحانه وتعالى- بعض هذه النصائح، التي أوصى بها ( لقمان الحكيم ) ولده، وكان من أهمها وأخطرها، التحذير من ( الكفر والإشراك ) لأنه نهاية القبح والشناعة {وَمَن يُشْرِكْ بالله فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السمآء فَتَخْطَفُهُ الطير أَوْ تَهْوِي بِهِ الريح فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} [ الحج : 31 ].

يقول الله -جل ثناؤه- ما معناه : اذكر يا محمد لقومك. موعظة لقمان لابنه، وهو أشفق الناس عليه، وأحبّهم لديه، حين نبَّهه إلى خطر الشرك بالله، وجحود نعمائه.

وحذّره من ضرره، لأنه ظلم صارخ، وعدوان مبين، لما فيه من وضع الشيء في غير موضعه. فمن سوّى بين الخالق والمخلوق، وبين الإله الرازق، والصنم الذي لا يسمع ولا ينفع ولا يغني عن صاحبه شيئاً. فهو – بلا شك – أحمق الناس. وأبعدهم عن منطق العقل والحكمة. وحريّ به أن يوصف بالظلم، ويجعل في عداد البهائم. [ الأنترنت – موقع الكلم الطيب] وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "لما نزلت: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ}(الأنعام:82) قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: أينا لم يظلم؟ فأنزل الله: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}" [ رواه البخاري برقم (32)؛ ومسلم برقم (124) ]               إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الواحدة والثمانون في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضيات والتي هي بعنوان :      *إن الشرك لظلم عظيم                

ومن أبرز مظاهر الشرك المعاصر مايلي:

1. أظهرها وأشهرها دعاء الأموات  والغائبين، والاستغاثة بهم لكشف الضر، أو طلب النفع، وقضاء الحاجات؛ كطلبهم شفاء المرضى، والتوسعة في الرزق ونحو ذلك، والله تبارك وتعالى قد عدَّ هذا من أجلى صور الشرك والكفر والخروج من ملة الإسلام فقال تبارك وتعالى: {وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِّنَ الظَّالِمِينَ } (يونس:106)، وبيَّن الظلم في الآية الأخرى فقال سبحانه: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}(لقمان:13).

2. التبرك والتمسح على عتبات القبور والأضرحة وبعض الأحجار والأشجار، واعتقاد النفع فيها مع أنها لا تملك لنفسها نفعاً ولا ضراً؛ فضلاً عن أن تملك لغيرها ذلك، وقد أنكر الرسول صلى الله عليه وسلم على أصحابه الذين كانوا حديثي العهد بالكفر في بداية إسلامهم لما قالوا له: اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط وهي شجرة كان المشركون يعلقون عليها أسلحتهم رجاء بركتها، فظن من جَهِلَ خطورة هذا الفعل أنه جائز كما في حديث أبي واقد الليثي رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج إلى خيبر مرَّ بشجرة للمشركين يقال لها "ذات أنواط" يعلقون عليها أسلحتهم، فقالوا: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنوط كما لهم ذات أنواط، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((سبحان الله هذا كما قال قوم موسى: اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة، والذي نفسي بيده لتركبن سنة من كان قبلكم))2، فعدَّ النبي صلى الله عليه وسلم هذا الفعل كمن يعبد غير الله؛ وهو كفر لاشك فيه، إلا أن القائلين لهذا القول لم يكفروا فهم معذورون بجهلهم إذ كانوا حدثاء عهدٍ بكفر.

3. الذبح لغير الله كمن يذبح للجن والأولياء، وعلى عتبات القبور، والله تبارك وتعالى قد أمر أن تكون كل العبادات له فقال: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}(الأنعام:162-163)، والرسول صلى الله عليه وسلم قد لعن من ذبح لغير الله تبارك وتعالى فعن أبي الطفيل عامر بن واثلة رضي الله عنه قال: كنت عند علي بن أبي طالب رضي الله عنه؛ فأتاه رجل فقال: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يُسِرُّ إليك؟ قال: فغضب، وقال: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يسرُّ إليَّ شيئاً يكتمه الناس، غير أنه قد حدثني بكلمات أربع، قال فقال: ما هن يا أمير المؤمنين؟ قال: ((لعن الله من لعن والده، ولعن الله من ذبح لغير الله، ولعن الله من آوى محدثا، ولعن الله من غيَّر منار الأرض)) [ رواه مسلم برقم (1978) ]

4. الحكم بغير ما أنزل الله وهو نوع من أنواع الشرك؛ لأن التحاكم نوع من العبادات التي لا تصرف إلا لله كما قال الله تبارك وتعالى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ}(يوسف:40)، وقال في الآية الأخرى: {مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً}(الكهف:26)، والتشريع حق خالص لله، فمن شرَّع لعباد الله ما لم يأذن به الله فهو مشرك في الربوبية والألوهية، وهو من أغلظ أنواع الشرك والعياذ بالله.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثانية والثمانون في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضيات والتي هي بعنوان :      *إن الشرك لظلم عظيم(تابع أبرز مظاهر الشرك المعاصر )                

5. الغلو في الصالحين أو في الأئمة المتبوعين، واعتقاد العصمة لهم، وإعطاؤهم بعض خصائص الرب تبارك وتعالى؛ كمن يعتقد في بعض الأولياء أنه يتصرف في الكون كما يقول بعضهم: "عبد القادر يا جيلاني، يا متصرف في الأكواني"، بل أصبحت قبور الصالحين والأولياء تقصد بالزيارة لطلب الحاجات، ودفع المهمات كما في بعض البلدان كقبر البدوي، وابن علوان، والجيلاني، والدسوقي، والسيدة زينب، والحسن، وغيرها.

ومن الغلو في الصالحين ما يعتقده بعض الجهلة في آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم من أنهم يعلمون الغيب، ويتصرفون في الكون، وهذا كله كفر بالله تبارك وتعالى،ومشاركة للمخلوق في خصائص الخالق

6. الغلو في النبي صلى الله عليه وسلم ومدحه بالمدائح التي فيها بعض صفات الربوبية، مع أنه قد جاء عنه عليه الصلاة والسلام النهي عن الغلو فيه كما في الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سمع عمر رضي الله عنه يقول على المنبر: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبده فقولوا: عبد الله ورسوله) [ رواه البخاري برقم (3261) ]

ومن مظاهر الغلو فيه عليه الصلاة والسلام:

أ - دعاؤه والاستغاثة به كمن يقول: "يارسول الله اغثني، واكشف كربتي" كما يفعل بعض الجهلة عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة النبوية، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً، قال الله: {قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}(الأعراف:188)، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لن يدخل أحداً عملُه الجنةَ))، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ((لا ولا أنا إلا أن يتغمدني الله بفضل ورحمة، فسددوا وقاربوا، ولا يتمنين أحدكم الموت، إما محسناً فلعله أن يزداد خيراً، وإما مسيئاً فلعله أن يستعتب)) [ رواه البخاري برقم (5349)؛ ومسلم برقم (2816) ] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزل الله عز وجل: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}(الشعراء:214)، فقال: ((يا معشر قريش أو كلمة نحوها اشتروا أنفسكم لا أغني عنكم من الله شيئاً، يا بني مناف لا أغني عنكم من الله شيئاً، يا عباس بن عبدالمطلب لا أغني عنك من الله شيئاً، ويا صفية عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئاً، ويا فاطمة بنت محمد سليني ما شئت من مالي لا أغني عنك من الله شيئاً)) [ رواه البخاري برقم (2602)؛ ومسلم برقم (206) ]

ب- اعتقاد أنه يتصرف في الكون، وأنه يعلم الغيب بعد موته كما يقول صاحب البردة:

يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ بـه  سواك عند حلول الحادث العمم فإن من جودك الدنيــا وضرتها     ومن علومك علم اللوح والقلم

مع أن الله تبارك وتعالى قال في كتابه على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم: {وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}(الأعراف:188)، هذا وقد كثرت الأدلة الشرعية على التحذير من الشرك، وما يجره على العباد من خزي وعذاب يقول تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً}(النساء:48)، [ الأنترنت – موقع إمام المسجد ]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الرابعة والثمانون في موضوع (العظيم) وستكون بعنوان :*الخزي العظيم

معنى كلمة خزى : ذلّ وهان، وأخزاه اللّه : أذلّه وأهانه. قال الليث : الخزي : السوء، ويدلّ على هذا الأصل ذكر هذه المادّة بعد النار والعذاب وفي مقام- الابتلاء والشدّة والعذاب، كما في قوله تعالى- { رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ ...} [آل عمران : 192] ،. { مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ...} [هود : 39]  ، {ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ} [النحل : 27].

وقد ذكرت في مقابل الذلّ والسوء في-  { فَنَتَّبِعَ

 آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى...} [طه : 134] - {إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ} [النحل : 27] : فيدلّ على أنّ معناها الحقيقي يخالف الذلّ والسوء ، وكذلك الفضيحة- {فَلٰا تَفْضَحُونِ ....} {واتَّقُوا اللّٰهَ ولٰا تُخْزُونِ}.

ثمّ انّ الخزي من أشدّ العذاب وهو أحرّ من النار، ويدلّ عليه ذكره بعد النار والعذاب المطلق وفي مقابل العذاب العظيم، كما في قوله تعالى-. {يُعَذِّبْهُمُ اللّٰهُ بِأَيْدِيكُمْ ويُخْزِهِمْ ...} ، {عَذٰابٌ يُخْزِيهِ...}  ، {لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ...} [البقرة : 114] .{فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي} [هود : 78] أي لا تجعلوني مستغرقا في التحيّر والدهشة وتشتت الأفكار واختلال النظم، وذلك من شدّة التأثّر ومن سوء ما تريدون في حقّى ومن قبيح عملكم.

والخزي من أشدّ ابتلاء الكفّار والمخالفين في الدنيا، حيث انّهم في أثر قبائح أعمالهم وادامة فسقهم وضلالهم وكفرهم، يعذّبون بأنواع من البلاء، حتى يقعوا في تيه الحيرة ووادى الدهشة فلا يدرون سبيل النجاة ولا يهتدون رشدا- {فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الزمر : 26] {لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [يونس : 98] - والتعبير بالإذاقة : اشارة الى انّ خزى الدنيا أية من خزى الآخرة، ومثله التعبير

 بصيغة التنكير كما في- {لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا} [المائدة : 33] .[ الأنترنت – موقع المرجع الألكتروني للمعلوماتية- المؤلف : حسن المصطفوي ]

والنار هي الدار التي أعدها الله للكافرين به، المتمردين على شرعه، المكذبين لرسله، وهي عذابه الذي يعذب فيه أعداءه، وسجنه الذي يسجن فيه المجرمين. وهي الخزي الأكبر، والخسران العظيم، الذي لا خزي فوقه، ولا خسران أعظم منه، {رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ [آل عمران: 192]، أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ [التوبة: 63]، [الأنترنت – موقع الدرر السنية ]

   إن مما يسترعي الإنتباه عند النظر في كتاب الله

تعالى سنة تجري وفق أسباب أشارت إليها آيات القرآن الكريم .سُنة هي عقوبة دنيوية ،بمظاهر متعددة ، تصيب فاعلها بخيبة ،وخذلان وفضيحة إنها ( الخزي)

وهي نتيجة سلوك فردي وجماعي ، جراء توظيف سلوكيات خاطئة ومنحرفة ومغلوطة . ويدور معنى الخزي حول الذل والهوان والقهر والفضيحة .   

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الخامسة والثمانون في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

*الخزي العظيم

 أسباب سنة الخزي كما وردت في كتاب الله تعالى كما يلي:

أولا : جائت في حق صنف تلاعبوا بكتابهم المنزل عليهم من اجل المصالح الشخصية !

 كما في قوله تعالى ((ثُمَّ أَنتُمْ هَـؤُلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)).

ثانيا :جائت في حق من يسعون إلى خراب شعائر الإسلام وطمس هوية الاسلام .

 كما في قوله تعالى ((وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَـئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ))

ثالثا: جائت في حق من يجادل بغير علم للإضلال

 كمافي قوله تعالى (( وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ (8) ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۖ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ ۖ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ))                        رابعا : جائت في حق المستكبر على العباد الذي لا يرى إلا نفسه .

 كمافي قوله تعالى ((فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ۖ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (15) فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَىٰ ۖ وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ))

خامسا : جائت في حق المستهزئين بالخلق .

ففي قوله تعالى ((وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (38) فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ ))

إن أقدار الله تعالى في هذا الوجود تجري في الغالب على أسباب ومسببات ، ومقدمات ونتائج ، وهكذا دأبت هذه السنة الألهية ، فهي سنن لا تتغير ولا تتبدل .

وقانا الله تعالى وإياكم الخزي والهوان، وعصمنا من الذل والخسران . [ الأنترنت – موقع قطوف الفوائد- للشيخ : شوكت رفقي شحالتوغ  ]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة السادسة والثمانون في موضوع (العظيم) وستكون بعنوان :*العذاب العظيم

قال شيخ الإسلام رحمه الله في[مجموع الفتاوى (التفسير) (4/ 18) ]

"...  ولم يجيء إعداد العذاب المهين في القرآن إلا في حق الكفار, كقوله{ الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا }وقوله : { وخذوا حذركم إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا }

وأما العذاب العظيم فقد جاء وعيدا للمؤمنين في قوله : { لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم }وقوله : { ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسكم فيما أفضتم فيه عذاب عظيم }

وفي المحارب : { ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم }وفي القاتل : { وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما }وقوله{ ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم فتزل قدم بعد ثبوتها وتذوقوا السوء

 بما صددتم عن سبيل الله ولكم عذاب عظيم }

   [ الأنترنت – موقع ستار تآيمز ]

ما الفرق بين العذاب الأليم و العذاب المُهين و العذاب العظيم في القرآن الكريم ؟؟

أولاً العذاب الأليم :

قال تعالى : {سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ} هود/ 48العذاب الأليم عذاب حِسي شديد

ثانياً العذاب المُهين : {وَ لِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ } . { المجادلة/5}هؤلاء الذين أضلّوا الناس و تبعهم الناس على إضلالهم ، هؤلاء لهم يوم القيامة عذابٌ مُهين يُعذَّبون أمام أتباعهم الذين أضلّوهم ، و العذاب المهين أشدُّ من العذاب الأليم

فلو كان الإنسان له مكانة كبيرة جداً .. و أهنته أمام الناس جميعاً .. كأَنْ تضربه ضرباً مهيناً أمام أتباعه جميعاً فإن هذا عذاب مهين ؛ ويوجد عذاب أليم له ألم حسِّي شديد ؛ العذاب المهين معنوي ، والعذاب الأليم حِسي

ثالثاً العذاب العظيم :{ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } . { البقرة/114}

أما العذاب العظيم منسوبٌ لقدرة الله ؛ أنت إن أردت أن تعذِّب إنساناً يوجد حدود ينتهي عندها العذاب مات فلا تستطيع إكمال العذاب ، تنتهي قدرتك علىه بعد أن يموت ، لكن الله عزّ وجل قادر على أن يُعَذِّب الإنسان إلى أبد الآبدين { كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ } .{ الحج 22 } . [ الأنترنت –موقع ا الفرق بين العذاب الأليم و العذاب المُهين و العذاب العظيم في القرآن الكريم ]

   وقال ابن عاشور : {ولهم عذاب عظيم } العذاب  : الأليم . وقد قيل إن أصله الإعذاب مصدر أعذب إذا أزال العذوبة لأن العذاب يزيل حلاوة العيش فصيغ منه اسم مصدر بحذف الهمزة ، أو هو اسم موضوع للألم بدون ملاحظة اشتقاق من العذوبة إذ ليس يلزم مصير الكلمة إلى نظيرتها في الحروف . ووصف العذاب بالعظيم دليل على أن تنكير عذاب للنوعية وذلك اهتمام بالتنصيص على عظمه لأن التنكير وإن كان صالحا للدلالة على التعظيم إلا أنه ليس بنص فيه ولا يجوز أن يكون عظيم تأكيدا لما يفيده التنكير من التعظيم كما ظنه صاحب المفتاح لأن دلالة التنكير على التعظيم غير وضعية ، والمدلولات غير الوضعية يستغنى عنها إذا ورد ما يدل عليها وضعا فلا يعد تأكيدا . والعذاب في الآية ، إما عذاب النار في الآخرة ، وإما عذاب القتل والمسغبة في الدنيا . [الأنترنت - تفسير القرآن -التحرير والتنوير - محمد الطاهر ابن عاشور]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة السابعة والثمانون في موضوع (العظيم) وستكون بعنوان :*الكيد العظيم

قال تعالى : {َفلَمَّا رَأى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ" } (يوسف:28

مكانة المرأة في الإسلام كبيرة وعظيمة:

قال رسول الله صل الله عليه وسلم " رفقاً بالقوارير "

وأيضاً " إنما النساء شقائق الرجال "وايضاً " من أحق الناس بحسن صحابتي؟ فقال: أمك، قال ثم من؟ قال: أمك، قال ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك "وايضاً "فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله"وايضاً " الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة"وايضاً "استوصوا بالنساء خيرا فإنما هن عوان عندكم، إن لكم عليهن حقا، ولهن عليكم حقا"

وايضاً لكل من يقلل من شأن المرأة أو يهينها فهو لئيم كما في الحديث "إنما النساء شقائق الرجال، ما أكرمهن إلا كريم، وما أهانهن إلا لئيم"

انظروا حولكم ستجدون ان من حملتكم إنثي ومن تقف بجانب زوجها وتحفظ شرفها وشرفه إنثي ومن تحفظ كيان المنزل في غياب الرجل هي إثني , هذا إن تكلمنا على شأن المرأة ربة المنزل ولكن إذا تكلمنا عن

 شأن المرأة العاملة فلن نكفيها حقها.  [ الأنترنت – موقع الآية (ان كيدكن عظيم ]

عاقبة مَن يصبر على كيد الكائدين:

قال ابن القيِّم: (يوسف الصِّدِّيق كان قد كِيد غير مرَّة، أوَّلها أنَّ إخوته كادوا به كيدًا، حيث احتالوا به في التَّفريق بينه وبين أبيه، ثمَّ إنَّ امرأة العزيز كادته بما أظهرت أنَّه راودها عن نفسها، ثمَّ أودع السِّجن، ثمَّ إنَّ النِّسوة كادوه حتى استعاذ بالله مِن كيدهنَّ، فصرفه عنه، وقال له يعقوب: لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا، وقال الشَّاهد لامرأة العزيز: إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ [يوسف: 28]. وقال تعالى في حق النِّسوة: فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ [يوسف: 34]. وقال للرَّسول: قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ [يوسف: 50]. فكاد الله له أحسن كيدٍ وألطفه وأعدله، بأن جمع بينه وبين أخيه، وأخرجه مِن أيدي إخوته بغير اختيارهم، كما أخرجوا يوسف مِن يد أبيه بغير اختياره، وكاد له عوض كيد المرأة بأن أخرجه مِن ضيق السِّجن إلى فضاء الملك، ومكَّنه في الأرض يتبوَّأ منها حيث يشاء، وكاد له في تصديق النِّسوة اللَّاتي كذَّبنه وراودنه حتى شهدن ببراءته وعفَّته، وكاد له في تكذيب امرأة العزيز لنفسها، واعترافها بأنَّها هي التي راودته، وأنَّه مِن الصَّادقين، فهذه عاقبة مَن صبر على كيد الكائد له بغيًا وعُدْوَانًا) [ الأنترنت – موقع الدرر السنية ]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثامنة والثمانون في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

*الكيد العظيم

كيد النساء وكيد الشيطان، أمران ورد الحديث عنهما في القرآن الكريم

 أما كيد النساء فقد ورد في قوله : ﴿إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ﴾ (يوسف/28)، وأما كيد الشيطان فقد جاء في قوله سبحانه: ﴿إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا﴾ (النساء/76).

    ومما تردد كثيرا على ألسنة بعض العلماء وطلبة العلم حتى أصبح كالمسلم به، ما قيل:

    إن النساء أعظم كيدا من الشيطان، فقد وصف الله كيد النساء بأنه عظيم، بينما وصف كيد الشيطان بأنه ضعيف، كما في الآيتين السابقتين، بناء على أن الاستنتاج قد جاء بنص القرآن الكريم. وقد وقفت على بعض أقوال أهل العلم في ذلك.

منهم الزمخشري والألوسي والشنقيطي ومن تبعهم

وقد شاعت هذه المقولة على ألسنة كثير من الناس استنادا إلى ما ذكر.

 ومع تسليمي بكيد النساء وعظمه، بدليل قوله

 صلى الله عليه وسلم : (إنكن صواحب يوسف) متفق عليه، إلا أنني أرى أن في هذه المقالة نظرا ... وذلك من وجهين:

 الأول: أن قوله سبحانه: (إن كيد الشيطان كان ضعيفا) هو من إخبار الله ، وقوله حق لا شك فيه ولا ريب، ولا يحتمل التصديق أو التكذيب، بل يجب الجزم بكونه حقا صدقا لا مرية فيه، بينما قوله: (إن كيدكن عظيم) هو مما حكاه الله على لسان العزيز في قوله سبحانه: ﴿فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ﴾ (يوسف/28).

فالقائل هنا هو العزيز، بخلاف الآية الأولى،

وجائز أن يكون ما قاله العزيز حقا، وجائز أن يكون مبالغة، وجائز غير ذلك، فقد حكى الله أقوالا كثيرة على ألسنة عدد من البشر، منها ما هو حق ومنها ما هو باطل، وقد صدّق الله بعضها، وأبطل بعضها، وسكت عن بعضها، ومن ذلك مثلا قوله سبحانه: ﴿قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ﴾ (النمل/34).

 الوجه الثاني: على افتراض صحة قول العزيز، وأن الله لم يبطل قول العزيز، وأن كيد النساء عظيم.. فلا ينبغي القول بأن كيدهن أعظم من كيد الشيطان، وذلك أن وصف كيد الشيطان بالضعف، جاء في مقابل قوة الله ، ولا شك أن كل قوة في الدنيا، وكل كيد فيها فهو ضعيف أمام قوة الله ، مهما كانت هذه القوة، فتمام الآية: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا﴾ (النساء/76).

فهناك مؤمنون، والله وليهم، وهناك كفار ووليهم الشيطان، ومهما كان كيد الشيطان فهو ضعيف.

 أما كيد النساء الوارد ذكره في الآية فقد جاء في مواجهة البشر، فيما بينهم، فيما كادت به امرأة العزيز يوسف ، حتى ظهر الدليل على براءته، كما قال سبحانه: ﴿فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ

كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ﴾ (يوسف/28).

ولا شك أن كيد النساء عظيم، ولعل ذلك راجع إلى ضعفهن الجسدي، وقلة حيلتهن، مما يضطرهن إلى الكيد بشتى أنواعه، فيقع الرجال ضحايا لذلك الكيد.

 ولكن شتان بين كيدهن وكيد الشيطان، وأحسب أن كيدهن المذموم ما هو إلا جزء من كيد الشيطان، كيف لا والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وقد كان سببا في كفر كثير من الناس بنص القرآن الكريم.. وكان سببا في المعصية وتزيينها. 

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة التاسعة والثمانون في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضيتين والتي هي بعنوان :

*الكيد العظيم            

وأختم هذه المقالة بذكر بعض النصوص القرآنية الدالة على كيد الشيطان وسوء فعله في هذه الأمة وفي غيرها من الأمم،على اختلاف في طبيعة المزين لهم والموسوَس

 لهم، وعلى اختلاف في طبيعة المعصية التي زينها الشيطان، وإنما أسوقها هنا ليتضح الفرق الشاسع بين كيد الشيطان وكيد المرأة الضعيفة، وإليك بعض الآيات: يقول تعالى  :

﴿كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ﴾ (الحشر/16).

﴿اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمْ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلاَإِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمْ الْخَاسِرُونَ﴾  (المجادلة/19).

 ﴿فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَاآدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَ يَبْلَى﴾ (طه/120).

﴿فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ﴾ (البقرة/36).

    ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمْ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ﴾ (آل عمران/155).

    ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ، إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ﴾ (المائدة/90،91).

    ﴿فَلَوْلاَ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُون﴾ (الأنعام/43).

    ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنْ الْغَاوِينَ﴾ (الأعراف/175).

 ﴿وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمْ الْيَوْمَ مِنْ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ (الأنفال/48).

﴿وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا﴾ (الإسراء/53).﴿إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ﴾ (محمد/25). [ الأنترنت – موقع ملتقى أهل الحديث - صالح صواب]

 إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة التسعون في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضيات والتي هي بعنوان :

*الكيد العظيم

الخلوة خطر يجب اتقاؤه

في سياق وقفاتنا مع سورة يوسف _عليه السلام_ نقف مع كيد النساء -إن أغواهن الشيطان- وكيف يجب أن نتعامل معه، لنصون المرأة ونحفظ المجتمع، فالعزيز لما لم يحسن التعامل مع المنكر الذي اقترفته امرأته عمدت إلى تكراره على نحو آخر.

يقص القرآن الكريم علينا خبر افترائها على يوسف _عليه السلام_ بعد أن أرادت أن تغويه وكتب الله له العصمة؛ لأنه من المخلصين، حاولت أن تخلع عليه ثوب التهمة وتظهر بمظهر البريء المعتدى عليه، يقول _تعالى_: "وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" (يوسف:25). انظروا إلى هذا الكيد العظيم، حيث بهتته بالدعوى مفاجأة مع أنها هي التي راودته، وهي التي قالت: هيت لك، وهي التي لحقته، وهي التي قدت قميصه من دبر، ومع ذلك في لحظات سريعة وتصرف سريع وبديهة سريعة تفاجئه بهذا البهتان "مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" فما كان من يوسف _عليه السلام_ إلا أن رد بقوله: "هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي" (يوسف: من الآية26)، لكنه في الحقيقة كان أمام مشكلة؛ لأن المرأة هنا هي التي تصدق، والرجل في موقع التهمة،فكان في حرج شديد،ومع أنه رد الدعوى، ومع صدق يوسف، لكن يحتاج الأمر إلى دليل حاسم فينقذه الله _جل وعلا_ ، ويأتي الشاهد فيقول: "وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا" (يوسف: من الآية26).            ذكر المفسرون أقوالاً في هذا الشاهد، قيل: إنه صغير، وقيل: إنه في المهد، وقيل: رضيع، ولكن يبدو أنه ليس كذلك؛ لأن الذين قالوا: إنه في المهد بناء على أنه رأى، بينما شهادة الشاهد تدل على أنه لم ير القضية، وإنما ذكر دليلاً عقلياً يبين مَن المتهم ومَن البريء، ثم ثبت عن النبي _صلى الله عليه وسلم_ كما في صحيح مسلم أنه قال: "لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة" ولم يذكره منهم، فيدل على أن هذا الشاهد كان رجلاً كبيراً يؤخذ بقوله، وهو القول الأقوى، وبخاصة _كما قلت_ مع عدم الدليل على القول الآخر، ويبدو أن الشاهد كان مصاحباً لزوجها، أو جاء بعد ذلك ورأى المشكلة.

"وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا" (يوسف: من الآية26)،       

كان هذا من أعظم الفرج؛ لأننا إذا تصورنا المحنة التي كان فيها يوسف في هذه اللحظة وسرعة البهتان، ما جزاء من أراد بأهلك سوءاً إلا أن يسجن أو عذاب أليم؟ فجاء هذا الشاهد وأنقذ الله _جل وعلا_ يوسف من هذا البلاء.                             أولاً: عندما وجدا زوجها عند الباب.              وثانياً: هذه الشهادة التي أنقذته من هذه المحنة العظيمة.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الواحدة والتسعون في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضيات والتي هي بعنوان :

*الكيد العظيم

ومن الفوائد هنا أهمية الأخذ بالقرائن، وهذا فصل فيه الفقهاء، متى تعد القرينة مؤثرة ومتى لا تعد، وليس هذا مكان البيان هنا؛ لأننا نعيش في هذه الأجواء القرآنية، ولكنها إشارات تمر علينا أحياناً ومن أراد المزيد فعليه أن يرجع إلى كتب التفسير، وبخاصة كتب أحكام القرآن، فقد فصلوا في هذه المسألة، كيف حكم هذا الشاهد؟ أولاً نجد أنه قال: "وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا". أي: أنه بعيد عن التهمة في أن يكون في صف يوسف، ففي هذه الحالة إذا شهد ليوسف من خلال القرينة التي ذكرها والدليل الذي ذكره، فشهادته صادقة، وحجته قوية دامغة. كيف فعل هذا الشاهد؟ ماذا قال هذا الشاهد؟ قال: إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين، وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين، نلحظ هنا أنه بدأ بالشهادة لصالح المرأة من أجل أن يبعد أي تهمة عليه، وهذا يؤكد أنه لم يكن حاضراً للواقعة، أي: لم يكن صغيراً، وبخاصة أن في القصة، أنها أغلقت الأبواب، فليس هناك أحد، فقال: إن كان قميصه قد من قبل فصدقت؛ لأنه إن كان هو الذي لحقها فالطبيعي أن يقد قميصه من قبل، أما إن كانت هي التي لحقته وهو الذي هرب منها،فيكون قطع القميص أو شق القميص من دبر، فماذا رأى العزيز رأى قميصه قد من دبر، فعلم في هذه الحالة أن المرأة قد كذبت وأن يوسف _عليه السلام_ قد صدق، "فَلَمَّا رَأى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ" (يوسف:28).    وهنا وقفة مهمة كيف نجمع بين قوله _تعالى_: "إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ" (يوسف: من الآية28) وبين قوله _تعالى_:"إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً" (النساء: من الآية76) هنالك من قال بناء على هاتين الآيتين، أن كيد النسوة أعظم من كيد الشيطان، وهذا غير صحيح. فكيد الشيطان عندما وصفه الله _تعالى_ بأن كيد الشيطان كان ضعيفا، وصفه في سياق معين، وكيد المرأة وصف في سياق معين، والدليل أن كيد الشيطان أعظم من كيد النسوة، أن كيد المرأة هنا جزء من كيد الشيطان، فالذي جعل المرأة تفعل هذا الفعل هو من كيد الشيطان، ومن تسويل الشيطان، ومن حيل الشيطان، وهو الذي تابع مسلسل الإخراج من أوله إلى آخره، لكن هنا ملحظ مهم، وهو: أن العزيز كان يصف الكيد الذي أمامه، "إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ" ، فلم يكن المقام مقام مقابلة بين كيد الشيطان وبين كيد المرأة ، فحتى نقول: إن كيد المرأة أو كيد النساء أعظم من كيد الشيطان. إنما هو الآن يصف المشهد الذي أمامه ولا شك أنه كيد عظيم، من إغلاقها الباب، ومن مراودتها ليوسف، ومن محاولتها ولحقها إياه وقدّ القميص، ثم لما قلبت الدعوى عليه، بعد كل ما فعلت، وهذا كيد عظيم ولا شك، أما هناك فالله _جل وعلا_ يبين للمؤمنين ألا يتأثروا بالشيطان وألا ينخدعوا بمحاولاته؛ لأن كيده ضعيف. "مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ" (إبراهيم: من الآية22)، كما يقول يوم القيامة، "فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ" (إبراهيم: من الآية22)، ولذلك قال النبي _صلى الله عليه وسلم_ وهو يصف كيد الشيطان: "الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة". فإذن ليست المقارنة بين كيد المرأة وكيد الشيطان حتى نقول: إن كيد المرأة أعظم من كيد الشيطان. الصحيح أن كيد الشيطان أعظم من كيد النساء؛ لأن هذا الكيد من المرأة هو جزء من كيد الشيطان، ومن إيحاء الشيطان، ومن تأثير الشيطان، فاستجابت له وأصبحت صدى له، هذا الذي يظهر لي من هذه الآيات، ومع ذلك أقول: إن الشيطان يكيد عن طريق الوسوسة، بينما المرأة تكيد مباشرة. هنا الفرق في المسألتين، ولذلك يكون تأثير الشيطان بالنسبة للمؤمن الصادق تأثير قليل وضعيف إذا تحصن بالأوراد، إذا تحصن بالأدعية، إذا تحصن بكل وسائل مقاومة الشيطان، فإن كيد الشيطان ضعيف، أما مخالطة النساء والخلوة مع المرأة فهنا كيد النساء عظيم. إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثانيةوالتسعون في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضيات والتي هي بعنوان :

*الكيد العظيم

ومن هنا أنبه إلى خطورة الخلوة بالنساء، فهناك من تساهل في ذلك وبخاصة مع بعض الأقارب أو مع الخدم والسائقين، حتى أصبح السائق في كثير من البيوت وكأنه من أهل البيت، وهذا خلل تساهل فيه أولياء الأمور وأرباب البيوت، ووقعت مصائب عدة لا تخفى على العاقل. إذا كان النبي _صلى الله عليه وسلم_ لما سئل عن الحمو، (وهو: أخ الزوج أو قريب الزوج)، قال: "الحمو الموت". مع أن قريب الزوج يكون عنده من العوامل والأسباب ما يردعه ويمنعه أعظم مما لدى الرجل الغريب الأجنبي، فالخلوة بالنساء أمرها عظيم، والشيطان قد يزين للمرأة أو الرجل، أو لكليهما فيقع المحذور، وقد قال النبي _صلى الله عليه وسلم_: "ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما"، أي: ما خلا بامرأة لا تحل له وليست محرماً له وليس محرماً لها، ولذلك بين النبي _صلى الله عليه وسلم_ أن الرجل لا يخلو مع المرأة إلا ومعه محرم، سداً للذريعة، وإبعاداً للتهمة.

وهنا يرد سؤال: ماذا فعل العزيز لما ثبت له أن

يوسف بريء وزوجته مذنبة؟ قال: "يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ" (يوسف:29). فقال له: أعرض عن هذا، لا تتكلم بهذا الموضوع من أجل ألا ينتشر ويفشو هذا السر وهذا الخطأ، ثم بين أن المرأة هي التي وقعت في الذنب، فقال لها: "وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ..." ، أكد هذا، "كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ" وبهذا نرد على الذين قالوا: إن يوسف _عليه السلام هم بها هماً لا يليق به_، فالدليل على أن المرأة هي التي أخطأت، ويوسف _عليه السلام_ لم يخطئ أبداً.

و ذكر بعض المفسرين كشيخ الإسلام وغيره أن

العزيز تهاون وتساهل مع امرأته، وكان ينتظر منه أن يعاقبها عقاباً شديداً، وأن يتخذ قراراً وهو عزيز مصر بأن يفصل يوسف عن زوجته، لكنه اكتفى بهذه العبارات "يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ" ، وهذا لا يكفي، ولذلك تكررت المأساة بصورة أخرى _كما سيأتي_، ومن هنا نقول: إنه يجب على المسلم ابتداء ألا يكون هناك مجال للريبة أو الخلوة، ولكن لو وقع شيء من ذلك ووقع أحد في الخطأ، أن نتخذ القرار الحاسم، بأن لا يعود الأمر مرة أخرى ، سواء في مثل هذه القضية أو في غيرها. لأنه كما قال النبي _صلى الله عليه وسلم_: "لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين﴾ً، وهذا الذي وقع فيه عزيز مصر، وتساهل واكتفى بهذه النصيحة، "يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ" أخطأ في اتخاذ القرار المناسب.

نسأل الله تعالى أن يحفظ المسلمين، وأن يرفع عنهم بلاء الخلوة والاختلاط الذي عم كثيراً من ديار الإسلام، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. [ الأنترنت – موقع المسلم]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثالثة والتسعون في موضوع (العظيم) وستكون بعنوان :*الكرب العظيم

  قال تعالى : (ونوحاً إذ نادى من قبل فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الكرب العظيم*ونصرناه من القوم الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوم سوء فأغرقنهم أجمعين)

علاج الكرب والهم والغم والحزن

قال ابن القيم رحمه الله في (زاد المعاد في هدي خير العباد) (فصل) في هديه صلى الله عليه وسلم في علاج الكرب والهم والغم والحزن.            أخرجا في (الصحيحين) من حديث ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب: "لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات السبع، ورب العرش الكريم" ، وفي (جامع) الترمذي عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا حزبه أمر قال: "يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث" ، وفيه عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان إذا أهمه الأمر، رفع طرفه إلى السماء فقال: "سبحان الله العظيم"، وإذا اجتهد في الدعاء، قال: "يا حي يا قيوم"  وفي (سنن) أبي داود عن أبي بكر الصديق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "دعوات المكروب: اللهم رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت". وفيها أيضًا عن أسماء بنت عميس قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أعلمك كلمات تقوليهن عند الكرب، أو في الكرب: الله ربي لا أشرك به شيئا". وفي رواية أنها تقال سبع مرات. وفي (مسند) الإمام أحمد عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما أصاب عبدا هم ولا حَزَنٌ فقال: اللهم إني عبدك، ابن عبدك، ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك اللهم بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب غمي، إلا أذهب الله حزنه وهمه، وأبدله مكانه فرحًا" ، وفي الترمذي عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دعوة ذي النون، إذ دعا ربه، وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك، إني كنت من الظالمين، لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجيب له"، وفي رواية: "إني لأعلم كلمة، لا يقولها مكروب إلا فرج الله عنه؛ كلمة أخي يونس" ، وفي (سنن) أبي داود عن أبي سعيد الخدري قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم المسجد، فإذا هو برجل من الأنصار يقال له: أبو أمامة، فقال: "يا أبا أمامة، ما لي أراك في المسجد في غير وقت الصلاة؟" فقال: هموم لزمتني، وديون يا رسول الله، فقال: "ألا أعلمك دعاء، إذا أنت قلته، أذهب الله عز وجل همك، وقضى دينك؟" قال: قلت بلى يا رسول الله، قال: "قل إذا أصبحت، وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال"، قال: ففعلت ذلك، فأذهب الله عز وجل همي، وقضى عني ديني. وفي (سنن) أبي داود عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لزم الاستغفار؛ جعل الله له من كل هم فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب". وفي (المسند): أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة.       وقد قال تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} ، وفي (السنن): "عليكم بالجهاد، فإنه باب من أبواب الجنة، يدفع الله به عن النفوس الهم والغم". ويذكر عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من كثرت همومه، وغمومه، فليكثر من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله". وثبت في (الصحيحين) أنها: "كنز من كنوز الجنة". وفي الترمذي أنها: "باب من أبواب الجنة".

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الرابعة والتسعون في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

*الكرب العظيم(أدوية إذهاب الكرب )

  قال ابن القيم : الأدوية تتضمن خمسة عشر نوعًا من الدواء، فإن لم تقو على إذهاب داء الهم والغم والحزن، فهو داء قد استحكم وتمكنت أسبابه، ويحتاج إلى استفراغ كلي. - الأول: توحيد الربوبية. - الثاني: توحيد الإلهية. - الثالث: التوحيد العلمي الاعتقادي. - الرابع: تنزيه الرب تعالى عن أن يظلم عبده، أو يأخذه بلا سبب من العبد يوجب ذلك. - الخامس: اعتراف العبد بأنه هو الظالم. - السادس: التوسل إلى الرب تعالى بأحب الأشياء إليه؛ وهو أسماؤه وصفاته. ومن أجمعها لمعاني الأسماء والصفات: "الحي القيوم". - السابع: الاستعانة به وحده. - الثامن: إقرار العبد له بالرجاء. - التاسع: تحقيق التوكل عليه والتفويض إليه، والاعتراف له بأن ناصيته في يده، يصرفه كيف يشاء، وأنه ماض فيه حكمه، عدل فيه قضاؤه. - العاشر: أن يرتع قلبه في رياض القرآن، ويجعله لقلبه كالربيع للحيوان، وأن يستضيء به في ظلمات الشبهات والشهوات، وأن يتسلى به عن كل فائت ويتعزى به عن كل مصيبة، ويستشفي به من أدواء صدره، فيكون جلاء حزنه، وشفاء همه وغمه. - الحادي عشر: الاستغفار. - الثاني عشر: التوبة. - الثالث عشر: الجهاد. - الرابع عشر: الصلاة. - الخامس عشر: البراءة من الحول والقوة، وتفويضهما إلى من هما بيده. انتهى. [ الأنترنت – موقع طريق الإسلام]

وقالت أميمة الجابر : عشرة مفاتيح للفرج بعد الشدائد

1- أن نلجأ لله تعالي ساعة الكرب " فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا .."

2-حسن الظن بالله تعالي و الثقة بان الذي يذهب ما نحن فيه هو سبحانه لقوله في الحديث القدسي " أنا عند ظن عبدي بي "

3-الدعاء المتواصل,يقول الله تعالي {أمن يجيب

المضطر إذا دعاه و يكشف السوء أإله مع الله قليلا ما تذكرون "

4-ملازمة الاستغفار لقوله تعالي " فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا و و يمددكم بأموال و بنين ويجعل لكم جنات و يجعل لكم انهارا " نوح ،و حديث " من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا , ومن كل هم فرجا , و رزقه من حيث لا يحتسب " رواه أبو داود و ابن ماجة عن ابن عباس رضي الله عنه

5-ذكر الله كثيرا لقوله تعالي " ألا بذكر الله تطمئن القلوب "

6-مناصرة و معاونة المحتاج , فعن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا ، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، ومن يسر على معسر ، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ، ومن ستر مسلما ، ستره الله في الدنيا والآخرة ، والله في عون العبد ، ما كان العبد في عون أأخيه " ….. رواه مسلم .

7- التوكل علي الله لقوله تعالي " ومن يتوكل علي الله فهو حسبه "

8-بر الوالدين و الاحسان إليهما وطلب الدعاء منهما

9 - رد المظالم,ورعاية الأمانات ,وأداء الحقوق ,

 وفي حديث الغار توسل احد الثلاثة برده الأمانة لأجيره بعد رعايتها له  

10- تجنب الظلم و دعوة المظلوم , فمن الدعوات المجابة دعوة المظلوم " اتق دعوة المظلوم ، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب "[  الأنترنت – موقع المسلم قالته أميمة الجابر ]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الخامسة والتسعون في موضوع (العظيم) وستكون بعنوان :*الأجر العظيم

قال تعالى :{وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ

 ۙ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ } المائدة /9

قال السعدى :

أي { وَعَدَ اللَّهُ } الذي لا يخلف الميعاد وهو أصدق القائلين -المؤمنين به وبكتبه ورسله واليوم الآخر، { وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ْ} من واجبات ومستحبات- بالمغفرة لذنوبهم، بالعفو عنها وعن عواقبها، وبالأجر العظيم الذي لا يعلم عظمه إلا الله تعالى. { فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُم مِن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ْ}

قال ابن كثير : ( وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة ) أي : لذنوبهم ( وأجر عظيم ) وهو : الجنة التي هي من رحمته على عباده ، لا ينالونها بأعمالهم ، بل برحمة منه وفضل ، وإن كان سبب وصول الرحمة إليهم أعمالهم ، وهو تعالى الذي جعلها أسبابا إلى نيل رحمته وفضله وعفوه ورضوانه ، فالكل منه وله ، فله الحمد والمنة .

وقال القرطبى : أي : قال الله في حق المؤمنين : لهم مغفرة وأجر عظيم أي : لا تعرف كنهه أفهام الخلق ; كما قال : فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين ، وإذا قال الله تعالى : أجر عظيم و أجر كريم و أجر كبير فمن ذا الذي يقدر قدره ؟ ، ولما كان الوعد من قبيل القول حسن إدخال اللام في قوله : لهم مغفرة وهو في موضع نصب ; لأنه وقع موقع الموعود به ، على معنى وعدهم أن لهم مغفرة أو وعدهم مغفرة إلا أن الجملة وقعت موقع المفرد وموضع الجملة نصب ; ولذلك عطف عليها بالنصب ، وقيل : هو في موضع رفع على أن يكون الموعود به محذوفا ; على تقدير لهم مغفرة وأجر عظيم فيما وعدهم به ، وهذا المعنى عن الحسن .

وقال الطبرى : ويعني بقوله: "لهم مغفرة " لهؤلاء الذين وفوا بالعقود والميثاق الذي واثقهم به ربهم" مغفرة " وهي ستر ذنوبهم السالفة منهم عليهم وتغطيتها بعفوه لهم عنها، وتركه عقوبتهم عليها وفضيحتهم بها ، وأجر عظيم " يقول: ولهم مع عفوه لهم عن ذنوبهم السالفة منهم، جزاءً على أعمالهم التي عملوها ووفائهم بالعقود التي عاقدوا ربهم عليها" أجر عظيم "، و " العظيم " من خيره غير محدود مبلغه، ولا يعرف منتهاه غيره تعالى ذكره.

فإن قال قائل: إن الله جل ثناؤه أخبر في هذه الآية أنه وعد الذين آمنوا وعملوا الصالحات، ولم يخبر بما وعدهم، فأين الخبر عن الموعود؟

قيل: بلى،  إنه قد أخبَر عن الموعود، والموعود هو قوله: " لهم مغفرة وأجر عظيم ".

فإن قال: فإن قوله: " لهم مغفرة وأجر عظيم " خبرٌ مبتدأ، ولو كان هو الموعود لقيل: " وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات مغفرة وأجرًا عظيمًا "، ولم يدخل في ذلك " لهم "، وفي دخول ذلك فيه، دلالة على ابتداء الكلام، وانقضاء الخبر عن الوعد!

قيل: إن ذلك وإن كان ظاهره ما ذكرتَ، فإنه مما اكتُفي بدلالة ما ظهر من الكلام على ما بطن من معناه من ذكر بعضٍ قد ترك ذكره فيه، وذلك أن معنى الكلام: وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن يغفر لهم ويأجرهم أجرًا عظيما ؛ لأن من شأن العرب أن يُصْحِبوا " الوعد "" أن " ويعملوه فيها، فتركت " أن " إذ كان " الوعد " قولا. ومن شأن " القول " أن يكون ما بعده من جمل الأخبار مبتدأ، وذكر بعده جملة الخبر اجتزاءً بدلالة ظاهر الكلام على معناه، وصرفا للوعد الموافق للقول في معناه وإن كان للفظه مخالفا إلى معناه،  فكأنه قيل: " قال الله: للذين آمنوا وعملوا الصالحات مغفرة وأجر عظيم ".

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة السادسة والتسعون في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

*الأجر العظيم

(شرح حديث: ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين)

عَنْ أَبِي مُوسى رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "ثَلاَثَةٌ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الكتاب آمَنَ بِنَبِيِّهِ وَأَدْرَكَ النَّبِيَّ فَآمَنَ بِهِ وَاتَّبَعَهُ وَصَدَّقَهُ، فَلَهُ أَجْرَانِ، وَعَبْدٌ مَمْلُوكٌ أَدَّى حَقَّ الله تَعَالَى وَحَقَّ سَيِّدِهِ، فَلَهُ أَجْرَانِ، وَرَجُلٌ كَانَتْ لَهُ أَمَةٌ فَغَذَاهَا فَأَحْسَنَ غِذَاءَهَا. ثُمَّ أَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ أَدَبَهَا. ثُمَّ أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا، فَلَهُ أَجْرَانِ" أخرجه مسلم حديث (154)، وأخرجه البخاري في " كتاب العلم" " باب تعليم الرجل أمته وأهله" حديث (97)، وأخرجه الترمذي ، وأخرجه النسائي وابن ماجه

من فوائد الحديث:

الفائدة الأولى: الحديث دليل على فضل من آمن من أهل الكتاب بنبيه ثم آمن بنبينا صلى الله عليه وسلم فإن له أجرين، وذهب بعض أهل العلم ومنهم الكرماني إلى أن هذا الفضل خاص بمن آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم في زمن بعثته أما من آمن من أهل الكتاب بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فلا يدخل في الفضل؛ لأن نبيهم بعد البعثة هو محمد صلى الله عليه وسلم، والقول الثاني أنه يدخل لعدم المخصص واختاره ابن حجر رحمه الله [انظر الفتح (1/ 191)].

والحكمة من المضاعفة: أن الأجر الأول ترتب على إيمانه بنبيه قبل النسخ، والأجر الثاني لإيمانه بمحمد صلى الله عليه وسلم.

وظاهر الحديث أن من انتسب لأهل الكتاب ولم يكن انتماؤه للحق الذي جاء به نبيه وإنما على عقيدة محرمة فإنه لا يدخل في فضل الأجرين، وإن زعم أنه من أهل الكتاب، لقوله صلى الله عليه وسلم " رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الكتاب آمَنَ بِنَبِيِّهِ " ومن لم يكن على ما جاء به نبيه فإنه لم يؤمن به.

الفائدة الثانية: الحديث دليل على فضل العبد المملوك القائم بحق الله تعالى وحق سيده، فإن له أجرين، وجاءت أدلة أخرى في الصحيحين تدل على هذا الفضل، منها حديث ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً:" إن العبد إذا نصح لسيده، وأحسن عبادة الله، فله أجره مرتين)

الفائدة الثالثة: الحديث دليل على فضل من أعتق مملوكته بعدما أحسن إليها وتزوجها، فإن له أجرين، الأول: بما له عليها من فضل العتق، والثاني: بفضل التزوج بها وهذا من تواضعه لتركه ذات الحسب والشرف وتزوجه بالتي أعتقها

قال ابن بطال رحمه الله:" والذي يعتق أمته فيتزوجها فله أجر العتق والتزويج، وأجر التأديب والتعليم ومن فعل هذا فهو مفارق للكبر، آخذ بحظ وافر من

التواضع،وتارك للمباهاة بنكاح ذات شرف ومنصب

[شرح صحيح البخاي لابن بطال (1/ 173)].

مستلة من إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم (كتاب الإيمان) ]   [الأنترنت- موقع الألوكة - الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح ]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة السابعة والتسعون في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

*الأجر العظيم

بعض الأعمال الصالحة وما ورد فيها من ثواب وجزاء

قال المنجد : فمما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في الأعمال الصالحة: الطهارة والوضوء.. قال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (وأيما رجل قام وهو يريد الصلاة فأفضى الوضوء إلى أماكنه؛ سلم من كل ذنب وخطيئة هي له، فإن قام إلى الصلاة رفعه الله تعالى بها درجة، وإن رقد رقد سالماً)

الوضوء لقيام الليل والوضوء للصلوات.

وروى البخاري رحمه الله عن أبي هريرة : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـبلالٍ عند الفجر: (يا بلال! حدثني بأرجى عملٍ عملته في الإسلام؛ فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة -أمام النبي عليه الصلاة والسلام- فقال بلال رضي الله عنه: ما عملت عملاً أرجى عندي من أني لم أتطهر طهوراً في ساعة من ليل أو نهارٍ إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي) فهذا أجر الطهور والصلاة.

وأما السواك وفي قيام الليل بالذات فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا قام أحدكم يصلي من الليل فليستك -يستعمل السواك ويتسوك- فإن أحدكم إذا قرأ في صلاته وضع ملك فاه على فيه، ولا يخرج من فيه شيءٌ إلا دخل فم الملك) يطوف الملك بالمصلي، فإذا قرأ القرآن وضع الملك فمه على فم المصلي المتسوك المتطهر، فلا تخرج آية من فم المصلي إلا دخلت في فم الملك.

وأما الأذان فيقول النبي صلى الله عليه وسلم:

(إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول المقدم، والمؤذن يغفر له مد صوته، ويصدقه من سمعه من رطبٍ ويابس، وله مثل أجر من صلى معه)       وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأحد الصحابة: (إني أراك تحب الغنم والبادية، فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت للصلاة فارفع صوتك بالنداء؛ فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جنٌ ولا إنس ولا حجر ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة) فمن أذن ولو أذاناً واحداً يحصل له هذا..

والمؤذن المحتسب لوجه الله لا يحتسب أجراً على الأذان.. الأمين على الوقت، الذي يوقظهم لصلاتهم.. الذي يخبرهم بوقت إفطارهم إذا صاموا ووقت إمساكهم، قال النبي عليه الصلاة والسلام: (من أذن ثنتي عشرة سنة وجبت له الجنة، وكتب له بتأذينه في كل يوم ستون حسنة، وبإقامته ثلاثون حسنة).

أما المشي إلى الصلاة؛ فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أعظم الناس أجراً في الصلاة أبعدهم إليها ممشى -كلما مشى من بعيد استفاد- والذي ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام أعظم أجراً من الذي يصليها ثم ينام) وقال عليه الصلاة والسلام: (إذا توضأ أحدكم فأحسن الوضوء ثم خرج إلى الصلاة لم يرفع قدمه اليمنى إلا كتب الله عز وجل له حسنة، ولم يضع قدمه اليسرى إلا حط عنه سيئة، فليقرب أحدكم أو ليبعد،

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثامنة والتسعون في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضيات والتي هي بعنوان :

*الأجر العظيم

بعض الأعمال الصالحة وما ورد فيها من ثواب وجزاء

 فإن أتى المسجد فصلى في جماعة غفر له، فإن أتى المسجد وقد صلوا بعضاً وبقي بعضٌ صلى ما أدرك وأتم ما بقي، فإن أتى المسجد وقد صلوا فأتم الصلاة كان كذلك) . وقال عليه الصلاة والسلام مبيناً أجراً عظيماً في حديث صحيح رواه أبو داود : (من خرج من بيته متطهراً إلى صلاة مكتوبة فأجره كأجر الحاج المحرم -والله واسع الفضل- ومن خرج إلى تسبيح الضحى لا ينصبه إلا إياه فأجره كأجر المعتمر، وصلاة على إثر صلاة لا لغوٌ بينهما كتابٌ في عليين) كتاب يكتب في عليين. أما الذي يصلي أربعين يوماً في جماعة، ويكون واقفاً في الصف عندما يكبر الإمام تكبيرة الإحرام، فيقول في شأنه النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الحسن الذي رواه الترمذي: (من صلى لله أربعين يوماً في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتب له براءتان: براءة من النار، وبراءة من النفاق) فيحافظ على أربعين يوماً في جماعة، أن يكون واقفاً في الصف عندما يكبر الإمام تكبيرة الإحرام. فهنيئاً لمن كان له براءات كثيرة.

أما إطالة الصلاة وأجر ركوعها وسجودها فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن العبد إذا قام يصلي أُتي بذنوبه كلها فوضعت على رأسه وعاتقيه، فكلما ركع أو سجد تساقطت ذنوبه) فإذا كان الركوع طويلاً والسجود طويلاً كان تساقط الذنوب أكثراً. وأذكار الصلاة منها ثلاث وثلاثون سبحان الله، ومثلها الحمد لله، ومثلها الله أكبر، وتمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. ومن أذكار الصلوات التي بعد الصلاة: سبحان الله خمساً وعشرين، والحمد لله خمساً وعشرين، ولا إله إلا الله خمساً وعشرين، والله أكبر خمساً وعشرين. ومن أنواع الأذكار التي بعد الصلاة: سبحان الله عشر مرات، والحمد لله عشر مرات، والله أكبر عشر مرات، فلو كان هناك شخص مستعجل يقول هذه، وهذه أقصر صيغة، ومع هذا انظر إلى الأجر الوارد فيها:- روى الإمام أحمد والأربعة والبخاري في الأدب المفرد: عن ابن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خصلتان لا يحافظ عليهما عبدٌ مسلم إلا دخل الجنة، ألا وهما يسير، ومن يعمل بهما قليل) كثير من الناس بعد الصلاة يقومون ويمشون مسرعين بدون تسبيح وتحميد وتكبير من غير حاجة، والنبي عليه الصلاة والسلام قد قام مسرعاً بعض المرات ولكن لحاجة، وكثير من الناس اليوم يقومون بعد الصلاة دون هذه التسبيحات، يقول: (ومن يعمل بهما قليل، يسبح الله في دبر كل صلاة عشراً، ويحمده عشراً، ويكبر عشراً فذلك خمسون ومائة باللسان، وألف وخمسمائة في الميزان) هذا بالنسبة لبعد الصلاة، خمسون ومائة باللسان وألف وخمسمائة في الميزان؛ لأن الحسنة بعشر أمثالها.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة التاسعة والتسعون في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضيات والتي هي بعنوان :

*الأجر العظيم

بعض الأعمال الصالحة وما ورد فيها من ثواب وجزاء

الذكر عند النوم: سبحان الله ثلاثاً وثلاثين، والحمد لله ثلاثاً وثلاثين، والله أكبر أربعاً وثلاثين، قال في فضلها عند النوم: (إذا أخذ مضجعه يكبر أربعاً وثلاثين، ويحمده ثلاثاً وثلاثين ويسبحه ثلاثاً وثلاثين فتلك مائة باللسان وألف في الميزان) يكرر سبحان الله ثلاثاً وثلاثين، والحمد لله ثلاثاً وثلاثين، صاروا ستة وستين، والله أكبر أربعاً وثلاثين صاروا مائة باللسان، لكن في الميزان ألف، فأيكم يعمل في اليوم والليلة ألفان وخمسمائة سيئة؟ يعني: عندك الآن ألف وخمسمائة ترتبت بعد الصلوات وألف قبل النوم هذه ألفان وخمسمائة حسنة، فهذه كافية لأن تكفر ألفان وخمسمائة سيئة، فمن الذي يعمل في اليوم ألفان وخمسمائة سيئة، وهذه في الحساب.

قال النبي صلى الله عليه وسلم في شأن صلاة الضحى وهي من الصلوات النافلة: (يصبح على كل سلامى من أحدكم في كل يوم صدقة) والسلامى هو عظم المفاصل، فكم في الإنسان من مفصل؟ فيه ثلاثمائة وستون مفصلاً في الإنسان، كل مفصل من هذه المفاصل له حق ينبغي عليك أداؤه، يجب أن تتصدق بصدقة عن كل مفصل، يعني: تأتي في اليوم بثلاثمائة وستين صدقة: (يصبح على كل سلامى من أحدكم في كل يوم صدقة) فمن أين نأتي بهذه الصدقات؟ قال: (فله بكل صلاة صدقة، وصيام صدقة، وحج صدقة، وتسبيح صدقة، وتكبير صدقة وتحميد صدقة) فلو قال شخص: أنا ما أظمن أن آتي بثلاثمائة وستين صدقة عن المفاصل، قال: (ويجزئ عن أحدكم من ذلك ركعتا الضحى). ووقت صلاة الضحى من بعد ارتفاع الشمس إلى قبيل صلاة الظهر، وأفضل وقتٍ لها حين ترمض الفصال ويشتد الحر، ويرفع البعير رجليه عن الأرض لاشتداد الحر، فتجده يرفع ويضع، فهذه صلاة الأوابين. وصلاة الضحى تصلى ركعتان اثنتان أو أربعاً وثمان، فصلها على أي عدد وردت فيه السنة، فهو يجزئ عن ثلاثمائة وستين صدقة في اليوم. وأما في شأن الصلاة عموماً قال النبي عليه الصلاة والسلام: (ما من عبد يسجد لله سجدة إلا كتب الله له بها حسنة، وحط عنه بها سيئة، ورفع له بها درجة، فاستكثروا من السجود) فهذا فضل السجود في أي صلاة.

أما الصيام الذي له باب مخصوص وهو باب الريان، فمنه ما هو فرض معروف أجره، وهو صيام رمضان، ومنه ما هو نفل ورد ذكر أجره في الأحاديث الصحيحة، وصيام النفل مراتب: فهناك صيام عرفة، وصيام عاشوراء، والأيام البيض، والإثنين والخميس، والأيام الأخرى التي لم ينه عنها إذا صامها يكون له أجرٌ عظيم. قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من صام يوماً في سبيل الله باعد الله بذلك اليوم حر جهنم عن وجهه سبعين خريفاً) وفي رواية: (باعد الله وجهه من جهنم سبعين عاما) وفي رواية: (باعد الله عنه جهنم مسيرة مائة عام) وكلها أحاديث صحيحة.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة المئة في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضيات والتي هي بعنوان :

*الأجر العظيم

بعض الأعمال الصالحة وما ورد فيها من ثواب وجزاء

أما يوم عرفة وصيامه لغير الحاج؛ لأن الحاج له شيء آخر، فأجر الحاج في عرفة شيء آخر، ويكفي أن الله يباهي بهم الملائكة، فلا يستحب له الصوم؛ لأنه يستعين بقوته في الحج وأعمال الحج وأعمال عرفة، أما المقيم فإنه يصوم، قال عليه الصلاة والسلام: (صوم يوم عرفة كفارة السنة الماضية والسنة المستقبلة)  وقال صلى الله عليه وسلم: (صيام يوم عرفة إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده، وصيام يوم عاشوراء إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله) فصيام عرفة أعظم من صيام عاشوراء، وفي كل أجر. وبعض الناس لا يكتفي بأن يصوم، بل يريد أجراً إضافياً، وبعض الناس لا يستطيع أن يصوم لمرضٍ مثلاً ويريد أجر صائم فلم تحرمه الشريعة، ولم يحرمه الله الرحيم الرءوف من الأجر، فقال عليه الصلاة والسلام: (من فطر صائماً فله مثل أجره) من فطره فأشبعه فله مثل أجره، فلو دعا عدداً من الصائمين، ففطرهم فله مثل أجورهم، مع أنه هو واحد لكن حصل أجوراً عن صائمين، لا ينقص من أجر الصائم شيء ولا من أجر المفطر شيء فله مثل أجره.

أما الحج والعمرة فإنهما من سبيل الله، الحاج والمعتمر وفد الله دعاهم إلى البيت العتيق فأجابوه، وإذا سألوه أعطاهم، والحج والعمرة فيها عدد من الأعمال: إحرام وسفر وتلبية وطواف وسعي وحلق الشعر، وفي الحج أيضاً وقوف بـعرفة ورمي وذبح، وكلها فيها أجر. وانظر إلى التلبية مثلاً: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلم يلبي إلا لبى ما عن يمينه وشماله من حجرٍ أو شجر أو مدر -الطين اليابس- حتى تنقطع الأرض من هاهنا وهاهنا) عن اليمين وعن الشمال. أما الطواف فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من طاف بهذا البيت أسبوعاً -يعني: سبعة أشواط- فأحصاه كان كعتق رقبة لا يضع قدماً ولا يرفع أخرى إلا حط الله عنه بها خطيئة، وكتب له بها حسنة). يقول بعض الناس: نحن نذهب في رمضان إلى العمرة ونأتي بالعمرة فهل نأتي بعمرة أخرى؟ نقول: لا، المشروع لك أن تأتي بعمرة في السفرة الواحدة، يقول: فماذا نفعل إذا بقينا في مكة ؟ افعل أشياء كثيرة من الطاعات والحسنات؛ لأن مكةالمكان فاضل يضاعف لك فيه الأجر، ثم إنك تطوف في البيت سبعة وتصلي ركعتين في كل طوافٍ، وسبعة أشواط ليست عمرة، بل هو طواف نفل، فكل طواف سبعة ثم سبعة ثم سبعة، كل طواف له ركعتان، يكتب لك بها هذا الأجر (من طاف بهذا البيت أسبوعاً فأحصاه كان كعتق رقبة) كل طواف نفل مثل عتق رقبة. وأما استلام الحجر الأسود في الطواف وما أدراك ما استلامه! يقول النبي عليه الصلاة والسلام: (والله ليبعثنه الله يوم القيامة -يعني: الحجر الأسود- له عينان يبصر بهما ولسان ينطق به، يشهد على من استلمه بحق) رواه الترمذي وهو حديث صحيح. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ليأتين هذا الحجر يوم القيامة له عينان يبصر بهما -والله على كل شيء قدير- ولسان ينطق به يشهد على من استلمه بحق) .. (وفي مسحه هو والركن اليماني ياقوتتان من يواقيت الجنة -كما في الحديث الصحيح- طمس الله نورهما، ولو أن نورهم لم يطمس لأخذ الأبصار) وقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام أحمد : (إن مسح الحجر الأسود والركن اليماني يحطان الخطايا حطاً).

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الواحدة بعد المئة في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضيات والتي هي بعنوان :

*الأجر العظيم

بعض الأعمال الصالحة وما ورد فيها من ثواب وجزاء

 أما أجر أعمال الحج وثواب الحج، فقد جاء عندالطبراني بسندٍ حسنٍ عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأحد الصحابة: (أما خروجك من بيتك تؤم البيت الحرام فإن لك بكل وطأة تطؤها راحلتك يكتب الله لك بها حسنة، ويمحو عنك بها سيئة). وأما وقوفك بعرفة فإن الله ينزل إلى السماء الدنيا فيباهي بهم الملائكة، فيقول: (هؤلاء عبادي جاءوني شعثاً غبراً من كل فجٍ عميق، يرجون رحمتي ويخافون عذابي ولم يروني فكيف لو رأوني؟ فلو كان عليك مثل رمل عال -صحراء رملها كثير- أو مثل أيام الدنيا، أو مثل قطر السماء ذنوباً غسلها الله عنك) وأما رميك الجمار فإنه مدخور لك، فلم يذكر أجره. وأما حلقك رأسك فإن لك بكل شعرة تسقط حسنة، فإذا طفت بالبيت خرجت من ذنوبك كيوم ولدتك أمك.

وأما كتاب الله سبحانه وتعالى فإن تلاوته من أعظم أبواب الخير ومن أجلِّ الأعمال الصالحة، فإنه كلامه سبحانه، والله قد امتدح الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة، والذين يذكرون الله وأعظم الذكر قراءة القرآن، الذي يُكتب له بكل حرف عشر حسنات، والحسنة بعشر أمثالها (لا أقول: ألم حرف، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف) ومع كثرة التلاوة تكثر الحسنات، فيقول النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الحسن الذي رواه الترمذي وغيره: (يجيء القرآن يوم القيامة فيقول: يا رب حله -لصاحب القرآن- فيلبس تاج الكرامة، ثم يقول: يا رب زده، فيلبس حلة الكرامة، ثم يقول: يا رب! ارض عنه، فيرضى عنه، فيقول: اقرأ وارق ويزاد بكل آية حسنة) كل الآيات التي قرأها في الدنيا يرقى بها مراتب ويزاد حسنات في الآخرة. وسجود التلاوة ترغيم للشيطان، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد، اعتزل الشيطان يبكي، يقول: يا ويله أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأمرت بالسجود فعصيت فلي النار) [رواه مسلم.]

وبعد قراءة القرآن يكون ذكر الله تعالى من الدعاء

والاستغفار والتحميد والتهليل والتكبير والتسبيح والاسترجاع، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في فضل التسبيح: (أيعجز أحدكم أن يكسب كل يوم ألف حسنة؟! يسبح الله مائة تسبيحة فيكتب الله له بها ألف حسنة، ويحط عنه بها ألف خطيئة) رواه مسلم . وقال النبي صلى الله عليه وسلم في فضل الأربعة: (إن الله اصطفى من الكلام أربعاً: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، فمن قال: سبحان الله كتبت له عشرون حسنة، وحطت عنه عشرون سيئة، ومن قال: الله أكبر مثل ذلك، ومن قال: لا إله إلا الله مثل ذلك، ومن قال: الحمد لله رب العالمين من قبل نفسه خالصاً لله كتبت له ثلاثون حسنة، وحط عنه ثلاثون خطيئة).

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثانية بعد المئة في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضيات والتي هي بعنوان :

*الأجر العظيم

بعض الأعمال الصالحة وما ورد فيها من ثواب وجزاء

وأما التهليل: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، من قالها في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر -كأنما أعتق عشراً- رقاب، وكتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحدٌ بأفضل مما جاء به إلا أحدٌ عمل عملاً أكثر من ذلك). وأما إذا قال في الصبح: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير مائة مرة كان له عتق رقبة من ولد إسماعيل، وكتبت له بها عشر حسنات، وحط بها عنه عشر سيئات ورفع له بها عشر درجات، وكان في حرزٍ من الشيطان حتى يمسي وإذا قالها إذا أمسى كان له مثل ذلك حتى يصبح). وأما الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فهي من أجل الأذكار وأعظم ما يشتغل به، حتى إن الله يكفي العبد إذا جعل دعاءه صلاة على النبي عليه الصلاة والسلام من الهم والغم، ويبلغ الله هذه الصلاة لنبيه بملكٍ مخصوص، قال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الحسن: (إن الله تعالى وكل ملكاً أعطاه سمع العباد، فليس من أحدٍ يصلي علي إلا أبلغنيها، وإني سألت ربي ألا يصلي علي عبدٌ صلاة إلا صلى عليه عشر أمثالها) صلى الله عليه وسلم.

ومن أعظم العبادات وأبواب الطاعات الباقيات الصالحات: حلق الذكر. نسأل الله أن يجعلنا من أهلها، وأن يجعلنا من المكتوبين فيمن يذكرهم سبحانه وتعالى، قال النبي عليه الصلاة والسلام: (لأن أقعد مع قومٍ يذكرون الله تعالى من صلاة الغداة حتى تطلع الشمس أحب إلي من أن أعتق أربعة من ولد إسماعيل، ولأن أقعد مع قومٍ يذكرون الله من صلاة العصر إلى أن تغرب الشمس أحب إلي من أن أعتق أربعة) رواه أبو داود. وإذا كان مجلس علم وذكر ما قام أهله إلا وقد قالت لهم الملائكة: (قوموا مغفوراً لكم قد بدلت سيئاتكم حسنات). وإذا كان مجلس العلم في مسجد النبي عليه الصلاة والسلام فأنعم به من أجر، قال عليه الصلاة والسلام: (من جاء مسجدي هذا ) الناس إذا راحوا المدينة يقولون: ماذا نفعل في المدينة، لنذهب إلى الحرم؟ يقول النبي عليه الصلاة والسلام: (من جاء مسجدي هذا لم يأته إلا لخير يتعلمه أو يعلمه فهو في منزلة المجاهد في سبيل الله، ومن جاءه لغير ذلك -ينظر إلى المنقوشات والزخارف- فهو بمنزلة الرجل ينظر إلى متاع غيره) فالنية هي التي ترفع صاحبها. أما مسجد قباء فيقول النبي عليه الصلاة والسلام: (من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه كان له كأجر عمرة). وتعليم العلم ممن يعلمه قربة عظيمة وفضل كبير، قال صلى الله عليه وسلم: (من علم علماً فله أجر من عمل به لا ينقص من أجر العامل) والدلالة على الخير أياً كان هذا الخير من الباقيات الصالحات، قال صلى الله عليه وسلم: (من دل على خيرٍ فله مثل أجر فاعله) والذي يدل الناس على حلق العلم ويدل الناس على العلماء، أو أعطيته رقم هاتف عالم يتصل به، والذي يدل الناس على سبيلٍ وطريقة ييسر لهم بها أمر الحج فله أجر.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثالثة بعد المئة في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضيات والتي هي بعنوان :

*الأجر العظيم

بعض الأعمال الصالحة وما ورد فيها من ثواب وجزاء

ولا شك أن من أعظم القرب الجهاد في سبيل الله؛

لأن الجهاد فيه إراقة دماء وذهاب أموال وتيتم أطفال وترمل النسوة، فقد جاء فيه من الأجر العظيم ما تواردت به الآيات والأحاديث، وهي الصفقة التي عقدها الله مع المجاهدين في أعظم كتابٍ وفي أعظم كتب: التوراة والإنجيل والقرآن:

 يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ [التوبة:111] وجعل الثمن الجنة، وجعل ما يقدم لنيل الجنة الأنفس والأموال، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في أجر المجاهد: (من قاتل في سبيل الله فواق ناقة فقد وجبت له الجنة).. (ومن سأل الله القتل في سبيل الله من نفسه صادقاً ثم مات أو قتل فإن له أجر شهيد، ومن جرح جرحاً في سبيل الله أو نكب نكبةً فإنها تجيء يوم القيامة كأغزر ما كانت لونها لون الزعفران وريحها ريح المسك، ومن خرج به خراجاً في سبيل الله كان عليه طابع الشهداء) رواه أحمد والثلاثة وابن حبانوالحديث صحيح. وقال النبي صلى الله عليه وسلم مبيناً أجر الوقوف في ساحة المعركة: (موقف ساعة في سبيل الله خيرٌ من قيام ليلة القدر عند الحجر الأسود) وقال عليه الصلاة والسلام: (مُقام الرجل في الصف في سبيل الله أفضل من عبادة ستين سنة) رواهالطبراني وهو حديث صحيح. وأما الرباط والسهر لحراسة المسلمين في الثغور التي هي متاخمة لبلاد العدو الذين يتربصون بالمسلمين الدوائر ويريدون الإيقاع بهم والإغارة عليهم، فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (من رابط يوماً وليلة في سبيل الله كان له كأجر صيام شهرٍ وقيامه، ومن مات مرابطاً جرى له مثل ذلك من الأجر في قبره -لا ينقطع العمل بل يجري عليه- وأجري عليه الرزق وأمن الفتان) الذي يكون في القبر. أما الرمي في سبيل الله فقد قال صلى الله عليه وسلم: (أيما مسلم رمى بسهمٍ في سبيل الله فبلغ مخطئاً أو مصيباً فله من الأجر كرقبة أعتقها من ولد إسماعيل) هذه الرمية الواحدة؛ سهم.. رصاصة.. قذيفة.. صاروخ.

ومن الباقيات الصالحات وأبواب الخير رعاية البنات

، والله سبحانه وتعالى: يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً [الشورى:49-50] يعني: يعطيه إناثاًَ وذكوراً، هذا القسم الثالث وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً لا إناث ولا ذكور وهو القسم الرابع، والنفوس قد تتسخط البنات، لما في البنت من النفقة عليها وهي لا تساعد؛ لأنها ضعيفة تحتاج إلى رعاية وقد يلحق به عارٌ بسببها، فقد تأنف النفوس البنات وتكره البنات، لكن لا يجوز في الشريعة تسخط البنات، فهذا عطاء الله. ورعاية البنات فيه أجر عظيم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من كان له ثلاث بنات فصبر عليهن وأطعمهن وسقاهن وكساهن من جدته) يعني: من ماله، فكساهن مما عنده ومما أعطاه الله (كن له حجاباً من النار يوم القيامة) فهو يصبر عليهن، يعني: يربيهن على الشريعة، ويتعاهدهن في الصلوات والصيام والزكاة، ويتعاهدهن في أمور العبادات والطاعات والتخلق بالأخلاق الحسنة ويتعاهدهن بالحجاب والعفة.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الرابعة بعد المئة في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضيات والتي هي بعنوان :

*الأجر العظيم

بعض الأعمال الصالحة وما ورد فيها من ثواب وجزاء

أما الأخوة وهي العبادة العظيمة والوشيجة بين المؤمنين فينبغي أن نكون كما في الحديث: (كونوا عباد الله إخوانا) والأخوة لها حقوق وواجبات ومستحبات وآداب. فمما تتضمنه الأخوة الزيارة في الله، يقول النبي عليه الصلاة والسلام في فضل الزيارة في الله: (زار رجلٌ أخاً له في قرية فأرصد الله له ملكاً على مدرجته -في طريقه- فقال: أين تريد؟ قال: أخاً لي في هذه القرية، فقال: هل له عليك من نعمة تربها؟ قال: لا، إلا أني أحبه في الله، قال: فإني رسول الله إليك أن الله قد أحبك كما أحببته) رواه أحمدومسلم. فبمجرد الالتقاء بالإخوان والمصافحة؛ ووضع سطح اليد في سطح اليد لله، يأخذ بيده لا يأخذها إلا لله، فيه أجر عظيم، فانتبه يا من تفرط في المصافحة أو لا تصافح، بعضهم يسلم عليك برءوس أصابعه، يقول النبي عليه الصلاة والسلام: (ما من مسلمين يلتقيان فيسلم أحدهما على صاحبه ويأخذ بيده لا يأخذ بيده إلا لله فلا يفترقان حتى يغفر لهما) وقال صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غُفر لهما قبل أن يتحركا). وقد يمرض الأخ المسلم فزيارته فيها أجر مضاعف أكثر من أجر زيارة الأخ العادي غير المريض، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من زار أخاه المسلم ) تعرفه أو لا تعرفه، مادام مسلماً فهو أخوك (عائداً مشى في خرافة الجنة حتى يجلس) أي: ثمر الجنة وجني الجنة (فإذا جلس غمرته الرحمة، فإن كان غدوة) أي: زاره في الصباح (صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي، وإن كان مساءً صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح) وقال عليه الصلاة والسلام: (ما من مسلمٍ يعود مسلماً غدوة إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي، وإن عاده عشية صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح، وكان له خريف في الجنة) ثمر في الجنة. وقد يموت فيكون في غسله أجر، وتكفينه أجر، والصلاة عليه أجر، واتباع جنازته أجر؛ أما غسله فيقول الرسول عليه الصلاة والسلام: (من غسَّل ميتاً فستره ستره الله من الذنوب، ومن كفنه كساه الله من السندس) وهو حرير الجنة، رواه الطبراني وهو حديث حسن. واتباع جنازته يقول صلى الله عليه وسلم فيه: (من تبع جنازةً حتى يصلى عليها ويفرغ منها فله قيراطان، ومن تبعها حتى يصلى عليها ) فقط دون اتباعها إلى المقبرة (فله قيراط، والذي نفس محمدٍ بيده لهو أثقل في ميزانه من أحد ) وهذا القيراط من قيراطي الذي يتبعها حتى تدفن ويفرغ منها ويهال عليها التراب أثقل في ميزانه من جبل أحد، فكم وزن الجبل؟!! وقد يُغتاب أخوك المسلم في مجلس ويوقع فيه، فما هي مسئوليتك؟ يقول النبي عليه الصلاة والسلام: (من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة) وقال: (من رد عن عرض أخيه كان له حجاباً من النار) فإذا وقعوا فيه لا تسكت، يجب أن تتكلم، فيرد الله عنك النار بدفاعك عن أخيك المسلم، وذبك عن عرضه، وإسكاتك للذي يغتاب. وإلقاء السلام على المسلمين فيه أجر، قال صلى الله عليه وسلم: (السلام اسم من أسماء الله وضعه الله في الأرض فأفشوه بينكم، فإن الرجل المسلم إذا مر بقومٍ فسلم عليهم فردوا عليه كان له عليهم فضل درجةٍ بتذكيره إياهم السلام) إذا مر بقومٍ فسلم عليهم فردوا عليه كان له عليهم فضل درجة بتذكيره إياهم السلام. والآن نحن نعلم أن الذي يقول: وعليكم السلام له عشرة، ورحمة الله له عشرون، وبركاته له ثلاثون، فما للمُسَلِّم الذي سلّم؟ بعض الناس يعرف أجر رد السلام لكن لا يعرف أجر المسلِّم، في هذا الحديث: (إذا مر بقومٍ فسلم عليهم فردوا عليه، كان له عليهم فضل درجة -زيادة- بتذكيره إياهم السلام، فإن لم يردوا عليه -فبعض الناس تسلم عليه فلا يرد عليك، فتحزن، لكن إذا علمت الأجر الذي لك لا تحزن- رد عليه من هم خيرٌ منهم وأطيب من خلق الله من الملائكة) فلا تحزن إذا لم يردوا عليك، فقد رد عليك من هو خيرٌ منهم وأطيب.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الخامسة بعد المئة في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضيات والتي هي بعنوان :

*الأجر العظيم

بعض الأعمال الصالحة وما ورد فيها من ثواب وجزاء

والناس في المجتمع يحتاج بعضهم إلى بعض، وقد تنزل فاقة بأحدهم ويحتاج أن يستلف، وقد يقولون: الآن لا أحد يسلفنا، فهذه بنوك الربا ليس إلا هي، فنقول: الشريعة جعلت بدل الربا حسناتٍ كثيرة لمن يسلف أخاه المسلم أو يدينه، ويقرضه، بل لمن ينظره إذا حل الأجل ولم يستطع الوفاء، قال عليه الصلاة والسلام: (من أنظر معسراً فله بكل يومٍ مثله صدقة، قبل أن يحل الدين ) يعني: سلفه المال إلى آخر السنة ففي كل يوم صدقة (فإذا حل الدين فأنظره) يعني: جاء آخر السنة فلم يوفه، فأمهله أيضاً (فله بكل يومٍ مثلاه صدقة).

وإماطة الأذى عن الطريق وهي مسألة قد يستحقرها كثير من الناس ويأنف منها أو يتركها، قال عليه الصلاة والسلام في أجر ذلك: (مر رجل على غصن شجرة في الطريق فقال: والله لأنحين هذا عن المسلمين لا يؤذيهم، فأُدخل الجنة) رواه مسلم ، وقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم أيضاً: (لقد رأيت رجلاً يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي الناس). وحتى قتل الوزغ -هذا الحيوان الكريه- الذي كان ينفخ النار على إبراهيم عليه السلام، وهو يخرج في أيام الحر قتله صدقة، قال عليه الصلاة والسلام: (من قتل وزغة في أول ضربة كتب له مائة حسنة، ومن قتلها في الضربة الثانية فله كذا وكذا حسنة، وإن قتلها في الضربة الثالثة فله كذا وكذا حسنة) رواه مسلم رحمه الله. والذين لهم بساتين أو حدائق أو مزارع أو يزرعون في بيوتهم إذا قصدوا وجه الله بزراعتهم وما قصدوا إضاعة المال ولا قصدوا المباهاة والمفاخرة وإنما زرعوا لله، يقول عليه الصلاة والسلام: (ما من مسلم يغرس غرساً) وهذا الحديث يشجع على غرس الأشجار، ويشجع على البذر والرعاية للزرع: (ما من مسلم يغرس غرساً إلا كان ما أُكل منه له صدقة، وما سرق منه صدقة، وما أكل السبع فهو له صدقة، وما أكلت الطيور فهو له صدقة، ولا يرزأه أحد -يعني: ينقص منه- كان له صدقة)  [رواه مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه ] وقد جاء في الشريعة أبواب كثيرة للخير، فمنها: الأشياء التي تنفع الإنسان بعد موته، والصدقات الجارية، ومن ذلك ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علماً نشره، وولداً صالحاً تركه، ومصحفاً ورثه) أقرأ واحداً وعلمه القرآن (أو مسجداً بناه) ولو كان صغيراً (أو بيتاً لابن السبيل بناه) يعني: على قارعة طريق السفر ينزل فيه المسافرون مجاناً (أو نهراً أجراه ) يشرب منه المسلمون (أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقه من بعد موته) وهذه أنواع الصدقات الجارية التي يجري ثوابها لابن آدم في قبره.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة السادسة بعد المئة في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضيات والتي هي بعنوان :

*الأجر العظيم                                      وهذه طائفة من الأعمال الصالحة وغيرها كثير مما ذكر أجره في النصوص ومما لم يذكر أجره وحثت عليه الشريعة، لقد صنف العلماء في هذا مصنفات، فمن ذلك: كتب الترغيب والترهيب ككتاب الترغيب والترهيب للحافظ المنذري رحمه الله، ومما صنف في هذا الحافظ المقدسي في كتاب فضائل الأعمال، ومما صنف في ذلك أيضاً الدمياطي رحمه الله في المتجر الرابح أو في ثواب العمل الصالح، ولا تكاد تجد مصنفاً من مصنفات العلماء المحدثين إلا وتجد أبواباً في أعمال الخير وثوابه، وكل هذا مما تحث به الشريعة على فعل الخيرات، وعمل الصالحات وهن الباقيات للإنسان بعد رحيله من هذه الدنيا. فنسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا وإياكم من الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وأن يضاعف لنا الأجور، وأن يعلي لنا الدرجات، ونسأله سبحانه وتعالى أن يجعل في حياتنا عوناً لنا على طاعته، وأن يجعل أعمارنا مملوءة بذكره وشكره وحسن عبادته، والحمد لله رب العالمين[ الأنترنت – موقع بعض الأعمال الصالحة وما ورد فيها من ثواب وجزاء هذه الرسالة منقولة من محاضرة للشيخ محمد المنجد ]

فضائل الكلمات الأربع وأجرها : (سبحان الله والحمد لله والله أكبر ولا اله الا الله) هذه الكلمات لها قدر عظيم في دين الله ومن هذه الفضائل :

1) أنهن أحب الكلام الى الله

2) أنهن مكفرات للذنوب

3) أنهن غرس الجنة

4) أنهن جنة لقائلهن من النار ويأتين يوم القيامة منجيات لقائلهن ومقدمات له

5) أنهن أحب الى النبي عليه السلام مما طلعت عليه الشمس

6) أن الله اختار هؤلاء الكلمات واصطفاهن لعباده ورتب على ذكر الله بهن أجورا عظيمة

7) أنهن ينعطفن حول عرش الرحمن ولهن دوي كدوي النحل يذكرن بصاحبهن

8)أنه ليس أحد أفضل عند الله من مؤمن يعمر في الاسلام يكثر تكبيره وتسبيحه وتهليله

 9) أن للعبد بقول كل واحدة منهن صدقة

 [ الأنترنت – موقع الأمبراطور]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة السابعة بعد المئة في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضيات والتي هي بعنوان :

*الأجر العظيم (أجر الصبر على موت الأحباب)                                    

قال سعيد القحطاني :قال تعالى: {مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ الله بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} قَسَمٌ من الرب تعالى مؤكَّد باللام أنه يجازي الصابرين بأحسن أعمالهم: الحسنة بعشر أمثالها، إلى سبع مائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة؛ فإن الله لا يضيع أجر مَنْ أحسن عملاً، أي ويتجاوز عن سيئاتهم

# - ما يُقال عند المصيبة والجزاء والثواب والأجر العظيم على ذلك، فعن أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها أنها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:(ما من عبدٍ تُصيبه مصيبةٌ فيقول: إنَّا لله، وإنَّا إليه راجعون، اللهم أْجُرني في مصيبتي، واخلف لي خيرًا منها، إلا أجره الله في مصيبته، وأخلف له خيرًا منها)) قالت أم سلمة، فلما توفي أبو سلمة - رضي الله عنه - قلت كما أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخلف الله لي خيرًا منه رسولَ الله

- صلى الله عليه وسلم

# - الأجر العظيم والثواب الكثير والفوز بالجنة لمن مات حبيبه المصافي فصبر، وطلب الأجر من الله تعالى، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: يقول الله تعالى: ((ما لعبدي المؤمن عندي جزاءٌ إذا قبضت صفيَّه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة)

#- من كان بلاؤه أكثر فثوابه وجزاؤه أعظم وأكمل؛ لحديث أنس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن عِظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قومًا ابتلاهم، فمن رضي فله

الرضا، ومن سخط فله السخط))

# - ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة حتى يلقى الله وما عليه خطيئة؛ لأنها زالت بسبب البلاء ؛ لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة: في نفسه، وماله، وولده، حتى يلقى الله وما عليه خطيئة))

# - فضل من يموت له ولد فيحتسبه، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما من الناس مسلم يموت له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث  إلا أدخله الله الجنة

بفضل رحمته إياهم)).  والولد يشمل الذكر والأنثى.

#- من تصبّر ودرَّب نفسه على الصبر صبَّره الله وأعانه وسدّده؛ لحديث أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفيه: ((ومن يستعفف يُعفّه الله، ومن يستغنِ يُغْنِهِ الله، ومن يتصبَّر يصبره الله، وما أعطي أحدٌ عطاءً خيرًا وأوسع من الصبر))

# - من أراد الله به خيرًا أصابه بالمصائب؛ ليثيبه عليها ؛ لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من يُرد الله به خيرًا يُصب منه)) وسمعت شيخنا عبد العزيز بن عبد الله ابن باز رحمه الله يقول: ((أي بالمصائب بأنواعها، وحتى يتذكّر فيتوب، ويرجع إلى ربه))

#- المصيبة تحطّ الخطايا حطًّا كما تحطّ الشجرة ورقها؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفَّر الله بها عنه حتى الشوكة يُشاكها)).

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثامنة بعد المئة في موضوع (العظيم) وستكون بعنوان :*أعظم نعيم الجنة (رؤية الله )

رؤية الله ورضاه أعظم ما يُعطاه أهل الجنة

 عن أبي سعيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله تعالى يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة، فيقولون: لبيك ربنا وسعديك، والخير كله في يديك، فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى يا رب، وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداً من خلقك؟ فيقول: ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟ فيقولون: يا رب، وأي شيء أفضل من ذلك؟ فيقول: أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبداً)) متفق عليه  وأعظم النعيم النظر إلى وجه الله الكريم في جنات النعيم، يقول ابن الأثير: رؤية الله هي الغاية القصوى في نعيم الآخرة، والدرجة العليا من عطايا الله الفاخرة، بلغنا الله منها ما نرجو. وقد صرح الحق تبارك وتعالى برؤية العباد لربهم في جنات النعيم {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [ القيامة: 22-23]، والكفار والمشركون يحرمون من هذا النعيم العظيم، والتكرمة الباهرة: {كَلا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ }[ المطففين:15]، وقد روى مسلم في (صحيحه) والترمذي في (سننه) عن صهيب الرومي – رضي الله عنه – أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا دخل أهل الجنة، يقول تبارك وتعالى: تريدون شيئاً أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة، وتنجنا من النار؟ قال: فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى ربهم تبارك وتعالى))، زاد في رواية: ((ثم تلا هذه الآية:{ لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ [يونس: 26])). وفي (صحيحي البخاري ومسلم) عن أبي موسى الأشعري، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة مجوفة، عرضها – وفي رواية طولها – ستون ميلاً، في كل زاوية منها أهل، ما يرون الآخرين، يطوف عليهم المؤمن، وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن)).

والنظر إلى وجه الله تعالى هو من المزيد الذي وعد الله به المحسنين{ لَهُم ما يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ [ق: 35]، لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ [يونس: 26]، وقد فسرت الحسنى بالجنة، والزيادة بالنظر إلى وجه الله الكريم، يشير إلى هذا الحديث الذي رواه مسلم

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة التاسعة بعد المئة في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :   *أعظم نعيم الجنة (رؤية الله )

 ... ورؤية الله رؤية حقيقية، لا كما تزعم بعض الفرق التي نفت رؤية الله تعالى بمقاييس عقلية باطلة، وتحريفات لفظية جائرة، وقد سئل الإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة عن قوله تعالى:{ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [ القيامة: 23]، فقيل: إن قوماً يقولون: إلى ثوابه. فقال مالك: كذبوا، فأين هم عن قوله تعالى:{ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ [المطففين: 15]؟ قال مالك: الناس ينظرون إلى الله يوم القيامة بأعينهم، وقال: لو لم ير المؤمنون ربهم يوم القيامة، لم يعبر الله عن الكفار بالحجاب، فقال:{كَلا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ [ المطففين:15] [ رواه في (شرح السنة) ] ومن الذين نصوا على رؤية المؤمنين ربهم في الجنات الطحاوي في العقيدة المشهورة باسم (العقيدة الطحاوية)، قال: (والرؤية حق لأهل الجنة، بغير إحاطة ولا كيفية، كما نطق به كتاب ربنا: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [ القيامة: 22-23]، وتفسيره على ما أراد الله تعالى وعلمه، وكل ما جاء في ذلك الحديث الصحيح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو كما قال، ومعناه على ما أراد، لا ندخل في ذلك متأولين بآرائنا ولا متوهمين بأهوائنا، فإنه ما سَلِم في دينه إلا من سلّم لله عز وجل ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -. وردّ علم ما اشتبه عليه إلى عالمه).                       وقال [ شارح (الطحاوية)   مبيناً مذاهب الفرق الضالة في هذه المسألة ومذهب أهل الحق: (المخالف في الرؤية الجهمية والمعتزلة ومن تبعهم من الخوارج والإمامية. وقولهم باطل مردود بالكتاب والسنة، وقد قال بثبوت الرؤية الصحابة والتابعون، وأئمة الإسلام المعروفون بالإمامة في الدين، وأهل الحديث، وسائر طوائف أهل الكلام المنسوبون إلى السنة والجماعة).  ثم بين أهمية هذه المسألة فقال: (وهذه المسألة من أشرف مسائل أصول الدين وأجلها، وهي الغاية التي شمر إليها المشمرون، وتنافس المتنافسون، وحرمها الذين هم عن ربهم محجوبون، وعن بابه مردودن).     قال تعالى:{ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [ القيامة: 22-23].  [ الأنترنت – موقع الدرر السنية ]

   إن نعيم الجنة الحقيقي ليس في طعامها ، ولا في

 ثمرها، ولا في حريرها، ولا في عسلها، ولا في بنائها، ولا في قصورها، ولا في حورها، ولكن نعيم الجنة الحقيقي في رؤية وجه الله الكريم : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ *) القيامة:22-23 و( لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ) يونس:26

وفي حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا ما دخل أهل الجنة الجنة نادى عليهم رب العزة جل وعلا وقال: يا أهل الجنة! يا أهل الجنة! فيقول أهل الجنة: لبيك ربنا وسعديك، والخير كله في يديك. فيقول لهم ربنا: يا أهل الجنة! إني قد رضيت عنكم فهل رضيتم عني؟ فيقولون: سبحانك ربنا وما لنا لا نرضى وقد أدخلتنا الجنة, وبيضت وجوهنا، ونجيتنا من النار؟ فيقول الله جل وعلا: ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟فيقول أهل الجنة: وأي شيء أفضل من ذلك يا ربنا؟ فيقول الله جل وعلا: أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبداً) [ أخرجه البخاري ومسلم ]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

 

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة العاشرة بعد المئة في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضيتين والتي هي بعنوان : *أعظم نعيم الجنة (رؤية الله )

إن أعظم نعيم الجنة هو أن نتمتع بالنظر إلى وجه الله عز وجل؛ لأن الله سبحانه سيكلمنا ليس بيننا وبينه ترجمان ، عن عدي بن حاتم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه يوم القيامة ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر العبد أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم, وينظر العبد أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم , وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء

وجهه, فاتقوا النار ولو بشق تمرة) [صحيح البخاري]

هذه هي الجنة، والحديث عن الجنة يطول.      

وصدق علي بن أبي طالب رضي الله عنه حينما قال:

(واعمل لدار غد رضوان خازنها  

والجار أحمد والرحمن بانيها

قصورها ذهب والمسك طينتها

 والزعفران حشيش نابت فيها

أنهارها عسل مصفى ومن لبن

 والخمر يجري رحيقاً في مجاريها

والطير تجري على الأغصان  عاكفة

 تسبح الله جهراً في مغانيها

فمن يشتري الدار في الفردوس  

يعمرهـا بركعة في ظلام الليل يخفيها )

 [الانترنت – موقع الكلم الطيب ]

وقال الشيخ العثيمين : رؤية الله في الدنيا مستحيلة ، لقوله تعالى لموسى وقد طلب رؤية الله ( لن تراني )

ورؤية الله في الآخرة ثابتة بالكتاب والسنة وإجماع السلف ،قال الله تعالى : (( وجوه يومئذ ناضرة ـ إلى ربها ناظرة )) وقال : (( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون )) فلما حجب الفجار عن رؤيته دل على أن الأبرار يرونه ، وإلا لم يكن بينهما فرق

وقال النبي صلى الله عليه وسلم :" إنكم سترون ربكم كما ترون القمر لا تضامون في رؤيته "متفق عليه ، وهذا التشبيه للرؤية بالرؤية لا للمرئي بالمرئي ، لأن الله ليس كمثله شيء ولا شبيه له ولا نظير.

وأجمع السلف على رؤية المؤمنين لله تعالى دون الكفار بدليل الآية يرون الله تعالى في عرصات القيامة وبعد دخول الجنة كما يشاء الله تعالى ، وهي رؤية حقيقية تليق بالله .

وفسّرها أهل التعطيل بأن المراد بها رؤية ثواب الله ، أو أن المراد بها رؤية العلم واليقين ،ونرد عليهم باعتبار التأويل الأول بما سبق في القاعدة الرابعة وباعتبار التأويل الثاني بذلك وبوجه رابع :أن العلم واليقين حاصل للأبرار في الدنيا وسيحصل للفجار في الآخرة .

[المصدر :شرح لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد [ ص : 47 ـ 48 ] للامام موفق الدين ابن قدامة المقدسي رحمه الله شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله  ][الأنترنت – موقع شبكة سحاب السلفية ]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

 

 

 

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الحادية عشرة بعد المئة في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضيات والتي هي بعنوان : *أعظم نعيم الجنة (رؤية الله )

والنظر إلى وجه الله تعالى هو من المزيد الذي وعد الله به المحسنين ( لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد ) [ ق: 35]، ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) [ يونس : 26]، وقد فسرت الحسنى بالجنة ، والزيادة بالنظر إلى وجه الله الكريم .

ثم بين مالك أهمية مسألة الرؤية فقال :

" وهذه المسألة من أشرف مسائل أصول الدين

 وأجلها ، وهي الغاية التي شمر إليها المشمرون، وتنافس المتنافسون ، وحرمها الذين هم عن ربهم محجوبون ، وعن بابه مردودن ".

وبين خطورة التأويل : " وهذا الذي أفسد الدنيا والدين. وهكذا فعلت اليهود والنصارى في نصوص التوراة والإنجيل، وحذرنا الله أن نفعل مثلهم. وأبى المبطلون إلا سلوك سبيلهم، وكم جنى التأويل الفاسد على الدين وأهله من جناية. فهل قتل عثمان رضي الله عنه إلا بالتأويل الفاسد ؟ وكذا ما جرى في يوم الجمل، وصفين، ومقتل الحسين ، والحرة ؟ وهل خرجت الخوارج ، واعتزلت المعتزلة ، ورفضت الروافض ، وافترقت الأمة على ثلاث وسبعين فرقة ، إلا بالتأويل الفاسد "!؟ .

وقال الطبري على قوله تعالى: ( لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد ) [ق: 35] : قال علي بن أبي طالب وأنس بن مالك: هو النظر إلى وجه الله عز وجل .

ثم ذكر معنى الزيادة في قوله تعالى: ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) [يونس : 26]، وأنها النظر إلى وجه الله الكريم وساق في ذلك ما رواه مسلم في صحيحه عن صهيب، قال: قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) [يونس : 26] ، قال: " إذا دخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، نادى مناد : يا أهل الجنة، إن لكم عند الله موعداً يريد أن ينجزكموه ، فيقولون: ما هو ؟ ألم يثقل موازيننا ويبيض وجوهنا ويدخلنا الجنة ويجرنا من النار؟ فيكشف الحجاب، فينظرون إليه، فما أعطاهم شيئاً أحب إليهم من النظر إليه، وهي الزيادة ".

ورواه غيره بأسانيد متعددة وألفاظ أخر ، معناها أن الزيادة النظر إلى وجه الله عز وجل . وكذلك فسرها الصحابة رضي الله عنهم .

والأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم – وأصحابه ، الدالة على الرؤية متواترة ، رواها أصحاب الصحاح والمسانيد والسنن . [ الأنترنت – موقع شبكة أنا المسلم]

وقال ابن القيم : إن أعظم نعيم الجنة حلول رضوان الله عليهم وأعظم منه التلذذ بالنظر إلى وجه الله الكريم ذلك اليوم يسمى يوم المزيد يوم زيارة العزيز الحميد ..

هذا وإن سألت عن يوم المزيد وزيارة العزيز الحميد ورؤية وجهه المنزه عن التمثيل والتشبيه ، كما ترى الشمس في الظهيرة والقمر ليلة البدر كما تواتر عن الصادق المصدوق النَقلُ فيه . وذلك موجود في الصحاح والسنن والمسانيد ، من رواية جرير وصهيب وأنس وأبى هريرة وأبى موسى وأبى سعيد .....

فبينما هم كذلك إذ سطع لهم نور أشرقت له الجنة

 فرفعوا رءوسهم فإذا الجبار جلا جلاله وتقدست

أسماؤه قد أشرف عليهم من فوقهم وقال : يا أهل الجنة سلام عليكم ، فلا تُرد هذه التحية بأحسن من قولهم : اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام .

فيتجلى لهم الرب تبارك وتعالى يضحك إليهم ويقول : يا أهل الجنة ، فيكون أول ما يسمعون منه تعالى : أين عبادي الذين أطاعوني بالغيب ولم يروني ؟ فهذا يوم المزيد فيجتمعون على كلمة واحدة : قد رضينا فارضى عنا ، فيقول : يا أهل الجنة إني لو لم أرضى عنكم لم أسكنتكم جنتي ، هذا يوم المزيد فاسألوني فيجتمعون على كلمة واحدة ارنا وجهك ننظر اليه فيكشف الرب جلا جلاله الحجب ويتجلى لهم فيغشاهم من نوره وينسون كل نعيم عاينوه لولا أن الله تعالى قضى أن لا يحترقوا لاحترقوا، [الأنترنت – موقع المعالي – كتاب حادي الأرواح لابن القيم ]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

 

 

 

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثانية عشرة بعد المئة في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضيات والتي هي بعنوان : *أعظم نعيم الجنة (رؤية الله )

وقال الدكتور محمد السحيم :

الجنة نعيم دائم ؛ لا يعتريه وكس، ولا انقطاع، ولا كدر بوجه من الوجوه، قد صفت من المرض، والأذى، والهرم، والسبات، وسدفة الليل، كما قال الله - تعالى -: ﴿ مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا ﴾ [الرعد: 35]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم  : " يُنَادِي مُنَادٍ: إِنَّ لَكُمْ أَنْ تَصِحُّوا؛ فَلَا تَسْقَمُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَحْيَوْا؛ فَلَا تَمُوتُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَشِبُّوا؛ فَلَا تَهْرَمُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَنْعَمُوا؛ فَلَا تَبْأَسُوا أَبَدًا؛ فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ " رواه مسلم.       وأقل نعيمها عشرة أضعاف أعظم نعيم أهل الأرض قاطبة؛ وفق خبر النبي - صلى الله عليه وسلم -. أما أعظم النعيم، وأجلّ التكريم، الذي لأجله ثَبَتَ الإيمان، وصُدِّق الغيب، وأزهقت في سبيل الله المهج، وذرفت العيون، وكوبدت الأسحار، وسخت الأيادي بالنفقات، وتعالت النفوس عن الحظوظ، وهجرت الشهوات؛ فذاك نعيم رؤية وجه الكريم - سبحانه -.

والله لولا رؤية الرحمن في

الجنات ما طابت لذي العرفان

أعلى النعيم نعيمُ رؤيةِ وجهه

وخطابه في جنة الحيوان

وأشد شيء في العذاب حجابه

سبحانه عن ساكني النيران

فمنتهى أمل المؤمن، وغاية قصده، ومنى عينه أن يظفر برؤية وجه ربه الذي خشاه في غيبه ومشهده مع عدم رؤيته، وخاف الرجوع إليه والوقوف بين يديه، ورجا الزلفى عنده والوفادة إليه، ورأى في حياته عظيم منته، وجليل صنعه، وقديم إحسانه، وتجدد آلائه، ولطيف حفظه. سنون مضت، أودع فيها من صالحات العمل ما يرجو به لقاء ربه، والتنعم برؤية وجهه، والتلذذ بالاستماع لخطابه في الجنة، لا حرمنا الله ذلك بفضله! قال الحسن البصري: " لو علم العابدون في الدنيا أنهم لا يرون ربهم في الآخرة لذابت أنفسهم في الدنيا "، وقال الشافعي: " لو لم يوقن محمد بن إدريس - يعني نفسه - أنه يرى الله لما عبد الله - عز وجل - "، وقال أبو موسى الداراني: " أي شيء أراد أهل المعرفة؟ والله ما أرادوا إلا ما سأل موسى - عليه السلام -! "، أي: حين قال لربه: ﴿ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ ﴾ [الأعراف: 143].

إن اعتقاد أهل السنة والجماعة راسخ على إثبات رؤية المؤمنين ربَّهم - سبحانه - في عرصات القيامة، وفي الجنة ، وقال الله - سبحانه -: ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ﴾ [يونس: 26]، وقد فسّر النبي  صلى الله عليه وسلم الزيادة بأنها النظر إلى وجه الله  تعالى

قال ابن القيم في النونية :

أو ما سمعت منادي الإيمان * يخبر عن منادي جنة الحيوان

يا أهلها لكمُ لدى الرحمن    *  وعدٌ وهو منجزه لكم بضمان

قالوا أما بيضت أوجهنا كذا *  أعمالَنا أَثقلتَ في الميزان

وكذاك قد أدخلتنا الجنات *حين أجرتنا من مدخل النيران

فيقول عندي موعد قد آن أن *أعطيكموه برحمتي وحناني

فيرونه من بعد كشف حجابه * جهرًا روى ذا مسلم ببيان

وإذ رآه المؤمنون نسوا الذي * هم فيه مما نالت العينان

فإذا توارى عنهمُ عادوا إلى  * لذاتهم من سائر الألوان

فلهمْ نعيم عند رؤيته سوى  *هذا النعيم فحبذا الأمران

أو ما سمعت سؤال أعرف خلقه*  بجلاله المبعوث بالقرآن

شوقًا إليه ولذةَ النظر التي بجلال* وجه الرب ذي السلطان

فالشوق لذة روحه في هذه الدنيا *  ويوم قيامة الأبدان

تلتذّ بالنظر الذي فازت به  *دون الجوارح هذه العينان

والله ما في هذه الدنيا ألذ من* اشتياق العبد للرحمن

وكذاك رؤية وجهه سبحانه هي *أكمل اللذات للإنسان

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثالثة عشرة بعد المئة في موضوع (العظيم) وستكون بعنوان : *أعظم سورة في القرآن

ان الله –جل وعلا – خلق الخلق لعبادته ، وأنزل اليهم القرآن الكريم وتعبدهم بتلاوته ، وجعل أعظم سورة فيه سورة الفاتحة هذه السورة العظيمة الجليلة التي عندما يقرأ المرء عن فضائلها ليعجب كيف يغفل العبد الفقير عن هذا الكنز الثمين .

الفاتحة سميت بذلك لأنه افتتح بها القرآن الكريم

كتابة ،وهي أول ما يتلوه التالي من الكتاب العزيز

وان لم تكن أول ما نزل من القرآن .

وتسمى فاتحة الكتاب ، وأم الكتاب ، والسبع المثاني ، وسورة الحمد ، وسورة الصلاة ، والواقية

قال الشيخ ابن عثيمين " وتسمى أم القرآن لأن معاني ومقاصد القرآن كلها موجودة في هذه السورة ،على أنها سبع آيات فقط وآيات قصار لكن جميع مقاصد القرآن موجودة فيها من التوحيد والعقائد والتاريخ ومناهج الناس وغير هذا لكنها مذكورة اجمالا ...[ تفسير سورة الفاتحة لابن عثيمين]

وقد ورد في فضلها أحاديث منها ما أخرجه [ البخاري وأحمد ] من حديث أبي سعيد بن المعلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له:" لأعلمنك أعظم سورة في القرآن قبل أن تخرج من المسجد ، قال فأخذ بيدي فلما أراد أن يخرج من المسجد قلت : يا رسول الله انك قلت لأعلمنك أعظم سورة في القرآن ؟ قال : نعم ، (الحمد لله رب العالمين) هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي اوتيته"

وأخرج [مسلم في صحيحه والنسائي في سننه ] من حديث ابن عباس قال " بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده جبريل اذ سمع نقيضا فوقه ، فرفع جبريل بصره الى السماء فقال : هذا باب قد فتح من السماء ما فتح قط ، قال : فنزل منه ملك فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أبشر بنورين قد أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك ، فاتحة الكتاب ، وخواتيم سورة البقرة ، لن تقرأ حرفا منها الا أوتيته " .

وسماها الله –جل وعلا- في الحديث القدسي الصلاة لأنها شرط فيها.

قال شيخ االاسلام محمد بن عبد الوهاب في تفسير سورة الفاتحة: " ومن أحسن ما يفتح لك الباب في الفاتحة حديث أبي هريرة الذي في صحيح مسلم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (يقول الله تعالي : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل فاذا قال العبد " الحمد لله رب العالمين " قال الله : حمدني عبدي ، فاذا قال " الرحمن الرحيم " قال الله : أثنى علي عبدي ، فاذا قال " مالك يوم الدين " قال الله : مجدني عبدي ، فاذا قال " اياك نعبد واياك نستعين" قال الله : هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل ، فاذا قال " اهدنا الصراط المستقيم ، صراط الذين أنعمت عليهم ، غير المغضوب عليهم ولا الضالين " قال الله : هذا لعبدي ولعبدي ما سأل )..[ رواه مسلم 1/ 296]

   فاذا تأمل العبد هذا ، وعلم أنها نصفان ، نصف

لله وهو أولها الى قوله " اياك نعبد " ونصف دعاء يدعو به العبد لنفسه ، وتأمل أن الذي علمه هذا الدعاء هو الله تبارك و تعالى وأمره أن يدعو به ويكرره في كل ركعة ، وأنه سبحانه من فضله وكرمه ضمن اجابة هذا الدعاء اذا دعاه باخلاص وحضور قلب تبين ماذا أضاع أكثر الناس .(انتهى كلامه رحمه الله)[ الأنترنت – موقع شبكة سحاب السلفية]خمس واربعون فائدة من كتاب  [ تكرار الفاتحة : القوة الكامنة  د. إبراهيم الدويّش]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الرابعة عشرة بعد المئة في موضوع (العظيم) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

*أعظم سورة في القرآن                              قال ابن القيم في [كتاب الطب النبوي :               " فاتحة الكتاب و أم القرآن والسبع المثاني والشفاء التام ، والدواء النافع ، والرقية التامة ، ومفتاح الغنى والفلاح ، وحافظة القوة ، ودافعة الهم والغم والخوف والحزن لمن عرف مقدارها ، وأعطاها حقها وأحسن ترتيلها على دائه وعرف وجه الاستشفاء والتداوي بها والسر الذي لأجله كانت كذلك ولما وقع بعض الصحابة على ذلك : رقى بها اللديغ (كما ذكرنا في الحديث) فبرأ لوقته فقال النبي صلى الله عليه وسلم :" وما أدراك أنها رقية ؟ "ومن ساعده التوفيق و أعين بنور البصيرة ، حتى وقف على أسرار هذه السورة وما اشتملت عليه من التوحيد ومعرفة الذات والأسماء والصفات والأفعال واثبات الشرع والقدر والمعاد وتجريد توحيد الربوبية والالهية وكمال التوكل والتفويض الى من له الأمر كله وله الحمد كله وبيده الخير كله واليه يرجع الأمر كله والافتقار اليه في طلب الهداية التي هي أصل سعادة الدارين وعلم ارتباط معانيها بجلب مصالحهما ودفع مفاسدهما وأن العافية المطلقة التامة والنعمة الكاملة منوطة بها موقوفة على التحقق بها ، أغنته عن كثير من الأدوية والرقى واستفتح بها من الخير أبوابه ودفع بها من الشر أسبابه ، وهذا أمر يحتاج استحداث فطرة أخرى وعقل آخر وايمان آخر وتالله لاتجد مقالة فاسدة ولا بدعة باطلة ، الا وفاتحة الكتاب متضمنة لردها وابطالها بأقرب طريق وأصحها وأوضحها ولا تجد بابا من أبواب المعارف الالهية وأعمال القلوب وأدويتها من عللها و أسقامها الا وفاتحة الكتاب مفتاحه وموضع الدلالة عليه ولا منزلا من منازل السائرين الى رب العالمين الا وبدايته ونهايته فيها . ولعمر الله إن شأنها لأعظم من ذلك ، وهي فوق ذلك ، وما تحقق عبد بها واعتصم بها وعقل عمن تكلم بها وأنزلها شفاء تاما وعصمة بالغة ونورا مبينا وفهمها وفهم لوازمها كما ينبغي ووقع في بدعة ولا شرك ولا أصابه مرض من أمراض القلوب إلا إلماما غير مستقر ، هذا وإنها المفتاح الأعظم لكنوز الأرض كما أنها المفتاح لكنوز الجنة ، ولكن ليس كل واحد يحسن الفتح بهذا المفتاح ولو أن طلاب الكنوز وقفوا على سر هذه السورة وتحققوا بمعانيها وركبوا لهذا المفتاح أسنانا وأحسنوا الفتح به لوصلوا الى تناول الكنوز من غير معاوق ولا ممانع .

ولم نقل هذا مجازفة ولا استعارة بل حقيقة ولكن لله تعالى حكمة بالغة في إخفاء كنوز الأرض عنها والكنوز المحجوبة قد استخدم عليها أرواح خبيثة شيطانية تحول بين الإنس وبينها ولا تقهرها الا أرواح علوية شريفة غالبة لها بحالها الايماني ، معها منه أسلحة لاتقوم لها الشياطين وأكثر نفوس الناس ليست بهذه المثابة فلا يقاوم تلك الأرواح ولا يقهرها ولا ينال من سلبها شيئا (فان من قتل قتيلا فله سلبه) انتهى كلامه رحمه الله إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة السادسة عشرة بعد المئة في موضوع       ( العظيم ) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *أعظم سورة في القرآن                             

خمس واربعون فائدة من كتاب  [ تكرار الفاتحة : القوة الكامنة  د. إبراهيم الدويّش]

١. سورة الفاتحة : اشتملت على التعريف بالمعبود بثلاثة أسماء مرجع الأسماء الحسنى والصفات العليا ومدارها عليها (الله، الرب، الرحمن ) ابن القيم

٢. في الفاتحة وسيلتان عظيمتان لا يكاد يرد معهما

الدعاء: توسل بالحمد والثناء على الله توسل لله بعبوديته

٣. بسم الله: استعانتك بحول الله وقوته في إنجاز أي عمل ، متبرئا من حولك وقوتك فتذكر هذا المعنى فهو وقود ودافع لكل خطوة في حياتك

٤. بسم الله حتى تجد أثر الفاتحة من بدايتها وبدقائق حياتك عظِّم ربك وأنت تقول ( بسم الله) ليصغر كل شيء في دنياك

٥. بسم الله نحفظ أنفسنا من كل سوء ونحفظ ذرياتنا من شر الشيطان الرجيم

٦. الحمد لله { الذين يحملون العرش ومن حوله

يسبحون بحمد ربهم } أليست كلمة ( الحمد لله ) دارجة على الألسن كال تنفس للهواء اليوم؟ إنها تبعث في النفوس القوة ، فحملة العرش ومن حوله يستقوون بتسبيحهم بحمد ربهم ، ونحن بأمس الحاجة للاستقراء بها في رحلة الحياة الدنيا وفواجعها

٧. الحمد لله : الحمد للاستغراق ، لاستغراق أنواع المحامد كلها ، فله سبحانه الحمد كله أوله وآخره

٨. الحمد لله وهو المستحق الحمد المطلق لأن له وحده الكمال المطلق في ذاته وصفاته وأفعاله

٩. الحمد لله على نعم لا تٌحصى ، وأرزاق تترى

وأخرى نراها ، وأخرى تخفى ، الحمد لله بالجنان

 قبل اللسان وبالأفعال والأركان الحمد لله في السراء والضراء في الشدة والرخاء طمأنينة في القلب ورضا في النفس وانشراح في الصدر واحتساب وأجر

١٠. أيها المصلي تأمل وأنت تتلو ( الحمد لله رب العالمين ) أعمل العقل وقلّب النظر، تأمل، تفكر،تدبر كم بهذا الوجود مما نراه من صنوف بفضله شاهدات

١١. رب العالمين دلّ على انفراده سبحانه بالخلق والتدبير والنعم وكمال غناه وتمام فقر العالمين إليه بكل وجه واعتبار (السعدي) فأعلن فقرك لربك في كل مرة تقرأ فيها هذه السورة لتذوق السعادة الأبدية          ١٢. الرحمن الرحيم كيف وأنت كمسلم تكررها عشرات المرات في يومك فتشعر أن ظلال الرحمة يحوطك من كل اتجاه وتكرار الآية يرسخ في عقلك الباطن أنك كبشر تتعامل مع رب رحيم

١٤. الرحمن الرحيم الأمر لا يقف عند حد الثناء لله تعالى بل هو أيضاً دعاء واستحثاث وطلب متكرر بأن : يارب ،،، يارحمن ،،،، يا رحيم أدخلني برحمتك التي وسعت كل شيء فلا غنى لي عنها لحظة ولا طرفة عين ولا أقل من ذلك  فالزمن صعب والدنيا دار هموم وغموم ودار بلايا ورزايا  آلامها ومصائبها ، وتقلباتها ومفاجأتها متتاليات لا تنتهي ولولا دوام رحمة الله بك لهلكت

١٥. تأمل : روعة الدمج بين الثناء والدعاء وأنت

تردد ( الرحمن الرحيم ) كدعاء غريق مضطر يعرف يقينا أنه هالك لولاها

١٦. الرحمن على وزن فعلان يدل على السعة والشمول فهي أشد مبالغة من الرحيم

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة السابعة عشرة بعد المئة في موضوع       ( العظيم ) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *أعظم سورة في القرآن                             

خمس واربعون فائدة من كتاب  [ تكرار الفاتحة :

 القوة الكامنة  د. إبراهيم الدويّش]

١٧. الرحمن اسم خاص بالله تعالى لا يجوز تسمية غيره به متضمن لصفات الإحسان والجود والبر أي يرحم جميع الخلق المؤمنين والكافرين في الدنيا ، وذلك بتيسير أمور حياتهم ومعيشتهم والإنعام عليهم بنعمة العقل وغيرها من نعم الدنيا

١٨. الرحيم خاص بالمؤمنين فيرحمهم في الدنيا والآخرة

١٩. ذكر الرحمن ٥٧ مرة في القران وذكر الرحيم ١١٤ مرة ، أي ضعفها

٢٠. إذا كنت تثني على الله ، وتطلب منه الرحمة بهذا الإلحاح والتكرار اليومي فسيكون لها أثر في سلوكياتك وتعاملاتك فطريق الرحمة وبابها أن ترحم أنت أيضاً ، فاتصف بالرحمة مع الناس واعمل بها كُن رحيما تُرحم

٢١. الرحمن الرحيم املأ جنبات نفسك طمأنينة وراحة وثقة وأملا مادمت تكررها وتتدبر أسرارها

٢٢. مالك يوم الدين أما والله إن الظلم لؤم إلى ديان يوم الدين نمضي وما زال المسيء هو الظلوم

وعند الله تجتمع الخصوم

٢٣. يوم الدين أمل الصابرين والمحتسبين الذين جاهدوا أنفسهم على ترك المعاصي والسيئات

وصبروا عن الشهوات وصبروا على أقدار الله

المؤلمة في الدنيا

٢٤. يوم الدين عزاء للمظلومين والمحرومين يوم تجتمع الخصوم لعلك تدرك هذا السر العظيم الذي سيثمر الصبر والرضا والتسليم وتهدأ آلامك وجراحك وأحزانك ودموعك بل سيعينك على تحمّل الظلم الذي تقاسيه ، والحرمان الذي تعيشه في الدنيا لأنك تعلم أنك منصور

٢٥. ( مالك يوم الدين ) هل سيجرؤ مسلم يردد هذه الآية أن يبخس حق أحد أو أن يظلم أحد أو أن يعتدي على عرض أحد

٢٦. ( مالك يوم الدين ) قراءة هذه الآية يقرع

جرس الإنذار عند كل تعامل مع الآخرين أن  تنبه

،،،احذر ،،،،لا تغفل ،،،،،لا تنسٓ  ،،،،،

٢٧. مالك يوم الدين كأن سورة الفاتحة تصرخ في ضمائرنا يوميا مرات تذكروا يوم الدين ، وذكٍّروا الظالم بيوم الدين

٢٨. إياك نعبد وإياك نستعين قدم العبادة على الاستعانة

١. لشرفها لأن الأول غاية والثاني وسيلة لها

٢. تقديم العام على الخاص

٣. تقديم حقه تعالى على حق عباده

٤. توافق رؤوس الآي

٢٩. وإياك نستعين أنفع الدعاء طلب العون على مرضاته وأفضل المواهب إسعافه لهذا المطلوب

تأملت أنفع الدعاء فإذا هو سؤال الله العون على مرضاته، ثم رأيته في الفاتحة في ( إياك نعبد وإياك نستعين )

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثامنة عشرة بعد المئة في موضوع       ( العظيم ) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *أعظم سورة في القرآن                             

خمس واربعون فائدة من كتاب  [ تكرار الفاتحة : القوة الكامنة  د. إبراهيم الدويّش]

٣٠. أيها المصلي وأنت تردد ( إياك نعبد وإياك نستعين ) هل تشعر بأنك تطلب العون حقاً ممن بيده ملكوت السماوات والأرض ؟ هل تشعر بأنك صاحب توحيد وشجاعة ؟ وأنك قوي القلب عزيز النفس ؟! هل تشعر بأنك قوي بالله ؟! اللهم اجعلنا أفقر خلقك إليك ، وأغنى خلقك بك

اللهم أعنا وأغننا عمن أغنيته عنا اللهم إنا نستعينك ونستهديك ونستغفرك ونتوب إليك ونؤمن بك ونتوكل عليك

٣١. اهدنا الصراط المستقيم إذا كثرت الأقاويل ، واشتد الخلاف وتنازلت الملل والفرق والأحزاب وانتشرت الخرافات إذا اشتدت المحن وكثرت الفتن ونزلت الهموم والغموم وتتبع الناس الأبراج والنجوم إذا ضاقت الأنفاس واشتد القنوط واليأس وحلّ الضر والبأس وسيطر الشك والوسواس ليس لك إلا أن تردد ( اهدنا الصراط المستقيم )

٣٢. ( فحاجة العبد إلى سؤال هذه الهداية ضرورية في سعادته ونجاته وفلاحه ، بخلاف حاجته إلى الرزق والنصر فإن الله يرزقه فإذا انقطع رزقه مات ، والموت لا مفر منه ، فإذا كان من أهل الهدى كان سعيدا قبل الموت وبعده وكان الموت موصلا للسعادة الأبدية ، وكذلك النصر إذا قُدّر أنه غلب حتى قُتِلَ فإنه يموت شهيدا وكان القتل من تمام النعمة ، فتبين أن الحاجة إلى الهدى أعظم من الحاجة إلى النصر والرزق ،، بل لا نسبة بينهما ) ابن تيمية

٣٣. الهداية هي الحياة الطيبة وأُسُّ الفضائل ولجام الرذائل بالهداية تجد النفوس حلاوتها وسعادتها ، وتجد القلوب قوتها وسر خلقها وحريتها

٣٤. الهداية لها شرطان : ( من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون )

٣٥. (من أكبر المنن أن يٌحبب الله الإيمان للعبد ويزينه في قلبه ويذيقه حلاوته وتنقاد جوارحه للعمل بشرائع الإسلام ويبغض إليه أصناف المحرمات) ابن سعدي

٣٦. اهدنا الصراط المستقيم (هذا أجلّ مطلوب وأعظم مسؤول ، ولو عرف الداعي قدّر الداعي هذا السؤال لجعله هجّيراه ، وقرنه بأنفاسه فإنه لم يدع شيئا من خير الدنيا والآخرة إلا تضمنه ، ولما كان بهذه المثابة فرضه الله على جميع عباده فرضا متكررا في اليوم والليلة ، لا يقوم غيره مقامه ، ومن ثَمّ يعلم تعين الفاتحة في الصلاة وأنها ليس منها عوض يقوم مقامها) ابن القيم

٣٧. ( لهذا كان أنفع الدعاء وأعظمه وأحكمه دعاء

الفاتحة ، فإنه إذا هداه هذا الصراط أعانه على طاعته ، وترك معصيته ، فلم يصبه شرّ لا في الدنيا ولا في الآخرة ، لكن الذنوب هي من لوازم نفس الإنسان ، وهو محتاج إلى الهدى في كل لحظة ، وهو إلى الهدى أحوج منه إلى الأكل والشرب ، ولهذا كان الناس مأمورين بهذا الدعاء في كل صلاة لفرط حاجتهم إليه ، فليسوا إلى شيء أحوج منهم إلى هذا الدعاء ) ابن تيمية

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة التاسعة عشرة بعد المئة في موضوع        ( العظيم ) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *أعظم سورة في القرآن                             

خمس واربعون فائدة من كتاب  [ تكرار الفاتحة : القوة الكامنة  د. إبراهيم الدويّش]

٣٨. ( من هُدي في هذه الدار إلى صراط الله المستقيم الذي أرسل به رسله وأنزل كتبه هُدي إلى الصراط المستقيم الموصل إلى جنته ودار ثوابه وعلى قدر ثبوت العبد على هذا الصراط في هذه الدار ، يكون ثبوت قدمه على الصراط المنصوب على متن جهنم وعلى قدر سيره على هذا الصراط يكون سيره على هذا الصراط فلينظر العبد سيره على ذلك الصراط من سيره على هذا الصراط ، حذو القذة بالقذة " جزاء وفاقا ". ) ابن تيمية

٣٩. غير المغضوب عليهم ولا الضالين" من فسد من علمائنا كان فيه شبه من اليهود ، ومن فسد من عبادنا كان فيه شبه من النصارى "

" لما كان تمام النعمة على العبد إنما هو بالهدى والرحمة كان لهما ضدان: الضلال والغضب

ولهذا كان هذا الدعاء من أجمع الدعاء وأفضله وأوجبه" ابن القيم

٤٠. الفاتحة نور وسرور قال صلى الله عليه وسلم ( لن تقرأ بحرف منها إلا أُعطيته )

وفي الحديث القدسي ( هذا لعبدي ولعبدي ما سأل ) فيه بشارة عظيمة : من قرأ الفاتحة بصدق وإخلاص وحضور قلب يعطيه الله ما جاء من الفاتحة من مطالب سامية ودرجات رفيعة

٤١. الفاتحة أم القران" هي الكافية تكفي عن غيرها ولا يكفي غيرها عنها " ابن تيمية

٤٢. لماذا هي أم القرآن ؟

١. اشتمالها على كليات المقاصد والمطالب العالية للقرآن

٢. اشتملت على أصول الأسماء الحسنى

٣. اشتملت على كليات المشاعر والتوجيهات

٤٣. سيصبح للحياة طعم آخر وأنت تردد الفاتحة بفهمك الجديد لمكامن القوة فيها

٤٤. لم سميت القرآن العظيم ؟ لتضمنها جميع علوم القرآن ، وذلك أنها تشتمل على الثناء على الله وعلى الأمر بالعبادات والإخلاص والاعتراف بالعجز والابتهال إليه في الهداية وكفاية أحوال الناكثين ( القرطبي )

٤٥. توسل ووسيلة في الفاتحة وسيلتان عظيمتان لا يكاد يرد معهما دعاء التوسل بالحمد والثناء على الله التوسل إليه بعبوديته فهل أنت حاضر القلب والفكر بأنك فعلا تتوسل بهاتين الوسيلتين كل يوم وليلة سبع عشرة مرة لا شك أن ذلك سيكون له أثر في حياتك ودقائق تفاصيلها [الأنترنت – موقع خمس واربعون فائدة من كتاب تكرار الفاتحة: القوة الكامنة د أبراهيم الدويش]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة العشرون بعد المئة في موضوع ( العظيم ) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

*أعظم سورة في القرآن                             

فوائد من كتاب تدبر سورة الفاتحة – د. ناصر العمر

 قال ابن عاشور : هذه السورة وضعت في أول السور ، لأنها تُنزّل منها منزل ديباجة الخطبة أو الكتاب، مع ما تضمنته من أصول مقاصد القرآن ... وذلك شأن براعة الاستهلال .

في افتتاح الكتاب العزيز بها برهان فضلها ورفعة قدرها ، وإشعار بيسر هذا الدين وقربه من أفهام الخلق ، لأن هذا هو الطابع العام للسورة

في وضعها بداية المصحف ، إشارة أنه ينبغي البدء بالأهم قبل المهم ، وبالأصول قبل الفروع

سورة الفاتحة شافية لأمراض القلوب والأبدان ، وحاجة القلوب إليها آكد

 سورة الفاتحة أولها رحمة وأوسطها هداية وآخرها نعمة ، والنعمة الحقيقية تكون بالرحمة والهداية

تختص سورة الفاتحة أنها سورة المناجاة ، حيث يقرؤها المسلم في كل ركعة من صلاته .

سورة الفاتحة هي أعظم سورة في القرآن ، ولم ينزل الله مثلها في كتبه

تدبر سورة الفاتحة يوصل لمرتبة الإحسان ، حيث إن أول طريق لإحسان العبادة هو أن يجمع المرء قلبه حال قراءة الفاتحة

اشتملت سورة الفاتحة على أعظم المقاصد :       تحقيق كمال العبودية لله تعالى

    أولها : بيان لأسباب استحقاق العبودية ﴿الحَمدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمينَ ۝ الرَّحمنِ الرَّحيمِ ۝ مالِكِ يَومِ الدّينِ ۝ أوسطها : إقرار واعتراف بالعبودية ﴿ إِيّاكَ نَعبُدُ وَإِيّاكَ نَستَعينُ ﴾آخرها : وصف لطريق العبودية وطلب تحقيقه ﴿ اهدِنَا الصِّراطَ المُستَقيمَ ، صِراطَ الَّذينَ أَنعَمتَ عَلَيهِم غَيرِ المَغضوبِ عَلَيهِم وَلَا الضّالّينَ

ذكرت سورة الفاتحة حق الخالق والمخلوق :

نصفها الأول : إثبات استحقاق العبادة لله وحده

نصفها الثاني : ما يحقق للعبد حاجته وسعادته

اشتملت السورة على أصول العقيدة والأحكام والأخبار

أصول العقيدة : تقرير توحيد الله بأنواعه : الربوبية

والألوهية والأسماء والصفات

إثبات النبوة  ، أقسام الخلق  ،  إثبات اليوم الآخر

تقرير الإيمان بالقدر،بإثبات أن هداية القلوب لله وحده

أصول الأحكام : في الإقرار بالعبودية التامة لله

أصول الأخبار :  لأن أخبار القرآن جاءت في بيان أقسام الخلق الثلاثة : قسم عرفوا الحق وحادوا ، قسم جهلوا الحق ، وهم الضالون ، وقسم عرفوا الحق وعملوا به وهم المنعم عليهم،تظهر السورة سبق رحمة الله تعالى لغضبه ،فقد ذكر تعالى رحمته في اسمي ﴿ الرحمن الرحيم ﴾ في البسملة،ثم كررهما في بداية السورة ، قبل أن يذكر المغضوب عليهم .

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الواحدة والعشرون بعد المئة في موضوع       ( العظيم ) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *أعظم سورة في القرآن                             

فوائد من كتاب تدبر سورة الفاتحة – د. ناصر العمر

في سورة الفاتحة أركان التعبد القلبية :المحبة في ﴿ الحمد لله رب العالمين ﴾

الرجاء في ﴿ الرحمن الرحيم ﴾

الخوف في ﴿ مالك يوم الدين ﴾

في سورة الفاتحة شرطي قبول العبادة

الإخلاص : في قوله تعالى ﴿ إياك نعبد وإياك نستعين ﴾ ، فتقديم المعمول يفيد الحصر

المتابعة : لأن الله لا يقبل العمل إلا إذا كان على الصراط المستقيم ، وهو صراط الذي أنعم الله عليهم ، وأولهم الأنبياء

    في سورة الفاتحة ستة من أسماء الله الحسنى :

الله  ، الرب  ، الرحمن  ، الرحيم  ، مالك

الملك ( في قراءة سبعية أخرى )

    في سورة الفاتحة أصول الأسماء الحسنى

    الله : متضمن لصفات الألوهية

    الرب : متضمن لصفات الربوبية

    الرحمن : متضمن لصفات البر والجود والكرم

ذكر في سورة الفاتحة أعظم وأولى ما يذكر في موضعه :

الحمد : أكمل أنواع العبادة

الله : أعظم الأسماء الحسنى وأشملها

رب العالمين : أعظم دلائل قدرته وكماله واستحقاقه للعبادة  ،الرحمة : أقوى متعلق للعبد

مالك يوم الدين : أكبر مظاهر ربوبيته الشاملة

 يوم الدين : أعظم الأيام

 إياك نعبد : أعظم حقوق الله

 إياك نستعين : أعظم حظوظ العبد

 اهدنا الصراط المستقيم : أعظم الأدعية

 الذين أنعمت عليهم : أفضل الناس

 المغضوب عليهم / الضالين : أكثر الفرق ابتعادا عن الحق

 في سورة الفاتحة بيان لأهمية الدعاء وشدة حاجة المسلم إليه ، ولذلك افتتح الله تعالى كتابه في أول سورة منه بالدعاء، كما ختم به آخر سورة

في سورة الفاتحة آداب الدعاء :

 الإخلاص ﴿ إياك نعبد وإياك نستعين ﴾

 المتابعة ﴿ صراط الذين أنعمت عليهم ... ﴾ الآية

 الإلحاح فيه ؛ فسورة الفاتحة تقرأ في كل ركعة

 الجزم في الدعاء والعزم فيه ؛ وذلك بطلب الهداية ورجائها ﴿ اهدنا الصراط المستقيم ﴾

 حضور القلب وعدم الغفلة ، وذلك من جهة تهيئ الداعي بالثناء على الله ، والإقبال عليه

التوسل إليه : وقد جاء بأنواع ثلاثة ؛التوسل بأسمائه وصفاته؛التوسل بالعمل الصالح ، لتقدم قوله ﴿ إياك نعبد وإياك نستعين ﴾  [ الأنترنت – موقع مثاني القرآن _ د ناصر العمر]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الواحدة والعشرون بعد المئة في موضوع       ( العظيم ) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *أعظم سورة في القرآن                             

قال الدكتور/ ناصر العمر : لسورة الفاتحة أهمية عظيمة ، وفضائلها كثيرة ، فمن ذلك  :

- أنها ركن من أركان الصلاة ، لا تصح الصلاة إلا بها ؛ فروى [ البخاري (756) ومسلم (394) ] عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ) .

 

- أنها أفضل سورة في القرآن ؛ فروى [الترمذي (2875) وصححه ] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ : أَتُحِبُّ أَنْ أُعَلِّمَكَ سُورَةً لَمْ يَنْزِلْ فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ وَلَا فِي الزَّبُورِ وَلَا فِي الْفُرْقَانِ مِثْلُهَا ؟ قَالَ : نَعَمْ ، يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَيْفَ تَقْرَأُ فِي الصَّلَاةِ ؟ قَالَ : فَقَرَأَ أُمَّ الْقُرْآنِ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أُنْزِلَتْ فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ وَلَا فِي الزَّبُورِ وَلَا فِي الْفُرْقَانِ مِثْلُهَا)  [صححه الألباني في صحيح الترمذي .]

- أنها السبع المثاني التي قال الله فيها:(وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ

سَبْعًا مِنْ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) الحجر/87 ، وروى البخاري (4474) عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى رضي الله عنه أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ قَالَ له : (لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ السُّوَرِ فِي الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ) ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ قُلْتُ لَهُ : أَلَمْ تَقُلْ لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ ؟ قَالَ : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي ، وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ) .

- أنها جمعت بين التوسل إلى الله تعالى بالحمد والثناء على الله تعالى وتمجيده ، والتوسل إليه بعبوديته وتوحيده ، ثم جاء سؤال أهم المطالب وأنجح الرغائب وهو الهداية بعد الوسيلتين ، فالداعي به حقيق بالإجابة .انظر :  [مدارج السالكين" (1/24) .]

- أنها ـ مع قصرها ـ تشتمل على أنواع التوحيد الثلاثة ، توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات .انظر :  [مدارج السالكين" (1/24-27) .]

- أنها تشتمل على شفاء القلوب وشفاء الأبدان .

قال ابن القيم رحمه الله :"فأما اشتمالها على شفاء القلوب : فإنها اشتملت عليه أتم اشتمال ، فإن مدار اعتلال القلوب وأسقامها على أصلين : فساد العلم ، وفساد القصد ، ويترتب عليهما داءان قاتلان وهما الضلال والغضب ، فالضلال نتيجة فساد العلم ، والغضب نتيجة فساد القصد ، وهذان المرضان هما ملاك أمراض القلوب جميعها ، فهداية الصراط المستقيم تتضمن الشفاء من مرض الضلال ، ولذلك كان سؤال هذه الهداية أفرض دعاء على كل عبد وأوجبه عليه كل يوم وليلة في كل صلاة ، لشدة ضرورته وفاقته إلى الهداية المطلوبة ، ولا يقوم غير هذا السؤال مقامه . والتحقيق بـ ( إياك نعبد وإياك نستعين ) علماً ومعرفة وعملاً وحالاً يتضمن الشفاء من مرض فساد القلب والقصد .

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثانية والعشرون بعد المئة في موضوع       ( العظيم ) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *أعظم سورة في القرآن

وأما تضمنها لشفاء الأبدان فنذكر منه ما جاءت به السنة ، وما شهدت به قواعد الطب ودلت عليه التجربة .

 فأما ما دلت عليه السنة : ففي الصحيح من حديث أبي المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري أن ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مروا بحي من العرب ... " فذكر حديث الرقية بالفاتحة " ثم قال :

"فقد تضمن هذا الحديث حصول شفاء هذا اللديغ بقراءة الفاتحة عليه فأغنته عن الدواء وربما بلغت من شفائه ما لم يبلغه الدواء .

  هذا مع كون المحل غير قابل ، إما لكون هؤلاء

الحي غير مسلمين ، أو أهل بخل ولؤم ، فكيف إذا كان المحل قابلاً ؟ انتهى . [مدارج السالكين" (1/52-55) .]

-  أنها تشتمل على الرد على جميع المبطلين من أهل الملل والنحل ، والرد على أهل البدع والضلال من هذه الأمة . وهذا يعلم بطريقين : مجمل ومفصل :

 وبيان ذلك : أن الصراط المستقيم متضمن معرفة

 الحق وإيثاره وتقديمه على غيره ومحبته والانقياد

له والدعوة إليه وجهاد أعدائه بحسب الإمكان .

 والحق هو ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وما جاء به علماً وعملاً في باب صفات الرب سبحانه وأسمائه وتوحيده وأمره ونهيه ووعده ووعيده ، وفي حقائق الإيمان التي هي منازل السائرين إلى الله تعالى ، وكل ذلك مسلم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم دون آراء الرجال وأوضاعهم وأفكارهم واصطلاحاتهم . [مدارج السالكين" (1/58) .]

- أن سورة الفاتحة قد تضمنت جميع معاني الكتب المنزلة. [مدارج السالكين" (1/74) .] - أنها متضمنة لأنفع الدعاء.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : تأملت أنفع الدعاء ،

فإذا هو سؤال العون على مرضاته ، ثم رأيته في الفاتحة في : (إياك نعبد وإياك نستعين)" [مدارج السالكين" (1/78) .]

وبالجملة : فسورة الفاتحة مفتاح كل خير وسعادة في الدارين  ، وقال ابن القيم رحمه الله :" فاتحة الكتاب وأم القرآن والسبع المثاني والشفاء التام والدواء النافع والرقية التامة ومفتاح الغنى والفلاح وحافظة القوة ودافعة الهم والغم والخوف والحزن لمن عرف مقدارها وأعطاها حقها وأحسن تنزيلها على دائه وعرف وجه الاستشفاء والتداوي بها والسر الذي لأجله كانت كذلك  ، ومن ساعده التوفيق وأُعِين بنور البصيرة حتى وقف على أسرار هذه السورة وما اشتملت

عليه من التوحيد ، ومعرفة الذات والأسماء والصفات والأفعال ، وإثبات الشرع والقدر والمعاد ، وتجريد توحيد الربوبية والإلهية ، وكمال التوكل والتفويض إلى من له الأمر كله وله الحمد كله وبيده الخير كله وإليه يرجع الأمر كله ، والافتقار إليه في طلب الهداية التي هي أصل سعادة الدارين ، وعلم ارتباط معانيها بجلب مصالحهما ودفع مفاسدهما ، وأن العاقبة المطلقة التامة والنعمة الكاملة منوطة بها موقوفة على التحقق بها ؛ أغنته عن كثير من الأدوية والرقى ، واستفتح بها من الخير أبوابه ، ودفع بها من الشر أسبابه" [ زاد المعاد" (4/318) .]  [ الأنترنت – موقع سؤال وجواب – المنجد ]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثالثة والعشرون بعد المئة في موضوع       ( العظيم ) وستكون بعنوان : *أعظم آية في القرآن

قال محمد بديع موسى :

القرآن كلام الله - تعالى - لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولقد فضَّل الله - عزَّ وجلَّ - بعض السور على بعض، كما سمِعْنا عن فضْل سورة الفاتحة، كما فضَّل بعض الآيات على بعض، ففي صحيح مسلم عن أُبَي بن كعب، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يا أبا المنذر، أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟))، قال: قلت: الله ورسوله أعلم، قال: ((يا أبا المنذر، أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟))، قال: قلت: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾، قال: فضرَب في صدري، وقال: ((والله ليَهْنِك العلم أبا المنذر))، إنها آية الكرسي: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾ [البقرة: 255]

فهنَّأه النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - على هذا العلم النافع الذي حوَاه صدْره، فهو أقْرَأُ الأمة بكتاب الله، والقارئ زمن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لَم تكنْ قراءته دون علْمٍ، وها هو قد عَلِم أعظمَ آية؛ لِمَا فيها من أصول الدين وقواعده، ولِمَا تحويه من أسماء الله الحسنى وصفاته العُلى.

فأي علْمٍ ينفع صاحبه مثل العلم بكتاب الله؟ وقد قال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((سَلوا الله عِلمًا نافعًا، وتعوَّذوا بالله من علْمٍ لا ينفع))؛[ الصحيحة.]

والنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يقول إذا صلَّى الصبح حين يُسَلِّم: ((اللهم إني أسألك علْمًا نافعًا، ورزقًا طيبًا، وعملاً مُتقبَّلاً))؛ [صحيح ابن ماجه.]

إنَّ كثيرًا من العلوم التي يبذُل لها بعضُ الناس أعمارَهم وأموالهم، ويفرحون بها ويبتهجون، تكون وَبالاً عليهم وخسارًا؛ قال - تعالى -: ﴿ ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى ﴾ [النجم: 30].

  آية الكرسي مشتملة على عشر جمل مُستقلة:

1-فقوله - تعالى -: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾، إخبار بأنه المنفرِد بالإلهية لجميع الخلائق، فلا معبود بحقٍّ إلاَّ هو - سبحانه - وهو المستَحق للعِبادة، وبهذه الكلمة أرْسَل الله الرُّسل، وأنزَل الكُتُب، وعليها قامت السماوات والأرض، ومِن أجْلها خَلَق الله الجنَّة والنار؛ قال - تعالى -: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾ [الأنبياء: 25] وقال - تعالى -: ﴿ يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ ﴾ [النحل: 2].

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الرابعة والعشرون بعد المئة في موضوع       ( العظيم ) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *أعظم آية في القرآن

2- ﴿ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾؛ أي: الحي في نفسه الذي لا يموت أبدًا، القَيِّم لغَيْره، ولا قوام للموجودات دون أمره؛ وقد ورَد أنَّ النبِيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يقول: ((أعوذ بعزَّتك الذي لا إله إلا أنت، الذي لا يموت، والجن والإنس يموتون))، وقال - تعالى -: ﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾ [الرحمن: 26 - 27].

من هنا - أخي المسلم - تعلَّم أنَّ الذين في القبور والمقامات والأضرحة أموات ليسوا أحياءً، كما يزعُم بعض الجَهَلة، والميِّت لا يقدر على شيء؛ ﴿ إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾ [فاطر: 14].

فاحْذَرْ من الاستغاثة بهم، أو دعائهم والطلب منهم، وإيَّاك أن تعتقدَ بهم ما ليس فيهم، حتى لو كان مَن في القبر سيد البشر - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال - تعالى -: ﴿ وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ القصص: 88 ﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ ﴾ [الأحقاف: 5].

والحي القيوم: هو اسم الله الأعظم، وقد كان النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذا حَزَبه أمرٌ، قال: ((يا حي يا قيُّوم، برحمتك أستغيث))؛ الصحيحة.

وكان يقول في أذكار الصباح والمساء: ((يا حي يا قيوم، برحمتك أستغيث، أصلِحْ لي شأني كله، ولا تَكِلني إلى نفسي طرْفة عينٍ أبدًا)).

فهذه الآية فيها اسم الله الأعظم، الذي إذا دُعِي به أجَاب، وإذا سُئِل به أعْطَى؛ كما جاء في الحديث الحسن: ((اسم الله الأعظم لفي ثلاث سُوَرٍ من القرآن: في البقرة وآل عمران وطه))، أمَّا في البقرة، فقوله: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾ [البقرة: 255]، وأمَّا في آل عمران، فقوله: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾ [آل عمران: 2]، وأمَّا في طه، فقوله: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ﴾ [طه: 8].

3 - ﴿ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ﴾: لا تَغْلبه سِنة، وهي النُّعاس؛ ولهذا قال - تعالى -: ﴿ وَلَا نَوْمٌ لَهُ ﴾؛ لأنه أقوى من النُّعاس.

جاء في صحيح مسلم: عن أبي موسى، قال: قام فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخمس كلمات، فقال: ((إن الله - عز وجل - لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يخفِض القِسْط ويرفعه، يُرْفَع إليه عملُ الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور، لو كشَفَه لأَحْرَقَتْ سُبُحات وجْهه ما انتهى إليه بصرُه من خَلْقه)).

فالله لا ينام، بل هو حي قيُّوم، وسيرى المكذِّبون ذلك: ﴿ يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ [المجادلة: 6].

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الخامسة والعشرون بعد المئة في موضوع       ( العظيم ) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *أعظم آية في القرآن

4- ﴿ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ﴾: إخبار بأنَّ الجميع عبيده وفي مُلكه، وتحت قهْره وسلطانه؛ ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [آل عمران: 26 - 27].

5- ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ﴾، كقوله - تعالى -: ﴿ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى ﴾ [الأنبياء: 28].

وهذا من عَظَمته وكبريائه وجلاله - عزَّ وجلَّ - وأنَّه لا يَتَجاسَر أحَدٌ على أن يشفَعَ لأحدٍ عنده إلاَّ من أذن له في الشفاعة؛ كما جاء في حديث الشفاعة الذي في الصحيح: عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - الذي قال فيه: ((فأَنْطَلِقُ حتى أستأذِنَ على ربِّي، فيؤذَنَ لي، فإذا رأيتُ ربي، وقعتُ ساجدًا، فيَدَعُني ما شاء الله، ثم يُقال: ارفعْ رأْسَك، وسَلْ تُعْطَه، وقلْ يُسْمع، واشفَعْ تُشَفَّعْ، فأرفعُ رأْسي، فأحمدُه بتحميد يُعَلِّمنيه، ثم أشفعُ، فيَحُدُّ لي حدًّا، فأُدْخِلُهم الجنة، ثم أعود إليه، فإذا رأيتُ ربي مثله، ثم أشفعُ، فيَحُدُّ لي حدًّا، فأُدْخِلُهم الجنة)).

فلا شفاعة إلا بإذن الله؛ إذْن لِمَن يَشفع (الشافع)، وإذْن لِمَن يُشفَع له؛ قال - تعالى -:﴿ وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ﴾ [سبأ: 23]، وقال: ﴿ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ﴾ [الأنبياء: 28].

فلا تَطلب الشفاعة - أخي المسلم - إلاَّ من الله الذي بيده الأمر كله، واعلمْ أنَّ الشفاعة لا يأْذن بها الله للمشركين؛ ﴿ فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ ﴾ [المدثر: 48].

6- ﴿ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ﴾: هذا دليل على إحاطة علْمِ الله بجميع الكائنات؛ ماضيها وحاضرها ومستقبلها؛ كما قال - تعالى - إخبارًا عن الملائكة: ﴿ وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ﴾ [مريم: 64]، وقال: ﴿ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [الأنعام: 59].

7- ﴿ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ﴾؛ أي: لا يطَّلع أحدٌ على شيءٍ مِن عِلْم الله، إلاَّ بما أعْلَمَه الله - عزَّ وجلَّ - كما قال - سبحانه -: ﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا * لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا ﴾[الجن: 26 - 28].

وكل ما وصَل إليه الإنسان من عِلْم، فهو بإذن الله؛ كما قال الملائكة لربِّهم: ﴿ قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾ [البقرة: 32].

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

 

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة السادسة والعشرون بعد المئة في موضوع       ( العظيم ) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *أعظم آية في القرآن

8- ﴿ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ﴾، وقد صحَّ عن ابن عباس قولُه: "الكرسي: موضع القَدَمين، والعرش لا يقدر قَدْرَه إلاَّ الله - تعالى".

9- ﴿ وَلَا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا ﴾؛ أي: لا يثقله ولا يَكترثه، ولا يشتدُّ عليه حِفْظُ السماوات والأرض، ومَن فيهما وما بينهما - سبحانه وتعالى - بل ذلك سهْلٌ عليه، يسير لَدَيه، وهو قائم على كل نفس بما كسبت، الرقيب على جميع الأشياء، فلا يَعْزُب عنه شيء، ولا يغيب عنه شيء، والأشياء كلُّها حقيرة بين يديه، متواضعة ذليلة صغيرة بالنسبة إليه، محتاجة فقيرة إليه، وهو الغني الحميد، الفعَّال لِمَا يريد، الذي لا يُسْأَل عما يفعل وهم يُسْأَلون، وهو القاهر لكلِّ شيء، الحسيب على كل شيء، الرقيب العَلِي العظيم، لا إله إلا هو، ولا إله غيره، ولا ربَّ سواه.

10- ﴿ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾، فهو العَلِي بذاته على جميع مخلوقاته؛ عُلُو منزلة، وعلو قهْرٍ وسلطان، وهو العظيم - سبحانه وتعالى - الكبير المتعال، لا مَلْجأ ولا مَنْجا منه إلاَّ إليه، وهو حسبُنا ونِعم الوكيل  [ الأنترنت – موقع الألوكة – محمد بديع موسى]

وهذه الآية الكريمة تتكون من خمسين كلمة في عشر جمل تضمنت التوحيد، فإنها جمعت أصول الأسماء الحسنى والصفات العليا من التفرد بالإلهية والوحدانية، ومن كمال الحياة والعلم والقيومية والملك والقدرة والإرادة، فدلت على توحيد الإلهية في قوله تعالى: [اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ]، ودلت على توحيد الربوبية في قوله تعالى: [الْحَيُّ الْقَيُّومُ]، وفي قوله تعالى: [لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ]، ودلت على توحيد الأسماء والصفات بما ورد فيها من أسماء وأوصاف لله عز وجل تدل على كماله وجلاله وعظمته، وقد ورد فيها اسم الله ما بين ظاهر ومضمر ثماني عشرة مرة، فالظاهر من الأسماء الحسنى في الآية الكريمة الله الحي القيوم العلي العظيم، وباقي الأسماء ورد في صيغة الضمير، ودلت على صفات الذات وصفات الفعل كالحي والقيوم، ودلت على صفات السلب- النفي- بمعنى نفي النقائص والعيوب عن الله عز وجل كما في قوله تعالى: [لاَتَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ]، وفي قوله تعالى: [وَلاَ يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا].

كما دلت على الصفات الثبوتية التي تثبت لله كل كمال كما في قوله: [الْحَيُّ الْقَيُّومُ]، [الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ]، وأثبتت لله تعالى الملك والقدرة والقوة والإحاطة والعلم والعلو والعظمة... إلخ.  وسميت هذه الآية آية الكرسي لأنه ورد فيها ذكر الكرسي وأنه وسع السماوات والأرض، فدل على أنه أعظم خلقًا من السماوات والأرض ومن

الكون المنظور ، والكرسي الذي خلقه الله تعالى دون العرش، وهو آية من آيات الله سبحانه في خلقه، وهو أعظم من السماء والأرض، كما في قوله تعالى: [وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ] [البقرة: 255]،

وفي الأثر: "ما السماوات السبع والأرضون في الكرسي إلا كحلقة في فلاة من الأرض

والعرش أعظم من الكرسي.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليكم

 

 

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة السابعة والعشرون بعد المئة في موضوع       ( العظيم ) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *أعظم آية في القرآن

[اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ] أي: لا معبود بحق سواه، وهو معنى كلمة التوحيد ،[الْحَيُّ الْقَيُّومُ] هذا نعت- وصف- لله تعالى يتضمن اسمين من أجل الأسماء الحسنى ورد في الحديث أنهما اسم الله الأعظم.

ورد اسم الحي مقرونًا بالقيوم في ثلاثة مواضع: البقرة- آل عمران- طه: [اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ] [البقرة: 255، آل عمران: 2]، [وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ] [طه: 111]. وورد منفردًا في موضعين: [وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لاَ يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا] الفرقان: 58 [هُوَ الْحَيُّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ] غافر: 65

وفي [صحيح مسلم عن ابن عباس (2717)] أن رسول الله كان يقول: "اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت، اللهم إني أعوذ بعزتك أن تضلني أنت الحي الذي لا يموت والجن والإنس يموتون". [حم 2612].

وفي  [سنن الترمذي" (3524)] عن أنس قال: كان النبي

-صلي الله عليه وسلم- إذا كربه أمر قال: "يا حي

يا قيوم برحمتك أستغيث". وفيه أيضًا: "من قال: أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه غُفر له وإن كان فر من الزحف [(ت3577)]. ولما مات النبي -صلي الله عليه وسلم- قال الصديق رضي الله عنه: "من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت".

[لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ]، وهذا لكمال حياته وقيوميته، وفي هذا المعنى يقول النبي -صلي الله عليه وسلم- : "إن الله عز وجل لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه[لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ]: خلقًا وملكًا وعبودية، فهو سبحانه المالك، وما سواه مملوك، وهو الخالق الرازق المدبر، وغيره مخلوق مرزوق لا يملك لنفسه ولا لغيره مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض، ولهذا قال سبحانه: [مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ]، فلا يملك الشفاعة إلا الله، ولا يشفع عنده أحد إلا من بعد إذنه للشافع ورضاه عن المشفوع فيه، فإذا أراد سبحانه أن يرحم من يشاء من عباده، أذن لمن أراد أن يكرمه من عباده أن يشفع فيه قال تعالى: [قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا]، وقال: [وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى]، وقال: [وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لاَ تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلاَّ مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى] [النجم: 26].

23]. [يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ] فهو سبحانه وتعالى بكل شيء عليم، وبكل شيء محيط، وسع كل شيء علمًا، يعلم ما كان وما هو كائن وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف يكون، أما الخلق فقد وصفهم الله سبحانه: [وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ]، فلا يطلعون على شيء من ذاته وصفاته إلا بما أطلعهم عليه، ولا يحيطون به علمًا، ولا يعلمون من أمر الكون أو الشرع إلا بما أعلمهم الله عز وجل.

وعلم الخلائق جميعًا لا يساوي قطرة في بحر علم الله

 [وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ] هذه هي الآية التي لا تدانيها السماوات والأرض عظمة، مع أن الكرسي دون العرش، والعرش أعظم منه[وَلاَ يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ]، فالله سبحانه هو الحي القيوم، لايثقله ولا يُتعبه حفظ السماوات والأرض وما فيهن، وهو القائم بتدبير هذه المخلوقات على عظمتها، وهو القائم على كل نفس بما كسبت الرقيب على كل شيء، والأشياء كلها محتاجة إليه وهو الغني الحميد الفعَّال لما يريد، وهو القاهر لكل شيء وهو العلي العظيم الكبير المتعال[ الأنترنت – الموقع الرسمي للدكتور جمال المراكبي

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليك

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثامنة والعشرون بعد المئة في موضوع       ( العظيم ) وستكون بعنوان :

*الآيات الكونية الدالة على عظمة الله

الله سبحانه وتعالى هو العظيم، جلت عظمته عن الوصف،  فلا طريق لمعرفة الله والإقرار بعظمته وجلاله إلا بالنظر في آيات الله المتلوة والتدبر في معاني هذه الآيات، أو النظر في آيات الله الكونية والتأمل في عظيم صنع الله تعالى، وقد حثنا القرآن الكريم على الأمرين، فقال المولى تبارك وتعالى في تدبر آيات القرآن العظيم: [أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا] [محمد: 24]، [إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ][ق: 37]، وقال سبحانه في الحث على التفكر في آيات الكون: [إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ. الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ] [آل عمران: 190، 191]، وقال: [وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ. وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ] [الذاريات: 20، 21].ففي الأرض من الآيات الدالة على عظمة الخالق وقدرته الباهرة مما قد ذرأ فيها من صنوف النبات والحيوان والجبال والقفار والأنهار والبحار، وما دق وما عظم من المخلوقات ما يدل على عظيم قدرة الله تعالى وبديع صنعه الذي تحار فيه العقول.

وما في السماء من آيات أعظم مما في الأرض، فقد بناها الخلاق العظيم بقوة وأوسع خلقها، وبغير عمد رفعها وأقامها، وزينها بالنجوم والكواكب، حتى إن الناظر إليها بأعظم وسائل التقنية من تلسكوب أو أقمار صناعية ليحار من عظمتها وسعتها: [وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ] [الذاريات: 47].

وإذا كان العلماء قد استطاعوا تقدير المسافة بين الأرض وبين القمر، وبين الأرض وبين الشمس، مستخدمين في ذلك سرعة الضوء كوحدة للقياس، فإنهم لا يزالون يعلنون عن عجزهم عن مجرد رؤية أبعاد السماء أو تصور سعتها، ولهذا يعبرون عنها بأنها فضاء لا نهائي. وقد اهتم أهل السنة بما يثير في النفوس كوامن التعظيم لله عز وجل، فكتبوا في ذلك وصنفوا، ويندر أن تجد كتابًا من كتب الاعتقاد على طريقة السلف الصالح إلا وتجد فيه أبوابًا في عظمة الله تعالى، وعظمة بعض مخلوقاته الدالة على عظمته سبحانه كالحديث عن الملائكة ومنهم حملة العرش ومن حوله، والحديث عن الكرسي والعرش وعظم خلقهما.

ومن علماء السلف من صنف في موضوع العظمة

ذاته فكتبوا في دلائل عظمة الله تعالى في آياته المنظورة وآياته المتلوة المسموعة،ومن أشهر من كتب في موضوع العظمة أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر الأصبهاني المعروف بأبي الشيخ الأصبهاني المتوفى سنة 369هـ، ومن قبله أبو أحمد العسال المتوفى سنة 349هـ.[الأنترنت -  الموقع الرسمي لجماعة أنصار السنة المحمدية - المركز العام ]

  إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليك

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة التاسعة والعشرون بعد المئة في موضوع       ( العظيم ) وستكون بعنوان :

بيان عظم مخلوقات الله الدالة على ذاته وعظمته

وكمال قدرته وصفاته ومن أمثلة ذلك :

  خلق السماوات والأرض, فإنها أكبر آياته, قال الله تعالى: {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ } ولذلك يأمر الله تعالى بالتأمل والتفكر في هذه المخلوقات, فإن في التفكر فيها عبرة لمن اعتبر, حيث إن هذه الأرض أرض واحدة من جملة الأرضين التي خلقها الله, وخلق لها سكانا لا يعلم بعضهم ببعض, ثم إنه تعالى جعل فيها آيات وعبرا للمعتبرين, لو تأملوا وتفكروا فيها لعرفوا عظمة من أوجدها وخلقها على هذه الهيئة التي هم عليها يتنقلون ويتقلبون.

كذلك أخبر بأنه خلق هذه السماوات العلى, ورفع سمكها فسواها وأغطش ليلها وأخرج ضحاها وجعل فيها شمسها وقمرها وأفلاكها. لا شك أن هذا أيضا من أكبر آياته, وقد أخبر تعالى بأن هذه السماء مع غلظها ومع كبرها تتشقق يوم القيامة, قال تعالى: {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا} أي: تتشقق كقطع الغمام الذي نشاهده, وتنزل الملائكة فيها, فإن الملائكة يسكنون في السماوات كما وردت الأدلة على ذلك. أخبر تعالى بأنها تُفَتَّحُ يوم القيامة, قال تعالى: {وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا} أي: في يوم القيامة: تُفَتَّحُ وتَتَشَقَّقُ فتكون أبوابا ينزل منها الملائكة الذين كانوا يعمرونها كما شاء الله تعالى.

أخبر أيضا بأن من آياته العجيبة هذه الأفلاك التي ركبها في هذه السماء, فمنها الشمس والقمر, فإن الشمس والقمر آيتان من آيات الله مركبان في هذه السماء, يدوران في فلكهما, لا يتأخران, كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا والقمر قدَّرَهُ الله تعالى منازل، لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ الشمس والقمر والليل والنهار كلها في أفلاكها التي رُكِّبَتْ فيها, تسبح في هذا الفلك, كما أجراها الله تعالى تجري, إلى أن يأتي الأجل الذي تتوقف فيه.

وقد أخبر الله تعالى بأنه في يوم القيامة تنقضي حالتها

, قال تعالى: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ } أي : في يوم القيامة تُكَوَّرُ الشمس مع عظمها, فتُكَوَّرُ إلى أن تكون مطوية, حيث شاء الله تعالى. قاله الشيخ عبد الله بن جبرين[ الأنترنت – موقع ابن جبرين ]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليك

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثلاثون بعد المئة في موضوع ( العظيم ) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *   عظم مخلوقات الله الدالة على ذاته وعظمته وكمال قدرته وصفاته

وكذلك القمر يُكَوَّرُ, وكذلك بقية الأفلاك. ففي الدنيا جعلهما الله تعالى سائرين, يجريان لمصالح العباد, يقول الله تعالى: وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ .

أخبر بأنه جعل الليل والنهار آيتين من آياته, الليل: يظلم, ويغشى الدنيا هذا الظلام, حتى يهدأ الناس ويريحوا أنفسهم, وتستريح كل الدواب, إلا الدواب التي جعل الله سلطانها بالليل, كبعض الطيور ونحوها. فجعله الله راحة للعباد, وكذلك جعل النهار آية من آياته, حيث جعله مضيئا منيرا, يتقلبون فيه في حوائجهم, يتكسبون ويحترفون, ويشتغلون ويتنقلون من مكان إلى مكان, ويبصرون الطرق, ويعرفون

 الأمثال والأماكن, ويعرفون كيف يتوجهون.

كذلك أيضا جعل آية الليل هي القمر, أي: جعل سلطانه وَضَوْءَهُ يكون في الليل, وذلك ليُهْتَدَى به, وليضيء من يسير ليلا, يستدلون به ويستضيئون بضوئه. فهو آية من آيات الله, وجعل آية النهار مبصرة أي: مضيئة, وهي هذه الشمس, جعل ضوءها شديدا بحيث إنه ينير داخل المنازل لشدة ضوئها, فجعلها

 آية النهار وجعل القمر آية الليل.

كذلك أيضا أخبر بأنه جعل في السماء هذه النجوم, وهي من آيات الله الكونية التي قدرها وجعل لها سيرا محددا. هذه النجوم فيها عبر وآيات, فسيرها أبطأ من سير الشمس, وأبطأ من سير القمر. جعل الله سير القمر أبطأ من سير الشمس بحيث إنه يتأخر عن الشمس كل يوم نحو أربعين دقيقة, أو قريبا منها, حتى يدور في فلكه في الشهر دورة واحدة, كل يوم ينزل في منزلة.

وأما الكواكب التي هي النجوم فإن الله جعل سيرها أبطأ من سير القمر, تتأخر عن القمر حتى يكون قطعها لهذا الفلك في السنة الشمسية مرة واحدة. لا شك أن هذا من آيات الله, ومع ذلك فإن سيرها معتدل. جعل الله تعالى منها ما هو سائر ومنها ما هو ثابت: منها ما هو ثابت كالقطب, الذي لا يتغير ولا يتحرك من مكانه إلا قليلا. ومنها ما سيره أسرع من سير الشمس, ومنها ما لا يسير إلا قليلا, كالْخُنَّس الجوارِ الْكُنَّس, التي سيرها إنما يكون في آخر الليل, تسرع في السير إلى أن تصل إلى قطع نصف المسافة, ثم بعد ذلك تتراجع وتتأخر شيئا فشيئا إلى أن تختفي.

هذا دليل على أن الذي يسيرها هو الذي أحكم كل شيء وأعطى كل شيء خلقه ثم هدى.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليك

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الواحدة والثلاثون بعد المئة في موضوع    ( العظيم ) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *   عظم مخلوقات الله الدالة على ذاته وعظمته وكمال قدرته وصفاته

وقد ذكر الله تعالى فوائد هذه النجوم فقال تعالى: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ أي: تستدلوا بها على الجهات التي تسيرون نحوها, وقال تعالى: وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ أي: يستدلون به في الليلة الظلماء, ويسيرون نحو الجهة التي يقصدونها, وكذلك أخبر بأنها رجوم للشياطين قال تعالى : وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ فهذه فوائد هذه النجوم.

ولا شك أنها كما خلقها الله تعالى, تعرف بها أيضا مواقيت السير: مواقيت الشتاء والصيف ونحو ذلك. ثم إن كثيرا من السحرة والمشعوذين صاروا يستدلون بها على الأمور المغيبة, وهذا من التدخل فيما لا يعنيهم. وقد جعل ذلك النبي-صلى الله عليه وسلم- من عمل السحرة, فقال-صلى الله عليه وسلم- من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر, زاد ما زاد أي: كلما زاد في الاقتباس زاد في حظه من السحر. والاقتباس: هو التعلم والأخذ, فالذين يتعلمون السحر بالنجوم, أو يتعلمون علم الغيب بالنجوم, ويقولون: إذا طلع هذا النجم حدث مرض أو حدث غرق أو ما أشبه ذلك, هؤلاء من المنجمين يدخلون في هذا الوعيد.

ورد أيضا أنه-صلى الله عليه وسلم- قال: ثلاثة لا يكلمهم الله ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم , ذكر منهم مدمن الخمر, ومصدقا بالسحر الذي منه هذه النجوم, وقاطع الرحم. فالمصدق بالسحر يعني: الذي يتعلم ما في هذه النجوم ويستدل بها على الأمور المغيبة.

إنما هذه النجوم أفلاك مركبة فيها هذه الكواكب, تسير كما يسيرها ربها, وليست معبودة, وليست دالة على أمر من الأمور المستقبلة. وأما الذين يتعلمون منها الأمور الغيبية فإنهم -والحال هذه- يتدخلون فيما لا يعنيهم. وقد كان من هؤلاء: الكلدانيون الذين كان فيهم إبراهيم عليه السلام, كانوا يستدلون بالنجوم على الأمور المستقبلة, ولذلك حاكاهم إبراهيم حتى يتركوه, قال تعالى: فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ كأنه أراد أن يتركوه حتى يحطم آلهتهم. فالنظر في النجوم إذا كان القصد منه الاستدلال بها على الأمور الغيبية فإن ذلك من الشرك, ومن التصديق به.

ثم من آيات الله تعالى أنه يرسل الرياح, هذه الرياح التي يرسلها إذا شاء عذابا, ويرسلها إذا شاء رحمة: آية من آيات الله, لو توقفت الرياح ما قدر الخلق على أن يرسلوها, ولو ثارت واشتدت ما قدروا على أن يوقفوها. ولا يدري أحد من أين تأتي هذه الرياح وهذه العواصف التي قد تشتد حتى تقلع الأشجار وتهدم الخيام وتقلب القدور وتطفئ النيران, لا يُدْرى من أن تثور, ولا يُعْرَف أين مخزنها الذي كانت مخزونة فيه؟ ولا إلى أين تنتهي؟ الله هو الذي يرسلها, قال تعالى: وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ وقال: اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا أخبر بأنها لواقح: يعني تلقح السحاب مطرا, وأنه أرسلها بشرا بين يدي رحمته, ومبشرات , قال تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ أي: تبشر بالرحمة, أي بنزول المطر, بأنها بإذن الله تثير السحب, فإذا تراكمت السحب بأمر الله نزل المطر فسقى الله به البلاد.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليك

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثانية والثلاثون بعد المئة في موضوع ( العظيم ) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *   عظم مخلوقات الله الدالة على ذاته وعظمته وكمال قدرته وصفاته

فهي من آيات الله تعالى، لا شك أيضا أن من آياته إنشاء هذه السحب المتكاثفة المتكاثرة التي لا يعرف من أي شيء هي؟ إلا أنها شبه غمام, ولا يدرى من أي شيء تتركب؟ ومع ذلك تمتلئ بالماء, فيسيرها الله تعالى, ثم يأمرها أن تمطر في أي البقع التي قدر أنها تنزل ماءها فيها, فيشاهد أنها تسير مثلا إلى جهة الشرق, ثم يأمرها الله فتسير إلى جهة الجنوب -وإن لم يكن هناك رياح - فتنزل المطر, وأحيانا ترجع إلى جهة الغرب, وأحيانا ترجع إلى جهة الشمال, الله هو الذي يسيرها وهو الذي يصرفها : وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا وهو الذي حَمَّلَهَا هذا الماء الغزير الذي جعله رحمة للعباد, ولهذا قال: وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أي: أمام المطر, قبيل نزول المطر تثور الرياح, فتنشئ السحاب فيسيره الله إلى البقع التي قُدِّرَ أنه يسير إليها.

وهذا المطر الذي ينزل من السماء لا يدرى من أي شيء ينشأ؟ الذين يدعون أنه يتبخر من الأرض لا دليل عندهم على ذلك! الله تعالى ذكر أن الأرض تشرب الماء الذي ينزل عليها, ولهذا إذا نزل عليها لم ينعصر ولم يبق منه شيء, ثم ينشف وييبس. فقولهم بأنه يتبخر, وأنه يطير, أو أن ماء البحر يتبخر إلى أن يتكاثف في السماء, ثم ينزل بعد أن يكون حاليا عذبا, لا دليل على ذلك.

الله تعالى أخبر بأنه ينزل من السماء ماء{وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا } أنزله من السماء, والسماء كل ما ارتفع. فالله قادر على أن يخلقه حيث شاء أن يخلقه في هذا الجو في السماء, ثم بعد ذلك يُضَمِّنُهُ هذه السحب التي تحمله وتسوقها الرياح التي يسيرها الله بها, وسمى الله هذه السحب بالمعصرات, قال تعالى: وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا كأنها تنعصر, ويخرج منها هذا الماء من غير أن يحس الناس به, ولا أن يروا له أثرا, رحمةً من الله, حتى يعيشوا بهذا الماء الذي يسقي أرضهم, والذي يكون أيضا نافعا لهم في الحال وفي المآل, حيث تمتصه الأرض فيختزن في جوفها, حيث جعل الله في جوف الأرض مستودعات ومخازن كبيرة أو صغيرة, إذا نزل المطر امتصت ذلك الماء الذي على ظهرها يتسرب حتى يأتي إلى جوفها, ويبقى فيها في تلك الفراغات التي قدرها, ثم عند الحاجة يستخرجه الناس بأدواتهم وبِدِلَائِهِم ويشربون منه ويسقون بهائمهم, ويسقون أشجارهم, ويكون سببا في حياتهم؛ لقوله تعالى: وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ فكل ذلك من آيات الله الكونية التي يستدل بها على عظمته. فمن تفكر في ذلك وعرف هذه الآيات اعتبر بها وأخذ منها قوة دالة على عظمة من أنشأ ذلك وَكَوَّنَهُ, وجعله على هذه المنفعة.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليك

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثالثة والثلاثون بعد المئة في موضوع ( العظيم ) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *   عظم مخلوقات الله الدالة على ذاته وعظمته وكمال قدرته وصفاته

ومن آياته سبحانه: إخراج هذا النبات الذي تنبته الأرض, ويكون هذا النبات غذاء للإنسان, وغذاء لبقية الحيوانات, وغذاء لمن على وجه الأرض, فهو من آيات الله. أخبر تعالى بأن ذلك من عجائب آياته, قال الله تعالى: وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وسبلا لعلكم تهتدون، مد الأرض وجعل فيها رواسي وأنهارا, يعني: أنهارا جارية, إذا شاء أجراها وإذا شاء أغارها, وجعل فيها سبلا لعلكم تهتدون.

كذلك أيضا أخبر بأنها تنبت النبات في قوله تعالى: وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ يعني: ويخرج لكم من كل الثمرات كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى إذا نزل الماء, وإذا هو ماء واحد. اللقاح شيء واحد, وهو هذا الماء, والأرض التي هي الأم واحدة, فاللقاح واحد, والأم واحدة, ومع ذلك يخرج الله أنواعا من هذه النباتات مع اختلافها مختلفة في أنواعها, مختلفة الزهور والطعوم والألوان والروائح والطبائع والأغراض. يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وينبت من مكان واحد, وكذلك أيضا جعل الله تعالى فيه البركة, بحيث إنها إذا سقيت مرة واحدة تغذت بهذا الماء المبارك مدة طويلة, بخلاف ما يسقى من جوف الأرض, فإنه غالبا يحتاج إلى متابعة السقي.

فعرفنا بذلك أن ربنا سبحانه نصب لنا هذه الآيات حتى نعتبر بها ونتفكر، وآيات الله الكونية كثيرة, لا يحيط بها الوصف, ومن أهمها: ما ينبته الله تعالى على وجه الأرض يقول بعض الشعراء:

تأمل فـي نبات الأرض وانـظر

إلـى آثار مـا صنـع الـمليك

عيـون مـن لجين شاخصـات

بأحـداق هـي الـذهب السبيك

على قضب الزبرجد شـاهـدات

بـأن الله ليـس لـه شـريـك

يمثل النباتات التي تنبت على الأرض, والتي لها عيون, عيونها هو هذا الزهر وهذا النَّوْر, وأن تلك العيون كأنها من لجين, أي: من فضة. وأنها شاخصات, أي: أنها مفتحة, العين الشاخصة: هي التي تنفتح وتقابل من ينظر إليها, وأنها على قضب الزبرجد. قضبها: أي سيقانها وأغصانها التي تعتمد عليها. شبهها بأنها من الزبرجد, يعني: نوع من المعادن الثمينة التي تستخرج من البحار. ستشهد بأن الله تعالى ليس له شريك.

فإذا تأمل العباد آيات الله تعالى الكونية عرفوابذلك

كمال قدرة الرب, وكمال عظمته وجلاله وكبريائه, وعرفوا أيضا أنه وحده هو الذي تفرد بالخلق والتبليغ, وتفرد برزق العباد وبملكهم وبالتصرف فيهم, فحينئذ يعبدونه ويخلصون العبادة له, ويصدون بقلوبهم عما سوى الله. هذه من آيات الله التي تدل على عظمته. [ الأنترنت – موقع ابن جبرين ]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليك

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الرابعة والثلاثون بعد المئة في موضوع ( العظيم ) وستكون بعنوان :    

*خلق البحار يدل على عظمة الله

 قال الدكتور :  زغلول راغب النجار :   

قوله‏‏ تعالي‏:‏ {أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور‏ }(‏ النور‏:40)‏

الآية الكريمة جاءت في مقام التشبيه‏,‏ ولكنها علي الرغم من ذلك جاءت في صياغة علمية دقيقة غاية الدقة‏,‏ ومحكمة غاية الإحكام شأن كل الآيات القرآنية‏,‏ونزلت هذه الآية الكريمة في زمن لم يكن لأحد من الناس إلمام بتلك الحقائق العلمية ولابطرف منها‏,‏ وظلت أجيال الناس جاهلة بها لقرون متطاولة بعد زمن الوحي حتي تم الإلمام بشيء منها في مطلع القرن العشرين‏.‏

ومع افتراض أن أحدا من الناس قد أدرك في القديم دور السحب في إحداث شيء من الظلمة علي الأرض ودور الأمواج السطحية في إحداث شيء من ذلك علي قيعان البحار والمحيطات‏(‏ وهو افتراض مستبعد جد‏)‏ فان من أوضح جوانب الإعجاز العلمي‏(‏ أي‏:‏ السبق العلمي‏)‏ في هذه الآية الكريمة هو تلك الإشارة المبهرة إلي الأمواج الداخلية‏ وهي أمواج لايمكن رؤيتها بالعين المجردة أبدا‏,‏ ولكن يمكن إدراكها بعدد من القياسات غير المباشرة‏.‏

ومن جوانب السبق العلمي في هذه الآية الكريمة أيضا الإشارة إلي الحقيقة المعنوية الكبري التي تصفها الآية بقول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):..‏ ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور‏.‏

ثم تفاجئنا البحوث العلمية أخيرا بواقع مادي ملموس لتلك الحقيقة بالإضافة إلي مضمونها المعنوي الجميل‏,‏ فقد كان العلماء إلي عهد قريب جدا لايتصورون إمكانية وجود حياة في أغوار المحيطات العميقة‏,‏ أولا للظلمة التامة فيها‏,‏ وثانيا للبرودة الشديدة لمائها‏,‏ وثالثا للضغوط الهائلة الواقعة عليها‏(‏ وزن عمود الماء بسمك يصل إلي أربعة كيلومترات في المتوسط‏),‏ ورابعا للملوحة المرتفعة أحيانا لذلك الماء‏,‏ ولكن بعد تطوير غواصات خاصة لدراسة تلك الأعماق فوجيء دارسو الأحياء البحرية بوجود بلايين الكائنات الحية التي تنتشر في تلك الظلمة الحالكة وقد زودها خالقها بوسائل إنارة ذاتية في صميم بنائها الجسدي تعرف باسم الإنارة الحيوية‏,‏ وتنتج هذه الإنارة العجيبة عن طريق تفاعل فريد من نوعه بين جزئ لمركب كيميائي عضوي اسمه ليوسيفيرين وجزئ الأوكسجين في وجود إنزيم خاص اسمه ليوسيفيريز‏ ‏ويمثل هذا التفاعل الفريد عملية الأكسدة الوحيدة المعروفة لنا في أجساد الكائنات الحية التي لا يصاحبها إنتاج قدر مدرك من الحرارة‏,‏ ومن العجيب أن كل نوع من أنواع هذه الأحياء الخاصة والتي تحيا في بيئات من الظلمة التامة له أنواع خاصة من المركبات الكيميائية المنتجة للضوء‏,‏ وله إنزيماته الخاصة أيضا‏,‏ والسؤال الذي يفرض نفسه‏:‏ من غير الله الخالق يمكنه ان يعطي كل نوع من أنواع تلك الأحياء البحرية العميقة‏,‏ هذا النور الذاتي؟ وهنا يتضح البعد المادي الملموس لهذا النص القرآني المعجز‏,‏ كما يتضح بعده المعنوي الرفيع‏:‏ ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور‏,‏ فسبحان الذي أنزل القرآن الكريم‏,‏ أنزله بعلمه علي خاتم أنبيائه ورسله‏,‏ وحفظه لنا بلغة وحيه‏(‏ اللغة العربية‏)‏ حفظا كاملا بكل حرف‏,‏ وكل كلمة‏,‏ وكل آية وكل سورة‏,‏ فجاء ذلك كله معجزا غاية الاعجاز فالحمد لله رب العالمين علي نعمة القرآن وصلي الله وسلم وبارك علي هذا النبي الخاتم الذي تلقاه وعلي آله وصحبه ومن تبع هداه ودعا بدعوته إلي يوم الدين‏. [ الأنترنت  – موقع الاعجاز العلمي في القرآن ]

    إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليك

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الخامسة والثلاثون بعد المئة في موضوع   ( العظيم ) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *خلق البحار يدل على عظمة الله

وقال المنجد : وهناك سر آخر في البحار، وهو علو الأمواج بعضها فوق بعض، يكشف عنه قوله تعالى: (أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا) [النور:40] .

يقول الشيخ محمد متولي الشعراوي: هذه حقيقة تم الوصول إليها بعد إقامة مئات من المحطات البحرية، والتقاط الصور بالأقمار الصناعة، والذي قال هذا الكلام هو البروفيسور (شرايدر)، وهو من أكبر علماء البحار بألمانيا الغربية. كان يقول: إذا تقدم العلم، فلا بد أن يتراجع الدين!! لكنه عندما سمع معاني آيات القرآن بهت! وقال: إن هذا لا يمكن أن يكون كلام بشر!! ويأتي البروفيسور (دورجاروا) أستاذ علم جيولوجيا البحار ليعطينا ما وصل إليه العلم في قوله تعالى: (أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ) [سورة النور: 40] .

فيقول لقد كان الإنسان في الماضي لا يستطيع أن يغوص بدون استخدام الآلات أكثر من عشرين مترا، ولكننا نغوص الآن في أعماق البحار بواسطة المعدات الحديثة، فنجد ظلاما شديدا على عمق مائتي متر .. الآية الكريمة تقول: (بَحْرٍ لُّجِّيٍّ) .كما أعطتنا اكتشافات أعماق البحار صورة لمعنى قوله تعالى: (ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ) فالمعروف أن ألوان الطيف سبعة منها: الأحمر والأصفر والأزرق والأخضر والبرتقالي... إلى آخره، فإذا غصنا في أعماق البحر تختفي هذه الألوان واحدا بعد الآخر، واختفاء كل لون يعطي ظلمة، فالأحمر يختفي أولا ثم البرتقالي ثم الأصفر، وآخر الألوان اختفاء هو اللون الأزرق على عمق مائتي متر، كل لون يختفي يعطي جزءا من الظلمة حتى تصل إلى الظلمة الكاملة.

أما قوله تعالى: (مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ) فقد ثبت علمياً أن هناك فاصلا بين الجزء العميق من البحر والجزء العلوي، وأن هذا الفاصل مليء بالأمواج، فكأن هناك أمواجا على حافة الجزء العميق المظلم من البحر، وهذه لا نراها، وهناك أمواج على سطح البحر وهذه نراها، فكأنها موج من فوقه موج، وهذه حقيقة علمية مؤكدة، ولذلك قال البروفيسور (دورجاروا) عن هذه الآيات القرآنية: إن هذا لا يمكن أن يكون علما بشرياً!!.

إذن فهو علم إلهي أعلم الله به نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم، وهناك سر آخر عظيم ألا وهو: أن تحت البحر ناراً توقد، كما قال الله تعالى: (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) [الطور:6] . ولذلك تتفجر هذه البحار يوم القيامة ناراً، كما قال الله تعالى: (وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ) [التكوير:6] .

وقال سبحانه: (وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ) [الانفطار:3] ،

وهذا كله يدل على عظمة الله سبحانه وتعالى، وهناك أسرار أخرى كثيرة يعرفها المختصون من علماء الفلك، وما لم يعلموه أكثر مما علموه.  [ الأنترنت – موقع إسلام ويب ]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليك

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة السادسة والثلاثون بعد المئة في موضوع   ( العظيم ) وستكون بعنوان :

*تعظيم شعائر الله من تقوى القلوب

 التعظيم في اللغة: مصدر عظّم يقال: عظّم فلان الأمر تعظيماً بمعنى فخمه وبجَّلَه، وهو مأخوذ من مادة (ع ظ م) التي تدور حول معنى الكبر والقوة، وعَظُمَ الشيء عِظَماً: كبُر، فهو عظيمٌ، والعَظَمَةُ: الكبرياء.

والشَّعِيرةُ: البَدَنَةُ المُهْداةُ وجمعها: شَعائرُ، وشِعارُ الحَج: مَناسِكُهُ وعلاَماتُه، شَعائِرهُ: مَعالِمُه التي نَدَبَ اللَّهُ إليها، وأمَرَ بالقيامِ بها، والمَشْعَرُ الحَرامُ : بالمُزْدَلِفَةِ.

والحرمات في اللغة: جمع حرمة وهي: ما لا يحل انتهاكه، وهي مأخوذة من مادة (ح ر م) التي تدل على المنع والتشديد يقال: الحلال ضد الحرام، والحرمات: جمع حرمة "بضمتين": وهي ما يجب احترامه، ولهذا سمي الحرمين لحرمتهما، وأنه حرم أن يحدث فيهما، أو يأوي إليهما محدث.

وتعظيم شعائر الله معناه: إذا فسرنا الشعائر بالهدايا فتعظيمها على وجهين:

أحدهما: أن يختارها عظام الأجسام، حساناً، جساماً، سماناً، غالية الأثمان، ويترك المكاس، والمكاس هو: انتقاص الثمن في البياعة، ومنه أُخِذَ المَكَّاس لأَنه يَسْتَنْقِصُه  في شرائها، فقد كانوا يتغالون في ثلاثة، ويكرهون المكاس فيهن: الهدى، والأضحية، والرقبة.

وروي عن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن أبيه: "أنه أهدى نجيبة طلبت منه بثلاثمائة دينار، فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبيعها ويشتري بثمنها بدناً، فنهاه عن ذلك، وقال: بل أهدها، وأهدى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مئة بدنة فيها جمل لأبي جهل في أنفه برة من ذهب"

والوجه الثاني في تعظيم شعائر الله - تعالى -: أن يعتقد أن طاعة الله - تعالى - في التقرب بها، وإهدائها إلى بيته المعظم أمر عظيم لا بد وأن يحتفل به، ويتسارع فيه.

والشعائر: اختلف في معناها فقال بعضهم: هي كل عبادة، وقال بعضهم: بل المناسك في الحج، وقال بعضهم: بل المراد الهدى خاصة، والأصل في الشعائر الأعلام التي بها يعرف الشيء.

وتعظيم شعائر الله - تبارك وتعالى - يقتضي أمور:

1-  تعظيم الله - تعالى -.

2-  وما جاء عنه في كتابه الكريم.

3-  وتعظيم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

4-  وتعظيم حرماته وهي كل ما يجب احترامه، وتعظيم حرماته هو العلم بوجوبها، والإقرار بها، والقيام بحقوقها.

ومن تعظيم حرمات الله - تعالى - تعظيم المقدسات الإسلامية، وتعظيم الشعائر الدينية، وتعظيم المسجد الحرام، ومعرفة مكانته ومنزلته، وأنه أشرف البقاع على وجه الأرض، وأن الذنوب فيه أشد حرمة وأعظم من غيره، ويجب تعظيم شعائر الله - جل وعلا - فيه لقوله - تعالى -: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ}، وتعظيم مسجد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، والأدب مع صاحبه، وعدم رفع الصوت على سنته؛ أو تقديم قول أحد من البشر على قوله.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليك

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة السابعة والثلاثون بعد المئة في موضوع   ( العظيم ) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *تعظيم شعائر الله من تقوى القلوب

والشعائر منها ما هو زماني، ومنها ما هو مكاني:

- فأما الشعائر الزمانية فمن ذلك الأشهر الحرم،

وشهر رمضان، وهناك من الناس من يعظم شعبان أو غيره من الأزمنة أو الأمكنة التي لم يعظمها الله - تبارك وتعالى -، ولا ينبغي ذلك، بل على الناس تعظيم ما عظمه الله وعظمه رسوله صلى الله عليه وسلم على الكيفية التي أَمَرُوا بها، أو وردت عن النبي - عليه الصلاة والسلام - دون ابتداع أو غلو في التعظيم.

- والشعائر المكانية منها الثلاثة المساجد: المسجد الحرام، والمسجد النبوي، وبيت المقدس؛ والمساجد من شعائر الله، ورفع الأذان فيها من شعائر الله، وتعظيمها من تعظيم شعائر الله، ولهذا جاء في تفسير قوله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ } أن الناس كانوا إذا جاءوا إلى مكة وأرادوا الحج أخذوا من لحاء الشجر - ولاسيما شجر السمر الذي يكثر في مكة - وجعلوه علامةً على رقابهم، أو على دوابهم؛ فلا يتعرض لهم أحد أبداً، والقلائد هي التي كان المشركون يتقلدونها إذا أرادوا الحج مقبلين إلى مكة من لِحَاء السَّمُر، وإذا خرجوا منها إلى منازلهم منصرفين منه  لأن الناس كانوا في الجاهلية يقطعون الطريق، فإذا قدم القادم ورأوا عليه هذا الشعار والعلامة عظموا ذلك، ولم يتعرض له أحد؛ فكان هذا حالهم في الجاهلية، فلما جاء الإسلام زاد ذلك تعظيماً وتشريفًا - ولله الحمد - بأن أعاد إلى هذا البيت نقاء وطهارة التوحيد، وجاء رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فعظَّم الحرم أشد مما كان يُعظم في الجاهلية، ودخل في ذلك ما ذكره بعض العلماء من الصفا والمروة، ومزدلفة ومنى، وكل ما عظمه الشرع، ولهذا جاء في تفسير قوله - تعالى -: {وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ}: لا تتركوا الإهداء إلى البيت؛ فإن فيه تعظيمًا لشعائر الله، ولا تتركوا تقليدها في أعناقها لتتميز به عما عداها من الأنعام، وليعلم أنها هدي إلى الكعبة فيجتنبها من يريدها بسوء، وتبعث من يراها على الإتيان بمثله، وأقرب ما يتجه إليه الذهن في معنى {شَعَائِرَ اللَّهِ } في هذا المقام أنها شعائر الحج والعمرة، وما تتضمنه من محرمات على المحرم للحج أو العمرة حتى ينتهي حجه بنحر الهدي الذي ساقه إلى البيت الحرام؛ فلا يستحلها المحرم في فترة إحرامه؛ لأن استحلالها فيه استهانة بحرمة الله الذي شرع هذه الشعائر، وقد نسبها السياق القرآني إلى الله تعظيماً لها، وتحذيراً من استحلالها، والهدي هو الذبيحة التي يسوقها الحاج أو المعتمر؛ وينحرها في آخر أيام الحج أو العمرة، فينهي بها شعائر حجه أو عمرته، وهي ناقة، أو بقرة، أو شاة .

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليك

 

 

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثامنة والثلاثون بعد المئة في موضوع     ( العظيم ) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *تعظيم شعائر الله من تقوى القلوب

وتعظيم حرمات الله يتبعه التحرج من المساس بها وذلك خير عند الله، خير في عالم الضمير والمشاعر، وخير في عالم الحياة والواقع؛ فالضمير الذي يتحرج هو الضمير الذي يتطهر، والحياة التي ترعى فيها حرمات الله هي الحياة التي يأمن فيها البشر من البغي والاعتداء، ويجدون فيها مثابة أمن، وواحة سلام، ومنطقة اطمئنان.

ولما كان المشركون يحرمون بعض الأنعام كالبحيرة والسائبة والوصيلة والحامي فيجعلون لها حرمة، وهي ليست من حرمات الله، بينما هم يعتدون على حرمات الله؛ فإن النص يتحدث عن حل الأنعام إلا ما حرم الله منها كالميتة، والدم، ولحم الخنزير، وما أهل لغير الله به: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ }، وذلك كي لا تكون هنالك حرمات إلا لله؛ ولا يشرع أحد إلا بإذن الله؛ ولا يحكم إلا بشريعة الله.

ويربط بين الهدي الذي ينحره الحاج، وتقوى القلوب؛ إذ أن التقوى هي الغاية من مناسك الحج وشعائره، وهذه المناسك والشعائر إن هي إلا رموز تعبيرية عن التوجه إلى رب البيت وطاعته، وقد تحمل في طياتها ذكريات قديمة من عهد إبراهيم عليه السلام وما تلاه، وهي ذكريات الطاعة والإنابة، والتوجه إلى الله منذ نشأة هذه الأمة المسلمة، فهي والدعاء والصلاة سواء.

وهذه الأنعام التي تتخذ هدياً ينحر في نهاية أيام الإحرام يجوز لصاحبها الانتفاع بها، فإن كان في حاجة إليها ركبها، أو في حاجة إلى ألبانها شربها، حتى تبلغ محلها وهو البيت العتيق، ثم تنحر هناك ليأكل منها، ويطعم البائس الفقير.

ومن الآيات الواردة في تعظيم الحرمات والشعائر:

{ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ}

{ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ}

من الأحاديث الواردة في تعظيم الحرمات والشعائر:

-   حديث جَابِرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: "أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النُّعْمَانُ بْنُ قَوْقَلٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَرَأَيْتَ إِذَا صَلَّيْتُ الْمَكْتُوبَةَ، وَحَرَّمْتُ الْحَرَامَ، وَأَحْلَلْتُ الْحَلَالَ، أَأَدْخُلُ الْجَنَّةَ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ((نَعَمْ))"

- وعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ، فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنْ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ))

- وعَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: ((لَمَّا سَارَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَ الْفَتْحِ فَبَلَغَ ذَلِكَ قُرَيْشًا خَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ، وَبُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ يَلْتَمِسُونَ الْخَبَرَ؛ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَقْبَلُوا يَسِيرُونَ حَتَّى أَتَوْا مَرَّ الظَّهْرَانِ؛ فَإِذَا هُمْ بِنِيرَانٍ كَأَنَّهَا نِيرَانُ عَرَفَةَ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: مَا هَذِهِ؟ لَكَأَنَّهَا نِيرَانُ عَرَفَةَ! فَقَالَ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ: نِيرَانُ بَنِي عَمْرٍو، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: بنوعَمْرٌو أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ؛ فَرَآهُمْ نَاسٌ مِنْ حَرَسِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَدْرَكُوهُمْ فَأَخَذُوهُمْ، فَأَتَوْا بِهِمْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَسْلَمَ أَبُو سُفْيَانَ؛ فَلَمَّا سَارَ قَالَ لِلْعَبَّاسِ: احْبِسْ أَبَا سُفْيَانَ عِنْدَ حَطْمِ الْخَيْلِ حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ؛ فَحَبَسَهُ الْعَبَّاسُ فَجَعَلَتْ الْقَبَائِلُ تَمُرُّ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-  تَمُرُّ كَتِيبَةً كَتِيبَةً عَلَى أَبِي سُفْيَانَ، فَمَرَّتْ كَتِيبَةٌ قَالَ: يَا عَبَّاسُ مَنْ هَذِهِ؟ قَالَ: هَذِهِ غِفَارُ، قَالَ: مَا لِي وَلِغِفَار،َ ثُمَّ مَرَّتْ جُهَيْنَةُ، فقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ مَرَّتْ سَعْدُ بْنُ هُذَيْمٍ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَمَرَّتْ سُلَيْمُ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، حَتَّى أَقْبَلَتْ كَتِيبَةٌ لَمْ يَرَ مِثْلَهَا؛ قَالَ: مَنْ هَذِهِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الْأَنْصَارُ، عَلَيْهِمْ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، مَعَهُ الرَّايَةُ، فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: يَا أَبَا سُفْيَانَ: الْيَوْمَ يَوْمُ الْمَلْحَمَةِ؛ الْيَوْمَ تُسْتَحَلُّ الْكَعْبَةُ؛ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: يَا عَبَّاسُ حَبَّذَا يَوْمُ الذِّمَارِ، ثُمَّ جَاءَتْ كَتِيبَةٌ وَهِيَ أَقَلُّ الْكَتَائِبِ فِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ، وَرَايَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ؛ فَلَمَّا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَبِي سُفْيَانَ، قَالَ: أَلَمْ تَعْلَمْ مَا قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَة؟َ قَالَ: ((مَا قَالَ؟)) قَالَ: كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ: ((كَذَبَ سَعْدٌ؛ وَلَكِنْ هَذَا يَوْمٌ يُعَظِّمُ اللَّهُ فِيهِ الْكَعْبَةَ، وَيَوْمٌ تُكْسَى فِيهِ الْكَعْبَةُ))...الخ     إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليك

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة التاسعة والثلاثون بعد المئة في موضوع    ( العظيم ) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *تعظيم شعائر الله من تقوى القلوب

-وعن أبي هريرة - رضي لله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((دم عفراءَ أحبّ إلى الله من دم سَوداوين) ، أي ضحوا بالعفراء وهي الشاة التي يضرب لونها إلى بياض غير ناصع، والعفرة لون الأرض ، فإن دمها عند الله أفضل من دم شاتين سوداوين)

- وعن أنس رضي لله عنه قال: نحر النبي صلى

 الله عليه وسلم بيده سبع بدن قياماً، وضحى بالمدينة

كبشين أملحين أقرنين"

-   وعن علي - رضي الله عنه - قال: ((أمرنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن نستشرف العين والأذن، وألا نضحي بمقابَلَة، ولا مدابَرَة، ولا شَرْقاء، ولا خَرْقاء))

والنصوص كثيرة بما يتبين من خلالها كيف كان النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه يعظمون الشعائر، وكيف كانوا يحتفلون بها، وما قصة دخول النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة المكرمة، والكيفية التي دخل بها - صلى الله عليه وسلم - مع أنه في حالة نصر على عدوه علينا ببعيدة، إلا أن تعظيمه - صلى الله عليه وسلم - لشعائر الله، وحرماته؛ منعه من أن يحدث شيئاً لا يرضاه الله - تعالى -.

وهكذا نجد أن الله - تبارك وتعالى - قد حث وحض على تعظيم شعائره، وليس أدل على ذلك من قوله - تبارك وتعالى -: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ}، فجعل تعظيم شعائر الله من التقوى، وأضاف التقوى إلى القلوب؛ لأن القلب هو محل التقوى كما جاء عنه - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قال: ((التقوى هاهنا ثلاثاً، وأشار إلى صدره)) ، وإذا خشع القلب واتقى خشعت سائر الجوارح.

وليُعلَم أن شعائر الله - تبارك وتعالى - لا يعظمها إلا من عظم الله واتقاه، وعرفه - تبارك وتعالى -، وقدَّره حق قدره، وهذا أمرٌ لا خلاف فيه بين المسلمين، وكذا كل من يقرأ كتاب الله وسنة رسوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. [ الأنترنت – موقع إمام المسجد ]

قال الشيخ العريفي :أقسام الناس في تعظيم شعائر الله

 • أهل الغلو في تعظيم شعائر الله

 فأما تعظيم الأمكنة بما لم يشرعه الله تبارك وتعالى، فمن ذلك ما يفعله بعض الحجاج والزوار أو العمار -كما ترون- من تعظيم أماكن مخصوصة لم يرد فيها شيءٌ عن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولا عن السلف الصالح، وقد قال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد).

 فما يفعله بعض الناس من الذهاب إلى غار ثور أو إلى غار حراء ويصلون هنالك، ويتبركون في أماكن كثيرة من مكة ، وربما كان أكثر منها في المدينة مما لا أصل له، فكل ذلك محدثٌ مبتدع ولا يجوز أن يقروا عليه

• أهل التفريط في تعظيم شعائر الله

 أما القسم الثاني من الناس: فهم الذين لا يبالون بتعظيم حرمةٍ ولا شعيرةٍ، لا في هذا الحرم ولا في غيره من الأماكن، فلا يعظمون لله تبارك وتعالى مسجدًا ولا حرمةً ولا شعيرةً من الشعائر، وهؤلاء قومٌ قد

ضرب الله تعالى على قلوبهم الغفلة

 • أهل الوسط في تعظيم شعائر الله

 والقسم الثالث: هم أهل الهدى، وأهل السنة هم القوم الوسط الذين عظموا ما عظم الله عز وجل، وتركوا ما لم يعظمه الله، واتبعوا سنة رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فاتبعوا ولم يبتدعوا. [ الأنترنت- موقع العريفي ]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليك

 

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الأربعون بعد المئة في موضوع   ( العظيم ) وستكون بعنوان :

*أعظم شعائر الإسلام الظاهرة (الصلاة )

يقول الله تعالى : {ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب} الحج .

وقد أجمع العلماء على أن أعظم شعائر الله الظاهرة: الصلاة، ولها قدر عظيم وشأنٌ كبير عند الله تعالى، ومما يعين المسلم على تعظيم قدر الصلاة أن يعلم ما انفردت به هذه العبادة العظيمة من خصائص وميّزات عن سائر العبادات ،

 ومن هذه الخصائص والميّزات أن الصلاة :

1ـ أول ما فرض الله تعالى بعد الإيمان به سبحانه وتوحيده .

2ـ أعظم ما فرض الله تعالى بعد الإيمان به وتوحيده، فهي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، أعظم من الصوم والزّكاة والحجّ .

3ـ أعظم شعائر الإسلام الظاهرة، وخير عمل المسلم كما في الحديث “واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة”  [ رواه الإمام أحمد وصححه الألباني صحيح الجامع .]

4ـ فرضت في السماء، في حادثة الإسراء والمعراج، بخلاف سائر أركان الإسلام.

5ـ فرضت على جميع الأنبياء والمرسلين، ويتعبّد لله بها أهل السموات والأرض .

6ـ أوّل ما يؤمر به المسلم في صغره، كما في الحديث “مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين الحديث، [ رواه الإمام أحمد وأبو داود وحسنه الألباني صحيح الجامع.]

7ـ آخر ما وصّى به النبيّ صلى الله عليه وسلم عند موته كما في الحديث  ” الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم”   [رواه الإمام أحمد والنسائي وصححه الألباني صحيح الجامع .]

8ـ لا تسقط عن المسلم ما دامٍ مكلّفاً، ما عدا الحائض والنفساء، فيصلّي المسلم مسافراً أو خائفاً ومريضاً على حسب استطاعته، بخلاف الصوم والزكاة والحجّ فتسقط بالأعذار .

9ـ لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أن شيئاً من أعمال الإسلام تركه كفر إلا الصلاة كما في الحديث (إن بين الرجل والكفر والشرك ترك الصلاة) [رواه مسلم]، وفي الحديث الآخر (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) [ رواه أهل السنن وصححه الألباني صحيح الجامع .]

10ـ آخر ما نفقد من ديننا ، كما في الحديث “وآخر ما يبقى من دينهم الصلاة…” [حسنه الألباني صحيح الجامع .]

11ـ سمّاها الله إيماناً كما في قوله تعالى : {وما كان الله ليضيع إيمانكم… الآية} البقرة .

12ـ أقرب ما يكون العبد من ربّه وهو ساجد، كما

ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم في[صحيح مسلم]

13ـ أعظم الأسباب المعينة على مرافقة النبي  صلى الله عليه وسلم في الجنّة، فقد قال عليه الصلاة والسلام لمن سأله مرافقته في الجنّة : “أعنّي على نفسك بكثرة السجود” [رواه مسلم .]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليك

 

 

 

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الواحدة والأربعون بعد المئة في موضوع    ( العظيم ) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *أعظم شعائر الإسلام الظاهرة (الصلاة )

14ـ يتمايز بها المؤمنون عن المنافقين يوم القيامة بالسجود، كما في قوله تعالى : {يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون} القلم .

15ـ أعظم وأبرز العلامات التي يعرف بها النبي أمته ، كما في الحديث : “إن أمتي يدعون يوم القيامة غرّاً محجّلين من آثار الوضوء…” [رواه البخاري ومسلم .]

16ـ تحمي صاحبها يوم القيامة ولو دخل النار،

كما أخبر النبي في الحديث” حرّم الله عزّ وجل على النار أن تأكل أثر السجود” [متفق عليه .]

17ـ أعظم ما يعصم المسلم من الفواحش والمنكرات والجرائم، كما في قوله تعالى : {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} الآية ، العنكبوت .

18ـ أعظم ما يعصم الدمّ بعد الإيمان بالله تعالى ، قال تعالى : {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلّوا سبيلهم} التوبة الآية وفي الحديث “إني نهيت عن قتل المصلّين” [رواه أبو داود والإمام أحمد وصححه الألباني صحيح الجامع .]

19ـ أمر الله بالاستعانة بها، قال تعالى : {واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين} البقرة .

وقال تعالى : {يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة} الآية البقرة .

20ـ كان النبي r إذا حزبه أمر أو حزنه أمر فزع إلى الصلاة، [رواه الإمام أحمد وأبو داود وحسنه الألباني صحيح الجامع .]

21ـ كان النبيr ينادي : يا بلال أقم الصلاة، أرحنا بها.[ رواه الإمام أحمد وأبو داود وصححه الألباني صحيح الجامع .]

22ـ قرّة عين النبي كما في الحديث “جعلت قرّة عيني في الصلاة” [ رواه الإمام أحمد وصححه الألباني صحيح الجامع .]               23ـ ميزان لسائر الأعمال كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: من حافظ عليها فهو لما سواها

أحفظ ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع.

24ـ ميزان لمعرفة مكانتنا عند الله تعالى، قال الإمام أحمد رحمه الله : من أراد أن يعرف مكانته عند الله فلينظر إلى مكانة الصلاة عنده.

25ـ جميع أعمالها توحيد لله تعالى وتعظيم له سبحانه وتكبير وتسبيح وتحميد وتهليل وتواضع وتذلّل بين يدي الله جلّ جلاله، فتجتمع فيها أجلّ العبادات .

26ـ مناجاة مباشرة بين العبد وربّه، فإذا قرأ المصلّي الفاتحة فقال : الحمد لله ربّ العالمين قال الله : حمدني عبدي، فإذا قال : الرحمن الرحيم، قال الله : أثنى عليّ عبدي، فإذا قال : مالك يوم الدين قال الله : مجّدني عبدي.. إلى آخره كما ورد في الحديث الذي  [رواه مسلم ]، وقال عليه الصلاة والسلام (إن أحدكم إذا كان في صلاته فإنه يناجي ربه) [متفق عليه .]

27ـ أوّل ما يحاسب به العبد يوم القيامة، كما في الحديث الذي [ رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي] وفي رواية (فإن صلحت صلح سائر عمله وإن فسدت فسد سائر عمله) [وصححهما الألباني رحمه الله صحيح الجامع .]

28ـ من أعظم أسباب مغفرة الذنوب، قال عليه الصلاة والسلام : “ما من مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها إلا كانت كفّارة لما قبلها من الذنوب ما لم تؤت كبيرة، وذلك الدهر كلّ) م

29ـ أعظم أسباب الفلاح في الدنيا والآخرة بعد الإيمان بالله تعالى، قال تعالى : {قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون…} الآية المؤمنون .

30ـ أعظم أسباب تزكية النفس وتحرّرها من الهلع والجزع والبخل وسيء الأخلاق، قال تعالى :

{إن الإنسان خلق هلوعاً إذا مسّه الشر جزوعاً وإذا مسه الخير منوعاً إلا المصلّين…} الآية المعارج

[ الأنترنت – موقع صدى بور سعيد ]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليك

 

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثانية والأربعون بعد المئة في موضوع      ( العظيم ) وستكون بعنوان : *الْقُرْآَنَ  كله عَظِيمَ

    قال الحافظ ابن كثير - بعد أن ذكَر حديث أبي سعيد بن المعلَّى -: "فهذا نَصٌّ في أنَّ الفاتحة السبع المثاني والقرآن العظيم، ولكن لا يُنافي وصْفَ غيرها من السَّبع الطُّوَل بذلك؛ لِما فيها من هذه الصِّفة، كما لا يُنافي وصف القرآن بكماله بذلك أيضًا، كما قال تعالى: ﴿ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ ﴾، وهو القرآن العظيم أيضًا، كما أنه -صلى الله عليه وسلم- لَمَّا سُئِل عن المسجد الذي أُسِّس على التقوى: أشار إلى مسجده، والآية نزلَتْ في مسجد قباء، فلا تنافِيَ، فإنَّ ذكر الشيء لا ينفي ذِكْرَ ما عداه إذا اشتَركا في الصِّفة، والله أعلم"؛ اهـ.

وقال  محمد صادق عرنوس : إذا تدبَّرْنا كلام اللُّغويِّين، وعرفنا منه اشتقاق كلمة "الْمثاني" وأنَّها من ثَنْي طرَفَيِ الشَّيء وتكرير الشيء، ومن الثناء بالذِّكر الجميل، وجَمعنا كلام المفسِّرين وتدبَّرنا الآية حق التدبُّر، وجمعنا إليها آيةَ سورة الزمر في وصْف القرآن كلِّه، كما قال ابن عبَّاس وطاوس وأبو كامل وزياد بن أبي مريم وغيرهم، ورجَعْنا إلى سورة الحجر واستعرَضْنا فيها ما امْتَنَّ اللهُ على أنبيائه الذين ذكروا فيها، وما أيَّدَهم به من المعجزات، وما نصرَهم به على أعدائهم الكافرين فيها، وما أيَّدَهم به من المعجزات، وما نصرهم به على أعدائهم الكافرين المُجرمين، عرَفْنا من ذلك كلِّه أنَّ معنى الآية - والله أعلم - أنَّ الله - تعالى ذِكْرُه - يقول لعبده ورسوله محمد -صلى الله عليه وسلم-: إنِّي كما أيَّدْتُ رسلي مِن قبلك بالآيات، ونصرتُهم على عدوِّهم بأسباب الهلاك - مؤيِّدُك وناصرك، ومُعطيك من الآيات وأسباب الْهلاك والخزي والمَحْق لأعدائك ما هو أقوى وأثبت، وأبقى على الزَّمن مِمَّا أعطيت رسلي السابقين، فآية إبراهيم: جعْلُ النَّار بردًا وسلامًا، وآية لوطٍ: تنكيس قرية قومه، وجَعْل عاليها سافِلَها، وإرسال الحجارة من سجِّيل عليهم، وآية صالح: إخراج النَّاقة، والصيحة التي أُرسلت على قومه، فأصبحوا في ديارهم جاثِمين، كلُّ ذلك قد ذهب وانقضى بعد وقوعه وقيام الحجَّة للمُرْسَلين على أعدائهم به، وبعد تمام التأييد والنَّصر للمرسلين على الكافرين.

لكن ما أُعطيكَ وما أُؤيِّدُكَ وأنصرك به سيبقى على وجْه الدهر حجَّةً لك ولِمَن اتَّبعك على هدًى وبصيرة، وسببًا قويًّا لِمَحق وإهلاك مَن لم يؤمن بك ولم يتَّبعْك إلى آخر الدَّهر، وهو هذا القرآن العظيم الذي يدعو بِما فيه من أحسن الحديث والحُجَجِ القوية القاهرة، والنُّذُر والوعيد الذي لا يتخلَّف من القاهر فوق عباده، وبِما فيه من الهدى والرحمة، والشِّفاء لما في الصُّدور من كلِّ أمراضها من الأهواء والشُّكوك والشهوات، وبِما فيه من الهداية إلى الصِّراط السويِّ والطريق المستقيم الذي يَكْفل لِمَن استقام عليه من بني آدم أسودِهم وأبيضِهم، في كلِّ زمنٍ وبلد، وبأيِّ صفة ومن أيِّ طبقة - إذا هو استقام عليه صادقًا مُخلصًا - أطيبَ عيش، وأهنَأَ حياةٍ في الفرد والأسرة، والحكومة والإدارة، في كلِّ شؤونهم الدُّنيوية، فيكونون في أمْنٍ شامل وعزَّة ومنَعة، وهدوءِ بالٍ واطمئنان على الأنفس والأموال، وأخوَّة شفيقة، متعاونة على كلِّ بِرٍّ وتقوى، كل ذلك وأكثر منه في هذا الكتاب الذي أنزله عليك ربُّك متشابِهًا: يشبه بعضه بعضًا في كلِّ هذه المعاني، كل سورة، وكل آية منْه: هي شبيهة بالأخرى في هذا المعْنَى والمقصد، ولا تقلُّ عنها ولا تنقص، في أسلوب عذْب، وكلام كله حلاوة وحُسْن، يدعو تالِيَه حقَّ تلاوته إلى أن يثنيه ويعود إليه، فلا يفرغ منه إلاَّ وقد دعاه ما وجد من القوَّة الجديدة في إيمانه وآياته ونِعَمِه التي تسلَّح بِها من معاني هذا الكتاب،

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليك

 

 

 

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثالثة والأربعون بعد المئة في موضوع      ( العظيم ) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *الْقُرْآَنَ  كله عَظِيمَ

وما أعطاه ربُّه من النَّصر المؤزَّر على عدوِّه من نفسه الأمَّارة وهواه، وعدوِّه الخارج من شياطين الجن والإنس، وما استفاده من الهدى متعة القلب ونعيمه بِحَلاوة القرآن وعذوبة لفْظِه، والآداب والأخلاق، والصَّلاح والاستقامة وطِيب العيش، واطمِئْنان النَّفْس وسُمُوِّ الرُّوح، وعلُوِّ المكانة، وكرامة الإنسانيَّة، وطهارة القلب، وقوَّة الشخصية وعزَّتِها، وجد في ذلك وغيره: ما دعاه إلى أن يعود إلى ورود منْهَلِه العذب مرارًا وتَكْرارًا، لا يشبع منه ولا يسأمه، ولا يَجِد في غيره أيَّ غناءٍ عنه، ما دام في هذه الحياة.

وهو بذلك سيجد أنَّه نال بتلاوته الصِّفات الكريمة؛ من شجاعة وثبات في القلب، وصدْقِ عزيمة، وقوةِ صَبْر، ونور بصيرة، وشديد الوثوق بربِّه، وعظيم توكُّلِه عليه وحده، يخرج بِها إلى مضمار الحياة، واثِقًا من نصر الله وتأييده له، وإعطائه النَّجاح والفلاح في كلِّ شأنه، وكل هذا وغيره من المَحامد وأسباب الثَّناء وجميل الذِّكر في الدُّنيا والآخرة؛ إذْ عرف به ربَّه وسُنَنَه وآياتِه، ونعَمَه التي يواليها عليه ليُربِّيَه بِها، ويعلي قدْرَه، ويرفع ذِكْرَه، فهو دائم الثَّناء على ربِّه، وهو مؤمن بأنَّ خلع المحامد والثناء والذِّكر الجميل في الملأ الأعلى تتجدَّد عليه من ربِّه بتلاوة هذا القرآن العظيم حقَّ تلاوته، وبتدبُّره وفهمه والاهتداء بِهُداه، ووضعه دائمًا على أدواء قلبه، فينال به الشِّفاء والعافية، وهو شاعر ومحسٌّ كلَّ الإحساس بهذه الخِلَع تُخلع عليه من ربِّه، ما دام مواظبًا على هذه التِّلاوة - بما يهَبُه ربُّه من زيادة الْهُدى والإيمان والحكمة والرشد، والرُّسوخ في العلم بالله وأسمائه وصفاته، وآياته وسننه، وكتبه ورسله، وزيادة العلم والمعرفة بعبوديته وفَقْرِه وحاجته، والمعرفة لربوبيَّة ربِّه، ومتتالي النعم التي يربِّيه بها، وكلَّما ازداد علمًا بذلك، وهُدًى لذلك، ازداد شغفًا وشوقًا إلى العود إلى تلاوته، وتدبُّره وفقهه وفهمه، وتطبيقه على نفسه وعلى مجتمعه جهدَ طاقته، وقدْرَ استطاعته، فيزداد تعلُّقًا بربِّه وإقبالاً عليه، ويحس من قلبه بِمَعيَّة ربِّه له حين يتلو كلامه، وحين يجد أبواب الخير مفتَّحة أمامه، وسبل الهدى والرَّشاد ممهَّدة بين يديه من فضل ربه عليه.

وهذا - وربِّي - هو "القرآن العظيم"؛ العظيم في حلاوة أسلوبه، وعُذوبة منطقِه، وقوَّة تناسق آياته وكلماته، بل وحروفه، العظيمُ في مقاصده ومعانيه، وما يدعو بِها ربُّنا المؤمن به إلى أعلى درجات الكمال الإنساني في الدُّنيا والآخرة، العظيم في تشخيصه لأمراض النَّفس وعللها بِمنتهى الدقَّة والتحديد، فإنه تشخيص الربِّ الذي خلقها وصَوَّرها وسوَّاها، وهو اللطيف الخبير، العظيم في وصْفِ دوائها ومقاديره وأوقاته الصالحة لاستئصال كلِّ الأدواء والعِلَل، وإعادة النفس إلى أصل الفطرة زكيَّة طاهرة نقيَّة صافية، صالحة لِتَنَزُّل نِعَم الله وآياته عليها وفيها، فتَقْبلها أحسن قبول، وتقدِّرها أعظم تقدير، وتشكرها حقَّ شكرها، فتكون من المُحسنين المفلحين.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليك

 

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الرابعة والأربعون بعد المئة في موضوع      ( العظيم ) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *الْقُرْآَنَ  كله عَظِيمَ

العظيم في رسمه خططَ الحياة الرشيدة لكلِّ فرد، ولكلِّ أسرة، ولكل مُجتمع، والوصية الصادقة، والحصن القوي، الذي تتجلَّى فيه الرحمة بأْجَلى معانيها على الحرص على تَحرِّي هذا المنهج القويم، والاستقامة على هذه الخُطَط الحكيمة الرشيدة، العظيم في سَوْقه العِبَرَ قويَّة واضحة بتصويره أوضح صورة وأدقَّها وأجلاها للسَّابقين من الأُمَم مؤمنِهم وكافرهم، وما كان لكلِّ منهم من الجزاء العادل، بِما تقتضيه سنن الربِّ العالِم العادل العزيز الحكيم، تلك السُّنن لا تتبدَّل ولا تتحول، العظيم في دقَّة تطبيق هذه الصُّوَر على الحاضرين الذين لا يزالون يعيشون في هذه الحياة، ويتلون ويسمعون هذه المثاني والقرآن العظيم، العظيم في تشريعه الشَّرائع المصلحة لكلِّ نَفْس بِما يناسبها ويقطع دابر الشرِّ والفساد، ويغذِّيها لدينها ودنياها وآخرتها، العظيم في أحكامه وما أقام لها من حدودٍ، وأحاطها من أسوار قويَّة، لا يخترقها ويتعدَّاها إلاَّ كل فاجر كفار.

العظيم في نقل صورة الآخرة بِمَواقفها وحسابها وجزائها الأوفَى، القائم على العدل المُطْلق والحكمة البالغة، الذي يُجزى فيه كلُّ نفس بما كسبت، ويوزن فيه ما كسبت كلُّ نفس بأدقِّ ميزان، حتَّى لا تظلم مثقال ذرَّة، ويُجزى به كلُّ عامل على عمله: ﴿ فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ ﴾ [المؤمنون: 101]، فترى الجنَّة في القرآن العظيم بألوان نعيمها المختلفة، حتَّى كأنك فيها ترى أنْهارها وقصورها وأرائكها، وطعامها وشرابها، وأوانيها وولدانَها، وتسمع عذْبَ حديث المؤمنين على سررهم متقابلين، جعلنا الله منهم.

وكذلك النَّار بزفيرها وشهيقها وتَميُّزها، وسلاسلها وأغلالها، وتصايح أهلها بالويل والثُّبور والتلاوم والتَّخاصم فيها، كأنك تَمْشي فيها تجسُّ لَهيبها، ويصكُّ مسامِعَك صليلُ سلاسلها وأغلالها وتخاصُم أهلها، حتى لتكاد تكشف عن ساقَيْكَ وتُحاول الفرار منها، أسأل الله أن يعيذني وإيَّاك منها.

العظيم في قوَّة انتزاعه لجراثيم البَغْي والفساد، واقتلاعه لجذور الوثنيَّة والكفر والفسوق والعصيان، واجتثاث جذورها من القلوب المُقْبِلة بصدق على تدبُّره وفقهه والانتفاع به، العظيم في غرس شجرة العقيدة الصحيحة، والإيمان الصادق بالله وكتبه ورسلِه واليوم الآخر، والأعمال الصالحة، والأخلاق الكريمة، وتنْمِيتها وتعهُّدِها بالسقي والتربية، حتَّى تكون أبدًا نامية مُثْمِرة تؤتِي أكُلَها الطَّيِّب كلَّ حين بإذن ربها.

ولو ذهب من هو أفصح وأقوى بيانًا ألف مرَّة يعدِّد عظمة القرآن العظيم ما استطاع ذلك، ولا قدر عليه؛ فقد حاول مَن حاول ذلك من أئمَّة العلماء - رحمهم الله وأثابَهم ما هم له أهل - فارتَدُّوا عاجزين، مُعْلِنين بِعَجزِهم لكلِّ مؤمنٍ بالقرآن العظيم المتجدِّد ذِكْرُه وهُداه، وإحياؤه للقلوب الميتة: بأنَّ القرآن العظيم أبدًا مُعْجِز، لكنك تستطيع أن تعرف وتنتفع من عظمة القرآن بقدر ما تُقْبِل عليه بقلبٍ يوقن كلَّ اليقين أنَّه مريض بألوان أمراض الجهل والسَّفَه والكفر والفُسوق والعصيان مِمَّا ورث من الآباء والشُّيوخ، والقرناء والمال، والبنين والنِّساء، وما تضطرب به الحياة من فِتَن، وأنه مريض الأمراض التي لو بقيت فيه لأهلكَتْه أشقى هلاك في الدنيا والآخرة، وأنه لا يجد الشِّفاء والعافية، والقوَّة والحياة الطيبة الآمنة في عقيدته وعِلْمه، وعمَلِه لدنياه ودينه وآخرته، إلاَّ في الإقبال على مَنْهل القرآن العَذْب، ومورده الصافي، يقرؤه كأنَّه نزل الآن يخاطبه به ربُّه، ويوحيه إليه ربُّه، ويهديه به ربُّه، ويعالجه به ربُّه الحكيم الخبير ربُّ العالمين، الرحمن الرحيم.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليك

 

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الخامسة والأربعون بعد المئة في موضوع      ( العظيم ) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *الْقُرْآَنَ  كله عَظِيمَ

فيتلوه بقلبه وروحه، ويوقظ كلَّ حاسَّة فيه عند تلاوته؛ لتستمع وتنصت إلى ربِّها يُداويها ويناديها إلى ما يُحبُّه لها، وما أوحى به إليها وأنزل لَها من موائد العافية والقوَّة والفلاَح، فتُقْبِل مُصْغية، خاشعة مُخْبِتة، فَرِحة مسرورة، فتعرف عظمة القرآن، وتعرف عظمة مُنَزِّل القرآن، وتعرف عظمة من نزَل بالقرآن، وعظمة خاتم المرسلين الذي أعطاه ربُّه السَّبعَ المثاني والقرآن العظيم، وخصَّه به، وفضَّله به على سائر مَن سبق من المرسلين، وتعرف سرَّ ما تعهَّد به ربُّنا في أول هذه السُّورة:  ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9]، وتفهم أن الله سبحانه قد أعطى نبيَّنا الكريم محمدًا -صلى الله عليه وسلم- هذه المعاني السبع المثاني، أو هذه الآيات السَّبع من سورة الفاتحة، التي هي مُجْملٌ قد فصَّله القرآن، وأُمٌّ تفرَّع منها القرآن، وتعرف عظمة ما وهبك ربُّك وما تفضَّل عليك بهداية القرآن، والسعادة بالعلم واليقين، والإيمان الصادق، والعقيدة الصالحة، والأعمال الحسنة، والاستقامة والعزَّة والكرامة مِمَّا جنَيْت من ثمار هذا القرآن العظيم.

ومن المناسب هنا كلَّ المناسبة: ما روى الترمذي - وقال: حسن غريب - عن عليٍّ - رضي الله عنه - قال: سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إنَّها ستكون فتنة))، قلتُ: ما المَخْرج منها يا رسول الله؟ قال: ((كتاب الله؛ فيه نبَأُ مَن قبلكم، وخبَرُ ما بعدكم، وحُكْم ما بينكم، هو الفَصْل ليس بالهزل، مَن تركه مِن جبَّارٍ قصمه الله، ومن ابتغى الهدى من غيره أضلَّه الله، هو حبل الله المتين، وهو الذِّكر الحكيم، وهو الصِّراط المستقيم، هو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتَبِس به الألْسِنَة، ولا تشبع منه العلماء، ولا يَخْلَق عن كثرة الردِّ، ولا تنقضي عجائبه، وهو الذي لم تنتهِ الجن إذْ سمعَتْه حتى قالوا: ﴿ إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ ﴾ [الجن: 1 - 2]، من قال به صدَق، ومن عمل به أُجِر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدى إلى صراط مستقيم))[6].

أسأل الله أن يجعلني وإيَّاك مِمَّن عرفوا ذلك للقرآن، خصوصًا وقد أحاطَتْ بنا فِتَن هذا الزَّمان، وأن يجعله شفاءَ قلوبنا، وجلاء هَمِّنا، وذهاب حزننا، وأن يوفِّق المسلمين جميعًا لذلك؛ لِيَنالوا به العزَّة العظيمة، والقوة العظيمة، والنَّصر العظيم، كما نال ذلك سلَفُنا الصالحون - رضي الله عنهم - وصلَّى الله وسلم على محمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين [ الأنترنت – موقع الألوكة - محمد صادق عرنوس    

 إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليك

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة السادسة والأربعون بعد المئة في موضوع      ( العظيم ) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *الْقُرْآَنَ  كله عَظِيمَ

وقال الشيخ الحذيفي : من أعظم محاسن ديننا كتاب ربنا .. القرآن العظيم

هل علِمتَ وعرفتَ عظمةَ القرآن الكريم ومنزلتَه في قلبك، وأدركتَ تمام الإدراك حقائقَ فضائلِه وعمومَ خيره وبركاته ونفعِه؟!

لن تعرف – أيها المسلم – حقائقَ عظمة القرآن العظيم، وقدرَ منزلته في قلبِك إلا إذا علِمتَ تعظيمَ الله – عز وجل – لكتابه، وثناءَه على كلامِه، ورفعَ مكانته عند ربِّ العزة والجلال – سبحانه -، وعرفتَ عظيمَ منزلته عند الملائِكة الكرام، وعرفتَ فضلَه عند الأنبياء وأُممهم وعند أهل الكتاب، وعند الإنس والجنِّ، وكفى بالله شهيدًا.

إن ربَّ العزَّة والجلال عظَّم القرآن الكريم ورفعَ منزلته كما هو أهلُه، وكما يستحقُّ من الثناء بالأوصاف بكل جميلٍ، وأكثرَ الله من ذكرِ هذا الكتاب العزيز ذكرًا جعلَه في أعزِّ مكانةٍ، موصوفًا بأحسن النُّعوت وأجلِّ الصفات، ليعلمَ الناسُ عظمةَ هذا القرآن،وليعلَموا قدرَ

نعمةِ كلامِ الله على العباد؛فأعظمُ النِّعَم الإيمان والقرآن

وفضلُ كلام الله على سائر الكلام كفضلِ الله على خلقِه.

وصفَ اللهُ القرآنَ الكريمَ بأنَّه (الحق)، قال الله تعالى: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ) [السجدة: 3].

والحق: هو الثابتُ الذي لا يتغيَّر، ولا يُبطِله شيء، ولا يلحقُه نقص، ولا يشُوبُه باطلٌ، وهو الذي يدلُّ على كل خيرٍ وينهَى عن كل شرٍّ، قال الله تعالى: (وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) [فصلت: 41، 42].

وقال تعالى في وصف هذا القرآن: (كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) [هود: 1]، وقال تعالى:(وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ) [الأعراف: 52]، وقال تعالى: (تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ) [يونس: 1]، وقال – عز وجل -: (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ) [البروج: 21].

وقال – تبارك وتعالى -: (قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) [يونس: 57]، وقال – عز وجل -: (فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا) [التغابن: 8]، وقال – تبارك وتعالى -: (وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) [الأنعام: 92]، وقال – عز وجل -: (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) [الزخرف: 4].

   وقد فصَّل الله في القرآن كلَّ شيءٍ، قال تبارك

وتعالى -: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) [النحل: 89].

وحفِظَه الله من الزيادة والنُّقصان، قال – عز وجل -: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) [الحجر: 9].

وكثرةُ أسماء القرآن وصفاتِه العُظمى تدلُّ على تعدُّد المعاني الجليلة له، وما ذكرنَاه قليلٌ من كثيرٍ، والملائكةُ الكِرام يُعظِّمُون هذا القرآنَ لعلمِهم بفضائلِه، قال الله تعالى: (لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا) [النساء: 166].

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليك

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة السابعة والأربعون بعد المئة في موضوع      ( العظيم ) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *الْقُرْآَنَ  كله عَظِيمَ

وقال الشيخ الحذيفي : من أعظم محاسن ديننا كتاب ربنا .. القرآن العظيم

وقال تعالى عن هذا القرآن: (فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ

(13) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (14) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ) [عبس: 13- 15]. قال المُفسِّرون: “هم الملائكة”.

وعن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم – قال: «الذي يقرأُ القرآن وهو به ماهرٌ مع

 الكرام البرَرة» [ رواه البخاري ومسلم.]

وأما تعظيمُ القرآن المجيد عند الأنبياء – عليهم الصلاة والسلام – وعند أُممهم المؤمنين بهم، فقد قال تعالى في ذلك: (وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ) [الشعراء: 196].

قال ابن كثير – رحمه الله – في “تفسيره”: “وإن ذِكرَ هذا القرآن والتنويهَ به لموجودٌ في كُتب الأولين المأثُورة عن أنبيائِهم الذين بشَّروا به في قديمِ الدهر وحديثِه، كما أخذَ الله عليهم الميثاقَ بذلك”. اهـ.

وقال تعالى: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [الأحقاف: 10]، وقال تعالى: (قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا) [الإسراء: 107- 109].

وقال تعالى عن القسِّيسين والرُّهبان المُذعِنين للحقِّ: (وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ) [المائدة: 83].

ولما سمِعَت الجنُّ هذا القرآن آمَنوا به، وعظَّموه، ودعَوا إليه من وراءَهم، قال تعالى: (فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29) قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ) [الأحقاف: 29، 30]، وأنزل الله في هذا سورةَ الجنِّ، وفيها عِبَر ومواعِظ وأحكامٌ جليلة.

وما كان رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – يتلُو هذا القرآن على أحدٍ من البشر وهو مُتجرِّدٌ من الكِبر والهوَى والحسَد والاغترار بزُخرف الدنيا ومتاعِها إلا أسلمَ مكانه، وصارَ آيةً في كل كمالٍ بشريٍّ، وما ذلك إلا لقوة سُلطان القرآن على القلوب، وشدَّة تأثيره على النفوس.

فإذا عرفتَ – أيها المسلم – عظمةَ هذا القرآن ومكانتَه عند ربِّ العالمين الذي أنزلَه، وعند الملائكة، وعند الأنبياء وأُممهم، وعند أهل الكتاب المُصدِّقين بالحق، وعند الصحابة، وعند الجنِّ؛ عرفتَ منزلةَ هذا القرآن الكريم في قلبِك.وتعرفُ ذلك من نفسِك تمامًا، فإن كان تعظيمُ القرآن في قلبِك ومكانتَه ومنزلتَه في قلبِك كما يحبُّ ربُّنا، وكما يجبُ للقرآن، وكما يليقُ بهذا الكتاب، وكما أمر الله – تبارك وتعالى -، فاحمَد الله تعالى على هذه النِّعمة، واسأل الله – تبارك وتعالى – الثباتَ على تعظيم القرآن المجيد.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليك

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثامنة والأربعون بعد المئة في موضوع      ( العظيم ) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *الْقُرْآَنَ  كله عَظِيمَ

وقال الشيخ الحذيفي : من أعظم محاسن ديننا كتاب ربنا .. القرآن العظيم

وإن كان تعظيمُ القرآن ومنزلتُه في قلبك أقلَّ مما يجبُ وأقلَّ مما يليقُ بالقرآن العظيم، فتُب إلى الله،واستدرِك  ما كان من نقصٍ، وتدارَك ما فاتَ من العُمر؛ فما أنت فيه من خيرٍ ونِعمةٍ وطاعةٍ في الدنيا، وما تكون فيه في الآخرة من نعيمِ الجنة والنجاة من النار فسببُه القرآن.

 فاعرِف له قدرَه، وقُم بما يجبُ له.

وقد أيَّد الله سيدَ البشر محمدًا – صلى الله عليه وسلم – بالمُعجِزات الكثيرة التي يُؤمنُ على مثلِها الناس، ولكنَّ أعظمَ مُعجِزةٍ للنبي – صلى الله عليه وسلم – هي: القرآن العظيم، لقول النبي – عليه الصلاة والسلام -: «ما من نبيٍّ بعثَه الله إلا أُوتِي ما مثلُه آمنَ عليه البشر، وإنما الذي أُوتيتُه وحيًا، فأرجو أن أكون أكثرَهم تابِعًا»؛ [رواه البخاري من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه -.] فالقرآنُ المجيدُ هو المُعجِزةُ العُظمى في كل زمانٍ، باقِيةٌ إلى آخر الدهر.               وإعجازُ القرآن العظيم في نظمِه وبلاغَته،وفي تشريعاته وفي شُمولِ أحكامه، وفي عدلِه ورحمتِه وحكمتِه، وفي وفائِه بحاجات البشر، وفي أبديَّة بقائِه بلا زيادةٍ ولا نُقصان، وفي تأثيره العظيم على القلوب؛ فقد عجِز الإنسُ والجنُّ أن يأتُوا بمثلِه أو بعشرِ سُورٍ مثلِه، قال الله تعالى: (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا) [الإسراء: 88]. بل عجِزوا أن يأتوا بسورةٍ من مثلِه؛ فسورةُ الكوثر أعجَزتهم، وهي عَشرُ كلماتٍ.

ولما سألَ الكفارُ آياتٍ ماديَّة، بيَّن الله أن القرآن أعظم المُعجِزات، قال الله تعالى: (وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (50) أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [العنكبوت: 50، 51]، وقال تعالى: (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ) [الجاثية: 185].

والقرآنُ الكريمُ يُخاطِبُ العقل البشري في كل زمانٍ بالبراهين والأدلَّة التي يُذعِنُ معها العقلُ ويُسلِّمُ بها، فينقادُ الإنسانُ للحقِّ راضيًا مُختارًا، مُحبًّا للحق، مُبغِضًا للباطلِ، أو يُعرِضُ الإنسانُ مُعاندًا مُكابِرًا، قد تبيَّن له الحقُّ والباطل، وقد قامَت عليه حُجَّة الله، ولن يضُرَّ إلا نفسَه.

والقرآنُ الكريمُ يسلُك شتَّى الطرق النافِعة لهداية

 المُكلَّفين، والتي يقصُرُ عنها العقلُ البشري، قال الله تعالى: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا) [الإسراء: 9]. فالقرآنُ العظيم ينفعُ المُكلَّفين أعظمَ النفع، ويُصلِحُ المجتمع، وينشُر الرحمة والعدل، ويُصلِحُ القلوب، ويجلِبُ الخيرات، ويدفعُ الشُّرور والمُهلِكات إذا داوَم المُكلَّفون على تلاوتِه، وتدبَّروا معانِيه، وعمِلوا به، وتعلَّموه وعلَّموه.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليك

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة التاسعة والأربعون بعد المئة في موضوع      ( العظيم ) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *الْقُرْآَنَ  كله عَظِيمَ

وقال الشيخ الحذيفي : من أعظم محاسن ديننا كتاب ربنا .. القرآن العظيم

وقد كان هذا النهجُ ديدنَ الصحابة رضي الله عنهم  يُعلِّمون الأُمم القرآنَ عملاً بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم  وقد أمرَ عُمرُ رضي الله عنه عُمَّالَه والصحابةَ في الأمصار بتعليم الناس القرآن والإقلال من الحديث.  قال: لئلا ينشَغِلَ الناسُ عن القرآن .

والقرآنُ حياتُهم وعِزُّهم، وفصلُ ما بينهم، لم يرِد عليهم مُعضِلةٌ وكبيرةٌ أو صغيرةٌ إلا وجَدوا حُكمَها في القرآن. فهو نورُ حياتهم، وقائِدُهم إلى كل خير، ولا صلاح لأمة الإسلام إلا بأن تسلُك طريقَهم وتتَّبِع آثارَهم؛ فالقرآن هو الذي يعصِمُها من الفتن، ويُؤلِّف بين القلوب ويجمعُ مُجتمعاتها، ويحلُّ مُعضِلاتها.

عن علي – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «ألا إنها ستكون فتنة». فقلت: ما المخرجُ منها يا رسول الله؟ قال: «كتاب الله؛ فيه نبأُ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحُكم ما بينكم، وهو الفصلُ ليس بالهَزل، من تركَه من جبَّار قصمَه الله، ومن ابتغَى الهُدى في غيره أضلَّه الله، وهو حبلُ الله المتين، وهو الذِّكرُ الحكيم، وهو الصراطُ المُستقيم، هو الذي لا تزيغُ به الأهواء، ولا تلتبِسُ به الألسِنة، ولا يشبَع منه العلماء، ولا يخلَقُ على كثرة الردِّ، ولا تنقضِي عجائِبُه، هو الذي لم تنتهِ الجنُّ إذ سمِعَته حتى قالوا: (إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ) [الجن: 1، 2]، من قال به صدَق، ومن عمِل به أُجِر، ومن حكمَ به عدلَ، ومن دعا إليه هُدِيَ إلى صراطٍ مُستقيم»؛[ رواه الترمذي.]

ولو أن المُكلَّفين اعتنَوا بالقرآن كعنايةِ السلف الصالح

تعلُّمًا وتعليمًا وتطبيقًا لكان حالُ المسلمين اليوم أحسنَ

حالٍ، ولكانوا في عزِّهم، وكانوا في حالٍ يسرُّهم ويسوءُ

عدوَّهم، ولم تسُؤْ حالُ المسلمين حتى دخل عليهم النقصُ في تعلُّم القرآن وتعليمه وتلاوته والعمل به والعناية به. وقد جعل الله تلاوتَه عبادةً؛ فـ «من قرأ منه حرفًا فله بكل حرفٍ عشرُ حسنات»؛ رواه الترمذي من حديث ابن مسعود – رضي الله عنه -.

وعن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: قال رجلٌ: يا رسول الله! أيُّ العمل أحبُّ إلى الله؟ قال: «الحالُّ المُرتحِل». قال: وما الحالُّ المُرتحِل؟ قال: «الذي يضرِبُ

من أول القرآن إلى آخره، كلما حلَّ ارتحَل»؛ [رواه الترمذي.]

والثوابُ لمن قرأَ حفظًا أو من المُصحف، قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (29) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ) [فاطر: 29، 30]. إن آخر وصيَّة النبي صلى الله عليه وسلم في حجَّة الوداع: الترغيبُ في التمسُّك بكتاب الله تبارك وتعالى  ففي ذلك الجمع العظيم قال عليه الصلاة والسلام (تركتُ فيكم ما إن تمسَّكتم به لن تضلُّوا بعدي: كتابَ الله وسُنَّتي )

فالقرآنُ حبلُ الله المتين، من تمسَّك به قادَه إلى رِضوان الله وجناتِ النعيم، وهداهُ لكل خير وجنَّبَه كل شرٍّ وبلاء، قال الله تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) [آل عمران: 103] ، وقال تعالى: (وَهَذَا كِتَابٌ

 أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [الأنعام: 155].

ومن أراد أن يُخاطِبَه ربُّه فليقرأ كتابَه. وأهلُ القرآن هم العامِلون به وإن لم يحفَظوه، وحفظُه مع العمل خيرٌ على خيرٍ، وفضلٌ على فضلٍ.

[ الأنترنت – موقع السكينة – الكاتب:فضيلة الشيخ الدكتور:علي الحذيفي ]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليك

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الخمسون بعد المئة في موضوع ( العظيم ) وستكون بعنوان : *الفوز العظيم

مفهوم الفوز العظيم : الفوز: الظَّفَرُ بالخير مع حصول

السلامة والنجاة من كل مكروه، أو هلاك

العظيم: يُقال عَظُمَ الشيءُ: أصله كَبُرَ عظْمُهُ، ثم استعير لكل كبير، فأُجرِيَ مجراه محسوساً كان أو معقولاً، عيناً كان أو معنىً، والعظيمُ إذا استُعمل في الأعيان فأصله أن يُقال في الأجزاء المتصلة ،والكثير يُقال في المنفصلة، ثم قد يُقال في المنفصل عظيم، نحو: جيش عظيم، ومال عظيم، وذلك في معنى الكثير

قال الله تعالى عن الفوز العظيم الكبير: {وَعَدَ الله الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ الله أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} ، وقال سبحانه: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ الله عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} . وقد بيّن الله تعالى في القرآن الكريم أن من أُدْخِلَ الجنة فقد حصل وحاز، وظَفُرَ بالفوز العظيم، ولِعِظَمِ (الفوز العظيم) ذكره الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم في ستة عشر موضعاً ، فالفوز العظيم الكبير المبين: هو النجاة من النار، ودخول الجنة

وقال تعالى في كلام بعض أهل الجنة: {أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ * إِلا مَوْتَتَنَا الأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * لمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ} .

وقال سبحانه: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ * فِي

جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَابِلِينَ * كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ * يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ * لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلا الْمَوْتَةَ الأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * فَضْلاً مِّن رَّبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُالْعَظِيمُ}، وقال - عز وجل - في الصادقين، ومنهم عيسى بن مريم - صلى الله عليه وسلم -: {قَالَ الله هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ الله عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} ، وغير ذلك من الآيات

وقد بيّن - سبحانه وتعالى - طريق هذا الفوز العظيم، والعمل الذي يُوصل إليه، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ الله وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}، وقال تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ الله وَمَن يُطِعِ الله وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [ الأنترنت – موقع المكتبة الشاملة ]

  وقال تعالى : { تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ ۚ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ يُدْخِلْهُ جَنَّٰتٍۢ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلْأَنْهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا ۚ وَذَٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ }

قال السعدى :  : { وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ }

 بامتثال أمرهما الذي أعظمه طاعتهما في التوحيد، ثم الأوامر على اختلاف درجاتها واجتناب نهيهما الذي أعظمُه الشرك بالله، ثم المعاصي على اختلاف طبقاتها { يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا } فمن أدى الأوامر واجتنب النواهي فلا بد له من دخول الجنة والنجاة من النار. { وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } الذي حصل به النجاة من سخطه وعذابه، والفوز بثوابه ورضوانه بالنعيم المقيم الذي لا يصفه الواصفون.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليك

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الواحدة والخمسون بعد المئة في موضوع    ( العظيم ) وستكون إستكمالا للماضية  والتي هي بعنوان : *الفوز العظيم

وقال طنطاوي : قال تعالى {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} أى فيما أمر به من الأحكام، وفيما شرعه من شرائع تتعلق بالمواريث وغيرها

{يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ} أى تجرى من تحت أشجارها ومساكنها الأنهار خالِدِينَ فِيها أى باقين فيها لا يموتون ولا يفنون ولا يخرجون منها وقوله : {وَذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }أى وذلك المذكور من دخول الجنة الخالدة الباقية بمن فيها هو الفوز العظيم، والفلاح الذي ليس بعده فلاح. [ الأنترنت – موقع {: وَذَٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } ]

وقال تعالى : {فضلا من ربك ذلك هو الفوز العظيم}

قال طنطا وي : وقوله فضلا من ربك اى اعطوا كل ذلك فضلا من ربك فقوله فضلا منصوب على المصدريه بفعل محذوف او على انه مفعول لاجله اى لاجل الفضل منه سبحانه ذلك الذى اعطيناهم اياه هو الفوز العظيم الذى لا يدانيه ولا يساميه فضل.

وقال ابن كثير : اي انما كان هذا بفضله عليهم واحسانه اليهم كما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال " اعملوا وسددوا وقاربوا واعلموا ان احدا لن يدخله عمله الجنه قالوا ولا انت يا رسول الله قال"ولا انا الا ان يتغمدني الله برحمة منه وفضل "

وقال القرطبى : فضلا من ربك اي فعل ذلك بهم تفضلا منه عليهم ف {فضلا}مصدر عمل فيه يدعون وقيل العامل فيه ووقاهم وقيل فعل مضمر وقيل معنى الكلام الذي قبله لانه تفضل منه عليهم اذ وفقهم في الدنيا الى اعمال يدخلون بها الجنه {ذلك هو الفوز العظيم}اي السعادة والربح العظيم والنجاة العظيمة وقيل هو من قولك فاز بكذا اي ناله وظفر به

وقال ابن عاشور  : فضلا حال من المذكورات والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وذكر الرب اظهار في مقام الاضمار ومقتضى الظاهر ان يقال فضلا منه او منا ونكته هذا الاظهار تشريف مقام النبي صلى الله عليه وسلم والايماء الى ان ذلك اكرام له لايمانهم به وجملة ذلك هو الفوز العظيم تذييل والاشارة في ذلك هو الفوز العظيم لتعظيم الفضل ببعد المرتبه واتى بضمير الفصل لتخصيص الفوز بالفضل المشار اليه وهو قصر لافادة معنى الكمال كانه لا فوز غيره [ الأنترنت – موقع {فضلا من ربك ذلك هو الفوز العظيم}]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليك

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثانية والخمسون بعد المئة في موضوع     ( العظيم ) وستكون إستكمالا للماضية  والتي هي بعنوان : *الفوز العظيم

الفرق بين  الفوز المبين والفوز الكبير والفوز العظيم  ١- الفوز المبين : هو مجرد أن يصرف عنك العذاب وتزحزح عن النار لم تذكر الجنة هنا إن مجرد نجاتك

 من النار هو فوز مبين قال تعالى : (قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ، مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ ۚ وَذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ)

٢- الفوز الكبير هو : مجرد دخولك الجنة ولم يذكر

هنا الخلود فيها ولا وصف درجة النعيم فيها هو الفوز الكبير. قال تعالى :(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ، ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ)

٣- والنوع الثالث هو الفوز العظيم وهنا ذكر المولى الخلود في الجنة ؛يقول المولى في كتابه العزيز :-(تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)- النساء 13 ،وقال تعالى :-(قَالَ اللَّهُ هَٰذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ ۚ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) -المائدة 19

وهنا ذكر المولى الخلود الأبدي في الجنة

 (وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ۚ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)- التوبة 72

وهنا ذكر المولى الخلود في الجنة ووصف مساكنها

ورضا ألله على ساكنيها يقول تعالى :- (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)التوبة 100  [ الأنترنت – موقع الراشدون ]

قال د. جمال يوسف الهميلي :

 ثَمرات الفوز العظيم عند ربِّنا الرحيم:

1 - الزحزحة عن النَّار2 - دخول جنَّات تَجْري من تحتها الأنهار.3 - الخلود في الجنَّات.4 - رضوان الله؛ ﴿ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ﴾ [المائدة: 119]    5 - مساكن طيِّبة في جنَّات عدن.6 - البُشْرى في الحياة الدنيا.7 - البشرى في الآخرة.8 - ﴿ يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ ﴾ [الدخان: 53].9 - الجلوس مُتقابلِين.10 - التَّزويج منَ الحُور العِين.11 - ﴿ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ ﴾ [الحديد: 12].

12 - غفران الذُّنوب.

فهل سمعتَ بأفضل من هذه الجوائز؟ فهي جمعَتْ خيرَيِ الدُّنيا والآخرة.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليك

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثالثة والخمسون بعد المئة في موضوع     ( العظيم ) وستكون إستكمالا للماضية  والتي هي بعنوان : *الفوز العظيم

ثم قال : خماسية الفوز العظيم

والآن دَعْنِي أُبشِّرْك بأنَّك من الممكنٌ أن تحصل على "الفوز العظيم" وتُحقّـِقه؛ فهو ليس خاصًّا بالأنبياء والرُّسل، ولا بالسَّابقين من المُهاجرين والأنصار، ولا بفئةٍ ولا بجِنس ولا بِلَون؛ فمِن رحمة ربِّ العالَمين ولُطفِه: أنَّه ذكَر لنا الطَّريق المُوصل للفوز العظيم، فما علينا إلاَّ التعرُّف على الطريق، والسَّيْر فيه؛ للوصول إلى النتيجةِ المرغوبة.

وطريق "الفَوْز العظيم"، مِنْ خلال الآيات الكريمة، يتلخَّص في خمس خصال:

1 - الإيمان: وقد ذُكِر بأنَّه من صفات الفائزين في ستَّة (6) مواضِعَ من القرآن الكريم.

2 - الجهاد: بالمال وبالنَّفس، وقد ذُكر في ثلاثة (3) مواضع.

3 - التَّقوى: وقد ذُكِرتْ في موضعين.

4 - طاعة الله ورسولِه ؛ وقد ذكرت كثيرا

5 - العمل الصالح: ومنه الصِّدق على وَجْه الخصوص.

فكلُّ ما عليك هو التَّدريب على تلك الخُماسيَّة، واعتبارها منهجَ حياةٍ من الآن، وكن على يقينٍ بأنَّك ستحقِّق "الفوز العظيم" إنْ صدَقْت مع الرَّحيم؛ فقد جاء رجلٌ من الأعراب إلى النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فآمن به واتَّبَعه، ثم قال: أُهاجِر معك؟ فأوصى به النبِيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - بعضَ أصحابه، فلما كانت غزوةٌ ، غَنِم النبِيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - سَبْيًا، فقسَم، وقسم له، فأعطي ما قسَم له، وكان يرعى ظَهْرهم، فلمَّا جاء، دفَعوه إليه، فقال: ما هذا؟ قالوا: قَسْمٌ قسَمهُ لك النبِيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فأخذَه، فجاء به إلى النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: ما هذا؟ قال: (قسَمتُه لك)، قال: ما على هذا اتَّبعتُك، ولكنِّي اتَّبعتُك على أن أُرمَى إلى هاهنا - وأشَار إلى حَلْقهِ - بِسَهمٍ فأموت، فأدخل الجنَّة، فقال: (إنْ تَصْدق الله يَصْدُقْك)، فلبثوا قليلاً، ثم نهضوا في قتال العَدو، فأُتِي به النبِي يُحمَل قد أصابه سهمٌ حيث أشَار، فقال النبِيُّ: (أهُوَ هو؟) قالوا: نعم! قال: ((صدق اللهَ فصَدَقه)) [ "صحيح النسائي" للألباني 1952.]

فلْنُشمِّر ولْنُبشِّر ولْنَنشُر.

"اللَّهم إنا نَسْألك مُوجِبات رحمتك، وعَزائِمَ مغفرتك، والسَّلامةَ من كلِّ إثم، والغنيمةَ من كل بِر، والفوزَ بالجنَّة، والنَّجاة من النار" [ قال عنه السيوطيُّ: صحيح في "الجامع الصغير" 7539. ]    [ الأنترنت – موقع الألوكة - د. جمال يوسف الهميلي ]

 

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليك

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الرابعة والخمسون بعد المئة في موضوع     ( العظيم ) وستكون بعنوان : *الفضل العظيم

وصف الله فضله بالعظيم في ستة مواضع في القرآن الكريم ، هي :

أولاً : قول الله سبحانه : { مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَاللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ } [ البقرة / 105].

قال الامام الطبري : وَفِي قَوْله : { وَاَللَّه يَخْتَصّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاء وَاَللَّه ذُو الْفَضْل الْعَظِيم } تَعْرِيض مِنْ اللَّه تَعَالَى ذَكَره بِأَهْلِ الْكِتَاب أَنَّ الَّذِي آتَى نَبِيّه مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ بِهِ مِنْ الْهِدَايَة تَفَضُّلًا مِنْهُ , وَأَنَّ نِعَمه لَا تُدْرَك بِالْأَمَانِيِّ وَلَكِنَّهَا مَوَاهِب مِنْهُ يَخْتَصّ بِهَا مَنْ يَشَاء مِنْ خَلْقه

وَأَمَّا قَوْله : { وَاَللَّه ذُو الْفَضْل الْعَظِيم } فَإِنَّهُ خَبَر مِنْ اللَّه جَلّ ثَنَاؤُهُ عَنْ أَنَّ كُلّ خَيْر نَالَهُ عِبَاده فِي دِينهمْ وَدُنْيَاهُمْ فَإِنَّهُ مِنْ عِنْده ابْتِدَاء وَتَفَضُّلًا مِنْهُ عَلَيْهِمْ مِنْ غَيْر اسْتِحْقَاق مِنْهُمْ ذَلِكَ عَلَيْهِ .

ثانياً : قول الله عز وجل : { يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ } [ آل عمران / 74

ومجمل كلام المفسرين في هذا الاختصاص أنه عائد إلى ثلاثة أمور هي من أجل النعم وأفضلها :1.الإسلام .

2.القرآن .3.رسالة النبي صلى الله عليه وسلم .

ولهذا فمن امتن الله عليه بذلك فقد وفق لخير كثير وفضل عظيم ، ولهذا قال الامام الطبري رحمه الله في تفسيره في قول الله تعالى : {وَاَللَّه ذُو الْفَضْل الْعَظِيم } يَقُول : ذُو فَضْل يَتَفَضَّل بِهِ عَلَى مَنْ أَحَبَّ وَشَاءَ مِنْ خَلْقه . ثُمَّ وَصَفَ فَضْله بِالْعِظَبمِ , فَقَالَ : فَضْله عَظِيم لِأَنَّهُ غَيْر مُشَبَّه فِي عِظَم مَوْقِعه مِمَّنْ أَفْضَلَهُ عَلَيْهِ أَفْضَال خَلْقه , وَلَا يُقَارِبهُ فِي جَلَالَة خَطَره وَلَا يُدَانِيه .

ثالثاً : يقول الله تعالى: { يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ } [ الأنفال / 29] .

هذه الآية تؤكد على كريم فضل الله وعظيم شأنه إذ هو سبحانه يتفضل على عباده المؤمنين المتقين الذين اتبعوا أوامره واجتنبوا نواهيه بأن يجعل له مخرجاً ونجاة في أمور دنياه ، وأن يمحو ما سلف من ذنوبه وأن يسترها عليه فلا يؤاخذهم بها .

ولهذا وصف الامام الطبري رحمه الله هذا التفضل بقوله : وَاَللَّه الَّذِي يَفْعَل ذَلِكَ بِكُمْ , لَهُ الْفَضْل الْعَظِيم عَلَيْكُمْ وَعَلَى غَيْركُمْ مِنْ خَلْقه بِفِعْلِهِ ذَلِكَ وَفِعْل أَمْثَاله , وَإِنَّ فِعْله جَزَاء مِنْهُ لِعَبْدِهِ عَلَى طَاعَته إِيَّاهُ , لِأَنَّهُ الْمُوَفِّق عَبْده لِطَاعَتِهِ الَّتِي اِكْتَسَبَهَا حَتَّى اِسْتَحَقَّ مِنْ رَبّه الْجَزَاء الَّذِي وَعَدَهُ عَلَيْهَا .

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليك

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الخامسة والخمسون بعد المئة في موضوع     ( العظيم ) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *الفضل العظيم

رابعاً : قال الله تعالى : { سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ } [ الحديد/ 21

وفي هذه الآية الكريمة يدعونا ربنا سبحانه للمسابقة إلى جنة عظيمة عرضها كعرض السماء والأرض ، هَذِهِ الْجَنَّة الَّتِي عَرْضهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْض الَّتِي أَعَدَّهَا اللَّه لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاَللَّهِ وَرُسُله , فَضْل اللَّه تَفَضَّلَ بِهِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ , وَاَللَّه يُؤْتِي فَضْله مَنْ يَشَاء مِنْ خَلْقه , وَهُوَ ذُو الْفَضْل الْعَظِيم عَلَيْهِمْ , بِمَا بَسَطَ لَهُمْ مِنْ الرِّزْق فِي الدُّنْيَا , وَوَهَبَ لَهُمْ مِنْ النِّعَم , وَعَرَّفَهُمْ مَوْضِع الشُّكْر , ثُمَّ جَزَاهُمْ فِي الْآخِرَة عَلَى الطَّاعَة مَا وَصَفَ أَنَّهُ أَعَدَّهُ لَهُمْ .

خامساً : قال رب العزة والجلال : { لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّن فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْــــــلِ الْعَظِيمِ } [ الحديد / 29 ] ، والمعنى : أَيْ لِيَتَحَقَّقُوا أَنَّهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى رَدّ مَا أَعْطَاهُ اللَّه وَلَا إِعْطَاء مَا مَنَعَ اللَّه ، روى الامام البخاري في صحيحه عن عَبْد اللَّه بْن عُمَر رضي الله عنهما قَالَ : سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول وَهُوَ قَائِم عَلَى الْمِنْبَر : ( إِنَّمَا بَقَاؤُكُمْ فِيمَا سَلَفَ قَبْلكُمْ مِنْ الْأُمَم كَمَا بَيَّنَ صَلَاة الْعَصْر إِلَى غُرُوب الشَّمْس أُعْطِيَ أَهْل التَّوْرَاة التَّوْرَاة فَعَمِلُوا بِهَا حَتَّى اِنْتَصَفَ النَّهَار ثُمَّ عَجَزُوا فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا ثُمَّ أُعْطِيَ أَهْل الْإِنْجِيل الْإِنْجِيل فَعَمِلُوا بِهِ حَتَّى صَلَاة الْعَصْر ثُمَّ عَجَزُوا فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا ثُمَّ أُعْطِيتُمْ الْقُرْآن فَعَمِلْتُمْ بِهِ حَتَّى غُرُوب الشَّمْس فَأُعْطِيتُمْ قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ قَالَ أَهْل التَّوْرَاة رَبّنَا هَؤُلَاءِ أَقَلّ عَمَلًا وَأَكْثَر أَجْرًا قَالَ هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ أَجْركُمْ مِنْ شَيْء قَالُوا لَا فَقَالَ فَذَلِكَ فَضْلِي أُوتِيه مَنْ أَشَاء ) فِي رِوَايَة : ( فَغَضِبَتْ الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَقَالُوا رَبّنَا ... ) الْحَدِيث .

سادساً : قول الله عز وجل:{ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيـمِ} الجمعة/ 4

وَقَوْله : { ذَلِكَ فَضْل اللَّه يُؤْتِيه مَنْ يَشَاء } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : هَذَا الَّذِي فَعَلَ تَعَالَى ذِكْره مِنْ بَعْثَته فِي الْأُمِّيِّينَ مِنْ الْعَرَب , وَفِي آخَرِينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاته , وَيَفْعَل سَائِر مَا وَصَفَ , فَضْل اللَّه , تَفَضَّلَ بِهِ عَلَى هَؤُلَاءِ دُون غَيْرهمْ

{ يُؤْتِيه مَنْ يَشَاء } أي : يُؤْتِي فَضْله ذَلِكَ مَنْ يَشَاء مِنْ خَلْقه

عَنْ اِبْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قوله : { ذَلِكَ فَضْل اللَّه يُؤْتِيه مَنْ يَشَاء } قَالَ : الْفَضْل : الدِّين { وَاَللَّه ذُو الْفَضْل الْعَظِيم } يَقُول : اللَّه ذُو الْفَضْل عَلَى عِبَاده , الْمُحْسِن مِنْهُمْ وَالْمُسِيء , وَاَلَّذِينَ بُعِثَ فِيهِمْ الرَّسُول مِنْهُمْ وَغَيْرهمْ , الْعَظِيم الَّذِي يَقِلّ فَضْل كُلّ ذِي فَضْل عِنْده [ الأنترنت – موقع ملتقى اهل الحديث - كتبه د.محمد بن عدنان السمان ]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليك

 

 

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة السادسة والخمسون بعد المئة في موضوع     ( العظيم ) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *الفضل العظيم

قال تعالى { ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم } قال القرطبي :

قال ابن عباس : حيث ألحق العجم بقريش ؛ يعني الإسلام : فضل الله يؤتيه من يشاء ; قاله الكلبي . وقيل : يعني الوحي والنبوة ; قاله مقاتل .

وقول رابع : إنه المال ينفق في الطاعة ; وهو معنى قول أبي صالح . وقد روى [ مسلم ]عن أبي صالح عن أبي هريرة أن فقراء المهاجرين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : ذهب أهل الدثور بالدرجات العلا والنعيم المقيم . فقال : " وما ذاك ؟ " قالوا : يصلون كما نصلي ، ويصومون كما نصوم ، ويتصدقون ولا نتصدق ، ويعتقون ولا نعتق . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أفلا أعلمكم شيئا تدركون به من سبقكم وتسبقون به من بعدكم ، ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم ؟ " قالوا : بلى يا رسول الله . قال : " تسبحون وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين مرة " . قال أبو صالح : فرجع  فقراء المهاجرين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا ففعلوا مثله . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء .

وقول خامس : أنه انقياد الناس إلى تصديق النبي صلى الله عليه وسلم ، ودخولهم في دينه ونصرته  . [ » الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي - سورة الجمعة ] 

وقيل : الفضل هو الإنعام بالإسلام (والتوحيد)

قال تعالى : { وَلا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ ما أُوتِيتُمْ أَوْ يُحاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (73) يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (74)

وقال تعالى : { هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (2) وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3) ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (4)

*الفضل وُصِف بأنه عظيم وكبير ومبين

وبالعودة الى المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم نجد أن الفضل وُصِف بالعظيم في ثماني آيات في القرآن كله ووصف بالكبير في ثلاث آيات ووصف بالمبين في آية واحدة والخلاصة التي نقدمها في هذا الموضوع ابتداء قبل استعراض الآيات هي أن الوصف إذا كان بلفظ العظيم فيكون متصل الاسناد مباشرة باسم الجلالة (الله) ويكون الوصف متعدداً وعندما تكون الاشارة الى فضل من الله تعالى بغير اسناد مباشر للفظ الجلالة (الله) يوصف الفضل بالكبير وعندما يكون الأمر دنيوياً ويكون شيئاً مباشراً ظاهراً ملموساً يستعمل كلمة مبين في وصف الفضل.

وسنقف عند التعريف والتنكير لكلمة الفضل.        قد جاءت كلمة الفضل في القرآن معرّفة وجاءت نكرة ايضاً فإذا كان ما قبلها معرّفاً جاءت معرّفة وإذا كان ما قبلها نكرة جاءت نكرة.

 إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليك

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة السابعة والخمسون بعد المئة في موضوع     ( العظيم ) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *الفضل العظيم

 الآيات التي جاء فيها لفظ (الفضل العظيم) هي :

في الآية الأولى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104) مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (105) البقرة)       اسم الجلالة (الله) مبتدأ و(ذو الفضل) انتسب الفضل الى الله تعالى فالله هو صاحب الفضل (ذو هو خبر (الله) أضيف الى الفضل وبما ان ذو الفضل مضاف ومضاف اليه وهما كالكلمة الواحدة قكأن الفضل أُخبِر به عن الله تعالى، ذو الفضل خبر للمبتدأ الذي هو اسم الجلالة (الله) وجاءت كلمة العظيم وصفاً للفضل لأنها مسندة بشكل مباشر لله تعالى فلما كان الفضل متصلاً بخبر اسم الجلالة كان استعمال كلمة العظيم للفضل. هذا من حيث الاسناد أن الفضل اسند لله تعالى (ذو الفضل) خبر للفظ الجلالة والعظيم صفة للفضل حصراً وهي تُقرأ الفضلِ العظيمِ في القراءات العشر المتواترة هذا من حيث التركيب أما من حيث المعنى فلو نظرنا الى الآيات في قوله تعالى (وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ) ذكر اختصاص الرحمة التي هي شيء واسع (ورحمتي وسعت كل شيء) فلما يكون الشيء واسعاً تستعمل كلمة العظيم وعندما يكون الشيء منحصراً تستعمل كلمة الكبير.

وفي الآية الثانية في سورة آل عمران (يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (74)) الفضل كذلك منسوب مباشرة ومسند الى الله تعالى فجاء بلفظ العظيم وكذلك ذكر الرحمة الواسعة فذكر العظيم.

في الآية الثالثة في سورة الانفال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29)) تعدد الفضل وذكر منه: يجعل لكم فرقاناً ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم إذن فهذا فضل متعدد  وأُسند مباشرة الى الله تعالى فاستعمل كلمة العظيم.

وفي آية سورة الجمعة (ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) أيضاً تعدد الفضل: بعث في الأميين رسولاً منهم، إكراماً لهم ليتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة فلما تعدد الفضل وكان مسنداً الى الله تعالى مباشرة ذكر كلمة العظيم.

وفي آيتي سورة الحديد ((سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21)) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (28) لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29))) الفضل متعدد من الله تعالى (يؤتكم كفلين من رحمته، يجعل لكم نوراً، ويغفر لكم) وذكر الرحمة والفضل منسوب ومسند الى الله تعالى مباشرة فجاء لفظ العظيم لوصف الفضل.

وهذه الأمثلة كلها جاءت بلفظ العظيم معرّفاً لأن ما قبلها معرّفاً ويأتي بالتنكير عندما يكون قد سُبِق بالتنكير (عظيم)  كما في آيتي سورة آل عمران (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) آل عمران)    وسورة النساء (وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا (113)) فضل جاءت نكرة فجاء لفظ عظيم نكرة ايضاً. [ الأنترنت – موقع إسلاميات]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليك

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثامنة والخمسون بعد المئة في موضوع     ( العظيم ) وستكون بعنوان :*قسم الله العظيم

قال الدكتور . زغلول النجار

قال تعالى : {فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (الواقعة:75،76)

في هاتين الآيتين الكريمتين يقسم ربنا ـ سبحانه وتعالى ـ وهو الغني عن القسم ـ بمواقع النجوم‏,‏ ثم يأتي جواب القسم‏:‏ (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لا يَمَسُّهُ إلا الْمُطَهَّرُونَ * تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الواقعة: 77 ـ 80)

والمعني المستفاد من هذه الآيات الكريمة أن الله

تعالى يخبرنا بقوله ‏ـ‏ عز وجل‏ ـ:‏ أقسم قسماً مغلظاً بمواقع النجوم ـ وأن هذا القسم جليل عظيم ـ لو كنتم تعرفون قدره ـ أن هذا القرآن كتاب كريم‏,‏ جمع الفوائد والمنافع‏,‏ لاشتماله على أصول الدين من العقيدة والعبادة والأخلاق والمعاملات‏,‏ وغير ذلك من أمور الغيب وضوابط السلوك وقصص الأنبياء وأخبار الأمم السابقة والعبر المستفادة منها‏,‏ وعدد من حقائق ومظاهر الكون الدالة على وجود الله وعلى عظيم قدرته‏,‏ وكمال حكمته وإحاطة علمه‏.‏

ويأتي جواب القسم‏:‏ أن الله تعالى قد تعهد بحفظ

هذا الوحي الخاتم في كتاب واحد مصون بقدرة

الله ‏‏تعالى‏,‏محفوظ بحفظه من الضياع أو التبديل والتحريف‏,‏ وهو المصحف الشريف‏,‏ الذي لا يجوز أن يمسه إلا المطهرون من جميع صور الدنس المادي‏(أي المتوضئون

الطاهرون‏),‏ ولا يستشعر عظمته وبركته إلا المؤمنون بالله‏,‏ الموحدون لذاته العليا‏,‏ المطهرون من دنس الشرك‏,‏ والكفر‏,‏ والنفاق‏,‏ ورذائل الأخلاق‏,‏ لأن هذا القرآن الكريم هو وحي الله الخاتم‏,‏ المنزل على خاتم الأنبياء والمرسلين ـ  صلي الله عليه وسلم‏ ـ،‏ وهو معجزته الخالدة إلى يوم الدين‏,‏ أنزله الله تعالى بعلمه على خاتم أنبيائه ورسله، وربنا ـ سبحانه وتعالى ـ وهو الإله الخالق‏,‏ رب السماوات والأرض ومن فيهن‏,‏ وقيوم الكون ومليكه ـ سبحانه وتعالى‏ .

لماذا القسم بمواقع النجوم وليس بالنجوم ذاتها؟

هذا القسم القرآني المغلظ جاء بمواقع النجوم وليس بالنجوم ذاتها، علما بأن النجوم من أعظم صور إبداع الله في الكون، وفي هذا القسم نلاحظ أن (الفاء) حرف عطف‏,‏ يُعطف بها فتدل على الترتيب والتعقيب مع الاشتراك‏,‏ أو يكون ما قبلها علة لما بعدها‏,‏ وتجري على العطف والتعقيب دون الاشتراك‏,‏ وقد تكون للابتداء‏,‏ ويكون ما بعدها حينئذ كلاماً مستأنفا‏ً,‏ وأغلب الظن أنها هنا للابتداء‏.‏

و (لا) أحد حروف الهجاء، اعتبرها نحاة البصريين حرفاً زائداً في اللفظ لا في المعني‏,‏ بينما اعتبرها نحاة الكوفيين اسماً لوقوعها موقع الاسم‏,‏ خاصة إذا سُبقت بحرف من حروف الجر‏,‏ وهي تأتي نافية للجنس‏,‏ أو ناهية عن أمر‏,‏ أو جوابية لسؤال‏,‏ أو بمعني: غير، أو زائدة‏,‏ وتارة تعمل عمل إن‏,‏ أو عمل ليس‏,‏ أو غير ذلك من المعاني‏.‏

ومن أساليب اللغة العربية إدخال لا النافية للجنس على فعل القسم‏:‏ لا أقسم من أجل المبالغة في توكيد القسم‏,‏ بمعني أنه لا يقسم بالشيء إلا تعظيماً له‏,‏ كأنهم ينفون ما سوى المقسم عليه فيفيد تأكيد القسم به‏,‏ وقيل‏:‏ هي للنفي‏,‏ بمعني لا أقسم به إذ الأمر أوضح من أن يحتاج إلى قسم أصلاً فضلا عن هذا القسم العظيم‏.‏

ومواقع النجوم هي الأماكن التي تمر بها في جريها عبر السماء وهي محتفظة بعلاقاتها المحددة بغيرها من الأجرام في المجرة الواحدة‏,‏ وبسرعات جريها ودورانها‏,‏ وبالأبعاد الفاصلة بينها‏,‏ وبقوى الجاذبية الرابطة بينها‏. ‏     واللفظة: {مواقع} جمع موقع يقال‏:‏ وقع الشيء موقعه‏,‏ من الوقوع بمعنى السقوط‏.‏

والمسافات بين النجوم مذهلة للغاية لضخامة أبعادها‏,‏ وحركات النجوم عديدة وخاطفة‏,‏ وكل ذلك منوط بالجاذبية‏,‏ وهي قوة لا تُري‏,‏ تحكم الكتل الهائلة للنجوم‏,‏ والمسافات الشاسعة التي تفصل بينها‏,‏ والحركات المتعددة التي تتحركها من دوران حول محاورها وجري في مداراتها المتعددة‏,‏ وغير ذلك من العوامل التي نعلم منها ولا نعلم...!!!

وهذا القَسم القرآني العظيم بمواقع النجوم يشير إلى سبق القرآن الكريم بالإشارة إلى إحدى حقائق الكون المبهرة‏,‏ والتي مؤداها أنه نظراً للأبعاد الشاسعة التي تفصل نجوم السماء عن أرضنا‏,‏ فإن الإنسان على هذه الأرض لا يري النجوم أبدا‏ً,‏ ولكنه يري مواقع مرت بها النجوم ثم غادرتها‏,‏ وفوق ذلك أن هذه المواقع كلها نسبية‏,‏ وليست مطلقة‏,‏لأن الضوء كأي صورة من صور المادة والطاقة لا يستطيع أن يتحرك في صفحة السماء إلا في خطوط منحنية، وعين الإنسان لا ترى

‏ إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليك

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة التاسعة والخمسون بعد المئة في موضوع     ( العظيم ) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :*قسم الله العظيم

(من أسباب القسم بمواقع النجوم)

هذه الصفات المذهلة للنجوم تركها القسم القرآني

وركز على مواقع النجوم فقال سبحانه وتعالى: (فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ)

ولعل من أسباب ذلك ما يلي‏:‏

أولا‏:‏ أنه نظرًا للأبعاد الشاسعة التي تفصل نجوم السماء عنا‏ فإنه لا يمكن لنا رؤية النجوم من على سطح الأرض أبدًا‏,‏ ولا بأية وسيلة مادية‏,‏ وكل الذي نراه من نجوم السماء هو مواقعها التي مرت بها ثم غادرتها‏,‏ إما بالجري في الفضاء الكوني بسرعات مذهلة‏,‏ أو بالانفجار والاندثار‏,‏ أو بالانكدار والطمس‏.‏ فالشمس وهي أقرب نجوم السماء إلينا تبعد عنا بمسافة مائة وخمسين مليون كيلومتر‏,‏ فإذا أنبثق منها الضوء بسرعته المقدرة بحوالي الثلاثمائة ألف كيلومتر في الثانية من موقع معين مرت به الشمس فإن ضوءها يصل إلى الأرض بعد ثماني دقائق وثلث دقيقة تقريبا‏,‏ بينما تجري الشمس بسرعة تقدر بحوالي ‏19‏ كيلومترا في الثانية في اتجاه نجم النسر الواقع ‏(Vega)‏ فتكون الشمس قد تحركت لمسافة لا تقل عن عشرة آلاف كيلومتر عن الموقع الذي انبثق منه الضوء‏، ونحن لا نرى ضوءها إلا على هيئة صورة وهمية للموقع الذي انبثق منه الضوء الذي رأيناه، وهذا من رحمة الله بنا لأن الإنسان إذا نظر إلى النجم بطريقة مباشرة فإنه يفقد بصره في الحال.

وأقرب النجوم إلينا بعد الشمس وهو المعروف

باسم النجم المركزي الأول (أو الأقرب القنطوري) يصل إلينا ضوؤه بعد ‏4,3‏ سنة من انطلاقه من النجم‏,‏ أي بعد أكثر من خمسين شهرًا يكون النجم قد تحرك خلالها ملايين عديدة من الكيلومترات‏,‏ بعيدًا عن الموقع الذي صدر منه الضوء‏,‏ وهكذا فنحن من على سطح الأرض لا نري النجوم أبدًا‏,‏ ولكننا نري صورا قديمة للنجوم انطلقت من مواقع مرت بها‏,‏ وتتغير هذه المواقع من لحظة إلى أخرى بسرعات تتناسب مع سرعة تحرك النجم في مداره‏,‏ ومعدلات توسع الكون‏,‏ وتباعد المجرات عنا‏,‏ والتي يتحرك بعض منها بسرعات تقترب أحيانا من ثلاثة أرباع سرعة الضوء‏,‏ وأبعد نجوم مجرتنا عنا يصلنا ضوءه بعد ثمانين ألف سنة من لحظة انبثاقه من النجم‏,‏ بينما يصلنا ضوء بعض النجوم البعيدة عنا بعد بلايين السنين‏,‏ وهذه المسافات الشاسعة مستمرة في الزيادة مع الزمن نظرًا لاستمرار تباعد المجرات عن بعضها البعض بسبب اتساع الكون‏.‏ ومن النجوم التي تتلألأ أضواؤها في سماء ليل الأرض وما ثبت علميًا أنه قد انفجر وتلاشي، أو طمس واختفي منذ ملايين السنين‏,‏ لأن آخر شعاع انبثق منها قبل انفجارها أو طمسها لم يكن قد وصل إلينا بعد‏,‏ والضوء القادم منها اليوم يعبر عن ماض قد يقدر بملايين السنين‏.‏

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليك

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الستون بعد المئة في موضوع     ( العظيم ) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :*قسم الله العظيم

(من أسباب القسم بمواقع النجوم)

ثانيًا‏:‏ ثبت علميًا أن الضوء مثل المادة ينحني أثناء مروره في مجال تجاذبي مثل الكون‏,‏ وعليه فإن موجات الضوء تتحرك في صفحة السماء الدنيا في خطوط منحنية يصفها القرآن الكريم (بالمعارج)‏,‏ ويصف الحركة ذاتها (بالعروج)‏,‏ وهو الانعطاف والخروج عن الخط المستقيم‏,‏ كما يمكن أن يفيد الصعود في خط منعطف‏,‏ ومن هنا كان وصف رحلة المصطفي ـ صلي الله عليه وسلم ـ في السماوات العلا (بالعروج)‏,‏ وسميت الليلة باسم (المعراج) والجمع (معارج) و (معاريج)‏.‏ وحينما ينعطف الضوء الصادر من النجم في مساره إلى الأرض فإن الناظر من الأرض يرى موقعا للنجم على استقامة بصره‏,‏ وهو موقع يغاير موقعه الذي صدر منه الضوء‏,‏ مما يؤكد مرة أخرى أن الإنسان من فوق سطح الأرض لا يمكنه أن يري النجوم أبدا‏.‏

ثالثًا‏:‏ أن النجوم في داخل المجرة الواحدة مرتبطة مع بعضها بالجاذبية المتبادلة بينها‏,‏ والتي تحكم مواقع النجوم وكتلها‏,‏ فمع تسليمنا بأن الله تعالى هو الذي يمسك السماوات والأرض أن تزولا كما أخبرنا سبحانه وتعالى بقوله‏:‏(إن اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا  غَفُورًا) (فاطر:41).

‏ويقول ربنا عز وجل‏:‏ (... وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ) (الحج:65).

إلا أن الله تعالى له سننه التي يحقق بها مشيئته ـ وهو القادر على أن يقول للشيء‏:‏ (كن فيكون) وهو ـ تعالى ـ وضع للكون هذه السنن المتدرجة لكي يستطيع الإنسان فهمها ويتمكن من توظيفها في حسن القيام بواجب الاستخلاف في الأرض‏,‏ فمواقع النجوم على مسافات تتناسب تناسبًا طرديًا مع كتلها، ومرتبطة ارتباطًا وثيقًا بقوى الجاذبية التي تمسك بها في تلك المواقع، وتحفظ السماء أن تقع على الأرض إلا بإذن الله، ومن هنا كانت قيمة مواقع النجوم التي كانت من وراء هذا القسم القرآني العظيم‏...!!‏

رابعًا‏:‏ أثبتت دراسات الفلك‏,‏ ودراسات كل من الفيزياء الفلكية والنظرية أن الزمان والمكان شيئان متواصلان‏,‏ ومن هنا كانت مواقع النجوم المترامية الأبعاد تعكس أعمارها الموغلة في القدم‏,‏ والتي تؤكد أن الكون الذي نحيا فيه ليس أزليًا‏,‏ إذ كانت له بداية يحددها الدارسون باثني عشر بليونًا من السنين على أقل تقدير‏,‏ ومن هنا كان في القسم بمواقع النجوم إشارة إلى قدم الكون مع حدوثه‏,‏ وهي حقائق لم يتوصل إليها العلم المكتسب إلا بنهاية القرن العشرين‏.‏

فقد كان اليونانيون القدامى يصرون على أن الأرض هي مركز الكون‏,‏ أو أن الشمس هي مركز الكون‏,‏ وأن كليهما ثابت لا يتحرك‏,‏ غير متصورين وجود أية بنية سماوية إلا حول الشمس‏,‏ وكان غيرهم من أصحاب المدنيات السابقة واللاحقة يؤمنون بديمومة الأرض والنجوم‏,‏ وما بها من صور المادة والطاقة‏,‏ بل ظل الغربيون إلى أوائل القرن الثامن عشر الميلادي يؤمنون بأن النجوم مثبتات بالسماء‏,‏ وأن السماء بنجومها تتحرك كقطعة واحدة حول الأرض‏,‏ وأن الكون في مركزه ثابت غير متحرك‏,‏ ومكون من عناصر أربعة هي التراب‏,‏ والماء‏,‏ والهواء والنار، وحول تلك الكرات الأربع الثابتة تتحرك السماوات‏..!!

‏ثم يأتي القرآن الكريم قبل ألف وأربعمائة من السنين ليقسم بمواقع النجوم هذا القسم العظيم‏,‏ مؤكدًا نسبية وأهمية وتعاظم تلك المواقع‏,‏ وأن الإنسان لا يمكن له رؤية النجوم من فوق الأرض‏,‏ وكل ما يمكن أن يراه هي مواقع مرت بها النجوم‏,‏ ويأتي العلم في نهاية القرن العشرين مؤكدا كل ذلك‏..!!‏

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليك

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الواحدة والستون بعد المئة في موضوع     ( العظيم ) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :*قسم الله العظيم

*(من أسباب القسم بمواقع النجوم)

وهنا يتبادر إلى الذهن السؤال المهم‏:‏ من الذي علم سيدنا محمدًا ـ صلي الله عليه وسلم ـ كل هذه المعارف العلمية الدقيقة لو لم يكن القرآن الذي أوحي إليه هو كلام الله الخالق‏..!!‏؟ ولماذا أشار القرآن الكريم إلى مثل هذه القضايا الغيبية التي لم يكن لأحد علم بها في زمان الوحي ولا لقرون متطاولة من بعد ذلك؟ لولا أن الله (تعالى) يعلم بعلمه المحيط أن الناس سوف يأتي عليهم زمان يدركون فيه تلك الحقيقة الكونية‏,‏ ثم يرجعون إلى كتاب الله فيقرأون فيه هذا القسم القرآني العظيم‏:‏ (فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ) فيشهدون بأن القرآن الكريم هو كلام الله الخالق‏,‏ الذي أبدع هذا الكون بعلمه وحكمته وقدرته‏,‏ ويشهدون لهذا النبي الخاتم ـ صلي الله عليه وسلم ـ أنه كان موصولاً بالوحي‏,‏ ومعلمًا من قبل خالق السماوات والأرض‏,‏ وأنه عليه أفضل الصلاة وأزكي التسليم كان ـ بحق ـ كما وصفه ربنا سبحانه وتعالى‏:‏ (ومَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى *) (النجم‏:3‏ ـ ‏5).‏

وحينما يتم لهم ذلك تخر أعناقهم للقرآن خاضعين بسلاح العلم الكوني الذي كثيرًا ما استخدم من قبل ـ كذبًا وزورًا ـ لهدم الدين‏..‏ (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (يوسف:21).[ الأنترنت – موقع الهيئة العلمية للإعجاز العلمي في القرآن]

*بعض الأسرار التي تنطوي عليها آية القسم بمواقع النجوم:

قرب مجرّتنا من البناء السَماوي الأوّل.  عِظَمُ الأبعاد والمسافات الفاصلة بين النّجوم. 

من أجل تحديد مواقع النجوم تستخدم زاوية اختلاف المنظر أو التزيّح  للنجوم القريبة.

المواقع التي نحسبها للنُجوم والمجرَّات هي مواقع قديمة؛ حيث أنَّ المجرَّات قد تحرَّكت وتغيَّرت مواقعها أثناء رحلة ضوئها إلينا. 

وإن مسارات الأشعة الواردة ليست مستقيمة، حيث أن الأشعة تنحرف عند تعرُّضها لجذب النُّجوم والعناقيد المجرية. 

إنَّ للنجوم والمجرات والعناقيد الّتي تعترض الأشعة قوّة جذب، ممّا يجعلها تعمل كعدسة جاذبة  تكسر مسار الشّعاع بما يشبه تأثير العدسة المجمعة على مسار الضوء.  وكذلك فإن مسار الضوء داخل الغلاف الجوي ليس مستقيماً.

يستخدم الفلكيون سلسلة من الطرق العلمية المختلفة لقياس أبعاد النجوم والمجرات؛ وذلك تبعا لمقدار بعدها عن مجرتنا.  طرق القياس المختلفة تعطي نتائج مختلفة.

وَحَقِيقَةُ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى الْخَارِجِيَّةُ: هِيَ مَا يُسْمَعُ مِنْهُ أَوْ مِنَ الْمُبَلِّغِ عَنْهُ، فَإِذَا سَمِعَهُ السَّامِعُ عَلِمَهُ وَحَفِظَهُ. فَكَلَامُ اللَّهِ مَسْمُوعٌ لَهُ مَعْلُومٌ مَحْفُوظٌ، فَإِذَا قَالَهُ السَّامِعُ فَهُوَ مَقْرُوءٌ لَهُ مَتْلُوٌّ، فَإِنْ كَتَبَهُ فَهُوَ مَكْتُوبٌ لَهُ مَرْسُومٌ. وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ كُلِّهَا لَا يَصِحُّ نَفْيُهُ.  وأمّا كلام اللّه قبل سماعه من الرّسول الْمُبَلِّغِ عَنْ ربّه ، فلا سبيل لمعرفة كيفيّته، فهو صفته سبحانه؛ فليس كمثله شيء: (فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ * إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ)  يقسم ربّنا سبحانه بمواقع النجوم (المخلوقة) والتي لا تشاهدون إلا جزءاً يسيراً منها مشيراً إلى عجزكم عن معرفة مواقعها الحقيقية: (فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ) .  والمقسم عليه : (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) .  وبالتالي  فأنتم أكثر عجزاً أمام معرفة كنه وحقيقة كلام الله الذي أنزله في الكتاب المكنون.  فكلام الله لا يُدرك من قبل تنزّله وحياً بواسطة جبريل على قلب وسمع البشر الرّسول وبلغته البشرية التي يفهمها هو وقومه المخاطبون بالرّسالة. [ بعض أسرار القسم الرّباني بمواقع النجوم أ. د. حسين يوسف راشد العمري/ قسم الفيزياء/ جامعة مؤتة / مؤتة- الكرك/ الأردن ] (بتصرف)

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليك

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثانية والستون بعد المئة في موضوع ( العظيم ) وستكون بعنوان :*عرش الرحمن العظيم

قال تعالى: {رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ}

قال الذهبي : خصائص العرش

خص الخالق سبحانه وتعالى عرشه الكريم بخصائص

 عديدة ميزته على كثير من المخلوقات الأخرى،وذلك لما للعرش من المكانة الرفيعة عند البارئ عز وجل، وقد ذكر عرش الرحمن في واحد وعشرين موضعاً من القرآن الكريم، ومجيء ذكر العرش بهذا العدد يدل على ما له من مكانة ومنزلة عالية عندالخالق سبحانه وتعالى

فالله سبحانه وتعالى قد مدح نفسه في أكثر من موضع من كتابه الكريم بأنه صاحب العرش العظيم والكريم والمجيد، قال تعالى: {رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} ، وقال تعالى: {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} ، وقال تعالى {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ} .

فالله سبحانه يصف لنا في هذه الآيات وغيرها

 العرش بأنه عظيم، وكريم، ومجيد، فهو عظيم لكونه أكبر المخلوقات وأعظمها وأعلاها، وذلك لما خص الله به هذا العرش من الاستواء عليه، ومجيد وكريم لما له من منزلة تميز بها عما سواه من المخلوقات، فهو إنما اتصف بهذه الصفات لجلالته وعظيم قدره. كما أن في قوله تعالى {رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ} إخبار منه تعالى عن عظمته وكبريائه وارتفاع عرشه العظيم العالي على جميع خلقه، ومما يدل أيضاً على عظمة هذا العرش اقترانه باسم (الرحمن) كثيراً في القرآن الكريم، مثل قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} ، وقوله تعالى {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} .      ففي هذا الاقتران بين اسم الرحمن والعرش حكمة

وهي إخباره عز وجل بأنه قد استوى على أوسع المخلوقات بأوسع الصفات، ذلك لأن العرش محيط بالمخلوقات وقد وسعها، والرحمة بالخلق واسعة لهم[ مدارج السالكين (1/33-34) ]  كما قال تعالى {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف 156] .

وسنذكر في هذا المبحث بعض الخصائص التي اختص بها العرش وكرم بها، والتي جعلته يوصف بهذا الوصف في القرآن الكريم ويجعل له تلك المنزلة الرفيعة.

أولاً: الاستواء عليه:

يعتبر استواء الله سبحانه وتعالى على العرش أعظم الخصائص التي اختص بها العرش، بل إن ما سواها من الخصائص الأخرى التي تميز بها العرش إنما جعلت له لأجل استواء الله عز وجل عليه، وذلك أن الله تعالى لما اختصه بهذا الأمر جعل له من الخصائص والصفات كارتفاعه وعظم خلقه وكبره وثقل وزنه؛ لكي يتناسب مع ما ميز وشرف به من الاستواء عليه.

ومسألة الاستواء على العرش ثابتة في الكتاب والسنة

، فقد جاء ذكر الاستواء في القرآن الكريم في سبعة مواضع، ومجيء ذكر الاستواء في القرآن بهذا العدد إنما هو ليؤكد عظم هذا الأمر وأهميته، وأما السنة فهي مليئة بالأحاديث والآثار التي تثبت الاستواء وتؤكده.

وإن مذهب السلف الصالح من الصحابة والتابعين وغيرهم من أهل العلم رضوان الله عليهم أجمعين أنهم يقولون: إن الله استوى على عرشه بلا تكييف ولا تمثيل ولا تحريف ولا تعطيل، فهو سبحانه مستو على عرشه استواء يليق بجلاله وعظمته، واستواؤه حقيقة لا مجاز كما يزعم الجهمية وأتباعهم الذين ينكرون العرش وأن يكون الله فوقه،وأما كيفية ذلك الاستواء فهي مجهولة لدينا والسؤال عن كيفية ذلك الاستواء بدعة، لأن الله سبحانه لم يطلعنا على كيفية ذاته فكيف يكون لنا أن نعرف كيفية استوائه، وهو سبحانه  يقول: {وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء}    إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليك

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثالثة والستون بعد المئة في موضوع    ( العظيم ) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :*عرش الرحمن العظيم (خصائص العرش)

ثانياً: العرش أعلى المخلوقات وأرفعها وسقفها.

إن مما اختص به الخالق سبحانه وتعالى العرش مع استوائه عليه كونه أعلى المخلوقات وأرفعها وأقربها إلى الله تعالى، فقد ثبت أن العرش أعلى من السموات والأرض والجنة وأنه كالسقف عليها، والأدلة على هذا الأمر كثيرة والقول بأن العرش أعلى المخلوقات هو قول السلف الذي قالوا به وذهبوا إليه:

قال محمد بن عبد الله بن أبي زمنين في كتابه " أصول السنة ": "ومن قول أهل السنة أن الله عز وجل خلق العرش واختصه بالعلو والارتفاع فوق جميع ما خلق، ثم استوى عليه كيف شاء[أصول السنة (ص88) .]

وكون العرش أعلى المخلوقات يدل على أنه أقرب إلى الله تعالى وهذه ميزة أخرى تضاف إلى الخصائص التي انفرد بها العرش، ويدل على هذا الأمر ما جاء في حديث الأوعال: "ثم فوق ظهورهم العرش بين أعلاه وأسفله مثل ما بين سماء إلى سماء والله تعالى فوق ذلك"وكذلك ما جاء عن ابن مسعود: "بين السماء السابعة والكرسي خمسمائة عام، وبين الكرسي إلى الماء

خمسمائة عام، والعرش على الماء، والله فوق العرش وهو يعلم ما أنتم عليه" [ أخرجه الدارمي في الرد على الجهمية (ص26، 27) . واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (3/396) . وأورده ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية (ص100) وقال: ((رواه سنيد بن داود بإسناد صحيح)) .]

ثالثاً: العرش أكبر المخلوقات وأعظمها وأثقلها.

إن عرش الرحمن تبارك وتعالى يعتبر أكبر مخلوقات الله وأوسعها وأعظمها على الإطلاق، فقد خص الله عز وجل العرش بهذه الميزة العظيمة وشرفه بها مع غيرها من الميزات لكي يتناسب مع ذلك الشرف العظيم ألا وهو استواء البارئ عز وجل عليه.

وعظم العرش وسعة خلقه قد دل عليهما القرآن والسنة فالله سبحانه وتعالى يقول في محكم التنزيل: {  رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} ، فالله سبحانه وصف العرش في هذه الآية وغيرها بكونه عظيماً في خلقه وسعته، قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: "أي هو مالك كل شيء وخالقه لأنه رب العرش العظيم الذي هو سقف المخلوقات، وجميع الخلائق من السموات والأرضين وما فيهما تحت العرش مقهورين بقدرة الله تعالى[ تفسير ابن كثير (2/404) .]ومما يشهد لعظم العرش وسعة خلقه الأحاديث والآثار التي تتحدث عن كبر حجمه وسعته، فقد جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن عرشه على سمواته وأرضه هكذا" وأشار بأصابعه مثل القبة، فالنبي صلى الله عليه وسلم يشبه العرش أنه كالقبة على هذا العالم المكون من السموات والأرض وما فيهما وكالسقف عليهما. وفي هذا بيان واضح على عظم العرش وكبر مساحته.

وفي حديث أخر يبين لنا مدى عظم العرش وكبر مساحته، فليس العرش أكبر من السموات والأرض فقط، بل هو من الكبر وسعة الحجم بحيث لا تعدل السموات والأرض على سعة حجمهما بجانبه شيئاً يذكر، فعن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يا أبا ذر ما السموات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على الحلقة".

وفي رواية "ما السموات السبع والأراضون السبع

وما بينهن وما فيهن في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة، وإن الكرسي بما فيه بالنسبة إلى العرش كتلك الحلقة في تلك الفلاة".

قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: "الكرسي موضع القدمين والعرش لا يقدر قدره إلا الله تعالى" [ أخرجه الدارمي وعبد الله بن أحمد في السنة وابن جرير والطبراني في المعجم الكبير  والدارقطني في الصفات والحاكم في المستدرك والخطيب البغدادي في تاريخه  من أوجه. والهروي في الأربعين كلهم عن ابن عباس موقوفاً.قال الحاكم: (صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه) ووافقه الذهبي. وذكر ه الذهبي في العلو وقال: (رواته ثقات) . وقال الألباني: (هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (رجاله رجال الصحيح) .]

والعرش يمتاز مع كبر حجمه وسعته، بكونه أثقل المخلوقات وزنته أثقل الأوزان، فقد جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجويرية: "لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن، سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته".

قال ابن تيمية: "فهذا يبين أن زنة العرش أثقل الأوزان"  [الرسالة العرشية (ص8) .]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليك

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الرابعة والستون بعد المئة في موضوع      ( العظيم ) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :*عرش الرحمن العظيم (خصائص العرش)

رابعاً: العرش ليس داخلا فيما يقبض ويطوى.

لقد خص الله سبحانه وتعالى العرش بخصائص منها ما انفرد بها العرش عن غيره من المخلوقات، ومنها ما اشترك بها العرش مع بعض المخلوقات الأخرى، ولقد سبق الحديث عن بعض الخصائص التي انفرد بها العرش، وأود هاهنا أن أبين بعض ما اشترك به العرش مع غيره من المخلوقات من الخصائص.

فقد سبق أن علمنا أن العرش مخلوق قبل السموات والأرض فهو بهذا ليس داخلا فيما خلق في الأيام الستة، ومعلوم أن الله سبحانه قد أخبر في كتابه وعلى لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم أنه يقبض يوم القيامة السموات والأرض ويطويها ويبدلها،     قال تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر 67] ، وقال تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ} [إبراهيم 48] ، وقال تعالى: {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاء كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء 104] ، وقال تعالى: {إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ. وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ} [الانشقاق 1-2] ، وقال تعالى: {إِذَا السَّمَاء انفَطَرَتْ} [الانفطار 1] .

وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقبض الله الأرض يوم القيامة ويطوي السماء بيمينه، ثم يقول: أنا الملك أين ملوك الأرض"  [أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التوحيد، انظر فتح الباري (13/367) . ومسلم في صحيحه، كتاب صفة القيامة والجنة والنار، (8/126) .]وفي [صحيح مسلم ]عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يطوي الله السموات والأرض ثم يأخذهن بيده اليمنى ثم يقول: أنا الملك أين الجبارون أين المتكبرون"  [ صحيح مسلم كتاب صفة القيامة (8/126) .]

فالآيات والأحاديث السابقة تدل على أن السموات والأرض وما فيهما تقبض وتطوى وتبدل.             وقد اتفق سلف الأمة وأئمتها وسائر أهل السنة والجماعة على أن من المخلوقات ما لا يعدم ولا يفنى كالجنة والنار والعرش  [ الفتاوى (18/307) .]

فعلى هذا يكون العرش ليس داخلا فيما يقبض ويطوى ويبدل، والأدلة على بقاء العرش كثيرة في الكتاب والسنة، فالله سبحانه وتعالى يقول مخبرا عن بقاء عرشه يوم القيامة: {وَحُمِلَتِ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ وَانشَقَّتِ السَّمَاء فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} [الحاقة 14-17] .

وكذلك ما جاء في سورة الزمر من إخباره تعالى بقبضه للأرض وطيه للسموات بيمينه وذكر نفخ الصور وصعق من في السموات والأرض إلا ما شاء الله، ثم ذكر النفخة الثانية التي يقومون بها، وأن الأرض تشرق بنور ربها وأن الكتاب يوضع، ويجاء بالنبيين والشهداء، وأنه توفى كل نفس ما عملت، وذكر سوق الكفار إلى النار، وسوق المؤمنين إلى الجنة إلى أن قال تعالى: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ. وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الزمر 74-75] .

فالآيات فيها إخبار عن الموقف يوم القيامة وفيها شاهد على أن العرش باق حتى بعد انتهاء الحساب.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأما العرش فلم يكن داخلا فيما خلقه في الأيام الستة ولا يشقه ويفطره، بل الأحاديث المشهورة دلت على ما دل عليه القرآن من بقاء العرش، فقد ثبت في الصحيح أن جنة عدن سقفها عرش الرحمن قال صلى الله عليه وسلم: "إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس فإنه أعلى الجنة وأوسط الجنة وفوقه عرش الرحمن" "[ نقض التأسيس (1/155) . [ الأنترنت – موقع العرش للذهبي ]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليك

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الخامسة والستون بعد المئة في موضوع      ( العظيم ) وستكون بعنوان :*عرش الرحمن العظيم

 (الفرق بين الكرسي والعرش)

قال المنجد : الكرسي هو موضع قدمي الرحمن عز وجل على أصح الأقوال فيه ، والعرش أكبر من الكرسي .

والعرش هو أعظم المخلوقات ، وعليه استوى ربنا استواءً يليق بجلاله ، وله قوائم ، ويحمله حملة من الملائكة عظام الخلق . وقد أخطأ من جعلهما شيئاً واحداً .

وهذه أدلة ما سبق مع طائفة من أقوال العلم :

عن ابن مسعود رضي الله عن قال : بين السماء الدنيا والتي تليها خمسمائة عام وبين كل سماء خمسمائة عام ، وبين السماء السابعة والكرسي خمسمائة عام ، وبين الكرسي والماء  خمسمائة عام ، والعرش فوق الماء ، والله فوق العرش لا يخفى عليه شيء من أعمالكم . [ رواه ابن خزيمة في " التوحيد " ( ص 105 ) ،والبيهقي في " الأسماء والصفات ( ص 401 ) .]

والأثر : صححه ابن القيم في  [ اجتماع الجيوش الإسلامية " ( ص 100 ) ، والذهبي في " العلو " ( ص 64 ) .]

وقال الشيخ ابن عثيمين : "هذا الحديث موقوف على ابن مسعود ، لكنه من الأشياء التي لا مجال للرأي فيها

 ، فيكون لها حكم الرفع ، لأن ابن مسعود لم يُعرف

بالأخذ من الإسرائيليات"[القول المفيد شرح كتاب التوحيد  3 / 379 )]

وقال الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في مسائل هذا الحديث :"... التاسعة : عِظَم الكرسي بالنسبة إلى السماء .

العاشرة : عظم  العرش بالنسبة إلى الكرسي .   

الحادية عشرة : أن العرش غير الكرسي والماء" .

 [ شرح كتاب التوحيد " ( ص 667 ، 668 ) .]

وعرش الرحمن هو أعظم المخلوقات ، وأوسعها . قال تعالى : { فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش العظيم } [ المؤمنون /   116 ] ، وقال تعالى { وهو رب العرش العظيم } [ التوبة / 129 ] ، وقال تعالى { ذو العرش المجيد } [ البروج / 15 ] .

وقال ابن كثير :{ وهو رب العرش العظيم } أي : هو مالك كل شيء وخالقه ؛ لأنه رب العرش العظيم الذي هو سقف المخلوقات ، وجميع الخلائق من السموات والأرضين وما فيهما وما بينهما تحت العرش مقهورين بقدرة الله تعالى ، وعلمه محيط بكل شيء ، وقدره نافذ في كل شيء ، وهو على كل شيء وكيل [ تفسير ابن كثير " ( 2 / 405 )]

وقال رحمه الله :"{ ذو العرش } أي : صاحب العرش العظيم العالي على جميع الخلائق ، والمجيد: فيه قراءتان : الرفع على أنه صفة للرب عز وجل ، والجر على أنه

صفة للعرش ، وكلاهما معنى صحيح [ تفسير ابن كثير 4 / 474 ]

والمجيد : المتسع عظيم القدر . عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم  قال : " الناس يُصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور .[ رواه البخاري ( 3217 ) .]

وللعرش حملة يحملونه . قال تعالى : ( الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلماً فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم[ غافر/  7  ]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليك

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة السادسة والستون بعد المئة في موضوع      ( العظيم ) وستكون بعنوان :*عرش الرحمن العظيم

 (الفرق بين الكرسي والعرش)

وخَلقْ الملائكة خلق عظيم .

عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أُذِن لي أن أحدِّث عن ملَك من ملائكة الله من حملة العرش ، إنَّ ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام " .[رواه أبو داود ( 4727 ) .]       والحديث : قال عنه الحافظ ابن حجر : وإسناده على شرط الصحيح  [ فتح الباري ( 8 / 665 )]

والعرش فوق الكرسي بل فوق كل المخلوقات .

قال ابن القيم رحمه الله : " ولهذا لما كانت السماء محيطة بالأرض كانت عالية عليها ، ولما كان الكرسي محيطاً بالسماوات كان عالياً عليها ، ولما كان العرش محيطاً بالكرسي كان عالياً " [ الصواعق المرسلة " ( 4 / 1308 ) .]

 والعرش ليس هو المُلْك وليس هو الكرسي .

قال ابن أبي العز الحنفي رحمه الله :

"وأما من حرَّف كلام الله وجعل العرش عبارة عن الملك ، كيف يصنع بقوله تعالى : { ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية } [ الحاقة / 17 ] ، وقوله { وكان عرشه على الماء } [ هود / 7 ] ؟ أيقول : ويحمل ملكه يومئذ ثمانية ، وكان ملكه على الماء ويكون موسى عليه السلام آخذا بقائمة من قوائم المُلْك ؟ هل يقول هذا عاقل يدري ما يقول ؟!

وأما الكرسي فقال تعالى : { وسع كرسيه السموات والأرض } [ البقرة / 255 ] ، وقد قيل : هو العرش ، والصحيح : أنه غيره ، نُقل ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما وغيره. روى ابن أبي شيبة في كتاب " صفة العرش " والحاكم في " مستدركه " وقال : إنه على شرط الشيخين ولم يخرجاه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى : { وسع كرسيه السموات والأرض } أنه قال : " الكرسي موضع القدمين ،

 والعرش لا يقدر قدره إلا الله تعالى " .

وقد روي مرفوعاً ، والصواب : أنه موقوف على ابن عباس ...

قال أبو ذر رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما الكرسي في العرش إلا كحلْقة من حديد أُلقيت بين ظهري فلاة من الأرض "

.. وهو كما قال غير واحدٍ من السلف : بين يدي العرش كالمرقاة إليه" [ شرح العقيدة الطحاوية " ( ص 312 ، 313 ) .]

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :"هناك من قال : إن العرش هو الكرسي لحديث " إن الله يضع كرسيَّه يوم القيامة " ، وظنوا أن الكرسي هو العرش . وكذلك زعم بعض الناس أن الكرسي هو العلم ، فقالوا في قوله تعالى : { وسع كرسيه السموات والأرض } أي : علمه .والصواب : أن الكرسي موضع القدمين ، والعرش هو الذي استوى عليه الرحمن سبحانه .

والعلم : صفة في العالِم يُدرك فيها المعلوم . والله أعلم" انتهى .[ الأنترنت – موقع سؤال وجواب للمنجد ]

خلق العرش والكرسي

قال الله تعالى: {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (116)} [المؤمنون:

وقال الله تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255)}. وقال الله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5)} [طه: 5]. الله تبارك وتعالى هو الملك الذي يملك كل شيء، القوي الذي لا يعجزه شيء، الخالق الذي خلق كل شيء. خلق العرش واستوى عليه، وأمر الملائكة بحمله، وتعبدهم بتعظيمه والطواف به. الأنترنت – موقع الكلم الطيب ]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليك

 بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة السابعة والستون بعد المئة في موضوع      ( العظيم ) وستكون بعنوان :*وإنك لعلى خلق عظيم

قال الدكتور/ طلعت عفيفي :                     مكانة الرسول فى القرآن الكريم

1) إن كان لأحد من البشر فضل على كل مسلم على وجه هذه الأرض بعد فضل الله تعالى فهو بالقطع لرسول الله صلى الله عليه وسلم الذى أنقذنا الله به من الضلالة ، وأخرجنا به من الجهالة والغواية ، وجعله سبباً لكل خير هدينا إليه أو شر نهينا عنه .

وقد ذكر لنا ربنا فى كتابة هذه المنة التى تطوق عنق كل مسلم فى كل زمان ومكان فقال : ( لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (آل عمران:164) .

ومن ثم يؤكد القرآن الكريم على موقع النبى صلى الله

عليه وسلم  لدى كل مسلم فيقول : ” النبى أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فهو أقرب إلينا من قلوبنا ، وأحب إلى نفوسنا من نفوسنا ،وهو عند كل مسلم منا أعز لديه وأغلى من جميع الخلق دونما استثناء ، وفى الحديث الذى رواه أحمد والترمذى وأبن ماجة : :” لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده ومن الناس أجمعين

2) وقد اشتمل القرآن الكريم على الكثير من الإشارات التى تتحدث عن مكانة الرسول صلى الله عليه وسلم عند ربه ، ولا يتسع المجال هنا للتفصيل فى كل ما يتعلق بهذا الجانب ، ونكتفى بذكر بعض ما ورد بهذا الشأن وذلك فيما يلى :-

أ‌- من علامات بر الله به و تعظيمه لشأنه أنه – جل شأنه – نادى جميع الأنبياء وبأسمائهم ، فقال : يا آدم ، يا نوح ، يا إبراهيم ، يا موسى ، يا عيسى ، يا زكريا ، يا يحيى …. ألخ بينما نادى النبى صلى الله عليه وسلم بقوله له ( يا أيها النبى – يا أيها الرسول – يا أيها المزمل – يا أيها المدثر ) .

ب‌- حين أثنى الله على أنبيائه السابقين بما فيهم من أخلاق كريمة كان يذكر لكل نبى صفات محددة فقال عن خليله إبراهيم ( إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ) وقال عن إسماعيل ( إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَبِيّاً) وقال عن موسى ( إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصاً وَكَانَ رَسُولاً نَبِيّاً ) وقال عن أيوب ( إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) وحين تحدث عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بين أنه حاز الكمالات كلها فقال (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) .

ج‌- وعن الخصائص التى خص بها نبيه صلى الله عليه وسلم دون سائر الأنبياء أن كل نبى كان مبعوثاً إلى قومه خاصة ، وفى القرآن ما يشير إلى هذا فالله يقول عن عيسى ( وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرائيلَ) وعن هود قال ( وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً) وعن صالح قال ( وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحا) ……… ألخ فى حين أن رسولنا صلى الله عليه وسلم بعث إلى الناس كافة فى زمانه وفيما بعد زمانه ، فهو خاتم النبيين . قال تعالى : (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً)(سـبأ: من الآية28) وقال جل ذكره : ( مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ )(الأحزاب: من الآية40) .

وفى الحديث الذى رواه الشيخان : ” مثلى ومثل الأنبياء من قبلى كمثل رجل بنى بنياناً فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية من زواياه ، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون : هلا وضعت هذه اللبنة ؟ قال : فأنا اللبنة ، وأنا خاتم النبيين ” .

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليك

 بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثامنة والستون بعد المئة في موضوع      ( العظيم ) وستكون بعنوان :*وإنك لعلى خلق عظيم

قال الدكتور/ طلعت عفيفي :                     مكانة الرسول فى القرآن الكريم

د- ومن مظاهر تكريم الله لنبيه صلى الله عليه وسلم ما أخذه من العهد على كافة الأنبياء من الإيمان به ونصرة دينه ، فقال تعالى : ( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ) (آل عمران:81) .

يقول الإمام على رضي الله عنه : ” لم يبعث نبياً من آدم فمن بعده إلا أخذ عليه العهد فى محمد صلى الله عليه وسلم لئن بعث وهو حى ليؤمنن به ولينصرنه ، ويأخذ العهد بذلك على قومه ” .

هـ) ومن مظاهر تكريم الله لنبيه صلى الله عليه وسلم ما جاء فى قوله تعالى : (وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ) (الشرح:4) قال قتادة : ” رفع الله ذكره فى الدنيا والآخرة ، فليس خطيب ولا متشهد ولا صاحب صلاة إلا يقول : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ” وقال حسان بن ثابت رضي الله عنه :

ضم الإله اسم النبي إلى اسمه إذ قال فى الخمس المؤذن أشهد

وشق له من اسمه ليجلــــــــه فذو العرش محمود وهذا محمد

و) ومن مظاهر تكريم الله تعالى لنبيه وثنائه عليه

ما جاء فى مطلع سورة النجم مع غيرها من السور حيث أثنى الله على عقله فقال : (مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى) وأثنى على لسانه فقال :(وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى) وأثنى على جليسه ومعلمه جبريل فقال :(عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى) وأثنى على فؤاده فقال : (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى) وأثنى على بصره فقال :(مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى) وأثنى على أخلاقه فقال :(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) . ونكتفى بهذا القدر من الإشارات القرآنية على علو مكانة الرسول صلى الله عليه وسلم وعظيم منزلته عند ربه ، فالكلام فيها يطول ويطول .

3) وقد أشار العلماء رحمهم الله إلى أن خصال

الكمال والجلال إذا وقعت منها واحدة أو أثنتان لشخص ما عظم قدره ، وضربت باسمه الأمثال فيقال : أحلم من الأحنف ، وأكرم من حاتم ، وأذكى من إياس ….ألخ

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليك

 بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة التاسعة والستون بعد المئة في موضوع      ( العظيم ) وستكون بعنوان :*وإنك لعلى خلق عظيم

قال الدكتور/ طلعت عفيفي :                     مكانة الرسول فى القرآن الكريم                    فكيف بمن عظم قدره حتى اجتمعت فيه كل هذه الخصال ؟ يقول القاضى عياض اليحصبى فى كتابه ( الشفا بتعريف حقوق المصطفى ) : ” ما ظنك بعظيم قدرمن اجتمعت فيه خصال الخير كلها مما لا يحصيه عد ، ولا يعبر عنه فقال ، ولا ينال بكسب ولا حيلة إلا بتخصيص الكبير المتعال من فضيلة النبوة والرسالة والخلة والمحبة والاصطفاء والإسراء والرؤية والقرب والدنو والوحى والشفاعة والوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة والمقام المحمود والبراق والمعراج والبعث إلى الأحمر والأسود والصلاة بالأنبياء والشهادة بين الأنبياء والأمم وسيادة ولد آدم والرحمة للعالمين وشرح الصدور ورفع الذكر والتأييد بالملائكة وإيتاء الكتاب والحكمة وصلاة الله تعالى والملائكة عليه ، ووضع الإصر والأغلال عن الخلق ببعثه ونبع الماء بين أصابعه وتكثير القليل وانشقاق القمر والنصر بالرعب والإطلاع على الغيب وظل الغمام وتسبيح الحصى والعصمة من الناس ، إلى ما لا يحصيه عد ولا يحيط بعلمه إلا الله تعالى إضافة إلى ما أعد الله له فى الدار الآخرة من منازل الكرامة ودرجات القدس ومراتب السعادة والحسنى والزيادة التى تقف دونها العقول وتحار دون إدراكها الأفهام ” أ. هـ بتصرف .

وصدق من قال : –

 فإن فضل رسول الله ليس له** حد فيعرب عنه ناطق بفم

4) والمسلم أمام هذه القمة السامقة والبنيان الشامخ

لا يملك إلا التوقير والإجلال لمقام هذا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، ويجعل نفسه وما ملك فداء لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأن يقتفى أثر الصحب الكرام الذين تفانوا فى حب رسولهم صلى الله عليه وسلم حتى شهد بذلك الأعداء والأصدقاء على السواء .

يقول أبو سفيان بن حرب قبل أن يعلن إسلامه :- ( ما رأيت أحداً يحب أحداً كحب أصحاب محمد لمحمد ) ، ويقول عروة بن مسعود الثقفى وافد قريش على النبى صلى الله عليه وسلم  عام الحديبية : – ( أى قوم : والله لقد وفدت على كسرى وقيصر والنجاشى والله ما رأيت ملكاً قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمداً ) .

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليك

 بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة السبعون بعد المئة في موضوع ( العظيم ) وستكون بعنوان :*وإنك لعلى خلق عظيم

قال الدكتور/ طلعت عفيفي :                     مكانة الرسول فى القرآن الكريم

5) ومن حق هذا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم علينا أن نقف بالمرصاد لكل من تسول له نفسه النيل من مقامه الشريف بأى لون من الألوان . قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً) (الأحزاب:57) ، وقال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ) (المجادلة:20) .

وقد أدبنا ربنا تبارك وتعالى بأدب المقاطعة والبغض لأولئك المتطاولين على مقامه الكريم فقال : ( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُم ْ……….)(المجادلة: من الآية22) .

فليعتذر كل مسلم إلى رسول الله  عما يقال أو ينشر فى حقه مما لا يليق بمقامه الشريف وليكن ذلك بصورة عملية تتناسب مع موقع كل منهم ومدى تأثيره بدءاً من إظهار احتجاج واستدعاء السفراء ومخاطبة المسئولين فى الدول التى تنطلق منها هذه المواقف ومروراً بالمقاطعة الاقتصادية لسلع ومنتجات تلك الدول وانتهاء بالدعاء على كل من أراد الإسلام أو رسوله أو كتابه أو المسلمين بسوء .

6- قول الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) (الأحزاب:56)، ففى هذه الآية الكريمة إشارة إلى مكانة النبى صلى الله عليه وسلم فى الملأ الأعلي، فهو سبحانه يثنى عليه ويصلى دائمًا عليه، وكذلك الملائكة، وهنا يأمر الله أهل الأرض بالصلاة والسلام عليه ليجتمع الثناء عليه من أهل السماء والأرض ومن رب السموات والأرض.

7- دفاع الله تعالى عنه ضد كل من حاول أن ينتقص من قدره، أو يتهمه بما ليس فيه. فحين قال المشركون: “يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون” أجاب الله عنه بنفسه وقال: “ن والقلم وما يسطرون ما أنت بنعمة ربك بمجنون”.

وحين قال المشركون: “لست مرسلا” قال الله تعالى فى الرد عليهم : “يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم”.

وحين قال المشركون: “أئنا لتاركو آلهتنا لشاعر مجنون” أجاب الله تعالى عنه فقال: “بل جاء بالحق وصدَّق المرسلين” وقال: “وما علمناه الشعر وما ينبغى له إن هو إلا ذكر وقرآن مبين” وحين قال المشركون عن القرآن: “أساطير الأولين اكتتبها، فهى تملى عليه بكرة وأصيلا رد الله عليهم ادعاءهم وقال: “قل أنزله الذى يعلم السر فى السموات والأرض”.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليك

 

 بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الواحدة والسبعون بعد المئة في موضوع      ( العظيم ) وستكون بعنوان :*وإنك لعلى خلق عظيم

قال الدكتور/ طلعت عفيفي :                     مكانة الرسول فى القرآن الكريم

ولما تأخر الوحى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال المشركون: “رب محمد قد قلاه، رد الله عليهم زعمهم، وقال: “ما ودعك ربك وما قلى”.

ولما قال المشركون: ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشى فى الأسواق. أجاب الله تعالى عنه وقال: “وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون فى الأسواق”. وهكذا ما من افتراء أو ادِّعاء جاء به المشركون تجاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ونزه الله تعالى ساحته، ورفع قدره، وردّ على المشركين ما زعموه، وقال لنبيه: “إنا كفيناك المستهزئين”.

8- ومن مظاهر تكريم الله لنبيه أنه أقسم به، فقال: “لعمرك إنهم لفى سكرتهم يعمهون” كما أقسم بمكة التى بها ولد ونشأ، فقال: “لا أقسم بهذا البلد. وأنت حلٌّ بهذا البلد”.

9 – ومن مظاهر تكريم الله لنبيه أنه جعل طاعته من طاعته فقال: (مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ). كما جعل بيعته من بيعته، فقال: “إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم” فى الوقت الذى نهى عن التقدم بين يديه بأمر أو نهى، فقال: “يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدى الله ورسوله”. أى لا تأمروا ولا تنهوا حتى يقضى الله على لسانه ما يشاء.

وحذر من التخلف عن أمره أو نهيه لما يؤدى إليه من الفساد والإفساد، فقال سبحانه: “لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضًا، قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم”.

فالآية الكريمة تحمل ضمن معانيها أنه لا يجوز التردد فى إجابة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ما دعا لأمر ما وإلا تعرض المرء للفتنة فى الدنيا والعذاب الأليم فى الآخرة والأولى.

10 – ومن مظاهر تكريم الله لنبيه قوله له: “إنا أعطيناك الكوثر” وقد فسر الكوثر بأنه الخير الكثير فى الدنيا والآخرة، ومن هذا الخير نهر الكوثر، والآية الكريمة تؤثر لفظ (أعطيناك) بدلا من (سنعطيك) للدلالة على عظيم فضل الله على نبيه وعظم منزلته عنده حيث كتب له هذا الفضل ووعد به والله لا يخلف الميعاد فكأنه وقع فعلا، ثم أمره تعالى بإخلاص العبودية له قائلا : “فصل لربك وانحر”. وردّ على من وصفوه بما لا يليق بقوله تعالى: “إن شانئك هوالأبتر

 وشانئك يعنى عدوك.

قال ابن كثير : قال السدى: كانوا إذا مات ذكور الرجل قالوا بتر، فلما مات أبناء رسول الله صلى اله عليه وسلم قالوا: بتر محمد، فأنزل الله “إن شانئك هو الأبتر”. والآية تتسع لتشمل البتر من كل خير لمن يكره رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أبقى الله ذكره على رؤوس الأشهاد، وأوجب شرعه على رقاب العباد، مستمرًا على دوام الآباد إلى يوم المحشر والمعاد، صلوات الله وسلامه عليه إلى يوم التناد.                                                 إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليك

 بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثانية والسبعون بعد المئة في موضوع ( العظيم ) وستكون بعنوان :*وإنك لعلى خلق عظيم

قال الدكتور/ طلعت عفيفي :                     مكانة الرسول فى القرآن الكريم

11- ومن مظاهر تكريم الله لنبيه أن الله تعالى ذكر فى كتابه أن الكتب السابقة كالتوراة والإنجيل اشتملت على التنويه برسالته، فقال: “الذين يتبعون الرسول النبى الأمى الذى يجدونه مكتوبًا عندهم فى التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات” وأن معرفة أهل الكتاب به كمعرفتهم لأبنائهم وإن كانوا يعاندون الحق ويكتمونه، قال تعالى: “الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقًا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون”.

12 – ومن مظاهر تكريم الله لنبيه أنه شهد له بنفسه بالرسالة، فقال: “والله يعلم إنك لرسوله”. وقال: “لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون، وكفى بالله شهيدًا” وقال: “يا أيها النبى إنا أرسلناك شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا”.                                   وأكدت الآيات على عموم بعثته صلى الله عليه وسلم للعالمين،وأن بعثته كانت رحمة لكل الخلق،فقال تعالى  

 :“وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين”.

قال ابن عباس رضى الله عنهما: “هو رحمة للبر والفاجر، لأن كل نبى إذا كُذب أهلك الله من كذبه، أما نبينا إنما بعث رحمة للمؤمنين بالهداية، ورحمة للمنافق بالأمان من القتل، ورحمة للكافر بتأخير العذاب، قال تعالى: وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم”.

13 – ونختم بهذه الكلمات التى قالها سيدنا عمر رضى الله عنه أحد تلامذة المدرسة المحمدية وهو ينعى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكلمات تفيض حبًا وتقطر ودًا، فيقول: السلام عليك يا رسول الله، بأبى أنت وأمي، لقد كنت تخطبنا على جذع نخلة،

فلما كثر الناس اتخذت منبرًا لتسمعهم، فحن الجذع لفراقك، حتى جعلت يدك عليه فسكن، فأمتك أولى بالحنين إليك لما فارقتها.

بأبى أنت وأمى يا رسول الله، لقد بلغ من فضيلتك عنده أن بعثك آخر الأنبياء، وذكرك فى أولهم، فقال عز وجل: “وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم، وأخذنا منهم ميثاقًا غليظًا”. بأبى أنت وأمى يا رسول الله، لقد بلغ من فضيلتك عنده أن أهل النار يودون أن يكونوا قد أطاعوك وهم بين أطباقها يعذبون، “يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا” بأبى أنت وأمى يا رسول الله، لقد بلغ من فضيلتك عند الله أن أخبرك بالعفو قبل أن يخبرك بالعتاب، فقال: “عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين”.

وسيبقى هدى النبى صلى الله عليه وسلم وسنته هى السبيل الوحيد لمن أراد الوصول إلى الله تعالى ونيل السعادة فى الدارين، وصدق الله العظيم إذ يقول: “قل إن كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم }   [ الأنترنت – موقع منارات - بقلم الأستاذ الدكتور/ طلعت عفيفي الأستاذ بجامعة الأزهر]

لى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليك

 بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثالثة والسبعون بعد المئة في موضوع   ( العظيم ) وستكون بعنوان :*وإنك لعلى خلق عظيم

قال فضيلة الشيخ / محمد عبد المجيد زيدان

إنما بُعِثْتُ لأتمم مكارم الأخلاق:

 لقد صنع الله نبيه صلى الله عليه وسلم على عينه وأحاطه برعايته، وشمله بلطفه ورحمته، وخصه بعميم فضله وكرامته، وأدبه فجمع له رفيع الخصال ونهاية عظمة الأخلاق، فكان صلى الله عليه وسلم الفضائل مجسمة والمكرمات مجتمعة والخير خالصاً، والحق قويّا واضحاً. فمن الفضائل الإلهية الممنوحة له صلى الله عليه وسلم جمال وجهه، وإشراق طلعته، وحسن شكله، وكمال هيبته، وتناسق أعضائه، وتناسب أجزائه، واتساع عقله ورجاحته، وبعد نظره وأصالته.

     روى عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «ما رأيت أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم كأن الشمس تجري في وجهه»، ومن كلام الإمام علي - رضي الله عنه وكرم الله وجهه - في وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: «لم يكن بالطويل البائن ولا بالقصير المتردد.. إلى أن قال: من رآه بديهةً هابه، ومن خالطه معرفةً أحبه، يقول ناعته: لم أر قبله مثله ولابعده» ﴿ذَلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ (سورة الجمعة، الآية:4)، ولهذا قال مادحه:

     خُلِقْت مبرءًا من كل عيب**  كأنك قد خُلِقْت كما تشاء

     أما الفضائل المكتسبة والصفات العظيمة والأخلاق الكاملة فرسول الله صلى الله عليه وسلم فيها جميعها الإمام يقتدى به، والأسوة الحسنة نتأسى بخلقه ونتشبه بأدبه، فهو النبع الصافي للأخلاق والنور الساطع بالكمال والجلال وإذا شهد الناس للرجل بالخير فصدقوا فهو من الخيرين، فإذا شهد له التقاة الصالحون فهو من الكاملين فما بالك بمن شهد له رب العالمين وأحكم الحاكمين وسماه قومه قبل رسالته «الصادق الأمين» قال تعالى: ﴿   وَإِنَّ لَكَ لأجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ *

وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ (سورة القلم الآيتان: 3-4).

     ولقد عرف صلى الله عليه وسلم فضل الله عليه وافتخر به، فقال عليه الصلاة والسلام: «أدبني ربي فأحسن تأديبي، ونشأت على أحسن الكمالات» لذا فإن مناقبه صلى الله عليه وسلم تستعصى على الإحصاء وصفاته النادرة المبهرة تأبى على الحصر.

     لقد كانت أخلاقه صلى الله عليه وسلم استجابات نفسيةً وقوليةً وعمليةً لما يوحي إليه ربه في القرآن كما تجليها السيدة «عائشة» أم المؤمنين - رضي الله عنها - حينما سئلت عن أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم فتقول: كان خلقه القرآن، أما تقرأ قول الله عز وجل ﴿وَإِنَّكَ لَعَلىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ (سورة القلم الآية: 4).

     وتقول عنه أيضاً: «ما كان أحد أحسن خلقاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما دعاه أحد من أصحابه ولا أهل بيته إلا قال: «لبيك».

     وعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن فاحشاً ولا متفحشاً، وكان يقول: «خياركم أحسنكم أخلاقاً».

   لى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليك

 بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الرابعة والسبعون بعد المئة في موضوع     ( العظيم ) وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :*وإنك لعلى خلق عظيم

لقد كان خلقه صلى الله عليه وسلم السبب المباشر في إسلام الكثيرين، وفي خبر الجلندي – ملك عُمان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم - لما بلغه أن الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الإسلام، قال الجلندي: «والله لقد دلني على هذا النبي الأمي أنه لا يأمر بشيء إلا كان أول آخذ به ولا ينهى عن شيء إلا كان أول تارك له، وأنه يَغلِبُ فلا يبطر ويُغْلَبُ فلا يضجر، ويفى بالعهد وينجز الموعود وأشهد أنه نبي» حتى من هداهم الله إلى الحقيقة فوضعوا خلاصة فكرهم المستنير في خدمة البشرية من أمثال «فولتير»، قال عن الإسلام الذي جاء به هذا النبي العظيم: «إن كثيرين اعتنقوا الإسلام وهم بعيدون عن بلاده وغزواته وفتوحاته» وقال «غاندي» عن نبي الإسلام: «إن نبي الإسلام هو الذي قادني إلى المناداة بتحرير الهند» ومن أجبر «نهرو» ليقـول عـن الرسول صلى الله عليه وسلم: «فاقت أخلاق نبي الإسلام كل الحدود ونحن نعتبره قدوةً لكل مصلح، يودّ أن يسير بالعالم إلى سلام حقيقي» ومن ذا الذي أجبر «ليو تولستوي» ليقول عن نبي الإسلام: «لا يوجد نبي حظي باحترام أعدائه سوى النبي محمد صلى الله عليه وسلم مما جعل الكثرة من الأعداء يدخلون الإسلام» وهذا «جان جاك روسو» يقول: «الرجال أمثال «محمد» يملكون كل أمور الحياة؛ لأنهم يصنعون الحياة السوية» هؤلاء وأمثالهم كثير مَنْ دفعهم كي يدلوا بشهاداتهم في حق الإسلام ونبي الإسلام بوضوح وعقلانية ودون تزييف وافتراء؟ سؤال نوجهه لعداء الإسلام ونبيه في الغرب الذين تقطر كتاباتهم كرهاً للإسلام والمسلمين، نقول لهم فتشوا عن محمد صلى الله عليه وسلم ودين محمد صلى الله عليه وسلم في كتابات كتّاب ومفكرين منصفين هم أقرب إليكم بحكم الدين والهوية الجغرافية والتاريخية.

     إن كثيراً من آيات القرآن الكريم تصف شمائله الظاهرة وشيمه العالية صلى الله عليه وسلم، يصف الله تعالى لين جانبه وسماحة نفسه وشدة عطفه على أمته فيقول سبحانه: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ الله لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى الله إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾ (سورة آل عمران الآية: 159)، ويصف حرصه على هداية الخلق وألمه وحزنه لضلالهم ورأفته ورحمته بمن آمن به واتبعه فيقول سبحانه: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ (سورة التوبة الآية: 128)، يبين الله أن رسالته كانت رحمةً للخلق جميعاً، رحمةً للمؤمن بالهداية ونعمة الإسلام، ورحمةً لمن لم يؤمن برفع الانتقام الدنيوي من خسف ومحق وريح صرصر وصيحة مهلكة وغرق بالطوفان ورحمته بما نشرته من علم وحكمة ومباديء أخذتها كثير من الأمم، ففازت بها في الدنيا وفهمت بها الحياة فهماً صحيحاً غير أنها لم تؤمن فحرمت الهداية الروحية قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنٰكَ إلَّا رَحمةً لِلْعٰلَمِيْن﴾ (سورة الأنبياء الآية: 107) ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنٰكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى الله بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا﴾ (سورة الأحزاب الآيتان: 45، 46). إلى غير ذلك من الآيات الدالة على خلقه وأدبه وفضله ونبله. لى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليك

 بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الخامسة والسبعون بعد المئة في موضوع     ( العظيم ) وستكون إستكمالا للماضيات والتي هي بعنوان :*وإنك لعلى خلق عظيم

ورسولنا العظيم بين لنا وظيفته التي بعثه الله بها، وصرح بأنها الاتقاء بالخلق في مدارج الكمال الأخلاقي فقال: «إنما بُعِثْتُ لأتمّم مكارم الأخلاق». ونحن ملزمون بطاعته مأمورون باتباعه ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ الله﴾ (سورة النساء الآية: 64)، والمؤمن الصادق هو المقتدي بالرسول المتأسي به المتبع لكل ما جاء به ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾ (سورة آل عمران الآية:31). وقال سبحانه: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا﴾ (سورة الأحزاب الآية:21). فأخلاقه صلى الله عليه وسلم جذبت العباد وهدت صفاته الخلق للإسلام، فجدير بنا أن نذكر دائمًا أخلاقه، فنحن في الأخلاق فقراء، بل ماحلون، ونتذاكر أدبه الراقي فقد ساءت الآداب، نتحدث عن بره وكرمه، فقد عز الكريم وضاع البائس واليتيم، وعن صلابته في الحق وقد سكت صوت الحق، وعن سهولته في المعاملة وقد خربت الذمم وانحطت العزائم، نحيي النفوس ونوقظ الهمم، فالحوادث تنذرنا والخطوب تقرعنا والفتن تكتنفنا ولا خلاص إلا بخلق متين وأدب مكين ورسولنا هو المثل الأعلى والمنهج القويم وصدق من قال:

     وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا

     فجدير بنا أن نتذاكر حياته وكفاحه وقيادته ورحمته ومواقفه؛ لأن حقيقة التأسي به تبدو في اتباع عزائمه والسير على هديه في مواقف البطولة التي استطاع فيها أن ينتصر على أعداء مجتمع الحق والعدل والخير الذي أقامه. المجتمع الذي أعطى لكل ذي حق حقه، فليكن تطبيقنا لسنة حبيبنا دائما هو ديدننا عمليًّا لما جاء به وما عاش من أجله ومات في سبيله. فقد كان مثالاً لكل الفضائل التي ينبغي للإنسانية أن تتحلى بها وأعطي من سيرته الشريفة قدوةً للتحرر الفكري والتسامح الأخلاقي والعمل الجدي الذي لايعرف الكلل والفتور. وسار في حياته كلها على مبدأ الشورى في معاملة أصحابه وغير أصحابه لينهج للإنسانية نهجاً كريماً في السلوك والمعاملة الحسنة. كان مثال العطف الكريم والتسامح الصادق واليسر مع نفسه ومع الناس، رقيق العاطفة يتألم لألم الناس ويفرح لفرحهم، كريماً في ماله، عطوفاً في قلبه

ومن خليقته صلى الله عليه وسلم أنه كان لين العريكة

حميد المعاملة، تدفعه مكارمه لأن يتحمل في ذاته، ويصبر في نفسه، لقد بين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الإسلام لا يحقق أهدافه إلا إذا كان المسؤولون عنه لا يحملون نفسية التاجر، وإنما يحملون نفسية الخادم المسؤول عن حفظ ما اؤتمن عليه؛ ولهذا رفض الرسول صلى الله عليه وسلم تولية أصحاب الحرص الذي يطلبون المنصب لوجه المنصب وقال: «إنا لا نولى هذا من سأله ولا من حرص عليه» لأن حقوق الأمة يجب أن تحفظ ولا تحفظ إلا بحسن اختيار القادة الذين يتولون مصالح الناس.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليك

 بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة السادسة والسبعون بعد المئة في موضوع     ( العظيم ) وستكون إستكمالا للماضيات والتي هي بعنوان :*وإنك لعلى خلق عظيم

  لقد جاء صلى الله عليه وسلم فأحدث انقلاباً لوضعية البشرية قاطبةً، غيَّر مجرى التاريخ بالعقيدة والشريعة التي جاء بها فلم يتخذ مبدأ: «من لطمك على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر» وإنما عوضه بمبدأ: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ﴾ (سورة البقرة الآية: 194) ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَة سَيِّئَة مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُه عَلى اللهِ﴾ (سورة الشورى الآية: 42). احترم إنسانية المرأة ومنحها الحرية في مجال العمل والرزق والكسب بالطرق الشريفة، وخير مثال نساء عصر النبوة فقد ضربن بسهم وافر في العمل والصبر والمثابرة ومعاونة أزواجهن، الشيء الذي حفظه التاريخ لهن بإكبار وإعجاب، والمرأة زينة المنزل وبهجة الأسرة برقتها ولطفها وحنانها وهي التي تشيع الفرح والبهجة والسرور في المنزل بين أولادها وأهلها جميعاً وقد أوصى بها الرسول الكريم فقال: «ما أكرم المرأة إلا كريم ولا أهانها إلا لئيم وأنا أحب أن أكون كريماً مغلوباً ولا أحب أن أكون لئيماً غالباً» لهذا يجب أن ندرس الإسلام وتاريخه والسيرة والنبوية الشريفة بدقة وتمعن ونسير على هديها ليس بواسطة المتشبعين بأفكار غربية، وإنما بواسطة من أشبعوا بالثقافة الإسلامية المتحررة ونهلوا من مناهلها الصافية وتذوقوا أسرارها وعلموا أن الآيات التي جاءت في القرآن الكريم للزجر كان زجرها من أجل مصلحة العباد، ولإبعاد النفوس عن غوايتها وفحشها وظلمها وشرورها؛ ولذلك نجد القرآن في آياته الزجرية لا يكتفي بالزجر وإنما يحض على العمل الصالح والأخلاق الفاضلة ليظهر للمسلم الفرق بين الغواية والضلال والهدي والصلاح.

     لقد أعطى الله سيدنا محمدًا صلى الله عليه وسلم كل أسباب الشرف والرفعة والكمال الإنساني ومع ذلك كان متواضعاً في غاية التواضع، فعن أنس - رضي الله عنه - أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا سيدنا وخيرنا وابن خيرنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «يا أيها الناس قولوا بقولكم ولا يستهونكم الشيطان أن محمد بن عبد الله ورسوله والله ما أحب أن ترفعوني فوق ما رفعني الله عز وجل» (رواه أحمد ص21ج22 الفتح الرباني) – لقد كان يفضل مجالس الفقراء ويجيب دعوة العبد استجابةً لقوله تعالى: ﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَن اتَّبَعَكَ مِنَ المُؤْمِنِيْن﴾ (سورة الحجر الآية: 88). ويجلس بين أصحابه مختلطاً – فلا يتخير مجلساً يترفع عليهم – بل يجلس حيث انتهى به المجلس، لهذا وغيره مما لا يتسع المقام لعرضه كلف الله المؤمنين بالاستجابة له على كل أحوالهم حتى في أثناء الصلاة وذلك لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِله وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾ (سورة الأنفال الآية: 24). وفرض الله على المسلمين حبه بقوله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ الله وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ (سورة التوبة الآية:24).

     قال القاضي عياض عقب هذه الآية: فكفى بهذا حضّاً وتنبيهاً ودلالةً وحجةً على إلزام محبته ووجوب فرضها وعظم خطرها واستحقاقه لها صلى الله عليه وسلم؛ إذ قرّع تعالى من كان ماله وولده أحب إليه من الله ورسوله وأوعدهم بقوله تعالى: ﴿فَتَرَبَّصُوْا حَتّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِه﴾ (سورة التوبة الآية: 24). ثم فسقهم بتمام الآية وأعملهم أنهم ممن ضل ولم يهده الله ومن وجوب محبته تمام طاعته وكما يقولون:

لو كان حبك صادقاً لأطعته**  إن المحب لمن يحب مطيع

   إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليك

 

 

 بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة السابعة والسبعون بعد المئة في موضوع     ( العظيم ) وستكون إستكمالا للماضيات والتي هي بعنوان :*وإنك لعلى خلق عظيم 

لتكن شريعته وسنته هي الطريق التي تختارها القلوب عقيدةً وتنطلق بها الأعضاء عملاً وليترسم كل مسلم طريقة  رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ويحسن به الأسوة ويكون في ضميره وواقع عمله نعم القدوة يقول سبحانه وتعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا﴾ (سورة الأحزاب الآية:21).

     وهذه هي الثمار الطيبة للمحبة والطريق السوي للمحبين الذين يظفرون بصحبته يوم القيامة قال صلى الله عليه وسلم: «من أحبّ قوماً على أعمالهم حشر معهم يوم القيامة» وإن من لوازم المحبة الصادقة الملتزمة للطاعة وكمال الأسوة أن يبذل المحب ذات نفسه فداءً لإمامه وقائده وحمايةً للمبادئ التي خالطت قلبه وملكت مسالك فكره قال تعالى: ﴿مَا كَانَ لِأهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الأعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ الله وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ﴾ (سورة التوبة الآية:120).  إن الإسلام ورسوله العظيم يتعرضان لحملة تشويه كبيرة وسوء فهم من مختلف وسائل الإعلام الغربية، فصدمة الرسوم الكاركاتيرية الفاحشة في صحف غربية فاجرة وتكريم «سلمان رشدي» صاحب رواية آيات شيطانية من ملكة بريطانيا وما أقبلت عليه «سويسرا» من منع إقامة المآذن مع أن المستقر عليه في دساتير العالم قاطبةً أن حرية العقيدة وأداء الشعائر الدينية وما يتعلق بها من مظاهر أمر مباح للإنسانية جمعاء، كل ذلك يكشف بجلاء عن التمييز الديني العنصري الذي هو صنوان للديكتاتورية الفكرية في الشأن الديني رغم تشدقهم بالحديث عن المساواة والتسامح وحقوق الأقليات وحرية الشعائر وحوار الأديان وحقوق الإنسان وقد صدق من قال:

     ومهما تكن عند امرئ من خليقة  وإن خالها تخفي على الناس تعلم

     فاليوم نضح الإناء بما فيه وأبت خلائقهم إلا أن تطل بأعناقها وبانت سوءاتهم وتجلى كذبهم وخداعهم وتبدي لكل ذي عينين نفاقهم وزيف شعاراتهم، وكانت حملات الانتصار لنبي الأمة ودين الإسلام في مختلف أقطار العالم الإسلامي وكان على الأمة أن تستثمر هذه الأحداث لمصلحتها وألا تكون أفعالها رد فعل فقط سريعاً ما تنطفئ جذوتها، فهذه فرصة لإيصال الإسلام إليهم وأن نكسبهم إلى جانب قضايانا، وأن نعيد لهم الصورة الحقيقية لهذا الدين العظيم وذلك بتوجيه الدعوة إليهم بالحكمة والموعظة الحسنة والقدوة الطيبة، وتوضيح سيرة رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم وإيضاح ما يكنه نبينا إلى إخوانه المرسلين وإلى أهل الكتاب، مع تخصيص صفحات يومية في وسائلنا الإعلامية على شكل ملاحق تخصص لعرض كامل لسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، فقد يكون ذلك سبباً لتهيئة المناخ لانتشار دعوة الإسلام إلى كثير من أصقاع الدنيا التي لم تعرف حقيقة هذا الدين العظيم وصفات نبيه الذي جاء رحمةً للعالمين.

 سلام على المبعوث رحمةً للعالمين الذي جمع من

الفضائل أكملها وأتمها وأحسنها ومن المواقف والشدائد

 ما جعله صاحب الشفاعة العظمى والمقام المحمود

 وخير قدوة لخير أمة ورّث البشرية كلها أشرف ميراث من الدين والفضيلة.. وقد صدق قول الحق تبارك وتعالى: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ (سورة التوبة الآية:128) [ الأنترنت ـ موقع إنما بُعِثْتُ لأتمم مكارم الأخلاق _ بقلم : فضيلة الشيخ / محمد عبد المجيد زيدان ]

    إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمةوالسلام عليك

 

 

 بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد   فهذه الحلقة الثامنة والسبعون بعد المئة في موضوع     ( العظيم ) وستكون إستكمالا للماضيات والتي هي بعنوان :*وإنك لعلى خلق عظيم 

قال السعدي قال تعالى : :{ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ }

أي: عاليًا به، مستعليًا بخلقك الذي من الله عليك به، وحاصل خلقه العظيم، ما فسرته به أم المؤمنين، [عائشة -رضي الله عنها-] لمن سألها عنه، فقالت:"كان خلقه القرآن"، وذلك نحو قوله تعالى له: { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ } { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ } [الآية]،{ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ

 وما أشبه ذلك من الآيات الدالات على اتصافه صلى الله عليه وسلم بمكارم الأخلاق، [والآيات] الحاثات على الخلق العظيم  فكان له منها أكملها وأجلها، وهو في كل خصلة منها، في الذروة العليا، فكان صلى الله عليه وسلم: سهلا لينا، قريبًا من الناس، مجيبًا لدعوة من دعاه،  قاضيًا لحاجة من استقضاه، جابرًا لقلب من سأله، لا يحرمه، ولا يرده خائبًا، وإذا أراد أصحابه منه أمرًا وافقهم عليه، وتابعهم فيه إذا لم يكن فيه محذور، وإن عزم على أمر لم يستبد به دونهم، بل يشاورهم ويؤامرهم، وكان يقبل من محسنهم، ويعفو عن مسيئهم، ولم يكن يعاشر جليسًا له إلا أتم عشرة وأحسنها، فكان لا يعبس في وجهه،ولا يغلظ عليه في مقاله، ولا يطوي عنه بشره، ولا يمسك عليه فلتات لسانه، ولا يؤاخذه بما يصدر منه من جفوة، بل يحسن إلى عشيره غاية الإحسان، ويحتمله غاية الاحتمال صلى الله عليه وسلم.

فلما أنزله الله في أعلى المنازل من جميع الوجوه، وكان أعداؤه ينسبون إليه أنه مجنون مفتون قال: { فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ *بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ } وقد تبين أنه أهدى الناس ، وأكملهم لنفسه ولغيره ، وأن أعداءه أضل الناس، [وشر الناس]  للناس، وأنهم هم الذين فتنوا عباد الله، وأضلوهم عن سبيله، وكفى بعلم الله بذلك، فإنه هو المحاسب المجازي. و { هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ } وهذا فيه تهديد للضالين، ووعد للمهتدين ، وبيان لحكمة الله ، حيث كان يهدي من يصلح للهداية، دون غيره"انتهي

وقال الامام ابن كثير -رحمه الله- عند تفسيرها:بعدما ذكر حديث أم المؤمنين عائشة-رضى الله عنها- الذى رواه مسلم في "صحيحه":

"وقال عبد الرزاق، عن مَعْمَر، عن قتادة، عن زُرارة بن أوفى  عن سعد بن هشام قال: سألت عائشة فقلت: أخبريني يا أم المؤمنين -عن خُلُق رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالت: أتقرأ القرآن؟ فقلتُ: نعم.  فقالت: كان خلقه القرآن:" ومعنى هذا أنه، عليه السلام، صار امتثالُ القرآن، أمرًا ونهيًا، سجية له، وخلقًا تَطَبَّعَه، وترك طبعه الجِبِلِّي،  فمهما أمره القرآن فعله، ومهما نهاه عنه تركه.

هذا مع ما جَبَله الله عليه من الخلق العظيم، من الحياء والكرم والشجاعة، والصفح والحلم، وكل خلق جميل.

 كما ثبت في الصحيحين عن أنس قال: خدمتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي: "أف" قط، ولا قال لشيء فعلته: لم فعلته؟ ولا لشيء

لم أفعله: ألا فعلته؟

 وكان صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقًا،

 ولا مَسسْتُ خزًا ولا حريرًا ولا شيئًا كان ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا شَمَمْتُ مسكًا ولا عطرًا كان أطيب من عَرَق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأخرج البخاري بسنده من حديث البراء يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وجها،

 وأحسن الناس خلقًا، ليس بالطويل البائن، ولا بالقصير.

والأحاديث في هذا كثيرة، ولأبي عيسى الترمذي

في هذا كتاب "الشمائل".

أخرج الإمام أحمدبسنده من حديث عائشة قالت: ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده خادمًا له قط، ولا امرأة، ولا ضرب بيده شيئًا قط، إلا أن يجاهد في سبيل الله.

ولا خُيِّر بين شيئين قط إلا كان أحبهما إليه أيسرهما حتى يكون إثمًا، فإذا كان إثما كان أبعد الناس من الإثم،

 ولا انتقم لنفسه من شيء يؤتى إليه إلا أن تنتهك حرمات الله، فيكون هو ينتقم لله، عز وجل....

  [ الأنترنت ـ موقع الكلم الطيب ]

 

الخـاتـمـة

 تم هذا البحث العظيم  والذي هو بعنوان( العظيم ) والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات أسأل الله أن يجعله علماً نافعاً وعملاً صالحاً متقبلاً ؛ إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان وأستغفر الله من كل ذنب وخطيئة وعلى أتم إستعداد للرجوع الى الصواب . والحمد لله العلي العظيم وصلى الله وسلم على نبينا محمد صاحب الخُـلق العظيم وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

 

 

العظيم

العظيم : اسم من أسماء ربنا وخالقنا ومولانا الحسنى  ، وهو جل وعلا عظيم في أسمائه ، وعظيم في صفاته ، وعظيم في أفعاله ، وعظيم في كلامه ، وعظيم في وحيه  وشرعه  وتنزيله ، بل لايستحقّ  أحدٌ  التّعظيم  والتكبير  والإجلال والتمجيد  غيره ، فيستحق على العباد أن يعظّموه  بقلوبهم  وألسنتهم  وأعمالهم

جمع وتأليف

الدكتور : مسفر بن سعيد دماس الغامدي