الحياة الدنيا
بسم الله الرحمن الرحيم
الحياة (المختصر)
إن الحمد لله ، نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ،وأشهد أن لا اله الا الله ، وحده لا شريك له ،وأشهد أن محمداً عبده ورسوله {$pkr'¯»t tûïÏ%©!$# (#qãYtB#uä (#qà)®?$# ©!$# ¨,ym ¾ÏmÏ?$s)è? wur ¨ûèòqèÿsC wÎ) NçFRr&ur tbqßJÎ=ó¡B } آل عمران/102
وبعــــد: فهذه الحلقة الأولى في موضوع الحياة وسيكون عنوانها: مقدمة وتعريفات
اسم الله { الحي } أعظم أسماء الله الحسنى حتى قيل:انه الاسم الاعظم وهو يتضمن اثبات صفات الكمال أكمل تضمن وأصدقه ، وهو يدل على سائر الأسماء الحسنى دلالة مطابقة وتضمناً ولزوماً ، فالحي من له الحياة الكاملة المستلزمة لجميع صفات الذات كالسمع والبصر والعلم والقدرة ونحو ذلك ، ثم إن الحياة بكل أشكالها وصورها هي منحة من الحي الذي لايموت ، لكن بعض المكلفين قد ركن إلى هذه الحياة ، وظن أنها هي نهاية المطاف ونسي أن هذه الحياة هي مرحلة مؤقته ، وهي دار إختبار وامتحان ، وهي بداية للمرحلة الآخرة ، لمعرفة هذا وغيره كان هذا البحث ، أسأل الله أن يجعله علماً نافعاً وعملاً صالحا متقبلا ً
المبحث الأول : معنى الحياة
قالَ الراغبُ : الحَياةُ تُسْتَعْمل على أَوْجُهٍ
الأولى : للقوَّةِ النامِيَةِ المَوْجودَةِ في النَّباتِ والحَيَوانِ ومنه قيلَ نَباتٌ حيٌّ قال تعالى : { TTWÞ<ÕWÅWWè WÝYÚ Yò:WÙ<Ö@ QWÔSÒ ]òpøW® J$øW ðWTÊKV WÜéSÞYÚ`ëSTÿ } سورة الأنبياء / 30
والثَّانِيَة : للقوَّةِ الحسَّاسةِ وبه سُمِّي الحَيَوانُ حَيَواناً والثَّالِثَةُ : للقوَّة العاقِلَةِ ومنه قوْلُه تعالى { WèVK ÝWÚ WÜVÒ _TTT`~WÚ SãHTWTÞ`~TWT~`VKWTÊ } الأنعام / 122 ، وقالَ الشاعِرُ :
لقد أَسْمَعْت لو نادَيْت حَيّاً.....ولكن لا حَياةَ لمَنْ تُنادِي
والَّرابعَةُ : عبارَةً عن ارْتِفاعِ الغَمِّ وبهذا النَّظَر قالَ الشاعِرُ
ليسَ من ماتَ فاسْتَراحَ بمَيِّتٍ.... إنَّما المَيِّتُ مَيِّتُ الأَحْياء
والخامِسَةُ : الحَياةُ الأُخْروِيَّة الأبَدِيَّة وذلكَ يتوصلُ إليها بالحَيَاةِ التي هي العَقْلُ والعِلْم ومنه قوْلُه تعالى : { øYÞWT`T~VÕHTTWÿ S`ÚPVWTÎ øYW~TWYÖ}الفجر / 24 يعْنِي به الحَياةَ الأُخْروِيَّة الَّدائِمَة
والسَّادِسَةُ : الحَياةُ التي يُوصَفُ بها البارِي تعالى فإنَّه إذا قيلَ فيه تعالى إنَّه حيٌّ فمعْناه لا يصحُّ عليه المَوْتُ وليسَ ذلِكَ إلاَّ للَّهِ تعالى
وقال الرازي:"في قوله { V¢XM `ØRÒWÆW WÙYÖ $`ØS|~TY~mïmñ` }الأنفال/ 24
وجوها الأول : قال السدي : "هو الإيمان والإسلام وفيه الحياة لأن الإيمان حياة القلب والكفر موته يدل عليه قوله تعالى { SX£pSTÿ JðøW<Ö@ WÝYÚ gQX~TWÙ<Ö@ } الأنعام / 95 قيل المؤمن من الكافر
الثاني : قال قتادة يعني القرآن أي أجيبوه إلى ما في القرآن ففيه الحياة والنجاة والعصمة وإنما سمي القرآن بالحياة لأن القرآن سبب العلم والعلم حياة فجاز أن يسمى سبب الحياة بالحياة
الثالث : قال الأكثرون { لما يحييكم } هو الجهاد
والقول الرابع : { لما يحييكم } أي لكل حق وصواب وعلى هذا التقدير فيدخل فيه القرآن والإيمان والجهاد وكل أعمال البر والطاعة والمراد من قوله { لما يحييكم } الحياة الطيبة الدائمة
والحياة الدنيا في الاصطلاح العام
هي مدة بقاء الأنواع الحية على الأرض.
قال الشيخ الطاهر ابن عاشور: فإطلاق اسم الحياة الدنيا على تلك المدة؛ لأنها الناقصة غير الأبدية؛ لأنها مقدر زوالها، فهي دنيا، وتطلق الحياة الدنيا على مدة حياة الأفراد؛ أي حياة كل أحد، ووصفها ب"الدنيا" بمعنى القريبة أي الحاضرة غير المنتظرة، كني عن الحضور بالقرب، والوصف للاحتراز عن الحياة الآخرة، وهي الحياة بعد الموت
والحياة الدنيا: هي دار ابتلاء ومستقر ومتاع إلى حين.
إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
فهذه الحلقة الثانية في موضوع الحياة وهي بعنوان:
المبحث الثاني : الحي اسم من اسماء الله
والحياة صفة من صفاته
الله له الأسماء الحسنى وهي كثيرة منها ماأنزله في كتابه أو علمه أحداً من خلقه ؛ ومنها ما استأثر بعلمه .
وصفاته عليا ، له الكمال والجلال والجمال في ذاته واسمائه وصفاته ومن اسمائه { الحي } ، والحياة صفة من صفاته
قال البيهقي : الحي في صفة الله عز وجل هو الذي لم يزل موجودا وبالحياة موصوفا فالحياة له صفة قائمة بذاته
وقال ابن تيمية : قال تعالى { `ÔPV{éWTWè øVÕWÆ QXøW<Ö@ ÷Y¡PVÖ@ W ñéSÙWTÿ } الفرقان / 58 والدلائل على حياته كثيرة :
منها : أنه قد ثبت أنه عالم والعلم لا يقوم إلا بحي وثبت أنه قادر مختار يفعل بمشيئته والقادر المختار لا يكون إلا حيا
ومنها : أنه خالق الأحياء وغيرهم والخالق أكمل من المخلوق فكل كمال ثبت للمخلوق فهو من الخالق فيمتنع أن يكون المخلوق أكمل من خالقه وكماله أكمل منه
ومنها : أن الحي أكمل من غير الحي كما قال تعالى : { وما يستوي الأحياء ولا الأموات .... }
والله موصوف بصفات الكمال الثبوتية كالحياة والعلم والقدرة فيلزم من ثبوتها سلب صفات النقص وهو سبحانه لا يمدح بالصفات السلبية إلا لتضمنها المعاني الثبوتية...
ولهذا جاء كتاب الله تعالى على هذا الوجه فيصف سبحانه نفسه بالصفات الثبوتية صفات الكمال وبصفات السلب المتضمنة للثبوت كقوله { JðS/@ :W WãHTVÖXM PVMX WéSå QSøW<Ö@ &S×éQST~WÍ<Ö@ W ISâR¡S<WT bàWÞYTª WWè &c×óéTWTß } البقرة / 255 ، فنفي أخذ السنة والنوم يتضمن كمال حياته وقيوميته إذ النوم أخو الموت ولهذا كان أهل الجنة لا ينامون مع كمال الراحة كما لا يموتون
وطريقة السلف في هذا النوع من التوحيد هو أن يسمى الله ويوصف بما سمى ووصف به نفسه على وجه الحقيقة لا تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل مثال ذلك: أن الله سبحانه وتعالى سمى نفسه بالحي القيوم فيجب علينا أن نؤمن بأن الحي اسم من أسماء الله تعالى ويجب علينا أن نؤمن بما تضمنه هذا الإسم من وصف وهي الحياة الكاملة التي لم تسبق بعدم ولا يلحقها فناء
قال ابن أبي العز : قال تعالى { JðS/@ :W WãHTVÖXM PVMX WéSå QSøW<Ö@ &S×éQST~WÍ<Ö@ W ISâR¡S<WT bàWÞYTª WWè &c×óéTWTß } البقرة / 255 فنفي السنة والنوم دليل على كمال حياته وقيوميته ، وقال تعالى { الم JðS/@ :W WãHTVÖXM PVMX WéSå JñøW<Ö@ S×éQST~WÍ<Ö@ } آل عمران / وقال تعالى { gWÞWÆWè SâéSSé<Ö@ JgøW<ÕYÖ g$zéQS~TWÍ<Ö@ } طه / 111 ، وقال تعالى { `ÔPV{éWTWè øVÕWÆ QXøW<Ö@ ÷Y¡PVÖ@ W ñéSÙWTÿ } الفرقان / 58 ، وقال تعالى { WéSå JñøW<Ö@ لا :ãHTVÖXM W PVMX WéSå } غافر / 65 ،
إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
فهذه الحلقة الثالثة في موضوع الحياة وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: الحي اسم من اسماء الله
والحياة صفة من صفاته
وقال صلى الله عليه وسلم :
( إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام ... ) الحديث
ثم أشار الى ما تقع به التفرقة بينه وبين خلقه بما يتصف به تعالى دون خلقه فمن ذلك : انه حي لا يموت لأن صفة الحياة الباقية مختصة به تعالى دون خلقه فانهم يموتون ومنه أنه قيوم لا ينام اذ هو مختص بعدم النوم والسنة دون خلقه فانهم ينامون وفي ذلك اشارة الى أن نفي التشبيه ليس المراد منه الصفات بل هو سبحانه موصوف بصفات الكمال لكمال ذاته فالحي بحياة باقية لا يُشبه الحي بحياة زائلة ولهذا كانت الحياة الدنيا متاعاً ولهواً ولعباً وان الدار الاخرة لهي الحيوان فالحياة الدنيا كالمنام والحياة الآخرة كاليقظة.. فصفات الخالق كما يليق به وصفات المخلوق كما يليق به
وأعلم أن هذين الاسمين أعني (الحي القيوم) مذكوران في القرآن معا في ثلاث سور وهما من أعظم أسماء الله الحسنى حتى قيل انهما الاسم الاعظم فانهما يتضمنان اثبات صفات الكمال أكمل تضمن وأصدقه
وقال اللالكائي : أخرج البخاري ومسلم بسنديهما من حديث أبي هريرة قال : حدثنا رسول الله قال :
( يأمر الله اسرافيل بنفخة الصعقة فإذا هم خامدون وجاء ملك الموت فقال يا رب قد مات أهل السماء والأرض إلا من شئت فيقول من بقي وهو أعلم قال يا رب بقيت أنت الحي الذي لا تموت وبقي حملة عرشك وبقي جبريل وميكائيل وبقيت أنا فيقول ليمت جبريل وميكائيل وليمت حملة عرشي فيقول الله تعالى وهو اعلم فمن بقي فيقول بقيت أنت الحي الذي لاتموت وبقيت أنا فيقول يا ملك الموت أنت خلق من خلقي خلقتك لما رأيت فمت ثم لا يحي ...ثم قال أنا الجبار لمن الملك اليوم ثم قال لمن الملك اليوم ثلاثا ثم قال لنفسه { لله الواحد القهار })
وقال الحكمي : هو الحي الذي لم تسبق حياته بالعدم ولم تعقب بالفناء هو الأول فليس قبله شيء والآخر فليس بعده شيء وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول : ( أعوذ بعزتك الذي لا إله إلا أنت الذي لا يموت والجن والإنس يموتون )
وقوله { الحي القيوم } هذان الاسمان الكريمان يدلان على سائر الأسماء الحسنى دلالة مطابقة وتضمنا ولزوما ، فالحي من له الحياة الكاملة المستلزمة لجميع صفات الذات كالسمع والبصر والعلم والقدرة ونحو ذلك ، والقيوم هو الذي قام بنفسه وقام بغيره وذلك مستلزم لجميع الأفعال التي اتصف بها رب العالمين من فعله ما يشاء من الاستواء والنزول والكلام والقول والخلق والرزق والإماتة والإحياء وسائر أنواع التدبير كل ذلك داخل في قيومية الباري ولهذا قال بعض المحققين إنهما الاسم الأعظم الذي إذا دعي الله به أجاب وإذا سئل به أعطى
إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
فهذه الحلقة الرابعة في موضوع الحياة وهي بعنوان:
المبحث الثالث : لذّات الحياة أقسام
الحياة حلوة خضرة لذيذة ، وقد زينها الله لأهلها ، ولذاتها تنقسم إلى أقسام : حسية وخيالية ومعنوية .
أعظمها المعنوية ؛ مثل لذة الإيمان ، ولذة الرضى بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد رسولا ، ولذة الرضى بالقضاء ، ولذة العبادة ، ولذة الأنس بالله ......
قال الرازي : " اللذات الحاصلة في هذه الحياة العاجلة قسمان :
أحدهما اللذات الحسية والثاني اللذات الخيالية وهي لذة الرياسة وفي كل واحد من هذين القسمين الإنسان إذا لم يمكن أن يمارس تحصيل تلك اللذات ولم يزاولها لم يكن له شعور بها وإذا كان عديم الشعور بها كان قليل الرغبة فيها ثم إذا مارسها ووقف عليها التذ بها وإذا حصل الالتذاذ بها قويت رغبته فيها وكلما اجتهد الإنسان حتى وصل إلى مقام آخر في تحصيل اللذات والطيبات وصل في شدة الرغبة وقوة الحرص إلى مقام آخر أعلى مما كان قبل ذلك فالحاصل أن الإنسان كلما كان أكثر فوزا بالمطالب كان أعظم حرصا وأشد رغبة في تحصيل الزائد عليها وإذا كان لا نهاية لمراتب الكمالات فكذلك لا نهاية لدرجات الحرص وكما أنه لا يمكن تحصيل الكمالات التي لا نهاية لها فكذلك لا يمكن إزالة ألم الشوق والحرص عن القلب فثبت أن هذا مرض لا قدرة للعبد على علاجه ووجب الرجوع فيه إلى الرحيم الكريم الناصر لعباده
قال تعالى : { WÝYQTÿS¦ X§PVÞYÕÖ JñS g.WéWäJðTÖ@ fÛYÚ Yò:fTT©PYÞÖ@ WÜkYÞTTW<Ö@ Wè Y¤kY¹HTWTÞWÍ<Ö@ Wè YáW£ð¹ÞWÍSÙ<Ö@ fÛYÚ gWåPV¡Ö@ YàJðµYÉ<Ö@ Wè XÔ`~W<Ö@ Wè YàWÚQWéW©SÙ<Ö@ gyHTWÅ`TßVKô@ Wè %gó£W<Ö@ Wè ðÐYÖ.V¢ SÄHTWTWÚ YáléW~fTTT<Ö@ $WTp~ßJñÖ@ SJðJðS/@ Wè ISâWÞYÆ ñÛó©S gLWTTWÙ<Ö@ } آل عمران / 14 يخبر تعالى عما زين للناس في هذه الحياة الدنيا من أنواع الملاذ من النساء والبنين فبدأ بالنساء لأن الفتنة بهن أشد كما ثبت في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء فأما إذا كان القصد بهن الإعفاف وكثرة الأولاد فهذا مطلوب مرغوب فيه مندوب إليه كما وردت الأحاديث بالترغيب في التزويج والإستكثار منه وإن خير هذه الأمة من كان أكثرها نساء وقوله صلى الله عليه وسلم : ( الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة إن نظر إليها سرته وإن أمرها أطاعته وإن غاب عنها حفظته في نفسها وماله ) ، وقوله في الحديث الآخر : (حبب إلي النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة ) ، وقالت عائشة رضي الله عنها: لم يكن شيء أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من النساء إلا الخيل وفي رواية ( من الخيل إلا النساء ) ، وحب البنين تارة يكون للتفاخر والزينة فهو داخل في هذا وتارة يكون لتكثير النسل وتكثير أمة محمد صلى الله عليه وسلم ممن يعبد الله وحده لا شريك له فهذا محمود ممدوح كما ثبت في الحديث : ( تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة ) وحب المال كذلك تارة يكون للفخر والخيلاء والتكبر على الضعفاء والتجبر على الفقراء فهذا مذموم وتارة يكون للنفقة في القربات وصلة الأرحام والقرابات ووجوه البر والطاعات فهذا ممدوح محمود شرعاً ، وقد اختلف المفسرون في مقدار القنطار على أقوال وحاصلها أنه المال الجزيل كما قاله الضحاك وغيره وقيل ألف دينار وقيل ألف ومئة دينار وقيل إثنا عشر ألفا وقيل أربعون ألفا وقيل ستون ألفا وقيل سبعون ألفا وقيل ثمانون ألفا وقيل غير ذلك (تفسير ابن كثير ج1/ص352)
إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
فهذه الحلقة الخامسة في موضوع الحياة وهي بعنوان: الطمأنينه التي هي ثمرة ذكر الله من أعظم لذّات الحياة
قال تعالى : { ÝÿY¡PVÖ@ N éSÞWÚ QSÝMXùWÙp¹WTWè ySäSTéSTÕSTÎ X£<ÒY¡YT %JðY/@ VKV X£`{¡YT JðY/@ QSÝMXùWÙp¹WT ñéSTÕSÍ<Ö@ } الرعد /28
قال الشوكاني :أى تسكن وتستأنس بذكر الله سبحانه بألسنتهم كتلاوة القرآن والتسبيح والتحميد والتكبير والتوحيد أو بسماع ذلك من غيرهم وقد سمى سبحانه القرآن ذكراً فقال: { V¡WHTåWè c£<ÒY¢ dÏW¤WQSÚ &SãHTWTÞ<ÖW¥ßVK }الأنبياء / 50
قال الزجاج : أى إذا ذكر الله وحده آمنوا به غير شاكين بخلاف من وصف بقوله { V¢XM Wè W£Y{¢ JðS/@ SâW`Wè pPV¦VKWÙ<®@ ñéSTÕSTÎ WÝÿY¡PVÖ@ W fûéSÞYÚ`ëSTÿ $YáW£Y@Y } الزمر / 45
وقيل : تطمئن قلوبهم بتوحيد الله : وقيل : المراد بالذكر هنا الطاعة ، وقيل : بوعد الله ، وقيل : بالحلف بالله فإذا حلف خصمه بالله سكن قلبه ، وقيل : بذكر رحمته وقيل بذكر دلائله الدالة على توحيده وفي معنى هذه الطمأنينة قولان :
أحدهما : أنها الحب له والأنس به والثاني : السكون إليه من غير شك بخلاف الذين إذا ذكر الله اشمأزت قلوبهم
قوله تعالى { ألا بذكر الله } قال الزجاج ألا حرف تنبيه وابتداء والمعنى تطمئن القلوب التي هي قلوب المؤمنين لأن الكافر غير مطمئن القلب
وأخرج الحاكم بسنده من حديث سعد بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( سعادة لابن آدم ثلاثة وشقاوة لابن آدم ثلاثة ؛ فمن سعادة بن آدم : المرأة الصالحة ، والمسكن الصالح ، والمركب الصالح ، ومن شقاوة بن آدم : المسكن الضيق ، والمرأة السوء ، والمركب السوء ) قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه قال الذهبي في التلخيص : صحيح
وأخرج ابن حبان بسنده من حديث إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أربع من السعادة المرأة الصالحة والمسكن الواسع والجار الصالح والمركب الهنيء وأربع من الشقاوة الجار السوء والمرأة السوء والمسكن الضيق والمركب السوء ) صححه ابن حبان قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده صحيح على شرط الشيخين
وأخرج مسلم بسنده من حديث عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة )
وأخرج مسلم بسنده من حديث العباس بن عبد المطلب أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( ذاق طعم الإيمان من رضى بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا )
وقال النووي : ...قال صاحب التحرير رحمه الله : معنى رضيت بالشيء قنعت به واكتفيت به ولم أطلب معه غيره فمعنى الحديث لم يطلب غير الله تعالى ولم يسع في غير طريق الاسلام ولم يسلك الا ما يوافق شريعة محمد صلى الله عليه وسلم ولا شك في أن من كانت هذه صفته فقد خلصت حلاوة الايمان إلى قلبه وذاق طعمه
إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
فهذه الحلقة السادسة في موضوع الحياة وهي بعنوان:
المبحث الرابع : للحياة مراحل
للحياة مراحل أربع : موت ثم حياة ثم موت ثم حياة وكل مرحلة لها طبيعتها وخصائصها على التفصيل الذي جائت به النصوص وفصله العلماء :
قال ابن كثير : قال تعالى:{ ðÈ`~TVÒ fûèS£SÉ<ÑWT JðY/@Y óØSÞS{è _T.Wé`ÚKV ó$ØS|HT~`KVWTÊ QWØRT óØRÑS~YÙSTÿ QWØRT óØRÑ~X~ñ`mïm QWØRT Yã`~TVÖMX fûéSÅWó£TST } البقرة / 28 يقول تعالى محتجا على وجوده وقدرته وأنه الخالق المتصرف في عباده { ðÈ`~TVÒ fûèS£SÉ<ÑWT JðY/@Y } أي كيف تجحدون
وجوده أو تعبدون معه غيره { óØSÞS{è _T.Wé`ÚKV ó$ØS|HT~`KVWTÊ QWØRT óØRÑS~YÙSTÿ} أي وقد كنتم عدما فأخرجكم إلى الوجود كما قال تعالى: { `×KV N éSÍYÕS óÝYÚ X¤`kTWTçÆ ]òpøW® `×KV ûéSÍYÕHTW<Ö@ SØSå `×KV N éSÍVÕW g.WéHTWÙQW©Ö@ &ð³`¤KKVô@ Wè ÔW PV WÜéSÞYTÎéSÿ } الطور /35 ، 36 ، وقال تعالى { `ÔWå uøWTVK øVÕWÆ XÝHTW©ßXMô@ cÜkY WÝYQÚ X£`åPVÖ@ óØVÖ ÝRÑWTÿ _TLTT`~TW® [¤éRÒp¡TQWÚ } الإنسان / 1 والآيات في هذا كثيرة وقال سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه { N éRÖWTÎ :WTÞQWTW¤ WTÞPVWÚVK XÜ`kTWWTpÞT@ WTÞWT`~W~`VK Wè XÜ`kTWWTpÞT@ WTpÞÊW£W`Æ@WTÊ WÞYTéSTßS¡Y } غافر /11 قال : هي التي في البقرة { óØSÞS{è _T.Wé`ÚKV ó$ØS|HT~`KVWTÊ QWØRT óØRÑS~YÙSTÿ QWØRT óØRÑ~X~ñ`mïm QWØRT Yã`~TVÖMX fûéSÅWó£TST } وقال ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس { óØSÞS{ _T.Wé`ÚKV ó$ØS|HT~`KVWTÊ } أمواتا في أصلاب آبائكم لم تكونوا شيئا حتى خلقكم ثم يميتكم موتة الحق ثم يحييكم حين يبعثكم ، قال : وهي مثل قوله تعالى { WTÞPVWÚVK XÜ`kTWWTpÞT@ WTÞWT`~W~`VK Wè XÜ`kTWWTpÞT@ } وقال الضحاك عن ابن عباس في قوله تعالى : { WTÞPVWÚVK XÜ`kTWWTpÞT@ WTÞWT`~W~`VK Wè XÜ`kTWWTpÞT@ } قال : كنتم ترابا قبل أن يخلقكم فهذه ميتة ثم أحياكم فخلقكم فهذه حياة ثم يميتكم فترجعون إلى القبور فهذه ميتة أخرى ثم يبعثكم يوم القيامة فهذه حياة أخرى فهذه ميتتان وحياتان
وقال القرطبي : " أختلف أهل التأويل في ترتيب هاتين الموتتين والحياتين وكم من موته وحياة للإنسان ؟ فقال ابن عباس وابن مسعود أي كنتم أمواتا معدومين قبل أن تخلقوا فأحياكم أي خلقكم ثم يميتكم عند أنقضاء آجالكم ثم يحييكم يوم القيامة قال أبن عطية وهذا القول هو المراد بالآية وهو الذي لا محيد للكفار عنه لإقرارهم بهما وإذا أذعنت نفوس الكفار لكونهم أمواتا معدومين ثم للأحياء في الدنيا ثم للإماتة فيها قوي عليهم لزوم الإحياء الآخر وجاء جحدهم له دعوى لا حجة عليها
قال الشنقيطي : "التحقيق الذي لا ينبغي العدول عنه أن المراد بالإماتتين في الآية الكريمة الإماتة الأولى : التي هي كونهم في بطون أمهاتهم نطفا وعلقا ومضغا قبل نفخ الروح فيهم،فهل قبل نفخ الروح فيهم لا حياة لهم فأطلق عليهم بذلك الاعتبار اسم الموت ؟
والإماتة الثانية : هي إماتتهم وصيرورتهم إلى قبورهم عند انقضاء آجالهم في دار الدنيا وأن المراد بالإحياءتين الإحياءة الأولى : في دار الدنيا ، والإحياءة الثانية : التي هي البعث من القبور إلى الحساب والجزاء والخلود الأبدي الذي لا موت فيه إما في الجنة وإما في النار
إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
فهذه الحلقة السابعة في موضوع الحياة وهي بعنوان:
المبحث الخامس : فضل آية الكرسي والتي فيها اسم الله الأعظم{ الحي }
وردت نصوص صحيحة تدل على فضل آية الكرسي عامة ، وأخرى لتضمنها اسم الله الأعظم { الحي } كما يلي :
أخرج البخاري بسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام فأخذته وقلت : والله لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إني محتاج وعليّ عيال ولي حاجة شديدة قال : فخليت عنه فأصبحت فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة ؟) قال قلت : يا رسول الله شكا حاجة شديدة وعيالا فرحمته فخليت سبيله قال : (أما إنه قد كذبك وسيعود ) فعرفت أنه سيعود لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إنه سيعود ) فرصدته فجاء يحثو من الطعام فأخذته فقلت لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : دعني فإني محتاج وعليّ عيال لا أعود فرحمته فخليت سبيله فأصبحت فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا أبا هريرة ما فعل أسيرك)؟ قلت : يا رسول الله شكا حاجة شديدة وعيالا فرحمته فخليت سبيله قال : (أما إنه قد كذبك وسيعود فرصدته الثالثة فجاء يحثو من الطعام فأخذته فقلت : لأرفعنك إلى رسول الله وهذا آخر ثلاث مرات تزعم لا تعود ثم تعود قال : دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها قلت: ما هو؟ قال : إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي { الله لا إله إلا هو الحي القيوم } حتى تختم الآية فإنك لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربنك شيطان حتى تصبح فخليت سبيله فأصبحت فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ما فعل أسيرك البارحة ) ؟ قلت: يا رسول الله زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها فخليت سبيله قال : ( ما هي ) ؟ قلت : قال لي : إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم { الله لا إله إلا هو الحي القيوم } وقال لي : لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح " وكانوا أحرص شيء على الخير فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
( أما إنه قد صدقك وهو كذوب تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة ) ؟ قال : لا قال : ( ذاك شيطان )
وأخرج مسلم بسنده من حديث أبيّ بن كعب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم ) ؟ قال : قلت : الله ورسوله أعلم قال : ( يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم ؟) قال قلت : { الله لا إله إلا هو الحي القيوم } قال فضرب في صدري وقال : { والله ليهنك العلم أبا المنذر}
وأخرج الحاكم بسنده من حديث أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن اسم الله الأعظم لفي ثلاث سور من القرآن في سورة البقرة وآل عمران وطه فالتمستها فوجدت في سورة البقرة آية الكرسي { الله لا إله إلا هو الحي القيوم } وفي سورة آل عمران { الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم } وفي سورة طه{وعنت الوجوه للحي القيوم }
إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
فهذه الحلقة الثامنة في موضوع الحياة وهي بعنوان:
المبحث السادس:( الحياة الطيبة ) أو(الدنيا حلوة خضرة)
والحياة الطيبة تشمل وجوه الراحة من أي جهة كانت وهي حلوة خضرة لما احتوته من زينة وشهوات ومتاع ونضارة ، لكنه للإختبار والإمتحان ولذلك ليست دائمة بل زائلة
أخرج مسلم بسنده من حديث أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بنى إسرائيل كانت في النساء)
قال السيوطي : إن الدنيا حلوة خضرة يحتمل أن المراد لذتها ونضارتها كالفاكهة الحلوة الخضراء أو سرعة فنائها فإن الفاكهة الخضراء سريعة الذهاب { مستخلفكم فيها } أي يجعلكم خلفا من القرن الذي قبلكم { فينظر كيف تعملون} أي بطاعته أم بمعصيته وشهواتكم{ فاتقوا الدنيا } أي اجتنبوا الافتتان بها وبالنساء
وأخرج مسلم بسنده من حديث أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( أخوف ما أخاف عليكم ما يخرج الله لكم من زهرة الدنيا) قالوا : وما زهرة الدنيا يا رسول الله ؟ قال : ( بركات الأرض ) قالوا : يا رسول الله وهل يأتي الخير بالشر ؟ قال : ( لا يأتي الخير إلا بالخير لا يأتي الخير إلا بالخير لا يأتي الخير إلا بالخير إن كل ما أنبت الربيع يقتل أو يلم إلا آكلة الخضر فإنها تأكل حتى إذا امتدت خاصرتاها استقبلت الشمس ثم اجترت وبالت وثلطت ثم عادت فأكلت إن هذا المال خضرة حلوة فمن أخذه بحقه ووضعه في حقه فنعم المعونة هو ومن أخذه بغير حقه كان كالذي يأكل ولا يشبع )
وقال ابن حجر في الفتح :المراد بزهرة الدنيا بهجتها ونضارتهاوحسنها قال بن بطال : فيه أن زهرة الدنيا ينبغي لمن فتحت عليه أن يحذر من سوء عاقبتها وشر فتنتها فلا يطمئن إلى زخرفها ولا ينافس غيره فيها ويستدل به على أن الفقر أفضل من الغنى لأن فتنة الدنيا مقرونة بالغنى والغنى مظنة الوقوع في الفتنة التي قد تجر إلى هلاك النفس غالبا والفقير آمِن من ذلك
وقال العيني في عمدة القاريء: قوله ( من زهرة الدنيا ) أي من حسنها وبهجتها مأخوذة من زهرة الأشجار وهو ما يصغر من أنوارها وقال ابن الأعرابي : هو الأبيض منها ، وقال أبو حنيفة : الزهر والنور سواء
وقال البخاري : باب قول النبي صلى الله عليه وسلم ( هذا المال خضرة حلوة ) وقال الله تعالى { WÝYQTÿS¦ X§PVÞYÕÖ JñS g.WéWäJðTÖ@ fÛYÚ Yò:fTT©PYÞÖ@ WÜkYÞTTW<Ö@ Wè Y¤kY¹HTWTÞWÍ<Ö@ Wè YáW£ð¹ÞWÍSÙ<Ö@ fÛYÚ gWåPV¡Ö@ YàJðµYÉ<Ö@ Wè XÔ`~W<Ö@ Wè YàWÚQWéW©SÙ<Ö@ gyHTWÅ`TßVKô@ Wè %gó£W<Ö@ Wè ðÐYÖ.V¢ SÄHTWTWÚ YáléW~fTTT<Ö@ $WTp~ßJñÖ@ } آل عمران / 14 ،قال عمر:اللهم إنا لا نستطيع إلا أن نفرح بما زينته لنا اللهم إني أسألك أن أنفقه في حقه
وقال ابن حجر : قوله :وقال عمر: اللهم انا لا نستطيع الا ان نفرح بما زينته لنا اللهم إني أسألك أن أنفقه في حقه وفي هذا الأثر إشارة إلى ان فاعل التزيين المذكور في الآية هو الله وان تزيين ذلك بمعنى تحسينه في قلوب بني آدم وأنهم جبلوا على ذلك
وقال ابن كثير:أخبر تعالى أنه جعل الدنيا دارا فانية مزينة بزينة زائلة وإنما جعلها دار إختبار لا دار قرار فقال { PVTßXM WÞ<ÕWÅW WÚ øVÕWÆ X³`¤KKVô@ ^àTTWÞTÿY¦ WäVPÖ `ySåWéSTÕ`TWÞYÖ óØSäQSTÿVK SÝW©`KV ¾WÙWÆ} الكهف / 7
قال قتادة : ثم أخبر تعالى بزوالها وفنائها وفراغها
وإنقضائها وذهابها وخرابها فقال تعالى { PVTßMX Wè WÜéSTÕYÅHTWVÖ WÚ Wä`~TVÕWÆ _~YÅW² Z¦S£S } الكهف / 8 ، أي وإنا لمصيروها بعد الزينة إلى الخراب والدمار فنجعل كل شيء عليها هالكا { _~YÅW² Z¦S£S} لا ينبت ولا ينتفع به كما قال العوفي عن ابن عباس في قوله تعالى { PVTßMX Wè WÜéSTÕYÅHTWVÖ WÚ Wä`~TVÕWÆ _~YÅW² Z¦S£S } يقول يهلك كل شيء عليها ويبيد وقال مجاهد : { _~YÅW² Z¦S£S} بلقعا ، وقال قتادة : الصعيد الأرض التي ليس فيها شجر ولا نبات ، وقال ابن زيد: الصعيد الأرض التي ليس فيها شيء
إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
فهذه الحلقة التاسعة في موضوع الحياة وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :
( الحياة الطيبة ) أو(الدنيا حلوة خضرة)
وقال ابن كثير : قال تعالى :
{ ô`tB @ÏJtã $[sÎ=»|¹ `ÏiB @2s ÷rr& 4Ós\Ré& uqèdur Ö`ÏB÷sãB ¼çm¨ZtÍósãZn=sù Zo4quym Zpt6ÍhsÛ ( óOßg¨YtÌôfuZs9ur Nèdtô_r& Ç`|¡ômr'Î/ $tB (#qçR$2 tbqè=yJ÷èt }النحل /97
هذا وعد من الله تعالى لمن عمل صالحا وهو العمل المتابع لكتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم من ذكر أو أنثى من بني آدم ، وقلبه مؤمن بالله ورسوله ، وان هذا العمل المأمور به مشروع من عند الله بأن يحييه الله حياة طيبة في الدنيا وأن يجزيه بأحسن ما عمله في الدار الآخرة والحياة الطيبة تشمل وجوه الراحة من أي جهة كانت ، وقد روي عن ابن عباس وجماعة أنهم فسروها بالرزق الحلال الطيب ، وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه فسرها بالقناعة ، وكذا قال ابن عباس وعكرمة ووهب بن منبه ، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: أنها هي السعادة
وقال الحسن ومجاهد وقتادة : لا يطيب لأحد حياة إلا في الجنة ، وقال الضحاك : هي الرزق الحلال والعبادة في الدنيا،وقال الضحاك أيضا:هي العمل بالطاعة والانشراح بها
والصحيح أن الحياة الطيبة تشمل هذا كله كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد ومسلم بسنده من حديث عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما آتاه)
وقال القرطبي : "... شرط وجوابه وفي الحياة الطيبة خمسة أقوال : الأول : أنه الرزق الحلال قاله : بن عباس وسعيد بن جبير وعطاء والضحاك ، الثاني : القناعة قاله : الحسن البصري وزيد بن وهب ووهب بن منبه ورواه الحكم عن عكرمة عن بن عباس وهو قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، الثالث : توفيقه إلى الطاعات فإنها تؤدي به إلى رضوان الله قال معناه الضحاك : وقال أيضا : من عمل صالحا وهو مؤمن في فاقة وميسرة فحياته طيبة ، ومن أعرض عن ذكر الله ولم يؤمن بربه ولا عمل صالح فمعيشته ضنك لا خير فيها
وقال مجاهد وقتادة وابن زيد : هي الجنة ، وقاله الحسن وقال : لا تطيب الحياة لأحد إلا في الجنة ، وقيل : هي السعادة روي عن بن عباس أيضا ، وقال أبو بكر الوراق : هي حلاوة الطاعة ، وقال سهل بن عبد الله التستري : هي أن ينزع عن العبد تدبيره ويرد تدبيره إلى الحق، وقال جعفر الصادق : هي المعرفة بالله وصدق المقام بين يدي الله ، وقيل : الاستغناء عن الخلق والافتقار إلى الحق ، وقيل : الرضا بالقضاء
وقال الشنقيطي : " اختلف العلماء في المراد بالحياة الطيبة في هذه الآية الكريمة فقال قوم : لا تطيب الحياة إلا في الجنة فهذه الحياة الطيبة في الجنة لأن الحياة الدنيا لا تخلو من المصائب والأكدار والأمراض والآلام والأحزان ونحو ذلك ،
وقد قال تعالى : { UfûMX è W¤ PVÖ@ WáW£Y@ øXäVÖ &SÜ WéW~TW<Ö@ } العنكبوت / 64 والمراد بالحيوان الحياة ، وقال بعض العلماء : الحياة الطيبة في هذه الآية الكريمة في الدنيا وذلك بأن يوفق اللهُ عبده إلى ما يرضيه ويرزقه العافية والرزق الحلال كما قال تعالى {!$oY/u $oYÏ?#uä Îû $u÷R9$# ZpuZ|¡ym Îûur ÍotÅzFy$# ZpuZ|¡ym $oYÏ%ur z>#xtã Í$¨Z9$# }
البقرة / 201
قال مقيده عفا الله عنه : وفي الآية الكريمة قرينة تدل على أن المراد بالحياة الطيبة في الآية حياته في الدنيا حياة طيبة وتلك القرينة هي أننا لو قَدرنا أن المراد بالحياة الطيبة حياته في الجنة في قوله { ¼çm¨ZtÍósãZn=sù Zo4quym Zpt6ÍhsÛ ( } صار قوله { óOßg¨YtÌôfuZs9ur Nèdtô_r& Ç`|¡ômr'Î/ $tB (#qçR$2 tbqè=yJ÷èt } النحل /97 تكرارا معه لأن تلك الحياة الطيبة هي أجر عملهم بخلاف ما لو قدرنا أنها في الحياة الدنيا فإنه يصير المعنى فلنحيينه في الدنيا حياة طيبة ولنجزينه في الآخرة بأحسن ما كان يعمل وهو واضح
وهذا المعنى الذي دل عليه القرآن تؤيده السنة الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
فهذه الحلقة العاشرة في موضوع الحياة وهي بعنوان:
المبحث السابع : المال والبنون زينة الحياة الدنيا
أخرج البخاري بسنده من حديث أم سليم أنها قالت يا رسول الله أنس خادمك ادع الله له قال : ( اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيما أعطيته )
وأخرج البخاري أيضاً بسنده من حديث عباس بن سهل بن سعد قال سمعت بن الزبير على المنبر بمكة في خطبته يقول:يا أيها الناس إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول : ( لو أن بن آدم أعطي واديا ملأ من ذهب أحب إليه ثانيا ولو أعطى ثانيا أحب إليه ثالثا ولا يسد جوف بن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب )
وأخرج البخاري بسنده من حديث حكيم بن حزام قال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم فأعطاني ثم سألته فأعطاني ثم سألته فأعطاني ثم قال لي : ( يا حكيم إن هذا المال خضرة حلوة فمن أخذه بطيب نفس بورك له فيه ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه وكان كالذي يأكل ولا يشبع واليد العليا خير من اليد السفلى )
وقال العيني : "باب قول النبي صلى الله عليه وسلم ( هاذا المال خضرة حلوة ) أي هذا باب في بيان ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم ( هذا المال ) أشار به إلى المال الذي يتصرف فيه الناس..... قوله {القناطير المقنطرة } اختلف المفسرون في مقدار القنطار على أقوال : فقال الضحاك : المال الجزيل ، وقيل : ألف دينار ، وقيل : ألف ومائتان ، وقيل : اثنا عشر ألفا ، وقيل : أربعون الفا ، وقيل : سبعون ألفا ، وقيل : ثمانون ألفا
قال ابن كثير : { WÝYQTÿS¦ X§PVÞYÕÖ..... } يخبر تعالى عما زين للناس في هذه الحياة الدنيا من أنواع الملاذ من النساء والبنين ...وكثرة الأولاد فهذا مطلوب مرغوب فيه مندوب إليه كما وردت الأحاديث بالترغيب في التزويج والإستكثار منه... وحب البنين تارة يكون للتفاخر والزينة فهو داخل في هذا وتارة يكون لتكثير النسل وتكثير أمة محمد صلى الله عليه وسلم ممن يعبد الله وحده لا شريك له فهذا محمود ممدوح كما ثبت في الحديث : ( تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة ) وحب المال كذلك تارة يكون للفخر والخيلاء والتكبر على الضعفاء والتجبر على الفقراء فهذا مذموم وتارة يكون للنفقة في القربات وصلة الأرحام والقرابات ووجوه البر والطاعات فهذا ممدوح محمود شرعا
وقال النسفي:{ زين للناس } المزين هو الله عند الجمهور للابتلاء { والبنين } جمع ابن وقد يقع فى غير هذا الموضع على الذكور والإناث وهنا أريد به الذكور فهم المشتهون فى الطباع والمعدون للدفاع { والقناطير } جمع قنطار وهو المال الكثير... وسمى ذهباً : لسرعة ذهابه بالإنفاق ، وفضة : لأنها تتفرق بالإنفاق والفض التفريق ، والخيل : سميت به لاختيالها فى مشيها
والمسومة : المعلمة من السومة وهى العلامة أو المرعية من أسام الدابة وسومها
وقال الرازي :لما بيّن تعالى أن الدنيا سريعة الانقراض والانقضاء مشرفة على الزوال والبوار والفناء بين تعالى أن المال والبنين زينة الحياة الدنيا والمقصود إدخال هذا الجزء تحت ذلك الكل وسنعقد منه قياس الإنتاج وهو أن المال والبنون زينة الحياة الدنيا وكل ما كان من زينة الدنيا فهو سريع الانقضاء والانقراض ينتج إنتاجا بديهيا أن المال والبنين سريعة الانقضاء والانقراض ومن المقتضى البديهي أن ما كان كذلك فإنه يقبح بالعاقل أن يفتخر به أو يفرح بسببه أو يقيم له في نظره وزنا فهذا برهان باهر على فساد قول أولئك المشركين الذين افتخروا على فقراء المؤمنين بكثرة الأموال والأولاد ...والدائم الباقي خير من المنقرض المنقضي وهذا معلوم بالضرورة لا سيما إذا ثبت أن خيرات الدنيا خسيسة حقيرة وأن خيرات الآخرة عالية رفيعة
إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
فهذه الحلقة الحادية عشرة في موضوع الحياة وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:
المال والبنون زينة الحياة الدنيا
وقال أبو السعود : {المال والبنون زينة...} بيان لشأن ما كانوا يفتخرون به من محسنات الحياة الدنيا كما قال الأخ الكافر أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا ... وتقديم المال على البنين مع كونهم أعز منه كما في قوله تعالى{ Nä3»tR÷yøBr&ur 5AºuqøBr'Î/ úüÏZt/ur } الإسراء /6 ، وغير ذلك من الآيات الكريمة لعراقته فيما نيط به من الزينة والإمداد وغير ذلك وعمومه بالنسبة إلى الأفراد والأوقات فإنه زينة وممد لكل أحد من الآباء والبنين في كل وقت وحين وأما البنون فزينتهم وإمدادهم إنما يكون بالنسبة إلى من بلغ مبلغ الأبوة ولأن المال مناط لبقاء النفس ، والبنين لبقاء النوع ولأن الحاجة إليه أمس من الحاجة إليهم ولأنه أقدم منهم في الوجود ولأنه زينة بدونهم من غير عكس ؛ فإن من له بنون بلا مال فهو في ضيق حال ونكال ، وإفراد الزينة مع أنها مسندة إلى الاثنين لما أنها مصدر في الأصل أطلق على المفعول مبالغة كأنهما نفس الزينة والمعنى أن ما يفتخرون به من المال والبنين شيء يتزين به في الحياة الدنيا وقد علم شأنها في سرعة الزوال وقرب الإضمحلال فكيف بما هو من أوصافها التي شأنها أن تزول قبل زوالها
وقال القرطبي :قوله تعالى { SÓWÙ<Ö@ WÜéSÞW<Ö@ Wè SàTTWÞÿY¦ YáléW~W<Ö@ $WTp~TßPRÖ@ } الكهف / 46 وإنما كان المال والبنون زينة الحياة الدنيا لأن في المال جمالا ونفعا وفي البنين قوة ودفعا فصارا زينة الحياة الدنيا لكن معه قرينة الصفة للمال والبنين لأن المعنى المال والبنون زينة هذه الحياة المحتقرة فلا تتبعوها نفوسكم وهو رد على عيينة بن حصن وأمثاله لما افتخروا بالغنى والشرف فأخبر تعالى أن ما كان من زينة الحياة الدنيا فهو غرور يمر ولا يبقى كالهشيم حين ذرته الريح إنما يبقى ما كان من زاد القبر وعدد الآخرة وكان يقال : لا تعقد قلبك مع المال لأنه فيء ذاهب ، ولا مع النساء لأنها اليوم معك وغدا مع غيرك ، ولا مع السلطان لأنه اليوم لك وغدا لغيرك
وقال أيضاً : { WÝYQTÿS¦ X§PVÞYÕÖ. } فيه إحدى عشرة مسألة :
الأولى:قوله تعالى{ زين للناس} زين من التزيين واختلف الناس من المزين فقالت فرقة : الله زين ذلك وهو ظاهر
وقالت فرقة : المزين هو الشيطان وهو ظاهر قول الحسن فإنه قال : من زينتها ما أحد أشد لها ذما من خالقها فتزيين الله تعالى إنما هو بالإيجاد والتهيئة للانتفاع وإنشاء الجبلة على الميل إلى هذه الأشياء وتزيين الشيطان إنما هو بالوسوسة والخديعة وتحسين أخذها من غير وجوهها والآية على كلا الوجهين ابتداء وعظ لجميع الناس وفي ضمن ذلك توبيخ لمعاصري محمد صلى الله عليه وسلم من اليهود وغيرهم وقرأ الجمهور { زين }على بناء الفعل للمفعول ورفع حب وقرأ الضحاك ومجاهد { زين }على بناء الفعل للفاعل ونصب حب وحركت الهاء من الشهوات فرقا بين الإسم والنعت والشهوات جمع شهوة وهي معروفة ورجل شهوان للشيء وشيء شهى أي مشتهى واتباع الشهوات مرد وطاعتها مهلكة وفي صحيح مسلم ( حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات ) رواه أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وفائدة هذا التمثيل أن الجنة لا تنال إلا بقطع مفاوز المكاره وبالصبر عليها وأن النار لا ينجى منها إلا بترك الشهوات وفطام النفس عنها وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال ( طريق الجنة حزن بربوة وطريق النار سهل بسهوة ) وهو معنى قوله ( حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات ) أي طريق الجنة صعبة المسلك فيه أعلى ما يكون من الروابى وطريق النار
سهل لا غلظ فيه ولا وعورة وهو معنى قوله سهل بسهوة وهو بالسين المهملة
إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
فهذه الحلقة الثانية عشرة في موضوع الحياة وهي بعنوان:
المبحث الثامن : من الأزواج والأولاد عدو في الحياة الدنيا
قال البغوي :قوله عز وجل :{ WäQSTÿKVH;TTWÿ fÛTÿY¡PVÖ@ Nv éTSÞWÚ ò UfûMX óÝYÚ `ØRÑY.Wè`¦KV `ØS{HTVÖ`èVK Wè ^QèSWÆ `ØS|PVÖ &`ØSåèS¤W¡`@WTÊ} التغابن / 14
قال ابن عباس : هؤلاء رجال من أهل مكة أسلموا وأرادوا أن يهاجروا إلى المدينة فمنعهم أزواجهم وأولادهم وقالوا صبرنا على إسلامكم فلا نصبر على فراقكم فأطاعوهم وتركوا الهجرة فقال تعالى { فاحذروهم } أن تطيعوهم وتدعو الهجرة { ÜMX Wè N éSÉ`ÅWT N éSWÉp±WTWè N èS£YÉpTTçÅWTWè UfûXMWTÊ JðW/@ c¤éSÉWçÆ }~YQW¤م } التغابن /14 ، هذا فيمن أقام على الأهل والولد ولم يهاجر فإذا هاجر رأى الذين سبقوه بالهجرة وقد فقهوا في الدين همّ أن يعاقب زوجته وولده الذين ثبطوه عن الهجرة وإن لحقوا في دار الهجرة لم ينفق عليهم ولم يصبهم بخير فأمرهم الله عز وجل بالعفو عنهم والصفح وقال عطاء بن يسار : نزلت في عوف بن مالك الأشجعي كان ذا أهل وولد وكان إذا أراد الغزو بكوا إليه ورققوه وقالوا إلى من تدعنا فيرق لهم ويقيم فأنزل الله { UfûMX óÝYÚ `ØRÑY.Wè`¦KV `ØS{HTVÖ`èVK Wè ^QèSWÆ} بحملهم إياكم على ترك الطاعة فاحذروهم أن تقبلوا منهم { ÜMX Wè N éSÉ`ÅWT N éSWÉp±WTWè N èS£YÉpTTçÅWTWè} فلا تعاقبوهم على خلافهم إياكم { UfûXMWTÊ JðW/@ c¤éSÉWçÆ }~YQW¤م } ، { :WÙPVßXM `ØRÑSTÖ.Wé`ÚKV `yRÒñHTVÖ`èVK Wè &bàWÞTT`YÊ SJðJðS/@ Wè ,ISâWÞYÆ e£`VK cy~YÀ¹WÆ } التغابن / 15 بلاء واختبار وشغل عن الآخرة يقع بسببه الإنسان في العظائم ومنع الحق وتناول الحرام ، والله عنده أجر عظيم ، قال بعضهم لما ذكر الله العداوة أدخل فيه من للتبعيض فقال:{ UfûMX óÝYÚ `ØRÑY.Wè`¦KV `ØS{HTVÖ`èVK Wè ^QèSWÆ } لأن كلهم ليسوا بأعداء ولم يذكر من في قوله { :WÙPVßXM `ØRÑSTÖ.Wé`ÚKV `yRÒñHTVÖ`èVK Wè &bàWÞTT`YÊ } لأنها لا تخلو عن الفتنة واشتغال القلب وكان عبدالله بن مسعود يقول : لا يقولن أحدكم : اللهم إني أعوذ بك من الفتنة فإنه ليس منكم أحد يرجع إلى مال وأهل وولد إلا وهو مشتمل على فتنة
ولكن ليقل : اللهم إني أعوذ بك من مضلات الفتن
وأخرج البغوي بسنده من حديث عبدالله بن بريدة قال : سمعت أبا بريدة يقول : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطبنا فجاء الحسن والحسين وعليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المنبر فحملهما فوضعهما بين يديه ثم قال : ( صدق الله { :WÙPVßXM `ØRÑSTÖ.Wé`ÚKV `yRÒñHTVÖ`èVK Wè &bàWÞTT`YÊ } نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما )
وقال ابو السعود : " بلاء ومحنة يوقوعونكم في الاثم من حيث لا تحتسبون { والله عنده أجر عظيم } لمن آثر محبة الله تعالى وطاعته على محبة الأموال والأولاد والسعى في تدبير مصالحهم
وقال القرطبي : " قال مجاهد : ما عادوهم في الدنيا ولكن حملتهم مودتهم على أن أخذوا لهم الحرام فأعطوه إياهم والآية عامة في كل معصية يرتكبها الإنسان بسبب الأهل والولد وخصوص السبب لا يمنع عموم الحكم
إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
فهذه الحلقة الثالثة عشرة في موضوع الحياة وهي بعنوان:
المبحث التاسع : القلب الحي
قال ابن القيم : القلوب ثلاثة : قلب خال من الايمان وجميع الخير فذلك قلب مظلم قد استراح الشيطان من القاء الوساوس اليه لانه قد اتخذه بيتا ووطنا وتحكم فيه بما يريد وتمكن منه غاية التمكن
القلب الثاني : قلب قد استنار بنور الايمان وأوقد فيه مصباحه لكن عليه ظلمة الشهوات وعواصف الاهوية فللشيطان هناك اقبال وادبار ومجالات ومطامع فالحرب دول وسجال وتختلف احوال هذا الصنف بالقلة والكثرة فمنهم : من اوقات غلبته لعدوه اكثر ، ومنهم من اوقات غلبة عدوه له اكثر ، ومنهم من هو تارة وتارة
القلب الثالث : قلب محشو بالإيمان قد استنار بنور الإيمان وانقشعت عنه حجب الشهوات واقلعت عنه تلك الظلمات فلنوره في صدره اشراق ولذلك الإشراق ايقاد لو دنا منه الوسواس احترق به فهو كالسماء التي حرست بالنجوم فلو دنا منها الشيطان يتخطاها رجم فاحترق وليست السماء باعظم حرمه من المؤمن وحراسة الله تعالى له اتم من حراسة السماء والسماء متعبد الملائكة ومستقر الوحي وفيها انوار الطاعات وقلب المؤمن مستقر التوحيد والمحبة
وقال ابن أبي العز : " اعلم أن القلب له حياة وموت ومرض وشفاء وذلك أعظم مما للبدن قال تعالى : { WèVK ÝWÚ WÜVÒ _TTT`~WÚ SãHTWTÞ`~TWT~`VKWTÊ WTÞ<ÕWÅWWè ISãTVÖ _¤éSTß øY`ÙWTÿ -YãY Á X§PVÞÖ@ ÝWÙVÒ ISãSTÕWTQWÚ Á gHTWÙRÕJñÀ¹Ö@ Y¤mWgî ð¨`~TVÖ &Wä`ÞTYQÚ} الأنعام /122
أي كان ميتا بالكفر فأحييناه بالإيمان فالقلب الصحيح الحي إذا عرض عليه الباطل والقبائح نفر منها بطبعه وأبغضها ولم يلتفت اليها بخلاف القلب الميت فإنه لا يفرق بين الحسن والقبيح كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : هلك من لم يكن له قلب يعرف به المعروف والمنكر
وقال ابن القيم أيضا:إن القلب الحي هو الذي يعرف الحق ويقبله ويحبه ويؤثره على غيره فإذا مات القلب لم يبق فيه إحساس ولا تمييز بين الحق والباطل ولا إرادة للحق وكراهة للباطل بمنزلة الجسد الميت الذي لا يحس بلذة الطعام والشراب وألم فقدهما وكذلك وصف سبحانه كتابه ووحيه بأنه روح لحصول حياة القلب به فيكون القلب حيا ويزداد حياة بروح الوحي فيحصل له حياة على حياة ونور على نور ؛ نور الوحي على نور الفطرة قال تعالى { X øYÍ<ÕSTÿ WèQS£Ö@ óÝYÚ -YâX£`ÚVK uøVÕWÆ ÝWÚ Sò:WWTÿ óÝYÚ -YâY WYÆ } غافر / 15 ، وقال:{ ðÐYÖ.W¡W{è :WTÞ`T~W`èVK ðÐ`T~VÖMX _èS¤ óÝYQÚ &WTßX£`ÚVK WÚ ðÞRÒ ÷X¤`TWT WÚ ñHTWTYÑ<Ö@ WWè SÝHTWÙÿXMô@ ÝYÑHTVÖWè SãHTTWTÞ<ÕWÅW _¤éSTß ÷Y`äPVß -YãY ÝWÚ Sò:WPVTß óÝYÚ &WTßY WYÆ} الشورى/52فجعله روحا لما يحصل له من الحياة "
قال ابن القيم:فصاحب السنة حي القلب مستنيره وصاحب البدعة ميت القلب مظلمه وقد ذكر الله سبحانه هذين الأصلين في كتابه في غير موضع وجعلهما صفة أهل الايمان وجعل ضدهما صفة من خرج عن الإيمان ، فإن القلب الحي المستنير هو الذي عقل عن الله وفهم عنه وأذعن وانقاد لتوحيده ومتابعة ما بعث به رسوله صلى الله عليه وسلم وآله
إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
فهذه الحلقة الرابعة عشرة في موضوع الحياة وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: القلب الحي
وقال ابن القيم : والقلب الميت المظلم الذي لم يعقل عن الله ولا انقاد لما بعث به رسول الله صلى الله عليه وسلم ولهذا يصف سبحانه هذا الضرب من الناس بأنهم أموات غير أحياء وبأنهم في الظلمات لا يخرجون منها ولهذا كانت الظلمة مستولية عليهم في جميع جهاتهم فقلوبهم مظلمة ترى الحق في صورة الباطل والباطل في صورة الحق وأعمالهم مظلمة وأقوالهم مظلمة وأحوالهم كلها مظلمة وقبورهم ممتلئة عليهم ظلمة وإذا قسمت الأنوار دون الجسر للعبور عليه بقوا في الظلمات ومدخلهم في النار مظلم وهذه الظلمة هي التي خلق فيها الخلق أولا فمن أراد الله سبحانه وتعالى به السعادة أخرجه منها إلى النور ومن أراد به الشقاوة تركه فيها
ثم قال : فالقلب الصحيح الحى إذا عرضت عليه القبائح نفر منها بطبعه وأبغضها ولم يلتفت إليها بخلاف القلب الميت فإنه لا يفرق بين الحسن والقبيح
ثم قال : إن حياة القلب وصحته لا تحصل إلا بأن يكون مدركاً للحق مريداً له مؤثراً له على غيره
ثم قال ابن القيم : إنه لا سعادة للقلب ولا لذة ولا نعيم ولا صلاح إلا بأن يكون الله هو إلهه وفاطره وحده وهو معبوده وغاية مطلوبه وأحب إليه من كل ما سواه
وقال ابن تيمية : والعدل هو الاعتدال والاعتدال هو صلاح القلب كما ان الظلم فساده ولهذا جميع الذنوب يكون الرجل فيها ظالما لنفسه والظلم خلاف العدل فلم يعدل على نفسه بل ظلمها فصلاح القلب في العدل وفساده في الظلم واذا ظلم العبد نفسه فهو الظالم وهو المظلوم كذلك وإذا عدل فهو العادل والمعدول عليه فمنه العمل وعليه تعود ثمرة العمل من خير وشر ....
قال بعض السلف ان للحسنة لنورا في القلب وقوة في البدن وضياء في الوجه وسعة في الرزق ومحبة في قلوب الخلق وان للسيئة لظلمة في القلب وسوادا في الوجه ووهنا في البدن ونقصا في الرزق وبغضا في قلوب الخلق
وقال السلمي : فصل في صلاح القلوب والأجساد وفسادهما
قال صلى الله عليه وسلم:( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب )
ومعناه إذا صلح القلب بالمعارف والأحوال صلح الجسد كله بالطاعة والإذعان وإذا فسد بأضداد العرفان والأحوال فسد الجسد كله بالمخالفة والعصيان
والأفراح واللذات تختلف باختلاف المفروح به والمتلذذ به فلذات الجنان أفضل اللذات وأفراحها أفضل الأفراح كما أن غموم النار شر الغموم وآلامها شر الآلام وكذلك لذات العرفان أفضل من لذات الاعتقاد
ثم قال السلمي: فصل في أعمال القلوب كالمعارف والأحوال والنيات والمقصود جعل الله عز وجل لكل معرفة حالا ينشأ عنها :
فمن عرف نعمة الله تعالى كان حاله الخوف
ومن عرف سعة رحمة الله كان حاله الرجاء
ومن عرف توحيد الرب وبالنفع والضر والرفع والخفض لم يتوكل في جلب النفع ودفع الضر والإعطاء والحرمان إلا عليه ولم يفوض أمره إلا إليه
ومن عرف عظمته وجلاله كانت حاله الإجلال والمهابة
ومن عرف اطلاعه على أحواله استحيى منه أن يخالفه
ومن عرف سماعه لأقواله استحيى أن يقول ما لا يرضيه
ومن عرف إحسانه إليه وإفضاله عليه كانت حاله المحبة
ومن عرف جماله وجلاله كانت حاله المحبة وكانت محبته أفضل من محبة من عرف إحسانه وإفضاله
وأكثر ما يحضر المعارف بالاستحضار والأفكار أو بالسماع من الأبرار والأخيار
فمن استحضر صفة من تلك الصفات أثمرت له حالا يناسبها ويوافقها وينشأ عن تلك الحال من الأقوال والأعمال ما يطابقها ويوافقها
فمن لاحظ شدة النقمة حصل له الخوف وما ينبني عليه من الحزن والبكاء والانقباض وتخويف العباد
ومن لاحظ سعة الرحمة حصل له من الانبساط والرجاء وعدم اليأس ما يناسب ما حصل له من الرجاء
ومن لاحظ صفة الجمال حصل له من الحب وما ينبني عليه من الشوق وخوف الفراق وإنس التلاق والسرور والفرح
ومن لاحظ سماعه لأقواله ورؤيته لأعماله كانت حاله الحياء المانع من مخالفته في الأقوال والأعمال وسائر الأحوال
وقد يصيح بعضهم لغلبة الحال إليه وإلجائها إياه إلى الصياح ومن صاح لغير ذلك فمتصنع ليس من القوم في شيء
وكذلك من أظهر شيئا من الأحوال رياء وتسميعا فإنه ملحق بالفجار لا بالأبرار (الفوائد في اختصار المقاصد ج1: ص145، لعبد العزيز السلمي ، ط الأولى 1416هـ)
إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
فهذه الحلقة الخامسة عشرة في موضوع الحياة وهي بعنوان: المبحث العاشر : البيت الحي المرفوع
قال تعالى : { Á ]éS~ST WÜY¢VK JðS/@ ÜKV WÄWTÊó£ST W£W{`¡STÿWè fTTTä~YÊ ISãSÙ`ª@ SQXW©STÿ ISãVÖ fTTTä~YÊ PXèSSçÅ<Ö@Y gÓW²@ Wè} النور / 36
قال ابن كثير : لما ضرب الله تعالى مثل قلب المؤمن ومافيه من الهدى والعلم بالمصباح في الزجاجة الصافية المتوقد من زيت طيب وذلك كالقنديل مثلا ذكر محلها وهي المساجد التي هي أحب البقاع إلى الله تعالى من الأرض وهي بيوته التي يعبد فيها ويوحد فقال تعالى { في بيوت أذن الله أن ترفع } أي أمر الله تعالى بتعاهدها وتطهيرها من الدنس واللغو والأقوال والأفعال التي لا تليق فيها كما قال على بن أبي طلحة عن ابن عباس ...: نهى الله سبحانه عن اللغو فيها ، وكذا قال عكرمة وأبو صالح والضحاك ونافع بن جبير وأبو بكر بن سليمان بن أبي حشمة وسفيان بن حسين وغيرهم من العلماء المفسرين وقال قتادة : هي هذه المساجد أمر الله سبحانه وتعالى ببنائها وعمارتها ورفعها وتطهيرها وقد ذكر لنا أن كعبا كان يقول : مكتوب في التوراة إن بيوتي في الأرض المساجد ، وإنه من توضأ فأحسن وضوءه ثم زارني في بيتي أكرمته وحق على المزور كرامة الزائر
وقال البغوي:قوله { في بيوت أذن الله } أي ذلك المصباح في بيوت وقيل يوقد في بيوت والبيوت هي المساجد قال سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : "المساجد بيوت الله في الأرض وهي تضيء لأهل السماء كما تضيء النجوم لأهل الأرض " وروى صالح بن حيان عن ابن بريدة في قوله تعالى { في بيوت أذن الله } قال : إنما هي أربعة مساجد لم يبنها إلا نبي الكعبة بناها إبراهيم وإسماعيل فجعلاها قبلة وبيت المقدس بناه داود وسليمان ومسجد المدينة بناه رسول الله صلى الله عليه وسلم "
وقال محمد الغرناطي:{ في بيوت } يعني المساجد وقيل بيوت أهل الإيمان من مساجد أو مساكن والأول أصح والجار يتعلق بما قبله أي كمشكاة في بيوت أو توقد في بيوت وقيل بما بعده وهو يسبح وكرر الجار بعد ذلك تأكيدا وقيل بمحذوف أي سبحوا في بيوت أذن الله أن ترفع والمراد بالإذن الأمر ورفعها بناؤها وقيل تعظيمها بالغدو والآصال أي غدوة وعشية وقيل أراد الصبح والعصر وقيل صلاة الضحى والعصر"
وقال تعالى:{ :WTÞ`~W`èVK Wè uøVÖXM uøWªéSÚ Yã~Y Wè ÜKV òQWéWWT WÙRÑYÚóéWÍYÖ W£p±YÙYT _TTéS~ST N éSTÕWÅ`@ Wè óØS|WéS~ST _àVÕT`YTÎ N éSÙ~YÎKV Wè W%áléVÕJð±Ö@ X£PYWTWè fûkYÞYÚ`ëSÙ<Ö@ } يونس / 87
قال الواحدي : لما أرسل موسى صلوات الله عليه إلى فرعون أمر فرعون بمساجد بني إسرائيل فخربت كلها ومنعوا من الصلاة فأمروا أن يتخذوا مساجد في بيوتهم ويصلوا فيها خوفا من فرعون
وأخرج مسلم بسنده من حديث أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مثل البيت الذي يذكر الله فيه والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت )
وأخرج أيضاً بسنده من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تجعلوا بيوتكم مقابر إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة )
قال النووي : قوله صلى الله عليه وسلم : ( مثل البيت الذي يذكر الله فيه والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت ) فيه الندب إلى ذكر الله تعالى في البيت وأنه لا يخلى من الذكر وفيه جواز التمثيل وفيه أن طول العمر في الطاعة فضيلة وان كان الميت ينتقل إلى خير لأن الحي يستلحق به ويزيد عليه بما يفعله من الطاعات
وبذلك نخلص إلى أن البيت الحي هو البيت الذي يذكر الله فيه ، ويصلى لله فيه ، ويتلى فيه القرآن ، ويطلب فيه العلم ،وتنطلق منه الدعوة إلى الله ، سواء كان مسجداً أو منزلاً للسكن ، أو مكتبة أو أي بناء أومكان ، واتصف بالحياة لكونه يحيي الحياة ، ولكونه تحول من جماد إلى كائن حي له دور في حركة الحياة .
إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
فهذه الحلقة السادسة عشرة في موضوع الحياة وهي بعنوان المبحث الحادي عشر : الذاكر للحي حي
أخرج البخاري بسنده من حديث أبي موسى رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت )
وقال تعالى:{ WÝÿY¡PVÖ@ N éSÞWÚ ò QSÝMXùWÙp¹WTWè ySäSTéSTÕSTÎ X£<ÒY¡YT %JðY/@ VKV X£`{¡YT JðY/@ QSÝMXùWÙp¹WT ñéSTÕSÍ<Ö@ } الرعد / 28
قال الشوكاني: "ومحل الذين آمنوا النصب على البدلية من قوله: { من أناب } أى أنهم هم الذين هداهم الله وأنابوا إليه ويجوز أن يكون الذين آمنوا خبر مبتدأ محذوف أى هم الذين آمنوا أو منصوب على المدح { وتطمئن قلوبهم بذكر الله } أى تسكن وتستأنس بذكر الله سبحانه بألسنتهم كتلاوة القرآن والتسبيح والتحميد والتكبير والتوحيد أو بسماع ذلك من غيرهم وقد سمى سبحانه القرآن ذكرا قال :{ وهذا ذكر مبارك أنزلناه } ، وقال : { إنا نحن نزلنا الذكر } قال الزجاج : أى إذا ذكر الله وحده آمنوا به غير شاكين بخلاف من وصف بقوله :{ وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة } ، وقيل : تطمئن قلوبهم بتوحيد الله ، وقيل : المراد بالذكر هنا الطاعة ، وقيل : بوعد الله ، وقيل : بالحلف بالله فإذا حلف خصمه بالله سكن قلبه ، وقيل : بذكر رحمته ، وقيل :بذكر دلائله الدالة على توحيده { ألا بذكر الله } وحده دون غيره تطمئن القلوب والنظر فى مخلوقات الله سبحانه وبدائع صنعه وإن كان يفيد طمأنينة فى الجملة لكن ليست كهذه الطمأنينة وكذلك النظر فى المعجزات من الأمور التى لا يطيقها البشر فليس إفادتها للطمأنينة كإفادة ذكر الله فهذا وجه ما يفيده هذا التركيب من القصر
وقال ابن عباس : { الذين آمنوا } بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن { وتطمئن قلوبهم } وترضى وتسكن قلوبهم بذكر الله والقرآن ويقال بالحلف بالله
وقال أبو السعود : { وتطمئن قلوبهم } أي تستقر وتسكن { بذكر الله } بكلامه المعجز الذي لا ريب فيه كقوله تعالى { وهذا ذكر مبارك أنزلناه } وقوله { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } { ألا بذكر الله } وحده تطمئن القلوب دون غيره من الأمور التي تميل إليها النفوس
وقيل تطمئن قلوبهم بذكر رحمته ومغفرته بعد القلق والاضطراب من خشيته كقوله تعالى : { ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله } أو بذكر دلائله الدالة على وحدانيته أو بذكره جل وعلا انساً به وتبتلاً إليه فالمراد بالهداية : دوامها واستمرارها
وقال الله تعالى { WäQSTÿKVH;TTWTÿ WÝÿY¡PVÖ@ N éSÞWÚ ò N èS£RÒ<¢@ WJð/@ _£`{¢ _¤kYVÒ SâéSQYTWªWè ^áW£T<ÑS ½~Y²VK Wè } الأحزاب /41
قال ابن القيم : " ذكر الله وفوائده وقوله صلى الله عليه وسلم : ( وامركم ان تذكروا الله تعالى فان مثل ذلك رجل خرج العدو في اثره سراعا حتى اذا اتى الى حصن حصين فاحرز نفسه منهم ) كذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان الا بذكر الله فلو لم يكن في الذكر الا هذه الخصلة الواحدة لكان حقيقا بالعبد ان لايفتر لسانه من ذكر الله تعالى وان لا يزال لهجا بذكره فانه لا يحرز نفسه من عدوه الا بالذكر ولا يدخل عليه العدو الا من باب الغفلة فهو يرصده فاذا غفل وثب عليه وافترسه ، واذا ذكر الله تعالى انخنس عدو الله وتصاغر وانقمع حتى يكون كالوصع وكالذباب ولهذا سمي الوسواس الخناس أي يوسوس في الصدور فاذا ذكر الله تعالى خنس أي كف وانقبض قال ابن عباس الشيطان جاثم على قلب ابن ادم فاذا سها وغفل وسوس فاذا ذكر الله تعالى خنس ....وعن معاذ بن جبل قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما عمل ادمي عملا قط انجي له من عذاب الله من ذكر الله عز وجل
ونصل إلى أن الذاكر لله حي ؛ حياة حقيقية لأنه مع الله والله معه ، ولأنه مع أعظم مخلوقات الله وأفضلها ؛ مع الملائكة وساكني السماء ، فعبد هذا حاله سيكون حاله أفضل الأحوال في معية الله المعية الخاصة والتي لا تكون إلا لأوليائه نسأل الله من فضله العظيم
إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
فهذه الحلقة السادسة عشرة في موضوع الحياة وهي بعنوان : المبحث الثاني عشر: حقيقة الحياة الدنيا
وأنها لهو ولعب وغرور وزينة وتفاخر
قال تعالى : { WÙPVßXM SáléW~W<Ö@ WTp~ßJñÖ@ tYÅVÖ c&éT`äVÖWè ÜMX Wè N éSÞYÚ`ëS N éSÍPVWWè `yRÑYT`ëSÿ `ØS{¤éSKR WWè `ØRÑ<ÕLWTTpT©Wÿ `ØRÑVÖ.Wé`ÚKV } محمد /36
قال ابن كثير:يقول تعالى تحقيرا لأمر الدنيا وتهوينا لشأنها { WÙPVßXM SáléW~W<Ö@ WTp~ßJñÖ@ tYÅVÖ c&éT`äVÖWè } أي حاصلها ذلك إلا ما كان منها لله عز وجل " وقال تعالى { SØSä`TPV£WçÆWè SáléW~W<Ö@ &WTp~ßJñÖ@ } الأعراف / 51 ، وقال : اي وقد فرطوا في حياتهم الدنيا وهلكوا بتكذيبهم الرسل ومخالفتهم للمعجزات لِما اغتروا به من زخرف الحياة الدنيا وزينتها وشهواتها ، وقوله تعالى : { WÚWè SáléW~W<Ö@ :WTp~TJñßÖ@ PVMX SÄHTWTWÚ Y¤èS£STçÅ<Ö@ }آل عمران / 185 وقال: تصغير لشأن الدنيا وتحقير لأمرها وأنها دنيئة فانية قليلة زائلة كما قال تعالى{ `ÔWT WÜèS£YTpëST WáléW~W<Ö@ WTp~ßJñÖ@ ، SáW£Y@ Wè b¤`kW uvøWÍ`TVK Wè } الأعلى / 16 ، وقال : { :WÚWè yS~YTèRK ÝYQÚ xò`øW® SÄHTWWÙWTÊ YáléW~W<Ö@ WT~`TßJñÖ@ &WäSWÞÿX¦Wè WÚWè WÞYÆ JðY/@ c£T`~W uv&øWÍ`TVK Wè } القصص / 60
وفي الحديث ( والله ما الدنيا في الآخرة إلا كما يغمس أحدكم أصبعه في اليم فلينظر بم ترجع إليه ) صحيح مسلم رقم 2858
وقال قتادة في قوله تعالى : { WÚWè SáléW~W<Ö@ :WTp~TJñßÖ@ PVMX SÄHTWTWÚ Y¤èS£STçÅ<Ö@ } قال هي متاع متروكة ، أوشكت والله الذي لا إله إلا هو أن تضمحل عن أهلها فخذوا من هذا المتاع طاعة الله إن أستطعتم ولا قوة إلا بالله ، وقوله تعالى: { fUûSéVÕ`SVÖ õøYÊ óØS|YÖ.Wé`ÚKV óØS|Y©SÉTßVK Wè} آل عمران / 186 ، كقوله تعالى { ØRÑPVßWéRÕ`WÞVÖWè xòpøWY WÝYQÚ gÇóéTW<Ö@ ÃéS<Ö@ Wè w°pTÍWTßWèX WÝYQÚ YÓ.Wé`ÚVKô@ g¨SÉßVKô@ Wè %g.W£WÙPVÖ@ Wè } البقرة / 15 إلى آخر الآيتين أي لا بد أن يبتلى المؤمن في شيء من ماله أو نفسه أو ولده أو أهله ويبتلى المؤمن على قدر دينه فإن كان في دينه صلابة زيد في البلاء { UfÛSÅWÙ`©WTVÖWè WÝYÚ ðÝÿY¡PVÖ@ N éSTèRK ðHTWTYÑ<Ö@ ÝYÚ óØS|YÕ`WTÎ WÝYÚWè WÝÿY¡PVÖ@ Nv éS{£pT®VK ÷^¢KV & _¤kYW{ } آل عمران / 186
يقول تعالى للمؤمنين عند مقدمهم المدينة قبل وقعة بدر مسليا لهم عما ينالهم من الأذى من أهل الكتاب والمشركين وآمرا لهم بالصفح والصبر والعفو حتى يفرج الله فقال تعالى { ÜMX Wè N èS¤Yip±WT N éSÍPVWTWè QWÜXMWTÊ WÐYÖ.V¢ óÝYÚ Yz`¥TWÆ Y¤éSÚRKô@ }آل عمران / 186 وقال ابن كثير:{ ñyRÑ`TPV£TWçÆWè SáléW~TW<Ö@ &WTp~ßJñÖ@ } الجاثية / 35 ، أي خدعتكم فاطمأننتم إليها فأصبحتم من الخاسرين ولهذا قال عزوجل:{ W×óéTW~T<Ö@WTÊ W WÜéSW£`mïmñ Wä`ÞYÚ} أي من النار { WWè óØTSå WÜéSTWT`ÅWT`©Sÿ } أي لا يطلب منهم العتبى بل يعذبون بغير حساب ولا عتاب كما تدخل طائفة من المؤمنين الجنة بغير عذاب ولا حساب
وقال ابن كثير :يقول تعالى موهنا أمر الحياة الدنيا ومحقرا لها : { (#þqßJn=ôã$# $yJ¯Rr& äo4quysø9$# $u÷R9$# Ò=Ïès9 ×qølm;ur ×puZÎur 7äz$xÿs?ur öNä3oY÷t/ ÖèO%s3s?ur Îû ÉAºuqøBF{$# Ï»s9÷rF{$#ur } (الحديد /20
أي إنما حاصل أمرها عند أهلها هذا كما قال تعالى :
{ WÝYQTÿS¦ X§PVÞYÕÖ JñS g.WéWäJðTÖ@ fÛYÚ Yò:fTT©PYÞÖ@ WÜkYÞTTW<Ö@ Wè Y¤kY¹HTWTÞWÍ<Ö@ Wè YáW£ð¹ÞWÍSÙ<Ö@ fÛYÚ gWåPV¡Ö@ YàJðµYÉ<Ö@ Wè XÔ`~W<Ö@ Wè YàWÚQWéW©SÙ<Ö@ gyHTWÅ`TßVKô@ Wè %gó£W<Ö@ Wè ðÐYÖ.V¢ SÄHTWTWÚ YáléW~fTTT<Ö@ $WTp~ßJñÖ@ SJðJðS/@ Wè ISâWÞYÆ ñÛó©S gLWTTWÙ<Ö@ } آل عمران / 14 وقوله { `yRÑVÖWè Á X³`¤KKVô@ Qb£WÍWp©SÚ eÄHTWTWÚWè uøVÖXM xÜkY } الأعراف / 24
أي قرار وأعمار مضروبة إلى آجال معلومة قد جرى بها القلم وأحصاها القدر وسطرت في الكتاب الأول وقال ابن عباس مستقر القبور وعنه قال : { مُستَقرٌ } فوق الأرض وتحتها رواهما ابن أبي حاتم
إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
فهذه الحلقة السابعة عشرة في موضوع الحياة وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :
المبحث الثاني عشر: حقيقة الحياة الدنيا
وأنها لهو ولعب وغرور وزينة وتفاخر
قال القرطبي : "وقوله تعالى : { و WÚ W SáléW~W<Ö@ :WTp~TJñßÖ@ PVMX SÄHTWTWÚ Y¤èS£STçÅ<Ö@ } آل عمران / 185
أي تغرّ المؤمن وتخدعه فيظن طول البقاء وهي فانية والمتاع ما يتمتع به وينتفع كالفأس والقدر والقصعة ثم يزول ولا يبقى ملكه قاله أكثر المفسرين قال الحسن كخضرة النبات ولعب البنات لا حاصل له وقال قتادة : هي متاع متروك توشك أن تضمحل بأهلها
فينبغي للإنسان أن يأخذ من هذا المتاع بطاعة الله سبحانه ما استطاع ‘ ولقد أحسن من قال :
هي الدار دار الأذى والقذى.... ودار الفناء ودار الغير
فلو نلتها بحذافيرها لمت..... ولم تقض منها الوطر
أيا من يؤمل طول الخلود......وطول الخلود عليه ضرر
إذاأنت شبت وبان الشباب...فلا خير في العيش بعد الكبر
وقال القرطبي : قوله تعالى : { WÚWè SáléW~W<Ö@ :WTp~ßJñÖ@ PVMX tYÅVÖ $céT`äVÖWè } الأنعام / 32 أي لقصر مدتها كما قال :
ألا إنما الدنيا كأحلام نائم... وما خير عيش لا يكون بدائم
تأمل إذا ما نلت بالأمس لذة... فأفنيتها هل أنت إلا كحالم وقال آخر:
فاعمل على مهل فإنك ميت.... واكدح لنفسك أيها الإنسان فكأن ما قد كان لم يك إذ...مضى وكأن ما هو كائن قد كانا وقيل:المعنى متاع الحياة الدنيا لعب ولهو أي الذي يشتهوه في الدنيا لا عاقبة له فهو بمنزلة اللعب واللهو
ونظر سليمان بن عبد الملك في المرآة فقال : أنا الملك الشاب فقالت له جارية له :
أنت نعم المتاع لو كنت تبقى.... غير أن لا بقاء للإنسان
ليس فيما بدا لنا منك عيب..كان في الناس غير أنك فاني
وقيل : معنى { لعب ولهو } باطل وغرور
وقال ابن الجوزي :في الآية ثلاثة اقوا ل : أحدها : وما الحياة الدنيا في سرعة انقطاعها وقصر عمرها إلا كالشيء يلعب به
والثاني : وما أمر الدنيا والعمل لها إلا لعب ولهو فأما فعل الخير فهو من عمل الآخرة لا من الدنيا
والثالث : وما أهل الحياة الدنيا إلا أهل لعب ولهو لاشتغالهم عما أمروا به واللعب مالا يجدي نفعا
وقال محمد الغرناطي:{ WáW£`åW¦ YáléW~W<Ö@ W~T`TßJñÖ@ ó}
طه / 131 شَبه نعيم الدنيا بالزهر وهو النوار لأن الزهر له منظر حسن ثم يذبل ويضمحل
وقال الشنقيطي : قوله تعالى : { WWè S`ÅTWT WÏTWTÞ`~WÆ óØSä`ÞWÆ SÿX£ST WàTTWÞÿY¦ YáléW~W<Ö@ $WTp~TßPRÖ@ } الكهف / 28
نهى الله جل وعلا نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية الكريمة أن تعدو عيناه عن ضعفاء المؤمنين وفقرائهم طموحا إلى الأغنياء وما لديهم من زينة الحياة الدنيا
ومعنى : { WWè S`ÅTWT WÏTWTÞ`~WÆ } أي لا تتجاوزهم عيناك وتنبوا عن رثاثة زيهم محتقرا لهم طامحا إلى أهل الغنى والجاه والشرف بدلا منهم وعدا يعدو تتعدى بنفسها إلى المفعول وتلزم
وقال القرطبي : قوله تعالى{$¯RÎ) $oYù=yèy_ $tB n?tã ÇÚöF{$# ZpoYÎ $ol°; } الكهف/ 7 فيه مسألتان :
الأولى : ما ، وزينة : مفعولان والزينة كل ماعلى وجه الأرض فهو عموم لأنه دال على بارئه وقال بن جبير عن بن عباس أراد بالزينة الرجال قال مجاهد وروى عكرمة عن بن عباس أن الزينة الخلفاء والأمراء وروى بن نجيح عن مجاهد عن بن عباس في الآية : قال العلماء زينة الأرض وقالت فرقة : أراد النعم والملابس والثمار والخضرة والمياه ونحو هذا مما فيه زينة ولم يدخل فيه الجبال الصم وكل ما لا زينة فيه كالحيات والعقارب والقول بالعموم أولى وأن كل ما على الأرض فيه زينة من جهة خلقه وصنعه وإحكامه والآية بسط في التسلية أي لا تهتم يا محمد للدنيا وأهلها فإنا إنما جعلنا ذلك امتحانا واختبارا لأهلها فمنهم من يتدبر ويؤمن ومنهم من يكفر ثم يوم القيامة بين أيديهم فلا يعظمن عليك كفرهم فإنا نجازيهم
الثانية : معنى هذه الآية ينظر إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الدنيا خضرة حلوة والله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون ) وقوله صلى الله عليه وسلم : ( إن أخوف ما أخاف عليكم ما يخرج الله لكم من زهرة الدنيا ) قيل : وما زهرة الدنيا قال ( بركات الأرض ) خرجهما مسلم
إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
فهذه الحلقة الثامنة عشرة في موضوع الحياة وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :
المبحث الثاني عشر: حقيقة الحياة الدنيا
وأنها لهو ولعب وغرور وزينة وتفاخر
أخرج مسلم بسنده من حديث أبي سعيد الخدري قال : جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر وجلسنا حوله فقال : ( إن مما أخاف عليكم بعدي ما يفتح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها فقال رجل أو يأتي الخير بالشر؟ يا رسول الله قال فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل له ما شأنك تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يكلمك ؟ قال ورأينا أنه ينزل عليه فأفاق يمسح عنه الرحضاء وقال : (إين هذا السائل ) ؟ وكأنه حمده فقال : ( إنه لا يأتي الخير بالشر وإن مما ينبت الربيع يقتل أو يلم إلا آكلة الخضر فإنها أكلت حتى إذا امتلأت خاصرتاها استقبلت عين الشمس فثلطت وبالت ثم رتعت وإن هذا المال خضر حلو ونعم صاحبه المسلم هو لمن أعطى منه المسكين واليتيم وابن السبيل ) أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( وإنه من يأخذه بغير حقه كان كالذي يأكل ولا يشبع ويكون عليه شهيدا يوم القيامة )
وأخرج البخاري بسنده من حديث سهل قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها ولغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها )
وأخرج البخاري بسنده من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال : ( كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل وكان بن عمر يقول إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك ) ثم قال : ( باب في الأمل وطوله وقول الله تعالى :{ ÝWÙWTÊ WX¥`S¦ XÝWÆ Y¤UfTTTTÞÖ@ WÔY` KR Wè WàUfTTTTÞW<Ö@ `WÍWTÊ %W¦WTÊ WÚWè SáléW~W<Ö@ :WTp~TJñßÖ@ PVMX SÄHTWTWÚ Y¤èS£STçÅ<Ö@ } آل عمران / 185 وقوله:{ `ØSå`¤W¢ N éSTÕS{<KWTÿ NW éSÅQWTWÙWWTÿ SØXäXä<ÕSTÿWè $SÔWÚVKô@ ðÇ`éW©WTÊ WÜéSÙVÕ`ÅWTÿ } الحجر / 3 ، وقال علي بن أبي طالب:ارتحلت الدنيا مدبرة وارتحلت الآخرة مقبلة ولكل واحدة منهما بنون فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا فإن اليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل { بمزحزحه } بمباعده
وأخرج البخاري أيضاً بسنده من حديث قيس قال : أتيت خبابا وهو يبني حائطا له فقال:إن أصحابنا الذين مضوا لم تنقصهم الدنيا شيئا وإنا أصبنا من بعدهم شيئا لا نجد له موضعا إلا التراب
وأخرج ابن حبان بسنده من حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :إن الدنيا خضرة حلوة فمن أعطيناه منها شيئا بطيب نفس منا وحسن طعمة منه من غير شره نفس بورك له فيه ومن أعطيناه منها شيئا بغير طيب نفس منا وحسن طعمة منه وإشراف نفس كان غير مبارك له فيه )
وقال ابن القيم : يا مغرورا بالاماني لعن ابليس وأهبط من منزل العز بترك سجدة واحدة امر بها ، واخرج آدم من الجنه بلقمة تناولها ، وحجب القاتل عنها بعد ان رآها عيانا بملء كف من دم ، وامر بقتل الزاني اشنع القتلات بايلاج قدر الانملة فيما لا يحل ، وأمر بأيساع الظهر سياطا بكلمة قذف او بقطرة مسكر ، وابان عضوا من اعضائك بثلاثة دراهم ، فلا تأمنه ان يحبسك في النار بمعصية واحدة من معاصيه { WWè ñÇWWTÿ WäHTWpTÍSÆ } ، دخلت امرأة النار في هرة ، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقى لها بالا يهوي بها في النار ابعد ما بين المشرق والمغرب ، وإن الرجل ليعمل بطاعة الله ستين سنة فأذا كان عند الموت جار في الوصيه فيختم له بسوء عمله فيدخل النار ، العمر بآ خره والعمل بخاتمته ، من احدث قبل السلام بطل ما مضى من صلاته ، ومن أفطر قبل غروب الشمس ذهب صيامه ضائعا ، ومن أساء في آخر عمره لقى ربه في ذلك الوجه ، لو قدمت لقمة وجدتها ولكن يؤذيك الشره ، كم جاء الثواب يسعى اليك فوقف بالباب فرده بواب سوف ولعل وعسى ، كيف الفلاح بين ايمان ناقص ، وأمل زائد ، ومرض لا طبيب له ولا عائد ، وهوى مستيقظ ، وعقل راقد ، ساهيا في غمرته ، عمها في سكرته ، سابحا في لجة جهله ، مستوحشا من ربه ، مستأنسا بخلقه ، ذكر الناس فاكهته وقوته ، وذكر الله حبسه وموته ، لله منه جزء يسير من ظاهره ، وقلبه ويقينه لغيره "
إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
فهذه الحلقة التاسعة عشرة في موضوع الحياة وهي بعنوان : المبحث الثالث عشر:
الإنسان يؤثرالحياة الدنيا و يحب طول الحياة
الحياة منحة ربانية للإنسان ، ولذلك يحب الإنسان الحياة ويكره الموت ، بل كثير من الناس يعمل في الحياة وكأنه سيخلد فيها ، ويفر من الموت وأسبابه ، وربما بذل كل أمكاناته لذلك .
قال تعالى : { `ÔSTÎ QWÜMX ðóéTWÙ<Ö@ ÷Y¡PVÖ@ fûèQS£YÉW SãT`ÞYÚ ISãTPVßXMWTÊ $óØS|~YÍHTVÕSÚ JðyR WÜèPR W£ST uøVÖXM gyYÕHTWÆ g`~TWçÅ<Ö@ YáWHTWäTPVÖ@ Wè ØRÑSLùTQXTWÞTS~WTÊ WÙY óØSÞRÒ WÜéSTÕWÙ`ÅWT} الجمعة / 8
وقال تعالى: { WÙWTÞ`TÿVK N éSTßéRÑWT SØPRÑÒX¤`TSÿ ñ`éWÙ<Ö@ `éVÖWè `ØSÞRÒ Á wèS£S %xáWQWT~WQSÚ } النساء / 78
قال الصنعاني :عن معمر قال تلا قتادة هذه الآية فقال : "إن الله أذل ابن آدم بالموت " لا أعلمه إلا رفعه
وقال ابن كثير : وفي معجم الطبراني الكبيرمن حديث معاذ محمد بن محمد الهذلي عن يونس عن الحسن عن سمرة مرفوعاً ( مثل الذي يفر من الموت كمثل الثعلب تطلبه الأرض بدين فجاء يسعى حتى إذا أعيا وأنهر دخل جحره فقالت له الأرض يا ثعلب ديني؟ فخرج له حصاص فلم يزل كذلك حتى تقطعت عنقه فمات )
وقال الشوكاني : ثم امر الله سبحانه رسوله أن يقول لهم بان الفرار من الموت لا ينجيهم وأنه نازل بهم لا محالة ونازل بكم بلا شك
قال زهير :
ومن هاب أسباب المناياينلنه.. ولو رام أسباب السماء بسلم
وقال طرفة :
وكفى بالموت فاعلم واعظا..... لمن الموت عليه قد قدر فاذكر الموت وحاذر ذكره .....إن في الموت لذي اللب عبر كل شيء سوف يلقى حتفه ...في مقام أو على ظهر سفر والمنايا حوله ترصده .....ليس ينجيه من الموت الحذر
وقال ابن كثير : قال تعالى : { `ÔWT WÜèS£YTpëST WáléW~W<Ö@ WTp~ßJñÖ@ } الأعلى / 16 أي تقدمونها على أمر الآخرة وتبدونها على مافيه نفعكم وصلاحكم في معاشكم ومعادكم { والآخرة خير وأبقى } أي ثواب الله في الدار الآخرة خير من الدنيا وأبقى فإن الدنيا فانية والآخرة شريفة باقية فكيف يؤثر عاقل ما يفنى على ما يبقى ويهتم بما يزول عنه قريبا ويترك الاهتمام بدار البقاء والخلد
وأخرج مسلم بسنده من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( قلب الشيخ شاب على حب اثنتين طول الحياة وحب المال )
وأخرج أيضاً بسنده من حديث أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به فإن كان لا بد متمنيا فليقل : اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي )
وقال علي ارتحلت الدنيا مدبرة : وارتحلت الآخرة مقبلة فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا فإن اليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل
وأخرج مسلم بسنده من حديث أنس قال : قال رسول الله : ( يهرم ابن آدم وتشب منه اثنتان الحرص على المال والحرص على العمر )
وأخرج البخاري بسنده من حديث أبي هريرة قال : سمعت رسول الله يقول : ( لا يزال قلب الكبير شابا في اثنتين في حب الدنيا وطول الأمل )
ومما سبق يتضح أن الحرص على الحياة رغبة بشرية متأصلة في الإنسان لكن الدين يضبط هذه الغريزة وينظمها ويجعلها متفقة مع غاية الخلق والحكمة من الوجود حتى تستغل كل لحظات الحياة فيما يعود على المكلف بالنفع وتحقيق المصالح في الحياة الدنيا الآخرة ، ولذلك لايلام المؤمن على حبه للحياة ، بل ولاعلى طولها لكونه يزداد بهذا الطول قرباً من الله ، ويزداد به رفعة في درجات الجنة ، وعلى هذا نهى الشارع عن تمني الموت والمؤمن مسّلم لقدر الله وقضاءه ، لأنه يعلم أن الآجال محدده ، وأن الفرار من الموت أو القتل لاينفع أبداً ، بل إذا فر منه فإنه سيلاقيه من أمامه ، وهذا غاية في التوبيخ لمن فكر في هذا المهرب ، وهذا لايمكن من المؤمن ، بل هذا من طبيعة المنافق أو الكافر .
إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
فهذه الحلقة العشرون في موضوع الحياة وهي بعنوان :
المبحث الرابع عشر:الصدقة في الحياة
أفضل منها عند الممات
بذل المال لمستحقه قربة من أعظم القربات التي يتقرب بها العبد إلى الله ، ولذلك كانت الزكاة ركنا من أركان الإسلام ، ومن يبذل المال الذي قد غُرزَ حبه في النفوس فهو دليل على أنه قد روض نفسه على حب ما عند الله أكثر من المال ، والذي يبذله وهو صحيح شحيح أثناء حياته ، له دلالة أعظم .
أخرج البخاري ومسلم بسنديهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أي الصدقة أعظم أجراً ؟ قال : ( أن تصدّق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا وقد كان لفلان )
وقال القرطبي :إ ن الصدقة في حال الحياة والصحة أفضل منها عند الموت لقوله عليه السلام وقد سئل( أي الصدقة أفضل ) ؟ فقال:( أن تصدق وأنت صحيح شحيح)
ومما سبق يتضح أن الإنفاق المقبول له علامات من أهمها :
أن يكون وقته أثناء الحياة وفي حال الصحة والشح وإلا فلا .
المبحث الخامس عشر:
الملائكة أولياء المؤمنين في الحياة الدنيا
الملائكة خلق لطيف ، خلق من نور ، ليس له شهوة ، مكلف من رب العالمين ، يمتثلون أمر الله ولا يعصونه ، لهم مهام متنوعة ، منها حفظ المؤمنين من أمر الله ، ومنها كتابة الأعمال ، ومنها إلتماس حلق الذكر ، ومنها تولي المؤمنين في الحياة الدنيا وفي الاخرة ........
قال تبارك وتعالى { SÝ`WTß óØS{ê:W~YÖ`èVK Á YáléW~W<Ö@ WTp~TßJñÖ@ gøÊWè $YáW£Y@ } فصلت /31
قال ابن كثير : أي تقول الملائكة للمؤمنين عند الاحتضار نحن كنا أولياءكم أي قرنائكم في الحياة الدنيا نسددكم ونوفقكم ونحفظكم بأمر الله وكذلك نكون معكم في الآخرة نؤنس منكم الوحشة في القبور وعند النفخة في الصور ونؤمنكم يوم البعث والنشور ونجاوز بكم الصراط المستقيم ونوصلكم إلى جنات النعيم
وقال الواحدي : "أي أنصاركم وأحباؤكم وهم قرناؤهم الذين كانوا معهم في الحياة الدنيا من الحفظة يقولون لهم لن نفارقكم في القيامة حتى ندخلكم الجنة
وقال الشوكاني :أى نحن المتولون لحفظكم ومعونتكم فى أمور الدنيا وأمور الآخرة ومن كان الله وليه فاز بكل مطلب ونجا من كل مخافة ، وقيل : إن هذا من قول الملائكة ، قال مجاهد: يقولون لهم نحن قرناؤكم الذين كنا معكم فى الدنيا فإذا كان يوم القيامة قالوا : لا نفارقكم حتى تدخلوا الجنة ، وقال السدى : نحن الحفظة لأعمالكم فى الدنيا وأولياؤكم فى الآخرة ، وقيل : إنهم يشفعون لهم فى الآخرة ويتلقونهم بالكرامة
وقال ابن الجوزي : قال المفسرون : هذا قول الملائكة لهم والمعنى نحن الذين كنا نتولاكم في الدنيا لأن الملائكة تتولى المؤمنين وتحبهم لما ترى من أعمالهم المرفوعة إلى السماء { وفي الآخرة } أي ونحن معكم في الآخرة لا نفارقكم حتى تدخلوا الجنة وقال السدي : هم الحفظة على ابن آدم ، وقيل : هم الملائكة الذين يأتون لقبض الأرواح
وقال أبو السعود :أي أعوانكم في أموركم نلهمكم الحق ونرشدكم الى مافيه خيركم وصلاحكم ولعل ذلك عبارة عما يخطر ببال المؤمنين المستمرين على الطاعات من أن ذلك بتوفيق الله تعالى وتأيده لهم بواسطة الملائكة عليهم السلام
ومما ذكر يتبين أن الملائكة يقفون مع المؤمنين في المواقف الصعبة يثبتونهم ويبشرونهم ويطمئنونهم وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم .
إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
فهذه الحلقة الواحدة والعشرون في موضوع الحياة وهي بعنوان :المبحث السادس عشر:
الباغي، والعاق، وقاطع الرحم؛ تعجل لهم العقوبة في الحياة
قال تعالى : { WÙPVTßXM , ñÔ~YJð©Ö@ øVÕWÆ WÝÿY¡PVÖ@ WÜéSÙYÕ<À¹WTÿ ð§PVÞÖ@ WÜéSçÅ`WTÿWè Á X³`¤KKVô@ X¤`kTWçÅY QX&ÌW<Ö@ ðÐMXù;HTTVÖOèKR `ySäVÖ } W¡WÆ cy~YÖVK } الشورى / 42
قال عبد الحق الأندلسي : " المعنى إنما سبيل الحكم والإثم على الذين يظلمون الناس أي الذين يضعون الأشياء في غير مواضعها من القتل واخذ المال والأذى باليد وباللسان والبغي بغير الحق وهو نوع من انواع الظلم خصه بالذكر تنبيها على شدته وسوء حال صاحبه ثم توعدهم تعالى بالعذاب الأليم في الاخرة
وقال الألوسي : تعيين لمن عليه السبيل بعد نفي ذلك عن المنتصرين والمراد بالذين يظلمون الناس من يبتدؤونهم بالظلم أو يزيدون في الأنتقام ويتجاوزون ما حد لهم وفسر ذلك بعضهم بالذين يفعلون بهم ما لا يستحقونه وهو أعم ، وقوله تعالى :
{ WÜéSçÅ`WTÿWè Á X³`¤KKVô@ X¤`kTWçÅY QX&ÌW<Ö@ } أي يتكبرون فيها تجبرا وفسادا أولئك الموصوفون بالظلم والبغي بغي الحق لهم عذاب أليم بسبب ظلمهم وبغيهم والمراد بهؤلاء الظالمين الباغين الكفرة وقيل من يعمهم وغيرهم
وقال الطبري : يقول تبارك وتعالى إنما الطريق لكم أيها الناس على الذين يتعدون على الناس ظلما وعدوانا بأن يعاقبوهم بظلمهم لا على من انتصر ممن ظلمه فأخذ منه حقه
وقوله { WÜéSçÅ`WTÿWè Á X³`¤KKVô@ X¤`kTWçÅY QX&ÌW<Ö@ } يقول ويتجاوزون في أرض الله الحد الذي أباح لهم ربهم إلى ما لم يأذن لهم فيه فيفسدون فيها بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم يقول فهؤلاء الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق لهم عذاب من الله يوم القيامة في جهنم مؤلم موجع
وقال ابن كثير :أي إنما يذوق وبال هذا البغي أنتم أنفسكم ولا تضرون به أحدا غيركم كما جاء في الحديث : ( ما من ذنب أجدر أن يعجل الله عقوبته في الدنيا مع ما يدخر لصاحبه في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم )
وأخرج الحاكم بسنده من حديث أبي بكرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما من ذنب أجدر أن تعجل لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم ) صحيح الإسناد ولم يخرجاه
وأخرج الحاكم بسنده من حديث بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة قال سمعت أبي يحدث عن أبي بكرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( كل الذنوب يؤخر الله ما شاء منها إلى يوم القيامة إلا عقوق الوالدين فإن الله تعالى يعجله لصاحبه في الحياة قبل الممات ) ثم قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه
نعم الباغي تعجل له العقوبة لأنه اعتدى على غيره من البشر وظلمة، والعاق لوالديه تعجل له العقوبة لأن الوالدين لهما أعظم الحقوق على الابن ، وقاطع الرحم يعاقب لأن الأرحام تكفل الله بوصل من وصلها وقطع من قطعها
إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
فهذه الحلقة الثانية والعشرون في موضوع الحياة وهي بعنوان : المبحث السابع عشر : ولكم في القصاص حياة
القصاص : هو إقامة الحد على القاتل الجاني ؛ وغير الجاني يتعظ بغيره فلا يقدم على الجناية خوفا من إقامة الحد عليه ، وبهذا يكون إقامة حد واحد حياة للآخرين ، وهذا غاية في الردع لمن تسول له نفسه إرتكاب جريمة القتل .
قال تعالى : { óØRÑVÖWè Á X¯f±YÍ<Ö@ báléWT~W øYÖOèKRH;TTWTÿ gHTW<ÖKKVô@ óØS|PVÕWÅVÖ WÜéSÍPVðððTT }البقرة / 179
قال ابن كثير :يقول تعالى وفي شرع القصاص لكم وهو قتل القاتل حكمة عظيمة وهي بقاء المهج وصونها لأنه إذا علم القاتل أنه يقتل انكف عن صنيعه فكان في ذلك حياة للنفوس وفي الكتب المتقدمة القتل أنفى للقتل فجاءت هذه العبارة في القرآن أفصح وأبلغ وأوجز { ولكم في القصاص حياة } قال أبو العالية : جعل الله القصاص حياة فكم من رجل يريد أن يقتل فتمنعه مخافة أن يقتل وكذا روى عن مجاهد وسعيد بن جبير وأبي مالك والحسن وقتادة والربيع بن أنس ومقاتل بن حيان { øYÖOèKRH;TTWTÿ gHTW<ÖKKVô@ óØS|PVÕWÅVÖ WÜéSÍPVðððTT } يقول : يا أولي العقول والأفهام والنهي لعلكم تنزجرون وتتركون محارم الله ومآثمه والتقوى أسم جامع لفعل الطاعات وترك المنكرات
وقال القرطبي : فيه أربع مسائل :
الأولى : قوله تعالى : { óØRÑVÖWè Á X¯f±YÍ<Ö@ báléWT~W } هذا من الكلام البليغ الوجيز ومعناه لا يقتل بعضكم بعضا رواه سفيان عن السدي عن أبي مالك والمعنى : أن القصاص إذا أقيم وتحقق الحكم فيه إزدجر من يريد قتل آخر مخافة أن يقتص منه فحييا بذلك معا وكانت العرب إذا قتل الرجل الآخر حمى قبيلاتهما وتقاتلوا وكان ذلك داعيا إلى قتل العدد الكثير فلما شرع الله القصاص قنع الكل به وتركوا الاقتتال فلهم في ذلك حياة .
الثانية : اتفق أئمة الفتوى على أنه لا يجوز لأحد أن يقتص من أحد حقه دون السلطان وليس للناس أن يقتص بعضهم من بعض وإنما ذلك للسلطان أو من نصّبه السلطان لذلك ولهذا جعل الله السلطان ليقبض أيدي الناس بعضهم عن بعض
الثالثة : وأجمع العلماء على أن على السلطان أن يقتص من نفسه إن تعدى على أحد من رعيته إذ هو واحد منهم وإنما له مزية النظر لهم كالوصي والوكيل وذلك لا يمنع القصاص وليس بينهم وبين العامة فرق في أحكام الله عز وجل لقوله جل ذكره { كتب عليكم القصاص في القتلى } وثبت عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال لرجل شكا إليه أن عاملا قطع يده لئن كنت صادقا لأقيدنك منه
وروى النسائي عن أبي سعيد الخدري قال : بينا رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقسم شيئا إذ أكب عليه رجل فطعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرجون كان معه فصاح الرجل فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( تعال فاستقد ) قال: بل عفوت يارسول الله
وروى أبو داؤد الطيالسي عن أبي فراس قال : خطب عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال : ألا من ظلمه أميره فليرفع ذلك إليّ أقيده منه فقام عمرو بن العاص فقال : يا أمير المؤمنين لئن أدب رجل منا رجلا من أهل رعيته لتقصنه منه قال كيف لا أقصه منه وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقص من نفسه ....
وقال السعدي : ثم بين تعالى حكمته العظيمة في مشروعية القصاص فقال : { óØRÑVÖWè Á X¯f±YÍ<Ö@ báléWT~W } أي تنحقن بذلك الدماء وتنقمع به الأشقياء لأن من عرف أنه مقتول إذا قتل لا يكاد يصدر منه القتل وإذا رؤي القاتل مقتولا انذعر بذلك غيره وانزجر فلو كانت عقوبة القاتل غير القتل لم يحصل انكفاف الشر الذي يحصل بالقتل وهكذا سائر الحدود الشرعية فيها من النكاية والانزجار ما يدل على حكمة الحكيم الغفار ونكر الحياة لإفادة التعظيم والتكثير، ولما كان هذا الحكم لا يعرف حقيقته إلا أهل العقول الكاملة والألباب الثقيلة خصهم بالخطاب دون غيرهم وهذا يدل على أن الله تعالى يحب من عباده أن يعملوا أفكارهم وعقولهم في تدبر ما في أحكامه من الحكم والمصالح الدالة على كماله وكمال حكمته وحمده
وعدله ورحمته الواسعة وأن من كان بهذه المثابة فقد استحق المدح بأنه من ذوي الألباب الذين وجه إليهم الخطاب وناداهم رب الأرباب وكفى بذلك فضلا وشرفا لقوم يعقلون
وقوله { لعلكم تتقون } وذلك أن من عرف ربه وعرف ما في دينه وشرعه من الأسرار العظيمة والحكم البديعة والآيات الرفيعة أوجب له ذلك أن ينقاد لأمر الله ويعظم معاصيه فيتركها فيستحق بذلك أن يكون من المتقين
ومماسبق يتضح عظمة هذا التشريع والذي هو موت لكنه يحمل في طياته الحياة بكامل صورها
إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
فهذه الحلقة الثالثة والعشرون في موضوع الحياة وهي بعنوان : المبحث الثامن عشر : اليهود والمشركون أحرص الناس على حياة ، يحبون الحياة ، ويكرهون الموت
قال تعالى : { öNåk¨XyÉftGs9ur Ýtômr& Ĩ$¨Y9$# 4n?tã ;o4quym z`ÏBur úïÏ%©!$# (#qä.uõ°r& 4 uqt öNèdßtnr& öqs9 ã£Jyèã y#ø9r& 7puZy $tBur uqèd ¾ÏmÏnÌômtßJÎ/ z`ÏB É>#xyèø9$# br& t£Jyèã 3 ª!$#ur 7ÅÁt/ $yJÎ/ cqè=yJ÷èt} البقرة /96
قال القرطبي : " يعني اليهود { ومن الذين أشركوا } قيل المعنى وأحرص فحذف من الذين أشركوا لمعرفتهم بذنوبهم وألا خير لهم عند الله ومشركو العرب لا يعرفون إلا هذه الحياة ولا علم لهم من الآخرة ألا ترى قول شاعرهم :
تمتع من الدنيا فإنك فان... من النشوات والنساء الحسان والضمير في { أحدهم } يعود في هذا القول على اليهود وقيل إن الكلام تم في حياة ثم آستؤنف الإخبارعن طائفة من المشركين قيل هم المجوس وذلك بين في أدعياتهم للعاطس بلغاتهم بما معناه [عش ألف سنة ] وخص الألف بالذكر لأنها نهاية العقد في الحساب وذهب الحسن إلى أن الذين أشركوا مشركو العرب خصوا بذلك لأنهم لا يؤمنون بالبعث فهم يتمنون طول العمر وقيل في الكلام تقديم وتأخير والمعنى ولتجدنهم وطائفة من الذين أشركوا أحرص الناس على الحياة
وقال ابن كثير :أي على طول العمر لما يعلمون من مآلهم السيء وعاقبتهم عند الله الخاسرة لأن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر فهم يودون لو تأخروا عن مقام الآخرة بكل ما أمكنهم وما يحاذرون منه واقع بهم لا محالة حتى وهم أحرص من المشركين الذين لا كتاب لهم وهذا من باب عطف الخاص على العام
وقال الشوكاني : واللام في قوله { ولتجدنهم } جواب قسم محذوف وتنكير حياة للتحقير أي أنهم أحرص الناس على أحقر حياة واقل لبث في الدنيا فكيف بحياة كثيرة ولبق متطاول ..وقوله{ ومن الذين أشركوا} قيل هو كلام مستأنف والتقدير ومن الذين أشركوا ناس{ يود أحدهم } وقيل إنه معطوف على الناس أي أحرص الناس وأحرص من الذين أشركوا وعلى هذا يكون قوله { يود أحدهم } راجعا إلى اليهود بيانا لزيادة حرصهم على الحياة ووجه ذكر الذين
أشركوا بعد ذكر الناس مع كونهم داخلين فيهم الدلالة
على مزيد حرص المشركين من العرب ومن شابههم من غيرهم فمن كان أحرص منهم وهم اليهود كان بالغا في الحرص إلى غاية لا يقادر قدرها وإنما بلغوا في الحرص إلى هذا الحد الفاضل على حرص المشركين لأنهم يعلمون بما يحل بهم من العذاب في الآخرة بخلاف المشركين من العرب ونحوهم فإنهم لا يقرون بذلك وكان حرصهم على الحياة دون حرص اليهود
وأخرج ابن أبي حاتم بسنده عن ابن عباس { ولتجدنهم احرص الناس على حياة } قال : اليهود
وأخرج ابن أبي حاتم أيضاً بسنده عن الحسن قال: { ولتجدنهم احرص الناس على حياة } قال : المنافق احرص الناس على حياة وهو احرص على الحياة من المشرك
إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
فهذه الحلقة الرابعة والعشرون في موضوع الحياة وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : اليهود والمشركون أحرص الناس على حياة ، يحبون الحياة ، ويكرهون الموت
وقال تعالى : { `tB tb%x. ßÌã no4quysø9$# $u÷R9$# $uhtFt^Îur Åe$uqçR öNÍkös9Î) öNßgn=»yJôãr& $pkÏù óOèdur $pkÏù w tbqÝ¡yö7ã ، y7Í´¯»s9'ré& tûïÏ%©!$# }§øs9 öNçlm; Îû ÍotÅzFy$# wÎ) â$¨Y9$# ( xÝÎ7ymur $tB (#qãèuZ|¹ $pkÏù ×@ÏÜ»t/ur $¨B (#qçR$2 tbqè=yJ÷èt } هود / 15 ،16 الآية نزلت في الكفار الذين يريدون الدنيا ولا يريدون الآخرة إذ هم لا يصدقون بها وقيل نزلت في أهل الربا من المؤمنين الذين يريدون بأعمالهم الدنيا حسبما ورد في الحديث في القارئ والمنفق والمجاهد الذين أرادوا أن يقال لهم ذلك إنهم أول من تسعر بهم النار والأول أرجح
وأخرج مسلم بسنده من حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر أحاديث منها وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( جاء ملك الموت إلى موسى عليه السلام فقال له : أجب ربك ؟ قال : فلطم موسى عليه السلام عين ملك الموت ففقأها قال : فرجع الملك إلى الله تعالى فقال : إنك أرسلتني إلى عبد لك لا يريد الموت وقد فقأ عيني قال : فرد الله إليه عينه وقال : ارجع إلى عبدي فقل : الحياة تريد ؟ فإن كنت تريد الحياة فضع يدك على متن ثور فما توارت يدك من شعرة فإنك تعيش بها سنة ؟ قال : ثم مه ؟ قال : ثم تموت قال : فالآن من قريب رب امتني من الأرض المقدسة رمية بحجر ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( والله لو أني عنده لأريتكم قبره إلى جانب الطريق عند الكثيب الأحمر)
وقال تعالى : { `ÔSTÎ WäQSTÿKVH;TTWÿ fÛTÿY¡PVÖ@ Nv èS Wå ÜMX óØST`ÙWÆW¦ óØRÑPVTßKV Sò:fTTTT~YÖ`èVK YãPVÕYÖ ÝYÚ XÜèS X§PVÞÖ@ N SéTPVTÞWÙWTWTÊ ðóéTWÙ<Ö@ ÜMX óØTSÞRÒ WÜkYÎYHTW² ، WWè ,ISãWßóéTPVÞWÙWWÿ W=WTVK WÙY pWTÚPVWÎ &`yXäÿY`TÿKV SJðJðS/@ Wè =SØ~YÕWÆ WÜkYÙYÕHTJðÀ¹Ö@Y ، K `ÔSTÎ QWÜMX ðóéTWÙ<Ö@ ÷Y¡PVÖ@ fûèQS£YÉW SãT`ÞYÚ ISãTPVßXMWTÊ $óØS|~YÍHTVÕSÚ } الجمعة / 6 - 8
قال الشوكاني :ثم أخبر الله سبحانه أنهم لا يفعلون ذلك أبدا بسبب ذنوبهم فقال: { &nb