الحق

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحق(المختصر) 411 حلقة

 الحلقة الأولى : المقدمة :

    إن الحمد لله ، نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا اله الا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله  قال تعالى :{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ، ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون} آل عمران/ 120،وقال تعالى :{ يائها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة ، وخلق منها زوجها ، وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً ، واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً }   النساء  / 1،وقال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً ، يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ، ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً } الأحزاب /70 ، 71 وبعد :

فهذه الحلقة الأولى في موضوع (الحق) وهي بعنوان : المقدمة :

   اقتضت حكمة الله تعالى أن يقوم هذا الكون بكل ما فيه على قاعدة الحق والعدل ، فخلق الله عز وجل السماوات والأرض بالحق ، وأنزل كتبه وبعث رسله بالحق ليقوم الناس بالحق والعدل . فالله سبحانه وتعالى هو الحق ، ودينه حق ، وغاية شرعه حق .

   ولما للحق من مكانة وجدنا علماءنا - رحمهم الله - يتناولون في كتبهم وبحوثهم جوانب مختلفة في دراسة الحق ، فعني بذلك علماء التفسير والحديث والفقه ، كما عني به علماء أصول الفقه .

وفي هذه الدراسة الموجزة نعرض - بعون الله تعالى وتوفيقه - لمعاني كلمة الحق وإطلاقاتها في التفسير ، بعد إلماعة لغوية عنها ، ثم نعرض لتعريف علماء الفقه والأصول ، وبعدها نوجز أنواع الحق في الشريعة الإسلامية ، ثم نبين نشأة الحق وطبيعته .

   استعمالات الحق في القرآن الكريم :

   بحث علماء التفسير في المفردات القرآنية ، ومنهم من خص الأشباه والنظائر في القرآن الكريم بمؤلفات تبحث في الألفاظ التي تستعمل بمعنى واحد والألفاظ المشتركة التي تستعمل في معان متعددة ، ومن ذلك كلمة " الحق " مع أن المعاني رغم ما بينها من تنوع تعود إلى أصل واحد .

  وفي هذه الفقرة تفسير كلمة " الحق " والوجوه التي تطلق عليها في كتاب الله تعالى ، وقد جمعها مقاتل بن سليمان ، وأرجعها إلى أحد عشر وجها :

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

  الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة الثانية في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : المقدمة :

فوجه من هذا التفسير  : الحق هو : الله ، فذلك قوله تعالى في المشركين :  وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ  ، يقول : لو اتبع الله أهواء المشركين لفسدت السماوات والأرض لفساد أهوائهم

  والوجه الثاني : الحق : القرآن ، فذلك قوله في سورة الزخرف :  حَتَّى جَاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ (29) وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ

 كَافِرُونَ  .

  والوجه الثالث : الحق : يعني الإسلام ، فذلك قوله تعالى في بني إسرائيل :  وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ  . فالحق : الإسلام ، والباطل : الشرك وعبادة الشيطان .

  والوجه الرابع : الحق ، يعني العدل ، فذلك قوله تعالى :  يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ  يعني : حسابهم العدل ، وقوله :  وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ  يعني : العدل المبين .

  والوجه الخامس : الحق ، يعني : التوحيد ، فذلك

 قوله تعالى :  بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ  يعني

 : جاء بالتوحيد .

  والوجه السادس : الحق : يعني الصدق ، وذلك كقوله تعالى :  وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا  يعني : صدقا في المرجع إليه سبحانه .

  والوجه السابع : حق : يعني وجب ، فذلك قوله تعالى في سورة السجدة :  وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي  يعني : وجبت كلمة العذاب مني .

  والوجه الثامن : الحق بعينه الذي ليس بباطل ، كقوله تعالى :  ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ  أي : وغيره من الآلهة

 باطل .

  والوجه التاسع : الحق يعني : المال والدين الثابت ، كقوله تعالى :  وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ  يعني : المال

  والوجه العاشر : أحق ، يعني : أولى ، كقوله تعالى :  وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ  يعني : أولى ، وكقوله تعالى :  فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ  .

  والوجه الحادي عشر : حق ، يعني حظا ، كقوله تعالى :  وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ  ، يعني : حظا مفروضا  .

 إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

  الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة الثالثة في موضوع (الحق) وهي بعنوان : :*معنى الحق في اللغة:

دائما يكون في المعنى اللغوي إشارات لمعنى الاسم في

 حق الله وفي حظ العبد من الاسم

1- الحق اسم فاعل، فعله : حقَّ يحقُّ حقًا. يقال حققت الشيء أحقه حقًا إذا تيقنت كونه ووجوده ومطابقته للحقيقة. ويغلق معنى الريبة والشك اللذان يناقضان الإيمان وقد ذكرهما الله في صفات أهل النفاق.

أي شيء لا ريبة عندك فيه شيء مسلم به، على

النقيض يكون الشيء باطل، أي توهمت وجوده بل وقعت في الجهل ابتداء فوقعت في الباطل. فنلاحظ أن القضية ستئول إلى اليقين والعلم.

2- والحق بمعنى المطابقة والموافقة والثبات وعدم الزوال

وعندما سنتكلم عن الحقوق مثل حق الالتزام .. حق الإيمان ..فمن حقه أن يثبت على المعنى الذي يتيقنه ويعلمه ولا ينبغي أن يتزعزع أو يزول هذا المعنى المتيقن من قلبه.

3- الحق بمعنى العدل خلاف الباطل والظلم

4- الحق هو الاعتقاد في الشيء المطابق لما عليه في

 الحقيقة. كأن تقول أعتقد أن البعث والثواب والعقاب والجنة والنار حق.

5- وتأتي كلمة الحق في القرآن بمعنى الإسلام والحكمة والعدل والصدق والوحي والقرآن والحقيقة والحساب والجزاء كما في قوله: {يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ} [النور: 25][ الأنترنت – موقع الكلم الطيب ]

   والحق أيضاً : ضد الباطِل، ومنه الحديث: ((مَن رآني فقدْ رأى الحق))، وقد وردتْ كلمة الحق في اللغة لعدَّة معان، منها الثبوت، والوجوب، والصِّدق، واليقين، والأمر المقضِي، والعدل، والصحيح ،

والمستقيم والواجب، والعمل الذي يحدُث حتمًا.

وعرَّف الجرجاني الحق بأنَّه: الثابت الذي لا يسوغ إنكارُه وفي الاصطلاح وكلام الفقهاء والأصوليِّين لا يخرُج عن المعنى اللُّغوي، وله عندَهم معنيان:

1- ما كان مِنَ الحُكم مطابقًا للواقع، فنقول: هذا الدِّين حق، وهذا كلام حق، وعكسُه باطِل.

2- ما كان بمعنى الواجِب الثابت، فنقول: هذا حقُّ الله، وهذا حقُّ العباد. [الأنتر نت – موقع الألوكة  - عبدالرحمن الطوخي ]

  و(الحق) كلمة حروفها قليلة جداً، ولكنها تزن السماء والأرض، وعليها قامت السموات والأرض قال تعالى: (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ… )(التغابن:3)، كل شئ في كونه قائم بالحق، وقد أنزلنا الأرض وقال لنا عيشوا بالحق، وأكملوا في هذا الكون الصغير المسمى بالأرض بالحق.

إنه حقاً اسمٌ عظيمٌ،…. قال تعالى: (فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ… )(يونس: 32)، قال تعالى: (فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ… )(المؤمنون:116)، قال تعالى:(… فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ…) (يونس:32)، قال تعالى: (..ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ… )(الحج:6)، قال تعالى: (وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِ ) (يونس:30) ، اسم الله الحق ذكر في القرآن سبع مرات، وكلمة الحق جاءت في القرآن مئتان وثماني وسبعون مرة، ولاتأتي كلمة الحق في القرآن إلا مع عظائم الأمور، مثل ماذكرت لك في قوله تعالى: (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ… )(التغابن:3)، أي أنه كون قائم على الحق.[الأنترنت – موقع اسماء الله الحسنى ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

  الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة الرابعة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي بعنوان : :*معنى الحق في اللغة:

وأصل كلمة الحق في اللغة: المطابقة والموافقة. والحق: الصواب والصحيح، وضده: الباطل. والحقيقة: ما يصير إليه حق الأمر. وحق الشيء: إذا وجب. يقال: حاق فلان فلاناً، إذا ادعى كل واحد منهما حقاً، فإذا غلبه على الحق، قيل: حقه وأحقه. واحتق الناس من الدَّين، إذا ادعى كل واحد الحق. ويقال: أحققت كذا، أي: أثبته حقاً، أو حكمت بكونه حقاً. ويقال: حاققته فحققته، أي: خاصمته في الحق فغلبته. وفلان يحمي حقيقته، أي: ما يحق عليه أن يحمى.

و(الحق) - كما قال الأصفهاني - يطلق لغة على أوجه:

الأول: يقال لموجِد الشيء بسبب ما تقتضيه الحكمة، ولهذا قيل في الله تعالى: هو الحق.

الثاني: يقال للموجَد بحسب مقتضى الحكمة، ولهذا

يقال: فعل الله تعالى كله الحق.

الثالث: في الاعتقاد للشيء المطابق لما عليه ذلك الشيء في نفسه، كقولنا: اعتقاد فلان في البعث والثواب والعقاب والجنة والنار حق.

الرابع: للفعل والقول بحسب ما يجب، وبقدر ما يجب، وفي الوقت الذي يجب، كقولنا: فعلك حق، وقولك حق. [ الأنترنت- موقع إسلام ويب ]

 وهو من الألفاظ المحورية في القرآن الكريم فهو لفظ ذو حضور بارز في العديد من الآيات القرآنية. ولا عجب في ذلك، فإن القرآن الكريم هو الحق القويم، ودعوة إلى الحق المبين.

وأصل (الحق) في اللغة: المطابقة والموافقة. والحق: الصواب والصحيح، وضده: الباطل. والحقيقة: ما يصير إليه حق الأمر. وحق الشيء: إذا وجب. يقال: حاق فلان فلاناً، إذا ادعى كل واحد منهما حقاً، فإذا غلبه على الحق، قيل: حقه وأحقه. واحتق الناس من الدَّين، إذا ادعى كل واحد الحق. ويقال: أحققت كذا، أي: أثبته حقاً، أو حكمت بكونه حقاً. ويقال: حاققته فحققته، أي: خاصمته في الحق فغلبته. وفلان يحمي حقيقته، أي: ما يحق عليه أن يحمى.

و(الحق) - كما قال الأصفهاني - يطلق لغة على أوجه:

الأول: يقال لموجِد الشيء بسبب ما تقتضيه الحكمة،

 ولهذا قيل في الله تعالى: هو الحق.

الثاني: يقال للموجَد بحسب مقتضى الحكمة، ولهذا يقال: فعل الله تعالى كله الحق.

الثالث: في الاعتقاد للشيء المطابق لما عليه ذلك الشيء في نفسه، كقولنا: اعتقاد فلان في البعث والثواب والعقاب والجنة والنار حق.

الرابع: للفعل والقول بحسب ما يجب، وبقدر ما يجب، وفي الوقت الذي يجب، كقولنا: فعلك حق، وقولك حق.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

  الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة الخامسة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي بعنوان :

*معنى الحق في اللغة:

ولفظ (الحق) ورد في القرآن الكريم في ثلاثة وثمانين ومائتي (283) موضع، جاء في أكثرها بصيغة الاسم، نحو قوله تعالى: {إنا أرسلناك بالحق} (البقرة:119). وجاء في اثنين وعشرين موضعاً بصيغة الفعل، من ذلك قوله تعالى: {وحق عليهم القول} (فصلت:25).

ولفظ (الحق) ورد في القرآن الكريم على معان عدة، نذكر منها:

جاء بمعنى الله سبحانه، من ذلك قوله تعالى: {ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض}

(المؤمنون:71). قال مجاهد وغيره: الحق هو الله عز وجل.

وجاء بمعنى القرآن الكريم، من ذلك قوله تعالى: {فقد كذبوا بالحق لما جاءهم} (الأنعام:5). قال البغوي وغيره: القرآن. ونحوه قوله سبحانه: {حتى جاءهم الحق} (الزخرف:29). يعني: القرآن، كما قال الشوكاني وغيره. 

وجاء بمعنى الإسلام، من ذلك قوله تعالى: {وقل جاء الحق} (الإسراء:81). قال القرطبي: يعني دين الله الإسلام. ونحوه قوله سبحانه: {ليحق الحق} (الأنفال:8).

 قال القرطبي: أي: يظهر دين الإسلام ويعزه.

وجاء بمعنى العدل، من ذلك قوله تعالى: {ويعلمون أن الله هو الحق المبين} (النور:25). قال ابن كثير: أي: وعده ووعيده وحسابه هو العدل، الذي لا جور فيه. ونحوه قوله سبحانه: {فاحكم بيننا بالحق} (ص:22). قال الطبري: فاقض بيننا بالعدل.    

وجاء بمعنى التوحيد، من ذلك قوله تعالى: {فعلموا أن الحق لله} (القصص:75). قال ابن كثير: أي: لا إله غيره. ونحوه قوله سبحانه: {له دعوة الحق} (الرعد:14). قال ابن عباس رضي الله عنهما: {دعوة الحق} لا إله إلا الله. وقال الطبري: عنى بالدعوة

 الحق، توحيد الله، وشهادة أن لا إله إلا الله. 

وجاء بمعنى الصدق، من ذلك قوله تعالى: {قوله الحق} (الأنعام:37). قال البغوي: أي: الصدق الواقع لا محالة، يريد أن ما وعده حق كائن. ونحوه قوله سبحانه: {ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق} (البقرة:176). قال الشوكاني: أي: بالصدق.

وجاء بمعنى وجوب العذاب على الكافرين، من ذلك قوله تعالى: {ولكن حق القول مني} (السجدة:13). أي: وجب العذاب مني لهم. ونحوه قوله سبحانه: {وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا} (غافر:6). أي:كذلك وجبت كلمة ربك على الذين كفروا بالله 

وجاء بمعنى الحق الذي يضاد الباطل، من ذلك قوله تعالى: {ذلك بأن الله هو الحق} (الحج:6). أي: إنه سبحانه هو الحق الذي لا شك فيه، وأن من سواه باطل. ونحوه قوله سبحانه: {ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق} (الأنعام:62).

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

  الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة السادسة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي بعنوان :

*معنى الحق في اللغة:   

وجاء بمعنى الدَّين الذي في الذمة: من ذلك قوله تعالى: {وليملل الذي عليه الحق} (البقرة:282). قال ابن كثير: وليملل المدين على الكاتب ما في ذمته من الدَّين. ونحوه قوله سبحانه: {فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا} (البقرة:282).  

وجاء بمعنى الأولوية والأحقية، من ذلك قوله تعالى: {ونحن أحق بالملك منه} (البقرة:247). أي: نحن أولى بالملك منه. ونحوه قوله سبحانه: {فالله أحق أن تخشوه} (التوبة:13). قال الطبري: فالله أولى بكم أن تخافوا عقوبته بترككم جهادهم، وتحذروا سخطه عليكم.

وجاء بمعنى الحظ والنصيب، من ذلك قوله تعالى:

 {وفي أموالهم حق للسائل والمحروم} (الذاريات:19). أي: نصيب مقسوم. ونحوه قوله سبحانه: {والذين في أموالهم حق معلوم} (المعارج:24). قال ابن كثير: أي: في أموالهم نصيب مقرر لذوي الحاجات.   

وجاء بمعنى الحاجة، من ذلك قوله تعالى: {قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق} (هود:79). أي: ليس لنا فيهن حاجة.

وجاء بمعنى البيان، من ذلك قوله تعالى: {قالوا الآن جئت بالحق} (البقرة:71). قال قتادة: الآن بيَّنت لنا. ونحوه قوله سبحانه: {وجاءك في هذه الحق} (هود:120). أي: جاءك في هذه السورة بيان لخبر الرسل من قبلك. 

وجاء بمعنى الإنجاز والتأكيد، من ذلك قوله تعالى: {وعدا عليه حقا} (التوبة:111). أي: ما قضى به سبحانه أمر لا بد منه، ولا محيد عنه. ونحوه قوله سبحانه: {وكان وعد ربي حقا} (الكهف:98). قال ابن كثير: أي: كائناً لا محالة.

هذه أهم المعاني التي جاء عليها لفظ (الحق) في القرآن الكريم. وبالوقوف على مدلولات هذا اللفظ يتبين لنا سعة دلالته، وسبب اعتناء القرآن به؛ تبياناً لمفاهيم الإيمان، وتثبيتاً لأحكام الإسلام.[الأنترنت- موقع إسلام ويب ]

   ويعرف الحَقّ لغة أيضا : بأنّه الشيء الثابت دون أدنى شكّ، ويُجمَع على حُقوق، وحِقاق، والحَقّ هو اسم من أسماء الله الحُسنى، ويُعرّف الحَقّ أيضاً بأنّه ما يناقِضُ الباطل، وهو الأمر الثابت الذي لا يمكن إنكارُه، وقد وردَ عن الجرجانيّ أنّ الحَقّ يُستخدَم للشيء الصواب، فيُقال: (قول حَقٍّ وصواب)، ولذا يمكن القول بأنّ الحَقّ في اللغة يدورُ حول العديد من المعاني كالوجوب، والصدق، والصواب، والموافقة للواقع، والثبوت                                    إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

  الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة السابعة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي بعنوان :

*معنى الحق في اللغة:   

ويأتي الحَقّ بمعنى اليقين، إذا جاء بصيغته المُضارعة بضَمِّ الحاء، أي حَقَّ، يَحُقُّ.[  الأنترنت – مضوع ]

     وأيضاً معنى الحق في اللغة: دائمًا يكون في المعنى اللغوي إشارات لمعنى الاسم في حق الله وفي حظ العبد من الاسم  :

1-الحق اسم فاعل، فعله: حقَّ يحقُّ حقًا. يقال: حققت الشيء أحقه حقًا، إذا تيقنت كونه ووجوده ومطابقته للحقيقة. ويغلق معنى الريبة والشك اللذان يناقضان الإيمان وقد ذكرهما الله في صفات أهل النفاق. أي شيء لا ريبة عندك فيه شيء مُسلَّم به، على النقيض يكون الشيء باطل، أي توهّمت وجوده بل وقعت في الجهل ابتداءً فوقعت في الباطل. فنلاحظ أن القضية ستؤول إلى اليقين والعلم.

2-والحق بمعنى المطابقة والموافقة والثبات وعدم الزوال. وعندما سنتكلّم عن الحقوق مثل حق الالتزام.. حق الإيمان.. فمن حقه أن يثبت على المعنى الذي يتيقنه ويعلمه ولا ينبغي أن يتزعزع أو يزول هذا المعنى المتيقن من قلبه

 3- الحق بمعنى العدل خلاف الباطل والظلم.

 4- الحق هو الاعتقاد في الشيء المطابق لما عليه في الحقيقة؛ كأن تقول أعتقد أن البعث والثواب والعقاب والجنة والنار حق.

 5- وتأتي كلمة الحق في القرآن بمعنى: الإسلام، والحكمة، والعدل، والصدق، والوحي، والقرآن، والحقيقة، والحساب، والجزاء كما في قوله: {يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ} [النور:25].[ الأنترنت – موقع طريق الإسلام -شرح وأسرار الأسماء الحسنى]

*الحق اصطلاحا : تعريف الحق :

[1]الحق اسمٌ من أسماء الله الحسنى، إذ جاء في

 قوله تعالى: (ثُمَّ رُدّوا إِلَى اللَّـهِ مَولاهُمُ الحَقِّ)، ومعناه الثابت بلا شكّ، وهو نقيض الباطل، وجمعه حقوقٌ وحِقاق.

أمّا في فقه القانون، فقد اختلف فقهاء القانون على وضع تعريفٍ واحدٍ للحق، وذلك لكثرة الحقوق وتنوّع خصائصها، فكان من الصعب عليهم الاجتماع على رأيٍ واحدٍ، حتى إنّ البعض منهم قد أنكر فكرة الحقّ بذاتها، باعتبار أنّ الحقّ هو ميزةٌ أو سلطةٌ للشخص يعترف بها القانون، بينما اتجه البعض الآخر إلى إثبات فكرة الحق،

وقد عُرّف الحقّ بعدّة تعريفات مختلفة، ومنها أنّ

الحقّ هو مصلحة تقدّر بقيمة مالية يحميها القانون، أو أنّه السلطة المخوّلة لأحد الأشخاص من القانون في نوعٍ معين من النطاقات.

النظريات الفلسفية في تعريف الحق حاول فقهاء القانون وضع تعريف للحق بحسب انتماءاتهم الفقهية، فقد اهتم بعضهم بالشخص صاحب الحق، ومنهم من اهتم بمحل الحق أو موضوعه، ومنهم من جمع بين المذهب الموضوعي والمذهب الشخصي، ومن ثم ظهرت اتجاهات حديثة في تعريف الحق، تهتم بعنصري الاستئثار والتسلط،                   إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

  الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة الثامنة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية وهي بعنوان : *الحق اصطلاحا:

ومن هذه النظريات التي عرّفت الحق: التعريف الشخصي (نظرية الإرادة): ينظر أنصار هذه النظرية إلى جوهر الحقّ بأنّه سلطة إراديّة مخوّلة لصاحب الحق، فقد تمّ تعريف الحق في هذه النظرية على أنّه سلطة إرادية أو قدرة يعترف بها القانون، وتثبت لشخص معين للقيام بعملٍ ما. وقد تمّ انتقاد هذه النظرية، لأنها ربطت بين الحقّ والإرادة بطريقة خاطئة، فليس هناك ما يمنع القانون من إقرار الحقّ لشخص دون إرادته، ولكنّ هناك أموراً تلزم فيها الإرادة باستعمال الحقّ، وأموراً أخرى لا تلزم فيها الإرادة، فعلى سبيل المثال، إذا أُصيب أحد الأشخاص بالجنون وكان يملك منزلاً، فسيبقى المنزل من حقّه دون أن تكون له إرادة، لأنّ الحقّ لا يزول بالجنون، لكن بالمقابل لا يستطيع بيع منزله في هذه الحالة وذلك لأنه ليست لديه إرادة قانونية تخوله التصرف بحقه.

 التعريف الموضوعي (نظرية المصلحة): يُعرّف أصحاب هذه النظرية الحقّ بأنّه مصلحةٌ يحميها القانون، فالعنصر الجوهريّ في هذه النظرية هو المصلحة دون النظر إلى الإرادة، ووفقاً لهذا الرأي

فإن الحقّ يتكون من عنصرين: العنصر الموضوعي، وهي المصلحة التي تعود على صاحبها بالنفع، أما الآخر فهو العنصر الشكليّ، والذي يتمثل بحماية القانون من خلال الدعوى القضائية، التي يدافع صاحب الحق من خلالها عن حقه.

فكلّ حقٍّ من الحقوق له قيمة ماديةٌ أو أدبية، وقد انْتُقدت هذه النظرية، وذلك لأنها عرّفت الحق بغايته، وتعريف الشيء بغايته أمرٌ غير منطقيّ، بالإضافة إلى أنها اعتبرت المصلحة معياراً لوجود الحق، ومعنى ذلك أن ليس كل صاحب مصلحة هو صاحب حق، ومن جانب آخر جعلت هذه النظرية الحماية من الأركان الجوهرية لقيام الحق، وهذا ما انتقده الفقهاء لأن الحماية من وجهة نظرهم لا يضيفها القانون إلا على الحقوق التي قامت بالفعل.

المذهب المختلط ( الحق قدرة ومصلحة): جمع أنصار هذه النظرية بين عنصري الإرادة

والمصلحة، ولهذا سُمّيت بالنظرية المختلطة، وعلى الرغم من اتفاقهم على الجمع بين هذين العنصرين، إلا أنّهم اختلفوا في تعريفهم للحق، فمنهم من قدّم الإرادة على المصلحة، فعرّف الحق بأنه قدريةٌ إراديةٌ مخوّلةٌ لأحد الأشخاص في سبيل تحقيق إحدى المصالح، أمّا من قدم المصلحة على الإرادة فقد عرف الحق بأنه مصلحة تحميها القدرة الإرادية وتسعى إلى تحقيقها. وقد تمّ انتقاد هذه النظرية أيضاً، وذلك لاعتمادها على نظريتين منتقدتين، بأن الحق لا يعدّ إرادةً ولا مصلحةً، ولا خليطاً من الاثنين، ولذلك فقد تمّ رفض هذه النظرية. النظرية الحديثة (نظرية دابان): درس دابان النظريات المختلفة في تعريف الحق، واستخلص تعريفاً جديداً له، وهو الاستئثار بميزة معينة، يمنحها القانون للإنسان، ويقوم بحمايتها، وقد قام هذا التعريف على ثلاثة أسس، وهي: الاستئثار بإحدى القيم، والتي قد تكون ماليةً أو غير مالية معترف له الاستئثار بها. حماية القانون شرط من شروط الاستئثار، فهو لا يكون حقاً إلا إذا حماه القانون

. استهداف القانون حماية مصلحة معينة، شرط أن تكون جديرة بالحماية. ومن الجدير بالذكر أنّ هذه النظرية لم تسلم من الانتقاد أيضاً، فقد عدَّ الحقّ من الميزات، وهي تحمل معنيين فقط، وهما القدرة والمصلحة، كما أنّه اعتبر الحماية عنصراً من العناصر، وهذا ما جعله يقع في ذات ما أُخِذَ على نظرية المصلحة التي جعلت الحماية ركناً من أركان الحق.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

  الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة التاسعة في موضوع (الحق) وهي بعنوان : أنواع الحقوق

قسم الفقهاء الحقوق إلى تقسيمات عدة، حيث لم تكن لجميع هذه التقسيمات أهمية متساوية، وكما أن معظم تلك التقسيمات كانت متداخلة ببعضها البعض،

ومن هذه الحقوق:

 الحقوق السياسية: هي الحقوق التي تُمنح للشخص المنتمي إلى أي جماعة سياسية، وتمكنه من المشاركة في إدارة الدولة والحكم فيها، ومن أهم هذه الحقوق، حق الانتخاب، وحق الترشح في المجالس النيابية، أو المجالس المحلية، وحقّ تولي الوظائف العامة في الدولة. الحقوق اللصيقة بالشخصية: وتسمّى الحقوق الشخصية، والتي تثبت للشخص كونه إنساناً، بغض النظر عن جنسيته، سواءً كان من مواطني الدولة أو كان أجنبيّاً، ونظراً لارتباط هذه الحقوق بعناصر الشخصية فقد سُمّيت الحقوق اللصيقة بالشخصية، فهذه الحقوق ضرورية للمحافظة على كيان الإنسان والمعنوي، وبدونها لا يكون الإنسان آمناً على حياته، ومن أمثلتها:

الحق في الحياة، والحق في سلامة الجسد. حقوق الأسرة: هي الحقوق التي تثبت للفرد باعتباره عضواً من أعضاء الأسرة، كالعلاقة بين الزوجين، أو علاقة الأب بأبنائه، حيث إنّ هذه الحقوق لا تمنح السلطة لأصحابها فقط، بل تتطلب منهم تقديم الواجبات في الوقت ذاته، كحق الزوج في الطاعة، وحق الزوجة في الإنفاق عليها، وحق الأب في تربية أولاده، وحق الأبناء في التعليم والنفقة عليهم.

الحقوق المالية: وتنقسم هذه الحقوق إلى حقوق عينيّة، وحقوق شخصيّة، فالحقّ العينيّ هو السلطة المباشرة للشخص على شيء معين دون وساطة من أحد، كمالك السيارة الذي يملك الحق باستعمالها، أو تأجيرها، أو التصرف بها على النحو الذي يريده، بينما الحقوق الشخصية فهي رابطة قانونية تقوم بين شخصين، يخوّل القانون أحدهما وهو الدائن أن يطالب المدين بالقيام بعملٍ، أو الامتناع عن عملٍ، أو إعطاء شيء معين. الحقوق الذهنية: أو حقوق الملكية الفكرية، وهي الحقوق التي يقرّها القانون على أشياء معنوية غير محسوسة كالنتائج الفكرية أو الذهنية للأشخاص. الفرق بين الحق والرخصة قد يخلط البعض بين تعريف الحق والرخصة، ويعدّهما مرادفين للمعنى نفسه، وفي الحقيقة يُرجّح أنّ الرخصة ما هي إلا إباحة استعمال الحريات العامة، مثل حرية العمل والتعاقد والتملك والتنقل، فحرية التملك مثلاً رخصة، أما الملكية ذاتها فتعدّ حقّاً، وهنا نجد فرقاً واضحاً بين الحق والرخصة، فمثلاً حرية الشخص في التملك والزواج مجرد رخصة لا يثبت له بذلك ملك أو معاشرة.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

  الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة العاشرة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : أنواع الحقوق

  ومن الجدير بالذكر أنّ هناك منزلة وسطى بين الحقّ والرخصة، وهي حقّ الشخص في الرغبة بالتملك، كأن يعجبه أحد المنازل ويقرر شراءه، فهو في هذه المرحلة يملك الحقّ في تملّك هذا المنزل بشكلٍ عام، وذلك قبل التحدث إلى صاحب المنزل، أما عندما يصدر منه القبول بشراء المنزل فيصبح المنزل من ملكيّته، وبين هاتين المرحلتين مرحلة وسطى قبل القبول وبعد الإيجاب، له أكثر من رخصة التملك، وأقلّ من حقّ الملك[ الأنترنت – موقع موضوع بواسطة: محمد ابو خليف ] [ الأنترنت – موقع طريق الإسلام -شرح وأسرار الأسماء الحسنى]

  [الأنترنت – موقع تعريف الحق بواسطة: محمد ابو خليفٍ]

ودلت كلمة الحق في اللغة على عدة معاني منها: الثبوت والوجوب والنصيب وغيرها أمّا عند فقهاء المسلمين القدامى فلم يهتموا بتعريف كلمة الحق، على الرغم من كثرة استخدامهم لها في كتاباتهم، وكل تعريفاتهم له كانت تدور حول معنى الحق من الناحية اللغوية فقط، وكأنّهم رأوه واضحا فاستغنوا عن تعريفه [الأنترنت – الموقع التعريف بالحق وبيان أنواعه]  

 ولقد تعددت الآراءحول تحديدالمعنى الاصطلاحي لمفهوم الحق ، فقد عرفه بعضهم بأنه :(سلطة إرادية للفرد ، أو هو مصلحة يحميها القانون أو هو انتماء (اختصاص ) إلى شخص يحميه القانون ) . وينظر باحث آخر إلى الحق بأنه : ( يعني السلطات التي يمكن لصاحبها أن يمارسها بالنسبة لهذه القيمة ومحل الحق فالقيمة هي التي تثبت لصاحب الحق) , فحينما يدرك الناس أن لهم قوة وحرية إرادة ويشعروا إن لهم سلطة كاملة على حقوقهم المختلفة لممارستها والإفصاح عنها بكل حرية من اجل تحقيق مصالحهم الخاصة , عندها يكون الإنسان قادرا فعلا على تحقيق مصالحه الشخصية وحمايتها من خلال مباشرته لتلك السلطة,أي أن الحق يعني كل ما يوجب لشخص على غيره بإقرار الشرع أو القانون سواء كان هذا الشخص (طبيعيا ) أم (معنويا) , وينبغي أن يتصرف بما يوجب له الحق بحرية لتحقيق المصلحة سواء كانت عامة أم خاصة .

    ويمكن القول إن ( الحق مصلحة تثبت لإنسان

 أو لشخص طبيعي أو اعتباري،أولجهة أخرى ، والمصلحة هي المنفعة، ولا يعد الحق حقا إلا إذا قرره الشرع والدين أو القانون والنظام والتشريع  والعرف).  أما تعريف الحق عند فقهاء القانون فكما عرفه باحث معاصر بأنه (ما يجوز فعله ولا يعاقب على تركه، فصاحب الحق له أن يستعمل حقه أو لا يستعمله ، فإذا استعمله فلا حرج عليه وان تركه فلا إثم عليه ) . وهناك من يعرف كلمة (الحقوق ) جمع ( حق ) بأنها : ( مجموعة الامتيازات التي يتمتع بها الأفراد والتي تضمنها بصورة أو بأخرى السلطات العامة أو تلك التي تستحق الضمان) .                 إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

  الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة الحادية عشرة في موضوع (الحق) وهي بعنوان : أنواع الحق عند القانونين

 ورد الحق عند أصحاب القانون الوضعي بأنه :     ( رابطة قانونية بمقتضاها يخول القانون شخصا من الأشخاص على سبيل الانفراد والاستئثار للتسلط على شيء , أو اقتضاء أداء معين من شخص آخر ، وقيل الحق هو قدرة أو سلطة إدارية يخولها القانون شخصا معينا  يرسم حدودها ، وقيل إن الحق مصلحة يحميها القانون ).

  وذهب بعض علماء المسلمين المعاصرين إلى

تعريف الحق وفق أسس واعتبارات عدة منها :

1- يعرف الحق بأنه مصلحة ثابتة لصاحبه .

2- تعريف الحق بأنه اختصاص وعلاوة اختصاصية بين صاحب الحق ومحله.

3- تعريف الحق في ضوء معناه اللغوي(الثبوت والوجوب) , وخلص بعضهم إلى تعريفه بأنه اختصاص ثابت في الشرع يقتضي سلطة أو تكليفا لله تعالى على عباده أو الشخص على غيره  .

   وعليه, فأن الحق في الإسلام يستعمل للدلالة على معان عدة منها لفظية ومنها اصطلاحية: فهو يستعمل أحيانا لبيان ما للشخص من التزام على آخر. ويطلق أحيانا على الحقوق الشخصية في العلاقات الأسرية, وقد يستعمل بمعنى الأمر الثابت المحقق حدوثه ، كقوله تعالى (وكان  حقا علينا نصر المؤمنين). وكثيرا ما يستخدم اصطلاح الحق بمعنى الواجب كأمر الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه بإعطاء الطريق حقه، وعدم تعرض الجالسين بالأذى للمارين. ولعل اجمع معنى للحقوق في الإسلام ما ورد في قول النبي الأكرم (ص) ( إن لربك عليك حقا ، ولنفسك عليك حقا ، ولأهلك عليك حقا ) .

وبعد ان عرفنا مفهوم الحق لابد من وضع تعريف

لمصطلح حقوق الإنسان فها هو الفقيه الهنغاري (إيزابو) يعرف حقوق الإنسان (بأنها تشكل مزيجاً من القانون الدستوري والقانون الدولي ومهمتها هي الدفاع بصورة مباشرة منظمة قانوناً عن حقوق الشخص الإنساني ضد انحرافات السلطة الواقعة ضمن أجهزة الدولة , وأن تنمو بصورة متوازنة معها الشروط الإنسانية للحياة والتنمية المتعددة الأبعاد للشخصية الإنسانية).

  اما الفرنسي رينيه كاسان فقد عرف حقوق الإنسان على أنها (فرع من فروع العلوم الاجتماعية تختص بدراسة العلاقات بين الناس استناداً إلى كرامة الإنسان بتحديد الحقوق والرخص الضرورية لازدهارشخصية الكائن الإنساني)كما يعرف المصطلح على انه(مجموعة الحقوق والمطالب الواجبة الوفاء لكل البشر على قدم المساواة دونما تمييز فيما بينهم ).

ويشار إلى حقوق الإنسان أيضاً بأنها( تلك الحقوق الطبيعية اللصيقة بالإنسان والتي تظل موجودة وإن لم يعترف بها أوحتى إذاانتهكت من قبل سلطة ما).

وهناك من يعرف حقوق الإنسان على انها (مجموعة من الحريات المقررة والمحمية بمقتضى المواثيق الدولية والإقليمية لكل كائن بشري في كل زمان ومكان , ومنذ لحظة الإقرار بوجوده بوصفه كائنا حيا وحتى بعد وفاته , والتي تلتزم الدول بإقرارها وضمانها وحمايتها على أراضيها , والمترتب على انتهاكها أو الإخلال بها المسؤولية الدولية للدولة الحاصل على أراضيها هذاالانتهاك بمقتضى المواثيق الدولية المعنية) [الإنترنت – موقع جامعة بابل - مفهوم حقوق الإنسان في الفكر الإسلامي -  الباحث  / جابر جواد كاظم الحمداني ]

    إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة الثانية عشرة في موضوع (الحق) وهي بعنوان : عندأهل الأصول الحق له أكثر من معنىً واحدٍ، وقد اختُلِف عليه، حيث ذَكَر أهل الأصول أنّ له أكثر من معنىً واحدٍ، حيث قد يعني الحُكْم الذي يُطابِق الواقع، وعادة ما يُطلَق على العقائد، والمذاهب، والأديان؛ وذلك لشموليّتها، وقد يكون بمعنى الشيء الواجب الثابت،وكلمة الحَقّ عند الفُقَهاء تُطلَق على العديد من الأمور، فمن الممكن مثلاً أن تُطلَق على مختلف الحقوق الشخصيّة المُرتبِطة بالعلاقات الأُسريّة، مثل: حَقّ الزوج على زوجته، وحَقّ الزوجة على زوجها، وحقوق الأولاد، وما إلى ذلك، كما يُطلَق على الأمور المُتعلِّقة بالالتزام تِجاه الأشخاص، مثل حَقّ الراعي على الرعيّة، وغيرها من الحقوق العامّة، وتُستخدَم لَفْظة الحَقّ أيضاً فيما يتعلَّق بالحقوق الماليّة، والحقوق المُجرَّدة المُختلفة، مثل: حَقّ الحضانة، وحَقّ الانتفاع، وغيرها، بالإضافة إلى استخدامه في ما يتعلَّق بالعقار، مثل: حَقّ الطريق، وحقوق الجِوار، والالتزام بالعقود المُختلفة، كما قد يتعلَّق الحَقّ بأمورٍ أخلاقيّة، أو إنسانيّة.

      الحَقّ في الفِقه الإسلاميّ المُعاصر صدرت عن الفُقَهاء المسلمين المعاصرين تعاريف عديدة ومُتنوِّعة للحَقّ تِبعاً لتنوُّع، وتعدُّد اتّجاهاتهم، فمنهم من عَرَّف الحَقّ بأنّه المصلحة، ومنهم من عَرّفه بأنّه الشيء الثابت، ومنهم من عَرّفه بالاختصاص، وكان من أشهر هذه التعاريف، تعريف الدكتور فتحي الدرينيّ، حيث قال في الحَقّ إنّه: (اختصاصٌ يُقِرّ به الشارع سُلطةً على شيءٍ، أو اقتِضاءُ أداءٍ من آخَر تحقيقاً لمصلحة مُعيَّنة)، ولشرح هذا التعريف يجب التطرُّق إلى معنى (الاختصاص)، حيث يُقصَد به الانفراد بشيء ما، أو الاستئثار به، إذ تنشأ بذلك علاقة بين المُختَصّ والمُختَصّ به، والمُختَصّ إمّا أن يكون شخصاً له حَقّ، أو أن يكون الله سبحانه وتعالى، وقد يكون شخصاً معنويّاً، كالدولة مثلاً، وعندما يُذكَر الاختصاص تخرج بذلك جميع الأمور التي

لا اختصاص فيها من دائرة التعريف، وهي الأمور المُتاحة والمسموحة للجميع، كالصيد مثلاً.

    أمّا ما (يُقِرّ به الشارع)، فيقصَد به خروج أيّ اختصاص واقعيّ وغير شرعيّ، مثل: السارق، أو الغاصب، فاختصاص الغاصِب بالمغصوب يُعتبَر أمراً واقعيّاً، لكنّه غير شرعيّ؛ حيث إنّ الشارع لا يُقِرُّ سُلطة الغاصِب على المغصوب، بل يجب أن يَردَّ الغاصِب ما اغتصبَه منه، أمّا في قوله (سُلطة على شيء، أو اقتضاء أداء من آخر)، فهو يعني أنّ السُّلطة مُلازِمة بشكل دائم للاختصاص الذي أقرَّه الشَّرع، فقد تكون مُختَصّة بأمر مُحدَّد، مثل الحَقّ العينيّ، ومنه حَقّ المُلكيّة، أو أن تكون لشخص ما، وتكون مُنصَبَّة على اقتضاء الأداء من شخص آخر، كالعلاقة بين الدائن والمدين، فهي علاقة التزاميّة، والأداء المقصود في التعريف، إمّا أن يكون إيجابيّاً، كأن يؤدّيَ المرء عملاً مُعيَّناً، أو أن يكون سلبيّاً، كالتوقُّف عن أداء المَرء للعمل المطلوب منه.

    وجُملة (تحقيقاً لمصلحة معينة) تعني أنّ الحَقّ مُقيّدٌ بما يُقرُّه الشَّرع، أي أنّ الحَقّ يكون للاختصاص المشروع؛ ويكون ذلك لتحقيق مصلحة مُحدَّدةٍ يُطلَب تحقيقُها شَرعاً، وتنتهي صِفة المشروعيّة عن الاختصاص الشرعيّ في حال استخدَمَ المَرء حَقّه لتحقيق غاية غير مشروعة، مثل محاولة تحليل الربا من خلال بَيع السِّلعة بثمن آجل، ثمّ شرائها بأقلّ من ذلك الثمن في الحال، ويُلاحَظ أنّ هذا التعريف شامل لمختلف الحقوق الدينيّة، مثل حَقّ الله تعالى على عباده، كالصلاة، والصيام، وغيرها من العبادات المختلفة، بالإضافة إلى الحقوق الأخرى الأدبيّة، والأسريّة، وحقوق الدولة على الرعايا، والحقوق الماليّة، وغير الماليّة أيضاً.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة الثالثة عشرة في موضوع (الحق) وهي بعنوان : الحق اسمٌ من أسماء الله الحسنى

، إذ جاء في قوله تعالى: (ثُمَّ رُدّوا إِلَى اللَّـهِ مَولاهُمُ الحَقِّ)، ومعناه الثابت بلا شكّ، وهو نقيض الباطل، وجمعه حقوقٌ وحِقاق.

 أمّا في فقه القانون، فقد اختلف فقهاء القانون على وضع تعريفٍ واحدٍ للحق، وذلك لكثرة الحقوق وتنوّع خصائصها، فكان من الصعب عليهم الاجتماع على رأيٍ واحدٍ، حتى إنّ البعض منهم قد أنكر فكرة الحقّ بذاتها، باعتبار أنّ الحقّ هو ميزةٌ أو سلطةٌ للشخص يعترف بها القانون، بينما اتجه البعض الآخر إلى إثبات فكرة الحق، وقد عُرّف الحقّ بعدّة تعريفات مختلفة، ومنها أنّ الحقّ هو مصلحة تقدّر بقيمة مالية يحميها القانون، أو أنّه السلطة المخوّلة لأحد الأشخاص من القانون في نوعٍ معين من النطاقات.

     النظريات الفلسفية في تعريف الحق حاول فقهاء القانون وضع تعريف للحق بحسب انتماءاتهم الفقهية، فقد اهتم بعضهم بالشخص صاحب الحق، ومنهم من اهتم بمحل الحق أو موضوعه، ومنهم من جمع بين المذهب الموضوعي والمذهب الشخصي، ومن ثم ظهرت اتجاهات حديثة في تعريف الحق، تهتم بعنصري الاستئثار والتسلط، ومن هذه النظريات التي عرّفت الحق:

التعريف الشخصي (نظرية الإرادة): ينظر أنصار

هذه النظرية إلى جوهر الحقّ بأنّه سلطة إراديّة مخوّلة لصاحب الحق، فقد تمّ تعريف الحق في هذه النظرية على أنّه سلطة إرادية أو قدرة يعترف بها القانون، وتثبت لشخص معين للقيام بعملٍ ما. وقد تمّ انتقاد هذه النظرية، لأنها ربطت بين الحقّ والإرادة بطريقة خاطئة، فليس هناك ما يمنع القانون من إقرار الحقّ لشخص دون إرادته، ولكنّ هناك أموراً تلزم فيها الإرادة باستعمال الحقّ، وأموراً أخرى لا تلزم فيها الإرادة، فعلى سبيل المثال، إذا أُصيب أحد الأشخاص بالجنون وكان يملك منزلاً، فسيبقى المنزل من حقّه دون أن تكون له إرادة، لأنّ الحقّ لا يزول بالجنون، لكن بالمقابل لا يستطيع بيع منزله في هذه الحالة وذلك لأنه ليست لديه إرادة قانونية تخوله التصرف بحقه. التعريف الموضوعي (نظرية المصلحة): يُعرّف أصحاب هذه النظرية الحقّ بأنّه مصلحةٌ يحميها القانون، فالعنصر الجوهريّ في هذه النظرية هو المصلحة دون النظر إلى الإرادة، ووفقاً لهذا الرأي فإن الحقّ يتكون من عنصرين: العنصر الموضوعي، وهي المصلحة التي تعود على صاحبها بالنفع، أما الآخر فهو العنصر الشكليّ، والذي يتمثل بحماية القانون من خلال الدعوى القضائية، التي يدافع صاحب الحق من خلالها عن حقه. فكلّ حقٍّ من الحقوق له قيمة ماديةٌ أو أدبية، وقد انْتُقدت هذه النظرية، وذلك لأنها عرّفت الحق بغايته، وتعريف الشيء بغايته أمرٌ غير منطقيّ، بالإضافة إلى أنها اعتبرت المصلحة معياراً لوجود الحق، ومعنى ذلك أن ليس كل صاحب مصلحة هو صاحب حق، ومن جانب آخر جعلت هذه النظرية الحماية من الأركان الجوهرية لقيام الحق، وهذا ما انتقده الفقهاء لأن الحماية من وجهة نظرهم لا يضيفها القانون إلا على الحقوق التي قامت بالفعل.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة الرابعة عشرة في موضوع (الحق) وهي بعنوان : المذهب المختلط ( الحق قدرة ومصلحة)

: جمع أنصار هذه النظرية بين عنصري الإرادة والمصلحة، ولهذا سُمّيت بالنظرية المختلطة، وعلى الرغم من اتفاقهم على الجمع بين هذين العنصرين، إلا أنّهم اختلفوا في تعريفهم للحق، فمنهم من قدّم الإرادة على المصلحة، فعرّف الحق بأنه قدريةٌ إراديةٌ مخوّلةٌ لأحد الأشخاص في سبيل تحقيق إحدى المصالح، أمّا من قدم المصلحة على الإرادة فقد عرف الحق بأنه مصلحة تحميها القدرة الإرادية وتسعى إلى تحقيقها. وقد تمّ انتقاد هذه النظرية أيضاً، وذلك لاعتمادها على نظريتين منتقدتين، بأن الحق لا يعدّ إرادةً ولا مصلحةً، ولا خليطاً من الاثنين، ولذلك فقد تمّ رفض هذه النظرية. النظرية الحديثة (نظرية دابان): درس دابان النظريات المختلفة في تعريف الحق، واستخلص تعريفاً جديداً له، وهو الاستئثار بميزة معينة، يمنحها القانون للإنسان، ويقوم بحمايتها، وقد قام هذا التعريف على ثلاثة أسس، وهي: الاستئثار بإحدى القيم، والتي قد تكون ماليةً أو غير مالية معترف له الاستئثار بها. حماية القانون شرط من شروط الاستئثار، فهو لا يكون حقاً إلا إذا حماه القانون. استهداف القانون حماية مصلحة معينة، شرط أن تكون جديرة بالحماية. ومن الجدير بالذكر أنّ هذه النظرية لم تسلم من الانتقاد أيضاً، فقد عدَّ الحقّ من الميزات، وهي تحمل معنيين فقط، وهما القدرة والمصلحة، كما أنّه اعتبر الحماية عنصراً من العناصر، وهذا ما جعله يقع في ذات ما أُخِذَ على نظرية المصلحة التي جعلت الحماية ركناً من أركان الحق. أنواع الحقوق قسم الفقهاء الحقوق إلى تقسيمات عدة، حيث لم تكن لجميع هذه التقسيمات أهمية متساوية، وكما أن معظم تلك التقسيمات كانت متداخلة ببعضها البعض، ومن هذه الحقوق: الحقوق السياسية:

    هي الحقوق التي تُمنح للشخص المنتمي إلى أي جماعة سياسية، وتمكنه من المشاركة في إدارة الدولة والحكم فيها، ومن أهم هذه الحقوق، حق الانتخاب، وحق الترشح في المجالس النيابية، أو المجالس المحلية، وحقّ تولي الوظائف العامة في الدولة. الحقوق اللصيقة بالشخصية: وتسمّى الحقوق الشخصية، والتي تثبت للشخص كونه إنساناً، بغض النظر عن جنسيته، سواءً كان من مواطني الدولة أو كان أجنبيّاً، ونظراً لارتباط هذه الحقوق بعناصر الشخصية فقد سُمّيت الحقوق اللصيقة بالشخصية، فهذه الحقوق ضرورية للمحافظة على كيان الإنسان والمعنوي، وبدونها لا يكون الإنسان آمناً على حياته، ومن أمثلتها: الحق في الحياة، والحق في سلامة الجسد. حقوق الأسرة: هي الحقوق التي تثبت للفرد باعتباره عضواً من أعضاء الأسرة، كالعلاقة بين الزوجين، أو علاقة الأب بأبنائه، حيث إنّ هذه الحقوق لا تمنح السلطة لأصحابها فقط، بل تتطلب منهم تقديم الواجبات في الوقت ذاته، كحق الزوج في الطاعة، وحق الزوجة في الإنفاق عليها، وحق الأب في تربية أولاده، وحق الأبناء في التعليم والنفقة عليهم.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة الخامسة عشرة في موضوع (الحق) وهي بعنوان :  الحق في الاصطلاح الشرعي

  له عدة إطلاقات، ولكن الذي يناسب موضوعنا هو أن الحق:اختصاص يقرّبه الشرع سلطة أو تكليفاً.

*ومن التعريفات لحق اليقين :

حق اليقين عبارة عن فناء العبد في الحق، والبقاء به علما وشهودا، وحالا لا علما فقط؛ فعلم كل عاقل الموت علم اليقين، فإذا عاين الملائكة فهو عين اليقين، فإذا أذاق الموت فهو حق اليقين , وقيل: علم اليقين ظاهر  الشريعة ، وعين  اليـقـين  الإخلاص  فيها ،  وحــــق

 اليقين المشاهدة فيهاذكر حق اليقين مرة واحدة بالقرآن الكريم في سورة الواقعة ﴿ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ ﴾ والمعنى إنّ هذا الخبر لهو حق اليقين الذي لا مرية فيه ولا محيد لأحد عنه واختلف أهل العربية في وجه إضافة الحقّ إلى اليقين، والحق ليقين، فقال بعض نحويي البصرة، قال: حقّ اليقين، فأضاف الحق إلى اليقين، كما قال وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ أي ذلك دين الملَّة القيمة، وذلك حقّ الأمر اليقين. قال: وأما هذا رجل السَّوء، فلا يكون فيه هذا الرجل السَّوء، كما يكون في الحق اليقين، لأن السوء ليس بالرجل، واليقين هو الحقّ.

وقال بعض أهل الكوفة: اليقين نعت للحقّ، كأنه قال:

 الحقّ اليقين، والدين القيم، فقد جاء مثله في كثير من الكلام والقرآن وَلَدَارُ الآخِرَةِ وَالدَّارُ الآخِرَةُ قال: فإذا أضيف توهم به غير الأوّل

[  "القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة الواقعة - "القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الواقعة - الآية 95"."تفسير الشعراوي ؛ الشريف الجرجاني. كتاب التعريفات ؛ الأنترنت – موقع الموسوعة الحرة]

*معنى الحقوق المعنوية هي:

   سلطة لشخص على شيء غير مادي، سواء أكان نتاجاً ذهنياً: كحق المؤلف في المصنفات العلمية والأدبية، أم بداءة اختراع في المخترعات الصناعية أم ثمرة لنشاط تجاري يقوم به التاجر لجلب العملاء: كما في الاسم التجاري والعلامة التجارية.

  مسميات هذا الموضوع:

أطلق على الحقوق المعنوية عدة مسميات تدل على مدلول واحد، ومن تلك المسميات:

1- الملكية الأدبية والفنية والصناعية، وهذه التسمية باعتبار  أن  حق الشخص على نتاجه الذهني  حق  ملكية

2- الحقوق الذهنية: وهذه التسمية باعتبار أن جميع صور الحقوق المعنوية من نتاج الذهن.

3- الحقوق التي ترد على أموال غير مادية، وهذه التسمية باعتبار تمييز الحقوق المعنوية عن الحقوق العينية والحقوق الشخصية.

4- الحقوق المتعلقة بالعملاء: وهذه التسمية باعتبار

تجاري، وهو نتاج الذهن الذي يجذب العملاء.

5- حقوق الابتكار، وهذه التسمية باعتبار شمول هذه التسمية لكل أنواع الابتكار الأدبية والتجارية والصناعية ونحو ذلك، ويمكن القول بأن أعم هذه المسميات وأشملها لأفراده هو (الحقوق المعنوية) وليس حقوق الابتكار، حيث إن الحقوق المعنوية تشمل ما كان مبتكراً، أو ما كان مسبوقاً إليه لكن اختص الشخص به. [الأنترنت – موقع المسلم – ناصر العمر]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة السادسة عشرة في موضوع (الحق) وهي بعنوان :

*الله مثل لنا الحقَّ في القرآن الكريم بأمثلةً كثيرة

 إن لفظ الحق جاء بالتعريف في القرآن الكريم (الحق) 103 مرات، أما بالنكرة فقد جاء فيه (حق) ويشمل فيه فعل الماضي في مواضع كثيرة 34 مرات. فقد يكون فيه حق بمعني حق الأموال أو حق البنات كقوله تعالى {قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ} [هود: 79] وكقوله تعالى: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ} [المعارج: 24]. أما فعل الماضي مع تاء التأنيث فقد جاء فيه خمس مرات  (حقت).

أما فعل الماضي مع تاء التأنيث بالمبني للمجهول  (وحُقَتْ) فقد جاء فيه مرتين في سورة الانشقاق. أما  صيغة فعل المضارع (يحق) فقد جاء ثلاث مرات  أما مصدر كلمة الحق (حقا) فقد جاء فيه 16 مرات. أما لفظ حقيق وهي تشتمل معنى الحق فقد جاءت في القرآن الكريم مرة واحدة في سورة الأعراف , ومجموع ذلك كله 164 مع الإضافة بلفظ حقيق. والله أعلم.  هذا ما وقفت عليه إلى الآن ولا أدَّعي أنَّي حصرتها وقد يفوتني منها ما لم أذكره الآن ولكنني أرجوا أن أتناول ما شد انتباهي في كلمة الحق وتعليقات مختصرة في مواضعها في مقالات أخرى إن شاء الله تعالى.

 *كلمات تأتي بمعنى الحق :

الأول: تأتي كلمةُ الحقِّ في القرآن الكريم مثلاً باسم الصِّدق- كما مر بالتعريف -  كقوله تعالى:  {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [الزمر: 33].

الثاني: تأتي كلمة الحق في كتاب الله باسم الطيب؛ كما قال تعالى: {قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ} [المائدة: 100]، وقال تعالى: {لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى

بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}[الأنفال: 37

قال أبو جعفر - رحمه الله -: "يقول - تعالى ذكرُه -: يَحشُر الله هؤلاء الذين كَفَروا بربهم، ويُنفِقون أموالَهم للصدِّ عن سبيل الله - إلى جهنَّم؛ ليُفرِّق بينهم - وهم أهل الخَبَث كما قال، وسَمَّاهم (الخبيث) - وبين المؤمنين بالله وبرسوله، وهم (الطيِّبون)، كما سَمَّاهم - جلَّ ثناؤه - فمَيَّز - جلَّ ثناؤه - بينهم بأنْ أَسَكن أهل الإيمان به وبرسوله جنَّاته، وأَنزَل أهلَ الكفر نارَه". [أنظر تفسير الطبري جامع البيان ت شاكر(13/  534) ].

وأيضًا قد جاء مِثلُ هذا الأسلوب بأنَّ أهل الحقِّ هم الطيِّبون، وأنَّ أهل الباطل هم الخُبثاء، كذلك في قوله تعالى:  {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ

عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [آل عمران: 179].

الثالث: تأتي كلمة الحق كما في كتاب الله باسم الهُدى؛ كما قال تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ} [القصص: 50].

الرابع: تأتي كلمة الحق بمعنى الإسلام كما فُسِّر الصراط المستقيم: أنَّه الحق، وأنَّه الإسلام، وأنَّه الكتاب،وكل هذه المعاني تَتَّفِق ولا تتنَافى؛كما أفاده شيخ الإسلام ابن تيميَّة رحمه الله في بعض بحوثه. الخامس: تأتي كلمة الحق بمعنى الوحي كما سُمِّي كذلك في بداية مجيئه من الله جلَّ جلاله؟  حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ،عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ: أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ، فَكَانَ لاَ يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الخَلاَءُ، وَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ - وَهُوَ التَّعَبُّدُ - اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ العَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِعَ إِلَى أَهْلِهِ، وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ،ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا،حَتَّى جَاءَهُ الحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ،"   (رواه البخاري ).  فقولها رضي الله عنها حتى جاء الحق هنا بمعنى حتى جاءه الوحي كما ترى.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة السابعة عشرة في موضوع (الحق) وهي بعنوان :*كلمات تقابل الحق في القرآن الكريم :

 الأول:- أمَّا بالنسبة للمُقابَلة : فتجد أنَّ الله سبحانه  يُقابِله بلفظة (الباطل) كما هوالمشهور؛ كما قال تعالى:  {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء: 81]، وقال -تعالى-:  {قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ} [سبأ: 49]، وقال تعالى: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} [الأنبياء: 18]. هذه الآيات تدلُّ على أنَّ قوة الحقِّ وغَلبتَه على أهل الباطل عظيمة مهما طَغَوا وتَجبَّروا، ما دام أهلُ الحقِّ معهم القوي المتين، وهو الله - جلَّ جلاله - الذي إرادته تَنفُذ،وإرادة مادونه من العبيد تَزول، وتَضمحل أمام إرادته؛قال تعالى:{أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِفَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا * ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ} [محمد: 10 - 11].

   قال الإمام الطبري رحمه الله:  القول في تأويل قوله تعالى:   {قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ} [سبأ: 49 ]. يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: (قُلْ) يا محمد لمشركي قومك {إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ} وهو الوحي، يقول: ينزله من السماء، فيقذفه إلى نبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم (عَلَّامُ الْغُيُوبِ) يقول: علَّام ما يغيب عن الأبصار، ولا مَظْهَر لها، وما لم يكن مما هو كائن، وذلك من صفة الرب، غير أنه رفع لمجيئه بعد الخبر، وكذلك تفعل العرب إذا وقع النعت بعد الخبر، في أن أتبعوا النعت إعراب ما في الخبر، فقالوا: إن أباك يقوم الكريم، فرفع الكريم على ما وصفت، والنصب فيه جائز؛ لأنه نعت للأب، فيتبع إعرابه(قُلْ جَاءَ الْحَقُّ) يقول: قل لهم يا محمد: جاء القرآن ووحي الله( وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ) يقول: وما ينشىء الباطل خلقًا، والباطل هو فيما فسره أهل التأويل: إبليس(وَمَا يُعِيدُ) يقول: ولا يعيده حيًّا بعد فنائه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله {إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ}: أي بالوحي {عَلام الْغُيُوبِ * قُلْ جَاءَ الْحَقُّ}  أي: القرآن {وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ} والباطل: إبليس، أي: ما يخلق إبليس أحدًا ولا يبعثه. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلامُ الْغُيُوبِ} فقرأ {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ...} إلى قوله {وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} قال: يزهق الله الباطل، ويثبت الله الحق الذي دمغ به الباطل، يدمغ بالحق على الباطل، فيهلك الباطل ويثبت الحق، فذلك قوله {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلامُ الْغُيُوبِ}. أنظر تفسير الطبري جامع البيان ت شاكر (20-21/ 419)      

 إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة الثامنة عشرة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

*كلمات تقابل الحق في القرآن الكريم :           الثاني: تأتي كلمة الحق لتقابل الضلال في القرآن

 الكريم: وقد يقابل الله الحق بالضلال كما قال تعالى سبحانه بعدما بيَّن أنه هو الحق {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ * قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ...} [سبأ:23- 24]. وقال تعالى: {فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} [يونس:  32]. وقال تعالى:  {قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ} [ سبأ: 50 ]. قال أبو جعفر الطبري رحمه الله: القول في تأويل قوله تعالى:   {قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ} [سبأ: 50 ]. يقول تعالى ذكره: قل يا محمد لقومك: إن ضللت عن الهدى فسلكت غير طريق الحق، إنما ضلالي عن الصواب على نفسي، يقول: فإن ضلالي عن الهدى على نفسي ضره، {وَإِنِ اهْتَدَيْتُ} يقول: وإن استقمت على الحق {فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي} يقول: فبوحي الله الذي يوحِي إلي، وتوفيقه للاستقامة على محجة الحق وطريق الهدى. وقوله:  {إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ} يقول: إن ربي سميع لما أقول لكم حافظ له، وهو المجازي لي على صدقي في ذلك، وذلك مني غير بعيد، فيتعذر عليه سماع ما أقول لكم، وما تقولون، وما يقوله غيرنا، ولكنه قريب من كل متكلم يسمع كل ما ينطق به،أقرب إليه من حبل الوريد..انتهى. [ٌ نظر تفسير الطبري جامع البيان ت شاكر (21-22/ 419) ] 

الثالث: ويُقابِل الله تعالى الحق بالهوى في القرآن الكريم؛ كما قال تعالى: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ} [المؤمنون: 71]، الآية. وقال تعالى:  {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ} [الجاثية: 23]، الآية.

الرابع: ويُقابِل الله تعالى الحق بالظن؛ كما قال تعالى:  {وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [النجم: 28]. وقال تعالى:  {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ}[ص: 27 ]. وظنهم هذا الفاسد بأن الله خلق السموات والأرض باطلا يلزم منه أن يجعل الله الذين آمنوا كالمفسدين في الأرض - حاشا لله - ويجعل المتقين كالفجار وذلك يخالف عدل الله الذي قامت به السموات والأرضين وأرسل بسببه الرسل وأنزل به الكتب والميزان. ولذلك جاء بعد هاتين الآيتين بآية بيَّن الله سبحانه فيها الحق المبين الذي لا مرية فيه وجعلها عليهم حجة وردا على  ظنهم ذاك الباطل المشين فقال سبحانه  {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ } [ص:28]. وقد قال تعالى:  {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران: 191].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة التاسعة عشرة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

*كلمات تقابل الحق في القرآن الكريم : 

الخامس: ويقابل الله الحق باللعب في القرآن الكريم كما قال تعالى {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ * مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [الدخان: 38-39] وقال تعالى {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} [المؤمنون: 115].  ويفهم من هذه الآيات أن عظيم شأن الله عزَّ وجلَّ ونزاهته وحكمته وعدله التام تنافي عن أن يخلق شيئا للعبث ولذلك قال تعالى بعد هذه الآية {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} [المؤمنون: 116 ]. ثم بيَّن الله سبحانه أنه لابد للعبد المؤمن أن يعبد ويدعوا إلهاً يستعين به في الملمَّات لا محالة ولكن لجهل الكفار وخسارتهم في الدنيا والآخرة يدعون إلهاً لا برهان لهم عند ربهم فجعل الله حسابهم عند الله يوم القيامه فسيحاسبهم وسيجازيهم بعدله كما قال تعالى بعد هذه الآية {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} [المؤمنون: 117].

وقال تعالى في سورة الأنبياء: {لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ * بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} [ الأنبياء: 17-18 ].

 السادس: ويُقابِل الله الحق بالسراب والخيال؛ كما

 قال تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ}  [النور: 39]، الآية.

 السابع: ويُقابِل الله تعالى الحق بالسِّحر؛ كما قال تعالى حكاية عن أهل النار: {أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ}  [الطور: 15]. وأيضًا قال الله تعالى في آية أخرى حكاية عن أهل النار: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ} [الأنعام: 30]. فالله - سبحانه - هو الحقُّ والقرآن الذي جاء به النبي -صلى الله عليه وسلم- حقٌّ، والنبي -صلى الله عليه وسلم- حقٌّ، والموت أيضًا حق؛ لأنَّه شيء واقِع لا محالة لكلِّ إنسان كما أسلَفنا. وفي الدعاء المأثور الذي ثَبَت في صحيح البخاري: حدَّثنا قبيصة، حدَّثنا سفيان عن ابن جريج عن سليمان عن طاوس عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يَدعو من الليل: «اللهمَّ لك الحمد؛ أنتَ ربُّ السموات والأرض، لك الحمد؛ أنت قَيِّم السموات والأرض ومَن فيهنَّ، لك الحمد؛ أنت نورُ السموات والأرض، قولُكَ الحق، ووعْدُك الحق، ولقاؤك حقٌّ، والجنَّة حقٌّ، والنار حق، والساعة حق، اللهمَّ لك أسلمتُ، وبك آمنتُ، وعليك توكَّلتُ، وإليك أنَبْتُ، وبك خاصَمتُ، وإليك حاكَمتُ، فاغفِر لي ما قدَّمتُ وما أخَّرتُ، وأسْررتُ وأعلنتُ، أنتَ إلهي لا إله لي غيرك»، حدَّثنا ثابت بن محمد: حدَّثنا سفيان بهذا، وقال: أنت الحق، وقولُك الحقُّ. بل كل الدِّين الذي جاء به محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله هو الحق والدليل على ذلك قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ} [محمد: 2].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة العشرون في موضوع(الحق)وهي بعنوان :

  *أمثلة ضربها الله سبحانه للحق في القرآن الكريم:

  مثَّل الله لنا الحقَّ في القرآن الكريم بأمثلةً كثيرة؛ لنَفْهم مفهومه الصحيح، ولنتمسَّك به بالنواجذ، ونَذَر ونَبتعِد عن الباطل.

المثال الأول: جاء الله في كتابه الكريم بأمثلة كثيرة من خلْق الله تعالى في سورة الأنعام، فخَتَم:  {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ} [الأنعام: 102]؛ أي: هذا هو الخالِق المُبدِع - كما بيَّن لكم ربُّكم وخالقكم - الذي لا يستحقُّ معبودٌ غيره العبادةَ، فاعبدوه واجعَلوه - سبحانه - وكيلكم على كلِّ شيء، وذَرُوا أيَّ شيء آخرَ لا يَخلق، بل يُخلَق. فتحقيق توحيد الربوبية حق التحقيق يَستلزِم توحيد العبودية ، وذلك لمن يُوفِّقه الله الحقُّ المبين. وهكذا جاء مثل الآية السابقة في سورة غافر، لما جاء الله بأمثلة كثيرة مُتنوِّعة من خلْقه - سبحانه - قال:  {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} [غافر: 62].

  المثال الثاني: وهكذا تجد أنَّ الله - سبحانه - جاء بأمثلةٍ كثيرة في القرآن الكريم  ككيفيَّة خلْق الإنسان في سورة الحج من أوَّل قوله تعالى:  {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَة} [الحج: 5]، الآية، فخَتَم الله - سبحانه -:  {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِير} [الحج: 62].  وقد تَطوَّرت العلوم التجريبيَّة في هذا العصر الحديث حتى وقَفتْ على ما قاله الله - سبحانه - في هذه الآية التي في سورة المؤمنون قبل ألف وأربعمائة عام، والتي هي عين الحق،وكما قاله ـ سبحانه - ولكنَّه عنادٌ وحسَدٌ لِمَن طمَس الله بصيرتهم من أن تتوقَّد قلوبهم بنور الحق، ويَنقادُوا ويُذعِنوا له.

المثال الثالث: فقد مثَّل الله - سبحانه - أهل الباطل في سورة البقرة - خُصوصًا أهل النِّفاق - مرَّة بمِثال مائي، ومرَّة بمثال ناري؛ قال تعالى:  {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ} [البقرة: 17]، الآيات.

أما أهلُ الحقِّ، فنورُهم عظيم ثابتٌ، فهم مُطمئنُّون به مُستمتِعون به، وليس نورهم كالبرق الذي يلوحُ في الأفق تارة، ويغيب تارة أخرى، كما هو حال المنافقين الذين ليس لهم مبدأ يَثبُتون عليه، وليس لهم سكينة ولا طمأنينة ولا قَرارٌ، والله أعَلْم.

وقد قال تعالى:{أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَالَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ  مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 122]. وقال تعالى:  {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور: 40]. وهكذا يكون حال نور المؤمنين والمنافقين في يوم القيامة،فبينهم فرْقٌ شاسِع كما سترى في هذه الآية،قال تعالى:{يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ  يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ} [الحديد: 12 - 13].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة الواحدة والعشرون في موضوع(الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

  *أمثلة ضربها الله سبحانه للحق في القرآن الكريم:

  المثال الرابع: مثال للدنيا في سورة الكهف من أوَّل

 قوله: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ} [الكهف: 32] الآية، إلى قوله تعالى:  {هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا} [الكهف: 44]. والآية دليل على أنَّ مَن جعَل وَلايته لغيرالله مهما كانت،فحَبْله مقطوع كما هو مَخذول وله خَيْبة الأمل، وإنَّما وَلاية الحق لله، وهي خير ثوابًا وخير أملاً، كما هي حالة الرجل الذي تَبرَّأ من الحول والقوة، وأسندَ كلَّ شيء لله - سبحانه وتعالى - وتوكَّل على ربِّه وحدَه، وقال: {مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ} [الكهف: 39]، فحَبْله مَتين وماسِك بالعروة الوثْقى التي لا انفصام لها، وله خير الأمل والثواب في الدنيا والآخرة.

المثال الخامس: مِثالٌ للحق والباطل في سورة الرعد؛ قال تعالى:  {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ

أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ} [الرعد: 17].

وقد ذكَر الله - سبحانه - في خاتمة هذه الآية أنَّ الباطل كالزَّبَد الذي سيَذهب جُفاءً لا قيمةَ له، بل ولا يُنتفَع به في شيء أبدًا، كما ذكَر الله أنَّ الحق كالماء الذي يَمكُث في الأرض، ويَنتفِع به العباد والبلاد، والشجر والدواب.

لذا جاء في الحديث: عن أبي قتادة بن ربعي الأنصاري ، أنه كان يُحدِّث،أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مُرَّ عليه بِجَنازة، فقال:  «مُستريح ومُسترَاح منه»، قالوا: يا رسول الله، ما المُستريح والمُستراح منه؟ قال: «العبد المؤمن يستريح من نَصَب الدنيا وأذَاها إلى رحْمة الله، والعبد الفاجِر يَستريح منه العباد والبلاد، والشجر والدوابُّ». يُفهَم من الحديث أنَّ العبد المؤمن وإن اسْترَاح من نَصَب الدنيا وتَعبها، فإن العباد والبلاد، والشجر والدواب، لَم يَستريحوا منه، بل هم مُحتاجون إلى نفْعه وبركته.

وقد قال تعالى:  {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ} [الدخان: 29]، ويُفهَم من هذه الآية أنَّ السماء والأرض تَبكي لموت المُوحِّدين الصالحين المُخلِصين، بل قد اهتزَّ عرش الرحمن بموت سعد، فهنيئًا لِمَن آمَن وسَعِدَ.

وهكذا تجد أنَّ أهل الحقِّ عندهم الخيريَّة المُطلَقة، وهم الجديرون بأنْ يُتَّبَعوا، وأنْ يَهدوا الناس إلى سُبُل الخير والرَّشاد؛ كما قال تعالى:  {قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [يونس: 35]. أمَّا المُكذِّبون للحقِّ، فتَجدهم في حَيرة وضلال وتَخبُّط، كما تَتجدَّد آراءهم وقوانينهم بين حين وآخر، فهم دائمًا في شطْبٍ وتعديل، وإضافات لا حصْرَ لها، وقد قال الله - سبحانه وتعالى -: {بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ} [ق: 5].

[الأنترنت – موقع عظم كلمة الحق :المقال الثاني ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة الثانية والعشرون في موضوع(الحق) وهي بعنوان : أركان الحق :

يمكن القول بأن للحق ثلاثة أركان أساسية و هي :

الركن الأول : صاحب الحق

يقصد بصاحب الحق كل شخص سواء كان شخصا طبيعيا و هو " الإنسان " ، أم شخصا معنويا مجرد كيان معنوي يعترف به القانون لجماعة من الأشخاص أو مجموعة من الأموال، و يتمتع هذا الكيان، مثل الإنسان بشخصية قانونية تجعله صالحا لاكتساب الحقوق والتحمل بالالتزامات

إذن فالشخص قانونا هو من يكون صالحا لأن يصير صاحب حق، و أن يتحمل بالالتزام و يحيا حياة قانونية، و تلك هي الشخصية القانونية

الركن الثاني : محل الحق

لكل حق صاحب و هو الأشخاص، و هذا ما عرفنا في الركن الأول للحق و لكل حق محل أو موضوع و هو الركن الثاني للحق الذي سنتناوله بالدراسة في هذا الموضوع.

و قد يكون محل الحق أو موضوعه إما عملا سواء كان إيجابيا أو سلبيا و يكون في الحقوق الشخصية أي حقوق الدائنية

 وإما شيئا سواء كان ماديا أو معنويا و يكون في الحقوق العينية و الحقوق الذهنية

الركن الثالث : سبب الحق ، ولأسباب الحق نوعان :

أسباب منشئة للحق ابتداء في ذمة الشخص، و نعرف بالأسباب المكتسبة للحق ابتداء.

أسباب ناقلة للحق من ذمة شخص إلى ذمة شخص آخر، و تعرف بالأسباب الناقلة للحق

 الأسباب المكتسبة للحق ابتداء:

إن الأسباب المكتسبة للحق ابتداء هي الأسباب الوحيدة لكسب الحقوق في مجال الحقوق غير المالية، لأن حقوق الشخصية والحقوق غير المالية ليست

قابلة للانتقال، و لا تدخل في الذمة المالية.

ونجد أن الأسباب المكتسبة للحق ابتداء، هي الغالبة في مجال الحقوق الشخصية الذهبية كحق المؤلف، و في مجال الحقوق الشخصية أو الالتزامات كما في في عقد القرض،وكذلك الحقوق العينية يمكن اكتسابها بالأسباب المكتسبة الناقلة للمال

والأسباب المكتسبة للملكية و الحقوق العينية هي :

- الاستيلاء – الميراث – الوصية – الالتصاق – العقد – الحيازة – و التقادم المكتسب.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة الثالثة والعشرون في موضوع(الحق) وهي بعنوان : *الأسباب الناقلة للحق :

إن الأسباب الناقلة للحق مشتركة بين الحقوق الشخصية أو الالتزامات و الحقوق العينية و الحقوق الذهنية معا ،وتنقسم الأسباب الناقلة للحق إلى أسباب عامة وخاصة :

فالأسباب العامة هي : التي يقع النقل فيها على الذمة المالية في مجموعها، إما كلها و إما بعضها أو جزء منها

   و الأسباب الخاصة هي : التي يقع فيها النقل على حق معين أو حقوق معينة

وعلى العموم فإن النقل لا يكون إلا بوفاة صاحب الحق، لأن الشخص لا يتخلى عن ذمته، ولا على جزء منها و هو على قيد الحياة.

ولا يستطيع الشخص أن ينقل لغيره من الحقوق إلا ما كان في ذمته، غير أن القانون رأي حماية للغير إذا كان حسن النية، أن يكسب هذا الغير الملكية في

المنقول بالحيازة أي من وقع وضع يده عليه، التي تنص على ما يلي

" من حاز بسند صحيح منقولا أو حقا عينيا على المنقول أو سندا لحامله، فإنه يصبح مالكا له إذا كان حسن النية وقت حيازته

أنواع الحقوق :

هناك تقسيمات مختلفة للحقوق، لكننا سنتبع التقسيم المعتمد لدى معظم الباحثين، والذي يقسم الحقوق إلى حقوق سياسية وحقوق غير سياسية (مدنية)  

تقسيم الحقوق المدنية إلى حقوق عامة وحقوق خاصة

تقسيم الحقوق الخاصة إلى حقوق عائلية وحقوق مالية

تقسيم الحقوق المالية إلى حقوق عينية وشخصية ومعنوية

*حقوق سياسية وغير سياسية (مدنية):     الحقوق السياسية : هي حق الشخص باعتباره عضوا في جماعة سياسية في الإسهام في حكم هذه الجماعة وإدارتها، كحق تقلد الوظائف العامة وحق الترشيح، وحق الإنتخاب.

وتسمى أيضا بالحقوق الدستورية لأنها تقرر في الدساتير عادة،ومحل دراستها هو القانون الدستوري، وهي تثبت للمواطن دون الأجنبي.

وهذا النوع من الحقوق ليس لازما لحياة الفرد، إذ قد يعيش الإنسان بدونها، إلاّ أنها قررت لمصلحته ولمصلحة الجماعة معا

الحقوق المدنية : هي ما يثبت للشخص باعتباره عضوا في الجماعة، وهي تثبت للجميع على السواء دون تفرقة في السن أو الجنس أو الجنسية، لذلك تسمّى بالحقوق غير السياسية، وهي لازمة لحياة الفرد المدنية .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة الرابعة والعشرون في موضوع(الحق) وهي بعنوان : *حقوق عامة وحقوق خاصة:

الحقوق العامة: هي الحقوق التي تثبت للإنسان

 بصفته آدميا، وتلازمه وتظل معه حتى موته، فلاغنى له عنها، وتثبت له دون تفرقة في السن أوالجنس أو الدين أو الجنسية

، وتسمى أيضا بالحريات العامة وحقوق الإنسان، أو الحقوق الطبيعية، أو الحقوق اللصيقة بالشخصية، أو حقوق الشخصية.

وتشمل هذه الحقوق: حق الإنسان في الحياة وسلامة جسمه وشرفه، وحقه في العمل والزواج والتنقل والإقامة وحرية الرأي والعقيدة والإجتماع، وحرمة المال وحرمة السكن، والحق في عدم انتهاك أسراره الشخصية، وحقه في التقاضي.

وهذه الحقوق أساسية لا يمكن أن يعيش الإنسان بدونها، ولا يجوز التنازل عنها، ويتوجب على القانون أن يحميها

الحقوق الخاصة:وهي الحقوق التي لا تثبت للأشخاص على قدم المساواة كالحقوق العامة،وإنما تثبت للأشخاص بقدر أحوالهم العائلية أو حالتهم المدنية، وتنقسم هذه الحقوق أحيانا على أسس عائلية، وأحيانا على أسس مالية، ومحل دراستها هو القوانين الخاصة.

*حقوق عائلية وحقوق مالية:

الحقوق العائلية أو حقوق الأسرة: هي الحقوق التي تثبت للشخص بصفته عضوا في أسرة، فمعيار التمييز فيها هو معيار العائلة أو الأسرة، وتنظمها قوانين الأسرة، وتسمى هذه الحقوق أيضا بالحقوق غير المالية، كحق الزوج في الطاعة، وتأديب الزوجة والأولاد، وحق الزوجة على زوجها في النفقة، والعشرة بالمعروف،وهذه الحقوق مقررة لصالح الأسرة ولصالح الشخص معا لذلك كانت حقا وواجبا.              إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة الخامسة والعشرون في موضوع(الحق) وهي بعنوان :

*حقوق عينية وحقوق شخصية وحقوق معنوية :

تقسم الحقوق المالية إلى ثلاثة أنواع :             وهي الحقوق العينية، والحقوق الشخصية، والحقوق

 المعنوية. وسنبحث كل نوع منها فرع مستقل

الحقوق العينية: 

أولا: تعريف الحق العيني: الحق العيني هو قدرة أو ميزة أو سلطة مباشرة يقررها القانون لصاحب الحق على شيء محدد بذاته(معين)بحيث يستطيع الشخص أن يمارس سلطته على شيء محدد ذلك الشيء باستعماله واستغلاله والتصرف فيه أو إحدى هذه المزايا دون أية وساطة

الحقوق الشخصية أو المدنية :

يعرف الحق الشخصي بأنه سلطة التي يقررها القانون لشخص يسمى الدائن اتجاه شخص أخر يسمى المدين تمكنه من إلزامه بأداء العمل أو امتناع لصالحه عند أداء العمل دو قيمه ماليه مشروعه ويرجع تسميه هدا الحق إلى قانون روماني وقد يعتبر عنه بالتزام باعتبار أن دور المدني فيه اظهر واكبر من دور الدائن ويبدوا أن تعبير عنه باصطلاح الحق دائنيه وهو اكتر دقه لأنه خير بيان لطبيعته هدا الحق من كونه وعلاقته دين بين شخصين أو اكتر

وينقسم الموضوع الحق الشخصي إلى قسمين :

1-حق محله قيام المدني بالعمل :كحق المشتري باستلام المبيع وحق البائع في قبض الثمن وحق المؤجر في الأجرة المستأجرة فتمكن المؤجر من

الانتفاع لعين المؤجرة

2- حق محله اعدم القيا م بالعمل:كحق النشر في منع المؤلف بعدم إعادة طابع مؤلفه خلال فتره معينه وحق شركه في أن تمنع موظفها عن الاشتغال في شركه أخرى طول مده عقودهم معها

وقد جرى كثير من القانونيين على القول بان موضع الحق الشخصي يشمل أيضا إعطاء الشيء ويقصدون بذلك نقل الملكية أو أي حق عيني أخر لكن في الحقيقة لا يوجد التزام موضعه إعطاء لشيء لان إعطاء الشيء هو نتيجة يرتبها القانون على العمل ويلتزم ميدان بأدائه أما التزام المدين فهو القيام بعمل معين لكي يحدث قانون اتره بإعطاء الشيء وحقوق شخصيه لا يمكن حصره بحساب موضعه ولكن تحصر بحساب المصدر او سبب منشئ له وهي إما المصادر الإدارية المتمثله في العقد والإدارية المنفردة أو مصدر غير إدارية متمثلة في النفع الضار والفعل النافع) الإثراء بلا سبب)

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة السادسة والعشرون في موضوع(الحق) وهي بعنوان : *الحقوق الفكرية أو حقوق الابتكار :

لم يعد تقسيم الحقوق المالية التقليدية إلى شخصيه وعينيه ويستوعب الآن كل الحقوق المالية بعد أن ظهر نوع ثالث من الحقوق المالية هو حق المؤلف علة مصنفاته الأدبية أو الفنية :كتب و إشعار وحق المخترع على اختراعه وحق التاجر في الاسم التجاري والعلامة التجارية فان استغلالها من نشره وتعميمه وهذا النوع من الحقوق المالية أوجدته أوضاع الحياة المدنية وهو الاقتصاد والثقافة الحديثة ونظمته القوانين الحديثة و الاتفاقيات الدولية يسميه بعض القانونين (الحقوق الأدبية) ولا شك أن هذه التسمية تضيق ولا تتلائم مع كثير من أفراد هذا النوع كالعلامات التجارية وبراءة الاختراع وعناوين المحال التجارية مما لا صلة له بالدأب والنتاج الفكري ونرجح تسميتها بحقوق الابتكار فتشمل الحقوق الأدبية كحق المؤلف في استغلال كتباته والصحفي في امتياز صحيفته كما يشمل الحقوق الصناعية والتجارية مما يسمونه اليوم بالملكية الصناعية كحق المخترع ومبتدع العلامة التجارية ومبتكر العنوان التجاري الذي أحرز الشهرة وقد عرف القانونيون الحق المعنوي لأنه سلطه لشخص على شيء غير مادي هو تمره فكره أو خياله أو نشاطه كحق المؤلف في مؤلفاته العلمية وحق الفنان في مبتكراته الفنية  وحق المخترع في مخترعاته وحق التاجر في الاسم التجاري والعلامة التجارية وثقه العملاء والغرض من إقرار هده الحقوق هو تشجيع الاختراع والإبداع كي يعلم من يبذل جهده فيمل انه يختص باستثمارهما وسيكون محميا من الدين يحاولون أن يأخذوا تمره ابتكاره ويزاحمونه في استغلالها

*الحقوق الذهنية

الحقوق الذهنية و يطلق عليها أيضا الحقوق الفكرية، و هي ما تسمى بالملكية الأدبية و الفنية و الصناعية، على إثرائها يكون للمؤلف الحق على تأليفه الأدبي أو الفني وحق المخترع على اختراعه.الخ

وللحق الذهني جانبـان: أولهما أدبي أو معنوي

 و ثانيهما مادي أو مالي

فالجانب الأدبي أو المعنوي: وثيق الصلة بالشخص، إذ أن للشخص وحده حق إطلاع الناس على أفكاره أو حبسها عنهم و تعديلها وأن تنسب إليه دون غيره.

و يعتبر الجانب الأدبي من حقوق الشخصية كحق الإنسان في سلامة جسمه و شرفه، لأنه لا يقوم بمال و لا يقبل التصرف فيه و لا الحجز عليه.

أما الجانب المادي أو المالي

هو حق الشخص في الإفادة ماليا مما يجيء ثمرة أفكاره أو حقه في احتكار استغلالها ويعتبر  الجانب المادي حقا ماليا لأنه يقبل التقويم بالنقود و التصرف فيه، و ينتقل من شخص إلى آخر[الأنترنت – الموقع التعريف بالحق وبيان أنواعه

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة السابعة والعشرون في موضوع(الحق) وهي بعنوان :*اسم الله الحق

اسم الله الحق يعني: المتصف بالوجود والدوام والحياة والقيومية والبقاء فلا يلحقه زوال ولا فناء، كما يقول الطحاوي: "لا يفنى ولا يبيد ولا يكون إلا ما يريد". ورود الأسم في القرآن : ورد الاسم في القرآن الكريم

 في عشر آيات: في سورة الأنعام: {ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ} [الأنعام:62]. وفي سورة يونس في موضعين: {هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} [يونس:30]. {فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} [يونس:32]. وفي سورة الكهف: {هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا} [الكهف:44]. وفي سورة الحج في موضعين: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الحج:6]. {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [الحج:62]. وفي سورة المؤمنون: {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} [المؤمنون:116]. وفي سورة النور: {يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ} [النور:25].

وهذا هو الموضع الوحيد الذي جاء فيه اسم الله الحق تذييلًا، الآيات الأخرى كلها يأتي الاسم ضمن الآية وهذا يحتاج إلى تأمّل.

وفي السنة المطهرة : عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "كَانَ يَقُولُ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ: «...أَنْتَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَقَوْلُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَأَخَّرْتُ، وَأَسْرَرْتُ وَأَعْلَنْتُ أَنْتَ إِلَهِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ» (صحيح مسلم: [769]).

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة الثامنة والعشرون في موضوع(الحق)  بعنوان :*معنى الاسم في حق الله سبحانه وتعالى:

    ذكر أهل العلم في ذلك كلامًا جليلًا نفيسًا منه: يقول ابن جرير في تفسيرالآية:{وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} "رجع المشركون يومئذٍ إلى الله الذي هو ربهم ومالكهم الحق لا شك فيه، ورُفِعت الحُجب وصار الأمر حق".           ما عاد هناك ريبة، صار الغيب شهادة فيعلمون أن الله هو الحق. وذكر في تفسير الآية: {فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} "أيها الناس، فهذا الذي يفعل هذه الأفعال، فيرزقكم من السماء والأرض، ويملك السمع والأبصار، ويخرج الحي من الميت والميت من الحي، ويدبر الأمر؛ {اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ}لا شك فيه{فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ} يقول: فأي شيء سوى الحق إلا الضلال، وهو الجور عن قصد السبيل". يقول: "فإذا كان الحقُّ هو ذا، فادِّعاؤكم غيره إلهًا وربًّا، هو الضلال والذهاب عن الحق لا شك فيه". وهذه الآية تُسمّى آية الربوبية في القرآن؛ ففيها من أوصاف الربوبية: (الرزق، والملك، والإحياء، والإماتة، وتدبير الأمر). وقال في قوله تعالي: {ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [لقمان:30]. "يعني تعالى ذكره بقوله: {ذَٰلِكَ} هذا الفعل الذي فعلت من إيلاجي الليل في النهار، وإيلاجي النهار في الليل، لأني أنا الحقّ الذي لا مثل لي ولا شريك ولا ندّ، وأن الذي يدعوه هؤلاء المشركون إلهًا من دونه هو الباطل الذي لا يقدر على صنعة شيء، بل هو المصنوع". يقول الخطابي: "الحق هو المتحقق كونًا ووجودًا وكل شيء صح وجوده وكونه فهو حق". سَمَّى الله القيامة الحاقّة لأنها الكائنة حقًا لا شك فيها ولا مدفع لوقوعها. ولاحظ المد في الحاقّة كان يمكن أن تُسمّى الحقيقة ولكن المد يعطي معنى المبالغة في الشيء. قال الخليل: "الحق ما لا يسع إنكاره"، وفيه دلالة على أن وجود الله حق تهتدي إليه الفِطر السليمة دون احتياج إلى نظرٍ وتأمّل وتفكُّر كبير حتى يصل إلى أن الله رب هذا الكون ومالكه فلا يسع إنكاره ويلزم ثبوته والاعتراف به فلا يجحد وجوده إلا جاحد يتظاهر عليه من الدلائل.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة التاسعة والعشرون في موضوع(الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي  بعنوان :

*معنى الاسم في حق الله سبحانه وتعالى:  

قال الخشيري: "الحق هو بمعنى الموجود الكامل وكذا

معناه في اللغة". أما الغزالي فقال في (المقصد الأسمى) : "الحق هو الذي في مقابلة الباطل والأشياء قد تستبان بأضدادها وكل ما يخبر عنه فإما باطل مطلقًا وإما حق مطلقًا وإما حق من وجه وباطل من وجه. فالممتنع بذاته هو الباطل مطلقًا. والواجب بذاته هو الحق مطلقًا. والممكن بذاته الواجب بغيره هو حق من وجه باطل من وجه". قال ابن الأثير: "الحق هو الموجود حقيقة، المتحقق وجوده وإلوهيته والحق ضد الباطل". إذًا.. فاسم الله الحق يعني: المتصف بالوجود والدوام والحياة والقيومية والبقاء فلا يلحقه زوال ولا فناء، كما يقول الطحاوي: "لا يفنى ولا يبيد ولا يكون إلا ما يريد". كل أوصاف الحق جامعة للجمال والكمال والعظمة والجلال، وهو الذي يحق الحق بكلماته فيقول الحق وإذا وعد فوعده الحق وما أمر به حق، كما قال تعالى: {وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} [يونس من الآية:82]، {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} [الأنعام:73].        [الأنترنت – الموقع التعريف بالحق وبيان أنواعه ]

يقول الإمام السعدي في معنى اسمه الحق :الحق في ذاته، وصفاته، فهو واجب الوجود كامل الصفات والنعوت، وجوده من لوازم ذاته، ولا وجود لشيء من الأشياء إلا به ، فهو الذي لم يزل، ولا يزال بالجلال، والجمال، والكمال، موصوفًا ، ولم يزل ولا يزال بالإحسان معروفًا.

فقوله حق، وفعله حق، ولقاؤه حق، ورسوله حق، وكتبه حق، ودينه هو الحق، وعبادته وحده لا شريك له هي الحق، وكل شيء إليه فهو حق منه سبحانه وتعالى. الله تعالى حينما خلق العباد خلقهم لعبادته.

من علم أن الله حق وأن دينه حق و أن شرعه حق ورسله حق و كتابه الذي أنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم. فعليه أن يتفرغ لعبادة الله لأن الغاية

 التي خلق ﻷجلها هي عبادة الله تعالى.

اﻹنسان ما خلق ليلهو ما خلق ليلعب. نحن ما خلقنا عبثًا خلقنا لنؤدي رسالة نحن خلقنا لنؤدي أمانة أناطها الله بناقدأشفقت عن حملها السماوات والأرض و الجبال وحملها اﻹنسان إنها أمانة الدين إنها أمانة التوحيد الذي كلفنا الله إياهﻷنه الحق سبحانه وتعالى.

الله سبحانه وتعالى الحق الذي رزق الخلائق الذي يملك السمع واﻷبصار الذي يخرج الحي من الميت والميت من الحي الذي يدبر اﻷمر في العالم العلوي و العالم السفلي ﻻ تأخذه سنة و ﻻ نوم إله حق عليم سبحانه وتعالى. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة الثلاثون في موضوع(الحق)  بعنوان : حق قادر على كل شيء، و خالق لكل شيء، ﻻ يأتي بالحسنات إلا هو وﻻ يدفع السيئات إﻻ هو سبحانه ذو اﻷسماء الحسنى والصفات العلى ذو العظمة والجلال والكبرياء سبحانه أﻻ يستحق بعد هذا كله أن يطاع ؟أن يعبد ؟أن يشكر سبحانه وتعالى؟. الله سبحانه وتعالى يرزقنا يعطينا فينعم علينا نعصيه فيغفر لنا نبتعد عنه فيتقرب إلينا نجحده فيتفضل علينا و يرزقنا و ﻻ يمنعنا سبحانه وتعالى.

أليس هذا اﻹله سبحانه الحق أحق أن يعبد أحق أن

 يطاع أحق أن يشكر؟

ما أجهل وما أضل من ينصرف عن عبادة الله إلى عبادة غيره: (فَذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ ۖ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ) الله سبحانه وتعالى هو الحق فدينه حق و دينه ظاهر على الدين كله هو الدين القوي بذاته الكامل بشرائعه المحفوظ من التبديل موافق للقلوب موافق للجوارح موافق للأرواح، حسنه الله في قلوب عباده ﻷنه حق سبحانه وتعالى.

من علم أن هذا الدين هو الحق فليثق في أن الله سبحانه وتعالى سينصر هذا الدين، فليثق و ليكن على يقين بأن الله سبحانه وتعالى ناصر عباده، بأن الله سبحانه وتعالى مظهر دينه ﻷن هذا الدين هو الحق من الحق سبحانه وتعالى.

من علم أنه سبحانه وتعالى هو الحق فعليه أن يشعر بالسرور عليه أن يشعربالغبطة أن يشعر باﻹنشراح

 ﻷن الله تعالى هداه لهذا الدين الحق، ﻷن الله سبحانه

وتعالى وفقه لهذا الدين الحق، هو دين اﻹسلام.

إذا علم العبد أن ربه هو الحق سبحانه وتعالى نزل في قلبه الرضا و الطمأنينة بما يصيبه من أقدار من مصائب من ابتلاءات من شدائد ﻷنه يعلم أن الحق سبحانه هو الذي أوجد ذلك كله و أنه لن يكن شيء إﻻ بعلمه سبحانه وتعالى، فقضاؤه حق، وقدره حق، فعلى العبد أن يطمئن أن يرضى بما قدر الله له سبحانه وتعالى. وﻷن الله هو الحق فعلى العبد التسليم التام ﻷحكامه.

أن يسلم التسليم التام ﻷحكام الله لشرع الله فيما أمرنا به فيما نهانا عنه.علينا إذا علمنا أن الله هو الحق أن نثق في أن وعده هو الحق في أن عطاؤه حق سبحانه وتعالى.الله وعدنا بالفرج وعدنا بالنصر فعلينا أن نبذل أسباب نبل هذه الوعود الله ،وعدنا و من أصدق من الله قيلا، و من أصدق من الله حديثاً، وعد الله حقا.

الله سبحانه وتعالى قال: ( فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ،،إِنَّ

 مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) هذا وعد من الله أن كل عسر يقابله يسران.

إذاً هذا يدل على أن الله عز وجل يخفف عن عباده رحيم بعباده لطيف بعباده فعلى العباد أن يثقوا  بموعوده سبحانه وتعالى. وعدنا بالفرج إذاً سيفرج همنا، و سيغفر ذنبا،، وعدنا بالمغفرة إذًا سيغفر ذنبنا ﻷنه الغفورسبحانه وتعالى،وعدنا بالنصر إذاً سينصرنا ﻷنه المولى النصير سبحانه وتعالى، إذاً فاسمه الحق سبحانه وتعالى اسم عظيم على العبد أن يجرد محبته لله سبحانه وتعالى الحق.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة الواحدة والثلاثون في موضوع(الحق)  بعنوان :  حب الحق

نحن نحب كل شيء في هذه الدنيا تختلف محاب العباد؛هذا يحب ذا وهذا يحب ذاك وكل محبوب

دون الله فهو باطل، كل ما خلا الله باطل و كل محبوب يوصلنا إلى غير الله و ﻻ يقربنا من الله فهو باطل. إذاً علينا أن نجرد المحبة له وحده الحق، ﻷنه حق محبته حق.

إذا أحببناه ربحنا، إذا أحببناه أفلحنا، إذا أحببناه

سكنت قلوبنا و اطمأنت نفوسنا، إذا أحببناه رضينا

 بقضائه رضينا بقدره اطمأنت نفوسنا لقضائه.

إذا أحببناه أطعناه إذا أحببناه شكرناه هذا كله من آثار اﻹيمان باسمه الحق ﻷنه الحق فهو يستحق الحب وحده و يستحق العبادة وحده و يستحق الذل والانكسار وحده سبحانه وتعالى وكل محبة دونه محبة باطلة إﻻ محبة قربتنا منه سبحانه وتعالى إﻻ محبة رفعتنا إليه سبحانه وتعالى إﻻ محبة أعانتنا على محبته سبحانه وتعالى.

الحق سبحانه وتعالى من آثار اﻹيمان باسمه ﻷنه حق فهو يحب أن يظهر الحق على عباده، أن يظهر الحق على ألسنة عباده أن ﻻ يتحدث عباده إﻻ بالحق

فهو ﻻ يستحيي عن بيان الحق للناس.

إذاً فعلى العبد المؤمن أﻻ يستحيي من بيان الحق للناس و إظهاره للناس بأنواع اﻷمثلة الحسية التي تعينهم على فهم الحق قبوله و اﻹعراض عما سواه من الباطل.

قربى الناس لله قربى الناس للحق سبحانه وتعالى بين لهم أن إلههم حق و أن دينه حق أن شرعه حق سبحانه وتعالى هذا الدين حق أظهره الله على الدين كله سبحانه وتعالى.

إذاً ﻻ بد أن يكون له النصر في يوم من الأيام لا بد أن ترتفع راية ﻻ إله إلا الله، ﻻ بد أن ينصر الله عباده ﻻ بد أن ينصر الله دينه كما سبحانه وتعالى وعد ﻷن وعده حق.

( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ ) ثم اشترط الله شروطًاووضع أسبابا (يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ) عبادة الله توحيد الله إقام الصلاة و إيتاء الزكاة  إقامة شرع الله في اﻷرض كل ذلك من أسباب نيل وعد الله الحق في التمكين منه سبحانه وتعالى.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة الثانية والثلاثون في موضوع(الحق)  بعنوان : من آثار اﻹيمان باسمه الحق:

أن يحرص العبد على أن ﻻ يتعلم إﻻ الحق، أن يكون علمه كله حق فلا يلجأ إلى العلوم الباطلة والعلوم التي تقوده إلى الجهل وﻻ تقوده إلى العلوم التي تأخذ بيده إلى إلهه الحق الذي تقربه إلى إلهه الحق. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرينا الحق حقًا ويرزقنا اتباعه و يرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه. [الأنترنت – موقع مدونة سوزاناالمشهراوي ]

وأيضا ذكر أهل العلم في ذلك كلامًا جليلاً نفيسًا منه:

يقول ابن جرير في تفسير الآية: {وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ}[يونس: 30]  "رجع المشركون يومئذ إلى الله الذي هو ربهم ومالكهم الحق لاشك فيه ورفعت الحجب وصار الأمر حق".  ما عاد هناك ريبة، صار الغيب شهادة فيعلمون أن الله هو الحق.

وذكر في تفسير الآية: {فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} [يونس: 32] "أيها الناس، فهذا الذي يفعل هذه الأفعال، فيرزقكم من السماء والأرض، ويملك السمع والأبصار، ويخرج الحي من الميت والميت من الحي، ويدبر الأمر؛ (الله ربُّكم الحق)،لاشك فيه، (فماذا بعد الحق إلا الضلال) يقول: فأي شيء سوى الحق إلا الضلال، وهو الجور عن قصد السبيل".

يقول: فإذا كان الحقُّ هو ذا، فادعاؤكم غيره إلهًا وربًّا، هو الضلال والذهاب عن الحق لا شك فيه وهذه الآية  تسمى آية الربوبية في القرآن ففيها من أوصاف الربوبية الرزق والملك والإحياء والإماتة وتدبير الأمر.

 وقال في قوله تعالي {ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّـهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّـهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [لقمان: 30]

يعني تعالى ذكره بقوله(ذلكَ)هذا الفعل الذي فعلت

من إيلاجي الليل في النهار، وإيلاجي النهار في الليل، لأني أنا الحقّ الذي لا مثل لي ولا شريك ولا ندّ، وأن الذي يدعوه هؤلاء المشركون إلهًا من دونه هوالباطل الذي لايقدرعلى صنعة شيء،بل هو المصنوع

يقول الخطابي: " الحق هو المتحقق كونًا ووجودًا وكل شيء صح وجوده وكونه فهو حق".

 سمى الله القيامة الحاقّة لأنها الكائنة حقًا لا شك فيها ولا مدفع لوقوعها. ولاحظ المد في الحاقّة كان يمكن أن تسمى الحقيقة ولكن المد يعطي معنى المبالغة في الشيء.

قال الخليل: "الحق ما لا يسع إنكاره" وفيه دلالة على

 أن وجود الله حق تهتدي إليه الفطر السليمة دون احتياج إلى نظر وتأمل وتفكر كبير حتى يصل إلى أن الله رب هذا الكون ومالكه فلا يسع إنكاره ويلزم ثبوته والاعتراف به فلا يجحد وجوده إلا جاحد يتظاهر عليه من الدلائل. قال الخشيري: الحق هو بمعنى الموجود الكامل وكذا معناه في اللغة.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة الثالثة والثلاثون في موضوع(الحق)  بعنوان : من آثار اﻹيمان باسمه الحق:

 قال الغزالي: في المقصد الأسمى:

"الحق هو الذي في مقابلة الباطل والأشياء قد تستبان بأضدادها وكل ما يخبر عنه فإما باطل مطلقًا وإما حق مطلقًا وإما حق من وجه وباطل من وجه. فالممتنع بذاته هو الباطل مطلقًا. والواجب بذاته هو الحق مطلقًا. والممكن بذاته الواجب بغيره هو حق من وجه باطل من وجه".

قال ابن الأثير: الحق هو الموجود حقيقة، المتحقق وجوده وإلوهيته والحق ضد الباطل.

إذًا فاسم الله الحق يعني:

المتصف بالوجود والدوام والحياة والقيومية والبقاء فلا

 يلحقه زوال ولا فناء، كما يقول الطحاوي:

 "لا يفنى ولا يبيد ولا يكون إلا ما يريد".

كل أوصاف الحق جامعة للجمال والكمال والعظمة والجلال. وهو الذي يحق الحق بكلماته فيقول الحق وإذا وعد فوعده الحق وما أمر به حق، كما قال تعالى: {وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ}[يونس: 82] ،{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} [الأنعام: 73][الأنترنت – موقع الكلم الطيب ]

*حظ المؤمن من اسم الله الحق:

1- طلب العلم والرسوخ فيه: العلم لا مجرد المعرفة، أن تتعلَّم أي أن تكون راسخًا في عِلمك وليس حفظ كلمتين أو قراءة كتابين أو سماع درسين؛ بل يحتاج الأمر أن يترسخ في قلبك لكي يكون عقيدةً وعِلمًا.

 2- تحقيق الإيمان واليقين: كيف تكون موقنًا بالشيء؟ - بإصلاح المحل (القلب): عندما يدخل نور العلم إلى القلب القاسي لا يثبت يه لأن الران قد علاه، وأشرب القلب المعاصي. لذا تحتاج إلى تطهير القلب لتثبت فيه المعاني. حينئذ تجد نفسك موقنًا ثابتًا لا تتزعزع ولا تنتابك الشبهات ولا تأخذ بك الريب والشكوك.

 3- أن تثبت ولا تتزعزع: والثبات له أسبابه الكثيرة نذكر منها:

أ‌-                 قول الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا} [النساء من الآية:66]، الامتثال لما تُوعَظ به والامتثال لأمر الله. لو امتثلت وتأدَّبت يترسخ الفعل عندك ويصير ثابتًا لا يتزعزع عندك، أما إذا أعرضت وأخذت ما يناسب هواك وعلى حسب الحالة الإيمانية عندك وما يناسب الوسط الاجتماعي ونقول: هذا لا ينفع في زماننا، يقول الله:{أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُ‌ونَ بِبَعْضٍ} [البقرة من الآية:85].

ب‌-                يقول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الأنفال:45]، الذكر لصلاحية المحل وتطهير القلب.

 4- العدل: أن تكون عادلًا ولا تظلم مثقال ذرة كما قال تعالى في الحديث القدسي (يا عبادي! إني حرَّمتُ الظلمَ على نفسي وجعلتُه بينكم محرَّمًا. فلا تظَّالموا)(صحيح مسلم: [2577]

 أولًا: لا تظلم نفسك بارتكاب المعاصي؛ فهذا سوف يزعزع ثباتك، فالظلم ظلمات.

ثانيًا: لا تظلم غيرك؛ فإن من أعظم الذنوب تعجيلًا بالعقوبة البغي والعقوق وكن منصفًا. كان الخطابي وهو من علماء القرن الرابع يقول: "نحن في زمانٍ قَلّ فيه من يعرف وأقل منه من يُنصف". فماذا نقول نحن الآن؟! ماذ نقول في زمانٍ لا أحد فيه يعرف! ولا أحد فيه يُنصف إلا من رحم ربي...! قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}[المائدة:8]. ليس لأني أحبه ويتبع اتجاهي الفكري الذي اتبعه أتحمّل له كل شيء، ومن ليس كذلك أشن عليه الحروب والمعارك. فطريق التقوى العدل.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة الرابعة والثلاثون في موضوع(الحق) وهي إستكمالا للماضيةوالتي هي  بعنوان :          من آثار اﻹيمان باسمه الحق:

 5- أعطِ كل ذي حقٍ حقه: هذا المفهوم الماتع في ديننا، قضية التوازن. فإن لأهلك عليك حقًا وإن لنفسك عليك حقًا وإن لجارك عليك حقًا وإن لصديقك عليك حقًا وإن لوالديك عليك حقًا فأعط كل ذي حق حقه.

ودعونا نمر على بعض الحقوق المهمة:

 أولاً - حق الله: حقه أن يُعبد ولا يشرك به شيئًا

 كما في الحديث، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "«يا معاذُ! تدري ما حقُّ اللهِ على العبادِ؟ وما حقُّ العبادِ على اللهِ؟». قال قلت: اللهُ ورسولُه أعلمُ. قال: «فإن حقَّ اللهِ على العبادِ أن يعبدوا اللهَ ولا يشركوا به شيئًا. وحقُّ العبادِ على اللهِ عزَّ وجلَّ أن لا يُعذِّبَ من لا يشركُ به شيئًا»، قال قلت: يا رسولَ اللهِ! أفلا أُبشِّرُ الناسَ؟ قال: «لا تُبشرْهم، فيتَّكلوا» (رواه مسلم: [30]). وعنْ عُبَادَةَ بن الصامت رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ شَهِدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ وَالْجَنَّةُ حَقٌّ وَالنَّارُ حَقٌّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنَ الْعَمَلِ)(البخاري: [3435]). وفي روايةٍ زاد: «مِنْ أيّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ شَاءَ» (الألباني؛ صحيح الجامع: [6320]).

 لا معبود بحقٍ إلا الله، وكذلك لا متبوع بحقٍ إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تتبع غيره إلا أن يكون على هديه. فمن حق الله العبودية {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56]، وانظر إلى الملائكة يوم القيامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (يُوضَعُ المِيزَانُ يومَ القيامةِ، فَلَوْ وُزِنَ فيهِ السَّمَوَاتُ والأرضُ لَوَسَعَتْ، فَتقولُ الملائكةُ: يا رَبِّ لِمَنْ يزِنُ هذا؟ فيقولُ اللهُ تعالى: لِمَنْ شِئْتُ من خَلْقِي، فَتقولُ الملائكةُ: سبحانَكَ ما عَبَدْناكَ حقَّ عِبادَتِكَ، ويُوضَعُ الصِّرَاطُ مِثْلَ حَدَّ المُوسَى، فَتقولُ الملائكةُ: مَنْ تُجِيزُ على هذا؟ فيقولُ: مَنْ شِئْتُ من خَلْقِي، فَيقولونَ: سبحانَكَ ما عَبَدْناكَ حقَّ عِبادَتِكَ» (الألباني؛ السلسلة الصحيحة: [941]).

 فمن حق الله أن تعبده ثم تستصغر ما تقوم به ولا تمنن تستكثر.

ومن حقوق العبودية حق الصلاة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حافَظَ على الصلواتِ الخمسِ، رُكُوعِهِنَّ، وسُجُودِهنَّ، ومَوَاقِيتِهنَّ، وعَلِمَ أنَّهُنَّ حقٌّ من عِنْدِ اللهِ دخلَ الجنةَ»، أوْ قال: «وجَبَتْ لهُ الجنةُ» (الألباني؛ صحيح الترغيب: [381]). وفي روايةٍ قال: «مَن حافَظ على الصلواتِ الخمسِ أو: الصلاةِ المكتوبةِ على وضوئِها، وعلى مواقيتِها، وركوعِها وسجودِها، يراه حقًّا عليه حرُم على النارِ» (البوصيري: إتحاف الخيرة المهرة: [1/415]). وعن عثمان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من علم أنَّ الصلاةَ حقٌّ مكتوبٌ واجبٌ دخل الجنَّةَ» (الألباني؛ صحيح الترغيب: [382]).

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة الخامسة والثلاثون في موضوع(الحق) وهي إستكمالا للماضيةوالتي هي  بعنوان :          من آثار اﻹيمان باسمه الحق:

ثانيًا - حق المسلم: قَالَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ: رَدُّ السَّلاَمِ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ» (البخاري: [1240]). وفي روايةٍ عند مسلم؛ قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ»، قِيلَ: مَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ، وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَشَمِّتْهُ، وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ، وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ» (مسلم: [2126]).

إذا سألك النصيحة لا تقل: يا أخي أنا والله المحتاج للنصيحة، لكن انصحه.. «المؤمن مرآة أخيه» (حسّنه الألباني وغيره). ومن حق المسلم ألا يقتطع حقه؛ قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ» (مسلم: [137]).

ثالثًا - حق الكبير: قال رسول الله صلى الله عليه

 وسلم: «ليسَ منَّامن لَم يَرحَمْ صغيرَنا، ويعرِفْ حَقَّ

 كَبيرِنا» (الألباني: صحيح الترغيب: [100])، فحقه التوقير.

رابعًا - حق الزوجة: "سأل رجلٌ النبيَّ صلى الله عله وسلم فقال: يا رسولَ اللهِ ما حقُّ زوجةِ أحدنا عليه؟ قال: «أن تُطعِمَها إذا طَعِمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضربُ الوجهَ، ولا تُقَبحِّ، ولا تهجرُ إلا في البيتِ» (الألباني؛ غاية المرام: [244]).

خامسًا - حق الزوج: "جاء رجلٌ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بابنةٍ له فقال: يا رسولَ اللهِ هذه ابنتي قد أبتْ أنْ تتزوَّجَ فقال لها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «أطيعي أباكِ»، فقالت: والَّذي بعَثك بالحقِّ لا أتزوَّجُ حتَّى تُخبِرَني ما حقُّ الزَّوجِ على زوجتِه؟ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «حقُّ الزَّوجِ عل ىزوجتِه أنْ لو كانت قرحةٌ فلحَستْها ما أدَّتْ حقَّه». قالت: والَّذي بعَثك بالحقِّ لا أتزوَّجُ أبدًا، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «لا تَنكحِوهنَّ إلَّا بإذنِ أهلِهنَّ»" (صحيح ابن حبان: [5488]). وعَنْ مُعَاذِ بن جَبَلٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ أَمَرْتُ أحدًا أنْ يَسْجُدَ لأَحَدٍ؛ لأَمَرْتُ المرأةَ أنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِها؛ من عِظَمِ حَقِّهِ عليْها، ولا تَجِدُ امرأةٌ حَلاوَةَ الإيمانِ؛ حتى تُؤَدِّيَ حقَّ زَوْجِها، ولَوْ سألَها نَفْسَها وهيَ على ظَهْرِ» (الألباني؛ صحيح الترغيب: [1939])".

سادسًا - حق الضيف: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليلةُ الضَّيْفِ حقٌّ على كلِّ مُسلِمٍ، فمَنْ أصْبَحَ الضيْفُ بِفنائِهِ، فهو لهُ عليه ديْن، إنْ شاءَ اقْتَضَى، وإنْ شاءَ تَرَكَ» [الألباني: صحيح الجامع: [5470]). وهذا أدب مهجور أن تضيفه ليلة إلا أن تتعنت أن تكون ليس لديك مكان مثلًا، إلا أن كان مسافرًا فحقه ثلاثة ليال. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الضيافة ثلاثة أيام فما كان بعد ذلك فهو صدقة» (الألباني؛ صحيح الأدب المفرد: [570]).

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة السادسة والثلاثون في موضوع(الحق) وهي إستكمالا للماضيةوالتي هي  بعنوان :          من آثار اﻹيمان باسمه الحق:

سابعًا - حق الطريق: في الصحيحين قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إياكم والجلوسَ في الطرقاتِ». فقالوا: ما لنا بدٌ، إنما هي مجالسُنا نتحدثُ فيها. قال: «فإذا أبيتم إلا المجالسَ، فأعطوا الطريقَ حقَّه». قالوا: وما حقُّ الطريقِ؟ قال: «غضُّ البصرِ، وكفُّ الأذى، وردُّ السلامِ، وأمرٌ بالمعروفِ، ونهيٌ عن المنكرِ» (البخاري: [2465]). إذًا.. التسكع في الشوارع والوقوف على النواصي - لا يجوز في شريعة الرحمن ومخالفة لهدي النبي العدنان. والأصل ألا تقف إلا لمصلحة وإن وقفت تقوم بهذه الحقوق وإلا فليسعك بيتك.

ثامنًا - حق الحياء: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «استَحيوا منَ اللَّهِ حقَّ الحياءِ»، قُلنا: يا رسولَ اللَّهِ إنَّا لنَستحيي والحمد لله، قالَ: «ليسَ ذاكَ، ولَكِنَّ الاستحياءَ منَ اللَّهِ حقَّ الحياءِ أن تحفَظ الرَّأسَ، وما وَعى، وتحفَظَ البَطنَ، وما حوَى، ولتَذكرِ الموتَ والبِلى، ومَن أرادَ الآخرةَ ترَكَ زينةَ الدُّنيا، فمَن فَعلَ ذلِكَ فقدَ استحيا يعني: منَ اللَّهِ حقَّ الحياءِ» (الألباني: صحيح الترمذي: [2458]). تحفظ العقل فلا يسكر بمسكرٍ مادي (مخدرات وخمور)، ولا بمسكر معنوي (الدِش والشهوات تُفسِد عليه عقله)، ويحفظ البطن فيأكل الحلال ويتبع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم في آداب الطعام.

تاسعًا - حق الوصية: رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلاَّ وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ» (البخاري: [2738]). عاشرًا - أن تجهر بالحق: فالجهر بالحق حق، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أفضلُ الجهادِ كلِمةُ حقٍّ عندَ سُلطانٍ أو أميرٍ جائرٍ» (الألباني:

صحيح الترغيب: [2305]).

والإنكار يكون بالضوابط الشرعية منها:

1-أن يكون عليمًا بما يأمر عليما بما ينهى.

2-أن يكون حكيمًا بما يأمر حكيمًا بما ينهى.

3-ألا يترتب على نهيه عن المنكر منكرات أكبرمنه. وهكذا كان صنيع العلماء دومًا.  [الأنترنت – الموقع التعريف بالحق وبيان أنواعه ] [ موقع الكلم الطيب هاني حلمي عبد الحميد ]

 إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة السابعة والثلاثون في موضوع (الحق) وهي  بعنوان :  *الحقوق المالية المعنوية

الحقوق المالية المعنوية ذات القيمة المالية من القضايا المستجدة التي برزت بشكل واضح نتيجة تطور الحياة المدنية و الاقتصادية و الثقافية و العلمية ، وقد انتهت كثير من القوانين الوضعية على اختلاف بينها إلى تقرير هذا الاختصاص و تحديد سلطات أصحابها عليها ،كما درس فقهاء الشريعة الإسلامية المعاصرون هذا الموضوع ، وبينوا استيعاب قواعد الفقه الإسلامي له ، و أوضحوا حرص الشريعة على حماية هذه الحقوق و تنظيم أوضاعها بما يكفل تحقيق المصالح المشروعة و صيانة قواعد العدالة .

1. تعريف الحق لغة واصطلاحاً : تقدم

2. أركان الحق : تقدم

3. أقسام الحق : ويمكن إرجاع تقسيمات الحق في الجملة إلى ثلاثة أقسام[ الموسوعة الفقهية الكويتية 18/13 مادة (حق) ]  :الأول : بالنظر إلى صاحب الحق .

الثاني : بالنظر إلى مصدر الحق .

الثالث : بالنظر إلى المستحق (محل الحق) .

1. تقسيم الحق باعتبار صاحب الحق :

و ينقسم إلى ثلاثة أقسام :[حق الابتكار في الفقه الإسلامي ”  أحمد حسن أستاذ في كلية الشريعة بجامعة دمشق (مقال منشور على صفحة دهشة) ]

أ. حق الله : ما يتعلق به النفع العام للعالم، فلا يختص به أحد، ولا يمكن إسقاطه والتنازل عنه، كالعبادات، وحد الزنا.

ب. حق العبد: ما يتعلق به مصلحة خاصة، كحقوق الأشخاص المالية. وحق العبد يباح بالإباحة .

ج. الحق المشترك: هو الذي يجتمع فيه حق الله وحق العبد. لكن إما أن يغلب فيه حق الله أو حق العبد ، كحد القذف، فالغالب فيه حق الله عند الحنفية .

2. تقسيم الحق باعتبار محل الحق :

و ينقسم إلى ثلاثة أقسام :

أ. الحق المالي والحق غير المالي :

– فالحق المالي: هو الذي يتعلق بالأموال والمنافع.

– والحق غير المالي: هو الحق المجرد كحق الشفعة، وحق الحضانة، وحق الأبوة والبنوة ، ولا تقبل هذه الحقوق التنازل عنها بمال .

ب. الحق الشخصي والحق العيني :

– الحق الشخصي: ما يقرّه الشرع لشخص على آخر، كالدين لشخص في ذمّة الآخر، ولا يثبت على شيء معين بالذات بل يثبت في الذمة.

– الحق العيني: ما يقره الشرع لشخص على شيء معين بالذات، كحق الملكية الثابت لمالك العقار، فيخوله سلطات الاستعمال والاستغلال والتصرف.

ج. الحق المجرد والحق غير المجرد:

– الحق المجرد: ما كان غير متقرر في محّله، فلا يترك أثرا ، بالتنازل عنه،كحق الشفعة .

– الحق غير المجرد: ما له تعلق بمحل الحق، فلتعلقه بمحل الحق أثر يزول بالتنازل عنه كحق القصاص .

د. الحق المالي و الحق الغير مالي :

– فالحق المالي هو الذي يتعلق بالأموال والمنافع .

– الحق الغير المالي هو الحق المجرد كحق الشفعة وحق الحضانة وحق الأبوة والبنوة ، وهي حقوق معنوية ثابتة في الشريعة الإسلامية .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة الثامنة والثلاثون في موضوع (الحق) وهي  بعنوان : 4. الحقوق المعنوية :

عرف القانونيون الحق المعنوي بأنه ( سلطة لشخص على شيء غير مادي هو ثمرة فكره أو خياله ونشاطه ،كحق المؤلف في مؤلفاته العلمية وحق المخترع في اختراعه وحق التاجر في الاسم التجاري ) [ وقف الجانب المالي من الحقوق الذهنية ، عطية عبد الحليم صقر ، المؤتمر الثاني للأوقاف ، جامعة أم القرى بمكة المكرمة  ]

وقيل أيضا ( الحق المعنوي هو حق المبتكر و حلفائه الخاصين ، ليسهر على صيانة المبتكر ومنع الغير- أيا كانوا – من انتحاله أو تحريفه أو الزيادة على محتوياته ، و لو كانت هذه الزيادة من شأنها أن تحدث تجميلا أو تحسينا في محتويات موضوع المؤلف ) [ الوجيز في قضايا حماية الملكية الفكرية   للدكتور غسان رباح ص  55 ]

وأما في الاصطلاح الفقهي فيراد بالحقوق المعنوية (ما يقابل الحقوق المالية سواء ما يتعلق منها بالأعيان المتقومة أو المنافع العارضة فهو حق معنوي)[ ندوة في المركز الثقافي الاجتماعي التابع لمسجد الدعوة في باريس، من ‏13‏ إلى ‏14‏ كانون الثاني عام 2001 لمحمد سعيد رمضان البوطي منشورة على موقع الشيخ  ]

كما عرفت الحقوق المعنوية ( بأنها كل حق لا يتعلق بمال عيني و لا بشيء من منافعه، و من أمثلتها في الزمن السابق حق القصاص و حق الولاية وحق الطلاق ومن أمثلتها أيضا في العصر الحاضر حق التأليف ، وحق الاختراع ، و حق الاسم التجاري ، و حق العلامة التجارية فهذه حقوق معنوية ) [ إشكالات حول بيع الحقوق المعنوية  لسعد السبر منشور ضمن مجموعة بحوث على شبكة السبر ، الأنترنت – موقع تعريف مفهوم الحق ]

*حقوق المسلم على المسلم منها ما هو واجب ومنها ما هو مستحب

   حقوق المسلم على المسلم كثيرة ، منها ما هو

واجب عيني ، يجب على كل أحد ، فلو تركه أثم ، ومنها ما هو واجب كفائي ، إذا قام به البعض سقط إثمه عن الباقين ، ومنها ما هو مستحب غير واجب ، ولا يأثم المسلم بتركه .

روى البخاري (1240) ومسلم (2162) عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :  ( حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ : رَدُّ السَّلَامِ وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ ) ورواه مسلم (2162) أيضا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

: ( حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ) قِيلَ مَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ : قَالَ ( إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَسَمِّتْهُ وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ ) .

قال الشوكاني رحمه الله : " وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: (حَقُّ الْمُسْلِمِ) أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي تَرْكُهُ وَيَكُونُ فِعْلُهُ إمَّا وَاجِبًا أَوْ مَنْدُوبًا نَدْبًا مُؤَكَّدًا شَبِيهًا بِالْوَاجِبِ الَّذِي لَا يَنْبَغِي تَرْكُهُ، وَيَكُونُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْمَعْنَيَيْنِ مِنْ بَابِ اسْتِعْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فِي مَعْنَيَيْهِ، فَإِنَّ الْحَقَّ يُسْتَعْمَلُ فِي مَعْنَى الْوَاجِبِ، كَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ، وَكَذَا يُسْتَعْمَلُ فِي مَعْنَى الثَّابِتِ وَمَعْنَى اللَّازِمِ وَمَعْنَى الصِّدْقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: الْمُرَادُ بِالْحَقِّ هُنَا الْحُرْمَةُ وَالصُّحْبَةُ." انتهى من "نيل الأوطار" (4/21) .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة التاسعة والثلاثون في موضوع (الحق) وهي   بعنوان : 4. الحقوق المعنوية :

1- فرَدّ السلام واجب إذا كان السلام على واحد ، وإذا كان على جماعة كان فرضا على الكفاية ،

أما ابتداء السلام فالأصل فيه أنه سنة ، جاء في

"الموسوعة الفقهية" (11/314) :" ابْتِدَاءُ السَّلاَمِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَفْشُوا السَّلاَمَ بَيْنَكُمْ ) وَيَجِبُ الرَّدُّ

 إِنْ كَانَ السَّلاَمُ عَلَى وَاحِدٍ . وَإِنْ سَلَّمَ عَلَى جَمَاعَةٍ فَالرَّدُّ فِي حَقِّهِمْ فَرْضُ كِفَايَةٍ ، فَإِنْ رَدَّ أَحَدُهُمْ سَقَطَ الْحَرَجُ عَنِ الْبَاقِينَ،وَإِنْ رَدَّ الْجَمِيعُ كَانُوا مُؤَدِّينَ لِلْفَرْضِ ، سَوَاءٌ رَدُّوا مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبِينَ ، فَإِنِ امْتَنَعُوا كُلُّهُمْ أَثِمُوا لِخَبَرِ ؛ حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ:رَدُّ السَّلاَمِ أهـ

2- وأما عيادة المريض ففرض كفاية ، قال الشيخ ابن عثيمين :" عيادة المريض فرض كفاية " .

"مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (13 /1085)

3- وأما تشييع الجنازة ففرض كفاية أيضا .

4- وأما إجابة الدعوة : فإن كانت إلى وليمة عرس فالجمهور على وجوب إجابتها إلا لعذر شرعي .       أما إن كانت لغير وليمة العرس فالجمهور على أنها مستحبة ، ولكن يشترط لإجابة الدعوة ـ عموما ـ شروط ...

5- وأما تشميت العاطس فقد اختلف في حكمه . جاء في "الموسوعة الفقهية" (4/22) : "وَهَذَا التَّشْمِيتُ سُنَّةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ . وَفِي قَوْلٍ لِلْحَنَابِلَةِ وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ هُوَ وَاجِبٌ .

وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ بِوُجُوبِهِ

عَلَى الْكِفَايَةِ . وَنُقِلَ عَنِ الْبَيَانِ أَنَّ الأَشْهَرَ أَنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ ، لِحَدِيثِ " كَانَ حَقًّا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ : يَرْحَمُكَ اللَّهُ " انتهى.

وأظهر الأقوال أنه واجب على من سمع حمد العاطس لله ؛ لما رواه البخاري (6223) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ،فَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَحَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أَنْ يُشَمِّتَهُ ) .

قال ابْن الْقَيِّم رَحِمَهُ اللَّه : وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة وَفِيهِ " فَإِذَا عَطَسَ أَحَدكُمْ , وَحَمِدَ اللَّه, كَانَ حَقًّا عَلَى كُلّ مُسْلِم سَمِعَهُ أَنْ يَقُول : يَرْحَمك اللَّه " . وَتَرْجَمَ التِّرْمِذِيّ عَلَى حَدِيث أَنَس ( بَاب مَا جَاءَ فِي إِيجَاب التَّشْمِيت بِحَمْدِ الْعَاطِس )وَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ وَاجِب عِنْده , وَهُوَ الصَّوَاب , لِلْأَحَادِيثِ الصَّرِيحَة الظَّاهِرَة فِي الْوُجُوب مِنْ غَيْر مُعَارِض وَاَللَّه أَعْلَم .

فَمِنْهَا : حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة , وَقَدْ تَقَدَّمَ . وَمِنْهَا : حَدِيثه الْآخَر " خَمْس تَجِب لِلْمُسْلِمِ عَلَى أَخِيهِ " وَقَدْ تَقَدَّمَ . وَمِنْهَا : حَدِيث سَالِم بْن عُبَيْد , وَفِيهِ " وَلْيَقُلْ لَهُ مَنْ عِنْده : يَرْحَمك اللَّه " . وَمِنْهَا : مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ عَنْ عَلِيّ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِم سِتّ بِالْمَعْرُوفِ : يُسَلِّم عَلَيْهِ إِذَا لَقِيَهُ , وَيُجِيبهُ إِذَا دَعَاهُ , وَيُشَمِّتهُ إِذَا عَطَسَ وَيَعُودهُ إِذَا مَرِضَ وَيَتْبَع جَنَازَته إِذَا مَاتَ , وَيُحِبّ لَهُ مَا يُحِبّ لِنَفْسِهِ " وَقَالَ هَذَا حَدِيث حَسَن قَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْر وَجْه عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقَدْ تَكَلَّمَ بَعْضهمْ فِي الْحَارِث الْأَعْوَر , وَفِي الْبَاب عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , وَأَبِي أَيُّوب وَالْبَرَاء , وَأَبِي مَسْعُود . وَمِنْهَا : مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ عَنْ أَبِي أَيُّوب . أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " إِذَا عَطَسَ أَحَدكُمْ فَلْيَقُلْ : الْحَمْد لِلَّهِ , وَلْيَقُلْ : عَلَى كُلّ حَال , وَلْيَقُلْ الَّذِي يَرُدّ عَلَيْهِ يَرْحَمك اللَّه , وَلْيَقُلْ هُوَ : يَهْدِيكُمْ اللَّه وَيُصْلِح بَالكُمْ " .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة الأربعون في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

 4. الحقوق المعنوية :فَهَذِهِ أَرْبَع طُرُق مِنْ الدَّلَالَة :

 أَحَدها : التَّصْرِيح بِثُبُوتِ وُجُوب التَّشْمِيت بِلَفْظِهِ الصَّرِيح الَّذِي لَا يَحْتَمِل تَأْوِيلًا.

الثَّانِي : إِيجَابه بِلَفْظِ الْحَقّ .

الثَّالِث : إِيجَابه بِلَفْظَةِ " عَلَى " الظَّاهِرَة فِي الْوُجُوب . الرَّابِع : الْأَمْر بِهِ , وَلَا رَيْب فِي إِثْبَات وَاجِبَات كَثِيرَة بِدُونِ هَذِهِ الطُّرُق , وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَم" انتهى من "حاشية ابن القيم على سنن أبي داود" (13/259)

وقال أيضا :فَظَاهِرُالْحَدِيثِ الْمَبْدُوءِ بِهِ: أَنَّ التَّشْمِيتَ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى كُلِّ مَنْ سَمِعَ الْعَاطِسَ يَحْمَدُ اللَّهَ، وَلَا يُجْزِئُ تَشْمِيتُ الْوَاحِدِ عَنْهُمْ، وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيِ الْعُلَمَاءِ، وَاخْتَارَهُ ابن أبي زيد، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ الْمَالِكِيَّانِ، وَلَا دَافِعَ لَهُ." انتهى من "زاد المعاد" (2/437) .

6- أما نصحه إذا استنصحه : فالأظهر في النصيحة أنها واجبة على الكفاية . قال ابن مفلح رحمه الله :

" وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَالْأَصْحَابِ وُجُوبُ النُّصْحِ

 لِلْمُسْلِمِ ، وَإِنْ لَمْ يَسْأَلْهُ ذَلِكَ ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْإِخْبَارِ

 .. " انتهى من "الآداب الشرعية" لابن مفلح (1/307) .

وقال الملا علي القاري رحمه الله :(وإذا استنصحك)

أي طلب منك النصيحة (فانصح له) وجوباً، وكذا يجب النصح وإن لم يستنصحه انتهى من "مرقاة المفاتيح" (5/213)

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" وَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ مَعْنَى الْحَقِّ هُنَا الْوُجُوب ، خلافًا لقَوْل بن بَطَّالٍ الْمُرَادُ حَقُّ الْحُرْمَةِ وَالصُّحْبَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُنَا وُجُوبُ الْكِفَايَةِ " انتهى من "فتح الباري" (3/113) .والله تعالى أعلم . [ الأنترنت- الإسلام سؤال وجواب- المنجد ]

وقال الشيخ ابن باز في موضوع حق المسلم على المسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ: إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ

فَانْصَحْهُ، وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَشمِّتْهُ وَإِذَا مَرِضَ

 فَعُدْهُ، وَإِذَا مَاتَ فَاتْبَعْهُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

ست خصال ينبغي للمؤمن أن يلاحظها ويعتني بها مع أخيه إذا لقيه فليسلم عليه يبدأه بالسلام، وعلى الأخ أن يرد السلام من حقه عليه أن يرد السلام أيضاً كما في اللفظ الآخر: حق المسلم على المسلم وذكر خمس خصال منها رد السلام وإذا دعاه إلى وليمة عرس أو غيره فليجيبه إذا لم يكن هناك منكر يمنع، أو عذر شرعي، وإذا استنصحك قال ويش تقول في هذا؟ أريد الزواج من فلانة أو أريد أشتري الشيء الفلاني ينصحه ولا يغش في الشراء أو في

الزواج أو غير ذلك.

وإذا عطس وحمد الله فشمته، يقول: يرحمك الله، للحديث الآخر يقول ﷺ: إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله وإذا قال: الحمد لله، فليقل له أخوه: يرحمك الله، فإذا قال له أخوه: يرحمك الله، فليقل: يهديكم الله ويصلح بالكم، فالمشروع للمؤمن أن يعتني بهذا متى عطس أخوه وحمد الله فليقل له: يرحمك الله، وهو يقول: يهديكم الله ويصلح بالكم، وفي هذا أمر يدل على التأكد في فليقل له: يرحمك الله والأصل في الأوامر للوجوب، وهذا يدل على تأكد هذا الأمر وإذا مرض فعده وإذا مات فاتبعه يقول النبي ﷺ: عودوا المريض وأطعموا الجائع وفكوا العاني أخرجه البخاري في الصحيح فعيادة المريض من حق المسلم على أخيه.

ويقول البراء بن عازب في الصحيح: أمرنا رسول الله ﷺ بسبع وذكر منها عيادة المريض واتباع الجنائز وتشميت العاطس ونصر المظلوم فينبغي للمؤمن أن يلاحظ هذه الخصال التي جعلها الله بين المؤمنين سلمًا للتعاون والمحبة في الله والتعاون على البر والتقوى والتواصي بالحق[الأنترنت – موقع ابن باز- حق المسلم على المسلم ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة الواحدة والأربعون في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

*حقوق المريض النفسي بين الطب والدين والقانون

    حقوق الانسان‏..‏ مصطلح تزايدت معدلات ظهوره اخيرا في وسائل الاعلام وحديث الناس‏,‏ وبالرغم من ذلك فان واحدة من القضايا المهمة التي لاتستحوذ علي القدر الملائم من الاهتمام مسألة حقوق المرضي الذين يعانون اضطرابا نفسيا وعقليا‏..‏ وهم فئة المرضي النفسيين الذين لايجدون غالبا من يهتم بشئونهم او يدافع عن حقوقهم وهم في اشد حالات الضعف الانساني بسبب ما آل اليه حالهم نتيجة لاصابتهم بالمرض النفسي‏..‏ وهؤلاء يتزايد عددهم في المجتمع بصورة تدعو الي القلق‏..‏ كما تزايدت معاناتهم وهموم من يقوم علي رعايتهم‏..‏ ويمثلون عبئا ثقيلا علي المجتمع‏..‏ وقد يتعرضون الي الاهمال او الظلم او تضيع حقوقهم في الرعاية والعلاج والحياة الآمنة‏.‏

والاشخاص الذين تتسبب اصابتهم بالمرضي النفسي في تدهور حالتهم العقلية الي درجة الاعاقة هم اخوة لنا لايختلفون عن غيرهم في شيء‏..‏ بل هم كل واحد منا‏,‏ حيث ثبت ان المرض النفسي يمكن ان يصيب اي انسان في اي مرحلة من مراحل العمر‏,‏ كما تؤكد الدراسات ان الامراض النفسية ـ وهي امراض العصر الحالي ـ اصبحت واسعة الانتشار في كل مجتمعات العالم سواء في الشرق او في الغرب دون تفرقة بين الاغنياء والفقراء‏.‏

وقد بدأت في العالم حاليا حركة اهتمام بحقوق المرضي النفسيين بعد ان تفاقمت مشكلاتهم في كل مجتمعات العالم علي مدي عصور طويلة كانوا يتعرضون فيها للمعاملة القاسية‏,‏ ومن مظاهر هذا الاهتمام اعلان صدر عن الامم المتحدة في عام‏1991‏ حول حقوق المريض النفسي‏,‏ ويعتبر الحق في العلاج باستخدام الوسائل الطبية الحديثة في مقدمة الحقوق التي يجب ان يحصل عليها المرضي النفسيون دون تفرقة‏,‏ ويتم ذلك باختيار المريض باقل من القيود علي حريته‏,‏ ولابد من موافقته عند دخوله الي المستشفي وعند تقديم اي علاج له‏.‏

فهل يحدث ذلك فعلا في الواقع‏!‏؟

وبالاضافة الي الحق في العلاج فان الحقوق المدنية للمريض النفسي كمواطن يجب ان يحصل عليها كاملة اثناء مرضه منها علي سبيل المثال حقه في استقبال الزائرين في اثناء وجوده بالمستشفيات وخصوصا حق الزوج في زيارات خصوصية لزوجته‏,‏ وحق المريض في الاتصال بالعالم الخارجي‏,‏ وتدبير شئونه والتصرف

 في امواله‏,‏ وحقه في الاقامة في مكان ملائم‏.‏

ولعل طبيعة الامراض النفسية التي تؤثر علي العقل والحكم علي الامور تجعل من علاقة الطب النفسي بالقانون والقضاء مسألة مهمة لاتوجد بالنسبة لفروع الطب الاخري‏.‏

والمرضي النفسيون قد يخرجون علي قوانين المجتمع فيرتكبون المخالفات والجرائم تحت تأثير حالتهم المرضية وبرغم انهم لايمثلون خطرا علي انفسهم او علي الآخرين إلا في حالات محدودة‏,‏ وتذكر الارقام ان مليونين من جرائم العنف ترتكب في الولايات المتحدة كل عام بينها‏23‏ الف جريمة قتل لايقوم المرضي النفسيون سوي بنسبة محدودة من هذه الجرائم لاتصل الي‏30%,‏ وتكون هناك علاقة قرابة او صداقة في نسبة‏75%‏ من هذه الحالات بين الجاني والضحية‏,‏ والحالات النفسية المرضية التي ترتبط بسلوك العنف في اضطراب الشخصية الذي يعرف في الطب النفسي بالشخصية المضادة للمجتمع‏,‏ وحالات لانفصام والبارانويا والوسواس القهري والاكتئاب والهوس‏,‏ كما ان نسبة عالية من الجرائم ترتكب تحت تأثير تعاطي الكحول والمواد المخدرة والعقاقير الاخري‏.‏

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة الثانية والأربعون في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

*حقوق المريض النفسي بين الطب والدين والقانون

ويعفي القانون الشخص المجنون من المسئولية عمايفعل‏,‏ لكن تحديد الجنون مسألة يحيط بها الكثير من الجدل‏,‏ فكلمة مجنون والامراض النفسية والعقلية كما يعرفها الاطباء النفسيون كثيرة تصل الي مايقرب من‏100‏ مرض تضمها قائمة التشخيص العالمية لتضيف الامراض النفسية‏,‏ والجريمة من المفترض ان لها عنصرين هما الفعل السييء في حق الآخرين‏,‏ وتوفر النية او القصد‏,‏ وهذا مايصفه القانون احيانا بسبق الاصرار والترصد‏,‏ وبالنسبة للمرضي النفسيين فإن احد عنصري الجريمة وهو القصد لايتوفر فالمريض او المجنون مثل الطفل الذي تكسر شيئا ثمينا وهو يلهو دون ان يدرك حقيقة مايفعل‏,‏ ومن هنا كانت القواعد القانونية التي تعفي المريض العقلي من المسئولية عما يقوم به اذا كان في اثناء ذلك في حالة لايستطيع ان يميز فيها بين الصواب والخطأ‏.‏

والمرضي النفسيون من اكثر الفئات حاجة الي الرعاية والمساندة‏,‏ وكثيرا مايحدث ان يرتكب المريض النفسي بعض الافعال التي لايرضي عنها احد‏,‏ أو قد يسبب في ايذاء نفسه او ايذاء الآخرين‏,‏ فالمريض العدواني قد يوجه الاساءة الي اقرب الناس اليه من اهله او من يقومون علي رعايته‏,‏ والمرضي هنا وهم يرتكبون جرائم العنف الدموية او يقدمون علي الانتحار انما يفعلون ذلك بحكم اصابتهم بالمرض النفسي الذي يتسبب في تشويه حكمهم علي الامور من تأثير الاكتئاب الذي يؤدي الي حالة من اليأس يقصد فيها المريض الحياة علي انها عبء لايطاق‏,‏ او الافكار المرضية والهلاوس في صورة اصوات توحي الي مريض لانفصام بمهاجمة الآخرين بعد ان تسلب ارادته‏,‏ والمريض النفسي الذي يبدو هنا مجرما او ظالما هو مظلوم في الحقيقة لانه لم يحصل علي علاج فعال قبل ان تتدهور حالته‏.‏

وفي بعض الاحيان يطالب المجتمع المريض النفسي بأن يتحمل نفس مسئولياته نحو اسرته وعمله والآخرين‏,‏ ولايستطيع احد ان يصدق ان مريض الاكتئاب لايستطيع الخروج من عزلته او القيام بأي عمل بسيط‏,‏ برغم ان حالته الصحية جيدة‏,‏ او ان مريض الوسواس القهري لايمكنه التوقف عن تكرار غسل يديه اكثر من‏100‏ مرة رغما عنه‏,‏ أو ان مريض الفصام يمكنه ان يتغلب علي الاصوات التي يسمعها تحدثه وتتحاور معه وتأمره فيطيع رغما عن ارادته‏,‏ والناس يعتقدون ان علي المريض مسئولية فيما يحدث له ويستطيع ان يتحكم في اعراض المرض‏,‏ وهذا غير صحيح‏,‏ ويتخلي اقارب المريض عن مساعدته فيواجه الحياة دون مساندة خصوصا اذا طالت فترة المرض وهذا مايحدث في العادة في كثير من الامراض العقلية‏,‏ وذلك بالاضافة الي عبء وتكاليف العلاج بالادوية الحديثة وهي باهظة للغاية خصوصا بالنسبة للمريض النفسي الذي يقعده المرض ويمنعه من العمل وكسب العيش‏.‏

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة الثالثة والأربعون في موضوع (الحق) وهي بعنوان :*حقوق المرضي النفسيين‏..‏

لو افترضنا انك كنت تجلس مكاني في العيادة النفسية وتقوم بدوري كطبيب نفسي‏..‏ واخبرك مريضك وهو معك في جلسة علاج نفسي بأنه ينوي قتل شخص اخر من اقاربه او جيرانه لانه يتصور انه لابد ان يعاقب هذا الشخص‏,,‏ ان رد الفعل الطبيعي هو ان يحاول الطبيب ان يثني المريض عن عزمه ويقنعه إلا يفعل ذلك‏,‏ غير ان قد يصر علي رأيه فكيف يتصرف الطبيب في هذا الموقف ؟

المشكلة هنا هي التزام الطبيب النفسي بسرية المعلومات التي يدلي بها المريض فإذا قام الطبيب بابلاغ أي شخص على حالة المريض فهو هنا قد افشي سر المهنة ويتعرض بموجب القانون لعقاب بالسجن والغرامة ويكون قد ارتكب مخالفة مهنية‏,‏ واذا سكت على ذلك وحدث ضرر بووقع جريمة كان من الممكن منعها فإنه أيضا يكون قد ارتكب بسكوته مخالفة مهنية يعاقب عليها‏..‏ ولاتزال مثل هذه المأسأة محل نقاش لم يتم الاتفاق بشأنها فهناك حق المريض في حفظ اسراره وحق المجتمع الذي يوجب التحذير من وقوع جريمة حين نعلم بها مسبقا‏.‏

وهناك مشكلة اخري نتعرض لها بصفة دائمة بحكم العمل فيا لطب النفسي تتمثل في المرضي النفسيين الذين يقودون السيارات في الشوارع وهم في حالة نفسية تؤثر علي تركيزهم ولاتسمح بقيادة السيارة بطريقة امنة‏,‏ وهم بذلك يمثلون خطورة علي انفسهم وعلي الأخرين‏,‏ ومن حق المجتمع ان يتم منع هذا الخطر بإبلاغ الطبيب النفسي للسلطات عن مثل هذه الحالات قبل وقوع الحوادث لكن الطبيب النفسي لايفعل ذلك غالبا حتي لايزيد من متاعب مرضاه وينطبق ذلك ايضا علي حالات المدمنين الذين يقودون السيارات تحت تأثير الكحول والمخدرات الاخري ويتسببون في نسبة كبيرة من الحوادث‏,‏ وهذه مسألة تحتاج الي حل حاسم بالاخذ في الاعتبار مصلحة المريض وظروف الطبيب ومصلحة المجتمع ايضا‏.‏

وهناك من الامراض النفسية مايسبب اعراضا حادة فيكون المريض في حالة اثارة وتوترشديدين لايستطيع السيطرة علي تصرفاته‏,‏ وهناك من المرضي من لديه ميول انتحارية ويحاول التخلص من حياته بسبب المعاناة النفسية‏,‏ومنهم من يمثل خطورة علي المحيطين به ولديه ميول عدوانية‏,‏ ومثل هذه الحالات لايكون حكم المريض علي حالته دقيقا فهو لايدرك مايعاينه لايعاني منه ويتطلب الامرهنا التدخل لعلاج المريض واجباره علي قبول دخول المستشفي حيث يكون ذلك هو الحل الوحيد لصالحه ولمصلحة المجتمع ايضا‏.‏

وقد يعجب البعض منا اذا علم ان مو افقة المريض علي تناول اي دواء يصرف له لابد ان تكون واضحة وكتابية في كل الظروف‏,‏ غير ان واقع الحال يختلف عن ذلك تماما داخل المستشفيات العقلية حيث يرغم المريض علي اخذ الحقن المهدئة حتي تتم السيطرة علي حركته‏,‏ وكذلك يتم استعمال جرعات كبيرة من الادروية وجلسات الكهرباء ويجب ان يعطي المريض حقه في الموافقة علي العلاج‏.‏                                          إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة الرابعة والأربعون في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :      *حقوق المرضي النفسيين‏..‏

ومن حقوق المريض النفسي المهمة ايضا حقه في ادارة امواله بنفسه‏,‏ وكثيرا مايتطلب اهل المريض واقاربه الحجر عليه أي منعه من التصرف في امواله لاصابته بالمرض العقلي‏,‏ ونحن نقول ان الاصابة بالمرض العقلي ليست مبررا كافيا في كل الاحوال لحرمان المريض من حق التصرف في ممتلكاته‏,‏ وكثير من المرضي النفسيين لديهم القدرة علي التصرف السليم في اموالهم‏.‏

والعلاقة بين المريض وطبيبه من العلاقات المقدسة خصوصا في الطب النفسي فالمريض يضع كل

حياته واسراره وثقته الكاملة في طبيبه الذي يعتبر

امينا علي كل ذلك ومن حق المريض الاحتفاظ بأسراره وعدم الافشاء بها تحت اي ظرف‏,‏ كما ان علي الطبيب ان يقدم العون والمساعدة والعلاج بكل الوسائل الطبية الحديثة لمرضاه‏,‏ ومن الواجب مناقشة المريض في حالته وشرح كل علاج يتم تقديمه اليه وتوضيح هدف العلاج ومدته وايه اثار جانبية تترتب علي استخدامه ورغم ان شيئا من ذلك لايحدث في معظم الاحيان الا ان ذلك يظل حقا للمريض في المعرفة والعلم بكل مايتعلق بعلاجه قبل الموافقة عليه‏..‏

قد تحدث مخالفات لاصول المهنة اثناء العلاج مثل الاهمال من جانب الطبيب او الخطأ غير المتعمد او امتناع الطبيب عن علاج المريض‏,‏ وتعتبر هذه المخالفات لقواعد اخلاقيات الممارسة الطبية ومن المشكلات ايضاالتي تتسبب في تشويه العلاقة بين المريض النفسي وطبيبه افشاء سر المريض او ادخال احد المرضي بطريق الخطأ واحتجازه في المستشفي‏,‏ او ارسال تقرير عن المريض الي احدي الجهات دون موافقته بما يمثل اختراقا لعلاقة تقوم علي الثقة‏,‏ وثمة موضوع اخر اكثر حساسية هو احتمال قيام علاقة عاطفية بين الطبيب وواحدة من مرضاه‏,‏ وهذه العلاقة ترفضها كل القوانين والقواعد الاخلاقية مهما كان هناك من موافقة واغواء من جانب المريضة التي تعتبر تحت وصاية الطبيب اثناء العلاج‏,‏ ويدخل ذلك ضمن عشرات من المسائل والاعتبارات الاخلاقية تحت بند سوء الممارسة الطبية ويجب ان تظل صورة الطبيب المعالج رفيعة المستوي حتي تنجح العلاقة العلاجية لاهمية تأثير شخصية الطبيب في حالة مرضاه‏,‏ ويؤكد ذلك قول احد علماء الطب الطبيب النفسي علي وجه الخصوص يستخدم شخصيته كأداة رئيسية للعلاج‏,‏ وكل مايصفه من الادوية ليست سوي رموز مكملة لتأثير شخصيته علي ا لاخرين‏.‏

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة الخامسة والأربعون في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :      *حقوق المرضي النفسيين‏..‏

وقد كان الاسلام اسبق من العلم الحديث في وضع الاسس للمعاملات الانسانية في كل مجال‏,‏ وقد تضمنت الشريعة الاسلامية من التعاليم والاحكام‏,‏ مايمكن الاستعانة به للتوصل الي حل للمشكلات الانسانية التي ظهرت وتفاقمت في عصرنا الحديث‏,‏ والاسلام دين حياة فيه مايؤدي الي الوقاية والعلاج من امراض نفسية متعددة‏,‏ كما ان الايمان القوي بالله تعالي له تأثير ايجابي ثبت علميا علي حالة الصحة النفسية في كل الظروف

وبالنسبة للطب النفسي فإننا نضرب هنا مثالين لفضل تعاليم الاسلام في الوقاية والعلاج للمشكلات النفسية المستعصية فقد ثبت من دراسة حالات الاكتئاب النفسي ان نسبة تصل الي‏15%‏ من المرضي يقدمون علي الانتحار‏,‏ وتصل نسبة الانتحار في الدول المتقدمة الي‏42‏ لكل‏100‏ الف في السويد والدانمارك‏,‏ و‏40‏ لكل‏100‏ الف في المجر‏,‏و‏36‏ لكل‏100‏ الف في الولايات المتحدة وبريطانيا‏,‏ بينما تقل هذه النسبة في الدول العربية والاسلامية الي نحو‏2‏ لكل‏100‏ الف في مصر علي سبيل المثال اي اقل نسبة‏20‏ ضعفا‏,‏ والفضل في ذلك يعود الي تعاليم الاسلام الواضحة حول الانتحار وقتل النفس والمثال الثاني هو مشكلة تعاطي وادمان الكحول التي تتسبب في الكثير من المضاعفات والحالات المرضية عضويا ونفسيا‏,‏ وينجم عنها زيادة في نسبة الحوادث والجرائم‏,‏ وهذه المشكلة تكاد تكون هامشية في الدول العربية والاسلامية يفصل التحريم القاطع للخمر في القران الكريم‏.‏

وبالنسبة لحقوق المريض النفسي فإن تكريم الاسلام للانسان وعدم المساس بحقوقه في كل الاحوال فيه تقديم لحلول كثير من مشكلات المعاقين نفسيا وعقليا‏,‏ كما ان مراجعة احكام الفقه الاسلامي تقدم لنا حلولا لمسائل عديدة يثور حولها الجدل حتي الان‏.‏

انتهي الكلام عن حقوق المرضي النفسيين والمعاقين عقليا ونفسيا ولكن لم تنته مشكلاتهم وهمومهم‏..‏

واذا كنا قد طرحنا من خلال هذا العرض بعضا من المشكلات العملية وهموم المرضي النفسيين فإننا نأمل في ان يحدث تحول وتغيير ايجابي لمصلحة هذه الفئة من اخواننا الذين يعانون مشكلات نفسية بما يسهم في التخفيف من معاناتهم‏,‏ومساعدتهم للحصول علي حقهم في الحياة بد .[الأنترنت – موقع قضايا و اراء - بقلم: د‏.‏ لطفي الشربيني - استشاري الطب النفسي]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة السادسة والأربعون في موضوع (الحق) وهي بعنوان : *حقوقُ المريضِ على الطبيبِ

    أولاً  : لا بد أن أبينَ ابتداءً أن من واجبِ الطبيب أن يتعرفَ على الأحكام الشرعية بشكلٍ عامٍ،وخاصةً الأحكام الفقهية اللازمة لممارسة الطبيب المسلم لمهنته، وهي المسمَّاة بالفقه الطبي،وقد لقي هذا الموضوع عنايةً كبيرةً من فقهاء الإسلام قديماً وحديثاً،وتناوله العلماء تحت عناوين مختلفة من أهمها: “الطب النبوي” ككتب ابن القيم وأبي نعيم الأصفهاني وللذهبي وغيرهم.

وفي الوقت الحاضر هنالك عددٌ كبيرٌ من الكتب والأبحاث والمقالات التي تتعلق بالفقه الطبي،وهنالك اهتمامٌ كبيرٌ بالقضايا الطبية المعاصرة،وقد عُقدت المؤتمراتُ العلميةُ والشرعيةُ لمناقشتها، وقدمت فيها أبحاثٌ كثيرةٌ ،كما صدرت قراراتٌ عن المجامع الفقهية، كما أن كليات العلم الشرعي تهتم بهذا المجال، وخاصة في برامج الماجستير كما هو الحال في ماجستير الفقه والتشريع في كلية الدعوة وأصول الدين في جامعة القدس، حيث يُدرس مساق القضايا الطبية المعاصرة ،وقد أشرفتُ على رسالة ماجستير بعنوان:”مناقشة القرارات الطبية المعاصرة لمجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي دارسة فقهية مقارنة ” للطالبة ديما النشاشيبي، وغير ذلك كثيرٌ، ولا يتسع المقام للتفصيل.

ثانياً:إن الطبيب الذي نريدهُ هو الطبيبُ الملتزم بدينه أولاً، والكفءُ في علمه بالطب ثانياً،وخاصةً أطباء التخصص.ونريدُ الطبيب الذي يواكبُ تطورَ العلوم الطبية، ويمارس مهنته وفق المستجدات في عالم الطب،ولا بأس أن أذكر وصف الطبيب المسلم كما تبنته الجمعية الطبية الإسلامية بأمريكا الشمالية، الذي يعكس الفكرة الإسلامية لآداب مهنة الطب، فالطبيب المسلم:[ يجب أن يؤمن بالله وبتعاليم الإسلام وسلوكياته في حياته الخاصة والعامة. وأن يكون عارفاً لجميل والديه ومعلميه،ومن هم أكبر منه. وأن يكون بسيطاً متواضعاًرفيقاًرحيماً صبوراً متحملاً. وأن يسلك الطريق المستقيم، ويطلب من الله دوام التوفيق.وأن يظل دائماً على درايةٍ بالعلوم الطبية الحديثة، وينمِّي مهارته باستمرارِ طلب العون عندما يلزمه ذلك.وأن يستشعر أن الله هو الذي يخلق ويملك جسد المريض وعقله فيعامل المريض في إطار تعاليم الله متذكراً أن الحياة هي هبةُ الله للإنسان، وأن الحياة الآدمية تبدأُ من لحظة الإخصاب ،ولا يمكن سلبُها إلا بيد الله أو برخصةٍ منه. ويتذكر أن الله يراقبُ كل فكرٍ وعمل. وأن يلتزم بالقوانين التي تنظمُ مهنته، وأن يتبع أوامرَ الله كمنهجٍ وحيدٍ، حتى لو اختلفت مع متطلبات الناس أو رغبات المريض.وألا يصفَ أو يعطيَ أي شيءٍ ضارٍ. وأن يُقدمَ المساعدة اللازمة دون اعتبارٍ للقدرة المادية أو أصل المريض أو عمله، وأن يُقدمَ النصيحةَ اللازمة للجسم والعقل. وأن يحفظ سرَّ المريض .وأن يتوخى الأسلوب المناسب في التخاطب، وأن يفحص المريضَ من الجنس الآخر في وجود شخصٍ ثالثٍ ما تيسر ذلك .وألا ينتقدَ زملاءَه الأطباء أمام المرضى، أو العاملين في الحقل الطبي.وأن يسعى دائماً إلى تبني الحكمةِ في كل قراراته [ مجلة مجمع الفقه الإسلامي عدد 8 ج 3/114.]                    إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة السابعة والأربعون في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :       *حقوقُ المريضِ على الطبيبِ

 ثالثاً :حقوق المريض على طبيبه الذي يعالجه كثيرةٌ ،درسها عددٌ من الباحثين،وتناولها الميثاقُ الإسلامي العالمي للأخلاقيات الطبيةوالصحية،ويوجد اليوم قوانين وتعليمات تبين حقوقَ المرضى،وتحرصُ المستشفيات والمراكز الطبية على نشر لائحةِ حقوق المرضى في مكانٍ ظاهرٍ للمراجعين،وينبغي التذكيرُ بأن الطبيب والمستشفى والمركز الطبي إنما يقدمون خدماتٍ للمرضى، فلا بدَّ من تطبيق معايير الجودة العالمية المتعلقة بحقوق المرضى،مع تأصيلها شرعاً، ونظراً لاتساع الموضوع فسأذكرُ أهم حقوق المريض على طبيبه باختصار:

(1) أن يلتزم الطبيبُ بآداب المقابلة الطبية،وبالذات المقابلة الأولى مع مريضه، من حيث التحية وردّ السلام، والبشاشة والتبسم وطلاقة الوجه وحسنِ استقبال المريض.

(2) أن يُحسنَ الطبيبُ الاستماعَ لشكوى مريضه، وأن يعطيه الوقتَ الكافي لعرض شكواه دون مقاطعة، وأن لا ينشغلَ عنه بالردِّ على الهاتف أو ينشغل بالكمبيوتر وغير ذلك. ولا شكَّ أن حُسنَ استماع الطبيبِ لمريضه يُؤثرُ في ثقة المريض بطبيبه.وعلى الطبيب أن يحرص على أن لا يُشعرَ مريضه بأنه في عجلةٍ من أمره.

(3) أن يعامل الطبيبُ مريضه بتواضعٍ وأن لا يتعالى أو يتكبر عليه.

ورد في المادة (2) من الميثاق الإسلامي العالمي للأخلاقيات الطبية والصحية:[على الطبيب أن يُحْسن الاستماعَ لشكوى المريض ويتفهَّمَ معاناته، وأن يُحسنَ معاملته ويرفقَ به أثناء الفحص.ولا يجوز له أن يتعالى على المريض أو ينظر إليه نظرةً دونيَّةً أو يستهزئ به أو يسخرَ منه، مهما كان مستواه العلمي والاجتماعي. وأياً كان انتماؤُه الديني أو العِرْقي، وعليه أن يحترم وجهة نظر المريض، ولاسيَّما في الأمور التي تتعلق به شخصياً، على أن لا يحولَ ذلك دون تزويد المريض بالتوجيه المناسب]

(4) أن يقوم الطبيب بفحص مريضه وفق المقتضيات الطبية، وأن يعطي الفحوصات الوقت اللازم لها حسب الأعراف الطبية، ولا يكتفي بالكلام فقط والحرص على إنهاء المقابلة في أقصر وقت.

(5) يجب على الطبيب أن يحرص على مراعاة خصوصية المريض،فلا يكون معه عند الفحص

 شخصٌ لا حاجة لوجوده كالممرضة إذا كان المريضُ رجلاً، وأن يحرص الطبيبُ على فحص المرأة بوجود شخصٍ ثالث،ولا تجوز الخلوةُ بالمرأة أثناء الفحص.

(6) أن يحرص الطبيب على عدم كشف العورات أثناء الفحص الطبي،للرجل وللمرأة إلا ما كان لا بد منه للفحص الطبي.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة الثامنة والأربعون في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

      *حقوقُ المريضِ على الطبيبِ

(7) لا بدَّ للطبيب من أخذ إذنِ المريضِ قبل أي ممارسةٍ طبيةٍ إلا في حالاتٍ خاصة،والمقصود بذلك هو موافقةُ المريض أو وليهُ على الإجراءات الطبية اللازمة لعلاجه،فالأصلُ عدم جواز معالجة المريض إلا بإذنه أو إذن وليه عند الحاجة، ويستثنى من ذلك الحالات الخطرة، التي لا يمكن فيها أخذُ إذن المريض ولا وليه,وكذلك حالات الأمراض المعدية،فلا بدَّ من علاجها ولو بغير إذن المريض.انظر أحكام الإذن الطبي.

ويدخل تحت إذن المريض الإطلاع على عورته،فلا

يجوز للطبيب ذلك إلا بعد استئذان المريض كما ورد في قرار مجمع الفقه الإسلامي:[ يشترط إذن المريض للعلاج إذا كان تام الأهلية]

(8) من واجبات الطبيب أن يكتمَ أسرارَ المريض، فلا يبوح بها إلا في حالاتٍ خاصةٍ،ومعلومٌ أن المريض يركنُ إلى طبيبه ويفضي إليه بأسرارٍ لا يكشفها لغيره.

(9) واجبٌ على الطبيب أن يقتصر على طلب الفحوصات والتحاليل اللازمة للمريض وفق المقتضى الطبي، وأن لا يزيد فيها بناءً على أي مصلحةٍ قد تتحقق للطبيب أو لغيره، كاتفاق الطبيب مع مختبرٍ معينٍ لتحويل المرضى إليه.

ورد في المادة (5) من الميثاق الإسلامي العالمي

للأخلاقيات الطبية والصحية:[ على الطبيب أن يحرص على إجراء الفحوص الطبية اللازمة للمريض،دون إضافة فحوصٍ لا تتطلَّبها حالته المرضية.وعليه أن يبني كل إجراءاته التشخيصية والعلاجية على أفضل ما يمكن من البيِّنات، وأن يمتنع عن استخدام طرقٍ تشخيصيةٍ أوعلاجيةٍ غير معتمدة

، أو غير متعارَفٍ عليها، أو غير مُعْتَرَفٍ بها علمياً.كما أن عليه أن يقتصر في وصف الدواء أو إجراء العمليات الجراحية على ما تتطلَّبه حالة المريض]

(10) واجبٌ على الطبيب أن يقوم بوصف الأدوية

اللازمة لمعالجة مريضه فقط،وأن لا يصف أدوية لا يحتاج إليها المريض من حيث النوعية والكمية،ويجب شرعاً أن يكون وصفُ الطبيبِ الدواءَ للمريض حسب حالة المريض وفي مصلحته،ولا يكون مبنياً على ملاحظة مصلحةٍ للطبيب أو لشركات الأدوية.والمريض أمانةٌ بين يدي طبيبه، فإذا وصف الطبيبُ دواءً للمريض على خلاف مصلحة المريض، من أجل تسويق نوعٍ من الأدوية، فإن الطبيب يكون غاشاً لمريضه، ومن المعلوم أن من قواعد المعاملات في الشريعة الإسلامية تحريمُ الغشِّ والخديعة،وقد ورد في الحديث أن النبي صلى الله

عليه وسلم قال:(من غشنا فليس منا) رواه مسلم.

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(من غشنا فليس منا والمكر والخداع في النار) رواه ابن حبان والطبراني وهو حديث صحيح كما قال العلامة الألباني في إرواء الغليل 5/164. كما أن ذلك يعتبرُ خيانةً للأمانة وهي محرمةٌ شرعاً.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة التاسعة والأربعون في موضوع (الحق)

 وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :       *حقوقُ المريضِ على الطبيبِ

(11) من حق المريض على طبيبه الحصولُ على المعلومات الكاملة المتعلقة بمرضه.

ورد في المادة (6) من الميثاق الإسلامي العالمي للأخلاقيات الطبية والصحية:[ على الطبيب أن يحرص على تحرِّي الصدق في إخبار المريض أو من ينوب عنه بالحالة المرضية وأسبابها ومضاعفاتها،وفائدة الإجراءات التشخيصية والعلاجية، وتعريفهم بالبدائل المناسبة للتشخيص أو العلاج، بأسلوبٍ إنساني ولائقٍ ومبسَّطٍ وواضحٍ، وذلك بالقدْرِ الذي تسمح به حالةُ المريض الجسمية والنفسية]

(12) من حقِّ المريض على طبيبه أن يحيلهُ إلى طبيبٍ آخر في حال أنه لم يتمكن من علاجه لأي سببٍ كان.

ورد في المادة (7) من الميثاق الإسلامي العالمي للأخلاقيات الطبية والصحية:[على الطبيب أن لا يتردَّد في إحالة المريض إلى طبيبٍ مختصٍّ بنوع مرضه، أو إلى طبيبٍ لديه وسائل أكثر فعاليةً، إذا استدعت حالةُ المريض ذلك، أو إلى طبيبٍ آخر يرغبُ المريضُ في استشارته. ولا يجوز للطبيب أن يتباطأ في الإحالة إذا كان ذلك في مصلحة المريض. وعليه أن يتيح المعلومات المدوَّنة بسجله الطبي والتي يعتقد أنها لازمةٌ لعلاج المريض، عند إحالته إلى طبيبٍ آخر، وأن يزوِّده بالتقرير الطبي الوافي عن حالته المرضيَّة]

(13) من حقِّ المريض الذي يدفعُ أجر الطبيب ” الكشفية ” أن تكون التسعيرةُ مكافأةً للخدمة الطبية التي يحصل عليها المريض، فلا يُقبل أن يتقاضى الطبيب المختص مئةَ شيكل كشفية، ولا يتجاوز مكثُ المريضُ في العيادة إلا أقلَّ من خمس دقائق!وقد حدثني أحدُ الزملاء الثقات أنه راجع طبيباً مختصاً،فتقاضى منه مبلغ كبيرمن المال، ولم يقم بالفحص المطلوب، وطلب منه أن يراجعه في مستشفى خاصٍ، ولم تستغرق المقابلة سوى خمس دقائق!

فعلى الأطباء أن يتقوا الله في المرضى، وأنه لا بدَّ من مراعاة المريض الفقير.

رابعاً: ينبغي تذكيرُ الأطباء المحترمين بالقَسَمِ الذي أقسموا عليه عندما تخرجوا من كليات الطب:

[أُقْسِمُ باللهِ العَظِيمْ أن أراقبَ اللّهَ في مِهنَتِي. وأن أصُونَ حياة الإنسان في كافّةِ أدوَارهَا في كل الظروف والأحَوال بَاذِلاً وسْعِي في استنقاذها مِن الهَلاكِ والمرَضِ والألَم والقَلق. وأن أَحفَظ لِلنّاسِ كَرَامَتهُم، وأسْتر عَوْرَتهُم، وأكتمَ سِرَّهُمْ. وأن أكونَ عَلى الدوَام من وسائِل رحمة الله، باذلاً رِعَايََتي الطبية للقريب والبعيد، للصالح والخاطئ، والصديق والعدو. وأن أثابر على طلب العلم، أُسَخِره لنفعِ الإنسَان…لا لأذَاه. وأن أُوَقّرَ مَن عَلَّمَني، وأُعَلّمَ مَن يَصْغرُني، وأكون أخاً لِكُلِّ زَميلٍ في المِهنَةِ الطِبّيّة مُتعَاونِينَ عَلى البرِّ والتقوى. وأن تكون حياتي مِصْدَاق إيمَاني في سِرّي وَعَلانيَتي، نَقيّةً مِمّا يُشينهَا تجَاهَ الله وَرَسُولِهِ وَالمؤمِنين. والله على ما أقول شهيد]

وخلاصة الأمر:

أن من واجبِ الطبيب أن يتعرفَ على الأحكام الشرعية بشكلٍ عامٍ، وخاصةً ما يتعلق بالفقه الطبي. وأن الطبيب الذي نريدهُ هو الطبيبُ الملتزمُ بدينه أولاً، والكفءُ في علمه بالطب ثانياً، والمواكبُ لتطورِ العلوم الطبية.

وأن حقوق المريض على طبيبه الذي يعالجه كثيرةٌ بينها عددٌ من الباحثين،وتناولها الميثاقُ الإسلامي العالمي للأخلاقيات الطبية والصحية. وأنه لا بدَّ من تطبيق معايير الجودة العالمية المتعلقة بحقوق المرضى مع تأصيلها شرعاً. [الأنترنت – موقع شبكة يسألونك الإسلامية ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة الخمسون في موضوع(الحق)وهي بعنوان :      

*قائمة حقوق المريض وذويهم

للمريض وذويه الحق في :

*تعريفهم برسالة المنشاة وحقوق المريض وذويه ومسؤولياتهم تجاهها.

*الحصول على نسخة من وثيقة حقوق المرضى وذويهم ومسؤولياتهم عند التسجيل أو الدخول .

*التقدم بشكوى شفوية أو مكتوبة

*الحصول على معلومات تقريبية عن التكلفة المتوقعة

 قبل بدء العلاج

*ضمان إلمام المريض أو الوصي القانوني عليه بكافة المعلومات المتعلقة بالحالة والوضع الصحي للمريض بشكل وافي وواضح وبلغة مفهومة.

*الحصول على تغذية كافية ومناسبة لحالة المريض الصحية.

*تلقي التقييم المناسب لعلاج الألم

*الحصول على الخدمة الصحية المناسبة من غير تفرقة (عنصريه)

*مناقشة البرنامج العلاجي للمريض سواءً معه أو الوصي القانوني عليه بسرية

*الحفاظ على ستر عورة المريض في غيرما تقتضيه

 ضرورة العلاج.

*الحفاظ على سرية المعلومات الخاصة بالمريض والتشخيص والتحاليل والعلاج والسجلات الطبية

*توفر أماكن انتظار للنساء والرجال مناسبة ومنفصلة.

*ضمان وجود شخص من نفس جنس المريض يتواجد أثناء الفحص السريري أو التداخلات المطلوبة

*وجود إجراءات كافية لحماية ممتلكات المريض من السرقة والتلف

*حماية المريض من الإيذاء بكافة أنواعه.

*حصول المريض على الرعاية الصحية المناسبة بصورة

 لائقة ومحترمة في كل الأوقات وتحت كل الظروف بما يضمن حفظ كرامته.

*احترام قيم واعتقادات المريض الثقافية والاجتماعية والدينية و المذهبية و الروحية.

*معرفة المريض بأسماء المشاركين في تقديم الخدمة الصحية و بالاخص  أسم الطبيب المسؤول عن علاجه ومتابعة حالته إلا في حالة الطوارئ

*حصول المريض أو الوصي القانوني عليه من الطبيب المعالج على المعلومات اللازمة قبل أي إجراء علاجي أو عملية و معرفة ما يترتب على رفض العلاج / العملية.

*من حق المريض رفض العلاج الاجراء الطبي و يجب عليه الاقرار بالتوقيع  خطيا بعد فهم كافة ما يترتب على الرفض. [الأنترنت – موقع حقوق المريض وذويهم ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة الواحدة والخمسون في موضوع(الحق) وهي بعنوان :*المعاق في الإسلام - تشريعًا وحقوقًا

الإعاقة: هي الحبس عن أداء شيء ما، والمعاق: هو مَن به عاهةٌ تمنعه وتحبسه عن أداء شيء ما، أو بتعبير أدق: هو كل إنسان يُمنَع عن أداء شيء يستطيع القيامَ به الإنسانُ الطبيعي، يشمل هذا كل قصور يصيب الإنسان في بدنه أو عقله؛ مثل: الأخرس، والمشلول، والأعمى، والمجنون، وغير ذلك، وقد أطلق على المعاقين مصطلح: "ذوو الاحتياجات الخاصة"، وقد راعى هذا المصطلح نفسية المعاق؛ ففيه تخفيف على مشاعره، وهذا يتوافق من الناحية الشرعية مع ما أمرنا الإسلام به من حُسن معاملة المعاق، حتى ولو باللفظ؛ فالمسلم مأجور بلفظه الحسن، ومأجور بإدخال السرور على أخيه المسلم، خاصة إذا كان مِن ذوي الاحتياجات الخاصة، والمتأمل لسيرة النَّبي صلَّى الله عليه وسلم يجد أنه كان يغيِّر أسماء بعض أصحابه التي بها غلظة ونفور، ليس من باب التشاؤم، ولكن من باب إِلْفِ النفس لكل جميل، وابتعادها عن كل قبيح، حتى ولو كان اسمًا من الأسماء؛ فقد غيَّر "جُعَيل" إلى عمرو، وغيَّر "صرم" إلى سعيد، و"حرب" إلى سلم، وغيَّر اسم أرض من عفرة" إلى خضرة، و"شِعب الضلالة" إلى شعب الهُدى.

الجانب الإيماني للمعاق:

لا شك أن مَن به إصابة أو عاهة ممتحَن في إيمانه، فينبغي أن يعلم كلُّ مَن به إعاقة أن هذا من القضاء والقدر الذي أُمِرنا أن نؤمن به، هذا الإيمان يجعل النفس في اطمئنان ورضًا؛ إذ لا ينبغي التسَّخَط على قضاء الله تعالى؛ قال الله تعالى: ﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [التوبة: 51]، روى أحمدُ وابن ماجه عن زيد بن ثابتٍ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لو أن الله تعالى عذَّب أهل سمواته وأرضه، عذَّبهم وهو غيرُ ظالمٍ لهم، ولو رحمهم كانت رحمته خيرًا لهم من أعمالهم، ولو كان لك أُحُدٌ أو مِثْلُ أُحُدٍ أنفقتَه في سبيل الله عز وجل، ما قُبِلَ منك حتى تؤمن بالقدر، فتعلمَ أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، فإنك إن مِتَّ على غير هذا دخلتَ النارَ))، والمؤمنُ صادقُ الإيمان يوقن تمام اليقين أن أمره كله في السراء والضراء خيرٌ؛ روى مسلم في صحيحه من حديث أبي يحيى صُهَيب بن سنان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عجَبًا لأمر المؤمن! إن أمرَه كلَّه له خير، وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن، إن أصابَتْه سرَّاءُ شكر؛ فكان خيرًا له، وإن أصابَتْه ضرَّاءُ صبر؛ فكان خيرًا له))، ويكفي هذا المعاقَ أجرًا إن صبر أن يدخل الجنةَ دون حساب؛ قال الله تعالى: ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [الزمر: 10]، روى البخاري في صحيحه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الله عز وجل قال: إذا ابتلَيْتُ عبدي بحبيبَتَيْه (أي: بفَقْدِ عينيه)، فصبَر، عوَّضْتُه منهما الجنةَ)).

المعاق الحقيقي:

يتبادر إلى الأذهان لأول وهلة حينما يأتي ذكر كلمة المعاق أنه المبتلى والمصاب بعاهة في بدنه، إلا أن الله تعالى أعطانا في القرآن الكريم معنًى للمعاق قد يغيبُ عن الأذهان؛ قال الله تعالى: ﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ﴾ [الحج: 46]، قال ابنُ كثير رحمه الله في تفسيره لهذه الآية: "أي: ليس العَمَى عَمَى البصَر، وإنما العَمَى عَمَى البصيرة، وإن كانت القوةُ الباصرة سليمةً، فإنها لا تنفُذُ إلى العِبَر، ولا تدري ما الخَبَر"

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة الثانية والخمسون في موضوع(الحق) وهي بعنوان :*حقوق الملائكة على المؤمنين

  من حقّ الملائكة علينا أن نؤمن بهم على وجه الإجمال، ومن أخلّ بهذا الحق من حيث أصلِهِ فجحد وجود الملائكة –كما يحلو لبعض الفلاسفة ومدّعي العقلانيّة والعقل منهم براء- فقد خرج عن ملّة الإسلام، كما جاء في الآية الكريمة: {ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا} (النساء:136)، يقول الطبري: " جحود شيء من ذلك بمعنى جحود جميعه، لأنه لا يصح إيمان أحد من الخلق إلا بالإيمان بما أمره الله بالإيمان به، والكفر بشيء منه كفر بجميعه"

ذاك على وجه الإجمال، وأما على وجه التفصيل، فمن حق الملائكة علينا أن نؤمن بحقيقتهم وجوهرهم، بمعنى أنهم ذواتٌ حقيقيّة وليست معنويّة أو مجازيّة، وأنّهم خُلقوا من نور، كذلك نؤمن بما يتعلّق بأخبارهم وأعمالهم، كالتوكيل بالقطر، أو حراسة نار جهنم، أو قبض الأرواح، أو الإيمان بما أعطاهم من القدرة على التشكّل والتصوّر، وأنهم لا يأكلون ولا يشربون ولا يتزاوجون، يسبحون الليل والنهار لا يفترون، وغير ذلك من الأمور، وكذلك الإيمان بما ورد من أسمائهم، كجبريل وميكائيل وإسرافيل، وملك الموت، ومالكُ خازن جهنم، عليهم جميعاً صلوات الله وسلامه.

ونأتي على الحق الثاني، وهو أن نقتدي بهم، وأوجهُ الاقتداء بهم كثيرةٌ، وأهمها ولا شك: حسن الأدب مع الله تعالى في مخاطبته والحديث معه، ونلتمس ذلك في الحوارات الغيبيّة المبثوثة في النصوص من مثل قوله تعالى: { قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم} (البقرة:32)، وقوله سبحانه: { قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون} (سبأ:41)، وكذلك حسن عبادتهم لله تعالى، وجميل تبتّلهم وخشوعهم بين يديه، وقد فُصّلت هذه الجوانب في موضوعٍ آخر.

ومن جوانب الاقتداء: أن الملائكة لا يتقدمون ربّهم تبارك وتعالى بالقول، وهم بأمره يعملون، فلا يخالفونه قولا وفعلاً، قال تعالى: { لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون} (الأنبياء:27)، وهذا الأدب الرفيع قد أُمرنا بامتثاله كما ورد في سورة الحجرات: { يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم} (الحجرات:1).

ومن جوانب الاقتداء: الصلاة على النبي –صلى الله عليه وسلم- والإكثار من ذلك، قال الله تعالى: {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} (الأحزاب:56).

وفي السنّة أمرٌ نبوي بالاقتداء بهم حال الاصطفاف في الصلاة، فعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها؟) فقلنا: يا رسول الله، وكيف تَصْف الملائكة عند ربها؟ قال: (يتمون الصفوف الأول ويتراصون في الصف) رواه مسلم.

 [ الأنترنت – موقع إسلام ويب – المنجد ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة الثالثة والخمسون في موضوع(الحق) وهي بعنوان :* حقوق اليتيم

أولا ـ التعريف: لغة: أصل كلمة اليتيم في اللغة يعود إلى معنيين ذكرهما الفراء[  انظر: لسان العرب: 12/645]

الانفراد :  يقال: صبي يتيم، أي منفرد من أبيه. وبيت يتيم:أي ليس قبله ولابعده شيء من الشعر، وتسمى الرابية يتيمة لانفرادها عما حواليها ; ويقال: درة يتيمة ; لأنها مفردة لا نظير لها، ويقال للمرأة المنفردة عن الزوج يتيمة سواء كانت كبيرة,أو صغيرة ;

اصطلاحا: هو من مات والده قبل البلوغ.

ثانيا ـ ضوابط اليتم:

ما ذكرته النصوص من الأحكام المتعلقة باليتامى خاصة بمن توفر فيه أمران:

1 ـ فقد الأب لا الأم: فمن فقد أمه فقط لا يطلق عليه يتيما في أظهر الأقوال لعدم جريان أحكام اليتامى عليه , قال الجصاص:(اليتيم المنفرد عن أحد أبويه، فقد يكون يتيما من الأم مع بقاء الأب , وقد يكون يتيما من الأب مع بقاء الأم; إلا أن الأظهر عند الإطلاق هو اليتيم من الأب , وإن كانت الأم باقية, ولا يكاد يوجد الإطلاق في اليتيم من الأم إذا كان الأب باقيا)[ الجصاص: 2/12]

  وعلل ابن تيمية ذلك بقوله:(اليتيم في الآدميين من فقد أباه؛ لأن أباه هو الذي يهذبه؛ ويرزقه؛ وينصره: بموجب الطبع المخلوق؛ ولهذا كان تابعاً في الدين لوالده؛ وكان نفقته عليه وحضانته عليه، والانفاق هو الرزق، والحضانة هي النصر لأنها الإيواء، ودفع الأذى. فإذا عدم أبوه طمعت النفوس فيه؛ لأن الإنسان ظلوم جهول، والمظلوم عاجز ضعيف، فتقوى جهة الفساد من جهة قوة المقتضى، ومن جهة ضعف المانع، ويتولد عنه فسادان: ضرر اليتيم؛ الذي لا دافع عنه ولا يحسن إليه، وفجور الآدمي الذي لا وازع له)[ مجموع الفتاوى: 34/108]

2 ـ كونه صبيا:

أي أن يكون يتمه قبل البلوغ، فلا يطلق ذلك عليه بعد البلوغ إلا على وجه المجاز لقرب عهده باليتم. وقد روي في هذا حديث تكلم فيه العلماء، وهو (لا يتم بعد الحلم)[ روي من حديث علي ; ومن حديث جابر. فحديث علي: رواه الطبراني في معجمه الصغير، ورواه ابن عدي في " الكامل " , وأعله بحرام , ونقل عن الشافعي , وابن معين أنهما قالا: الرواية عن حرام حرام. انظر: نصب الراية: 3/417]

ولكنه مع ذلك قد تجري عليه بعض أحكام اليتامى، خاصة فيما يتعلق بالتصرفات المالية، لأن الشرع علقها على الرشد بالإضافة إلى البلوغ، قال تعالى:﴿ وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ ((النساء: من الآية6)

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة الرابعة والخمسون في موضوع(الحق) وهي بعنوان :* 2- حقوق اليتيم

وهي أربعة حقوق : حقه في الإحسان، وحقه في النفقة، وحقه في الكفالة، وحقه في حفظ ماله،

أولا: حق اليتيم في الإحسان

بما أن اليتيم فقد أباه الذي يحسن إليه ويرحمه ويتكفل بحاجاته، فإن الله تعالى برحمته حث المجتمع جميعا على أن يكون أبا حانيا عليه، ليعوضه ما فقده من موت أبيه.

ولأجل هذا وردت النصوص الكثيرة التي تعتبر كفالة اليتيم والإحسان إليه من أفضل أعمال البر، بل تقرنها بقضايا التوحيد الكبرى، قال تعالى:﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى(البقرة: منالآية177)

وتقرنها بعبادة الله تعالى، قال تعالى:﴿  وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ((البقرة: من الآية83)، وقال تعالى:﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ

﴾ (النساء: من الآية36)

ولانرى في القرآن الكريم موضعا من مواضع الإحسان إلا ويكون اليتيم أحد المحسن إليهم:

ففي الإنفاق العام ورد قوله تعالى:﴿  يَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ (البقرة: من الآية215)

وفي أموال الغنائم يكون اليتيم من أوائل من له الحظ فيها بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقرابته، قال تعالى:﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ((لأنفال: من الآية41)  وفي أموال الفيئ يقرن اليتيم برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقرابته، قال تعالى:﴿ مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ((الحشر: من الآية7)

ويخبر تعالى أن من شروط مجاوزة العقبة التي تحول بينالإنسان وفضل الله الإحسان إلى اليتامى، قال تعالى:﴿  فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً ذَا مَقْرَبَة﴾ (البلد:11 ـ 15)

بل إن الله تعالى ـ من باب الحث على الاتصاف بصفات الله والتخلق بأخلاقه ـ يخبرنا عن إيوائه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - عندما كان يتيما،

قال تعالى:﴿ أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى (الضحى)

أما من السنة، فقد وردت النصوص الكثيرة التي تعتبر الإحسان إلى اليتامى من خير أعمال البر، فخير بيوت المسلمين بيت يكفل يتيما، قال - صلى الله عليه وسلم -:(خير بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه , وشر بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يساء إليه)[ ابن ماجه]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة الخامسة والخمسون في موضوع(الحق)

 وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :           * 2- حقوق اليتيم

 إن المسح على رأس اليتيم عطفا وحنانا ورحمة يكتب لصاحبه بكل شعرة حسنة، قال - صلى الله عليه وسلم -:(من مسح على رأس يتيم لم يمسحه إلا لله كانت له في كل شعرة مرت عليها يده حسنات)[  أحمد وغيره ] بل إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يخبر بأن الساعي عليهم كالمجاهد والقائم، قال - صلى الله عليه وسلم -:(الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله تعالى وأحسبه قال وكالقائم لا يفتر وكالصائم لا يفطر)[ الشيخان ]

أما لجزاء المعد على هذا الإحسان الذي يملك كل هذا الفضل، فقد ورد في النصوص الكثير من أنواعه، وهي بحسب درجات الإحسان ونوعه وكماله، وسنذكرها بعض ما ورد منها في النصوص:

ابتعاد الشيطان: أول جزاء يجازى به المحسن لليتيم أنه في حال إحسانه يبتعد عنه الشيطان، وبابتعاده تحل البركة، وينزل الخير، كما روي:(ما قعد يتيم مع قوم على قصعتهم فيقرب قصعتهم الشيطان)[  الحارث، والطبراني في الأوسط عن أبي موسى وأورده ابن الجوزي في الموضوعات، وهناك حديث آخر قريب منه هو « ما من مائدة أعظم بركة من

مائدة جلس عليها يتيم » رواه لديلمي عن أنس ]

المغفرة: وهي من أعظم الجزاء، وقد بين - صلى الله عليه وسلم - ما أعده الله لكافل اليتيم منها، فقال:(من ضم يتيما من بين مسلمين إلى طعامه وشرابه حتى يغنيه الله عز وجل غفرت له ذنوبه البتة إلا أن يعمل عملا لا يغفر، ومن أذهب الله كريمتيه فصبر واحتسب غفرت له ذنوبه)[ ابن سعد، والطبراني في الكبير ]

وفي حديث أخبر - صلى الله عليه وسلم - أن الله لا يعذب من رحم اليتيم، وفيه دلالة على مغفرة ذنوبه، قال - صلى الله عليه وسلم -:(والذي بعثني بالحق لا يعذب الله يوم القيامة من رحم اليتيم ولان له في الكلام ورحم يتمه وضعفه , ولم يتطاول على جاره بفضل ما آتاه الله)[ الطبراني بسند رواته ثقات إلا واحدا ومع ذلك ليس بالمتروك ]

وقد ذكر بعض السلف تأثير إحسانه إلى اليتيم، فقال:(كنت في بدء أمري سكيرا مكبا على المعاصي , فرأيت يوما يتيما فأكرمته كما يكرم الولد بل أكثر , ثم نمت فرأيت الزبانية أخذوني أخذا مزعجا إلى جهنم وإذا باليتيم قد اعترضني , فقال دعوه حتى أراجع ربي فيه فأبوا. فإذا النداء خلوا عنه فقد وهبنا له ما كان منه بإحسانه إليه , فاستيقظت وبالغت في إكرام اليتامى من يومئذ)

الجنة: أخبرت النصوص أن جزاء المحسن لا يتوقف

 عند ذلك الحد، بل إن الإحسان إلى اليتيم لا يزال بصاحبه حتى يدخله الجنة، قال - صلى الله عليه وسلم -:(من قبض يتيما من بين مسلمين إلى طعامه وشرابه أدخله الله الجنة ألبتة إلا أن يعمل ذنبا لا يغفر له)[  الترمذي وصححه ]، وفي رواية سندها حسن:(حتى يستغني عنه وجبت له الجنة ألبتة) بل أخبر - صلى الله عليه وسلم - أن المحسنين إلى اليتامى من أول من يدخلون الجنة، قال - صلى الله عليه وسلم -:(أنا أول من يفتح باب الجنة إلا أني أرى امرأة تبادرني , فأقول ما لك ومن أنت ؟ تقول: أناامرأة قعدت على أيتام لي)[ أبو يعلى بسند حسن ]                                                                                              إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة السادسة والخمسون في موضوع(الحق)

 وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :           حقوق اليتيم

وفي القرآن الكريم إشارة إلى هذا الجزاء في قوله تعالى:﴿  وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً((الانسان:8)، فقد ذكر قبل هذه الآية الجزاء المعد هؤلاء، وهو من أعظم الجزاء، قال تعالى:﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً((الانسان:5 ـ 6)

مرافقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الجنة:

وهو الجزاء الذي لا يعادله أي جزاء، فقد أخبر - صلى الله عليه وسلم - أن كافل اليتيم رفيقه في الجنة بصيغ مختلفة، قال - صلى الله عليه وسلم -:(أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا , وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى وفرج بينهما)[  البخاري ] ، وقال - صلى الله عليه وسلم -:(كافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة)وأشار مالك بالسبابة والوسطى[ مسلم ]

وقال - صلى الله عليه وسلم -:(من كفل يتيما له ذو قرابة أو لا قرابة له فأنا وهو في الجنة كهاتين وضم إصبعيه،  ومن سعى على ثلاث بنات فهو في الجنة , وكان له كأجر المجاهد في سبيل الله صائما قائما)[  البزار ]   ، وقال - صلى الله عليه وسلم -:(من عال ثلاثة من الأيتام كان كمن قام ليله وصام نهاره وغدا وراح شاهرا سيفه في سبيل الله وكنت أنا وهو في الجنة أخوان , كما أن هاتين أختان , وألصق إصبعيه السبابة والوسطى)[ ابن ماجه ]

ثانيا: حق اليتيم في النفقة

اختلف الفقهاء في وجوب نفقة اليتيم على أقاربه فيما لو لم يكن له مال ينفق عليه منه على الأقوال التالية:

القول الأول:وجوب نفقة اليتيم على أقاربه،وقد انتصر له ابن القيم، وعقد فيه فصلا في زاد المعاد بعنوان (ذكر حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم الموافق لكتاب الله تعالى من وجوب النفقة للأقارب)[ زاد المعاد: 5/542 ]، واستدلوا على ذلك بما يلي:

·  قوله تعالى:﴿ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ((البقرة: من الآية177))وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ  مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً((النساء:36)، وقال تعالى:﴿ وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً } ((الاسراء:26)، قال ابن القيم:(فجعل سبحانه حق ذي القربى يلي حق الوالدين، كما جعله النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - سواءً بسواء، وأخبر سبحانه؛ أن لذي القربى حقاً على قرابته، وأمر بإتيانه إياه، فإن لم يكن ذلك حق النفقةِ، فلا نَدرِي أي حقَ هُوَ)

·  أن الله تعالى أمر بالإحسان إلى ذي القربى. ومن أعظم الإساءةَ أن يراه يموت جوعاً وعُرياً، وهو قادر على سد خَلته وستر عَورَتِهِ، ولا يطعمه لُقمة، ولا يَستُر له عَورَةً إلا بأن يقرضه ذلك في ذِمتِهِ.

·  قوله تعالى:﴿  وَالوَالِدَاتُ يُرضِعنَ أَولاَدَهُن حَولَينِ كامِلَينِ لِمَن أَرَادَ أَن يُتم الرضَاعَةَ وَعَلىٰ المَولُودِ لَهُ رِزقهن وكِسوَتُهُن بِالمَعرُوفِ لا تُكلفُ نَفسٌ إلا وُسعَهَا لاَ تُضَار وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَولُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الوَارِثِ مِثلُ ذَلِكَ ﴾ فأوجب سبحانه وتعالى على الوارثِ مثل ما أوجب على المولود له، قال ابن جريج: قلت لعطاء ﴿ وعَلَى الوَارِثِ مِثلُ ذٰلِكَ﴾، قال: على ورثة اليتيم أن ينفقوا عليه كما يرثونه. قلت له: أَيُحبَسُ وارثُ المولود إن لم يكن للمولود مال؟قال: أفيدعُه يموت؟.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة السابعة والخمسون في موضوع(الحق)

 وهي بعنوان :          

ثالثا ـ حق اليتيم في الكفالة                                                                         من أهم حقوق اليتيم حق الكفالة، وهو ما سنتناوله في هذا المطلب.

1 ـ من يتكفل اليتيم:

نص الفقهاء على أن اليتيم يتولاه أحد أربعة بالترتيب التالي[ الأشباه والنظائر للسيوطي: 155]

الجد: بسبب فقد الأب , وهي ولاية شرعية، أي أن الشارع فوض له التصرف في مال الولد لوفور شفقته، وهو وصف ذاتي له , فلو عزل نفسه , لم ينعزل بالإجماع ; لأن المقتضي للولاية هنا هو الجدودة , وهي موجودة مستمرة لا يقدح العزل فيها , لكن إذا امتنعا من التصرف تصرف القاضي.

الوصي: وهي بين مرتبة الولاية والوكالة، لأنها من جهة كونها تفويضا تشبه الوكالة، ومن جهة كون الموصي لا يملك التصرف بعد موته , وإنما جوزت وصيته للحاجة , لشفقته على الأولاد , وعلمه بمن هو أشفق عليهم تشبه الولاية.

وقد اختلف الفقهاء بحسب تغليب أحد الشبهين، أما أبو حنيفة فلاحظ الثاني , فلم يجوز له عزل نفسه , وأما الشافعي فلاحظ الأول , فجوز له عزل نفسه على المشهور من مذهبه.

ونرى أن الوصي إذا لم يكن أحد الأقارب يجوز له عزل نفسه، باعتبار الكفالة تخضع للاختيارلا للجبر، فمن الخطر تكليف شخص بتربية من لا يحب تربيته.

وقد اختلف الفقهاء ـ هنا ـ فيما لو مات الأب وأوصى إلى رجل بالنظر في مال ابنه، وهناك جد يصلح للنظر، هل تصح الوصية، أم لا على قولين:

القول الأول: أنه لا تصلح الوصية إليه، بل النظر إلى الجد، وهو قول للشافعية، لأن الجد يستحق الولاية بالشرع فكان أحق من الوصي.

القول الثاني: أن النظر إلى الوصي لأنه قائم مقام

الأب، وهو قول أبي حنيفة، وقول للشافعية.

الترجيح:

 نرى أن الأرجح في المسألة هو القول الثاني عموما باعتبار الأب أحق بابنه من الجد، ولكن المسألة مع ذلك لها علاقة بولي الأمر الذي ينظر في ملابسات اختيار الأب للوصي بدل الجد، وعلى ضوئها يحدد ما يراه صالحا لليتيم.

الوكيل: وتصرفه مستفاد من الإذن , مقيد بامتثال أمر الموكل، فلكل منهما لذلك عزل نفسه، والوكالة لذلك عقد من العقود قابل للفسخ.

ناظر الوقف:وهو يشبه الوصي من جهة كون ولايته

ثابتة بالتفويض , ويشبه الأب من جهة أنه ليس لغيره تسلط على عزله , والوصي يتسلط الموصي على عزله في حياته بعد التفويض بالرجوع عن الوصية، ومن جهة أنه يتصرف في مال الله تعالى , فالتفويض أصله أن يكون منه. ولكنه أذن فيه للواقف , فهي ولاية شرعية[  وقد ورد الخلاف في صحة انعزاله، انظر « تسريح الناظر في انعزال الناظر » نقلا عن الأشباه والنظائر للسيوطي: 155]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة الثامنة والخمسون في موضوع(الحق)

 وهي بعنوان :2 ـ شروط ولي اليتيم:

نص الفقهاء على أنه يشترط في المكلف باليتيم (التكليف والحرية والإسلام والعدالة وكفاية التصرف وعدم التغافل والعداوة)، ثم قالوا:(وحاصل الشروط أن تقبل شهادته على الطفل)[ انظر: فتاوى الرملي: 2/89، الكافي في فقه ابن حنبل: 4/433، إعانة الطالبين: 4/150، حاشية البجيرمي: 1/403، القوانين الفقية: 125]

وسنذكر هنا بعض الشروط بأدلتها وما وقع فيها من خلاف: ولاية المرأة:

اختلف الفقهاء في صحة ولاية المرأة على اليتيم  في ماله على قولين:

القول الأول: لا ولاية للأم على مال الصغير، , لكن

 يجوز أن يوصى إليها فتصير وصية بالإيصاء[  على خلاف في ذلك أيضا، فقد قيل بأنه لا وصية لها، بل النظر إلى السلطان، وروى عن عطاء بن أبي رباح أنه قال في رجل أوصى إلى أمرأته قال: لا تكون المرأة وصيا، فإن فعل حولت إلى رجل من قومه.  ]

، وهو قول جمهور الفقهاء، لأن الولاية ثبتت بالشرع فلم تثبت للأم كولاية النكاح، ومن الأدلة على ذلك:

·أنها ولاية بالشرع فلم تستحقها الأم كولاية النكاح.

·أن قرابة الأم لا تتضمن تعصيباً، فلم تتضمن ولاية لقرابة الخال.

القول الثاني: تكون لها الولاية بعد الأب والجد، وهو

قول للشافعية - خلاف الأصح - وهو قول ذكره القاضي والشيخ تقي الدين بن تيمية من الحنابلة, ومن الأدلة على ذلك:

· قوله تعالى:﴿ إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ((آل عمران:35)فهو يدل على أن للأم ضربا من الولاية على الولد في تأديبه وتعليمه وإمساكه وتربيته, لولا أنها تملك ذلك لما نذرته في ولدها.

· أنها أحد الأبوين.

· أن عمر أوصى إلى حفصة.

·  عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: دخلت هند

 بنت عتبة - امرأة أبي سفيان - على رسول الله فقالت: يا رسول  الله , إن أبا سفيان رجل شحيح , لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بني , إلا ما أخذت من ماله بغير علمه. فهل علي في ذلك من جناح ؟ فقال رسول الله:(خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك)[  سبق تخريجه. ] ، قال ابن دقيق العيد:(وفيه دليل على تصرف المرأة في نفقة ولدها في الجملة, وقد يستدل به من يرى: أن للمرأة ولاية على ولدها , من حيث إن صرف المال إلى المحجور عليه , أو تمليكه له: يحتاج إلى ولاية)[ شرح عمدة الأحكام: 2/270]

·أنها أكثر شفقة على الابن.

الترجيح: نرى أن الأرجح في المسألة هو القول الثاني بناء على ما ذكرنا سابقا من أن الشرع لم يحجر على المرأة في التصرفات المالية مهما كان نوعها، فلذلك يجوز لها التصرف في مال غيره، سواء بالكفالة أو بالوصية، ما دام لها الحق في التصرف في مالها سواء بسواء.

ثم ما الفرق بينها وبين الرجل في ذلك؟ خاصة إن كانت أمه، ولكنها إن اساءت التصرف كان للقاضي منعها كما يمنع الرجل سواء كان وصيا أو غيره.

الأقوم فالأقوم:

وذلك في حال الاختلاف أو التنازع، أو كثرة من

ترشح للكفالة، قال العز:(إذا اجتمع جماعة يصلحون

للقيام بالأيتام , قدم الحاكم أقومهم بذلك وأعرفهم بمصالح الأيتام , وأشدهم شفقة ومرحمة , فإن تساووا من كل وجه تخير، ويجوز أن يولي كل واحد منهم بعض الولاية ما لم يكن بينهما تنازع واختلاف يؤدي إلى تعطيل مصالحها , وتعطيل درء مفاسدها , لأن الولاية كلما ضاقت قوي الوالي على القيام بجلب مصالحها ودرء مفاسدها , وكلما اتسعت عجز الوالي عن القيام بذلك)[  قواعد الأحكام: 1/76]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة التاسعة والخمسون في موضوع(الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

شروط الكفيل - العدالة:

اتفق الفقهاء على أن من شروط ولي اليتيم أن يكون عدلا لأنها ولاية, وتفويضها إلى غير العدل تضييع للصبي ولمال الصبي.

وقد نقل الجصاص الإجماع على هذا الشرط، فقال:(ولا خلاف في ذلك نعلمه , ألا ترى أنه لا خلاف بين المسلمين في أن القاضي إذا فسق بأخذ الرشا أو ميل إلى هوى وترك الحكم أنه معزول غير جائز الحكم ؟ فكذلك حكم الله فيمن ائتمنه على أموال الأيتام من قاض أو وصي أو أمين أو حاكم , فغير جائز ثبوت ولايته في ذلك إلا على شرط العدالة وصحة الأمانة)[ الجصاص: 1/100]

ومما استدل به على ذلك قوله تعالى:﴿ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً ((النساء: من الآية6)، قال الجصاص في بيان وجه الاستدلال بها:(الآية التي تقدم ذكرها في أمر الأيتام تدل على أن سبيل الأيتام أن يلي عليهم غيرهم في حفظ أموالهم والتصرف عليهم فيما يعود نفعه عليهم وهم وصي الأب أو الجد إن لم يكن وصي أب , أو وصي الجد إن لم يكن أحد من هؤلاء , أو أمين حاكم عدل بعد أن يكون الأمين أيضا عدلا ; وكذلك شرط الأوصياء والجد والأب وكل من يتصرف على الصغير لا يستحق الولاية عليه إلا أن يكون عدلا مأمونا. فأما الفاسق والمتهم من الآباء والمرتشي من الحكام والأوصياء والأمناء غير المأمونين فإن واحدا من هؤلاء غير جائز له التصرف على الصغير)[  الجصاص: 1/100]

وقد نصوا على أن العدالة المشروطة في الولاية على اليتيم هي الولاية الظاهرة والباطنة بخلاف ولاية الأب، فإنه لا تشترط العدالة الباطنة، فلذلك تثبت الولاية للأب مثلا إذا كان مستور الحال لا يعرف عدالته ولا فسقه وذلك ; لوفور شفقته وكمالها على

ولده. وقد سئل الرملي في فتاواه:(هل يشترط في الوصي الذي يلي أمر الطفل أو نحوه العدالة الباطنة) ، فأجاب:(بأنه يشترط فيه العدالة الباطنة لأن الإيصاء أمانة وولاية على محجور عليه فقد قالوا في باب الحجر ويكفي في الأب والجد العدالة الظاهرة فأفهم اشتراط العدالة الباطنة في الوصي والقيم وهو ظاهر) ولكن مع هذا، فقد نص الفقهاء على أنه في الحال الذي يفقد فيها الولي العدل، فإنه لا بأس من تولي من هو دونه على حسب المراتب في ذلك، قال العز بن عبد السلام:(ذا تعذرت العدالة في ولاية الأيتام فيختص بها أقلهم فسوقا فأقلهم , لأن حفظ البعض أولى من تضييع الكل , فإذا كان مال اليتيم ألفا وأقل ولاية فسوقا يخون في مائة من الألف ويحفظ الباقي لم يجز أن يدفع إلى من يخون في مائتين فما زاد عليها)

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة  الستون في موضوع(الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

شروط الكفيل - القدرة:                          اتفق الفقهاء على أنه يشترط فيمن يتولى الأيتام القدرة

 على القيام بها , وأنه لا يجوز تقليد من لا يقوى على النهوض بها , كما لا يجوز لمن لا يعلم في نفسه القدرة على القيام بها قبولها.

وقد روي في ذلك عن أبي ذر - رضي الله عنه -: قلت:(يا رسول الله ألا تستعملني؟)، قال:  فضرب بيده على منكبي , ثم قال:(يا أبا ذر: إنك ضعيف , وإنها أمانة, وإنها يوم القيامة: خزي وندامة , إلا من أخذها بحقها , وأدى الذي عليه فيها)[  مسلم وابن سعد وابن خزيمة وأبو عوانة والحاكم عن أبي ذر]

الإسلام:

اتفق الفقهاء على أنه لا يجوز أن يتولى الكافر اليتيم

المسلم، وقد استدل الفقهاء بالنصوص الدالة على حرمة موالاة الكافرين، ومن ذلك قوله تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ((المائدة:51)، قال الجصاص :(وفي هذه الآية دلالة على أن الكافر لا يكون وليا للمسلم لا في التصرف ولا في النصرة ; ويدل على وجوب البراءة من الكفار والعداوة لهم ; لأن الولاية ضد العداوة , فإذا أمرنا بمعاداة اليهود والنصارى لكفرهم فغيرهم من الكفار بمنزلتهم)[ الجصاص: 2/622]

وقد ذكر ابن تيمية النصوص التي تدل على حرمة

 تولي غير المسلمين، فقال:(والله سبحانه قد قطع الولاية في كتابه بين المؤمنين والكافرين , وأوجب البراءة بينهم من الطرفين , وأثبت الولاية بين المؤمنين , فقد قال تعالى:﴿ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ } ((الممتحنة:4)، وقال تعالى:﴿ لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ((المجادلة: من الآية22)، وقال تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُم((المائدة: من الآية51)...والله تعالى إنما أثبت الولاية بين أولي الأرحام بشرط الإيمان , كما قال تعالى:﴿ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ ((الأحزاب: من الآية6)، وقال تعالى:﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ((لأنفال: من الآية72))[  الفتاوى الكبرى: 3/130]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة الواحدة والستون في موضوع(الحق) وهي بعنوان :3 ـ دور الولي

اتفق الفقهاء على أن دور ولي اليتيم المتكفل به، هو نفس دور والده، فهو نائب عن والده في ذلك،  قال ابن العربي:(قال علماؤنا: في قوله تعالى:﴿ وَابْتَلُوا الْيَتَامَى ﴾ (النساء: من الآية6)دليل على أن للوصي والكافل أن يحفظ الصبي في بدنه وماله ; إذ لا يصح الابتلاء إلا بذلك , فالمال يحفظه بضبطه والبدن يحفظه بأدبه)[ ابن العربي: 1/425]

بل ورد النص على ذلك، فقد روي أن رجلا قال

للنبي: إن في حجري يتيما أآكل من ماله ؟ قال:(نعم , غير متأثل مالا ولا واق مالك بماله) قال: يا رسول الله , أفأضربه ؟ قال:(ما كنت ضاربا منه ولدك)[  ابن عساكر]

قال ابن العربي تعليقا على هذا الحديث:(وهذا وإن لم يثبت مسندا فليس يجد عنه أحد ملتحدا ; لأن المقصود الإصلاح , وإصلاح البدن أوكد من إصلاح المال ; والدليل عليه أنه يعلمه الصلاة , ويضربه عليها , ويكفه عن الحرام بالكهر والقهر)[  ابن العربي: 1/425]

حقيقة اختبار اليتامى وكيفيته:

وهو من أدوار المتكفل باليتيم، وقد نص عليه قوله

 تعالى:﴿ وَابْتَلُوا الْيَتَامَى((النساء: من الآية6) ، لأن المراد من الابتلاء هنا هو تحقق الرشد في اليتيم، ومما قيل في تفسير الرشد قول الحسن وقتادة وغيرهما: صلاحا في العقل والدين. وقال ابن عباس والسدي والثوري: صلاحا في العقل وحفظ المال، وقال سعيد بن جبير والشعبي: إن الرجل ليأخذ بلحيته وما بلغ رشده؛ فلا يدفع إلى اليتيم ماله وإن كان شيخا حتى يؤنس منه رشده. وهكذا قال الضحاك: لا يعطى اليتيم وإن بلغ مائة سنة حتى يعلم منه إصلاح ماله، وقال مجاهد: رشدا يعني في العقل خاصة.

وقد اختلفت عبارات الفقهاء في كيفية اختبار اليتامى:

ومما قيل في ذلك: أن يتأمل الوصي أخلاق يتيمه، ويستمع إلى أغراضه، فيحصل له العلم بنجابته، والمعرفة بالسعي في مصالحه وضبط ماله، والإهمال لذلك. فإذا توسم الخير لا بأس أن يدفع إليه شيئا من ماله يبيح له التصرف فيه، فإن نماه وحسن النظر فيه فقد وقع الاختبار، ووجب على الوصي تسليم جميع ماله إليه. وإن أساء النظر فيه وجب عليه إمساك ماله عنده.

قال الشافعي:(وإنما يعرف إصلاح المال بأن يختبر اليتيم والاختبار يختلف بقدر حال المختبر فإن كان من الرجال ممن يتبذل فيختلط الناس استدل بمخالطته الناس في الشراء والبيع قبل البلوغ وبعده حتى يعرف أنه يحب توفير ماله والزيادة فيه وأن لا يتلفه فيما لا يعود عليه نفعه كان اختبار هذا قريبا وإن كان ممن يصان عن الأسواق كان اختباره أبعد قليلا من اختبار الذي قبله)[  الأم:3/220]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة الثانية والستون في موضوع(الحق) وهي بعنوان : رابعا ـ حق اليتيم في حفظ ماله

لا خلاف بين العلماء في اعتبار أكل أموال اليتامى أو التصرف فيها بما لا يخدم مصلحة اليتيم من المحرمات، بل من كبائر المحرمات، وقد نص على ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - الذي يعد أمهات الكبائر وأصولها:(اجتنبوا السبع الموبقات)، قالوا:(يا رسول الله وما هن ؟)، قال:(الشرك بالله والسحر , وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق , وأكل الربا وأكل مال اليتيم ؛ والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات)[  الشيخان وغيرهما]

بل إنه من الكبائر الكبرى، فلذك يقرن في النصوص بها، كقوله - صلى الله عليه وسلم -:(أربع حق على الله أن لا يدخلهم الجنة ولا يذيقهم نعيمها: مدمن خمر , وآكل الربا , وآكل مال اليتيم بغير حق , والعاق لوالديه)[ الحاكم وصححه]

قال ابن حجر يذكر إجماع العلماء على هذا:(عد هذا كبيرة هو ما اتفقوا عليه لما ذكر )

ثم قال مبينا أن هذا الحكم ينطبق على أكل الكثير والقليل:(وظاهر كلامهم أنه لا فرق بين أكل قليله وكثيره ولو حبة على ما مر في بخس الكيل والوزن)

وعلل ذلك بقوله:(فلو لم يحكم في القليل بكونه كبيرة لجره ذلك إلى الكثير إذ لا مانع له لأنه مستول على الكل فتعين الحكم بالكبيرة على أخذ القليل والكثير)

وقد اعتبر علماء الأخلاق المسلمين هذا الذنب من من نوع (الذنوب البهيمية)[ انظر الجزء الخاص بـ « الأبعاد الشرعية لتربية الأولاد]

، وهي الذنوب التي تمثل شره النفس وحرصها علي قضاء شهوة البطن والفرج، ومثلها: الزنا والسرقة وأكل أموال الناس بالباطل والبخل والشح والجبن والهلع والجزع وغير ذلك.

وهذا التقسيم له أهميته في العلاج من هذا الذنب، فالذنوب البهيمية تداوى بالألم، وبالشعور بالمرارة التي تحيل اللذة التي يستشعرها المذنب ألما وأسفا وحسرة ، وهذا ما سلكته النصوص القرآنية في علاج هذه الظاهرة التي كانت مستشرية في المجتمع الجاهلي، والتي هي في الحقيقة ظاهرة من ظواهر الجاهلية الأولى أو الآخرة.

فقد ختم الله تعالى الآيات التي تحدثت عن حفظ الحقوق المالية لليتامى، والتي تبدأ من قوله تعالى:﴿ وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً} (النساء:2) بآيتين تبينان مصير من فرط في هذه الأوامر الإلهية، كل آية منهما ذكرت نوعا من أنواع المصير:

أما الأولى فقوله تعالى:﴿ وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً((النساء:9)، وقد تضمنت عقوبة

دنيوية، أو تحذيرا من عقوبة دنيوية.

وأما الثانية فقوله تعالى:﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً((النساء:10)، وقد تضمنت المصير الذي يئول إليه من استحل أكل أموال اليتامى ظلما.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة الثالثة والستون في موضوع(الحق) وهي بعنوان : علاج هذه الظاهرة الخطيرة

وسنسلك هنا نفس الترتيب القرآني لنستلهم الطريقة القرآنية في علاج هذه الظاهرة الخطيرة:

المصير الدنيوي: من الناس من لا يردعه الترهيب من العقاب الأخروي بقدر ما يرهبه العقاب الدنيوي، يقول الغزالي عند ذكر دور العلماء في حل عقدة الإصرار من المجتمع:

(النوع الثالث: أن يقرر عندهم أن تعجيل العقوبة فى الدنيا متوقع على الذنوب، وأن كل ما يصيب العبد من المصائب فهو بسبب جناياته، فرب عبد يتساهل فى أمر الآخرة ويخاف من عقوبة الله فى الدنيا اكثر لفرط جهله،  فينبغى أن يخوف به فإن الذنوب كلها يتعجل فى الدنيا شؤمها فى غالب الأمر)[ إحياء علوم الدين: 4/ 52]                                                                                    وقد ذكر ابن الجوزي الكثير من الشواهد على هذا، ومنها ما قاله مخبرا عن بعضهم:(قد عبت شخصاً قد ذهب بعض أسنانه فانتثرت أسناني، ونظرت إلى امرأة لا تحل فنظر إلى زوجتي من لا أريد‏)، وقال ابن سيرين‏:(عيرت رجلاً بالإفلاس فأفلست ومثل هذا كثير‏) وذكر عن بعض العاقين أنه ضرب أباه وسحبه إلى مكان فقال له الأب‏:‏ حسبك إلى ههنا سحبت أبي‏.‏

قال ابن الجوزي:(ومن أعجب ما سمعت فيه عن الوزير ابن حصير الملقب بالنظام أن المقتفى غضب عليه وأمر بأن يؤخذ منه عشرة آلاف دينار‏.‏ فدخل عليه أهله محزونين وقالوا له‏:‏ من أين لك عشرة آلاف دينار‏.‏ فقال‏:‏ ما يؤخذ مني عشرة ولا خمسة ولا أربعة‏.‏ قالوا من أين لك قال‏:‏ إني ظلمت رجلاً فألزمته ثلاثة آلاف فما يؤخذ مني أكثر منها‏.‏ فلما أدى ثلاثة آلاف دينار وقع الخليفة بإطلاقه ومسامحته في الباقي‏.‏

وذكر عن تأثير الذنوب في بعض الأكابر، فقال:(ما زلت أسمع عن جماعة من الأكابر وأرباب المناصب إنهم يشربون الخمور ويفسقون ويظلمون ويفعلون أشياء توجب الحدود‏ فبقيت أتفكر أقول متى يثبت على مثل هؤلاء ما يوجب حداً ولو ثبت فمن يقيمه‏.‏ وأستبعد هذا في العادة لأنهم في مقام احترام لأجل مناصبهم‏.‏ فبقيت أتفكر في تعطيل الحد الواجب عليهم حتى رأيناهم قد نكبوا وأخذوا مرات ومرت عليهم العجائب‏.‏ فقوبل ظلمهم بأخذ أموالهم وأخذت منهم الحدود مضاعفة بعد الحبس الطويل والقيد الثقيل والذل العظيم‏.‏ وفيهم من قتل بعد ملاقاة كل شدة فعلمت أنه ما يهمل شيء فالحذر الحذر فإن العقوبة بالمرصاد‏.)

قال ابن الجوزي معلقا على هذا:(وأنا أقول عن نفسي‏:‏ ما نزلت بي آفة أو غم أو ضيق صدر إلا بزلل أعرفه حتى يمكنني أن  أرده وربما تأولت فيه بعد فأرى العقوبة‏.‏

فينبغي للإنسان أن يترقب جزاء الذنوب فقل أن يسلم منه‏.‏ وليجتهد في التوبة فقد روي في الحديث ما من شيء أسرع لحاقاً بشيء من حسنة حديثة لذنب قديم‏.‏ ومع التوبة يكون خائفاً من المؤاخذة متوقعاً لها فإن لله تعالى قد تاب على الأنبياء عليهم السلام‏.‏ وفي حديث الشفاعة يقول آدم ذنبي ويقول إبراهيم وموسى ذنبي‏.‏ إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة الرابعة والستون في موضوع(الحق) وهي بعنوان : علاج أكل مال اليتيم بالباطل

انطلاقا من هذا، فإن لخوف العقوبة العاجلة تأثيرها التربوي العظيم في علاج هذه الظاهرة وغيرها من الظواهر، ولذلك قدم القرآن الكريم هذا المصير أو هذه العقوبة على عقوبة الآخرة، فقال تعالى:﴿ وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً((النساء:9) فمن التفاسير الواردة في الآية

 وقد فسرها ابن عباس تفسيرا ثانيا، وهو أنها في الرجل يحضره الموت، فيسمعه رجل يوصي بوصية تضر بورثته، فأمر اللّه تعالى الذي يسمعه أن يتقي اللّه ويوفقه ويسدده للصواب، فينظر لورثته كما كان يجب أن يصنع بورثته إذا خشي عليهم الضيعة؛ وهكذا قال مجاهد وغير واحد

ما حكاه ابن جرير عن ابن عباس - رضي الله عنه - ، من أنها خطاب للمتكفلين باليتامى، أي كما تحب أن تعامل ذريتك من بعدك، فعامل الناس في ذراريهم إذا وليتهم، قال ابن كثير:وهو قول حسن يتأيد بما بعده من التهديد في أكل أموال اليتامى ظلماً.

وهو أسلوب قرآني يستنفر الخيال المؤيد بالعقل ليقاوم ما تأصل من المنكرات، ومثله ما ورد في سورة البقرة من قوله تعالى:﴿ أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ(البقرة:266)

ومثل هذا هذه الآية، فهي تدعو إلى نظرة إلى المستقبل عندما يحل بالوصي على اليتيم ما حل بوالد اليتامى الذين يكفلهم، فهل يود هذا الوصي أن يحل بأولاده ما لا يرضى، يقول سيد قطب:(وهكذا تمس اللمسة الأولى شغاف القلوب. قلوب الآباء المرهفة الحساسية تجاه ذريتهم الصغار. بتصور ذريتهم الضعاف مكسوري الجناح، لا راحم لهم ولا عاصم. كي يعطفهم هذا التصور على اليتامى الذين وكلت إليهم أقدارهم، بعد أن فقدوا الآباء. فهم لا يدرون أن تكون ذريتهم غدا موكولة إلى من بعدهم من الأحياء، كما وكلت إليهم هم أقدار هؤلاء.. مع توصيتهم بتقوى الله فيمن ولاهم الله عليهم من الصغار، لعل الله أن يهييء لصغارهم من يتولى أمرهم بالتقوى والتحرج والحنان. وتوصيتهم كذلك بأن يقولوا في شأن اليتامى قولا سديدا، وهم يربونهم ويرعونهم كما يرعون أموالهم ومتاعهم )[  الظلال:1/580.]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة الخامسة والستون في موضوع(الحق) وهي بعنوان:3ـ الضوابط الشرعية لحفظ مال اليتيم:

وسنتحدث في هذا المطلب عن هذه المظاهر الأربعة

1 ـ استبدال الجيد بالرديء:

وقد نص على هذا النوع من التحايل على أكل أموال اليتامى قوله تعالى:﴿ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ ((النساء: من الآية2)

فالخبيث هو ما نفرت النفس منه، أو لم تقبله إلا بعد أن يتنازل عن شيء من ثمنه، كما قال تعالى:﴿ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ ((البقرة: من الآية267)

فكذلك قد يفعل المحتال على أكل أموال اليتامى حيث يسارع قبل بلوغ الصبي، فيبدل أمواله الجيدة بماله الرديء، كأن يأخذ أرضهم الجيدة، ويبدلها بأرض رديئة، أو ماشيتهم، أو أسهمهم، أو نقودهم - وفي النقد الجيد ذو القيمة العالية والرديء ذو القيمة الهابطة - أو أي نوع من أنواع المال، فيه الجيد وفيه الرديء، كما روي عن سعيد بن المسيب - رضي الله عنه -  في تفسير الآية السابقة:(لا تعط مهزولا وتأخذ سمينا)[  ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم]

2 ـ خلط الأموال:

وهو ما يشير إليه قوله تعالى:﴿ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً﴾ (النساء: من الآية2)، قال مجاهد وسعيد بن جبير:(أي لا تخلطوها فتأكلوها جميعاً)، ﴿ حوباً كبيرا ﴾ قال ابن عباس: أي إثماً عظيماً. ففي هذ الآية تحريم لخلط الأموال بغرض الاستيلاء على مال اليتيم.

3 ـ استغلال مال اليتامى في الحاجات المتعلقة بالولي

4 ـ تزوج اليتيمة للاستيلاء على مالها

 وهو ما نص قوله تعالى:﴿ وَيَسْتَفْتُونَكَ فِى ٱلنِّسَآءِ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فِى ٱلْكِتَـٰبِ فِى يَتَـٰمَى ٱلنِّسَآءِ ٱلَّلَـٰتِى لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ وَٱلْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ ٱلْوِلْدَٰنِ وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَـٰمَىٰ بِٱلْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً ﴾(النساء: 127)، فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ: أن هذه الآية نزلت في اليتيمة تكون في حجر وليها، فإن كان لها مال وجمال تزوجها ولم يقسط في صداقها؛ فإن لم يكن لها مال لم يتزوجها، فنهى أن يتزوجها حتى يقسط في صداقها، من أجل رغبته عن نكاحها إذا لم يكن لها مال)[ الطبري: 5/301، والحديث أخرجه البخاري ومسلم.]

ونص على هذا كذلك قوله تعالى:﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا((النساء:3)، أي إن خفتم ألا تعدلوا في مهورهن وفي النفقة عليهن فانكحوا ما طاب لكم من غيرهن.ويدل لهذا ما روي عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ في تفسيرها:(هي اليتيمة تكون في حجر وليها تشاركه في ماله فيعجبه مالها وجمالها فيريد وليها أن يتزوجها من غير أن يقسط في صداقها فيعطيها مثل ما يعطيها غيره، فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن ويبلغوا بهن أعلى سنتهن من الصداق وأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن)[  مسلم..]                                      إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

فهذه الحلقة السادسة والستون في موضوع(الحق) وهي بعنوان:*حقوق غير المسلمين في بلاد الاسلام

لم يحظ الانسان انى كان جنسه او مكانه بمنزلة ارفع من تلك التي ينالها في ظلال الدين وحين يوازن اي باحث مباديء حقوق الانسان يلحظ التميز الواضح الذي سبق به الاسلام من مراعاة حاجات الانسان الحقيقيه ودفع المضار عنه وغير ذلك ..

لم تقتصر الشريعة الاسلاميه على اسباغ الحقوق على اهلها المؤمنين بالاسلام بل مما قد يميزالشريعه عن غيرها انها اشركت غير المسلمين في كثير من

الحقوق العامه وهو مالم ينله انسان في دين آخر

هناك عدة حقوق عامه لغير المسلمين من ابرزها :

1/حقهم في حفظ كرامتهم الانسانيه..

كرّم الله الانسان بعامه مسلما وكافرا ورفع منزلته على كثير من خلقه ومن المحافظه على كرامة غير المسلمين حقهم في مراعاة مشاعرهم ومجادلتهم بالحسنى وعدم تسفيه معتقداتهم قال تعالى (ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن اكرمكم عند الله اتقاكم إن الله عليم خبير )

2/حقهم في حرية المعتقد ..

لم يرغم الاسلام مخالفيه على الدخول فيه بل ترك

لغير المسلمين كامل الحريه في ان يبقوا على دينهم

فلا يجبروا على اعتناق الاسلام وذلك بنص الكتاب العظيم فالله تعالى يقول لنبيه عليه الصلاة والسلام : (ولو شاء ربك لآمن من في الارض كلهم جميعا افأنت تُكره الناس حتى يكونوامؤمنين )فهم يخيرون بين الدخول في الاسلام او البقاء على دينهم ولكن بعد ان يعقد عليهم عهد يطمئنون به على دينهم واعراضهم واموالهم ويتمتعون بذمة الله ورسوله لذلك سموا اهل الذمه ..

3/حقهم في التزام شرعهم ..

إن من تسامح الاسلام مع مخالفيه من المواطنين انه

 لم يلزمهم بالالتزام بالاحكام التشريعيه فعفاهم من دفع الزكاه التي هي ركن من اركان الاسلام يكفر المسلم ان لم يقم به جاحدا لوجوبه ويقاتل عليه ولم يفرض عليهم الجهاد مع المسلمين مع انه ذروة سنام الاسلام

وسبب إعفائهم من هذين الركنين الواجبين انهم يدفعون ضريبه ماديه يسيره مقابل ذلك الاعفاء وهو مايعرف في الاسلام بالجزية

4/حقهم في العدل ..

الاسلام دين العدل والله سبحانه جعل الموازين الدقيقه ليقوم الناس بالقسط ويحذروامن الوقوع في الجور والظلم قال تعالى : ( والسماء رفعها ووضع الميزان ألا تطغوا في الميزان واقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان ) والزمهم القيام بالعدل حتى لو كان الحكم لصالح الاعداء على الاهل والاصحاب والاحباب فإن سرق مسلم مال ذمي قطعت يد

السارق مثله مثل الذمي لو سرق مال مسلم وكذا يقام على المسلم حد القذف لو قذف رجلا او امرأه

من اهل الذمه بغير حق ..

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :     فهذه الحلقة السابعة والستون في موضوع(الحق) وهي

 إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*حقوق غير المسلمين في بلاد الاسلام

5/حقهم في حفظ دمائهم واموالهم واعراضهم ..

فالاسلام يحفظ للانسان الحقوق الاساسيه في الحياه التي لاغنى له عنها وهي :حفظ النفس , الدم , المال , العرض والعقل ويستوي في هذه الحقوق المسلم وغير المسلم سواء أكان مواطنا او وافدا فهي حقوق وحرمات معصومه لاتنتهك إلا بسبب شرعي مثلهم

في ذلك مثل المسلمين فلا يصح إزهاق ارواحهم إلا قصاصا او حدا على عقوبة قال تعالى: (من اجل ذلك كتبنا على بني اسرائيل انه من قتل نفسا بغير نفس او فسادافي الارض فكأنما قتل الناس جميعاومن احياها فكأنما احيا الناس جميعا )

6/حقهم في الحمايه من الاعتداء ..

من الحقوق اللزمه التي لايصح التهاون بها انه تجب على الدوله الاسلاميه حمايه غير المسلمين

في اراضيها من اي عدو خارجي يريدهم بسوء إذ ان لهم من الحقوق العامه ما للمسلمين بل يلزم الدفاع عنهم مما يؤذيهم والقتال دونهم وفك اسرهم من الاعتداء مقابل مادفعوه من جزيه

قال ابن حزم : " إن من كان في الذمه وجاء اهل

 الحرب الى بلادنا يقصدونهم وجب علينا ان نخرج

لقتالهم بالكراع والسلاح ونموت دون ذلك صونا لمن هم في ذمة الله تعالى وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم فإن تسليمه دون ذلك إهمال لعقد الذمه )

7/حقهم في المعاملة الحسنه ..

إن في القران الكريم قاعده جليله هي الاساس في التعامل مع غير المسلمين فقد بينت ان الاصل ان تكون معاملتهم حسنه بل ان يحظوا بالبروالاحسان مالم تبرز منهم مظاهرعمليه من العداء الصريح حيث قال الله تعالى: ( لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في

 الدين ولم يخرجوكم من دياركم ان تبروهم وتقسطوا

اليهم إن الله يحب المقسطين * إنماينهاكم الله عن الذين

 قاتلوكم في الدين واخرجوكم من دياركم وظاهروا على اخراجكم ان تولوهم ومن يتولهم فاولئك هم الظالمون )

وهكذا يتضح مما تقدم انه في الوقت الذي تستمد فيه المملكه العربيه السعوديه نظامها ودستورها من الشريعة الاسلاميه فإنها تحترم وتحافظ على حق ممارسة الشعائرالدينيه لغير المسلمين فيها بما يتفق مع خصوصياتها الدينيه والتاريخيه وواقعهاكما انه في الوقت نفسه يتفق مع ماورد في المواثيق الدوليه المشار اليها .. [الأنترنت – موقع حقوق غير المسلمين في بلاد الاسلام  - اثير الورد هذا الموضوع عباره عن ملخص لكتاب حقوق غير المسلمين في بلاد الاسلام ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :     فهذه الحلقة الثامنة والستون في موضوع(الحق) وهي بعنوان:*حقوق الذميين في الشريعة الإسلامية

     بين هذه السطور رد واضح على كل من اتهم الإسلام بالعنف , أو قال إن الإسلام قد انتشر بحد السيف ولا يحفظ لغير معتقديه حقوقهم! . فبين أيدينا إصدار جديد من سلسلة أبحاث مجمع فقهاء الشريعة في أمريكا لمؤلفه الدكتور حسين حامد حسان أستاذ الشريعة بكلية الحقوق جامعة القاهرة , رئيس الجامعة الإسلامية العالمية إسلام أباد(باكستان  سابقا ) . 

وقد تناول الدكتور حسان الأحكام الفقهية والحقوق الشرعية  المتعلقة بأهل الذمة في دار الإسلام , وحمايتهم من الاعتداء الخارجي والداخلي , وبيان حرمة أموالهم وأعراضهم , مبينا أن الإسلام سمح لهم بحرية العمل والكسب لذلك وضعه تحت عنوان (حقوق الذميين في الشريعة الإسلامية ) ليبين كيف اعتنى الإسلام بحقوق غير المسلمين والأحكام الواردة من اعتدى على تلك الحقوق , موضحا كل حكم على النحو التالي :حقوق الذميين في دار الإسلام

وبين المؤلف أن الذمة هي العهد والأمان ، وأهل

الذمة هم غير المسلمين الذي يعيشون في كنف الدولة

 الإسلامية على أن يكون لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم ، فتبذل لهم الحماية من الاعتداء الخارجي ، والمنع من الظلم الداخل ي ، مقابل مبلغ من المال لا يفرض إلا على القادر منهم ، ولهم على ذلك ذمة الله ورسوله . حيث يقول الماوردي رحمه الله في معرض بيانه لما ينشئته عقد الذمة من الحقوق للذميين : (ويلتزم لهم ببذل الجزية حقان : أحدهما : الكف عنهم ، والثاني : الحماية لهم ، ليكونوا بالكف آمنين ، وبالحماية محروسين )

وأوجز الدكتور حسان القول في إظهار حقوق غير المسلمين في دار الإسلام بما يلي :

=الحماية من الاعتداء الخارجي :

فلأهل الذمة في المجتمع الإسلامي حق الحماية من الاعتداء الخارجي بما تحمي به دماء المسلمين وأعراضهم وأموالهم وسائر مقدسا تهم ، وعلى الأمة أن تبذل دماءها وأموالها في سبيل الدفاع عنهم ومنعهم من أي اعتداء خارجي كما تبذلها في حماية دماء أبنائها وأعراضهم وأموالهم ولهم على ذلك الذمة والميثاق ، والنصوص الشرعية وكلمات الفقهاء والأئمة قاطعة في تقرير هذه الحقوق لهم ، ووقائع التاريخ الإسلامي شاهد عدل على وفاء الأمة والأئمة بهذه الحقوق .

=كما حماهم الإسلام من الظلم الداخلي . فمن أرادهم بظلم داخل المجتمع الإسلامي تصدت له الدولة الإسلامية بسلطانها وشوكتها للضرب على يده ومنعه من ذلك مهما كانت سطوة المعتدي وأيا كان موقعه في الدولة الإسلامية ، وقد انتصف عمر بن الخطاب لقبطي مصر استطال عليه ابن عمرو بن العاص والي مصر من قبل عمر ومكنه من القصاص منه ، بل مكنه من عمرو بن العاص نفسه لأن ابنه لم يستطل على هذا القبطي إلا بسلطانه ، ثم أرسل كلمته المشهورة التي ما زالت تقصها دواوين التاريخ ( متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ؟)                       إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :     فهذه الحلقة التاسعة والستون في موضوع(الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*حقوق الذميين في الشريعة الإسلامية

وحسبنا في التغليظ على ذلك وتأكيد حرمته ما صح من قوله صلى الله عليه وسلم : ( ألا من ظلم معاهدا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة)

=حرمة أموالهم وأعراضهم :

وقال حسان إن الذمة كالإسلام في تحريم الأموال والأعراض ، وقد أجمع أهل العلم كما يقول ابن المنذر على أن الله عز وجل حرم أموال المسلمين والمعاهدين بغير حق فالأموال محرمة بنص كتاب الله عز وجل ، وبالأخبار الثابتة عن رسول الله وبإجماع أهل العلم في ذلك إلا بطيب نفس من المالكين من التجارات والهبات والعطايا وغير ذلك والمسلمون وأهل الذمة في هذه الحماية سواء

أضاف : لم يتوقف الأمر على حماية أموالهم وأعراضهم فحسب . بل إن لأﻫﻞ ﻟﺬﻣﺔ في ﻛﻨﻒ ﻟﺪﻟﺔ الإسلامية الحق في ﻟﺘﺪﻳﻦ بما ﻳﺸﺎﺀﻭﻥ ، ﻋﻠﻰ ﻫﺬ ﻋﻘﺪ لهم ﻟﺬﻣﺔ ﻗﺒﻠﺖ ﻣﻨﻬﻢ الجزية ، فلا يحل ﻟﺘﻌﺮ لهم ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺪﻳﻨﻮ به  ﻣﻬﻤﺎ ﻛـﺎ ﻣﻮﻗـﻒ ﻹﺳﻼ ﻣﻨﻪ  ،   ﻓﻜﻞ ﻣﺎ ﻋﺘﻘﺪﻭﺍ حله في ﻳﻨﻬم مما ﻻ ﺃﺫﻯ للمسلمين ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﻟﻜﻔﺮ ﺷﺮ الخمر ﻧﻜﺎ المحارم ونحوه لا يجوز ﻷﺣﺪ ﻟﺘﻌﺮض لهم فيه ، ﺑﻞ ﻟﻮ ﺳﺘﺄﺟﺮ المسلم ﻳﻬﻮﻳـﺎ ﻓﺈ ﻳﻮ ﻟﺴﺒﺖ مستثنى ﻣﻦ ﻋﻤﻞ ﻹﺟﺎﺯﺓ ﻟﻴﺲ لحاكم ﺃﻥ يحضر ﻳﻬﻮﻳﺎ ﻳﻮ ﻟـﺴﺒﺖ إلى مجلس  ﻟﻘﻀﺎ ﻋﺘﺒﺎﺭﺍ لما يعتقدونه ﻣﻦ ﺗﺮ ﻟﻌﻤﻞ ﰲ ﻫﺬ ﻟﻴﻮ ﻟﻮ ﺳﺘﺄﺟﺮ ﻧﺼﺮﻧﻴﺎ ﻓﻠﻴﺲ ﻟﻪ ﻣﻨﻌﻪ ﻣﻦ ﻟﺬﻫﺎ ﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻟﻮ ﺗﺰﻭﺝ ﻣﺴﻠﻢ ﺑﻨﺼﺮﻧﻴﺔ ﻓﻠﻴﺲ ﻟﻪ ﻣﻨﻌﻬﺎ ﻣﻦ شرب الخمر  ﻻ صلاتها في ﺑﻴﺘﻬا إلى ﻟﺸﺮ ، ﻻ ﻣﻦ ﺻﻴﺎ ﺗﻌﺘﻘﺪ ﺟﻮﺑﻪ ﻭﺇﻥ ﻓـﻮ ﻋﻠﻴـﻪ ﺣـق في الاستمتاع بها في  ﻗﺘﻪ ﻣﺮﻋﺎ ، ﻟﻮ ﺗﺰﻭﺝ ﺑﻴﻬﻮﻳﺔ ﻓﻠﻴﺴﻞ ﻟﻪ ﻟﺰﻣﻬـا بمضاجعته ﻫـﻲ حائض لمباشرتها بما ﺩﻭﻥ ﻟﻔﺮ ، ولا حملها ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻟﺸﺤﻮ ﻭﺍﻟﻠﺤﻮم المحرمة في دينها .

=ﺣﺮﻳﺔ ﻟﻌﻤﻞ ﻭﺍﻟﻜﺴﺐ :

وأشار المؤلف إلى أن الإسلام عطى الذميين الحق في ﻟﻌﻤﻞ ﻭﺍﻟﺘﻜـﺴﺐ ﻛﻤـﺎ ﻳـﺸﺎﺀﻭﻥ ،فاﻟﺬﻣﻴﻮن في المعاملات ﻭﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺍﺕ ﺳﺎﺋﺮ ﻟﺘﺼﺮﻓﺎ كالمسلمين ، ﻓﻜﻞ ﻣﺎ ﺟﺎ ﻟﻨـﺎ ﻣـﻦ ﻟﺒﻴﺎﻋﺎ جاز لهم ﻣﺴﺌﻠﻪ، ﺑﻞ ﻻ ﻧﺒﻌﺪ ﻟﻨﺠﻌﺔ ﺇﻥ ﻗﻠﻨﺎ ﻧﻪ ﻋﻄﺎهم في هذا المقام ما لم يعط نظيره للمسلمين، ﻓﻘﺪ منع المسلم ﻣﻦ ﻟﺘﺠﺎة في الخمر والخنزير ﻭﺃﻗﺮﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﻟﻚ ، ﺑـﻞ ضمن لهم ﻣﺎ ﻳﺘﻠﻒ من خمرهم وخنزيرهم ﺇﺫﺍ ﻋﺘﺪ ﻋﻠﻴﻪ مسلم في ﻇﻬﺮ ﻗﻮﺍﻝ ﻫﻞ ﻟﻌﻠﻢ ، ﻓﻌﻘﺪﻫﻢ على الخمر والخنزير ﻛﻌﻘﺪﻧﺎ ﻋﻠﻰ العصير ﻭﺍﻟﺸﺎﻩ ، ﻓﻔﻲ المدونة في فقه المالكية : ( ﻗﻠﺖ  : ﺃﺭﺃﻳﺖ ﻫﻞ ﻟﺬﻣﺔ إذا تظالموا ﻓﻴﻤﺎ بينهم في الخمر أيحكم ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ ؟ ﻗﺎ : ﻧﻌﻢ لأنها مال من أموالهم ، ﻗﻠﺖ  : ﺃﺭﺃﻳﺖ ﻣﺴﻠﻤﺎ ﻏﺼﺐ نصرانيا خمرا ؟ ﻗﺎ لك ﻋﻠﻴﻬﺎ قيمتها في ﻗﻮ ﻣﺎﻟﻚ ,ﻗﻠﺖ:ﻣﻦ ﻳﻘﻮﻣﻬﺎ؟ ﻗﺎ: ﻫﻲ ﻳﻨﻬﻢ ).

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :     فهذه الحلقة السبعون في موضوع(الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*حقوق الذميين في الشريعة الإسلامية

 أما المعاملات ﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ﻷﻫﻞ ﻟﺬﻣﺔ ﻓﻬﻲ  ﺷﺎﻫﺪ ﻋﺪ ﺻﺪ على سماحة ﻫـﺬ ﻟـﺪﻳﻦ ﺳﺒﻘﻪ لكل المواثيق البشرية في ﻟﻮﻓﺎ ﺑﺎﻟﻌﻬﻮ ﺻﻴﺎﻧﺔ ﻟﻜﺮﻣﺔ ﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ، فقد تحدث ﻟﻔﻘﻬﺎ ﻋﻦ رد تحيتهم بمثلها ﺃﻭ ﺑﺄﺣﺴﻦ ﻣﻨﻬﺎ ، ﻋﻦ ﻋﻴﺎﺩﺓ ﻣﺮﺿﺎﻫﻢ ، ﻋﻦ تعزيتهم بموتاهم ، ﻋﻦ ﻗﺒﻮ ﻫﺪﻳﺎﻫﻢ وغير ﻟﻚ ﻣﻦ ﺻﻮ البر بهم والإقساط ﻟﻴﻬﻢ ، ﻓﻘﺪ ﻋـﺎد النبي صلى الله عليه وسلم ﻏﻼﻣﺎ يهوديا كان يخدمه ﻋﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﻹﺳﻼ ﻓﺄﺳﻠﻢ فخرج النبي صلى الله عليه وسلم ﻫﻮ ﻳﻘﻮ : ( الحمد لله ﻟﺬ ﻧﻘﺬﻩ ﻣﻦ ﻟﻨﺎ) وقبل النبي صلى الله عليه وسلم ﻋﻮ لمرﺃﺓ اليهودية التي دعته إلى ﺷﺎ ﻭﺩﺳﺖ ﻟﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﺴﻢ ، ﻭﺃﻣﺮ ﻋﻠﻲ بن أبي ﻃﺎﻟﺐ ﺃﻥ ﻳﻮﺍﺭﻱ ﺑﺎﻩ ﻋﻨﺪﻣﺎ آذنه بموته ، ﻋﻨﺪ ﻣﺎ ﻣﺎﺗـﺖ أم أبي ﻭﺍﺋﻞ ﻫﻲ

 ﻧﺼﺮﻧﻴﺔ سأل في ﻟﻚ ﻋﻤﺮ ﻓﻘﺎ: اركب في ﺟﻨﺎتها ﻻ يخفى ﺃﻥ ﻣﺸﺮﻋﻴﺔ ﻟﻚ ﻣﻨﻮﻃﺔ ﺑﺎﻗﺘﻀﺎ الحاجة ﻟﻴﻪ ﻛﺼﻠﺔ ﺣﻢ ، أو تعين المشيع لمواراته ، ﺃﻭ ﻳﻜﻮ ﻟﻚ تطييبا لخاطر ﺃﺭﺣﺎﻣﻪ من المسلمين ﺃﻭ ﺗﺄﻟﻔﺎ ﻟﻘﻠﻮ ﺑﻌـﺾ غير المسلمين ﺟﺎ أسلامهم ونحوه من المصالح المعتبرة شرعا . واليكم نماذج ﻣﻦ ﻋﻨﺎﻳﺔ ﻹﺳﻼ ﺑﺄﻫﻞ ﻟﺬﻣﺔ  :

قال تعالى : { لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ }. [الممتحنة:8] ﻓﺎﻹﺳﻼ ﻳﻮﺟﺐ ﻋﻠﻰ ﺗﺒﺎﻋﻪ أن يبروا ﻫﻞ ﻟﺬﻣﺔ ، ﻭﺃﻥ ﻳﻌﺪﻟﻮ ﻣﻌﻬـﻢ ﻷنهم ﻭﺇﻥ خالفوهم في ﻟﻌﻘﻴﺪ ﻻ ﻳﻌﻠﻨﻮ ﻟﻘﺘﺎ ﻋﻠﻴﻬﻢ ، ﺑﻞ ﻳﺴﻜﻨﻮ ﺑﻼ المسلمين  ويخضعون ﻷﺣﻜﺎ ﻹﺳﻼ   .

والتاريخ أفضل شاهد فأهل الذمة في ﻇﻞ ﺩﻭﻟﺔ الإسلام بما لم يكونوا يحلمون به في ﻇﻞ الدولة

التي كانت تشاركهم في ﻟﺪﻳﻦ ﺗﺴﻮﺳﻬﻢ ﻓﻖ ﻣﺒﺎئه .

=ﻛﻔﺎﻳﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﺗﺄمين ﺷﺎﻣل :

ﺇﻥ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﻟﻌﺰﻳﺰ رضي الله عنه يوجه إلى ﻭﺍﻟﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﻟﺒﺼﺮ ﺑﻴﺎﻧﺎ ﻳـﺬﻛﺮﻩ ﻓﻴـﻪ ﺑﻮﺟﺒـﺎ وظيفته نحو ﻣﻦ ﺳﺘﺮﻋﺎﻩ ﷲ ﻋﻠﻴﻪ من غير المسلمين ، ﻳﻄﻠﺐ منه في ﺣﺰ ﺻﺮﻣﺔ ﺃﻥ ﻳﺘﻔﻘﺪ ﺣﻮ ﻫﻞ ﻟﺬﻣﺔ ، ﻭﺍﻥ ﻳﻘﻒ ﺑﻨﻔﺴﻪ على جميع ﺷﺌﻮنهم ، ﻭﺍﻥ يفرض لهم في ﺑﻴـﺖ ﻣـﺎ المسلمين ما يكفي لتأمين ﻣﻌﻴﺸﺘﻬﻢ ﺳﺪ ﺣﺎﺟﺘﻬﻢ وتوفير الغنى لهم حتى لا يتعرض ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﻟﺬ السؤال في مجتمع ﻹﺳﻼ   .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :     فهذه الحلقة الواحدة والسبعون في موضوع(الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*حقوق الذميين في الشريعة الإسلامية

بين التأمين الإسلامي والتأمين المعاصر

ﻟﻘﺪ ﻃﻠﺐ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﻟﻌﺰﻳﺰ رضي الله عنه ﻣﻦ ﻋﺪ ﺑﻦ ﺃﺭﻃﺄ ﺃﻥ ﻳﺆﻣﻦ ﻫـﻞ ﻟﺬﻣـﺔ ﺿـﺪ ﻟﺸﻴﺨﻮﺧﺔ ﺿﺪ ﻟﻀﻌﻒ ﻭﺍﻟﻌﺠﺰ ، ﺿﺪ ﻟﻔﻘﺮ ﻭﺍﻟﻔﺎﻗﺔ ، ﻫﺬﻩ ﻧﻮﺍﻉ التأمين التي تقررها نظم التأمين الاجتماعي الحديث ، غير أن التأمين ﻟﺬ ﺗﻘﺮﻩ ﻫﺬﻩ ﻟﻨﻈﻢ ﻻ ﻳﻄﺒﻖ ﻻ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻳﺪﻓﻊ أقساط التأمين ﺛﻨﺎ ﻋﻤﻠﻪ ، وهو لا يمنح المؤمن ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻟـﺴﺪ ﺣﺎﺟﺎﺗـﻪ وتوفير ﻟﻌﻴﺶ الكريم ﻟﻪ ، ﺑﻞ ﻳﻌﻄﻴﻪ ﻣﺎ ﻳﻨﺎﺳﺐ ﻟﻘﺴﻂ ﻟﺬ ﻛﺎ ﻳﺪﻓﻌﻪ ﺛﻨﺎ ﻋﻤﻠﻪ ، ﻓﻤﻦ ﻛﺎ ﻳﺪﻓﻊ ﻗﺴﻄﺎ أكبر يستحق تأمينا أكبر ﺩﻭﻥ نظر إلى شدة الحالة وضعفها .

أما التأمين ﻟﺬ ﻳﻘﺮﻹﺳﻼ ﻷﻫﻞ ﻟﺬﻣﺔ ﻫﻨﺎ فهو تأمين ﻳﺆﺩﻱ ﻟﻜﻞ ﻋـﺎﺟﺰ ﻋـﻦ ﻛﺴﺐ رزقه وتحصيل ﻋﻴﺸﻪ ﺩﻭﻥ ﻟﺰﻣﻪ ﻣﻘﺪﻣﺎ ﺑﺪﻓﻊ ﻗﺴﺎ هذا التأمين , إنه تأمين يفرض في بيت مال المسلمين ويسد لهم جميع الحاجات , ويكفل لهم ﺣﺪ ﻟﻜﻔﺎﻳﺔ والغنى .

الجزية مساهمة محدودة وعادلة في ﻋﺒﺎ ﻟﺪﻟﺔ الإسلامية :

وأكد المؤلف أن الحاقدين ﻋﻠﻰ ﻹﺳﻼ الذين يجهلون ﺸﺮﻳﻌﺘﻪ أكثروا الكلام عن الجزية على غير حقيقتها ﻫـﺬﻩ ﺑﻌـﺾ الأضواء ﻋﻠﻰ حقيقة الجزية   :

الجزية ضريبة ﻳﺪﻓﻌﻬﺎ ﻛﻞ ﺑﺎﻟﻎ ﻣﻦ ﻫﻞ ﻟﺬﻣﺔ ﺻﺤﻴﺢ ﻟﺒﺪ ﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﻟﻜﺴﺐ ، ﻓـﻼ يدفعها الصبي ولا المرأة ﻟﺸﻴﺦ الفاني ولا المريض ﻟﺰﻣﻦ ، ﻟﻌﺎﺟﺰ ﻋـﻦ ﻟﻌﻤـﻞ ﻭﺍﻟﻜﺴﺐ . ﻣﺎ ﻣﻘﺪﺍﺭﻫﺎ ﻓﻤﺒﻠﻎ ﻗﻠﻴﻞ يدخل في الاستطاعة ، وليس في ﺃﺩﺍﺋﻪ ﻋﺐ ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﺑﻞ ﺇﻥ ﻹﺳﻼ ﻻ ﻳﻔﺮﺿﻬﺎ ﻻ ﻋﻠﻰ ﻟﻘﺎﺩﺭ ، ﻣﺎ ﻟﻌﺎﺟﺰ ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﺟﺰﻳﺔ ﻋﻠﻴﻪ ، ﺑﻞ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺑﻴﺖ مال المسلمين ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻴﻪ ﻋﻴﺎﻟﻪ ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﻋﻤﺮ بن الخطاب رضي الله عنه ﻣﻊ ﻟﺸﻴﺦ ﻟﻴﻬﻮﺩﻱ ﻟﺬ رآه يتسول ﻋﻠﻰ ﻷﺑﻮﺍﺏ .

ﻟﻘﺪ ﻇﻦ بعض الجاهلين ﺑﺄﺣﻜﺎ ﻹﺳﻼ أن الجزية ﻧﻮ ﻏﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﻟﻀﺮﺋﺐ ﺧـﺺ ﺑﻪ ﻹﺳﻼ ﻫﻞ ﻟﺬﻣﺔ دون المسلمين ، ﻭﺫﻟﻚ ﻧﻪ ﻳﻔﺮ ﻋﻠﻰ ﻟﺮﺅﻭﺱ ﻻ ﻋﻠـﻰ ﻷﻣـﻮﺍﻝ ﻓﻴﻠﺰ ﺑﻪ ﻛﻞ ﻓﺮ ﻣﻦ ﻫﻞ ﻟﺬﻣﺔ ﺑﺼﺮ ﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﻧﻮ ﻟﻨﺸﺎ الاقتصادي الذي يمارسه ﻭﺍﻟﺮﺑﺢ الذي يحصله ﻣﻦ ﻫﺬ ﻟﻨﺸﺎ .

ﻧﺴﻲ هؤلاء ﺃﻭ ﺗﻨﺎﺳﻮ ﺃﻥ ﻹﺳﻼ ﻳﻔﺮ ﻛﺎ ﻟﻔﻄﺮ ﻋﻠﻰ  ﺳﺎ ﻟﺮﺅﻭﺱ ﻛـﺬﻟﻚ ﻫﻲ ﻛﺎ ﺗﻔﺮ على المسلمين ﺣﺪﻫﻢ ، ﺑﻞ ﺇﻥ ﻛﺎ ﻟﻔﻄﺮ ﺗﻔﺮ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻓﺮ ﺳﻮء ﻛﺎ ﺟﻼ ﺃﻭ ﻣﺮﺃﺓ صغيرا أو كبيرا ﺣﺮ ﺃﻭ ﻋﺒﺪ ، ﺻﺤﻴﺤﺎ ﺃﻭ ﻣﺮﻳﻀﺎ ﻗﺎﺩﺭﺍ ﻋﻠﻰ ﻟﻜﺴﺐ ﺃﻭ ﻋﺎﺟﺰ ﻋﻨﻪ ، ﻣﺎ ﺩﺍﻡ ﻟﻴﻪ ﻳﻘﺪ ﻋﻠﻰ ﻓﻊ ﻫﺬﻩ ﻟﺰﻛﺎ . أما الجزية ﻓﻼ ﻳﺪﻓﻌﻬﺎ ﻟﺮﺟﺎ ﻟﺒﺎﻟﻐﻮ ﻟﻘﺎﺩﺭﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﻟﻌﻤﻞ ﻭﺍﻟﻜﺴﺐ.

[الأنترنت – موقع الملتقى الفقهي ( كتاب : حقوق الذميين في الشريعة الإسلامية - عرض: عماد عاشور]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :     فهذه الحلقة الثانية والسبعون في موضوع(الحق) وهي بعنوان:*حق اليقين درجة من درجات اليقين

   إن اليقين شعبة عظيمة من شعب الإيمان , وصفة

من صفات أهل التقوى والإحسان , قال تعالى : الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5) سورة لقمان .

واليقين "هو العلم التام الذي ليس فيه أدنى شك، الموجب للعمل. تفسير السعدي 40.

قال الشاعر :

وقد أتاك يقين غير ذي عوج * * *

من الإله وقول غير مكذوب

وقال البيهقي : " اليقين هو سكون القلب عند العمل بما صدق به القلب فالقلب مطمئن ليس فيه تخويف من الشيطان ولا يؤثر فيه تخوف فالقلب ساكن آمن ليس يخاف من الدنيا قليلا ولا كثيرا . [الزهد الكبير 1/352.]

قال ابن القيم رحمه الله في \'زاد المعاد\': لا يتم صلاح العبد في الدارين إلا باليقين والعافية، فاليقين يدفع عنه عقوبات الآخرة، والعافية تدفع عنه أمراض الدنيا من قلبه وبدنه' [انظر: مدارج السالكين 2/397 .]

وقال صاحب الظلال:والذي يجد راحة اليقين في قلبه يجد في الآيات مصداق يقينه،ويجدفيها طمأنينة ضميره.

فالآيات لا تنشىء اليقين ، إنما اليقين هو الذي يدرك دلالتها ويطمئن إلى حقيقتها . ويهيئ القلوب للتلقي الواصل الصحيح . [تفسير الظلال 1/81.]

ولأهمية اليقين فقد نبه الله نبيه صلى الله عليه وسلم إلى الركون إلى أهل الشك ومن ليس لديهم اليقين الكامل بالله رب العالمين , قال تعالى : " فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ (60) سورة الروم .

كما أمره بمداومة العبادة حتى يأتيه اليقين التام بلقاء ربه والفوز بمرضاته , قال تعالى : " فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99) سورة الحجر.

واليقين عده البعض الإيمان كله , قال بعض السلف : الصبر نصف الإيمان، واليقين الإيمان كل" , وقال ابن القيم : " اليقين من الإيمان بمنزلة الروح من الجسد، وبه تفاضل العارفون، وفيه تنافس المتنافسون، وإليه شمر العاملون، وهو مع المحبة ركنان للإيمان، وعليهما ينبني وبهما قوامه، وهما يُمدان سائر الأعمال القلبية والبدنية، وعنهما تصدر، وبضعفهما يكون ضعف الأعمال، وبقوتهما تقوى الأعمال، وجميع منازل السائرين إنما تُفتتح بالمحبة واليقين، وهما يثمران كل عمل صالح،وعلم نافع،وهدى مستقيم'[ مدارج السالكين 2/397] .

وعَنِ الْحَسَنِ ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ خَطَبَ النَّاسَ ، فَقَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّ النَّاسَ لَمْ يُعْطَوْا فِي الدُّنْيَا خَيْرًا مِنَ الْيَقِينِ ، وَالْمُعَافَاةِ ، فَسَلُوهُمَا اللهَ ، عَزَّ وَجَلَّ. [أخرجه أحمد 1/8(38).]

وعَنْ عُمَرَ ، قَالَ : إِنَّ أَبَا بَكْرٍ خَطَبَنَا ، فَقَالَ:إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ فِينَا عَامَ أَوَّلَ ، فَقَالَ : أَلاَ إِنَّهُ لَمْ يُقْسَمْ بَيْنَ النَّاسِ شَيْءٌ أَفْضَلُ مِنَ الْمُعَافَاةِ بَعْدَ الْيَقِينِ ، أَلاَ إِنَّ الصِّدْقَ وَالْبِرَّ فِي الْجَنَّةِ ، أَلاَ إِنَّ الْكَذِبَ وَالْفُجُورَ فِي النَّارِ.[أخرجه أحمد 1/9(49) و\"النَّسائي" في "عمل اليوم والليلة" 885.]

ولهذا قال أبو بكر الوراق رحمه الله:'اليقين ملاك القلب، وبه كمال الإيمان، وباليقين عُرف الله، وبالعقل عُقل عن الله'.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :     فهذه الحلقة الثالثة والسبعون في موضوع(الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*حق اليقين درجة من درجات اليقين

ولقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : "اللهم قْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا تَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ , وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ , وَمِنَ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مُصائب الدُّنْيَا , اللهم أمتعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا , وَاجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا , وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا , وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا , وَلاَ تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِى دِينِنَا , وَلاَ تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا , وَلاَ مَبْلَغَ عِلْمِنَا , وَلاَ تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لاَ يَرْحَمُنَا. [أَخْرَجَهُ الترمذي (3502) و"النَّسَائي" في عمل اليوم والليلة (402) عن ابن عمر رضي الله عنه .]

ولقد ضرب أنبياء الله ورسله الكرام المثل الأعلى في اليقين وحسن الثقة بالله تعالى , فها هو الخليل إبراهيم عليه وسلم حينما حاجه قومه قال لهم في يقين وثبات : " وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ {أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (80) وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (81) } سورة الأنعام .

وها هو كليم الله موسى عليه السلام يقول لأصحابه

 حينما أدركهم فرعون فوجدوا البحر من أمامهم والعدو من ورائهم :{ فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62) فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63) وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ (64) وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (65) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (66) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (67) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (68) } سورة الشعراء .

وهذا الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم يقول لصاحبه أبي بكر

الصديق رضي الله عنه وهما في الغار وقد أحدقتم به

الإخطار " ما ظنك باثنين الله ثالثهما , لا تحزن إن الله معنا " قال سبحانه :{ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40) } سورة التوبة .

قال أبو عبد الله أحمد بن حنبل : فهذا لأهل الغفلة، صير الله هذه الدنيا بما فيها سببا للذكر لأهل الغفلة ليذكروا بها آخرتهم، فأما أهل اليقين فقد صارت الآخرة نصب أعينهم فلا بيت حمام يزعجه ولا بيت عروس يستفزه، لقد دقت الدنيا بما فيها من الصنفين والضربين في جنب الآخرة، حتى أن جميع نعيم الدنيا في أعينهم كنثارة الطعام من مائدة عظيمة، وجميع شدائد الدنيا في أعينهم كقتلة عوقب بها مجرم أو مسئ قد كان استوجب بها القتل أو الصلب من جميع عقوبات أهل الدنيا. {تفسير القرطبي 12 /225 }

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :     فهذه الحلقة الرابعة والسبعون في موضوع(الحق) وهي بعنوان:  أهل اليقين هم أهل الإيمان

وأهل اليقين هم أهل الإيمان وأهل التميز في الأقوال والأفعال ولهم صفات تتباين وتتمايز عن صفات باقي الناس فمن صفاتهم :

1- أنهم هم الذين يؤمنون بالغيب :

قال تعالى : "الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)

سورة البقرة .

فأهل اليقين يؤمنون بالبعث والجزاء والحساب والجنة والنار , لذا فإن الحياة بما فيها وبمن فيها تهون في أعينهم أمام مرضاة الله تعالى وانتظار الجزاء الأوفى منه سبحانه , ولقد تعلم الصحابة الكرام هذا اليقين من رسول الله صلى الله عليه وسلم , فحينما انطلق رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ ، حَتَّى سَبَقُوا الْمُشْرِكِينَ إِلَى بَدْرٍ ، وَجَاءَ الْمُشْرِكُونَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : لاَ يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلَى شَيْءٍ حَتَّى أَكُونَ أَنَا دُونَهُ ، فَدَنَا الْمُشْرِكُونَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : قُومُوا إِلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ ، قَالَ : يَقُولُ عُمَيْرُ بْنُ الْحُمَامِ الأَنْصَارِيُّ : يَا رَسُولَ اللهِ ، جَنَّةٌ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : بَخٍ . بَخٍ . فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : مَا يَحْمِلُكَ عَلَى قَوْلِكَ بَخٍ . بَخٍ ؟ قَالَ : لاَ وَاللهِ ، يَا رَسُولَ اللهِ ، إِلاَّ رَجَاءَ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا ، قَالَ : فَإِنَّكَ مِنْ أَهْلِهَا ، قَالَ : فَأَخْرَجَ تَمَرَاتٍ مِنْ قَرَنِهِ ، فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنْهُنَّ ، ثُمَّ قَالَ : لَئِنْ أَنَا حَيِيتُ حَتَّى آكُلَ تَمَرَاتِي هَذِهِ إِنَّهَا لَحَيَاةٌ طَوِيلَةٌ ، قَالَ : فَرَمَى بِمَا كَانَ مَعَهُ مِنَ التَّمْرِ ، ثُمَّ قَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ ، رَحِمَهُ اللَّهُ.أخرجه أحمد 3/136(12425) ومُسْلم 6/44(4950.

قال الشاعر :

شَبّوا على عِشق  الشهادة  والفدا****

ولكل  مكرمة  خيول  سباقة

وتشبثوا بعُرى اليقين وكلما****

جاش  الغُزاة  تشمّروا عن ساق

2- أنهم هم الذين يوقنون بأن الرزق بيد الله وحده :

ومن صفات أهل اليقين التيقن الكامل بأن الرزق ليس بيد أحد من البشر وإنما هو بيد الله تعالى وحده , قال سبحانه : "وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21) وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22) فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (23) سورة الذاريات .

لذا تجدهم ينفقون ويتصدقون ولا يخشون الفقر والإقلال , ويعطون ويبذلون عن إيمان ويقين ,

روى عن حَيْوَة بن شريح التجيبي، الفقيه، المحدث، الزاهد، وهو من رواة الحديث الثقات، كان يأخذ عطاءه في السنة ستين ديناراً، فلا يفارق ذلك المكان الذي أخذ فيه العطاء حتى يتصدق بها جميعاً، فكان إذا جاء إلى منزله وجد الستين ديناراً، تحت فراشة، فبلغ ذلك ابن عم له، فتصدق لعطائه جميعا أراد أن يفعل مثل حيوة، وجاء إلى تحت فراشه فلم يجد شيئاً! فذهب إلى حيوة وقال: أنا تصدقت بكل عطائي، ولم أجد تحت فراشي شيئاً، فقال له حيوة:

أنا أعطيت ربي يقيناً، وأنت أعطيته تجربة.

يعنى: أنت كنت تريد أن تجرب، وتختبر ربك، فتصدقت، لتنظر النتيجة، وأما أنا فأتصدق وأنا راسخ اليقين بما عند الله عز وجلّ من الجزاء والعوض. [سير أعلام النبلاء 11/491.]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :     فهذه الحلقة الخامسة والسبعون في موضوع(الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:          أهل اليقين هم أهل الإيمان

اجتمع حذيفة المرعشي و سليمان الخواص و يوسف أسباط فتذاكروا الفقر والغنى و سليمان ساكت فقال بعضهم : الغنى من كان له بيت يسكنه وثوب يستره وسداد من عيش يكفه عن فضول الدنيا ، وقال بعضهم : الغنى من لم يحتج إلى الناس . فقيل لسليمان : ما تقول أنت يا أبا أيوب فبكى ثم قال : رأيت جوامع الغنى في التوكل ورأيت جوامع الشر من القنوط والغنى حق الغنى من أسكن الله قلبه من غناه يقينا ومن معرفته توكلا ومن عطاياه وقسمه رضى فذاك الغنى حق الغنى وإن أمسَ طاويا وأصبح معوزا فبكى القوم جميعا من كلامه [ابن أبي الدنيا : اليقين 79.]

قال أبو حازم رحمه الله:' وجدت الدنيا شيئين: فشيء هو لى، وشيء لغيري، فلو طلبته بحيلة السموات والأرض؛ لم أصل إليه'. يعنى: الذي كُتب لغيري من الرزق لو طلبته بحيلة السموات والأرض لم أصل إليه، فيُمنع رزق غيري مني كما يُمنع رزقي من غيري .يقول: ما كتب لي لابد أن يأتي، ولو اجتمع من بأقطارها ليمنعوه. وما كان مكتوباً لغيري لا يمكن أن يصل إليّ. قال الشاعر :

توكلت في رزقي على الله خالقي ****

 وأيقنت أن الله لا شك رازقي

وما يكون من رزقي فليس يفوتني ****

ولو كان في قاع البحار العوامق

سيأتي به الله العظيم بفضله ****

ولو لم يكن مني اللسان بناطق

ففي أي شيء تذهب النفس حسرة ****

وقد قسم الرحمن رزق الخلائق

3- أنهم هم الذين لا يزيغون عن الحق ولا تتشابه عليهم الأمور :قال تعالى : وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْبَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (118) سورة البقرة .

فأهل اليقين الحق عندهم واضح وضوح الشمس , لذا فهم لا يراءون ولا ينافقون , دخل هشام بن عبد الملك الخليفة الأموي الكعبة، فرأى سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهم، فقال له:\'سلنى حاجة -فرصة ثمينة الخليفة يعرض عليه أن يسأله ما شاء، اطلب، فماذا قال؟- قال:\'إني لأستحي من الله أن أسال في بيته غيره\'. فلما خرجوا قال له:\' فالآن سلني حاجتك، فقال سالم: من حوائج الدنيا أم حوائج الآخرة؟- طبعاً حوائج الآخرة لا سبيل إليها، لا سبيل إلى تحصيلها من قِبَل المخلوقين، هم لا يستطيعون أن يعطوك شيئاً من أمور الآخرة- قال:' بل من حوائج الدنيا\' قال:\' والله ما سألت الدنيا من يملكها -يعنى الله، يقول: أنا ما دعوت قط ربي أن يعطيني شيئاً من حُطام الدنيا- ما سألت الدنيا من يملكها، فكيف أسأل من لا يملكها!'.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :     فهذه الحلقة السادسة والسبعون في موضوع(الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:          أهل اليقين هم أهل الإيمان

4- أنهم هم الذين يحكمون شرع الله تعالى في جميع أمورهم :

قال تعالى : " أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50) سورة المائدة

وأهل اليقين يحكمون شرع الله تعالى في جميع أمورهم , فلا يحكمون الهوى ولا الطاغوت , ويجاهرون بكلمة الحق لعلمهم أن الأرزاق والآجال بيد الله تعالى وحده , عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ. أخرجه أبو داود (4344).

قال الشاعر:

لا تجزعي إن الفؤاد قد امتطى * * *

ظهر اليقين وفي معارجه ارتقى

غذيت قلبي بالكتاب وآيه * * *

وجعلت لي في كل حق منطقا

ووطئت أوهامي فما أسكنتها * * *

عقلي وجاوزت الفضاء محلقا

5- أنهم هم الذين يؤمنون بالقرآن الكريم :

قال تعالى : وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (24) سورة السجدة .

فأهل اليقين يدورون مع القرآن حيث دار يتخلقون

بأخلاقه ويقفون عند حدوده , روى أن عالماً من العلماء المتقدمين ألف كتاباً في التفسير، فلم يجد سعة، ومالاً من أجل أن يستنسخ الكتاب، كانت هذه الكتب تستنسخ عند الورّاقين، ولربما كلفهم ذلك مبالغ إذا كان الكتاب كبيراً لا يستطيعون دفعها، فركب هذا العالم سفينة، وسار على النهر ليذهب إلى رجل من أهل الغنى والثراء؛ ليعرض عليه هذا الكتاب من أجل أن يتبرع لنسخه، فبينما هو بالسفينة إذ مرّ برجل يمشى على قدميه يريد الركوب، فطلب من صاحب السفينة أن يحمل هذا الرجل ويحسن إليه، فتوقفت فحملوا بها هذا الرجل فسأل الرجل العالم: من أنت؟ فأخبره باسمه، فقال: أنت العالم المفسر؟ قال: نعم، قال: وأين تريد؟ قال: أريد أن أذهب إلى فلان علّه أن يتبرع بنسخ هذا الكتاب، فقال هذا الرجل للعالم: وكيف فسرت قوله تعالى: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ[5] سورة الفاتحة ؟ فأخبره عمَّا قال وتفطن لمقصده! ثم قال لصاحب السفينة: ارجع بي إلى حيث حملتني، ورجع إلى بيته، وبقى فيه. وبعد مدة ليست بالبعيدة، وإذا برجل يطرق الباب، ومعه رسول فعرّفه بنفسه، وقال: إنه مرسل من قبل فلان الرجل الذي كان يريد أن يذهب إليه، وقال: إنه قد بلغه أنك قد كتبت كتاباً في التفسير، فهو يريد أن يطلع عليه، فبعث إليه بجزءٍ من أجزاء هذا الكتاب، فلما نظر إليه أمر أن يوزن له بالذهب، فَوُزِن فبعث به إلى هذا العالم.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :     فهذه الحلقة السابعة والسبعون في موضوع(الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:          أهل اليقين هم أهل الإيمان

6- أنهم هم الذين يؤمنون بآيات الله وإعجازه في كونه :

قال تعالى : إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ

 لِلْمُؤْمِنِينَ (3) وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (4) وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (5) تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (6) سورة الجاثية .

وقال سبحانه عن إبراهيم عليه السلام : " وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ[75] . سورة الأنعام.

فمن صفات أهل اليقين أنهم يتفكرون في ملكوت الله ويرون إعجاز الله في خلقه , عن عطاء قال : دخلت أنا وعبيد بن عمير على عائشة رضي الله عنها فقال عبد الله بن عمير : حدثينا بأعجب شيء رأيته من رسول الله صلى الله عليه و سلم فبكت وقالت : قام ليلة من الليالي فقال : يا عائشة ! ذريني أتعبد لربي قالت : قلت : والله إني لأحب قربك وأحب ما يسرك قالت : فقام فتطهر ثم قام يصلي فلم يزل يبكي حتى بل حجره ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بل الأرض وجاء بلال يؤذنه بالصلاة فلما رآه يبكي قال : يا رسول الله ! تبكي وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ ! قال : أفلا أكون عبدا شكورا ؟ لقد نزلت علي الليلة آيات ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها : { إن في خلق السماوات والأرض } . [رواه ابن حبان في صحيحه 2/ 378 السلسلة الصحيحة 1/147.]

قال الشاعر :

تأمل في نبات الأرض وانظر * * *

إلى آثار ما صنع المليك

عيون من لجين شاخصات * * *

وأزهار كما الذهب السبيك

على قضب الزبرجد شاهدات * * *

بأن الله ليس له شريك

7- أنهم هم الذين يوقنون بأن النفع والضر بيد الله :

قال تعالى : " وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (107) سورة يونس . وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ:كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ الله ، صلى الله عليه وسلم ، يَوْمًا فَقَالَ : يَا غُلأَمُ ، إني اُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ : احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ ، إذا سَأَلْتَ ، فَاسْأَلِ اللَّهَ ، وإذا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِالله ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأمة لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بشيء ، لَمْ يَنْفَعُوكَ إلا بشيء قَد ْكَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بشيء ، لَمْ يَضُرُّوكَ إلا بشيء قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ ، رُفِعَتِ الاقْلأَمُ ، وَجَفَّتِ الصُّحُفُ.[أخرجه أحمد 1/293(2669) والتِّرْمِذِيّ\" 2516 . الألباني( صحيح ) انظر حديث رقم : 7957 في صحيح الجامع .]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :     فهذه الحلقة الثامنة والسبعون في موضوع(الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:          أهل اليقين هم أهل الإيمان

وعَنْ سِنَانِ بْنِ أَبِي سِنَانٍ الدُّؤَلِيِّ ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ ، أَنَّ جَابِرَ ابْنَ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيَّ ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَ ؛أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم غَزْوَةً قِبَلَ نَجْدٍ ، فَلَمَّا قَفَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَفَلَ مَعَهُمْ ، فَأَدْرَكَتْهُمُ الْقَائِلَةُ يَوْمًا ، فِي وَادٍ كَثِيرِ الْعِضَاهِ ، فَنَزَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، وَتَفَرَّقَ النَّاسُ فِي الْعِضَاهِ ، يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ ، وَنَزَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتَظِلُّ تَحْتَ شَجَرَةٍ ، فَعَلَّقَ بِهَا سَيْفَهُ ، قَالَ جَابِرٌ: فَنِمْنَا بِهَا نَوْمَةً ، ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَدْعُونَا ، فَأَتَيْنَاهُ ، فَإِذَا عِنْدَهُ أَعْرَابِيٌّ جَالِسٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : إِنَّ هَذَا اخْتَرَطَ سَيْفَهُ ، وَأَنَا نَائِمٌ ، فَاسْتَيْقَظْتُ وَهُوَ فِي يَدِهِ صَلْتًا ، فَقَالَ : مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي ؟ فَقُلْتُ : اللهُ، فَشَامَ السَّيْفَ ، وَجَلَسَ ، فَلَمْ يُعَاقِبْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ.[أخرجه أحمد 3/311(14387) . والبُخَارِي (2910 و2913 و4134) . ومُسْلم 7/62 (6015) .]

وعَنْ صُهَيْبٍ ، أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:كَانَ مَلِكٌ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ وَكَانَ لَهُ سَاحِرٌ فَلَمَّا كَبِرَ قَالَ لِلْمَلِكِ : إِنِّى قَدْ كَبِرْتُ فَابْعَثْ إِلَىَّ غُلاَمًا أُعَلِّمْهُ السِّحْرَ. فَبَعَثَ إِلَيْهِ غُلاَمًا يُعَلِّمُهُ فَكَانَ فِى طَرِيقِهِ إِذَا سَلَكَ رَاهِبٌ فَقَعَدَ إِلَيْهِ وَسَمِعَ كَلاَمَهُ فَأَعْجَبَهُ فَكَانَ إِذَا أَتَى السَّاحِرَ مَرَّ بِالرَّاهِبِ وَقَعَدَ إِلَيْهِ فَإِذَا أَتَى السَّاحِرَ ضَرَبَهُ فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى الرَّاهِبِ فَقَالَ : إِذَا خَشِيتَ السَّاحِرَ فَقُلْ حَبَسَنِى أَهْلِى. وَإِذَا خَشِيتَ أَهْلَكَ فَقُلْ حَبَسَنِى السَّاحِرُ. فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَتَى عَلَى دَابَّةٍ عَظِيمَةٍ قَدْ حَبَسَتِ النَّاسَ فَقَالَ : الْيَوْمَ أَعْلَمُ آلسَّاحِرُ أَفْضَلُ أَمِ الرَّاهِبُ أَفْضَلُ فَأَخَذَ حَجَرًا فَقَالَ : اللهمَّ إِنْ كَانَ أَمْرُ الرَّاهِبِ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ أَمْرِ السَّاحِرِ فَاقْتُلْ هَذِهِ الدَّابَّةَ حَتَّى يَمْضِىَ النَّاسُ. فَرَمَاهَا فَقَتَلَهَا وَمَضَى النَّاسُ فَأَتَى الرَّاهِبَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ لَهُ الرَّاهِبُ : أَىْ بُنَىَّ أَنْتَ الْيَوْمَ أَفْضَلُ مِنِّى. قَدْ بَلَغَ مِنْ أَمْرِكَ مَا أَرَى وَإِنَّكَ سَتُبْتَلَى فَإِنِ ابْتُلِيتَ فَلاَ تَدُلَّ عَلَىَّ. وَكَانَ الْغُلاَمُ يُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وَيُدَاوِى النَّاسَ مِنْ سَائِرِ الأَدْوَاءِ فَسَمِعَ جَلِيسٌ لِلْمَلِكِ كَانَ قَدْ عَمِىَ فَأَتَاهُ بِهَدَايَا كَثِيرَةٍ فَقَالَ : مَا هَا هُنَا لَكَ أَجْمَعُ إِنْ أَنْتَ شَفَيْتَنِى فَقَالَ : إِنِّى لاَ أَشْفِى أَحَدًا إِنَّمَا يَشْفِى الله فَإِنْ أَنْتَ آمَنْتَ بِالله دَعَوْتُ الله فَشَفَاكَ. فَآمَنَ بِالله فَشَفَاهُ الله فَأَتَى الْمَلِكَ فَجَلَسَ إِلَيْهِ كَمَا كَانَ يَجْلِسُ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ : مَنْ رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ ؟ قَالَ : رَبِّى. قَالَ : وَلَكَ رَبٌّ غَيْرِى ؟ قَالَ : رَبِّى وَرَبُّكَ الله. فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلى الْغُلاَمِ فَجِىءَ بِالْغُلاَمِ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ : أَىْ بُنَىَّ قَدْ بَلَغَ مِنْ سِحْرِكَ مَا تُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وَتَفْعَلُ وَتَفْعَلُ. فَقَالَ : إِنِّى لاَ أَشْفِى أَحَدًا إِنَّمَا يَشْفِى الله. فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الرَّاهِبِ فَجِىءَ بِالرَّاهِبِ فَقِيلَ : لَهُ ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ. فَأَبَى فَدَعَا بِالْمِئْشَارِ فَوَضَعَ الْمِئْشَارَ فِى مَفْرِقِ رَأْسِهِ فَشَقَّهُ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ ثُمَّ جِىءَ بِجَلِيسِ الْمَلِكِ فَقِيلَ لَهُ : ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ. فَأَبَى فَوَضَعَ الْمِئْشَارَ فِى مَفْرِقِ رَأْسِهِ فَشَقَّهُ بِهِ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ ثُمَّ جِىءَ بِالْغُلاَمِ فَقِيلَ لَهُ ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ. فَأَبَى فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ اذْهَبُوا بِهِ إِلَى جَبَلِ كَذَا وَكَذَا فَاصْعَدُوا بِهِ الْجَبَلَ فَإِذَا بَلَغْتُمْ ذُرْوَتَهُ فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ وَإِلاَّ فَاطْرَحُوهُ فَذَهَبُوا بِهِ فَصَعِدُوا بِهِ الْجَبَلَ فَقَالَ : اللهمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ. فَرَجَفَ بِهِمُ الْجَبَلُ فَسَقَطُوا وَجَاءَ يَمْشِى إِلَى الْمَلِكِ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ : مَا فَعَلَ أَصْحَابُكَ ؟ قَالَ : كَفَانِيهِمُ الله. فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ : اذْهَبُوا بِهِ فَاحْمِلُوهُ فِى قُرْقُورٍ فَتَوَسَّطُوا بِهِ الْبَحْرَ فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ وَإِلاَّ فَاقْذِفُوهُ. فَذَهَبُوا بِهِ فَقَالَ : اللهمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ. فَانْكَفَأَتْ بِهِمُ السَّفِينَةُ فَغَرِقُوا وَجَاءَ يَمْشِى إِلَى الْمَلِكِ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ : مَا فَعَلَ أَصْحَابُكَ ؟ قَالَ : كَفَانِيهِمُ الله. فَقَالَ لِلْمَلِكِ : إِنَّكَ لَسْتَ بِقَاتِلِى حَتَّى تَفْعَلَ مَا آمُرُكَ بِهِ. قَالَ : وَمَا هُوَ ؟ قَالَ : تَجْمَعُ النَّاسَ فِى صَعِيدٍ وَاحِدٍ وَتَصْلُبُنِى عَلَى جِذْعٍ ثُمَّ خُذْ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِى ثُمَّ ضَعِ السَّهْمَ فِى كَبِدِ الْقَوْسِ ثُمَّ قُلْ بِاسْمِ الله رَبِّ الْغُلاَمِ. ثُمَّ ارْمِنِى فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ قَتَلْتَنِى. فَجَمَعَ النَّاسَ فِى صَعِيدٍ وَاحِدٍ وَصَلَبَهُ عَلَى جِذْعٍ ثُمَّ أَخَذَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ ثُمَّ وَضَعَ السَّهْمَ فِى كَبِدِ الْقَوْسِ ثُمَّ قَالَ : بِاسْمِ الله رَبِّ الْغُلاَمِ. ثُمَّ رَمَاهُ فَوَقَعَ السَّهْمُ فِى صُدْغِهِ فَوَضَعَ يَدَهُ فِى صُدْغِهِ فِى مَوْضِعِ السَّهْمِ فَمَاتَ فَقَالَ النَّاسُ : آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلاَمِ آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلاَمِ آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلاَمِ. فَأُتِىَ الْمَلِكُ فَقِيلَ لَهُ : أَرَأَيْتَ مَا كُنْتَ تَحْذَرُ قَدْ وَالله نَزَلَ بِكَ حَذَرُكَ قَدْ آمَنَ النَّاسُ. فَأَمَرَ بِالأُخْدُودِ فِى أَفْوَاهِ السِّكَكِ فَخُدَّتْ وَأَضْرَمَ النِّيرَانَ وَقَالَ مَنْ لَمْ يَرْجِعْ عَنْ دِينِهِ فَأَحْمُوهُ فِيهَا. أَوْ قِيلَ لَهُ اقْتَحِمْ. فَفَعَلُوا حَتَّى جَاءَتِ امْرَأَةٌ وَمَعَهَا صَبِىٌّ لَهَا فَتَقَاعَسَتْ أَنْ تَقَعَ فِيهَا فَقَالَ لَهَا الْغُلاَمُ : يَا أُمَّهِ اصْبِرِى فَإِنَّكِ عَلَى الْحَقِّ.[ أخرجه أحمد 6/16(24428) و\"مسلم\" 8/229(7621).]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :     فهذه الحلقة التاسعة والسبعون في موضوع(الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:          أهل اليقين هم أهل الإيمان

لما أراد سعد بن أبي وقاص رضى الله عنه أن يعبر دجلة إلى المدائن، وقطع الفُرْسُ عليه الجسر، وحازوا السفن؛ نظر سعد في جيشه، فلما اطمأن إلى حالهم، اقتحم الماء، فخاض الناس معه، وعبروا النهر فما غرق منهم أحد، ولا ذهب لهم متاع، فعامت بهم الخيل وسعد يقول:' حسبنا الله ونعم الوكيل، والله لينصُرَّنَ الله وليَّه، وليُظْهِرَنَّ الله دينه، وليهزمن الله عدوه؛ إن لم يكن في الجيش بَغْيٌ أو ذنوب تغلب الحسنات'     .[ تاريخ الطبري2/462. ]

ولما نزل خالد بن الوليد رضى الله عنه الحيرة، فقيل

له: احذر السم لا تسقك الأعاجم، فقال:' ائتوني به، فأُتي به، فالتهمه، واستفه، وقال: بسم الله، فما ضره'. قال الذهبي : هذه والله الكرامة وهذه الشجاعة' .[ سير أعلام النبلاء1/376.]

8- أنهم هم الذين يوقنون بالقضاء والقدر :

قال تعالى : " إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83) سورة يس .

قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: "الرِّضَا أَنْ لَا تُرْضِيَ النَّاسَ بِسَخَطِ اللهِ، وَلَا تَحْمَدَ أَحَدًا عَلَى رِزْقِ اللهِ، وَلَا تَلُمْ أَحَدًا عَلَى مَا لَمْ يُؤْتِكَ اللهُ، فَإِنَّ الرِّزْقَ لَا يَسُوقُهُ حِرْصُ حَرِيصٍ، وَلَا يَرُدُّهُ كَرَاهِيَةُ كَارِهٍ، وَاللهُ بِقِسْطِهِ وَعِلْمِهِ جَعَلَ الرَّوْحَ وَالْفَرَحَ فِي الْيَقِينِ وَالرِّضَا، وَجَعَلَ الْهَمَّ وَالْحُزْنَ فِي الشَّكِّ وَالسَّخَطِ "[شعب الإيمان , للبيهقي 1/384.]

يُذكر أن أعرابية فقدت أباها ثم وقفت بعد دفنه فقالت:يا أبتي , إن في الله عوضاً عن فقدك , وفي رسوله صلى الله عليه وسلم من مصيبتك أسوة .. ثم قالت : ربي لك الحمد , اللهم نزل عبدك مفتقراً من الزاد , مخشوشن المهاد , غنياً عما في أيدي العباد , فقيراً إلى ما في يدك يا جواد , وأنت يا ربي خير من نزل بك المرملون , واستغنى بفضلك المقلون , وولج في سعة رحمتك المذنبون , اللهم فليكن قرى عبدك منك رحمتك , ومهاده جنتك ثم انصرفت راضية محتسبة مأجورة بإذن الله غير مأزورة . قال الشاعر :

يُضيء لَنَا نُورُ اليَقِين سَبيلَنَا * فَتَنْزاحُ عَنَّا غُمَّةٌ وعَوَاثِرُ

وهذه محاورة وقعت بين الحسن بن على رضى الله عنه، وبين من نقل كلام أبي ذر الغفاري رضي الله عنه: أبو ذر رضى الله عنه كان يقول:\'الفقر أحب إلىّ من الغنى، والسقم -يعنى المرض- أحب إلىّ من الصحة\' فلما بلغ ذلك الحسن بن على رضى الله عنه قال:'رحم الله أبا ذر، أمّا أنا فأقول: من اتكل على

 حسن اختيار الله له؛ لم يتمنَّ شيئاً'.               إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :     فهذه الحلقة الثمانون في موضوع(الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: أهل اليقين هم أهل الإيمان

9- أنهم هم الذين يستعدون للموت والحساب :

قال تعالى : " طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ (1) هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (3) سورة النمل .

فأهل اليقين حينما يؤمنون بالموت والحساب فإنهم يستعدون لذلك بالأعمال الصالحة ويوقنون تماما أنهم مقبلون على رب يحاسب على الصغيرة والكبيرة .

قال الشاعر :

هو الموت ما منه ملاذٌ ومهربُ**متى حطَّ ذا عن نعشه ذاك يركب

نشاهد ذا عين اليقين حقيقةً * * * عليه مضى طفلٌ وكهلٌ وأشيب

ولكن على الران القلوبُ كأنَّنا * * * بما قد علمناه يقيناً تُكذّب

نؤمِّلُ آمالاً ونرجو نتاجها * * * وعلَّ الرَّدى مما نُرجيه أقرب

يقول أحدهم: :' رأيت الجنة والنار حقيقة'. فقيل له: كيف رأيتها حقيقة؟ قال:\' رأيتها بعينى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورؤيتي لها بعينه آثر عندي من رؤيتي لها بعيني؛فإن بصري قديطغى ويزيع بخلاف بصره صلى الله عليه وسلم' .

10- أنهم هم الذين يحسنون الظن بالله :

قال تعالى : " قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى

أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) سورة الزمر .

فهم بيقينهم يحسنون الظن بربهم ويعلمون أنهم مقبلون على رب رحيم ,يستر ويغفر نْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ الْمَازِنِىِّ قَالَ بَيْنَمَا أَنَا أَمْشِى مَعَ ابْنِ عُمَرَ رضى الله عنهما آخِذٌ بِيَدِهِ إِذْ عَرَضَ رَجُلٌ ، فَقَالَ كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِى النَّجْوَى فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:إِنَّ اللَّهَ يُدْنِى الْمُؤْمِنَ فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيَسْتُرُهُ فَيَقُولُ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا فَيَقُولُ نَعَمْ أَىْ رَبِّ. حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ وَرَأَى في نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ قَالَ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ في الدُّنْيَا ، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ وَأَمَّا الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُونَ فَيَقُولُ الأَشْهَادُ (هَؤُلاَءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ). [أَخْرَجَهُ أحمد 2/74(5436) و"البُخَارِي\" 3/168(2441) و\"مسلم\" 8/105(7115) .]

عن بكر بن عبد الله المزني قال : فقد الحواريون نبيهم عيسى عليه السلام فقيل لهم توجه نحو البحر فانطلقوا يطلبونه فلما انتهوا إلى البحر إذا هو أقبل يمشي على الماء يرجعه الموج مرة ويضعه أخرى وعليه كساء مرتد بنصفه ومتزر بنصفه حتى انتهى إليهم فقال له بعضهم : قال أبو هلال ظننت من أفاضلهم ألا آجيء إليك ييا نبي الله ؟ قال : بلى فوضع إحدى رجليه في الماء ثم ذهب ليضع الأخرى فقال : غرقت يا نبي الله قال : أرني يدك يا قصير الإيمان لو أن لابن آدم من اليقين قد شعيرة مشى على الماء . [ابن أبي الدنيا : اليقين 97.]

عن الحسن قال : ما أيقين عبد بالجنة حق يقينهما إلا خشع ووجل وذل واستقام واقتصر حتى يأتيه الموت .[ ابن أبي الدنيا : اليقين 97.] قال الشاعر :

يَا رَبِّ إنْ عَظُمَتْ ذُنُوبِي كَثْرَةً * * * فَلَقَدْ عَلِمْت بِأَنَّ عَفْوَك أَعْظَمُ

إنْ كَانَ لَا يَرْجُوك إلَّا مُحْسِنٌ * * * فَمَنْ الَّذِي يَدْعُو إلَيْهِ الْمُجْرِمُ

أَدْعُوك رَبِّ كَمَا أَمَرْت تَضَرُّعًا * * * فَإِذَا رَدَدْت يَدِي فَمَنْ ذَا يَرْحَمُ

مَا لِي إلَيْك وَسِيلَةٌ إلَّا الرَّجَا * * * وَجَمِيلُ ظَنِّي ثُمَّ أَنِّي مُسْلِمُ

[ الأنترنت- موقع صيد الفوائد - د. بدر عبد الحميد هميسه ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :     فهذه الحلقة الواحدة والثمانون في موضوع(الحق) وهي بعنوان:الفرق بين علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين

 قال ابوعبد الرحمن بن عقيل الظاهري  :          في مدارج السالكين لابن قيم الجوزية رحمه الله   قولُه: “الفرق بين علم اليقين، وعين اليقين، وحق اليقين: كالفرق بين الخبر الصادق والعِيان، وحق اليقين فوق هذا.. وقد مُثِّلَتْ المراتبُ الثلاثُ بمن أخبرك أن عنده عسلاً وأنت لا تشكُّ في صدقه، ثم أراك إياه؛ فازددت يقيناً، ثم ذقت منه؛ فالأول علم اليقين، والثاني عين اليقين، والثالث حق اليقين؛ فَعِلْمُنَا الآن بالجنة والنار علم يقين؛ فإذا أزلفت الجنة في الموقف للمتقين وشاهدها الخلائق وبُرِّزت الجحيم للغاوين وعاينها الخلائق: فذلك عين اليقين؛ فإذا أدخل أهل الجنَّةِ الجنَّةَ وأهل النارِ النارَ: فذلك حينئذ حق اليقين”.

قال أبو عبدالرحمن: جاءت هذه المراتب في سورتين كريمتين، وإنني إن شاء الله مُبَيِّنٌ معاني اليقين الموصوف فيهما على المعنى الصحيح من غير إغراق في خلاف اللغويين والمفسِّرين؛ فعلم اليقين ورد في قوله تعالى: {كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ} (5) سورة التكاثر؛ فهذا زجر لمن ألهاه التكاثر عن طلب العلم اليقين، وهو علم بخبرٍ صادق بُرهاني عن مُغَيَّب؛ لأن البرهان أظهر العلم به في الدنيا بالاستدلال لا بالعِيان، ثم حصل إدراكه بشيئ من المعرفة المباشرة في الآخرة، وهو الرؤية بقوله تعالى: {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ} (6) سورة التكاثر، ثم وصف هذه الرؤية بأنها عين اليقين؛ فقال تعالى: {ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ} (7) سورة التكاثر، فصح بهذا: أن العلم يتعلق بالخبر الصادق عن أمر مغيَّب بإطلاق وهو المُخْبر عنه، أو بشيئ مُغيَّب من أحوال أمر محسوس.. ولا يوصف العلم ههنا بالمعرفة؛ وإنما المعرفة لما أدركته الحواس؛ فالمعرفة أبلغ من العلم، وهي التي تُنْتج العلم، وهي في عالَمِ الشهادة؛ فالعلم ببراهينه هو عالم الواقع المغيَّب.. والعلم منه رُجْحاني، وليس هو العلم اليقيني؛ وإنما العلم اليقيني ما لا يدفعه شكٌ ألبتة؛ فشرط الإيمان بالله وبما أخبر به لا بد أن يكون بالعلم اليقيني.. إذن علم اليقين من إضافة الموصوف إلى الصفة؛ إذ المآل (العلم اليقين)، والإضافة أبلغ؛ لأن الوصف قد يكون مُشْتركاً، فتقول العلم اليقين، والعلم الراجح؛ وأما الإضافة فقد أخلصت العلم لليقين، وأخلصت العلم للرجحان، وقد يستجدُّ ما يجعل الراجح مرجوحاً، واليقين لا يرد عليه أدنى احتمال يُزحزحه؛ لثبوت برهانه، وانتفاء مُعارِضه.. وأما عين اليقين فليس من إضافة الموصوف إلى الصفة؛ فلا تقول في التأكيد: (العين اليقين)؛ وإنما هو الاعتناء بتقديم التأكيد بالعين إلى اليقين المؤكَّد، ولو قدمت المؤكَّد لاحتجت إلى الضمير؛ فقلتُ: (اليقين عينه)؛ فالعلم اليقيني بالمغيَّب في عالَم الغيب هو المُخبر عنه بعينه؛ فإذا جاء عالم الشهادة أصبح المُخْبَر عنه هو هذا المعروف الآن عينه.. أي هو بعينه ما ورد الخبر عنه في عالم الغيب، وهو اليقين عينُه في عالم الشهادة؛ فهو يقين بالعلم في الدنيا، وهو يقين في الآخرة بالمشاهدة؛ فكان في الحالين هو عين اليقين.. أي الذي دلَّ عليه العلم اليقين، وأدركته المعرفة بالمشاهدة المباشرة يقيناً؛ لأنه يُعْرف بالحس؛ فالمؤمن واكافر سيريان الجنة والجحيم اللذين ورد الخبر عنهما في عالم الغيب ببراهين توجب العلم اليقين، ومن شاء الله تطهيره من عصاة المؤمنين بالعذاب فينال منها أكثر من الرؤية، ومن حَرَّم الله عليه الجنة من الكفار فسيصلاها ويعرفها بكل حواسه الظاهرة والباطنة.. وأما حق اليقين فجاء في قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ} (95) سورة الواقعة.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

    فهذه الحلقة الثانية والثمانون في موضوع(الحق)

وهي أستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:        الفرق بين علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين

قال أبو عبدالرحمن: لا ريب أن الحق يأتي مجازاً بمعنى اليقين عينه؛ لوقوع المغيَّب كما جاء في الخبر الصادق المُقابَلِ بعلمٍ يقيني؛ فيصحُّ أن تصف الحق باليقين من باب إضافة الموصوف إلى الصفة إذا أردت تأكيد وقوعه؛ فيكون المآل (الحق اليقين)؛ فالمعنى أن هذا الخبر حق سيقع يقيناً.. ووجه المجاز هنا إحلال المُخْبر عنه محل الخبر الموصوف باليقين، ولكن لا يكون هذا التأويل في هذه الآية الكريمة هو الأوعب والأرجح، بل الحق ههنا هو وجود المُخبر عنه بمشاهدة الحواس، وإدراك كل صفات وجوده من الحكمة والرحمة والعدل، وأن النعيم والنار هما الجزاءُ المستحَقُّ العادِل من الرب سبحانه بوعده ووعيده؛ فالنعيم في الآيات الكريمات هو جزاء المؤمنين الذي وعدهم إياه إحساناً منه وفضلاً؛ وبإحسانه جعله حقاً على نفسه سيعرفونه بكل الحواس، ويعرف الكفار الجنة رؤيةً من بعيد، ويطلبون من أهل الجنة أن يُفيضوا عليهم مما رزقهم الله فيدحضون طلبهم؛ لأنه محرَّم عليهم.. والعذاب هو جزاء الكفار الذي توعَّدهم به، وهو حق بلازم النص، فمن لم يؤمن بالعلم اليقين فجزاؤه نقيض جزاء من آمن بالعلم اليقين وعمل بمقتضاه.. والحق ليس بمعنى اليقين دائماً؛ لأن اليقين صفة العلم؛ وإنما الحق هو ما وقع أو سيقع بعلم يقيني؛ ولهذا كان الحق متَنوِّعاً بحسب نوعية وقوعه؛ فالحق وصفٌ لله جلَّ جلاله؛ لأنه واقع مغيَّب عنَّا على صفات الكمال المطلق والتَّنزُّه، ونعلم عنه جلَّ جلاله علم اليقين بخبره عن نفسه القائم يقينه على براهينه القطعية.. ونعلم علم اليقين أنه خلق كل المخلوقات بالحق أي بالحكمة والعلم والإحسان والعدل.. والله يُحِقُّ الحق بكل أنواعه بإظهار الآيات الموجبة اليقين، وإزهاق شُبه العناد، وتبيان منافع الخلق في دنياهم وآخرتهم.. والحق ما كان للفرد بسببٍ مشروع كالإرث

 والهبة والكسب الحلال ؛ فهو حق بحكم  الله  وإيقاعه  له.

قال أبو عبدالرحمن: وليس بصحيح تقسيم ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى الذي مَرَّ؛ فتصديقك بخبر رجل صادق أن عنده عسلاً قد يكون علم يقين، وقد يكون علم رجحان، وقد يكون وهماً؛ فإذا أراك إياه صار خبره علم يقين، وصار إيراؤه عين يقين بحسب صِحَّة إدراك حواسك وتفريقها بين العسل وما يشابهه في الرؤية؛ فإذا ذقته فأنت على حال عين اليقين لم تفارقها.. إلا أن إدراك جميع الحواس أبلغ في زيادة المعرفة لا في زيادة ما عرفته بإحدى الحواس.. أي أن ما أدركته من المعرفة بكل الحواس معرفة لما أدركته من كل جهاته، وما أدركته ببعض الحواس إدراك لبعض أحواله.. وليس ذوقك العسل حقَّ اليقين بمعنى اليقين الحقَّ، بل رؤيتك وذوقك نوعُ معرفةٍ بما أخبرك عنه المُخْبِرُ، وتلك المعرفة جعلت الخبر علماً.. والحق هو مضمون الخبر؛ فهذا هو الأصل في معنى الحق.. والعلم اليقين وصف للعلم به مُغَيَّباً، وعين اليقين وجود المُخْبَر عنه بعلم يقيني حال الغيب كما هو عند وجوده في المشاهدة.. وليس ما ذكره ابن قيم الجوزية درجات لليقين، بل هو ثنائية بين اليقين والأمر المتيقَّن؛ فاليقين علم؛ لأنه قاطع، وهو عين اليقين بمعنى اليقين بعينه، لارتفاع أي احتمال مُعْتَدٍّ به.. وهو حق اليقين بمعنى اليقين الحق؛ لمطابقته للمعروف بلا احتمال مُعْتَدٍّ به.. إذن المعروف يقيناً هو عين اليقين.. أي اليقين عينه؛ لأنه المطابق لما اعتقده المتيقِّن.. وهو علم اليقين بمعنى يقين العلم؛ لأنه أعلى مراتب العلم، فهو فوق العلم الرجحاني.. وهو حق اليقين بمعنى اليقين الحق، لأنه وُجِد حَقّاً كما اعتقده المتَيقِّن، فالعلم والعين والحق صفات لليقين، وصفات للأمر المتيقَّن، وليست درجات لهما..       [الأنترنت - موقع الجزيرة - علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين – ابوعبد الرحمن بن عقيل الظاهري ] الأنترنت – موقع شبكة مشكاة الإسلامية]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

    فهذه الحلقة الثالثة والثمانون في موضوع(الحق)

وهي بعنوان:*القرآن هو حق اليقين

 قال تعالى {إن هذا لهو حق اليقين فسبح باسم ربك العظيم} الواقعة ،أخبر الله تعالى في هذه الآية الكريمة ، وأكد إخباره بأن هذا القرآن العظيم هو حق اليقين ، وأمر نبيه بعد ذلك بأن يسبح باسم ربه العظيم .

وهذا الذي تضمنته هذه الآية ذكره الله - جل وعلا - في آخر سورة الحاقة في قوله في وصفه للقرآن وإنه لحسرة على الكافرين وإنه لحق اليقين فسبح باسم ربك العظيم [ 69 - 52 ] ،

والحق هو اليقين .

وقد قدمنا أن إضافة الشيء إلى نفسه مع اختلاف اللفظين أسلوب عربي ،وذكرنا كثرة وروده في القرآن وفي كلام العرب ،ومنه في القرآن قوله تعالى : {ولدار الآخرة }، و  { لدار } هي الآخرة ، وقوله : {ومكر السيئ }والمكرهو السيئ بدليل قوله بعده:{ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله}وقوله:{من حبل الوريد}والحبل  هوالوريد،وقوله:{شهررمضان}والشهرهو رمضان.  

    إن الذي يظهر لنا من استقراء القرآن والعربية أن ذلك أسلوب عربي ، وأن الاختلاف بين اللفظين كاف في المغايرة بين المضاف والمضاف إليه ، وأنه لا حاجة إلى التأويل مع كثرة ورود ذلك في القرآن والعربية . ويدل له تصريحهم بلزوم إضافة الاسم إلى اللقب إن كانا مفردين نحو سعيد كرز،لأن ما لا بد له من تأويل لا يمكن أن يكون هو اللازم كما ترى ، فكونه أسلوبا أظهر .[الأنترنت – موقع تفسير أضواء البيان - محمد الأمين الشنقيطي» سورة الواقعة»]

قوله تعالى {إن هذا لهو حق اليقين فسبح باسم ربك العظيم} قال ابن كثير : هذه الأحوال الثلاثة هي أحوال الناس عند احتضارهم: إما أن يكون من المقربين، أو يكون ممن دونهم من أصحاب اليمين، وإما أن يكون من المكذبين بالحق، الضالين عن الهدى، الجاهلين بأمر اللّه، ولهذا قال تعالى: { فأما إن كان} أي المحتضر { من المقربين} وهم الذين فعلوا الواجبات والمستحبات وتركوا المحرمات والمكروهات وبعض المباحات، { فروح وريحان وجنة نعيم} أي فلهم روح وريحان وتبشرهم الملائكة بذلك عند الموت كما تقدم في حديث البراء إن ملائكة الرحمة تقول: أيتها الروح الطيبة في الجسد الطيب، كنت تعمرينه اخرجي إلى روح وريحان ورب غير غضبان، قال ابن عباس { فروح} يقول: راحة { وريحان} يقول: مستراحة، وكذا قال مجاهد: إن الروح الاستراحة، وقال أبو حرزة: الراحة من الدنيا، وقال سعيد بن جبير: الروح الفرح، وعن مجاهد: { فروح وريحان} جنة ورخاء، وقال قتادة: فروح فرحمة. وقال ابن عباس ومجاهد { وريحان} : ورزق؛ وكل هذه الأقوال متقاربة صحيحة، فإن مات مقرباً حصل له جميع ذلك من الرحمة والراحة والاستراحة والفرح والسرور والرزق الحسن { وجنة نعيم} ، وقال أبو العالية: لا يفارق أحد من المقربين حتى يؤتى بغصن من ريحان الجنة فيقبض روحه فيه، وقال محمد بن كعب: لا يموت أحد من الناس حتى يعلم أمن أهل الجنة هو أم من أهل النار، وقد قدمنا أحاديث الاحتضار عند قوله تعالى في سورة إبراهيم{يثبت اللّه الذين آمنوابالقول الثابت}

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

 فهذه الحلقة الرابعة والثمانون في موضوع(الحق)

وهي بعنوان:*حق الله على العباد

قال تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} سورة الذاريات آية : 56.

وقوله: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}22 سورة النحل : 36.  الآية. المراد بالتوحيد توحيد العبادة، وكل رسول يفتتح دعوته لقومه بهذا التوحيد: {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ } سورة المؤمنون آية : 32. كما في سورة الأعراف وهود وغيرهما.

وقوله تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ } سورة الذاريات آية : 56.

دلت الآية على أن الله تعالى خلق الخلق لحكمة عظيمة، وهي القيام بما وجب عليهم من عبادته وحده بترك عبادة ما سواه، ففعل الأول وهو خلقهم ليفعلوا هم الثاني وهي العبادة.

قال شيخ الإسلام: العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة. وقال أيضا: والعبادة اسم يجمع كمال الحب لله ونهايته، وكمال الذل لله ونهايته،وقوله: { وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ }

فالحب الخلي عن ذل والذل الخلي عن حب لا يكون عبادة، وإنما العبادة ما يجمع كمال الأمرين. وقال أيضا: وأما ما خلقوا له من محبة الله تعالى ورضاه فهو إرادته الدينية، فذلك مذكور في قوله تعالى: { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ } سورة الذاريات آية : 56. 2 انظر: كتاب العبودية ص 454 المطبوع ضمن مجموعة التوحيد ص 454، طبعتنا.

وقول الله تعالى: { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ } الآية3 سورة النحل آية : 36.

. يخبر تعالى أنه بعث في كل قرن وطائفة من الأمم رسولا يدعوهم إلى عبادة الله وحده، وينهاهم عن عبادة ما زينه الشيطان لهم وأوقعهم فيه من عبادة ما سواه، فمنهم من هدى الله ووحده تعالى بالعبادة وأطاع رسله، ومنهم من حقت عليه الضلالة فأشرك مع الله غيره بعبادته، ولم يقبل هدى الله الذي جاءت به الرسل، كما قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ} سورة الأنبياء آية : 25. 4.

وهذا التوحيد الذي خلقوا له ودعوا إليه هو توحيد الإلهية، توحيد القصد والطلب ,وأما توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات وتوحيد الأفعال، فهو توحيد العلم والاعتقاد، وأكثر الأمم قد أقروا به لله. وأما توحيد الإلهية فأكثرهم قد جحدوه، كما قال تعالى عن قوم هود لما قال لهم : {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}  سورة اأعراف آية : 65.  {أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ } سورة الأعراف آية : 70. 6 7 سورة ص آية : 5.    

وقال مشركو قريش: {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا

لَشَيْءٌ عُجَابٌ}وهذه الآية وهي قوله: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}   سورة النحل آية : 36.، هذه الآية تبين معنى الآية قبلها وكذلك الآيات بعدها، وأن المراد بالعبادة التي خلقوا لها هي العبادة الخالصة التي لم يلبسها شرك بعبادة شيء سوى الله كائنا ما كان، فلا تصح الأعمال إلا بالبراءة من عبادة كل ما يعبد من دون الله، والله تعالى خلق الثقلين ليعبدوه، فمنهم من فعل، ومنهم من أشرك وكفر، كما قال تعالى في هذه الآية:{ فَمِنْهُمْ  مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ}[سورة النحل آية : 36

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

 فهذه الحلقة الخامسة والثمانون في موضوع(الحق)

وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*حق الله على العباد

  وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ } [سورة النساء آية : 64].يبين أن حكمة الرب في خلقه للجن والإنس لا تقتضي أن كلا يفعل ما خلق له وأرسلت الرسل لأجله، ولهذه الحكمة أهلك الله من لم يعبده وحده، ولم يقبل ما جاءت به رسله، وشرع قتالهم لنبيه صلي الله عليه وسلم وأتباعه، فمنهم من أطاع وهم الأقلون، ومنهم من عصى وهم الأكثرون.

وهذا التوحيد هو دين الإسلام الذي لا يقبل الله من أحد دينا سواه، كما قال الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف عليهم السلام: {إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ أَمَرَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ } [ سورة يوسف آية : 40]. ، وهذا هو الدين الذي بعث الله به رسله، وأنزل به كتبه، وأمر الرسل أن يقيموه، كما قال تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} [ سورة الشورى آية : 13] . ، وقال لنبيه محمد صلي الله عليه وسلم: {قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ} سورة الرعد آية : 36. ، فأمره أن يعبده وحده وأن يدعو الأمة إلى ذلك. والقرآن كله في هذا التوحيد وبيانه وجزائه والرد على من جحده، كما قال تعالى:    { قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ. هْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [سورة المائدة آية : 15-16] .  

وفي حديث معاذ الذي رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح، قال: قلت يا رسول الله دلني على عمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار، فقال: "سألت عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله عليه: تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان- وذكر الحج - ثم قال: ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟ " قلت: بلى يا رسول الله. قال: رأس الأمرالإسلام وعموده الصلاة وذروه سنامه الجهاد في سبيل الله ".  [ لم يروه أبو داود , وإنما الترمذي رقم (2619) في الإيمان: باب ما جاء في حرمة الصلاة , وأحمد في "المسند" 5/ 231 و 234 و237 و 245 و 246 , وابن ماجه رقم (3973) في الفتن: باب كف اللسان في الفتنة، وصححه الحاكم 2 / 413 ووافقه الذهبي , وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح , وهو كما قالوا. انظر "الإرواء" رقم (413).]

فدل على أن الإسلام هو التوحيد، والفرائض من حقوقه. وقد أجمع الفقهاء على أن الإسلام شرط لصحة الصلاة وغيرها من الأعمال، وهو{وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً} الآية [ سورة الإسراء آية : 23..] وقوله: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً }الآيه [ سورة النساء آية : 36..] وقوله: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً }

مقتضى الشهادتين شهادة أن لا إله إلا الله، وشهادة أن محمدا رسول الله. فمعنى شهادة أن لا إله إلا الله: نفي الشرك والبراءة منه وممن فعله، وإخلاص العبادة لله وحده، والإيمان بالرسول وطاعته وهو معنى الآية الثالثة، وهي قوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ } [سورة الإسراء آية : 23]. أي أمر ووصى. فقوله: " أَلا تَعْبُدُوا " فيه معنى "لا إله" وقوله: " إِلا إِيَّاهُ " فيه معنى " إِلا اللَّهَ ". وهذا معنى كلمة الإخلاص كما قال تعالى: { قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً }44 سورة آل عمران آية : 64.  فقوله: " أَلا تَعْبُدُوا " فيه معنى "لا إِلَهَ" وقوله: " إِلا اللَّهَ " هو المستثنى في كلمة الإخلاص فسبحان الله كيف خفي هذا مع بيانه ووضوحه على الأذكياء من متأخري هذه الأمة؟.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

 فهذه الحلقة السادسة والثمانون في موضوع(الحق)

وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*حق الله على العباد

وقول الله تعالى: { اعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً } – الآية [ سورة النساء آية : 36..]

وهذه الآية تبين العبادة التي خلقوا لها أيضا، فإنه تعالى قرن الأمر بالعبادة التي فرضها بالنهي عن الشرك الذي حرمه وهو الشرك في العبادة، فدلت هذه الآية على أن اجتناب الشرك شرط في صحة العبادة، فلا تصح بدونه أصلا، كما قال تعالى: { وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [ سورة الأنعام آية : 88 ]. ، وقال تعالى: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ. بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ } [سورة الزمر آية : 65-66 ] . ، فتقديم المعمول يفيد الحصر، أي بل الله فاعبد وحده لا غير، كما في فاتحة الكتاب

{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } [سورة الفاتحة آية : 5]

وقرر تعالى هذا التوحيد بقوله:{ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ }[ سورة الزمر آية : 11]

والدين هو العبادة بفعل ما أمر به وترك ما نهى عنه، كما قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى: والأمر والنهي الذي هو دينه وجزاؤه يوم المعاد الثاني.

وتقدم أن أصله وأساسه توحيد العبادة، فلا تغفل عما تقدم.

قوله: { قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ  إِحْسَاناً }  [سورة الأنعام آية : 151 ]أي حرم عليكم الشرك الذي نهاكم عنه بقوله: { أَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً } [ سورة الأنعام آية : 151.]  فالشرك أعظم ذنب عصي الله به أكبره وأصغره.

وقد وقع الأكثر من متأخري هذه الأمة في هذا الشرك الذي هو أعظم المحرمات، كما وقع في الجاهلية قبل مبعث النبي صلي الله عليه وسلم، عبدوا القبور والمشاهد والأشجار والأحجار والطواغيت والجن، كما عبد أولئك اللات والعزى ومناة وهبل وغيرها من الأصنام والأوثان، واتخذوا هذا الشرك دينا ونفروا إذا دعوا إلى التوحيد أشد نفرة، واشتد غضبهم لمعبوداتهم، كما قال تعالى: { وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } [ سورة الزمر آية : 45.] ، وقال تعالى: { وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً } [ سورة الإسراء آية : 46. ]، وقال: { إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ. وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ } [ سورة الصافاتآية : 35-36..]

علموا أن لا إله إلا الله تنفي الشرك الذي وقعوا فيه، وأنكروا التوحيد الذي دلت عليه، فصار أولئك المشركون أعلم بمعنى هذه الكلمة: "لا إله إلا الله" من أكثر متأخري هذه الأمة، لا سيما أهل العلم منهم الذين لهم دراية في بعض الأحكام وعلم الكلام، فجهلوا توحيد العبادة، فوقعوا في الشرك المنافي له وزينوه، وجهلوا توحيد الأسماء والصفات وأنكروه، فوقعوا في نفيه أيضا. وصنفوا فيه الكتب لاعتقادهم أن ذلك حق وهو باطل.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

 فهذه الحلقة السابعة والثمانون في موضوع(الحق)

وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*حق الله على العباد

وقد اشتدت غربة الإسلام حتى عاد المعروف منكرا، والمنكر معروفا، فنشأ على هذا الصغير، وهرم عليه الكبير، وقد قال النبي صلي الله عليه وسلم: " بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ" [رواه مسلم رقم (145) (146) وغيره]

قال ابن مسعود رضي الله عنه: "من أراد أن ينظر إلى وصية محمد صلي الله عليه وسلم التي عليها خاتمه، فليقرأ ‏ تعالى: { قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ } [سورة الأنعام آية : 151.]  إلى قوله: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً }" الآية. [ رواه الترمذي رقم (3072) في التفسير من سورة الأنعام، والطبراني في الأوسط رقم (1208)، وقال الترمذي: وهذا حديث حسن غريب.]

وقد قال صلي الله عليه وسلم: " افترقت اليهود على

 إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قالوا: ومن هي يا رسول الله؟ قال: "من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي"  [ قال الألباني في " الأحاديث الصحيحة" رقم (1492): رواه ابن ماجه رقم (3992) وابن أبي عاصم. في "السنة" (63)، واللالكائي في " شرح السنة" (1/23/1) من طريقين عن عباد بن يوسف حدثني صفوان بن عمرو عن راشد بن سعد عن عوف بن مالك مرفوعا قلت: وهذا إسناد جيد , رجاله ثقات معروفون غير عباد بن يوسف وهو الكندي الحمصي , وقد ذكره ابن حبان في "الثقات" ووثقه غيره، وروى عنه جمع. وللحديث شواهد ا هـ.]

وهذا الحديث قد صح من طرق، كما ذكره العماد ابن كثير وغيره من الحفاظ، وهو في "السنن" وغيرها، ورواه محمد بن نصر في "كتاب الاعتصام".

وقد وقع ما أخبر به النبي صلي الله عليه وسلم بعد

 القرون الثلاثة، فلهذا عم الجهل بالتوحيد الذي هو أصل دين الإسلام، فإن أصله أن لا يعبد إلا الله، وأن لا يعبد إلا بما شرع، وقد ترك هذا وصارت عبادة الأكثرين مشوبة بالشرك والبدع، لكن الله تعالى - وله الحمد - لم يخل الأرض من قائم له بحججه، وداع إليه على بصيرة؛ لكي لا تبطل حجج الله وبيناته التي أنزلها على أنبيائه ورسله، فله الحمد والشكر على ذلك.

قوله: "التي عليها خاتمه " شبه هذه الوصية بوصية كتبت فختمت، أي فلم تتغير ولم تتبدل، أراد أن النبي صلي الله عليه وسلم لم يزل يدعو الأمة من حين بعثه الله تعالى إلى أن توفاه - صلوات الله وسلامه عليه - إلى ما تضمنته هذه الآيات المحكمات أمرا ونهيا، كما قال تعالى عن خليله عليه السلام: {إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ. وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: " كنت رديف النبي صلي الله عليه وسلم على حمار فقال لي: " يا معاذ! أتدري ما حق الله على العباد، وما حق العباد على الله؟" فقلت: الله ورسوله أعلم. قال: " فإن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا"، فقلت: يا رسول الله أفلا أبشر الناس؟ قال: " لا تبشرهم فيتكلوا "[أخرجاه في " الصحيحين" البخاري رقم (2856), ومسلم رقم (30), وأحمد في " المسند " 3/ 260 و 261 ]

قوله: " وعن معاذ بن جبل رضي عنه، قال: كنت رديف النبي صلي الله عليه وسلم على حمار فقال لي: يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد، وما حق العباد، على الله.".فساقه المصنف - رحمه الله تعالى - هنا لتضمنه معنى الآيات التي تقدمت، وذلك قوله: " حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا " [البخاري : الجهاد والسير (2856) , ومسلم : الإيمان (30) , والترمذي : الإيمان (2643) ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

 فهذه الحلقة الثامنة والثمانون في موضوع(الحق)

وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

* حق العباد على الله

"وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا"، ليس على الله حق واجب ، فيه مسائل :

الأولى: الحكمة في خلق الجن والإنس.

الثانية: أن العبادة هي التوحيد، لأن الخصومة فيه.

الثالثة: أن من لم يأت به لم يعبد الله، ففيه معنى قوله: {وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ} [سورة الكافرون آية : 3 و 5 ]

الرابعة: الحكمة في إرسال الرسل.

الخامسة: أن الرسالة عمت كل أمة.

السادسة: أن دين الأنبياء واحد.

السابعة: المسألة الكبيرة أن عبادة الله لا تحصل إلا بالكفر بالطاغوت; ففيه معنى قوله: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ } الآية. [سورة البقرة آية : 256.]

الثامنة: أن الطاغوت عام في كل ما عبد من دون الله.

التاسعة: عظم شأن ثلاث الآيات المحكمات في سورة الأنعام "151-153" عند السلف، وفيها عشر مسائل، أولها النهي عن الشرك.                   العاشرة: الآيات المحكمات في سورة الإسراء، وفيها

ثماني عشرة مسألة، بدأها الله بقوله: {لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولاً} [سورة الإسراء آية : 22.] وختمها بقوله: {وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً} [ سورة الإسراء آية : 39. ]، ونبهنا الله سبحانه على عظم شأن هذه المسائل بقوله: {ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ } [سورة الإسراء آية : 39.]

بالعقل كما تزعم المعتزلة، لكن هو سبحانه أحق ذلك على نفسه تفضلا وإحسانا على الموحدين المخلصين الذين لم يلتفتوا في إرادتهم ومهماتهم ورغباتهم ورهباتهم إلى أحد سواه، ولم يتقربوا بما يقولونه ويعملونه من

 الطاعات إلا إليه وحده، والله أعلم.

 الحادية عشرة: آية سورة النساء التي تسمى آية الحقوق العشرة، بدأها الله تعالى بقول: { وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً } [سورة النساء آية : 36.]

الثانية عشرة: التنبيه على وصيةرسول الله عند موته.

الثالثة عشرة: معرفة حق الله تعالى علينا.

الرابعة عشرة: معرفة حق العباد عليه إذا أدوا حقه.

الخامسة عشرة:أن هذه المسألة لايعرفها أكثر الصحابة

السادسة عشرة: جواز كتمان العلم للمصلحة.

السابعة عشرة: استحباب بشارة المسلم بما يسره.

الثامنة عشرة:الخوف من الاتكال على سعة رحمة الله

التاسعة عشرة: قول المسئول عما لا يعلم.

العشرون:جوازتخصيص بعض الناس بالعلم دون بعض

الحادية والعشرون: تواضعه صلي الله عليه وسلم لركوب الحمار مع الإرداف عليه.

الثانية والعشرون: جواز الإرداف على الدابة.

الثالثة والعشرون: فضيلة معاذ بن جبل.

الرابعة والعشرون: عظم شأن هذه المسألة.

[الأنترنت – موقع "حق الله على العباد وحق العباد على الله "كتاب التوحيد وقرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

 فهذه الحلقة التاسعة والثمانون في موضوع(الحق)

وهي بعنوان:

*أعمال تدل على انهم ما قدروا الله حق قدره

# ما قدر الله حق قدره من عبد غيره معه

ما قدر الله حق قدره من أنكر الرسل

#ما قدر الله حق قدره من نفى حقائق أسمائه الحسنى وصفاته العلى

#ما قدر الله حق قدره من زعم أن الله يعاقب عبده على ما لا يفعله

#ما قدر الله حق قدره من زعم أنه حل في كل مكان

#ما قدر الله حق قدره من نفى الصفات الفعلية

#ما قدر الله حق قدره من نفى حكمته وغايته

#ما قدر الله حق قدره من جعل له صاحبة وولداً

#ما قدر الله حق قدره من سب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم

#ما قدر الله حق قدره من نفى التحسين والتقبيح للعقل

#ما قدر الله حق قدره من كذب بالقيامة

#ما قدر الله حق قدره من هان عليه أمره

*القول على الله بلا علم      

يذكر ابن القيم رحمه الله تعالى بعد هذا الكلام أمثلة

 عظيمة جداً ونافعة، رداً على جميع الطوائف، مما يدل على ما له من الفقه والحكمة، فإنه رد على جميع الطوائف من خلال هذه القاعدة العظيمة، وهي قاعدة أن شر الذنوب وأعظمها وأقبحها هو سوء الظن بالله، وهو الذي أوقع في الشرك.

وذكر رحمه الله قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوْ اجْتَمَعُوا لَهُ)[الحج:73] .

: الله أكبر! كل من يُعبدون من دون الله لن يخلقوا

ذباباً ولو اجتمعوا له، وأيضاً:(وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً

 لا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ)[الحج:73]).

فهذه الآلهة من البشر أو من الشياطين أو غيرهم ضعفهم كضعف الذباب؛ لأنهم يضعفون ويعجزون عن خلق مخلوق ضعيف كالذباب، ومع ذلك لو أنه أخذ شيئاً منهم لا يستنقذونه منه، بل هم أضعف.

ثم قال تعالى:(مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ)[الحج:74]

 أي: لم يحسنوا الظن به، بل وأساءوا الظن به تعالى؛ لأنهم ما قدروه حق قدره، ولا عرفوه حق معرفته، فحالهم كحال كثير من الغافلين؛ عندما تكلمه عن الله -تعالى الله عما يصفون-فكأنك تكلمه عن أي شخص، بل ربما لو كلمته عن بعض المخلوقين الذين لهم هيبة وقوة، لارتجف وأرعاك أذنيه، لكن إذا قلت: يا أخي اتق الله! يا أخي! أنا أخبرك بكلام الله، فتجده غير مبالٍ؛ لأنه ما قدر الله تعالى حق قدره، ولا عرفه حق معرفته. وهذا يؤكد ويقرر أن مشكلة الناس في جميع العصور والأوقات، وفي كل زمان ومكان، لأنهم ما عرفوا الله،وما قدروه حق قدره،أشركوا به، واتبعوا شرائع البشر وتركوا شريعته،ولأنهم ما قدروا الله حق قدره أحبوا بعض الخلق أكثر من محبتهم لرسوله صلى الله عليه وسلم، فهم ما قدروا الله حق قدره فكيف يعرفون قدر رسوله صلى الله عليه وسلم؟!مع أن منهم من يدعي أنه يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم.                                إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

 فهذه الحلقة التسعون في موضوع(الحق) وهي بعنوان:ما قدر الله حق قدره من عبد غيره معه

  فما قدر الله حق قدره من عبد غيره معه ممن لا يقدر على خلق أضعف حيوان وأصغره، وإن سلبه الذباب شيئاً مما عليه لم يقدر على استنقاذه منه، وقال تعالى: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ)[الزمر:67]". وهذه الآية قرأها النبي صلى الله عليه وسلم عندما دعاه حبر اليهود وقال له: {إن الله يضع الأرض على إصبع والجبال على إصبع -سبحانه وتعالى- فضحك النبي صلى الله عليه وسلم تصديقاً لقول الحبر -وإقراراً له- وقرأ: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ)[الزمر:67]} أبعد هذا يعبد أحد من دونه؟! إنساناً كان أو حجراً أو شجراً أو قبراً؟! سبحان الله عما يشركون!

*ما قدر الله حق قدره من أنكر الرسل

وقال: "وكذلك ما قدره حق قدره من قال: إنه لم يرسل إلى خلقه رسولاً، ولا أنزل كتاباً، بل نسبه إلا ما لايليق به ولايحسن منه من إهمال خلقه وتضييعهم وتركهم سدى، وخلقهم باطلاً وعبثاً".

وفي هذا الكلام رد على منكري الشرائع، وفيه أيضاً ترتيب أنواع الكفر والكفار، فإن أعلى درجة من درجات الكفر كفر الفلاسفة، فهم أشد الناس كفراً، فإن منهم من ينكر النبوات والشرائع بالجملة، وفي القديم كان هناك قلة من الناس تسمى الفلاسفة، أما الآن فقد أصبحت أمم الغرب الآن بأكمله تقريباً على مذهب الفلاسفة؛ فـالشيوعية والنازية والفاشية كل هذه تنكر النبوات والوحي، فأكفر وأعلى درجات الكفر هم هؤلاء، فابتدأ بهم.

إذاً: من قال: إن الله تعالى لم يرسل إلى خلقه رسولاً ولم ينزل كتاباً، هل قدر الله حق قدره؟ كلا والله..! لأن معنى كلامه هذا: أن الله سبحانه وتعالى أهمل الخلق وتركهم سدى -وقد فسر الإمام الشافعي رحمه الله، السدى بأنه الذي لا يؤمر ولا ينهى- وتركهم هملاً وخلقهم عبثاً، وهذا غاية سوء الظن بالله، هؤلاء ما قدروا الله قدره، فقالوا هذا القول.

*ما قدر الله حق قدره من نفى حقائق أسمائه الحسنى وصفاته العلى

ثم ذكر رحمه الله الدرجة الثانية في الكفر فقال: "ولا قدره حق قدره من نفى حقائق أسمائه الحسنى وصفاته العلى، فنفى سمعه وبصره وإرادته واختياره وعلوه فوق خلقه، وكلامه وتكليمه لمن شاء من خلقه

 بما يريد ؛ كـالجهمية الذين نفوها بالكلية وأشباههم.

يقول: "أو نفى عموم قدرته وتعلقها بأفعال عباده من طاعتهم ومعاصيهم فأخرجها عن قدرته ومشيئته وخلقه وجعلهم يخلقون لأنفسهم ما يشاءون بدون مشيئة الرب، فيكون في ملكه ما لا يشاء، ويشاء ما لا يكون، تعالى الله عن قول أشباه المجوس علواً كبيراً" وهؤلاء هم المعتزلة والقدرية.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

 فهذه الحلقة الواحدة والتسعون في موضوع(الحق)

 وهي بعنوان:*ما قدر الله حق قدره من زعم أن الله يعاقب عبده على ما لا يفعله ، ولا له عليه قدرة، ولا تأثير له ألبتة! -وهذه الطائفة هي الجبرية- بل هو نفس فعل الرب جل جلاله، فيعاقب عبده على فعله، هو سبحانه الذي جبر العبد عليه، وجبره على الفعل أعظم من إكراه المخلوق للمخلوق"، يعني: المخلوق لا يمكن أن يكره المخلوق إكراهاً كلياً، ولا يستطيع أي مخلوق أن يملك ما يضمر مخلوق آخر مهما كان، وهم يقولون: إن الله تبارك وتعالى أجبر المخلوقين، تعالى الله عما يصفون!!

قال: "وإذا كان من المستقر في الفطر والعقول أن

السيد -أي المالك- لو أكره عبده على فعل وألجأه إليه ثم عاقبه عليه لكان قبيحاً، فأعدل العادلين وأحكم الحاكمين وأرحم الراحمين كيف يجبر العبد على فعل لا يكون للعبد فيه صنع ولا تأثير؟!"، وهذا مذهب الجبرية، هل هناك فرقة تسمى الجبرية الآن؟ نعم، الأشعرية، ماذا يقولون؟

والفعل في التأثير ليس إلا**للواحد القهار جل وعلا

أي: الفعل كله لله، فما دام الفاعل والمؤثر هو الله، فهل يعاقب العباد على فعل نفسه؟!

فهو الذي فعل، أما العبد فلم يفعل شيئاً ولم يؤثر في شيء، فهم ينظرون جانباً وينسون جانباً آخر.

ونحن نقول لهم: إذا كنتم تقصدون بذلك أن العبد لا يملك أن يطيع ولا يملك أن يعصي حتى تجعلوا إرادة الله هي كل شيء، فقد نسيتم الأفعال الأخرى، فنقول: إذا ارتكب العبد فاحشة فمن فعلها؟! إن قالوا: الله -تعالى الله عما يصفون- وقعوا في الكفر، وإن قالوا: العبد، أثبتوا للعبد فعلاً وتأثيراً وإرادة، لكن هم ينسون ذلك ويغفلون عنه.

إذاً: الطائفتان الجبرية والقدرية ما قدروا الله حق قدره.

*ما قدر الله حق قدره من زعم أنه حل في كل مكان

وقال: "وكذلك ما قدر الله حق قدره من لم يصنه

 عن نتن ولا حش ولا مكان يرغب عن ذكره، بل جعله في كل مكان" وهذا مذهب الحلولية من الصوفية ومنكري العلو، الذين ينكرون علو الله، يقولون: الله في كل مكان، فنقول لهم: هناك أماكن قذرة نجسة يترفع الإنسان أن ينطقها، فكيف تقولون: إن الله في كل مكان؟!

إذاً: ما قدر الله حق قدره من نفى علو الله واعتقد أن الله في كل مكان بذاته.

*ما قدر الله حق قدره من نفى الصفات الفعلية

ثم ينتقل ويقول: "وما قدر الله حق قدره من نفى حقيقة محبته ورحمته ورأفته ورضاه وغضبه ومقته".

وهذه اسمها الصفات الفعلية، والذين ينفونها هم الأشاعرة وأمثالهم ممن يؤولون الصفات وينفونها، خاصة صفات الرضا والغضب والمحبة؛ لأنهم يزعمون أن فيها تشبيهاً، فلم يثبتوها.

إذاً: ما قدروا الله حق قدره إذا نفوا أنه يحب، وأنه يبغض، وأنه يريد، وأنه ذو انتقام، وأنه رءوف، وأنه يمقت.. إلى آخر ذلك.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

 فهذه الحلقة الثانية والتسعون في موضوع(الحق)

 وهي بعنوان:

*ما قدر الله حق قدره من نفى حكمته وغايته.

قال: "ولا من نفى حقيقة حكمته التي هي الغايات المحمودة المقصودة بفعله".

الذين نفوا حكمة الله، لم يقولوا: إنه ليس بحكيم وإنما قالوا: ليس لأفعاله غاية ولا علة، يظنون أنهم بهذا الكلام ينزهون الله، تعالى الله عما يقولون! أما نحن فإننا نقول: إنه إذا فعل شيئاً فمن أجل شيء وله فيه حكمة مثل:(وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات:56] فهو ما خلقهم إلا لأجل العبادة، أما نفاة الحكمة فقالوا: هذا لا يليق، ولا نثبته لله، الله سبحانه وتعالى ما يفعل شيئاً من أجل شيء، ظنوا بهذا أنهم ينزهون الله، فوقعوا في المصيبة الكبرى وهي نفي الحكمة عن الله.

فكأنه إن خلق شجرة أو حجراً أو أرسل نبياً فالأمر واحد، وكلها أفعال تخضع لمطلق المشيئة أو الإرادة فقط، ليس لها حكم ولا علل، فنفوا مقصوده وحكمته وغرضه من خلقه.

*ما قدر الله حق قدره من جعل له صاحبة وولداً

قال: "وكذلك لم يقدره حق قدره من جعل له صاحبة وولداً"، وهؤلاء معروفون قاتلهم الله.

*ما قدر الله حق قدره من سب أصحاب النبي صلى

 الله عليه وسلم

قال: "وكذلك لم يقدره حق قدره من قال: إنه رفع أعداء رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بيته، وأعلى ذكرهم وجعل فيهم الملك والخلافة والعز، ووضع أولياء رسوله وأهل بيته وأهانهم وأذلهم وضرب عليهم الذلة أينما ثقفوا، وهذا يتضمن غاية القدح في جناب الرب، تعالى الله عن قول الرافضة علواً كبيراً!"

لوصح التوحيد عند هذه الطوائف وقدروا الله حق قدره، ما وقعوا في هذه المصائب

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

 فهذه الحلقة الثالثة والتسعون في موضوع(الحق)

 وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*ما قدر الله حق قدره من نفى حكمته وغايته.

أما الرافضة فيقولون: صنما قريش، يقصدون أبا بكر وعمر ! فأعدى أعداء الدين عندهم أبو بكر وعمر، ثم بنو أمية، ويرون أن بني أمية هم الشجرة الملعونة في القرآن، وأنهم شجرة خبيثة ملعونة وأنهم كفار...     إلى آخر ما يقولون. إذا كان هؤلاء هم أعدى أعداء الدين، فمن هم أولياء الله؟!                       قالوا: علي وذريته والأئمة ممن يعتقدون إمامتهم، ولكن الواقع أن الله تعالى مكّن لبني أمية وأعطاهم الملك والولاية، ففتحوا البلاد، وأقاموا الجهاد، أعطاهم الله ولاية حتى على هؤلاء.

أما أهل البيت فقد ضربوا وسجنوا وأوذوا وعذبوا وقتلوا وما تولى منهم أحد، وهذا من حكمة الله سبحانه وتعالى، وما تولى الخلافة أحد ممن يدعي الروافض أنه إمام إلا علياً رضي الله عنه؛ لأن بدعة الإثني عشرية ما جاءت إلامتأخرة بعدأحداث كربلاء، أي: بعد مقتل الحسين رضي الله عنه، بعد ذلك جاءت هذه البدع، فمنذ أن جاءت هذه البدعة ما ولي إمام من أئمة الرافضة قط.

إذاً: أحسنوا ظنكم بالله يا من تدعون أنه لم يول

 أحداً من أوليائه الذين تقولون: إن الله اختصهم

بغاية العلم والحكمة، ويعلمون الغيب،ويدبرون كل شيء، وأعطاهم مفاتيح الكون،كل هذا الاعتقاد العظيم فيهم وهم لم يتولوا الخلافة.

إذاً: ظنكم بالله ظن عجيب غريب من أين تأتون به؟!

وأعجب من ذلك أنه يمكن لأعدائهم ويوليهم وينصرهم، ويفتحون البلاد وتثني عليهم الأمة، وتؤلف فيهم الكتب، إذاً: لابد أن تصححوا ظنكم بالله تعالى.

ونأتيك بجواب مفحم لا يستطيع الروافض أن يرفعوا رءوسهم بعده، نقول: مثل هذا القول في حق أهل البيت وفي حق أعدائهم -كما تزعمون- قالته اليهود والنصارى في حق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالقاعدة واحدة، فإن اليهود والنصارى كفروا برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وقالوا: إنه مفترٍ، افترى على الله الكذب وجاء برسالة، قلنا: فما الدين الحق الذي يقبله الله ولا يرضى غيره؟ قالوا: ما عليه اليهود والنصارى كما قال الله تعالى عنهم: (وَقَالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا)[البقرة:135] فقلنا لهم: أفيسلط الله كذاباً دجالاً مفترياً فيستولي على ممالك دينكم الحق، ويقتلكم ويأسركم، ويضرب بالسيف رقابكم، ثم يستعبد من شاء منكم، ثم يظل الملك والشأن والرفعة والمجد له ولأمته أبد الآبدين؟!!

 هذا ظن سيئ بالله!

إما أن يكون الله لا حكمة له في أفعاله، حيث ينصر عدوه وهو يفتري عليه زاعماً أنه رسول من عنده، ويأتي بكلام مختلق فيقول: هذا كلام الله، ويدعي الرسالة من الله، وأن الوحي ينزل إليه، ويجعل الديانة الحقة اليهودية والنصرانية -كما تزعمون- ذليلة مهانة مضطهدة معذبة، ويقضى عليها في أغلب بقاعها الأساسية المهمة لها، وهي منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، وإما أن يكون محمد صلى الله عليه وسلم على حق وأنتم على الباطل؛ فأنتم بين خيارين لا مفر لكم من أحدهما، فإما ألا يكون هناك حكمة أبداً، وتتهمون الله بالعجز ؛ عاجز أن ينصر أولياءه على أعدائه، وإما أنكم أنتم ظننتم به غير الحق وما قدرتموه حق قدره، ويكون هو -حقيقة- نصر وليه ونبيه ورسوله صلوات الله وسلامه عليه، ويكون دينكم باطلاً لا حقيقة له، هذا دليل يتفق مع حكمة الله ومع أفعال الله تبارك وتعالى في خلقه.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

 فهذه الحلقة الرابعة والتسعون في موضوع(الحق)

 وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*ما قدر الله حق قدره من نفى حكمته وغايته.

قال ابن القيم: "وهذا القول -أي قول الرافضة- مشتق من قول اليهود والنصارى في رب العالمين إنه أرسل ملكاً ظالماً، فادعى النبوة لنفسه، وكذب على الله، ومكث زمناً طويلاً يكذب عليه كل وقت، ويقول: قال الله كذا.. وأمر بكذا.. ونهى عن كذا.. وينسخ شرائع أنبيائه ورسله، ويستبيح دماء أتباعهم وأموالهم وحريمهم، ويقول: الله أباح لي ذلك..! والرب تبارك وتعالى يؤيده ويظهره ويعليه، ويعزّه ويجيب دعواته، ويمكنه ممن خالفه ويقيم الأدلة على صدقه، ولا يعاديه أحد إلا ظفر به، فيصدقه بقوله وفعله وتقريره، ويحدث أدلة تصديقه شيئاً بعد شيء" إلى يوم القيامة.

يعني: أن النبي صلى الله عليه وسلم ليست آياته ومعجزاته آنية ثم تنتهي كما كان الرسل من قبل، وقد قال صلى الله عليه وسلم: {وإنما كان الذي أوتيته وحياً أوحاه الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة}

كلما جاء زمن تجدد فيه ما يدل على صدقه، وتظهر في كل عصر الدلائل على أنه نبي، وهكذا ما يقع من أخبار وأحداث أخبر عنها صلى الله عليه وسلم قبل وقوعها، ولا يمكن أن يتوقعها بشر، ولا أن يقولها أحد إلا بعلم من الله تبارك وتعالى.

يقول: "ومعلوم أن هذا يتضمن -أي: كلام اليهود وأتباعهم- أعظم القدح والطعن في الرب سبحانه وتعالى وعلمه وحكمته ورحمته وربوبيته، تعالى الله عن قول الجاحدين علواً كبيراً.

فوازن بين قول هؤلاء -أي: اليهود- وقول إخوانهم من الرافضة، تجد القولين كما قال الشاعر:

رضيعي لبانٍ ثدي أم تقاسما***بأسحم داجٍ عوض لا نتفرقُ

وعوض معناها: أبداً، فكأن اليهود والرافضة أخوان رضعا من ثدي واحد وأقسما ألا يتفرقا أبداً، فما يقال في حق اليهود يقال في حق الروافض.

*ما قدر الله حق قدره من نفى التحسين والتقبيح

 للعقل ، ثم قال: "وكذلك لم يقدره حق قدره من قال: إنه يجوز أن يعذب أولياءه ومن لم يعصه طرفة عين، ويدخلهم دار الجحيم، وينعّم أعداءه ومن لم يؤمن به طرفة عين، ويدخلهم دار النعيم، وأن كلا الأمرين بالنسبة إليه سواء، وإنما الخبر المحض جاء عنه بخلاف ذلك".

وهذا من إنكار الحكمة، فهو تابع لموضوع إنكار الحكمة أو إنكار التعليل. لكن هنا أيضاً ملحظ آخر وهو أنهم يقولون: إن العقل لا يحسن ولا يقبح، فلو أن الله تبارك وتعالى -كما يقولون- أتى بأفضل الأولياء وأدخله النار فذلك جائز، وأتى إلى أعدى أعدائه وهو الشيطان وأدخله الجنة، فذلك جائز عقلاً، لكن الشرع جاء بخلاف ذلك، فلولا أن الخبر الشرعي جاءنا لقلنا: يحتمل هذا وهذا، تعالى الله عما يصفون! لا والله!.. لا نعتقد ذلك، فإن الله تعالى أعطانا من العقول ما نعرف أن هذا الأمر لا يليق به.

إذاً:العقل له دخل في معرفة التمييزبين الحق والباطل، وفي معرفة الصواب من الخطأ؛ من خلال ما جاء تفصيله وبيانه في الوحي، ولهذا وصف الله سبحانه وتعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بأنه الرسول النبي الأمي الذي يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث، قال تعالى: ((وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ))[الأعراف:157] وهي تدل على منهج أهل السنة والجماعة ولا تدل على مذهب الأشاعرة؛ وذلك لأن الله وكل إلينا معرفة الطيبات من الخبائث بعقولنا، ولو كان العقل لا يحسن ولا يقبح، لما كان لهذه الآية أية دلالة.

وهذا دليل على أن الله سبحانه وتعالى فطر الناس، وجعل في عقولهم قدراً يعرفون به الحق، فيأتي الشرع فيصدقه، ولو عرض عليهم دين آخرباطل محرف لما قبلته عقولهم،بل يقولون:لا يمكن أن يكون هو دين

الله تبارك وتعالى.

 إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

 فهذه الحلقة الخامسة والتسعون في موضوع(الحق)

 وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

يقول: "وقد أنكر سبحانه على من جوّز عليه ذلك غاية الإنكار، وجعل الحكم به أسوأ الأحكام، قال تعالى: ((وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ * أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ))[ص:27-28]" سبحان الله! هل يمكن هذا؟!

كل الأمم اليوم -إلا من عرف الله- تعتقد ما نفاه الله..! 

إن أمم الأرض إلا من عرف الله يعتقدون أن الله سبحانه وتعالى خلق السموات والأرض وما بينهما باطلاً، وأنه يجعل المتقين كالفجار، والفجار كالمتقين، والمفسدين كالمصلحين، لأنهم ينكرون البعث والجزاء والحساب.

"وقال: : ((أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ * وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ))[الجاثية:21-22].. وقال: ((أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ)) [القلم:35-36]"       لا يليق بالله تبارك وتعالى أن يجعل هؤلاء كهؤلاء حاشاه سبحانه من ذلك.

*ما قدر الله حق قدره من كذب بالقيامة

قال رحمه الله: "وكذلك لم يقدره حق قدره من زعم أنه لا يحيي الموتى، ولا يبعث من في القبور، ولا يجمع خلقه ليوم يجازي فيه المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته، ويأخذ للمظلوم فيه حقه من ظالمه، ويكرم المتحملين للمشاق في هذه الدارمن أجله وفي مرضاته بأفضل كرامته، ويبين لخلقه الذي يختلفون فيه، ويعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين" قال تعالى: (وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لايَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ) [النحل:38] انظر كيف ظن الكفار بالله، ظن السوء، .. ((وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ * لِيُبَيِّنَ لَهُمْ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ))[النحل:38-39]            هذه حكمة عظيمة جداً، والأخرى: (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ))[النحل:39].

فالحكمة الأولى: ليبين لهم الذي يختلفون فيه؛ مسلمين كانوا أو كفاراً؛ فالدماء تسفك يومياً على هذه الأرض منذ أن جعل الله تبارك وتعالى الحق والباطل؛ فمنذ أن خلق الله السموات والأرض وجعل الظلمات والنور، وجعل جيشاً للإيمان وجيشاً للكفر.. جيشاً للتوحيد وجيشاً للشرك.. جبهةً لأهل الطاعات وجبهة لأهل المعاصي، والمعارك قائمة في كل مكان، وفي كل مجتمع، والدماء تراق وتهدر.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

 فهذه الحلقة السادسة والتسعون في موضوع(الحق)

وهي بعنوان:ما قدر الله حق قدره من هان عليه أمره

وكذلك لم يقدر الله تعالى حق قدره من هان عليه

 أمره فعصاه، ونهيه فارتكبه".

كأن الشيخ ابن القيم رجع إلى موضوع الكتاب الأساس (المعاصي والعشق) لكن هو يأتي بالأشياء المهمة الأساسية العقدية ثم يأتي بهذه التي هي ناتجة عن سَوْرة الشهوة.

ويلاحظ أن المقارف للمعاصي إذا قيل له: اتق الله يا أخي! هذا حرام! يقول: هذا ولا يضر.. وإذا قيل له: يا أخي! اتق الله وصل! افعل كذا! يقول: ليس هناك مشكلة؛ فقد هان عليه أمر الله، فهل قدره حق قدره؟!  لم يقدره.

قال رحمه الله: "وحقّه فضيعه، وذكره فأهمله، وغفل قلبه عنه، وكان هواه آثر عنده من طلب رضاه، وطاعة المخلوق أهم عنده من طاعته فلله الفضلة في قلبه وعمله" يعني: جعل لله الفضلة من قلبه وعلمه وقوله وعمله وماله.

وهذه مشكلة المعاصي، فهي تدل على أننا نجعل لله الفضلة من قلوبنا وأعمالنا وأموالنا وكلنا كذلك -نسأل الله أن يرحمنا برحمته- ما قدرنا الله حق قدره؛ لأننا لم نجعل لله إلا الفضلة من قلوبنا، وجعلنا صلب همنا وتفكيرنا في الدنيا،على السيارات والعمارات والزوجات والأبناء والوظائف.

قد يبتعث شخص خمس عشرة سنة للعلم وليس لله منها كلمة واحدة...!

وكذلك يوجد أناس كل يوم يكتبون قصائد، ويصدرون مجلدات من الشعر ليس لله منها شيء، ويقيمون المجالس والسمرات، يبدأ أحدهم في الحكاية ويضحك الناس ويحكي لهم طوال الليل كل يوم، وليس لله شيء من هذا القول،نسأل الله العفو والعافية.

وعمله كدح.. ليل نهار.. كم لله من هذا الكدح؟!

فتراه يغضب لكن ليس لله، ويرضى لكن ليس لله، ينتقم لكن ليس لله؟ وإنما لنفسه وشهواته.. ماذا جعل لله؟! حتى ماله قضاه في: شهوة.. تمشية.. نزهة.. رحلة...  إلخ، وإذا قيل له: خذ ما شئت مما أحل الله لك من المال، لكن أعط عشرة ريالات لله فربما لا يستجيب، وإن أعطى لله فإنما هو الفضلة، مثلاً: لونجح واحد من أولاده لأعطاه هدية،لوكان من أولاده لاعب كرة وأتى بهدف يعطيه سيارة أو مليون ريال أو أي شيء، ولو أن أحد أولاده حفظ جزءاً من القرآن أعطاه عشرة ريالات أو خمسين ريالاً.

إذاً: هل هذا يحسن الظن بالله تعالى؟!! وإذا قيل له: هل أنت حسن الظن بالله؟!

يقول: والله نحن نحسن الظن بالله..

يا شيخ! ما أحسنتَ الظن به..!

ومن هذا حاله فوالله ما أحسن الظن بالله، ولا

أحسن الرجاء، ولو أحسن الظن لأحسن العمل، لو أحسنت الظن به لعظمت أمره ونهيه، ووقفت عند حدوده، وسعيت إلى مرضاته بكل طريقة، وكنت مع أوليائه؛فإن لم تجاهد أعداءه فكن محباً لأوليائه بقلبك.

من عظيم البلاء أن تجد أناساً يتفكهون في المجالس ويتندرون بالدعاة .. بالهيئة.. بالمقاومة.. سبحان الله! تحاربون أولياء الله الذي رزقكم وأعطاكم المال والمناصب والخير، فإن لم تكونوا مع أوليائه فلا تقفوا مع أعدائه، لكن الشيطان أعماهم وأصمهم، فهذا موقفهم من الله سبحانه وتعالى.

قال ابن القيم: "فلما كان الشرك أكبر شيء منافاة

للأمر الذي خلق الله له الخلق، وأمر لأجله بالأمر، كان من أكبر الكبائر عند الله.

وكذلك الكبر وتوابعه كما تقدم، فإن الله سبحانه خلق الخلق وأنزل الكتاب لتكون العبادة والطاعة له وحده، والشرك والكبر ينافيان ذلك، ولذلك حرم الله الجنة على أهل الشرك والكبر" يقول الله تعالى: ((إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ)[المائدة:72] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر} لهذا كان أعظم وأكبر الذنوب.[الأنترنت - موقع الشيخ سفر الحوالي]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

 فهذه الحلقة السابعة والتسعون في موضوع(الحق)

وهي بعنوان:* {ما لكم لا ترجون لله وقاراً }

   بهذه الكلمات التي تقطع نياط قلوب الموحدين وكل من له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد خاطب نوح عليه السلام قومه بعد أن بذل معهم كل ما في وسعه طيلة ألف سنة إلا خمسين عاماً من الدعوة؛ {قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا (5) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا (6) ... ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا (8) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا} [نوح]، ألف سنة لم يألُ فيها جهداً لهدايتهم ولم يجد منهم في المقابل

 إلا الصدود والإعراض والاستهزاء، إلا قليلاً منهم.

إن المرء يكاد يجزم بأن هذه الكلمات إنما خرجت منه عليه السلام والألم يعتصر قلبه، والدهشة والاستغراب يملآن جوانحه؛ أن يقابَل رب الأرض والسماء الذي أنعم على خلقه بكل ما يتمتعون به من نعم ظاهرة وباطنة بكل هذا الجحود والنكران، فخيره سبحانه وتعالى إلى الخلق نازل وشرهم إليه صاعد، يتحبب إليهم بالنعم ويتبغضون إليه بالكفر والمعاصي!

أراد نوح عليه الصلاة والسلام بهذه العبارة أن يلين القلوب القاسية ويحرك العقول المتحجرة ويذيب الأحاسيس المتبلدة، كيف لا تعظمون الله وتوقرونه {وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً}؟ فلو نظر الإنسان لأطواره المتعاقبة وكيف أنه كما قال بعض السلف:

مبدؤه نطفة مذرة ، وآخره جيفة قذرة ، وبينهما يحمل العذرة ؛ لاستصغر نفسه في جنب هذا الكون مترامي الأطراف {أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا (15) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا (16)} [نوح]، فكيف في جنب مبدع هذا الكون ومنشئه على غير مثال، ومدبر أمره بلا ظهير!

إن أمر الله سبحانه أعظم مما يتصوره البشر، ولهذا لما أتى الحبرُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم -كما في البخاري ومسلم- وقال: "يا محمد إنا نجد أن الله يجعل السماوات على إصبع والأرضين على إصبع والشجر على إصبع والماء والثرى على إصبع وسائر الخلائق على إصبع فيقول أنا الملك، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقاً لقول الحبر ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}"، ولهذا قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً آخر على المنبر فجعل "يقول هكذا بيده ويحركها، يقبل بها ويدبر يمجد الرب نفسه أنا الجبار أنا المتكبر أنا الملك أنا العزيز أنا الكريم فرجف برسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر حتى قلنا ليخرن به" كما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما الصحيح، وما هذا إلا من شدة تعظيم أعرف الخلق بربهم -صلوات الله وسلامه عليه- لربه عز وجل.

التعظيم أصل الانقياد والطاعة لكل مطاع، فارجع البصر فيما حولك شرقاً وغرباً وقلب صفحات التاريخ تجد البشر قد انساقوا خلف من يعظمون وانقادوا لهم بالطاعة، وتعظيم الله عز وجل وتوقيره هو مبدأ الانقياد له سبحانه وتعالى، وتحقيق هذا التعظيم والتوقير في القلوب هو الموصل لرتبة الإحسان.

لكن الحال اليوم كما بالأمس كما في الغد إلى ما شاء الله، فكثير من الناس لا يرجون لله وقاراً، ولئن كان هذا ينطبق بالكلية على كل من كفر بالله عز وجل إلا أن لكل من عصاه أو أعرض عن شيء من شرعه منه نصيب بحسبه.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

 فهذه الحلقة الثامنة والتسعون في موضوع(الحق)

وهي إستكمالا للماضية والتي هب بعنوان:

* {ما لكم لا ترجون لله وقاراً }

فمن أسلم وجهه لله ثم هو مع ذلك يشق على أمة محمد

 صلى الله عليه وسلم وقد ولاه الله عز وجل شيئاً من أمرهم فقد نقص توقيره لله بقدر ما عصاه بذلك، ومن أسلم وجهه لله ثم هو مع ذلك يعق والديه فقد نقص توقيره لله عز وجل بحسبه، ومن أسلم وجهه لله ثم هو يواقع المحرمات ولا يلتزم بالواجبات فقد نقص توقيره لله كذلك، وشر من ذلك أن يستقيم أمام الناس حياء منهم ثم يعصي ربه في السر، ولهذا يجعل الله أعمال هذا -ولو كانت كجبال تهامة- هباء منثوراً يوم القيامة،فلكل هؤلاء نقول{مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً}

ونقول لمن يثير الشبهات حول شرع الله المطهر،

 وحول السنة الشريفة، أو من يدخل في شرع الله

 ما ليس منه {مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً}؟

ونقول لمن يقعون في لحوم العلماء -وقد صارت صيحة هذه الأيام وعلامة التنوير"التزوير" فيها- {مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً}؟

إن توقير الله عز وجل وتعظيمه في النفوس فرض عين على كل مسلم، وهو مما ينبغي أن نعلّمه أولادنا حتى يخالط لحمهم ودمهم وعظمهم، وليس المقصود أن نعلمهم أسماء الله عز وجل الحسنى وصفاته العلى فيحفظونها فحسب، ولا أن يثبتوا لله عز وجل ما أثبته لنفسه وما أثبته له نبيه عليه السلام وينفوا عنه ما نفاه عن نفسه أو نفاه عنه نبيه عليه السلام فحسب، بل لابد مع ذلك من زرع آثار وأحكام هذه الأسماء والصفات في النفوس كي تتشربها وتعيش بها، كما قال شيخ الإسلام رحمه الله: «فالمؤمن يعلم أحكام هذه الصفات وآثارها وهو الذي أريد منه»، أما أن يعلم المرء أن الله عز وجل هو الرزاق ثم يخشى أن يقول كلمة الحق كي لا يُقطع رزقه، وأما أن يعلم أن الله سبحانه وتعالى لا تخفى عليه خافية ثم هو يعصيه سراً خشية أن يطلع عليه الناس، وأما أن يلتزم بالقانون خشية العقوبة ثم هو لا يخشى أن يقع في المعاصي فليس هذا من تمام توقير الله سبحانه وتعالى في شيء.

فتوقير الله عز وجل وتعظيمه ليست كلمات مجردة تتحرك بها الألسن بلا وعي أو فهم، وليست حركات مجردة يؤديها المرء في عباداته الظاهرة بلا روح، بل ملاك الأمر ما يقوم في القلب تجاه هذا الرب العظيم ويصدقه اللسان وباقي الأركان، فمن تحقق ذلك في نفسه فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه، ونحن لا نملك إلا أن نعيد عليه تلك الصيحة النبوية المدوية المترددة عبر القرون، عساه يفيق من سكرته: {مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً}

 [الأنترنت – موقع المسلم  -  ناصر العمر]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :     فهذه الحلقة التاسعة والتسعون في موضوع(الحق) وهي بعنوان: مراتب اليقين

 لليقين مراتب منها : العلم , وحسن التوكل , والرضا والتسليم , وعدم تعلق القلب بغير الله , وأن يكون أوثق بما في يد الله تعالى عما هو في يده , كان أبو مسلم الخولاني رحمه الله يحب التصدق والإيثار على نفسه، وكان يتصدق بقوته ويبيت طاوياً، فأصبح يوماً وليس في بيته غير درهم واحد، فقالت له زوجته : خذ هذا الدرهم واشتر به دقيقاً نعجن بعضه ونطبخ بعضه للأولاد، فإنهم لا يصبرون على ألم الجوع، فأخذ الدرهم والمزود وخرج إلى السوق، وكان الجو شديد البرودة، فصادفه سائل فتحوله عنه، فلحقه وألح عليه وأقسم عليه، فدفع له الدرهم وبقي في هم وكرب، وفكر كيف يعود إلى الأولاد والزوجة بغير شئ، فمر بسوق البلاط وهم ينشرونه ففتح المزود وملأه من النشارة وربطه وأتى به إلى البيت فوضعه فيه على غفله من زوجته ثم خرج إلى المسجد فعمدت زوجته إلى المزود ففتحته فإذا فيه دقيق أبيض فعجنت منه وطبخت للأولاد فأكلوا وشبعوا ولعبوا فلما ارتفع النهار جاء أبو مسلم وهو على خوف من امرأته فلما جلس أتته بالمائدة والطعام فأكل، فلما فرغ قال: من أين لكم هذا؟قالت: من المزود الذي جئت به أمس، فتعجب من ذلك وشكر الله على لطفه وكرمه.

واليقين : ثلاث درجات:

الأولى: علم اليقين.قال تعالى :{ كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) } سورة التكاثر ,فعلم اليقين هو العلم الجازم المطابق للواقع الذى لا شك فيه .

والثانية: عين اليقين.قال تعالى:ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ" (7 ). سورة التكاثر وهو ما كان عن مشاهدة وانكشاف .

والثالثة حق اليقين ،قال تعالى:{وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} .الواقعة: 74.

وهو ما كان عن ملابسة ومخالطة .

قال الشعراوي : " إن اليقين هو تصديق الأمر تصديقاً مؤكداً، بحيث لا يطفو إلى الذهن لِيُناقش من جديد، بعد أن تكون قد علمته من مصادر تثق بصدق ما تَبلغك به.

أما عَيْن اليقين؛ فهي التي ترى الحدث فتتيقّنه، أو هو أمر حقيقيّ يدخل إلى قلبك فَتُصدقه، وهكذا يكون لليقين مراحل: أمر تُصدِّقه تَصديقاً جازماً فلا يطفو إلى الذهن لِيُناقَش من جديد، وله مصادر عِلْم مِمَّنْ تثق بصدقه، أو: إجماع من أناس لا يجتمعون على الكذب أبداً؛ وهذا هو \" علم اليقين \"؛ فإنْ رأيتَ الأمربعينيك فهذا هوحق اليقين.[تفسير الشعراوي 1885.]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

 فهذه الحلقة المائة في موضوع(الحق)وهي بعنوان :   *يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله لعظيم حقه عليّ

   علم الله جل جلاله أن ليس للذنوب أحد سواه, وأن ليس للعيوب أحد عداه, فناداهم وهم في الذنوب غارقون, ودعاهم وهم في الإساءة يتهافتون, ثم بين جل جلاله أن هذا النداء قد وقتت أوقاته، وحددت ساعاته ولحظاته، فقبل الفوات قبل الممات, قبل الفوات قبل الفوات، وقبل الممات قبل الممات: {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ} [الزمر:56] يناديهم لكي يتداركوا, لكي يقبلوا ويجذبوا, لكي يقبلوا على الله جل وعلا وينيبوا {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ} [الزمر:56] إنها النفس الظالمة, إنها النفس الآثمة, إنها النفس الظلومة الغاشمة التي ما تركت باباً من الذنوب إلا قرعته, ولا باباً من الإساءة إلا ولجته, أن تقول: يا حسرتى!! وما أعظم الحسرة إذا خسر أصحابها, وعظمت خسارة أربابها, وخرجوا من الدنيا صفر اليدين من رحمة الله! ما أعظمها من خسارة إذا طويت الصحائف باللعنات! ما أعظمها من خسارة يوم يطبع على القلوب! يوم يتأذن غضب الله علام الغيوب؛ من عظيم الإساءة وعظيم الذنوب, ما أعظمها من خسارة يوم لا يستطيع الرجوع، يوم لا تنفع المعذرة ولا تغني الدموع, يوم يتقطع القلب من الألم، ويعتصر من شديد الندم! أن تقول نفس ومتى تقول؟ حين تضع آخر أقدامها من أعتاب هذه الدنيا وتستقبل الدار التي هي غريبة عليها, يوم تنقطع المعاذر, وتغص السكرات في الحناجر, ويصير العبد ذليلاً حقيراً إلى الله الواحد القاهر: {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى} [الزمر:56] يا حسرتى يوم طال السهر، يا حسرتى يوم ضاعت الأعمار, يا حسرتى على الساعات واللحظات, يا حسرتى على الليل والنهار, يا حسرتى على أصحاب لم ينفعوا, يا حسرتى على أحباب لا يشفعون, يا حسرتى على عمر مضى وزمان ولّى وانقضى, يا حسرتى إذا كشف الديوان بخطيئة اللسان وزلات الجنان, يا حسرتى يوم يعرض على الله حافياً عارياً, يا حسرتى إذا عرض الشباب وما فيه من خطأ وصواب, ولم يفقد العبد فيه زلة ولا حسنة بين يدي الله رب الأرباب, يا حسرتى على ثلاثين عاماً أو أربعين أو خمسين أو ستين حين يلقى العبد بها الله رب العالمين.

{يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ} [الزمر:56] ذهب الليل فما تمتعت عيني بالبكاء فيه من خشية الله, ذهب الليل وما تمتعت قدمي بالوقوف بين يدي الله, يا حسرتى يوم يذهب العمر دون وجود الغنيمة والذخر, يا حسرتى يوم مضى ليله وطلعت شمسه ولم تنعم يداه بالسجود بين يدي الله, يا حسرتى على صلاة أضعتها, يا حسرتى على زكاة منعتها, يا حسرتى على أيام أفطرتها, يا حسرتى على ذنوب فعلتها, يا حسرتى على خطايا تلبست بها, يا حسرتى إذا كشف الديوان وعظم الوقوف بين يدي الله الواحد الديان! يا حسرتى وهل تغني الحسرات؟! يا حسرتى وهل يؤذن بالرجوع عند الممات؟ يا حسرتى يوم لم أشكر النعم, يا حسرتى يوم لم أشكر الله على دفع النقم, يا حسرتى يوم لم يلهج لساني بذكره, يا حسرتى يوم لم يتلذذ لساني بشكره, يا حسرتاه يوم فاز الفائزون, وغنم الغانمون, وجئت صفر اليدين مما هم فيه يتنعمون, يا حسرتى يوم فاز الصالحون بالدرجات, وسموا إليها بنفوس عاليات أبيات, ووقفت في الأخريات أنظر إليهم بتلك الحسرات, يا حسرتى لو كنت مطيعاً على ما فرطت في جنب الله إذ كنت مستطيعاً, يا حسرتى يوم يلفظها اللسان ويعتقدها الجنان فيخرج كل حرف منها من كل عضو وأركان.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

 فهذه الحلقة الواحدة بعد المائة في موضوع(الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :*يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله لعظيم حقه عليّ

وجليل منته لديّ, فكم أنعم وتفضل وكم وهب وأجزل , سبحانه العلي الأكمل.

يا حسرتى يوم لم أعظمه حق تعظيمه, ولم أمجده حق تمجيده, يا حسرتى على التفريط في جنب الله, يوم فتحت لي أبواب الخيرات فقلت: هيهات هيهات!! ما زالت الأعمار والبقيات {يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ} [الزمر:56] يقولها المذنبون, ويوقن

 معناها المسيئون المخطئون.

يا حسرتى ولو كان العبد مطيعاً, يا حسرتى ولو كان العبد خيراً ديناً مستقيماً؛ ولذلك سمى الله ذلك اليوم المشهود واللقاء الموعود بيوم التغابن؛ لأنه ما من نفس إلا وهي في غبن ولو كانت من نفوس الصالحين, في غبن أن لم يفوزوا بالخيرات, ولم يستكثروا من الطاعات, في غبن أن لم يفوزوا بالرحمات ولو كانوا على خيرات وحسنات.

{يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ} [الزمر:56] فويل لذلك اللسان الذي تمتع بالسخرية من أولياء الرحمن, إنها الكلمة التي يقولها من زل لسانه وخاب جنانه، وأساءت جوارحه وأركانه, يا حسرتى يوم ضحكت من المطيعين, واستهزأت بعباد الله الصالحين, يا حسرتى يوم نظرت إليهم وهم ذاهبون إلى المساجد فقلت: إلى أين يذهبون؟! يا حسرتى يوم رأيتهم مع كل راكع وساجد فقلت: لماذا يتعبون؟! يا حسرتى إذ لم أقدر الله حق قدره, فاستهزأت بعباده واستخففت بأمره.

{يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ} [الزمر:56] وما زالت آيات هذه السورة الكريمة الجليلة العظيمة تهز كيان المؤمنين, وتوقظ عباد الله الغافلين, إنها سورة الزمر، سورة التوحيد والإخلاص, ما من آية من آياتها إلا وتحتاج وقفة معها. سورة تهز القلوب والمشاعر, سورة تحيي القلوب والضمائر, سورة تعيش فيها مع أهل النعيم في

 نعيمهم فكأنك في الجنان تقطف من ثمراتها, وتنال ما فيها من خيراتها, وتعيش مع أهل الجحيم في

دركاتهم, فكأن زفير جهنم لتلك القلوب بين آذانهم.

فنسأل الله العظيم رب العرش الكريم بأسمائه الحسنى وصفاته العلى: اللهم إنا نسألك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت العظيم ألا تجعلنا من أهل هذه الكلمة, اللهم إنا نعوذ بك أن نكون من أهلها, اللهم إنا نعوذ بك أن تنطق ألسنتنا بها, اللهم حرمها على ألسنتنا، اللهم حرمها على ألسنتنا، وأخرجنا من الدنيا وأنت راض عنا, اللهم إنا نسألك فعل الخيرات, وترك الفواحش والمنكرات, قبل أن يدهمنا الممات, يا حي يا قيوم، يا فاطر الأرض والسماوات.

اللهم استر عوراتنا, اللهم آمن روعاتنا, اللهم أمِّن يوم الوعيد خوفنا, اللهم استر عوراتنا فيه, اللهم آمن روعاتنا فيه, اللهم لا تفضحنا يوم العرض عليك, اللهم لا تفضحنا يوم العرض عليك, اللهم لا تفضحنا يوم العرض عليك, اللهم لا تمنع عنا بذنوبنا عظيم عفوك عنا يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم إنا نسألك حبك وحب كل شيء يقربنا من

 حبك, نسألك فعل الخيرات، وترك الفواحش والمنكرات, وحسن الختام عند الممات يا فاطر الأرض والسماوات, اللهم حرم وجوهنا على النار, اللهم حرم وجوهنا على النار، اللهم حرم أجسادنا على النار يا ذا الجلال والإكرام والعزة التي لا ترام, والملك الذي لا يضام, اللهم اجعل أسعد اللحظات وأعزها لحظة الوقوف بين يديك, اللهم اجعل أسعد اللحظات وأعزها وأشرفها لحظة الوقوف بين يديك, اللهم اجعلها أسعد اللحظات, اللهم استر لنا فيها العورات, واغفر لنا فيها السيئات, وارفع لنا الدرجات, اللهم أكرمنا بعدها فوراً بالدخول في الجنات يا ذا الجلال والإكرام, سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.[ الأنترنت – موقع المكتبة الشاملة - دروس للشيخ محمد المختار الشنقيطي ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

 فهذه الحلقة الثانية بعد المائة في موضوع(الحق) وهي بعنوان :*الحذرُ مِنْ خلطِ حقُّ الله,بما للرسول صلَّى الله عليه وسلَّم مِنْ حقٍّ

 ينبغي الحذرُ والتحرُّزُ مِنَ الاشتباهِ الذي قد يحصل ما بين حقِّ الله تعالى وما للرسول مِنْ حقٍّ؛ إذ قد يَقَعُ التداخلُ بين الحقَّيْن على وجهٍ لا يشعر العبدُ فيه بالفرق، وقد يتعمَّدُ الخلطَ بين المفهومين ظانًّا أنه بذلك يؤدِّي واجبًا تُجاهَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، أو قد يكون مدفوعًا بفرطِ محبَّةِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم والمبالغةِ في تعظيمه؛ فيتجاوزُ بذلك حدودَ حقِّ الله تعالى الخالـصِ فيجعلُه ـ ظلمًا ـ مِنْ حقِّ الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم، فيصرف ـ بذلك ـ العبادةَ إليه، فيقع في الشرك المنهيِّ عنه بهذه الأسباب أو بغيرها؛ فلا يحقِّق ـ بالتالي ـ رُكْنَ الشهادة ولا شَرْطَها.

والمعلومُ أنَّ لله حقًّا خالصًا لا يُشْرَكُ فيه معه غيرُه، وهو ما يختصُّ به مِنَ الربوبية والألوهية، والأسماءِ والصفات؛ فإنَّ كُلَّ ما دَعَا إليه الشرعُ الحكيمُ مِنْ أنواع الطاعات وأعمالِ الخير والإحسان، ممَّا أَمَر به وحثَّ على فعلِه، ورغَّب فيه مِنَ الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرةِ داخلٌ في مفهوم العبادة وعمومِها، لا يجوز صرفُه ـ بحالٍ ـ لغير الله تعالى، بل حقُّ اللهِ المؤكَّدُ على العبيدِ: وجوبُ صرفِ كُلِّ العبادات له دون غيرِه؛ لأنه هو المعبودُ المُطاع، ولا معبودَ بحقٍّ سواه، وهي الغايةُ التي خَلَقَ اللهُ الخَلْقَ لأجلها، ﴿وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ ٥٦﴾ [الذاريات]، والمعلومُ أَنْ لا نصيبَ لأحَدٍ في الجنَّة بدون القيام بحقِّ الله تعالى، كما جاء في حديثِ مُعاذ بنِ جبلٍ رضي الله عنه قال: قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «يَا مُعَاذُ، أَتَدْرِي مَا حَقُّ اللهِ عَلَى الْعِبَادِ؟» قَالَ: «اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ»، قَالَ: «أَنْ يُعْبَدَ اللهُ وَلَا يُشْرَكَ بِهِ شَيْءٌ»، قَالَ: «أَتَدْرِي مَا حَقُّهُمْ عَلَيْهِ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ؟» فَقَالَ: «اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ»، قَالَ: «أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ» الحديث [ أخرجه البخاريُّ في «التوحيد» (٧٣٧٣)، ومسلمٌ في «الإيمان» (٣٠)، مِنْ حديثِ مُعاذ بنِ جبلٍ رضي الله عنه.]

، قال السعديُّ ـ رحمه الله ـ: «وهذا النوعُ ـ يعني: توحيدَ الألوهية والعبادة ـ زبدةُ رسالةِ الله لرُسُله؛ فكُلُّ نبيٍّ يبعثه اللهُ يدعو قومَه يقول: ﴿ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُ﴾ [الأعراف: ٥٩، ٦٥، ٧٣، ٨٥؛ هود: ٥٠، ٦١، ٨٤؛ المؤمنون: ٢٣، ٣٢]، ﴿وَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِي كُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَۖ﴾ [النحل: ٣٦]، وهو الذي خَلَق اللهُ الخَلْقَ لأجله، وشَرَع الجهادَ لإقامته، وجَعَل الثوابَ الدنيويَّ والأخرويَّ لمَنْ قام به وحقَّقه، والعقابَ لمَنْ تَرَكه، وبه يحصل الفرقُ بين أهل السعادة القائمين به، وأهلِ الشقاوةِ التاركين له»[ «الحقُّ الواضح المبين» للسعدي (١١١).]، وقال ـ رحمه الله ـ في موضعٍ آخَرَ: «فجميعُ الكُتُبِ السماويةِ وجميعُ الرُّسُل دَعَوْا إلى هذا التوحيد، ونَهَوْا عن ضدِّه مِنَ الشرك والتنديد، وخصوصًا محمَّدٌ صلَّى الله عليه وسلَّم وهذا القرآنُ الكـريم؛ فإنه أَمَر به وفَرَضه وقرَّره أعظمَ تقريرٍ، وبيَّنه أعظمَ بيانٍ، وأخبر أنه لا نجاةَ ولا فلاحَ ولا سعادةَ إلَّا بهذا التوحيد، وأنَّ جميعَ الأدلَّةِ العقلية والنقلية والأُفُقية والنفسيةِ أدلَّةٌ وبراهينُ على هذا الأمرِ بهذا التوحيد ووجوبِه؛ فالتوحيدُ هو حقُّ اللهِ الواجبُ على العبيد، وهو أعظمُ أوامرِ الدِّينِ وأصلُ الأصول كُلِّها وأساسُ الأعمال»[ «القول السديد» للسعدي (١٣).]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

 فهذه الحلقة الثالثة بعد المائة في موضوع(الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :*الحذرُ مِنْ خلطِ حقُّ الله,بما للرسول صلَّى الله عليه وسلَّم مِنْ حقٍّ

 إنَّ للرُّسُل والأنبياء صلواتُ الله وسلامُه عليهم ـ مِنْ جهةٍ أخرى ـ حقًّا خاصًّا: هو توقيرُهم وتبجيلهم وإعانتُهم ونُصرتُهم وتقديرهم بما يَستحِقُّون؛ لقوله تعالى: ﴿وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ ﴾ [الفتح: ٩]، وهذا الحقُّ الخاصُّ للرُّسُل والأنبياء عليهم السلام يَندرِجُ في النصيحة لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في الحديث المشهور: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ»، قُلْنَا: «لِمَنْ؟» قَالَ: «لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» [ أخرجه مسلمٌ في «الإيمان» (٥٥) مِنْ حديثِ تميم بنِ أوسٍ الداريِّ رضي الله عنه.]

، قال الخطَّابيُّ ـ رحمه الله ـ: «وأمَّا النصيحة لرسوله صلَّى الله عليه وسلَّم فإنما هي في تصديـقه على الرسالة، وقَبولِ ما جاء به ودَعَا إليه، وطاعتِه فيما سنَّ وشَرَع، وبيَّن مِنْ أمرِ الدِّين وشَرَح، والانقيادِ له فيما أَمَر ونَهَى وحَكَم وأَمْضى، وتركِ التقديم بين يدَيْه، وإعظامِ حقِّه وتعزيره وتوقيره ومؤازَرتِه ونصرتِه، وإحياءِ طريقته في بَثِّ الدعوة وإشاعةِ السنَّة، ونفيِ التهمة في جميعِ ما قالَهُ ونَطَق به؛ فإنه لَكَمَا وَصَفه ربُّه وباعِثُه فقال: ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلۡهَوَىٰٓ ٣ إِنۡ هُوَ إِلَّا وَحۡيٞ يُوحَىٰ ٤﴾ [النجم]، وقال: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤۡمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيۡنَهُمۡ ثُمَّ لَا يَجِدُواْ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ حَرَجٗا مِّمَّا قَضَيۡتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسۡلِيمٗا ٦٥﴾ [النساء]»[«أعلام الحديث» للخطَّابي (١/ ١٩٢).] وأمَّا قولُه تعالى: ﴿وَتُسَبِّحُوهُ بُكۡرَةٗ وَأَصِيلًا ٩﴾ [الفتح]

 فإنَّ التسبيح مِنْ حقوق الله الخاصَّةِ به؛ فلا يجوز تسبيحُ الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم كما يُسبَّحُ اللهُ تعالى؛ فإنَّ ذلك يُعَدُّ ـ بلا شكٍّ ـ شركًا، بخلافِ الإيمان بالله ورسوله وطاعتِهما؛ فإنهما مِنَ الحقوق المشترَكةِ بين الله ورسوله؛ لقوله تعالى: ﴿لِّتُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [الفتح: ٩؛ المجادلة: ٤]، ولقوله تعالى: ﴿وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَۚ﴾ [المائدة: ٩٢؛ التغابن: ١٢]، والإيمانُ بالله والرسولِ وطاعتُه هو ـ في حقيقة الأمر ـ إيمانٌ بالله وطاعةٌ له؛ لقوله تعالى: ﴿مَّن يُطِعِ ٱلرَّسُولَ فَقَدۡ أَطَاعَ ٱللَّهَۖ﴾ [النساء: ٨٠]، «فذَكَر اللهُ ـ في هذه الآية ـ الحقَّ المشترَكَ بين الله وبين رسوله وهو: الإيمانُ بهـما، والمختصَّ بالرسول وهو: التعزيرُ والتوقير، والمختصَّ بالله وهو:التسبيحُ له والتقديسُ بصلاةٍ أو غيرِها»[تفسير السعدي (٩٣٤).]

لذلك يَحْرُمُ مجاوَزةُ الحدِّ المشروع في الأنبياء والرُّسُلِ عليهم السلام والغُلُوُّ فيهم؛ خشيةَ رفعِهم مِنْ درجة النبوَّةِ إلى حيِّزِ صفات الربوبية والألوهية: كنسبةِ عِلْمِ اللوح والقلم للرسول صلَّى الله عليه وسلَّم، أو اعتقـادِ القدرة فيه على كشفِ الضرِّ أو جلبِ النفع والخير، وما يَنجَرُّ عنه مِنْ دعائه والاستغاثةِ به فيما لا يقدر على تحصيله إلَّا اللهُ تعالى، والتوكُّلِ عليه، ونحوِ ذلك ممَّا يُنافي التوحيدَ؛ لكـونها مِنَ الحقوق الخاصَّةِ بالله عزَّ وجلَّ، سواءٌ وَقَع التداخلُ والخلطُ بين هذه الحقوقِ مِنْ غير تميُّزٍ بينها ـ جهلًا ـ أو بدعوَى مَزيدِ محبَّة النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم المُفْرِطة، علمًا أنَّ محبَّةَ الرسولِ الحقيقيةَ إنما هي متابَعتُه والمسارَعةُ في طاعته فيما يُحِبُّه اللهُ مِنَ الإيمان والعمل الصالح، ومِنْ دفعِ ما يبغضه مِنَ الكفر والفسوق والعصيان؛ فالمحبَّةُ لها علامتان: فهي لا تتمُّ إلَّا بتجريد المتابَعةِ لشرعِ الله الذي جاء به النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عن ربِّه أوَّلًا؛ لقوله تعالى: ﴿قُلۡ إِن كُنتُمۡ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي يُحۡبِبۡكُمُ ٱللَّهُ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ ٣١﴾ [آل عمران]،

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

 فهذه الحلقة الرابعة بعد المائة في موضوع(الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :*الحذرُ مِنْ خلطِ حقُّ الله,بما للرسول صلَّى الله عليه وسلَّم مِنْ حقٍّ

وممَّا جاء به صلَّى الله عليه وسلَّم عن ربِّه: إفرادُ الله بالعبادة بجميع أنواعها ومراتبها وصُوَرِها، مِنْ غيرِ صرفِ أيِّ شيءٍ منها لأحَدٍ كائنًا مَنْ كان، وهذا معنَى كلمةِ التوحيد، ولا تتمُّ محبَّةُ الله ـ ثانيًا ـ إلَّا بموالاته تعالى وموافَقته فيما يُحِبُّ ويكره؛ فيُحِبُّ العبدُ ما يُحِبُّه ربُّه ويبغض ما يبغضه؛ عملًا بقوله تعالى:﴿قُلۡ إِن كَانَ ءَابَآؤُكُمۡ وَأَبۡنَآؤُكُمۡ وَإِخۡوَٰنُكُمۡ وَأَزۡوَٰجُكُمۡ وَعَشِيرَتُكُمۡ وَأَمۡوَٰلٌ ٱقۡتَرَفۡتُمُوهَا وَتِجَٰرَةٞ تَخۡشَوۡنَ كَسَادَهَا وَمَسَٰكِنُ تَرۡضَوۡنَهَآ أَحَبَّ إِلَيۡكُم مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَجِهَادٖ فِي سَبِيلِهِۦ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّىٰ يَأۡتِيَ ٱللَّهُ بِأَمۡرِهِۦ﴾ [التوبة: ٢٤]، وبقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «[فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ]، لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ [وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ]»[ أخرجه البخاريُّ في «الإيمان» باب: حبُّ الرسولِ صلَّى الله عليه وسلَّم مِنَ الإيمان (١٤) مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه. وأخرجه البخاريُّ (١٥)، ومسلمٌ في «الإيمان» (٤٤)، مِنْ حديثِ أنس بنِ مالكٍ رضي الله عنه.]

ولتثبيتِ هذه الحقائـقِ والمعاني في نفـوس المسلمين وترسيخِها أفصح القرآنُ الكريم أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم بَشَرٌ يدعو إلى عبادة الله وَحْدَه لا شريكَ له وإلى إقامةِ دِينِه، مقيَّدًا بما جاء به مِنْ سنَّتِه، قال تعالى: ﴿قُلۡ إِنَّمَآ أَنَا۠ بَشَرٞ مِّثۡلُكُمۡ يُوحَىٰٓ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۖ فَمَن كَانَ يَرۡجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِۦ فَلۡيَعۡمَلۡ عَمَلٗا صَٰلِحٗا وَلَا يُشۡرِكۡ بِعِبَادَةِ رَبِّهِۦٓ أَحَدَۢا ١١٠﴾ [الكهف]، وقد بيَّن ابنُ القيِّم ـ رحمه الله ـ هذا المعنى ـ بجلاءٍ ـ بقوله: «والأعمال أربعةٌ: واحدٌ مقبولٌ وثلاثةٌ مردودةٌ؛ فالمقبولُ ما كان لله خالصًا وللسنَّة موافِقًا، والمردودُ ما فُقِدَ منه الوصفان أو أحَدُهما، وذلك أنَّ العمل المقبولَ هو ما أَحَبَّه اللهُ ورَضِيَه، وهو ـ سبحانه ـ إنما يُحِبُّ ما أَمَر به وما عُمِلَ لوجهِه، وما عَدَا ذلك مِنَ الأعمال فإنه لا يُحِبُّها، بل يمقتها ويمقت أهلَها»[«إعلام الموقِّعين» لابن القيِّم (٢/ ١٨١). ]، وفصَّل ابنُ رجبٍ ـ رحمه الله ـ مسألةَ العمل ـ مِنْ حيث ظاهِرُه وباطِنُه ـ بما نصُّه: «.. وإنما يتمُّ ذلك بأمرين: أحَدُهما: أَنْ يكون العملُ ـ في ظاهِرِه ـ على موافَقةِ السنَّة، وهذا هو الذي تَضمَّنَه حديثُ عائشة: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ»  [ أخرجه البخاري في «الصلح» (٢٦٩٧)، ومسلمٌ في «الأقضية» (١٧١٨)، مِنْ حديثِ عائشة رضي الله عنها.]  

والثاني: أَنْ يكون العملُ في باطِنِه يُقْصَدُ بـه وجهُ الله عزَّ وجلَّ،كما تَضمَّنَهُ حديثُ عمر(الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ) »  [ أخرجه البخاريُّ في «بدء الوحي» ومسلمٌ في «الإمارة» (١٩٠٧)، مِنْ حديثِ عمر بنِ الخطَّاب.]

، وقال الفُضَيْلُ في قوله تعالى: ﴿لِيَبۡلُوَكُمۡ أَيُّكُمۡ أَحۡسَنُ عَمَلٗاۗ﴾ [هود: ٧؛ المُلْك: ٢]، قال: «أَخْلصُه وأَصْوبُه»، وقال: «إنَّ العمل إذا كان خالصًا ولم يكن صوابًا لم يُقْبَلْ، وإذا كان صوابًا ولم يكن خالصًا لم يُقْبَلْ، حتَّى يكون خالصًا وصوابًا»، قال: «والخالصُ: إذا كان لله عزَّ وجلَّ، والصوابُ: إذا كان على السنَّة»» [«جامع العلوم والحِكَم» لابن رجب (١٠).]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

 فهذه الحلقة الخامسة بعد المائة في موضوع(الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :        *الحذرُ مِنْ خلطِ حقُّ الله,بما للرسول صلَّى الله عليه وسلَّم مِنْ حقٍّ

ولهذا كان الدعاءُ لجلبِ الخير والنفع أو لكشفِ الضرِّ

 أو دفعِ السوء والأذى إنما هو موجَّهٌ للمعبود الحقِّ دون غيره؛ لقوله تعالى: ﴿قُلِ ٱدۡعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُم مِّن دُونِهِۦ فَلَا يَمۡلِكُونَ كَشۡفَ ٱلضُّرِّ عَنكُمۡ وَلَا تَحۡوِيلًا ٥٦﴾ [الإسراء]، وقد فسَّر ابنُ باديسـ رحمه الله ـ هذه الآيةَ بقوله: «فمَنْ دَعَا غيرَ اللهِ فقَدْ عَبَده، ومَنْ دَعَا مخلوقًا مع الخالق فقَدْ أشرك، فإذا دَعَوْتَ فادْعُ ربَّك ولا تَدْعُ معه أحَدًا، وكيف تدعو مَنْ لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًّا؟! وإذا تَوسَّلْتَ فتَوَسَّلْ بأعمالك: بإيمانك وتوحيدك، وباتِّباعك لمحمَّدٍ صلَّى الله عليه وآلِه وسلَّم، ومحبَّتِك فيه، واعتقادِك ما له عند الله مِنْ عظيمِ المنزلة وسُمُوِّ المَقام عليه وعلى آله الصلاةُ والسلامُ ) [«مجالس التذكير مِنْ كلام الحكيم الخبير» لابن باديس (٤٦٨).]

 ولقوله تعالى: ﴿قُل لَّآ أَمۡلِكُ لِنَفۡسِي نَفۡعٗا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَآءَ ٱللَّهُۚ﴾ [يونس: ٤٩]، قال محمَّد صدِّيق حسن خان ـ رحمه الله ـ في حكم التوجُّه إلى الرسـول بالدعاء والاستغاثة به ما نصُّه: «وفي هذا أُعظمُ واعظٍ وأبلغُ زاجرٍ لمَنْ صار ديدنُه وهِجِّيراهُ المناداةَ لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم والاستغاثةَ به عند نزول النوازل التي لا يقدر على دفعِها إلَّا اللهُ سبحانه، وذلك مَنْ صار يطلب مِنَ الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم ما لا يقدر على تحصيله إلَّا اللهُ سبحانه؛ فإنَّ هذا مَقامُ ربِّ العالَمِين الذيخَلَق الأنبياءَ والصالحين وجميعَ المخلوقين: رَزَقهم وأحياهم ويُميتُهم؛ فكيف يطلب مِنْ نبيٍّ مِنَ الأنبياء أو مَلَكٍ مِنَ الملائكة أو صالحٍ مِنَ الصالحين ما هو عاجزٌ عنه غيرُ قادرٍعليه، ويترك الطلبَ لربِّ الأرباب، القادرِ على كُلِّ شيءٍ، الخالقِ الرازق المعطي المانع؟ وحَسْبُك ـ في هذه الآيـةِ ـ موعظةً! فإنَّ هذا سيِّدُ ولدِ آدَمَ وخاتمُ الرُّسُل يأمره اللهُ بأَنْ يقول لعباده: ﴿لَّآ أَمۡلِكُ لِنَفۡسِي نَفۡعٗا وَلَا ضَرًّا ﴾؛ فكيف يملكه لغيره؟ وكيف يملكه غيرُه ـ ممَّنْ رتبتُه دون رتبته، ومنزلتُه لا تبلغ إلى منزلته ـ لنفسه فضلًا عن أَنْ يملكه لغيره؟ فياعجبًا لقومٍ يعكفون على قبور الأموات الذين قد صاروا تحت أطباق الثرى، ويطلبون منهم مِنَ الحوائج ما لا يقدر عليه إلَّا اللهُ  عزَّ وجلَّ: كيف لا يتيقَّظون لِمَا وقعوا به مِنَ الشرك، ولا ينتبهون لِمَا حلَّ بهم مِنَ المخالفة لمعنى: «لا إلهَ إلَّا اللهُ» ومدلولِ: ﴿قُلۡ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ ١﴾ [الإخلاص]؟! وأعجبُ مِنْ هذا اطِّلاعُ أهلِ العلم على ما يقع مِنْ هؤلاء، ولا يُنْكِرون عليهم ولا يحولون بينهم وبين الرجوع إلى الجاهلية الأولى، بل إلى ما هو أشدُّ منها! فإنَّ أولئك يعترفون بأنَّ الله ـ سبحانه ـ هو الخالقُ الرازق المُحيي المُميتُ الضارُّ النافع، وإنما يجعلون أصنامَهم شُفَعاءَ لهم عند الله ومقرِّبين إليه، وهؤلاء يجعلون لهم قدرةً على الضرِّ والنفع، ويُنادونهم ـ تارةً ـ على الاستقلال وتارةً مع ذي الجلال، وكفاك مِنْ شرٍّ سماعُه! واللهُ ناصِرُ دِينِه ومُظهِرُ شريعته مِنْ أوضار الشرك وأدناسِ الكفر، ولقد تَوسَّلَ الشيطانُ ـ أخزاه اللهُ ـ بهذه الذريعةِ إلى ما تَقَرُّ به عينُه ويَنثلِجُ به صدرُه مِنْ كفرِ كثيرٍ مِنْ هذه الأمَّةِ المبارَكة وهُمْ يحسبون أنهم يُحْسِنون صنعًا، إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون»[ «فتح البيان» للقنوجي (٤/ ٢٢٥).]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

 فهذه الحلقة السادسة بعد المائة في موضوع(الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :        *الحذرُ مِنْ خلطِ حقُّ الله,بما للرسول صلَّى الله عليه وسلَّم مِنْ حقٍّ

 والقرآنُ الكريم تَضمَّنَ العديدَ مِنَ الآيات الناهية عن الدعاء بجلب الخير،والسؤالِ لكشفِ الضرِّ أو تحويلِه، إلَّا مِنَ الله تعالى الذي دَعَانا إلى طلبِه منه والتوجُّهِ إليه مباشَرةً دون واسطةٍ؛ قال تعالى: ﴿ٱدۡعُونِيٓ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ﴾ [غافر: ٦٠]، وقال تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌۖ أُجِيبُ دَعۡوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ﴾ [البقرة: ١٨٦].

وعليه، فلا وساطةَ للرُّسُل والأنبياء عليهم السلام في شيءٍ بين الله تعالى وعبادِه مِنْ طلبِ الحوائج مِنَ الله تعالى، وإنما وساطتُهم تتجلَّى في تبليغِ شرعِ الله ودِينِه لعباده.

وفي بيانِ هذه الوساطةِ وإثباتِها قال عبدُ العزيز المحمَّد السلمان ـ رحمه الله ـ ما يلي: «إنها على قسمين:

واسطةٌ مِنْ تمام الدِّينِ والإيمانِ إثباتُها:وهي أنَّ الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم وغيرَه مِنَ الرُّسُل وسائطُ بين الله وبين عباده في تبليغِ دِينِه وشرعِه.

ـ وواسطةٌ شركيةٌ: وهي التقرُّبُ إلى أحَدٍ مِنَ الخَلْق ليُقرِّبَه إلى الله، وليَجلِبَ له المنافعَ التي لا يقدر عليها إلَّا اللهُ، أو يدفع عنه المَضارَّ؛ فهذا النوعُ مِنَ الشرك الأكبر الذي لا يغفره اللهُ.

فالخَلْق مضطرُّون إلى وساطة الرُّسُل في تبليغِ الدِّين، وليس بهم حاجةٌ إلى وساطةِ أحَدٍ في طلبِ الحوائج مِنَ الله؛ فليس بين العبد وبين الله حجابٌ ولا واسطةٌ» [«الكواشف الجليَّة» للسلمان (٧٣).] ومنه يُعْلَمُ أنَّ الله تعالى لم يجعل وساطةَ الرُّسُل والأنبياء عليهم السلام ولا مكانتَهم وجاهَهم ـ فضلًا عن الصالحين ـ طريقًا للتقرُّب منه أو وسيلةً مُوصِلةً إليه ولا سببًا للزُّلفى لدَيْهِ، وإنما جَعَل القُرْبَ منه والوسيلةَ إليه في تصديقهم فيما أخبروا به، واتِّباعِ النور الذي جاءوا به مِنْ عبادته وطاعتِه وامتثالِ أوامره ونواهيه، والْتزامِ مَحَابِّه واجتنابِ مَكارهِه، والعملِ على تقريرِ شرعِه

ونَشْرِه وتثبيتِه وإقامتِه بين الخَلْق.

ولا يخفى أنَّ الأنبياء والرُّسُلَ عليهم السلام لم يَدَّعوا أنَّ بأيديهم مَفاتيحَ رِزْقِ اللهِ ورحمتِه، ولا أنهم يملكون التصرُّفَ في خزائن الله، ولا أنهم يعلمون الغيبَ، ولا أنهم ملائكةٌ، وإنما هُمْ بشرٌ ممَّنْ خَلَقَ، يُوحَى إليهم مِنَ الله تعالى، شرَّفَهم اللهُ بالوحي الذي يتَّبِعونه ولا يخرجون عنه،وأَنْعَمَ عليهم بالمَكارم والفضائل والكمالات ، وعَصَمَهم مِنَ الرذائل والنقائص والمَعايب، وأَكْرَمهم بالرسالة أو النبوَّة لهداية الخَلْق إلى الحقِّ وإقامةِ الحجَّة عليهم، وأيَّدهم بالآيات البيِّنات والمُعْجِزات الباهرات وخوارقِ العادات الدالَّةِ على صِدْقِهم؛ حتَّى لا يبقى عذرٌ لأحَدٍ في تكذيبهم والخروجِ عن طاعتِهم؛ وليس للرُّسُل والأنبياء عليهم السلام أيُّ تصرُّفٍ مع الله في الكون؛ لذلك «كانوا إذا سُئِلوا الآياتِ المعجزاتِ الخارقةَ للعادة؛ رَدُّوا الأمرَ إلى الله، ونَفَوْا أَنْ تكون لهم قدرةٌ على الإتيان بها إلَّا بإذن الله، كما قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لَنَآ أَن نَّأۡتِيَكُم بِسُلۡطَٰنٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ﴾ [إبراهيم: ١١]؛ فيُظْهِرُ اللهُ ـ على أيديهم ـ الآياتِ تأييدًا لهم وتخويفًا لأقوامهم وقطعًا لمُشاغَبتهم؛ فيخضع لها بعضُهم ويَستمِرُّ الأكثرون على العناد؛ فما مِنْ نبيٍّ مِنَ الأنبياء إلَّا وقد أعطاهُ اللهُ مِنَ الآيات والمعجزاتِ ما مِثْلُه ـ في وضوحه وظهوره والعجزِ عن مُعارَضته ـ ما يُؤْمِنُ عليه العبادُ ويتَّفِقون عليه لولا ما يَصُدُّهم عنه مِنَ العناد، وهو معنَى قولِه صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «مَا مِنَ الأَنْبِيَـاءِ نَبِيٌّ إِلَّا أُعْطِيَ مِنَ الآيَـاتِ مَا مِثْلُهُ آمَنَ عَلَيْهِ البَشَرُ»[أخرجه البخاريُّ في «فضائـل القرآن» (٤٩٨١)ومسلمٌ في «الإيمان» (١٥٢) ]، مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه.،»[«مجالس التذكير مِنْ حديثِ البشير النذير» لابن باديس (٣٣ ـ ٣٤).] ؛

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

 فهذه الحلقة السابعة بعد المائة في موضوع(الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :        *الحذرُ مِنْ خلطِ حقُّ الله,بما للرسول صلَّى الله عليه وسلَّم مِنْ حقٍّ

ولهذا أَمَرَ اللهُ تعالى نبيَّه أَنْ يَبْرَأَ مِنْ دعوَى هذه المَحاوِرِ الثلاثة مِنَ العلم والقدرة والغنى، التي ترجع إليها المُعْجِزاتُ، بقوله تعالى: ﴿قُل لَّآ أَقُولُ لَكُمۡ عِندِي خَزَآئِنُ ٱللَّهِ وَلَآ أَعۡلَمُ ٱلۡغَيۡبَ وَلَآ أَقُولُ لَكُمۡ إِنِّي مَلَكٌۖ إِنۡ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰٓ إِلَيَّۚ﴾ [الأنعام: ٥٠]، قال ابنُ تيمية ـ رحمه الله ـ ما نصُّه: «فأَمَرَهُ أَنْ يخبر أنه لا يعلم الغيبَ، ولا يملك خزائنَ الله، ولا هو مَلَكٌ غنيٌّ عن الأكل والمال، إِنْ هو إلَّا مُتَّبِعٌ لِمَا أُوحِيَ إليه، واتِّباعُ ما أُوحِيَ إليه هو الدِّينُ، وهو طاعةُ اللهِ وعبادتُه علمًا وعملًا بالباطن والظاهر، وإنما يَنالُ مِنْ تلك الثلاثةِ بقَدْرِ ما يعطيه اللهُ تعالى: فيعلم منه ما علَّمَه إيَّاهُ، ويقدر منه على ما أَقْدَرهُ اللهُ عليه، ويستغني عمَّا أغناهُ اللهُ عنه مِنَ الأمور المُخالِفةِ للعادة المطَّرِدةِ أو لعادةِ غالبِ الناس»[«مجموع الفتاوى» لابن تيمية (١١/ ٣١٣)، وانظر: «شرح العقيدة الطحاوية» لابن أبي العزِّ (٥٥٨).]

ومِنْ هنا يظهر ـ جليًّا ـ أنَّ حياةَ أنبياءِ اللهِ ورُسُله ـ صلواتُ الله وسلامُه عليهم ـ لم تكن مبنيَّةً على تغييب حقيقتهم البشرية، أو رفعِ أنفسهم إلى مَقامِ الربوبية، أو ادِّعاءِ خصائص الألـوهية، أو إرادةِ تلبيسٍ بين حـقِّ الله الخالص وحقِّ أنبيائه الكرام عليهم السلام، كلَّا، إنما كانَتْ حياتُهم مليئةً بالصِّلَة بالله، وعامرةً بالعلم النافع، والعملِ الصالح، والقوَّةِ في العبادة، والمسارَعةِ في الخيرات، والبصيرةِ النافذة في الدِّين؛ حتَّى بلغوا الغايةَ في العبودية والسُّمُوِّ الروحيِّ، يَهْدُون الناسَ إلى الله، ويبلِّغون دِينَه وشَرْعَه، ويَدْعُون إلى الهدى ودِينِ الحقِّ، ويتنافسون في القُرْبِ مِنْ ربِّهم، ويبذلون ما في وُسْعِهم مِنَ الأعمـال الصالحة المقرِّبةِ إلى الله بجدٍّ واجتهادٍ، يَرْجُون ـ بأعمالهم الصالحة ومحبَّتِهم الصادقة ـ رحمتَه، ويخافون ـ بمُخالَفتهم لأمرِه ـ عذابَه، ويخشَـوْن ـ بقصورهم عن أداءِ حقِّه ـ عقوبتَه وانتقامه؛ لعلمِهم بقوَّة الله وعظيمِ سلطانه، وأنَّ عذابه أليمٌ شديدٌ، شأنُه أَنْ يُتَّقَى ويُحْذَرَ، قال الله تعالى عن أهل اصطفائه واجتبائه: ﴿أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ يَبۡتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلۡوَسِيلَةَ أَيُّهُمۡ أَقۡرَبُ وَيَرۡجُونَ رَحۡمَتَهُۥ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُۥٓۚ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحۡذُورٗا ٥٧﴾ [الإسراء]، وقال تعالى: ﴿وَجَعَلۡنَٰهُمۡ أَئِمَّةٗ يَهۡدُونَ بِأَمۡرِنَا وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡهِمۡ فِعۡلَ ٱلۡخَيۡرَٰتِ وَإِقَامَ ٱلصَّلَوٰةِ وَإِيتَآءَ ٱلزَّكَوٰةِۖ وَكَانُواْ لَنَا عَٰبِدِينَ ٧٣﴾ [الأنبيـاء]، وقال تعالى: ﴿إِنَّهُمۡ كَانُواْ يُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِ وَيَدۡعُونَنَا رَغَبٗا وَرَهَبٗاۖ وَكَانُواْ لَنَا خَٰشِعِينَ ٩٠﴾ [الأنبياء].فتلك هي العبوديةُ الحقَّةُ التي كان الرُّسُلُ والأنبياء عليهم السلام عليها، والمعلومُ أنَّ العبد كلَّما ازداد في تحقيق العبودية الخالصةِ ازداد كمالُه وسَمَتْ روحُه وعَلَتْ درجتُه، وكلَّما نَقَصَتْ عبوديتُه ازداد بُعْدًا وهبوطًا وانحدارًا، والرُّسُلُ والأنبياء عليهم السلام ـ وإِنْ تَفاوَتوا في الفضل والدرجة ـ إلَّا أنهم كانوا يَتنافَسون في القُرْب مِنْ ربِّهم، ويَتسابَقون في تحقيق العبودية، ويُسارِعون في الخيرات كما تَقدَّمَتْ به الآياتُ؛ ولهذا وَصَفهم اللهُ تعالى فيكتابه بوصف العبودية التي أساسُها المحبَّةُ والخوفُ والرجاء؛ فقـال تعالى: ﴿وَٱذۡكُرۡ عِبَٰدَنَآ إِبۡرَٰهِيمَ وَإِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَ أُوْلِي ٱلۡأَيۡدِي وَٱلۡأَبۡصَٰرِ ٤٥ إِنَّآ أَخۡلَصۡنَٰهُم بِخَالِصَةٖ ذِكۡرَى ٱلدَّارِ ٤٦ وَإِنَّهُمۡ عِندَنَا لَمِنَ ٱلۡمُصۡطَفَيۡنَ ٱلۡأَخۡيَارِ ٤٧﴾ [ص]، وقال: ﴿وَٱذۡكُرۡ عَبۡدَنَآ أَيُّوبَ ﴾ [ص: ٤١]، وذَكَر نبيَّنا محمَّدًا صلَّى الله عليه وسلَّم بوصف العبودية في أَسْمَى أحوالِه وأشرفِ مَقاماته: كالإسراء في قوله تعالى: ﴿سُبۡحَٰنَ ٱلَّذِيٓ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَيۡلٗا مِّنَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ إِلَى ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡأَقۡصَا ﴾ [الإسراء: ١]، وفي مَقامِ الإيحاء والتحدِّي بالذي أُنْزِلَ عليه، كما في قوله تعالى: ﴿فَأَوۡحَىٰٓ إِلَىٰ عَبۡدِهِۦ مَآ أَوۡحَىٰ ١٠﴾ [النجم]، وقولِه تعالى: ﴿وَإِن كُنتُمۡ فِي رَيۡبٖ مِّمَّا نَزَّلۡنَا عَلَىٰ عَبۡدِنَا ﴾ [البقرة: ٢٣]، وفي مَقامِ القيام بالدعوة كما في قوله تعالى: ﴿وَأَنَّهُۥ لَمَّا قَامَ عَبۡدُ ٱللَّهِ يَدۡعُوهُ ﴾ [الجن: ١٩]، وغيرها مِنَ الآيات المخبرة عن فضائلِ عبادِه المُرْسَلين. [الأنترنت – موقع الشيخ فركوس- حقُّ الله الخالص ، والحذرُ مِنْ خلطِ حقِّه بما للرسول صلَّى الله عليه وسلَّم مِنْ حقٍّ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

 فهذه الحلقة الثامنة بعد المائة في موضوع(الحق) وهي بعنوان :  *"وجاهدوا في الله حق جهاده"

ذكر الإمام الطبري  في تفسيره قوله تعالى:

{وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ۚ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ }

واختلف أهل التأويل في تأويل قوله ( وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ) فقال بعضهم:

معناه. وجاهدوا المشركين في سبيل الله حق جهاده.

* ذكر ذلك: عبد الله بن عباس, في قوله ( وَجَاهِدُوا

 فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ) كما جاهدتم أوّل مرّة،

فقال عمر من أمر بالجهاد، قال: قبيلتان من قريش مخزوم وعبد شمس، فقال عمر، صدقت.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: لا تخافوا في الله لومة لائم، قالوا: وذلك هو حقّ الجهاد.

* ذكر ذلك:ابن عباس, في قوله( وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ) لا تخافوا في الله لومة لائم.

وقال آخرون:معنى ذلك:اعملوا بالحقّ،حقّ عمله،وهذا قول ذكره عن الضحاك بعض من في روايته نظر.

والصواب من القول في ذلك، قول من قال: عُني به الجهاد في سبيل الله، لأن المعروف من الجهاد ذلك, وهوالأغلب على قول القائل: جاهدت في الله، وحقّ الجهاد: هو استفراغ الطاقة فيه.

قوله (هُوَ اجْتَباكُمْ) يقول: هو اختاركم لدينه, واصطفاكم لحرب أعدائه والجهاد في سبيله.

ما الذي يعنيه الإمام  هنا؟ هل هو يميل إلى الذين قالوا أن الجهاد هنا هو مقاتلة المشركين أم ماذا؟

 ما ذكر هو المراد من كلام إمام المفسرين أبي جعفر الطبري،فقد حمل الجهاد في الآية على مجاهدة الكفار.

ولعل ما يدل على هذا الاختيار وأنه هو مقصود كلامه  تعالى أمورا ثلاثا:

1- أنه جعل تفسير الجهاد في الآية بجهاد الكفار في مقدمة الأقوال التي نقلها عن السلف.

2- أنه صرح بذلك بل اعتبره هو المعهود من كلام العرب الذين نزل القرآن الكريم بلغتهم.

3- تفسيره لقوله تعالى:"هو اجتباكم" بما يؤيد القول الذي اختاره.

مع أنه لا مانع من حمل الجهاد على كل تلك الأقوال إذ لا تعارض بينها، ومعلوم أن من قواعد التفسير:حمل الآية على أكثر من معنى إذا لم يكن بين المعاني أي تعارض أو تضاد، لأن في هذا تكثير للمعاني وإثراءها.

يقول شيخ الاسلام ابن تيمية  في فتاويه (ينظر في كل آية وحديث بخصوصه وسياقه، وما يبين معناه من القرائن والدلالات، فهذا أصل عظيم مهم نافع، في باب فهم الكتاب والسنة، والاستدلال بهما مطلقاً، ونافع في معرفة الاستدلال والاعتراض والجواب، وطرد الدليل ونقضه.. وفي سائر أدلة الخلق).

و قال مسلم بن يسار (إذا حدّثت عن الله حديثاً فقف! حتى تنظر ما قبله وما بعده) ، ويقول ابن عبدالسلام في بيان أدلة الأحكام (السياق مرشد إلى تبيين المجملات،وترجيح المحتملات، وتقرير الواضحات ، وكل ذلك بعرف الاستعمال، فكل صفة وقعت في سياق المدح كانت مدحاً، وكل صفة وقعت في سياق الذم كانت ذماً).

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

 فهذه الحلقة التاسعة بعد المائة في موضوع(الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :  *"وجاهدوا في الله حق جهاده"

فلو نظرنا في هذه الآية في سياقها لربما كانت نتيجة نظرنا مختلفة عما رجحه الطبري ، وقد نكون على خطأ ولكن بالنظر في السياق هل يسوقنا لفهم الجهاد بأنه القتال ؟؟ أو جهاد الكفار ؟؟ أم يقودنا لفهمه على أساس السياق بأنه جهاد النفس لإتيان الطاعات والعبادات وترك المنهيات ؟؟

ألا يمكن أن يكون الوجه الأقرب للجهاد - في هذا الموضع فحسب- يشير إلى ما أشار إليه السياق ؟؟ ، فلنستعرض السياق :

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77) وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78) الحج

فعلى الأقل هناك وجه بيّن نستدل منه على أن المراد بالجهاد هنا هوإفراغ الجهد في نهي النفس عن الركون للراحة استثقالا للطاعة،وإتيان المعصية انجذاباً للشهوة ، فلزم المؤمن أن يجهد في نهي نفسه وحثها على فعل الخير والعمل الصالح.

والقتال هو بلا شك من الجهاد ولكنه ليس من الأعمال اليومية كالعبادات التي يتوقف عليها إسلام

المرء واحتسابه في المسلمين والتي يجد فيها الشيطان

 محلاً للغواية والوسوسة مما يؤدي بالعبد الضعيف أمام شهوته أن يترك العبادة ويجترح المعصية.

فالآية  تشتمل على الأمر بالصلاة ( ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا) وفعل الخيرات مظنة الفلاح (وَافْعَلُوا الْخَيْر) ثم يبين تعالى في الآية التالية بأن تلك الأفعال تستلزم مجاهدة النفس لإتيانها والحرص على متابعة العمل بها وأن يستحضر المؤمن بأن الله اختاره ضمن من اجتباهم لحمل هذا الدين وفعل أوامره (هُوَ اجْتَبَاكُمْ) وانه تعالى لم يضيق عليكم تلك العبادات ويجعلها عبئا ثقيلا محرجاً للمؤمنين تشعرهم بالحسرة والثقل (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) فقامت العبادات على التيسير وقام حق الله على المسامحة فجهاد النفس في هذا الموضع غير مكلف لها بما يفوق طاقتها ، ولذلك وتعقيباً بالفاء (فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّه). ومن ذلك كله نستنتج تعريفا للجهاد بأنواعه المختلفة فنقول أن الجهاد هو : اقتحام موانع طاعة الله ومقاومة الدوافع لمعصية الله ومخالفة أمره والله تعالى أعلم وصل اللهم على محمد.[الأنترنت – موقع ملتقى أهل التفسير[ رأي الإمام الطبري في تفسير قوله تعالى"وجاهدوا في الله حق جهاده" - ماهر غزالي] [الأنترنت – موقع تفسيرالطبري]إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة العاشرة بعد المائة في موضوع(الحق)

وهي بعنوان :  *الْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ

قال تعالى : {الْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ ۚ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }القول في تأويل هذه الآية :

قال أبو جعفر: " الوزن " مصدر من قول القائل: " وزنت كذا وكذا أزِنه وَزْنًا وزِنَةً", مثل: " وَعدته أعده وعدًا وعدة ". وهو مرفوع بـ" الحق ", و " الحق " به[انظر معاني القرآن للفراء 1: 373 ]

ومعنى الكلام: والوزن يوم نسأل الذين أرسل إليهم والمرسلين, الحق ، ويعني بـالحق : العدلَ.

وكان مجاهد يقول: الوزن، في هذا الموضع، القضاء.

وعن مجاهد: (والوزن يومئذ الحق)، قال: العدل.

وقال آخرون: معنى قوله: (والوزن يومئذ الحق)، وزن الأعمال.

عن السدي,قوله:(والوزن يومئذ الحق)توزن الأعمال.

وعن مجاهد في قول الله: (والوزن يومئذ الحق)، قال: قال عبيد بن عمير: يؤتى بالرجل العظيم الطويل الأكول الشَّروب, فلا يزن جناح بَعُوضة.

وعن حذيفة قال: صاحب الموازين يوم القيامة جبريل عليه السلام، قال: يا جبريل، زِن بينهم! فردَّ من بعضٍ على بعض. قال: وليس ثمَّ ذهبٌ ولا فضة. قال: فإن كان للظالم حسنات، أخذ من حسناته فترد على المظلوم, وإن لم يكن له حسنات حُمِّل عليه من سيئات صاحبه ، فيرجع الرجل عليه مثل الجبال, فذلك قوله: (والوزن يومئذ الحق). [الأثر : 14333 - (( الحارث ))

*الحقوق المتعلقة بالميت

إن كثيراً من الأولياء والورثة إذا نزل قضاء الله بميتهم احتاروا وترددوا، وبعضهم لا يعلم ماذا يفعل في مثل هذه الأحوال، ويتسبب الجهل، والذهول بالمصيبة التي وقعت بأخطاء كثيرة، فلا بد للميت من حق يقام به نحوه، ما هي حقوق الميت على ورثته وأوليائه؟ وكل منا سيقف ذلك الموقف ما شاء الله.

إذا نزل قضاء الله، فإنه لا بد من صيانة الميت، وجاءت الشريعة بإغماض عينيه، وتغطية جميع

جسده، ثم المبادرة إلى تغسيله، وتكفينه، والصلاة عليه، ودفنه، وهذه من الحقوق التي لا بد منها، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالإسراع بالجنازة، وأولى الناس بغسل الميت وصيه الذي أوصى له الميت، فقد يوصي ألا يغسله إلا فلان فيقوم عليه، ثم أولياؤه لأنهم أشد شفقة وأعلم بالميت، ثم الأقرب فالأقرب، وإذا جعلوا ذلك إلى من يعمل في مغسلة الأموات فلا حرج.

ثم يجب تكفينه،وقيمة الكفن من ماله هذا هو الأصل

، كما قال عليه الصلاة والسلام في الذي مات محرماً: (كفنوه في ثوبيه)،ويقدم تكفينه على الدين، والوصية، والإرث، فهذا أول حق مالي للميت ما يتعلق بتجهيزه من أجرة غاسل، وثمن كفن، وأجرة حفار، ونحو ذلك، وإن تبرع بها من تبرع من المسلمين فلهم الأجر والثواب من الله تعالى.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

 فهذه الحلقة الحادية عشرة بعد المائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *الحقوق المتعلقة بالميت

وكذلك فإن أي وصية فيها حرام، أو بدعة فيما يتعلق بهذا الأمر فيجب على الأولياء والورثة إيقافها، وعدم تنفيذها، كما لو أوصى بأن يدفن في مسجد، أو داخل بيت، أو أن يبنى عليه قبة، أو ضريح ونحو ذلك، فكله حرام لا يجوز تنفيذه.

فإن أوصى بكفن معين معتاد فعلى الورثة تنفيذ الوصية، كما صنع سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه حين أوصى أن يكفن في جبة صوف كان لقي المشركين فيها يوم بدر فكفن فيها.

والصلاة على الميت فرض على الكفاية، يتقدم أقرباؤه للصلاة عليه، فإن أراد ابنه أن يؤم الناس فله ذلك إذا كان يحسن صلاة الجنازة، فأولياؤه أشفق عليه، وأجدر بالإخلاص في الدعاء له.

ثم يحمل، ويدفن، ويتولى إدخاله في قبره الوصي الذي أوصى له بذلك، ثم أقاربه، وإن تخلو عن هذا لمن شاء من المسلمين أن يدليه في قبره فله الأجر والثواب.

ويكره لأهل الميت أن يصنعوا الطعام للناس، وهذه كراهة تحريمية، فجمع الناس على العزاء، وصنع الطعام نياحة وإثم، لما جاء عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: "كنا نعد صنع الطعام والاجتماع لأهل الميت من النياحة"رواه أبو داود وهو حديث صحيح، فلا يجوز إذاً جمع الناس في العزاء على الطعام، فعامة الناس لا يجمعون على الطعام في العزاء وليست هذه مناسبة طعام أصلاً، ومن البدع التي دخلت على الناس عامتهم وخاصتهم هذه القضية، وإنما الطعام يصنع لأهل الميت، ولا بأس أن يطعم معهم من نزل عليهم ضيفاً من أقربائهم الذين جاءوا من الأماكن المختلفة يشاطرونهم المصيبة، فلا بأس أن يطعموا معهم؛ لأن هذا طعام ضيف وليس بطعام عزاء، أما جمع عامة الناس على طعام العزاء فهو من النياحة وهو بدعة محرمة، ولما أوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بخبر مقتل جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه قام فقال: (اصنعوا لأهل جعفر طعاماً فإنه قد جاءهم ما يشغلهم)حديث صحيح.

ويجوز للمصاب بالميت أن يحد عليه، وهذا مراعاة لحزن النفس البشرية إلى ثلاثة أيام فقط لا يزيد إلا الزوجة على زوجها فإنها يجب أن تقوم بالحداد عليه من ترك زينة، وحلي، وكحل، وطيب، وملابس جميلة.. إلى آخر أحكام الحداد أربعة أشهر وعشرة أيام، وأما الندب والنياحة فحرام.

ويجب على أوليائه وورثته القيام بحقوق الله وحقوق الآدميين، ومن نعمة الله على الإنسان ورحمته أن هيأ له ما ينتفع به بعد موته، فإذا مات ابن آدم انقطع عمله وكف سعيه إلا ما كان من بر يصله وارثه به، وعلى الأقربين والوارثين أن يوافوا ميتهم بما ينفعه من الصالحات من العبادات، والطاعات، والسعي في نفعه، وذلك بوفاء حقوق الله، وحقوق العباد، والإحسان إلى الميت بالدعاء.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

 فهذه الحلقة الثانية عشرة بعد المائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *الحقوق والواجبات المتعلقة بالميت وورثته    واجبات الورثة تجاه ميتهم                                   وكما أعطى الله الورثة حقهم من التركة فقد أوجب عليهم واجبات

تجاه ميتهم: فأول ما يجب عليهم إحسان كفنه، وتولي أمره، وعدم تأخير الدفن، وكذلك إذا أوصى أن يسافر به إلى بلد وفي المكان الذي مات فيه مقبرة للمسلمين يدفن في مكانه الذي مات فيه، هذه هي السنة، ولا ينقل إلا لحاجة كأن لا يكون في المكان الذي مات فيه مقبرة للمسلمين.

وأيضاً فإن حقوق الله عز وجل يجب البدء بها من زكاة لم يؤدها الميت، فإنهم يخرجونها من تركته.

وكذلك إذا مات وعليه نذر صيام صاموا عنه، والراجح أيضاً ما تركه من قضاء رمضان وهو يقدر عليه، وقد جاء رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم شهر أفأقضيه عنها؟ قال: (نعم دين الله أحق أن يقضى)رواه البخاري ومسلم، وقالت عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:(من مات وعليه صيام صام عنه وليه

وكذلك من مات ولم يحج حج عنه أولياؤه، كما قال عليه الصلاة والسلام لرجل أتاه يقول: إن أبي مات ولم يحج أفأحج عنه؟ قال: (أرأيت لو كان على أبيك دين أكنت قاضيه؟) قال: نعم، قال: (فدين الله أحق) [رواه النسائي وهو حديث صحيح]، وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أمي نذرت أن تحج فماتت قبل أن تحج أفأحج عنها؟ قال: (نعم حجي عنها أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟) قال: نعم، فقال: (اقضوا الله الذي له فإن الله أحق بالوفاء)رواه البخاري، ومن كرم الله وجوده أن جعل حج الورثة عن الميت كحجه عن نفسه، ولا بأس أن يحجوا عنه نافلة، أو يعتمروا نافلة، إذا حجوا عن أنفسهم واعتمروا.

ومن مات وعليه نذر، أو كفارة يمين، أو نحو ذلك من الكفارات فإن من الإحسان إلى الميت أن يقوم ورثته بقضاء ذلك، فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن العاص بن وائل، وكان من كفار الجاهلية نذر في الجاهلية أن ينحر مائة بدنة فلم يف بنذره، فنحر ابنه هشام بن العاص حصته خمسين بدنة، وأما ابنه الآخر وهو عمرو فقد سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال له عليه الصلاة والسلام: (أما أبوك فلو كان أقر بالتوحيد فصمت وتصدقت عنه نفعه ذلك) [رواه أحمد وهو حديث صحيح]، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الأب ينتفع بقضاء ولده للنذر عنه إذا كان الأب قد مات على التوحيد، أما من يموت على الكفر والشرك فلا ينتفع بصيام عنه، ولا بقضاء نذر، ولا كفارة، ولا حج، بل لا يجوز الدعاء له بالمغفرة والرحمة إذا علم أنه مات على الكفر والشرك؛ ولذلك فإن التوحيد أساس الأعمال يا عباد الله.

وعلى الورثة أن ينظروا بعد ذلك هل على مورثهم شيء من حقوق العباد من ديون مثلاً، فيحرم عليهم تأخير ما استحق أداؤه؛ لأن مطل الغني ظلم وحرام، وليعلموا أن ميتهم مرهون بدينه حتى لو مات شهيداً، فقد قال عليه الصلاة والسلام: (يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين)رواه مسلم.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة الثالثة عشرة بعد المائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

*الحقوق والواجبات المتعلقة بالميت وورثته   

وكان عليه الصلاة والسلام يؤتى بالرجل المتوفى ؛ عليه الدين فيسأل: (هل ترك لدينه فضلاً) فإن حدث أنه ترك لدينه وفاء صلى وإلا قال للمسلمين: (صلوا على صاحبكم)[رواه البخاري في صحيحه]، ومن هنا يتعين المبادرة إلى قضاء ديون المتوفى تفريجاً عنه وتخفيفاً. قال جابر رضي الله عنه: توفي والدي وعليه دين فاستعنت النبي صلى الله عليه وسلم على غرمائه، يعني: على غرماء أبيه من اليهود كي يضعوا عنه شيئاً من دينه، فطلب النبي صلى الله عليه وسلم إليهم فلم يفعلوا، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: (اذهب فصنف تمرك أصنافاً ثم أرسل إلي) ففعلت ثم أرسلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فجاء فجلس على أعلاه ثم قال: (كل بالمكيال للقوم فكلت لهم حتى أوفيتهم الذي لهم وبقي تمري كأنه لم ينقص منه شيء.رواه البخاري.

 العجلة من الشيطان إلا في خمس: التوبة من الذنب إذا أذنب، وإطعام الطعام إذا حضر الضيف، وتجهيز الميت إذا مات، وتزويج البكر إذا أدركت، وقضاء الدين إذا وجب

، وقد أوصى الزبير ابنه عبد الله بذلك فكان عبد الله حريصاً، فقال لما وقف الزبير يوم الجمل:     دعاني فقمت إلى جنبه -يعني: أباه- فقال: يا بني إنه لا يقتل اليوم إلا ظالم أو مظلوم، وإني لا أراني إلا سأقتل اليوم مظلوماً، وإن من أكبر همي لديني أفترى يبقي ديننا من مالنا شيئاً؟ ثم قال: يا بني بع مالنا فاقض ديني وأوصى بالثلث.. " الحديث وفيه: "وله يومئذ تسعة بنين وتسع بنات، قال عبد الله بن الزبير: فجعل يوصيني بدينه ويقول: يا بني إن عجزت عنه في شيء فاستعن عليه بمولاي، قال: فوالله ما دريت ما أراد حتى قلت: يا أبت من مولاك؟ قال: الله، فقال الزبير رضي الله عنه: الله، ثم قتل فقال عبد الله: فوالله ما وقعت في كربة من دينه إلا قلت: يا مولى الزبير اقض عنه دينه فيقضيه " رواه البخاري، فتتيسر الأمور، فلما فرغ ابن الزبير من قضاء دينه قال بنو الزبير ثمانية عشر نفساً والزوجات: اقسم بيننا ميراثنا، قال: لا والله لا أقسم بينكم حتى أنادي بالموسم الحج أربع سنين: ألا من كان له على الزبير دين فليأتنا فلنقضه، قال: فجعل كل سنة ينادي بالموسم، فلما مضى أربع سنين قسم بينهم " .

ولو مات المورث وكان قد أكل مالاً بالباطل، أو ظلم عمالاً، أو غصب شيئاً، أو أخذ مال شريكه بغير حق، فهذا كسب حرام، على الورثة أن يأخذوا فيه بالحزم والورع، وأن يردوا الحقوق إلى أصحابها قبل أن يأخذوا شيئاً من التركة، فإن لم يعرفوا  أصحابها وعرفوا عين المال المحرم تصدقوا به على نية صاحبه.

ولو مات المورث وكان في ماله شيء من حق أخواته اللاتي حرمهن من ميراث أبيهن مثلاً، فيجب إعطاؤه على الورثة إعطاؤه للعمات.

وهكذا تقضى كل الحقوق السابقة والمتعلقات وتصفى أسهم مساهمات عقارية أشياء معلقة، وبعض

الناس عندهم شيء من العاطفة في أول الأمر عند المصيبة فإذا مضى الوقت تنكروا وصاروا لا يعرفون حقوقاً ولا يعطون لأهلها شيئاً.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة الرابعة عشرة بعد المائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

*الحقوق والواجبات المتعلقة بالميت وورثته   

ولو قسم هذا الإنسان تركته قبل موته وأعطى الأبناء دون البنات فهو ظالم متعد، لو فضل بعض أولاده على بعض فإذا مات فعلى الأولاد الذين أخذوا أن يسترضوا الأولاد الذين لم يأخذوا.

وأما الميراث فلا يجوز التلاعب به أبداً: تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي  مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ*

وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ [سورة النساء13-14] ذكرها بعد قسمة المواريث بعد الأنصبة.

فلا يحل للورثة أن يمنعوا النساء مثلاً حتى لا يجمعوا بين الظلم وأكل السحت، ومن العجب أن بعض الناس إذا صار مقبلاً على الآخرة مفارقاً للدنيا يجور في وصيته، قال ابن القيم رحمه الله: من أحدث قبل السلام بطل ما مضى من صلاته، ومن أفطر قبل غروب الشمس ذهب صيامه ضائعاً، ومن أساء في آخر عمره لقي ربه بذلك الوجه، قال يحيى بن معاذ رحمه الله: مصيبتان لم يسمع الأولون والآخرون بمثلهما للعبد في ماله عند موته، قيل: وما هما؟ قال: يؤخذ منه كله ويسأل عنه كله.

كما ينبغي للورثة أن يتحللوا ممن كان مورثهم قد أساء إليه بسب، أو شتم، أو غيبة، ونحو ذلك؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها فإنه ليس ثم دينار ولا درهم من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه)  [رواه البخاري]، حتى المعاصي في العرض، حتى الاعتداء بالقول، حتى الاستهزاء والسخرية؛ ولذلك يتعلق الورثة والأولياء بالمظلوم ليقولوا له:

  سامح صاحبنا.

إن ما أوصى به الميت مهم جداً، وقد يوصي ببناته أن يزوجهن أحد الورثة أوالأولياء،وقديوصي أولاده

بعدم النياحة فتزداد تحريماً، ويوصيهم بعدم التفرق بعده فيزداد التفرق بين الأشقاء تحريماً، وتزداد قطيعة الرحم تحريماً.

يجب المبادرة إلى تنفيذ وصية المورث؛ لأن الله قال: مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍسورة النساء11فإذا كان في الوصية مصلحة بينة ولم تشتمل على محرم اتقوا الله فيها ونفذوها كما حددها دون تجاوز، وهم مؤتمنون عليها، لا يصرفوا منها شيئاً بغير حق، ولا يضعوا في غير ما أوصى به الميت، ولا يخالفوا ما ذهب إليه في وصيته، ولا يفوتوا غرضه الذي أراده، وللأسف فإن كثيراً من الوصايا تتعرض للإهمال والضياع بعد موت الموصي، فإن لم ينفذوا وصيته، أو أساءوا، فالوزر عليهم، قال الله تعالى: فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌسورة البقرة181ويحرم عليهم كتمان الوصية الشرعية الصادرة عن ميتهم، قال الله تعالى: وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌسورة البقرة283أظهروها لا تخفوها لأن إخفاءها من أعظم الذنوب؛ لأنه يترتب عليه فوات الحقوق: (ومن يكتمها فإنه آثم قلبه) يعني: فاجر، قال الله تعالى في الوصايا: وَلاَ نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللّهِ إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الآثِمِينَسورة المائدة106.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة الخامسة عشرة بعد المائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

*الحقوق والواجبات المتعلقة بالميت وورثته   

وعن عيسى بن حازم قال: كنت مع إبراهيم بن أدهم بمكة إذ لقيه قوم فقالوا: آجرك الله مات أبوك، فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، رحمه الله، فقالوا: قد أوصى إليك، فقام فسبقهم إلى البلد فأنفذ وصايا أبيه وقسم نصيبه على الورثة وخرج راجعاً إلى مكة.

وعلى الورثة أن يقوموا بتوزيع التركة لأهلها لضمان الحقوق، وخصوصاً النساء الضعيفات، وما يمكنهم أن يوصلوه لمورثهم من الطاعات فإنه يستحب لهم أن يقوموا به؛ لأنه عليه الصلاة والسلام قال: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يد عو له)، فعمل الميت وثوابه ينقطع إلا في هذه الأشياء لأنها تستمر، ونفعها متصل، وهو السبب فالولد من كسبه، والعلم الذي خلفه من تعليم، أو تصنيف، وكذلك الصدقة الجارية، والوقف، وفي هذا ترغيب في الأعمال الصالحة، والصدقة الجارية هي أن يتصدق الإنسان بشيء يستمر نفعه من بعده كالوقف على الفقراء، والمساكين، وطلبة العلم، والدعاة، ونحو ذلك، وطباعة الكتب النافعة للمسلمين، وإصلاح الطرق، وإجراء الأنهار، وشق هذه الترع التي يسقي بها الناس، وحفر الآبار، وبناء المساجد، وإنك إذا علمت ولدك سورة الفاتحة يا عبد الله فاستعملها نحواً من عشرين مرة في اليوم، ثم علمها لغيره فكم يكون لك من الأجر بعد موتك؟ وعلمك الذي علمته ينتشر، ولا يشترط أن تكون عالماً، فهذه سورة واحدة لو علمتها فعلمها المعلم لغيره لكان لك مثل أجورهم جميعاً، العلم أعم ما ينتفع به، وأشمل ما ينتفع به، وما أعظم أن يقوم أبناء العالم من بعده بنشر علم أبيهم، وإقامة من ينشره، واستعمال الوسائط المختلفة لذلك من الورقية، والإلكترونية، والمواقع، ونحوها، فالولد غير الصالح لا يهتم بنفسه، وأما الولد الصالح فيهتم بنفسه وبأبيه، (ولد صالح يدعو له) تحريض الأولاد على الدعاء للآباء، الدعاء للميت يا عباد الله أفضل من الصدقة عنه، وأفضل من الصلاة له، والصيام له، ونحو ذلك، وبعض الناس يعملون أعمالاً لا دليل عليها كقراءة القرآن على الميت، والصلاة للميت، ولا يصلين أحد عن أحد.

ومن الأعمال زيارة قبر الميت، والدعاء له، والترحم عليه، قال عليه الصلاة والسلام: (استأذنت ربي أن أزور قبر أمي فأذن لي)رواه مسلم، ولكنه تعالى لم يأذن له بالدعاء لها لأنها ماتت على الشرك.

لا تختص الجمعة بزيارة القبر، ولا العيد، بل يزورها في أي وقت وحين، في أي وقت يتيسر له ذلك، ولا تخصص بيوم، أو مناسبة لم ترد في الشرع.

وهذه الصلاة التي يجتمع عليها المسلمون يدعى فيها لهذا الميت من قبل إخوانه شأنها عظيم، وكذلك الصدقة عن الميت شأنها عظيم، قال عليه الصلاة والسلام لرجل سأل: إن أمي افتلتت نفسها -يعني ماتت- وأظنها لو تكلمت تصدقت، فهل لها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: (نعم)رواه البخاري ومسلم.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة السادسة عشرة بعد المائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

*الحقوق والواجبات المتعلقة بالميت وورثته   

فأكرم بمن وهب،ووصل،وتصدق،وبذل.

   سعد بن عبادة توفيت أمه وهو غائب عنها فقال: يا رسول الله! إن أمي توفيت وأنا غائب عنها أينفعها شيء إن تصدقت به عنها؟ قال: (نعم)، قال: فإني أشهدك أن حائط المخراف بستاني المثمر صدقة عليها. [رواه البخاري ومسلم]، وقال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أبي مات وترك مالاً ولم يوص فهل يكفر عنه أن أتصدق عنه؟ قال: (نعم)رواه مسلم.

أما صلاة النوافل، وإهداؤها فإن ذلك لا دليل عليه؛ ولذلك فإن الإنسان يعمل بما ثبت،ويترك ما لم يثبت، وذبح الذبيحة والتصدق بها يصل؛ لأنه من الصدقة، وإشراكه في الأضحية كذلك ، الميت يصل إليه الخير.

وأيضاً فإن من الطاعات إنشاء الوقف له، أو إدارة أوقافه بعد موته، وهذه طاعة عظيمة، أن تدار أوقاف الميت بعد وفاته ومن الإحسان إليه، والقائم عليها بالحق الذي يديرها بالحق محتسباً يرجى له مثل أجر المنفق، وكذا الاستمرار في رعاية الأيتام الذين كان يرعاهم، والصدقة على الأقارب والمحاويج الذين كان يقوم عليهم، وإجراء الرواتب على العوائل التي كان ينفق عليها في حياته، هذا الخير ينبغي أن يستمر أجر للحي وللميت أيضاً.

رعاية الأيتام وخصوصاً من أولاده أولاد الميت شأنها عظيم، عن جابر قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تزوجت يا جابر؟) قلت: نعم، قال: (أبكراً أم ثيباً؟) قلت: لا بل ثيباً، قال: (فهلا جارية تلاعبها وتلاعبك وتضاحكها وتضاحكك) قلت:    يا رسول الله إن أبي قتل يوم أحد وترك لي تسع أخوات، ما أثقل التركة أخ واحد عليه حمل تسع أخوات، فكرهت أن أجمع إليهن جارية خرقاء مثلهن، وخشيت أن تدخل بيني وبينهن ولا تؤدبهن ولا تقوم عليهن، فتزوجت ثيباً لتقوم عليهن وتؤدبهن، والمقصود بالتأديب التعليم، والموعظة، والتعليم على الأخلاق الحسنة، الأمر بالصلاة، فليس التأديب مجرد الضرب قطعاً، التأديب مفهوم عام عظيم، فقال عليه الصلاة

والسلام: (أصبت) متفق عليه.

وفيه فضيلة لجابر رضي الله عنه في شفقته على أخواته، واستشعار المسئولية، وإيثار مصلحة الأخوات على حظ نفسه، فقد ترك البكر، وقد تزاحمت المصالح فقدم الأهم، وصوب النبي صلى الله عليه وسلم فعل جابر رضي الله عنه، ودعا له، وفي هذا خدمة المرأة لزوجها، وأولاده، وعياله، وإخوانه، وأخواته، وأنه لا حرج على الرجل في قصد ذلك من امرأته، وإن كان لا يجب عليها، فلو امتنعت وقالت: لست مكلفة شرعاً بخدمة أخواتك، فإنه من حقها ولا تجبر، لكن من جميل العشرة، ومن شيمة الصالحات أن تقوم بذلك، والابن يتحرى فيمن يتزوجها أن تعينه على أخواته اليتيمات اللاتي تركهن أبوه من بعده.

[ الأنترنت – موقع المنجد - حقوق الميت ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة السابعة عشرة بعد المائة في موضوع (الحق) وهي بعنوان : * كلام عن الحق

 #يجب على الأشخاص قول الحق دائماً وعدم السكوت عنه لأي أمر من الأمور، لأنّه بالسكوت قد يظلم أحداً من الناس ويُلحق به الضرر، فبقول الحقيقة نخلي مسؤوليتنا أمام الله تعالى، وفي هذا المقال سنقدم لكم كلمات جميلة عن الحق.

 #الحق يعلو ولا يُعلَى عليه.

#الحرب لا تحدد من هو صاحب الحق، وإنّما تحدد من تبقى.

#غريبة هِي الأيام عندما نملك السعادة لا نشعر بها ونعتقد أنّنا من التعساء، ولكن ما أن تغادرنا تلك السعادة التي لم نقدرها حق قدرها حتى تعلن التعاسة عن وجودها الفعلي، فنعلم أنّ الألم هو القاعدة وما عداها هو الشذوذ عن القاعدة، ونندم ساعة لا يفيد الندم على ما أضعنا وما فقدنا.

#الحق ليس ببساطة ما يصدَّق، فالكذبة التي يتم تصديقها تظل كذبة.

#للبحر مد وجزر، وللقمر نقص وكمال، وللزمن صيف وشتاء، أما الحق فلا يحول ولا يزول ولا يتغير.

#شعاع الشمس لا يخفى، ونور الحق لا يُطفأ.

#الحق سيف قاطع.

#نصرة الحق شرف ونصرة الباطل سرف.

#من يمارس حقه لا يسيء الى أحد.

#أكون حيث يكون الحق ولا أبالي.

#لا يموت حق وراءه مطالب.

#صاحب الحق سلطان.

#الحق كالزيت يطفو على الدوام.

#القوة للحق وليس الحق للقوة.

#الساكت عن الحق شيطان أخرس حكمة تجعل القلب يحزن لأنّ الكثير منا يسكت عن قول الحق. #قلبي مليء بالحزن على أناس تنحوا بعيداً عن الحق، ظنوا أنّ كلمة الحق ستؤدي بهم في الهاوية، تنحوا عنها من أجل إرضاء الآخرين.

#لقد تغير الزمان وتقلبت الأحوال فذهب من كان

يقبل بكلمة الحق ويستمع إليها وينتفع بها، وجاء زمان فيه أناس يرفضون ذلك.

#الحق لا يشبه الباطل وإنّما يموّه بالباطل عند من لا فهم له.

#لا تترك الحق، لأنّك متى تركت الحق فإنّك لا تتركه إلّا إلى الباطل.

#هناك ساعة حرجة يبلغ الباطل فيها ذروة قوته ويبلغ الحق فيها أقصى محنته،والثبات في هذه الساعة الشديدة هو نقطة التحول،والامتحان الحاسم لإيمان المؤمنين سيبدأ عندها،فإذا ثبت تحول كل شيء عندها لمصلحته،وهنا يبدأ الحق طريقه صاعداً ويبدأ

 الباطل طريقه نازلاً.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة الثامنة عشرة بعد المائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :    * كلام عن الحق

# المحايد هو شخص لم ينصر الباطل لكن مؤكد أنّه خذل الحق.

#الاستبداد يقلب الحقائق في الأذهان فيسوق الناس إلى اعتقاد أنّ طالب الحق فاجر وتارك حقه والمشتكي المتظلم مفسد، والنبيه المدقق ملحد، والخامل المسكين صالح، ويصبح كذلك النصح فضولاً، والغيرة عداوة، والشهامة عتواً، والحمية حماقة، والرحمة مرضاً، كما يعتبر أنّ النفاق سياسة، والتحايل كياسة، والدناءة لطف، والنذالة دماثة. #هناك دائماً شبهة كاذبة أو أمنية العاتبة: لماذا يا رب؟ لماذا يصاب الحق وينجو الباطل؟ لماذا يُبتلى أهل الحق وينجو أهل الباطل؟ ولماذا لا ينتصر الحق كلما التقى مع الباطل ويعود بالغلبة والغنيمة؟ أليس هو الحق الذي ينبغي أن ينتصر؟ وفيم للباطل هذه الصولة؟ وفيم يعود الباطل من صدامه مع الحق بهذه النتيجة وفيها فتنة للقلوب وهزة، هذا يقتضي أن يصهر الصف ليخرج منه الخبث وأن يضغط لتتهاوى اللبنات الضعيفة وأن تسلط عليه الأضواء لتتكشف

الدخائل والضمائر.

#إنّ الباطل لا يجد قوته في طبيعته، بل تأتيه القوة من جهة أخرى فتمسكه أن يزول، أما الحق فثابت بطبيعته قوي بنفسه.

#إنّ حضارة الإنسان وتاريخه ومستقبله رهن كلمة صدق وصحيفة صدق وشعار صدق، فبالحق نعيش، وليس بالخبز وحده أبداً.

#من أمضى يوماً من عمره في غير حق قضاه أو فرض أدّاه أو مجد أثله أو حمد حصله أو خير أسسه أو علم اقتبسه فقد عق يومه وظلم نفسه.

#لا يصبح الخطأ على وجه حق بسبب تضاعف

الانتشار، ولا تصبح الحقيقة خطأ لأنّ لا أحد يراها. ليس وطني دائماً على حق ولكني لا أستطيع أن أمارس حقاً حقيقياً إلّا في وطني.

#عبارات جميلة عن الحق وممّا لا ريب فيه أنّ النبي محمد كان من عظماء الرجال المصلحين الذين خدموا المجتمع الإنساني خدمة جليلة، ويكفيه فخراً أنّه هدى أمة بأكملها إلى نور الحق وجعلها تجنح إلى السكينة والسلام، وتؤثر عيشة الزهد ومنعها من سفك الدماء وتقديم الضحايا البشرية، وفتح لها طريق الرقي والمدنية، وهذا عمل عظيم لا يقوم به شخص مهما أوتي من قوة، ورجل مثل هذا جدير بالاحترام والإجلال.

 #الحق يحتاج إلى رجلين : رجل ينطق به ورجل يفهمه.

#كان سقراط يثير المشكلات ثم لا يقدم لها الحلول، ولم يكن سقراط غافلاً عن حقيقة موقفه السلبي هذا ولكنه أيقن أنّ رسالته الحقيقية هي في تطهير العقول أولاً لعلها بعد ذلك تتهيأ للوصول إلى الحق.

#إنّ الحق إذا استنفد ما لدى الإنسان من طاقة مختزنة لم يجد الباطل بقية يستمد منها.

#إنّ قوة الحق عندما تجابه الباطل والانحراف تتحول إلى طاقة فعل هائلة.

#الحق أفضل مدافع عن نفسه.

#التسامح الحق لا يستلزم نسيان الماضي بالكامل. #قل الحق وإن كان عليك.

#الحق سيف قاطع.

#من يمارس حقه لا يسيء إلى أحد.

#أقربكم إلى الحق أحسنكم أدباً في الدين.

#الضمير هو صوت الحق.

#الحرية هي الحق في أن تختار وتوجِد لنفسك بدائل اختيار.

#الحرية هي الحق في أن تعمل ما يبيحه القانون.

 [الأنترنت – موقع موضوع – [كلام عن الحق بواسطة: Reem alsagheer ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة التاسعة عشرة بعد المائة في موضوع (الحق) وهي بعنوان :   

*{لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون }

لما بين أن الإرسال أو الإنزال للإنذار ، أشار إلى أن

 النبي صلى الله عليه وسلم ليس عليه الهداية المستلزمة للاهتداء ، وإنما عليه الإنذار وقد لا يؤمن من المنذرين كثير

 وفي قوله تعالى:(لقد حق القول) وجوه :

الأول : وهو المشهور أن المراد من القول هو قوله تعالى : ( فالحق والحق أقول لأملأن جهنم منك وممن تبعك ) [ص : 85] .

الثاني : هو أن معناه لقد سبق في علمه أن هذا يؤمن ، وأن هذا لا يؤمن ، فقال في حق البعض : إنه لا يؤمن ، وقال في حق غيره : إنه يؤمن فـ (حق القول) أي وجد وثبت بحيث لا يبدل بغيره

الثالث : هو أن يقال : المراد منه لقد حق القول

الذي قاله الله على لسان الرسل من التوحيد وغيره وبان برهانه ، فأكثرهم لا يؤمنون بعد ذلك ؛ لأن من يتوقف لاستماع الدليل في مهلة النظر يرجى منه الإيمان إذا بان له البرهان ، فإذا تحقق وأكد بالإيمان ولم يؤمن أكثرهم تبين أنهم لا يؤمنون لمضي وقت رجاء الإيمان ؛ ولأنهم لما لم يؤمنوا عند حق القول واستمروا ، فإن كانوا يريدون شيئا أوضح من البرهان فهو العيان ، وعند العيان لا يفيد الإيمان .

وقوله : ( على أكثرهم ) على هذا الوجه معناه أن من لم تبلغه الدعوة والبرهان قليلون ، فحق القول على أكثر من لم يوجد منه الإيمان ، وعلى الأول والثاني

 ظاهر ، فإن أكثر الكفار ماتوا على الكفر ولم يؤمنوا

وفيه وجه ، وهو أن يقال : لقد حقت كلمة العذاب العاجل على أكثرهم فهم لا يؤمنون ، وهو قريب من الأول .[الأنترنت – موقع تفسير الرازي _ تفسير القرآن (التفسير الكبير)الإمام فخر الدين الرازي سورة يس قوله تعالى {لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون } ]

*حق القول

حق القول في القرآن معناه ثبت لهم العذاب.

القول هو قوله تعالى: (وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (13) السجدة). كلمة حق القول إشارة إلى حق القول مني.        الذي ورد في القرآن الكريم طبعاً عموم النحاة كلهم يذكرون أن حق القول المقصود به (وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (13) السجدة) أو (قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (84) لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (85) ص) حق القول في القرآن الكريم وكذلك حقت الكلمة لم ترد إلا في ثبوت العذاب هذا يمتد في جميع القرآن استقصاء بإلا بمعنى وجب لهم العذاب أو ثبت لهم العذاب مثال (قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَؤُلَاء الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ (63) القصص) (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (18) الأحقاف) (وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (13) السجدة) (لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (7) يس) كلها لم ترد في القرآن لم ترد إلا بهذا المعنى وهذه الدلالة، حق القول أو حقت الكلمة لم ترد إلا بهذه الدلالة.

[ الأنترنت – موقع روائع البيان القرآني - معنى حق القول؟(د.فاضل السامرائى)

وقال الطبري قوله تعالى : لقد حق القول على أكثرهم أي : وجب العذاب على أكثرهم فهم لا يؤمنون بإنذارك . وهذا فيمن سبق في علم الله أنه يموت على كفره ، ثم بين سبب تركهم الإيمان فقال :

إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُم مُّقْمَحُونَ [الأنترنت – موقع تفسير القرطبي]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة العشرون بعد المائة في موضوع (الحق) وهي بعنوان : *كلمة الحق

  أسهل شيء على الناس هو الكلام، تدخل على الإنترنت تجد الكلام في كل شيء، تفتح المذياع، أو تشاهد الرائي، تجد كلاماً كثيراً.

فهل هذا هو الكلام الذي يجب أن نقوله، أو يجب أن نسمعه؟؟.هل نحن نقول كلام الحق ؟. هل نحن فعلاً نستمع لكلام الحق؟.هل حقيقي أن كلمة الحق صعبة ؟. هل كلمة الحق تخيف من يقولها أو تخيف من يستمع إليها ؟. إنَّ أعظم تغيير يكون بكلمة حق صادقة.

  تلك الكلمة التي افتقدناها كثيراً، قلّمـا نقولها، أو نكتبها تجـاه من يسـتحـقـهـا !!.تلك التي غابت عن وسائل الإعلام في العالم قاطبة، وغاب معها الحق الذي هُـضـم أهله؛ بل وظُـلمـوا وضاعت حقوقهم !!.

  كـلـمـة الحـق أصبحت خجلى من واقع الناس اليوم؛ إلا ما رحم ربي، فالمجـاملات طـغـت على التعاملات اليومية، والعلاقات، والمصالح، فلم يـعـد لها مكان!!.

إنَّ أعظم من يُطالب بقول كلمة الحق، هم العلماء، لأنهم ورثة الأنبياء، ولأنهم صمام الأمان للأمة،

 قلوب الناس، وعواطفهم، وتصرفاتهم متوقفة على مواقف العلماء، وخاصة في المدلهمات والنوازل

الكبرى، التي تنزل بأمة الإسلام..

وأحب أن أخاطب بمقالتي هذه العلماء، بشكل

خاص، وجميع أفراد الأمة الإسلامية، بشكل عام، علَّها تجد أذناً سامعة، وقلباً واعياً...

أريد أن أتحث في هذا الموضوع في ثلاثة محاور على النحو الآتي:

المحور الأول: كلمة الحق في القرآن الكريم:

وردت كلمة " الحق " في القرآن الكريم، في مواضع شتى، وبمعاني عدة، كما يأتي:

1 ـ أتت كلمة " الحق " اسماً لله تعالى. قال الله تعالى: ( ذلك بأن الله هو الحق) الحج: 6، ( فذلكم الله ربكم الحق )، يونس: 32.

2 ـ وأتت كلمة " الحق " وصفاً للإسلام، بأنه الدين

الحق، قال الله تعالى: ( هو الذي أرسل رسوله بالهدي ودين الحق ) التوبة: 32.

3 ـ وأتت كلمة " الحق " بمعنى القرآن؛ فالقرآن نزل بالحق، قال الله تعالى: ( وبالحق أنزلناه وبالحق نزل ) الإسراء: 105. والقرآن هو الحق، قال الله تعالى:    ( وكذب به قومك وهو الحق ) الأنعام: 66. ومحتويات القرآن حق، قال الله تعالى: ( والذي أوحينا إليك من الكتاب هو الحق ) فاطر: 31.

4 ـ وأتت كلمة " الحق" بمعنى الصدق، وذلك في معرض المقابلة بالباطل،كقوله تعالى:(كذلك يضرب الله الحق والباطل ) الرعد: 17. وفي مواضع

أخرى، كقول قوم موسى له في قصة البقرة:

 ( الآن جئت بالحق ) البقرة: 71. وكقول امرأة العزيز في تبرئة يوسف: ( الآن حصحص الحق ) يوسف: 51. وفي قصة تبشير الملائكة لإبراهيم، بولادة إسحق: ( قالوا بشرناك بالحق ) الحجر: 55. وفي جميعها يأتي الحق بمعني الصدق.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة الواحدة والعشرون بعد المائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي بعنوان :

   *كلمة الحق

5 ـ وأتت كلمة " الحق " بمعنى العدل، وذلك في موضوعات الأحكام والقضاء بين الناس. فالله تعالى يقول لداود عليه السلام: ( فاحكم بين الناس بالحق ) ص: 26. وقال الخصمان لداود عليه السلام: ( فاحكم بيننا بالحق ) ص: 22.

والله تعالى يقضي بين الناس بالحق يوم القيامة أي بالعدل: ( وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون ) الزمر: 69. والمهتدون يحكمون بالحق أي بالعدل:

( وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون )

 الأعراف: 181، أي يعدلون بالحق. وكلمة " غير

 الحق " تفيد الظلم، وانعدام العدالة، ومنها قوله تعالى:( الذين اخرجوا من ديارهم بغير الحق ) الحج: 40.

وفي تشريعات الإسلام، يقول تعالى: ( ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق) الأنعام: 151،( قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق ) الأعراف: 33.

6 ـ وأتت كلمة " الحق " بمعني الحقوق الواجبة للبش،وذلك في التشريعات الاجتماعية والاقتصادية، ففي ديون الأفراد يقول تعالى:( فليكتب وليملل الذي عليه الحق ) البقرة: 282، وفي الصدقة والزكاة: ( وآتوا حقه يوم حصاده )، ( وآت ذا القربى حقه).

وقال القرطبي :كلمة الحق في السنة النبوية الشريفة:

لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم قدوة حسنة، ومثالاً يحتذى في تمسكه بكلمة الحق، والثبات عليها مهما كلفته، من جهد وعرق ودماء وفداء، وإليكم يا معاشر علماء المسلمين!! قطفاً من أقواله ومواقفه:

1- أثقل المشركون على عمِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي طالب، وطلبوا منه أن يُكِفَّ النبي صلى الله عليه وسلم عن أمره، ويزجره ويمنعه من متابعة نشر دينه الجديد، وحضر سادات قريش في بيت عمه أبي طالب، فأحضر أبو طالب النبيَّ صلى الله عليه وسلم ليسمعه بأذنه طلب قومه، فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم مقالتهم، وقف وقال: ( يا عماه!!، والله لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري، على أن أترك هذا الأمر ما تركته، حتى يظهره الله أو أهلك دونه ). وكلَّفه هذا الموقف الشجاع الشيء الكثير، عرقاً، وقهراً، وضيقاً، فقد أجمع أهل مكة على مقاطعة النبي صلى الله عليه وسلم وقرابته، وترك مكة وجلس في شعب أبي طالب ثلاث سنين، حتى أنهم أكلوا ورق الشجر، وجلود الميتة. ومع ذلك لم يتراجع حتى أظهر الله دينه الحق.

2- كان من دعائه صلى الله عليه وسلم قول كلمة الحق، في الرضا والغضب، فقد ثبت في الحديث الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم في دعائه: ( اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق، أحيني ما كانت الحياة خيرً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي، اللهم إني أسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وأسألك " كلمة الحق " في الغضب والرضا، وأسألك القصد في الفقر والغنى، وأسألك نعيماً لا ينفذ، وأسألك قرة عين لا تنقطع، وأسألك الرضا بعد القضاء، وبرد العيش بعد الموت، وأسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم، والشوق إلى لقائك، من غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة،اللهم زينا بزينة الإيمان،واجعلنا هداة مهتدين ).

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة الثانية والعشرون بعد المائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي بعنوان :

   *كلمة الحق

3- وثبت في الصحيح أيضاً أنَّ أبا هريرة قال:

أتى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم تمرٌ من تمر الصدقة، فأخذ الحسن بن علي تمرة فلاكها، فأدخل النبي صلى الله عليه وسلم أصبعيه في فيه فأخرجها؛ وقال:

(كخ!! أي بني!! أما علمت أنا لا تحل لنا الصدقة).

الناظر للنبي صلى الله عليه وسلم، وهو يفتح فم الحسن رضي الله

 عنه بهذه القسوة والشدة، يراه موقفاً غير مناسب، ولكن!! الحق عنده صلى الله عليه وسلم لا مجاملة فيه..

4- وثبت في الصحيح أيضاً أنَّ أمنا عائشة رضي الله عنها قالت: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم، حسبك من صفية (زوج النبي صلى الله عليه وسلم) كذا وكذا تعني: أنها قصيرة، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم مني، و قال:( يا عائشة!! لقد قلت كلمة، لو مزجت بماء البحر لمزجته ).

عائشة رضي الله عنها من أحب الناس إلى قلب النبي صلى الله عليه وسلم، فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الناس أحب إليك؟، فقال: ( عائشة!! )، قالوا له: من الرجال، قال: ( أبوها!! )، ومع ذلك لم يثنه حبُّها عن قول كلمة الحق لها، لأن الحق عنده صلى الله عليه وسلم لا مجاملة فيه، ولا محاباة...

5- يدخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة فاتحاً، يدخلها متواضعاً، يقول الرواة: حتى أنه طأطأ رأسه، ولصقت لحيته برقبة ناقته، تواضعاً لله ولبيته العتيق، ولكعبته المعظمة والمشرفة، وجلس أهل مكة أذلاء بين يديه، ودانت له مكة بأكملها، فطلب علي رضي الله عنه من النبي صلى الله عليه وسلم، أن يجمع لهم الحجابة مع السقاية، ولكنه!! صلى الله عليه وسلم، لم تأخذه نشوة النصر، وسيطرته على الأمر، عن الوقوف مع الحق، انظر للرواية يرويها لنا العلامة أو الحسن الندوي، في كتابه " السيرة النبوية " : ( لمّا قضى النبي صلى الله عليه وسلم  طوافه، دعا عثمان بن طلحة، فأخذ منه مفتاح الكعبة، ففتحت له، ودخل، وكان قد طلب منه المفتاح يوماً قبل أن يهاجر إلى المدينة، فأغلظ له القول، ونال منه، فحلم عنه، وقال: ( يا عثمان! لعلّك ترى هذا المفتاح يوماً بيدي، أضعه حيث شئت ). فقال: لقد هلكت قريش يومئذ وذلّت. فقال: (بل عمرت وعزّت يومئذ).

ووقعت كلمته من عثمان بن طلحة موقعاً، وظنّ أنّ الأمر سيصير إلى ما قال، فلمّا خرج من الكعبة، قام إليه عليّ بن أبي طالب، ومفتاح الكعبة في يده صلى الله عليه وسلم، قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: اجمع لنا الحجابة مع السّقاية، صلّى الله عليك وسلّم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أين عثمان بن طلحة؟ ) فدُعْيَ له، فقال:( هاك مفتاحك يا عثمان!! اليوم يوم برّ ووفاء، خذوها خالدة تالدة، لا ينزعها منكم إلّا ظالم ).

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة الثالثة والعشرون بعد المائة في موضوع (الحق) وهي بعنوان :

المحور الثالث: كلمة الحق عند السلف الصالح:     1-مواقف أبي بكر الصديق رضي الله عنه في قول كلمة الحق، والثبات على المبدأ،مهما كلفت الظروف، كثيرة جداً، وهو مثال من جيل الصحابة؛من ذلك:

 #موقفه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وعدم تصديق الناس أنه قد انتقل إلى الرفيق الأعلى، وعلى رأس الناس عمر رضي الله عنه، الذي كان يقول: لم يمت النبي صلى الله عليه وسلم، بل ذهب إلى ربه ليكلمه مثل موسى عليه السلام ثم يعود، ولكن انظر إلى موقف أبي بكر رضي الله عنه، في هذه النازلة العظيمة، التي هزت كيان مثل عمر رضي الله عنه

# ثبت في الصحيح أن عائشة رضي الله عنها قالت:

لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر عند امرأته ابنة

خارجة بالعوالي، فجعلوا يقولون لم يمت النبي صلى الله عليه وسلم، إنما هو بعض ما كان يأخذه عند الوحي، فجاء أبو بكر، فكشف عن وجهه، وقبَّله بين عينيه، وقال: أنت أكرم على الله من أن يميتك مرتين، قد والله مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعمر في ناحية المسجد يقول: والله ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يموت حتى يقطع أيدي أناس من المنافقين كثير وأرجلهم، فقام أبو بكر، فصعد المنبر، فقال: من كان يعبد الله فإن الله حي لم يمت، ومن كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ثم تلا قوله تعالى: (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين) قال عمر: فلكأني لم أقرأها إلا يومئذ.

#موقفه في إنفاذ جيش أسامة رضي الله عنه، وله قولة مشهورة في هذا الموقف، عندما راجعه بعض الصحابة في العدول عن إنفاذه، فقال: لا أحلُّ لواء عقده رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 #وعندما راجعه عمر رضي الله عنه، في شأن قتال المرتدين، وألحَّ عليه أن يترك قتالهم، لأنهم مسلمون، فقال أبو بكر رضي الله عنه: يا عمر!! أجبارٌ في الجاهلية، خوّار في الإسلام، والله لو منعوني عقالاً، كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه.

 #أخرج البزار عن علي رضي الله عنه أنه قال : أيها الناس! أخبروني من أشجع الناس؟ قالوا :أنت يا أمير المؤمنين !قال : أما إني ما بارزت أحداً إلا انتصفت( أخذت حقي منه ) منه، ولكن!! أخبروني بأشجع الناس، قالوا: لا نعلم، فمن؟ قال: أبو بكر رضي الله عنه إنه لمَّا كان يوم بدر، جعلنا لرسول الله عريشاً. فقلنا: من يكون مع رسول الله صلي الله عليه وسلم لئلا يهوي إليه أحد المشركين ؟؟ فوالله، ما دنا إليه أحد إلا أبو بكر شاهراً بالسيف علي رأس رسول الله صلي الله عليه وسلم، لا يهوي إليه أحد إلا أهوى إليه؛ فهذا أشجع الناس ..                                إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة الرابعة والعشرون بعد المائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

المحور الثالث: كلمة الحق عند السلف الصالح:

2- من عهد التابعين، آخذ مثالاً للأئمة الثلاث: أبو حنيفة، ومالك، وأحمد بن حنبل رحمهم الله...

- أبو حنيفة رحمه الله، يرى أن دولة العباسيين ليست شرعية، لأنهم نزعوها من بني أمية نزعاً بغير حق، وبغير شورى المسلمين، وعندما طلبوا منه تولي منصب القضاء، في دولتهم امتنع، فأكرهوه بكل أنوع الإكراه فامتنع، حتى لا يعطيهم شرعية بتوليه منصباً في دولتهم، وفي النهاية سجنوه، وعمره سبعون سنة، وسقوه في السجن شربة مسمومة، فمات في سجنه، ودفن في مقابر الخيزران في بغداد.. مات رحمه الله ثابتاً على رأيه وموقفه..

- الإمام مالك رحمه الله قال: طلاق المكره لا يقع، وبيعة المكره لا تقع.

وهذا معناه أن من بايع من المسلمين دولة العباسيين مكرهاً، فبيعته لا تقع، وعليه يحق له الخروج عليهم، لأنهم نزعوا الحكم من الأمويين بغير حق، فأخذوه ونكلوا به، حتى أنهم رفعوه من يديه، حتى خلعت كتفه، فصار يسدل يديه أثناء الصلاة، ولذلك صار المالكية يسدلون أيديهم في الصلاة... خلعت كتفه رحمه الله، وهو لم يتزلزل، ولم يغير موقفه..

- محنة الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله:

استطاع الإمام أحمد بن حنبل، بإيمانه الصادق وصلابته في لحق، أن يهزم المعتزلة الذين ادعوا فيما ادعوا خلق القرآن، واتخذوا الخليفة المأمون أبا جعفر عبد الله بن هارون الرشيد أداة لنشر بدعتهم وترويج ضلالهم؛ فقد زينوا له طريق الباطل، وحسنوا له قبيح القول بخلق القرآن، فصار إلى مقالتهم، وكانت ولاية المأمون في المحرم، وقيل في رجب سنة 198 للهجرة. وقدر أنه في آخر عمره خرج من بغداد لغزو

 بلاد الروم، فعَنّ له أن يكتب إلى إسحاق بن مصعب صاحب الشرطة، أن يدعو الناس إلى القول بخلق القرآن، فاستدعى جماعة من العلماء والقضاة وأئمة الحديث، ودعاهم إلى ذلك، ولكنهم امتنعوا، فاشتد غضبه.

لما استعصى على المأمون وأذنابه التأثير على الإمام أحمد بن حنبل في ميدان الحجة والإقناع، أمر بإشخاصه مكبلاً في الأغلال، هو ورفيقه في المحنة محمد بن نوح - رضي الله عنهما - وتوفي محمد بن نوح وهو في طريقه إلى المأمون، وصلى عليه الإمام أحمد بن حنبل الذي بقي وحده،والخليفة يتوعده بالتعذيب والقتل إن لم يجبه إلى القول بخلق القرآن، فتوجه الإمام أحمد بالدعاء إلى الله تعالى أن لا يجمع بينه وبينه؛ فبينما هو في الطريق قبل وصوله إليه إذ جاءهم الصريخ بموت المأمون، وكان موته في شهر رجب سنة ثماني عشرة ومائتين، فرد الإمام أحمد إلى بغداد وحبس هناك.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة الخامسة والعشرون بعد المائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

المحور الثالث: كلمة الحق عند السلف الصالح:

ثم ولي الخلافة المعتصم، وهو أبو إسحاق محمد بن هارون الرشيد، الذي قدم من بلاد الروم، فدخل بغداد في مستهل شهر رمضان سنة ثماني عشرة ومائتين، فامتحن الإمام أحمد وضرب بين يديه، ويقف الإمام أحمد بين يدي الخليفة المعتصم ثابت الجنان قوي الإيمان، وقد ازدحم الناس ليشاهدوا مشهداً رهيباً؛ فهذا الخليفة وحوله جنوده، وهذا أحمد في قيوده، الأول: سلاحه البطش والجبروت، والثاني: سلاحه القرآن والسنة، يستعذب العذاب في سبيل الله، ويسأله وحده العفو والمغفرة، ويرجوه رضاه ورضوانه، يجلس الخليفة على كرسيه، ويقف الإمام أحمد بين يديه والسيوف قد جردت، والرماح قد ركزت،والأتراس قد نصبت،والسياط قد طرحت ، يريدون إرهابه وهو قد باع نفسه ربَّه، وبكل ما يصنعون وأكثر لا يأبه.

يرد على الخليفة بالبرهان الساطع والدليل القاطع،

 ويعجز الخليفة في ترغيبه أو ترهيبه ليقول بكلام المعتزلة (القرآن مخلوق)، ويحضر المعتصم له الفقهاء والقضاة فيناظرونه بحضرته ثلاثة أيام، وهو يناظرهم ويقهرهم، فيقول ابن أبي دؤاد، وبشر المريسي للخليفة: اقتله حتى نستريح منه. ولكن!! المعتصم يقيم مباراة بين الجلادين لقتله بالسياط الموجعة، ويحدثونه في الرجوع عن إصراره، ولكنه

يقول لهم في صلابة: أعطوني شيئاً من كتاب الله وسنة رسوله أقول به.

ويستمر الضرب وتزداد شدته، حتى يقع الإمام أحمد - رحمه الله - على الأرض في غيبوبة، لا يدري ما يفعلون به. وعندما عادت لأحمد ذاكرته، تقدم إليه ابن أبي دؤاد، وقال له: يا أحمد قل في أذني القرآن مخلوق حتى أخلصك من يد الخليفة؛ فقال له الإمام أحمد: يا بن أبي دؤاد قل في أذني القرآن كلام الله وليس بمخلوق حتى أخلصك من عذاب الله عز وجل، فقال المعتصم: أدخلوه إلى الحبس، فحمل إلى الحبس وانصرف الناس.

وهكذا واجه الإمام أحمد بن حنبل المحنة في صبر جميل وشجاعة نادرة، يقول أحد جلاديه: ضربت أحمد بن حنبل ثمانين سوطاً لو ضربته فيلاً لهدمته.

وهكذا ثبت الإمام أحمد رحمه الله، ولقب من بعد موقفه هذا بإمام أهل السنة والجماعة، يقول يحيى بن معين رحمه الله: لقد رحم الله أمة الإسلام بأبي بكر رضي الله عنه يوم الردة، وبأحمد بن حنبل في مسألة خلق القرآن. ويقول المزني رحمه الله: رحم الله الأمة بأحمد بن حنبل يوم المحنة، وأبي بكر يوم الردة، وعمر يوم السقيفة، وعثمان يوم الدار وعلي يوم الجمل وصفين.

معاشر العلماء الكرام: ما أحراكم أن تقتدوا بأسلافكم من علماء السلف الذين ثبتوا على الحق، وذبُّوا عن الشريعة، وذادوا عن الحياض، ولا تأخذكم بقول كلمة الحق لومة لائم، وحبذا إذا عجزتم عن قول الحق، فلا تقولوا الباطل. إن كلمة الحق غالية، ولا يحافظ عليها إلا أصحاب المكانة العالية، عند ربهم، فالكلمة أمانة كما علمنا حبيبنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم،حيث قال:(ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر؛فليقل خيراً أو ليصمت ).[قاله القرطبي- رحمه الله- في كتابه الجامع لأحكام القرآن ] الأنترنت – موقع المسلم - قيمة العالم بقوله كلمة الحق - سعد العثمان] إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة السادسة والعشرون بعد المائة في موضوع (الحق) وهي بعنوان :

* شرح حديث "اللهم لك الحمد أنت نور السماو....

    أَنْتَ الْحَقُّ وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ...."

الحديث أخرجه البخاري(1120)،ومسلم ( 769 ) من حديث ابْنَ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ قَالَ: " اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ، لَكَ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ مَلِكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ الْحَقُّ وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ وَمُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ. اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ وَبِكَ خَاصَمْتُ وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْت،ُ أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَوْ لَا إِلَهَ غَيْرُكَ".

شرح الحديث: قول ابن عباس –رضي الله عنهما-: "إِذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ": أي إذا قام إلى الصلاة

من جوف الليل، وظاهر السياق أنه كان يقوله أول ما يقوم إلى الصلاة.........

قوله صلى الله عليه وسلم: "أَنْتَ الْحَقُّ": من أسمائه تبارك وتعالى: الحق، فهو الحق المبين في ذاته وصفاته لا شك ولا ريب في وجوده، فهو واجب الوجود الذي لا تنبغي الألوهية والربوبية إلا له لا شريك له، وما سواه من الآلهة والمعبودات باطل زائل.

قوله صلى الله عليه وسلم: "وَوَعْدُكَ الْحَقُّ": أي وعدك ثابت لا يتخلف، وعرفه ونكر ما بعده لأن وعده مختص بالإنجاز دون وعد غيره والتنكير في البواقي (لقاء – قول) للتعظيم، واللقاء وما ذكر بعده داخل تحت الوعد، لكن الوعد مصدر وما ذكر بعده هو الموعود به، ويحتمل أن يكون من الخاص بعد العام، كما أن ذكر القول بعد الوعد من العام بعد الخاص .

قوله صلى الله عليه وسلم: "وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ": فيه الإقرار بالبعث بعد الموت، وهو عبارة عن مآل الخلق في الدار الآخرة بالنسبة إلى الجزاء على الأعمال.

قوله صلى الله عليه وسلم: "وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ": فيه إشارة إلى أنهما موجودتان.

قوله صلى الله عليه وسلم: "وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقٌّ": خصه بالذكر تعظيماً له.

قوله صلى الله عليه وسلم: "وَالسَّاعَةُ حَقٌّ": أي يوم القيامة وأصل

الساعة القطعة من الزمان، وإطلاق اسم الحق على ما ذكر من الأمور معناه أنه لا بد من كونها، وأنها مما يجب أن يصدق به، وتكرار لفظ حق للمبالغة في التأكيد. .......وهذا حديث عظيم من جوامع كلمه عليه الصلاة والسلام، تضمن حمد الله والثناء عليه بأسمائه وصفاته الحسنى الدالة على عظمته وجلاله وكماله وإحاطته بخلقه، وفي هذا الدعاء إظهار العبودية لله، والتأله وتفويض الأمور إليه ، والإقرار بذكر الإيمان بالأمور الغيبية التي هي أصول الإيمان وأركانه مثل الإيمان بالله والنبيين واليوم الآخر والجنة والنار، وتقديم الثناء على الله قبل طلب المغفرة ، فحري بالمسلم أن يتضرع إلى الله بهذا الدعاء الكريم اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم.

[الأنترنت – موقع الفتاوى - الفهرس » خزانة الفتاوى

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة السابعة والعشرون بعد المائة في موضوع (الحق) وهي بعنوان :*العين حق

أخرج البخاري برقم  5408 بسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (العين حق ونهى عن الوشم ) قوله : ( باب العين حق ) أي الإصابة بالعين شيء ثابت موجود ، أو هو من جملة ما تحقق كونه . قال المازري : أخذ الجمهور بظاهر الحديث ، وأنكره طوائف المبتدعة لغير معنى ، لأن كل شيء ليس محالا في نفسه ولا يؤدي إلى قلب حقيقة ولا إفساد دليل ، فهو من متجاوزات العقول ، فإذا أخبر الشرع بوقوعه لم يكن لإنكاره معنى ، وهل من فرق بين إنكارهم هذا وإنكارهم ما يخبر به من أمورالأخرة .

قوله : ( العين حق ، ونهى عن الوشم ) لم تظهر المناسبة بين هاتين الجملتين،فكأنهما حديثان مستقلان ،ولهذا حذف مسلم وأبو داودالجملة الثانية من روايتهما مع أنهما أخرجاه من رواية عبد الرزاق الذي أخرجه البخاري من جهته ، ويحتمل أن يقال : المناسبة بينهما اشتراكهما في أن كلا منهما يحدث في العضو لونا غير لونه الأصلي ، والوشم بفتح الواو وسكون المعجمة أن يغرز إبرة أو نحوها في موضع من البدن حتى يسيل الدم ثم يحشى ذلك الموضع بالكحل أو نحوه فيخضر ، وسيأتي بيان حكمه في " باب المستوشمة " من أواخر كتاب اللباس إن شاء الله - تعالى - . وقد ظهرت لي مناسبة بين هاتين الجملتين لم أر من سبق إليها ، وهي أن من جملة الباعث على عمل الوشم تغير صفة الموشوم لئلا تصيبه العين ، فنهى عن الوشم مع إثبات العين ، وأن التحيل بالوشم وغيره مما لا يستند إلى تعليم الشارع لا يفيد شيئا ، وأن الذي قدره الله سيقع وأخرج مسلم من حديث ابن عباس رفعه " العين حق ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين ، وإذا استغسلتم فاغسلوا " فأما الزيادة الأولى ففيها تأكيد وتنبيه على سرعة نفوذها وتأثيره في الذات ، وفيها إشارة إلى الرد على من زعم من المتصوفة أن قوله : " العين حق " يريد به القدر أي العين التي تجري منها الأحكام ، فإن عين الشيء حقيقته ، والمعنى أن الذي يصيب من الضرر بالعادة عند نظر الناظر إنما هو بقدر الله السابق لا بشيء

 يحدثه الناظر في المنظور . ووجه الرد أن الحديث ظاهر في المغايرة بين القدر وبين العين ، وإن كنا نعتقد أن العين من جملة المقدور ، لكن ظاهره إثبات العين التي تصيب إما بما جعل الله - تعالى - فيها من ذلك وأودعه فيها ، وإما بإجراء العادة بحدوث الضرر عند تحديد النظر ، وإنما جرى الحديث مجرى المبالغة في إثبات العين لا أنه يمكن أن يرد القدر شيء إذ القدر عبارة عن سابق علم الله ، وهو لا راد لأمره، أشار إلى ذلك القرطبي . وحاصله لو فرض أن شيئا له قوة بحيث يسبق القدر لكان العين . لكنها لا تسبق ، فكيف غيرها ؟

 إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة الثامنة والعشرون بعد المائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :*العين حق - الأدلة على تأثير العين من جهة النظر.

   ليس المقصود من هذه الترجمة إثبات حقيقة العين من جهة المعقول أو من جهة النظر فلست ولله الحمد ممن يقدمون العقل على النقل بل أحمد الله تعالى على السنة وطريقة السلف كما أحمده على الإسلام وهذا منقول عن السلف ألحقنا الله تعالى بهم ولكن أتكلم على بعض ما فى الأشياء من خصائص يعتبر بها على وقوع التأثير ثم الكلام على منهج السلف فى ذلك والرد على أهل البدعة من باب النصيحة والله ييسر لنا بمنه وكرمه: فمن أسرار الله فى خلقه ما أودعه فيهم مما يقف العقل أمامه حائرا فأنت ترى الرجل أمامك يداعبه النعاس فإذا بك تشعر بحاجتك إلى النوم وهذا أمر مشاهد وكذا فإنك ترى الرجل يتثاءب فإذا بك تتثاءب مثله وهذا كثير واقع والمسلم مندوب إلى أن يدفع التثاؤب ما استطاع. وترى الرجل يتمطى ويشد جسمه من الخمول فإذا بك يدب فيك الكسل ويذهب نشاطك أدراج الريح وترى الرجل يتقيأ فيغلبك القئ من غير استدعاء ..

فبعد هذا كله لا يسعنا إلا الإيمان بإن فى النفوس

خصائصا لا يعكر عليها جهل جاهل وفكر معاند ومن تلك الطبائع تأثير العين وأنها حق وأن لنظرة العائن تأثير بإذن الله وتقديره فى نفس المحسود.

قال ابن القيم رحمه الله: أخبرنى بعض حذاق الأطباء قال: كان لى ابن أخت حذق فى الكحل فجلس كحالا ـ يعنى اشتغل بالصنعة يداوى الناس ـ فكان إذا فتح عين الرجل ورأى الرمد وكحله رَمَدَ هوَ وتكرر ذلك منه فترك الجلوس قلت فما سبب ذلك؟ قال: نقل الطبيعة فإنها نقالة قال وأعرف آخر كان إذا رأى خراجا فى موضع من جسم رجل يحكه فحك هو ذلك الموضع خرجت فيه خراجه قلت: وكل هذا لابد فيه من استعداد الطبيعة وتكون المادة ساكنة فيها غير متحركة فيتحرك لسبب من هذه الأسباب فهذه أسباب لتحرك المادة لاأنها هى الموجبة لهذا العارض. اهـ [زاد المعاد (3/ 155) ط المنار]

قال الشيخ عطية محمد سالم رحمه الله: إن الإجابة عن كيفية إصابة العين والكشف عن حقيقة ذلك فعلا ومسببا ليس بالعمل الميسور، ولم يزل ذلك خفيا حتى اليوم .. وهذا من الناحية المنهجية، متعذر أو ممتنع، لأنه تأثير غير محسوس، وغير المحسوس لا يمكن إدراكه بالحس، وإنما الحس يدرك آثاره، ويحكم بوجوده أو عدمه، أما كنه عمله وتفاعلاته، فلا .. مثله كالروح في الجسم، وتيار الكهرباء، وتلك الأشعاعات الحديثة، تردك آثارها ويتصور وجودها من تلك الآثار .. وقديما قالوا: كتأثير المغناطيس في جلب الحديد، أما ما هو المغناطيس فليس معلوما بماهيته .. ومن هذا الباب تأثير عين العائن فيمن أصابه بعينه .. ومع ذلك فقد اجتهد العلماء رحمهم الله تعالى في العصور المتقدمة في الكشف عن حقيقته، ونقل عنهم رحمهم الله ما قالوه، وهو ما بين موجز ومطول، مع اختلاف وجهات النظر، شأنهم في ذلك شأنهم في المسائل الاجتهادية، ولا سيما الخفي منها عن الحسى [ العين والرقية والاستشفاء من القرآن والسنة ص (24)]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة التاسعة والعشرون بعد المائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :*العين حق  

لم يرد فى الشرع ما يبين كيفية الإصابة بالعين، ولسنا مطالبين بمعرفة ذلك، ولا متعبدين به، فكل ما أخبر به الشارع وجب علينا الإيمان به والتسليم ولو لم نعقل الحكمة أو الكيفية. وإن علمت فذلك مما يزيد في الإيمان وهو خير على خير. والذي يمكن معرفته من كيفية الإصابة بالعين هو أن العائن إذا رأى ما يعجبه ولم يبرك قد يخلق الله من الضرر للمعين ما يشاء إذا شاء أما ما ذكره بعض العلماء: من أن كيفية الإصابة بالعين هو: انفصال قوة سمية من عين العائن أو جواهر لطيفة غير مرئية تتصل بالمعين وتتخلل مسام جسمه فهذا أمرمحتمل لا يقطع بإثباته ولايجزم بنفيه والله أعلم[أحكام الرقى والتمائم ص 94]

وسئل الشيخ محمد متولى الشعراوى رحمه الله: إذن فما هى العناصر التى يتم بها الحسد؟ .فأجاب: هناك عنصران: قوة طبيعية فى الحاسد، وشئ إرادى وهو أن يتمنى أن يضر نقول: لماذا فعل الله هذا؟ أقول: ولماذا يعطى ربنا بعض الناس قوى مادية يستطيعون بها أن يطغوا تلك هى الفتنة، وذلك هو الابتلاء، والله تعالى علمنا أن نستعيذ منه،إذن لابد أن يكون له ضرر وشر، سواء فهمناه أو لم نفهمه.[فتاوى الأزهر رقم 316 ]

  قلت: وبيان هذا أن الله تعالى أودع فى الأشياء خصائص لا تنفك عنها إلا بإذن الله تعالى وجعل لذلك أسباب ومسببات فمن جاء بالسبب أتته النتائج وهذا من سنن الله تعالى فى الكون فجعل فى النار خاصية الإحراق وجعل فى الماء خاصية السيولة والميوعة وجعل فى الأرض خاصية الجذب وجعل فى المغناطيس خاصية جذب الحديد وجعل فى بعض أعين خلقه من الجن والإنس خاصية الحسد وأمورا أخرى مودعة فى المخلوقات كنقل الطبيعة وغيرها وكل هذا مخلوق لله تعالى فالله هوخالق الأشياء وأسبابها ومسبباتها فهو خالق العباد وخالق أفعالهم.

وللبخارى رحمه الله كتاب خلق أفعال العباد وإنما افتتحت هذه المسألة ردا على الأشاعرة والشئ بالشئ يذكر.

وأفصل المسألة ببعض بسط فأقول: ما ذكرته هو الذى عليه سائر أهل العلم ولم يخالف غير الأشاعرة فهم ينكرون أن يكون شيء يؤثر في شيء ويقولون بأن الأسباب علاقات لا موجبات فالرجل إذا كسر الزجاجة ما انكسرت بكسره عندهم وإنما انكسرت عند كسره، والنار إذا أحرقت ما تحرق ما احترق بسببها وإنما احترق عندها لا بها فالإنسان إذا أكل حتى شبع لكنه ما شبع بالأكل وإنما شبع عند الأكل! . وقالوا إن فاعل الإحراق هو الله ولكن فعله يقع مقترنا بشيء ظاهرى مخلوق....

قاله الدكتور فهد بن ضويان السحيمي مدرس فى الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية في منظومته العلمية لنيل درجة الماجستير

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة الثلاثون بعدالمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*العين حق - الأدلة على تأثير العين من جهة النظر.

أما مذهبنا فى هذا فهومذهب أهل السنة وهو مذهب السلف فالْخَلْقُ صفةٌ من صفات الله الفعلية الثابتة بالكتاب والسنة،وهي من صفات الذات وصفات الفعل معاً. ومن أسماء الله تعالى الخالق والخلاَّق.

قال ابن القيم رحمه الله: ولو تتبعنا ما يفيد إثبات الأسباب من القرآن والسنة لزاد على عشرة آلاف موضع ولم نقل ذلك مبالغة بل حقيقة ويكفي شهادة الحس والعقل والفطر ولهذا قال من قال من أهل العلم تكلم قوم في إنكار الأسباب فأضحكوا ذوي العقول على عقولهم وظنوا انهم بذلك ينصرون التوحيد فشابهوا المعطلة الذين أنكروا صفات الرب ونعوت كماله وعلوه على خلقه واستواءه على عرشه وتكلمه بكتبه وتكليمه لملائكته وعباده وظنوا أنهم بذلك ينصرون التوحيد فما أفادهم إلا تكذيب الله ورسله وتنزيهه عن كل كمال ووصفه بصفات المعدوم والمستحيل ونظير من نزه الله في أفعاله وأن يقوم به فعل البتة وظن انه ينصر بذلك حدوث العالم وكونه مخلوقا بعد أن لم يكن وقد أنكر اصل الفعل والخلق جملة ثم من أعظم الجناية على الشرائع والنبوات والتوحيد إيهام الناس أن التوحيد لا يتم إلا بإنكار الأسباب! ! فإذا رأى العقلاء أنه لا يمكن إثبات توحيد الرب سبحانه إلا بإبطال الأسباب ساءت ظنونهم بالتوحيد وبمن جاء به وأنت لا تجد كتابا من الكتب أعظم إثباتا للأسباب من القرآن ويا لله العجب إذا كان الله خالق السبب والمسبب وهو الذي جعل هذا سببا لهذا والأسباب والمسببات طوع مشيئته وقدرته منقادة لحكمه إن شاء أن يبطل سببيه الشيء أبطلها كما أبطل إحراق النار على خليله إبراهيم وإغراق الماء على كليمه وقومه وإن شاء أقام لتلك الأسباب موانع تمنع تأثيرها مع بقاء قواها وإن شاء خلى بينها وبين اقتضائه لآثارها فهو سبحانه يفعل هذا وهذا وهذا فأي قدح يوجب ذلك في التوحيدوأي شرك يترتب على ذلك بوجه من الوجوه.

ولكن ضعفاء العقول إذا سمعوا أن النار لا تحرق والماء لا يغرق والخبز لا يشبع والسيف لا يقطع ولا تأثير لشيء من ذلك البتة ولا هو سبب لهذا الأثر وليس فيه قوة وإنما الخالق المختار يشاء حصول كل أثر من هذه الآثار عند ملاقاة كذا لكذا قالت هذا هو التوحيد وإفراد الرب بالخلق والتأثير ولم يدر هذا القائل أن هذا إساءة ظن بالتوحيد وتسليط لأعداء الرسل على ماجاؤوا به كماتراه عيانا في كتبهم يُنفرون به الناس عن الإيمان.اهـ[راجع رسالة منهج الأشاعرة للشيخ سفر الحوالى  ]

.[راجع رسالة منهج الأشاعرة للشيخ سفر الحوالى] [الأنترنت – موقع المكتبة الشاملة - العين حق - جمع وترتيب: محمد بن سنجاب الأثرى]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة الواحدة والثلاثون بعدالمائة في موضوع (الحق) وهي بعنوان:

*الحقوق الأربعينية للكتاب العزيز

حقوق القرآن الكريم علينا وواجباتنا نحوه أو"الحقوق الأربعينية للكتاب العزيز"

القرآن بالنسبة للمومنين به هو:

النور والهدى والفرقان والحق،وهو الكلام المبارك والرحمة والشفاء والبشرى ، وهوالموعظة والبرهان، فيه أحسن القصص وسماه الله تعالى: {قرآنا عربيا غير ذي عوج}، وهو الكتاب المعجز الذي فيه نبأ ما قبلنا وخبر ما بعدنا، وحكم ما بيننا.

هو الفصل ليس بالهزل، هو الذي من تركه من جبار قصمه الله،ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، فهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلَق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه. وهو الذي لم تنته الجن إذ سمعته أن قالوا: إنا سمعنا قرآنا عجبا، هو الذي من قال به صدق، ومن حكم به عدل،ومن عمل به اجر، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم، كتاب جمع الله سبحانه وتعالى فيه أحكام كل شيء قال تعالى: {ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين} وفيه كنوز عظيمة يخرجها لمن أدى حقوقه: إيمانا وتلاوة وحفظا وتدبرا وعملا ودعوة ومنافحة، ولا يخلو شيء من تلك الحقوق من أجر وثواب، ولئن نالت بعض الحقوق نصيبا من العناية والاهتمام والاعتبار في الأمة، فإن النقص لا يزال قائما في الحقوق الأخرى مثل التدبر والفهم والتفكر فيه والاستنباط منه ومساءلة آياته ومدارستها واستخراج ما يناسب زماننا وتلمس الحلول من هديه لمشاكلنا وقضايانا وكذا حقوق العمل بكتاب الله تعالى والدعوة إليه والمنافحة عنه وغيرها من الحقوق مما يستوجب النفير لأدائها وبذلها، وسأحاول هنا تصنيفها في ثمان محاور كبرى تصل تفاصيلها إلى ما أسميته ب"الحقوق الأربعينية للكتاب العزيز" وهي كما يلي:   أ- ما يتعلق بالإيمان والاعتقاد والجوانب القلبية والعاطفية:

1-الإيمان به والجزم بأنه الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه،قال تعالى:  {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِفَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا }(136)النساء. وقال سبحانه: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ(44)سورة فصلت. وهذا الإيمان يشمل الكتاب كله كما قال تعالى: أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (85)البقرة. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة الثانية والثلاثون بعدالمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*الحقوق الأربعينية للكتاب العزيز

2- محبته لأنه كلام الله تعالى: قال تعالى"وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ"165 البقرة. والمحب لله محب لكلام الله.

3- اعتقاد شموليته لخير الدنيا والآخرة، قال تعالى: وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (89)النحل.

4- اعتقاد فضله وعلو مكانته، و أنه أفضل الكتب المنزّلة وأنه مهيمن عليها وناسخ لها.قال تعالى: وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ..48 المائدة.

5- اعتقاد أنه أصدق الكلام ( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنْ اللَّهِ قِيلاً) [النساء:122].

6- التفاعل الوجداني معه والخشوع عند سماعه  {وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً } [الإسراء:109].وقال تعالى: {لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }(21) سورة الحشر. وقال سبحانه: { اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} (23)الزمر.

7- الخوف من وعيده، والرجاء في وعده. وصف الله

عباده بقوله:{وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ

عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا (57)الإسراء.

8- محبة العاملين به وموالاتهم على الحق والخير. وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71)التوبة.

9- معاداة من يقدح فيه أو يقلل من شأنه. قال عن

 الكافرين:"بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51)المائدة.

10- اعتقاد أنه محفوظ من الزيادة والنقصان { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }[الحجر:9].

11- اعتقاد أنه النور والسعادة والهدى والبركة والرحمة والفلاح في الدنيا والآخرة في حياة الفرد والجماعة.قال تعالى: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9) وأَنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (10) وقال تعالى:وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (155)الأنعام.

 إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة الثالثة والثلاثون بعدالمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*الحقوق الأربعينية للكتاب العزيز

ب- ما يتعلق بالتلاوة والأداء:

12- تلاوته في كل وقت وحين حسبما تيسر، حتى لو كنت على غير طهارة بدون مس.قال تعالى: فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ } والاجتهاد في قراءته كل يوم، وعدم هجره، قال تعالى: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا }(30)

13- ترتيل القران { وَرَتِّلْ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً } [المزمل:4] ولأن تحسين الصوت في التلاوة يزيد القرآن حسنا.

ج- ما يتعلق بالآداب والمستحبات:

14- أن لا يمس القرآن إلا على طهارة. لحديث الترمذي عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وصححه الألباني وغيره"لا يَمَسُّ القُرآنَ إلَّا طاهِرٌ"ولا يسمى ما على شاشات الهواتف والحواسيب مصحفا فلا يأخذ حكما والأفضل القراءة على طهارة.

15- الإنصات عند سماعه قال تعالى: وَإِذَا قُرِىءَ

 الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204) [الأعراف:204].

16- عدم وضع المصحف على الأرض استئناسا بقوله تعالى عن الصحف{ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ } [عبس:14].

17- استخدام السواك قبل قراءة القرآن لما في الحديث : طيبوا أفواهكم بالسواك فإنها طرق القرآن

18- الاستعاذة من الشيطان الرجيم قبل القراءة، قال تعالى: فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98).

د- تدبر آياته وفهم معانيه واستنباط الهدي والأحكام منه:

19- حسن الفهم على ضوء العربية وفهم النبي صلى الله عليه وسلم وفهم السلف الصالح.قال تعالى بخصوص العربية: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2)سورة يوسف.

20- العناية بعبادة التدبر والتفكر في آياته. قال تعالى: أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا (82) [محمد:24].وقال سبحانه: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24) سورة محمد. وقال تعالى:كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ (29)ص.

21- القراءة في كتب التفسير واللغة والسنة والسيرة

حتى تعرف معاني الآيات.لدخولها في طلب

العلم بالقرآن الكريم ولقوله تعالى:" فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ (43)النحل.

22- استنباط الهدي والأحكام من آياته. يستأنس بقوله تعالى "وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ.."83 النساء.

23- تدارس معانيه.يستأنس بقوله تعالى:"وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ (79)آل عمران. ومعنى تدرسون:تحفظون ألفاظه و تفقهون أحكامه، ثم حديث "ما اجتمع قوم في بيت.." إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة الرابعة والثلاثون بعدالمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*الحقوق الأربعينية للكتاب العزيز

24- أخذ العبر والدروس من مبادئه وقصصه. لقوله تعالى"لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ" 111 يوسف

ه- ما يتعلق بالعمل والالتزام والاستقامة عليه:

25- اتباعه والعمل به، والتخلق بآدابه، والبعد عن ما نهى عنه وقد كان رسولنا ؛ يوصف بأن (خلقه القرآن).قال تعالى: اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ (3)الأعراف. وقال سبحانه: أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ (44)البقرة.

26- التعبد به، إذ هو أفضل الذكر. قال تعالى:إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا

مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ (29)فاطر،وقال تعالى:"وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا (79)الإسراء.

27- التحاكم إلى أحكامه وتشريعاته.وتنزيلها في مختلف مجالات الحياة الفردية والأسرية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعلاقات الدولية في السلم

والحرب.

قال تعالى:" فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ.."48 المائدة. وقال

تعالى:"وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44)المائدة، وقال: وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45)المائدة، وقال:وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (47)المائدة.وقال:أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50)المائدة.

28- الاهتداء بهديه والاسترشاد به واستحضار

مقاصده. قال تعالى:"الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ

فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ (2)البقرة.

29- الاستشفاء به، قال تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا (82) [فصلت:44] وقد كان من هديه صلى الله أن يرقي نفسه عند النوم بالمعوذات، وأرشدنا إلى التداوي بالقرآن في نصوص كثيرة.

30- الاعتصام به والتوحد والاجتماع عليه والتعاون على أداء حقوقه، قال تعالى :"وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا" قال ابن العربي في أحكامه في بيان معنى "حبل الله":اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ ؛ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : هُوَ عَهْدُ اللَّهِ ، وَقِيلَ : كِتَابُهُ ، وَقِيلَ : دِينُهُ .ثم قال:فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ كِتَابُ اللَّهِ ، فَإِنَّهُ يَتَضَمَّنُ عَهْدَهُ وَدِينَهُ

و- الدعوة إليه وتبليغه وبيانه والإشعاع به:

31- الدعوة إليه وتبليغه للعالمين.قال تعالى: كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ

بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2)الأعراف.

32- تعليم الناس القرآن «خيركم من تعلم القرآن وعلّمه»البخاري ومسلم قال تعالى: كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ (151)البقرة.

 إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة الخامسة والثلاثون بعدالمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*الحقوق الأربعينية للكتاب العزيز

33- بيانه وتبيينه وحسن تفسيره، والتذكير به، قال تعال: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ (159) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160)البقرة. وقال سبحانه: نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ }(45) سورة ق.

34- الاستدلال به وإقامة الحجة على الخصوم ببراهينه ومجاهدتهم به.قال تعالى:{فلا تطع الكافرين وجاهدهم به}يعني بالقرآن،قاله ابن عباس{جهادا كبيرا}

35- ترجمته بأجمل ما في مختلف لغات العالم من عبارات ومعاني.

ز- المنافحة عنه والتضحية من أجله:

36- الدفاع عن كتاب الله تعالى بحسب الوسع والطاقة.

37- مقاطعة المجالس التي يستهزأ فيها بكتاب الله في حال العجز عن الرد والمنافحة، قال تعالى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا (140)النساء.

38- التضحية بكل غال ونفيس في سبيل أداء حقوق القرآن.

ه- حفظ كتاب الله عز وجل:

39- حفظ الفاتحة وبعض ما يقرأ به العبد في صلاته.

40- حفظه كله أو حفظ ما تيسر منه. ففي جامع الترمذي عن عصمة بن مالك وحسنه الألباني عن النبي صلى الله عليه وسلم "لو جُمِعَ القرآنُ في إِهابٍ ، ما أحرقه اللهُ بالنَّارِ"يقول أبو أمامة: إن الله لا يعذب بالنار قلباً وعى القرآن. وفي حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن لله أهلين من الناس، قالوا يا رسول الله: من هم، قال: هم أهل القرآن أهل الله وخاصته).ولا شك أن حفاظ كتاب الله من يقيمون حدوده من أهل القرآن.

[الأنترنت – موقع مغرس- "الحقوق الأربعينية للكتاب العزيز"  - محمد بولوز]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة السادسة والثلاثون بعدالمائة في موضوع (الحق) وهي بعنوان:

*معرفة حقوق القرآن الكريم

*حق التلاوة والقراءة

أولى هذه الحقوق هو حق التلاوة أو القراءة، وفي البدء نشير إلى أن قراءة القرآن تختلف عن قراءة غيره من النصوص المكتوبة وإن كانت بنفس لغته وحروفه، حيث تشترط –هذه القراءة- شروطًا وقواعدًا في القراءة لا تشترط لغيره، أشار إليها القرآن ذاته فيما أسماه بـ (حَقَّ تِلَاوَتِهِ)  [البقرة/121].

والتلاوة: اتساق الشيء، وانتظامه على استقامةٍ، والترتيل إرسال الكلمة من الفم بسهولة واستقامة. قال تعالى (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا) [المزمل/ 4]، (وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا) [الفرقان/32] أي جودنا تلاوته. 

أما القراءة: ضم الحروف والكلمات بعضها إلى بعض في الترتيل، وليس يقال ذلك لكل جمع.

لا يقال قرأتُ القوم إذا جمعتهم، ويدل على ذلك أنه لا يقال للحرف الواحد وإذا تُفُوِّهَ به قراءةٌ، والقرآن في الأصل مصدره، نحو: كفرانٍ، وَرُجحانٍ. قال تعالى (إنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ .فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) [القيامة /17 – 18].

وقال بعض العلماء: تسمية هذا الكتاب قرآنًا من بين كتب الله لكونه جامعًا لثمرة كتبه،بل لثمرة جميع العلوم [ انظر: الراغب الأصفهاني: معجم ألفاظ القرآن، مادة قرأ .]

كما أشار تعالى إليه بقوله:(وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ)يوسف/ 111

،(تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ) [النحل / 89]، (قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي

عِوَجٍ) [الزمر / 28]، (وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ) [الإسراء / 106]، (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) [الإسراء / 78] أي قرَأَتَهُ..

وهكذا فإن التلاوة والقراءة تتضمنان معرفة قواعد التناسب، وحقوق الحرف، وشكل استقامته ومعيار تلك الاستقامة التي يجب أن يكون عليها اللسان حال النطق القرآني، وما يجب فيها وما لا يجب، إن حق القراءة للقرآن، لا يشبهه – كما تقدم – أي حق لأية قراءة أخرى، فهذه القراءة لها متطلباتها من حيث:– العلم بالمقروءقداسته،مكانته،كيفية نزوله،كيفية نطقه

– الوعي بمضامينه البنائية ومكوناته الفكرية

والأخلاقية والاجتماعية.

– إدراك مقاصده وغاياته في الشهود والحركة.

– تحقيق الاستقامة في اللسان حتى تتحقق في الذهن والتصور والوجدان.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة السابعة والثلاثون بعدالمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*معرفة حقوق القرآن الكريم

*حق التلاوة والقراءة

وقد رسم القرآن خارطة لتلاوة النبي للقرآن على المؤمنين وعلى غيرهم بصورة واضحة جلية.

#نأخذ أحيانًا وصف القراءة البطيئة. (وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلًا) [الإسراء/ 10].

#وأحيانًا وصف الترتيل (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا) [المزمل/ 4].

#وأحيانًا وصف التلاوة (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ) [العنكبوت /45].

#وأحيانًا تكون القراءة تبيانًا وتبينًا (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) [النحل / 44]، أو بلاغًا (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ) [المائدة / 67].

#والمقصود من هذا كله أن يكون أداء القرآن في غاية الدقة والوضوح،وقد أُثر عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أنه كان إذا قرأ القرآن بيَّن الحروف، ومد الحركات، فإذا قرأ (بسم الله الرحمن الرحيم) كان يمد (الله) ويمد (الرحمن) ويمد (الرحيم)… كانت قراءته مفسرة.

#وعلى هذا فإن الأحكام الناشئة عن الحرص في قراءة القرآن تحقق أمرين في أدائها:[عبد الصبور شاهين: تاريخ القرآن]

الأول: دقة الأداء الفصيح، على نحو ما تنطق العرب اللغة الفصحى.

الثاني: المحافظة على بيان كل صوت، بحيث لا يختفي

 أي من الأصوات في حال الوقف، حرصًا على تمام المعني القرآني، وكما تم تبليغه.

وقد أدى تباعد المسلمين عن زمن نزول القرآن، وما أصاب لسانهم  من اللحن في اللغة عامة، والقرآن خاصة، إلى انتباه فريق من علماء القرآن الذين وضعوا أصول علم قراءة القرآن لتجنب اللحن فيه، وعرف هذا العلم بـ”علم التجويد”،وعرفوا التجويد – موضوع هذا العلم- بأنه “إعطاء الحروف حقها ومستحقها، ورد الحرف إلى مخرجه وأصله وتلطيف النطق به على كمال هيئته من غير إسراف ولا تعسف ولا إفراط ولا تكلف”.

وعلى ذلك فيعد تعلم “علم التجويد” ضرورة لقراءة القرآن، التي لا يكتمل حق قراءة القرآن إلا بها، وقد عد العلماء” القراءة بغير تجويد لحنًا. واللحن هو كل خلل يطرأ على الألفاظ”[مناع القطان: مباحث في علوم القرآن، ص190.]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة الثامنة والثلاثون بعدالمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*معرفة حقوق القرآن الكريم

*حق المدارسة والتعلم

وهذا الحق (حق المدارسة والتعلم) ثابت، بالغاية من القرآن ذاته بأنه كتاب هداية (هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ) فكيف يتحقق الهدى من القرآن دون دراسته ؟ أي تعلم ما فيه من مقومات تلك الهداية بجانبيها العقلية والقلبية؟

وقد أثبت القرآن هذا الحق بشكل مفصل لا لبس فيه، قال تعالى (وَلَٰكِن كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ) [آل عمران/ 79]. وذكر القرطبي في تفسير هذه الآية أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ما من مؤمن ذكر ولا أنثى حر ولا مملوك إلا ولله عز وجل عليه حق أن يتعلم من القرآن ويتفقه في دينه ثم تلا هذه الآية.[رواه ابن عباس.]

وقوله تعالى “تَدْرُسُونَ” من التدريس. وقرأ ابن عامر وأهل الكوفة تعلِّمون بالتشديد من التعليم، واختارها أبو عبيدة لأنها تجمع بين المعنيين (التعليم والتعلم)        [ القرطبي، تفسير آية رقم 79 من سورة آل عمران.]

وقال صلى الله عليه وسلم أيكم يحب أن يغدو كل يوم إلى بُطحان أو العقيق، فيأتي كل يوم بناقتين كوماوين[ أي نَاقَتَيْنِ عَظِيمَتَيِ السَّنَامِ.]

يأخذهما بغير إثم بالله، ولا قطع رحم؟ قالوا “كلنا يا رسول الله،قال:فلأن يغدوأحدكم كل يوم إلى المسجد فيتعلم آيتين من كتاب الله،خيرله من ناقتين، وثلاث خير له من ثلاث،وأربع خير له من أربع ومن أعدادهن من الإبل”[  رواه مسلم وأبو داود.]              والمدارسة من الدرس والتعلم والتفقه والتدبر التي تحقق غاية القراءة للقرآن (لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ)،والتدبير لا يتحقق بالقراءة العابرة للنص القرآني، وإنما يتحقق عبر الوقوف على الدلالات والغايات والمقاصد التي تتضمنها السوروالآيات،ولا تتحقق كذلك عبرمنهجية جزئية تجزيء القرآن،وإنما عبر رؤية كلية – تأتي عبر الدرس والمدارسة – تدرك:

– غايات القرآن.

– موضوعات، مضامين القرآن الرئيسة والكلية.

– أحكام القرآن وتشريعاته وأخلاقه وعقائده.

– موقف القرآن من المشكلات الإنسانية والحلول التي يقدمها.

– توجيهات بناء الحياة الإنسانية ونظمها المختلفة الاقتصادية والاجتماعية، ..

– تدرك السنن وحركة التاريخ.

– أحوال النفس وعلاج انحرافها…وهكذا.

   ويمكن أن تستخدم في تلك المدارسات القرآنية الوسائل الحديثة والمعاصر في التعلم، وكذلك نظريات علم النفس التي تدرج النمو المعرفي والعقلي والفروق الفردية كعناصر رئيسة في عملية التعلم للفرد، ويمكن أن يتلاقى ذلك مع فكرة “نزول القرآن منجمًا” من أجل تحقيق التدرج في تربية الأمة، وتحقيق مقاصد القرآن فيها.

كما يمكن الاستفادة – أيضًا – مما أنتجه العقل المسلم حول القرآن مثل:

1- المعاجم القرآنية، للتعرف على ما أشكل من الألفاظ القرآنية، ومواضع الكلمات ومعانيها بحسب السياقات،وهكذاانظر مقالتنا: معاجم القرآن ودورها في تعزيز التدبر, إسلام أون لاين ]

2- التفاسير القرآنية، بغير أن تكون ذاتها صارفة عن التعامل الراشد مع القرآن، أي أنها لا تغني عن اكتشافات ذاتية للدارسين في القرآن.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة التاسعة والثلاثون بعدالمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*معرفة حقوق القرآن الكريم

*حق المدارسة والتعلم

3- الاتجاهات الجديدة في التعامل مع القرآن في القرنين الماضيين، والتي كتبت تحت عنوان “كيف

 نتعامل مع القرآن” كما يمكن لهذه الكتابات الرائدة –أيضًا- أن تكون مصدرًا مهمًا وملهمًا للمؤسسات التربوية في تعلم ودرس القرآن، وحتى على المستوى الفردي من خلال القراءة الحرة.

ومن هذه الكتابات الرائدة والمُعينة على درس القرآن ومدارسته:

1- تفسير جزء عم -محمد عبده.

2- كيف نتعامل مع القرآن -محمد الغزالي.

3-  كيف نتعامل مع القرآن العظيم-يوسف القرضاوي

4- التفسير البياني – عائشة عبد الرحمن

5- مفاهيم قرآنية – السيد عمر.

6- مجالس القرآن – فريد الأنصاري.. وغيرها.

ويطرح الأنصاري في “مجالس القرآن” ثلاث خطوات

منهجية لتدارس القرآن وهي:[ فريد الأنصاري: مجالس القرآن,  ص 64.]

1. تلاوة القرآن بمنهج التلقي: أي استقبال القلب للوحي، إما على سبيل النبوءة – كما كان للنبي – صلى الله عليه وسلم – أو على سبيل الذكر، أي يقع القرآن على موطن حالة القلب.

2. التعلم والتعلم بمنهج التدارس.

3. التزكية بمنهج التدبر الذي يحيل الإنسان على (التفكر) الذي هو المنهج الرباني لقراءة الكون.

*حق الدعوة إليه وتبليغه إلى الناس

القرآن دعوة عالمية، موجهة إلى الناس كافة، وليس للمسلمين فقط (لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا)، ومن ثم حمل قسطًا كبيرًا من الخطاب الإنساني، بل إن خطابه الأساسي {للناس كافة}(يَا أَيُّهَا النَّاسُ) وهو الخطاب العام في القرآن،يليه الخطاب الخاص{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} والمؤمنون مكلفون بحسب رسالتهم ووظيفتهم الشهودية (لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) أن يبلغوا “كلمات الله” التي آمنوا بها إلى “الناس” كل الناس.

وهذا البلاغ شرطه أن يكون مبينًا (البلاغ المبين) وهو شرط: علم ومعرفة بالمبلَغ عنه وتطبيقٍ وعملٍ بتوجيهاته وأوامره، ولا يتحقق البلاغ المبين – أيضًا – إلا إذا أخذت الأمة موقعها الحضاري بين الأمم، فلا بلاغ لضعيف لأنه لن يسمعه أحد. ومن ثم فعلى المسلم أن يرتفع إلى مستوى الحضارة المعاصرة – على الأقل – ليستطيع الوفاء بواجبه نحو(القرآن)بالدعوة إليه وإبلاغه إلى الناس كافة.

وهو ما يتطلب – أيضًا – معرفة الإنسان المعاصر معرفة معمقة، وجوانب التأثير في بنائه وتكوينه التربوي، والارتقاء بمستوى الخطاب القرآني المقدم له،وذلك عن طريق درس العلوم الاجتماعية والتربوية التي مكنت من سبر أغوار كثير من جوانب الإنسان وعوامل التأثيرفيه،وكذلك البحث في واقعية القرآن وعقلانيته إزاء المشكلات المعاصرة التي أنتجتها الحضارة الحديثة،وأفقدت الإنسان فيها إنسانيته ومعنوياته. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة الاربعون بعدالمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*معرفة حقوق القرآن الكريم

*حق التطبيق والعمل

لا ينفصل الإيمان بالقرآن عن العمل به، فالإيمان صنو العمل في النهج القرآني (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا)، وعن عمر رضي الله عنه :كنا نحفظ العشر آيات فلا ننتقل إلى ما بعدها حتى نعمل بهن”.

ودوائر التطبيق ثلاث:

الدائرة الأولى : دائرة الفرد ذاته.

والدائرة الثانية: دائرة المسؤولية الجماعية للفرد(الأسرة)

والدائرة الثالثة : دائرة المجتمع والدولة.

ولكل دائرة من هذه الدوائر شكل ومضمون لتطبيق القرآن والعمل به؛هذه بعض حقوق القرآن الأساسية التي يجب أن يتم الترويج لها في الواقع الإسلامي، ودفع مؤسسات التربية والتعليم والثقافة والإعلام والدعوة إلى تبني قيم هذه الحقوق، بما يَّمكِن من عودة القرآن واستعادته كدافع للبناء الحضاري للمجتمعات الإسلامية المعاصرة.

[الأنترنت – موقع حق القرآن العظيم ، حسان عبد الله ]

*كلمات في حق القرآن الكريم

هذا الكتاب المبارك الطيّب،وهذا الدين منبّه الإحساس بالجمال في نفس هذا الإنسان، وموقظ الشعور والقلب والعقل والخيال، لتملّي هذا الجمال..

     فيا أيها المسلم الذي كان كتابه أجمل الجمال وأبلغ البيان، ويا من خَلَقَهُ الله في كونٍ كلّه جمال، أفلا تفتح كل نوافذ روحك لاستكناه كوامن هذا الجمال، إنْ في الكتاب المسطور، أو في الكتاب المنظور؟!

*أوصاف القرآن في القرآن

وردت في صفة القرآن أسماء وأوصاف كثيرة؛ فهو القرآن والكتاب والفرقان والذكر والنور والروح، وهو المجيد والعزيز والكريم والمبارك، وهو البيّن والمبين وآياته البينات، وهو الميسّر للذكر، وهو البصائر والشفاء، وهو المحفوظ والمهيمن والعلي والحكيم، وهو الهدى،وحبل الله المتين،والعروة الوثقى،وهو البشرى والبشير، وهو الذكرى، والوحي، والفرقان.

وهو الكلمة الطيبة التي ضرب الله لها المثل بالشجرة الطيبة التي {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} وهو المثاني، وهو الحق، وهو القول الفصل والتنزيل، وما

 شرف الأسماء وكثرتها إلا لشرف المسمى.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة الواحدة والأربعون بعدالمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*المساواة بين الرجل والمرأة في حق العمل

سوَّى الإسلام كذلك بين الرجل والمرأة في حقِّ العمل، فأباح للمرأة أن تضطلع بالوظائف والأعمال المشروعة التي تُحسِّن أداءها، ولا تتنافر مع طبيعتها، ولم يُقيِّد هذا الحقَّ إلا بما يحفظ للمرأة كرامتَها، ويصونها عن التبذُّل، وينأى بها عن كلِّ ما يتنافى مع الخُلُق الكريم، فاشترط أن تؤدي عملَها في وقارٍ وحشمة، وفي صورة بعيدة عن مظانِّ الفتنة، وألا يكون من شأن هذا العمل أن يؤدي إلى ضررٍ اجتماعي أو خُلُقي، أو يَعوقها عن أداء واجباتها الأخرى نحو زوجها وبيتها،أويُكلِّفهامالاطاقة لها به،وألا تَخرُج في زيها وزينتها،وستْرأعضاء جسمها،واختلاطها  بغيرها في أثناءأدائهالعملها في الخارج عماسنَّته الشريعة الإسلامية في هذه الشؤون [ حقوق الإنسان في الإسلام (ص: 25).]

وقد كانت النساء في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم يَقُمن بكثير من الأعمال في داخل بيوتهن وفي خارجها، وإليك مثلاً (أسماء بنت أبي بكر) زوجة الزبير؛ فقد كانت تقوم بكثير من الأعمال اللازمة لزوجها وأسرتها في داخل بيتها وخارجه، وفي ذلك تقول هي نفسها: "تزوَّجني الزبير وما له في الأرض من مال ولا مملوك ولا شيء، غير ناضح - هو الجمل - وغيرفرسه، فكنت أَعلِف فرسَه، وأستقي الماءَ، وأَفرِز غربةَ الدلو وأعجن، ولم أكن أُحسِن الخَبْزَ، فكان يخبز جارات لي من الأنصار، وكن نسوة صِدق، وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأسي، وهي مني على ثلثي فرسخ... الحديث"[رواه البخاري كتاب النكاح، باب الغيرة (3: 264)، وأحمد (6 :347).]

بل لقد اضطلعت المرأةُ المسلمة ببعض شؤون الحرب

 نفسها في عهد رسول الله عليه الصلاة والسلام، فلم تخلُ غزوةٌ من غزواته من نساء يَقمُن بمساعدة الرجال وشؤون الإسعاف للجرحى، ومن بين هؤلاء من حفظ لهن التاريخُ مواقفَ بطولة مجيدة كالسيدة بنت قيس الغفارية، التي أكبر الرسول صلى الله عليه وسلم حُسْن بلائها في غزوة خيبر، فقلَّدها بعد انتهاء هذه الغزوة قلادة تُشبِه الأوسمة الحربيَّة في عصرنا الحديث، وظلَّت هذه القلادة تُزيِّن صدرَها طول حياتها، ولما ماتت دُفِنت معها عملاً بوصيَّتها[حقوق الإنسان في الإسلام (ص: 34).]

والمرأة إما تعمل لحاجة لها، أو لاحتياج المجتمع لها، فأما احتياجها للعمل؛ فذلك بفقد العائل، أو بعجزه عن الكسب، مع أنه ندَر ما تفقد المرأة العائل؛ وذلك لأنها في كنفِ رجل من أقربائها حسَب درجات القرابة في مجتمعها الصغير، فما لم يكن هذا فعلى المجتمع الكبير "الدولة" أن يؤدي دورَه حيالها؛ حتى لا تُعوِزَها الحاجة للكسب أو الامتهان، فإذا لم يؤدِّ المجتمع الصغير ولا الكبير دورَه، واحتاجت المرأة، وليس لها من يقوم بها، فإن هذه ضرورة تجعلها تعمل داخل بيتها أو تخرج للعمل، فإذا خرجت فالضرورة بقدرها، بحيث لا تخرج مُتبرِّجة أو مُتعطِّرة، ولا تختلِط بالرجال في طرق المواصلات أو مكاتب العمل أو نحو هذا.

والقرآن الكريم يَعرِض علينا قصةَ بنات شعيب؛ لنأخذ منها العِبرة، ونَستنبِط منها الأحكام؛ وذلك في قول الله تعالى: ﴿ وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ ﴾ [القصص: 23]، تَذودان ماذا؟ تذودان الماشية، بمعنى تمنعان الماشية أن تذهب إلى عين الماء، ولمَ؟ مع أنهما ما خرجتا إلا لتَرِدا الماء؟ وهذا هو الذي جعل سيدنا "موسى" عليه السلام يسأل: ما خطبكما؟ وهو سؤال طبيعي؛ لرؤية حالة متناقِضة؛ إذ رأى امرأتين مع ماشيتهما نحو عين الماء، ثم منعاها أن تَرِد الماء، وردَّت المرأتان: ﴿ لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ ﴾ [القصص: 23]، وهي إجابة في غاية البلاغة والوضوح، فنحن قد خرجنا لضرورة، وهي: ﴿ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ ﴾، وإذ فعلْنا هذا، فالضرورة بقدرها،فلا نختلِط بالرجال، فنُدخِل ما ليس ضرورةً بالضرورة ﴿ لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ ﴾، فهذه قضية بحيثيتها، أن الخروج للعمل بضرورة، والضرورة بقدرها، بدون تزيُّد، ثم تظهر الآيات مهمة المجتمع الإنساني أو الإيماني في قوله تعالى: ﴿ فَسَقَى لَهُمَا ﴾ [القصص: 24]، أنه إذا رأى امرأة أخرجتْها الضرورة إلى مجال العمل، فعليه أن يؤدي لها العمل؛ لتعود إلى مكانها الطبيعي، هذه هي مهمة الإيمان.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة الثانية والأربعون بعدالمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*المساواة بين الرجل والمرأة في حق العمل

وكون القرآن يُعطينا الحُكمَ منذ عهد موسى؛ لأنه - سبحانه وتعالى - العالم بعِلمه المحيط، يعلم أن

أصحاب موسى "اليهود" هم الذين سيصنعون للمرأة حدودَ الانطلاق عندهم، ليكون ذلك أسوة لحدود الانطلاق عند غيرهم، فجاء بها عن "موسى"؛ لأننا حين نرى ما يَفِد إلينا من صناعات اليهود، وادعائهم تجميد المرأة على نظام الإسلام، نقول لهم: نبيكم هو الذي سقى لهما وتلك كانت مهمته، بل شريعته.

تشير الآيات الكريمة في لفتةٍ منها، على يد امرأة - لا على يد رجل - أنها تُريد كرامة لنفسها، وحرصًا على عِرضها، وتحاول جاهدةً أن تخرج من الضرورة، حين تَجد أول بصيص من الأمل يُخرِجها من الضرورة، وذلك في قوله تعالى: ﴿ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ﴾ [القصص: 26]، فلو أن المرأة حلا لها أن تَخرج من مكانها الطبيعي إلى الخارج، لما نبَّهت أباها إلى أن يستأجر الرجل ويَحميها من الضرورة التي أخرجتها، إذًا فالمرأة الواعية هي التي تَعشَق التستر، وتَعشَق الاحتجابَ؛ لأن ذلك هو كرامة المرأة، لا تبرُّجها وتبذُّلها وخروجها واختلاطها، كما يريد لها الجوعى من الذئاب البشرية، ولكن كيف يعيش "موسى" خادمًا في البيت، وهو أجنبي عنه، لا يجوز له الاختلاط معهن ولا يجوز لهن الاختلاط معه؟ فيحلُّ شعيبٌ المشكلة حلاًّ إيمانيًّا، بتزوج "موسى" واحدةً منهن، فتَحرُم الأخرى تحريمًا مؤقَّتًا، وتَحرُم الأم تحريمًا مؤبدًا؛ ﴿ قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ * قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ ﴾ [القصص: 27، 28][شبهات وأباطيل خصوم الإسلام والرد عليها؛ الشيخ: محمد متولي الشعراوي، بتصرف ط مكتب التراث الإسلامي، الأولى 1401هـ، 1983م.] [الأنترنت – موقع الألوكة - المساواة بين الرجل والمرأة في حق العمل د. عمر بن عبدالعزيز قريشي]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الثالثة والأربعون بعدالمائة في موضوع

(الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*حقوق العمال في الإسلام       

   لقد أعز الإسلام العامل ورعاه وكرمه ، واعترف بحقوقه لأول مرة في تاريخ العمل ، بعد أن كان العمل في بعض الشرائع القديمة معناه الرق والتبعية ، وفي البعض الآخر معناه المذلة والهوان .

فقد قرر الإسلام للعمال حقوقهم الطبيعية – كمواطنين – من أفراد المجتمع ، كما جاء بكثير من المبادئ لضمان حقوقهم – كعمال –  قاصداً بذلك إقامة العدالة الاجتماعية وتوفير الحياة الكريمة لهم ولأسرهم في حياتهم وبعد مماتهم .

كما دعا الإسلام أصحاب الأعمال إلى معاملة العامل معاملة إنسانية كريمة ، وإلى الشفقة عليه والبر به وعدم تكليفه ما لا يطيق من الأعمال إلى غير ذلك من الحقوق التي منحها الإسلام للعامل والتى يمكن إجمالها فيما يلى :

أولاً : حق العامل في الأجر :

أجر العامل هو أهم التزام ملقى على عاتق صاحب العمل ، ولذلك عنى به الإسلام عناية بالغة ، ولقد رأينا كيف يعد الإسلام العمل عبادة ويضعه فوق العبادات جميعاً ، ويجعل الأخ الذى يعول أخاه العابد أعبد منه ، وعلى أساس هذه النظرة المقدسة للعمل يقدس الإسلام حق العامل في الأجر ، ويحث على أن يوفي كل عامل جزاء عمله .

وقد ورد الأجر في القرآن الكريم في خمسين ومائة موضع ، وجاء وروده بالمعنى المتداول في الحياة العملية ، كما ورد في أسمى المعانى وأكثرها تجرداً في شؤون الحياة الدنيا وعرضها الزائل ، ومن الأمثلة على المعنى المتداول في الحياة العملية قوله تعالى: {قل ما سألتكم من أجر فهو لكم،إن أجرى إلا على الله }( سبأ : 47 ) .

وفي موضع آخر من قصة شعيب وموسى{ قالت إن أبى يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا}( القصص : 25 ) . وفي هذين المثلين الأجر: هو ما عرفناه من عوض المشقة أو جزاءاً عن الخدمة كما نجد العمل في القرآن الكريم يذكر مقروناً بذكر الأجر،يقول تعالى:{ولكل درجات مما عملوا وليوفيهم أعمالهم وهم لا يظلمون " . ويقول تعالى : " إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون " (التين  6 ).

وفي أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم نجد أيضاً تلازماً بين الأجر والعمل ، وهذا كله عموم في الدنيا والآخرة – كما يقول ابن حزم. فجميع الآيات التى ذكر فيها العمل والأجر ليست خاصة بالأعمال ذات الطابع الدينى ، وإنما هو قانون عام شامل لكل نوع من أنواع العمل

سواء كان عملاً دينياً أو عملاً دنيوياً .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الرابعة والأربعون بعدالمائة في موضوع

(الحق) وهي بعنوان:

ثانياً : حق العامل في الحصول على حقوقه التى اشترطها صاحب العمل :

يجب على صاحب العمل أن يوفي العامل حقوقه التى اشترطها عليه ، وألاّ يحاول انتقاص شيء منها .  فذلك ظلم عاقبته وخيمة ، ولذلك يجب على صاحب العمل ألاينتهزفرصة حاجة العامل الشديدة إلى العمل فيبخسه حقه ، ويغبنه في تقدير أجره الذى يستحقه نظير عمله،فالإسلام يحرم الغبن ويقررلاضررولاضرار.

كما يجب على صاحب العمل أن يحفظ حق العامل كاملاً إذا غاب أو نسيه ، وعليه ألاّ يؤخر إعطاءه حقه بعد انتهاء عمله ، أو بعد حلول أجله المضروب .

كما يجب على صاحب العمل ألا يضن على العمل بزيادة في الأجر إن أدى عملاً زائداً على المقرر المتفق عليه،فإن الله يأمرنابتقديركل مجهود ومكافأة كل عمل.

ثالثاً :حق العامل في عدم الإرهاق إرهاقاًيضربصحته

أو يجعله عاجزاً عن العمل :

ولقد قال شعيب لموسى عليه السلام حين أراد أن يعمل له في ماله:وما أريد أن أشق عليك[القصص  27]

فإذا كلفه صاحب العمل بعمل يؤدى إلى إرهاقه ويعود أثره على صحته ومستقبله ، فله حق فسخ العقد أو رفع الأمر إلى المسؤولين ليرفعوا عنه حيف صاحب العمل .

رابعاً : حق العامل في الاستمرار في عمله إذا نقصت مقدرته على الإنتاج :

ليس لصاحب العمل أن يفصل العامل عن عمله إذا

 انتقصت مقدرته على الإنتاج لمرض لحقه من جراء

العمل أو بسبب هرم العامل وشيخوخته .

والقاعدة العامة أنه إذا اتفق صاحب العمل مع شاب على العمل فقضى شبابه معه ثم أصابه وهن في نشاطه بسبب شيخوخته مثلاً فليس لصاحب العمل طرده من العمل ، بل عليه أن يرضى بإنتاجه في شيخوخته كما كان يرضى عن إنتاجه في عهد شبابه وقوته .

ويرمز إلى هذه القاعدة ما تضمنه حديث الرسول صلى الله عليه وسلم من أن رجلاً أرهق جملاً له في العمل فهرم فأراد أن يذبحه ليستريح من عبء مؤونته ، فقال له صلى الله عليه وسلم : " أكلت شبابه حتى إذا عجز أردت

أن تنحره ، فتركه الرجل " .

خامساً : حق العمل في المحافظة على كرامته :

يجب على صاحب العمل أن يحفظ كرامة العامل ، فلا يضعه موضع الذليل المسخر أو العبد المهان . وفي الإسلام وحياة عظمائه كثير مما يؤيد ذلك الأصل الديمقراطى الكريم .

فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يأكل مع الأجير ويساعده في احتمال أعباء ما يقوم به من عمل ، كما لا يصح أن يضرب صاحب العمل العامل أو يعتدي عليه ، فإن ضربه فعطب كان عليه الضمان .

سادساً : حق العامل في أداء ما افترضه الله عليه :

يجب على صاحب العمل أن يمكن العامل من أداء ما افترضه الله عليه من طاعة كالصلاة والصيام ،فالعامل المتدين أقرب الناس إلى الخير ويؤدى عمله  في إخلاص ومراقبة وأداء للأمانة،وصيانةلما عهد إليه به

وليحذر صاحب العمل أن يكون في موقفه هذا ممن يصد عن سبيل الله ويعطل شعائر الدين {  الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة ويصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجاً ، أولئك في ضلال بعيد}   ( إبراهيم  3 )ويقول تعالى:{أرأيت إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى ،أرأيت إن كذب وتولى . ألم يعلم بأن الله يرى } إلى هنا ونكمل في اللقاء القادموالسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الخامسة والأربعون بعدالمائة في موضوع

(الحق) وهي بعنوان:

ثانياً : حق العامل في الحصول على حقوقه التى اشترطها صاحب العمل :

كما يجب على صاحب العمل أن يراقب العمال في سلوكهم ، ويحملهم بالحسنى على التمسك بآداب دينهم ، لأن مراعاة شعور التدين في العمال يجذب قلوبهم إليه ويجعلهم يخلصون في العمل والدفاع عن مصالحه وحمايته بكل وسيلة .

سابعاً : حق العامل في الشكوى وحقه في التقاضى :

لم تقتصر الأحكام الإسلامية الخاصة بعلاقات العمل على تنظيم القواعد الموضوعية المتصلة بحقوق العمال  . وإنما تناولت هذه الأحكام أيضاً القواعد الإجرائية التى تنظم حق العامل في الشكوى وحق التقاضي .

فالإسلام لم يترك أطراف العقد فرطاً بل يسر لهم سبيل اقتضاء حقوقهم إن رضاءً أو اقتضاءً ، كما حرص أشد الحرص على المحافظة على حقوقهم ، واتخذ لذلك جميع الوسائل التى تحفظ هذه الحقوق وتصونها جميعاً .

ومن هذه الوسائل إقامة الحق والعدل بين الناس ، ذلك أن إقامة الحق والعدل هى التى تشيع الطمأنينة وتنشر الأمن ، وتشد علاقات الأفراد بعضهم ببعض وتقوى الثقة بين العامل وصاحب العمل وتنمي الثروة وتزيد من الرخاء وتدعم الأوضاع فلا تتعرض لأى اضطراب ويمضي كل من العامل وصاحب العمل إلى غايته في العمل والإنتاج دون أن يقف في طريقه ما يعطل نشاطه أو يعوقه عن النهوض .

وقد جاءت الآيات والأحاديث داعية إلى العدل ، ومحذرة من الظلم ومحرمة له ، والله سبحانه وتعالى لا يظلم الناس شيئاً بل لا يريد الظلم ،يقول تعالى : " وما الله يريد ظلماً للعباد "( غافر : 31 )

وفي الحديث القدسي :" يا عبادى إنى حرمت الظلم

على نفسي وجعلته بينكم محرماً ، فلا تظالموا "

وما هلكت الأمم السابقة إلا بظلمها وبغيها " ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا " ( يونس : 13 ) ، ويقول تعالى :{فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا }( النمل : 52 ) .

ويقول تعالى :{ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع "  ( غافر 18 )،ويقول تعالى:{وما للظالمين من نصير} ( الحج 71 ).

وفي الحديث " اتقوا دعوة المظلوم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة " ، وفي حديث آخر : " إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته " .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادموالسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة السادسة والأربعون بعدالمائة في موضوع (الحق) وهي بعنوان:

ثامناً : حق العامل في الضمان :

كلمة ضمان أو " تضمين " في الشريعة الإسلامية أقرب ما تؤدي المعنى المراد في كلمة " المسؤولية المدنية " في الفقه الحديث .

ومن الواضح أن تضمين الإنسان عبارة عن الحكم بتعويض الضرر الذي أصاب الغير من جهته .

وقد قرر القرآن الكريم – وهو الأصل الأول للتشريع الإسلامى – مبدأ المسؤولية المدنية في قول الله تعالى : " ومن قتل مؤمناً خطئاً فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله " ( النساء : 92 )

وقررتها السنة – وهى الأصل الثانى للتشريع – في عدة مناسبات ، فقررتها في الإتلاف المباشر ، عن أنس رضى الله عنه قال : أهدى إلى النبى صلى الله عليه وسلم طعام في قصعة ، فضربت عائشة القصعة بيدها ، فألقت ما فيها ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم :طعام بطعام وإناء بإناء " وقررتها على الرجل الذى يمد يده إلى مال الغير فيأخذه قهراً بدون إذن ثم يهلك ، فيقول النبى صلى الله عليه وسلم : " على اليد ما أخذت حتى ترد " .

وهذا أصل المسؤولية الناشئة عن الاستيلاء القهرى

وهو المسمى في اصطلاح الفقهاء( بالغصب)

هذا ومن يتتبع السنة في قضاء الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه من بعده يجد كثيراً من جزئيات المسؤولية المدنية . وطبقاً للأسس المتقدمة يحق للعامل أن يطالب صاحب العمل بحقه في الضمان إذا توافرت شروطه التى عرضنا لها ، وله أن يلجأ إلى القضاء للمطالبة بتعريض ما أصابه من ضرر .

هذه هي أهم حقوق العمال ، وبها يكون الإسلام أوفى العمال حقوقهم وكرمهم ووفر لهم حياة كريمة وأقام عدالة اجتماعية . [الأنترنت – موقع حقوق العمال في الإسلام]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادموالسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة السابعة والأربعون بعدالمائة في موضوع (الحق) وهي بعنوان:

* حق المُتعلِّم على المُعلِّم

لما كان التعليم رسالة شريفة، ومسؤولية ثقيلة، وحِرفة عظيمة، ولما كان المقصود به حفظ الفطرة وتربية العقل وشحذ الهمة وإعداد القوة فإنه واجب على من يتصدى لهذه المهمة الجليلة أن يقدرها قدرها ليوفيها حقها ويبلغ أمانتها. ومما لا تتحقق هذه المقاصد إلا به نذكر: واجب المُعلم تجاه متعلميه أو الأستاذ تُجاه تلاميذه، مادام الأستاذ هو “واسطة عقد المنظومة التعليمية التربوية” و “المربي القدوة” في فصله وحيه وسربه وأمته.

إن للمتعلم على من يُعلمه مجموعة من الحقوق واجب عليه أن يستوفيها وأن ينهض بها بصدق وكفاءة حتى يؤدي التعليم رسالته الخالدة والحاسمة في قيام الأمم ورخاء الدول.

فما هي هذه الحقوق التي على عاتق أهل التعليم؟ أو قل ما هي الواجبات التي ينبغي ألا يغفلها المعلم وهو يؤدي تكليفه؟ من ذلك نذكر أنه:

– من حق المتعلم على المُعلم أن يحافظ له على صفاء فطرته أولا، والفطرة الإسلام. فلا يلوثها بالشكوك والظنون والتخمينات التي أفرزتها وتُفرزها الثقافات العامرة بالسموم. خاصة في زمننا التي تُلصق فيه القيم التافهة بمصطلحات سحرية رنانة تُسَوقها عل أنها الحضارة والتقدم والحداثة…

– من حق المتعلم على المُعلم أن يتعاون مع والديه على تربيته وتعليمه بما يفيده في العاجل والآجل، درءا للتجاذبات التي تقع بين الآباء الذين أرسلوا أبناءهم ليتعلموا العلم النافع مع الأخلاق الفاضلة، وبين المعلمين الذين يلقنون الناشئة المعلومة العلمية مقطوعة من التربية ومفصولة عن حُسن الخُلق.

– من حق المتعلم على المُعلم أن يكون الأخير قدوة

صالحة مُصلحة، أُنموذجا في خُلقه، مثالا للخير

 والحق والعدل والعلم والأمانة. يشع بأدبه قبل علمه، قال الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه: “لما أرسَلَتني أمي إلى التعليم، أوصَتني بقولها: اذهب إلى ربيعة فتعلم من أدبه قبل علمِه”.

– من حق المتعلم على المُعلم أن يكون مُتقنا لحرفته، كُفئا في تخصصه، مُحبا لمادته ومُحببا إياها للمتعلمين بمهارة وفعالية ونجاعة. ملتزما -إلى جانب الخبرة التعليمية والبيداغوجية- بما يسمى “أخلاق المهنة”. [طالع أيضا  الحق في التعليم والحماية الأممية لمبدإ المساواة والمجانية]

– من حق المتعلم على المُعلم أن يكون قادرا على

 التواصل مع متعلميه، عارفا بفروقهم واختلاف مستوياتهم، نافذا بحكمته إلى وجدانهم كي يستحث فيهم القدرة على التزود لآخرتهم مع حفزهم على اكتساب آليات التقدم المعرفي والإبداعي، والموازنة بين نموهم الفكري والروحي والعاطفي بشكل دائم ومتكامل.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادموالسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الثامنة والأربعون بعدالمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

* حق المُتعلِّم على المُعلِّم

– من حق المتعلم على المُعلم أن يظل حريصا على التعاون مع تلاميذه من أجل التكيف الإيجابي مع وضعياتهم، في أفق تغييرها من السيئ إلى الحسن ومن الحسن إلى الأحسن. وتنمية الشعور بالمسؤولية عن الحاضر وعن المستقبل. وذم أخلاق الاستقالة والجبن والانبطاح.

– من حق المتعلم على المُعلم أن يظل أمينا فلا يُخفي على التلاميذ سلبيات الواقع الذي يعيشونه، فأمانة الدلالة على الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يُسقطها خوف الأستاذ أو ضغط الخارج أو

لامبالاة المجتمع…

– من حق المتعلم على المُعلم الربط بين الجانب المعرفي والواقع الذي يعيشه التلميذ حتى يستوعب مختلف الظواهر الاجتماعية ويرصد كيفيات معالجة السلبي وتطوير الإيجابي، فواجب على المعلم ألا يطمس الواقع أو يؤوله تأويلا إيديولوجيا أو يبرره أو يغلفه بمقولات سياسوية مُضللة.

– من حق المتعلم على المُعلم أن يحرص المعلم على تعليم التلميذ كيفيات القراءة والتحليل والتركيب والنقد عوض التلقي البارد لحشو الذاكرة بكم هائل من المعلومات وكفى.. فمن حق التلميذ أن يستقل برأيه وأن يستدرك على الأستاذ وأن يصحح خطأه ويناقشه ويعارضه… فالأستاذ يُحترم لكن لا يُقدس.

– من حق المتعلم على المُعلم أن يدربه على الجمع بين دراسة الشكل ودراسة المضمون،المعلومات والمعارف مع الكفايات والمهارات، حتى يستطيع التلميذ أن يكون عضوا إيجابيا في وسطه المجتمعي، في أمته، وفي الإنسانية. مشاركا لا متفرجا.

– من حق المتعلم على المُعلم تعليمه التفكير المنطقي النقدي البناء الذي يتجاوز كل أنواع التفكير الانغلاقي والسطحي والتجزيئي والساذج، فينبغي أن يتدرب المتعلم عل استعمال التفكير العلمي السببي الذي يبني النتائج عل المقدمات عبر الاستدلال السليم. ف “إذا أدى الأستاذ واجبه تجاه متعلميه فسيؤدي “تعلم التلاميذ التفكير المنطقي السليم ومواظبتهم على القراءة بعقل نقدي وقادر على التمييز، إلى جعل الشعوب مستقبلا يرفضون الانقياد وراء حكامهم المتهورين[طالع أيضا  د. حمداوي: استخدام اللهجة العامية في التدريس مشروع استعماري قديم]

– من حق المتعلم على المُعلم تعليمه حُسن استعمال الأمثلة وتوظيف الوقائع والأحداث بشكل موضوعي (ما أمكن)، يراعي الربط السليم والمناسب والأمين بين المثال والموضوع المدروس.

– من حق المتعلم على المُعلم أن ينمي فيه الروح الجماعية وقيم التعاون والمحبة والتسامح والتضامن، ونبذ قيم الفردانية والأنانية والعزلة والكراهية والانتقام.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادموالسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة التاسعة والأربعون بعدالمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

* حق المُتعلِّم على المُعلِّم

– من حق المتعلم على المُعلم تعليمه كيفية البحث الفردي (الاعتماد عل النفس) والجماعي (عبر مجموعات الفصل)، وفق خطط محكمة: اختيار الموضوع، وضع التصميم،جمع المادة،التوثيق، الأمانة العلمية، التحرير، التحليل، التركيب، الإلقاء، الحوار، الاستدلال…                             

– من حق المتعلم على المُعلم أن يدربه على الحوار في حل مختلف القضايا المستشكلة عليه سواء كانت نظرية أو عملية، وذلك باعتماد طرائق البرهان والحجاج من أجل الإقناع وتجنب الخطاب المتعصب والمستبد، فالمعلم الرسالي لا يحتقر أجوبة التلاميذ ولا يرفضها ولا يقمعهم إن أخطئوا، بل يعالج خطأهم من

حيث تشجيعهم على المبادرة ومحاولة التفوق…

– من حق المتعلم على المُعلم أن ينمي فيه القدرة على الجمع بين العقل والعاطفة، وعدم الانسياق مع المواقف المتطرفة باسم العقلانية أوتلك المواقف المختلة باسم العواطف والأهواء… الوسطية رِفعة وفعالية. والإنسان إنسان بمجموعه.

– من حق المتعلم على المُعلم تجاوز تقنية التلقين التقليدي الأحادي الجانب: من الأستاذ إلى التلميذ فقط، فقد ثبت أن هذا العمل يكرس التخلف والتقوقع حول الذات ويقتل المبادرات ويكبت الطاقات، ويمنع تعلم التفكير النقدي الحر والمسؤول.

– من حق المتعلم على المُعلم تربيته على الاحترام والاختلاف والرفق وقبول رأي الآخر مهما كان مُخالفا وعدم استفزاز باقي الزملاء في الفصل أو خارجه، وعدم استعمال العنف اللفظي والمادي والرمزي في حق زملائه.

– من حق المتعلم على المُعلم أن يجيبه على الأسئلة التي تخطر بباله، وأن يساعده على حل الإشكالات التي تواجهه، سواء في فصل المدرسة أو في الأسرة أو في المجتمع. شرط أن تتصف هذه الأسئلة بالجدية والجدوى.[طالع أيضا  صفات المعلم ورسالته..من خلال كتابات الأستاذ عبد السلام ياسين البيداغوجية]

– من حق المتعلم على المُعلم تربيته على العمل

والإنجاز لا على الكلام العاجز والكسل والتراخي، فالأمة ليست في حاجة إلى علماء كلام ملتهبين يُتقنون “الهدْرولوجيا” ثم ينصرفون عاجزين. وإنما هي في حاجة إلى نماذج وخطط وإنجازات ميدانية قابلة للقياس والتطوير. {يا أيها الذين آمنوا لِمَ تقولون ما لا تفعلون؟}.

– من حق المتعلم على المُعلم التربية على حُسن الظن والمعاملة الحسنة مع الوالدين والجيران والأساتذة والأطر التربوية والإدارية، والناس أجمعين، والتوازن بين طلب الحق والقيام بالواجب. تجنبا لآفات التعنت والعصيان والتقصير…

– من حق المتعلم على المُعلم التربية على أخلاق الرحمة والمودة والحِلم والأناة والاستبشار والتفاؤل والشجاعة، ورفض ثقافة الاستكبار واليأس والتشاؤم. دون إغفال مراعاة الأستاذ للسن الحرجة التي يمر منها التلاميذ، فهي تتطلب وعيا وتفهما وصبرا وتتبعا.

– من حق المتعلم على المُعلم التشجيع على المشاركة والحضور الإيجابي وامتلاك الخبرة وروح الاقتراح والمبادرة والاقتحام عوض الانتظار والكسل والتبعية ولوم الآخرين…

– من حق المتعلم على المُعلم احترام الكرامة الآدمية

في التلميذ وتفهم مواقفه وميولاته وأذواقه، ما لم يظلم أحدا أو يشوش على سير الدراسة أو ينحرف انحرافا حادا يحتاج معه إلى وسائل أخرى تخرج عن تخصص المعلم….

وفي الأخير نذكر بأن حقوق التلميذ على الأستاذ لا تتحقق مُجتمعة وعلى الوجه المطلوب في غياب وضعية تربوية تعليمية سياسية حاضنة تؤسس لعالَم تربوي تعليمي عمارته تهيئة الإنسان ليكون في مستوى المسؤولية الإنجازية الكبرى التي تقع على عاتقه حتى ينعتق من أغلال القعود وأقفال الجمود.[ الأنترنت – موقع  حق المُتعلِّم على المُعلِّم - حق المُتعلِّم على المُعلِّم - أحمد الفراك]                         إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الخمسون بعدالمائة في موضوع (الحق) وهي بعنوان:* أهمية التعليم في الشريعة الإسلامية وهي من حقوق المسلم

لقد جعل الله التعليم من الأمور المطلوبة من كل رجل أو امرأة، وجعل العلماء أفضل من الجهلاء، وحث على طلب العلم، وفائدة التعليم هي تمرين العقل على إدراك الحقائق، وعمقه؛ لأن التعليم عبارة عن نقل خبرات السابقين وأخبارهم وقصص حياتهم، ومن ذلك تؤخذ المعارف والعبر، فالعقل البشري كما يحتاج في نموه وبقائه إلى الغذاء، فإنه يحتاج أيضًا إلى العلم والمعرفة وهو كالمرآة كلما زاد الاهتمام بتنظيفها من الغبار والأدران كانت أحسن حالاً في تأدية وظيفتها المطلوبة منها كما ينبغي[انظر: المقاصد العامة للشريعة الإسلامية ص/351.]

وقد قسم العلماء العلم إلى ما يجب تعلمه على كل مكلف سواء كان ذكرًا أو أنثى، ويطلق على هذا القسم فرض عين، وإلى مالا يجب تعلمه على كل مكلف، بل يجب على الأمة عامة، ويسقط الوجوب بفعل البعض، وهذا النوع يسمى فرض كفاية[انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 8/295.]

فرض العين: هو ما طلب الشارع حصوله من كل فرد من أفراد المكلفين، كوجوب الإيمان بالله، وإقامة الصلاة، والصيام، والزكاة، والحج، وترك شرب الخمر، والكف عن الزنا، والقتل، فهذا ونحوه مطلوب من كل واحد أن يأتي به، وإذا قام به البعض لا يسقط عن الباقين.

فرض الكفاية: وهو ما طلب الشارع حصوله من مجموع المكلفين لا من جميعهم كالجهاد في سبيل الله، وإنقاذ الغريق، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، فهذا إذا قام به البعض يسقط عن الباقين،وفي كونه متعلقًا بطائفة من الناس،أو بكل الناس،خلاف عند الأصوليين [انظر: الأسنوي 1/66.]

وقد بين القرآن في كثير من آياته فضل العلم والعلماء،

 وجاء في السنة كذلك، وهذا يدل على قدر اهتمام الإسلام بالتعليم.

فمن الآيات التي تدل على فضل العلم والعلماء قوله تعالى:{ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ }[سورة الزمر، الآية: 9.]، وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [سورة المجادلة، الآية: 11.]، وقوله تعالى:{وَقُل رَّبِّ زِدْنِي

عِلْمًا} [سورة طه، الآية: 114.]، وقولـه تعالى: {شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }[سورة آل عمران، الآية: 18.]

وقال صلى الله عليه وسلم: «من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين»    [أخرجه: البخاري في صحيحه، كتاب العلم ،ومسلم في صحيحه، كتاب الزكاة، الحديث رقم 1037.]

وقوله صلى الله عليه وسلم: «طلب العلم فريضة على كل مسلم»     [ أخرجه ابن ماجة في سننه، المقدمة، الحديث رقم 224، والهيثمي في مجمع الزوائد، كتاب العلم، باب في طلب العلم، فيض القدير ، الحديث رقم 5264، وأورده السيوطي في الجامع الصغير 2/97.]

وقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع»[ أخرجه: ابن ماجه في سننه، المقدمة، الحديث رقم 226، والبيهقي في السنن الكبرى، المدخل إلى السنن، الحديث رقم 350، وأبي داود في سننه، كتاب العلم، الحديث رقم 3641، والدارمي في سننه، المقدمة، الحديث رقم 351، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله، باللفظ نفسه برقم 351، والترمذي في تحفة الأحوذي، كتاب العلم، باب ما جاء في فضل الفقه على العبادة، وقال ليس إسناده عندي بمتصل 7/421 – 422 – 423، الحديث رقم 2682.]

وغير ذلك مما جاء في فضل العلم، ومكانة العلماء.

قال الشافعي: «طلب العلم أفضل من الصلاة النافلة». وقال أيضًا: «من طلب الدنيا فعليه بالعلم، ومن طلب الآخرة فعليه بالعلم».

وقال: «من تعلم القرآن عظمت قيمته، ومن نظر في الفقه نبل قدره، ومن نظر في اللغة رق طبعه، ومن نظر في الحساب جزل رأيه، ومن كتب في الحديث قويت حجته، ومن لم يصن نفسه لم ينفعه علمه»[ انظر: المفيد في أدب المفيد والمستفيد ص/6 – 7.]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الواحدة والخمسون بعدالمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:* أهمية التعليم في الشريعة الإسلامية وهي من حقوق المسلم

فهذا يدل على عظمة العلم وقدره في نظر علماء الإسلام، وقد اهتم كثير منهم بالكتابة في التعليم وطرقه وآدابه وأغراضه ومراتبه. وكانت ثمرة هذا الاهتمام ظهور مؤلفات وكتابات تفوق الحصر وكلها تتفق في البواعث والهدف.

ولقـد اتفقـت كلمة عـلماء الإسـلام على أن التعـليم

ضـروري لجـميع الناس وأن التعليم لـه أهـداف، ومـن هـؤلاء العـلماء القابسي [ انظر: الرسالة المفصلة ص/292.]، والغـزالي[ انظر: إحياء علوم الدين 1/15.] ، وابن خلدون [ انظر: مقدمة ابن خلدون ص/359.]

ذهب القابسي في كتابه الرسالة المفصلة[ ص/292.] «لأحوال المتعلمين، وأحكام المعلمين والمتعلمين إلى أن التعليم لابد منه لجميع أبناء المسلمين، لا فرق بين أبناء الفقراء والأغنياء، وأن أئمة المسلمين في صدر هذه الأمة ما منهم إلا من قد نظر في جميع أمور المسلمين بما يصلحهم في الخاصة والعامة».

فالقابسي يرى ضرورة تعليم جميع أولاد المسلمين، وفي جميع الأحوال، وأن المسئوول الأول عن ذلك الآباء، وهذا على حسب مقتضى عصره، وأن أجرة المعلم جائزة؛ لأنها لو لم تجز لترتب على ذلك ضياع أطفال المسلمين تحت ظلمات الجهل، وقلة حفظ القرآن؛ لأن من يتطوع بذلك قليل، وأن الأجرة  تكون على الآباء، أو في مال الصبي، أو في مال أمه، أو أقربائه، أو على جماعة المسلمين، ومن يتطوع بتعليم من لا عائل له، له أجر مضاعف عند الله، وفي نظره أن الأنثى تعلم ما يصلح حالها، ويصرف عنها ما يعرضها للافتتان من شعر أو خط.

وأن الغاية العظمى في التعليم ترجع إلى معرفة أمور الدين، وكل ما عدا ذلك يرجع إلى المقصود الأسمى    [ انظر: التربية والتعليم في الإسلام ص/98.]

وذهب الغزالي إلى أن التعليم الضروري يشمل علوم

الدين، والدنيا؛ لأن نظام الدين لا يقوم بغير نظام الدنيا، والدنيا مزرعة الآخرة، وآله موصلة إلى الله وهو غاية الغايات، فيدخل جمع العلوم اللازمة للمصالح الدنيوية والأخروية.

وقسم العلوم إلى علوم مقصودة بالذات، وعلوم خادمة للمقاصد الأصلية، وعلوم مزينة لها، كما أن أجزاء جسم الإنسان تختلف في الأهمية بالنسبة لحياته، فمنها ما هو أصل، ومنها ما هو خادم، ومنها ما هو بمثابة التحسين والتزيين.

وأفضل المعلومات وأعلاها وأشرفها هو الله الصانع المبدع الحق الواحد، وهذا العلم ضروري واجب تحصيله على جميع العقلاء كما قال صلى الله عليه وسلم: «طلب العلم فريضة على كل مسلم».

وهذا العلم لا ينفي سـائر العلوم، بل لا يحصل إلا بمقدمات كثيرة، وتلك المقدمات لا تنتظم إلا من علوم شتى، وهذه المقدمات التي تجري منه مجرى الآلات كعلم اللغة والنحو، وعلم الخط. وإلى جانب ذلك فالعلم فضله في ذاته، وعلى الإطلاق من غير إضافة، فإنه وصف كمال الله سبحانه وتعالى، وتعرف فضيلة العلم بثمرته، وهي القرب من الله أما في الدنيا فالعز والوقار[ انظر: إحياء علوم الدين 1/15، الرسالة الدينية ص/24 – 25.]

 إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الثانية والخمسون بعدالمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:* أهمية التعليم في الشريعة الإسلامية وهي من حقوق المسلم

والغاية العليا من التعليم عند الغزالي: هي معرفة الله، ومعرفة أمره، ونهيه؛ لأن طاعته تتوقف على معرفة ذلك، وفيما يتعلق بعلوم الدنيا، فكل ما كان له دخل في قوام الحياة فهو ضروري؛ سواء أكان أصلاً، أو خادمًا، أو محسنًا مزينًا[ انظر: إحياء علوم الدين 1/12، الرسالة الدينية ص/24.]

ويرى ابن خلدون: أن التعليم ضروري؛ لأنه يخلق

 الملكة العقلية التي بها يتصرف الإنسان في أمور دينه ودنياه، وبهذا يمتاز الإنسان عن الحيوان، وتقدم العلم والتعليم مرتبطان بالحضارة الكاملة، وعن طريق الحصول على هذه الملكة يتفاوت الناس لا في الحقيقة الإنسانية، كما يظنه بعض الناس، والتعليم بنوعيه النظري، والتجارب العملية يزيد في قوة العقل والفطنة[ انظر: مقدمة ابن خلدون ص/359 – 360.]

ومما سبق يتضح أن الهدف الأسمى للتعليم هوالهدف الديني في المقام الأول، وهو التربية والتهذيب الخلقي والتقرب إلى الله؛ ولذا يقول الغزالي: «على المعلم أن ينبه المتعلم على أن الغرض من طلب العلم التقرب إلى الله تعالى دون الرياسة والمباهاة»[ انظر: إحياء علوم الدين 1/12 وما بعدها، الرسالة الدينية ص/24.]

إن انقسام العلوم قسمين مقصودة بالذات، ومقصودة لغيرها، وخادمة، ومحسنة، ويجب الاهتمام بالعلوم المقصودة بالذات، وما عداها خادم وتابع، ولا يقدم التابع على المتبوع، ولا الخادم على المخدوم، ولذا يجب تقديم العلوم الشرعية، وعلى رأسها القرآن الكريم؛ لأنه أصل الأصول، وأساس لجميع علوم الدين.

إن التعليم وإن اختلفت أهدافه وأغراضه وأنواعه، إلا أن هناك حقيقة تحظى باتفاق الجميع. وهي أن التعليم يجعل العقل في أحسن حالة، وأجل صورة لاكتساب العلوم، والمعارف،مع الدقة والإدراك وحسن التصرف في المعلومات والمعارف؛ لأن العقل آلة وسيلة لتحصيل المعلومات كالمرآة، فإنها وسيلة لعكس الصورة، والسكين آلة للقطع ونحوه، وكل ما كانت الآلة في صورة جيدة كانت أجدر بأداء وظيفتها [ انظر: المقاصد العامة للشريعة الإسلامية ص/364 – 365.]

لذا أوجب الإسلام التعليم محافظة على العقول من جانب الوجود؛ لأنه لا قيمة لعقل جاهل يكون عرضة لكل ما يخطر عليه من الأوهام والخرافات، فمثل هذا العقل لا يجيد إدراك الحقائق الدينية، ولا المصالح الدنيوية،فيصير فريسة للبدع،والخرافات والانحرافات في أمور الدين قد تصل به إلى الشرك بالله، ولا يحسن التصور في أمور الدنيا أيضًا[ انظر: المقاصد العامة للشريعة الإسلامية ص/366.] [الأنترنت – موقع الملتقى الفقهي - أهمية التعليم في الشريعة الإسلامية وهي من حقوق المسلم- فضل الله ممتاز]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الثالثة والخمسون بعدالمائة في موضوع (الحق) وهي بعنوان:*

*مشروعية حق الضيف وحكم الضيافة :

الضيافة من مكارم الأخلاق ومن آداب الإسلام و من خلق النبيين والصالحين وكان أول من ضاف الضيف إبراهيم عليه السلام " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : "كان أول من أضاف الضيف إبراهيم ،حديث حسن ( صحيح الجامع ) الشرع يحث علي إكرام الضيف ويرغب فيه ،لقوله صلي الله عليه وسلم 2589(صحيح)

#وعن أبي شريح خويلد بن عمرو رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه)2387

عن بن عمر قال أصاب عمر بن الخطاب أرضا بخيبر فأتي النبي صلي الله عليه وسلم : فأستأمره فقال يا رسول الله إني أصبت مالا بخيبر لم أصب مالا قط هو أنفس عندي منه فما تأمرني به فقال إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها قال فعمل بها عمر ؛علي أن لايباع أصلها ولا يوهب ولا يورث .

تصدق بها للفقراء وفي القربي وفي الرقاب وفي سبيل الله وبن السبيل و الضيف لاجناح علي من وليها أن يأكلها بالمعروف أويطعم صديقا غيرمتمول(متفق عليه – ابي داود )

والضيف إذا نزل بقوم صار له حقا مشروعا عندهم يحق له المطالبة به .

لما روي عن النبي صلي الله عليه وسلم عند أبي داود قال :عن أبي كريمة قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:ليلة الضيف حق على كل مسلم فمن أصبح بفنائه فهوعليه دين إن شاء اقتضى وإن شاء ترك.

روي مالك عن نافع عن أسلم أن عمر ضرب الجزية علي أهل الذهب أربعة دنانير و علي أهل الورق أربعين درهما مع أرزاق المسلمين وضيافة ثلاثة أيام ." تفسير الجصاص "

وقال بن العربي في تفسيره " وقد كان قوم منهم الليث بن سعد يري أن الضيافة حق .

و قول رسول الله صلي الله عليه وسلم " فليكرم ضيفه " دليل علي انها كرامة وليست بحق .

وقال بن العربي في أحكام القرآن : ذهب الليث بن سعد من العلماء إلي أن الضيافة واجبة لقوله صلي الله عليه وسلم " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ، جائزته يوم وليلة وما وراء ذلك صدقة "وفي رواية انه قال " ثلاثة أيام ولا يحل له أن يثوي عنده حتي يُحرجه . وهذا حديث صحيح خرجه الأئمة ولفظه للترمذي .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الرابعة والخمسون بعدالمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:*

*مشروعية حق الضيف وحكم الضيافة :

وذهب علماء الفقه إلي أن الضيافة لا تجب ، إنما هي من مكارم الأخلاق وحسن المعاملة بين الخلق .

. وتأولوا هذا الحديث بأنه محمول علي الندب ، بدليل قوله : " فليكرم ضيفه " والكرامة من خصائص الندب دون الوجوب وقد قال قوم : إن هذا كان في صدر الإسلام ثم نُسخ ، وهذا ضعيف ، فإن الوجوب لم يثبت والنسخ لم يرد .

أمّا أنه قد روي الأئمة عن أبي سعيد الخدري انه قال : " نزلنا بحي من أحياء العرب فاستضفناهم ، فأبوا ، فلدغ سيد ذلك الحي ، فسعوا له بكل شئ فلم ينفعه ، فقال بعضهم : لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا لعله أن يكون عندهم شئ ، فقالوا : يا أيها الرهط ، إن سيدنا لُدغ ، وقد سعينا له بكل شئ فلم ينفعه ، فهل عند أحد منكم شئ ؟ قال بعضهم : إني والله أرقي ، ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا ، فما أنا براق حتي تجعلوا لنا جعلا . فصالحوا علي قطيع من الغنم ، فانطلق يتفل عليه ، ويقرأ الحمد لله رب العالمين .فكأنما انشط من عقال ، فانطلق يمشي وما به قلبه . قال : فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه . فقال بعضهم :اقسموا،وقال الذي رقي:لاتفعلوا ، حتي نأتي النبي صلي الله عليه وسلم . جاء في فتح القدير

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: ابن السبيل

 هو الضيف الذي ينزل بالمسلمين.

حدثنا القعنبي عن مالك عن سعيد المقبري عن أبي شريح الكعبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه جائزته يومه وليلته الضيافة ثلاثة أيام وما بعد ذلك فهو صدقة ولا يحل له أن يثوي عنده حتى يحرجه قال أبو داود قرئ على الحرث بن مسكين وأنا شاهد أخبركم أشهب قال وسئل مالك عن قول النبي صلى الله عليه وسلم جائزته يوم وليلة فقال يكرمه ويتحفه ويحفظه يوما وليلة وثلاثة أيام ضيافة قال الشيخ الألباني : صحيح [6137 البخاري كتاب الأدب] : حدثناالليث،عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير ، عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أنه قال : قلنا يارسول الله إنك تبعثنا فننزل بقوم لا يقروننا فما تري فيه فقال لنا رسول الله صلي الله عليه وسلم " إن نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف فاقبلوا فإن لم يفعلوا فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي لهم[جاء في كتاب الصوم عند البخاري باب حق الضيف في الصوم1974 ] عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله تعالى عنهما قال دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث يعني " إن لزورك عليك حقا وإن لزوجك عليك حقا " فقلت وما صوم داود قال نصف الدهر " طبعة دار الكتب العلمية

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الخامسة والخمسون بعدالمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:* *مشروعية حق الضيف وحكم الضيافة :

وذكر بن كثير في تفسيره : قال :عن مجاهد في قوله {لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم} قال:ضاف رجل رجلاًفلم يؤد إليه حق ضيافته فلما خرج أخبر الناس فقال: ضفت فلاناً فلم يؤد إلي حق ضيافتي, قال: فذلك الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم حتى يؤدي الاَخر إليه حق ضيافته.

وقال ابن إسحاق, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد {لا

 يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم} قال: قال: هو الرجل ينزل بالرجل فلا يحسن ضيافته, فيخرج فيقول: أساء ضيافتي ولم يحسن, وفي رواية: هو الضيف المحول رحله, فإنه يجهر لصاحبه بالسوء من القول, وكذا روي عن غير واحد عن مجاهد نحو هذا, وقد روى الجماعة سوى النسائي والترمذي من طريق الليث بن سعد, والترمذي من حديث ابن لهيعة, كلاهما عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير مرثد بن عبد الله عن عقبة بن عامر, قال: قلنا: يارسول الله, إنك تبعثنا فننزل بقوم فلا يقرونا, فما ترى في ذلك ؟ فقال: «إذا نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف, فاقبلوا منهم, وإن لم تفعلوا فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي لهم».

وقال الإمام أحمد: عن المقدام بن أبي كريمة, عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أيما مسلم ضاف قوماً فأصبح الضيف محروماً, فإن حقاً على كل مسلم نصره حتى يأخذ بقرى ليلته من زرعه وماله» تفرد به أحمد من هذا الوجه, وقال أحمد أيضاً: عن المقدام بن أبي كريمة, سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ليلة الضيف واجبة على كل مسلم, فإن أصبح بفنائه محروماً كان ديناً له عليه, فإن شاء اقتضاه وإن شاء تركه».

ثم رواه أيضاًعن غندر عن شعبة. وعن زياد بن عبد

 الله البكائي عن وكيع وأبي نعيم, عن سفيان

الثوري, ثلاثتهم عن منصور به, وكذا رواه أبو داود من ومن هذه الأحاديث وأمثالها, ذهب أحمد

وغيره إلى وجوب الضيافة, أ ه [ بن كثير]

وجاء في تفسير الطبري: 8550ـ وعون بن أبي جحيفة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم آخي بين سلمان وأبي الدرداء فجاء سلمان يزور أبا الدرداء فوجد أم الدرداء متبذلة فقال لها ما شأنك فقالت إن أخاك ليست له حاجة في الدنيا ، زاد يوسف "يصوم النهار ويقوم الليل "قالا فلما جاء أبو الدرداء فرحب به وقرب إليه طعاما فقال له كل فقال أو لست أطعم فقال ما أنا بآكل حتى تأكل فأكل معه وبات عنده فلما كان من آخر الليل ذهب أبو الدرداء يقوم فحبسه سلمان فلما كان عند الفجر قال قم الآن فقاما فصليا فقال له سلمان : إن لربك عليك حقا ولنفسك عليك حقا ولأهلك ولضيفك عليك حقا فاعط كل ذي حق حقه فأما النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال صدق سلمان الفارسي " صحيح بن خزيمة "

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة السادسة والخمسون بعدالمائة في موضوع

(الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:*

*رسول الله صلي الله عليه وسلم وإكرام الضيف :

صاحب الخلق العظيم الذي أثني عليه ربه " وإنك لعلي خلق عظيم " وشهد له القاصي والداني أنه يعطي عطاء من لا يخشي فاقة أبدا ويعطي المحتاج قبل أن يسأل حاجته و يشعر بالجائع فيسرع لسد جوعه فهو القدوة في كل خلق عظيم ومن ذلك إكرام الضيف :

عن المقداد. قال:أقبلت أنا وصاحبان لي ,وقد ذهبت أسماعنا وأبصارنا من الجهد, فجعلنا نعرض أنفسنا على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. فليس أحد منهم يقبلنا.

فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم فانطلق بنا إلى أهله. فإذا ثلاثة أعنز. فقال النبي صلى الله عليه وسلم (احتلبوا هذا اللبن بيننا).

قال: فكنا نحتلب فيشرب كل إنسان منا نصيبه. ونرفع للنبي صلى الله عليه وسلم نصيبه.

قال: فيجيء من الليل فيسلم تسليما لا يوقظ نائما, ويسمع اليقظان , قال ثم يأتي المسجد فيصلي , ثم يأتي شرابه فيشرب.

فأتاني الشيطان ذات ليلة، وقد شربت نصيبي.

فقال: محمد يأتي الأنصار فيتحفونه، ويصيب عندهم. ما به حاجة إلى هذه الجرعة.

فأتيتها فشربتها. فلما أن وغلت في بطني، وعلمت أنه

ليس إليها سبيل.

قال : ندمني الشيطان. فقال: ويحك! ما صنعت؟ أشربت شراب محمد؟ ؟

فيجيء فلا يجده فيدعوا عليك فتهلك. فتذهب دنياك وآخرتك. وعلي شملة. إذا وضعتها على قدمي خرج رأسي، وإذا وضعتها على رأسي خرج قدماي.   وجعل لا يجيئني النوم.وأما صاحباي فناما ولم يصنعا ما صنعت.

قال فجاء النبي صلى الله عليه وسلم,, فسلم كما كان يسلم.

ثم أتى المسجد فصلى. ثم أتى شرابه فكشف عنه فلم يجد فيه شيئا. فرفع رأسه إلى السماء.

فقلت: الآن يدعو علي فأهلك. فقال (اللهم! أطعم من أطعمني. وأسق من أسقاني) قال فعمدت إلى الشملة فشددتها علي. وأخذت الشفرة فانطلقت إلى الأعنز أيها أسمن فأذبحها لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فإذا هي حافلة. وإذا هن حفل كلهن.

فعمدت إلى إناء لآل محمد صلى الله عليه وسلم ما كانوا يطعمون أن يحتلبوا فيه.

قال فحلبت فيه حتى علته رغوة. فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال(أشربتم شرابكم الليلة؟)

قال قلت: يا رسول الله! اشرب. .

فشرب ثم ناولني. فقلت: يا رسول الله! اشرب.

فشرب ثم ناولني. فلما عرفت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد روى، وأصبت دعوته، ضحكت حتى ألقيت إلى الأرض. قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم (إحدى سوآتك يامقداد)فقلت: يا رسول الله ! كان من أمري كذا وكذا.وفعلت كذا.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم (ما هذه إلا رحمة من الله. أفلا كنت آذنتني، فنوقظ صاحبينا فيصيبان منها) قال فقلت: والذي بعثك بالحق! ما أبالي إذا أصبتها وأصبتها معك ، من أصابها من الناس.صحيح مسلم

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة السابعة والخمسون بعدالمائة في موضوع

(الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:*

*رسول الله صلي الله عليه وسلم وإكرام الضيف :

وعن عبدالرحمن بن أبي بكر. قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثين ومائة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم (هل مع أحد منكم طعام؟)

فإذا مع رجل صاع من طعام أو نحوه. فعجن. ثم جاء رجل، مشرك مشعان طويل، بغنم يسوقها.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم (أبيع أم عطية - أو قال - أم هبة؟)

 فقال: لا. بل بيع. فاشترى منه شاة. فصنعت.

وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بسواد البطن أن يشوى.

قال: وايم الله! ما من الثلاثين ومائة إلا حز له رسول الله صلى الله عليه وسلم حزة حزة من سواد بطنها. إن كان شاهدا، أعطاه. وإن كان غائبا، خبأ له.

قال وجعل قصعتين. فأكلنا منهما أجمعون. وشبعنا. وفضل في القصعتين. فحملته على البعير. أو كما قال. صحيح البخاري ( صحيح ) .

عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نزل بنا ضيف بدوي فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم أمام بيوته فجعل يسأله عن الناس كيف فرحهم بالإسلام وكيف حدبهم على الصلاة فما زال يخبره من ذلك بالذي يسره حتى رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم نضرا فلما انتصف النهار وحان أكل الطعام دعاني مستخفيا لا يألوا أن أئت عائشة رضي الله عنها فأخبرها أن لرسول الله صلى الله عليه وسلم ضيفا فقالت والذي بعثه بالهدى ودين الحق ما أصبح في يدي شيء يأكله أحد من الناس فردني إلى نسائه كلهن يعتذرن بما اعتذرت به عائشة رضي الله عنها فرأيت لون رسول الله صلى الله عليه وسلم خسف فقال البدوي إنا أهل البادية معانون على زماننا لسنا بأهل الحاضر فإنما يكفي القبضة من التمر يشرب عليها من اللبن أو الماء فذلك الخصب فمرت عند ذلك عنز لنا قد احتلبت كنا نسميها ( ثمر ثمر ) فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم باسمها ( ثمر ثمر ) فأقبلت إليه تحمحم فأخذ برجلها باسم الله ثم اعتقلها باسم الله ثم مسح سرتها باسم الله فحفلت فدعاني بمحلب فأتيته به فحلب باسم الله فملأه فدفعه إلى الضيف فشرب منه شربة ضخمة ثم أراد أن يضعه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( عل ) . ثم أراد أن يضعه فقال له ( عل ) .

فكرره عليه حتى امتلأ وشرب ما شاء ثم حلب باسم الله وملأه وقال أبلغ عائشة هذا فشربت منه ما بدا لها ثم رجعت إليه فحلب فيه باسم الله ثم أرسلني به إلى نسائه كلما شرب منه رددته إليه فحلب باسم الله فملأه ثم قال ادفعه إلى الضيف فدفعته إليه فقال باسم الله فشرب منه ما شاء ثم أعطاني فلم آل أن أضع شفتي على درج شفته فشربت شرابا أحلى من العسل وأطيب من المسك ثم قال اللهم بارك لأهلها فيها يعني الماعز. . . . [فذكره السلسلة الصحيحة 4/625]

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني مجهود.

فأرسل إلى بعض نسائه فقالت: والذي بعثك بالحق! ما عندي إلا ماء. ثم أرسل إلى أخرى. فقالت مثل ذلك حتى قلن كلهن مثل ذلك: لا. والذي بعثك بالحق! ما عندي إلا ماء.

فقال (من يضيف هذا، الليلة، رحمه الله) فقام رجل من الأنصار فقال: أنا. يا رسول الله! فانطلق به إلى رحله. فقال لامرأته: هل عندك شيء؟ قالت: لا. إلا قوت صبياني.

قال: فعلليهم بشيء. فإذا دخل ضيفنا فأطفئي السراج وأريه أنا نأكل.

فإذا أهوى ليأكل فقومي إلى السراج حتى تطفئيه.

قال: فقعدوا وأكل الضيف. فلما أصبح غدا على النبي صلى الله عليه وسلم. فقال (قد عجب الله من صنيعكما بضيفكما الليلة). [رواه البخاري ومسلم32 - باب: إكرام الضيف وفضل إيثاره]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الثامنة والخمسون بعدالمائة في موضوع

(الحق) وهي بعنوان: *الحق في الحياة مابين المواثيق الدولية  والشريعة الإسلامية

أولا : تقرير الحق في الحياة في المواثيق الدولية  والشريعة الإسلامية :

أ - تقرير حق الحياة في المواثيق الدولية  :

ولقد كرسـت الشرعة الدولية الحق في الحياة في وثائق أممية عديدة هي : الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية و البرتوكول الاختياري الثاني الملحق به ، وبيان ذلك في الآتي :

1. في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 1948: بعد أن نصت المادة الأولى من هذا الإعلان على أن جميع الناس يولدون أحرارا متساوين في الكرامة والحقوق قررت المادة الثالثة منه الحق في الحياة فنصت على أنه :    ( لكل فرد الحق في الحياة والحرية والسلامة الشخصية البدنية ) .

2. كما يحمي القانون الإنساني الدولي حق الفرد في عدم حرمانه من الحياة تعسفا.  وتحظر المادة 3 المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع "في جميع الأوقات والأماكن...الاعتداء علي الحياة والسلامة البدنية، وبخاصة القتل بجميع أشكاله" ضد الأشخاص الذين لا يشتركون اشتراكا فعليا في نزاع مسلح لا يتسم بطابع دولي.

3. وفي العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية  الصادر في عام  1966 وفي المادة السادسة منه قررت الحق في الحياة ، بأن نصت في الفقرة الأولى على أن : ( الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان ،  وأنه على القانون الوطني  أن يحمى هذا الحق ، ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفا )

4. وفي العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية  الصادر في عام  1966 وفي المادة السادسة منه قررت الحق في الحياة ، بأن نصت في الفقرة الأولى على أن : ( الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان ،  وأنه على القانون الوطني  أن يحمى هذا الحق ، ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفا )

ب - تقرير حق الحياة في الشريعة الإسلامية :

إن الحياة في الإسلام  مصونة والنفس البشرية من الكليات الخمس التي هي أسمى ما يجب الحفاظ عليه في الشريعة الإسلامية ، وجاءت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية تقرر هذا الحق وتحميه :

من القرآن الكريم :

1. قال تعالى : {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي

إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ }المائدة32

2. و حرم الإسلام الوأد، الذي كان معروفا عند بعض قبائل العرب بالنسبة للبنات {وَإِذَا الموءودة سُئِلَتْ  بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ }التكوير9 .

3. وبلغ من عناية الإسلام بهذا الحق أن توعد منتهكه بالخلود في نار جهنم ، فقال الله تعالى { وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً } النساء93    إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة التاسعة والخمسون بعدالمائة في موضوع (الحق) وهي بعنوان: *الحق في الحياة مابين المواثيق الدولية  والشريعة الإسلامية

ومن السنة النبوية :

1. ما ورد في حجة الوداع ، تلك الخطبة الجامعة التي أعلن فيها الرسول الكريم حرمة الدماء والأموال والأعراض تحريم إلهي قاطع، حيث قال : " فإن الله تبارك وتعالى قد حرَّم عليكم دماءكم وأموالكم وأعراضكم إلا بحقها، كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا، ألا هل بلغت" ثلاثاً " صحيح البخاري ، باب ظهر المؤمن حمى إلا حد و حق .

2. وفي تأكيد أن حرمة حق الحياة من حرمة الدين  ، روى البخاري في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لن يزال المؤمن في

 فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً )   .

ثانيا : ضمانات وكفالة الحق في الحياة في المواثيق الدولية  الشريعة الإسلامية :

أ - ضمانات وكفالة حق الحياة المواثيق الدولية  :

في مجال ضمانات وكفالة حق الحياة في المواثيق الدولية ، نصت المادة السادسة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الفقرات من الثانية حتى السادسة الإجراءات الآتية :

1. حظرت على البلدان التي لم تلغ عقوبة الإعدام ، أن تحكم بهذه العقوبة إلا جزاء على أشد الجرائم خطورة وفقا للتشريع النافذ وقت ارتكاب الجريمة وغير المخالف لأحكام هذا العهد ولاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها ، ولا يجوز تطبيق هذه العقوبة إلا بمقتضى حكم نهائي صادر عن محكمة مختصة

2. أنه في حالة كون الحرمان من الحياة جريمة من

جرائم الإبادة الجماعية ، فإنه يحظر على أي دولة طرفا في هذا العهد أن تعفى نفسها على أية صورة من أي التزام يكون مترتبا عليها بمقتضى أحكام اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.

3. أن لكل من حكم عليه بالإعدام حق التماس العفو الخاص أو إبدال العقوبة. ويجوز منح العفو العام أو العفو الخاص أوإبدال عقوبة الإعدام في جميع الحالات.

4. عدم جواز الحكم بعقوبة الإعدام على جرائم ارتكبها أشخاص دون الثامنة عشرة من العمر، ولا تنفيذ هذه العقوبة بالحوامل.

5. حظرت على أية دولة طرف في هذا العهد التذرع

بهذه المادة الامتناع عن إلغاء عقوبة الإعدام أو التأخير في تنفيذه ذلك .

6. ومن ضمانات حق الحياة وكفالته أيضا ما نص القانون الأساسي لمنظمة العفو الدولية ، في المادة الأولى منه أن من ضمن أهدافها معارضة إعدام الأشخاص خارج نطاق القضاء,سواء أكانوا من السجناء أو المعتقلين،أو ممن فرضت القيود على

حريتهم أم لا  .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الستون بعدالمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*ب - ضمانات وكفالة حق الحياة في الشريعة الإسلامية :

1- تحريم قتل الإنسان : قال تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِى حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلْحَقّ} [الأنعام:151] .

2- سد الذرائع المؤدية للقتل : ومن صورها :

• تحريم حمل السلاح على المسلمين : روى مسلم عن أبى هريرة رضي الله عنه قال صلى الله

عليه وســلم : ( من حمل علينا السلاح فليس منا ) ، وقال ابن دقيق العيد: " فيه دلالة على تحريم قتال المسلمين والتشديد فيه " .

• تحريم مقاتلة المسلمين:روى مسام عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(سباب المسلم فسوق وقتاله كفر

3- القصاص في القتل:قال تعالى:{أَيُّهَا الذِينَ امنوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِصَاصُ فِي ٱلْقَتْلَى } البقرة:178 .

وقال عز وجل: {وَلَكُمْ فِي ٱلْقِصَاصِ حَيَاٰةٌ يا أُولِي ٱلألْبَاٰبِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }  البقرة:179.

4- تحريم الانتحار : روى البخاري ومســـلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وســـلم قال : ( من تردى من جبل فَقَتَلَ نفسه، فهو في نار جهنم يتردى فيه خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن تحسى سُماً فقتل نفسه، فسُمُّه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يَجَأُ بها في بطنه في نارجهنم خالداً مخلداً فيها أبداً )

5- تحريم قتل الجنين : قال تعالى: { وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إملاٰقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا }  الإسراء:31 .

6- إيجاب الضمان في قتل الجنين : روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن امرأتين من هذيل رمت إحداهما الأخرى فطرحت جنينها فقضى رسول

 الله صلى الله عليه وسلم فيها بغرة عبد أو أمة )

ثالثا :القصاص وعقوبة الإعدام ضمان للحق في الحياة : القصاص في الشريعة الإسلامية هو اقوي ضمان لحق الحياة ، ولا ينال منها بتاتا، ذلك أن القصاص حد القتل ، وما شرعت الحدود في الإسلام إلا لحماية حقوق الإنسان وحرياته ، فهي العقوبات المحددة المنصوص عليها من الله - سبحانه وتعالى - والتي يعتبر تنفيذها عبادة ، إذا تأملنا فيها - إلا لحماية هذه الحقوق ،  فحد القصاص شرع لحماية حق الحياة ، حد الحرابة لحماية حق الأمن الاجتماعي ، وحد السرقة لحماية حق التملك ، وحد الزنا لحماية حق النسل وبناء الحياة الاجتماعية  ، وحد القذف لحماية حق الفكر والإرادة   وحماية العقل مما يغتاله من الخمر والمخدرات .

فالحقوق دين،والاعتداء عليها جريمة،وعقوبة المعتدي حدية لا مجال فيها للاجتهاد ، لذلك لا يصح القول أن القصاص بقتل الجاني تعدي على حق الحياة لأن المشرع للحد هو الله الذي خلق الإنسان هو أعلم بالحقوق والتشريعات التي تحقق له الســعادة والمصلحة ، قال - تعالى - : ( أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) الملك :14 وصدق الله القائل :   ( وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ ) [البقــرة:179]

وإذا كان القصاص يعني إعدام الجاني فإن عقوبة الإعدام لها المعنى قد نصت الشرائع السماوية عليها كوسيلة لمنع الجرائم و الحفاظ على حياة الناس و أموالهم و أعراضهم ، ففي الشريعة الموسوية ورد في الفصل الحادي والعشرين من سفر الخروج ما نصه : أن من ضرب إنسانا فمات فليقتل قتلا ، وإذا بغى رجل على آخر فقتله اغتيالا فمن قدام مذبحي تأخذه ليقتل ،ومن ضرب أباه وأمه يقتل قتلا،وإن حصلت أذية فأعط نفسا بنفس وعينا بعين و سنا بسن .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الواحدة والستون بعدالمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

رابعا : انتهاكات الحق في الحياة في المواثيق الدولية:

ويشكل انتهاكات الحق في الحياة الجرائم الآتية :  الإعدام التعسفي  ، الإبادة الجماعية ، محاولة القيام بإعدام تعسفي ، التهديد بالموت .

1. الإعدام التعسفي :  تعريف الإعدام التعسفي :

هو قتل شخص على يد وكيل للدولة أو أي شخص آخر يعمل تحت سلطة الحكومة أوبتواطئها معهم  أو تغاضيها عن أفعالهم أو قبولها ولكن بدون أي عملية قضائية أو بدون عملية قضائية مناسبة.

وحالات الإعدام  المنبثقة عن حكم بالإعدام صادر عن محكمة هي أيضا حالات إعدام تعسفي إذا لم تُحترم ضمانات المحاكمة المنصفة المنصوص عليها في المادتين 14 و15 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

حالات الإعدام التعسفي :

وهي التي تختلف عن حالات الإعدام بعد محاكمة

منصفة) هي في كثير من الأحيان أعمال قتل ترتكب في ظروف مشبوهة وتتسم بما يلي:

• الوفاة التي تقع في حال وجود الشخص في قبضة الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين (كأن يكون مثلا محتجزا من قبل الشرطة) أوالموظفين العموميين أو الأشخاص الآخرين  العاملين بصفة رسمية.

• الوفاة التي تقع في ظروف لم يجر فيها تحقيق رسمي.  ولم  تُجر السلطات تشريحا لجثة الضحية أو لم تتخذ الخطوات اللازمة للحصول على أدلة ذات صلة(تقريرا طبيا أو علامات على وقوع تعذيب سابق، الخ).

• أعمال القتل التي تُقترف لأسباب سياسية

وحالات الوفاة   الناجمة عن التعذيب أو غير ذلك من المعاملة القاسية أو اللاإنسانية  أو المهينة وأعمال القتل في أعقاب الاختطاف أو الاختفاء القسري في حالة توفر الشروط المذكورة.

2 . الإبادة الجماعية : تعريف جريمة الإبادة الجماعية

تحدد اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948 من الدول أن "تعاقب على الإبادة الجماعية سواء ارتكبت في أيام السلم أو أثناء الحرب"  (المادة1). وتحدد الاتفاقية الإبادة الجماعية على أنها ارتكاب أحد الأفعال التالية، علي قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو أثنية أو عنصرية أو دينية:

• قتل أعضاء من الجماعة .• إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة• إخضاع الجماعة عمدا لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كليا أو جزئيا .• فرض تدابير تستهدف الحرمان من إنجاب الأطفال داخل الجماعة.• نقل أطفال من الجماعة، عنوة، إلي جماعة أخري.

وينبغي ملاحظة أن الإبادة الجماعية لا تتطلب القتل، ولكنها قد تشمل الإجراءات الأخرى المحددة في الاتفاقية إذا ارتكبت بقصد الإبادة الجماعية، وبخاصة إذا انطوت على إبادة أعداد كبيرة من الأشخاص.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الثانية والستون بعدالمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

رابعا : انتهاكات الحق في الحياة في المواثيق الدولية:

3 . محاولة الإعدام التعسفي :

تشكل محاولة القيام بإعدام تعسفي، والتي تفشل لأسباب  تتجاوز النية الأولية لواحد أو أكثر من وكلاء الحكومة، محاولة للإعدام التعسفي.

وينبغي أن  تكون جميع هذه المحاولات موضع تحقيق مع أخذ  العناصر التالية في الاعتبار :

• النشاط السياسي أوالنقابي أو الديني أو الاجتماعي الذي يمارسه الشخص الضحية.

  وظيفة أو نطاق نشاط الشخص المفترض قيامه بمحاولة الإعدام التعسفي.

• أي تحريض أو تحرش أو تهديد أو مطاردة يكون قد تعرض لها الضحية أو أقاربه قبل محاولة الإعدام.

• استعمال، عند الشروع في القتل، وسيلة من شأنها تحقيق النتيجة المطلوبة.

• شكل ووسيلة محاولة الإعدام.

4 .  التهديدات بالموت : تعريف التهديد بالموت :

هو أي عمل أو قول صريح أو ضمني قد يبث في نفس شخص خوفا  له ما يبرره بالوقوع ضحية لإعدام تعسفي. وينبغي للناشط الحقوقي تكريس انتباههم إلى التهديدات بالقتل:• الصادرة عن أفراد القوات المسلحة أو أي مؤسسات عامة أخرى؛• الصادرة عن أفراد أوجماعات شبه عسكرية متصلة بالسلطات أو تعمل بالتواطؤ معها أو بموافقتها الضمنية؛         • حيثما كان هناك سبب يدعو إلى الاعتقاد بأن هذه التهديدات تشكل جزءا من ممارسة للإعدام التعسفي؛ وعندما يكون التهديد دقيقا وإذا كان هناك

سبب يدعو إلى الاعتقاد بأن التهديد سيعقبه إجراء.

وينبغي للناشط الحقوقي أن يولي أولوية لأجراء تحقيقات في الحالات التي يوجد فيها ما يعرض

 الحياة للخطر. 

وينبغي أن تسعى التحقيقات إلى تقرير وجود إعدام تعسفي أو محاولة إعدام تعسفي أو تهديد بالموت عن طريق تحديد عناصر الانتهاكات[الأنرنت -  نافذة مصر - الحق في الحياة : تقريره وضماناته وانتهاكاته في المواثيق الدولية والشريعة الإسلامية - الكاتب : الحقوقي / محمد أبو غدير ]  

  والاعتداء على الحياة الإنسانية قد يكون بقتل الإنسان لنفسه، وهو المعروف بالانتحار، وقد يكون بقتله لغيره ظلماًوعدواناً،وكلاهماجريمة منكرة، واعتداء صارخ على مصلحة من أعظم المصالح الإنسانية، وحق من آكد حقوق الإنسان. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الثالثة والستون بعدالمائة في موضوع (الحق) وهي بعنوان: والاعتداء على الحياة الإنسانية قد يكون بقتل النفس؛ وهو الإنتحار، وقد يكون بقتله لغيره ظلماً وعدوانا ، وسأبين حكم هذين الأمرين من خلال هاتين المسألتين:

المسألة الأولى: تحريم اعتداء الإنسان على نفسه.

المسألة الثانية: تحريم اعتداء الإنسان على غيره.

المسألة الأولى: تحريم اعتداء الإنسان على نفسه.

نفس الإنسان ليست ملكاً له، وإنما هي ملك لخالقها وموجدها عز وجل. وهي أمانة عند صاحبها، سيسأل عنها يوم القيامة، أحفظها وقام بحقها، أم ضيعها وظلمها، ولم يقم بمايجب لها؟

ولهذا فلا يجوز للإنسان أن يقتل نفسه، ولا أن يغرر بها في غير مصلحة شرعية، ولا أن يتصرف بشيء من أجزائها إلا بما يعود عليها بالمصلحة، أو يدرأ عنها المفسدة. وليس له أن يُضر بنفسه بحجة أنه يتصرف فيما يخصه، وأنه لم يعتد على غيره، فإن اعتداءه على نفسه كاعتدائه على غيره عند الله تعالى.[ انظر الإسلام وضرورات الحياة ص: 63.]

قال الله تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ

 رَحِيمًا وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ

نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرًا} [النساء: 29].

فهذا نهي للمؤمنين أن يقتل بعضهم بعضاً  قال القاسمي [فيتفسيره 5/1203: ] :«فإن كل المؤمنين كنفس واحدة. والتعبير عنهم بالأنفس، للمبالغة في الزجر عن قتلهم، بتصويره بصورة ما لا يكاد يفعله عاقل».

قال القرطبي: «أجمع أهل التأويل على أن المراد بهذه الآية، النهي أن يقتل بعض الناس بعضاً. ثم لفظها يتناول أن يقتل الرجل نفسه بقصدٍ منه للقتل: في الحرص على الدنيا وطلب المال، بأن يحمل نفسه على الغرر المؤدّي إلى التلف... أو في حال ضجر أو غضب. فهذا كله يتناوله النهي» [الجامع لأحكام القرآن 5/156-157. وانظر نحوه في فتح القدير 1/457.]

وقد احتج بهذه الآية عمرو بن العاص رضي الله عنه حين أجنب ثم تيمم، وخشي إن اغتسل بالماء أن يهلك من شدة البرد. فضحك النبي صلى الله عليه وسلم، وأقره على احتجاجه[ انظر: تفسير القاسمي 5/1203-1204، وتفسير ابن كثير 2/235. والحديث رواه أبو داود: 334، وأحمد في المسند 4/203-204، والحاكم 1/177. وصححه، ووافقه الذهبي. وصححه الألباني في «إرواء الغليل » 1/181، وقال: صححه النووي، وقواه ابن حجر.]

وقال تعالى: { وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}[البقرة: 195].

والإلقاء: هو طرح الشيء، والمراد بالأيدي: الأنفس، عبّر بالبعض عن الكل، بناء على أن أكثر أفعال النفس بالأيدي. والتهلكة: مصدر من هلك يهلك هلاكاً وهُلْكاً وتهلكة، أي: لاتوقعوا أنفسكم في الهلاك [انظر: تفسير القاسمي 3/195، وفتح القدير 1/193 .]

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي: «والإلقاء باليد إلى التهلكة، يرجع إلى أمرين: لترْك ماأمر به العبد، إذا كان تركه موجباً أو مقارباً لهلاك البدن أو الروح , وذلك كترك الأكل أوالشرب،أو ترك السعي لتحصيلهما مع القدرة على ذلك، حتى يدركه الموت بسبب الجوع أو العطش.

وكترك الجهاد في سبيل الله والإنفاق فيه، الموجب لتسلط الأعداء وقتلهم للمسلمين. وتركُ الجهاد والنفقةِ فيه، هو سبب نزول هذه الآية. [انظر في سبب نزولها: [تفسير ابن كثير 1/331، والجامع لأحكام القرآن 2/361-363، وفتح القدير 1/193. ]

   وقد قال الشوكاني: «والحق أن الاعتبار بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب. فكل ما صدق عليه أنه تهلكة في الدين أو الدنيا، فهو داخل في هذا. وبه قال ابن جرير الطبري». وفعل ما هو سبب موصل إلى تلف النفس أو الروح. فيدخل في ذلك أمور كثيرة... ومن ذلك: تغرير الإنسان بنفسه في مقاتلة، أو سفر مخوف، أو محل مَسبَعة، أو حيات، أو يصعد شجراً أو بنياناً خطراً، أو يدخل تحت شيء فيه خطر، ونحو ذلك. فهذا ونحوه، ممن ألقى بيده إلى التهلكة» [تفسير السعدي 1/153.]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الرابعة والستون بعدالمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: والاعتداء على الحياة الإنسانية قد يكون بقتل النفس؛ وهو الإنتحار، وقد يكون بقتله لغيره ظلماً وعدوانا

وجاءت السنة النبوية مؤكدةً لما في القرآن، ومنذرةً بالوعيد الشديد، والعذاب الأليم لمن قتل نفسه.

ففي الصحيحين عن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كان فيمن كان قبلكم رجل به جُرح، فجزع، فأخذ سكيناً، فحزّ بها يده، فما رقأ الدمُ حتى مات. قال الله تعالى: بادرني عبدي بنفسه، حرّمت عليه الجنة» [رواه البخاري: 3463، 1364، ومسلم: 113.]

وفي الصحيحين أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يتوجّأُ بها ) في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً [قال ابن الأثير في جامع الأصول 10/217: «وجأته بالسكين: إذا ضربته بها، وهو يتوجأ بها، أي: يضرب بها نفسه».]                          ونهى الإنسان عن قتل نفسه، سواء كان ذلك بتعمد قتلها مباشرة، أو بفعل الأخطار المفضية إلى التلف والهلاك. ثم توعّد من يقتل نفسه أو نفس غيره بغير حق بأن يصليه نار جهنم وساءت مصيراً.                         [ انظر: تفسير السعدي 1/341، 342.]

. ومن شرب سماً، فقتل نفسه، فهو يتحساه )

[ أي يشربه في تمهل ويتجرعه. والسم: بضم السين وفتحها وكسرها، ثلاث لغات، والفتح أفصحهن. انظر: شرح النووي على مسلم 2/121، وفتح الباري 10/248.]

، فقتل نفسه، فهو يتردى في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً» [رواه البخاري: 5778، ومسلم: 109.]، وفي رواية للبخاري: «الذي يخنُقُ نفسه، يخنقها في النار، والذي يطعُن نفسه، يطعُنُها  [قال ابن حجر في الفتح 3/229: يطعنها: هو بضم العين المهملة. كذا ضبْطه في الأصول. في النار»[رواه البخاري: 1365.]

وفي الباب أحاديث كثيرة في الصحيحين وغيرهما.

وأما قوله صلى الله عليه وسلم: «في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً». فقد أجاب عنه العلماء بأجوبة، منها: أنه محمول على من فعل ذلك مستحلاً له بلا تأويل، مع علمه بتحريمه، فإنه يصير باستحلاله لما حرمه الله كافراً، والكافر مخلد في  النار بلا ريب.

ومنها: أنه ورد مورد الزجر والتغليظ. وحقيقته غير مرادة. ولكن هذا كما يقول أبو عبيد القاسم بن سلام: «من أفظع ما تُؤوِّل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، أن جعلوا الخبر عن الله وعن دينه وعيدًا لا حقيقة له، وهذا يؤول إلى إبطال العقاب، لأنه إن أمكن ذلك في واحد منها كان ممكنًا في العقوبات كلها [الإيمان لأبي عبيد بتحقيق الألباني ص: 88. انظر: شرح النووي على صحيح مسلم 2/125، والمغني 11/444، والمبدع 8/240، وفتح الباري 3/227.]

ومنها: أنه يستحق هذا الجزاء لشناعة جرمه، وهذا جزاؤه لو أراد الله أن يجازيه بما يكافئ جرمه، ولكنه  تكرم على عباده الموحدين، فأخبر أنهم يخرجون من النار بتوحيدهم، وأنه لا يُخلِّد في النار من مات موحداً. [فتح الباري 10/248.]

وقد رجّح ابن حجر هذا الجواب الأخير، فقال: «وأولى ما حمل عليه هذا الحديث ونحوه من أحاديث الوعيد، أن المعنى المذكور جزاء من فعل ذلك، إلا أن يتجاوز الله تعالى عنه»

وقال النووي: «وأما قوله تعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} فالصواب فى معناها: أن جزاءه جهنم، وقد يجازى به، وقد يجازى بغيره، وقد لايجازى، بل يعفى عنه. فإن قتل عمداً مستحلاً له بغير حق ولاتأويل فهو كافر مرتد يخلد به فى جهنم بالإجماع، وإن كان غير مستحل، بل معتقداً تحريمه فهو فاسقٌ عاصٍ مرتكبٌ كبيرة، جزاؤه جهنم خالداً فيها لكن بفضل الله تعالى أخبر أنه لايخلد من مات موحداً فيها، فلا يخلد هذا، ولكن قد يعفى عنه فلا يدخل النار أصلاً،وقد لايعفى عنه، بل يعذب كسائر العصاة الموحدين، ثم يخرج معهم إلى الجنة ولا يخلد فى النار. فهذا هو الصواب فى معنى الآية، ولا يلزم من كونه يستحق أن يجازى بعقوبة مخصوصة أن يتحتم ذلك الجزاء.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الخامسة والستون بعدالمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

المسألة الثانية: تحريم اعتداء الإنسان على غيره

إذا كان اعتداء الإنسان على نفسه بتلك المثابة من التحريم والتغليظ في العقوبة، فإن اعتداءه على غيره أشد تحريماً، وأعظم إثماً، وأغلظ عقوبة، وأسوأ عاقبة.

وقد جاءت نصوص كثيرة في الكتاب والسنة، تحذر من ذلك تحذيراً شديداً، وتبين سوء عاقبته، وعظم عقوبة فاعله.

قال الله تعالى: { وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ

بِالْحَقِّ }[الإسراء: 33]. وهذه الآية نهي عن قتل النفس المحرمة، مؤمنةً كانت أو معاهدةً إلا بالحق الذي يوجب قتلها. [انظر: تفسير القرطبي 6/146-147، وتفسير ابن كثير 3/87.]

 وقال تعالى: { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا }[النساء: 92]، وقال تعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}[النساء: 93].

فأي وعيد أعظم من هذا الوعيد؟! إنه لوعيد تقشعر منه جلود المؤمنين، وتنخلع من هوله قلوبهم، ويوجد في نفوسهم رادعاً قويا، ووازعاً ذاتياً، يمنعهم من التعدي على غيرهم، وإزهاق نفوسهم ظلماً وعدواناً.

ولا يفهم من التنصيص على المؤمن في الآيتين السابقتين جواز قتل المعصومين من غير المؤمنين، كالذميين والمعاهدين والمستأمنين، ولكنه نَصَّ على المؤمن ليبين أن قتله أعظم وأشنع، لأن حقه على أخيه المؤمن أعظم وأكبر.

ولقد قرن الله القتل بغير حق بالشرك بالله في غير ما آية في كتابه، كما في قوله تعالى: {وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا {25/68} يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا}[الفرقان: 68، 69]، وقوله: {قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَتَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ}الأنعام:151

قال ابن حزم: «لا ذنب عند الله عز وجل بعد الشرك،  أعظم من شيئين.  أحدهما  : تعمد ترك

 صلاة فرض، حتى يخرج وقتها. والثاني: قتل مؤمن أو مؤمنة عمداً بغير حق»[انظر: تفسير ابن كثير 3/87، وفتح القدير 2/34.]

وقال الشافعي: «ولا شيء أعظم منه [ يعني القتل بغير حق ] بعد الشرك»[انظر: تفسير القرطبي 6/147، وتفسير ابن كثير 3/87، وفتح الباري 12/192، وفتح القدير 2/34.]

بل لقد جعل الله قتل نفس واحدة بغير حق، كقتل

 الناس جميعاً،وإحياءها كإحياء الناس جميعاًفقال تعالى : {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْفَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}[المائدة: 32].

ففي هذه الآية: تغليظ أمر القتل، والمبالغة الشديدة في الزجر عنه، وتوكيد لحق الحياة الإنسانية، حتى لا يضار فيها أحد بغير حق. [انظر: تفسير القرطبي 6/147، وتفسير ابن كثير 3/87، وفتح الباري 12/192، وفتح القدير 2/34.]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة السادسة والستون بعدالمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

المسألة الثانية: تحريم اعتداء الإنسان على غيره

قال تعالى : {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْفَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}[المائدة: 32].

وقد اختلف المفسرون في المراد بهذا التشبيه:

فقال ابن عباس:المعنى:من قتل نفساً واحدة، وانتهك

حرمتها، فهو مثل من قتل الناس جميعاً. ومن ترك قتل نفس واحدة، وصان حرمتها، واستحياها،

 خوفاً من الله، فهو كمن أحيا الناس جميعاً [الجامع لأحكام القرآن 6/147.]

وقيل: جَعَل إثم قاتل الواحد، إثم قاتل الجميع، وله أن يحكم بما يريد [فتح القدير 2/34.]

وقال الحسن البصري: فكأنما قتل الناس جميعاً في الوزر، وكأنما أحيا الناس جميعاً في الأجر [الجواب الكافي ص: 174-175.]

وقال مجاهد: المعنى: أن الذي يقتل النفس المؤمنة متعمداً، جعل الله جزاءه جهنم وغضب عليه

ولعنه وأعدّ له عذاباً عظيماً، يقول: لو قتل الناس

جميعاً، لم يزد على مثل ذلك العذاب. ومن لم يقتل أحداً، فقد حيي الناس منه [رواه البخاري: 6533، 6864، ومسلم: 1678.]

وفي رواية أخرى عنه أنه قال: ومن أحياها، أي: أنجاها من غرق أو حرق أو هلكة [انظر: شرح النووي على صحيح مسلم 11/167، ونيل الأوطار 7/197.]

وقيل: المعنى: أن من قتل نفساً، فيلزمه من القود والقصاص، ما يلزم من قتل الناس جميعاً. ومن أحياها، أي: عفا عمن وجب له قتله [فتح الباري 11/397.]

وقيل: المعنى: أن من قتل نفساً، فالمؤمنون كلهم خصماؤه، لأنه قد وَتَر الجميع. ومن أحياها، فكأنما أحيا الناس جميعاً، أي: يجب على الكل شكره، وكأنما منّ

عليهم جميعاً [رواه البخاري: 6862.]

قال القرطبي: «وعلى الجملة، فالتشبيه على ما قيل، واقع كله، والمنتهك في واحد، ملحوظ بعين منتهك الجميع»[ انظر: فتح الباري 12/188.]

وقال الشوكاني: «والمراد بالتشبيه في جانب القتل: تهويل أمر القتل، وتعظيم أمره في النفوس، حتى ينزجر عنه أهل الجرأة والجسارة.

وفي جانب الإحياء: الترغيب إلى العفو عن الجناة، واستنقاذ المتورطين في الهلكات» [فتح الباري 12/188.]

وقال ابن القيم: «وقد أشكل فهم هذا على كثير من الناس، وقال: معلوم أن إثم قاتل مائة، أعظم

عند الله من إثم قاتل نفس واحدة. وإنما أُتوه من ظنهم أن التشبيه في مقدار الإثم والعقوبة، واللفظ

يدل على هذا. ولا يلزم من تشبيه الشيء بالشيء أخذه بجميع أحكامه...

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة السابعة والستون بعدالمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

المسألة الثانية: تحريم اعتداء الإنسان على غيره

فإن قيل ففي أي شيء وقع التشبيه بين قاتل نفس واحدة،وقاتل الناس جميعاً؟قيل:في وجوه متعددة:

أحدها: أن كلاً منهما عاصٍ لله ورسوله صلى الله عليه وسلم، مخالفٌ لأمره، متعرضٌ لعقوبته، وكلٌ

منهما قد باء بغضب الله ولعنته، واستحقاق الخلود في نار جهنم، وإعداده له عذاباً عظيماً. وإنما التفاوت في دركات العذاب، فليس إثم من قتل نبياً أو إماماً عادلاً أو عالماً يأمر الناس بالقسط، كإثم من قتل من لا مزية له من آحاد الناس.

الثاني: أنهما سواء، لاستحقاق إزهاق النفس [أي: القتل قصاصاً].

الثالث: أنهما سواء في الجرأة على سفك الدم الحرام، فإن من قتل نفساً بغير استحقاق، بل لمجرد الفساد في الأرض، أو لأخذ ماله، فإنه يجترئ على قتل كل من ظفر به، وأمكنه قتله، فهو معادٍ للنوع الإنساني.

ومنها: أنه يسمى قاتلاً أو فاسقاً أو ظالماً أوعاصياً بقتله واحداً، كما يسمى كذلك بقتله الناس جميعاً.

ومنها: أن الله سبحانه جعل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتواصلهم كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر. فإذا أتلف القاتل من هذا الجسد عضواً، فكأنما أتلف سائر الجسد، وآلم جميع أعضائه. فمن آذى مؤمناً واحداً، فكأنما آذى جميع المؤمنين، وفي أذى جميع المؤمنين أذى جميع الناس، فإن الله يدافع عن الناس بالمؤمنين الذين بينهم، فإيذاء الخفير إيذاء المخفور»  [رواه ابن ماجه: 2619. وللحديث شواهد عن جماعة من الصحابة. عند الترمذي والنسائي والبيهقي وغيرهم. وقد ذكرها المنذري في الترغيب والترهيب 3/293-294، وابن الأثير في جامع الأصول 10/208-209. وقال البوصيري في «زوائد ابن ماجه» 2/334 عن حديث البراء: «هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات. وله شاهد من حديث عبدالله بن عمرو، رواه الترمذي مرفوعاً وموقوفاً، وقال: هذا أصح من الحديث المرفوع. ورواه النسائي في «الصغرى» من حديث بريدة بن الحصيب، ومن حديث عبدالله بن مسعود». وقال المنذري في الترغيب والترهيب 3/293: «رواه ابن ماجه بإسناد حسن، ورواه البيهقي والأصبهاني». وصححه السيوطي في «الجامع الصغير» 2/403، والألباني في «صحيح سنن ابن ماجه» 2/92. ]

تحريم القتل وحرمة الدماء

وأما الأحاديث في تحريم القتل وتبشيع أمره، فهي كثيرة جداً، ومنها ما يأتي:                           1ـ حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء»[ رواه أبو داود من طريق أبي الدرداء: 4270، والنسائي من طريق معاوية بن أبي سفيان: 3984.وقد صححه السيوطي في [الجامع الصغير» 2/280. وقال الأرناؤوط عن حديث معاوية: وهو حديث حسن. وقال عن حديث أبي الدرداء: إسناده صحيح. جامع الأصول بتحقيق الأرناؤوط 10/206، 208.]

ففي هذا الحديث تغليظ أمر الدماء، وأنها أول ما يقضى فيه بين الناس يوم القيامة، وذلك لعظم أمرها وشدة خطرها [رواه البخاري: 6785، ومسلم: 66. والحديث مروي في الصحيحين وغيرهما من طريق عدد من الصحابة، بألفاظ متقاربة.]

قال ابن حجر: «في الحديث عظم أمر الدم، فإن البداءة إنما تكون بالأهم، والذنب يعظم بحسب عظم المفسدة وتفويت المصلحة. وإعدام البنية الإنسانية غاية في ذلك»[ رواه البخاري: 3318، ومسلم: 2242.]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الثامنة والستون بعدالمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*أحاديث تحريم القتل وتبشيع أمره

2ـ حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لن يزال المؤمن في فُسْحةٍ من دينه مالم يُصب دماً حراماً» [انظر: فتح الباري 12/189، والجواب الكافي ص: 177].

والفسحة هي المهلة والسعة، والمعنى: أنه يضيق عليه

 دينه، ولا تقوم أجور أعماله الصالحة بإثم ظلمه ، بسبب الوعيد على من قتل مؤمناً متعمداً بغير حق.

نقل ابن حجر عن ابن العربي قوله: «الفسحة في الدين: سعة الأعمال الصالحة، حتى إذا جاء القتل

 ضاقت، لأنها لا تفي بوزره» .

وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: «إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حله» [رواه البخاري: 6470.]

3ـ حديث البراء بن عازب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لزوالُ الدنيا أهونُ على الله من قتْل مؤمنٍ بغير حق»

وفي هذا الحديث تغليظ أمر القتل وتهويل شأنه.

4ـ قوله صلى الله عليه وسلم: «كلّ ذنب عسى الله أن يغفره، إلا الرجل يقتل المؤمن متعمداً، أو الرجل يموت كافراً»

5ـ حديث المقداد بن عمرو الكندي رضي الله عنه، وكان ممن شهد بدراً مع النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يا رسول الله! أرأيت إن لقيت كافراً فاقتتلنا فضرب إحدى يدي بالسيف فقطعها، ثم لاذ مني بشجرة فقال: أسلمت لله، أأقتله بعد أن قالها؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقتله. قال: يا رسول الله! فإنه قطع إحدى يدي ثم قال ذلك بعدما قطعها. قال: لا تقتله، فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله، وإنك بمنزلته قبل أن

يقول كلمته التي قال» [رواه البخاري: 3794، ومسلم: 95.]

ومعنى قوله: (وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته» أن دمك مباح بحق القصاص، لأنك قتلت مسلماً

معصوماً ظلماً وعدواناً كما كان دمه مباحاً حين كان كافراً محارباً للمسلمين، وليس المراد إلحاقه به في

الكفر، فإن المسلم لا يكفر بفعل الكبيرة، ولا يكفره بذلك إلا الخوارج. وقيل في معناه غير ذلك. [انظر: نيل الأوطار 7/202ـ203.]

ومن القصص المشهورة التي تدل على شناعة أمر القتل وسوء عاقبته: قصة أسامة بن زيد رضي الله عنهما، ولنستمع إليه وهو يقول: «بعثنا رسول الله  صلى الله عليه وسلم  إلى الحرقة من جهينة، قال: فصبحنا القوم فهزمناهم، ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلاً منهم، فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله. فكف عنه الأنصاري فطعنته برمحي حتى قتلته. فلما قدمنا بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لي: يا أسامة أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله؟ قلت: يا رسول الله إنما كان متعوذاً. قال: أقتلته بعد ما قال لا إلا الله؟ فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم».

فهذا الرجل كان كافراً يقاتل المسلمين، ولما أيقن أنه مقتول أسلم في الظاهر إسلاماً فيه شبهة بينة، ومع ذلك غلَّظ النبي صلى الله عليه وسلم في قتله تغليظاً شديداً، وشنع على أسامة هذا التشنيع العظيم، حتى تمنى أسامة أنه فقد حسناته السالفة وسابقته في الدين وأنه سلم من مغبة قتله، وشؤم هذا الذنب وسوء عاقبته، وأنه ما أسلم إلا يومئذ.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة التاسعة والستون بعدالمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*أحاديث تحريم القتل وتبشيع أمره

ولم يكتف النبي صلى الله عليه وسلم بما ذكر في تعظيم الدماء، وبيان خطرها، بل أكد حرمتها، وغرس في النفوس إجلالها وتعظيمها،بمقارنتها بما أجمع المسلمون قاطبة على إجلاله وتعظيمه، وهو البلد الحرام، والشهر الحرام، وكان ذلك في يوم مشهود، ومكان مبارك، ومجمع عظيم، شهده ما يزيد على مائة ألف مسلم، حين خطب الناس يوم النحر بمنىً في حجة الوداع.

ففي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: «ألا أي شهر تعلمونه أعظم حُرمة؟ قالوا: ألا شهرنا هذا. قال: ألا أي بلد تعلمونه أعظم حرمة؟ قالوا: ألا بلدنا هذا. قال: ألا أي يوم تعلمونه أعظم حرمة؟ قالوا: ألا يومنا هذا. قال: فإن الله تبارك وتعالى قد حرّم عليكم دماءكم وأموالكم وأعراضكم إلا بحقها كحرْمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا.

ألا هل بلغت ثلاثاً؟ كل ذلك يجيبونه: ألا نعم. قال: ويحكم، أو ويلكم!لا ترجعنّ بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض» بل لقد دلت السنة النبوية على أن التعدي على الحيوان بإزهاق روحه ظلماًوعدواناً جريمة

يستحق فاعلها دخول النار.

ففي الصحيحين عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «دخلت امرأة النار في هرّة ربطتها، فلم تطعمها، ولم تدعْها تأكل من خشاش الأرض»56، وفي رواية لهما: «عذّبت امرأة في هرة، سجنتها حتى ماتت،فدخلت فيها النار.لاهي أطعمتها وسقتها،إذ حبستها،ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض»

فإذا كانت هذه عقوبة قتل الحيوان بغير حق، فكيف بقتل الآدمي المعصوم، وكيف بالمسلم، وكيف بالتقي الصالح؟!!

*تحريم دماء المعصومين ولو كانت كافرة

ومن تأمل النصوص السابقة وجد أن أكثرها جاءت عامة مطلقة، تشمل جميع المعصومين من المؤمنين والكافرين، وما نُصَّ فيها على المؤمن، فإنما هو لعظم حقه وحرمته، ولا تدل بحال على إباحة قتل الكافر المعصوم بغير حق.

ويؤكد ذلك آيات وأحاديث كثيرة تدل على تحريم قتل الكفار غير المحاربين من الذميين والمعاهدين والمستأمنين، ومنها ما يأتي:

1ـ قول الله عز وجل: { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ

رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ] إلى قوله: { وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ

إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً}[النساء: 92].

فبين عز وجل عصمة دم الكافر المعاهد، وأن قتله خطأ يوجب الدية والكفارة المغلظة كوجوبهما في قتل المؤمن خطأ.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة السبعون بعدالمائة في موضوع (الحق) وهي بعنوان:

*وتجب الدية والكفارة بقتل الذمي والمستأمن

  قال الفقهاء :  وتجب الدية والكفارة بقتل الذمي

 والمستأمن  ومن بيننا وبينهم هدنة لقوله تعالى: {وَإِن

 كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً}. [انظر: أحكام القرآن للجصاص 3/212، والأم 7/321، ومختصر اختلاف العلماء 5/156، وزاد المسير 2/165.] 

وقال ابن قدامة: «والأصل في وجوب الدية والكفارة قول الله تعالى: { وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ }[النساء: 92]، وسواء كان المقتول مسلماً أو كافراً له عهد، لقول الله تعالى: { وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً } [النساء: 92]» [ انظر: الحجة 4/350، وبدائع الصنائع 7/252، والمهذب 2/190، وبداية المجتهد 2/310، والكافي لابن قدامة 4/56، والمبدع 9/27.]

2ـ من الأدلة الصريحة على تحريم قتل النفوس المعصومة ولو كانت كافرة، ما تكرر ذكره في القرآن في مواضع عديدة من قتل موسى عليه الصلاة والسلام لقبطي كافر من قوم فرعون، لم يكن يريد قتله، قال الله تعالى:{ وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ ، قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ، قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ ، فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ ،فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِن تُرِيدُ إِلَّا أَن تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ

الْمُصْلِحِينَ}[القصص: 15ـ19]

وقد دلت القصة على تحريم قتل معصوم الدم، وأنه جريمة منكرة، وفعلة بشعة من وجوه عديدة:

الأول: اعتراف موسى عليه السلام بأن قتل النفس التي لم يأذن الشارع في قتلها من إغواء الشيطان وكيده: { قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ } أي: عدو لابن آدم، مضل له عن سبيل الرشاد، مبين في عداوته له. [المغني 8/217.

الثاني: ندمه الشديد على فعلته، واعترافه بخطيئته، واعتذاره إلى ربه:{ قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي } ، ولم يزل موسى عليه السلام نادماً على ذلك، معترفاً بذنبه، حتى إنه حين أرسله الله تعالى إلى فرعون وقومه بعد سنين قال: { وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنبٌ فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ } [الشعراء: 14]، بل حين تطلب منه الشفاعة الكبرى يوم القيامة يعتذر عنها قائلاً : إني قتلت نفساً لم أومر بقتلها. كما ثبت ذلك في حديث الشفاعة المشهور. [ انظر: تفسير الطبري 20/46.]

قال القرطبي: «ثم لم يزل موسى عليه السلام يعدد ذلك على نفسه مع علمه بأنه قد غفر له، حتى إنه في القيامة يقول: إني قتلت نفساً لم أومر بقتلها. وإنما عدده على نفسه ذنباً وقال ظلمت نفسي فاغفر لي، من أجل أنه لا ينبغي لنبي أن يقتل حتى يؤمر، وأيضاً فإن الأنبياء يشفقون مما لا يشفق منه غيرهم» [رواه البخاري: 6197، ومسلم: 193، والترمذي: 2434. واللفظ له.]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الواحدة والسبعون بعدالمائة في موضوع

(الحق) وهي بعنوان:

*وتجب الدية والكفارة بقتل الذمي والمستأمن

الثالث: أنه عدَّ قتله القبطي الكافر ذنباً يستحق العقوبة عليه، فسأل ربه أن يتجاوز عنه، ويستر عليه: { قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }.

الرابع: أنه عدَّ فعله ذلك جرماً، وعاهد ربه ألا يكون معيناً لمجرم على جرمه: { قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ }.

الخامس: أن الذي يقتل النفوس بغير حق فهو من الجبارين الظالمين، كما قال ذلك الإسرائيلي

الذي ظن خطأ أن موسى سيقتله: { أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِن تُرِيدُ إِلَّا أَن تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ }، وقد أقره الله تعالى على ما ذكر من أن القتل بغير حق هو فعل الجبابرة والطغاة الذين لا يخافون الله.

السادس: أن من قتل النفوس المعصومة بغير حق، وزعم أنه يريد الإصلاح في الأرض، ونصرة

الدين، وإنكار المنكر، وتهييب أهل المعاصي، فإنه كاذب في دعواه، بل هو من الظالمين المفسدين وإن زعم أنه من الصالحين المصلحين، كما قال الله تعالى على لسان ذلك الإسرائيلي مقراً له: { إِن تُرِيدُ إِلَّا أَن تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ }. [الجامع لأحكام القرآن 13/161. وانظر نحوه في: فتح القدير 4/164.]

وإذا كان هذا هو ما حصل لكليم الله موسى عليه الصلاة والسلام في قتل خطأ لكافر من قوم فرعون الذين كانوا يستضعفون بني إسرائيل ويذبحون أبناءهم ويستحيون نسائهم، فكيف بمن يترصد لكافر معاهد، أعطي العهد والأمان من قبل الدولة المسلمة، ليدخلها سائحاً أو تاجراً، أو ليعمل فيها طبيباً أو مهندساً أو خبيراً في مؤسسة حكومية أو أهلية، ثم يقتله على حين غرة، ويتباهى بذلك ويزعم أنه يفعل ذلك نصرة للدين، وانتقاماً للمسلمين المستضعفين!! وهل هذا إلا عين الغدر والخيانة، وعنوان الخسة والنذالة، وغاية الظلم والجناية، وأعظم باب لتشويه صورة الإسلام، والتحريض على قتل المسلمين وإيذائهم في كل مكان، وبخاصة في بلاد الأقليات المسلمة التي تعيش بين ظهراني تلك الأمم الكافرة؟!

3ـ عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قتل معاهداً  لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها لتوجد من مسيرة أربعين عاماً»[ تفسير السعدي ص: 569.]

4ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ألا من قتل نفساً معاهدة لها ذمة الله وذمة رسوله، فقد أخفر ذمة الله، فلا يرح رائحة    

الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة سبعين خريفاً» [رواه البخاري: 2995.]

5ـ عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قتل معاهداً في غير كنهه[رواه الترمذي: 1403، وابن ماجه: 2687. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. حرم الله عليه الجنة»68 68 أي: في غير وقته الذي يجوز فيه قتله.]

وفي رواية للنسائي: «من قتل نفساً معاهدة بغير حلها حرم الله عليه الجنة أن يشم ريحها».

قال العلامة الشوكاني: «المعاهد: هو الرجل من أهل دار الحرب يدخل إلى دار الإسلام بأمان، فيحرم على المسلمين قتله بلا خلاف بين أهل الإسلام حتى يرجع إلى مأمنه، ويدل على ذلك أيضاً قوله تعالى: [وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ][التوبة: 6]. [الأنترنت – موقع تعظيم حق الحياة في الإسلام - تعظيم حق الحياة في الإسلام -د.عبدالعزيز بن فوزان الفوزان ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الثانية والسبعون بعدالمائة في موضوع

(الحق) وهي بعنوان:

   *( وآتِ ذا القربى حقه والمسكين )

قال المنجد : لقد دعا الإسلام إلى صلة الرحم لما لها

 من أثر كبير في تحقيق الترابط الاجتماعي ودوام التعاون والمحبة بين المسلمين .حكمها:صلة الرحم واجبة

 الإدله من القرآن والسنه على وجوب صلة الرحم

أولا: من القرآن:

( واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام ) وقوله

( وآتِ ذا القربى حقه والمسكين )وقد حذر تعالى من قطيعة الرحم بقوله(والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار )

ثانياً من السنه:

1- عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :" من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فليصل رحمه "

2- عن أنس رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :" من أحب أن يبسط له في رزقه ، و يـُـنـْـسأ له في أثره ، فليصل رحمه "

3- عن عائشة رضي الله عنها ، عن النبي صلى الله عليه و سلم ، قال :" الرحم معلقة بالعرش تقول : من وصلني وصله الله ، و من قطعني قطعه الله "

4- و عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه و سلم ، قال :

" ليس الواصل بالمكافئ ، و لكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها " .

: 5- و عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رجلا قال : يا رسول الله ! إن لي قرابة أصلهم و يقطعوني ، و أحسن إليهم و يسيئون إليّ ، و أحلم عليهم و يجهلون عليّ ، فقال" إن كنت كما قلت ، فكأنما تـُسِـفـَّهـُمُ الملّ ( الرماد الحار ) ، و لا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك "

6- عن جبير بن مطعم رضي الله عنه ، أنه سمع النبي صلى الله عليه و سلم يقول :" لا يدخل الجنة قاطع " قال سفيان : يعني قاطع رحم .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الثالثة والسبعون بعدالمائة في موضوع

(الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:  

*لصلة الرحم فوائد وإليكم فوائدها:

المتفق عليه عن أبي هريرة : (إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ من خلقه قالت الرحم هذا مقام العائذ بك من القطيعة قال نعم أما ترضين أن أصل من وصلك واقطعمن قطعك قالت بلى يا رب قال فهو

 لك) [رواه البخاري واللفظ له (5987) ومسلم(2554)]

1- صلة الرحم سبب لصلة الله للواصل في الحديث

2- صلة الرحم سبب لدخول الجنة في الحديث المتفق عليه عن أبي أيوب الأنصاري أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عمل يدخله الجنة ويباعده من النار فقال صلى الله عليه وسلم : ( تعبد الله لا تشركبه شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم ) [ رواه البخاري (1396) ومسلم (13) .

وعن عبدالله بن سلام قال قال صلى الله عليه وسلم (يا أيها الناس أفشوا السلام أطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام) رواه الترمذي 2485 وابن ماجة 3251 وصححه الألباني في الصحيحة ( 569) .

3- صلة الرحم امتثال لأمر الله وقال تعالى : ( والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب)) ( الرعد 21) .

4- صلة الرحم تدل على الأيمان بالله واليومالآخر:

 عن أبي هريرة قال قال صلى الله عليه وسلم : (من كان يؤمن بالله

واليوم الآخر فليصل رحمه) رواه البخاري (6138) .

5- صلة الرحم من أحب الأعمال إلى الله: فقد سأل رجل من خثعم رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: الإيمان بالله، قال: ثم مه ؟ قال: ثم صلة الرحم،قال: ثم مه ؟ قال : الأمربالمعروف والنهي عن المنكر. قال: قلت يا رسول الله أي الأعمال أبغض إلى الله؟قال : الإشراك بالله ، قال: قلت يا رسول الله ثم مه؟ قال: ثم قطيعة الرحم، قال: قلت يا رسول الله ثم مه؟ قال : الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف) رواه أبويعلى بإسناد جيد, كما ذكر ذلك المنذري في الترغيب والترهيب 3/336, وانظر جمع الزوائد 8/151.

6- صلة الرحم تنفيذ لوصية النبي صلى الله عليهوسلم

 في حديث أبي ذر أنه قال( أوصاني خليلي أن لا تأخذني في الله لومة لائم وأوصاني بصلة الرحم وإن أدبرت) مجمع الزوائد 8/154 وقال رواه الطبراني فيالصغير والكبير ورجاله رجال الصحيح غير سلام بن المنذر وهو ثقة.

ولا يخفى عليك أخي القارئ الحديث الذي فيه قصة أبي سفيان مع هرقل وأن أبا سفيان أجاب هرقل حينما سأله ماذا يأمركم ؟ قال : قلت (أبو سفيان) قلت يقول :( اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئاً واتركواما يقول آباؤكم ويأمرنا بالصلاةوالصدق والعفاف والصلة) رواه البخاري 7 ومسلم 1773

7- الرحم تشهد للواصل بالوصل يوم القيامة

عن ابن عباس قال: قال صلى الله عليه وسلم : ( وكل رحم آتية يوم القيامة أمام صاحبهاتشهد له بصلة إن كان وصلها وعليه بقطيعة إن كان قطعها) رواه البخاري في الأدبالمفرد والحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط الشيخين.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الرابعة والسبعون بعدالمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:   *لصلة الرحم فوائد وإليكم فوائدها:

8- صلة الرحم سبب لزيادة العمر وبسط الرزق عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل

رحمه) رواه البخاري 5986, مسلم 2557.

وقيل : إن معنى زيادة العمر وبسط الرزق أن يبارك الله في عمر الإنسان ورزقه فيعمل في وقته ما لا يعمله غيره فيه.

وقيل : إن معنى زيادة العمر وبسط الرزق على حقيقتها فيزيد الله في عمره ويزيد في رزقه ولا يشكل على هذا أن الأجل محدود والرزق مكتوب فكيف يزاد؟ وذلك لأن ا لأجل والرزق على نوعين : أجل مطلق يعلمه الله وأجل مقيد,ورزق مطلق يعلمه ورزق مقيد, فالمطلق هو ما علمه الله أنه يؤجله إليه أو ما علمه الله أنه يرزقه فهذا لا يتغير,والثاني يكون كتبه الله واعلم به الملائكة فهذا يزيد وينقص بحسب الأسباب [مجموع فتاوى ابن تيمية 8/517,540].

9- صلة الرحم تعجل الثواب وقطيعتها تعجل العقاب, عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ليس شيء  أُطِيع الله فيه أعجل ثواباً من صلة الرحم وليس شيء أعجل عقاباً من البغي وقطيعة الرحم)) البيهقي في السنن  الكبرى 10/62 وصححه الألباني في صحيح الجامع 2/950.

10- صلة الرحم تدفع ميتة السوء

عن علي قال: قالرسول الله صلى الله عليه وسلم ( من سره أن يمد له في عمره ويوسع له في رزقه ويدفع عنه ميتة السوء فليتق الله وليصل رحمه) رواه عبد الله بن أحمد في زوائده على المسند وصححه أحمد شاكر, وجود إسناده المنذري في الترغيب والترهيب 3/335, وانظره في مجمع الزوائد 8/152, 153.

11- صلة الرحم أفضل أخلاق أهل الدنيا والآخرة,

عن عقبة بن عامر أنه قال لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فبدرته فأخذت بيده وبدرني فأخذ بيدي فقال : ( يا عقبة ألا أخبرك بأفضل أخلاق أهل الدنيا والآخرة تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك, ألا ومن أراد أن يمد له في عمره ويبسط في رزقه فليصل ذا رحمه ) الحاكم في المستدرك 4/161 وسكت عنه الذهبيوذكره المنذري في الترغيب والترهيب 3/342.

12- صلة الرحم تثمر الأموال وتعمرالديار[عندأحمد ورجاله ثقات ]

وعن عائشة رضي الله عنها : ( صلة الرحم وحسن الجوار أو حسن الخلق يعمران الديار ويزيدان في الأعمار) [ رواه أحمد 6/159 , وانظر فتح الباري 10/415 , والترغيب والترهيب 3/337.]

وعن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله ليعمّربالقوم الديار ويثمر لهم الأموال وما نظر إليهم منذ خلقهم بغضاً لهم, قيل وكيف ذلك يا رسول الله قال بصلتهم لأرحامهم) رواه الطبراني وإسناده حسن انظر جمعالزوائد 8/155.

13- صلة الرحم سبب لمحبة الأهل للواصل:

روى الترمذي وحسنه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليهوسلم : ( إن صلة الرحم محبة في الأهل مثراة في المال منسأة في الأثر) وصححهالألباني في صحيح الجامع 1/570.

14- أن قاطع الرحم لا يدخل الجنة: في الحديث

المتفق عليه عن جبير بن مطعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يدخلالجنة قاطع) رواه البخاري 5984 ومسلم 2556 قال سفيان بن عيينة أحد الرواة يعنيقاطع رحم ( فتح الباري 10/415).

15- أن قاطع الرحم لا يقبل عمله :

عن أبي هريرةقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن أعمال بني آدم تعرض كل خميس ليلة الجمعة فلا يقبل عمل قاطع رحم) رواه أحمد وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 8/154 رجاله ثقات وصحح إسناده أحمد شاكر.

هل تعرفون ماهي عقوبة قطع الرحم : قاطع الرحم لا يدخل الجنة

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الخامسة والسبعون بعدالمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:   *لصلة الرحم فوائد وإليكم فوائدها:

16- أن الرحمة لا تنزل على قوم فيهم قاطع رحم :

رواه البخاري في الأدب المفرد قال الطيبي: يحتمل أن يراد بالقوم الذين يساعدونه على قطيعة الرحم ولا ينكرونه عليه, ويحتمل أن يراد بالرحمة المطر وأنه يحبس عن الناس بشؤم التقاطع.(فتح الباري]

* وعن أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ثلاثة لا يدخلون الجنة : مدمن الخمر،وقاطع الرحم ،ومصدق بالسحر) [ رواه أحمد وابن حبان ]

*عقوبة قاطع الرحم :

1-قاطع الرحم ملعون في كتاب الله: قال الله تعالى   {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ } سورة محمد: 22-23 ، قال علي بن الحسين لولده: يا بني لا تصحبن قاطع رحم فإني وجدته ملعونا في كتاب الله في ثلاثة مواطن.

2- قاطع الرحم من الفاسقين الخاسرين: قال الله تعالى { وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} البقرة: 26-27 .

3- قاطع الرحم تعجل له العقوبة في الدنيا ولعذاب الأخرة أشد وأبقى: عن أبي بكر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه بالعقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم» رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه.

4- لا يرفع له عمل ولا يقبله الله : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: « إن أعمال بني آدم تعرض على الله تبارك وتعالى عشية كل خميس ليلة الجمعة فلا يقبل عمل قاطع رحم» رواه أحمد ورجاله ثقات وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.

5- من قطعها قطع للوصل مع الله: عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله» رواه البخاري ومسلم وهذا لفظه.                    6- سبب في المنع من دخول الجنة: قال رسول الله

صلى الله عليه وسلم: « لا يدخل الجنة قاطع رحم» رواه الترمذي.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة السادسة والسبعون بعدالمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*أسباب قطيعة الرحم

1-الجهل: فالجهل بعواقب القطيعة العاجلة والآجلة يحمل عليها ويقود إليها كما أن الجهل بفضائل

الصلة العاجلة والآجلة يقصر عنها ولا يبعث إليها.

2-ضعف التقوى: فإذا ضعفت التقوى ورق الدين لم يبال المرء بقطع ما أمر الله به أن يوصل ولم يطمع بأجر الصلة ولم يخش عاقبة القطيعة.

3- الكبر: فبعض الناس إذا نال منصباً رفيعاً أو حاز مكانة عالية أو كان تاجراً كبيراً تكبر على أقاربه وأنف من زيارتهم والتودد إليهم بحيث يرى أنه صاحب الحق وأنه أولى بأن يزار ويؤتى إليه.

4- العتاب الشديد: فبعض الناس إذا زاره أحد من أقاربه بعد طول انقطاع أمطر عليه وابلا من اللوم والعتاب والتقريع على تقصيره في حقه، وإبطائه في المجيء إليه ومن هنا تحصل النفرة من المجيء خوفاً من

 لومه وتقريعه وشدة عتابه.

5- قلة الاهتمام بالزائرين: فمن الناس من إذا زاره أقاربه لم يبد لهم الاهتمام ولا يفرح بمقدمهم ولا يستقبلهم إلا بكل تثاقل مما يقلل رغبتهم في زيارته.

6- الشح والبخل: فمن الناس من إذا رزقه الله مالاً أو جاهاً تجده يتهرب من أقاربه خوفاً من الاستدانة منه أو يكثرون الطلبات عليه أو غير ذلك.

7- الاشتغال بالدنيا واللهث وراء حطامها فلا يجد هذا اللاهث وقتاً يصل به قرابته ويتودد إليهم.

8- نسيان الأقارب في الولائم والمناسبات: فربما نسي واحداً من أقاربه، وربما كان هذا المنسي ضعيف النفس أو ممن يغلب سوء الظن فيفسر هذا النسيان بأنه تجاهل له واحتقار لشخصه فيقوده ذلك الظن إلى الصرم والهجر.

9- كثرة المزاح: فإن لكثرة المزاح آثار سيئة فلربما خرجت كلمة جارحة من شخص لا يراعي مشاعر الآخرين فأصابت مقتلاً من شخص شديد التأثر فأورثت لديه بغضاً لهذا القائل ويحصل هذا كثيراً بين

 الأقارب لكثرة اجتماعاتهم.

10- الطلاق بين الأقارب.

11- التقارب في المساكن: يسبب غالباً خصومات بسبب الزوجات أو بسبب الأولاد فتنتقل إلى الوالدين فتحلل القطيعة قال عمر: مروا ذوي القربات أن يتزاوروا ولا يتجاوروا.

12- قلة تحمل الأقارب والصبر عليهم إذا حصلت هفوة أو زله. 13- الحسد.

14- تأخير قسمة الميراث.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة السابعة والسبعون بعدالمائة في موضوع (الحق) وهي بعنوان:*موعظة للقاطعين :

 كان أبوبكر رضي الله عنه ينفق على إبن خالته لأنه كان فقيرا، ولما كان حديث الإفك عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها تكلم عنها ابن خالته مع من تكلموا في حقها، فلما بلغ ذلك أبابكر قطع عليه النفقة وهذا في نظرنا أقل ما يمكن فعله، ولكن الله سبحانه وتعالى أنزل في ذلك قرآنا كريما ليسطر لنا مثلا عظيما في التعامل الاجتماعي بين الناس فنزل قوله تعالى {وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ِ} النور22، قال أبوبكر رضي الله عنه: بلى!! أي بلى أحب أن يغفر الله لي وأن يعفو عني فرد أبوبكر رضي الله عنه النفقة التي كان ينفقها على ابن خالته رغم ماكان منه في حق أم المؤمنين رضي الله عنه.

فأنظر أخي الكريم إذا كنت قاطعا لرحمك ما السبب في ذلك، مهما كان السبب فعادة لا يرقى إلى مثل السبب الذي قطع بسببه أبوبكر النفقة على ابن خالته ورغم ذلك أنظر كيف كان الرد القرآني على ذلك.

*أصلهم ويقطعوني

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجل جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني وأحسن إليهم ويسيئون إليَّ وأحلم عنهم ويجهلون عليَّ، فقال صلى الله عليه وسلم: « لئن كنت قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك» رواه مسلم. والمل هو الرماد الحار،

فكانه شبه ما يلحقهم من الألم والإثم - والحالة هذه - بما يلحق آكل الرماد الحار. كما قال صلى الله عليه وسلم « ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل إذا قطعت رحمه وصلها» رواه البخاري.

فيا عباد الله يا من آمنوا بالله ورسوله انظروا حالكم في أقاربكم: هل قمتم بما يجب لهم عليكم من صلة؟

هل ألنتم لهم الجانب؟ هل أطلقتم الوجوه لهم؟

هل شرحتم الصدور عند لقائهم؟

هل قمتم بما يجب لهم من محبة وتكريم واحترام؟

هل زرتموهم في صحتهم توددا؟ هل عدتموهم في مرضهم إحتفاء وسؤالا؟

هل بذلتم ما يجب بذله لهم من نفقة وسداد حاجة؟

أخي الكريم... أختي الكريمة: هيا استعذ بالله من الشيطان الرجيم ومن وساوس النفس وصل رحمك وأبق على الود، واحفظ العهد، وأنثر المحبة والسعادة والسلام، فَصلْ من قطعك وأَعْط من حرمك وأعفُ عمن ظلمك.[الأنترنت – موقع غرام  - باسم شاور – نقل عن الشيخ المنجد ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الثامنة والسبعون بعدالمائة في موضوع (الحق) وهي بعنوان:

*حقوق الإنسان في الإسلام ( بإختصار )

   تقوم العقيدة الإسلامية على مبدأ وحدة الجنس البشري. وأن الاختلاف بين البشر سواء في الأرزاق أو مصادر الدخل أو الأعمار أو الألوان أو الأعراق إنما يهدف إلى إعمار الكون في إطار من التعايش والتعاون والتكامل، وتتضح هذه الحقائق بلا لبس أو شك عند إلقاء نظرة على بعض الآيات القرانية الكريمة.

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}  {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}

{وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ }

ويؤكد الإسلام على الحرية التامة للعقيدة. ويتضح ذالك في قوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ}

ومن الواضح أن الأساس الفلسفي الذي قام عليه مفهوم حقوق الإنسان هو تكريم الإنسان بما يمكنه من القيام بدوره في المجتمع وتحقيق تقدم المجتمع من خلال تقدم ورقى الفرد. وهذا الأساس هو نفسه الذي أشار إليه الإسلام في مواضع عديدة.

وبصفة عامه تحكم علاقة المسلم مجموعة من الأحكام الإسلامية.

فعن الزهري عن سالم عن أبيه أن رسول الله قال "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه. ومن كان في حاجه أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربه فرج الله عنه بها كربه من كرب يوم القيامة

ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة"

وعن أبي هريرة رضى الله عنه قال، قال رسول الله "إن الله عز وجل يقول يــوم القــيامة يا ابن أدم مرضت فلم تعدني. قال: يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين قال: أما علمت أن عبدي فلان مرض فلم تعده. أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده؟. يا ابن أدم إستطعمتك فلم تطعمني. قال: يارب وكيف أطعمك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أنه إستطعمك عبدي فلان فلم تطعمه؟ أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذالك عندي؟ يا ابن أدم أستسقيتك فلم تسقني. قال: يارب كيف أسقيك وأنت رب العالمين؟. قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه.أما علمت أنك لوسقيته لوجدت ذالك عندي"

وتلك الأحاديث بينها رسول الله الكريم وكلها تقوم على مبدأ مراعاه الـرفق والسماحة وغيره من المباديء السامية التي حث عليها الإسلام ورغب فيها.

محتويات :

1  أهم الحقوق التي كفلها الإسلام للإنسان :

أ   حق الحياة ، ب حق الكرامة ، ج    حق الحرية

د  حق التعليم ، ه  حق التملك والتصرف ،       و   حق العمل ،  ز أهم الحقوق الأساسية للعمال

ك  واجبات العامل

2  خصائص ومميزات حقوق الإنسان في الإسلام

أ   حقوق الإنسان في الإسلام تنبثق من العقيدة الإسلامية ،ب حقوق الإنسان في الإسلام منح إلهية

ج حقوق الإنسان في الإسلام شاملة لكل أنواعالحقوق

د  حقوق الإنسان في الإسلام ثابتة ولا تقبل الإلغاء أو التبديل أو التعطيل ، ه   حقوق الإنسان في الإسلام ليست مطلقة بل مقيدة بعدم التعارض مع مقاصد الشريعة الإسلامية                           3  المساواة بين الرجل والمرأة ،4 حقوق الوالدين

5  حقوق الأبناء ،6    حقوق بين الزوجين

7  حقوق الأقارب واليتامى والمساكين وابن السبيل

8  حقوق غير المسلم في الإسلام  [ الأنترنت – موقع الموسوعة الحرة ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة التاسعة والسبعون بعدالمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*صلة الأقارب والأرحام وحقوقهم

«يا أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام، وصلوا

الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام» [صححه الألباني]. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فإن صلة الأرحام من أعظم القربات إلى الله وأجلها، قال تعالى: {وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ} [سورة النساء: 1]، والمسلم في هذه الدنيا يجدّ في السير إلى رحاب جنة عرضها السموات والأرض ومما يعينه في ذلك السير تلمس ثمار القيام بصلة الأرحام ومنها:

 1 ـ امتثال أمر الله ورسوله بصلة الرحم حيث أن رسول الله قرنها بعبادة الله تعالى دلالة على عظم شأنها كما في حديث عمرو بن عبسة لما سأل رسول الله بأي شيء أرسلك الله قال: «أرسلني بصلة الأرحام، وكسر الأوثان، وأن يوحد الله لا يشرك به شيء» [رواه مسلم].

 2 ـ طلب القرب والإحسان والأفضال من الله تبارك وتعالى كما في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله: «إن الله خلق الخلق، حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ من القطيعة. قال: "نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟،قالت:"بلى". قال:فذاك لك.» الحديث.

 3 ـ طمعاً في دخول الجنة، كما في الحديث الذي رواه ابن ماجة والترمذي والدارمي، عن عبدالله بن سلام قال: لما قدم النبي المدينة انجفل الناس قبلةُ، وقيل: قد قدم رسول الله، قد قدم رسول الله، قد قدم رسول الله - ثلاثاً - فجئت في الناس لأنظر، فلما تبينت وجهه، عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب، فكأن أول شيء سمعته تكلم به أن قال: «يا أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة

 بسلام» [صححه الألباني].

 4 ـ كسب الرزق والبركة في الذرية والذكر الحسن،

 كما في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم، عن أنس رضي الله تعالى عنه، قال: سمعت رسول الله يقول: «من سره أن يبسط له في رزقه، وأن ينسأ له في أثره، فليصل رحمه».

 5 ـ دفع العقوبة المترتبة على قطيعة الرحم، كما في قوله تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} [سورة محمد: 23-22]، وكما في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم، عن محمد بن جبير بن مطعم قال: إن جبير بن مطعم أخبره أنه سمع النبي يقول: «لا يدخل الجنة قاطع رحم»، وكذلك في الحديث الذي رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجة وأحمد، عن أبي بكر رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله: «ما من ذنب أجدر أن يُعجل الله بصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم» [صححه الألباني].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الثمانون بعدالمائة في موضوع (الحق) وهي بعنوان:

*صلة الأقارب والأرحام وحقوقهم

 آداب وضوابط صلة الرحم:

 1 ـ أن تستصحب الإخلاص لله تعالى في كل عمل تقوم به، وأن تلزم الإلتجاء إلى الله سبحانه ودعائه بأن يوفقك وأن يفتح على يديك، وأن تنطلق مع محبوبات الله أني استقلت ركائبها، مع الاجتهاد في دفع كل ما يعارض هذا الأصل العظيم الذي هو أنفع الأصول وأصلحها للقلب وأعظمها فوائد ونتائج، مع اجتهادك فيه تلجأ إلى الله تعالى في إعانتك عليه وتيسيره لك.

 2 ـ التدثر بالصفح والعفو والمسامحة لكل من أخطأ عليك، ومقابلة ذلك بالإحسان {وَلاَ تَستوِى

الحَسَنَةُ وَلاَ السّيِئَةُ ادفَع بِالّتي هِىَ أَحسَنُ فَإذَا الّذى بَينكَ وَبَينَهُ عَدَاوَةٌ كَأنّهُ وَلِىّ حَمِيمٌ} [سورة  فصلت: 34].

 3 ـ أن تستشعر دائماً أن أقاربك وأرحامك أولى الناس بك، وأحقهم بعطفك وخيرك {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [سورة الأنفال: 75]. روى الإمام أحمد والنسائي وابن ماجة والدارمي عن سلمان بن عامر الضبي قال: قال رسول الله: «إن الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم اثنتان؛ صدقة، وصلة» [صححه الألباني].

 4 ـ أن تدرك أن صلة الرحم من أخص صفات

المؤمنين بل إنها من أبرز صفات سيد المرسلين كما قالت خديجة رضي الله عنها لرسول الله مطمئنة له ومهدية من روعه: "كلا لا يخزيك الله أبداً إنك لتصل الرحم" [رواه البخاري ومسلم]. وروى البخاري عن أبي هُريرة عن النبي قال: «مَن كَان يؤمِن بالله وَاليومِ الآخِرِ فَليصل رَحِمَهُ وَمَن كانّ يؤمِنُ بِالله وَاليَومِ الآخِرِ فَليقُل خَيراً أو ليصمت». 5 ـ أن تكون قدوة حسنة في جميع أعمالك وتصرفاتك وأخلاقياتك مع جميع أقاربك ومع غيرهم، مع البعد التام عن الانتصار للنفس؛ وأن لا يكون في سلوكك ثغرات تفقدك ثقتهم، وانظر إلى سيد الرسل صلوات الله وسلامه

عليه لم ينتقم لنفسه قط.

 6 ـ أن يروا منك الإيجابية في التعاون معهم، ومسارعتك في قضاء حوائجهم والوقوف في صفهم

في الحق، وبذل جاهك وشفاعتك لهم، ومحاولة إيجاد البدائل فيما لم توافقهم عليه من أعمال أو تصرفات.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الواحدة والثمانون بعدالمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*صلة الأقارب والأرحام وحقوقهم

 آداب وضوابط صلة الرحم:

 7 ـ العفو والتجاوز عن حقوقك الذاتية تجاههم؛ بل تحاول أن تتناسها تماماً، ومن ذلك المكافأة في الصلة فالواصل ليس بالمكافي. روى البخاري عن عبدالله بن عمرو عن النبي قال: «ليس الواصل بالمكافي ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمهُ وصلها». وروى مسلم عن أبي هريرة أن رجلاً قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إليّ، وأحلم عنهم ويجهلون عليّ، فقال: «لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله ظهير عليهم

ما دمت على ذلك».

 8 ـ طول النفس، وسعة البال معهم، فالطريق طويل، والصبر جميل، وتدرع بالفأل الحسن، وافتح لنفسك باب الأمل فقد لبث نوح عليه السلام ألف سنة إلا خمسين عاماً وهو يدعو قومه. وقال رسول الله صلى عليه وسلم عن كفار قريش بعد ما لاقاه منهم: «إني أرجوا أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله».

 9 ـ إبعاد عنصر اليأس من صلاحهم، فإنه متى تطرّق إليك الشك من صلاحهم فقد حكمت على نفسك بالفشل في بداية الطريق.

 10 ـ عدم تعليق الفشل وعدم النجاح عليهم فإنك متى عمدت إلى هذا فقدت عنصر التقويم والتعديل والتطوير لنفسك ولم تحاول أن تراجع خطواتك وطريقتك في التعامل معهم، فهذا نبي الله نوح عليه السلام، قام باستخدام جميع الوسائل في نصح قومه، ولم يقتصر على أسلوب بعينه، ويعلن إنحراف قومه وفشلهم، بل قال لربه جل وعلا: {رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً (5) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَاراً (6) وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً (7) ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً (8) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً (9) فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً (10) يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً (12) مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً (13) وَقَدْ

خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً} [سورة نوح: 5-14].

 11 ـ أهمية جعل أهداف لصلة الرحم يمكن مراقبتها وقياسها حتى تعلم مدى نجاحك فيها أو تقصيرك، وأسباب الضعف والخلل.

 12 ـ الاستعانه بالله جل وعلا على دعوتهم إلى الله وتوجيههم مع لزوم الدعاء لهم في ظهر الغيب في كل حال وفي أوقات الإجابة والأزمنة والبقاع الفاضلة.

 13 ـ الإهتمام البالغ - وقبل كل شيء - بكسب محبتهم في جميع الطرق التي ترضى الله عز وجل.

14 ـ التزام الأسلوب الحسن والكلام الطيب، والابتسامة، والبشاشة عند لقياهم والدعاء لهم. فالكلمة الطيبة صدقة، وتبسمك في وجهه صدقه، وطلاقة الوجه صدقة.

 15 ـ زيارتهم، والسؤال عن حالهم، والإتصال

الهاتفي بهم، ومن الأشياء المعينة على ذلك تخصيص

 يوم معين لمهاتفتهم؛ مثلاً: يوم الجمعة.

 16 ـ صحبتهم في بعض الرحلات للعمرة، أو الحج،

أو النزهة، مع تحمل ما لايلائمك من عادات وصفات؛ فهم أولى بذلك من غيرهم.

 17 ـ مشاركتهم في أفراحهم، ومناسباتهم، والمباحات من أعمالهم دون زيادة تسقط الهيبة، وتضعف الشخصية.

 18 ـ ملاطفة الأطفال وملاعبتهم؛ وهذا خُلق نبوي رفيع، وهو أدعى وأيسر طريق في كسب محبة أهلهم.

 19 ـ الإحتساب في ذلك كله، والإخلاص فيه لله تعالى، دون إنتظار الشكر والثناء من أحد منهم، بل إن من الإعداد النفسي كما قال ابن حزم: أن تنظر مقابلة إحسانك عليهم، إساءتهم وتعديهم وظلمهم لك، فإنك في ذلك تحقق هدفين: أن يكون عطاؤك وصلتك لله تعالى، أن لا

تصاب بالإحباط والقلق عند عدم المكافئة بالحسنى.

20 ـ الإهتمام بالمناسبات التي يحث عليها ديننا الإسلامي وإحيائها مثل: الأعياد، قدوم مولود جديد العقيقة، والزواج والوفاة وهكذا.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الثانية والثمانون بعدالمائة في موضوع

(الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

وسائل صلة الرحم:

 أ ـ اللقاءات والإجتماعات العامة:

 1 ـ تحديد لقاءات العائلة بعد مشاورتهم؛ مثلاً كل أسبوعين، لمن هم في حي واحد، وكل شهر لمن هم في مدينة واحدة، ولقاء سنوي لمن هم متفرقين في المدن الأخرى.

 2 ـ محاربة الإسراف وإزالة الكلفة عند أي اجتماع وذلك بأن تبدأ الدعوة وإظهار البساطة في الضيافة حتى تكون قدوة لهم، مع بيان أن أولى من ينبغي زوال الكلفة فيما بينهم هم الأرحام والأقارب، فإنه متى

تكلف أحدهم بطعام فهذا بداية فشل الإجتماعات.

 3 ـ بث روح التعارف فيما بينهم وإشعارهم بأهميته في تحقيق التواصل والتكافؤ بين الأرحام، والسؤال والتقصي عن أحوالهم العامة دون الدخول في خصوصياتهم أو ما يحرجهم.

 4 ـ التذكير بأهمية صلة الرحم، وفضلها، في جميع اللقاءات، مع ضرب الأمثلة وسياق القصص من السلف وأهل الصلاح في حرصهم واهتمامهم بأرحامهم.

 5 ـ توقير كبار العائلة، واحترامهم، وفتح المجال لهم

للحديث والمشاركه للإستفادة من قصصهم وتجاربهم

وخبراتهم في الحياة.

 6 ـ إدخال القصص الطبية، والطرفة المباحة، والمزاح الخفيف في اللقاءات العائلية.

 7 ـ تجهيز مسابقات سهلة وقصيرة، وطرحها خلال اللقاءات، مع جوائز فورية لأصحاب الإجابات

الصحيحة، والحرص على مشاركة الأطفال والصبية والفتيات في ذلك.

 8 ـ محاولة استخلاص موافقتهم ومشاركتهم في الأعمال الخيرية، ولو بمبالغ زهيدة بشكل مستمر - لاحتمال الفتور - وتكون بمثابة جسور الاتصال، مع تجنب الإحراج لأحد منهم أو الإلحاح عليهم، بل متى رأيت ملامح عدم الموافقة بادية على وجوهم فاسحب

 الموضوع تماماً.

 ب - عمل دليل هاتفي للعائلة: وذلك عن طريق الإستبانة التي تبين: الإسم الكامل، والعمل، وعنوان السكن، وأرقام الهواتف، وصندوق البريد. ثم طباعته بثوب قشيب، مع تحري كتابات قيمه على الغلاف تحث على صلة الرحم وفضله، ومنزلة التغاضي عن الزلات، وبيان أن الواصل ليس بالمكافيء.

 ج - مجلة العائلة: تحرير صفحتين أو أكثر تحمل اسم مجلة أو رسالة أو أخبار عائلة ( فلان ) وينبغي أن تكون شهرية، أو دورية، أو سنوية حسب الإستطاعة وتشتمل مثلاً على الأعمدة التالية: أهمية صلة الرحم، ترجمة عن علم من أعلامها إن وجد، لقاء مع أحد رجالاتها، مشاركة أقلام الأسرة، صفحة المرأة، صفحة الطفل، أخبار الأسرة: من مولود أو نجاح أو تبوء وظيفة، أو صحة، أو مرض ثم الخاتمة وتذكر فيها بعض التوصيات.

 د - الهدايا: من أسباب تقوية الأواصر وزوال الإحن ودوام المحبة تبادل الهدايا حتى ولو كانت رمزية بين أفراد العائلة، وسأذكر هنا بعض الهدايا النافعة التي تعم الأسرة، وأما الهدايا العينية فكل أعلم مما يصلح لصاحبه.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الثالثة والثمانون بعدالمائة في موضوع

(الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*وسائل صلة الرحم (بعض الهدايا النافعة التي تعم الأسرة )

1ـ الاشتراك لهم في مجلة إسلامية تهتم بقضايا الأسرة.

 2 ـ الاشتراك لهم في مجلة تهتم بالأطفال.

 3 ـ بعض الكتيبات النافعة، والأشرطة المفيدة للعامة، وللنساء، وللشباب وللأطفال.

 4 ـ تقاويم وجداول دراسة مع كتابة عبارات توجيهيه

 عليها. وينبغي اختيار الأوقات المناسبة لذلك، مع استغلال المواسم كرمضان، والحج، والإجازات فيما يناسبها، والاستفادة من صناديق البريد في التوزيع إذا لم يتيسر اللقاء.

 5 ـ الاشتراك لهم في برنامج القراءة بالمراسلة بالمراسلة التي تصدره دار القاسم.

 هـ - المسابقات الثقافية:

 1 ـ مسابقة للجميع أو خاصة بالشباب أو الأطفال. وتكون المسابقة: إما علمية أو في مجلة من المجلات أو أن تكون محددة على كتاب من الكتب التي تهتم بقضايا الأسرة. أو تكون على شريط من الأشرطة للعلماء المعروفين وهناك العديد من الأشرطة والسيديهات التي تناسب التوزيع والمسابقات.

 2 ـ يمكن أن تكون المسابقات شهرية أو دورية مع استغلال موسم رمضان والحج.

 3 ـ الأفضل أن تكون الإجابة على نفس الورقة وأن تذكر الجوائز على ورقة الأسئلة لتكون دافعاً لحل المسابقة.

 4 ـ جمع إجابات المسابقة خلال اللقاء التالي أو عن طريق صندوق البريد المسؤول عن ذلك.

 5 ـ تعلن أسماء الفائزين في مجلة العائلة.

 و ـ السعي في حل مشكلاتهم:

مما يؤكد الصلة ويديم المودة ويوطد العلاقة، الدخول مع الأقارب في حل مشكلاتهم الخاصة والعامة ومن ذلك:

 1 ـ الاهتمام بإصلاح ذات البين عند وجود أي خلافات والاستعانة في ذلك بأهل العلم والدين والحكمة والرأي من رجال العائلة، ويفضل تكوين لجنة في العائلة تهتم بالإصلاح.

 2 ـ التحري عن ديونهم ومحاولة تسديدها عن طريق أهل الخير، والأفضل من ذلك إرشادهم إلى

طريقة مثلى للتسديد من دخلهم ومساعدتهم على

جدولة ديونهم ووضع برنامج التسديد، حتى لا

يتحولوا إلى عالة، أو يشعرون بالدونية عند أقاربهم.

 3 ـ التعاون مع شباب العائلة والسعي في حل مشكلاتهم، ومعرفة نقاط الضعف ومعالجتها، والتعرف على نقاط القوة ودعمها وتوظيفها في مجال الإصلاح.

 4 ـ محاولة القضاء على تمديد سن الطفولة لدى الشباب والفتيات، والسعي في زواجهم في مقتبل

أعمارهم، وإشعار العائلة بأن الشاب يبلغ مبالغ الرجال في الخامسة عشرمن عمره فكيف يؤخر زواجه إلى ما بعد العشرين بحجة أنه صغير!!

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الرابعة والثمانون بعدالمائة في موضوع

(الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*وسائل صلة الرحم

 5 ـ الاهتمام بالأيتام والأرامل والوقوف معهم في جميع أحوالهم، وإضفاء المحبة والود عليهم، بمشاركتهم في جميع المناسبات، والقيام بمتابعة الأيتام بالتربية والتأديب.

 6 ـ الاهتمام بالمطلقات والأرامل والعوانس في السعي لهن بالزواج من الأكفاء الصالحين.

 7 ـ السعي في إيجاد وظيفة أو عملاً مناسباً لمن لا وظيفة له. مع السعي معه في اكتساب مهارات إدارية وفنية تؤهله لذلك.

 8 ـ مساعدة الطلاب المتأخرين في دراستهم، بإيجاد من يقف معهم في المذاكرة.

 ز ـ التوجيه والتذكير والمواعظ والدروس المختصرة وفق الضوابط التالية:

 1 ـ من غير المناسب التشهير بذكر المنكرات التي قد تقع من بعضهم.

 2 ـ اختيار الفرص المناسبة للتذكير، وليس في كل حال تفتح لك القلوب وتصغي لك الآذان، وتذكر قول الحكيم: حدث الناس ما مالوا إليك بأسماعهم ورقبوك بأبصارهم فإن رأيت منهم فتوراً فأمسك.

 3 ـ التمكن من أطراف المسألة التي تريد الحديث عنها لأن التردد أو الشك يغير من قناعتهم فيك.

 4 ـ استصحاب الأدلة الشرعية والعقلية أثناء المناقشة لأي موضوع والحذر من الكلام بغير علم. 5 ـ أسند الأقوال والفتاوي إلى أهل العلم مع الإهتمام بذلك حتى لا يتصور أحد أن هذا قولك واختيارك في هذه المسألة.

 6 ـ ضرب الأمثلة والقصص، وذكر الشواهد المقنعة والواقعية، وتجنب الإيغال في المثاليات والنوادر.

7 ـ لا تدخل في الحوارات الاحتمالية، والتي تختلف فيها وجهات النظر وقابلة للأخذ والرد ويتسع فيها الخلاف.

 8 ـ فتح المجال للحوارات الفردية وتحمل المخالف أيا كانت مخالفته حتى ينتهي حديثة، وتذكر فعل رسول الله مع الإنصات له وعدم مقاطعته حتى ينتهي حديثه، وتذكر فعل رسول الله مع عتبة بن ربيعة وهو يكيل له التهم والنبي مصغي إليه بل إنه ليلقبه ويتلطفه ويفتح له المجال إن كان عنده مزيد اسمع إليه يقول: { أفرغت يا أبا الوليد }.

 9 ـ استصحاب الموقف المتعقل من أساليب

الاستفزاز التي قد تطرح من بعض السفهاء.

 10 ـ حاول عدم احتدام المناقشة في أي قضية، بل حاول إنهاء الحديث بأدب، ولا تحسم القضية لإمكان عودة الحديث إليها فيما بعد وتبقى الجسور عامرة.

11 ـ محاولة إدخال عناصر موجهة جذابة من خارج العائلة لكسر الألفة، إذا لم يتسبب في فتح الباب لإدخال آخرين غير مرغوب فيهم في محيط العائلة، كما يقال: ( أزهد الناس بالعالم أهله ).

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الخامسة والثمانون بعدالمائة في موضوع

(الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*وسائل صلة الرحم

 ك - الاهتمام بعمل شجرة للعائلة: يذُكر فيها أصل العائلة وفروعها ومشاركة أفراد العائلة فيها ثم بعد

 استكمالها وطباعتها توزع على أفراد العائلة ويراعى أن تجدد كل خمس سنوات لإضافة ما استجد على العائلة.

 مشاكل وحلول:

تختلف الأسرة وتتباين في نوعية المشاكل وحجمها، ومدى انتشارها بينهم، وهل هي ظاهرة أم مشكلة فردية، وينبغي للقائمين على البرنامج ملاحظة ذلك، وعدم معالجة المشاكل الفردية على أنها ظاهرة في الأسرة لأن في ذلك نشر لها، وتساهل من قبل صاحبها إذا علم كثرة من يشاركونه في هذا الخطأ، بل من الأولى بحث الظاهرة وطرحها على أنها قضية عينية ضيقة النطاق وأنها قد توجد في الأسرة، ففي هذا تعظيم لها عند مرتكبها واستحياؤه منها.      وهذا عرض لبعض المشاكل مع بعض المقترحات في علاجها:

(1)                علاج مشكلة الاختلاط بين الأقارب عند

بعض الأسر:

 1 ـ أن الحياء هو أجمل أخلاق المرأة، وهو السبب في إيجاد النفسية الهادئة لديها.

 2 ـ ذكر الأدلة من الكتاب والسنة على تحريم المصافحة والإختلاط مع غير المحارم.

 3 ـ إيراد قصص من الواقع تسبب فيها الاختلاط في وقوع جرائم خلقية، وقتل، واعتداءات وقطيعة وفضيحة في الجهات الرسمية. مع التأكد التام من صحتها حتى لا تكن مدخل لمرضى القلوب فينطلق في نفيها وإسقاطك من خلالها وأنت لا تشعر.

 4 ـ بيان أن الحب والهيبة والتقدير والاحترام تبقي التستر والحشمة.

5 ـ إقناع كبار الأسرة بمغبة الإختلاط وآثاره السيئة ومحاولة كسبهم في الوقوف في وجه مروجيه والداعين إليه والمتساهلين فيه دون الدخول في التحرش، بل تلبس لباس الشفقة واللطف والرحمة.

 6ـ بعث الغيرة لدى الشباب وفتيات الأسرة، لتبني الحشمة ومعارضة المصافحة والإختلاط مع غير المحارم.

(2 ) علاج مشكلة وسائل البث المباشر الهدامة:

1ـ بعث روح الإعتزازبديننا وبثقافتناوحضارتناالإسلامية

 2 ـ بيان إفلاس الحضارة الغربية ومقاصدها في

تصدير زبالاتها وفتنها ومصادفتها للفطرة البشرية.    3 ـ توضيح أخطار القنوات من النواحي الأمنية والدينية والثقافية.

 4 ـ عمل إستبانة وتوزيعها على أفراد الأسرة لاستخلاص أضرارها على الأخلاق وغيرها

واستخلاص النتائج بالأرقام.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة السادسة والثمانون بعدالمائة في موضوع

(الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*وسائل صلة الرحم

(2)                علاج مشكلة انحراف الشباب:

 1 ـ محاولة عقد اجتماع مع المستقيمين من أبناء وشباب العائلة لتدارس أنواع الانحرافات وأسبابها وسبل إصلاحها.

2 ـ محاولة عقد اجتماعات دورية لشباب الأسرة وتكون في بدايتها يغلب عليها جانب الترفيه والألعاب المباحة إن كانت الأكثرية الساحقة من غيرالمستقيمين

 3 ـ تقوية إيمانهم بالله عز وجل، وغرس الخوف

والرجاء والحب والتعظيم له في نفوسهم، من خلال

 التفكير في مخلوقات الله وفي أنفسهم، ويحسن مشاهدة شريط عن الكون أو خلق الإنسان مما يبين ضعف هذا المخلوق وقدرة الخالق وعظمته سبحانه.

 4 ـ ربطهم باليوم الآخر وتذكيرهم بأشراط الساعة وأهوال يوم القيامة.

 5 ـ بعث روح الغيرة والعزة لديهم وذلك من خلال مشاهدة عن مجازر المسلمين على أيدي أعدائهم من النصارى واليهود.

 6 ـ تذكيرهم ببطولات أهل الإسلام وانتصاراتهم على أعداءهم.

 7 ـ بيان خوف أساطين الكفار من شباب الإسلام الملتزمين بدينهم.

 8 ـ إحياء عقيدة الولاء والبراء في نفوسهم.

(3)                علاج مشكلة السفر للخارج:

1ـ بيان أخطاره الأمنية والصحية على أفراد العائلة...

 2 ـ توضيح الآثار السيئة على الأخلاق والعقائد من إطفاء جذوة عقيدة البراء من الكفار.

 3 ـ ذكر آثار الإسراف الشرعية والدنيوية وأن المستفيد الوحيد من هذه الأموال هم أعداؤنا وحدهم.

4 ـ ترغيبهم في السياحة الداخلية والبحث لهم عن

أماكن جذابة، وزيارات لمشاريع ومواقع فريدة قد لا يكونوا على معرفة بها. وذلك من خلال تنظيم رحلة لأفراد العائلة والأرحام فقط وتكون بسعر رمزي تشمل الرحلة بعض المدن الساحلية وزيارات المحميات الطبيعية وإقامة مخيم للعائلة لمدة أيام يتقارب فيه أفراد العائلة أكثر وأكثر.

 5 ـ عمل استبانة في تعداد النقاط الإيجابية والسلبية في السفريات الخارجية واستخلاص النتائج... من أهل الخبرة.

 6 ـ بيان مقاصد الغرب من دعاياتهم السياحية وما وراء ذلك من أغراض خبيثة.

 7 ـ نشر كتاب (قادة الغرب يقولون: دمروا الإسلام، أبيدوا أهله).

هذا ما أردنا توضيحه في نقاط تحتاج إلى تنفيذ عملي وهمة عالية وإخلاص حتى يتحقق الهدف من صلة الأرحام. نسأل الله أن يوفقنا إلى العمل الصالح وأن يرزقنا الإخلاص فيه ويتقبله منا. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.[ الأنترنت – موقع طريق الإسلام

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة السابعة والثمانون بعدالمائة في موضوع

(الحق) وهي بعنوان:*حقوق الجوار

خلق الله تعالى الانسان ذا طبيعة ميالة للاجتماع، وقد قيل: سُمي الانسان بهذا الاسم لأنسه بأبناء جنسه، قال تعالى {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ} (العلق، 2) والعلق:كل شيءٍ يُعلقُ به أو عليه شيء. وذلك بأن الانسان لا يعيش إلا متعلقا بأهله وصديقه وجيرانه ومجتمعه وما إلى ذلك، وهم يعلقون به، وهو ما يجعل الانسان حيوانا مدنيا.

فالجوار واحد من أوجه مدنية الانسان؛ وقد اهتم الباحثون والمفكرون قديما وحديثا في بيان أهميته، وشرح الطرق التي تؤدي إلى تعزيزه والمحافظة عليه؛ لما له من دور في بناء المجتمعات وتحقيق المزيد من الاستقرار في منظومة الحياة.

1_ المقصود بالجوار:

الجوار أو الجار: هو من يقرب مسكنه منك، وهو من الأسماء المتضايفة، فإن الجار لا يكون جارا لغيره إلا وذلك الغير جار له، كالأخ والصديق، ولما استعظم حق الجار عقلا وشرعا عبر عن كل من يعظم حقه أو يستعظم حق غيره بالجار، قال تعالى: {والجار ذي القربى والجار الجنب} (النساء،36)، ويقال: استجرته فأجارني، وعلى هذا قوله تعالى: {وإني جار لكم} (الأنفال، 48).

وقد تصور من الجار معنى القرب، فقيل لمن يقرب من غيره: جاره، وجاوره، وتجاور، قال تعالى: {لا يجاورونك فيها إلا قليلا} (الأحزاب، 60)، وقال تعالى: {وفي الأرض قطع متجاورات} (الرعد، 4)[مفردات الراغب، مادة جأر]

 إن للعرف السائد في بلد ما دورا في رسم حدود الجوار، وقد تنقسم الأعراف ما بين موسع لمفهومه ومضيق، وأيا كان الأمر فإن الجوار يستلزم معاملة وعلاقة خاصة، وهذه العلاقات تعكس طبيعة المجتمعات المدنية وتؤكد على طبع الانسان المدني الذي يأنس بمن يعرف ويشعر بالأمان لوجود الجوار الصالح.

وقد عرف الناس قديما حقوق الجوار واهتموا بذلك، وأضرب لذلك مثلا بقول الشاعر الجاهلي عنترة العبسي:

وأَغُضُّ طرفي ما بدَتْ لي جارَتي  ***** حتى يُواري جارتي مأْواها

إني امرؤٌ سَمْحُ الخليقة  ماجدٌ     ***** لا أتبعُ النفسَ اللَّجوجَ هواها

[ عنترة بن شداد العبسي توفي على الراجح (601م). الموسوعة العالمية للشعر العربي ]

وقد جاءت تشريعات الاسلام بما يناسب الفطرة البشرية، وأوردت من التوجيهات ما يعزز السلم الاجتماعي، ويبث الأمن في كل مكان يجتمع فيه الناس، ومن ذلك الاهتمام بالجوار حيث تجلى بمجموعة من التوجيهات والتشريعات في القرآن والسنة.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الثامنة والثمانون بعدالمائة في موضوع

(الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*حقوق الجوار

2_ وصية الله تعالى بالجار:

‏قال الله تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى

وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ ..} (النساء، 36)

ذُكر في الآية نوعان من الجيران؛ الأول {الْجَارِ ذِي الْقُرْبَى} وهو ذو القرابة والرحم؛ أي الذين

تربطهم بالجار قرابة نسب، وقيل هو الجار ذو القربى بالإسلام. والثاني: {الْجَارِ الْجُنُبِ} وهو الجار البعيد في نسبه الذي ليس بينك وبينه قرابة، وقيل هو المشرك البعيد في دينه. والجنب في كلام العرب هو

البعيد[ انظر تفسير الماوردي على الآية 36 من سورة النساء، 1/485]

والآية تحتمل كل من ذكروا، وعليه فإن وصية الله تعالى بالجار تشمل كل جار قريب أم بعيد، مسلم أو غير مسلم. وقد وردت توجيهات النبي صلى الله عليه وسلم تؤكد هذا المعنى.

3_ حق الجار بالإحسان إليه:

بناء على توجيهات القرآن الكريم يوصي النبي صلى الله عليه وسلم بالإحسان إلى الجار بقوله “مَنْ كانَ يُؤمِنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ فليُحْسِنْ إِلى جاره”[ رواه مسلم رقم (48) ] وقد قرن النبي العمل الصالح بالايمان كعادة القرآن في ذلك[ وذلك مثل قوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (البقرة، 277)  وغير هذه الاية كثير وكلها قرنت الايمان بالعمل الصالح. ]؛ لأن العمل ثمرة الايمان. وفي الحديث تنويه على أن الإيمان بالله تعالى واليوم الآخر لا بد أن يؤدي إلى الإحسان للجار؛ فيكون هذا الإحسان علامة على ذلك الإيمان، فمن يؤمن بالله ولقائه لا بد أن ينعكس أثر ذلك إحسانا للخلق، والجيران من أولى الناس به.

والإحسان للجار لا يتخذ شكلا معينا؛ فهو يشمل كل معروف أو جميل تبذله في سبيله؛ كالوقوف إلى جانبه عند حاجته بالدعم المادي كالمساعدة بالمال أو الجهد، أو بالدعم المعنوي كالمجاملة وحسن المقابلة والابتسام في وجهه أو مبادرته بالتحية والسؤال عن أحواله، وبمواساته عند المصيبة.

ولا ينبغي أن ينتهي الإحسان للجار عند حد معين؛ لما ينبني على العلاقة الحسنة بين الجيران من تحقيق السلم الاجتماعي وفتح السبيل أمام حياة سعيدة، وقد ورد الأثر عن النبي صلى الله عليه وسلم بما نصه «من سعادة المرء الجار الصالح»[ رواه أحمد (3/407) ]. والتجربة تثبت ذلك حيث يزداد المرء تشبثا ببيته إن كان جواره صالحا.

وبسبب هذا التأثير عبّر النبي صلى الله عليه وسلم عن عظيم حق الجار بقوله «ما زال جبريل يُوصيِني بالجار، حتى ظننتُ أنه سيُوَّرِّثُه – وفي رواية: حتى ظننت ليورِّثنَّه»[ رواه البخاري 10 / 369.] 

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة التاسعة والثمانون بعدالمائة في موضوع

(الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*حقوق الجوار

وفيما يلي توجيهات من النبي صلى الله عليه وسلم تعزز الجوار الحسن. وما ورد في هذه الأحاديث هو أمثلة يمكن أن تتطور على ضوئها نماذج أخرى من التعاون تبعا لتطور حياة البشر وما يفرزه من تنوع العلاقات واختلاف الاحتياجات.

#فعن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «يَا أبا ذَر، إِذا طَبَخْتَ مَرَقَة فَأَكثِرْ مَاءَها، وتَعَاهَدْ جِيرَانَكَ منها» . وفي رواية: «إِن خليلي أوصاني: إِذا طَبَخْتَ مَرَقاً فأكثر ماءه، ثم انظر أقربَ أهل بيت من جيرانك، فأصِبْهُمْ منها بمعروف»[ هاتان الروايتان عند مسلم برقم (2625) ]

وفي الروايتين حثٌّ على تعاهد الجيران بالطعام، ولا

 يشترط أن يكون الجار فقيرا لتهدي إليه، فالإنسان بطبعه يألف من يقدم له الهدية، وينشأ في نفسه الباعث على الرد بمثلها أو بخير منها. والنتيجة تكمن في تعزيز العلاقات والروابط وهو مقصود الإسلام. يظهر هذا من قوله صلى الله عليه وسلم «تَهَادَوْا، فإن الهَدِيَّةَ تُذْهِبُ وَحَرَ الصَّدْرِ[(وَحَرُ الصدر) : غِشُّه وبلابله ووساوسه وغِلُّه، وقيل: الوَحَر: أشد الغضب، وقيل: الحقد]

، ولا تحْقِرَنَّ جَارَة لجارتها ولو شِقّ فِرْسِن[ (فِرْسِن شاة) الفِرْسِن: خف البعير، وقد استعير للشاة ، فسمى ظِلْفُها فِرْسِناً، لأنه للشاة بمنزلة الخُفّ للبعير.  [ رواه البخاري 10 / 372 ومسلم رقم (1030) ] وأخرجه أحمد (2/264 (2/307) والترمذي (2130)

وكلما قرب الجار كان أولى بالوصل. فعن عائشة –

رضي الله عنها -: قالت: «قلتُ: يا رسولَ الله إِن لي جَارَينِ، فإِلى أيِّهما أُهدِي؟ قال: إِلى أقربِهما منكِ باباً»  [ رواه البخاري 10 / 374. وأخرجه أحمد (6/175]

ولا يقتصر الإحسان على الجار المسلم دون غيره، بل يشمل كل جار بغض النظر عن دينه. وسلوك النبي وأصحابه يؤيد ذلك، فعن عبدِ الله بنِ عَمرِو: أنه ذَبَحَ شاةَ، فقال: أهديتُم لِجاري اليهوديِّ؟ فإنِّي سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم – يقولُ: «ما زال جبريلُ يُوصِيني بالجارِ، حتى ظننتُ أنه سَيُوَرِّثُه»[ أخرجه البخاري (6014)، ومسلم (2624)، وأبو داوود (5152) وابن ماجه (3673)، والترمذي (2057)]

ولا يمكن أن يكون الناس على شاكلة واحدة من حيث تعاملهم مع الجيران؛ فكان لا بد من إظهار تمايزهم بالأجر تبعا لإحسانهم للجوار، وفي ذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم «وخَيْرُ الجيران عند الله: خيرُهم لجاره»    [ أخرجه الترمذي (1) رقم (1945) ، أخرجه أحمد (2/167) (6566) وعبد بن حميد (342) والدارمي (2442) والبخاري في «الأدب المفرد» (115) وإسناده صحيح.]

4_ حق الجار في كف الأذى عنه:

من لا يستطيع المنافسة في سباق الخير فلا أقل من أن يجنب الناس شروره؛ فيَكُفّ أذاه عنهم، ولا يتسبب لهم بغائلة أو بتعكير لصفو حياتهم، وذلك أضعف الإيمان.

لأنه لا قيمة للدار إن كان الجار فاسدا يسبب الأذى لجاره، فالجوار أكثر تأثيرا على حياة الإنسان من طبيعة البيت من حيث موقعه وحالته. والتجربة البشرية تؤكد هذا المعنى، فكم من أسرة تركت بيتها بسبب الجوار السيء؟!.

وقد جاءت شريعة الاسلام بتحريم الإضرار مطلقا فعن يحيى المازني: أَنَّ رسولَ اللهِ – صلى الله

 عليه وسلم- قال: «لا ضَرَرَ ولا ضِرَارَ – وروي: ولا إِضْرَارَ»[ أخرجه مالك «الموطأ» (1500) قال النووي: حديث حسن وله طرق يقوي بعضها بعضا، وقال العلائي: له شواهد وطرق يرتقي بمجموعها إلى درجة الصحة. و أخرجه أحمد (1/225) (2307) وابن ماجة (2337]

وقد نفى النبي صلى الله عليه وسلم كمال الإيمان عمن لا يأمن جاره أذاه بقوله «واللهِ لا يُؤْمِن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قيل: مَن يا رسول الله؟ قال: الذي لا يأمَن جارُه بوائقه»[(بوائِقه) البوائق، الدواهي والشرور، واحدتها: بائقة، تقول: باقَتْهُم بائقةُ شر: إذا أصابتهموفي رواية: «لا يدخل الجنة من لا يأمَن جارُه بَوائِقَه »[ رواه البخاري (10 / 371) ، ومسلم رقم (46) في الإيمان، باب بيان تحريم إيذاء الجار. أخرجه أحمد (2/372) ]

. وروي أيضا «مَن كانَ يُؤمِنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ فلا يُؤذِ جَارَهُ»[ رواه البخاري (10 / 373) في الأدب ، ومسلم رقم (47) في الإيمان، وأبو داود رقم (5154) في الأدب،. وأحمد (2/463) وابن ماجة (3971) ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة التسعون بعدالمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*حقوق الجوار

5_ تمكين الجار من إمضاء مصلحته

قد يكون للجار مصلحة لا تتحقق على وجهها إلا من خلال ملك جاره، ولا يترتب على ذلك

 إضرار بالجار أو بملكه، وفي مثل هذه الحالة لا بد

 من الالتزام بأمر الله تعالى الداعي إلى التعاون على

البر والتقوى[ انظر سورة المائدة، الآية 2 ]

*والسيرة النبوية فيها شواهد على ذلك.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أَنَّ رسولَ اللهِ  صلى الله عليه وسلم قال: «لا يمنعْ أحدُكم جَارَهُ أن يَغْرِزَ خشبة في جداره، قال: ثم يقول أبو هريرة: مالي أراكم عنها معرضين؟ والله لأرْمِيَنَّ بها بين أكتافِكم» وفي رواية «فلما حَدَّثَ أبو هريرةَ طَأْطَؤوا رؤوسَهم، فقال: مالي أراكم معرضين؟ »[رواه البخاري 5 / 79 و 80 في المظالم، ومسلم رقم (1609) في المساقاة،]

وفي رواية أخرى «إِذا استأْذن أحدُكم جَارَه أن يغَرِزَ خشبة في داره فلا يمنعْه، فَنَكَسُوا رُؤوسَهم، فقال: مالي أراكم أَعرضتُم عنها؟ لأُلْقِيَنَّها بين أكتافكم»[ مالك «الموطأ» صفحة (464) . والحميدي (1076). وأحمد (2/240) والبخاري (3/173). ومسلم (5/57). وأبو داود (3634) وابن ماجة (2335) والترمذي (1353وأخرجه أحمد (2/396) ]

وغرز الخشبة في جدار البيت يمثل _في عرفهم آنذاك_ المصلحة التي لا تقضى إلا بالإستعانة بملك الجار دون إلحاق الضرر به، وإلا لا يتصور أحد أن يُطلب من شخص إمضاء مصلحة جاره في الوقت الذي يتضرر هو نفسه من ذلك.

وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال «كان له عَضُد نَخْل في حائط رجل من الأنصار، قال: ومع الرَّجُلِ أهلُه، فكان سَمُرَةُ يَدْخُلُ إِلى نخله فيتأذّى به، [وَيشُقُّ عليه] ، فطلب إِليه أن يبيعَهُ، فأبى، فطلب إليه أن يُناقِلهُ، فأبى، فأتى صاحبُ الحائط رسولَ الله – صلى الله عليه وسلم-، فذكر ذلك له، فطلبَ إِليه رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم- أن يبيعَهُ، فأبى، فطلب إِليه أن يُناقِلَهُ، فأبى، فقال: فَهَبْهُ له، ولك كذا وكذا أجراً، أمراً رَغَّبهُ فيه، فأبى، فقال: أنت مُضَارّ، وقال رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم- للأَنصاريِّ: اذهب فاقلعْ نَخْلَهُ»[ أخرجه أبو داود في الأقضية، باب أبواب من القضاء رقم (3636)]

وروي أن الضحاك بن خليفة سأل محمد بن مسلمة أن يسوق خليجا[ الخليج: النهر يؤخذ من النهر الكبير ويقصد به هنا القناة التي يحفرها المزارعون لنقل المياه الى مزارعهم] له فيمر به فى أرض محمد بن مسلمة، فامتنع فكلمه عمر فى ذلك فأبى، فقال: والله ليمرن به ولو على بطنك[أخرجه مالك (2 /746) ، والشافعى (1 /224) ، والبيهقى (6 /157) وابن حجر (فتح الباري 111/5) وصححه]

6_ حق الشفعة

الشفعة: من شفع يشفع شفعا، بمعنى: الضم والزيادة، وتطلق أيضا فيراد بها المال المشفوع فيه،

وتطلق ويراد بها: تملك ذلك المال، يقال شفعت الشيء شفعا من باب نفع ضممته إلى الفرد، وشفعت الركعة جعلتها ثنتين، ومن هنا اشتقت الشفعة[ انظر المصباح المنير، مادة شفع]

وهو أن يشفعك فيما تطلب حتى تضمه إلى ما عندك فتزيده، وتشفعه بها: أي أن تزيده بها،أي إنه كان وترا واحدا فضم إليه ما زاده وشفعه به[ انظر لسان العرب، مادة شفع .]

والشفعة في الاصطلاح: حق تملك المرء ما بيع من عقار أو ما هو في حكم العقار مما هو متصل بعقاره من شركة أو جوار بمثل الثمن الذي قام عليه المشتري؛ وذلك لدفع ضرر الشراكة أو الجوار [ هذا التعريف المعتمد عند الحنفية إذ يثبتون حق الشفعة للجوار فضلا عن الشريك. أما الجمهور فيثبتونه للشريك دون الجوار ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة الواحدة والتسعون بعدالمائة في موضوع (الحق) وهي بعنوان:

* حق التوارث بين الزوجين وأحكامه

نتناول في هذا الفصل حقا من الحقوق المالية التي ترتبط بالزوجية بعد الوفاة، وهو حق التوارث

بين الزوجين، وذلك تتمة للبحث عن حقوق الزوجة

المالية، وبما أن للميراث كتبه الخاصة به، والتي تحوي تفاصيل مسائله، فإنا سنقتصر في هذا الفصل على أهم المسائل التي حصل فيها الخلاف بين الفقهاء، مع اعتقادنا أن للناحية المقاصدية دورا في الترجيح في هذا الخلاف.

والحديث عن هذا الموضوع  عن ثلاث نواح هي:

·   أحوال التوارث بين الزوجين وأحكامها.

·  ضوابط التوارث بين الزوجين،

·  الميراث التابع للزوجية من الحمل وابن اللعان.

ولم نوثق لكثير من المسائل الواردة هنا باعتبارها من

 البديهيات التي لا يخلو منها كتاب فقهي سواء كان مختصا بالمواريث أم كتابا فقهيا عاما.

1 ـ أحوال التوارث بين الزوجين وأحكامها

مشروعية التوارث بين الزوجين:

نص القرآن الكريم على ميراث الزوجين في قوله تعالى: ﴿ وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمْ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوْ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيم﴾(النساء:12)، فالآية تبين أن كلا من الزوجين لا يرث إلا بطريق الفرض.

وقد أجمع العلماء على ذلك.

إن للزوجين نصيبا في الميراث لا يخلو من حالتين اثنتين سنستعرضهما فيما يلي بناء على كل واحد منهما:

1 ـ أحوال الزوج:

الحالة الأولى: يرث الزوج نصف ميراث زوجته بطريق الفرض , إذا لم يكن لها فرع وارث بطريق الفرض أو التعصيب , وهو الابن وابن الابن وإن نزل , والبنت وبنت الابن وإن نزل , سواء أكان هذا الفرع الوارث من الزوج أم من غيره , وتشمل هذه الحالة ما إذا لم يكن للزوجة فرع أصلا وما إذا كان لها فرع غير وارث بطريق الفرض أو التعصيب , وهو بنت البنت أو ابن البنت.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة الثانية والتسعون بعدالمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضبة والتي هي بعنوان:

* حق التوارث بين الزوجين وأحكامه

الحالة الثانية: يرث الربع بطريق الفرض , وذلك إذا كان للزوجة فرع وارث بطريق الفرض أو التعصيب , سواء أكان هذا الفرع الوارث من هذا الزوج أم من غيره.

حالات الزوجة:

لا ترث الزوجة إلا بطريق الفرض , ولها حالتان:

الحالة الأولى: أن يكون فرضها الربع , وذلك إذا لم يكن لزوجها فرع وارث بطريق الفرض أو التعصيب , وهو الابن وابن الابن وإن نزل , والبنت وبنت الابن وإن نزل , سواء أكان هذا الفرع الوارث ولدا له من هذه الزوجة أم ولدا له من غيرها. فيدخل في هذه الحالة ما إذا لم يكن للزوج فرع أصلا , وما إذا كان له فرع غير وارث بطريق الفرض أو التعصيب وهو بنت البنت أو ابن البنت.

وترث الزوجات فيه كنصيب الزوجة الواحدة، قال ابن قدامة: (وإنما جعل للجماعة مثل ما للواحدة

; لأنه لو جعل لكل واحدة الربع , وهن أربع ,

لأخذن جميع المال,وزاد فرضهن على فرض الزوج)   [  المغني: 6/170، وانظر: كشاف القناع: 4/406.]

الحالة الثانية: أن يكون فرضها الثمن , وذلك  إذا كان للزوج فرع وارث منها أو من غيرها.

التوارث بين الزوجين حال الرد:

اختلف الفقهاء في نصيب الزوجين حال كون المسألة ردية[  الرد :لغة: الرجع. يقال: رجعت بمعنى رددت. ومنه رددت عليه الوديعة ورددته إلى منزله فارتد إليه.]

اصطلاحا: دفع ما فضل من فروض ذوي الفروض النسبية إليهم بقدر حقوقهم , عند عدم استحقاق الغير. فالرد لا يتحقق إلا إذا ثبت أمران: أولهما: ألا تستغرق الفروض التركة; إذ لو استغرقتها لم يبق شيء حتى يرد. ثانيهما: ألا يوجد عاصب نسبي أو سببي على الخلاف في ذلك. فلو وجد عاصب نسبي ولو كان من أصحاب الفروض , وهو الأب أو الجد

 أخذ الباقي تعصيبا بعدالفرض..

على قولين: القول الأول: الرد على ذوي الفروض جميعا ما عدا الزوجين، وهو قول أبي حنيفة وأحمد في أشهر الروايتين عنه , وقد أجمع متأخرو فقهاء الشافعية , وهم من بعد الأربعمائة , على أنه يرد على ذوي الفروض , ويورث ذوو الأرحام إذا كان بيت المال غير منتظم , وذلك بألا يكون هناك إمام أصلا , أو وجد وفقد بعض شروطه , وقال بعضهم , إذا فقد الإمام بعض الشروط لكن توفرت فيه العدالة , وأوصل الحقوق إلى أصحابها , كان بيت المال منتظما،

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة الثالثة والتسعون بعدالمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضبة والتي هي بعنوان:

* حق التوارث بين الزوجين وأحكامه

 ومن الأدلة على ذلك:

·  قوله تعالى: ﴿ وَأُوْلُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ (الأنفال:75)     فإن معناها بعضهم أولى بميراث بعض بسبب الرحم , فقد دلت على أن ذوي الرحم يستحقون جميع الميراث بصلة الرحم، والمتبادر من الميراث المراد في الآية مجموعه، وإرادة البعض خلاف الظاهر، ولذلك فإن الأولوية المفهومة من الآية تحصل بإعطاء كل ذي فرض فرضه , لأن إعطاء الفرض حصل من آية أخرى هي آية النساء , وحمل آية الأنفال على التأسيس وإفادة حكم جديد أولى من حملها على تأكيد ما في آية الفرض , فيجب العمل بما في الآيتين , ومن أجل ذلك فلا يرد على الزوجين , لانعدام الرحم في حقهما.

#أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما دخل على سعد بن أبي وقاص يعوده في مرضه قال سعد: أما إنه لا يرثني إلا ابنة لي , أفأوصي بجميع مالي؟ إلى أن قال - صلى الله عليه وسلم -: الثلث، والثلث كثير[   مسلم: 3/1253، البخاري: 1/435، ابن خزيمة: 4/61، الترمذي: 4/430.]

، وهذا يدل على أن سعدا اعتقد أن البنت ترث جميع المال , ولم ينكر عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -, ومنعه عن الوصية بما زاد عن الثلث , مع أنه لا وارث له إلا ابنة واحدة , فدل ذلك على صحة القول بالرد ; إذ لو لم تكن ابنته تستحق ما زاد على فرضها - وهو النصف بطريق الرد - لجوز له الرسول - صلى الله عليه وسلم - الوصية بالنصف.

#أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ورث الملاعنة جميع مال ولدها , ولا يكون ذلك إلا بطريق الرد، فقال - صلى الله عليه وسلم - (تحرز المرأة ميراث لقيطها وعتيقها  والابن الذي لوعنت به) [  ذكره في المحلى: 8/275..]

#إن أصحاب الفروض قد شاركوا المسلمين في الإسلام , وترجحوا على غيرهم بالقرابة , ومجرد القرابة في أصحاب الفروض وإن لم تكن علة العصوبة لكن يثبت بها الترجيح , بمنزلة قرابة الأم في حق الأخ لأب وأم , فإن قرابة الأم , وإن لم توجب بانفرادها العصوبة إلا أنه يحصل بها الترجيح. ولما كان هذا الترجيح بالسبب الذي استحقوا به الفريضة كان مبنيا على الفريضة , فيرد الباقي كله عليهم بنسبة أنصبائهم ,وكما يسقط اعتبار الأقرب والأقوى في

أصل الفريضة يسقط أيضا في اعتبار الرد.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة الرابعة والتسعون بعدالمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضبة والتي هي بعنوان:

* حق التوارث بين الزوجين وأحكامه

القول الثاني: أنه يرد على جميع أصحاب الفروض مع الزوجين، وقد روي عن عثمان جابر بن عبد

الله،واحتج عثمان للرد على الزوجين بأن الغنم بالغرم,فكما أن بالعول تنقص سهامهما,فيجب أن تزاد بالرد.

القول الثالث: يرد على ذوي الفروض إلا على ستة: الزوجين , وابنة الابن مع ابنة الصلب , والأخت لأب مع الأخت الشقيقة , وأولاد الأم مع الأم , والجدة مع ذي سهم أيا كان، وهو قول عبد الله بن مسعود.

القول الرابع: أنه استثنى جهة الرد على الزوجين , وأولاد الأم مع الأم , والجدة مع ذي سهم فقط وفي رواية أخرى عن الإمام أحمد.

القول الخامس: أنه يردعلى أصحاب الفروض إلا ثلاثة : الزوجين والجدة، وقد روي عن عبد الله بن عباس

القول السادس:  لا يرد على أحد من أصحاب الفروض , فإذا لم تستغرق الفروض التركة , وبقي منها شيء , ولم يوجد في الورثة عاصب يرث الباقي , فإنه يكون لبيت المال , لأن هذا الفريق لا يرى توريث ذوي الأرحام , ولا الرد على ذوي الفروض , وقد ذهب إلى ذلك زيد بن ثابت , وبه أخذ عروة

والزهري والإمامان مالك والشافعي.

وقيد بعض أئمة المالكية الدفع لبيت المال , إذا لم يوجد عاصب نسبي أو سببي بما إذا كان الإمام عدلا , يصرف المال في مصارفه الشرعية , فإن لم يكن عدلا فإنه يرد على أصحاب الفروض , فإن لم يوجدوا فلبيت المال. وهم يعتبرون بيت المال عاصبا يلي في الرتبة العاصب النسبي والسببي ، ومن الأدلة  على ذلك:

#آية المواريث , فإن الله - تعالى - بين فيها نصيب كل وارث من أصحاب الفرائض. والتقدير الثابت بالنص يمنع الزيادة عليه. لأن في الزيادة مجاوزة الحد الشرعي , وقد قال الله تعالى بعد آية المواريث: ﴿ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾(النساء:14), فقد ألحق الوعيد بمن جاوز الحد المشروع.

#أن الزائد على الفروض مال لا مستحق له , فيكون لبيت المال , كما إذا لم يترك وارثا أصلا ,

لأن الرد إما أن يكون باعتبار الفرضية , أو العصوبة أو الرحم , ولا يجوز أن يكون باعتبار الفرضية , لأن كل ذي فرض قد أخذ فرضه , ولا باعتبار العصوبة , لأن باعتبارها يقدم الأقرب فالأقرب , ولا باعتبار الرحم , لأنه في إرث ذوي الأرحام يقدم الأقرب، فإذا بطلت هذه الوجوه بطل القول بالرد.

الترجيح:

 نرى أن الأرجح في المسألة هو القول بالرد على جميع الورثة من أصحاب الفروض بما فيهم الزوجين، وهو مذهب عثمان بن عفان - رضي الله عنه -، وذلك لعدم الدليل الذي يخرج الزوجين من الإرث بالرد، أما قوله تعالى:﴿ وَأُوْلُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾(الأنفال:75) فليس دليلا على إخراج الزوجين، بل فيه إثبات لأولوية ذوي الأرحام، وأولويتهم لا تعني نفي أولوية الإرث بالزوجية وإلا لورثوا بدلها.

ثم لماذا نغرم الزوجين في حال العول، فيتضرران كما يتضرر سائر الورثة، فإذا ما جاءت الفائدة بالرد حرمناهما منها؟

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة الخامسة والتسعون بعدالمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضبة والتي هي بعنوان:

* حق التوارث بين الزوجين وأحكامه

2 ـ ضوابط التوارث بين الزوجين

أولا: شروط التوارث بين الزوجين

نص الفقهاء على أنه يشترط للميراث بالزوجية شرطان:

1 ـ أن تكون الزوجية صحيحة:

اتفق الفقهاء على أن الزوجية الصحيحة توجب الحق في الميراث، واتفقوا على أنه لا فرق في ميراث الزوجين بين ما قبل الدخول وبعده ; لعموم الآية , ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى لبروع بنت واشق بالميراث , وكان زوجها مات عنها قبل أن يدخل بها , ولم يفرض لها صداقا[  سبق تخريجه.]

ولأن النكاح صحيح ثابت , فيورث به , كما بعد الدخول.

واختلفوا في الزواج الفاسد على قولين:

القول الأول: لا توارث بين الزوجين في العقد الفاسد، ولو استمرت العشرة بمقتضاه إلى الوفاة , وهو قول أبي حنيفة والشافعي وأحمد، قال ابن قدامة: (النكاح الفاسد لا يثبت به التوارث بين الزوجين ; لأنه ليس بنكاح شرعي) [المغني: 6/266. ] وقد اختلف أصحاب هذا القول فيما لو اشتبه من نكاحها فاسد بمن

نكاحها صحيح على رأيين:

الرأي الأول: يقرع بينهما, فالمنقول عن أحمد , أنه قال

 في من تزوج أختين , لا يدري أيتهما تزوج أول: فإنه يفرق بينهما. وتوقف عن أن يقول في الصداق شيئا. قال أبو بكر:يتوجه على قوله أن يقرع بينهما[   المغني: 6/266.]

، فعلى هذا الوجه يقرع بينهما في الميراث إذا مات عنهما.

الرأي الثاني:  أن المهر والميراث يقسم بينهن على حسب الدعاوى والتنزيل , كميراث الخناثى، وقد روي عن النخعي , والشعبي , وهو قول الحنفية.

الرأي الثالث:  يوقف المشكوك فيه من ذلك حتى

 يصطلحن عليه,أو يتبين الأمر،وهو قول الشافعية.

 القول الثاني: صحة التوارث بين الزوجين في النكاح الفاسد المختلف فيه حال عدم الفسخ، وهو قول المالكية، فقد نصوا على أن سبب الفساد إن كان متفقا عليه كتزوج خامسة وفي عصمته أربع , أو تزوج المحرمة رضاعا جاهلا بسبب التحريم فإنه لا توارث , سواء أمات أحدهما قبل المتاركة والفسخ , أم مات بعدهما , وإن كان السبب الموجب للفساد غير متفق عليه كعدم الولي في النكاح في زواج البالغة العاقلة , ففي هذه الحالة وأمثالها إن كانت الوفاة بعد الفسخ فلا توارث , لعدم قيام السبب الموجب للميراث ; إذ انتهت الزوجية. وإن كانت الوفاة قبل الفسخ فيكون الميراث ثابتا , لقيام الزوجية على رأي من يرى صحة الزواج.

الترجيح: نرى أن الأرجح في المسألة التفريق بين الزواج الفاسد والباطل مثلما ذكر المالكية، فإن كان الزواج باطلا أي مجمعا على عدم صحته لم يتحقق به التوارث دخل بها أو لم يدخل، بخلاف الزواج الفاسد لما ذكرنا سابقا من أن الأرجح في تسميته هو كونه زواجا مختلفا فيه، ولا يصح أن نحرم مستحقا للميراث بسبب خلاف فقهي.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة السادسة والتسعون بعدالمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضبة والتي هي بعنوان:

* حق التوارث بين الزوجين وأحكامه

2 ـ قيام الزوجية عند الوفاة:

وذلك بأن تكون الزوجية قائمة وقت الوفاة حقيقة , أو أن تكون قائمة حكما , وذلك بأن تكون الزوجة مطلقة طلاقا رجعيا , وهي في العدة. أما إذا كان الطلاق بائنا فإنه لا توارث بينهما، ولو كانت الوفاة في حال العدة , إلا إذا كان من تولى سبب الفرقة قد اعتبر فارا من الميراث , وذلك إذا كان مريضا مرض

الموت.

حكم الزواج في حال المرض المخوف:

اختلف الفقهاء في حكم الزواج في حال المرض المخوف على قولين:

القول الأول: صحة الزواج، وهو قول أكثر الفقهاء، وقد اختلفوا في حق التوارث في هذه الحالة على الآراء التالية:

الرأي الأول: أن حكم النكاح في المرض والصحة سواء في صحة العقد , وتوريث كل واحد منهما من صاحبه , وهو قول الجمهور، ومن الأدلة على ذلك:

#أنه عقد معاوضة يصح في الصحة , فيصح في

المرض كالبيع.

#أنه نكاح صدر من أهله في محله بشرطه , فيصح كحال الصحة.

#أن عبد الرحمن بن أم الحكم تزوج في مرضه ثلاث نسوة , أصدق كل واحدة ألفا ليضيق بهن على  امرأته , ويشركنها في ميراثها , فأجيز ذلك.

#أنه إذا ثبت صحة النكاح , ثبت الميراث بعموم الآية.

الرأي الثاني: النكاح صحيح , ولا ميراث بينهما، وهو قول الأوزاعي.

الرأي الثالث: الصداق والميراث من الثلث، وهو

قول ربيعة , وابن أبي ليلى.

الرأي الرابع: إن قصد الإضرار بورثته,فالنكاح باطل ,وإلا فهو صحيح، وهو قول القاسم بن محمد والحسن.

القول الثاني: أي الزوجين كان مريضا مرضا مخوفا حال عقد النكاح , فالنكاح فاسد لا يتوارثان به إلا أن يصيبها , فيكون لها المسمى في ثلاثة مقدما على الوصية،وهو قول المالكية وعن الزهري,ويحيى بن سعيد

وقد اختلف المالكية في نكاح من لم يرث , كالأمة والذمية , فقال بعضهم: يصح ; لأنه لا يتهم بقصد توريثها. ومنهم من أبطله ; لجواز أن تكون وارثة.

الترجيح:

 نرى أن الأرجح في المسألة هو ما ذهب إليه الجمهور من استحقاق المرأة للإرث في حال زواجها بالمريض مرض الموت، وذلك لصحة الزوجية وعدم الدليل على بطلانها،وصحة الزوجية كافية لاستحقاق الزوجة الإرث،فلا يصح أن نعتبرها زوجة،ثم نحرمها منالميراث

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة السابعة والتسعون بعدالمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضبة والتي هي بعنوان:

* حق التوارث بين الزوجين وأحكامه

ثانيا ـ ذرائع الفرار من التوارث بين الزوجين وأحكامها

الفرار هو الاحتيال على الأحكام الشرعية بالتذرع بالوسائل المختلفة لعدم تحقيق مقاصدها، ومن ذرائع الفرار من التوارث بين الزوجين:

1 ـ الفرار بالطلاق:

اتفق الفقهاء على أنه إذا طلق الرجل امرأته طلاقا يملك رجعتها في عدتها , لم يسقط التوارث بينهما , ما دامت في العدة , سواء كان في المرض أو الصحة، قال ابن قدامة: (بغير خلاف نعلمه، وروي ذلك عن أبي بكر , وعمر , وعثمان , وعلي , وابن مسعود - رضي الله عنهم - )، ومن الأدلة على ذلك أن الرجعية زوجة يلحقها طلاقه وظهاره وإيلاؤه , ويملك إمساكها بالرجعة بغير رضاها ولا ولي ولا شهود ولا صداق جديد.

أما إن طلقها في الصحة طلاقا بائنا أو رجعيا , فبانت بانقضاء عدتها , فإنهما لا يتوارثان بإجماع العلماء، أما إن طلقها في المرض المخوف , ثم مات من مرضه ذلك في عدتها , فقد اختلف الفقهاء في ذلك على قولين:

القول الأول: أنه لا توارث بينهما، وقد وروي عن علي , وعبد الرحمن بن عوف، وعتبة بن عبد الله بن الزبير،وهو قول الشافعي الجديد;ومن الأدلة على ذلك:

#أنها بائن , فلا ترث , كالبائن في الصحة , أو كما لو كان الطلاق باختيارها.

#أن أسباب الميراث محصورة في رحم ونكاح وولاء , وليس لها شيء من هذه الأسباب.

القول الثاني: ترثه، ولا يرثها إن ماتت، وهو قول الجمهور، وقد أشار ابن تيمية إلى وقوع الإجماع في المسألة في عهد الصحابة - رضي الله عنهم -، فقال:(المطلقة إن كانت مطلقة طلاقا رجعيا , ومات زوجها , وهي في العدة ورثته باتفاق المسلمين، وإن كان الطلاق بائنا كالمطلقة ثلاثا ; ورثته أيضا عند جماهير أئمة الإسلام , وبه قضى أمير المؤمنين عثمان بن عفان - رضي الله عنه -  لما طلق عبد الرحمن بن عوف زوجته بنت الأصبغ الكلبية طلقها ثلاثا. في مرض موته , فشاور عثمان الصحابة فأشاروا على أنها ترث منه , ولم يعرف عن أحد من الصحابة في ذلك خلاف، وإنما ظهر الخلاف في خلافة ابن الزبير , فإنه قال: لو كنت أنا لم أورثها , وابن الزبير قد انعقد الإجماع قبل أن يصير من أهل الاجتهاد، وإلى ذلك ذهب أئمة التابعين , ومن بعدهم وهو مذهب أهل العراق: كالثوري وأبي حنيفة , وأصحابه , ومذهب أهل المدينة كمالك , وأصحابه , ومذهب فقهاء الحديث: كأحمد بن حنبل , وأمثاله , وهو القول القديم للشافعي) [  مجموع الفتاوى: 31/370.]

ومن الأدلة على ذلك:

·  أن عثمان - رضي الله عنه -  ورث تماضر بنت الأصبغ الكلبية من عبد الرحمن بن عوف , وكان قد طلقها في مرضه فبتها، واشتهر ذلك في الصحابة فلم ينكر , فكان إجماعا ولم يثبت عن علي ولا عبد الرحمن خلاف في هذا , وقد روى عروة عن عثمان أنه قال لعبد الرحمن: لئن مت لأورثنها منك، قال: قد علمت ذلك.

#أن ما روي عن ابن الزبير إن صح مسبوق بالإجماع

#أن المريض مرض الموت قد تعلق الورثة بماله من حين المرض ; وصار محجورا عليه بالنسبة إليهم , فلا يتصرف في مرض موته من التبرعات إلا ما يتصرفه بعد موته ; فليس له في مرض الموت أن يحرم بعض الورثة ميراثه , ويخص بعضهم بالإرث , كما ليس له ذلك بعد الموت وليس له أن يتبرع لأجنبي بما زاد على الثلث في مرض موته ; كما لا يملك ذلك بعد الموت وفي الحديث: (من قطع ميراثا قطع الله ميراثه من الجنة) [  شعب الإيمان: 6/224.]

،  وإذا كان كذلك فليس له بعد المرض أن يقطع

حقها من الإرث ; لا بطلاق ; ولا غيره، وإن وقع الطلاق بالنسبة له , إذ له أن يقطع نفسه منها , ولا يقطع حقها منه.

#أنه قصد قصدا فاسدا في الميراث , فعورض بنقيض قصده , كالقاتل القاصد استعجال الميراث يعاقب بحرمانه.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة الثامنة والتسعون بعدالمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضبة والتي هي بعنوان:

* حق التوارث بين الزوجين وأحكامه

وقد اختلف أصحاب هذا القول في الوقت الذي ينتهي فيه ميراثها من زوجها على الآراء التالية:

الرأي الأول: أنها ترثه في العدة وبعدها ما لم تتزوج،  وقد روي عن أبي بن كعب، وهو قول البتي , وحميد , وابن أبي ليلى , وأصحاب الحسن , والمشهور عن أحمد, ومن الأدلة على ذلك:

#ما روى أبو سلمة بن عبد الرحمن , أن أباه طلق أمه وهو مريض , فمات , فورثته بعد انقضاء العدة.

#أن سبب توريثها فراره من ميراثها , وهذا المعنى لا يزول بانقضاء العدة.

#وقد استدلوا على عدم توريثها بعد زواجها بالأدلة التالية:

#أنها وارثة من زوج , فلا ترث زوجا سواه , كسائر الزوجات.

#أن التوارث من حكم النكاح , فلا يجوز اجتماعه مع نكاح آخر , كالعدة.

#أنها فعلت باختيارها ما ينافي نكاح الأول لها , فأشبه ما لو كان فسخ النكاح من قبلها.

الرأي الثاني: أنها لا ترثه بعد انتهاء العدة، وهو قول عروة , والحنفية, وقول الشافعي القديم وقد روي عن أحمد ما يدل على هذا، ومن الأدلة على ذلك:

#أنها تباح لزوج آخر , فلم ترثه , كما لو كان في الصحة.

#أن توريثها بعد العدة يفضي إلى توريث أكثر من أربع نسوة , فلم يجز ذلك , كما لو تزوجت.

الرأي الثالث: أنها ترثه مطلقا، ولو بعد زواجها، وهو قول مالك، لأنها شخص يرث مع انتفاء

الزوجية , فورث معها , كسائر الوارثين.

الترجيح: نرى أن الأرجح في المسألة هو القول بأنها ترثه بعد العدة إلا إذا تزوجت، لأن زواجها يدل على انقطاع صلتها تماما بزوجها.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة التاسعة والتسعون بعد المائةفي موضوع (الحق) وهي بعنوان:

*حقوق الولاة على الرعية

بسط لمهمات من حقوق الولاة على الرعية

في هذا الباب مزيد بسط لحقوق الأئمة على الأمة؛ لأهميتها ولمسيس الحاجة في هذا الزمن إلى تذكير الأمة بشأنها.

أولاً: وجوب السمع والطاعة للولاة في المعروف:

الذي عليه اعتقاد أهل السنة والجماعة وجوب السمع والطاعة لولاة الأمور المسلمين - في غير معصية الله تعالى -، وإن جاروا أو ظلموا أو منعوا الحقوق، وذلك أصل من أصول أهل السنة مجمع عليه عندهم، لما جاء بشأنه من النصوص القطعية من الكتاب والسنة؛ كقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ﴾ [النساء: 59].

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعص الأمير فقد عصاني"[ أخرجه البخاري برقم (2957)، ومسلم برقم (1835)، عن أبي هريرة رضي الله عنه.]

وفي صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "السَّمع والطَّاعة على المرء المسلم فيما أحبَّ وكره ما لم يُؤمر بمعصيةٍ، فإذا أمر بمعصيةٍ فلا سمع ولا طاعة"[ أخرجه البخاري برقم ( 7144 )، ومسلم برقم ( 1839) عن ا بن عمر رضي الله عنهما.]، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عليك السَّمع والطَّاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثرة عليك"[ أخرجه مسلم برقم (1836)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.]

فمقتضى هذه النصوص وما جاء في معناها وجوب طاعة ولاة الأمور المسلمين - في غير معصية الله تعالى - مطلقًا فيما وافق الغرض والهوى، وفيما خالفهما، وفيما يشق وتكرهه النفوس، وفيما تحبه النفس وتهواه.

وفي حال الأثرة - كاختصاص الولاة بالمال وأمور الدنيا

عن الرعية -؛ فإن الله تعالى سائلهم عما استرعاهم، فقد أخرج مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه - وبوَّب عليه النووي بقوله: باب في طاعة الأمراء وإن منعوا الحقوق -، عن سلمة بن يزيد الجعفي رضي الله عنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا نبي الله أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألونا حقهم ويمنعونا حقنا فما تأمرنا ...الحديث، وفيه: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اسمعوا وأطيعوا فإنَّما عليهم ما حمِّلوا، وعليكم ما حمِّلتم"[ أخرجه مسلم برقم (1846)، من حديث سلمة بن يزيد الجعفي رضي الله عنه.]

وفي الصحيحين عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في وصف الأئمة الذين يأتون من بعده أنهم: "لا يهتدون بهديه، ولا يستنون بسنته صلى الله عليه وسلم، وقال: "وسيقوم فيهم رجالٌ قلوبهم قلوب الشَّياطين في جثمان إنسٍ"[ أخرجه البخاري برقم (7084)، ومسلم برقم (1847)، من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه.  ]                   والمراد - والله أعلم - ينازعون هؤلاء الأمراء بغير هدي الشريعة لا نصيحة للأئمة ولكن طلبًا للدنيا ونصرة للهوى، ويلبسون للناس في معارضتهم لهؤلاء الولاة لباس الدين، فقال حذيفة: كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك؟ قال: "تسمع وتطيع للأمير، وإن ضرب ظهرك، وأخذ مالك، فاسمع وأطع"[ تتمة الحديث السابق.]

فهذه النصوص - ومثلها كثير - قاضية بوجوب السمع والطاعة للولاة بالمعروف وإن قصَّروا في الذي عليهم، أو ظلموا وجاروا على من تحت أيديهم، فإنه لا ينبغي أن يكون تقصير الولاة في الحق الذي عليهم حاملًا للأمة على منع ما وجب عليها لهم، فإن طاعة الولاة في طاعة الله ورسوله وما لا معصية لله ورسوله فيه دين يدان به لله عز وجل، رغبةً في ثوابه، وحذرًا من عقابه. وكون الولاة لا يُطاعون في المعصية لا يعني عدم طاعتهم مطلقًا، بل لا يُطاعون في الأمر الذي فيه معصية بخصوصه مع وجوب السمع والطاعة لهم في غيره من الطاعات الواجبة والمستحبة، والتنظيمات المباحة.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة  المائتين في موضوع (الحق) وهي إستكمال للماضية والتي هي بعنوان:

*حقوق الولاة على الرعية

هذا ظاهر النصوص، وهو اعتقاد السلف الصالح، وأصل من أصولهم التي خالفوا فيها أهل الأهواء، وكلامهم ونصوصهم في ذلك معلومة محفوظة :

• قال الإمام أحمد رحمه الله:

"نرى السمع والطاعة للأئمة ولأمير المؤمنين البر والفاجر".                                            • وقال ابن قدامة رحمه الله:

"ومن السنة السمع والطاعة لأئمة المسلمين وأمراء المؤمنين، برهم وفاجرهم، ما لم يأمروا بمعصية الله ، فإنه لا طاعة لأحد في معصية الله"[ انظر التعليقات على متن لمعة الاعتقاد. ص 181.

• وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:                                                      "فطاعة الله ورسوله واجبة على كل أحد؛ وطاعة ولاة الأمور واجبة لأمر الله بطاعتهم، فمن أطاع الله ورسوله بطاعة ولاة الأمور فأجره على الله، ومن كان لا يطيعهم إلا لما يأخذه من الولاية والمال فإن أعطوه أطاعهم وإن منعوه عصاهم فما له في الآخرة من خلاق"[ انظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (35/ 16،17).]

• وقال أيضًا رحمه الله:

"وأما أهل العلم والدين والفضل - يعني: أئمة السلف الصالح - فلا يرخصون لأحد فيما نهى الله عنه من معصية ولاة الأمور وغشهم والخروج عليهم بوجه من الوجوه كما قد عرف من عادات أهل السنة والدين قديمًا وحديثًا ومن سيرة غيرهم"[ انظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (35/ 12).] المصالح المترتبة على السمع والطاعة لولاة الأمر: وإنما جاءت هذه النصوص والتأكيد من السلف الصالح على طاعة ولاة الأمور بالمعروف، ولو مع الظلم والجور، لما في المخالفة من الشؤم والشقاء في العاجلة والآجلة، ولما يترتب على الطاعة في المعروف والصبر على الجور وأداء الحق لمستحق من الفوائد

الكثيرة واندفاع الشرور الكثيرة. فمن ذلك:

1- أن طاعتهم في المعروف عبادة لله تعالى، وأخذ بسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فهي من تحقيق مدلول الشهادتين.

2- أنها تسبب وحدة الكلمة واتحاد الصف واجتماع الأمة على الخير والتعاون عليه بين رعاة الأمة ورعيّتها

3- بطاعتهم تستقيم الأحوال، وتنفذ الأوامر وتقام الحدود، وتحفظ الحقوق، وتصان الحرمات، ويحصل الأمن وينصف المظلوم، ويردع الظالم وتأمن السبل.

4- ظهور الدولة وقوة السلطان وهيبة الأعداء وقطع أطماع أهل الأهواء.

5- تحقق النصر على الأعداء،وعيشهم عيشة السعداء

6- أما إذا لم يطاعوا فإنها تفسد الأمور ويأكل القوي الضعيف، فيقع الاختلاف وتنتشر الأحقاد وتشتغل نار الفتنة وتتوافر أسباب المحنة.

7- امتثال لأمر الله تعالى وطاعته بشأن أولي الأمر فطاعتهم بالمعروف طاعة لله تعالى، كما ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من يطع أميره - وفي لفظ:  الأمير - فقد أطاع الله"[سبق تخريجه.]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة الواحدة بعد المائتين في موضوع (الحق)

 وهي إستكمال للماضية والتي هي بعنوان:

*حقوق الولاة على الرعية

8- توفر الأمن والاستقرار في ديار الإسلام وهذا أمر ظاهر فإن طاعة ولي الأمر تقوي سلطانة على الناس وقوة السلطان من أعظم أسباب توفير الأمن والاستقرار والطمأنينة في المجتمع.

9- ظهور الدولة بمظهر القوة والهيبة وفي ذلك عز الولاية وذلك مما يرهب الأعداء ويقطع أطماع أهل الأهواء.

10- دفع مكائد الأعداء ما استطاعوا إلى ذلك سبيلًا والحرص على جمع كلمة المسلمين على الحق والاجتهاد في إبعاد كل أسباب الفرقة والاختلاف بينهم فإن ولاة الأمور المسلمين مع أهل الإسلام في الاعتقاد والعمل؛ فإنهم وإن فسقوا وفجروا أو جاروا وظلموا فإنهم لا يوالون ولا يعادون إلا على رابطة الإسلام ولا ينصرون ولا يبقى سلطانهم إلا بالإسلام ومجتمع المسلمين.

11- قوة الدعوة إلى الله تعالى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لكل أحد وفي كل مكان على

 حسب الحال على هدى الكتاب والسنة وطريقة السلف الصالح فإن اليسير من دعم الولاية خير

 وأقوى من كثير من دعم العامة.

12- أن الولاة أقوى من غيرهم بل هم سند لأهل العلم والدين في المجاهدة على إحياء السنن

وتجديد الدين ونفي البدع وإبطال المحدثات فيه، وردع أهل الأهواء والبغي، والسعي في إقامة حكم

الله وشرعه في كل صغير وكبير

13- التحلي بالإنصاف والعدل والاجتهاد في الإحسان إلى مستحقه من الخلق والأخذ بالعفو والصفح ما أمكن مراعاة لحق الله تعالى، وأخذًا بسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وجريًا على منهاج السلف الصالح.

ثانيًا: وجوب النصيحة لأئمة المسلمين:

النصيحة كلمة جامعة تدل على حب الخير وإرادته

وحيازته للمنصوح له، وهي فريضة من فرائض الإسلام العظيمة، وأصل من أصول أهل السنة والجماعة فإنهم يدينون بالنصيحة لمن شرع الله تعالى النصيحة له، قال تعالى: ﴿ لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [التوبة: 91].

وثبت في صحيح مسلم رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الدِّين النَّصيحة - قالها ثلاثًا -، قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: "لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمَّة المسلمين، وعامَّتهم"[أخرجه مسلم برقم (55)، من حديث تميم الداري رضي الله عنه.]

وفيه أيضًا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ الله يرضى لكم

ثلاثًا، ويكره لكم ثلاثًا، فيرضى لكم: أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئًا، وأَن تعتصموا بحبل الله جميعًا، ولا تفرَّقوا، ويكره لكم: قيل وقال، وكثرة السُّؤال، وإضاعة المال"[ أخرجه مسلم برقم (1715)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة الثانية بعد المائتين في موضوع (الحق)

 وهي إستكمال للماضية والتي هي بعنوان:

*حقوق الولاة على الرعية

، وروى أهل السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثٌ لا يغلُّ[ لا يغل: من الغل والإغلال، وهو الخيانة في كل شيء، والمعنى: أن هذه الثلاث تستصلح بها القلوب فمن تمسك بها طهر قلبه من الخيانة والدغل والشر.] عليهِنَّ قلب مسلمٍ: إخلاص العمل لله، ومناصحة أئمَّة المسلمين،ولزوم جماعتهم،فإنَّ دعوتهم تحيط من ورائهم) [ أخرجه الترمذي برقم (2658)، من حديث ابن مسعود رضي الله عنهما.

وأخرجه أبو داود برقم (3660)، والترمذي برقم (2656)، وابن ماجة برقم (230)، من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه. قال الترمذي: حديث حسن. وأخرجه أحمد في المسند (3/ 225) برقم (12937) ، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه. قال شعيب الأرنؤوط: صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن.

وأخرجه أحمد في المسند (4/ 79) برقم (16296)، وابن ماجة برقم (231)، والدارمي برقم (228)، من حديث جبير بن مطعم رضي الله عنه. قال شعيب الأرنؤوط: صحيح لغيره. والحديث صححه الألباني في صحيح الجامع (6/ 30).]

وقد بلغ من عناية النبي صلى الله عليه وسلم بالنصيحة أنه كان إذا بايع رجلًا من أصحابه على الإسلام شرط عليه النصح لكل مسلم فيما استطاع ، كما قال جرير بن عبد الله رضي الله عنه: "بايعت النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - على النُّصح لكلِّ مسلمٍ" [أخرجه مسلم برقم (56)]

وإنما أوجب الله على أهل الإسلام النصيحة لما يترتب عليها من الفوائد الكثيرة والمصالح الكبيرة.

وإذا كانت النصيحة لعموم أهل الإسلام واجبة متحتمة، وهي الدين، ومن أعظم حقوق الله تعالى على المكلفين، فهي لولاة أمور المسلمين أحق وآكد؛ لأن النصح لهم مما يتعدى نفعه وتعم فائدته ويمتد أثره.

فإن الواجب على كل مسلم أن يعني بالنصح لولاة

الأمور، وأن يخلص لله تعالى نيته بأن يبتغي بذلك

 وجه الله ومثوبته.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:"ثم هم - أي: أهل السنة - مع هذه الأصول يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر... إلى قوله: ويدينون بالنصيحة للأمة"    [ انظر شرح العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية ص 215.]

فالنصيحة لولاة الأمور من أعظم وآكد حقوقهم على الرعية، فيجب على الرعية القيام بها نحوهم على الوجه المشروع، فتؤدي النصيحة لولاة الأمور من  : السلطان الأعظم إلى القاضي والمفتي والمحتسب، والأمير والوزير، وكل ذي ولاية - كبيرة أو صغيرة -؛ كل بحسب منصبه ومقامه،وما أنيط به من مسئولية.

فإنهم لما كانت مهماتهم وواجباتهم أعظم وجب لهم من النصيحة بحسب مراتبهم ومقاماتهم.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة الثالثة بعد المائتين في موضوع (الحق)

 وهي إستكمال للماضية والتي هي بعنوان:

*حقوق الولاة على الرعية

بيان ما يتحقق به النصيحة لولاة الأمور:

1- الاعتراف بولايتهم واعتقاد وجوب طاعتهم في

المعروف، ومناصرتهم على الحق.

2- بذل ما يحتاجون إليه من دلالة على الخير وإرشاد إلى حق، وتوجيه إلى ما ينفع كل أحد بحسب حاله.

3- القيام بما يولونه من أعمال أويكلفون به من الأمور بكل صدق وأمانة دون تقصير أو غش أو خيانة.

4- تنبيههم على ما قد يقع منهم من المعاصي والمخالفات التي لا توجب الكفر والخروج عن الإسلام بلطف ورفق ولين وحب صلاحهم ورشدهم وعدم الشماتة بهم والتشنيع عليهم.

5- السعي في تأليف قلوب الناس عليهم وحب اجتماع الكلمة عليهم وبغض افتراق الأمة عنهم.

6- رفع المظالم إليهم وإعلامهم بما غفلوا عنه من أمور الرعية وحقوق الخلق.

7- أن لا يغروا بالثناء الكاذب والتزكية لهم تزلُّفًا لهم طمعًا في دنياهم، أو كذبًا عليهم وغشًّا لهم.

كل هذه الأمور يقام بها نصيحة لهم على الوجه الشرعي ومباعدة عن النهج البدعي، وفي مسند أحمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أراد أن ينصح لسلطانٍ بأمرٍ فلا يبد له علانيةً، ولكن ليأخذ بيده فيخلو به، فإن قبل منه فذاك، وإلَّا كان قد أدَّى الذي عليه له"[ سبق تخريجه].

وهذا الحديث أصل في إخفاء النصيحة للسلطان وأن

الناصح إذا قام بالنصح على هذه الوجه فقد برئ وخلت ذمته من التبعة، وذلك لأن إخفاء النصيحة لولي الأمر والإسرار بها له من الشفقة عليه ومحبة هدايته، وإشهارها والتشهير به من إهانته، وأي فلاح يصيب قومًا أهانوا سلطانهم علانية، فقد جاء في مسند أحمد وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أكرم سلطان الله تبارك وتعالى في الدُّنيا أكرمه الله يوم القيامة، ومن أهان سلطان الله تبارك وتعالى في الدُّنيا أهانه الله يوم القيامة"[سبق تخريجه.]

ومن إهانة السلطان إظهار عيوبه وتقصيره والحديث عن جوره وظلمه أمام العامة ونصيحته مجاهرة، فإن الكلام في ولاة الأمر على هذا النحو من المنكرات والفتن فلا يغتر بمن يفعل ذلك ولو حسنت نيته واشتهر فضله؛ فإنه خلاف نصوص الشرع ومنهاج السلف وهو شؤم وفتنة ومن طريقة أهل الأهواء والبدعة، وإن الحق أحق أن يتبع وماذا بعد الحق إلا الضلال ، ومما يدل على ذلك ما ثبت في الصحيحين عن أسامة بن زيد رضي الله عنه أنه قيل له: ألا تدخل على عثمان لتكلمه فقال: "إنكم لترونَ أنِّي لا أكلِّمه إلَّا أسمعكم إنِّي أكلِّمه في السِّرِّ دون أن أفتح بابًا لا أكونُ أوَّل من فتحهُ"[ أخرجه البخاري برقم (3267)، ومسلم برقم (2989).]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة الرابعة بعد المائتين في موضوع (الحق)

 وهي إستكمال للماضية والتي هي بعنوان:

*حقوق الولاة على الرعية

  أما المجاهرة بالإنكار على الأمراء في الملأ لما في ذلك من الفتنة العظيمة من تنقص السلطان، وجرأة أهل الأهواء على الولاية وتهييج الغوغاء.

وقد وقع ما حذره أسامة رضي الله عنه من الفتنة بسبب المجاهرة بالنصيحة والأمر والنهي على خلاف ما توجبه الشريعة، فحدثت بسببه فتن كثيرة، وشرور كبيرة.

وفي الزهد: أن عمر بن الخطاب قال: "أيتها الرعية إن لنا عليكم حقًّا: النصيحة بالغيب والمعاملة على الخير"  [ أخرجه هناد فى الزهد (2/ 602) برقم (1281)، وأورده الهندي في كنز العمال برقم (14334).]

وقال ابن عباس لمن سأله عن أمر السلطان بالمعروف: "إن كنت فاعلًا ولا بد ففيما بينك وبينه"  [ أورده ابن أبي شيبة في مصنفه (15/ 74)، وابن رجب في جامع العلوم والحكم (1/ 225).]

ثالثًا: وجوب الصبر على جور الولاة:

جور الولاة وظلمهم من المصائب التي تبتلى بها بعض الشعوب بأسباب الذنوب، وأيضًا يجعلها الله تعالى تمحيصًا ورفعة لدرجة الصابرين، وتشخيصًا وهلاكًا للمجرمين، قال تعالى:﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى: 30]، وقال تعالى: ﴿ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ [لقمان: 17].

وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "واعلم أنَّ في الصَّبر على ما تكره خيرًا كثيرًا، وأنَّ النَّصر مع الصَّبر، وأنَّ الفرج مع الكرب، وأنَّ مع العسر يسرًا"[ أخرجه أحمد في المسند (3/ 308) برقم (2800)، وأورده ابن رجب في جامع العلوم والحكم (1/ 460)، والنووي في الأربعين النووية برقم (19)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. قال ابن رجب: رواه عبد بن حميد في مسنده بإسناد ضعيف، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (2382)، وقال أحمد شاكر: هذا حديث رواه أحمد بثلاثة أسانيد، أحدها صحيح والآخران منقطعان، وقال شعيب الأرنؤوط: صحيح.]وقال صلى الله عليه وسلم: "وما أعطي أحدٌ عطاءً خيرًا وأوسع من الصَّبر"[ أخرجه البخاري، برقم (1469)، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. ]                                              ولذا كانت الوصية بالصبر على جور الأئمة أصلًا من أصول أهل السنة والجماعة لما فيه من جلب المصالح ودرء المفاسد وتقليل الشرِّ، وهو من جنس الصبر عند الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على ظلم المأمور والمنهي لما يرجى أن يتحقق به من المصالح الراجحة ودفع المفاسد الكثيرة، فأهل السنة والجماعة يقابلون جور السلطان بالتوبة إلى الله تعالى من الخطايـا والضـراعـة إلى الله بالدعـاء والصـبر والاحتساب، ويرجون به حطِّ الخطايا وكثرة الثواب، مع انتظار الفرج القريب.

وقد جاءت النصوص الكثيرة حاثّـةً على الصبر على جورهم كقوله صلى الله عليه وسلم: "من رأى من أميره شيئًا يكرهه فليصبر عليه؛ِ فإنَّه من فارق الجماعة شبرًا فمات إلَّا مات ميتةً جاهليَّةً"[ أخرجه البخاري برقم (7054)، ومسلم برقم (1849)، من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.]

وقوله صلى الله عليه وسلم: "من كره من أميره شيئًا فليصبر"[ سبق تخريجه.، متفق عليه.]، وقال صلى الله عليه وسلم: "إنَّكم سترون بعدي أثرةً فاصبروا حتَّى تلقوني على الحوض" [أخرجه البخاري برقم (3163)، من حديث أنس رضي الله عنه. وأخرجه مسلم برقم (1061)، من حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه.]

فيجب الحذر من التحريض على السلطان والتعرض له بالتنقص من قدره أو الوقيعة في عرضه بسبب ظلمه وجوره، لما في الترمذي عن أبي بكرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أهان سلطان الله في الأرض أهانه الله"[سبق تخريجه.]، وقال حذيفة رضي الله عنه: "ما مشى قوم إلى سلطان الله في الأرض ليذلوه إلا أذلهم الله قبل أن يموتوا"[ سبق تخريجه.]

والواقع شاهد بذلك، فكل من سعى في تحريك فتنة على السلطان لابد أن يرى الذل والإهانة قبل موته، وهذا من العقوبات القدرية.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة الخامسة بعد المائتين في موضوع (الحق)

 وهي إستكمال للماضية والتي هي بعنوان:

*حقوق الولاة على الرعية

• قال الإمام ابن زمنين رحمه الله:"ومن قول أهل

السنة: أن السلطان ظل الله في الأرض، وأنه من لم يرَ على نفسه سلطانًا برًّا كان أو فاجرًا فهو على خلاف السنة"[سبق تخريجه.]

وقد تولى الخلافة والإمارة في بعض البلدان - والصحابة متوفرون - ولاة فيهم شيء من الفسق

والجور والظلم، مثل يزيد ومروان بن الحكم والوليد بن عقبة والحجاح بن يوسف وغيرهم، وكان أفاضل الصحابة كابن عمر وابن مسعود وأنس بن مالك يسمعون لهم ويطيعون في المعروف ويصلون وراءهم، ولم يأمروا الناس بالوقيعة فيهم، فهم لا يعصونهم في المعروف ولا يرون الخروج عليهم بسبب ما هم عليه من الظلم والجور والفسق والذي لم يخرجهم من الإسلام.

بل كانوا يحثون الناس على السمع والطاعة لهم بالمعروف ويشددون النكير على من يحرض على عصيانهم أو الخروج عليهم؛ لما في طاعتهم ونصيحتهم والاجتماع عليهم والصبر على جورهم وترك التحريض عليهم من جمع الكلمة والتأليف بين القلوب ودرء الفتن وقطع دابر الشر، وكان أهل السنة والجماعة يوصون من أطاعهم بالصبر على جور الأئمة وينهونهم عن الشقاق والمنازعة.

• قال الحسن البصري رحمه الله:

"اعلم عافاك الله أن جور الملوك نقمة من نقم الله، ونقم الله لا تلاقى بالسيوف،وإنما تتقى وتستدفع بالدعاء والتوبة والإنابة والإقلاع عن الذنوب"[ انظر آداب الحسن البصري لابن الجوزي ص 119.]

• وقال رحمه الله:"لو أن الناس إذا ابتلوا من قبل سلطانهم صبروا ما لبثوا أن يرفع الله عنهم"[ انظر الشريعة للآجري  (1/ 73).

• ولما سمع الحسن رجلًا يدعو على الحجاج قال:

"لا تفعل رحمك الله، إنكم من أنفسكم أتيتم، إنما نخاف إن عزل الحجاج أو مات أن تليكم القردة والخنازير"[ انظر آداب الحسن البصري لابن الجوزي ص 119.]

فكان أهل السنة يصبرون على جور الأئمة، ويثبتون

 الأمة، ويهرعون إلى التوبة، ويسألون الله تعالى أن يكشف ما بهم من ضر، ولا يقدمون على شيء مما نهى عنه الشرع المطهر في هذه الحال، من حمل سلاح، أو إثارة فتنة، أو تحريش، أو نزع يد من طاعة لعلمهم أن هذه الأمور إنما يفزع إليها ويزينها من لا قدر للآيات والأحاديث في قلبه من أهل الأهواء الذين تسيرهم الآراء لا الآثار، وتتخطفهم مكائد أهل الكتاب والمشركين، ويستزلهم الشيطان بخطواته ليهلكهم ويهلك بهم.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة السادسة بعد المائتين في موضوع (الحق)

 وهي إستكمال للماضية والتي هي بعنوان:

*حقوق الولاة على الرعية

• وقال ابن أبي العز في الطحاوية:

"بل في الصبر على جورهم تكفير السيئات ومضاعفة

الأجور، فإنه تعالى ما سلطهم علينا إلا لفساد أعمالنا، والجزاء من جنس العمل،فعلينا الاجتهاد فيالاستغفار  والتوبة، وإخلاص العمل، ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى: 30]، وقال: ﴿ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آل عمران: 165]، وقال: ﴿ وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [الأنعام: 129]"[ انظر شرح الطحاوية ص 541.]

• وقال الحسن البصري رحمه الله في الأمراء:

"هم يلون من أمورنا خمسًا: الجمعة، والجماعة، والعيد، والثغور، والحدود، والله لا يستقيم الدين إلا بهم وإن جاروا، أو ظلموا، والله لَمَا يَصْلُح الله بهم أكثر مما يفسدون، مع أن والله طاعتهم لغيظ، وإن فرقتهم لكفر"[ انظر جامع العلوم والحكم لابن رجب (2/ 117).]  فإذا أرادت الرعية أن يتخلصوا من ظلم الأمير الظالم فليتركوا الظلم.

• وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

"يجب أن يعرف أن ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين؛ بل لا قيام للدين ولا للدنيا إلا بها، فإن بني آدم لا تتم مصلحتهم إلا بالاجتماع لحاجة بعضهم إلى بعض، ولا بد لهم عند الاجتماع من رأس، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمِّروا أحدهم"

[ أخرجه أبي داود برقم (2608)، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.]

وأخرجه أبي داود برقم (2609)، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال النووي في رياض الصالحين برقم (967) ص (351): رواه أبو داود بإسناد حسن، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (2347)، وفي صحيح الجامع برقم (500)، وفي السلسلة الصحيحة برقم (1322).]

وروى الإمام أحمد في المسند عن عبد الله بن عمرو، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل لثلاثة يكونون بفلاة من الأرض إلا أمَّروا عليهم أحدهم"[ أخرجه الإمام أحمد في المسند (2/ 177) برقم (6609). والطبرانى كما فى مجمع الزوائد (4/ 82) قال الهيثمى: فيه ابن لهيعة وحديثه حسن، وبقية رجال أحمد رجال الصحيح، وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة برقم (589)، وقال: ورجاله ثقات غير ابن لهيعة فإنه سيىء الحفظ، قلت: ويشهد له الحديث السابق.]

فأوجب صلى الله عليه وسلم تأمير الواحد في الاجتماع القليل العارض في السفر، تنبيهًا بذلك على سائر أنواع الاجتماع[ انظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (28/ 390).]

رابعًا: وجوب ترك سب الأئمة والتشهير بهم:

قد وردت نصوص صحيحة، تتضمن النهي عن سب ولاة الأمر؛ لما في سبهم من تغيير القلوب، وتهييج الغوغاء، وإذكاء نار الفتنة، وفتح أبواب الشر على الأمة، ففي سنن الترمذي أن أبا بكرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أهان سلطان الله في الأرض أهانه الله"[ سبق تخريجه.]، وفي السنة لابن أبي عاصم بإسناد جيد، عن أنس رضي الله عنه قال: "نهانا كبراؤنا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم،قالوا:لاتسبوا أمراءكم، ولا تغشوهم،ولا تبغضوهم ، واتقوا الله واصبروا؛ فإن الأمر قريب"[ أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (6/ 69) برقم (7523)، وابن أبي عاصم في السنة (3/ 34) برقم (847)، وفي ظلال الجنة (2/ 217) برقم (1015). قال الألباني في الظلال: إسناده جيد.]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :  

 فهذه الحلقة السابعة بعد المائتين في موضوع (الحق)

 وهي إستكمال للماضية والتي هي بعنوان:

*حقوق الولاة على الرعية

وفي التمهيد لابن عبد البر رحمه الله، عن أنس رضي الله عنه قال: "حدثنا كبراؤنا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أن أول نفاق المرء كلامه في الأمراء".

ففي هذا الأثر اتفاق أكابر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على تحريم الوقيعة في الأمراء بالسب لما في ترك سبهم من المحافظة على هيبة المنصب العام، ولعظم المسئولية التي وكلت إليهم في الشرع والتي لايقام بحقهاعلى الوجه المطلوب منهم ومنالرعية  مع سبهم والوقعية فيهم،ولما يفضي إليه سبهم من عدم الطاعة في المعروف وإيغار الصدور وفتح منافذ الأسماع والقلوب أمام أهل الأهواء ودعاة الفتنة والشر.

وقد أخرج ابن عبد البر في التمهيد، عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه قال: "إن أول نفاق المرء طعنه في إمامه"[ أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (7/ 48) برقم (6406).رواه أبو داود من حديث أبي سعيد وأبي هريرة،]

وفي السنة لابن أبي عاصم، عن أبي الدرداء أيضًا قال: "إياكم ولعن الأمراء؛ فإن لعنهم الحالقة،

وبغضهم العاقرة، قيل: يا أبا الدرداء! فكيف نصنع إذا رأينا منهم ما لا نحب؟ قال: اصبروا؛ فإن الله

إذا رأى ذلك منهم حبسهم عنكم بالموت"[ أخرجه ابن أبي عاصم في السنة (3/ 35) برقم (848)، وفي ظلال الجنة (2/ 218) برقم (1016).

• قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله:

"سمع شقيق بن سلمة رحمه الله رجلًا يسب الحجاج فقال: لا تسبه، وما يدريك لعله قال: اللهم اغفر لي؛ فغفر له"[ أخرجه هناد في الزهد (2/ 464) برقم (931)، وأورده أبي نعيم في الحلية (4/ 102)، والذهبي في سير أعلام النبلاء (4/ 165)، عن الزبرقان، قال: كنت عند أبي وائل فجعلت أسب الحجاج...إلخ، وأبو وائل هو: شقيق بن سلمة.]

• وقال رحمه الله في بيان شيء من النصح للولاة:

"واجتناب سبهم والقدح فيهم وإشاعة مثالبهم فإن ذلك ضررًا خطيرًا وفسادًا كبيرًا فمن نصحهم الحذر والتحذير من ذلك"[ انظر الرياض الناظرة ص 49.]

وعلى من رأى منهم ما لا يحل أن ينبههم سرًّا لا علنًا بإشارة لطيفة وعبارة تليق بالمقام ويحصل بها المقصود؛ فإن هذا مطلوب في حق كل أحد وبالأخص ولاة الأمر؛ فإن تنبيههم على هذا الوجه فيه خير كثير، وذلك علامة الصدق والإخلاص.

قلت: ومما ينبغي الحذر منه التمدح بنصيحتهم عند الناس؛ فإن هذا مما يفسد النصيحة، وينقص الأجر.

وكذلك يجب ترك الوقيعة في أعراضهم والتنقص لهم أو الدعاء عليهم، لأن هذه الأمور تزرع الضغائن، وتولد الأحقاد والبغضاء، وتهيج الفتنة، وتوقع بأسهم بينهم.

فالواجب على المسلم الحق المؤمن بالله واليوم الآخر أن يسعى جاهدًا في الإصلاح بين المؤمنين، وجمع كلمة المسلمين والتأليف بين قلوبهم، وإزالة أسباب القطيعة وفساد ذات البين؛ ولاسيما إن كان الشخص من أهل العلم والجاه في المجتمع كان الواجب عليه أعظم لما فيه من طاعة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ونفع عباده

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة الثامنة بعد المائتين في موضوع (الحق)

 وهي إستكمال للماضية والتي هي بعنوان:

*حقوق الولاة على الرعية

خامسًا: أهمية الدعاء الصالح لولاة الأمور:

لما أظهر أهل الأهواء الشناعة على ولاة الأمور والدعاء عليهم، أظهر أئمة السنة تعظيم أمر الولاية العامة والدعاء للولاة بالصلاح والتوفيق والتسديد.

• سئل الإمام أحمد رحمه الله عن طاعة السلطان:

"فقال بيده: عافا الله السلطان - تنبغي - يعني: طاعته، سبحان الله السلطان"[انظر السنة للخلال (1/ 76)، قال المحقق الدكتور عطية الزهراني: إسناده صحيح.]

• وقال الإمام أبي بكر المروذي:

"سمعت أبا عبد الله، يعني: الإمام أحمد - وذكر عنده

الخليفة المتوكل - فقال: إني لأدعو له بالصلاح والعافية، وقال: لإن حدث به حادث لتنظرن ما يحل بالإسلام - يعني: من النقص -"[ انظر السنة للخلال (1/ 84)، قال المحقق الدكتور عطية الزهراني: إسناد هذا الأثر صحيح.]

• وقال الإمام البربهاري رحمه الله:

"إذا رأيت الرجل يدعو على السلطان فاعلم أنه صاحب هوى، وإذا سمعته يدعو للسلطان بالصلاح والتوفيق فاعلم أنه صاحب سنة إن شاء الله"[ سبق تخريجه]

• وقال الفضيل بن عياض رحمه الله:

"لو كان لي دعوة مستجابة ما جعلتها إلا في السلطان، قيل له: يا أبا عليٍّ فسِّر لنا هذا؟ قال: إذا جعلتها في نفسي لم تعدني، وإن جعلتها في السلطان فَصَلَحَ صَلُحَ بصلاحه العباد والبلاد)   [ انظر شرح السنه للبربهاري1/51،ويروى مثل ذلك عن الإمام أحمد وسفيان الثوري رحمهما الله تعالى.

• وقيل لبعض السلف: أتدعو للسلطان وهو ظالم؟ فقال:"أي والله أدعو له،إنَّ ما يدفع الله ببقائه أعظم مما يندفع بزواله".

• وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:

"الدعاء لولي الأمر من أعظم القربات، ومن أفضل الطاعات، ومن النصيحة لله ولعباده"[ انظر مجموع فتاوى ابن باز (8/ 210).]• وقال رحمه الله:

"إنه - يعني: الدعاء للسلطان - من النصيحة لولي الأمر، والتي هي من مقتضى البيعة، فمن النصيحة له الدعاء له بالتوفيق والهداية وصلاح النية والعمل وصلاح البطانة".

قلت: وكان رحمه الله - أي: الشيخ ابن باز - كثير الدعاء بالخير لولاة الأمور، خصوصًا لما شنع عليهم ممن شنع في بعض الأمور، ودعا عليهم في بعض الأحوال تصريحًا أو تلويحًا؛ صار الشيخ لا يكاد ينتهي من محاضرة أو موعظة أو درس إلا دعا للمسلمين عامة، ولولاة الأمورخاصة بالخير.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة التاسعة بعد المائتين في موضوع (الحق)

 وهي إستكمال للماضية والتي هي بعنوان:

*حقوق الولاة على الرعية

*بيان فوائد الدعاء لولاة الأمور:

ولا شك أن في الدعاء لولاة الأمور بالخير فوائد كثيرة، منها:

1- أن الدعاء عبادة لله تعالى ينال الداعي المخلص عليها ثواب العبادة.

2- فوز الداعي بمثل ما دعا به لولي الأمر من الخير،

لقوله صلى الله عليه وسلم: "من دعا لأخيه

بظهر الغيب قال الملك الموكَّل به: آمين، ولك بمثلٍ"[ أخرجه مسلم برقم (2732)، من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه.]

3- أنه يؤجر ويثاب على كل خير يوفق له ولي الأمر في خاصة أمره وفي رعيته لأنه سبب فيه.

4- أن في الدعاء لولي الأمر تصديقًا لاعتقاد الداعي بإمامته ووجوب طاعته، كما قال الإمام أحمد

رحمه الله: "إني لأرى طاعة أمير المؤمنين في السرِّ والعلانية، وفي عسري ويسري، ومنشطي ومكرهي، وأثرة علي، وإني لأدعو له بالتسديد والتوفيق في الليل والنهار".

5-أنه علامة على أن الداعي من أهل السنة وبراءة له من أهل الأهواء والفتنة، كما سبق قول البربهاري.

فصل: في بيان شئ من منهاج أهل السنة والجماعة مع ولاة أمورهم:

ولهذه النصوص وغيرها كان من دأب أهل السنة والجماعة ومن سبيلهم ومنهاجهم مع ولاة أمورهم:

أ‌- جمع قلوب الناس على ولاة الأمور.

ب‌- السعي في نشر المحبة والوئام بين الراعي والرعية.

ت‌- قطع دابر أسباب الفرقة والشقاق ما وجدوا لذلك سبيلًا.                                       ث‌- القيام بنصيحة ولاة الأمور سرًّا وأمر الرعية

بالصبرعلى ما قد يصدر منهم من جورواستئثارالمال.

ج‌- توجيه الرعية لما يزول به الجور من التوبة النصوح، والصدقة في السر والعلانية، ورد المظالم، وصدق النصيحة للولاة، والتعاون معهم على الخير والاستغفار والصبر.

ح‌- الإلحاح على الله تعالى بصالح الدعوات لهم.

خ‌- التوبة إلى الله عز وجل من الذنوب التي ارتكبتها الرعية، فإن الناس إنما يسلط عليهم ولاتهم وعدوهم بذنوبهم، ومنها: منع الزكاة، ونقض العهود، وكذلك منهاج أهل السنة والجماعة مع ولاة الأمور، فإنه منهاج يقوم على أساس الاتباع ولزوم الأثر، والدليل من الكتاب والسنة في سائر أمور الدين المتعلقة بحق الله تعالى أو المتعلقة بحقوق خلقه، فإنهم يقتدون ويتبعون ولا يبتدعون ولا يعارضون نصوص الكتاب والسنة بعقولهم وأفكارهم وأهوائهم ولا بما يمليه عليهم غيرهم.

قال ابن مسعود رضي الله عنه: "إنا نقتدي ولا نبتدي، ونتبع ولا نبتدع،ولن نضل ما تمسكنا بالأثر" [ أخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (1/ 96).]

وقال: "إنها ستكون أمور مشتبهات فعليكم بالتؤدة، فإنك أن تكون تابعًا في الخير خير من أن تكون رأسًا في الشر"[ أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (7/ 297) برقم (10371).]، فإذا دعا لولي الأمر بالعافية والصلاح والتسديد والتوفيق كان له مثل ذلك.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة العاشرة بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي إستكمال للماضية والتي هي بعنوان:

*حقوق الولاة على الرعية

*بيان فوائد الدعاء لولاة الأمور:

سادسًا:لاتجوز بيعة غير السلطان مع وجودالسلطان:

لا تجوز البيعة لشخص معدوم أو مجهول أو لاسلطان ظاهر له مع وجود ولي الأمر العام؛ فإن بيعة غيره مع وجوده من شقِّ عصى المسلمين، ونقض للبيعة ونزع لليد من الطاعة، وذلك من خصال الكفر وأمور الجاهلية، وإيقاظ الفتنة، ومخالفة الكتاب والسنة، وخروج عن إجماع الأمة، وسعي في فساد الدين وانتهاك الحرمات، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من فعل ذلك فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه، وإن مات

 فميتته جاهلية[ سبق تخريجه.]

، وأوجب على الأمة ضرب عنقه بالسيف كائنًا من كان ؛لحديث أسامة بن شريكٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أيُّما رجلٍ خرج يفرِّق بين أمَّتي فاضربوا عنقه"، [أخرجه النسائي، برقم (4035). وأخرجه أحمد في المسند (2/ 161) برقم (6465) بنحوه، عن عبد الله بن عمرو ابن العاص رضي الله عنهما.]

وعن عرفجة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إنَّه ستَكون هناتٌ وهناتٌ، فمن أراد أن يفرِّق أمر هذه الأمَّة وهي جميعٌ فاضربوه بالسَّيف كائنًا من كان"، أخرجه مسلم، برقم (1852).

• قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

"إن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بطاعة الأئمة الموجودين المعلومين الذين لهم سلطان يقدرون به على سياسة الناس لا بطاعة معدوم ولا مجهول ولا من ليس له سلطان ولا

قدرة أصلًا على شئ أصلًا"[ انظر منهاج السنة النبوية (1/ 115).]

فأي أحد من الناس كائنًا من كان ومهما كان فضله وصلاحه نزل نفسه منزلة ولي الأمر الذي له القدرة والسلطان، الذي ينفذ بهما الأحكام ويسوس العباد ويعقد السلم وألوية الحرب وغير ذلك، فدعا جماعة من الناس إلى بيعته والسمع والطاعة له أو أعطته تلك الجماعة بيعة تسمع له وتطيع له بموجبها وولي الأمر في البلاد قائم ظاهر؛ فقد حاد الله ورسوله وخالف نصوص الشريعة وسعى في فتنة وتعرض لوعيد النبي صلى الله عليه وسلم؛ فمثل هذا لا تشرع طاعته بل تحرم.

قلت: فمن دعا إلى بيعة نفسه أو رضي ببيعة الناس له

 على هذا النحو فإنه شاقٌّ لعصى الطاعة مفارق للجماعة قد خلع ربقة الإسلام من عنقه تجب استتابته، وإلا أدب التأديب الذي يردعه، لقوله صلى الله عليه وسلم: "من أتاكم وأمركم جميعٌ على رجلٍ واحدٍ يريد أن يشقَّ عصاكم أو يفرِّق جماعتكم فاقتلوه"[ أخرجه مسلم برقم (1852)، عن عرفجة بن شريح رضي الله عنه، وانظر الهامش السابق.]  [الأنترنت- موقع الألوكة - بسط لمهمات من حقوق الولاة على الرعيةالشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة الحادية عشرة بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي بعنوان:

*الحقوق الزوجية المشتركة في الشريعة الإسلامية

من حسن رعاية الإسلام للأسرة واهتمامه بشئونها، أنه رتب حقوقاً مشتركة للزوجين معاً على بعضهما وهي خمسة:

الحق الأول: حل العشرة الزوجية التي ما كانت لتحل إلا بعقد الزواج، قال الله تعالى في الآية 187 من سورة البقرة: {هن لباس لكم وأنتم لباس لهن}.

ويستتبع هذا الأمر حق كل منهما في الاستمتاع الجسدي بالآخر، الذي هو أمر مشترك بينهما، لا ينبغي أن ينفرد به أحدهما، روى أبو يعلى عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا جامع أحدكم أهله فليصدقها، فإذا قضى حاجته قبل أن تقضي حاجتها فلا يعجلها حتى تقضي حاجتها".

الحق الثاني: حرمة المصاهرة وهي أن تحرم الزوجة على أصول الزوج وفروعه، كما يحرم هو على أصولها وفروعها،

الحق الثالث: ثبوت نسب الولد المولود من الزوجة لزوجها صاحب الفراش، وهذا حق أدبي معنوي يحفظ مكانة الزوجين ويصونها من مقال السوء في ظل عقد الزوجية الساري روى الشيخان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الولد للفراش وللعاهر الحجر" وهكذا يعرف أن هذا الولد أبوه فلان وأمه فلانة.

الحق الرابع: ثبوت التوارث بين الزوجين، فإن مات أحدهما بعد العقد ورثه الآخر، ولو كان الموت قبل الدخول والزفاف.

الحق الخامس: المعاشرة بالمعروف، إذ يجب على الزوجين معاً أن يعاملا بعضهما بالمودة والوئام،

والاحترام والسلام، وحسن الخلق وطيب الكلام قال الله تعالى في الآية 19 من سورة النساء

يخاطب الرجال: {وعاشروهن بالمعروف}.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم يخاطب النساء: "أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة" رواه الترمذي وابن ماجه والحاكم. [الأنترنت – موقع الملتقى الفقهي - الحقوق الزوجية في الشريعة الإسلامية أ.د. حسن عبد الغني أبوغدة ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة الثانية عشرة بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي بعنوان:

*حقوق الزوجه على زوجها .

إن لكل زوجة حقوق مثلها في ذلك مثل زوجها

،وحقوقها هذه قد أقرها الشرع الحكيم ؛ لقول الله

 تعالى : {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 228] .

ولقوله صلى الله عليه وسلم: " إن لكم على نسائكم حقاً ولنسائكم عليكم حقاً" رواه الترمذي وصححه

وللزوجة على زوجها حقوق كثيرة من أهما :

1- وقايتها من النار :

وذلك بحثها وأخذها على الخير ونهيهها عن الشر قال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) (التحريم:6) وكذلك حثها على الصلاة خاصة فقد قال تعالى :     ( وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا) (طه : 132) .    وكما سبق أن الزوجة التي لا يصلي زوجها يجب تركه ومفارقة كذلك هنا من لا تصلي لايجوز البقاء معها ...

ومن وقاية الأهل : أن تحثهم على الالتزام بالحجاب والعفة .

2- النفقة عليها :

النفقة على الزوجة وكسوتها من الحقوق الواجبة على الزوجة والتي فرط فيها الكثير من الناس ، وقد قال صلى الله عليه وسلم لمن سأله عن حق الزوجة عليه ( أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ وَتَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ أَوِ اكْتَسَبْتَ ، وَلَا تَضْرِبِ الْوَجْهَ وَلَا تُقَبِّحْ وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ ) رواه أبو داود .

وتكون النفقة بالمعروف وما هو متعارف عليه في البلد .مع الحذر من المال الحرام .

* والنفقة على الزوجة فيها أجر عظيم فقد قال رسول صلى الله عليه وسلم: ( إذا أنفق الرجل فهي له صدقة ) متفق عليه وذلك إذا كان يريد بها وجه الله تعالى ويحسن النية فيها .

3- عدم ضربها بغير سبب

ضرب الزوجة لا يجوز إلا للحاجة مثل لو نشزت وترفعت على زوجها ، ويكون ضرباً خفيفاً ، وقد أباح تعالى الضرب فقال : ( وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً ) (النساء: من الآية34) .

ولا يكون في الوجه قال صلى الله عليه وسلم : ( وَلَا تَضْرِبِ الْوَجْهَ وَلَا تُقَبِّحْ وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ ) رواه أبو داود .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة الثالثة عشرة بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*حقوق الزوجه على زوجها .

4- لا تهجرها إلا في البيت

لا تهجر زوجتك في غير البيت فتخرج وتغيب عنها أو تتركها في بيت أهلها ، ويكون هذا الهجر بينكما ولا يحس بكم الأولاد حتى لا يحصل هناك شئ من الحساسيات ، وتأثر الأولاد عندما يرون الأب يضرب أو يهجر أمهم .

قال صلى الله عليه وسلم : ( وَلَا تَضْرِبِ الْوَجْهَ وَلَا تُقَبِّحْ وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا

فِي الْبَيْتِ ) رواه أبو داود .

5- ولا تقول قبح الله وجهك :

عليك أيها الزوج أن تراعي مشاعر زوجتك وأن تتلفظ معها باللفظ الحسن ولا تجرح المشاعر وتأتى بألفاظ قبيحة لا تليق ، قال صلى الله عليه وسلم : ( وَلَا تَضْرِبِ الْوَجْهَ وَلَا تُقَبِّحْ وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ ) رواه أبو داود .

6- العدل بين الزوجات

يجب على الزوج أن يعدل بين أزواجه ، ويكون العدل في أموركثيرة ،منها: الطعام والشراب والكسوة والسكن والمبيت ، ولا يلزم القسم فيما لا يملك من الحب ونحوه ، وقد حذر صلى الله عليه وسلم من عدم العدل فقال : ( من كانت له امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة أحد شقيه ساقطاً أو مائلاً ) .

7- عدم نشر سرها

من حقوق الزوجة على زوجها أن لا يفشي سرها وأن لا يذكر عيباً فيها؛إذ هو الأمين عليها والمطالب برعايتها ، وأعظم المنكرات نشر ما يدور بينهما حال الجماع ونحوه ، لقوله صلى الله عليه وسلم:" إن من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها" رواه مسلم.

8- مساعدتها في بيتها

وهو من ألامور المستحبة والتي تسعد الزوجة ، وتريحها من عنا البيت ، فعن عائشة رضى الله عنها قالت : "كان رسول الله ; إذا دخل البيت كأحدكم يخيط ثوبه و يعمل كأحدكم ) رواه البخاري ، وفى رواية : ( كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ تَعْنِي خِدْمَةَ أَهْلِهِ فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ"

9- مساعدتها في تربية الأبناء

الكثير من الأزواج يترك عبأ الأولاد على أمهم ولا يهتم بهم وهذا بلا شك لا يصح منه،بل الواجب على الزوجين التعاون على تربية الابناء التربية الصحيحة .

10- السماح لها بالخروج إذا احتاجت لذلك

على الزوج أن يسمح لزوجته بالخروج إذا احتاجت إليه كزيارة أهلها وأقاربها وجيرانها وكذلك إذااستأذنته بالخروج إلى صلاة الجماعة وكان خروجها شرعياًبحيث لا تمس طيباً ولا تخرج بزينة تفتن بها الرجال فمن السنة أن يأذن لها ولكنه ينبغي أن ينصحها بأن صلاتها في بيتها أفضل لها .

11- الغيرة عليها :

أن يغار عليها في دينها وعرضها، إن الغيرة أخص صفات الرجل الشهم الكريم، وإن تمكنها منه يدل دلالة فعلية على رسوخه في مقام الرجولة الحقة والشريفة.

ولا يعني ذلك سوء الظن بالمرأة والتفتيش عنها وراء كل جريمة دون ريبة.

فعن جابر بن عتيك قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (إن من الغيرة غيرة يبغضها الله وهي غيرة الرجل على أهله غيرة فيها ريبة) [رواه أحمد وأبو داود، وحسنه الألباني في الارواء].

12- إشباع رغباتها الجنسية

فللمرأة غرائز وشهوات جنسية يجب على الزوج إشباعها حتى لا تلجأ للحرام،وكثيرمن الأزواج لا يهتم إلا بنفسه ورغيته الجنسية فمتى ارتاح ترك الزوجة وهذا خطأ ، فيجب أن ينتظر حتى تقضي نهمتها ...

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: يجب على الرجل أن يطأ زوجته بالمعروف؛ وهو من أوكد حقها عليه : أعظم من إطعامها . والوطء الواجب قيل: إنه واجب في كل أربعة أشهر مرة. وقيل: بقدر حاجتها وقدرته ؛

 كما يطعمها بقدرحاجتها وقدرته.وهذا أصح القولين.اهـ

13- شكرها على ما تقوم به من أعمال ؛فعلى الزوج أن يقوم بشكر زوجته على ما تقوم به من خدمة وتربية لأولاده ، فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(لايشكرالله من لايشكرالناس) رواه أبو داود وابن حبان وأحمد وصححه الألباني في صحيح الجامع [ 7719]

14- تحمل الأذى والصبر على ما يصدر من أمور:

على الزوج أن يتحمل أذى زوجته ويتغافل عن كثير مما يبدر منها رحمة بها وشفقة عليها وقد أمر الله تعالى بالمعاشرة بالمعروف فقال : {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ } [النساء: 19]. [الأنترنت – موقع مجلة الإبتسامة - حقوق الزوجه على زوجها و التي اقرها الشرع الحكيم]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة الرابعة عشرة بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي بعنوان:

*الحقوق التي للزوج على زوجته هي سبعة:

الحق الأول: أن تطيعه في غير معصية؛ لأن الزوج عماد الأسرة الأول وربانها المقدم، ومن حقه أن يجد الطاعة ممن يشرف عليهم ويسهر على راحتهم؛ لأن ذلك دليل البر والوفاء والحب والإكرام. وقد جاء في الحديث الذي رواه أحمد والطبراني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا صلت المرأة خمسها" وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها: ادخلي

الجنة من أي باب شئت".

وحق طاعة الزوجة لزوجها مقيد بالبر والمعروف، حيث إنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، كما

أن أغلب مجالات هذه الطاعة في الأمور المباحة التي تتحقق من ورائها سعادة الأسرة واستقرارها بعيداً عن النزاع والشقاق والإفساد، أما لو أمر الزوج زوجته بمعصية، فلا ينبغي لها أن تستجيب، بل يتوجب عليها بذل مساعيها لإقناعه في العدول عن مواقفه الخاطئة.

هذا ومما ذكره الفقهاء في طاعة الزوجة لزوجها: ألا تصوم نافلة إلا بإذنه، ولا تحج تطوعاً إلا برضاه،

ولا تخرج من البيت إلا بعلمه، ولا تتصدق من ماله إلا بموافقته.

وحكمة جعل الشارع طاعة الزوجة لزوجها واجبة عظم ما له من حق عليها وعلى بقية أفراد الأسرة، وقد نال هذا الحق نتيجة مكابدته في الحياة العامة، ودخوله إلى أعماقها، واطلاعه على أسرارها وتقلباتها وطرق تعامل الناس: محسنهم ومسيئهم، حتى كون تجربة وخبرة كلفته جهده وتعبه اليومي وتكبده المشاق والمصاعب التي بوأته بحق وجدارة أن يكون المسئول عن الأسرة والمشرف على مستقبل مسارها، ولقد توج رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك المكانة التي للزوج عند زوجته بالحديث الذي رواه الحاكم وأحمد والترمذي وأبو داود أنه قال:لوكنت آمرأحداً أن يسجد لأحد ،لأمرت الزوجة أن تسجدلزوجها؛لعظم حقه عليها

على أن تمليك الشرع للزوج حق الطاعة لا يمنع من اطلاعه زوجته وأولاده الراشدين على بعض القضايا لاستشارتهم وتبادل الآراء معهم، والوصول إلى قناعة مشتركة عند الجميع تلزمهم بتحمل تبعاتها مستقبلاً وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استشار بعض نسائه وأخذ برأيهن.

الحق الثاني الذي للزوج على زوجته: أن تستقر في بيتها فلا تخرج إلا برضاه؛ لأن البيت ميدان وظيفتها الفطرية ونشاطها الطبيعي،وهذا يتطلب منها حضوراً دائماًوملازمة مستمرة تتابع فيهاشئون الأبناء واحتياجاتهم ، وتراعي مصالح المنزل وتدبر شئونه، فيكون واحة للأمن والسكينة والراحة لجميع أفراد الأسرة زوجاً وأبناء. روى أبو داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "حق الزوج على زوجته ألا تخرج من بيته إلا بإذنه، فإن فعلت لعنها الله حتى تتوب أو ترجع".

وقد قام العلماء بتوضيح معاني هذا الحديث فذكروا: أن للزوجة أن تزور أبويها مرة كل أسبوع، ولو لم يأذن الزوج لها بهذا، وذلك لعظم حق الأبوين ووجوب برهما، ولأن هذا الخروج من صلة الرحم، وهي واجبة وتركها معصية، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وكذلك إذا كان أحد أبويها مريضاً فلها عيادته والقيام على تمريضه إن لم يكن هناك من يمرضه ؛ لأن ذلك واجب شرعي، ليس للزوج منعها منه.

كما يسمح للمرأة بالخروج من بيتها في أمر تقدر أنه لا يستتبع غضب زوجها ولا لومه بحسب ما تعرفه فيه بحكم العادة والمخالطة، على أنها لا ينبغي الإكثار من الخروج لئلا يخالف معنى القرار في البيت الذي أمر الله تعالى به في قوله: {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى} الآية 32 من سورة الأحزاب.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة الخامسة عشرة بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*الحقوق التي للزوج على زوجته هي سبعة:

وإن كانت الزوجة ذات حرفة وعمل، كأن تكون

مدرسة أو طبيبة، ورضي زوجها أن تستمر في عملها، فلا بأس بخروجها لأداء واجبات حرفتها، مع احتفاظ زوجها بحقه في منعها من العمل مستقبلاً؛ لأن حقه في استقرارها المنزلي ثابت وأصيل ومستمر، على أن يكون الباعث على المطالبة به مستقبلاً مصلحة الأسرة لا الشقاق والعداوة والرغبة في الخصومة.

أما الحق الثالث الذي للزوج على زوجته فهو القوامة ،ومعناها: الإشراف العام على مسار الأسرة وتوجهاتها وضبط أمورها ضمن أحكام الشريعة، وهو ثابت في الآية 34 من سورة النساء في قوله تعالى: {الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان علياً كبيراً}.

   وليس المراد بالضرب في الآية الإيذاء والإهانة، بل المراد ما كان على وجه التنبيه والإرشاد ولفت النظر، ولا يحل للزوج أن يلطم زوجته على وجهها أو يضربها ضرباً مؤذياً أويسيء إلى كرامتهاوبخاصة أمام أولادهما.  وإن هذا الفعل لا ينسجم مطلقاً مع عمق العلاقات الزوجية وتعانق المشاعر بين الرجل والمرأة.

روى الشيخان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب فذكر

النساء ووعظ فيهن فقال: "يعمد أحدكم فيجلد امرأته جلد العبد فلعله يضاجعها من آخر يومه". بل الزوج العاقل الرشيد لا يضرب زوجته وأمامه طرق أخرى من سبل الإقناع والمحادثة والمحايلة والملاطفة التي تفعل سحرها في النفوس، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة فقد روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم خادماً ولا امرأة قط" وهو الذي يقول فيما يرويه الترمذي: "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي".

هذا، ومن جملة حقوق الزوج على زوجته: ألا تدخل

البيت أحداً يكرهه الزوج لقوله صلى الله عليه وسلم للرجال فيما رواه الترمذي:(فحقكم عليهن أن لايوطئن فرشكم منتكرهون ،ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون" سواء كان الداخل من النساء أو الرجال المحارم، حفاظاً على وحدة البيت واستقراره وسمعته.

ومن حقوق الزوج أيضاً: قيام الزوجة برعاية الأولاد وتدبير شئون المنزل وتيسير أسباب الراحة البيتية لجميع أفراد الأسرة، وقد روى البخاري ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حكم بين علي وفاطمة رضي الله عنهما حين اختلفا في توزيع الأعمال أن جعل على فاطمة خدمة البيت وجعل على علي العمل والكسب.

ومن الحقوق التي للزوج: أن تتجمل وتتزين لزوجها وتحسن هيئتها له ولا تمنعه نفسها، روى أبو داود عن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ألا أخبرك بخير ما يكنز المرء؟ المرأة الصالحة، إذا نظر إليها زوجها سرته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته في نفسها وماله". كما روى أبو داود أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "حق الزوج على زوجته ألا

تمنعه نفسها ولو كانت على ظهر قتب".

ومن حقه عليها: أن تحفظه في نفسها وماله وترعى أسراره ولا تشهر به، ولا تنتقص مقداره بين

 الناس بما تفعله في نفسها وفي سمعته، وهذا معنى

قوله صلى الله عليه وسلم: "وإذا غاب عنها حفظته في نفسها وماله".

[الأنترنت – موقع الملتقى الفقهي - الحقوق الزوجية في الشريعة الإسلاميةأ.د. حسن عبد الغني أبوغدة ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة السادسة عشرة بعد المائتين في موضوع

(الحق) وهي بعنوان:*حقوق الوالدين

  إن حق الوالدين عظيم، وفضائلهما لا تعد ولا تحد. وحبهما لولدهما وخاصة الأم هوأصدق الحب وأخلصه ،فإنك أيهاالإنسان قد تحظى بحب زوجتك وأولادك وأصدقائك، ولكن حب هؤلاء مهما بلغ، فإنه يتضاءل أمام حب الوالدين لك، وإخلاصهما معك، وصدقهما في نصحك ومودتك وإرادة الخير بك.ولذلك كان حقهما عليك عظيمًا، وواجبك نحوهما كبيرًا جليلاً.جاء رجل إلى عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ فقال: يا أمير المؤمنين، أمي عجوز كبيرة، أنا مطيتها أجعلها على ظهري، وأُنحي عليها بيدي، وألي منها مثل ما كانت تلي مني، أوَ أديت شكرها؟ قال: لا. قال: لم يا أمير المؤمنين؟ قال: إنك تفعل ذلك بها وأنت تدعو الله عز وجل أن يميتها، وكانت تفعل ذلك بك وهي تدعو الله عز وجل أن يطيل عمرك. وفي هذا البحث أتحدث عن حقوق الوالدين في الشريعة وفق المحاور التالية:

- الإحسان إلى الوالدين.- الإنفاق على الوالدين.- طاعة الوالدين.- الدعاء للوالدين.

*الإحسان إلى الوالدين

   لقد أمر الله تعالى في آيات كثيرة ببر الوالدين والإحسان إليهما وشكرهما بالقول والفعل، وبين كيفية ذلك في آيتين جامعتين بليغتين، فقال ـ عز من قائل ـ{وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً} [الإسراء 23-24].

فأمر بالإحسان إلى الوالدين، وحذف المعمول، ليعم جميع أنواع الإحسان بالأقوال والأفعال،والبدن والمال.

ثم أكد على أهمية ذلك في حال كبرهما، لأنهما حينذاك أحـوج إلى الـبر والإحسان، واللـطف والرفـق ،

والاحترام والتوقير.

ثم نهى عن إساءة الأدب معهما،وإظهارالتبرم والتأفف لهما، فضلاً عن رفع الصوت عليهما، أو سبهما وشتمهما، أو احتقارهما والتعالي عليهما، فقال ـ سبحانه: { فلا تقل لهما أف } أي: لا تؤذهما أدنى أذية، ولا يصدر منك أدنى شئ يدل على التضجر منهما أوالاستثقال لهما، ووطن نفسك على احتمال ما قد يصدر عنهما من جهل أو خطأ. ثم قال:{ولا تنهرهما } أي: لا ترفع صوتك عليهما، ولا تكلمهما ضجِراً صائحاً في وجهيهما، ولا تنظر إليهما شزرًا وتُحدّ الطرف إليهما، ولا تنفض يدك عليهما زاجرًا لهما ومعترضًا عليهما.

ولما نهى عن القول القبيح والفعل القبيح أمر بمعاملتهما

 بالحسنى قولاً وفعلاً، فقال: { وقل لهما قولا كريما } أي: لينًا طيبًا لطيفًا، بتأدب واحترام وإكرام، وذلك يختلف باختلاف الأحوال والعوائد والأزمان.

ثم قال: { واخفض لهما جناح الذل من الرحمة } أي: تواضع لهما بفعلك، رحمةً بهما، وتذللاً لهما، وعرفاناً بفضلهما، وعاملهما معاملة الخادم الذي ذل أمام سيده، فتطيعهما في المعروف، وتجيب دعوتهما، وتخدمهما وتقضي حاجاتهما، وتغض الطرف عن أخطائهما، وتحرص على كل ما يسعدهما ويريحهما، وتبتعد عن كل ما يؤذيهما ويسخطهما [انظر: تفسير القرطبي: 10/243، وتفسير ابن كثير: 3/35، وتفسير الشوكاني: 3/303، وتفسير السعدي ص: 407.] وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وقال ابن حجر في " تلخيص الحبير " 4/9: وصححه أبو حاتم وأبو زرعة.]

رأى أبوهريرة ـ رضي الله عنه ـ رجلاً يمشي خلف رجل، فقال: "من هذا؟ قال: أبي، قال: لا تدعُه باسمه، ولا تجلس قبله، ولا تمش أمامه"[ رواه البخاري في الأدب المفرد: 44. وذكره ابن عبد البر في بهجة المجالس 2/762، والسيوطي في الدر المنثور 5/263.]

فيجب عليك التلطف معهما، والتودد إليهما بالقول والفعل، وأن تبدأهما بالسلام، وتدعوهما بأحب

الأسماء إليهما، وتتأدب معهما في كلامك ومشيك وطعامك وجميع أحوالك.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة السابعة عشرة بعد المائتين في موضوع

(الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: *حقوق الوالدين -الإنفاق على الوالدين

من حق الوالدين على ولدهما: أن ينفق عليهما إذا احتاجا إلى النفقة وهو قادر غني.[ انظر: بدائع الصنائع 4/34-35، والتفريع 2/113، والمهذب 2/ 166، والمغني 11/ 374.]

وقد دل على وجوب النفقة على الولد إذا كان غنياً لوالده إذا كان فقيرًا:الكتاب والسنة والإجماع والمعقول.

أما الكتاب، فالآيات السابقة التي تأمر ببر الوالدين وشكرهما والإحسان إليهما. ومن أعظم برهما، وأفضل شكرهما، وأحسن الإحسان إليهما: الإنفاق عليهما عند حاجتهما.

وأما السنة، فقول النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وإن ولده من كسبه" وزاد في رواية أبي داود والحاكم: "فكلوا من أموالهم"وفي رواية للنسائي: " إن أولادكم من أطيب كسبكم، فكلوا من كسب أولادكم"[ رواه أبوداود: 3529، والنسائي: 4450، 4452، والترمذي: 1358، وابن ماجه: 2137، 2290، والحاكم: 22944، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.]

قال الكاساني[ بدائع الصنائع 4/30. وانظر نحوه في: سنن الترمذي 3/640، ومعالم السنن للخطابي 5/1833.: " ] والحديث حجة بأوله وآخره، أما بآخره فظاهر، لأنه صلى الله عليه وسلم أطلق للأب الأكل من كسب ولده إذا احتاج إليه، مطلقًا عن شرط الإذن والعوض، فوجب القول به.

وأما بأوله، فلأن معنى قوله " وإن ولده من كسبه " أي: كسب ولده من كسبه، لأنه جعل كسب الرجل أطيب المأكول، والمأكول كسبه لا نفسه، وإذا كان كسب ولده كسبَه، كانت نفقته فيه "

وأما الإجماع، فقد قال ابن قدامة: "حكى ابن المنذر،

 قال: أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين اللذين لا كسب لهما، ولا مال، واجبة في مال الولد"    [ المغني 11/373. وانظر: بدائع الصنائع 4/30.]

وأما المعقول، فلأن الإنسان بعض والده، فكما يجب

عليه أن ينفق على نفسه وأهله، فكذلك على أصله.  [ انظر: المغني 11/373.]

ولأن إنفاقه على والده، مجازاة له على بعض إحسانه إليه في صغره من تربيته وإعداده، وبره والعطف عليه. فكان إنفاقه عليه عند حاجته واجبًا، لأنه من باب شكر النعمة. [انظر: بدائع الصنائع 4/30.]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة الثامنة عشرة بعد المائتين في موضوع

(الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*حقوق الوالدين - طاعة الوالدين

بر الوالدين يقتضي طاعتهما بالمعروف، فإذا أمر الوالد

ولده بأن يقضي له حاجة، أو يحقق له مصلحة ً، أو أن يفعل شيئاً أو يتركه، وجب عليه المبادرة إلى ذلك من غير تلكؤ ولا تردد، ولا تبرم ولا تأفف، فإن كان ثمة مانع شرعي أو حسي يمنعه من الاستجابة لأمره اجتهد في الاعتذار إليه، وتلطف في استرضائه وبيان السبب الذي يحول بينه وبين ما أراده منه، قال الله تعالى: {فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً} [الإسراء: 23] فنهى عن مجرد التأفف معهما، فما بالك بمعاندتهما وعصيان أمرهما؟ وقال تعالى: { أن اشكر لي ولوالديك } [لقمان: 14] وقال: { واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً } [النساء: 36]،     وليس من شكرهما والإحسان إليهما  : معصيتهما، ومخالفة رغبتهما.

وقال عز وجل: {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا} [لقمان: 15]   وقد دلت الآية على وجوب طاعة الوالدين بالمعروف من وجهين:

الأول: أنه نهى عن طاعتهما فيما يأمران به ولدهما من معصية الله تعالى والإشراك به. فدل ذلك على أنهما إذا أمراه بشئ لا معصية فيه من مباح أو مشروع،

 وجب عليه طاعتهما.

الثاني: أنه أمر الولد بمصاحبة والديه بالمعروف ولو

 كانا يجاهدانه على الشرك، وليس من المصاحبة بالمعروف عصيان أمرهما، والخروج عن طاعتهما.

ويدل على وجوب طاعة الوالدين كذلك: أن الجهاد في سبيل الله إذا لم يكن فرض عين لا يصح إلا بإذن الوالدين المسلمين.[ فأما إن كان أبواه غير مسلمين فلا إذن لهما، لأن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يجاهدون وفيهم من له أبوان كافران، من غير استئذانهما، بل ربما قاتل أحدهم أباه المشرك، كما فعل أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة كان مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر وأبوه من رؤوس المشركين يومئذ، وقد قتل هناك، وقاتل أبو عبيدة أباه فقتله.

ولأن طاعتهما حينئذ فيها معونة للكفار، وهما متهمان في الدين، فلا يعتبر إذنهما. [انظر: المغني 9/171، والكافي 4/254، وغذاء الألباب 1/386]لأن طاعة الوالدين واجبة،والجهاد في هذه الحال مستحب،فلا يترك الواجب لأجل أمر مستحب

قال ابن قدامة في[ المغني 9/170، والكافي 4/254، والآداب الشرعية 1/434.]

: " ومن كان أحد أبويه مسلمًا لم يجز له الجهاد تطوعًا إلا بإذنه. روي نحو ذلك عن عمر، وعثمان. وبه قال مالك، والأوزاعي، والثوري، والشافعي، وسائر أهل

العلم " واحتج بالأحاديث المشهورة في ذلك، وقد

سبق ذكر بعضها

وقال في حج التطوع [ الآداب الشرعية 1/434.] : للوالد منع الولد من الخروج إليه، لأن له منعه من الغزو، وهو من فروض الكفايات، والتطوع أولى.

وذكر الكاساني [ بدائع الصنائع 7/98.] نحوًا مما ذكره ابن قدامة، ثم قال: " والأصل أن كل سفر لا يؤمن فيه الهلاك، ويشتد فيه الخطر، لا يحل للولد أن يخرج إليه بغير إذن والديه،لأنهما يشفقان على ولدهما فيتضررانبذلك

وكل سفر لا يشتد فيه الخطر يحل له أن يخرج إليه بغير إذنهما إذا لم يضيعهما، لانعدام الضرر ".

وهذا إذا لم يكن الجهاد فرض عين، فإن كان كذلك

 فلا يعتبر إذنهما كبقية فروض الأعيان من صلاة الجمعة، والجماعة، وصوم رمضان، والزكاة الواجبة، والحج الواجب، وطلب العلم الواجب، وغيرها. بل ليس لهما منعه من أداء ما افترضه الله عليه، فإن فعلا فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة التاسعة عشرة بعد المائتين في موضوع

(الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*حقوق الوالدين - طاعة الوالدين

قال الإمام أحمد في الرجل ينهاه أبوه عن الصلاة جماعة؟ قال: ليس له طاعته في الفرض.[ الآداب الشرعية 1/434، وغذاء الألباب 1/385.]

ومن عجائب القصص في هذا الباب: قصة جريج العابد مع أمه، التي أخبر بها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ناصحًا لأمته، ومحذراً من تجاهل أمر الوالدين والتشاغل عنهما،ومبينًا خطورة دعوة الوالد على ولده.

عن حميد بن هلال عن أبي رافع عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: " كان جريج يتعبد في صومعة، فجاءت أمه، قال حميد: فوصف لنا أبو رافع صفة أبي هريرة لصفة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمَّه حين دعته، كيف جعلت كفها فوق حاجبها ثم رفعت رأسها إليه تدعوه، فقالت: يا جريج، أنا أمك كلمني. فصادفته يصلي، فقال: اللهم أمي وصلاتي. فاختار صلاته. فرجعت ثم عادت في الثانية فقالت: يا جريج، أنا أمك فكلمني. قال: اللهم أمي وصلاتي، فاختار صلاته. فقالت: اللهم إن هذا جريج وهو ابني وإني كلمته فأبى أن يكلمني، اللهم فلا تمته حتى تريه المومسات. قال: ولو دعت عليه أن يفتن لفتن. قال: وكان راعي ضأن يأوي إلى ديره. قال فخرجت امرأة من القرية فوقع عليها الراعي، فحملت فولدت غلامًا، فقيل لها: ما هذا؟قالت: من صاحب هذا الدَّير[ الدير: هو الصومعة.]

 قال فجاؤوا بفؤوسهم ومساحيهم فنادوه، فصادفوه يصلي فلم يكلمهم. قال: فأخذوا يهدمون ديره، فلما رأى ذلك نزل إليهم، فقالوا له: سل هذه. قال: فتبسم، ثم مسح رأس الصبي فقال: من أبوك؟ قال: أبي راعي الضأن. فلما سمعوا ذلك منه قالوا: نبني ما هدمنا من ديرك بالذهب والفضة. قال: لا، ولكن

أعيدوه ترابًا كما كان، ثم علاه "[ رواه البخاري: 1148، ومسلم: 2550.]

فتأمل كيف استجاب الله دعوة أمه عليه، مع أن

الذي منعه من إجابتها ليس اللهو واللعب، أو النوم والكسل، أو الاشتغال بأمور الدنيا، أو قصد معاندتها وتجاهلها، وإنما الذي منعه: اشتغاله بعبادة عظيمة كره أن يقطعها !!

ثم تأمل كذلك قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "ولو دعت عليه أن يفتن لفتن،أي: أنها مع غضبها عليه عذرته ورفقت به، فقصرت الدعاء عليه بمجرد رؤية وجوه المومسات ، ولو دعت عليه بفعل الفاحشة، لابتلي بها.

وقد دل الحديث كذلك على أن من شرع في صلاة

نافلة ثم دعاه أحد والديه، وهو يعلم أ نه يتأذى بانتظاره، أو يغضب عليه لتأخره عن إجابته، فإنه يقطع صلاته ولا حرج عليه، لأن إجابة الوالد واجبة، وإتمام النافلة مستحب. لكنه إن كان يغلب على ظنه أن والده لن يتأذى بذلك، أو أنه لو علم أنه في صلاة لعذره، فيتمها خفيفة ثم يجيبه.

    ودل الحديث كذلك على أن والده لو منعه من الشروع في نافلة من صلاة أو صيام أو اعتكاف أو قراءة أو غيرها،فإنه لا يجوز له معاندة والده ومراغمته، لأن فعلها مستحب، وطاعة الوالد فرض، فلا يترك الفرض من أجل المستحب. لكنه إن استطاع أن يفعلها من دون علمه، وهو لا يتضرر بذلك، ولا يفوت عليه مصلحة كلفه بفعلها، فله أن يفعلها.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة العشرون بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: *حقوق الوالدين - طاعة الوالدين

سئل الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ: إذا أمره أبواه أن لا يصلي إلا المكتوبة؟ قال: يداريهما ويصلي.

وقال أيضًا في رجل يصوم تطوعًا، فسأله أبواه أو أحدهما أن يفطر: يروى عن الحسن أنه قال: يفطر وله أجر البر وأجر الصوم إذا أفطر.

وقال في غلام يصوم وأبواه ينهيانه عن صوم التطوع: ما يعجبني أن يصوم إذا نهياه، ولا أحب أن ينهياه. يعني عن التطوع.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " ففي الصوم، كَرِه

 الابتداء فيه إذا نهياه واستَحَب الخروج منه، وأما الصلاة، فقال: يداريهما ويصلي ".

وقال ابن مفلح: " وقد نص أحمد على خروجه من صلاة النفل إذا سأله أحد والديه. ذكره غير واحد "   [ الآداب الشرعية 1/433، وغذاء الألباب 1/384ـ385.]

وقال ابن حجر [ فتح الباري: 6/483. ] : " والأصح عند الشافعية أن الصلاة إن كانت نفلاً وعلم تأذي الوالد بالترك وجبت الإجابة وإلا فلا... وعند المالكية أن إجابة الوالد في النافلة أفضل من التمادي فيها ".

*الدعاء للوالدين

حق الوالدين عظيم، ومهما اجتهد الولد في برهما

والإحسان إليهما، فلن يوفيهما حقهما، ويشكر فضلهما، وإن من شكرهما أن يكثر من الدعاء لهما في حياتهما وبعد موتهما كما قال تعالى:{وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً}[الإسراء 244].

فهكذا علم الله عباده، وبهذا أمرهم أن يدعوا لوالديهم بالرحمة أحياءً وأمواتًا، جزاء رعايتهم لهم وإحسانهم إليهم. قال ابن جرير [ تفسير الطبري 15/50.]: " ادع الله لوالديك بالرحمة، وقل رب ارحمهما وتعطف عليهما بمغفرتك ورحمتك كما تعطفا علي في صغري، فرحماني وربياني صغيرًا، حتى استقللت بنفسي واستغنيت عنهما ".

وكما دعا نوح ـ عليه الصلاة والسلام ـ لوالديه فقال: {رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمناً وللمؤمنين والمؤمنات} [نوح: 28] فدعا لوالديه بعد دعائه لنفسه، ولم يقدم عليهما أحداً، لا زوجاً، ولا قريباً، ولا صديقاً.

وحكى الله عن إبراهيم ـ عليه الصلاة والسلام ـ قوله: {ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب} [إبراهيم: 41] فدعا لوالديه بالمغفرة بعد دعائه لنفسه مباشرة، وكان هذا قبل أن يتبرأ من أبيه، لما تبين له أنه عدو لله عز وجل .[ انظر: تفسير ابن كثير 2/542.]

ويقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: " إذا مات ابن آدم انقطع عمله

 إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له "[ رواه مسلم: 1631.] ، ثم قال: " ولأن بر الوالدين فرض عين، والجهاد فرض كفاية وفرض العين يقدم "فجعل من علامات صلاح الولد دعاءه لوالديه بعد موتهما، حيث تكون حاجتهما إلى الدعاء حينذاك أشد من حاجتهما إليه في حال الحياة.

[الأنترنت – موقع حقوق الوالدين في الشريعة الإسلامية  -رسالة الإسلام - أ.د. عبدالعزيز بن فوزان الفوزان                                                                                                                                                                                                                                                            

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة الواحدة والعشرون بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي بعنوان:

*حقوق الطفل في الشريعة الاسلامية

    الطفولة هي المرحلة التي يعيشها الإنسان وهو تحت سن الثامنة عشر، و تعرف بأنها كل سن

يقل عن 18 عاماً وهي كلمة مشتقة من طفيل ، و الطفيل هو الذي يعتمد على الآخرين لذلك سمي بالطفل طفلا وتمتد فترة الطفولة حتى يصبح هذا المخلوق بالغاً ناضجاً, وتبدأ هذه الفترة من لحظة الولادة ويكون للطفل فيها عائل يكفله ويهتم به. ووفقاً لهذا التعريف تكون مرحلة الطفولة عند الإنسان أطول منها عند الكائنات الحية الأخرى, فهي تمتد من لحظة الولادة حتى الثامنة عشر من العمر ، يمر الطفل بمراحل مختلفة في نموه وتتعدد مراحل الطفولة كالتالي :

مرحلة الجنين : وتبدأ من الحمل وتنتهي بالولادة. ومدته غالباً تسعة أشهر، وهنا الطفل جزء من الام.

مرحلة الرضاعة : وتبدأ من ولادة الطفل حتى نهاية

العام الثاني من عمره.

كما يقسم علماء النفس و التربية الطفولة إلى فترات و ادوار كالتالي:

مرحلة الطفولة المبكرة : و تبدأ هذه المرحلة من ثلاثة سنوات حتى خمس سنوات.

مرحلة الطفولة الوسطى: وتبدأ هذه المرحلة من خمس سنوات حتى العام التاسع.

مرحلة الطفولة المتأخرة : وتبدأ هذه المرحلة من تسع سنوات حتى العام الثاني عشر.

مرحلة المراهقة: و تبدأ هذه المرحلة من العام الثاني عشر حتى العام الرابع عشر أو العام السابع عشر.

واهتم الإسلام بالأطفال وخصص لهم حقوقا مختلفة وسنذكر في النقاط التالية حقوق الطفل في الاسلام :1-  حقوق قبل الولادة :

حرص الدين الحنيف أن يأتي هذا الطفل نتاج علاقة شريعة بين الاب والام لضمان الامان

والاستقرار للطفل: وهي كتالي :-

أ‌)  حق التكافؤ بين الطرفين : الطفل الذي ينشأ بين أبوين متنافرين ينشأ معقداً نفسياً.

ب‌) حق اختيار الزوجة الصالحة وكذلك للمرأة اختيار الزوج الصالح: حث صلى الله عليه وسلم على اختيار الزوجة المستقبلية ذات الدين والخلق فقال علية الصلاة والسلام( فأضفر بذات الدين تربت يداك). كذلك حث الرسول عليه أفضل الصلوات و التسليم ولي أمر المرأة على اختيار الزوج الصالح(إذا جاءكم من ترضون أمانته وخلقه فأنكحوه كائنا من كان ، فإنلا تفعلوا تكن فتنة في الارض وفساد كبير).

ت‌) حق سلامة الطفل على المرأة الحامل: فقد حرم الدين الاسلامي الشريف الاجهاض أو تعريض الجنين لخطر مقصود يؤثر على صحته ونموه( إهمال التغذية السليمة ، مراجعة الطبيبة في فترات الحمل ..)

ث‌) حق النفقة: شرع الاسلام على الوالد الانفاق على ابنه في حمله و رضعته قال تعالى:{ وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ}.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة الثانية والعشرون بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*حقوق الطفل في الشريعة الاسلامية

 2-  حقوق الطفل بعد الولادة :-

أ‌) حق الاستقبال وإظهار السرور به : الاطفال

نعمة من نعم الله على خلقه، ومن حق المولود أن يظهر والديه السرور بقدمة لذا كانت البشارة بالمولود و التهنئة مستحبة. و إظهار السرور يشمل المولود الذكر والانثى. قال تعالى { يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرك بِغُلَامٍ اِسْمه يَحْيَى }.

ب‌) حق الحياة :صان الدين الاسلامي الشريف حياة الطفل وحرم ازهاق روحه قال تعالى{ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا }.

ت‌) حق النسب :من حق الطفل ثبوت نسبه إليهما. فإذا ثبت نسبه إلى والده فانه يثبت له

بناء على ذلك كافة حقوقه الأخرى. ونسب الطفل إلى ابيه فيه حماية له من الضياع و التشرد و

المعرة فتصان كرامته.

ث‌) حق الطفل في الاسم و الجنسية :من حق الطفل الحصول على جنسية والديه و في حالة الأطفال مجهولي الهوية يحصل الطفل على جنسية البلد الذي ولد فيها، وعلى الدولة له حق الرعاية.

ج‌) حق ذكر اسم الله في أذنه: يسن الاذن في اذن المولود كما أذن صلاة الله عليه وسلم مع الحسن أبن علي رضى الله عنه.

ح‌)  حق الرضاعة: قرر الاسلام للطفل حق

الرضاعة الطبيعية من حليب أمه حولين كاملين ( عامين كاملين) فالرضاعة تمد الطفل بالغذاء و تقوي الصلة العاطفية بينه وبين أمه.

خ‌) حق النفقة: أوجب الاسلام حق النفقة للطفل حتى اذا استقل عنه والده، وتشمل النفقة: الاكل والملبس و توابعهما وتكون في حد الاعتدال ومقدرة الاب.

د‌) حق الطفل في الاعاشة من بيت مال المسلمين عن الحاجة: لقد كفل الاسلام حق النفقة للطفل حتى إذا لم يكن له أب أو أقارب ، وذلك بانتقال واجب تأدية هذا الحق إلى الدولة بمؤسساتها المالية. هذه المساعدة تزداد قيمتها مع تقدمه في السن. بصرف النظر عما إذا كان طفلاً شرعياً أو مجهول النسب .

ذ‌)  حق الطفل في العقيقة: من مظاهر تعبير الوالد سروره بالمولود الجديد أن يذبح ذبيحة في اليوم السابع من ولادته إن كان قادر على ذلك .

ر‌)  حق الطفل في تنظيفه وحلق شعره و التصدق عنه:من مظاهر عناية الاسلام بالطفل أنه حث على تنظيفه و إزالة الاذى عنه . حيث شرع حلق شعر رأسه في اليوم السابع والتصدق يوزن شعره فضة على الفقراء والمساكين. قال صلى الله عليه وسلم ( الغلام مرتهن بعقيقته يذبح عنه في اليوم السابع، و يسمى، ويحلق رأسه) . 

     إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة الثالثة والعشرون بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*حقوق الطفل في الشريعة الاسلامية

ز‌)  حق الطفل في الرحمة والحب والاشباع العاطفي: أوجب الاسلام على الوالدين أحاطه الطفل بجو الحب و الرحمة ليتحقق له الاشباع العاطفي. في حين أن الجو الاسري غير الملائم و المشحون بمواقف القسوة و الحرمان ينعكس على شخصية الطفل و يجعلها مضطربة. عن أبي هريرة رضى الله عنه، قال – قبل الرسول صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي وعنده الاقرع بن حابس التميمي جالس فقال الاقرع : إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحد. فنظر عليه السلام إليه وقال: من لا يَرحم لا يُرحم.

س‌)  حق الطفل في الحضانة: مما لا شك فيه أن تربية الطفل في أحضان ابويه معاً له دور إيجابي في نموه نمو سليم . وذلك عنيت الشريعة الاسلامية بترابط الاسرة و استقرارها. ومدة الحضانة حتى سبع سنين.

ش‌)  حق الولاية في الصغر: الولاية تبدأ بعد سن الحضانة و يتولى الاب فيها امور و مصلحة الطفل حتى يبلغ سن الرشد.

ص‌)  حق الطفل في الرعاية الصحية و العلاج: من خلال المحافظة على النظافة الشخصية للطفل، إبعاده عن المرضى ، وتعليمه قواعد النظافة الصحيحة.

ض‌)  حق الطفل في اللعب: يعتبر اللعب للطفل حاجة فطرية وأساسية لا يمكن الاستغناء عنها فاللعب جزء من عملية البناء العقلي والجسمي كما أنه الوسيلة التي تعمل على تطويرانماط السلوك للطفل ،ونساعده على التفاعل الاجتماعي والتكيف و الانتماء

ط‌) حق الطفل في التربية والتأديب: أن العناية بالطفل وتربيته التربية الصالحة و تأديبه بآداب الاسلام من أكبر و واجبات الآباء الي فرضها الدين الحنيف عليهم. قال صلى الله عليه و سلم ( كللكم راعي وكلكم مسؤول عن رعيته) .و الراعي كما هو عليه حفظ من أسترعى و حمايته والتماس مصالحه. فكذلك عليه تأديبه وتعليمه.

ظ‌) حق الطفل في التعليم: التعليم في الاسلام حق أساسي لكل أنسان صغيراً أو كبيراً و يحظى في الاسلام بتقدير عظيم قال تعالى:( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ). وفترة الطفولة من أخصب الفترات في البناء العلمي والفكري للإنسان، حيث تتحدد فيها شخصيته وتتميز هويته، ولذلك دعا الاسلام رب الاسرة إلى تعليم أهله و الاهتمام بهم وعدم الاقتصار على السعي في رزقه فقط.

ع‌) حق الطفل في العدالة و المساوة بينه و بين إخوته: أمر الاسلام الوالدين في المساوة في المعاملة بين الابناء ذكور وإناثاً،قال صلى الله عليه وسلم:اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم" متفق عليه.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة الرابعة والعشرون بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*حقوق الطفل في الشريعة الاسلامية

غ‌)  حق الطفل في عدم استخدامه قبل بلوغ السن المناسبة: لا شك أن الطفولة مرحلة مهمة في حياة الإنسان، لما في ذلك من تأثير كبير على شخصيته في مراحل حياته المختلفة؛ ولأن حاجة الإنسان فيها للرعاية والعناية أكبر؛ لضعف الطفل ونقص قدراته الذاتية، فوضع الاسلام ضوابط تحمي الطفل من

العمالة أو الاستخدام له قبل بلوغه سن المناسبة.

ف‌) حق الطفل في الحماية وقت الحروب و الغوث و المساعدات عند الكوارث: وللطفل في حالات الطوارئ والكوارث والمنازعات المسلحة أولوية الحماية والرعاية الخاصة بالمدنيين من حيث عدم جواز قتله أو جرحه أو إيذائه أو أسره، وله أولوية الوفاء بحقوقه في المأوى والغذاء والرعاية الصحية والإغاثة، انطلاقا من أدب الإسلام في الحروب عموما؛ حيث أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم قادة الجيوش قائلا: "انطلقوا باسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله ولا تقتلوا شيخا فانيا ولا طفلا ولا صغيرا ولا امرأة..."

ق) حق الطفل في المشاركة وإبداء الرأي: للطفل الحق في حرية التعبير، بما لا يتنافى مع

تعاليم الإسلام وآدابه.وله الحق في تكوين أرائه الخاصة في جميع المسائل التي تخصه. كما ثبت عن عمر بن الخطاب – رضى الله عنه_ وهو خليفة مر بالطريق فهرب الصبية خوفاً و هيبة منه، لكن عبدالله بن الزبير لم بفر، فساله عمر لما لم تفر مثل أصحابك ؟ فأجابه الغلام بثقة: ليست

الطريق بضيقة عليك فأوسع لك، ولم أرتكب ذنباً فأخاف منك.

[الأنترنت – موقع حقوق الطفل في الشريعة الاسلامية - أ. سهام اليماني - أخصائية اجتماعية

برنامج الأمان الأسري الوطني ، المنطقة الغربية]

*حقوق الأبناء

  الأولاد ... نعمة من نعم الله- عز وجل - ، هذه النعمة رفعت الأكف إلى الله بالضراعة أن يكرم أصحابها بها، فقال الله عن نبي من أنبيائه : { رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ } وقال الله عن عباده الأخيار : { وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً } .

الأولاد والذرية تقر بهم العيون وتبتهج بهم النفوس وتطمئن إليهم القلوب إذا طابوا وقام الوالدان على رعاية الأولاد والعناية بهم وأداء حقوقهم كاملة على

الوجه الذي يرضي الله- عز وجل - .

وحقوق الأولاد قسمها العلماء إلى قسمين :

القسم الأول : ما يسبق وجود الولد .

والقسم الثاني : ما يكون بعد وجوده . فالله حمل الوالدين المسئولية عن الولد قبل وجود الولد وحملهما المسئولية عن تربيته ورعايته والقيام بحقوقه بعد وجوده .

فأما مسئولية الوالدين عن الولد قبل وجوده فإنه يجب على الوالد ويجب على الوالدة أن يحسنا الإختيار ، فيختار الأب لأولاده أما صالحة ترعى حقوقهم وتقوم على شئونهم ، أماً أمينة تحفظ ولا تضيع وعلى الأم أيضاً أن تختار زوجاً صالحاً يحفظ أولادها ويقوم على ذريتها فاختيار الزوج والزوجة حق من حقوق الولد ، ولذلك قال-صلى الله عليه وسلم-: ( تنكح المرأة لأربع ، لدينها وجمالها ومالها وحسبها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك ) .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة الخامسة والعشرون بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: *حقوق الطفل في الشريعة الاسلامية

اظفر بذات الدين حتى ترعى الذرية وتقوم على إصلاحها وتربيتا على نهج ربها ، اظفر غنيمة وفوز .

وكذلك المرأة تختار الزوج الصالح الذي ترضى دينه وأمانته وخلقه وإذا أساء الرجل في اختيار زوجته ونظر إلى حظه العاجل من جمال ومال ونسي حقوق أولاده فإن الله يحاسبه حتى ذكر بعض العلماء : أن الزوج لو أختار الزوجة وعلم أنها لا تحسن إلى ذريته من بعده فإن الله يحمله الإثم والوزر لما يكون منها من إساءة إلى ولده ، وكذلك المرأة إذا لم تحسن الاختيار لزوجها وعلمت أنه زوج يضيع حقوق أولاده وفرطت وتساهلت وضيعت فإن الله يحاسبها عما يكون من إثم ذلك الزوج وأذيته لأولادها ، حق على الوالدين أن يحسنا الإختيار وأن يكونا المنبت الطيب هو الذي يبعث عنه الإنسان ، فالناس معادن كما أخبر سيد البشر- صلى الله عليه وسلم- فيهم المعدن الكريم الذي طابت أصوله وإذا طابت الأصول طابت الفروع .

إن الأصول الطيبات لها فروع زاكيه ، والله- عز وجل - يقول : { ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ } فإذا كان معدن المرأة كريماً من بيت علم أو دين أو عرف بالصلاح والإستقامه فإنه نعم المعدن ونعم الأمينة التي ستحفظ الأولاد والذرية في الغالب ، وكذلك الرجل إذا كان معدنه طيباً فإنه سيكون حافظاً لأولاده ، ولا يعني هذا أن المرأة إذا ابتليت بزوج مقصر أنها تيأس بل ينبغي عليها أن تحاول وأن تستعين بالله في إصلاح ذريتها وأولادها فإن الله- عز وجل - يقول : { يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ } فربما يكون الزوج غير صالح ؛ ولكن الله يخرج منه ذرية صالحة وقد يكون الزوج صالحاً ويخرج الله منه ذرية غير صالحة .

أخرج الله من أبي جهل عكرمة وهو من خيار أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم- وقائد من قواد المسلمين وعظم بلاؤه في الدين وقد يخرج الميت من الحي كما في ولد نوح- عليه الصلاة والسلام - .

فالمقصود أن الأصل والغالب أنه إذا طاب معدن المرأة أن يطيب ما يكون منها من ذرية هذا هو الحق الأول ، وإذا أختار الإنسان الزوجة فمن حقوق ولده أن يسمي عند إصابة أهله ؛ لأن النبي- صلى الله عليه وسلم- ذكر التسمية عند الجماع أنها حرز وحفظ من الله للولد من الشيطان الرجيم قال العلماء : وهذا حق من حقوق الولد على والده إذا أراد أن يصيب الأهل .

وإذا كتب الله بخروج الذرية فليكن أول ما يكون من الزوج والزوجة شكر الله- عز وجل - من أراد أن يبارك الله له في نعمة من نعمه فليشكر الله حق شكره ؛ لأن النعم لا يتأذن بالمزيد فيها والبركة إلا إذا شكرت ، وإذا نظر الله إلى عبده شاكراً لنعمه بارك له فيما وهب وأحسن له العاقبة فيما أسدى إليه من الخير .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة السادسة والعشرون بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: *حقوق الطفل في الشريعة الاسلامية

فأول ما يغرس الوالدان في قلب الولد الإيمان بالله-

عز وجل - الذي من أجله خلق الله خلقه وأوجدهم . { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ } فأول ما يعتني به غرس الإيمان وغرس العقيدة لا إله إلا الله تغرس في قلب الصبي فيعتقدها جنانه ويقر بها وينطق بها وينطق بها لسانه وتعمل بها وبلوازمها جوارحه وأركانه قال الله-تعالى- : { وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } فأول ما ابتدأ به وأول ما قام ودله عليه في وعظه ونصحه وتوجيهه أن ذكره بحق الله- عز وجل - وبين له أن ضياع هذا الحق هو الظلم العظيم ؛ لأن الظلم وضع الشيء في غير موضعه وليس هناك أعظم من أن يصرف حق الله-جل وعلا- في عبادته لغيره كائن من كان ذلك الغير ، ولهذا وعظ لقمان وابتدأ موعظته بهذا الأصل العظيم .

فأول ما ينبغي على الوالدين أن يغرسا في قلب الصبي الإيمان بالله- عز وجل - هو أطيب وأكمل وأعظم ما يكون من الأجر أن يغرس الأب وتغرس الأم في قلب الولد الأيمان بالله- عز وجل - وهو فاتحة الخير واساس كل طاعة وبر لا ينظر الله إلى عمل العامل أو قوله حتى يحقق هذا الأصل ويرعاه على أتم الوجوه وأكملها ، ولذلك لما ركب عبد الله بن عباس-رضي الله عنهما- مع رسول الأمه- صلى الله عليه وسلم- وهو صغير السن ركب وراء رسول الله-صلى الله عليه وسلم- أختار-عليه الصلاة والسلام- أن يأخذ بمجامع قلبه وهو في صغره إلى توحيد الله- عز وجل - : (( - يا غلام - ألا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن )) وأنظر إلى الأسلوب : (( - يا غلام - ألا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن ينفعك الله بها نفع الدين والدنيا والآخرة احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، إذا سألت فسأل الله ، وإذا استعنت فأستعن بالله وأعلم أن الخلق لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام وجفت الصحف )) . ملأ قلبه بالله ملأ قلبه بالأيمان والعبودية والتوحيد وإخلاص التوجه لله - عز وجل - . احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك فأخذ بكليته إلى الله واجعل الله نصب عينيك كأنه يقول اجعل الله نصب عينيك ، إذا سألت فكنت في فاقه وضيق وشده فسأل الله وإذا استعنت وألمت بك الأمور ونزلت بك الخطوب والشدائد فأستعن بالله ، ثم بعد ذلك ينفض يديه من الخلق وأعلم أن الخلق لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ، ولذلك ينبغي أن يحرص الوالدان على غرس الإيمان بالله .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة السابعة والعشرون بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: *حقوق الطفل في الشريعة الاسلامية

يقول بعض أهل العلم-رحمة الله عليهم- إن الوالد مع ولده يستطيع في كل لحظه أن يغرس الإيمان فالمواقف التي تمر مع الوالد مع ولده ويكون الولد بجواره يذكره فيها بالله ويذكره فيها بوحدانية الله وأن الله قائم على كل نفس بما كسبت وأنه وحده بديع السموات والأرض خالق الكون ومدبر الوجود لا ملجأ ولا منجا منه إلا إليه-سبحانه- ، فإذا نشأ هذا القلب على الفطرة ونشأ هذا القلب على التوحيد نشأ على الأصل العظيم الذي فيه سعادته وصلاح دينه ودنياه وآخرته فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله فتأتي هذه الكلمات النيرات والمواعظ المباركة إلى قلب ذلك الصبي وهو على الفطرة وهو على الإيمان لا تشوبه شائبة كما قال-عليه الصلاة والسلام- : (( كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه )) فيغرس هذا الايمان علي تلك الفطرة فتكون نوراً على نور يهدي الله لنوره من يشاء وعلى هذا ينبغي أن يحرص الوالدان على غرس الإيمان بالله- عز وجل - ، من التربية الايمانية الأمر بالصلاة قال-تعالى- : { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ } وقال-عليه الصلاة والسلام- : (( مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع )) فمن حق الولد على والديه الأمر بالصلاة أن يأمراه بالصلاة في مواقيتها ، قال العلماء : يجب على الوالد وعلى الوالدة أن يعلما الولد كيفية الوضوء وكيفية الطهارة ، واستقبال القبلة ، وصفة الصلاة ، والهدي الذي ينبغي أن تؤدي به هذه العبادة .

والله ما علمت ابنك الوضوء فصب الماء على جسده إلا كان لك مثل أجره ولا حفظته الفاتحة أو شيء من كتاب الله فلفظ لسانه بحرف مما علمته إلا كنت شريكا له في الأجر حتى يتوفاه الله- عز وجل - ولو علم ذريته فأنت شريك له في الأجر فمن دعا إلى الهدى كان له أجره وأجر من عمل به إلى يوم القيامة لا ينقص من أجورهم شيئاً ، وما علمته الصلاة فقام في ظلمة ليل أو ضياء نهار بين يدي الله إلا أجرت على قيامه وكان لك مثل أجره وثوابه ، فخير كثير وفضل عظيم يتاجر فيه الوالد مع الله- عز وجل - وما قيمة الأولاد إذا لم يقاموا على طاعة الله- عز وجل - ويقاموا على منهج الله وتنشأ تلك النفوس على محبة الله ومرضاة الله والقيام بحقوق الله فلا خير في الولد إذا تنكر لحق الله وإذا ضيع الولد حق الله فسيضيع حقوق من سواه ممن باب أولى وأحرى ، فينشأه على اقامة الصلاة ويعوده إنه إذا أذن المؤذن ينطلق إلى بيت الله- عز وجل - عامره بذكره ، ولذلك أمر النبي-صلى الله عليه وسلم- للصلاة لسبع عند نعومة الصبي وصغر سنه حتى إذا كبر ألف ذلك الشيء واعتاده ، كذلك - أيضاً - هذه التربية الايمانية تستلزم التربية على مكارم الأخلاق ومحاسن العادات وما يكون من الإنسان في معاملته مع الناس :

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة الثامنة والعشرون بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: *حقوق الطفل في الشريعة الاسلامية

قال تعالى :{ يَابُنَيَّ أَقِمْ الصَّلاَةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ

عَنْ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ

الأُمُورِ ، وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ، وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ } .

يقول بعض العلماء : هذه الآيات وصايا لقمان منهج في التربية على أكمل شيء ، فهو يجمع بين حق الله وحق عباده ، بل حتى حظ النفس فقد أمره بما فيه قوام النفس واستقامتها حتى في أخلاقها مع الناس ، ولذلك لا تصعر خدك للناس كبرياء وخيلاء ولا تمشي في الأرض مرحاً فالانسان إذا أراد أن يربى ولده يربيه على مكارم الأخلاق فكمال العبد في كمال خلقه كما قال-صلى الله عليه وسلم- : ( أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً ) يعوده الصدق في الحديث وينهاه عن الكذب يعوده حفظ اللسان وينهاه عن أن يرتع لسانه بأعراض المسلمين بالغيبة والنميمة والسب والشتم واللعن ، ولذلك نهى النبي-صلى الله عليه وسلم- المؤمن أن يعد فلوه صغيره ثم لا يفي له ، نهاه لأن الابن إذا رأى من والديه التقصير بالكذب في الوعد نشأ كاذباً-والعياذ بالله- فالولد يتأثر بوالديه فإن رأي منهما خيراً سار على ذلك الخير وأحبه وإن رأى منها الشر سار على ذلك الشر وأحبه والتزمه حتى يصعب أن ينفك عنه عند الكبر-نسأل الله السلامة والعافية- فلذلك ينبغي أن يعود على مكارم الأخلاق ومحاسن العادات كما ذكر العلماء في قوله وعمله وقلبه يقولون في قلبه يغرس الوالد في قلب الابن حب المسلمين فلا يغرس في قلبه الحقد عليهم ولا يغرس في قلبه الحسد ولا يغرس في قلبه البغضاء وإنما يغرس في قلبه حب المؤمنين صغاراً وكباراً ، حب المسلمين خاصة صالحيهم وعلمائهم ودعاتهم ينشئه على حبهم ولو أخذه معه إلى مجالس الذكر حتى ينشأ على حب العلماء والاتصال بهم والارتياح لهم كل ذلك من الأمور المطلوبه من الوالد حتى يقيم قلب الصبي على طاعة الله .

كذلك ينشأه في لسانه على ما ذكرناه في صدق القول

وحفظه عن أعراض المسلمين فإذا جاء يتكلم الابن يعرف أين يضع لسانه وإذا جاء يتحدث يعرف ما الذي يقول وما الذي يتكلم به وهذا يستلزم جانبين ذكرهما العلماء :

الجانب الأول : الأدب الإسلامي ، مِن توقي المحرمات في الألسن وتعويده على أصلح ما يكون في طاعة الله من ذكر الله- عز وجل - كالتسبيح والاستغفار ونحو ذلك من الأذكار ويحبب إلى قلبه تلاوة القرآن هذا بالنسبة للجانب الديني .

الجانب الثاني : الجانب الدنيوي يعوده على الحياء والخجل فلا يكون صفيق الوجه سليط اللسان ويقولون جريء والدك على الكلام هذا لا ينبغي إنما ينبغي أن يعود الحياء أولاً ثم إذا كان جريئاً يكون جرئته منضبطه بالحياء كان-صلى الله عليه وسلم- أشد الناس حياء من العذراء في خدرها .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة التاسعة والعشرون بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: *حقوق الطفل في الشريعة الاسلامية – العدل بين الأولاد

ومن المفاسد التي تترتب على عدم العدل أنها توغر

صدور بعضهم على بعض ، ولذلك حصل ما حصل بين يوسف وإخوته لأنهم : { قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا } ، لذلك لا ينبغي أن يكون الوالد أو الوالدة فى التصرفات والأعمال على تفضيل ولد على ولد وإنما يكون كل منهم على تقوى الله- عز وجل - فيحسنوا إلى الجميع سواء كان ذلك التفضيل من الجانب المعنوى أو الجانب الحسي المادي ، فإذا أعطى الإبن شيئاً يعطي الأنثى كذلك .

واختلف العلماء في كيفية العدل بين الذكر والأنثى ولهم قولان مشهوران :

القول الأول : قال بعض العلماء : المال الذي يعطيه

للذكر يعطي مثله قدراً للأنثى سواء بسواء فإن أعطى هذا ديناراً يعطي هذه ديناراً .

القول الثاني : وقال جمع من العلماء : إن العدل بين الأولاد أن يعطي الذكر مثل حظ الأنثثيين وهذا هو الصحيح ؛ لأنه قسمة الله- عز وجل - من فوق سبع سموات وقال-تعالى- : { وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى } فإن الولد تنتابه من المصارف ويحتك بالناس وتكون مصارفه أكثر من الأنثى ، ولذلك قالوا : يجعل للذكر مثل حظ الإنثيين وهذا هو مذهب طائفة من أهل العلم وهو الصحيح ؛ لأنه قسمة الله- عز وجل - ولا أعدل من الله بين خلقه ، الله- عز وجل - عدل بين عباده ففضل الذكر على الأنثى من هذا الوجه وليس في ذلك غضاضه على الأنثى ولا منقصه .

كذلك أيضاً قد تكون هناك موجبات خاصه أستثناها بعض العلماء من العدل فقالوا : إذا كان أحد الأولاد يتعلم أو يقوم على أمر من الأمور المختصه به يحتاجها لصلاح دينه أو دنياه فلا بأس أن يخص بالعطيه إذا كان عنده عمل ومحتاج اليه قالوا ؛ لأنه من العدل أنه لما تفرغ للعلم أن يعان علىتعلمه ، ولذلك يعطى حقه لما تفرغ لهذا العلم الذي فيه نفعه ونفع العباد ، وهكذا إذا تفرغ لكي يتعلم حداده أو صناعة أو نحو ذلك فإن والده إذا أراد أن يعطيه من أجل هذا التعلم ينفق عليه على قدر حاجته ولا يلزم بإعطاء الأنثى مثل ما يعطيه أو نصف ما يعطيه ؛ لأن الأنثى لا تعمل كعمله فلو أعطى الأنثى مثل ما يعطيه فإنه في هذه الحاله قد ظلم الذكر ؛ لأن الأنثى أخذت من دون وجه ومن دون أستحقاق ، وعلى هذا فإن من حق الأولاد على الوالدين العدل سواء كان ذلك في الجانب المعنوي أو الجانب المادي وكان بعض العلماء يقول : ينبغي على الوالد أن يرعى أحاسيسه ومشاعره ، وكذلك على الوالده ، يرعى كل منهما الأحاسيس والمشاعر خاصة بحضور الأولاد فلا يحاول الوالد أن يميل إلى ولدٍ أكثر من الآخر أثناء الحديث أو يمازحه أو يباسطه أكثر من الأخر ؛ وإنما يراعي العدل في جميع ما يكون منه من التصرفات لمكان الغيرة [الأنترنت – موقع صيد الفوائد - الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي- موقع الشيخ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة الثلاثون بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي بعنوان:

*حقوق المطلقة وحرمة ظلمها

قال الشيخ الدكتور محمد جاد بن أحمد صالح المصري،

المستشار الشرعي إمام وخطيب جامع أبي هريرة بالرياض :

 إن الطلاق حل رابطة مؤسسة الزواج، وهو نظام شرعه الإسلام كعلاج لمرض خطير؛ هو استحالة العشرة بالمعروف بين الزوجين، وجعل إيقاعه حدًا من حدود الله، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ} (الطلاق: 1)، ويمكن للرجل أن يطلق زوجته في طهر لم يجامعها فيه طلقة واحدة على أن يبقيها في بيته وينفق عليها ويحسن إليها طوال فترة العدة، فإن بدا له خلال العدة أن يراجعها في الطلقة الأولى أو الثانية فله ذلك، وإن انتهت العدة ولم يراجع أو كانت الطلقة الثالثة لم يحل له مراجعتها إلا بعقد ومهر جديدين في الطلقة الأولى والثانية، أما بعد الطلقة الثالثة فلابد من أن تنكح زوجًا غيره، زواج رغبة، ويطلقها وتنتهي عدتها منه، فيحل للأول أن يراجعها بعقد ومهر جديدين.

كما حثّ الإسلام على الإحسان إلى المطلقة، فقال: {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ} (البقرة: 236).

وإذا طلقت المرأة لم يجزحرمانها من أبنائها أو الإضرار بها، أو حرمانها من الزواج بغير زوجها الأول.

العدوانية مقابل المطلقة

تعاني المطلقات من تصرفات عدوانيَّة من مطلّقها ومن والديها ومن صديقاتها، ومن مجتمعها، أما مطلقها فإن بعض الأزواج يسعى إلى الإضرار بزوجته وإلحاق الأذى والمشقة بها، وربما آذاها في مالها أو أبنائها أو بدنها، أو أساء إلى عرضها، وهذا من الظلم الذي قال الله سبحانه وتعالى عنه: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} (الأحزاب: 58)، ويقول سبحانه: {لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ} (البقرة: 233)، ويقول الله عزَّ وجلَّ في الحديث القدسي: «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا»، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما من ذنب أجدر من أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخره له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم»،  ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من ضار ضار الله به، ومن شاق شاق به»وعلى المطلق أن يتقي الله في نفسه، ويتوب من ذنبه، ويتحلل من مطلقته ويحسن إليها،وقد قال الله تعالى:{وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ}البقرة: 237

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة الواحدة والثلاثون بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*للمطلقة حقوق :

ليعلم المطلّق أنَّه يجب عليه أن ينفق على زوجته في عدتها، وينفق على أبنائه منها، ولها أجرة الرضاعة لأبنائها منه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته...»، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يقوت».

وكذلك محاولة بعض المطلقين حرمان مطلقته من أبنائها يتعارض مع قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أنت أحق به ما لم تنكحي»، وحتى لو تزوجت فلا يجوز للأب حرمان الأبناء من صلة أمهم وبرها، كما لا يجوز للأم أن تفعل ذلك، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «من فرّق بين الوالدة وولدها فرّق الله بينه وبين أحبته»، ومن الجرائم والمظالم اتهام الرجل لمطلقته وسبها بين أبنائها وبين أهله، ومحاولة الإيقاع بينها وبينهم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن من حسن الخلق، وإن الله يبغض الفاحش البذيء»، ويقول أيضاً: «ليس المؤمن بالطعان ولا باللعان ولا بالفاحش ولا البذيء»، ويقول صلى الله عليه وسلم: «ما جعل الرفق في شيء إلا زانه ولا نُزع من شيء إلا شانه».

ومما يحرم كذلك على المطلّق إفشاء سر زوجته وإذاعته بين الناس، وقد نصّ الفقهاء على أنَّه يحرم

على كل مطلق إفشاء السر إذا كان فيه إضرار وأذى، وما يكون فيه غضاضة عليه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن من أعظم الأمانة عند الله يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرَّها».

وأشد من هذا كله تعليق المرأة مع طردها من بيته، وعدم الإنفاق عليها وعلى أبنائه،والمعلقات يعتبرن في مجتمعنا للأسف قنبلة موقوتة توشك أن تنفجر، وإنني أناشد الأزواج بتقوى الله فيهن والقيام بواجبهن، إما إمساك بمعروف وقيام بالواجب، أو تفريق بإحسان.

وأما الأهل والمجتمع فنناشد الجميع بأن يراعوا ضمائرهم في التعامل مع المطلقات والمعلقات، وأن يحسنوا الظن بهن، وأن يقوموا بواجب الإعانة لهن ومساعدتهن على تجاوز الأزمة والخروج منها بأقل الأضرار، وندائي للمطلقات والمعلقات أنه لا تزال أرض الله واسعة، وفرص الحياة أمامكن، فبادرن إلى الصلة بالله عزَّ وجلَّ وأكثرن من الاستغفار والدعاء والإنتاج بما تيسر، فالموظفة بإتقان عملها، وغير الموظفة بأن تتعلم صنعة تعينها على القيام بالإنفاق على أبنائها، والحذر مما تفعله بعض المطلقات اللاتي يحصلن على مخصصات الضمان، الذي هو من أموال الزكاة، والذي لا يحل إلا للفقراء والمساكين، وبقية الأصناف الثمانية، ولا يحل لغيرهم، فإن أغناك الله بزوج أو أب منفق فاستغني عنه.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة الثانية والثلاثون بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*للمطلقة حقوق :

ثم تحدث الشيخ الدكتور سعيد بن غليفص، عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود، فقال:    مما لا شك فيه أن المطلقة تعاني من ظروف نفسية وحرج اجتماعي لا يقدره إلا النساء المطلقات غالبًا، وذلك نتيجة للكسر الذي تعرضت له،مما يستدعي التضامن من الجميع، لاسيّما أهل المطلقة وقرابتها، من الالتفاف حولها ومواساتها والوقوف معها والسعي في تزويجها بعد انتهاء عدتها ممن تبرأ به الذمة ويكون سببًا في إٍسعادها وتعويضها عما حصل لها، ومما ينبغي أن يُذكر في هذا المقام أن كثيرًا من المطلقات ما طُلقن بسبب سوء فيهن، وإنما وقعن فريسة وضحية لأزواج قد

 ضعف الإيمان والرحمة والإحسان في قلوبهم.

فليس عيبًا أن تطلب المرأة الطلاق حين تجد زوجًا قد قطع صلته بربه، فلا يقيم للصلاة وزنًا، ولا لطاعة الله قيمة، كما أنه ليس قدحًا في المرأة حينما تطلب الطلاق من زوج قد أدمن المخدر والمسكر، وأساء العشرة وخان الأمانة، بل إن بعض الزوجات الكريمات تطلب الخلع في المحاكم الشرعية؛ وذلك لأنها إنسانة تريد الحياة الكريمة والمعاملة السليمة.

*ليس كل مطلقة... فيها عيب

ثم تحدث الشيخ الدكتور نهار بن عبد الرحمن العتيبي، عضو الجمعية الفقهية السعودية، فقال:     قد لا يكون بالضرورة طلاق المرأة لعيب فيها، فربما كان العيب هو في الرجل الذي تسرع في الطلاق، أو بسبب طلب المرأة نفسها للطلاق لعيب في الرجل نفسه، ولا يمكن إصلاح ذلك العيب أو علاجه، ولذلك فإن من القسوة على المطلقات أن يعمم عليهن حكم واحد، وكأن المطلقة هي السبب في الطلاق دون غيرها.

فضل الزواج من المطلقة

الزواج من المطلقة هو أمر محمود، وربما كان ذلك الزواج زواجًا مباركًا على كلا الزوجين، فقد تزوج رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بجميع نسائه وهن ثيبات باستثناء واحدة فقط، وهي عائشة، رضي الله عنها، وأنه من غير المقبول في المجتمع المسلم أن تكثر المطلقات ثم لا يجدن من يتزوج بهن، وعلى هذا الأساس فإنه لابد من معالجة أسباب الطلاق أولاً، وإشاعة التحذير من الطلاق في المجتمع، ثم إذا حدث بعد ذلك طلاق فالواجب على المجتمع أن يراعي أحوال تلك المطلقات، ولو بوجود جمعية تعتني بهن، وتبحث لهن عن الأزواج الأكفاء، فإن المجتمع المسلم هو مجتمع متماسك، وقد شبهه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بالبنيان الذي يشدّ بعضه بعضًا، والمطلقات بلا شك هن جزء من هذا المجتمع، لذلك كان لابد للمصلحين من البحث عن حلول مناسبة تشجع على الزواج بالمطلقات، حتى لو كان ذلك من خلال مساعدة مالية للأزواج الراغبين بالزواج من مطلقة، ولو كان الزوج معددًا، فربما رزق الله الزوجين بولد أو بنت صالحين يدعوان لهما. [الأنترنت – موقع سيدتي - حقوق المطلقة وحرمة ظلمها]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة الثالثة والثلاثون بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي بعنوان:*حق الرسول صلى الله عليه وسلم على أمته

   مع حقوق النبي صلى الله عليه وسلم، تلكم الحقوق التي هي أعظمُ حقوق المخلوقين قدراً، وأجلها مكانة، وأرفعُها شأناً.. فلا حق لمخلوق أعظمُ من حق رسول الله صلى الله عليه وسلم..

إنه حق المصطفى وكفى؛ البشيرُ النذير، والسراجُ المنير، الذي امتن الله به على عباده، فأنارَ القلوب بعد ظلمتها، وأحياها بعد مواتها، وهداها بعد ضلالتها، وأسعدها بعد شِقوتها، وأنار طريقها بعد ليل طويل مظلم بهيم..

إنه الحق الذي أوجبه الله تعالى على عباده، وجعله أصلا من أصْلي الدين، وأساسا تبنى عليه أركان الدين، فذلك ما تقتضيه الشهادتان؛ شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. فلا معبود بحق إلا الله، ولا عبادة لله إلا بما جاء به رسول الله.

فواجب على كل من ينطق بهذه الشهادة، ويَدِينُ لله تعالى بهذا الدين، أن يُحيط بحقوق رسول الله صلى الله عليه وسلم معرفة وعلما، ويلتزم بها اعتقادا وقولا وعملا..

فمن حقوق النبي صلى الله عليه وسلم:

1- الإيمانُ الصادق به صلى الله عليه وسلم؛ وذلك بالتصديق بنبوّته ورسالته، والاعتقاد الجازم بأن الله أرسله للإنس والجن، وتصديقه في جميع ما جاء به وأخبر عنه من الأمور الماضية والمستقبَلة، مع ما يقتضيه ذلك من شهادة باللسان، وطاعة واتباع.. فذلك مما أمر الله تعالى به عباده، فقال سبحانه: ﴿ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [الأعراف: 158].

2- توقيره صلى الله عليه وسلم واحترامه في حياته وبعد مماته؛ حق على الأمة أن توقر نبيها صلى الله عليه وسلم وتعظمه وتجله وتحترمَه، فذلك مما أمر الله به، وجعله طريقا إلى الفلاح، فقال سبحانه: ﴿ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [الأعراف: 157].

لقد أمرَ الله تعالى بتوقير نبيه صلى الله عليه وسلم واحترامه في

حياته، بحُسْنِ الأدَب معه في مجلسه وعند مخاطبته، ونهى عن أذيته ومخالفته، فقال سبحانه: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحجرات: 1 - 5].

كما أوجب الله تعالى على هذه الأمة أن توقرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحترمَه بعد وفاته، عند ذِكره وذكر حديثه وسنته، وسماع اسمه وسيرته... فهو سيدنا وإمامنا وقدوتنا، فمِنْ حقه علينا أن نوقر اسمه وقبرَه وحديثه وشرعَه وسيرتَه... فلا نذكرُ اسمه مجردا كما يَذكرُ بعضنا بعضا، فقد قال سبحانه: ﴿ لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا ﴾ [النور: 63]. ولا نتطاول على سنته وهديه وشريعته، فقد قال سبحانه: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور: 63]. ولا نرفعُ أصواتنا ولا نسيءُ الأدبَ في مسجده وعند قبره، فعن السائب بن يزيد قال: كنتُ قائمًا في المسجد فحصَبَنِي رجلٌ، فنظرت فإذا عمرُ بن الخطاب، فقال: اذهَبْ فائتني بهذين، فجئتُه بهما، فقال: مَن أنتما؟ أو مِن أين أنتما؟ قالا: من أهل الطائف، قال: لو كنتُما من أهل البلد لأوجعتُكما؛ تَرفعان أصواتَكما في مسجدِ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة الرابعة والثلاثون بعد المائتين في

موضوع (الحق) وهي بعنوان:

*حق الرسول صلى الله عليه وسلم على أمته

وسَلفنا الصالحُ خيرُ أسوة لنا في توقير النبي صلى الله عليه وسلم واحترامه، فلقد عرفوا فضلَ النبي صلى الله عليه وسلم وقدْرَه، فأنزلوه المنزلة التي يستحقها، آمنوا به وأحَبّوه، وصدّقوه وأطاعوه، وَوَقروه وعَزّروه...

لا يقطعون أمرا دون مَشُورته، ولا يقومون من مجلسه إلا بعد استئذانه؛ قال تعالى عنهم: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النور: 62].

إذا حضروا في مجلسه جلسوا في سكينة ووقار، كأنّ على رؤوسهم الطير، لا يَحِدّون النظر إليه، ولا يرفعون أصواتهم عنده، ولا يتأخّرون في الاستجابة لأمره؛ فعن عبد الله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنه قال: "كنا إذا قعدنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم نرفعْ رؤوسنا إليه إعظاما له". أخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي.

وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: "وما كان أحدٌ أحبَّ إليّ من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أجلّ في عيني منه، وما كنتُ أطيق أن أملأ عيني منه إجلالا له، ولو سُئِلتُ أن أصِفه ما أطقت؛ لأني لم أكن أملأ عيني منه". رواه مسلم.

3- تعظيمُ شرعِه وحُكمِه وسُنّتِه؛ فما عظّمَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ولا وَقرَه من يَعْترضُ على شرعِه وحُكمِه؛ فعن أبي رافع رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا ألْفِيَنَّ أحدَكم مُتّكِئا على أريكتِه، يأتيه الأمرُ من أمري مما أمَرْتُ به أو نهيْت عنه، فيقول: لا ندري، ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه»[أخرجه الترمذي وأبو داود وابن ماجة والحاكم وصححه ووافقه الذهبي]

والله تعالى يقول: ﴿ فلا وَرَبِّكَ لا يُؤمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 65]. أي: إذا حَكَّموك في أمر من الأمور فعليهم أن يطيعوك في بَواطنهم، فلا يجدُون في أنفسهم حرَجًا ممَّا حكمت به، وينقادون له في الظاهر فيُسلِّمون لذلك تسليمًا كليًّا من غير مُمانَعة ولا مُدافَعة ولا مُنازَعة.

4- محبته أكثرَ من غيره من الخلق؛ فمحبة النبي صلى الله عليه وسلم لا توازيها محبة مخلوق أيا كان؛

 لأن محبة النبي صلى الله عليه وسلم عبادة وطاعة يتقرب بها المسلم إلى الله، وهي أصل عظيم من أصول الدين، ودعامة أساسية من دعائم الإيمان، كما قال تعالى: ﴿ النَّبِيّ أَوْلَى بِالْمُؤمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ﴾ [الأحزاب: 6].. فمحبته صلى الله عليه وسلم أولى من محبة النفس والمال والولد والآباء والأحباب واالنس أجمعين..

فمَن أحبه بصدق فقد علا شأنه وثبت إيمانه؛ ففي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه مِن والِده ووَلَده، والناسِ أجمعين

وَمَن جَفاه وقدّمَ محبة الخلق على محبته فقد خاب وخسر؛ قال الله تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ

اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾ [التوبة: 24]

فلابد أن يكون حُبّنا للنبي صلى الله عليه وسلم أقوى من أيّ حُبّ، ولو كان حُبَّ المرء لنفسه..

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة الخامسة والثلاثون بعد المائتين في

موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*حق الرسول صلى الله عليه وسلم على أمته

ففي صحيح البخاري عن عبد الله بن هشام رضي

الله عنه قال:كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو آخِذٌ بيَدِ عمرَ بن الخطاب، فقال له عمرُ: يا رسول الله، لأنتَ أحَبّ إليّ مِن كل شيء إلا مِن نفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا، والذي نفسي بيده، حتى أكون أحبّ إليك من نفسك». فقال له عمر: فإنه الآن، والله، لأنت أحبّ إليّ من نفسي. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «الآن يا عمر».

فكيف لا نحبه؛ وهو خيرُ من مشى على الأرض، وخيرُ من طلعت عليه الشمس، بل هو شمس الدنيا وضياؤها، وبهجتها وسُرورها.. كمْ هدى به الله من الضلالة، وعلم به من الجهالة، وبصّرَ به من العماية، وأرشد به من الغواية.. فتح الله به أعينا عميا، وآذانا صما، وقلوبا غلفا... فهو أحق الناس بالمحبة والتوقير..

سئل علي رضي الله عنه: كيف كان حبّكم لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: "كان والله أحبّ إلينا من أموالنا وأولادنا وآبائنا وأمهاتنا، ومن الماء البارد على الظمأ".

كيف لا نحبه؛ وهو المحبوب الذي يحبه الجماد، فكيف بالإنسان!.. فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "كان المسجد مسقوفا على جذوع من نخل، فكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطبَ يقوم إلى جذع منها، فلما صُنِعَ له المنبر وكان عليه، فسمعنا لذلك الجذع صوتا كصوْتِ العِشار، حتى جاء النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده عليها فسكنت". رواه البخاري.

وفي هذا يقول الحسن البصري رحمه الله: "يا معشر المسلمين؛الخشبة تحِنّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، شوقاً إلى لقائه، فأنتم أحق أن تشتاقوا إليه".

وعن أنس رضي الله عنه قال: صعد النبي صلى الله عليه وسلم جبل أحُد، ومعه أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، فرجف بهم الجبل، فقال: «اثبتْ أحُد، فإنما عليك نبيّ وصِدّيق وشهيدان». رواه البخاري.

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله

صلى الله عليه وسلم طلع له أحُدٌ،فقال:هذا جبل يُحبنا ونحبه متفق عليه

ومن علامات محبته صلى الله عليه وسلم: الشوق إلى رؤيته ولقائه؛ فقد كان الصحابة رضوان الله عليهم من شدة محبتهم للنبي صلى الله عليه وسلم يشتاقون إليه كلما غاب عنهم. يبين ذلك ما رواه الطبراني عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاء رجل إلى النبي فقال: يا رسول الله؛ والله إنك لأحَبّ إليّ من نفسي، وإنك لأحبّ إلي من أهلي، وأحبّ إليّ من ولدي، وإني لأكون في البيت فأذكرُك فما أصبرُ حتى آتيك فأنظرَ إليك، وإذا ذكرتُ موتي وموتك عرفتُ أنك إذا دخلتَ الجنة رُفِعْتَ مع النبيين، وإني إذا دخلتُ الجنة خشيتُ أن لا أراك؟. فلمْ يَرُدّ عليه النبيّ حتى نزل جبريل بهذه الآية:      ﴿ ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين... ﴾ [النساء:69].

فمَنْ أحَبّ النبي صلى الله عليه وسلم اشتاق إلى رؤيته وتمنى لقاءَه، وهذا ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مِنْ أشدّ أمتي لي حُبّا: ناسٌ يكونون بَعدي، يَوَدّ أحدهم لو رآني بأهله وماله». أخرجه مسلم.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة السادسة والثلاثون بعد المائتين في

موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:*حق الرسول صلى الله عليه وسلم على أمته

    ومن علامات محبته صلى الله عليه وسلم: محبة قرابته وآل بيته وأزواجه؛ تحبهم لقرابتهم من النبي صلى الله عليه وسلم نسبا وصهرا، ولمكانتهم عنده، ولوصيته بتوقيرهم واحترامهم ومحبتهم.. فآلُ بيته أحبابنا، وزوجاته أمهاتنا، وقد قال تعالى:   ﴿ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ﴾ [الأحزاب: 6]..

وفي صحيح مسلم عن زيد بن أرقم قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فينا خطيبا بمَاءٍ يُدْعَى خُمّا بين مكة والمدينة، فحمِدَ الله وأثنى عليه، ووَعَظ وذكّرَ، ثم قال: «أما بعد؛ ألا أيها الناس، فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين، أولهما: كتابُ الله، فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به». فحث على كتاب الله ورَغّبَ فيه، ثم قال:

 «وأهلُ بيتي، أذَكّرُكم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي».

ومن علامات محبته صلى الله عليه وسلم: محبة صحابته رضوان الله عليهم؛ فأهل السنة يحبون الصحابة ويترَضّوْن عليهم، ويحترمونهم، ويَعرفون مكانتهم وقدرَهم؛ فهم الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم، وقدّموا أرواحهم وأموالهم دفاعا عنه وعن دينه صلى الله عليه وسلم، وكانوا معه في السراء والضراء والشدة والرخاء والمنشط والمكره، وهم الذين فتحوا البلدان ونشروا دين الله بين العباد... وقد مدحهم الله تعالى في كتابه وبيّن فضلهم ومكانتهم وجزاءَهم، فقال سبحانه: ﴿ وَالسَّابقونَ الأوَّلونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أبَداً ذَلِكَ الفوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 100].    وقال عز وجل: ﴿ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا * وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً

 يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴾ [الفتح: 18، 19].

5- كثرة الصلاة والسلام عليه؛ فمن حق النبي صلى الله عليه وسلم علينا أن نصلي ونسلم عليه، وهذا حَقّ ثابت بأمر من الله عز وجل لعباده، إكراما لنبيه وتشريفا.. فقال الله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]. فالمحِب لرسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي لا يَمَلّ من كثرة الصلاة والسلام عليه، هو الذي لا يبخل بالصلاة عليه عند سماع اسمه وقراءة حديثه،فقد قال عليه الصلاة والسلام:البخيل مَن ذكِرتُ عنده ثم لم يُصَلّ عَليّ) [أخرجه الإمام أحمد وابن حبان والنسائي والحاكم وصححه]

6- طاعتُه واتباعه؛ حق على الأمة أن تطيع نبيها صلى الله عليه وسلم ولا تعصيه، أن تمتثل ما أمر بفعله، وتجتنب ما نهى عن فعله، فهو المبلغ عن الله رب العالمين، فطاعته دين، واتباعه شريعة.. فقد قال تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَسُولٍ إلا لِيُطَاعَ بإذنِ اللَّهِ ﴾ [النساء: 64].

وطاعة النبي صلى الله عليه وسلم طاعة لله،كما أن مخالفته مخالفة لأمر الله،كما قال تعالى:﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ﴾النساء: 80إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة السابعة والثلاثون بعد المائتين في

موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:*حق الرسول صلى الله عليه وسلم على أمته

وقد أمر الله تعالى بطاعة نبيه في أمره ونهيه فقال عز وجل: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الحشر: 7]. أي: مهما أمرَكُم به فافعَلُوه، ومهما نَهاكم عنه فاجتَنِبوه، فإنَّه إنَّما يأمُر بخيرٍ وإنَّما ينهى عن شرٍّ..

وطاعته صلى الله عليه وسلم تتمثل في السيْر على هديه والتزام سنته، والحذر من مخالفته، وأن لايقارَنَ بأحد أو يُقدّمَ على قولِه قولُ أحد، وأن لا نعبد الله إلا بما شرع، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رَدّ».

متفق عليه.

ومن طاعته صلى الله عليه وسلم: التخلقُ بأخلاقه، والتأدّبُ بآدابه؛ وقد لخصت لنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها خلق النبي صلى الله عليه وسلم حين قالت لمن سألها عنه: "كان خلقه القرآن". أخرجه الإمام أحمد ومسلم، واللفظ لأحمد. وعن أنس رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحسنَ الناس خُلقًا". متفق عليه.

ومن وصاياه صلى الله عليه وسلم لأمته: «اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ

السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ»

[رواه الترمذي عن أبي ذر ومعاذ بن جبل. وقال الترمذي: حديث حسن.]

ومن طاعته صلى الله عليه وسلم: الاقتداء به، والتأسي به في أقواله

 وأفعاله وأحواله؛فقد أمرالله تعالى بذلك فقال سبحانه : ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21].

يقول ابن القيم رحمه الله: "اعلم أن في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، حيا وميتا، وفعلا وقولا، وجميعُ أحوالِه عبرة للناظرين،وتبصرة للمستبصرين،إذ لم يكن أحدٌ أكرمَ على الله منه، إذ كان خليلَ الله وحبيبَه ونَجيّه، وكان صَفيّه ورسوله ونبيه" إعلام الموقعين ج4 ص468.

*أمور تعين على أداء حق النبي صلى الله عليه وسلم:

كيف لنا أن نؤدي حق النبي صلى الله عليه وسلم بهمّة ونشاط، دون

كلل ولا ملل؟.

أولا: اعلم أن أداءك لحق النبي صلى الله عليه وسلم بطاعته واتباعه، علامة على صدق محبتك لربك سبحانه، لقوله تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ *قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾ [آل عمران: 31، 32].

ثانيا: بأدائك لحق النبي صلى الله عليه وسلم بطاعته واتباعه والاقتداء به، يكون سَيْرُك وثباتك على الطريق المستقيم؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم هو مرشِدُ الناس إلى الطريق المستقيم، من اقتفى أثره وأخذ بهديه سارَ على الطريق المستقيم، ومن خالف النبي صلى الله عليه وسلم وابتعد عن هديه انحرف وزاغ عن الطريق المستقيم... فقد قال الله تعالى عن نبيّه ومصطفاه: ﴿ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ ﴾ [الشورى: 52، 53].

 إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة الثامنة والثلاثون بعد المائتين في

موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:*حق الرسول صلى الله عليه وسلم على أمته

شهادة من الله عز وجل أن الهداية في اقتفاء أثر نبيه ومصطفاه..﴿ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الشورى: 52]؛ مهمَّتُك الهداية، ووظيفتك الدَّلالة، وعملك الإصلاح، أنت تهدي إلى صراط مستقيم؛ لأنك تزيلُ الشبهات، وتطرُدُ الغِوَاية، وتُذهِب الضَّلالة، وتمحو الباطل، وتُشيِّد الحق والعدل والخير.. فمَن أراد السعادة فليَتْبَعْك، ومن أحبّ الفلاح فليقتَدِ بك، ومن رغِبَ في النجاة فليهتدِ بهداك.. أحسنُ صلاةٍ صلاتُك، وأتمّ صيامٍ صيامُك، وأكملُ حجٍّ حجّك، وأزكى صدقةٍ صدقتُك، وأعظمُ ذِكرٍ ذِكرُك لربِّك...﴿وَإِنَّكَ لتهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتقِيمٍ﴾[الشورى: 52]؛ مَن ركِب سفينةَ هدايتِك نجا، مَن دخل دارَ دعوتك أمِن، مَن تمسَّك بحبل رسالتك سلِم.. وافَقْتَ الفطرة، وجئتَ بحنيفية سَمْحة، وشريعةٍ غراء، وملَّةٍ كاملة، ودِين تام.. هدَيْتَ العقلَ من الزيغ، وطهَّرْتَ القلب من الرِّيبة، وغسَلْتَ الضمير من الخيانة، وأخرَجْتَ الأمَّة من الظلام، وحرَّرْتَ البشَر من الطاغوت.. ﴿ وَإِنَّكَ لتهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتقِيمٍ ﴾ [الشورى: 52]؛ فكلامُك هدًى، وحالك هدًى، وفعلك هدى، ومذهبك هدًى؛ فأنت الهادي إلى الله، الدالّ على طريق الخير، المرشد لكل برٍّ، الداعي إلى الجنة..

ثالثا: اعلمْ أن مَن قبلَ رسالته صلى الله عليه وسلم وأخذ بها أفلح

ونجَح، ومن رَدّها وأعرَض عنها خاب وخسر.. فكن يا عبد الله كالأرض الخِصبة التي تنتفع بما ينزل عليها من الغيث من السماء..

روى البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (( مَثلُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ مِنَ الهُدَى وَالعِلْمِ، كَمَثَلِ الغَيْثِ الكَثِيرِ؛ أَصَابَ أَرْضًا، فَكَانَ مِنْهَا نَقِيَّة، قبلتِ المَاءَ، فَأَنْبَتَتِ الكلأ وَالعُشْبَ الكَثِيرَ. وَكَانَتْ مِنْهَا أجَادِبُ، أمْسَكَتِ المَاءَ، فَنَفَعَ اللَّهُ بِهَا النَّاسَ، فَشَرِبُوا وَسَقوْا وَزَرَعُوا. وَأَصَابَتْ مِنْهَا طَائِفَةً أخْرَى، إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ - أي أرض مستوية مَلساء - لاَ تُمْسِكُ مَاءً وَلاَ تُنْبِتُ كَلأ. فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِي دِينِ اللَّهِ، وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ فَعَلِمَ وَعَلَّمَ، وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا، وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِي أرْسِلتُ بِهِ))

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة التاسعة والثلاثون بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*حق الرسول صلى الله عليه وسلم على أمته

رابعا: اعلم أنّ مَن أدّى حقه صلى الله عليه وسلم في الدنيا فاز

بشفاعته يوم القيامة، وحظيَ بمرافقته في الجنة؛ فعن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا عليّ، فإنه من صلى عليّ صلاة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سَلوا الله لِيَ الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو. فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة». رواه مسلم.

وفي الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم: متى الساعة يا رسول الله؟ قال: «ما أعددتَ لها؟» قال: ما أعددتُ لها من كثير صلاة ولا صوم ولا صدقة، ولكني أحبّ الله ورسوله. قال: «أنتَ مع من أحببت». وفي رواية لمسلم: قال أنس: فما فرحنا بعد الإسلام فرَحا أشد من قول النبي صلى الله عليه وسلم: «فإنك مع من أحببت». قال أنس: "فأنا أحب الله ورسوله وأبا بكر وعمر، فأرجو أن أكون معهم وإن لم أعمل بأعمالهم".

خامسا: اعلمْ أن لا سبيلَ إلى الجنة إلا بطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم واتباعه؛ ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كلّ أمتي يدخلون الجنة إلا مَن أبى»، قالوا: يا رسول الله، ومن يَأبَى؟ قال: «مَن أطاعني دخل الجنة، ومَن

عصاني فقد أبى». فاتقوا الله عباد الله، وتمسكوا بدينكم، واعْرِفوا لنبيكم صلى الله عليه وسلم حَقّه وقدْرَه.. وَقّرُوه

وَعَزروه، وعَظموا سنته، واحفظوا له مكانته، وأنزلوه منزلته التي أنزله الله تعالى إياها بلا إفراط ولا تفريط ،ولاغلو وتقصير،واقرؤوا سيرته،وتزوّدوا من حديثه، وأطيعوا أوامره، واجتنبوا زواجره؛ فذلكم هو طريق النجاة والنجاح، وسبيل الفوز والفلاح، ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 71].[الأنترنت – موقع الألوكة - حق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته - أحمد عماري]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة الأربعون بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*حق على الله ان يعين الناكح الذي يريد العفاف

عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة حقٌّ على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف» (رواه الترمذي [1655]، والنسائي [3120]، وابن ماجه [2518]. وحسنه الترمذي، والبغوي في (شرح السنة) [5/ 6]، وصححه ابن العربي في (عارضة الأحوذي) [3/ 5]، وجوَّد إسناده ابن باز في (حاشية بلوغ المرام) [765]).

"أي العفة من الزنا. قال الطِّيبي: إنما آثر هذه الصيغة

 إيذانًا بأن هذه الأمور من الأمور الشاقة التي تفدح الإنسان وتقصم ظهره، لولا أن الله تعالى يعينه عليها لا يقوم بها، وأصعبها العفاف؛ لأنه قمع الشهوة الجبلِّية المركوزة فيه، وهي مقتضى البهيمية النازلة في أسفل السافلين، فإذا استعفَّ وتداركه عون الله تعالى ترقَّى إلى منزلة الملائكة وأعلى عليين" ((تحفة الأحوذي) للمباركفوري [5/ 296]). - وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اضمنوا لي ستًّا من أنفسكم أضمن لكم الجنة: اصدقوا إذا حدثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدُّوا إذا ائتمنتم، واحفظوا فروجكم، وغضُّوا أبصاركم، وكفُّوا أيديكم»

(رواه أحمد [5/ 323] [22809]، وابن حبان [1/ 506]، والحاكم [4/ 399]. وصحح إسناده الحاكم، وقال الذهبي في (المهذب) [5/ 2451]: إسناده صالح).

قال ابن عبد البرِّ في شرحه لهذا الحديث: "«اضمنوا لي ستًّا»: من الخصال، «من أنفسكم» بأن تداوموا على فعلها، «أضمن لكم الجنة» أي دخولها، «اصدقوا إذا حدثتم» أي: لا تكذبوا في شيء من حديثكم إلا إن ترجح على الكذب مصلحة أرجح من مصلحة الصدق في أمر مخصوص كحفظ معصوم، «وأوفوا إذا وعدتم وأدوا إذا ائتمنتم»، قال البيهقي: ودخل فيه ما تقلَّد المؤمن بإيمانه من العبادات، والأحكام، وما عليه من رعاية حق نفسه، وزوجه، وأصله، وفرعه، وأخيه المسلم، من نصحه، وحق مملوكه، أو مالكه، أو موليه، فأداء الأمانة في كل ذلك واجب، «واحفظوا» أيها الرجال والنساء «فروجكم» عن فعل الحرام لثنائه تعالى على فاعليه بقوله:{وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ}  [الأحزاب من الآية:35]، «وغضُّوا أبصاركم» كفوها عما لا يجوز النظر إليه، «وكفُّوا أيديكم»امنعوها من تعاطي ما لا يجوز تعاطيه شرعًا، فلا تضربوا بها من لا يسوغ ضربه، ولا تناولوا بها مأكولًا، أو مشروبًا حرامًا، ونحو ذلك، فمن فعل ذلك؛ فقد حصل على رتبة الاستقامة المأمور بها في القرآن،وتخلقوا بأخلاق أهل الإيمان)(فيض القدير) للمناوي 1/ 683 إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة الواحدة والأربعون بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*حق على الله ان يعين الناكح الذي يريد العفاف

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: إن ناسًا من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم. حتى إذا نفد ما عنده. قال: «ما يكن عندي من خير فلن أدخره عنكم. ومن يستعفف يعفَّه الله، ومن يستغنِ يغنه الله. ومن يصبر يصبره الله.

وما أعطي أحد من عطاء خير وأوسع من الصبر

(رواه البخاري [1469]، ومسلم [1053]).

قال ابن عبد البر:فيه الحض على التعفف والاستغناء بالله عن عباده،والتصبر،وأنَّ ذلك أفضل ما أعطيه الإنسان،وفي هذا كلِّه نهي عن السؤال،وأمر بالقناعة والصبر" ((التمهيد) لابن عبد البر[10/ 133]). –

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سرحتني

 (السرح: الإرسال. يقال: سرح إليه رسولًا: أي أرسله (تاج العروس) للزبيدي [6/ 463])

أمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم،فأتيته وقعدت فاستقبلني وقال: «من استغنى أغناه الله عز وجل ومن استعفَّ أعفَّه الله عزَّ وجلَّ، ومن استكفى كفاه الله عزَّ وجلَّ، ومن سأل وله قيمة أوقية، فقد ألحف»، فقلت: ناقتي الياقوتة خير من أوقية فرجعت ولم أسأله" [رواه النسائي [2595]، وأحمد [3/ 9] [11075]. وصحح إسناده أحمد شاكر في (عمدة التفسير) [1/ 329]، وجود إسناده الألباني في (السلسلة الصحيحة) [5/ 401]

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: «اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى » (رواه مسلم [2721]). قال النووي: "أما العفاف والعفة؛ فهو التنزه عما لا يباح، والكف عنه، والغنى هنا غنى النفس، والاستغناء عن الناس، وعما في أيديهم" (شرح صحيح مسلم) [17/ 41][الأنترنت – موقع طريق الإسلام - حق على الله ان يعين الناكح الذي يريد العفاف]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة الثانية والأربعون بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي بعنوان:

*شرح الحديث الشريف -  حق العباد على الله أن يعبدوه …

 عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:

(بَيْنَا أَنَا رَدِيفُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ إِلَّا أَخِرَةُ الرَّحْلِ فَقَالَ يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ قُلْتُ لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ يَا مُعَاذُ قُلْتُ لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ يَا مُعَاذُ قُلْتُ لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ قَالَ هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ حَقُّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ قُلْتُ لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ فَقَالَ هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ إِذَا فَعَلُوهُ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ )[ متفق عليه ]

  عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:(بَيْنَا أَنَا رَدِيفُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يعني النبي صلى الله عليه وسلم من تواضعه الجم أنه كان يدعو بعض أصحابه ليركب خلفه على الدابة، هذا من تواضعه، وهذا من تكريمه. (بَيْنَا أَنَا رَدِيفُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ إِلَّا أَخِرَةُ الرَّحْلِ ) الرحل الذي يوضع على الدابة، آخرة الرحل طرف الرحل الآخر.

(بَيْنِي وَبَيْنَهُ إِلَّا أَخِرَةُ الرَّحْلِ فَقَالَ يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ ) الإنسان إذا نودي باسمه هذا من باب التحبب، يا معاذ، مرةً قال عليه الصلاة السلام: (والله يا معاذ إني لأحبك)(قَالَ يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ قُلْتُ لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ) معنى لبيك: إجابة بعد إجابة، وإسعاداً بعد إسعاد، يعني أنا ألبيك، وأسعى أن أسعدك يا رسول الله (قُلْتُ لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ ) يعني أنا في خدمتك، أنا مستجيب لندائك، وأنا في خدمتك، ما تكلم النبي شيئاً(     قَالَ يَامُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ قُلْتُ لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ ثُمَّ سَارَ سَاعَةً )

 معنى ساعة: أي مرحلة من الزمن. (ثُمَّ قَالَ يَا مُعَاذُ قُلْتُ لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ )) أنا لا أعتقد على وجه الأرض أن أناسًا يحبون رجلاً على الإطلاق كما أحب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم النبي صلى الله عليه وسلم.

(ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ يَا مُعَاذُ قُلْتُ لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ )

  السؤال الآن: لماذا ناداه باسمه، وسكت ؟ ناداه باسمه، وسكت، ناداه باسمه، وسكت، قال بعض علماء الحديث: هذا من قبيل التشويق، يعني إذا أردت أن تلقي على إنسان أمراً خطيراً، أمراً ذا بال، تحب أن تلفت نظره،تدعوه مرةً أولى، وثانية، وثالثة.

(قُلْتُ لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ فَقَالَ هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ الله على ْعِبَادِه) أيضاً كان النبي صلى الله عليه وسلم معلماً، قال:(إنما بعثت معلماً، إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة الثالثة والأربعون بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*شرح الحديث الشريف -  حق العباد على الله أن يعبدوه …

من أساليبه التربوية أنه كان إذا أراد أن يلقي موعظةً أو حقيقة ساقها على شكل سؤال وجواب.

((يَا مُعَاذُ قُلْتُ لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ فَقَالَ هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ الله على ْعِبَادِه))

  الذي خلقنا، ولم نكن شيئًا يذكر، الذي أمدنا بالوجود، أمدنا بحاجاتنا، أمدنا بالإرشاد، أنعم علينا نعماً ظاهرة وباطنة، خلقنا من عدم، خلقنا ليسعدنا، خلقنا لجنة عرضها السماوات والأرض، أليس له حق علينا ؟ قال سيدنا عمر: ( عجبت لثلاث ؛ عجبت لمؤمل والموت يطلبه، وغافل وليس بمغفول عنه، وضاحك ملء فيه ولا يدري أساخط عنه الله أم راض).

 قبل أن تضحك، قبل أن تتمطى في البيت، قبل أن تمزح، قبل أن تسخر من بعض الناس، قبل

أن تعطي حظوظ نفسك، قبل أن تستعلي على خلق الله، هل أديت حق الله عليك ؟ هل

عرفت الذي خلقك ؟ هل عرفت لماذا خلقك ؟هل عرفت أين كنت ؟ هل عرفت أين المصير ؟

((يَا مُعَاذُ قُلْتُ لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ فَقَالَ هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ الله على ْعِبَادِه))

 كان سيدنا معاذ في أعلى درجات الأدب. ((قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ حَقُّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ))

  من يتوقع كلمة واحدة، حق الله على عباده أن يفعلوا كذا، أن يعبدوه، لأن الله عز وجل يقول:

﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾[ سورة الذاريات: 56]

  أنت خلقت لتعبد الله، العبادة أن تخضع له، أن تأتمر بأمره، أن تنتهي عما عنه نهى، أن تطبق شرعه، أن تحبه، أن تقدم بعض ما عندك ابتغاء مرضاته، أن يكون الله ورسوله أحب إليك مما سواهما، أن تعبده، لذلك لما ربنا عز وجل قال: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾[ سورة النور: 55]

وعد الله حق:

﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً﴾[ سورة النساء: 87]﴿وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ﴾[ سورة التوبة:

111] هذا كلام خالق الكون.

﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾[ سورة النور: 55]

  يعني أن يجعلهم خلفاء في الأرض، هؤلاء قوم النبي

 e كانوا رعاة الغنم، فلما عبدوا الله عز وجل صاروا رعاة الأمم، وسادة الأمم.

﴿لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي﴾[ سورة النور: 55] هذا الذي عليه، يا عبادي، هذا وعد، قطعي مني، أما الذي عليكم: ﴿يَعْبُدُونَنِي﴾[ سورة النور: 55]

  هذا حق الله على عباده، أن تعبده، أن توقع حياتك وفق مراده، أن توقع حركتك وسكونك عطاءك ومنعك غضبك ورضاك صلتك وقطيعتك، أن توقع كل شؤون حياتك وفق مرضاته.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة الرابعة والأربعون بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*شرح الحديث الشريف -  حق العباد على الله أن يعبدوه …

(( يَا مُعَاذُ قُلْتُ لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ فَقَالَ هَلْ

 تَدْرِي مَا حَقُّ الله على ْعِبَادِه قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ

قَالَ حَقُّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ أَنْ يَعْبُدُوهُ))

  لذلك إذا آمنت بالله إيماناً قطعياً يقينياً كاملاً، إذا

آمنت به خالقاً، وآمنت به مربياً، وآمنت به مسيراً، إذا عرفت أسماءه الحسنى، وصفاته الفضلى، وأيقنت أن هذا القرآن كلامه، وأن هذا النبي e رسوله، فنشاطك كله ينحصر في شيء واحد ؛ أن تبحث عن أمره ونهيه، وأن تعبده من خلال تطبيق أمره ونهيه، فإذا طبقت أمره ونهيه تعبداً ألقى الله في قلبك النورلترى سرأمره ونهيه.

 أريد أن يكون هذا الحديث، وهو قول النبي عليه الصلاة والسلام:

((من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعمل)) يوجد علم كسبي، وعلم إشراقي، العلم الكسبي أن تبحث عن أمره ونهيه، أن يقع زواجك وفق ما أراد الله، إن في اختيار الزوجة، وإن في معاملة الزوجة، إن في تربية الأولاد، أن تقع تجارتك وفق ما أراد الله في البيع والشراء، في التعامل مع الناس، أن تقع حالات مرحك فيما يرضي الله، مهمتك الأولى أن تبحث عن أمر الله، فإذا ثبت لك أن هذا حديث صحيح عن رسول الله، وما ينطق عن الهوى بادرتَ إلى تطبيقه، هذا جوهر العبادة، مادمت قد آمنت بالله، وبكتابه، وبرسوله إذاً فمهمتك الأولى أن تعبده، أي أن تبحث عن أمره، وأن تطبق أمره.

(قَالَ حَقُّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ

شَيْئًا) لمجرد أن تعبده، وأن تعبد معه جهةً أخرى، أي أن تطيع جهةً أخرى، أو أن ترضي جهةً أخرى، أو أن ترجو جهةً أخرى، أو أن تخاف من جهة أخرى، أو أن تعلق الأمل على جهة، أخرى فقد أشركت، به مبالغةً في التوحيد أن تعبده، وألا تشرك به شيئاً، وأقل شيء في اللغة اسمه شيء، كل شيء ممكن اسمه شيء، هذه الذرة التي إذا كنست أرض الغرفة في أيام الشتاء، والشمس في داخل الغرفة ترى ذرات ليس لها وزن إطلاقاً، تجول في أجواء الغرفة، هذه اسمها شيء. (وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ) لذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام:

((الشرك أخفى من دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء))

  وأدناه أن تحب على معصية، وأن تبغض على جور، أن تحب على جور، وأن تبغض على عدل، نصحك إنسان فغضبت، أشركت نفسك مع الله عز وجل، إنسان قدم لك خدمة، رضيت منه، وهو على معصية، هذا أحد أنواع الشرك الخفي.

(( ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ قُلْتُ لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ فَقَالَ هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ إِذَا فَعَلُوهُ))

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة الخامسة والأربعون بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:*شرح الحديث الشريف -  حق العباد على الله أن يعبدوه …

 حق الله عليك أن تعبده، آمنت به، آمنت برسوله، آمنت بكتابه، تقصيت أمره، طبق أمره، نفذت أمره، صليت الخمس،حججت البيت،صمت رمضان، دفعت الزكاة، غضضت بصرك، تحريت دخلك، أوقعت معاملتك لأهلك وفق شرع الله، اعبده في كل ما تعلم، الآن كما يقول النبي عليه الصلاة والسلام ينشأ

لك حق عند الله.((فَقَالَ هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ إِذَا فَعَلُوهُ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ)) بالمناسبة، صلاة الاستسقاء أقيمت في كل مساجد دمشق تقريباً، والمطر لم ينزل، هناك مشكلة، إذا كان الرجل راكبًا سيارة، وتوقفت به فجأةً، لو وقف إلى جانب هذه السيارة المعطلة، ورفع يديه، وصرخ، ونادى، واستجار، واستغاث، ورفع صوته، ورفع يديه، ولوح، السيارة واقفة، الموقف العلمي أن تبحث عن سبب الخلل، وأن تصلح هذا الخلل، لذلك ورد في صلاة الاستسقاء أنه لا تشرع صلاة الاستسقاء إلا إذا خرج العباد من مظالمهم، وخرجوا من معاصيهم، وتابوا إلى ربهم، وأدوا الحقوق التي عليهم، وصاموا ثلاثة أيام متتالية، لأن هذه قواعد.

((حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ))

  نقص الماء يعذبهم، نقص المواد يعذبهم، شدة الحر تعذبهم، شدة القر تعذبهم، نقص المواد التي بين أيديهم يعذبهم، الأزمات الطاحنة تعذبهم، قال تعالى:

﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً﴾ [ سورة النساء: 147]

  الحديث كله طويل، رواه البخاري ومسلم والإمام أحمد، الحديث كله فيه محوران أساسيان، حق الله على عباده، أن يعبدوه، وحقهم على الله ألاّ يعذبهم، لذلك كأن النبي عليه الصلاة والسلام انطلق من قول الله عز وجل:

﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً﴾[ سورة النساء: 147]

  لأن الكون سخره الله لك تسخير تعريف فيجب أن تعرفه من خلال الكون، ولأن الكون سخره الله لك تسخير إكرام فيجب أن تشكره، فإذا سخره لك تعريفاً فعرفته، وإذا سخره لك تكريماً فشكرته، فقد حققت المراد الذي خلقت من أجله، لذلك إذا كنت عبداً لله فمقام العبودية الطاعة، مقام العبودية الطاعة مع الحب، لأن الله سبحانه وتعالى سخر لك الكون كله، أولاً سخره كي تحبه، إذا ً لابد من طاعة مع الحب، الطاعة مع الحب لا يمكن إلا أن تبنيا على معرفة الله عز وجل، والطاعة مع الحب لا بد من أن تفضيا إلى سعادة أبدية.

 يمكن أن ألخص لك الدين كله في ثلاث كلمات: الأولى مركزية، والثانية تمهيدية، والثالثة نتيجة حتمية، إذا فعلت الوسطى فالنتيجة حتمية، ولم تفعل الوسطى إلا إذا سلكت في المقدمة التمهيدية، أنت مخلوق كي تطيعه، وتحبه، لكن لن تطيعه ولن تحبه إلا إذا عرفته، إن أطعته وأحببته سعدت بقربه في الدنيا والآخرة، هذا هو الدين كله، إذاً نشاط المؤمن منصرف إلى شيئين، إلى معرفة الله، وإلى طاعته، والتقرب إليه، عنده نشاط فكري دائماً، ونشاط سلوكي، إذا جاء إلى مجلس علم فهذا نشاط علمي تعرّفي، إذا قرأ القرآن، إذا قرأ السنة، إذا قرأ كتاب السيرة، إذا جلس في مجلس علم، إذا استمع إلى خطبة، إذا أمر بالمعروف، إذا نهى عن المنكر، انصاع لأمر بالمعروف، لنهي عن منكر، هذا نشاط علمي مركزه الفكر.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة السادسة والأربعون بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:*شرح الحديث الشريف -  حق العباد على الله أن يعبدوه …

 الآن نشاط سلوكي، مرت امرأة سافرة فغض بصره عنها، عرض عليه دخل فيه شبهة فأعرض عنه، في قبضه، وفي دفعه، في أقواله، وأفعاله، في خواطره، في نطقه، في كلامه، إذاً لن تسعد إلا بحالتين، إذا عرفته، وإذا عبدته، و اقرأ القرآن كله فلن تجد في القرآن إلا هذين الشيئين:

﴿اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾[ سورة المؤمنون: 32]

 لذلك قيل: نهاية العلم التوحيد، موضوع التوحيد كفكرة سهل جداً، أما كممارسة فأن تعيش التوحيد، إذا جاءك أمر يزعجك ألاّ ترى إلا الله، أن ترى يد الله الخفية، أن ترى يد الله فوق يد هذا الذي ساق الشر إليك، هذا هو التوحيد، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد، تعرفه، وتعبده، قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾[ سورة الكهف: 110]

  القرآن كله سيلخص بكلمتين:

﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ

فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا

يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً﴾[ سورة الكهف: 110]

 ليطعه طاعةً تامة، وليعمل الصالحات تقرباً إليه، إذا أراد أن يلقاه، ولن يلقاه إلا إذا عرفه، إنما إلهكم إله واحد، هذا ملخص الملخص، هذا سر الدين، الدين كله كامن في هذه الكلمات الثلاث، تعرفه، تعبده، تسعد به في الدنيا وإلى الأبد.

 إذاً من هنا قال النبي عليه الصلاة والسلام: ((لا بورك لي في صباح يوم لم أزدد فيه من الله علماً، و لا بورك لي في صباح يوم لم أزدد فيه من الله قرباً)).

 إذاً أي يوم يمضي لم تزدد فيه علماً، ولم تزدد فيه قرباً فهو مضيعة من حياتك، وهو خسارة كبيرة، لأنك في الأساس بضعة أيام، أنت زمن استهلكت يوماً في غير ما خلقت له، هذه الخسارة، إذاً أن تأتي إلى المسجد لتستمع إلى تفسير كتاب الله، لتستمع إلى حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، لتستمع إلى سيرة النبي عليه الصلاة والسلام، لتتعرف إلى الطريق إلى الله عز وجل، هذا نشاط علمي، الآن ذهبت إلى البيت، في تعاملك مع أهل البيت، مع أولادك، مع زوجتك، في كسب المال، في إنفاق المال، في مرحك، في وقت فراغك، في وقت عملك، كيف آكل أسمي ماذا أفعل قبل أن آكل ؟ الوضوء قبله، والوضوء بعده، كيف أشرب ؟ جالساً على ثلاث مراحل، كيف أنام ؟ على شقي الأيمن، كيف أستيقظ ؟ كيف أدعو ؟ كيف أصلي ؟ كيف أعامل أقربائي ؟ كيف أعامل زبائني ؟ همك الوحيد في حياتك اليومية تطبيق ما تعلمته في المسجد.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة السابعة والأربعون بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:*شرح الحديث الشريف -  حق العباد على الله أن يعبدوه …

 مرة ثانية أقول لكم بتواضع: الفرق بين أن تعرف السنة وأن تطبقها فرق كبير جداً، كالفرق بين أن تقول: خمسمئة مليون وأن تملك هذا المبلغ، أي إنسان يقول: خمسمئة مليون، أما أن تملك هذا المبلغ فشيء مهم جداً بنظر بعض الناس، كذلك السنة أن تقرأها شيء، وأن تتذوقها شيء، وأن تتأثر بها شيء، وأن تلقيها على الناس شيء، وأن تفعلها شيء آخر، لن تسعد بها إلا إذا طبقتها، فالذي يحب ألاّ يضيع حياته سدىً، الذي يحب أن يرقى يوماً بعد يوم، من لم يكن في زيادة فهو في نقصان، الذي يحب أن يقطف ثمار الدين، أن يراها ملموسة بين يديه، الذي يحب أن يقول: أنا أسعد الناس بهذا الدين، ما من أحد أسعد مني، الذي يحب أن يعرف طعم القرب، طعم الحب، طعم الثقة بالله، طعم رضوان الله، فلا يلتف للأقوال كلها، بل يلتفت للأفعال، ثمة نشاطان، نشاط علمي، ونشاط تطبيقي، نشاط في معرفة الخالق وأمره ونهيه وسنة نبيه، ونشاط في تطبيق هذا الأمر والنهي، هذا ملخص الملخص، والنبي عليه الصلاة والسلام مما قاله عن نفسه:

(أوتيت جوامع الكلم،واختصرلي الكلام اختصاراً)

  جوامع الكلم في هاتين الكلمتين:

(حقه عليك) (حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ إِذَا فَعَلُوهُ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ) فإذا عذبك فعذابه علاج، إذا قنن الأمطار فتقنين تأديب، نحن نقنن تقنين عجز، أما الله عز وجل فيقنن تقنين تأديب. هذا هو حديث اليوم، حقه علينا أن نعبده، وحقنا عليه ألا يعذبنا.

 إذا توقفت سيارة أحدنا لا يصيح وينادي، بل يفتح الغطاء، ويرى أين العطل، ويصلح الخلل، فتنطلق بالسيارة، هذا موقف علمي، وهناك موقف يسمونه استعراضيًا دعائيًّا، وهناك موقف علمي، قف من ربك موقفاً علمياً، حينما أرسل هذه المشكلة لعلة أرادها لحكمة أرادها، هناك خلل في حياتي، ما من عثرة، ولا اختلاج عرق، ولا خدش عود إلا بما قدمت أيدكم، وما يعفو الله أكثر.

﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾[ وسرة الشورى: 30]

 حقك عليه ألا يعذبك، وحقه عليك أن تعبده، هان الله عليهم فهانوا على الله، كلما قلّ ماء الحياء قلّ ماء السماء، كلما رخص لحم النساء غلا لحم الضأن، هان أمر الله عليهم فهانوا على الله، قال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ

السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾[ وسرة الأعراف: 96]﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ﴾[ سورة المائدة: 66] ﴿وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً (16) لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ﴾[ سورة الجن: 19-17]

  هذه قواعد ثابتة، كلام الخالق، كلام خالق الكون، لذلك هنيئاً لمن عرف مفتاح الحقائق، لمن عرف القوانين الثابتة، هذه السنن، هذه سنن ثابتة، مثلاً للسقوط قانون، إذا ألقينا جسماً من السماء إلى الأرض يهوي متسارعاً إلى أن يتحطم على الأرض، أما إذا نزل بمظلة لها سطح مدروس، لها سطح يتناسب مع وزنه، ينزل ببطء، فإذا أُمِر الإنسان أن يلقي بنفسه من الطائرة فقانون السقوط إذا قبله أو لم يقبله، إذا آمن به أو لم يؤمن به، إذا أعجبه أم لم يعجبه، إذا بجّله أو سخر منه، إذا قبله أو رفضه، القانون مطبق، فالذكي يتعرف لقانون السقوط، ويتأدب معه، ليصل سالماً، أما إذا اخترق هذا القانون، وألقى الإنسان بنفسه من الطائرة بلا مظلة فإنه ينزل ميتاً، إذا رفض القانون، القانون مطبق عليه، ربنا وضع سننًا، إن قبلتها فأنت ذكي موفق، وإن لم تقبلها فهي مطبقة عليك، وأنت لا تدري، يا رب كم عصيتك ولم تعاقبني ؟ قال: عبدي كم عاقبتك، ولم تدر. [الأنترنت –موقع موسوعة النابلسي- لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة الثامنة والأربعون بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي بعنوان:

*شرح حديث أَبي هريرة رضي اللَّه عنه :

"حقُّ الْمُسْلمِ, عَلَى الْمُسْلِمِ خمسٌ"

: رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة

الدعوة، وتشميت العاطس[أخرجه البخاري، كتاب الجنائز، باب الأمر باتباع الجنائز، (2/ 71) برقم: (1240)، ومسلم، كتاب السلام، باب من حق المسلم للمسلم رد السلام، برقم: (2162)، وبلفظ: ((خمس تجب للمسلم على أخيه: رد السلام، وتشميت العاطس، وإجابة الدعوة، وعيادة المريض، واتباع الجنائز)).]، متفق عليه، وفي رواية لمسلم: حق المسلم على المسلم ست قيل: ما هن يا رسول الله؟، قال: إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فشمته، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه ) [أخرجه مسلم، كتاب السلام، باب من حق المسلم للمسلم رد السلام، (4/ 1705)، برقم: (2162).]

وقول النبي ﷺ في الرواية الأولى حق المسلم على المسلم خمس، وفي الرواية الثانية حق المسلم على المسلم ست لا منافاة بينهما، وذلك أنّ ذكْر الخمس في مقام من المقامات -إن كان ذلك قد ضبطه الرواة- لا ينافي أن ثمّة حقوقاً أخرى زائدة على ذلك ذكرها النبي ﷺ في مقام آخر، تقول: حق فلان عليك كذا وكذا ، ثم تقول في مقام آخر: حقه عليك كذا وكذا، فأنت لم تقصد الاستيعاب في كلامك الأول، وإنما ذكرت جملة من الحقوق، وهذا كثير في الأحاديث النبوية، تارة يذكر النبي ﷺ أموراً معدودة أربعة أو خمسة أشياء أو نحو ذلك، كقوله ﷺ مثلاً: فُضلت على الأنبياء بست[أخرجه مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا،  برقم: (523).]، وفي بعضها: أعطيت خمسًا لم يعطهن أحد قبلي[أخرجه مسلم، كتاب السلام، باب من حق المسلم للمسلم رد السلام، (4/ 1705)، برقم: (2162).].

فذكرُ الزيادة لا يتنافى مع الرواية التي ذكر فيها الأقل، وهذا التعبير وهو قوله -صلى الله عليه وسلم-: حق المسلم على المسلم عبر عنه بالحق، والحق هو الشيء الثابت، وكذلك التعبير بـ "على" يشعر بالوجوب، وكأنه قال: إذا سلم وجب عليه أن يرد السلام، وفي الرواية الأخرى إذا لقيته فسلم عليه، ولا شك أن رد السلام آكد من ابتداء السلام.

وعيادة المريض هي من الأمور التي يحبها الشارع، وورد فيها أحاديث تبين فضلها، من تلك

الأحاديث قوله ﷺ: من عاد مريضًا لم يزل في خُرْفة الجنة حتى يرجع[أخرجه مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب فضل عيادة المريض، (4/ 1989)، برقم: (2568).].

وقوله: واتباع الجنائز المقصود به منذ أن يصلى عليها حتى تدفن.

 وقوله: وإجابة الدعوة وهي مؤكدة جداً، إلا وليمة العرس فهي واجبة لأنه جاء عن النبي ﷺ أنه قال: ومن ترك الدعوة فقد عصى الله ورسوله ﷺ[أخرجه البخاري، كتاب النكاح، باب من ترك الدعوة فقد عصى الله ورسوله، (7/ 25)، برقم: (5177) ومسلم، كتاب النكاح، باب الأمر بإجابة الداعي إلى دعوة، (2/ 1055)، برقم: (1432).]،

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة التاسعة والاربعون بعد المائتين في موضوع (الحق)

وهي بعنوان: *شرح حديث أَبي هريرة رضي اللَّه عنه :"حقُّ الْمُسْلمِ, عَلَى الْمُسْلِمِ خمسٌ"

وكذلك أمر النبي ﷺ فقال: إذا دُعي أحدكم فليجب، فإن كان صائمًا فليُصلِّ، وإن كان مفطرًا، فليَطعَم ) [أخرجه البخاري، كتاب النكاح، باب من ترك الدعوة فقد عصى الله ورسوله، (7/ 25)، برقم: (5177) ومسلم، كتاب النكاح، باب الأمر بإجابة الداعي إلى دعوة، (2/ 1055)، برقم: (1432).]، فليصلِّ يعني: فليدعُ لهم بالبركة. ولكنه يرخص له في ترك إجابة وليمة العرس إن علم أنهاتشتمل على منكر، كالمعازف مثلاً، في غير ما يرخص فيه في النكاح في الدف للنساء خاصة.

وحضور وليمة العرس لابد فيه من الإطعام إلا إذا أذنوا له، فإن ذلك من تمام الإجابة، والله تعالى أعلم، وقوله: وتشميت العاطس هو أن يقول له إذا حمد الله: يرحمك الله، ثم يقول العاطس: يهديكم الله ويصلح بالكم.

ومن الناس من يقول: يهدينا ويهديكم الله، وهذا لم يرد، وهذه الأذكار والأدعية والأوراد التي جاءت عن الشارع يُلتزم لفظها فلا يزيد فيها الإنسان ولا ينقص، والنبي ﷺ حينما كان يلقن أحد أصحابه هذا الدعاء اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت، قال: فردّدتها على النبي ﷺ، فلما بلغت: اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت قلت: ورسولك، قال: لا، ونبيك الذي أرسلت[  أخرجه البخاري كتاب الوضوء، باب فضل من بات على الوضوء، (1/ 58)، برقم (247). ]، مع أن لفظة رسول أبلغ من نبي، لأن الرسالة تتضمن النبوة، لا يكون رسولاً إلا وهو نبي، ومع ذلك النبي ﷺ أنكر عليه حينما غير هذه اللفظة.

وإذا لم يسمعه يقول: الحمد لله لا يقول له: يرحمك الله، حتى لو عرف من عادته أنه يحمد الله، لكن نحن مأمورون إذا سمعنا ذلك أن نشمته.

[الأنترنت – موقع الدكتور خالد السبت - شرح حديث أَبي هريرة رضي اللَّه عنه "حقُّ الْمُسْلمِ, عَلَى الْمُسْلِمِ خمسٌ"* حقوق المسلم على المسلم منها ما هو واجب ومنهاما هو مستحب

حقوق المسلم على المسلم كثيرة ، منها ما هو واجب

 عيني ، يجب على كل أحد ، فلو تركه أثم ، ومنها ما هو واجب كفائي ، إذا قام به البعض سقط إثمه عن الباقين ، ومنها ما هو مستحب غير واجب ، ولا يأثم المسلم بتركه

قال الشوكاني رحمه الله :

" وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: (حَقُّ الْمُسْلِمِ) أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي تَرْكُهُ وَيَكُونُ فِعْلُهُ إمَّا وَاجِبًا أَوْ مَنْدُوبًا نَدْبًا مُؤَكَّدًا شَبِيهًا بِالْوَاجِبِ الَّذِي لَا يَنْبَغِي تَرْكُهُ، وَيَكُونُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْمَعْنَيَيْنِ مِنْ بَابِ اسْتِعْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فِي مَعْنَيَيْهِ، فَإِنَّ الْحَقَّ يُسْتَعْمَلُ فِي مَعْنَى الْوَاجِبِ، كَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ، وَكَذَا يُسْتَعْمَلُ فِي مَعْنَى الثَّابِتِ وَمَعْنَى اللَّازِمِ وَمَعْنَى الصِّدْقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: الْمُرَادُ بِالْحَقِّ هُنَا الْحُرْمَةُ وَالصُّحْبَةُ"انتهى من "نيل الأوطار" (4/21) .

1- فرَدّ السلام واجب إذا كان السلام على واحد ، وإذا كان على جماعة كان فرضا على الكفاية ، أما ابتداء السلام فالأصل فيه أنه سنة،جاء في "الموسوعة الفقهية" (11/314) :" ابْتِدَاءُ السَّلاَمِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَفْشُوا السَّلاَمَ بَيْنَكُمْ ) وَيَجِبُ الرَّدُّ إِنْ كَانَ السَّلاَمُ عَلَى وَاحِدٍ . وَإِنْ سَلَّمَ عَلَى جَمَاعَةٍ فَالرَّدُّ فِي حَقِّهِمْ فَرْضُ كِفَايَةٍ ، فَإِنْ رَدَّ أَحَدُهُمْ سَقَطَ الْحَرَجُ عَنِ الْبَاقِينَ ، وَإِنْ رَدَّ الْجَمِيعُ كَانُوا مُؤَدِّينَ لِلْفَرْضِ ، سَوَاءٌ رَدُّوا مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبِينَ ، فَإِنِ امْتَنَعُوا كُلُّهُمْ أَثِمُوا لِخَبَرِ ؛ حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ : رَدُّ السَّلاَمِ . . . " انتهى .

2- وأما عيادة المريض ففرض كفاية ، قال الشيخ ابن عثيمين :" عيادة المريض فرض كفاية " ."مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (13 /1085) وراجع جواب السؤال رقم : (71968) .

3- وأما تشييع الجنازة ففرض كفاية .

4- وأما إجابة الدعوة : فإن كانت إلى وليمة عرس فالجمهورعلى وجوب إجابتها إلا لعذرشرعي، أما إن كانت لغير وليمة العرس فالجمهور على أنها مستحبة.

 إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة الخمسون بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: *شرح حديث أَبي هريرة رضي اللَّه عنه :"حقُّ الْمُسْلمِ, عَلَى الْمُسْلِمِ خمسٌ"

5- وأما تشميت العاطس فقد اختلف في حكمه .

جاء في "الموسوعة الفقهية" (4/22) : "وَهَذَا التَّشْمِيتُ سُنَّةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ .وَفِي قَوْلٍ لِلْحَنَابِلَةِ وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ هُوَ وَاجِبٌ . وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ بِوُجُوبِهِ عَلَى الْكِفَايَةِ . وَنُقِلَ عَنِ الْبَيَانِ أَنَّ الأَشْهَرَ أَنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ ، لِحَدِيثِ " كَانَ حَقًّا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ

أَنْ يَقُولَ لَهُ : يَرْحَمُكَ اللَّهُ " انتهى.

وأظهر الأقوال أنه واجب على من سمع حمد العاطس لله ؛ لما رواه البخاري (6223) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ ، فَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَحَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أَنْ يُشَمِّتَهُ ) .

قال ابْن الْقَيِّم رَحِمَهُ اللَّه : وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة وَفِيهِ " فَإِذَا عَطَسَ أَحَدكُمْ , وَحَمِدَ اللَّه , كَانَ حَقًّا عَلَى كُلّ مُسْلِم سَمِعَهُ أَنْ يَقُول : يَرْحَمك اللَّه " . وَتَرْجَمَ التِّرْمِذِيّ عَلَى حَدِيث أَنَس ( بَاب مَا جَاءَ فِي إِيجَاب التَّشْمِيت بِحَمْدِ الْعَاطِس ) وَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ وَاجِب عِنْده , وَهُوَ الصَّوَاب , لِلْأَحَادِيثِ الصَّرِيحَة الظَّاهِرَة فِي الْوُجُوب مِنْ غَيْر مُعَارِض وَاَللَّه أَعْلَم .

فَمِنْهَا : حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة , وَقَدْ تَقَدَّمَ . وَمِنْهَا : حَدِيثه الْآخَر " خَمْس تَجِب لِلْمُسْلِمِ عَلَى أَخِيهِ " وَقَدْ تَقَدَّمَ . وَمِنْهَا : حَدِيث سَالِم بْن عُبَيْد , وَفِيهِ " وَلْيَقُلْ لَهُ مَنْ عِنْده : يَرْحَمك اللَّه " . وَمِنْهَا : مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ عَنْ عَلِيّ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِم سِتّ بِالْمَعْرُوفِ : يُسَلِّم عَلَيْهِ إِذَا لَقِيَهُ , وَيُجِيبهُ إِذَا دَعَاهُ , وَيُشَمِّتهُ إِذَا عَطَسَ وَيَعُودهُ إِذَا مَرِضَ وَيَتْبَع جَنَازَته إِذَا مَاتَ , وَيُحِبّ لَهُ مَا يُحِبّ لِنَفْسِهِ " وَقَالَ هَذَا حَدِيث حَسَن قَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْر وَجْه عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقَدْ تَكَلَّمَ بَعْضهمْ فِي الْحَارِث الْأَعْوَر , وَفِي الْبَاب عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , وَأَبِي أَيُّوب وَالْبَرَاء , وَأَبِي مَسْعُود . وَمِنْهَا : مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ عَنْ أَبِي أَيُّوب . أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " إِذَا عَطَسَ أَحَدكُمْ فَلْيَقُلْ : الْحَمْد لِلَّهِ , وَلْيَقُلْ : عَلَى كُلّ حَال , وَلْيَقُلْ الَّذِي يَرُدّ عَلَيْهِ يَرْحَمك اللَّه,وَلْيَقُلْ هُوَ:يَهْدِيكُمْ اللَّه وَيُصْلِح بَالكُمْ

فَهَذِهِ أَرْبَع طُرُق مِنْ الدَّلَالَة . أَحَدها : التَّصْرِيح بِثُبُوتِ وُجُوب التَّشْمِيت بِلَفْظِهِ الصَّرِيح الَّذِي لَا يَحْتَمِل تَأْوِيلًا . الثَّانِي : إِيجَابه بِلَفْظِ الْحَقّ . الثَّالِث : إِيجَابه بِلَفْظَةِ " عَلَى " الظَّاهِرَة فِي الْوُجُوب . الرَّابِع : الْأَمْر بِهِ , وَلَا رَيْب فِي إِثْبَات وَاجِبَات كَثِيرَة بِدُونِ هَذِهِ الطُّرُق , وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَم" انتهى من "حاشية ابن القيم على سنن أبي داود" (13/259) .

وقال أيضا : " فَظَاهِرُ الْحَدِيثِ الْمَبْدُوءِ بِهِ: أَنَّ التَّشْمِيتَ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى كُلِّ مَنْ سَمِعَ الْعَاطِسَ يَحْمَدُ اللَّهَ، وَلَا يُجْزِئُ تَشْمِيتُ الْوَاحِدِ عَنْهُمْ، وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيِ الْعُلَمَاءِ، وَاخْتَارَهُ ابن أبي زيد، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ الْمَالِكِيَّانِ، وَلَا دَافِعَ لَهُ." انتهى من "زاد المعاد" (2/437) .

6- أما نصحه إذا استنصحه : فالأظهر في النصيحة أنها واجبة على الكفاية . .[الأنترنت- الإسلام سؤال وجواب- المنجد - حقوق المسلم على المسلم منها ما هو واجب ومنها ما هو مستحب]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة الواحدة والخمسون بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي بعنوان: * ثلاثة حق على الله عونهم

    ثلاثة حق على الله عونهم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قال: (ثَلاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُمْ : الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَالْمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الْأَدَاءَ، وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ الْعَفَافَ) [رواه الترمذي]، حيث يعد الجهاد في سبيل الله سنام الدين وذروته، سواء كان بالعلم أم بالسلاح، وتعدّ النفقة في هذا السبيل مخلوفة ومُعان عليها من الله، حيث ييسر لها، وأمّا المكاتب يقصد به العبد الذي أراد فعل شيء لسيده، وكاتبه على ذلك، كما أمر الله بالكتابة لأنّها صلاح في تقويم دنياهم ودينهم، ومن يتفرغ لدنياه ودينه يعينه الله، ويرزقه من حيث لا يحتسب، وقال تعالى: (فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا) [النور :33]، أما الناكح الذي يريد العفة يعينه الله، وييسر له أمره؛ لأنه يقمع الشهوة، ويتغلب عليها ليتجنّب الزنا، وفي هذا المقال سنعرفكم على الفضائل الثلاث التي يحث عليها الحديث.

العفيف تعرف العفة بأنها صون النفس وتنزيهها عن كل ما هو منهي لتجنب الرذائل، ومن فوائد العفة ما يأتي: حماية المجتمع من الفواحش، فالمجتمع الذي يتصف بالعفة يكون بعيداً عن الرذائل. يظلّ الله العفيف في ظله يوم لا ظل إلا ظله. ينجي الله العفيف من المضائق والابتلاءات.

إعانة الله لمن أراد العفاف، حيث تكفل الله تعالى بإعانة من يريد النكاح حتى يعفّ.

المجاهد يعرف الجهاد بأنّه المشقة والطاقة، ويعد فرض كفاية، فإذا عمل به من يكفي سقط الإثم عن الآخرين، وله إطلاقان في الشرع، وهما: إطلاق خاص: ويقصد به بذل الجهد في قتال البغاة والكفار. إطلاق عام: ويقصد به العمل بكل ما يحبه الله من عمل صالح، وإيمان، ودفع كلّ ما يبغضه من عصيان، وفسوق، وكفر، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ومجاهدة النفس في استقامتها، وكبح الغرائز التي تؤدي للانغماس في الشهوات المحرمة، والتزوّد من العلم الذي يوضح الطريق، وبذل المال في وجه الخير، ومجاهدة الشيطان للتخلّص من وساوسه، ولدفع ما يلقي في النفس من شهوات محرمة، وشبهات مضلة، والجهاد في سبيل الله، وقتال الكفار.

المكاتب أوجب الله تعالى علينا مكاتبة العبد إذا علمنا فيه خيراً، وإذا أراد ذلك، والمكاتب هو العبد الذي يشتري نفسه من سيده رغبةً بالحرية، والعيش بكرامة، ومعنى مكاتب يريد الأداء، أي العبد الذي يريد أن يسدد دينه من مصاريف الزكاة، حيث تجب إعانته، وهذا من العون الإلهي.  [الأنترنت – موقع موضوع - ثلاثة حق على الله عونهم بواسطة: علا عبيات]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة الثانية والخمسون بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي بعنوان:

*لقد وجب حق الصدّيق علينا

تالله !! لقد وجب حق الصدّيق علينا

 الإمام ابن القيم - رحمه الله -

قال العلامة الإمام ابن القيم - رحمه الله :" لما بايع الرسول صلى الله عليه وسلم أهل العقبة أمر الصحابة بالهجرة الى المدينة, فعلمت قريش أن أصحابه قد كثروا وأنهم سيمنعونه, فأعملت آراءها في استخراج الحيل فمنهم من رأى الحبس ، ومنهم من رأى النفي.

ثم اجتمع رأيهم على القتل, فجاء البريد بالخبر من السماء وأمره أن يفارق المضجع, فبات علي مكانه ونهض الصديّق لرفقة السفر. فلما فارقا بيوت مكة اشتد الحذر بالصدّيق فجعل يذكر الرصد فيسير أمامه وتارة يذكر الطلب فيتأخر وراءه, وتارة عن يمينه وتارة عن شماله الى أن انتهيا الى الغار, فبدأ الصدّيق بدخوله ليكون وقاية له ان كان ثم مؤذ. وأنبت الله شجرة لم تكن قبل, فأظلّت المطلوب وأضلّت الطالب, وجاءت عنكبوت فحازت وجه الغار فحاكت ثوب نسجها عن منوال الستر, فأحكمت الشقة حتى عمي على القائف المطلب, وأرسل الله حمامتين فاتخذتا هناك عشا جعل على أبصار الطالبين غشاوة, وهذا أبلغ في الاعجاز من مقاومة القوم بالجنود فلما وقف القوم على رؤوسهم وصار كلامهم بسمع الرسول صلى الله عليه وسلم والصدّيق, قال الصدّيق وقد اشتد به القلق: يا رسول الله, لو أن أحدهم نظر

 الى ما تحت قدميه لأبصرنا تحت قدميه.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟"لما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم حزنه قد اشتد, لكن لا على نفسه,قوي قلبه ببشارة {لاتحزن ان الله معنا}

فظهر سر هذا الاقتران في المعية لفظا,كما ظهر حكما ومعنى, اذ يقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحب رسول الله رضي الله عنه, فلما مات صلى الله عليه وسلم قيل:خليفة رسول الله , ثم انقطعت اضافة الخلافة بموته فقيل : أمير المؤمنين.

فأقاما في الغار ثلاثا ثم خرجا منه ولسان القدر يقول: لتدخلنها دخولا لم يدخله أحد قبلك ولا ينبغي لأحد من بعدك. فلما استقلا على البيداء لحقهما سراقة بن مالك, فلما شارف الظفر أرسل عليه الرسول صلى الله عليه وسلم سهما من سهام الدعاء, فساخت قوائم فرسه في الأرض الى بطنها, فلما علم أنه لا سبيل له عليهما أخذ يعرض المال على من قد رد مفاتيح الكنوز ويقدم الزاد الى شبعان (أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني) كانت تحفة {ثاني اثنين} مدخرةللصديق , دون الجميع ، فهو الثاني في الاسلام وفي بذل النفس وفي الزهد وفي الصحبة وفي الخلافة وفي العمر, وفي سبب الموت؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد مات عن أثر السم وأبو بكر سم فمات .                           إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة الثالثة والخمسون بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:*لقد وجب حق الصدّيق علينا

أسلم على يديه من العشرة: عثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقّاص.     وكان عنده يوم أسلم أربعون ألف درهم فأنفقها أحوج ما كان الاسلام اليها, فلهذا جلبت نفقته عليه" ما نفعني مال, ما نفعني مال أبي بكر" . فهو خير من مؤمن آل فرعون؛ لأن ذلك كان يكتم ايمانه والصدّيق أعلن به, وخير من مؤمن آل {يس}؛ لأن ذلك جاهد

ساعة والصديق جاهد سنين.

عاين طائر الفاقة يحوم حول حب الايثار ويصيح:   { من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا} , فألقى له حب المال على روض الرضى واستلقى على فراش الفقر, فنقل الطائر الحب الى حوصلة المضاعفة ثم علا على أفنان شجرة الصدق يغرد بفنون المدح, ثم قام في محاريب الاسلام يتلو:{ وسيجنّبها الأتقى, الذي يؤتي ماله يتزكى} .

نطقت بفضله الآيات والأخبار؛ واجتمع على بيعته المهاجرون والأنصار.

فيا مبغضيه في قلوبكم من ذكره نار, كلما تليت فضائله

علا عليهم الصغار. أترى لم يسمع الروافض الكفّار

{ثاني اثنين اذ هما في الغار}

. دعي الى الاسلام فما تلعثم ولا أبى, وسار على المحجّة فما زال ولا كبا, وصبر في مدته من مدى العدى على وقوع الشبا, وأكثر في الانفاق فما قال حتى تخلل بالعبا ، تالله قد زاد على السبك في كل دينار دينار{ثاني اثنين اذ هما في الغار}

من كان قرين النبي في شبابه. من ذا الذي سبق الى

الايمان من أصحابه. من الذي أفتى بحضرته سريعا في جوابه, من أوّل من صلّى معه؟ ومن آخر من صلّى به؟ من الذي ضاجعه بعد الموت في ترابه فاعرفوا

حق الجار.

نهض يوم الردة بفهم واستيقاظ,وأبان من نصالكتاب

معنى دق عن حديد الالحاظ, فالمحب يفرح بفضائله والمبغض يغتاظ حسرة الرافضي أن يفر من مجلس ذكره, ولكن أين الفرار؟. كم وقى الرسول بالنفس والمال, وكان أخص به في حياته وهو ضجيعه في الرمس فضائله جلية وهي خليّة عن اللبس.

يا عجبا! من يغطي عين ضوء الشمس في نصف

النهار, لقد دخلا غارا لا يسكنه لابث, فاستوحش الصديق من خوف الحوادث, فقال الرسول صلى الله عليه وسلم:" ما ظنّك باثنين والله الثالث".

فنزلت السكينة فارتفع خوف الحادث.

فزال القلق وطاب عيش الماكث. فقام مؤذن النصر ينادي على رؤوس منائر الأمصار: {ثاني اثنين اذ هما في الغار}.حبه والله رأس الحنيفية, وبغضه يدل على خبث الطوية. فهو خير الصحابة والقرابة, والحجة على ذلك قوية. لولا صحة امامته ما قال ابن الحنفية... مهلا مهلا !! فان دم الروافض قد فار.

والله ما أحببناه لهوانا, ولا نعتقد في غيره هوانا,

ولكن أخذنا بقول علي رضي الله عنه: "كفانا رضيك رسول الله لديننا, أفلا نرضاك لدنيانا " تالله لقد أخذت من الروافض بالثأر تالله لقد وجب حق الصدّيق علينا, فنحن نقضي بمدائحه ونقر بما نقر به من السنى عينا, فمن كان رافضيا فلا يعد الينا وليقل: لي أعذار.  [الأنترنت – موقع المنبر الإسلامي - بواسطة أبو معاذ محمد مرابط

وجب حق الصدّيق علينا " الفوائد " صفحة : 45 – 47]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة الرابعة والخمسون بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي بعنوان :*حق الصديق

  حقوق عملية بين الأصدقاء قل مَن يقوم بها،

ونسأل الله أن يعيننا عليها، وأن نكون أوفى الناس

للناس؛ فإنه لم يذق طعم الحياة من لم يكن له صديق وفيّ يطمئن إليه ويسكن إليه.

وأول الحقوق العملية أن تسأل عن صديقك، وأن تبحث عن أحواله، وأن تؤدي له مهامه، دون أن يطلب منك، أن تكون له كالمرآة التي يرى نفسه فيها، وهذا المعنى أخبرنا به الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فقد جاء في الحديث الصحيح عند أبي داود من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “المؤمن مرآة أخيه، المؤمن أخو المؤمن يكفّ عليه ضيعته، ويحوطه من ورائه“.

هذا هو الصديق هذا هو الأخ؛ يبحث عن حاجاته،

أن تبحث عن احتياجاته، أن ترى ما الذي ينقصه، أن تسدّ عيبه،ولذلك جاء في حديث آخرمن حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- بسند صحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"المؤمن مرآة أخيه إذا رأى فيه عيبًا سدّه“؛ أو كما قال عليه الصلاة والسلام.

إذاً هذا هو المؤمن، هذه هي الصداقة، هذه هي الأخوة في الله، من الحقوق العملية أن تنصره وأن تكون معه، فقد روى جابر بن عبدالله وأنس بن مالك وعبد الله بن عمر -رضي الله عنهم أجمعين- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا“، قيل: كيف ننصره ظالمًا؟ قال: “تمنعه عن ظلمه“، أن تمنعه عن ظلمه لنفسه، وأن تمنعه عن ظلمه لأولاده، وأن تمنعه عن ظلمه لمن يعمل تحت يده، وأن تمنعه من ظلمه لغيره، هذه هي الأخوة أن تأمره بالمعروف، وأن تنهاه عن المنكر حينها تكون صديقًا وفيًّا حقًّا.

وأما أن تسايره أو تشجعه، أو يسايرك أو يشجعك؛ فهذه صداقة ليست بالوفية، ومآلها العضّ على الأيدي يوم القيامة كما جاء معنا في الخطبة الماضية.

ومن حقوق الصداقة العملية: العفو عن زلاته، وستر هفواته، وهذه لا تكون إلا بالتآلف والتعارف، إذا كنت لا تتزوج إلا امرأة لا تنكد على زوجها؛ فلن تتزوج، وإذا كنت لم تصادق إلا صديقًا لا عيب فيه فلن تصادق أحدًا، ولكن إذا كان المرء تُعَدّ معايبه؛ فهذا يكفيه فخرًا بذلك.

*كفى بالمرء نبلاً أن تعد معايبه

إذا كنت تعد معايب صديقك على اليد الواحدة، فيه واحد اثنان.. هذا صديق رائع، واحد اثنان

أربع خمسة.. هذا صديق رائع، إذا كان فيه عشرة عيوب فقط؛ فهذا صديق رائع، ولكن أين تجد مَن تُعد معايبه؟!

إذا كنت تبحث عمن لا عيب فيه فلن تجد؛ لأننا

بشر مجبولون على الخطأ، هذا العفو عن الزلات ،

 والعفو عن الهفوات، لن يحصل إلا بالتعارف، وبعد التعارف يحصل التآلف والتعارف للصداقة كالطهارة للصلاة، فكما أن الصلاة لا تصح إلا بطهارة فلا يصح لك أن تتخذ صديقا بمعنى الصداقة إلا بعد أن تعرفه، ومعرفة الصديق والأخ في الله لها طريقان، طريق لا تملكه وطريق تملكه.

أما الطريق الذي لا تملكه والطريق الذي تملكه، فكلاهما قد جاء في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المتفق على صحته من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: “الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، مَا

تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ، وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ“

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة الخامسة والخمسون بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *حق الصديق

عمر تعجب من مسألة كما نقل ذلك ابن القيم في كتاب الروح، فسأل عليّ بن أبي طالب، قال له: يا علي! إني أسألك عن أشياء، فلعلك حضرت مع رسول الله وغبنا، ولعلنا شهدنا وغبت، قال عم؟ قال: “الرجل يحب الرجل لا يعرفه ولن يجد منه شيئًا، ولم يعمل له شيئًا، والرجل يبغض الرجل لا يعرفه ولم يجد منه شيئًا، فما ذاك؟” قال: “نعم، إن الأرواح لتطاير في الهواء فتشام بعضها بعضًا” لها رائحة “فما زكت مع بعضهما تعارفا واتلفا، وما لم يزكو مع خبثت مع بعضهما تناثرت وتناكرت“.

فإذا رأيت  إنسانًا تحبه من غير أن تعرفه؛ فاعلم أن روحك قد قابلت روحه، فزكت، وإذا رأيت إنسانًا تبغضه هكذا من غير أن تعرفه، ولم يعمل لك شيئًا، فاعلم أن الأرواح لم تتطابق مع بعضها البعض، فهذا التعارف أنت لا تملكه والله يملكه.

ثم يأتي التعارف الذي أنت تملكه، وهو أن تعرف

صديقك، وأن تختبره أن تجربه في الدينار والدرهم،

وأن تجربه في السفر، وأن تجربه في المواقف الصالحة، وفي المواقف الصعبة، وفي المواقف السهلة، فإذا عرفته فانظر هل يلائمك أو لا؟

عن عمرة بنت عبدالرحمن -وهي من طالبات العلم

عند عائشة -رضي الله عنها-، قالت: “سافرت

امرأة من مكة إلى المدينة مزاحة”، كانت معروفة في مكة أنها خفيفة الدم، تحب المزح كثيرًا، “فجاءت إلى المدينة فوقعت على امرأة مثلها مزاحة، قالت: فقلت لعائشة، ألا تتعجبين من فلانة جاءت من مكة فوقعت مع فلانة؟”، اجتمع هذا وهذا، قالت: “صدق حِبي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها اتلف وما تناكر منها اختلف“.

إذاً من حقوق الصداقة أن تعفو عن الزلات، وأن تسامح في الهفوات، ويكفيك أن صديقك، وأن أخاك هذا تُعَدّ معايبه، لا يوجد فيه إلا عيب أو

 عيبان أو ثلاث، الحمد لله.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة السادسة والخمسون بعد المائتين في

موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي

 بعنوان : *حق الصديق

ومن حقوق الصداقة عدم التكلف، والتكلف معناه أن تبذل فوق طاقتك سواء الأخلاقية أو المجاملات أو المالية أو الطبعية، أن تبذل فوق طاقتك، فوق طبيعتك لترضي صديقك، فمن كان حالهما أنهما يتجشمان لبعضهما في المجاملات، وكلّ يحسب حساب الثاني فيما يتخالفان فيه، فهذان لم يذوقا للصداقة طعمًا، ولم يعرفا الصداقة حق المعرفة.

روى الإمام أحمد عن سلمان -رضي الله عنه- أن

صاحبه دخل عليه في بيته فنادى فيما عنده من طعام

قال: ضعوا الطعام الذي عندكم، ثم قال: يا فلان لولا أن رسول الله نهانا، وفي لفظ قال: “لولا أن نُهينا عن التكلف لتكلفت لك“، ولكن نهى عن التكلف بين المؤمنين عامة، فما بالك بين الأصدقاء خاصة؟!

الذي يطلب من صديقه أن يتكلف له وليس معنى هذا أن ينبسط بمعنى أن يتجاوز الحدود، فكل

شيء له حد وفق الشرع، ولكن أن يتكلف له في الكلام، يتكلف له في الولائم، يتكلف له في الزيارة  .. هذا لا يصلح أن يكون صديق.

إنما الصديق الذي لا يتكلف لصاحبه، وينبسط له ويكون معه كأنه هو لا فرق بينهما ولذلك قد قيل:

إِذا المَرءُ لا يَرعاكَ إِلّا تَكَلُّفاً *** فَدَعهُ وَلا تُكثِر عَلَيهِ التَأَسُّفا

إذا لم يكن صفو الوداد طبيعةً *** فلا خيرَ في ودٍ يجيءُ تكلُّفا

آخر مسألة في الحقوق العملية: الثقة بين الصديقين، والثقة فيها تفصيل، الثقة المطلقة لا تكون إلا لله، أن تثق ثقة مطلقة لا شك فيها لا تكون إلا لمن؟ لله وحده، لماذا؟ لأن الثقة في الله نابعة من التوكل على الله، فهي عقيدة يعتقدها المؤمن في ربه.

ولذلك ابن القيم -رحمه الله- في مدارج السالكين قال كلامًا عجيبًا في مجال الثقة يقول “الثقة هي سواد عين التوكل، وهي قلبه النابض”، ثم ذكر مسألة في الثقة، قال: “أم موسى -عليه السلام- لما قال لها ربها ارميه في البحر، ضعيه في البحر، -ألقه في اليم، تتلاعب به الأمواج- قال: لولا أن عندها ثقة في الله لما رمت بولدها في البحر تتقاذفه الأمواج، ولكن حينما كمُل التوكل عندها جاءت الثقة في الله -جل وعلا-، ثم بعد ذلك وضعت ابنها في الأمواج العاتية، وهي واثقة بربها أنه راجِعٌ راجِع“. اللهم ارزقنا الثقة بك يا رب العالمين..

هذه الثقة بالله، والثقة في الله ينتج عنها الثقة فيمن أحبه في الله، فالصداقة محبة في الله، قال ابن مشرد في الصداقة “وحدّه المعقول عندي ما أقول، فهي بلا اشتباه: محبة في الله“.

إذا كان كذلك فلا تثق في أيّ أحد إلا إذا كان عنده دين وخُلق، ولا يكفي دين من غير خُلق، ولا خُلق بغير دين، قال الحسن البصري -رحمه الله-: “لئن أجالس قليل دين ذي خلق أحب إليّ من أن أجالس عابدًا ذا دين بلا خُلق” سيء الخلق..

فإذا كان صديقك صاحب دين وصاحب خُلق، فهذا الذي تثق فيه الثقة النسبية، وما معنى أن تثق فيه؟ معناها أن تركن عليه، وتركن إليه؛ كأنه أنت في أمورك، وما الدليل على هذا الكلام أنك لا تركن ولا تثق إلا في صاحب الدين والخلق؟ اقرأ هذه الآية (وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ) [هود: 113]، وإن كانت هذه الآية في الكافرين إلا أنها أيضًا لكل ظالم، سواء يظلم نفسه ظلمًا عظيمًا أو يظلم غيره.

وأما صاحب الدين فاركن إليه، وثِقْ به، وهذه من لوازم الصداقة، كن أنت كذلك يكون صديقك

لك كما تحب، كن ممن يركن إليه، وإذا وكل بعمل من صاحبه وصديقه وثق فيه، وأداه على أحسن وجه حينها تجد من أصدقائك من يكون كذلك.

اللهم اغفر لنا وارحمنا، أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم إن ربي غفور رحيم.

  خلاصة هذا الكلام أن تطبّق أيها المؤمن حقوق الصداقة أنت، ثم ابحث عنها في غيرك، أما أن ترجوها من غيرك وأنت قد قصّرت في هذه الأمور فلست أهلاً لأن تصادق أحدًا، فإذا طبقتها فابحث عنها، ولكن إياك ثم إياك أن تصادق واحدًا من خمسة، إذا وجدت واحدًا فيه صفة من الصفات الخمسة هذه لا تصاحبه، ولا تتخذه خليلاً، لا تصادق الكذاب، ولا الأحمق، ولا الجبان، ولا البخيل، ولا الفاسق.

قال الغزالي -رحمه الله- في إحياء علوم الدين: “إياك أن تصحب واحدًا من خمسة، لا تصحب الكذاب؛ فإنه يقرب لك البعيد ويبعد لك القريب، ولا تزد منه خيرًا قط، ولا تصحب الأحمق؛ فإنك لست منه على شيء، يريد أن ينفعك فيضرك، ولا تصاحب البخيل؛ فإنه يتركك وأنت في أشد الحاجة له، ولا تصاحب الجبان فإنه يسلمك ويفر عنك، ولا تصاحب الفاسق فإنه يبيعك بأقل أكلة وأقل من أقل ذلك”، قلت: ولا تصاحب الفاسق؛ فإنه يضر دينك،ودينك هو رأس مالك.اللهم اغفر لنا وارحمنا ..[الأنترنت –موقع الخطباء - عنوان الخطبة - حق الصديق -الشيخ : محمد بقنة الشهراني خطيب]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة السابعة والخمسون بعد المائتين في موضوع (الحق)

 وهي بعنوان :*إن لجسدك عليك حقا

روى البخاري عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضى الله عنهما - قال لى رسول الله - صلى الله عليه وسلم (يا عبد الله ألم أخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل). فقلت بلى يا رسول الله. قال : (فلا تفعل، صم وأفطر، وقم ونم، فإن لجسدك عليك حقا، وإن لعينك عليك حقا، وإن لزوجك عليك حقا، وإن لزورك عليك حقا، وإن بحسبك أن تصوم كل شهر ثلاثة أيام، فإن لك بكل حسنة عشر أمثالها، فإن ذلك صيام الدهر كله) الحديث.

إننا نفهم هذا الحديث من خلال القصة التي ورد فيها، فالنبي صلى الله عليه وسلم طلب من عبد الله رضي الله عنه أن لا يصوم كل يوم، وأن لا يسهر كل الليل، وأن يختم القرآن كل ثلاث ليال. وهذا الفهم صحيح. لكنه ليس الفهم الوحيد الذي ينبغي أن نقتصر عليه.

فالحديث بين أن للجسد حقاً وللعين حقاً وللزوج حقا وللزائر حقاً

فما هو حق الجسد؟

ليس من حق الجسد أن تتخمه بالطعام حتى تعجز عن القيام. ثم تقول (لجسدك عليك حقا).

ليس من حق الجسد: أن تكسله بالقعود عن الحركة

أو بالنوم بحجة الراحة ثم تقول: (لجسدك عليك حقاً).

فكما أن للجسد عليك حقا بأن تطعمه، فمن حقه عليك أن لا تتخمه، بل تطعمه النافع المفيد المتمثل في لقمة الحلال التي تقيم صلبك وتغذي فكرك وتعينك على طاعة ربك. ومن حقه عليك أن لا تزيد عن حاجته في الغذاء والشراب فالله تعالى يقول: {وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (الأعراف : 31 ) ويقول رسول الله الهدى صلى الله عليه وسلم: (ما ملأ آدمى وعاء شراً من بطن، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه) [رواه أحمد والترمذي وابن ماجة]، حتى لا تثقله بالوزن الزائد والدهون والشحوم المتراكمة في أنحائه المختلفة والتي ما تلبث أن تكون عبئاً على الجسد وصحته وسبباً في تسريع ضعفه وهرمه. وإنني على يقين تام بأنه ما من إنسان يلتزم بهذا الحديث إلا كان في مأمن من زيادة الوزن، ومستغنياً عن كل الأنظمة الغذائية وبرامج التخسيس التي تستنزف الأموال والثروات.

ومن حق جسدك عليك أن تمتنع عن كل ما يضره من أطعمة أو مشروبات أو مفترات، فالجسد وإن كان جسدك لكنه ليس ملكا لك، وحياتك ليست ملكا لك، بل هي ملك لمالك الملك سبحانه، فالجسد وعاء للروح وحامل لها، وبالتالي يلزمك ومن حقه عليك أن تقدم له كل ما يعينه على القيام بهذه المهمة. أما ما يعيقه عن القيام بهذه المهمة فعليك أن تتخلى عنه وتعتبره من المحرمات شرعاً أو عقلا.

من حق جسدك عليه أن تبعد عنه الكسل والخمول، البعض منا كان يمارس الرياضة في فتوته وشبابه ويصرف فيها جل أوقاته، ثم ما إن يكبر وينشغل بأعباء الحياة من أسرة وأولاد وأعمال حتى تجده يعزف عن الرياضة وينظر إليها على أنها طيف من الماضي يليق بالشباب ولا يليق بالكهول، يليق بالأبناء ولا يليق بالآباء أو الدعاة أو المربين ونغفل أو نتغافل وننسى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سابق عائشة وقد تجاوز عمره الخامسة والخمسين.

ونرى في ممارسة الرياضة مشيا أو جرياً أو ألعاباً أمور تتنافى مع الوقار والهيبة والشخصية المثالية التي نظرنا لأنفسنا بها.

وإذا تعلق بالأمر بالأنثى نظرنا إلى الرياضة نظرة ريبة وشكوك، وكأن جسدها ليس له حق كجسد الرجل. وهذا خلط للأمور فالرياضة الصحية المناسبة لطبيعة الأنثى بعيدا عن الفتنة لها أو بها شيء، والتبرج والخروج على تعاليم الشرع شيء آخر ولا تلازم بينهما. فالأول مطلوب والثاني حرام على كل حال وفي كل مجال.

إن حق الجسد يقتضي منا أن نحافظ عليه بصحة جيدة وهذا يقتضي من كل فرد منا أن يكون متوازنا في طعامه وشرابه ونومه ويقظته، ورياضته وحركته. وأنفع الأمور ما كان مستمراً يبتغي به العبد رضى ربه ومولاه ويتقوى به على طاعته وعيادته.

 [الأنترنت – موقع  - التغذية وفقا للقرآن والسنة - إن لجسدك عليك حقا]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة الثامنة والخمسون بعد المائتين في موضوع (الحق)وهي بعنوان :

*تحريم قتل النفس إلا بالحق

قال تعالى : {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۗ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ ۖ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا (33)

يقول جلّ ثناؤه: وقضى أيضا أن (لا تَقْتُلُوا) أيها الناس (النَّفْسَ التي حَرَّمَ الله) قتلها(إلا بالحَقّ)

وحقها أن لا تقتل إلا بكفر بعد إسلام، أو زنا بعد

إحصان، أو قود نفس، وإن كانت كافرة لم يتقدّم كفرها إسلام،فأن لايكون تقدم قتلهالها عهد وأمان.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد ، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ ) وإنا والله ما نعلم بحلّ دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث، إلا رجلا قتل متعمدا، فعليه القَوَد، أو زَنى بعد إحصانه فعليه الرجم؛ أو كفر بعد إسلامه فعليه القتل.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا ابن عيينة، عن الزهريّ، عن عُروة أو غيره، قال: قيل لأبي بكر:

أتقتل من يرى أن لا يؤدي الزكاة، قال: لو منعوني

شيئا مما أقروا به لرسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم فقيل لأبي بكر : أليس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أُمِرْتُ أنْ أُقاتِلَ النَّاسَ حَتى يَقُولُوا: لا إِلَه إِلا الله، فإذَا قالُوها عَصَمُوا مِنّي دِماءهُمْ وأمْوالهُم إِلا بِحَقِّها، وحِسابُهُمْ عَلى الله " فقال أبو بكر: هذا من حقها.

حدثني موسى بن سهل، قال: ثنا عمرو بن هاشم، قال: ثنا سليمان بن حيان، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أُمِرْتُ أنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتى يقُولُوا لا إِلَه إِلا الله، فإذَا قالُوها عَصَمُوا مِنِّى دِماءهُمْ وأمْوالهُمْ إِلا بِحَقِّها وحِسابهُمْ عَلى الله؛ قيل: وما حقها؟ قال: زِنًا بَعْد إحْصانٍ، و كُفْرٌ

بَعْد إيمَانٍ، وقَتْلُ نَفْسٍ فَيُقْتَلُ بِها ".

وقوله ( وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا ) يقول: ومن قتل بغير

المعاني التي ذكرنا أنه إذا قتل بها كان قتلا بحقّ( فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا ) يقول: فقد جعلنا لوليّ المقتول ظلما سلطانا على قاتل وليه، فإن شاء استقاد منه فقتله بوليه، وإن شاء عفا عنه، وإن شاء أخذ الدية.

وقد اختلف أهل التأويل في معنى السلطان الذي جُعل لوليّ المقتول، فقال بعضهم في ذلك، نحو الذي قُلنا.[الأنترنت – موقع تفسير الطبري - تحريم قتل النفس إلا بالحق]

  إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة التاسعة والخمسون بعد المائتين في موضوع (الحق)وهي بعنوان :* من حقوق النَّفس تزكيتُها

إن صلاحُ الخلقِ وقِوامُ أمرِهم بإعطاءِ كلِّ ذي حقِّ حقَّه، وذلك هو العدلُ الذي قامَت به السماواتُ والأرضُ، وعليه قِيامُ الدنيا والآخرة.

ولكلِّ نفسٍ على صاحِبِها حقٌّ هو مسؤُولٌ عنه يوم الدين؛ قال - عليه الصلاة والسلام -: «وإنَّ لنفسِكَ عليك حقًّا»؛ رواه أحمد.

وأكبرُ حقوقِ النَّفسِ: تزكيتُها، وبه حِفظُها مِن الخِصالِ الذَّميمَة؛ فالنَّفسُ أمَّارةٌ بالسُّوء، ولها شرٌّ يُستعاذُ مِنه؛ قال - عليه الصلاة والسلام -: «أعوذُ بك مِن شرِّ نفسِي»؛ رواه أحمد.

وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يقولُ في فاتِحةِ خُطبِه:ونعوذُ باللهِ مِن شُرورِ أنفُسِنا رواه الترمذي.

فلا مناصَ مِن إصلاحِها، والله يُحبُّ لعبادِه ذلك؛ قال تعالى: ﴿مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ﴾ [المائدة: 6]. أي: بواطِنَكم وظواهِرَكم.

ولعظيمِ أمرِ تزكِية النُّفوس كانت إحدَى مقاصِدِ بِعثةِ الرُّسُل - عليهم السلام -؛ فإبراهيمُ وإسماعيل

عليهما السلام - دعَوَا اللهَ أن يبعَثَ في هذه الأمةِ

رسولًا منهم يُزكِّيهم، فقال: ﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ﴾ [البقرة: 129].

ومُوسى - عليه السلام - أرسَلَه الله إلى فِرعون وقال له: ﴿اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (17) فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى﴾ [النازعات: 17، 18].

وبعَثَ الله نبيَّنا مُحمدًا - صلى الله عليه وسلم - مُزكِّيًا للعباد؛ قال - سبحانه -: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ

فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ﴾ [الجمعة: 2].

وبذلك امتَنَّ الله على عبادِه المُؤمنين فقال: ﴿لَقَدْ مَنَّ

اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾ [آل عمران: 164].

والدَّاعِيةُ يدعُو النَّاسَ إلى الله وإن دَنَت منزلتُهم؛ طمعًا في تزكيتِهم وهدايتِهم؛ قال - عزَّ وجل -: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (2) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى﴾ [عبس: 1- 3].

والفلاحُ كلُّه إنَّما هو في تزكِية النَّفس، والخَيبةُ والخسارةُ في عدمِها، وعلى هذا أقسَمَ الله أطوَلَ قسَمٍ في كتابِه، ثم قال: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا﴾ [الشمس: 9، 10].

قال قتادةُ - رحمه الله -: "قد أفلَحَ مَن زكَّى نفسَه بطاعةِ الله وصالِحِ الأعمالِ".

وهذا ما أجمَعَت عليه الرِّسالاتُ؛ قال - سبحانه -: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (15) بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (17) إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (18) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى﴾ [الأعلى: 14- 19]. ومِن صِفاتِ المُؤمنين: تزكِيةُ أنفُسِهم؛ قال - سبحانه -: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ﴾ [المؤمنون: 4].

قال ابنُ كثير: هو زكاةُ النُّفوس وزكاةُ الأموال، والمُؤمنُ الكامِلُ هو الذي يتعاطَى هذا وهذا

ومَن زكَتْ نفسُه فقد منَّ الله عليه وأكرَمَه؛ قال - سبحانه -: ﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا﴾ [النور: 21].

والجنَّةُ في الآخرة جزاءُ مَن أصلَحَ نفسَه؛ قال - جلَّ وعلا -: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾ [النازعات: 40، 41].

والدَّرجاتُ العُلَى مِنها جزاءُ مَن تزكَّى؛ قال - عزَّ وجل -: ﴿وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى (75) جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى﴾ [طه: 75، 76].

والسعيُ لتحقيقِ التَّزكِية فرضٌ على جميعِ العِباد، وذلك بامتِثالِ أوامِرِ الله واجتِنابِ نواهِيه؛ فإنَّ المقصد الأعظَم في الأوامِر والنَّواهِي - بعد تحقيقِ العبوديَّة لله - تزكيةُ الأنفُس وإصلاحُها.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

 فهذه الحلقة الستون بعد المائتين في موضوع (الحق)وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :     * من حقوق النَّفس تزكيتُها

وأعظمُ أمرٍ تزكُو به النُّفوسُ: توحيدُ الله بعبادتِه

وحدَه لا شريكَ له، ولا زكاةَ للخلقِ إلا بالتوحيدِ؛ قال سبحانه ﴿وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ ، الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ﴾[فصلت: 6، 7].

قال شيخُ الإسلام - رحمه الله -: "وهي التوحيدُ والإيمانُ الذي به يزكُو القلبُ؛ فإنَّه يتضمَّنُ نفيَ إلهيَّة ما سِوَى الحقِّ مِن القلبِ، وإثباتَ إلهيَّة الحقِّ في القلبِ، وهو حقيقةُ (لا إله إلا الله)، وهذا أصلُ ما تزكُو به القُلوبُ".

والصلاةُ زكاةٌ للنَّفس، وطهارةٌ للعبدِ؛ قال تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾ [العنكبوت: 45].

وتُصلِحُ أهلَها، وتُذهِبُ عنهم الخطايا؛ قال - عليه

الصلاة والسلام -: «أرأيتُم لو أنَّ نهرًا ببابِ

أحدِكم يغتسِلُ مِنه كلَّ يومٍ خمسَ مرَّاتٍ هل يبقَى مِن دَرَنِه شيءٌ؟»، قالُوا: لا يبقَى مِن دَرَنِه شيءٌ،

 قال: «فذلك مثَلُ الصَّلوات الخَمسِ يمحُو الله بهنَّ الخطايا»؛ متفق عليه.

وبالزَّكاةِ والصَّدقةِ نقاءُ النُّفوس وزكاؤُها؛ قال –

سبحانه -: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾ [التوبة: 103].

والنَّجاةُ مِن النَّار جزاءُ مَن زكَّى نفسَه بمالِه؛ قال - جلَّ وعلا -: ﴿وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (17) الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى﴾ [الليل: 17، 18].

والصَّومُ وِقايةٌ مِن آفاتِ النُّفوس وشُرورِها، ووِجاءٌ لأهلِه مِن الفواحِشِ؛ قال - سبحانه -: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 183].

وفي الحجِّ تزكُو النُّفوس؛ قال - جلَّ وعلا -: ﴿فَمَنْ

فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي

الْحَجِّ﴾ [البقرة: 197].

والمقبُولُ مِن الحُجَّاج يعُودُ طاهِرَ النَّفس كيوم ولَدَتْه أمُّه؛ قال - عليه الصلاة والسلام -: «مَن حَجَّ لله فلم يرفُث ولم يفسُق رجَعَ كيوم ولَدَتْه أمُّهُ»؛ متفق عليه.

وطاعةُ الله في حقوقِ المخلُوقين تُصلِحُ القلبَ وإن كانت ثقيلةً على النَّفسِ؛ قال - سبحانه -: ﴿وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ﴾ [النور: 28].

والله - سبحانه - بيدِهِ صلاحُ القلوبِ وطهارتَها؛ قال تعالى: ﴿بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: 49]

والدُّعاءُ عبادةٌ عظيمةٌ، وبه يُدرِكُ العبدُ مطلُوبَه، ومِن

دُعاءِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «اللهم آتِ نفسِي تقوَاها، وزكِّها أنت خَيرُ مَن زكَّاها»؛ رواه مسلم.

والإكثارُ مِن ذِكرِ الله به انشِراحُ الصَّدر وطهارةُ القلبِ؛ قال - جلَّ وعلا -: ﴿أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ

الْقُلُوبُ﴾ [الرعد: 28].

ومَن اشتغَلَ بالقُرآن العظيم تلاوةً وتدبُّرًا وعملًا وتعلُّمًا وتعليمًا صلَحَت نفسُه وانقادَت له؛ قال

عزَّ وجل -: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [يونس: 57]. قال ابن القيِّم - رحمه الله -: "القُرآنُ هو الشِّفاءُ التامُّ مِن جميعِ الأدواءِ القلبيَّة والبدنيَّة،

وأدواءِ الدنيا والآخرة".

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة الواحدة والستون بعد المائتين في موضوع (الحق)وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :     * من حقوق النَّفس تزكيتُها

والعلمُ النَّافِعُ يُزكِّي أهلَه؛ قال - سبحانه -: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ [الزمر: 9].

ولا يزالُ العلمُ بصاحِبِه حتى يبلُغَ مُنتهَى التزكِية ويكون مِن أهل الخشيَة؛ قال - سبحانه -: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ [فاطر: 28].

وقراءةُ سِيَر العُلماء والنُّبَلاء تحدُو بالنَّفسِ للتأسِّي بهم واللُّحُوق برَكبِهم، ومَن نظَرَ في سِيَر السَّلَف الصالِح ظهَرَ له تقصيرُ نفسِه.

وبصلاحِ القلبِ وسلامتِه صلاحُ ظاهرِ العبدِ

وباطنِه، ومَن جاهَدَ نفسَه ظفَرَ بمقصُودِه.

ودوامُ مُراقبةِ الله يُكمِّلُ أهلَه، فيُدرِكُ منازِلَ المُحسِنين، وزكاةُ النَّفس موقوفةٌ على مُحاسبتِها، فلا تزكُو ولا تصلُحُ إلا بالمُحاسَبَة، وبذلك يطَّلِعُ العبدُ على عيُوبِ نفسِهِ ويسعَى إلى إصلاحِها.

وغضُّ البصَر مما تزكُو به الأنفُس؛ قال - جلَّ وعلا -: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ﴾ [النور: 30].

قال - عليه الصلاة والسلام -: «مَن استَطاعَ الباءَةَ

فليتزوَّج؛ فإنَّه أغَضُّ البصَرِ، وأحصَنُ للفَرْج، ومَن لم

يستطِع فعليه بالصِّيام؛ فإنَّه له وِجاء»؛ متفق عليه.

وصِيانةُ النَّفسِ عن فضُولِ النَّظَر والكلامِ مِن دواعِي تزكيتِها. قال ابن القيِّم - رحمه الله -: "وأكثرُ المعاصِي إنما تولُّدُها مِن فضُول الكلامِ والنَّظَر، وهما أوسَعُ مداخِل الشَّيطان؛فإنَّ جارِحَتَيهما لا يمَلَّان ولا يسأَمَان

والمرءُ على دينِ خليلِه، فلينظُر أحدُكُم مَن يُخالِل، والصُّحبةُ الصالِحةُ خَيرُ عَونٍ للعبدِ على بُلوغِ المعالِي؛ فإن غفَلَ ذكَّرُوه، وإن ذكَرَ أعانُوه.

وفي زيارةِ المقابِرِوتذكُّرالمَوتِ حياةُ النُّفُوس واستِقامتُها.

والتوبةُ تُزكِّي العبدَ وتُطهِّرُه؛ قال عزَّ وجل : ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون﴾ [النور: 31].

قال - عليه الصلاة والسلام -: «إنَّ العبدَ إذا أخطأَ

خطيئةً نُكِتَ في قلبِهِ نُكتةٌ سَوداء، فإن هو نَزَعَ واستغفَرَ وتابَ صُقِلَ قلبُه»؛ رواه الترمذي.

والنَّفسُ والأعمالُ لا تزكُو حتى يُزالَ عنها ما يُناقِضُها، ولا يكون الرَّجُلُ مُتزكِّيًا إلا مع تركِ الشَّرِّ؛ فالتزكيةُ وإن كان أصلُها النَّماء والبركةُ وزيادةُ الخَير، فإنما تحصُلُ بإزالةِ الشَّرِّ، فلهذا صارَالتزكِّي يجمعُ هذا وهذا.

وبعدُ : فأصلُ التزكِية كتابُ الله وسُنَّةُ رسولِه - صلى الله عليه وسلم -، بطاعةِ الله واتِّباع هَديِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وهذا هو سبيلُ الله ودينُه وصِراطُه المُستقيم، وبذلك زكاةُ الأنفُس وصلاحُها وفلاحُ الخلق

وعِزُّهم.

قال تعالى: ﴿وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ﴾ [فاطر: 18].

   إن تغيُّرُ أحوال العِباد صلاحًا وفسادًا، ورخاءً وشدَّةً، وأمنًا وخوفًا تَبَعٌ لتغيير ما في نفوسِهم؛ قال - سبحانه -: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ [الرعد: 11]. وكلُّ ما يُصيبُ العِبادَ فمنشَؤُه مِن أنفُسِهم؛قال عزَّ وجل :

﴿أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ﴾ [آل عمران: 165].

ومَن أصلَحَ سريرتَه أصلَحَ الله له علانيتَه، ومَن أصلَحَ

ما بينَه وبين الله أصلَحَ الله ما بينَه وبين الناسِ، ومَن عمِلَ لآخرتِه كفَاه الله أمرَ دُنياه، والمُؤمنُ وَجِلٌ، يجمعُ بين إحسانٍ وخوفٍ، فيسعَى لإصلاحِ نفسِه وتزكيتِها، ولا يتمدَّحُ بذلك فيدَّعِي زكاءَها وطهارتَها؛ قال تعالى: ﴿فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى﴾ [النجم: 32]. [الأنترنت – موقع بوابة الحرمين - من حقوق النَّفس تزكيتُها-  الشيخ عبد المحسن بن محمد القاسم]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة الثانية والستون بعد المائتين في موضوع (الحق)وهي بعنوان : 

*أحوال النفس في القرآن الكريم وأنواعهاومايجب لها

لقد أقسم الله سبحانه وتعالى بالنفس الإنسانية لأنها أعظم ما خلق وأبدع، وجعل قَسَمَه بها سابع قسم شمل خلق السموات والأرض. قال تعالى: ﴿ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا * وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا * وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا * وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا * وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا * وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا﴾[الشمس: 1 - 7]. ثم بيّن الله تعالى أنّه ألهم نفوسنا دوافع الخير ونوازع الشر: ﴿ فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ﴾ [الشمس: 8]،        ولكنّ هذا الخير وهذا الشر ليسا قدراً مسيطراً على شخصية الإنسان لا مندوحة عنه، بل بإمكان الإنسان أن يزكو بنفسه ويرقى بها، وبإمكانه أن ينحطّ بها ويتدهور بشأنها ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾ [الشمس: 9، 10]. لذا كان النبي (يُكثر من هذا الدعاء: "اللهم آت نفسي تقواها وزكّها أنت خير من زكّاها، أنت وليّها ومولاها".

 أنواع النفوس التي عرضها القرآن الكريم فهي:

1- النّفس الأمّارة بالسّوء:

وهي النفس التي تأمر الإنسان بفعل السيّئات والتي أخبر عنها القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿ وَمَا أُبَرِّىءُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [يوسف: 53]. فهي تأمر صاحبها بفعل كل رذيلة، تسيطر عليها الدوافع الغريزية، وتتمثل فيها الصفات الحيوانية، وتبرز فيها الدوافع الشريرة، فهي توجّه صاحبها بما تهواه من شهوات. وأخبر سبحانه وتعالى عن تلك النفس أنها أمّارة - بصيغة المبالغة - وليست آمرة لكثرة ما تأمر بالسوء، ولأنّ ميلها للشهوات والمطامع صار عادة فيها إلاّ إنْ رحمها الله عز وجل وهداها رشدها.

2- النفس اللوّامة:

هي التي أقسم بها الله تعالى: ﴿ وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ﴾ [القيامة: 2]. فاللوامة نفس متيقّظة تقيّة خائفة متوجّسة، تندم بعد ارتكاب المعاصي والذنوب فتلوم نفسها. تبرز فيها قوة الضمير فتحاسب نفسها أولاً بأوّل، وهذه كريمة على الله، لذلك أقسم بها في القرآن. ومن أحسن أقوال التفاسير عن النفس اللوامة قول الحسن البصري: "إنّ المؤمن والله ما تراه إلا يلوم نفسه؛ ما أردت بكلمتي؟ ما أردت بأكلتي؟ ما أردت بحديث نفسي؟ وإن الفاجر يمضي قُدُماً ما يعاتب نفسه".

3- النفس المطمئنة:

هي التي اطمأنت إلى خالقها، واطمأنت في بسط الرزق وقبضه وفي المنع والعطاء. وهي النفس المؤمنة التي استوعبت قدرة الله، وتبلور فيها الإيمان العميق والثقة بالغيب، لا يستفزها خوف ولا حزن، لأنها سكنت إلى الله واطمأنّت بذكره وأَنِسَت بقربه فهي آمنة مطمئنّة، تحسّ بالاستقرار النفسي والصحة النفسية، والشعور الإيجابي بالسعادة، رضيتْ بما أوتيتْ ورضي الله عنها فَحُق لها أن يخاطبها رب العالمين بقوله: ﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴾ [الفجر: 27 - 30].

نفسٌ تمسّكت بالحق وسارت عليه هدىً ونبراساً لها في شؤون الحياة على الأرض. ولا يمكن حصول الطمأنينة الحقيقية إلا بالله وذكره كما قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد:28]، فإنّ طمأنينة القلب سكينة واستقراربزوال القلق والانزعاج والاضطراب عنه، وهذا لا يتأتّى بشيء سوى بالله تعالى وذكره.

أخيراً: يمكن أن ننظرإلى النفس مثل كائن حيّ يتطور ويتغيّر، ولذلك يجب أن نغيّره باتجاه الأفضل، وينبغي أن نعلم أن التغيير يبدأ من الداخل، وعلينا أن نحفظ قوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد:11]. فالنفس قد تكون تارة أمّارة وتارة لوّامة وتارة مطمئنّة في اليوم الواحد، بل في الساعة الواحدة يحصل لها هذا وهذا، وها هنا موضع مجاهدة النفس وتزكيتها؛ التي تعني أن تنقل نفسك من حمأة النفس الأمّارة إلى إفاقة النفس اللوّامة ثم إلى نقاء وطهارة النفس المطمئنّة والثّبات على ذلك، وحتى تعرف أين موقع نفسك أمام هذه الدرجات وأين يقف المؤشر فانظر إلى الصفة الغالبة.

هذه هي أحوال النفس التي تتردد عليها فهل نراجع أنفسنا؟ اعرف نفسك، "ومن عرف نفسه عرف ربه"، هنا يكمن سرّ السّعادة، ففي القرآن الكريم نجد الدّواء النّاجع: ﴿ فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 38]. [الأنترنت –موقع حق النفس - حق النفس ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة الثالثة والستون بعد المائتين في موضوع (الحق)وهي بعنوان : 

*حقوق الجيران

 إن للجيران في الإسلام منزلة عظيمة, ولقد أوصانا الله تعالى في كتابه العزيز،  وعلى لسان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بالجيران خيراً وإن كانوا غير مسلمين، حتى يعيش المجتمع في سلام وأمان، ومن المعلوم أن رابطة الجوار من أهم الروابط الاجتماعية التي تربط بين الناس في المجتمع الواحد لأنها إذا صلحت، أخرجت من ثمار المحبة والمودة والتعاون والتكافل والتراحم والإخاء ما يعود على الأفراد والمجتمعات بالخير والسعادة. ومما لاشك فيه أن الكثير من الناس –إلا من عصم الله– قد فرطوا في رابطة الجوار فحُرموا أجرها وتحملوا وزرها وضيعوا ثمارها وجنوا مِن جرّاء التفريط فيها الفرقة والتشاجر والتقاطع وكأنهم في معزل عن الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة الواردة في الإحسان إلي الجيران. إن شرائع الإسلام السامية لم تترك أمراً صغيراً أو كبيراً يتعلق بحقوق الجيران

إلا وبينته بيانا كافياًوشافياً.فأقول وبالله تعالى التوفيق:

معنى الجار:

قال الراغب: الجار من يقرب مسكنه منك، وهو من

الأسماء المتضايفة، فإن الجار لا يكون جاراً لغيره إلا وذلك الغير جاراً له كالأخ والصديق. ( المفردات في غريب القرآن صـ145)

قال ابن حجر العسقلاني (رحمه الله):

 اسْم الْجَار يَشْمَل الْمُسْلِم وَالْكَافِر وَالْعَابِد وَالْفَاسِق وَالصَّدِيق وَالْعَدُوّ وَالْغَرِيب وَالْبَلَدِيّ وَالنَّافِع وَالضَّارّ وَالْقَرِيب وَالْأَجْنَبِيّ وَالْأَقْرَب دَارًا وَالْأَبْعَد، وَلَهُ مَرَاتِب بَعْضهَا أَعْلَى مِنْ بَعْض، فَأَعْلَاهَا مَنْ اِجْتَمَعَتْ فِيهِ الصِّفَات الْأُوَل كُلّهَا ثُمَّ أَكْثَرهَا وَهَلُمَّ جَرًّا إِلَى الْوَاحِد، وَعَكْسه مَنْ اِجْتَمَعَتْ فِيهِ الصِّفَات الْأُخْرَى كَذَلِكَ، فَيُعْطِي كُلّ حَقّه بِحَسَبِ حَاله.(فتح الباري لابن حجر

العسقلاني جـ10صـ456)

حـد الجـوار:

من المعلوم أنه لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث صحيح يبين حد الجوار، ولذا كان من الطبيعي أن يختلف أهل العلم في حد الجوار، فَجَاءَ عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ "مَنْ سَمِعَ النِّدَاء فَهُوَ جَار" وَقِيلَ: "مَنْ صَلَّى مَعَك صَلَاة الصُّبْح فِي الْمَسْجِد فَهُوَ جَار "وَعَنْ عَائِشَة "حَدّ الْجِوَار أَرْبَعُونَ دَارًا مِنْ كُلّ جَانِب" وَعَنْ الْأَوْزَاعِيِّ مِثْله. ( فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ10 صـ461)

وروى البخاريُّ (في الأدب المفرد) عن الحسن

البصري أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْجَارِ، فَقَالَ: أَرْبَعِينَ دَارًا

أَمَامَهُ، وَأَرْبَعِينَ خَلْفَهُ، وَأَرْبَعِينَ عَنْ يَمِينِهِ، وَأَرْبَعِينَ عَنْ يَسَارِهِ (حديث حسن ،صحيح الأدب المفرد للألباني حديث 80)

وقال بعض أهل العلم: من ساكن رجلاً في محلَة أو مدينةَ فهو جار، ودليل ذلك قول الله تعالى: (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا) الأحزاب:60. فجعل اجتماعهم في المدينة جواراً. ( الجامع لأحكام القرطبي جـ5 صـ190)

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة الرابعة والستون بعد المائتين في موضوع (الحق)وهي بعنوان : *حقوق الجيران

الجار في القرآن الكريم:

لقد أوصانا الله في قرآنه الكريم بالإحسان إلي الجيران فقال سبحانه في آية الحقوق العشرة: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا. (النساء: 36).

قال الإمام القرطبي (رحمه الله): أَمَّا الْجَارُ فَقَدْ أَمَرَ

اللَّهُ تَعَالَى بِحِفْظِهِ وَالْقِيَامِ بِحَقِّهِ وَالْوَصَاةِ بِرَعْيِ ذِمَّتِهِ فِي كِتَابِهِ وَعَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ. أَلَا تَرَاهُ سُبْحَانَهُ أَكَّدَ ذِكْرَهُ بَعْدَ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ فَقَالَ تَعَالَى:(وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى)أَيِ  الْقَرِيبِ.(وَالْجارِالْجُنُبِ)أَيِ الْغَرِيبِ،قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ

ثم قال القرطبي (رحمه الله): الْوَصَاةُ بِالْجَارِ مَأْمُورٌ بِهَا مَنْدُوبٌ إِلَيْهَا مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَالْإِحْسَانُ قَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى الْمُوَاسَاةِ، وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى حُسْنِ الْعِشْرَةِ وَكَفِّ الْأَذَى وَالْمُحَامَاةِ دُونَهُ..  (الجامع لأحكام القرآن للقرطبي جـ5 صـ187: صـ188)

الجار في السُنة:  لقد استفاضت نصوص السنة المطهرة في بيان رعاية حقوق الجيران والوصاية بهم وصيانة أعراضهم والحفاظ على شرفهم وستر عوراتهم وغض البصر عن محارمهم والبعد عما يسيء إليهم ويؤذيهم وإن كانوا من غير المسلمين وسوف أتحدث عن هذه الأمور بإيجاز.

تصحيح عقيدة الجيران:

يجب أن يعلم كل مسلم أن أعظم حقوق جيرانه عليه على الإطلاق هو تصحيح عقيدتهم أولاً وذلك بأن يُعَلمهم أن لا إله إلا اللَّه تعني أنه لا معبود بحق إلا اللَّه تعالى وحده، وأن اللَّه قد خلقنا لغاية كريمة وهي عبادته وحده، كما بين ذلك في كتابه العزيز حيث قال سبحانه:(وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)

 ( الذاريات: 56)

وهذه العبادة لا تكون إلا بما شرع اللَّه ورسوله صلى الله عليه وسلم ولذا فعلى المسلم أن يُعَلم جيرانه صحة الاعتقاد في العبادة وهو أساس قبول الأعمال عند اللَّه تعالى. يقول اللَّه عز وجل: (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (الزمر: 65).

فإذا فسدت العقيدة حبط ثواب الأعمال الصالحة. ويجب على المسلم أن يُحذر جيرانه من الشرك ومظاهره، فلا يدعون غير اللَّه ولا يطلبون المدد والعون والولد والنظرة من غير اللَّه ولا يذبحون ولا ينذرون لغير اللَّه ولا يحلفون إلا بالله وحده ولا يطوفون إلا حول الكعبة ولا يصلون في مساجد بها قبور لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك. وعليه كذلك أن يُحذرهم من الاعتقاد بأن هؤلاء الأولياء المقبورين ينفعون أو يضرون أو يتصرفون في الكون مع الله عز وجل وليعلم المسلم أن تصحيح عقيدة جيرانه هي أسمى حقوقهم عليه وأن ذلك يحتاج إلي رفق وصبر ووقت طويل فليحتسب ذلك عند الله تعالى يوم يقوم الناس لرب العالمين وليتذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ بتصحيح العقيدة قبل أن تُفرض شرائع الإسلام على المسلمين.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة الخامسة والستون بعد المائتين في موضوع (الحق)وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :  *حقوق الجيران - إكرام  الجيران:

روى البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَا زَالَ يُوصِينِي جِبْرِيلُ بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ. (البخاري حديث 6014)

روى مسلم عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا أَبَا ذَرٍّ إِذَا طَبَخْتَ مَرَقَةً فَأَكْثِرْ

مَاءَهَا وَتَعَاهَدْ جِيرَانَكَ. (صحيح مسلم كتاب البر والصلة حديث 142)

حثنا الرسول صلى الله عليه وسلم عَلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، لِمَا رَتَّبَ

عَلَيْهَا مِنَ الْمَحَبَّةِ وَحُسْنِ الْعِشْرَةِ وَدَفْعِ الْحَاجَةِ وَالْمَفْسَدَةِ، فَإِنَّ الْجَارَ قَدْ يَتَأَذَّى بِقُتَارِ (أي بريح) قِدْرِ جَارِهِ، وَرُبَّمَا تَكُونُ لَهُ ذُرِّيَّةٌ فَتَهِيجُ مِنْ ضُعَفَائِهِمُ الشَّهْوَةُ، وَيَعْظُمُ عَلَى الْقَائِمِ عَلَيْهِمُ الْأَلَمُ وَالْكُلْفَةُ، لَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ الْقَائِمُ ضَعِيفًا أَوْ أَرْمَلَةً فَتَعْظُمُ الْمَشَقَّةُ وَيَشْتَدُّ مِنْهُمُ الْأَلَمُ وَالْحَسْرَةُ. (الجامع لأحكام القرآن للقرطبي جـ5 صـ190)

وينبغي على المسلم إذا دخل عليه صبي جاره أن يضع في يده شيئاً فإن ذلك يجلب مودة الجيران وذلك على قدر استطاعته.

قَالَ الْعُلَمَاءُ: لَمَّا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ (فَأَكْثِرْ مَاءَهَا) نَبَّهَ بِذَلِكَ عَلَى تَيْسِيرِ الْأَمْرِ عَلَى الْبَخِيلِ تَنْبِيهًا لَطِيفًا، وَجَعَلَ الزِّيَادَةَ فِيمَا لَيْسَ لَهُ ثَمَنٌ وَهُوَ الْمَاءُ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَقُلْ: إِذَا طَبَخْتَ مَرَقَةً فَأَكْثِرْ لَحْمَهَا، إِذْ لَا يَسْهُلُ ذَلِكَ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ. وَلَقَدْ أَحْسَنَ الْقَائِلُ:

قِدْرِي وَقِدْرُ الْجَارِ وَاحِدَةٌ *وَإِلَيْهِ قَبْلِي تُرْفَعُ الْقِدْرُ.

(الجامع لأحكام القرآن للقرطبي جـ5 صـ190).

وذلك لما رواه مسلم عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ إنَّ خَلِيلِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْصَانِي إِذَا طَبَخْتَ مَرَقًا فَأَكْثِرْ مَاءَهُ ثُمَّ انْظُرْ أَهْلَ بَيْتٍ مِنْ جِيرَانِكَ فَأَصِبْهُمْ مِنْهَا بِمَعْرُوفٍ. (مسلم – كتاب البر والصلة – حديث 143) أي بشيء يُهدي عُرفاً فإن القليل وإن كنا مما يُهدي فقد لا يقع ذلك الموقع، فلو لم يتيسر إلا القليل فليهده ولا يحتقره وعلى الجار أن يقبله لقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَوْ دُعِيتُ إِلَى ذِرَاعٍ أَوْ كُرَاعٍ لَأَجَبْتُ وَلَوْ أُهْدِيَ إِلَيَّ ذِرَاعٌ أَوْ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُ. (البخاري حديث 2568). والكراع ما دون الكعب من الدابة وينبغي أن تكون الهدية   لأقرب

الجيران ثم الذي يليه روى البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي جَارَيْنِ فَإِلَى أَيِّهِمَا أُهْدِي قَالَ إِلَى أَقْرَبِهِمَا مِنْكِ بَابًا. (البخاري حديث 6020). ويجب أن نحذر أن يكون بجوارنا جار جائع ونحن نعلم ولا نقدم له ما نستطيع من الطعام والشراب.

روى البخاريُّ (في الأدب المفرد) عن عبد الله بن

عباس قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَيْسَ الْمُؤْمِنُ الَّذِي يَشْبَعُ وَجَارُهُ جَائِعٌ»(حديث صحيح) (صحيح الأدب المفرد للألباني حديث 82)

وقال أبو العتاهية: ومن الجهالة بالمكارم  أن ترى *  جاراً يجوع وجاره شبعان(مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا صـ85 رقم 347).

روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: يَا نِسَاءَ الْمُسْلِمَاتِ لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ. (البخاري حديث 6017)

روى الإمام مالك والبخاري في الأدب المفرد، عن عمرو بن معاذ الأشهل الأنصاري، عن جدته أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا نساء المؤمنات لا تحقرن إحداكن أن تهدي لجارتها ولو كراع شاة مُحرقاً. (حديث صحيح لغيره) (الموطأ جـ2 صـ966 / صحيح الأدب المفرد للألباني حديث 90)

روى الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا يَمْنَعْ جَارٌ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَهُ فِي جِدَارِهِ. ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ مَا لِي أَرَاكُمْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ وَاللَّهِ لَأَرْمِيَنَّ بِهَا بَيْنَ أَكْتَافِكُمْ (البخاري حديث 2463 / مسلم حديث 1609).

روى مالك  عَنْ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ أَنَّ الضَّحَّاكَ بْنَ خَلِيفَةَ سَاقَ خَلِيجًا لَهُ مِنْ الْعُرَيْضِ فَأَرَادَ أَنْ يَمُرَّ بِهِ

فِي أَرْضِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ فَأَبَى مُحَمَّدٌ فَقَالَ لَهُ الضَّحَّاكُ لِمَ تَمْنَعُنِي وَهُوَ لَكَ مَنْفَعَةٌ تَشْرَبُ بِهِ أَوَّلًا وَآخِرًا وَلَا يَضُرُّكَ فَأَبَى مُحَمَّدٌ فَكَلَّمَ فِيهِ الضَّحَّاكُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَدَعَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ فَأَمَرَهُ أَنْ يُخَلِّيَ سَبِيلَهُ فَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا فَقَالَ عُمَرُ لِمَ تَمْنَعُ أَخَاكَ مَا يَنْفَعُهُ وَهُوَ لَكَ نَافِعٌ تَسْقِي بِهِ أَوَّلًا وَآخِرًا وَهُوَ لَا يَضُرُّكَ فَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا وَاللَّهِ فَقَالَ عُمَرُ وَاللَّهِ لَيَمُرَّنَّ بِهِ وَلَوْ عَلَى بَطْنِكَ فَأَمَرَهُ عُمَرُ أَنْ يَمُرَّ بِهِ فَفَعَلَ الضَّحَّاكُ.  (موطأ مالك – كتاب الأقضية صـ746 حديث 33)

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة السادسة والستون بعد المائتين في موضوع (الحق)وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

  *حقوق الجيران - الإصلاح بين الجيران:

حثنا الله تعالى في كتابه على الإصلاح بين الناس وخاصة الجيران لأنهم أقرب الناس جواراً لنا، فقال وقال سبحانه أيضاً: (لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) (النساء: 114)وقال وتعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (الأنفال: 1)

وحثنا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الإصلاح بين الجيران: روى أبو داود عنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ وَفَسَادُ ذَاتِ الْبَيْنِ الْحَالِقَةُ. (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث 4111) ويدل على أهمية الصلح بين الجيران أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم رخص في الكذب من أجل الصلح بينهم.

روى الشيخان عن أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عُقْبَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: لَيْسَ الْكَذَّابُ

الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ فَيَنْمِي خَيْرًا أَوْ يَقُولُ خَيْرًاً. (البخاري حديث 2692 / مسلم حديث 2605)

روى البخاري عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ

 أُنَاسًا مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ كَانَ بَيْنَهُمْ شَيْءٌ فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ يُصْلِحُ بَيْنَهُمْ. (البخاري حديث 2690)

الصلح بين الجيران من الأخلاق الحميدة التي حثنا عليها الشرع الشريف، ولو أن كل مسلم في طبعه هذا  الخلق السامي في حياته العملية لصلح المجتمع كله ولعاش في خير وبركة وسعادة.

فينبغي على كل مسلم أن يخصص بعض وقته ليصلح بين جيرانه وأن يجعل هذا العمل خالصاً لله وحده. وليعلم الذي يقوم بالصلح بين جيرانه أنه قد يصيبه بعض الأذى فليتحمل ذلك ابتغاء وجه الله تعالى.

ستر عورات الجيران:

المسلم مأمور بستر عيوب أصحاب المعاصي الذين لا يجهرون بها وأولى الناس بستر عيوبهم هم الجيران لأننا غالباً ندخل بيوتهم ونتعرف على أحوالهم وأسرارهم وعيوبهم وقد أمرنا الشرع الشريف على لسان نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بستر عيوب الجيران خاصة.

روى مسلم  عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَسْتُرُ عَبْدٌ عَبْدًا فِي الدُّنْيَا إِلَّا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (مسلم – كتاب البر والصلة ـ  حديث 72)

وينبغي أن يكون من المعلوم أنه يحرم على المسلم أن يتبع عورات الجيران لأنها كبيرة من الكبائر.

روى أبو داود  عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ فَإِنَّهُ مَنْ اتَّبَعَ عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِعُ اللَّهُ عَوْرَتَهُ وَمَنْ يَتَّبِعْ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ. (حديث حسن صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث 4083) فليحذر هؤلاء الذين يخافون هدي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويتعمدون تتبع  عورات جيرانهم ونشر عيوبهم بين الناس بغير حق، من عذاب الله يوم القيامة. يقول الله تعالى في محكم التنزيل: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ

 وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)(النور: 19)

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة السابعة والستون بعد المائتين في موضوع (الحق)وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

  *حقوق الجيران - العفو عمن ظلمنا من الجيران:

ينبغي على المسلم العاقل أن يتحلى بالعفو والصفح عمن أساء إليه من الجيران، وليعلم أن هذا العفو يرفع منزلته عند الله تعالى وعند جيرانه. وقد أوصانا الله عز وجل بالصفح والإحسان إلي من أساء إلينا. قال الله تعالى: (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين)( آل عمران: 34)، وقال سبحانه: (فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ)(الحجر: 85)

وقال تعالى: (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ)(النحل: 126)

وقال تعالى: (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ)(الشورى: 40)

ولقد حثنا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله وفعله على العفو عمن أساء إلينا.

روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّه. (مسلم حديث 2588)

وهذا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدخل مكة منتصراً ويعفو عمن ظلمه من جيرانه، الذين آذوه، وعن جميع أهل مكة.

 فهنيئاً لمن مَلَكَ نفسه عند الغضب وصبر على أذى الجيران وعفا عنهم وسلك سبيل المحسنين،

 اقتداءً  بنبينا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

قضاء حوائج الجيران:

إن من أعظم حقوق الجيران تفقد أحوالهم وقضاء حوائجهم عندما يحتاجون إلينا. فأن قضاء حوائج الجيران هي التطبيق العملي لأخلاق الإسلام. فالجيران يرفعون منزلة من يشفع لهم شفاعة حسنة عند الآخرين لقضاء مصالحهم الدينية والدنيوية. إن قضاء حوائج الجيران والوقوف معهم في السراء والضراء له أثر كبير في سرعة استجابتهم عندما نصحح لهم العقيدة ونعلمهم شرائع الإسلام ونأمرهم بالمعروف وننهاهم عن المنكر. وهذا أمر واقع معلوم. ولقد كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  يعلم الأمة ضرورة القيام بقضاء حوائج الناس لأن هذا من أسباب الأخوة والمودة بين الجيران، بل بين جميع المجتمع كله.

روى الشيخان عن  عَبْدِ اللَّهِ بْن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النبي ِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  قَالَ: الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَـاجَتِهِ وَمَـنْ فَرَّجَ عَـنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَــرَّجَ اللَّهُ عَــنْهُ كُـرْبَـــةً مِــنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ).[البخاري حديث 2442 / مسلم حديث 2580]

روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ قِيلَ مَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَشَمِّتْهُ وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ. ( مسلم – كتاب السلام – حديث 5)

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة الثامنة والستون بعد المائتين في موضوع (الحق)وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

  *حقوق الجيران – إعطاء السائل من الجيران:

روى الشيخان عن أَبِي مُوسَى الأشعريُ قَالَ:  كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جَاءَهُ السَّائِلُ أَوْ طُلِبَتْ إِلَيْهِ حَاجَةٌ قَالَ اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا وَيَقْضِي اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَاءَ (البخاري حديث 1432 / مسلم حديث 2627)

هل هناك أحد من الناس أحق من الجيران بهذه الحقوق؟

حرص سلفنا الصالح على قضاء حوائج جيرانهم والوقوف إلي جانبهم في السراء والضراء وكان المجتمع

المسلم في القرون الثلاثة الأولى الفاضلة من الصدر الأول لظهور الإسلام، مثالاً رائعاً في حُسن الجوار.

قَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ:

اقْضِ الْحَوَائِجَ مَا اسْتَطَعْتَ ****** وَكُنْ لِهَمِّ أَخِيكَ فَارِجْ.

فَلَخَيْرُ أَيَّامِ الْفَتَى ******** يَوْمٌ قَضَى فِيهِ الْحَوَائِجْ.

(الآداب الشرعية لابن مفلح الحنبلي جـ2صـ178)

كفالة أيتام الجيران:

رعاية يتامى الجيران وخاصة الفقراء منهم من أجَّل حقوق الجيران. فهذا اليتيم لا يحتاج إلي رعاية أهله فقط بل يحتاج إلي رعاية جيرانه لأنه ينشأ بينهم ويختلط بهم ويتأثر بسلوكهم وهذا أمر لا يمكن لأحد أن يتجاهله. إن رعاية يتامى الجيران يجعلهم يشعرون بالحب والمودة والتقدير لهذا المجتمع الذي يعيشون فيه. ولقد أوصانا القرآن الكريم باليتامى خيراً. قال الله تعالى:(وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنْ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)(البقرة: 220)

وقال سبحانه وتعالى أيضاً: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا) (النساء: 36)

وليتذكر كل منا ما أعده الله تعالى لكافل اليتيم من عظيم الثواب.

روى الشيخان عَنْ سَهْلٍ بن سعد أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: َأَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا. (البخاري حديث 5304 / مسلم حديث 2983) فهنيئاً لكل من كفل أحداً من أيتام

جيرانه برضوان الله تعالى في الدنيا والآخرة.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة التاسعة والستون بعد المائتين في موضوع (الحق)وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :*حقوق الجيران – عاقبة من يَمُن بفضله على جيرانه:

إن من أسوأ الأمور أن يقوم المسلم بإعطاء بعض الهدايا أو الصدقات إلي جيرانه ثم يَمُن عليهم بما أعطاهم أو يتحدث بذلك أمام الناس إظهاراً لفضله.

 وقد حذرنا الله تبارك وتعالى من أن نَمُن على الناس، وخاصة الأقارب والجيران، بما أعطيناهم، قال الله في كتابه العزيز: (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (262) قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (263) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)(البقرة: 262: 264)

لقد بَيَّنَ اللهُ تعالى في هذه الآيات الكريمة أن المنَّ على الناس كبيرة من الكبائر وأنه يبطل ثواب الأعمال الصالحة وقد بينت السنة المطهرة مصير المنّان بفضله على الناس يوم القيامة.

روى مسلمٌ عَنْ أَبِي ذَرٍّ الغفاري عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ. قَالَ فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ مِرَارًا قَالَ أَبُو ذَرٍّ خَابُوا وَخَسِرُوا مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: الْمُسْبِلُ وَالْمَنَّانُ وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ.(صحيح مسلم – كتاب الإيمان – حديث 106) وفي رواية أخرى لمسلم: (المنان الذي لا يعطي شيئاً إلا مَنّه، والمنفق سلعته بالحلف الفاجر والمسبل إزاره)

الإحسان إلي الجيران غير المسلمين:

كان جيران الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالمدينة أصحاب ديانات مختلفة، فكان منهم اليهود  والمشركين، الذين يعبدون الأصنام وعلى الرغم من ذلك كان يدعوهم  إلي الله بالحكمة والموعظة الحسنة ولم يُجبرهم على الدخول في الإسلام، ولم يعتد على حُرماتهم  وأموالهم، وترك لهم حرية العبادة مع أن المسلمين كانوا أصحاب الكلمة العليا في المدينة ولم يسفك دماء أحد منهم بغير حق، وكذلك فعل أصحاب الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  مع جيرانهم من غير المسلمين في حياة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبعد موته في البلاد الجديدة التي فتحوها، فعاش غير المسلمين في دولة الإسلام في أمان شريعة الله تعالى، وشهد لهذه المنقبة العظيمة كل مؤرخ منصف من غير المسلمين.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة السبعون بعد المائتين في موضوع (الحق)وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

  *حقوق الجيران – نماذج مشرقة لحسن معاملة غير المسلمين من الجيران :

روى أحمد عَنْ أَنَسٍ بن مالك: أَنَّ غُلَامًا مِنْ الْيَهُودِ كَانَ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَرِضَ

فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ وَهُوَ بِالْمَوْتِ فَدَعَاهُ إِلَى الْإِسْلَامِ فَنَظَرَ الْغُلَامُ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ لَهُ أَبُوهُ أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ فَأَسْلَمَ ثُمَّ مَاتَ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِنْدِهِ وَهُوَ يَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ بِي مِنْ النَّارِ.(حديث صحيح) (مسند أحمد جـ21 صـ78 حديث 13375)

وهكذا كانت حسن معاملة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

وَسَلَّمَ لجاره اليهودي سبباً في إسلام ولده، فليحرص كل منا على أن يسلك منهج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حُسْنِ معاملته لجيرانه غير المسلمين.

روى البخاريُّ (في الأدب المفرد) عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَغُلَامُهُ يَسْلُخُ شَاةً فَقَالَ: يَا غُلَامُ إِذَا فَرَغْتَ فَابْدَأْ بِجَارِنَا الْيَهُودِيِّ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: الْيَهُودِيُّ أَصْلَحَكَ اللَّهُ؟

قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوصى بالجار حتى خشينا أو رُؤِينا أنه سَيُورِّثُه (حديث صحيح) (صحيح الأدب المفرد للألباني حديث 95) وهكذا كانت معاملة أصحاب رسول الله لجيرانهم غير المسلمين.

اختيار الجار الصالح قبل الدار:

ينبغي على المسلم العاقل أن يسأل عن جيرانه قبل أن يشتري أرضاً أو يسكن منزلاً أو يُؤجر محلاً للتجارة، ومن المعلوم أن الإنسان قد يتأثر بجيرانه نتيجة لطول الجوار، فالجار الصالح يظهر خيره على جيرانه، والجار السوء يظهر شره على جيرانه، وإذا رجعنا إلي خير القرون نرى أن صحابة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانوا يحرصون على مجاورة النبي r  لكي يتعلموا أمور دينهم ودنياهم على يديه وكان السلف الصالح من التابعين ومن بعدهم يحرصون على مجاورة أهل العلم والفضل لسنوات عديدة ليتعلمواعلى أيديهم الخير.

ولقد اختارت امرأة فرعون جوار ربها في الجنة، قال الله تعالى:(وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِين) (التحريم: 11)

يقول الشاعر:

يقولون قبل الدار جار موافق ***وقبل الطريق النهج أنس رفيق.

ويقول شاعر آخر:

اُطْلُبْ لِنَفْسِكَ جِيرَانًا تُجَاوِرُهُمْ *** لَا تَصْلُحُ الدَّارُ حَتَّى يَصْلُحَ الْجَارُ.

(بهجة المجالس لا بن عبد البر جـ1 صـ291)

روى الشيخان عَنْ أَبِي مُوسَى الأشعري أن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً. (البخاري  حديث 2101 / مسلم حديث 2628).

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة الواحدة والسبعون بعد المائتين في موضوع (الحق)وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

  *حقوق الجيران – التحذير من إيذاء الجيران:

روى أبو داود عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ

 صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْكُو جَارَهُ فَقَالَ اذْهَبْ فَاصْبِرْ فَأَتَاهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَقَالَ اذْهَبْ فَاطْرَحْ مَتَاعَكَ فِي الطَّرِيقِ فَطَرَحَ مَتَاعَهُ فِي الطَّرِيقِ فَجَعَلَ النَّاسُ يَسْأَلُونَهُ فَيُخْبِرُهُمْ خَبَرَهُ فَجَعَلَ النَّاسُ يَلْعَنُونَهُ فَعَلَ اللَّهُ بِهِ وَفَعَلَ وَفَعَلَ فَجَاءَ إِلَيْهِ جَارُهُ فَقَالَ لَهُ ارْجِعْ لَا تَرَى مِنِّي شَيْئًا تَكْرَهُهُ. (حديث حسن صحيح)(صحيح أبي داود للألباني حديث 4292)

وروى البخاري عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ قِيلَ وَمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الَّذِي لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَايِقَهُ. (البخاري حديث 6016)

إن الإنسان قد يأنس بجاره القريب أكثر مما يأنس

بالنسيب فيحسن التعاون بينهما، فإذا لم يحسن أحدهما لصاحبه فلا خير فيهما لسائر الناس.

وروى البخاري (في الأدب المفرد) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ مِنْ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ! إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ جَارِ السُّوءِ فِي دَارِ الْمُقَامِ  فَإِنَّ جَارَ

 الدُّنْيَا يتحوّل". (صحيح الأدب المفرد للألباني حديث 86)

وروى الشيخان عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود  قَالَ سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ قُلْتُ إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ قُلْتُ ثُمَّ أَيُّ قَالَ وَأَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ تَخَافُ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ قُلْتُ ثُمَّ أَيُّ قَالَ أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ

جَارِكَ. (البخاري حديث 4761 / مسلم حديث 86)

وروى أحمد عن الْمِقْدَاد بْنَ الْأَسْوَدِ قَالَ: قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ مَا تَقُولُونَ فِي الزِّنَا؟ قَالُوا حَرَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فَهُوَ حَرَامٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: لَأَنْ يَزْنِيَ الرَّجُلُ بِعَشْرَةِ نِسْوَةٍ أَيْسَرُ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَزْنِيَ بِامْرَأَةِ جَارِهِ قَالَ فَقَالَ مَا تَقُولُونَ فِي السَّرِقَةِ قَالُوا حَرَّمَهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ فَهِيَ حَرَامٌ قَالَ لَأَنْ يَسْرِقَ الرَّجُلُ مِنْ عَشْرَةِ أَبْيَاتٍ

أَيْسَرُ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَسْرِقَ مِنْ جَارِه. (حديث صحيح) (مسند أحمد جـ39 حديث 23854) وروى البخاري (في الأدب المفرد) عن أبي هريرة قال: قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم:َ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ فُلَانَةً تَقُومُ اللَّيْلَ وَتَصُومُ النَّهَارَ، وَتَفْعَلُ، وَتَصَّدَّقُ، وَتُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا خَيْرَ فِيهَا، هِيَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ)، قَالُوا: وَفُلَانَةٌ تُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ، وَتَصَّدَّقُ بِأَثْوَارٍ، وَلَا تُؤْذِي أَحَدًا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هِيَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ" (حديث صحيح)(صحيح الأدب المفرد للألباني حديث 88)

وروى الشيخانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ

الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِ جَارَهُ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ

الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ(البخاري حديث 6018 / مسلم حديث 75)

وروى البخاريُّ (في الأدب المفرد) عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَقَدْ أَتَى عَلَيْنَا زَمَانٌ وَمَا أَحَدٌ أَحَقُّ بِدِينَارِهِ وَدِرْهَمِهِ مِنْ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ، ثُمَّ الْآنَ الدِّينَارُ وَالدِّرْهَمُ أَحَبُّ إِلَى أَحَدِنَا مِنْ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "كَمْ مِنْ جَارٍ مُتَعَلِّقٌ بِجَارِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُولُ: يَا رَبِّ، هَذَا أَغْلَقَ بَابَهُ دُونِي، فَمَنَعَ مَعْرُوفَهُ" (حديث حسن لغيره) (صحيح الأدب المفرد للألباني حديث رقم  81)

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة الثانية والسبعون بعد المائتين في موضوع (الحق)وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

  *حقوق الجيران – بيع المكان لسوء الجيران:

إن بعض الناس قد يُضطرون لبيع منازلهم بأقل من

ثمنها هرباً من جار السوء، ويقول بعض من ابتلى بجار سوء اضطره إلى بيع منزله:

يَلُومُونَنِي إِنْ بِعْتُ بِالرُّخْصِ مَنْزِلِي **** وَلَمْ يَعْلَمُوا جَارًا هُنَاكَ يُنَغَّصُ

       فَقُلْتُ لَهُمْ كُفُّوا الْمَلامَ فَإِنَّمَا ***** بِجِيرَانِهَا تَغْلُوا الدِّيَارُ وَتَرْخُصُ.

(بهجة المجالس لابن عبد البر جـ1 صـ291)

قَالَ أَبُو الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيُّ:

أَلَا مَنْ يَشْتَرِي دَارًا بِرُخْصٍ ******* كَرَاهَةَ بَعْضِ جِيرَتِهَا تُبَاعُ. (مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا صـ85 رقم 349)

 وقال شاعر آخر:

دَارِ جارَ السَّوْءِ بِالصَّبْرِ فَإِنَّ ****** لم تَجِدْ صَبْرًا فَمَا أَحْلَى النَّقَلْ. (موارد الظمآن لعبد العزيز السلمان جـ3 صـ490)

ولقد رأيت لوحة كبيرة من القماش قد كتب عليها صاحبها (المنزل للبيع لسوء الجيرة) فعجبت لذلك وتساءلت كيف يحدث هذا بين الجيران المسلمين وأيقنت أن ذلك بسبب زهد المسلمين في طلب العلوم الشرعية وجهلهم بحقوق الجيران التي جاءت في كتاب الله تعالى وسنة  رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فالقرآن الكريم والسنة المطهرة لم يتركا شيئاً يتعلق بحقوق الجيران إلا وبيناه حتى أنهما لم يتركا استدراكاً لأي مستدرك ولقد سبق القرآن الكريم والسنة الصحيحة بذلك كل العلوم الإنسانية الحديثة التي لم تأت إلا بقليل من كثير وغيض من فيض، وذرة من جبل وأين هذه التعاليم المبتورة القاصرة بجانب تعليم الحكيم الخبير الذي ما فرط في القرآن من شيء وتعاليم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  الكاملة منزلة الصبر على أذى الجيران:

روى أحمد عن  عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ قَالَ بَلَغَنِي عَنْ أَبِي ذَرٍّ حَدِيثٌ فَكُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أَلْقَاهُ فَلَقِيتُهُ فَقُلْتُ لَهُ يَا أَبَا ذَرٍّ بَلَغَنِي عَنْكَ حَدِيثٌ فَكُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أَلْقَاكَ فَأَسْأَلَكَ عَنْهُ فَقَالَ قَدْ لَقِيتَ فَاسْأَلْ قَالَ قُلْتُ بَلَغَنِي أَنَّكَ تَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ثَلَاثَةٌ يُحِبُّهُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَثَلَاثَةٌ يُبْغِضُهُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ نَعَمْ فَمَا أَخَالُنِي أَكْذِبُ عَلَى خَلِيلِي مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثًا يَقُولُهَا قَالَ قُلْتُ مَنْ الثَّلَاثَةُ الَّذِينَ يُحِبُّهُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ رَجُلٌ غَزَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَقِيَ الْعَدُوَّ مُجَاهِدًا مُحْتَسِبًا فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ وَأَنْتُمْ تَجِدُونَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا) وَرَجُلٌ لَهُ جَارٌ يُؤْذِيهِ فَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُ وَيَحْتَسِبُهُ حَتَّى يَكْفِيَهُ اللَّهُ إِيَّاهُ بِمَوْتٍ أَوْ حَيَاةٍ وَرَجُلٌ يَكُونُ مَعَ قَوْمٍ فَيَسِيرُونَ حَتَّى يَشُقَّ عَلَيْهِمْ الْكَرَى أَوْ النُّعَاسُ فَيَنْزِلُونَ فِي آخِرِ اللَّيْلِ فَيَقُومُ إِلَى وُضُوئِهِ وَصَلَاتِهِ قَالَ قُلْتُ مَنْ الثَّلَاثَةُ الَّذِينَ يُبْغِضُهُمْ اللَّهُ قَالَ الْفَخُورُ الْمُخْتَالُ وَأَنْتُمْ تَجِدُونَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلّ (إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) وَالْبَخِيلُ الْمَنَّانُ وَالتَّاجِرُ وَالْبَيَّاعُ الْحَلَّافُ). (حديث صحيح) (مسند أحمد جـ35 صـ421 حديث 21530)

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة الثالثة والسبعون بعد المائتين في موضوع (الحق)وهي إستكمالا للماضية والتي هي

بعنوان :*حقوق الجيران – أفضل الجيران:

روى الترمذي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بن العاص قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خَيْرُ الْأَصْحَابِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِهِ وَخَيْرُ الْجِيرَانِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِجَارِهِ. (حديث حسن) (صحيح الترمذي للألباني حديث 1586)

وما أحسن قول الشاعر:

إِنِّي لأَحْسِدُ جَارَكُمْ لِجِوَارِكُمْ ******* طُوبَى لِمَنْ أَمْسَى لِدَارِكَ جَارَا

يَا لَيْتَ جَارَكَ بَاعَنِي مِنْ دَارِهِ ***** شِبْرًا فَأُعْطِيهِ بِشِبْرٍ دَارَا.

(موارد الظمآن لعبد العزيز السلمان جـ3 صـ493)

وروى البخاري (في الأدب المفرد) عَنْ نَافِعِ بْنِ عَبْدِ الْحَارِثِ، عَنِ النَّبِيِّ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "مِنْ سَعَادَةِ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ: الْمَسْكَنُ الْوَاسِعُ، وَالْجَارُ الصَّالِحُ، وَالْمَرْكَبُ الْهَنِيءُ". (حديث صحيح لغيره)(صحيح الأدب المفرد للألباني حديث 85)

وروى ابن ماجه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ لِي أَنْ أَعْلَمَ إِذَا أَحْسَنْتُ وَإِذَا أَسَأْتُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَمِعْتَ جِيرَانَكَ يَقُولُونَ أَنْ قَدْ أَحْسَنْتَ فَقَدْ أَحْسَنْتَ وَإِذَا سَمِعْتَهُمْ يَقُولُونَ قَدْ أَسَأْتَ فَقَدْ أَسَأْتَ. (حديث صحيح) (صحيح  ابن ماجه للألباني حديث 3402)

وروى ابن ماجه عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَأَرَادَ بَيْعَهَا فَلْيَعْرِضْهَا عَلَى جَارِهِ. (حديث صحيح) (صحيح ابن ماجه للألباني حديث 2022)

قتل الجار من علامات الساعة:

روى البخاري في الأدب المفرد عَنْ أَبِي مُوسَى الأشعري: قالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ

وَسَلَّمَ: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَقْتُلَ الرَّجُلُ جَارَهُ وَأَخَاهُ

وَأَبَاهُ". (حديث حسن) (صحيح الأدب المفرد للألباني حديث 87)

أقوال السلف الصالح عن الجيران:

ذَكَرَ بعض أهل العلم من السلف الصالح أقوالاً تدل دلالة واضحة على مدى تقديرهم ومعرفتهم لحقوق الجيران، وها نحن نذكر طرفاً من أقوالهم:

1- عمر بن الخطاب:

قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: من حق الجار أن تبسط له معروفك وتكف عنه أذاك. (بهجة المجالس لابن عبد البر جـ1 صـ292)

وقال عمر أيضاً: إذا حمد الرجل جاره وذو قرابته ورفيقُهُ، فلا تشكوا في صلاحه. (شرح السنة للبغوي جـ13 صـ72).

2- عائشة بنت أبي بكر الصديق:

قالت عائشة رضي الله عنها: لا تبالِ المرأةُ إذا نزلت بين بيتين من الأنصار صالحين ألا تنزل بين أبويها. (تربية الأولاد في الإسلام جـ1 صـ395)

3- ثَوْبان بن بَجدد مولى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

روى البخاري في الأدب المفرد عن ثوبان قال: ما من جار يظلم جاره ويقهره، حتى يحمله ذلك على أن يخرج من منزله إلا وهلك(حديث صحيح) (صحيح الأدب المفرد للألباني رقم 94)

4-  على بن أبي  طالب:قال أمير المؤمنين على بن أبي طالب رضي الله عنه: الجار قبل الدار،الرفيق قبل الطريق(بهجةالمجالس لا بن عبد البر جـ1 صـ291).

5-  العباس بن عبد المطلب:

قال على بن أبي طالب للعباس: ما بقي من كرم أخلاقك؟ قال: الإفضال على الإخوان، وترك أذى الجيران. (بهجة المجالس لا بن عبد البر جـ1 صـ292).

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة الرابعة والسبعون بعد المائتين في موضوع (الحق)وهي إستكمالا للماضية والتي هي

بعنوان :*حقوق الجيران – أفضل الجيران:

6-  جعفر بن محمد:

قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: حُسْنُ الْجِوَارِ عِمَارَةُ الدِّيَارِ، وَصَدَقَةُ السِّرِّ مَثْرَاةٌ لِلْمَالِ. (المجالسة وجواهر العلم للدينوري جـ3 صـ482 رقم 1090)

7-  لقمان الحكيم:

قَالَ لُقْمَانُ، لِابْنِهِ: يَا بُنَيَّ قَدْ حَمَلْتُ الْحِجَارَةَ وَالْحَدِيدَ وَالْحِمْلَ الثَّقِيلَ، فَلَمْ أَجِدْ شَيْئًا قَطُّ أَثْقَلَ مِنْ جَارِ السَّوْءِ، يَا بُنَيَّ قَدْ ذُقْتُ الْمُرَّ كُلَّهُ فَلَمْ أَذُقْ شَيْئًا قَطُّ أَمَرَّ مِنَ الْفَقْرِ.(شعب الإيمان للبيهقي جـ7 صـ9555)

8-  الحسن البصري:

قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: لَيْسَ حُسْنُ الْجِوَارِ كَفُّ الْأَذَى عَنِ الْجَارِ، وَلَكِنْ حُسْنُ الْجِوَارِ الصَّبْرُ عَلَى

الْأَذَى مِنَ الْجَارِ. (لباب الآداب صـ262)

9-  أحمد بن حنبل:

قال الفضيل بن عياض  قَالَ الْفَضْلُ: سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ،أحمد بن حنبل، وَسُئِلَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ

مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ صَاحِبِ الْمَغَازِي فَقَالَ: هَذَا يُسْأَلُ

عَنْهُ جِيرَانُهُ، فَإِذَا أَثْنَوْا عَلَيْهِ قُبِلَ مِنْهُمْ .(الآداب الشرعية لابن مفلح الحنبلي جـ2 صـ113).

10-  أبو قلابة:

قَالَ أبو قِلَابَة: خَيْرُ النَّاسِ خَيْرُهُمْ فِي أَهْلِهِ وَخَيْرُهُمْ فِي جِيرَانِهِ. (الآداب الشرعية لابن مفلح الحنبلي جـ2 صـ113)

11-  يوسف بن عبد البر:

قال ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ:كَدُرُ الْعَيْشِ فِي ثَلَاثٍ: الْجَارِ السَّوْءِ، وَالْوَلَدِ الْعَاقِّ، وَالْمَرْأَةِ السَّيِّئَةِ الْخُلُقِ. (الآداب الشرعية  لابن مفلح الحنبلي جـ2 صـ16).

12-  أبو محمد بن أبي جمرة:

قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي جَمْرَةَ حِفْظُ الْجَارِ مِنْ كَمَالِ

الْإِيمَانِ. (فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ10 صـ456).

مجمل حقوق الجيران:

قال العلماء: الجيران ثلاثة: جار له حق واحد, وجار له حقان، وجار له ثلاثة حقوق هو الجار المسلم ذو الرحم، له حق الجوار وحق الإسلام وحق الرحم، وأما الجار الذي له حقان فهو الجار المسلم، له حق الجوار وحق الإسلام، وأما الجار الذي له حق واحد فهو الجار الكافر، له حق الجوار فقط، ويمكن أن نُجمل حقوق الجيران فيما يلي:

1- أن نبدأه بالسلام وأن نتعاهد أحواله من حين لآخر.

2-  عيادته عند المرض ومواساته عند المصائب.

3-   تهنئته بما يسره وإهداء ما يتيسر له من الهدايا.

4-   الابتعاد عن كل ما يؤذيه والصفح عن زلاته وملاطفة أولاده.

5-   الستر على عوراته وغض البصر عن محارمه.

6-  تصحيح عقيدته وإرشاده إلي ما يجهله من أمور دينه ودنياه  بالصبر والحكمة والموعظة الحسنة.

7-   إقراضه المال وقت الحاجة والتصدق عليه إن كان من الفقراء.

8-   إذا مات تبعت جنازته ودعوت له بالرحمة والمغفرة.

9-  إلي نجدته وتقديم العون له وقت الحاجة.

10-  الذب عنه في غيبته والإكثار من ذكر محاسنه.

(إحياء علوم الدين جـ3 صـ331 /  موارد الظمآن لعبد العزيز السلمان جـ3 صـ491).

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة الخامسة والسبعون بعد المائتين في موضوع (الحق)وهي إستكمالا للماضية والتي هي

بعنوان :*حقوق الجيران

أحوال السلف الصالح مع جيرانهم  :

لقد كان السلف الصالح يحفظون حقوق جيرانهم المسلمين وغير المسلمين، وسوف نسوق بعضاً من هذه النماذج الرائعة لتكون  نبراساً نسير على هديه في وقتنا الحاضر.

1-  أبو بكر الصديق:

رأى أبو بكر الصديق رضي الله عنه ولده عبد الرحمن يناصي(يخاصم) جاراً له فقال:لاتناصِ جارك فإن هذا يبقى والناس يذهبون. (إحياء علوم الدين جـ2 صـ332)

قال السيوطي:

أخرج ابن عساكر، عن أنُيسة قالت: نزل فينا أبو بكر ثلاث سنين قبل أن يُستخلف، وسنة بعد ما استخلف، فكان جواري الحي يأتينه بغنمهن فيحلب  لهن. (تاريخ الخلفاء للسيوطي صـ80)

2-   عبد الله بن مسعود:

رُوى أن رجلاً جاء إلي عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فقال له: إن لي جاراً يؤذيني ويشتمني ويضيق عليَّ فقال: اذهب فإن هو عصى الله فيك فأطع الله فيه. (إحياء علوم الدين جـ2 صـ330)

3-  أبو رافع مولى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

روى البخاري عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ قَالَ وَقَفْتُ عَلَى

سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فَجَاءَ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى إِحْدَى مَنْكِبَيَّ إِذْ جَاءَ أَبُو رَافِعٍ مَوْلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا سَعْدُ ابْتَعْ مِنِّي بَيْتَيَّ فِي دَارِكَ فَقَالَ سَعْدٌ وَاللَّهِ مَا أَبْتَاعُهُمَا فَقَالَ الْمِسْوَرُ وَاللَّهِ لَتَبْتَاعَنَّهُمَا فَقَالَ سَعْدٌ وَاللَّهِ لَا أَزِيدُكَ عَلَى أَرْبَعَةِ آلَافٍ مُنَجَّمَةً أَوْ مُقَطَّعَةً قَالَ أَبُو رَافِعٍ لَقَدْ أُعْطِيتُ بِهَا خَمْسَ مِائَةِ دِينَارٍ وَلَوْلَا أَنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: الْجَارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ مَا أَعْطَيْتُكَهَا بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ وَأَنَا أُعْطَى بِهَا خَمْسَ مِائَةِ دِينَارٍ فَأَعْطَاهَا إِيَّاهُ. (البخاري حديث 2258) السَقَب: القرب والملاصقة.

4-  عبد الله بن المقفع:

بلغ عبد الله بن المقفع أن جاراً يبيع داره في دين ركبه

 وكان يجلس في ظل دارا هذا الجار، فقال: ما قمت إذاً بحرمة ظل داره إن باعها معدماً ، فدفع إليه ثمن الدار وقال: لا تبعها. (إحياء علوم الدين جـ2 صـ331)

5-  الحسن البصري:

قَالَ  عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الشُّمَيْطِ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى الْحَسَنِ تَشْكُو الْحَاجَةَ، فَقَالَتْ: إِنِّي جَارَتُكَ، قَالَ: «كَمْ بَيْنِي وَبَيْنَكِ؟» قَالَتْ: سَبْعُ دُورٍ، أَوْ قَالَتْ: عَشْرُ، فَنَظَرَ تَحْتَ الْفِرَاشِ فَإِذَا سِتَّةُ دَرَاهِمَ أَوْ سَبْعَةٌ، فَأَعْطَاهَا إِيَّاهَا وَقَالَ: «كِدْنَا نَهْلِكُ» (مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا صـ83 رقم 334).

6-  حسان بن أبي سِنان:

كَانَ حَسَّانُ بْنُ أَبِي سِنانِ بْنِ ثَابِتٍ، تَدْخُلُ الْعَنْزُ إِلَى

 مَنْزلِهِ فَتَأْخُذُ الشَّيْءَ، فَإِذَا طُرِدَتْ قَالَ لَهُمْ: «لَا تَطْرُدُوا عَنْزَ جَارِي، دَعُوهَا تَأْخُذُ حَاجَتَهَا» (مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا صـ82 رقم 333).

7-  شريح  القاضي:

(كَانَتْ مَرَازِيبُ شُرَيْحٍ فِي دَارِهِ، وَكَانَ إِذَا مَاتَ لَهُ سِنَّوْرٌ دَفَنَهُ فِي دَارِهِ كَرَاهِيَةَ أَنْ يُؤْذِيَ بِهِ أَحَدًا) (مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا صـ85 رقم 344)

8-   الأحنف بن قيس:

قَالَ الْقَعْقَاعُ بْنُ عَمْرٍو: صَعِدَ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ فَوْقَ بَيْتِهِ فَأَشْرَفَ عَلَى جَارِهِ، فَقَالَ: «سَوْءَةٌ سَوْءَةٌ دَخَلْتُ عَلَى جَارِي بِغَيْرِ إِذْنٍ، لَا صَعِدْتُ فَوْقَ هَذَا الْبَيْتِ أَبَدًا». (مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا صـ86 رقم 354)

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة السادسة والسبعون بعد المائتين في موضوع (الحق)وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *حقوق الجيران-أحوال السلف الصالح مع جيرانهم  :

9-  عبد الله بن المبارك:

قال الحسن بن عيسى النيسابوري: سألت عبد الله بن المبارك فقلت: الرجل المجاور يأتيني فيشكو غلامي أنه أتى إليه أمراً والغلام ينكره، فأكره أأضربه ولعله برئ وأكره أن أدعه فيجد عليَّ جاري، فكيف أصنع ؟ قال: إن غلامك لعله أن يحدث حدثاً يستوجب فيه الأدب فاحفظه عليه، فإذا شكاه جارك فأدبه على ذلك الحدث، فتكون قد أرضيت جارك وأدبت غلامك على ذلك الحدث. (إحياء علوم الدين للغزالي جـ2 صـ332 )

10-  عبد الله بن عامر بن كريز:

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِيُّ:اشْتَرَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ مِنْ خَالِدِ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ دَارَهُ الَّتِي فِي السُّوقِ، لِيَشْرَعَ بِهَا بَابَهُ عَلَى السُّوقِ بِثَمَانِينَ أَوْ تِسْعِينَ أَلْفًا، فَلَمَّا كَانَ مِنْ اللَّيْلِ سَمِعَ بُكَاءً، فَقَالَ لِأَهْلِهِ: «مَا لِهَؤُلَاءِ يَبْكُونَ؟»، قَالُوا: عَلَى دَارِهِمْ، قَالَ: «يَا غُلَامُ، ايتِهِمْ وَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ الدَّارَ

وَالْمَالَ لَهُمْ»(مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا صـ86 رقم 351)

11-  جوار سعيد بن العاص:

باع إبراهيم بن حذيفة داره، فلما أراد المشتري أن يُشهد عليه. قال: لست عليَّ ولا أسلمها حتى يشتروا مني جوار سعيد بن العاص، وتزايدوا في الثمن، قالوا وهل وجدت أحداً يشتري جواراً أو يبيعه؟ قال: ألا تشترون جوار من إن أسأت إليه أحسن، وإن جهلتُ عليه حَلَم وإن أعسرتُ وهب، قم قال لا حاجة لي في بيعكم، ردوا عليَّ داري.

فبلغ ذلك سعيد بن العاص فبعث إليه بمائه ألف

درهم. (موارد الظمآن لعبد العزيز السلمان جـ3 صـ491)

 12-  سهل بن عبد الله التستري:

قال الذهبي: روي عن سهل بن عبد الله التستري رحمه الله أنه كان له جار ذمي وكان قد انبثق من كنيفه (مرحاضه)  إلى بيت في دار  سهل بثق (ثقب)  فكان سهل يضع كل يوم الجفنة (الوعاء) تحت ذلك البثق فيجتمع ما يسقط فيه من كنيف المجوسي ويطرحه بالليل حيث لا يراه أحد فمكث رحمه الله على هذه الحال زماناً طويلاً إلى أن حضرت سهلاً الوفاة فاستدعى جاره المجوسي وقال له: أدخل ذلك البيت وانظر ما فيه فدخل فرأى ذلك البثق والقذر يسقط منه في الجفنة فقال: ما هذا الذي أرى قال سهل هذا منذ زمان طويل يسقط من دارك إلى هذا البيت وأنا أتلقاه بالنهار وألقيه بالليل ولولا أنه حضرني أجلي وأنا أخاف أن لا تتسع أخلاق غيري لذلك وإلا لم أخبرك فافعل ما ترى فقال المجوسي: أيها الشيخ أنت تعاملني بهذه المعاملة منذ زمان طويل وأنا مقيم على كفري؟ مد يدك فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ثم مات سهل رحمه الله. (الكبائر للذهبي صـ252 بتحقيق عبد المحسن البزاز)

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة السابعة والسبعون بعد المائتين في موضوع (الحق)وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *حقوق الجيران-أحوال السلف الصالح مع جيرانهم  :

13- أبو حنيفة: النعمان بن ثابت:

قال عبد الله بن رجاء: كان لأبي حنيفة جار بالكوفة إسكاف يعمل نهاره أجمع حتى إذا حبسه

الليل رجع إلي منزله وقد حمل لحماً فطبخه أو سمكة فيشويها، ثم لا يزال يشرب حتى إذا دب الشراب فيه غنى بصوت وهو يقول:   أضاعوني وأي فتى أضاعوا ليوم كريهة وسداد ثغر ويردد هذا البيت حتى يأخذه النوم، وكان أبو حنيفة يسمع جلبته وهو يصلي الليل كله، ففقد أبو حنيفة صوته، فسأل عنه فقيل: أخذه العسس منذ ليال، وهو محبوس، فصلى أبو حنيفة الفجر من الغد وركب بغلته واستأذن على الأمير فقال: إيذنوا له، وأقبلوا به راكباً، ولا تدعوه ينزل حتى يطأ البساط ببغلته، ففعلوا، ولم يزل الأمير يوسع له في مجلسه، وقال ما حاجتك ؟ فقال: لي جار إسكاف أخذه العسس في تلك الليلة إلي يومنا هذا، فأمر بتخليتهم، فركب أبو حنيفة والإسكاف  يمشي وراءه، فلما نزل أبو حنيفة، مضى إليه وقال: يا فتى قد أضعناك، فقال: لا بل حفظت ورعيت وجزاك الله خيراً عن حرمة الجوار ورعاية الحق، وتاب الرجل ولم يعد إلي ما كان عليه. (تاريخ بغداد للخطيب البغدادي جـ13 صـ363)

هكذا كان أئمة الهدى رضي الله عنهم جميعاً، فأين نحن من هؤلاء؟!

14- مالك بن دينار:

قَالَ دَاوُدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، -جَارُ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ-: كَانَ لِبَعْضِ جِيرَانِ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ كَلْبٌ

ضَعِيفٌ، فَكَانَ مَالِكٌ «يُخْرِجُ لَهُ كُلَّ يَوْمٍ طَعَامًا، فَيُلْقِيهِ

 إِلَيْهِ.». (مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا صـ82 رقم 332)

15- أحمد بن يحيى بن ثعلب:

  جَاءَ رَجُلٌ إلَى أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى بْنِ ثَعْلَبٍ يُشَاوِرُهُ فِي الِانْتِقَالِ عَنْ مَحَلَّةٍ إلَى أُخْرَى لِتَأَذِّي الْجِوَارِ، فَقَالَ الْعَرَبُ تَقُولُ صَبْرُكَ عَلَى أَذَى مَنْ تَعْرِفُهُ خَيْرٌ لَك مِنْ اسْتِحْدَاثِ مَنْ لَا تَعْرِفُهُ وَكَانَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ يَقُولُ هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا(الآداب الشرعية لابن مفلح جـ2 صـ17

أين هؤلاء من الأئمة الكرام من الجيران في زماننا الذين لايكاديتوقف أذاهم وسَبْهم وهجرانهم ومشاجراتهم وتقاطعهم وكيد بعضهم لبعض رجالاً ونساءً وأطفالاً وكأنهم في معزل عن الآيات القرآنية الكريمةوالأحاديث النبوية الشريفة الواردة في الإحسان إلي الجيران.

[الأنترنت – موقع مداد - حقوق الجيران - صلاح نجيب الدق]  

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة الثامنة والسبعون بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي بعنوان :*ما هي حقوق الأبناء على اﻵباء؟

   يقول اللهُ تعالى في مُحكم التنزيل: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6]

في هذه اﻵيَة الكريمة يرشِد الحقُّ سبحانه عبادَه

المؤمنين أن يقُوا أنفسَهم وأهليهم من النَّار، وقد رأيتُ أنَّ من وسائل هذه الوقاية القيامَ بحقوقهم، وإعانتهم على البِرِّ، وقد أخرج الإمامُ ابن أبي شيبة في مصنَّفه، في باب ما جاء في حقِّ الولد على والده، من طريق الشَّعبي، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((رَحِم اللهُ والدًا أعان ولدَه على برِّه))[ أخرجه ابن أبي شيبة في مصنَّفه (8 / 357) (25924) من طريق حفص بن غياث]

وكان ابن عمر يقول:إنَّ الوالِد مسؤول عن الولَد، وإنَّ الولد مسؤول عن الوالد؛يعني: في الأدَب والبِرِّ "

[ "الزهد"؛ لابن السري (2 / 486).]

وقد تَرجم البخاريُّ في الأدب المفرد: "باب بر الأب لولده"، وساق عن ابن عمر أنَّه قال: أسماهم اللهُ عزَّ وجل أبرارًا؛ لأنَّهم بَرُّوا الآباء والأبناء، فكما أنَّ لوالدك عليك حقًّا، كذلك لولدك عليك حقٌّ وقد عدَّها الإمام البيهقي شُعبةً من شعب الإيمان، قال رحمه الله: (باب في حقوق الأولاد والأهلين؛ وهي قيام الرَّجل على ولده وأهلِه، وتعليمه إيَّاهم من أمور دينهم ما يحتاجون إليه فأمَّا الولد، فالأصل فيه أنَّه نِعمة من الله ومَوهبة وكرامة، قال الله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً ﴾ [النحل: 72]، وقال: ﴿ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ ﴾ [الشورى: 49]، فامتَنَّ علينا بأنْ أخرج من أصلابنا أمثالَنا، وأخبر أنَّ الأنثى من

 الأولاد مَوهبة وعطيَّة كالذَّكَر منهم.

ثمَّ قال: فكلُّ مَن وُلد له من المسلمين ولدٌ ذَكر أو أُنثى، فعليه أن يَحمد اللهَ جلَّ ثناؤه على أن أخرَج من صلبه نسمةً مثله تُدعى له، وتُنسب إليه، فيعبد الله لعبادته، ويكثر به في الأرض أهل طاعته، ثمَّ يؤمر به حدثان مولده بعدَّة أشياء:

أولها: أن يؤذِّنَ في أذنيه حين يولد؛ وذلك بأن يؤذِّنَ في أذنه اليمنى ويقيم في أذنه اليُسرى.

والثانية: أن يحنِّكه بتمْر؛ فإن لم يجِد فبحُلوٍ يشبهه، ويَنبغي أن يتولَّى ذلك منه مَن يُرجى خيره وبركته.

والثالثة: أن يعقَّ عنه)[ شعب الإيمان (11 / 104) الشعبة الستون.]

وقد لاحظتُ اهتمامًا كبيرًا بمعالجة موضوع عقوق الأبناء للآباء، وهو أمرٌ جدير بهذا الاهتِمام؛ لأنَّ وِزرَه كبير، وآثاره خطيرة في حياة الإنسان وآخرته، ولكن لم ألحَظ هذا الاهتِمام بمعالجة عُقوق الآباء للأبناء؛ ربَّما لأنَّ البرَّ من الوالد طِباع، وأنَّه من الولد تكلُّفٌ لما افتَرَض الله عزَّ وجلَّ عليه؛ كما قال إياس بن معاوية، ونقله عنه ابن أبي الدنيا في كتابه "العيال"، أو يكون السَّبب أنَّنا انشغَلنا بالواجبات ونَسينا الحقوق!

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة التاسعة والسبعون بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي بعنوان : فما هي أهمُّ حقوق الأبناء على اﻵباء، وكيف نبرُّ أبناءنا؟

أهمُّها عشرة، وهي:

أولًا: اختيار الأمِّ الصَّالحة الطيِّبة ذات الأصل الطيِّب والخُلُق القويم:

لقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: ((تُنكحُ المرأةُ لأربعٍ: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفرْ بذَات الدِّين تربَت يداك))[ أخرجه مسلم في صحيحه (1466) (53)،] ، وقوله صلى الله عليه وسلم: (تخيَّروا لنُطَفكم، وانكِحوا الأكْفاء، وأنكحوا إليهم)[ أخرجه ابن ماجه في سننه (3 / 142) عن عائشة رضي الله عنها، وقال شعيب الأرنؤوط: "حديث حسن بطرقه وشواهده".]

ثانيًا: اختيار الاسم الجميل؛ لأنَّه سيُنادى به بين النَّاس في الدنيا، ويُنادى به يوم القيامة:

فعن ابن عبَّاس قال: قالوا: يا رسولَ الله، قد علِمنا حقَّ الوالد، فما حقُّ الولَد؟ قال:(أن يُحسن اسمَه، ويُحسن أدبَه)[ أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (11 / 133)،]

ثالثًا: تربيتهم تربية إيمانية:

قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا

يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6].

وقد جاء عن عليٍّ رضي الله عنه في قوله تعالى:    ﴿ قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا ﴾ [التحريم: 6]  أنَّه قال: "أدِّبوهم وعلِّموهم"[انظر تفسير الطبري (12 / 157)، وتفسير ابن كثير (8 / 188).]

ومن أهمِّ وسائل الوقاية: تربيتهم على الفَضائل، وإبعادهم عن الرَّذائل، وتعليمهم علومَ الدِّين، وتدريبهم

على الصَّلاة، وعلى العِبادات الأخرى، وتوفير سُبل حصانتهم من الوقوع في مصايد الشَّيطان وحبائله؛ وذلك بالتفريق بينهم في المضاجِع.

يدلُّ على ذلك: ما جاء عن عمرو بن شعيب عن أبيه

 عن جدِّه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(مُروا أولادَكم بالصَّلاة وهم أبناءُ سبع سنين، واضرِبوهم عليها وهم أبناءُ عشْرٍ، وفرِّقوا بينهم في المضاجِع)[ أخرجه أبو داود، كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة؟ (495)، وأحمد في مسنده (11 / 284، 369) (6689) و(6756)، والحاكم في المستدرك على الصحيحين، كتاب الصلاة (1 / 197)، وغيرهم.]

والوالد مسؤول عن ذلك، فقد جاء عن عبدالله بن عمر أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ألا كلُّكم راعٍ، وكلكم مسؤولٌ عن رعيَّته؛ فالإمامُ الذي على الناس راعٍ وهو مسؤولٌ عن رعيَّته، والرَّجلُ راعٍ على أهل بيته وهو مسؤولٌ عن رعيَّته، والمرأةُ راعية على أهل بيت زوجها وولده وهي مسؤولةٌ عنهم، وعبدُ الرجل راعٍ على مال سيِّده وهو مسؤول عنه، ألا فكلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّته)[ أخرجه البخاري، (7137) واللفظ له، ومسلم، (1829)،]  فكما أنَّ الأب يَخشى على أولاده من برد الشتاء وحرِّ الصيف، فلا بدَّ أن يَخشى عليهم من نار جهنَّم، فيحيطهم بالرِّعاية والتربية الإيمانية، وسوف يُسأل عن ذلك إنْ هو قصَّر؛ قال عليه الصلاة والسلام: ((إنَّ الله سائلٌ كلَّ راعٍ عمَّا استرعاه؛ حفِظ أم ضيَّعَ، حتى يَسأل الرجلَ عن أهل بيته))؛ أخرجه أحمد في مسنده، وابن حبان في صحيحه.

وقد تَرجم البخاريُّ في الأدب المفرد: باب أدب الوالد وبره لولده، وأورد فيه من جهة الوليد بن نمير بن أوس أنه سمع أباه يقول: كانوا يقولون: الصَّلاحُ من

الله، والأدبُ من الآباء.

ولهذا كان من مَحاسن التربية الإيمانيَّة أنَّها تحفظهم من الانحِرافات العقديَّة، والسلوكية، والفِكرية، وهي تحصنهم من مَظاهر الغلوِّ والتطرُّف.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة الثمانون بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي بعنوان : فما هي أهمُّ حقوق الأبناء على اﻵباء، وكيف نبرُّ أبناءنا؟

رابعًا: الاهتمام بتعليمهم:

فقد جاء عن أبي رافع أنه قال: قلتُ: يا رسول الله، أللولَد علينا حقٌّ كحقِّنا عليهم؟ قال: ((نعم؛

 حقُّ الولَد على الوالد أن يعلِّمه الكتابَةَ والسِّباحةَ والرَّمي، وأن يورثه طيبًا))[ أخرجه البيهقي في الشُّعَب وغيرها بسند ضعيف، وقال السخاوي: وله طرق بيَّنتُها في "القول التام في فضل الرمي بالسهام"، قلت: وله شواهد.]

وجاء عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:   (علِّموا   أولادَكم

السِّباحةَ والرماية.)[رواه ابن منده في معرفة الصحابة عن بكر بن عبدالله الأنصاري، وضعَّفه الحافظ ابن حجر في الإصابة (1 / 325)، وقال السخاوي في المقاصد الحسنة (1 / 462): "ضعيف له شواهد"، قلت: ومن شواهده حديث جابر بن عبدالله، وجابر بن عمير الذي سيأتي.]

وعنه صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: ((كلُّ شيءٍ ليس من ذِكر الله فهو لهوٌ أو سهوٌ، إلا أربع خصالٍ...))، وذكر منها: ((وتعليم السِّباحة))[ رواه النَّسائي في الكبرى (8934، و8940)، والطبراني في الكبير (1785) والأوسط (8147)، والبيهقي (10 / 15)، وقال المنذري في الترغيب (1935): "إسناده جيد".]

وللإمام السيوطي رحمه الله رسالة نافِعة في هذا الموضوع، سمَّاها: "الباحة في السباحة"[ طبعت في دار عمار - الأردن، قبل سنة 1997.]

وقال سفيان الثوري: "يَنبغي للرجل أن يُكرِه ولدَه على طلب الحديث؛ فإنَّه مسؤول عنه"، وقال: "إنَّ هذا الحديث عِزٌّ، مَن أراد به الدنيا وجدَها، ومن أراد به الآخرةَ وجدها"

وقد ذَكر العلماءُ رحمهم الله تعالى أنَّ الوليَّ يَنبغي له تأمُّلُ حال الصَّبي وما هو مستعدٌّ له[ انظر: "الأجوبة المرضية فيما سئل السخاوي عنه من الأحاديث النبوية" (3 / 1098).]

ومِن أهمِّ المؤلَّفات التي ألِّفَت في هذا المحور، كتاب:

"رعاية الأسرة المسلمة للأبناء: شواهد تطبيقية من تاريخ الأمَّة"؛ للدكتور عبدالحكيم الأنيس، وقد تَناول فيه عمدَالرِّعاية،ومن ذلك:الصَّلاح الذاتي،واستحضارُ حقوقهم في الذِّهن، والدعاء والتماس الدعاء لهم، وعَرْضُهم على الصَّالحين، وتربيتُهم وتوجيهُهم إلى العلم والعمل، وإحضارهم مجالسَ العلم، وتفخيمُ أمر العلم في نفوسهم، والنَّفقة عليهم في تعلُّم العلم النَّافِع، ومتابعتهم في أمورهم الكبيرة والصَّغيرة، وتعليمهم أدبَ الكلام، والعمل على تكوين شخصيَّتهم الاجتماعيَّة، وربْطُهم بالله سبحانه، وإعانتهم على سُبُل الخير، وتلبية متطلبات الفِطرة والغريزة، وبرُّهم ورعاية مشاعرهم، وتعليمُهم اختيار الأصدِقاء، وتضافر جهود الأسرة والأقارب على هذه الرِّعاية، وعدم إدخال الغمِّ عليهم.

وقد استَشهد على ذلك بقصص من تاريخ الأمَّة، فيَنبغي الرجوع إليه، وهو متوفر إلكترونيًّا في الشبكة العنكبوتيَّة (النت).

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة الواحدة والثمانون بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي بعنوان : فما هي أهمُّ حقوق الأبناء على

 اﻵباء، وكيف نبرُّ أبناءنا؟

خامسًا: إعانتهم على الخير:

والإعانة تكون: بالإحسان إليهم وهم صِغار، وتوقيرهم إن بلَغوا سنَّ مَن يوقَّر.

ولا يُعمل بقولهم: مَن عرفك صغيرًا لم يوقِّرك كبيرًا، ولقد رأينا كثيرًا من الآباء يُحمِّل ولدَه ما لا يطيقه، فيُلجِئه إلى خِلافه، ويعده عاقًّا وهو الباحث على حتْفِه بكفِّه[ التنوير شرح الجامع الصغير (6 / 249).] وبألَّا يَطلب منهم ما لا يَقدرون عليه. ولا يَطلب منهم ما يَحرُم فعلُه، فضلًا عن المكروه. ومن ذلك: ما يقوم به بعضُ الآباء بتحريض أبنائهم على قَطْع الرَّحِم، وعلى الابن التعامل بالحِكمة مع الوالدين وبكلِّ هدوء ولُطْف. وأن يَقبَل من محسنهم إذا أحسَن، ويتجاوَز عن إساءة مَن أساء منهم، والتغاضي عن هفواتهم.

سادسًا: المساواة بينهم في العطية:

من حقوق الأولاد المساواة بينهم في العَطيَّة، فقد جاء عن النُّعمان بن بشيرٍ، قال: انطلَق بي أبي يَحملُني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسولَ الله، اشْهَد أنِّي قد نحلتُ النُّعمان كذا وكذا من مالي.

فقال: ((أكُلَّ بنيك قد نَحلتَ مثل ما نحلتَ النُّعمان؟)

قال: لا، قال: ((فأشهِد على هذا غيري))، ثُمَّ قال:

 ((أيسُرُّك أن يكونوا إليك في البرِّ سواءً؟))، قال:

 بلى، قال: ((فلا إذًا))[ أخرجه مسلم في صحيحه (1623) (17).]

سابعًا: عونهم على حُسن الاختيار في الزَّواج، وعدم إجبارهم على الزَّواج بمعيَّن، أو بمعيَّنة:

وقد جاء عن عائشة رضي الله عنها أنَّ فتاةً دخلَت عليها، فقالت: "إنَّ أبي زوَّجَني من ابن أخيه

ليَرفَع بي خسيستَه، وأنا كارهة، فقالت: اجلسي حتى يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرَته، فأرسل إلى أبيها، فدعاه، فجعل الأمرَ إليها، فقالت: يا رسولَ الله، قد أجزتُ ما صنع أبي، ولكن أردتُ أن تعلَمَ النساءُ أنْ ليس للآباء من الأمر شيء"[ أخرجه أحمد في مسنده (6 / 316)، وهو صحيح.]

فنحن نجِد في هذا الحديث أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خيَّرَها وهي بنت، وجعل الحقَّ لها في ردِّ النكاح، إذا لم تَكن لها رغبة في هذا النِّكاح؛ حتى يَعلم النَّاسُ - كلُّ الناس - أنَّ الإسلام لا يَرضى بإكراه المرأة على النِّكاح.

وللفقهاء تَفصيلات مهمَّة حول هذا الموضوع، يَنبغي أن تؤخذ بعين الاعتِبار عند دِراسة هذا الموضوع من قِبَل الأسرة للوصول إلى القرار الصَّحيح، والوصول إلى أحسَن النَّتائج لكلا الطَّرفين. ومن باب أولى عدَم إجبارالشابِّ على الزَّواج ممَّن لايَرغب كما يَفعل بعضُ اﻵباء. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة الثانية والثمانون بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :   فماهي أهمُّ حقوق الأبناء على اﻵباء،وكيف نبرُّ أبناءنا؟

ثامنًا: تزويجهم:

فقد جاء عن أبي سعيد وابنِ عباسٍ قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(مَن وُلِد له ولدٌ، فليحسن اسمَه وأدبَه، فإذا بلغ فليزوِّجه، فإنْ بلَغ ولم يزوِّجه فأصاب إثمًا، فإنَّما إثمُه على أبيه))[ أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (11 / 137).]

وقد جاء عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما أنه كان

يقول: "مَن رزقه الله ولدًا، فليحسن اسمَه وتأديبه،

 فإذا بلغ فليزوِّجه".

وكان سعيد بن العاص يقول: "إذا علَّمتُ ولدي القرآن، وحجَّجتُه، وزوَّجتُه، فقد قضيتُ حقَّه، وبقي حقِّي عليه"

وقال قتادة: "كان يُقال: إذا بلغ الغلام فلم يزوِّجه أبوه فأصاب فاحشةً، أَثِمَ الأبُ".[نقَل هذه النصوص المهمَّة ابنُ أبي الدنيا في كتابه: "العيال"]

تاسعًا: وجوب النَّفقة عليهم إن كانوا فقراء:لقوله تعالى: ﴿ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [البقرة: 233]، وقوله تعالى: ﴿ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ﴾ [الطلاق: 6].

وإعانتهم إن كانوا كبارًا فقراء، فقد جاء عن جابر الخيوانيِّ، قال: كنتُ عند عبدالله بن عمرٍو فقدِم عليه قهرمانٌ من الشَّام، وقد بقيَت ليلتان من رمضان، فقال له عبدالله: هل تركتَ عند أهلي ما يكفيهم؟ قال: قد تركتُ عندهم نفقةً.

فقال عبدالله: عزمتُ عليك لَما رجعت فتركتَ لهم ما يَكفيهم؛ فإنِّي سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: (كفى بالمرء إثمًا أن يُضيِّع من يعولُ))[ أخرجه أبو داود (1692)، وابن حبان (4240)، والحاكم (4 / 445) ]، وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي، واللفظ له، وصححه الإمام النووي.

عاشرًا: الدُّعاء لهم، وتحرِّي ذلك في الأمكنة والأزمنة المبارَكة، وعدم الدعاء عليهم:

لقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: (لا تَدعوا على أنفُسكم، ولا تَدعوا على أولادِكم، ولا تَدعوا على أموالكم؛ لا توافِقوا من الله ساعةً يُسأل فيها عطاء، فيستجيب لكم)[ أخرجه مسلم في صحيحه (3009).]

بمعنى: لا تَدعوا عليهم إنْ أساؤوا إليكم، أو قَصَّروا في واجب من واجباتكم، أو رأيتم منهم ما لا يسرُّكم؛ فإنَّ ذلك ليس من الحِكمة في شيء.

لكن ممَّا يجِب بيانه: أنَّ تقصير الآباء في حقوق الأبناء لا يبرِّر عقوقَ الأبناء وتقصيرهم في حقوق والديهم.

وأخيرًا: نسأل اللهَ تعالى أن يهَبَ لنا من أولادنا قرَّةَ أعيُن، فقد جاء عن كثير بن زياد أنَّه سأل التابعيَّ الجليل الحسن البصري عن قوله تعالى: ﴿ هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ ﴾ [الفرقان: 74]، فقال: يا أبا سعيد، ما هذه قرَّةُ الأعين؟ أفي الدنيا، أم في الآخر ، قال: "لا، بل والله في الدُّنيا". قال: وما هي؟ قال: "هي واللهِ أن يُري الله العبدَ من زوجته، من أخيه، من حميمه طاعةَ الله، لا والله ما شيءٌ أحبَّ إلى المرء المسلم مِن أن يرى والدًا، أو ولدًا، أو حميمًا، أو أخًا مطيعًا لله عزَّ وجلَّ"[ شعب الإيمان (11 / 138).]

[الأنترنت – موقع الألوكة - ما هي حقوق الأبناء على اﻵباء؟ - د. عبدالسميع الأنيس]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة الثالثة والثمانون بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي بعنوان :*حقوق البنات في الإسلام

رفع الإسلام شعار التكريم لبني الإنسان حيث يقول الله تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) الإسراء/70، هذا التكريم يشمل الذكر والأنثى، وقد جاء بعد أن كان بعض العرب ينظرون إلى المرأة على أنها عار يجب التخلص منه، يقول الله تعالى: (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ* يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ) النحل/58، 59.

بعد ظلام الجاهلية جاء نور الإسلام ليعطي البنت حقوقها كاملة لا لشيء؛ إلا لأنها إنسانة كريمة على الله تعالى، وقد حث الإسلام الآباء على إعطاء بناتهم حقوقهن كاملة، ووعدهم بأن يكرمهم بجوائز ثلاث عظيمة؛ أحدها: أن يحجبه الله تعالى عن النار. الثانية: أن يحشره مع الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة. الثالثة: أن يدخله الجنة ويكون فيها رفيقاً للحبيب محمد صلى الله عليه وسلم. وأكرم بها من كرامة!

وهذه الحقوق أجملها في الأمور الآتية:

أولاً: ينبغي على الأب أن يختار لولده – ذكراً كان أو أنثى- أماً صالحة، ولا يكون هذا متحققاً إلا إذا اختار الزوج لنفسه زوجة صالحة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين،تربت يداك) متفق عليه؛ لأن ذات الدين امرأة صالحة، وهي تحرص على أن تربي ابنتها تربية صالحة أيضاً، فيظهر عندنا جيل من النساء الصالحات ومن ثم مجتمع صالح.

ثانياً: يحرص الوالد على أن يعيذ ابنته من الشيطان بالدعاء لها قبل أن توجد، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لو أن أحدهم إذا أراد أن يأتي أهله قال: باسم الله، اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان أبداً) متفق عليه.

ثالثاً: أن يقوم الوالد برعايتها بمجرد ولادتها، وذلك من خلال تطبيق سنن الولادة ومنها:

أن يؤذن في أذنها اليمنى، ويقيم في أذنها اليسرى. يقول زكريا الأنصاري: "يؤذن في أذن المولود اليمنى ويقيم في اليسرى" [أسنى المطالب 1/ 125] .

ويحنكها. فعن أنس رضي الله عنه قال: "ذهبت بعبد الله بن أبي طلحة الأنصاري إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ولد، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في عباءة يهنأ بعيرا له، فقال: (هل معك تمر؟) فقلت: نعم، فناولته تمرات، فألقاهن في فيه فلاكهن، ثم فغر فا الصبي فمجه في فيه، فجعل الصبي يتلمظه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(حب الأنصار التمر) وسماه عبد الله[صحيح مسلم 3/ 1689] ويسميها باسم حسن، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يغير الأسماء القبيحة إلى أسماء طيبة، فابن عمر رضي الله عنهما روى أن ابنة لعمر رضي الله عنه كانت تسمى عاصية، فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم (جميلة). [سنن ابن ماجه 2/ 1230]. ويذبح شاة عقيقة لها، فعن عائشة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (عن  الغلام شاتان مكافأتان، وعن الجارية شاة) [مسند أحمد40/30]. "ويسن طبخها كسائر الولائم وتطبخ بحلوى تفاؤلاً بحلاوة أخلاق المولود" [مغني المحتاج 6/140].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة الرابعة والثمانون بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *حقوق البنات في الإسلام

رابعاً: أن يحسن تربيتها وتأديبها، وتعليمها عبادة ربها، فيعلمها أصول التوحيد والشريعة خاصة الصلاة والصيام، فعن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: جاءتني امرأة، ومعها ابنتان لها، فسألتني فلم تجد عندي شيئاً غير تمرة واحدة، فأعطيتها إياها، فأخذتها فقسمتها بين ابنتيها، ولم تأكل منها شيئاً، ثم قامت فخرجت وابنتاها، فدخل علي النبي صلى الله عليه وسلم فحدثته حديثها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من ابتلي من البنات بشيء، فأحسن إليهن كن له ستراً من النار) متفق عليه. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها، وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع) [سنن أبي داود 1/133].

يقول الإمام النووي: "قال الشافعي والأصحاب رحمهم الله تعالى: على الآباء والأمهات تعليم أولادهم الصغار ما سيتعين عليهم بعد البلوغ، فيعلمه الولي الطهارة، والصلاة، والصوم ونحوها، ويعرفه تحريم الزنا، واللواط، والسرقة، وشرب المسكر، والكذب، والغيبة وشبهها: ويعرفه أن بالبلوغ يدخل في التكليف، ويعرفه ما يبلغ به: وقيل هذا التعليم مستحب، والصحيح وجوبه وهو ظاهر نصه وكما يجب عليه النظر في ماله، وهذا أولى، وإنما المستحب ما زاد على هذا من تعليم القرآن وفقه وأدب: ويعرفه ما يصلح به معاشه.

ودليل وجوب تعليم الولد الصغير والمملوك قول الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا) التحريم/ 6، قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومجاهد وقتادة: معناه علموهم ما ينجون به من النار وهذا ظاهر، وثبت في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ألا كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته) متفق عليه، ثم أجرة

التعليم في النوع الأول في مال الصبي، فإن لم يكن له مال فعلى من تلزمه نفقته" [المجموع 1/26].

خامساً: أن ينفق عليها في طعامها وشرابها ولباسها وسكنها ما تحتاج إليه حتى تدرك وتتزوج، وله في هذا أجر عظيم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من عال جاريتين حتى تبلغا، جاء يوم القيامة أنا وهو) وضم أصابعه. [صحيح مسلم 4/ 2027]. وفي رواية: (من عال جاريتين دخلت أنا وهو الجنة كهاتين)، وأشار بأصبعيه. [سنن الترمذي 4/ 319]. أي إنه سيحشر مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، وسيكون رفيقاً للحبيب محمد صلى الله عليه وسلم في الجنة، ويا له من شرف عظيم!

سادساً: أن يسمح لها والدها بأنْ تتعلم وتحصل على الشهادة العلمية حتى تكون بنتاً متعلمة نافعة لأهلها ولمجتمعها، وهذا يدخل ضمن قول النبي صلى الله عليه وسلم:(طلب العلم فريضة على كل مسلم)[سنن ابن ماجه1/ 81].

مع التنبيه على أن البنت ينبغي عليها أن تلتزم بدينها وأخلاقها في تعاملها،وخروجها من بيت أبيها،بحيث تكون محتشمة في لباسها وزينتها، يقول الله تعالى: (وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى) الأحزاب/33.

سابعاً: للبنت حق التملك لما تكسبه من عملها أو ما يعطى لها،قال الله تعالى:(وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّااكْتَسَبْنَ)  النساء/32. ولها حق تملك مهرهاً، قال الله تعالى: (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا) النساء/4، وليس لوالدها حق في أخذ شيء من مالها إلا بطيب نفس منها، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه) [ مسند أحمد 34/ 299] .

ثامناً: يحرص الوالد على أن يزوج ابنته وله أجر كبير، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من عال ثلاث بنات، فأدبهن، وزوجهن، وأحسن إليهن، فله الجنة) [سنن أبي داود 7/ 459]. وأن يزوجها من رجل صاحب دين وخلق لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد)، قالوا: يا رسول الله، وإن كان فيه؟ قال: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه)، ثلاث مرات. [سنن الترمذي 3/ 387].  فالوالد مطالب بأن يتحرى عن الخاطب لابنته، ويسأل الثقات من الناس عن التزامه بدينه وخلقه، فإذا شهدوا له بالدين والخلق زوجه، وإلا فلا يجوز أن يزوجها لإنسان فاسق لا يتق الله تعال فيها، وينبغي على الوالد أن يسأل عن دين الخاطب وخلقه قبل أن يسأل عن وظيفته أو داره، ولا يحل للوالد أن يمنع البنت حقها في الزواج لأي غرض كان سواء أكان طمعاً في مالها أم فكراً منحرفاً عنده، أم عادة سيئة، لقول الله تعالى: (فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ) البقرة/ 232.

ومن جميل ما قاله فقهاؤنا: "إن رغبت – يعني البنت- في كفء بعينه، وأراد تزويجها لغيره من أكفائها، وامتنع من تزويجها من الذي أرادته، كان عاضلاً لها. فأما إن طلبت التزويج بغير كفئها، فله منعها من ذلك، ولا يكون عاضلاً لها بهذا؛ لأنه لو زوجت من غير كفئها، كان له فسخ النكاح، فلأن تمنع منه ابتداء أولى." [المغني لابن قدامة 7/31]، ولأن تصرفه سيكون وبالاً عليها، ثم إنها الغريزة التي فطر الله تعالى الإنسان عليها وأوجدها فيه، هي التي تنادي وتطلب حقها، وويل لمن يمنعها حقها الذي أوجبه الله تعالى لها.

وفي الختام؛ همّ البنات للمات كما يقال، وعلى الآباء أن يصبروا ويعطوا كل ذي حق حقه ليكسبوا أجره وخيره، ويدفعوا عن أنفسهم ضرره وشره، وما أصدق قول الشاعر حطَّان بن الْمُعَلَّى [شرح ديوان الحماسة للتبريزي 1/ 102]:

لَوْلَا  بنيات  كزغب  القطا        رددن  من  بعض   إِلَى  بعض

لَكَانَ لي مُضْطَرب وَاسع          فِي الأَرْض ذَات الطول وَالْعرض

وَإِنَّمَا    أَوْلَادنَا     بَيْننَا           أكبادنا   تمشي   على   الأَرْض

لَو هبت الرّيح على بَعضـــهم        لامتنعت عَيْني  من  الغمض

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

[الأنترت – موقع دار الإفتاء - حقوق البنات في الإسلام - الدكتور لؤي الصميعات]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة الخامسة والثمانون بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي بعنوان : *عَظّمْ كلمة (الحق)

  إن لفظ الحق جاء بالتعريف في القرآن الكريم

(الحق) 103 مرات، أما بالنكرة فقد جاء فيه (حق) ويشمل فيه فعل الماضي في مواضع كثيرة 34 مرات. فقد يكون فيه حق بمعني حق الأموال أوحق البنات كقوله تعالى {قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ} [هود: 79] وكقوله تعالى: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ} [المعارج: 24]. أما فعل الماضي مع تاء التأنيث فقد جاء فيه خمس مرات  (حقت). أما فعل الماضي مع تاء التأنيث بالمبني للمجهول  (وحُقَتْ) فقد جاء فيه مرتين في سورة الانشقاق. أما  صيغة فعل المضارع  (يحق) فقد جاء ثلاث مرات. أما مصدر كلمة الحق (حقا) فقد جاء فيه 16 مرات. أما لفظ حقيق وهي تشتمل معنى الحق فقد جاءت في القرآن الكريم مرة واحدة في سورة الأعراف, ومجموع ذلك كله 164 مع الإضافة بلفظ حقيق. والله أعلم. 

هذا ما وقفت عليه إلى الآن ولا أدَّعي أنَّي حصرتها وقد يفوتني منها ما لم أذكره الآن ولكنني أرجوا أن أتناول ما شد انتباهي في كلمة الحق وتعليقات مختصرة في مواضعها في مقالات أخرى إن شاء الله تعالى. كلمات تأتي بمعنى الحق حسب ما وققت عليها إلى الآن:

الأول: تأتي كلمةُ الحقِّ في القرآن الكريم مثلاً باسم

 الصِّدق- كما مر بالتعريف -  كقوله تعالى:  {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [الزمر: 33].

الثاني: تأتي كلمة الحق في كتاب الله باسم الطيب؛ كما قال تعالى: {قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ} [المائدة: 100]، وقال تعالى: {لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [الأنفال: 37]. قال أبو جعفر - رحمه الله -: "يقول - تعالى ذكرُه -: يَحشُر الله هؤلاء الذين كَفَروا بربهم، ويُنفِقون أموالَهم للصدِّ عن سبيل الله - إلى جهنَّم؛ ليُفرِّق بينهم - وهم أهل الخَبَث كما قال، وسَمَّاهم (الخبيث) - وبين المؤمنين بالله وبرسوله، وهم (الطيِّبون)، كما سَمَّاهم - جلَّ ثناؤه - فمَيَّز - جلَّ ثناؤه - بينهم بأنْ أَسَكن أهل الإيمان به وبرسوله جنَّاته، وأَنزَل أهلَ الكفر نارَه". أنظر تفسير الطبري جامع البيان ت شاكر (13/  534). وأيضًا قد جاء مِثلُ هذا الأسلوب بأنَّ أهل الحقِّ هم الطيِّبون، وأنَّ أهل الباطل هم الخُبثاء، كذلك في قوله تعالى:  {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [آل عمران: 179].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة السادسة والثمانون بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *عَظّمْ كلمة (الحق)

الثالث: تأتي كلمة الحق كما في كتاب الله باسم الهُدى؛ كما قال تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ

هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ} [القصص: 50].

الرابع: تأتي كلمة الحق بمعنى الإسلام كما فُسِّر الصراط المستقيم: أنَّه الحق، وأنَّه الإسلام، وأنَّه الكتاب، وكل هذه المعاني تَتَّفِق ولا تتنَافى؛ كما أفاده شيخ الإسلام ابن تيميَّة رحمه الله في بعض بحوثه. الخامس: تأتي كلمة الحق بمعنى الوحي كما سُمِّي كذلك في بداية مجيئه من الله جلَّ جلاله؟  حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ: أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ، فَكَانَ لاَ يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الخَلاَءُ، وَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ - وَهُوَ التَّعَبُّدُ - اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ العَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِعَ إِلَى أَهْلِهِ، وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا، حَتَّى جَاءَهُ الحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ،(رواه البخاري رحمه الله).  فقولها رضي الله عنها حتى جاء الحق  هنا بمعنى حتى جاءه الوحي كما ترى.

كلمات تقابل الحق في القرآن الكريم حسب ما وققت عليها إلى الآن: الأول:- أمَّا بالنسبة للمُقابَلة: فتجد أنَّ الله - سبحانه - يُقابِله بلفظة (الباطل) كما هو المشهور؛ كما قال تعالى:  {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء: 81]، وقال -تعالى-:  {قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ} [سبأ: 49]، وقال تعالى: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} [الأنبياء: 18]. هذه الآيات تدلُّ على أنَّ قوة الحقِّ وغَلبتَه على أهل الباطل عظيمة مهما طَغَوا وتَجبَّروا، ما دام أهلُ الحقِّ معهم القوي المتين، وهو الله - جلَّ جلاله - الذي إرادته تَنفُذ، وإرادة ما دونه من العبيد تَزول،وتَضمحل أمام إرادته؛ قال تعالى:  {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا * ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ} [محمد: 10 - 11].

   قال الإمام الطبري رحمه الله:  القول في تأويل قوله تعالى:   {قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ} [سبأ: 49 ]. يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: (قُلْ) يا محمد لمشركي قومك {إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ} وهو الوحي، يقول: ينزله من السماء، فيقذفه إلى نبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم (عَلَّامُ الْغُيُوبِ) يقول: علَّام ما يغيب عن الأبصار، ولا مَظْهَر لها، وما لم يكن مما هو كائن، وذلك من صفة الرب، غير أنه رفع لمجيئه بعد الخبر، وكذلك تفعل العرب إذا وقع النعت بعد الخبر، في أن أتبعوا النعت إعراب ما في الخبر، فقالوا: إن أباك يقوم الكريم، فرفع الكريم على ما وصفت، والنصب فيه جائز؛ لأنه نعت للأب، فيتبع إعرابه(قُلْ جَاءَ الْحَقُّ) يقول: قل لهم يا محمد: جاء القرآن ووحي الله( وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ) يقول: وما ينشىء الباطل خلقًا، والباطل هو فيما فسره أهل التأويل: إبليس(وَمَا يُعِيدُ) يقول: ولا يعيده حيًّا بعد فنائه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله {إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ}: أي بالوحي {عَلام الْغُيُوبِ * قُلْ جَاءَ الْحَقُّ}  أي: القرآن {وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ} والباطل: إبليس، أي: ما يخلق إبليس أحدًا ولا يبعثه. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلامُ الْغُيُوبِ} فقرأ {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ...} إلى قوله {وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} قال: يزهق الله الباطل، ويثبت الله الحق الذي دمغ به الباطل، يدمغ بالحق على الباطل، فيهلك الباطل ويثبت الحق، فذلك قوله {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلامُ الْغُيُوبِ}. [أنظر تفسير الطبري جامع البيان ت شاكر (20-21/ 419) ]      

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة السابعة والثمانون بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *عَظّمْ كلمة (الحق)

الثاني: تأتي كلمة الحق لتقابل الضلال في القرآن

الكريم: وقد يقابل الله الحق بالضلال كما قال تعالى سبحانه بعدما بيَّن أنه هو الحق {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ * قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ...} [سبأ:23- 24]. وقال تعالى: {فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} [يونس:  32]. وقال تعالى:  {قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ} [ سبأ: 50 ]. قال أبو جعفر الطبري رحمه الله: القول في تأويل قوله تعالى:   {قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ} [سبأ: 50 ]. يقول تعالى ذكره: قل يا محمد لقومك: إن ضللت عن الهدى فسلكت غير طريق الحق، إنما ضلالي عن الصواب على نفسي، يقول: فإن ضلالي عن الهدى على نفسي ضره، {وَإِنِ اهْتَدَيْتُ} يقول: وإن استقمت على الحق {فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي} يقول: فبوحي الله الذي يوحِي إلي، وتوفيقه للاستقامة على محجة الحق وطريق الهدى. وقوله:  {إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ} يقول: إن ربي سميع لما أقول لكم حافظ له، وهو المجازي لي على صدقي في ذلك، وذلك مني غير بعيد، فيتعذر عليه سماع ما أقول لكم، وما تقولون، وما يقوله غيرنا، ولكنه قريب من كل متكلم يسمع كل ما ينطق به، أقرب إليه من حبل الوريد..انتهى[أنظر تفسير الطبري جامع البيان ت شاكر (21-22/ 419)].

الثالث: ويُقابِل الله تعالى الحق بالهوى في القرآن الكريم؛ كما قال تعالى: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ} [المؤمنون: 71]، الآية. وقال تعالى:  {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ} [الجاثية: 23]، الآية. الرابع: ويُقابِل الله تعالى الحق بالظن؛ كما قال تعالى:  {وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [النجم: 28]. وقال تعالى:  {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ} [ص: 27 ]. وظنهم هذا الفاسد بأن الله خلق السموات والأرض باطلا يلزم منه أن يجعل الله الذين آمنوا كالمفسدين في الأرض - حاشا لله - ويجعل المتقين كالفجار وذلك يخالف عدل الله الذي قامت به السموات والأرضين وأرسل بسببه الرسل وأنزل به الكتب والميزان. ولذلك جاء بعد هاتين الآيتين بآية بيَّن الله سبحانه فيها الحق المبين الذي لا مرية فيه وجعلها عليهم حجة وردا على  ظنهم ذاك الباطل المشين فقال سبحانه  {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ } [ص:28]. وقد قال تعالى:  {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران: 191].

الخامس: ويقابل الله الحق اللعب في القرآن الكريم كما قال تعالى {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ * مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}  الدخان: 38-39] وقال تعالى {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} [المؤمنون: 115]. ويفهم من هذه الآيات أن عظيم شأن الله عزَّ وجلَّ ونزاهته وحكمته وعدله التام تنافي عن أن يخلق شيئا للعبث ولذلك قال تعالى بعد هذه الآية {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} [المؤمنون: 116 ]. ثم بيَّن الله سبحانه أنه لابد للعبد المؤمن أن يعبد ويدعوا إلهاً يستعين به في الملمَّات لا محالة ولكن لجهل الكفار وخسارتهم في الدنيا والآخرة يدعون إلهاً لا برهان لهم عند ربهم فجعل الله حسابهم عند الله يوم القيامه فسيحاسبهم وسيجازيهم بعدله كما قال تعالى بعد هذه الآية {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} [المؤمنون: 117]. وقال تعالى في سورة الأنبياء: {لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ * بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} [ الأنبياء: 17-18 ].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة الثامنة والثمانون بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :

 *عَظّمْ كلمة (الحق)

السادس: ويُقابِل الله الحق بالسراب والخيال؛ كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [النور: 39]، الآية.

السابع: ويُقابِل الله تعالى الحق بالسِّحر؛ كما قال تعالى حكاية عن أهل النار: {أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ}  [الطور: 15]. وأيضًا قال الله تعالى في آية أخرى حكاية عن أهل النار: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ} [الأنعام: 30]. فالله - سبحانه - هو الحقُّ والقرآن الذي جاء به النبي -صلى الله عليه وسلم- حقٌّ، والنبي -صلى الله عليه وسلم- حقٌّ، والموت أيضًا حق؛ لأنَّه شيء واقِع لا محالة لكلِّ إنسان كما أسلَفنا.

     وفي الدعاء المأثور الذي ثَبَت في صحيح البخاري: حدَّثنا قبيصة، حدَّثنا سفيان عن ابن جريج عن سليمان عن طاوس عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يَدعو من الليل: «اللهمَّ لك الحمد؛ أنتَ ربُّ السموات والأرض، لك الحمد؛ أنت قَيِّم السموات والأرض ومَن فيهنَّ، لك الحمد؛ أنت نورُ السموات والأرض، قولُكَ الحق، ووعْدُك الحق، ولقاؤك حقٌّ، والجنَّة حقٌّ، والنار حق، والساعة حق، اللهمَّ لك أسلمتُ، وبك آمنتُ، وعليك توكَّلتُ، وإليك أنَبْتُ، وبك خاصَمتُ، وإليك حاكَمتُ، فاغفِر لي ما قدَّمتُ وما أخَّرتُ، وأسْررتُ وأعلنتُ، أنتَ إلهي لا إله لي غيرك»، حدَّثنا ثابت بن محمد: حدَّثنا سفيان بهذا، وقال: أنت الحق، وقولُك الحقُّ. بل كل الدِّين الذي جاء به محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله هو الحق والدليل على ذلك قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ} [محمد: 2].

 أمثلة ضربها الله سبحانه للحق في القرآن الكريم:

ولقد مثَّل الله لنا الحقَّ في القرآن الكريم بأمثلةً كثيرة؛ لنَفْهم مفهومه الصحيح، ولنتمسَّك به بالنواجذ، ونَذَر ونَبتعِد عن الباطل.

المثال الأول: جاء الله في كتابه الكريم بأمثلة كثيرة من خلْق الله تعالى في سورة الأنعام، فخَتَم:  {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ} [الأنعام: 102]؛ أي: هذا هو الخالِق المُبدِع - كما بيَّن لكم ربُّكم وخالقكم - الذي لا يستحقُّ معبودٌ غيره العبادةَ، فاعبدوه واجعَلوه - سبحانه - وكيلكم على كلِّ شيء، وذَرُوا أيَّ شيء آخرَ لا يَخلق، بل يُخلَق. فتحقيق توحيد الربوبية حق التحقيق يَستلزِم توحيد العبودية، وذلك لمن يُوفِّقه الله الحقُّ المبين. وهكذا جاء مثل الآية السابقة في سورة غافر، لما جاء الله بأمثلة كثيرة مُتنوِّعة من خلْقه - سبحانه - قال:  {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} [غافر: 62].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة التاسعة والثمانون بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :*عَظّمْ كلمة (الحق)

 المثال الثاني: وهكذا تجد أنَّ الله - سبحانه - جاء بأمثلةٍ كثيرة في القرآن الكريم  ككيفيَّة خلْق الإنسان في سورة الحج من أوَّل قوله تعالى:  {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَة} [الحج: 5]، الآية، فخَتَم الله - سبحانه -:  {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِير} [الحج: 62]. وقد تَطوَّرت العلوم التجريبيَّة في هذا العصر الحديث حتى وقَفتْ على ما قاله الله - سبحانه - في هذه الآية التي في سورة المؤمنون قبل ألف وأربعمائة عام، والتي هي عين الحق، وكما قاله - سبحانه - ولكنَّه عنادٌ وحسَدٌ لِمَن طمَس الله بصيرتهم من أن تتوقَّد قلوبهم بنور الحق، ويَنقادُوا ويُذعِنوا له. المثال الثالث: فقد مثَّل الله - سبحانه - أهل الباطل في سورة البقرة - خُصوصًا أهل النِّفاق - مرَّة بمِثال مائي، ومرَّة بمثال ناري؛ قال تعالى:  {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ} [البقرة: 17]، الآيات. أما أهلُ الحقِّ، فنورُهم عظيم ثابتٌ، فهم مُطمئنُّون به مُستمتِعون به، وليس نورهم كالبرق الذي يلوحُ في الأفق تارة، ويغيب تارة أخرى، كما هو حال المنافقين الذين ليس لهم مبدأ يَثبُتون عليه، وليس لهم سكينة ولا طمأنينة ولا قَرارٌ، والله أعَلْم. وقد قال تعالى:   {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 122]. وقال تعالى:  {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور: 40]. وهكذا يكون حال نور المؤمنين والمنافقين في يوم القيامة، فبينهم فرْقٌ شاسِع كما سترى في هذه الآية، قال تعالى:  {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ} [الحديد: 12 - 13]. المثال الرابع: مثال للدنيا في سورة الكهف من أوَّل قوله: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ} [الكهف: 32] الآية، إلى قوله تعالى:  {هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا} [الكهف: 44]. والآية دليل على أنَّ مَن جعَل وَلايته لغير الله مهما كانت، فحَبْله مقطوع كما هو مَخذول وله خَيْبة الأمل، وإنَّما وَلاية الحق لله، وهي خير ثوابًا وخير أملاً، كما هي حالة الرجل الذي تَبرَّأ من الحول والقوة، وأسندَ كلَّ شيء لله - سبحانه وتعالى - وتوكَّل على ربِّه وحدَه، وقال: {مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ} [الكهف: 39]، فحَبْله مَتين وماسِك بالعروة الوثْقى التي لا انفصام لها، وله خير الأمل والثواب في الدنيا والآخرة.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة التسعون بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :*عَظّمْ كلمة (الحق)

المثال الخامس: مِثالٌ للحق والباطل في سورة الرعد؛ قال تعالى:  {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ} [الرعد: 17]. وقد ذكَر الله - سبحانه - في خاتمة هذه الآية أنَّ الباطل كالزَّبَد الذي سيَذهب جُفاءً لا قيمةَ له، بل ولا يُنتفَع به في شيء أبدًا، كما ذكَر الله أنَّ الحق كالماء الذي يَمكُث في الأرض، ويَنتفِع به العباد والبلاد، والشجر والدواب. لذا جاء في الحديث: عن أبي قتادة بن ربعي الأنصاري، أنه كان يُحدِّث، أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مُرَّ عليه بِجَنازة، فقال:  «مُستريح ومُسترَاح منه»، قالوا: يا رسول الله، ما المُستريح والمُستراح منه؟ قال: «العبد المؤمن يستريح من نَصَب الدنيا وأذَاها إلى رحْمة الله، والعبد الفاجِر يَستريح منه العباد والبلاد، والشجر والدوابُّ». يُفهَم من الحديث أنَّ العبد المؤمن وإن اسْترَاح من نَصَب الدنيا وتَعبها، فإن العباد والبلاد، والشجر والدواب، لَم يَستريحوا منه، بل هم مُحتاجون إلى نفْعه وبركته. وقد قال تعالى:  {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ} [الدخان: 29]، ويُفهَم من هذه الآية أنَّ السماء والأرض تَبكي لموت المُوحِّدين الصالحين المُخلِصين، بل قد اهتزَّ عرش الرحمن بموت سعد، فهنيئًا لِمَن آمَن وسعد. وهكذا تجد أنَّ أهل الحقِّ عندهم الخيريَّة المُطلَقة، وهم الجديرون بأنْ يُتَّبَعوا، وأنْ يَهدوا الناس إلى سُبُل الخير والرَّشاد؛ كما قال تعالى:  {قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [يونس: 35]. أمَّا المُكذِّبون للحقِّ، فتَجدهم في حَيرة وضلال وتَخبُّط، كما تَتجدَّد آراءهم وقوانينهم بين حين وآخر، فهم دائمًا في شطْبٍ وتعديل، وإضافات لا حصْرَ لها، وقد قال الله - سبحانه وتعالى -: {بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ} [ق: 5]. والله - سبحانه وتعالى – أعلم.   وسأتكلم إن شاء الله تعالى في المقال القادم سمات يُعرف بالحق وسمات يُعرف بالباطل. [الأنترنت – موقع عظم كلمة الحق]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة الواحدة والتسعون بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي بعنوان:

*قواعد التمييز بين الحق والباطل

نعمة التمييز بين الحق والباطل

يجب أن نعلم أن من أعظم النعم والمنن التي ينعم الله -سبحانه وتعالى- بها على من يشاء من عباده، التميز بين الحق والباطل، وبين أهل الحق، وأهل الباطل، وضبط ما يخالف الحق، وما يوافقه.

ومن أعظم السُبل الشرعية للتميز بين الحق والباطل، تعلم القواعد الشرعية، والضوابط التأصيلية، التي يمكن بها هذا التمييز، والتي يُعرف بها الحق، ولا يلتبس، فيميز المسلم بها بين الحق والباطل في مسائل الاعتقاد والعمل، والأخلاق، والسلوك، والعبادة.

وبوجهٍ عام، فإن من أهم وسائل العلم عموماً: القواعد

المنضبطة، القائمة على التأصيل، والتمثيل، والتدليل، وهناك قواعد كثيرة يُتوصل بها إلى معرفة الحق، واجتناب الباطل هي بمثابة منارات، وخصوصا عند طالب العلم. الحق واحد ولايتعدّد،ومن هذه القواعد:

أولاً: الحق واحد ولا يتعدّد:

فهذه قاعدة من أهم القواعد التي تحفظ الحق؛ لأن أهل الباطل لما فشلوا في طمس الحق، يُرِيدُونَ

 لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ [الصف: 8]، لم يبقَ أمامهم إلا التلبيس، محاولة خلط الحق بغيره.

ومن أعظم السبُل الشيطانية القول بإبطال تفرّد الحق، وهذه المسألة الآن في هذا الزمان هي

 معترك في الحقيقة، عندما يأتي من يقول مثلاً: من قال أنكم على الحق؟،ومن قال أن الحق واحد أصلاً؟

الحق نسبي؛ يعني: أنت عندك نسبة، وأنا عندي نسبة، وهذا عنده نسبة، وأهل الأرض كل واحد عنده نسبة من الحق، فالحق نسبي، وليس هناك حق واحد كامل.

وهذه كارثة كبرى؛ لأننا إذا رضينا بهذا الكلام كان اليهود عندهم حق، والنصارى عندهم حق، والبوذيين عندهم حق، والقاديانية عندهم حق، والرافضة عندهم حق، وكل واحد عنده جزء من الحق، وانتهى الأمر، فلا أحد ينكر على أحد، وضاعت القضية.

ولذلك لا بد من الانتباه إلى المؤامرة الخطيرة في ادعاء أن الحق ليس محصوراً، وأنه ليس واحداً، وليس مجموعاً في شيء واحد، فنحن نقول: إن الحق واحد، وهو صراط الله المستقيم، الذي أُمرنا بالتمسك به، {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [الأنعام: 153]. فأفرد الله الصراط، وجمع السبُل، وأمرنا أن نسأله ذلك في كل صلاة اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ *صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ[الفاتحة: 6 - 7] فهو احد، وقال سبحانه وتعالى:قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ [الحجر: 41].

قال ابن القيم -رحمه الله-: "والمقصود أن طريق الحق

واحد إذ مرده إلى الله الملك الحق، وطرق الباطل متشعبة، ومتعددة" [بدائع الفوائد: 1/127]. انتهى.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة الثانية والتسعون بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*قواعد التمييز بين الحق والباطل

والله -سبحانه وتعالى- يُفرد الحق، ويجمع الباطل، كما في قوله عزوجل:{وَأَنَّ هَذَاصِرَاطِي مسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ [الأنعام: 153]، وجمَع السبل؛ لأن طرق الضلال متشعبة، وكثيرة، ولا حصر لها، وأفرد الحق، والصراط؛ لأنه واحدٌ لا يتعدد.

قال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- شارحا ذلك بحديث النبي- صلى الله عليه وسلم-:" خط رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطّاً بيده، ثم قال: "هذا سبيل الله مستقيماً، ثم خطّ عن يمينه وشماله، ثم قال: هذه السبل، وليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه، ثم قرأأ النبي -صلى الله عليه وسلم-: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ، بعد ذلك قال: "ثمّ خط عن يمينه وشماله، ثم قال: هذه السُبل، وليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه، ثم قرأ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ [رواه أحمد: 4142، وابن حبان: 7، وصححه الألباني في التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان 1/147]. والحديث رواه أحمد، وابن حبان، وهو حديث حسن صحيح.

وسأل رجل ابن مسعود رضي الله عنه-: ما الصراط المستقيم؟، فقال: تركنا محمد -صلى الله عليه وسلم- في أدناه، وطرفه في الجنة، وعن يمينه جواد، جمع جادّة، يعني: الطريق، عن يمينه جواد يعني: طرق، وعن يساره جوادٌ، وثَمَّ رجال يدعون من مرّ بهم، فمن أخذ في تلك الجواد، يعني: الطرق الجانبية هذه انتهت به إلى النار، ومن أخذ على الصراط انتهى به إلى الجنة، ثم قرأ هذه الآية، {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ.} [تفسير الطبري: 9/671]. فطريق الحق واحد، وهو طريق الله، وهو طريق الهداية، وهو طريق الإسلام، وهو طريق الاستقامة، وسبُل الضلال كثيرة خبيثة، وقد قال تعالى: {قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ} [المائدة: 100].

وقد يُشكل على البعض جمع السُّبل في قوله تعالى:

 { وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت: 69]،   فما هو الجواب؟

الجواب: أن السبل هنا ليس المقصود بها المنهج، الصراط الأصلي المستقيم، الإسلام، التوحيد، وإنما المقصود بها سبل الخير، يعني: مثل ما نقول: الإيمان بضع وسبعون شعبة [رواه مسلم: 161]، شُعب الإيمان، فإذاً

سبل الخير، وشعب الإيمان طبيعي أن تتعدد.

نقول مثل ذلك: الصلاة سبيلٌ إلى الجنة، والزكاة سبيلٌ، وبر الوالدين سبيلٌ، والإحسان إلى الجار سبيلٌ، والنكاح بالمعروف سبيلٌ، والإصلاح بين المتخاصمين سبيلٌ، والسكوت عن الشر، والسكوت عن قول الباطل، والسكوت عن إيذاء الآخرين سبيلٌ، ويمسك عن الشر، يعني: صدقة، وعدد لك من أنواع المعروف، وطرق الخير.

فلو قال واحد، يعني: مَن سلك سبيلاً يلتمس فيه علماً [رواه مسلم: 7028]، والسبل إلى التعلم كثيرة، فمنها مثلاً:

الذهاب إلى العلماء، وثني الركب عندهم، ومنها القراءة

 في الكتب، ومنها سماع الأشرطة، ومنها السؤال بالهاتف، ونحو ذلك، السبل إلى تعلم العلم كثيرة.

إذاً، ليس المقصود هنا في حديث: من سلك سبيلاً يلتمس فيه علماً، فالناس تسلك سبلاً للتعلم، أنه هذه تعدد الصراط المستقيم، أو تعدد الحق، لا، الحق المنهج، يعني مثلاً: التوحيد، أن الله واحد، هذا صراط التوحيد واحد وليس هناك غيره.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

 فهذه الحلقة الثالثة والتسعون بعد المائتين في

 موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*قواعد التمييز بين الحق والباطل

الإسلام الذي بعث الله به محمد -صلى الله عليه وسلم- إسلامٌ واحد، وليس إسلامات.

فإذاً، المنهج الأصل واحد، أما سبُل الخير، وسبُل المعروف، وسبُل التعلم، وسبل الصدقة، وأمرٌ بالمعروف صدقة، والنهي عن المنكر صدقة، وإرشاد رجل في أرض الضلال صدقة،وتهدي الأعمى صدقة، وتحمل الرجل متاعه على الدابة صدقة، وتغيث الملهوث صدقة.

فإذاً، نحن لا نتكلم الآن على سبل المعروف، وسبل

الخير، وسبل التعلم، نحن نتكلم الآن على الصراط عند الله المؤدي للجنة، التوحيد، الإسلام، الحق واحد.

ولا يمكن أن يكون غيره صحيحاً، لا يمكن أن تكون اليهودية حق ، والنصرانية حق ، والبوذية حق ،

والهندوسية حق، والشرك بأنواعه الموجود عند

الطرق الصوفية،أو عند الرافضة صحيح، والقاديانية، والبهائية،والبابية صحيحة،لا يمكن،هذه أديان وليست سبل معروف، أو طرق خير.

فإذاً، ما نحن بصدده من ذكر أنه واحد هو الدين،

 وهو الصراط الموصل إلى الله، وهو منهجه، وسبيله، التوحيد، الإسلام واحد، فالله تعالى هو الإله الحق الواحد، ومن يعبدونه، ويوحدونه هم أهل الحق، والآلهة الأخرى باطلة، وعابدوها على الباطل.

قال تعالى:{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ}[الحج: 62] وقال عز وجل: {أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} [يوسف: 39]،ودين الحق واحد،وهو دين الإسلام، وبقية الأديان باطلة،قال تعالى:{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85]. وقال تعالى: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ ما في إلا واحد دين حق، واحد، لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [التوبة: 33]، والفرقة الناجية أهل السنة والجماعة واحدة، فلا يوجد عدة فرق على الحق، الفرقة الناجية واحدة.

الطائفة المنصورة،الفرقة الناجية،أهل السنة والجماعة، فرقة واحدة ناجية، والبقية هلكى.

قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ألا إن من قبلكم مَن أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملّة ، وأن هذه الملّة ستفترق على ثلاث وسبعين، ثنتان وسبعون في النار، وواحدة في الجنة، وهي الجماعة [رواه أبو داود: 4597، وصححه الألباني في السلسلة: 1/404]. رواه أبو داوود وهو حديث

صحيح. وفي رواية قالوا: "ومن هي يا رسول الله؟، قال: ما أنا عليه وأصحابي [رواه الترمذي: 2641]. رواه الترمذي والحاكم وهو حديث حسن.

فلو كان الحق متعدداً لما عذَّب الله تلك الفرق، ولما كانت الاثنتين والسبعين في النار،قال عبد الله ابن  مسعود -رضي الله عنه-: "إنما الجماعة ما وافق طاعة الله، وإن كنتَ وحدك"، [شرح اعتقاد أهل السنة اللالكائي: 1 / 109].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة الرابعة والتسعون بعد المائتين في

 موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: *قواعد التمييز بين الحق والباطل

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "إن الحق واحد، ولا يخرج عما جاءت به الرسل، وهو الموافق لصريح العقل فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا [منهاج السنة النبوية: 5/190].

فأهل السنة والجماعة، والطائفة المنصورة واحدة، قال

 عليه الصلاة والسلام: لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمرالله وهم ظاهرون على الناس[رواه البخاري: 7460، ومسلم: 5064

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون

على الحق ظاهرين على من ناوئهم، حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال[رواه أبو داود: 2484، وصححه الألباني في صحيح أبي داود: 2245]. رواه أبو داود في سننه، وهو حديث صحيح.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "صار المتمسكون بالإسلام المحض الخالص، الخالص عن

ماذا؟ قال: عن الشَّوب، يعني: الأخلاط، صار المتمسكون بالإسلام المحض الخالص عن الشَّوب، هم أهل السنة والجماعة، وفيهم الصديقون، والشهداء، والصالحون، ومنهم أعلام الهدى، ومصابيح الدجى، وهم الطائفة المنصورة"، [العقيدة الواسطية: 1/32].

ولذلك تجد أنت أن منهج ودين، وعقيدة، وطريقة

أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان، وعلى، وطلحة، والزبير، والصحابة، وسعيد ابن المسيب، ومجاهد، وعكرمة، وسعيد بن جبير، وفلان، وفلان واحدة. ومنصور، وعلقمة، وإبراهيم النخعي واحدة، والأوزاعي والثوري، وشعبه، واحدة، وأحمد، وإسحاق بن راهوية، والبخاري ومسلم، والترمذي، والنسائي، وأبو داوود ابن ماجه واحدة، وأبو حنيفة،

 ومالك، والشافعي واحدة.

فلا تجد عندهم اختلاف في العقيدة، فعقيدة أبو بكر الصديق هي عقيدة الأوزاعي، عقيدة الإمام أحمد، هي عقيدة الثوري، عقيدة شُعبة ابن الحجاج هي عقيدة البخاري، عقيدة مالك هي عقيدة من سبقه، من شيخ الإسلام ابن تيمية، الخط واحد، العقيدة واحدة، يختلفون في اجتهادات فقهية، نعم، لكن لا يختلفون في الأصول أبداً، كالإيمان بالله، والملائكة، والكتب، والرسل، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، وأركان الإسلام، لا يختلفون في وجوب الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، ولا يختلفون في مشروعية بر الوالدين، والإحسان إلى الجار، والأخلاق الحسنة ما يختلفون.

اختلافهم في اجتهادات في مسائل من الفقه من الأحكام لأسباب، منها مثلاً: كما قلنا سابقاً، خفاء الدليل على بعضهم دون بعض، ضعف الدليل عند بعضهم، أو صحة الدليل عند بعضهم دون بعض، طريقة فهم النص عند بعضهم، وطريقة أخرى عند الآخرين، مثلاً: الناسخ والمنسوخ، أيُّ النصين هو الناسخ، وأيُّ النصين هو المنسوخ؟.

أيُّ النصين هو الخاص، وأيُّ النصين هو العام؟، مثلاً، لكن أصل الدين واحد، موقفهم من صفات الله وأسمائه، واحد، توحيد الألوهية، واحد، ونحو ذلك من الأصول.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة الخامسة والتسعون بعد المائتين في

 موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: *قواعد التمييز بين الحق والباطل

نظريات مبنية على القول بتعدد الحق:

وهناك نظريات باطلة مبنية على القول بتعدد الحق، وهذه النظريات موجودة من زمان،لكن كل مدة يحيهاالأعداءبقوالب وأشكال جديدة،ودعايات جديدة.

فمن هذه النظريات المبنية على قضية القول بتعدد الحق التي نرفضها رفضاً قاطعاً، ونعتقد بطلانها،

وخلافها لدين الله،وكتابه،وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم

من هذه النظريات: نظرية وحدة الأديان فيزعم بعض مدعي السلام والإصلاح في العالم أن وحدة الأديان ضرورة، ولا بد أن نسلك هذا الطريق، والتقريب بين الأديان، يعني: لا بد من القيام به على مستوى العالم، وأن هذا هو الطريق إلى السلام العالمي، وأنَّ تمسك كل أصحاب دين لدينهم يؤدي إلى تفرُّق الناس، وقيام الحروب والعداوات، ومن قال: أن الإسلام لا بغض فيه؟ ومن قال: أن الإسلام لا عداء فيه لأحد؟، ومن قال: إن كتاب الله لا قتال فيه لأحد؟، ومن قال: بأن حكم الله ليس فيه براءٌ

من أحد، كيف؟

وأنت تقرأ في كتابه: {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 1]،{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ }[الممتحنة: 1]، {إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا} [النساء: 101]، {قَاتِلُواالَّذِينَ لَايُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ }[التوبة: 29]، {قاتلوهم}، مَن؟ الذين أتوا الكتاب لا يدينون بدين الإسلام، والمقصود القتال عند القدرة.

إذاً، الذين يقولون: إن تمسك أهل كل دين بدينهم يؤدي إلى عداوات، ويؤدي إلى حروب، والطريق إلى السلام العالمي هو التقريب بين الأديان،ووحدة الأديان: يسود السلام

أولاً: هم أنفسهم المنادون بذلك يحاربوننا، وحربهم لنا في البلاد واضحة جداً، والذين طرحوا هذه النظرية لم يطبقوها على أنفسهم، لا، بل هم أول المخالفين لها، فيشُنُّون الحرب على الإسلام والمسلمين في كل مكان، وصِقع، وعصر، ومِصر، لم يفتروا عن ذلك.

ثانياً: أن الكلام هذا وهو أولاً في الحقيقة باطل؛ لأنه

 إذا رجعنا للقرآن والسنة سنجد أن الدين هذا فيه

 براء،وعداوة، وجهاد، مواقف، فيه بغض، كره،

إذا أنت ما كرهت ما يكرهه الله، ولا أبغضت أعداء الله، ولا عاديتَ المشركين بالله،فأنت غير مسلم

لا يمكن، أن يجتمع الحب لله ولأعدائه، والحب لدينه وللأديان الباطلة في قلب واحد؟،

نظرية تقريب الأديان، أو وحدة الأديان نظرية باطلة، ويقول أحد روادها العرب: أنا أؤمن بالإسلام، والمسيحية، واليهودية، طبعاً كلامه ليس جديدا؛ لأن ابن عربي الملحد قال من قبله:

لقد صار قلبي قابلاً كل صورة *** فمرعاً لغزلانٍ وديرٌ لرهبان

وبيت لأوثان وكعبة طائفٍ *** وألواح توراة ومصحف قرآن

أدين بدين الحب أنَّى تواجهت *** ركائبه فالحب ديني وإيماني

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة السادسة والتسعون بعد المائتين في

 موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: *قواعد التمييز بين الحق والباطل 

فالرجل يحب كل شيء، يحب الله ويحب الشيطان، ويحب الإسلام ويحب اليهودية، ويحب الوثنية،ويحب الإلحاد....بل يحب كل شيء

وهذا أيضاً كقول بعض الضلال.

هبوني عيداً يجعل العُرب أمتة *** وسيروا بجثماني على دين برهم

سلامٌ على كفر يوحد بيننا *** وأهلا وسهلا بعده بجهنم

وقال الآخر:

يا مسلمون ويا نصارى دينكم *** دين العروبة واحد لا اثنان

هذه الدعوة الإلحادية الكفرية الفاجرة، هدفها الأساس بث الكفر والإلحاد، طمس معالم الإسلام، طمس معالم التوحيد، نشر الإباحية، تغيير الفطرة، مساواة الكفر بالإسلام، {وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ * وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ * وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ * وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ} [فاطر: 19-22]،ولا الإسلام ولا الكفر،ولا الشرك ولا التوحيد، ولا السنة ولا البدعة.

الله -عز وجل- فرّق فقال: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [القلم: 35-36].وقال: {لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ} [الحشر: 20]، ويوم القيام يوم يُسحب اليهود على وجوههم في النار، والنصارى كذلك ، وأرباب الأصنام هي وهم معبوداتهم معهم في النار، يسحبون إلى النار يقال : ألا تردون؟{ فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ * وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ} [الشعراء: 94، 95].

ونظرية وحدة الأديان، أو تقارب الأديان نهايتها أنهم في جنهم؛ لأنه إذا كان دينهم صحيح، وكلهم على الحق ، فمن الذي سيدخل النار؟.

جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: أن الدعوة إلى وحدة الأديان إن صدرت من مسلم فهي تعتبر ردة صريحة عن دين الإسلام؛ لأنها تصطدم مع أصول الاعتقاد، فترضى بالكفر بالله -عز وجل-، وتبطل صدق القرآن ونسخه لجميع ما قبله من الشرائع والأديان.

وبناء على ذلك فهي فكرة مرفوضة شرعاً، محرمة قطعاً بجميع أدلة التشريع في الإسلام، من قرآن وسنة وإجماع. [فتاوى اللجنة الدائمة - 1 12/281]. انتهى ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة السابعة والتسعون بعد المائتين في

 موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي

 بعنوان: من تجاوز الحق وقع في الباطل

القاعدة الثانية في معرفة الحق: من تجاوز الحق وقع في الباطل؛لأن الحق والباطل عدوان،وضدان لا يجتمعان ، وليس هناك برزخ بينهما، ولا منزلة بين المنزلتين، لأن الله قال: {فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} [يونس: 32]، ما فيه بعد الحق شيء ثاني،ما فيه بعد الحق إلا ضلال،فهذاالاستفهام الإنكاري، {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ } معناه: لا واسطة بينهما، لا يوجد بعد الحق إلا الضلال.

فمثلا: القرض الحسن، مشروع وحق، فمن جاوزه إلى قرض بزيادة، فإنه سيكون باطلاً قطعاً، مهما كان قليلاً، يعني: لو قال واحد: باعطيه مائة ألف يرجع لي مائة ألف وريال، يقول له: بعد الحق ما في إلا الباطل، وهذا الريال ربا.

{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 7، 8]، من تجاوز سنة النبي صلى الله عليه وسلم وقع في البدعة، لو واحد قال: الوضوء ثلاثاً، أنا سأتوضأ أربعا، اعلم أن الرابعة هذه بدعة، خلاص، التجاوز، تجاوز السنة بدعة، وهكذا.

*أنواع الخالطين بين الحق والباطل

الأمثلة كثيرة، الذين يحاولون الجمع بين الحق والباطل

هم أهل الباطل؛ لأن هذان ضدان لا يجتمعان،

والخالطون بين الحق والباطل أنواع:

النوع الأول: علماء الضلالة من اليهود، وأمثالهم، الذي يلبسون الحق بالباطل، قال الله:{ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [آل عمران: 71]،لا تلبسوا: لا تخلطوا. نهاهم عن أمرين:

الكتمان، والخلط؛ لأنهم اشتهروا بذلك، يكتمون صفة النبي -عليه الصلاة والسلام- المكتوبة عندهم، ويخلطون الحق بالباطل، حتى لا يتميز هذا من هذا، والذي يفعل ذلك في هذه الأمة متشبّه بهم.

انظر الآن مثلا إلى الخلط الحاصل بين الحرية، والانفلات من الدين، فالله -سبحانه وتعالى-

أعطى العباد قدراً من الحرية في الاختيار، لم يعطهم حرية كاملة في كل شيء، أي لم يقل:

تعبدوني، وتعبدوا غيري كما تريدون، تزوج أو تزني، افعل ما تشاء، لك الحرية، ترابي أو تبيع، افعل ما تشاء، لا.

جعل لهم حدود، محرمات لا يجوز انتهاكها، وواجبات لا يجوز اختراقها، وتعديها والخروج منها.

وفيه أشياء كثيرة الإنسان عنده خيارات، مثلاً هو حد له الجمع بين أربع في الزواج، يتزوج واحدة، أو يتزوج اثنتين،أو يتزوج ثلاثا، أو أربع، يأخذ ملك يمين، هو حر.

فإذاً، الخلط بين الانفلات من الدين، وقضية الحرية، هذا خلطٌ عظيم بين الحق، والباطل، هذا مروقٌ من الدين، هذا تحرر من ضوابط الدين؛ لأنه شذوذ، وعري، وفواحش، وانحطاط، وكفر.

 الذين يخلطون اليوم بين الشورى، والديمقراطية، الديمقراطية منتج غير إسلامي، الديمقراطية تقوم على رأي الأكثرية، مثلاً، وقد قلنا سابقا: أن الأكثرية لا تدل على الحق بالضرورة، والله قال: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ } [الأنعام: 116]. {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ } [يوسف: 103].

يعني: الآن لو استفتينا سكان العالم، سكان الكرة الأرضية، يقدّر عددهم بسبعة مليار، لو استفتيناهم على دين الإسلام، لو أربعة مليار قالوا: ما يعجبنا، ماذا نفعل؟هل نتركاو نلغي الإسلام ؟!

لو استفتينا أكثر العالم عن الربا......

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة الثامنة والتسعون بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي

 بعنوان:* دفق الخواطر حول (كلمة الحق)

1)(كلمة الحق) قذيفة ربَّانية في وجه الباطل، تُزلزل كيانه، وتحطم أركانَه، وتقهره وتُهلكه، حتَّى يصل الهلاك إلى دماغه؛ فيعطب ويتلف، يقول تعالى: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} [الأنبياء: 18].

ومَن القاذف إلا الله تعالى: {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ * قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ} [سبأ: 49]، فهل ترى للباطل وأهله من باقية؟! وأي شيء سيبقى للباطل حتى يعيده ويبدؤه؟!

فلن يبق منه شيء أبدًا لأنَّه سيضمحل ويزول، فإنَّ

 الحق مجلجل أبلج، والباطل مهلهل لجلج.

والحق ناطق ساحق ماحق، والباطل مخبط مخلط زاهق: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء: 81].

أخرج البخاري بسنده عن عبد الله بن مسعود قال: دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة وحول البيت ستون وثلاثمائة صنمًا، فجعل يطعنها بعودٍ في يده ويقول: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء: 81]، { جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ} [سبأ: 49].

لَوْ قَدْ رَأَيْتَ مُحَمَّدًا وَقَبِيلَهُ *** بِالفَتْحِ يَوْمَ تُكَسَّرُ الأَصْنَامُ

لَرَأَيْتَ دِينَ اللهِ أَضْحَى بَيِّنًا *** وَالشِّرْكُ يَغْشَى وَجْهَهُ الإِظْلامُ

والحق وإن ناوأه المناوِئُ، وكادَه له الكائد، وحاول أن يمكرَ بأهله الماكر، وأراد أن يطمس صورته، فإنَّه سيأتي يومٌ يقول فيه مَن كان على ذلك الباطل: { الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ} [يوسف: 51]، وسيعترف بأنَّه كان على باطل وضلال، {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ} [يونس: 32].

2)(كلمة الحق) كالمطر النازل من السماء؛ حيث تسيل به الأودية، وتفيض به العيون، وتسقى به الأرض بعد موتها، وينتفع بها الخلق منافِع شتَّى، وأمَّا الباطل فلو كان كثيرًا كثيفًا، فمآله إلى زوال وسفال واضمحلال؛ {كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ} [الرعد: 17].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة التاسعة والتسعون بعد المائتين في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:   * دفق الخواطر حول (كلمة الحق)

3)(كلمة الحق) ما كانت تُقال لِتُقمَع، بل لكي يظهر أثرُها ويسْطَع، ويزهق الباطل ويُقلع، ولئن ابتُلي صاحبها فلا بدَّ له من أصدقاء صدق يُدافعون عنه، ولا يُبقونه لظلم السجَّان، ولا لطغيان السلطان، ولا لتجاهل الأصحاب والخلاَّن.

وتأمَّل في حالة رسول الله محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - حينما كان يعرض الإسلام على القبائل والوفود، ويطلب منهم نصرتهم؛ وذلك لأنَّ كلمة الحق عزيزة، وصاحبها عزيز، فلا بدَّ مِن نصرته وحمايته، وتأمل قول الفاروق عمر - رضي الله عنه -: (إنه لا ينفع التكلم بحق لا نفاذ له)، فالحق لا بدَّ له من قوَّة تَحْمِيه، وتزيح العقبات والعراقيل التي تواجهه، وصدق الله القائل: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحديد: 25]

4)(كلمة الحق) ما هي إلاَّ جرأة نفسيَّة، وقوَّة داخليَّة، يدفعك إيمانُك الصادق لكي تقولها، بكل ثباتٍ وإباء، ورسوخٍ وشموخ، وانتماء لها واستعلاء، تُشعرك بأنَّك (حر) في زمن كَثُرَ فيه العبيد، حيث انطلقت من عقال العبوديَّة لساحة وباحة الحريَّة فهنيئًا لك!

5)(كلمة الحق) تحتاج لأشخاص يقولونها ويقولون

 بها، ويثبتون عليها ولا يتراجعون عنها؛ لأنَّها (حق)،

 والحق لا رجعة فيه.

6)(كلمة الحق) إن صدرتْ عن رجلٍ أكبره الناس بها واحترموه وقدَّروه، فما بالك إن صدرتْ عن المرأة، فتحيَّة كبيرة لنساء قائلات بالحقِّ كنَّ فيه أجرأ من الرجال!

7)كم من شخص قال (كلمة الحق) لم يخلص النيَّة

 فيها لله وحده، بل قالها يبتغي بها رضا الناس؛ ليكون ويكون! ويصعد على الأكتاف، وتهتف باسمه الجماهير! ولمَّا ابتلي وأوذي وكله الله إلى الناس فتخلّوا عنه! وكم مِن شخص ربَّاني قالها لإرضاء الله، بل في حالة إعراض الناس عنه، فحماه الله وعصَمه من أذى الناس، وإن أُوذي حباه الله بمحبَّة الناس ومناصرتهم له ولكلمته.

8)(كلمة الحق) لها ضريبةٌ اشتكى منها كثيرٌ مِمَّن قالها، وهي بُعد كثيرٍ من الناس عن قائلها،إمَّا خوفًا مِمَّا سيحصل لهم من أذى السلطان أو الناس، أو أنَّ كثيرًا من الناس لا يُعجبهم الصدع بالحق؛ لأنَّ لسان حالهم كلسان حال من قال: (مَا سَمِعْنا بهذا في آبائنا الأولين)، ومِمَّا جاء عن أبي ذر قوله: (مَا زَالَ بِي الأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ حَتَّى مَا تَرَكَ الْحَقُّ لِي صَدِيقًا)، فكلمةُ الحقِّ ثقيلةٌ على النفس، ولهذا لا يتحمَّلها إلا القليل، لكن إن أرضيت بها الرحمن، فسيجعل لك من بعد عُسْرٍ يُسرًا.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة  الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:                  * دفق الخواطر حول (كلمة الحق)

9)(كلمة الحق) قد تكون سهلةً ميسَّرة إن كانتْ لا تغضب مَن قلتها أمامهم، لكنَّها مُرَّة للغاية إن قلتها أمام من تظن أنَّهم سيأبونها ويُعرضون عنها، ويثنون أعطافهم نكاية بصاحبها، لكن حسبك أن تقرأ ما قاله الصحابي الجليل أبو ذر - رضي الله عنه -: أمرني خليلي رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - بسبع: ((أمرني بحب المساكين والدنو منهم، وأمرني أن أنظر إلى من هو دوني، ولا أنظر إلى من هو فوقي، وأمرني أن أصل الرحم وإن أدبرت، وأمرني ألا أسأل أحدًا شيئًا، وأمرني أن أقول بالحق وإن كان مُرًّا، وأمرني ألا أخاف في الله لومة لائم، وأمرني أن أكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله، فإنهن مِن كنز تحت العرش)؛ أخرجه أحمد، وابن حبَّان، بسند لا بأس به!

10)(كلمة الحق) مُرَّة فلا تزدْها مرارة بمرارة

أسلوبك، وهي مقولة قيلتْ سابقًا، وهي مقولة حق كذلك، فمَن يريد أن يتكلَّم بالحق فعليه باللطف والرفق واللين والحلم والعلم، لعلَّها تصادف قلبًا خاليًا، فيتمكَّن قائلها من إيصالها إليه، وتذكر قوله تعالى: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: 43، 44]، فأمرهم الله باللين والرفق مع ذلك الطاغية ، مع أنَّه تعالى يعلم في سابق علمه أنَّ فرعون لن يتذكر ولن يخشى، ولكنَّها المهارة في تأدية الحق.

11)(كلمة الحق) تقال في أي مكان، فهي كلمة نورانيَّة، وحجَّة ربانيَّة، ومنحة إلهيَّة، ولقد أخرج البخاري ومسلم من حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال: بايعنا رسول الله –

صلى الله عليه وسلم - على السمع والطاعة في المنشط والمكره، وألا ننازع الأمر أهله، وأن نقوم، أو: نقول بالحق حيثما كنا لا نخاف في الله لومة لائم.

وهكذا هي دعوة الإسلام القائمة على الحق والصدق والقوَّة، ومن يريد أن يكون مسلمًا حقًّا، فعليه أن يستعدَّ لهذا الحق؛ {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5) إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا} [المزمل: 1 - 6].

12) من شرف (كلمة الحق) أنَّ رسول الله – صلَّى

 الله عليه وسلَّم - جَعَلَها (من أعظم الجهاد) حيث قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: (إنَّ من أعظم الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر)؛ أخرجه الترمذي، وقال: حسن غريب.

وفي سنن النسائي عن أبي عبد الله طارق بن شهاب البجلي: أن رجلاً سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد وضع رِجْله في الغرز -: أي الجهاد أفضل؟ قال: (كلمة حق عند سلطان جائر)

قال الخطابي: وإنما صار ذلك أفضل الجهاد؛ لأنَّ مَنْ جاهَد العدو كان متَرَدِّدًا بين الرجاء والخوف، لا يدري هل يغلب أو يغلب، وصاحب السلطان مقْهُورٌ في يده، فهو إذا قال الحق وأمره بالمعروف فقد تعرض للتلف؛ فصار ذلك أفضل أنواع الجهاد من أجْل غلبة الخوْفِ.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة الواحدة بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:             * دفق الخواطر حول (كلمة الحق)

13)    (كلمة الحق) كما أنَّها تُقال أمام السلطان،

 فلابدَّ من قولها أمام الجماهير والإخوان

 والأصحاب والحشود، ولربما يكون قولها أمامهم أصعب من أن تقال أمام السلطان!

فكم من جَريءٍ في كلمة الحق أمام السلطان ضعيف جبان في قول كلمة الحق أمام الجماهير؛ خصوصًا إن كانوا من أتباعه ويعلم أنَّ (كلمة الحق) قد تخالف أكثرهم أو كثير منهم!

14)    (كلمة الحق) لا يُستحيى منها ولا ينبغي الخجل من قولها، فإنَّها كلمة أصلها ثابت وفرعها

في السماء؛ لأنَّها كلمة طيبة ولا بد أن تكون كذلك.

عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال رسول

 الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ألا لا يمنعن أحدًا هيبةُ الناس أن يقول بحق إذا علمه))؛ أخرجه الترمذي، وقال: (حديث حسن صحيح).

وفي رواية عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَلَا لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ رَهْبَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ إِذَا رَآهُ أَوْ شَهِدَهُ؛ فَإِنَّهُ لَا يُقَرِّبُ مِنْ أَجَلٍ، وَلَا يُبَاعِدُ مِنْ رِزْقٍ أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ أَوْ يُذَكِّرَ بِعَظِيمٍ)) أخرجه أحمد بسند جيد.

15)    السكوت عن قول (كلمة الحق) أحيانًا هو من الحق، وتذكر تلك القصَّة الواردة في صحيح الإمام مسلم حينما طلب رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - من حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - أن يذهب إلى مكان المشركين ليأتيه بخبر القوم، وألاَّ يتحدَّث شيئًا أمامهم، ولا يفعل شيئًا يُذعرهم على المسلمين، فلو أنَّه تكلَّم أو دافع أو نافح عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لكان في ذلك إفسادٌ للمقصد الذي بعث لأجله رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - الصحابي الجليل حذيفة - رضي الله عنه.

وما يتناقله كثيرٌ من الناس وينسبونه لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه قال: ((الساكت عن الحق شيطان أخرس، والمتكلِّم بالباطل شيطان ناطق))، لا يصح مطلقًا عن رسول الله فهو حديث باطل!

لكن ورد في "الرسالة القشيرية "لأبي القاسم القشيري - رحمه الله - أنَّه سمع الأستاذ أبا علي الدقاق يقول: (من سكت عن الحق، فهو شيطان أخرس)، وهذه الكلمة صحيحة في الأصل، لكنَّها ليست على جميع أحوالها صحيحة، فقد يسكت المرء عن شيء ما يستحق السكوت، ولا يستحق الكلام كما بيَّنا في قصَّة حذيفة.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة الثانية بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:             * دفق الخواطر حول (كلمة الحق)

ولربما يتكلَّم الشخص بكلمة حق، يكون مآلها زيادة إنكار المنكر، فسكوته في هذه الحالة أولى وأوجب.

ويتحدث الإمام ابن تيمية عن هذا السر قائلًا: "كنت آمر أصحابنا ألا يمنعوا الخمر عن أعداء

المسلمين من التتار والكرج ونحوهم، وأقول: إذا شربوا لم يصدهم ذلك عن ذكر الله وعن الصلاة، بل عن الكفر والفساد في الأرض، ثم إنه يوقع بينهم العداوة والبغضاء وذلك مصلحة للمسلمين، فصحوُهم شر من سكرهم، فلا خير في إعانتهم على الصحو، بل قد يستحب أو يجب دفع شر هؤلاء بما يمكن من سكر وغيره".

كما أنَّ من لا يستطيع إنكار المنكر إلاَّ بقلبه، فإنَّه لا يجب عليه أن ينكره بلسانه، فلقد ثبت في صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطعْ فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان"، وفي رواية: ((وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل)).

فمَن كان قادرًا على إنكار المنكر بلسانه ولكنَّه سكت

 فهو الشيطان الأخرس، ومن لم يكن قادرًا على

 إنكار ذلك المنكر بلسانه، فليس بشيطان أخرس.

16) (كلمة الحق) تكون في الغضب والرضا، ولربَّما يقول الشخص كلمة الحق في الرضا، لكنَّه لا يقولها في الغضب؛ لأنَّه إن اعتراه غضب فقد يمنعه من قول (كلمة الحق) أو قبولها.

فحريٌّ بنا أن نسأله تعالى أن يرزقنا قول الحق في الغضب والرضا، فلقد كان الصحابي الجليل عمار

بن ياسر - رضي الله عنه - يقول مُخبرًا عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: (أَمَا إِنِّي قَدْ دَعَوْتُ فِيهِمَا - يعني في الركعتين - بِدُعَاءٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدْعُو بِهِ: اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ، وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ، أَحْيِنِي مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتْ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي، أَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، وَكَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا، وَالْقَصْدَ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى، وَلَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ، وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ، وَمِنْ فِتْنَةٍ

مُضِلَّةٍ، اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الْإِيمَانِ، وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيِّينَ))؛ أخرجه النسائي وأحمد بسند صحيح.

17)    كم تأسَّى المسلمون من أناس قالوا (كلمة الحق)، ولم يكونوا على قدر من القوَّة والتجلد

والصبر عليها، فهانوا وخاروا وتراجعوا، فظنَّ بعض

 الناس أنَّ الخطأ في (كلمة الحق)، وما علموا أنَّ المشكلة فيمن قالوها؛ لضعفهم عن تحمُّل ضريبة قول (كلمة الحق).

18) من يعلم عن نفسه جبنًا وخورًا وضعفًا ويريد أن يستعرض بطولاته وعضلاته فيقول (كلمة الحق)، ثمَّ ينتكس بعدها ويرتكس إن ابتلي، فخير له أن يصمت، فقد قال تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286]، وثبت عنه - صلَّى الله عليه وسلَّم - في الحديث الصحيح أنَّه قال: ((اكلفوا من العمل ما تطيقون)[الأنترنت – موقع دفق الخواطر حول (كلمة الحق) - خباب الحمد ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة الثالثة بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي بعنوان:* اعرف الحق تعرف رجاله

     يقول الإمام العلامة ابن عقيل رحمه الله: "إذا أردت أن تعلم محل الإسلام من أهل الزمان فلا تنظر إلى زحامهم في أبواب الجوامع، ولا ضجيجهم في الموقف بلبيك،وإنما انظرإلى مواطأتهم أعداء الشريعة، وسئل الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: كيف تعرف أهل الحق في زمن الفتن؟! فقال: "اتبع سهام العدو فهي ترشدك إليهم". يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "إن الله لا يُسلِم الحق، ولكن يتركه ليبلوا غَيْرة الناس عليه فإذا لم يغاروا عليه غَارَ هو عليه"، ويقول أيضًا: "حين سكت أهل الحق عن الباطل توهم أهل الباطل أنهم على حق"، فالحق أحق أن يتبع وكل يؤخذ من كلامه ويترك إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم.. واﻷصل في الطريق إلى الله عدم التعلق باﻷشخاص مهما كانوا: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران:144]، والمحن والشدائد والمواقف تفرز الرجال ومعادنهم ومبادئهم وكل من تساقط على الطريق وتجاوز الحق تجاوزه التاريخ، فيعرف الرجال بالحق ولا يُعرف الحق بالرجال. يقول الإمام العلامة ابن عقيل رحمه الله: "إذا أردت أن تعلم محل الإسلام من أهل الزمان فلا تنظر إلى زحامهم في أبواب الجوامع، ولا ضجيجهم في الموقف بلبيك، وإنما انظر إلى مواطأتهم أعداء الشريعة"، وسئل الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: كيف تعرف أهل الحق في زمن الفتن؟! فقال: "اتبع سهام العدو فهي ترشدك إليهم". ويحدد شيخ الإسلام ابن تيمية أن وقوفك في صفوف الظالمين خيانة، ولو نطقت بآيات القرآن، فيقول رحمه الله: "إذا وجدتموني في صفوف التتار وفوق رأسي مصحفًا فاقتلوني"، وما كان الحق أوضح منه في يومٍ من الأيام مثلما هو الآن، ومَن اختلف فيه مع هذا الوضوح لو نزل عليه المسيخ الدجال غدًا، ربما لا يُفرِّق بينه وبين المسيح عيسى عليه السلام. قال الفرزدق الشاعر المعروف للحسين بن علي عندما سأله عن شيعته الذين هو بصدد القدوم إليهم: "قلوبهم معك وأسيافهم عليك، والأمر ينزل من السماء، والله يفعل ما يشاء"، فقال الحسين رضي الله عنه: "صدقت لله الأمر، وكل يوم هو في شأن، فإن نزل القضاء بما نحب ونرضى فنحمد الله على نعمائه وهو الـمستعان على أداء الشكر، وإن حال القضاء دون الرجاء فلم يبعد من كان الحق نيته والتقوى سريرته". ومن يدعي الحياد فإنه متردد بين الحق والباطل، والهدى والضلال، والخطأ والصواب؛ والخير والشر؛ والحياد في أمر الحق والباطل مسألة غير واردة إطلاقًا {فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ} [يونس من الآية:32]. فالمحايد شخص لم ينصر الباطل بشكل مباشر ولكنه خذل الحق وأعان عليه، وقلل سواده وأخر نصرته، وفتن أهله ولبس على الناس في أمره، وأضل نفسه وغيره ببعده عن جادة الطريق، ويقول الإمام ابن كثير رحمه الله: "الطعن بالمجاهدين من دلائل فسق الرجل". وما بين خلع ثوب الذل وارتداء ثوب الحرية تظهر عورات الكثيرين. ولا يخاف سماع صوت الحق إلا مَن كان على الباطل، ولا ينطق بالحق منافق أو ذليل، وسيأتي النصر بزمان ومكان وطريقة لا تخطر على قلب بشر مؤمنًا كان أو كافرًا: {ومَا يَعلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ وَمَا هِيَ إِلاَّ ذِكْرَى للْبَشَرِ} [المدثر من الآية:31].

[الأنترنت – موقع اعرف الحق تعرف رجاله - ماهر إبراهيم جعوان المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :

   فهذه الحلقة الرابعة بعد الثلاثمائة في موضوع

(الحق) وهي بعنوان:

* الفرقان بين الحق والباطل

    وأن اللّه بين ذلك بكتابه ونبيه، فمن كان أعظم اتباعاً لكتابه الذي أنزله ونبيه الذي أرسله كان أعظم فرقاناً، ومن كان أبعد عن إتباع الكتاب والرسول كان أبعد عن الفرقان، واشتبه عليه الحق بالباطل، كالذين اشتبه عليهم عبادة الرحمن بعبادة الشيطان، والنبي الصادق بالمتنبئ الكاذب، وآيات النبيين بشبهات الكذابين، حتى اشتبه عليهم الخالق بالمخلوق‏. ‏‏ فإن اللّه سبحانه وتعالى بعث محمداً بالهدى ودين الحق؛ ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، ففرق به بين الحق والباطل، والهدى والضلال، والرشاد والغي، والصدق والكذب، والعلم والجهل، والمعروف والمنكر، وطريق أولياء اللّه السعداء وأعداء اللّه الأشقياء؛وبين ما عليه الناس من الاختلاف، وكذلك النبيون قبله، قال اللّه تعالى‏:‏‏{‏‏كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ‏}‏‏ ‏[‏البقرة‏:‏213‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏‏تَاللّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ‏}‏‏ ‏[‏ النحل‏:‏ 63- 64‏]‏، وقال سبحانه وتعالى‏:‏ {‏‏تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً‏ } [‏الفرقان‏:‏1‏]‏،وقال تعالى‏:‏ {الم اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ‏}‏‏‏[‏آل عمران‏:‏1ـ 4‏]‏‏. ‏‏ قال جماهير المفسرين‏:‏ هو القرآن‏. ‏‏ روى ابن أبي حاتم بإسناده عن الربيع بن أنس قال‏:‏ هو الفرقان فرق بين الحق والباطل‏.‏ قال‏:‏ وروى عن عطاء ومجاهد ومِقْسَم وقتادة ومقاتل بن حَيَّان نحو ذلك، وروى بإسناده عن شيبان، عن قتادة في قوله‏:‏ ‏{‏‏وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ}‏‏ قال‏:‏ هو القرآن الذي أنزله اللّه على محمد، ففرق به بين الحق والباطل، وبين فيه دينه وشرع فيه شرائعه، وأحل حلاله وحرم حرامه، وحد حدوده، وأمر بطاعته ونهى عن معصيته‏. ‏‏ وعن عباد بن منصور‏:‏ سألت الحسن عن قوله تعالى‏:‏ ‏{‏‏وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ‏}‏‏ قال‏:‏ هو كتاب بحق‏. ‏‏ و‏[‏الفرقان‏]‏ مصدر فرق فرقاناً مثل الرجحان، والكفران، والخسران، وكذلك ‏[‏القرآن‏]‏ هو في الأصل مصدر قرأ قرآنا، ومنه قوله‏:‏‏{‏‏إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ‏}‏‏ ‏[‏القيامة‏:‏17ـ 19‏]‏، ويسمى الكلام المقروء نفسه ‏[‏قرآنا‏]‏ وهو كثير كما في قوله‏:‏‏{‏‏فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ‏}‏‏ ‏[‏النحل‏:‏98‏]‏، كما أن الكلام هو اسم مصدر كلم تكليما، وتكلم تكلما، ويراد به الكلام نفسه؛ وذلك لأن الإنسان إذا تكلم كان كلامه بفعل منه وحركة هي مسمى المصدر، وحصل عن الحركة صوت يقطع حروفاً هو نفس التكلم، فالكلام والقول ونحو ذلك يتناول هذا وهذا؛ ولهذا كان الكلام تارة يجعل نوعاً من العمل إذا أريد به المصدر، وتارة يجعل قسيماً له إذا أريد ما يتكلم به،وهو يتناول هذا وهذا‏.

 إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة الخامسة بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

* الفرقان بين الحق والباطل ‏

والمقصود هنا أن لفظ [الفرقان‏]‏ إذا أريد به المصدر كان المراد أنه أنزل الفصل والفرق بين الحق والباطل، وهذا منزل في الكتاب؛ فإن في الكتاب الفصل، وإنزال الفرق هو إنزال الفارق، وإن أريد بالفرقان ما يفرق فهو الفارق أيضاً‏. ‏‏ فهما في المعنى سواء، وإن أريد بالفرقان نفس المصدر فيكون إنزاله كإنزال الإيمان وإنزال العدل؛ فإنـه جعل في القلوب التفريق بين الحق والباطل بالقرآن، كما جعل فيها الإيمان والعدل، وهو سبحانه وتعالى أنزل الكتاب والميزان، والميزان قد فسر بالعدل، وفسر بأنه ما يوزن به ليعرف العدل، وهو كالفرقان يفسر بالفرق، ويفسر بما يحصل به الفرق، وهما متلازمان؛ فإذا أريد الفرق نفسه فهو نتيجة الكتاب وثمرته ومقتضاه، وإذا أريد الفارق فالكتاب نفسه هو الفارق، ويكون له اسمان،كل اسم يدل على صفة ليست هي الصفة الأخرى، سمي كتاباً باعتبار أنه مجموع مكتوب تحفظ حروفه ويقرأ ويكتب،وسمى فرقانا باعتبار أنه يفرق بين الحق والباطل كما تقدم، كما سمى هدى باعتبار أنه يهدي إلى الحق، وشفاء باعتبار أنه يشفي القلوب من مرض الشبهات والشهوات، ونحو ذلك من أسمائه‏. ‏‏ وكذلك أسماء الرسول؛ كالمقفى، والماحي، والحاشر‏.‏ وكذلك أسماء اللّه الحسنى؛ كالرحمن، والرحيم، والملك، والحكيم، ونحو ذلك‏. ‏‏ والعطف يكون لتغاير الأسماء والصفات، وإن كان المسمى واحداً كقوله‏:‏ ‏{‏‏سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ لْأَعْلَى الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى‏}‏‏ ‏[‏الأعلى‏:‏1ـ3‏]‏، وقوله‏:‏ ‏{‏‏هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ‏}‏‏ ‏[‏الحديد‏:‏3‏]‏، ونحو ذلك‏. ‏‏ وهنا ذكر أنه نزل الكتاب، فإنه نزله متفرقاً، وأنه أنزل التوراة والإنجيل، وذكر أنه أنزل الفرقان، وقد أنزل سبحانه وتعالى الإيمان في القلوب، وأنزل الميزان، والإيمان‏. ‏‏ و‏[‏الميزان‏]‏ مما يحصل به الفرقان أيضاً، كما يحصل بالقرآن، وإذا أنزل القرآن حصل به الإيمان والفرقان، ونظير هذا قوله‏:‏‏{‏‏وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاء وَذِكْراً لِّلْمُتَّقِينَ‏}‏‏ ‏[‏الأنبياء‏:‏48‏]‏‏.‏ قيل‏:‏ الفرقان هو التوراة‏.‏ وقيل‏:‏ هو الحكم بنصره على فرعون، كما في قوله‏:‏‏{‏‏إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ‏}‏‏ ‏[‏الأنفال‏:‏41‏]‏‏. ‏‏ وكذلك قوله‏:‏‏{‏‏قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ‏}‏‏ ‏[‏المائدة‏:‏15‏]‏، قيل‏:‏ النور هو محمد عليه الصلاة والسلام، وقيل‏:‏ هو الإسلام‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏‏قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُّبِيناً‏}‏‏ ‏[‏النساء‏:‏174‏]‏، قيل‏:‏ البرهان‏:‏ هو محمد‏.‏ وقيل‏:‏ هو الحجة والدليل‏.‏ وقيل‏:‏ القرآن والحجة والدليل تتناول الآيات التي بعث بها محمد صلى الله عليه وسلم، لكنه هناك جاء بلفظ ‏{‏آتَيْنَا‏}‏ و ‏{‏جَاءكُم‏}‏‏.‏ وهنا قال‏:‏ ‏{‏‏وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ‏}‏‏ جاء بلفظ الإنزال؛ فلهذا شاع بينهم أن القرآن والبرهان يحصل بالعلم والبيان كما حصل بالقرآن، ويحصل بالنظر والتمييز بين أهل الحق والباطل بأن ينجي هؤلاء وينصرهم ويعذب هؤلاء، فيكون قد فرق بين الطائفتين كما يفرق المفرق بين أولياء اللّه وأعدائه بالإحسان إلى هؤلاء وعقوبة هؤلاء‏. ‏‏ وهذا كقوله في القرآن في قوله‏:‏ ‏{‏‏إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ‏}‏‏ ‏[‏الأنفال‏:‏14‏]‏، قال الوالبي عن ابن عباس‏:‏ ‏{‏‏يَوْمَ الْفُرْقَانِ‏}‏‏‏:‏يوم بَدْر، فرق اللّه فيه بين الحق والباطل‏. ‏‏

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة السادسة بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

* الفرقان بين الحق والباطل

قال ابن أبي حاتم‏:‏ وروى عن مجاهد ومِقْسَم وعبيد اللّه بن عبد اللّه والضحاك وقتادة ومقاتل بن حيان نحو ذلك، وبذلك فسر أكثرهم‏{‏‏إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً‏}‏‏ ‏[‏الأنفال‏:‏29‏]‏، كما في قوله‏:‏ ‏{‏‏وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً‏}‏‏ ‏[‏الطلاق‏:‏2‏]‏، أي‏:‏ من كل ما ضاق على الناس، قال الوالبي عن ابن عباس في قوله‏:‏‏{‏‏إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً‏}‏‏ ‏[‏الأنفال‏:‏ 29‏]‏ أي‏:‏ مخرجا، قال ابن أبي حاتم‏:‏ وروى عن مجاهد وعكرمة والضحاك وقتادة والسدي ومقاتل بن حيان كذلك، غير أن مجاهداً قال‏:‏ مخرجاً في الدنيا والآخرة‏.‏ وروى عن الضحاك عن ابن عباس قال‏:‏ نصراً، قال‏: ‏وفي آخر قول ابن عباس والسدي‏:‏ نجاة‏. ‏‏ وعن عُرْوَة بن الزبير‏:‏ ‏{‏‏يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً‏}‏‏ أي‏:‏فصلا بين الحق والباطل، يظهر اللّه به حقكم ويطفئ به باطل من خالفكم، وذكر البغوي عن مقاتل بن حيان قال‏:‏ مخرجاً في الدنيا من الشبهات، لكن قد يكون هذا تفسيراً لمراد مقاتل بن حيان، كما ذكر أبو الفرج ابن الجوزي عن ابن عباس، ومجاهد وعكرمة، والضحاك وابن قتيبة أنهم قالوا‏:‏ هو المخرج‏. ‏‏ ‏ ثم قال‏:‏ والمعنى‏:‏ يجعل لكم مخرجاً في الدنيا من الضلال، وليس مرادهم، وإنما مرادهم المخرج المذكور في قوله‏:‏ ‏{‏‏وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً‏}‏‏ ‏[‏الطلاق‏:‏2‏]‏، والفرقان المذكور في قوله‏:‏‏{‏‏وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ‏}‏‏ ‏[‏ الأنفال‏:‏ 14‏]‏‏. ‏‏ وقد ذكر عن ابن زيد أنه قال‏:‏ هدى في قلوبهم يعرفون به الحق من الباطل، ونوعا الفرقان‏:‏ فرقان الهدى والبيان، والنصر والنجاة هما نوعا الظهور في قوله تعالى‏:‏‏{‏‏هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ‏}‏‏ ‏[‏التوبة‏:‏33،الفتح‏:‏28، الصف‏:‏9‏]‏، يظهره بالبيان والحجة والبرهان، ويظهر باليد والعِزّ والسِّنَان ‏[‏أي‏:‏ القوة، انظر‏:‏ لسان العرب، مادة‏:‏ سنن‏]‏‏. ‏‏

وكذلك ‏(‏السلطان‏)‏ في قوله‏:‏ ‏{‏‏وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ

سُلْطَاناً نَّصِيراً‏}‏‏ ‏[‏الإسراء‏:‏80‏]‏، فهذا النوع وهو الحجة

 والعلم، كما في قوله‏:‏‏{‏‏أَمْ أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ‏} ‏[‏الروم‏:‏35‏]‏، وقوله‏:‏ ‏{‏‏إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ‏}‏‏ ‏[‏غافر‏:‏56‏]‏، وقوله‏:‏ ‏{‏‏إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ‏}‏‏ ‏[‏النجم‏:‏23‏]‏، وقد فسر ‏[‏السلطان‏]‏ بسلطان القدرة واليد، وفسر بالحجة والبيان‏. ‏‏

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة السابعة بعد الثلاثمائة في موضوع

(الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

* الفرقان بين الحق والباطل

 فمن الفرقان‏:‏ما نَعَتَهُ اللَّه به في قوله‏:‏‏{‏‏فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ‏}‏‏ ‏[‏الأعراف‏:‏156- 157‏]‏، ففرّق بين المعروف والمنكر،أمر بهذا ونهى عن هذا،وبين الطيب والخبيث،أحل هذا وحرم هذا‏.‏

ومن الفرقان‏:‏ أنه فرق بين أهل الحق المهتدين المؤمنين المصلحين،أهل الحسنات، وبين أهل الباطل الكفار الضالين المفسدين،أهل السيئات، قال تعالى‏:‏‏{‏‏أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ‏}‏‏ ‏[‏الجاثية‏:‏21‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏‏أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ‏}‏‏ٌ ‏[‏ص‏:‏28‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏‏أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ‏}‏‏ ‏[‏القلم‏:‏35-36‏]‏، وقال تعالى‏:‏‏{‏‏مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ‏}‏‏ ‏[‏هود‏:‏24‏]‏، وقال تعالى‏:‏‏{‏‏أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ‏}‏‏ ‏[‏الزمر‏:‏9‏]‏، وقال تعالى‏:‏‏{‏‏وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاء وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاء وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ إِنْ أَنتَ إِلَّا نَذِير إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً‏}‏‏ ‏[‏فاطر‏:‏19ـ24‏]‏، وقال تعالى‏:‏‏{‏‏أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا‏}‏‏ ‏[‏الأنعام‏:‏122‏]‏،وقال تعالى‏:‏ ‏{‏‏أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لَّا يَسْتَوُونَ‏}‏‏ ‏[‏السجدة‏:‏18‏]‏،فهو سبحانه بين الفرق بين أشخاص أهل الطاعة للّه والرسول، والمعصية للّه والرسول، كما بين الفرق بين ما أمر به وبين ما نهى عنه‏. ‏‏ وأعظم من ذلك أنه بين الفرق بين الخالق والمخلوق، وأن المخلوق لا يجوز أن يسوى بين الخالق والمخلوق في شيء، فيجعل المخلوق نِدّا للخالق، قال تعالى‏:‏‏{‏‏وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ‏}‏‏ ‏[‏البقرة‏:‏165‏]‏، وقال تعالى‏:‏‏{‏‏هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً‏}‏‏ ‏[‏مريم‏:‏65‏]‏، ‏{‏‏وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ‏}‏‏ ‏[‏الإخلاص‏:‏4‏]‏، ‏{‏‏لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ‏}‏‏ ‏[‏الشورى‏:‏11‏]‏، وضرب الأمثال في القرآن على من لم يفرق، بل عدل بربه وسوى بينه وبين خلقه، كما قالوا وهم في النار يصطرخون فيها‏:‏ ‏{‏‏تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ‏}‏‏ ‏[‏الشعراء‏:‏97- 98‏]‏، وقال تعالى‏:‏‏{‏‏أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ وَاللّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَاء وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ‏}‏‏ ‏[‏النحل‏:‏17ـ 21‏]‏‏. ‏‏

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الثامنة بعد الثلاثمائة في موضوع

(الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

* الفرقان بين الحق والباطل   

فهو سبحانه الخالق العليم،الحق الحي الذي لا يموت،ومن سواه لا يخلق شيئاً، كما قال‏:‏‏{‏‏إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ‏}‏‏ ‏[‏الحج‏:‏73- 74‏]‏‏. ‏‏ وهذا مثلٌ ضربه اللّه،فإن الذباب من أصغر الموجودات، وكل من يدعى من دون اللّه لا يخلقون ذباباً ولو اجتمعوا له. ‏‏ وإن يسلبهم الذباب شيئاً لا يستنقذوه منه‏.‏ فإذا تبين أنهم لا يخلقون ذباباً، ولا يقدرون على انتزاع ما يسلبهم، فَهُمْ عن خلق غيره وعن مغالبته أعجز وأعجز‏. ‏‏ و‏[‏المثل‏]‏ هو الأصل والنظير المشبه به، كما قال‏:‏ ‏{‏‏وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ‏}‏‏ ‏[‏الزخرف‏:‏57‏]‏، أي‏:‏ لما جعلوه نظيراً قاسوا عليه آلهتهم، وقالوا‏:‏ إذا كان قد عُبِد وهو لا يعذب فكذلك آلهتنا، فضربوه مثلا لآلهتهم، وجعلوا يصدون، أي‏:‏ يضجون، ويعجبون منه احتجاجاً به على الرسول، والفرق بينه وبين آلهتهم ظاهر، كما بينه في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏‏إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ‏}‏‏ ‏[‏الأنبياء‏:‏101‏]‏، وقال في فرعون‏:‏ ‏{‏‏فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ‏}‏‏ ‏[‏الزخرف‏:‏56‏]‏، أي‏:‏ مثلاً يعتبر به ويقاس عليه غيره، فمن عمل بمثل عمله جُوزِي بجزائه؛ ليتعظ الناس به فلا يعمل بمثل عمله‏. ‏‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏‏وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَمَثَلاً مِّنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُمْ‏}‏‏ ‏[‏النور‏:‏34‏]‏، وهو ما ذكره من أحوال الأمم الماضية، التي يعتبر بها ويقاس عليها أحوال الأمم المستقبلة، كما قال‏:‏‏{‏‏لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ‏}‏‏‏[‏يوسف‏:‏111‏]‏، فمن كان من أهل الإيمان قيس بهم، وعلم أن اللّه يسعده في الدنيا والآخرة، ومن كان من أهل الكفر قيس بهم، وعلم أن اللّه يشقيه في الدنيا والآخرة، كما قال في حق هؤلاء‏:‏‏{‏‏أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِّنْ أُوْلَئِكُمْ أَمْ لَكُم بَرَاءةٌ فِي الزُّبُرِ‏}‏‏‏[‏القمر‏:‏43‏]‏، وقد قال‏:‏‏{‏‏قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذَّبِينَ‏}‏‏‏[‏آل عمران‏:‏137‏]‏، وقال في حق المؤمنين‏:‏‏{‏‏وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ‏}‏‏ ‏[‏النور‏:‏55‏]‏، وقال‏:‏‏{‏‏وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ‏}‏‏ ‏[‏الأنبياء‏:‏ 87، 88‏]‏، وقال في قصة أيوب‏:‏ ‏{‏‏رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ‏}‏‏ ‏[‏الأنبياء‏:‏84‏]‏، ‏{‏‏رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ‏}‏‏ ‏[‏ص‏:‏43‏]‏، وقال‏:‏‏{‏‏أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ‏}‏‏ ‏[‏الأنعام‏:‏90‏]‏، وقال‏:‏ ‏{‏‏أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ‏}‏‏ ‏[‏البقرة‏:‏214‏]‏، وقال‏:‏ ‏{‏‏وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ‏}‏‏ ‏[‏هود‏:‏120‏]‏‏.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة التاسعة بعد الثلاثمائة في موضوع

(الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

* الفرقان بين الحق والباطل  

 ‏‏ فلفظ ‏[‏المثل‏]‏ يراد به النظير الذي يقاس عليه ويعتبر به، ويراد به مجموع القياس، قال سبحانه‏: ‏‏{‏‏وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ‏}‏‏ ‏[‏يس‏:‏78‏]‏، أي‏:‏ لا أحد يحييها وهي رميم‏.‏ فمثل الخالق بالمخلوق في هذا النفي، فجعل هذا مثل هذا، لا يقدر على إحيائها، سواء نظمه في قياس تمثيل أو قياس شمول، كما قد بسط الكلام على هذا في غير هذا الموضع، وبين أن معنى القياسين قياس الشمول وقياس التمثيل واحد والمثل المضروب المذكور في القرآن فإذا قلت‏:‏ النبيذ مُسْكِر، وكل مسكر حرام، وأقمت الدليل على المقدمة الكبرى بقوله صلى الله عليه وسلم "كل مسكر حرام‏"‏‏ فهو كقوله صلى الله عليه وسلم قياساً على الخمر؛ لأن الخمر إنما حرمت لأجل الإسكار، وهو موجود في النبيذ‏.‏ فقوله‏:‏‏{‏‏ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ‏}‏‏ ‏[‏الحج‏:‏73‏]‏‏. ‏‏ جعل ما هو من أصغر المخلوقات مثلاً ونظيراً يعتبر به؛ فإذا كان أدْوَن خلق اللّه لا يقدرون على خلقه ولا منازعته فلا يقدرون على خَلْق ما سواه، فيعلم بها من عظمة الخالق وأن كل ما يعبدون من دون اللّه في السماء والأرض لا يقدرون على ما هو أصغر مخلوقاته‏. ‏‏ وقد قيل‏:‏ إنهم جعلوا آلهتهم مثلاً للّه فاستمعوا لذكرها؛ وهذا لأنهم لم يفقهوا المثل الذي ضربه اللّه، جعلوا المشركين هم الذين ضربوا هذا المثل‏. ‏‏ ومثل هذا في القرآن قد ضربه اللّه ليبين أنه لا يقاس المخلوق بالخالق، ويجعل له نِدّا ومِثْلا كقوله‏:

‏‏{‏‏قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُواْ أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنّاً إَنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ‏}‏‏ ‏[‏يونس‏:‏31ـ 36‏]‏‏. ‏‏ ولما قرر الوحدانية قرر النبوة كذلك، فقال‏:‏‏{‏‏وَمَا كَانَ هَـذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَى مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ‏}‏‏ ‏[‏ يونس‏:‏ 37ـ 39‏]‏، وهؤلاء مثلوا المخلوق بالخالق، وهذا من تكذيبهم إياه، ولم يكن المشركون يسوون بين آلهتهم وبين اللّه في كل شيء، بل كانوا يؤمنون بأن اللّه هو الخالق المالك لهم، وهم مخلوقون مملوكون له، ولكن كانوا يسوون بينه وبينها في المحبة والتعظيم، والدعاء والعبادة، والنذر لها ونحو ذلك مما يخص به الرب، فمن عدل باللّه غيره في شيء من خصائصهِ سبحانه وتعالى فهو مشرك، بخلاف من لا يعدل به ولكن يذنب، مع اعترافه بأن اللّه ربه وحده، وخضوعه له خوفاً من عقوبة الذنب، فهذا يفرق بينه وبين من لا يعترف بتحريم ذلك.

[الانترنت – موقع فصل في الفرقان بين الحق والباطل - مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى - الجزء الثالث عشر.] ،[الأنترنت – موقع طريق القرآن - رحلة الحق المذهلة -إعداد: الدكتور/ أحمد مُحمَّد زين المنّاوي]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة العاشرة بعد الثلاثمائة في موضوع

(الحق) وهي بعنوان:*حق القوة: الإيمان

الإيمان أقوى قوة في الأرض

ماذا فعل النبي عليه الصلاة والسلام في مكة المكرمة ؟ بنى الإيمان ، الإيمان أكبر كلمة ، ذلك أنك إذا سألت ما هي أقوى قوة في الأرض ؟ قد يقول أحدهم : القنبلة الذرية أو النووية ، في ثوانٍ تبيد ملايين ، حرقاً وضغطاً ، ولا تبقي ولا تذر ، لا من البشر , ولا من الحيوان ، ولا من النبات ، ولا أي كائن حي ، من هو الأقوى منها ؟ الذي صنعها بما آتى الله الإنسان من عقل ، استطاع بهذا العقل أن يصل إلى الكواكب الأخرى ، سافر إلى القمر ، أرسل مركبة إلى المشتري ، وبقيت هذه المركبة تسبح في الفضاء ست سنوات بأسرع سرعة صنعها الإنسان ، 40 ميلا في الساعة ، أسرع الطائرات الآن بين الـ900 والـ 1000 كم في الساعة ، أما هنا 60 ألف كم في الساعة ، إذاً الذي صنع القنبلة بقدراته العقلية هو أقوى منه ، الآن القوة التي تحرك هذا الإنسان وتجعله يضحي بالغالي والرخيص والنفس والنفيس ، هي قوة الإيمان ، الإيمان أقوى قوة في الأرض ، يعني هل هناك أغنى من الحياة ؟ هل هناك أغلى على الإنسان من حياته ؟ حياة المؤمن يضحى بها رخيصة في سبيل الله ، معنى ذلك أقوى قوة في الأرض قوة الإيمان ، جئناكم بأناس يحبون الموت كما تحبون الحياة

ماذا فعل النبي عليه الصلاة والسلام في مكة المكرمة

 ؟ بنى الإيمان في نفوس أصحابه ، قوّى الإيمان ، لذلك الإيمان كلمة كبيرة جداً ، فمنهج النبي أن الإيمان قوه وتمكن وتعزز في مكة المكرمة ،

 لكنهم ضعاف ، وقد جاء توجيه الله لهم ألا يقاتلوا :

قال الله في القرآن الكريم:(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ)[سورة النساء الآية : 77]

الإيمان حب واتصال بالله

الإسلام من دون حب فهو جسد من دون روح ، جثة ، إذا أفرغت الإسلام من الحب ، من الود ، من خفقان القلب .                                قال الله في القرآن الكريم:

(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) [سورة الأنفال]

قال رسول الله:( أولياء الله تعالى الذين إذا رؤوا ذكر الله تعالى )[أخرجه الحكيم عن ابن عباس] لاتصالهم بالله عز وجل ،الإيمان اتصال ،الإيمان حال،الإيمان حب،الإيمان تضحية ،الإيمان انضباط .

فلذلك كان أصحاب النبي رضوان الله عليهم في أعلى درجات الحب .

حينما يفرغ الإيمان من معناه

وحينما يزول الحب بيننا وتبقى المساجد الضخمة ،

 وتبقى المكتبات العامرة ، والمؤتمرات الباذخة وتبقى المظاهر الصارخة .

هناك مسجد زرته في الدار البيضاء بني فوق البحر ، وكلف مليار دولار ، مئذنته جامعة ، أعلى مئذنة في العالم ، وهي بناء أُعد ليكون جامعة بكل ما في الكلمة من معنى , جوامع كبيرة جداً فيها بذخ ، وفيها زخرفة ، ومؤتمرات ، فنادق خمس نجوم ، ومكتبات ومظاهر ، وألقاب علمية ، لكن ليس بيننا حب ولا اتصال بالله .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الحادية عشرة بعد الثلاثمائة في موضوع

(الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: *حق القوة: الإيمان

دققوا في هذا المثل :

التجارة فيها مئات ، بل ألوف ، بل عشرات الألوف

 من النشاطات ، تاجر كبير يشتري محلا تجاريا ، يشتري مكتب استيراد ، يشتري مستودعًا ، يعين موظفين ، يعين محاسبة ، إدارة ، يعلن عن بضاعته ، يسافر ، يستورد ، يعرض ، يجول ، أكثر من مئة نشاط ، من ألف نشاط ، من بضعة آلاف من النشاطات ، كل هذه النشاطات تضغط في كلمة واحدة ، بدءاً من شراء المحل والمستودع ، مكتب الاستيراد ، تعيين موظفين ، السفر إلى الخارج ، أخذ وكالات ، استيراد بضاعة ، عرض البضاعة ، بيع البضاعة ، نقل البضاعة شحن البضاعة ، ثمن البضاعة ، تحويل الثمن إلى المعامل نشاطات لا تعد ولا تحصى , وجلسات تحكيم بين التجار ، وخلافات ، وحسم أسعار ، ومشكلات تنشأ في أثناء البيع والشراء , كل هذه التجارة تضغط بكلمة واحدة ، فهي الربح ، فإن لم تربح فلست تاجراً.

 بالمقابل النشاطات الدينية : إنشاء مساجد ، إنشاء

 مكتبات ، تعيين خطباء ، إلقاء خطب ، نقل خطب عبر الإذاعة ، عقد مؤتمرات ، نشاطات لا تعد ولا تحصى ، كتب في السيرة ، كتب في التاريخ ، كتب في اللغة ، كتب في التجويد ، كتب في الأحكام الفقهية كتب في أصول الفقه ، كتب في الفقه المقارن ، كتب في تاريخ الفقه الإسلامي ، كتب في أحكام المواريث ، كتب في العلاقات العامة ، كتب في العقيدة ، كتب في الحديث ، في علم مصطلح الحديث ، مليون نشاط ديني ، بين تعلم ، وتعليم ، وتأليف ، وإنشاء مساجد وإدارات عامة ، وجمعيات خيرية ، الدين كله يضغط في كلمة واحدة الاتصال بالله ، فإن لم يكن هناك اتصال بالله كل هذه المظاهر لا قيمة لها .

*حق القوة بالمفهوم الغربي

عند الغربيين ، الحق عندهم يعني القوة ، والقوة تصنع الحق ، لذلك يكيلون بألف مكيال ومكيال ، معهم حق القوة ،فالدول العظمى اخترعوا حقا لهم لأنهم أقوياء ، اسمه ” الفيتو ” ، أيّ قرار لا يعجبهم يستخدمون الفيتو فيلغى، هذا ما أنزل الله به من سلطان ، هذا من اختراعهم، هذا من حق القوة، فالقوي يملي الشروط، والضعيف يقبلها .

لكن الحق عند المؤمنين ما جاء في وحي السماء هذا

 الحق ، ما جاء بالوحيين ، الكتاب والسنة ، ولكن هذا الحق يحتاج إلى قوة .

قوة الحق :

لكن هذا الحق القوي يحتاج إلى قوة ، قوة الحق تحتاج إلى حق القوة ، لما انتقل النبي صلى الله

عليه وسلم إلى المدينة ، دخل في مرحلة أخرى ، في

 مرحلة ثانية ، دخل في مرحلة تأسيس كيان إسلامي ، تأسيس دولة إسلامية ، وحارب قريشاً حروباً ثلاثة ، وبعض الغزوات إلى أن انتزع منهم اعترافاً بالكيان الإسلامي في صلح الحديبية

في مكة المكرمة : كنا في مرحلة تقوية الإيمان.

قال الله تعالى في القرآن الكريم: (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا)[سورة الشمس]قال الله تعالى في القرآن الكريم: (وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ)[سورة الفجر]

قال الله تعالى في القرآن الكريم:(عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ)[سورة النبأ]

أما في المدينة : فصار لهم كيان ، وتشريع ، وقوة

الجمع بين قوة الحق وحق القوة :

فلذلك النبي عليه الصلاة والسلام بنى الإيمان في مكة ، وبنى كيان  مدني قوي في المدينة ، فامتلك قوة الحق وحق القوة . إذاً المسلمون اليوم ما لم يؤسسوا إيماناً قوياً كما فعل النبي بمكة ، ثم يدعمونه بقوة كما فعل النبي الكريم بالمدينة ، فلن يستطيعوا أن يحققوا رسالتهم .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الثانية عشرة بعد الثلاثمائة في موضوع

(الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: *حق القوة: الإيمان

الآن لماذا قتل قابيل هابيل ؟ قابيل معه قوة ، الأخ الأقوى ، وهابيل معه الحق لكنه الأخ الأضعف ، لكنه قُتل ، ماذا كان ينقص هابيل ، إضافة أنه على حق ، وقدم قرباناً وتقبله الله منه ، وأطاع الله وتزوج أخت قابيل ، ينقص هابيل قوة قابيل ، وماذا ينقص قابيل ؟ إيمان هابيل ، فقابيل ملك حق القوة ، وهابيل ملك قوة الحق .

لذلك النبي جمع بين قوة الحق في مكة ، وبين حق القوة في المدينة .

لذلك النبي عليه الصلاة والسلام علمنا أن قوة الحق لا تكفي ، كان في مكة يملك قوة الحق ، لكن

كان يرى أصحابه يُعذبون أمامه ، ولا يستطيع أن

يفعل شيئاً ، أما في المدينة بنى كياناً إسلامياً ، امتلك

 حق القوة .

لذلك أنت كمؤمن لا يكفي أن تكون مؤمنًا ، صافي

 النفس ، سليم الصدر ، تقول لا حول ولا قوة إلا بالله ، ماذا نعمل ؟ الأمر ليس بيدنا ، كله ترتيب سيدك ، هذه الكلمات الفارغة التي ينطق بها المؤمنون أحياناً ، ضعيف ، مستسلم ، يقبل الضغط ، يقبل الذل ، ما بيدنا شيء ، نحن ضعاف ، هكذا الله شاء ، ماذا نفعل ؟ هكذا كان أصحاب رسول الله ؟ لا .

لما انتقل النبي عليه الصلاة والسلام إلى المدينة المنورة أسس كيانًا ، وامتلك حق القوة ، لذلك حارب قريشًا في بدر ، وفي أحد ، وفي الخندق ، وفي الغزوات إلى أن انتزع من قريش القبيلة القوية المتغطرسة ، المستكبرة ، الجامحة ، الطاغية ، المنحلة ، ربا على خمر ، على زنا ، على فوضى جنسية ، هذه الفوضى العاتية المتكبرة انتزع منها اعترافاً بالكيان الإسلامي .

والعالم الإسلامي الآن ما لم يقتد برسول الله في انتزاع حق القوة فلن يستطيع أن يقيم الإسلام في بلاده ، في الأرض هبابلة ، وقبابلة ، هبابلة أمثال هابيل ، وقبابلة أمثال قابيل ، الهبابلة مؤمنون والحمد لله ، إن شاء الله مصيرهم إلى الجنة ، لكن مذبوحون ، أما القبابلة فكفار ، وقتلة ، ومجرمون ، لكنهم أقوياء ، فليت الهبابلة يأخذون من خصائص القبابلة ، وليت

القبابلة يأخذون من خصائص الهبابلة .

من أين نبدأ :الانطلاق من الحب ، أتحب أخاك ؟ كان أصحاب رسول الله يصلون العشاء في المسجد النبوي ، فإذا انطلقوا إلى البيت عانق الأخ أخاه وودعه ، العشاء بالشتاء الساعة العاشرة ، الفجر الساعة الرابعة ، أو الثالثة ، لما يلتقي الصحابي مع أخيه الذي ودعه قبل خمس ساعات يعانقه ويقول : وا شوقاه ، غاب عنه خمس ساعات ، هناك حب بينهم ، وكان الصحابة الكرام إذا مشى الأول مع الآخر ، وافترقا لشجرة بينهما ، فإذا التقيا بعد الشجرة يقول الأول للثاني : السلام عليكم ، نريد حباً كهذا

 الحب ، نريد أن يكون المؤمنون أخوة .

قال الله تعالى في الحديث القدسي :

(وجبت محبتي للمتحابين فيّ ، والمتجالسين فيّ ، والمتباذلين فيّ ، والمتزاورين فيّ ، والمتحابون فيّ ، على منابر من نور يغبطهم عليها النبيون والصديقون والشهداء يوم القيامة ) .

[أخرجه أحمد في مسنده والطبراني والحاكم ، عن عبادة بن الصامت وعن معاذ]

إذا استقام الواحد منكم ، وانضبط ، واصطلح مع الله فهو معزز ، مكرم ، فالإسلام حملك ، ورفع ذكرك ، وأكرمك ، وإذا كان الله معك فمن عليك ، وإذا كان عليك فمن معك .[الأنترنت – موقع حق القوة وقوة الحق ـ منقول عن:السيرة – فقه السيرة النبوية – الدرس  : الوصول إلى المدينة المنورة وبناء - جامع بقباء للدكتور محمد راتب النابلسي ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الثالثة عشرة بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي بعنوان: * الثابتون على الحق

   إِذَا خَالَطَتْ بَشَاشَةُ الْإِيمَانِ الْقُلُوبَ فَرِحَتْ بِهِ، وَطَرِبَتْ لَهُ، وَهَانَ عَلَيْهَا مَا تَلْقَى فِي سَبِيلِهِ مَهْمَا كَانَ. قَالَ هِرَقْلُ لِوَفْدِ الْمُشْرِكِينَ يُفَسِّرُ لَهُمْ سَبَبَ ثَبَاتِ الْمُؤْمِنِينَ رَغْمَ مَا يَلْقَوْنَهُ مِنَ الْأَذَى وَالتَّعْذِيبِ فِي مَكَّةَ: «وَسَأَلْتُكَ: أَيَرْتَدُّ أَحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ، فَذَكَرْتَ أَنْ لَا، وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ حِينَ تُخَالِطُ بَشَاشَتُهُ الْقُلُوبَ». وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «فَالْإِيمَانُ إِذَا بَاشَرَ الْقَلْبَ وَخَالَطَتْهُ بَشَاشَتُهُ لَا يَسْخَطُهُ الْقَلْبُ، بَلْ يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ؛ فَإِنَّ لَهُ مِنَ الْحَلَاوَةِ فِي الْقَلْبِ وَاللَّذَّةِ وَالسُّرُورِ وَالْبَهْجَةِ مَا لَا يُمْكِنُ التَّعْبِيرُ عَنْهُ لِمَنْ لَمْ يَذُقْهُ، وَالنَّاسُ مُتَفَاوِتُونَ فِي ذَوْقِهِ، وَالْفَرَحُ وَالسُّرُورُ الَّذِي فِي الْقَلْبِ لَهُ مِنَ الْبَشَاشَةِ مَا هُوَ بِحَسَبِهِ، وَإِذَا خَالَطَتِ الْقَلْبَ لَمْ يَسْخَطْهُ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ

فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [يونس: 58]».

وَفِي التَّارِيخِ رِجَالٌ بَانَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاتَّبَعُوهُ، وَفَارَقُوا مَا كَانَ عَلَيْهِ أَقْوَامُهُمْ مِنَ الْبَاطِلِ، وَثَبَتُوا عَلَى الْحَقِّ إِلَى أَنْ لَقُوا اللَّهَ تَعَالَى. وَفِي آلِ فِرْعَوْنَ رَجُلٌ لَا يُعْرَفُ اسْمُهُ، وَلَمْ يُذْكَرْ فِي الْقُرْآنِ إِلَّا مَوَاقِفُهُ فِي الدَّعْوَةِ، وَهَذِهِ هِيَ طَرِيقَةُ الْقُرْآنِ؛ لَا يُذْكَرُ فِيهِ إِلَّا مَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِالدَّعْوَةِ وَالْحِسْبَةِ، وَالْإِعْرَاضِ عَنْ تَفْصِيلَاتٍ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِذَلِكَ، وَلَا يَضُرُّ هَذَا الرَّجُلَ أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ اسْمُهُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَعْرِفُهُ، وَيَجْزِيهِ أَجْرَهُ، وَهَا نَحْنُ بَعْدَ آلَافِ السِّنِينَ نَذْكُرُ مَوْقِفَهُ الْعَظِيمَ الَّذِي حَكَاهُ اللَّهُ

تَعَالَى لَنَا فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ.

وَقَفَ هَذَا الرَّجُلُ الْمُؤْمِنُ مُدَافِعًا عَنْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، دَاعِيًا فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ إِلَى اتِّبَاعِهِ، مُبَيِّنًا لَهُمْ خَطَرَ إِيذَاءِ مَنْ يَدْعُو إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، مُذَكِّرًا إِيَّاهُمْ مَا حَبَاهُمُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ نِعَمِهِ، وَحَذَّرَهُمْ مِنْ بَأْسِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَذَابِهِ.

وَمِنْ تَقْدِيرِ اللَّهِ تَعَالَى وَلُطْفِهِ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ كَانَ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ، وَكَانَ فِي الظَّاهِرِ عَلَى دِينِهِمْ، فَهُوَ غَيْرُ مُتَّهَمٍ عِنْدَهُمْ، وَيُسْمَعُ كَلَامُهُ فِي مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، كَمَا حَمَى اللَّهُ تَعَالَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ، وَكَانَ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ وَمِنْ أَشْرَافِهِمْ، وَتِلْكَ أَلْطَافُ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي أَنْبِيَائِهِ وَأَوْلِيَائِهِ، وَقَدْ تَدَخَّلَ هَذَا الرَّجُلُ الْمُؤْمِنُ فِي اللَّحْظَةِ الْمُنَاسِبَةِ حِينَ عَزَمَ فِرْعَوْنُ عَلَى قَتْلِ مُوسَى وَقَالَ: ﴿ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ ﴾ [غَافِرٍ: 26]. فَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ هَذَا الْمُؤْمِنُ فَفِرْعَوْنُ عَازِمٌ عَلَى قَتْلِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَلَكِنَّهُ تَكَلَّمَ فِي اللَّحْظَةِ الْمُنَاسِبَةِ ﴿ وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ * يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ

فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا ﴾ [غَافِرٍ: 28-29].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الرابعة عشرة بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: * الثابتون على الحق

وَلَكِنَّ فِرْعَوْنَ أَجَابَ جَوَابَ الطُّغَاةِ الْمُعْتَدِّينَ بِأَشْخَاصِهِمْ، الْمُعَبِّدِينَ النَّاسَ لِأَنْفُسِهِمْ، الْمُسْتَكْبِرِينَ

عَنْ قَبُولِ الْحَقِّ، الْمُصَادِرِينَ لِعُقُولِ النَّاسِ لِيُفَكِّرُوا هُمْ

 بِالنِّيَابَةِ عَنْهُمْ، الْفَارِضِينَ عَلَيْهِمْ مَا يُرِيدُونَ ﴿ قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ ﴾ [غَافِرٍ: 29]. فَعَادَ الْمُؤْمِنُ يَنْصَحُ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ وَيُذَكِّرُهُمْ مَصَائِرَ الْمُعَذَّبِينَ قَبْلَهُمْ، وَمَا حَلَّ بِهِمْ مِنْ عُقُوبَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَيُخَوِّفُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَا فِيهِ مِنَ الْأَهْوَالِ: ﴿ وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ * مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ * وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ * يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ

 ﴾ [غَافِرٍ: 28 - 33].

ثُمَّ ذَكَّرَهُمْ بِدَعْوَةِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَهُمْ، وَشَكَّهُمْ

مِنْ قَبْلُ فِي دَعْوَتِهِ، وَبَيَّنَ لَهُمْ خَطَرَ الْجِدَالِ فِي آيَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَالِاسْتِكْبَارِ عَنْهَا وَالِاسْتِهْزَاءِ بِهَا، فَقَالَ لَهُمْ: ﴿ وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ * الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ ﴾ [غَافِرٍ: 34-35]. بَيْدَ أَنَّ الْمُسْتَكْبِرِينَ عَنِ الْحَقِّ، الْمُعْتَدِّينَ بِأَنْفُسِهِمْ؛ لَا تَنْفَعُ فِيهِمُ الْمَوَاعِظُ، وَلَا تُغْنِي عَنْهُمُ النُّذُرُ وَالْآيَاتُ .       ﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ ﴾ [غَافِرٍ: 36 - 38]. وَهَذَا مِنْ خِفَّةِ عُقُولِهِمْ، وَصِغَرِ أَحْلَامِهِمْ، وَاسْتِخْفَافِ فِرْعَوْنَ بِهِمْ، وَإِلَّا فَكَيْفَ يَزْعُمُ أَنَّهُ يَصِلُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِبِنَاءٍ يَبْنِيهِ مَهْمَا كَانَ ارْتِفَاعُهُ، وَصَدَقَ اللَّهُ الْعَظِيمُ حِينَ وَصَفَهُمْ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ ﴾ [الزُّخْرُفِ: 54]، فَعَادَ الرَّجُلُ الْمُؤْمِنُ إِلَى مَوْعِظَتِهِ، وَذَكَّرَهُمْ بِحَقِيقَةِ الدُّنْيَا وَحَقِيقَةِ الْآخِرَةِ، وَمَا أَعَدَّ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا لِلْمُؤْمِنِينَ وَلِلْكَافِرِينَ، مُخْبِرًا أَنَّهُ إِنَّمَا يَدْعُوهُمْ لِلتَّوْحِيدِ، وَأَنَّهُمْ سَيَتَذَكَّرُونَ كَلَامَهُ وَمَوْعِظَتَهُ حِينَ لَا يَنْفَعُهُمُ التَّذَكُّرُ وَالنَّدَامَةُ ﴿ وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ * يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ * مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ * وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ * تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ * لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ * فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [غَافِرٍ: 34 - 44].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الخامسة عشرة بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:     * الثابتون على الحق

ثُمَّ كَانَتْ عَاقِبَةُ هَذَا الْمُؤْمِنِ النَّجَاةَ، وَكَانَتْ عَاقِبَةُ فِرْعَوْنَ الْغَرَقَ وَالْهَلَاكَ وَالْعَذَابَ فِي النَّارِ ﴿ فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ * النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ﴾ [غَافِرٍ: 44 - 45].

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ الرَّجُلُ الْمُؤْمِنُ عَلَى إِيمَانِهِ، وَوَاجَهَ فِرْعَوْنَ يَرُدُّهُ عَنْ قَتْلِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَيَعِظُهُ وَيَنْصَحُهُ وَمَلَأَهُ؛ فَإِنَّ صِدِّيقَ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَفَ ذَاتَ الْمَوْقِفِ، وَدَافَعَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو عَنْ أَشَدِّ مَا صَنَعَ الْمُشْرِكُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: رَأَيْتُ عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي، فَوَضَعَ رِدَاءَهُ فِي عُنُقِهِ فَخَنَقَهُ بِهِ خَنْقًا شَدِيدًا، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى دَفَعَهُ عَنْهُ فَقَالَ: ﴿ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ [غَافِرٍ: 28]» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخَذَتْهُ قُرَيْشٌ فَهَذَا يَجَؤُهُ، وَهَذَا يُتَلْتِلُهُ وَهُمْ يَقُولُونَ: أَنْتَ الَّذِي جَعَلْتَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا، قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا دَنَا مِنْهُ أَحَدٌ إِلَّا أَبُو بَكْرٍ، يَضْرِبُ هَذَا وَيَجَأُ هَذَا وَيُتَلْتِلُ هَذَا وَهُوَ يَقُولُ: وَيْلَكُمْ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ، ثُمَّ رَفَعَ عَلِيٌّ بُرْدَةً كَانَتْ عَلَيْهِ فَبَكَى حَتَّى اخْضَلَّتْ لِحْيَتُهُ ثُمَّ قَالَ: أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ: أَمُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ خَيْرٌ أَمْ أَبُو بَكْرٍ؟ فَسَكَتَ الْقَوْمُ فَقَالَ: أَلَا تُجِيبُونِي، فَوَاللَّهِ لَسَاعَةٌ مِنْ أَبِي بَكْرٍ خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الْأَرْضِ مِنْ مُؤْمِنِ آلِ فِرْعَوْنَ، ذَاكَ رَجُلٌ كَتَمَ إِيمَانَهُ وَهَذَا رَجُلٌ أَعْلَنَ إِيمَانَهُ» رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَأَبُو نُعَيْمٍ.

وَكُلُّ ثَبَاتٍ عَلَى الْحَقِّ فِي الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ فَفِي هَذِهِ الْأُمَّةِ أَمْثَالُهُ وَأَضْعَافُهُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ؛ فَهِيَ خَيْرُ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ، وَبِهَا خُتِمَتِ الْأُمَمُ، وَسَيَبْقَى دِينُ الْحَقِّ ظَاهِرًا فِيهَا عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ، يَحْمِلُهُ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَلَمْ يُغَيِّرُوا وَلَمْ يُبَدِّلُوا، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلَا مَنْ خَالَفَهُمْ وَلَوْ كَثُرُوا، وَهُمْ مُوقِنُونَ بِظُهُورِ الْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ، فَيَا سَعَادَةَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ، وَيَا شَقَاءَ مَنْ حَادَ عَنْهُمْ فَحَارَبَهُمْ، وَرَكِبَ الْبَاطِلَ لِدُنْيَا يُرِيدُهَا؛ فَكُونُوا -عِبَادَ اللَّهِ- لِلْحَقِّ أَنْصَارًا، وَلِدُعَاتِهِ أَعْوَانًا، وَلَا تَكُونُوا مِنْ أَهْلِ الْبَاطِلِ فَتَهْلَكُوا.

[الأنترنت – موقع الألوكة - الثابتون على الحق (2) - مؤمن آل فرعون]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة السادسة عشرة بعد الثلاثمائة في

موضوع (الحق) وهي بعنوان: *الموقف الصحيح من

 الحق

المسلم المتجرّد للحق، الناصح، لا بد أن يؤمن بالحق، وأن يقبله، وأن يسلِّم وينقاد له، وأن يتبعه، وأن يتمسك به، ولا بد أن يدعو إليه وأن ينصره.

والله -سبحانه وتعالى- قد فطر القلوب على قبول الحق،والانقياد له،والطمأنينة به،والسكون إليه، ومحبّته

كما أنه فطر النفوس على رفض الباطل، وكرهه، والنفور منه، وعدم السكون إليه، والارتياب به.

ولو بقيت الفِطَرُ على حالها،لقبلت الحق بمجرد أن يُعرض عليها،وما عُرِض عليها باطل إلا نفرت منه، لكن الواقع يُلَبِّس على الفِطر؛لما فيه من التغيير

الكثير للفطرة.

أولاً: موقف أهل الإيمان من الحق

والتفصيل في الموقف من الحق يكون بالتالي:

أولا: الإيمان به والاعتراف، وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ [الحج: 54]، فبمجرد معرفته آمنوا به، وعملوا، وذلُّوا وانقادوا.

والله تبارك -وتعالى- أثنى الله على قومٍ آمنوا بالحق بمجرد أن عُرِض عليهم، وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ[القصص: 53].

 إذاً، الصالحون من أهل الكتاب، إذا يتلى عليهم ينقادون إليه، وإذا تليت عليهم آيات الله ماذا

يحصل؟ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ

 الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ * وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ [المائدة: 83- 84]، إذاً، المسألة انقياد.

وهؤلاء الجن الذين أراد الله بهم خيرا، إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا [الجن: 1 - 2]، وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ * قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى [الأحقاف: 29 - 30]. آمنوا به وذهبوا دعاةً إليه.

وقد أثنى الله على قومٍ، وذمّ آخرين في موقفهم من

 الحق، {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ

بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ } [الزمر : 32]، وفي المقابل {وَالَّذِي جَاءَ

بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ} [الزمر: 33] له أجره العظيم عند الله.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة السابعة عشرة بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي بعنوان: *الموقف الصحيح من الحق

وكذلك كان الأئمة يوصون أتباعهم بقبول الحق، كان الشافعي -رحمه الله- يوصي أصحابه باتباع الحق، وقبول السنة إذا ظهرت له، ولو على خلاف قوله، وقال: "لا بدّ أن يوجد في كتبي ما يخالف الكتاب والسنة؛ لأن الله قال: وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ

لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا[مختصر تاريخ دمشق: 6 / 436].

وأمَرَهم إذا رأوا في كتبه ما يخالف الكتاب والسنة أن يضربوا به عرض الحائط.

 وكذلك كان يقول: "ما ناظرني أحدٌ فباليتُ أظهرتْ الحجة على لسانه، أو على لساني"؛ لأن المهم عنده أن يتبين الحق.

أولاً: الإيمان والاعتراف. 

ثانياً: اتباع الحق وقبوله

فلا يكفي مجرد الإيمان والاعتراف، فإن بعض الناس يقولون: نعم نحن معكم، ونحن نصدق بكذا،

ونُقِر، ونعترف، لكن لا تجد ذلك التصديق في سلوكه

 العملي، وتصرفه، وليس هناك اتباع، وليس

هناك طاعة، ولا امتثال، ولا انقياد.

إذاً، لا يكفي في الحق مجرد الإيمان به، والتصديق، والاعتراف، فلا بد من العمل.

وقد أثنى الله تعالى على المؤمنين الذين يتبعون الحق، فقال سبحانه: ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ[محمد: 2 - 3] ، فالحقُ أحقُ أن يتبّع، أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى[يونس: 35]، فإذاً، لا بد من التصديق بالحق، والعمل به.

ثالثا: التسليم والانقياد له:

فلا يكفي مجرد الإيمان والاعتراف، إذا كان سيخرِج بعد ذلك معارضات؛ لأن المعارضات تؤثر على الإيمان، فلا بد أن يستمر الإيمان.

وإذا قلنا أن تؤمن بالحق، فإن معنى ذلك أنه لا بد من التسليم للحق، وعدم الاعتراض عليه، ولا

أن تعارضه بعد ذلك، انتهينا، آمنا، وعملنا، وصار هناك تسليم وانقياد.

هذا التسليم والانقياد معناه انتفاء الاعتراض، معناها {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا

تَسْلِيمًا[النساء : 65]. هذا التسليم خضوع وإذعان، وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ [المائدة: 84].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الثامنة عشرة بعد الثلاثمائة في موضوع

(الحق) وهي إستكمالا للماضية التي هي بعنوان: *الموقف الصحيح من الحق- التسليم والانقياد له

وكان هذا دَيدنُ الصحابة -رضون الله عليهم-، وضربوا أروع الأمثلة في التسليم والانقياد، وربُّوا التابعين على هذا.، فعن معاذة قالت: "سألتُ عائشة -رضي الله عنها-، فقالت: "ما بالُ الحائض تقضي الصوم، ولا تقضي الصلاة ؟ فقالت: "أحروريةٌ أنتِ؟ وحروراء بلدة نزل بها الخوارج وكان عندهم غلوٌ في الدين، واعتراضات على الشرع، ومن غلوِّهم أنهم كانوا يأمرون الحائض أن تقضي الصلاة.

فقالت عائشة للمرأة: : "أحروريةٌ أنتِ؟ أنتِ متأثرة برأي الخوارج في هذه المسألة؟ قالت: لستُ بحرورية ولكنني أسأل، فقالت عائشة: "كان يصيبنا ذلك" يعني على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، "فنؤمرُ بقضاء الصوم، ولا نؤمرُ بقضاء الصلاة" [رواه مسلم: 787].

انظروا الجواب، لم تأتِ بتعليلات، ولم تقل: الصلاة يشُّقّ قضائها، والصوم لا يشُّق قضاؤه، لا، ولم تقل لها: أن الصلوات لها أوقات، وكيف نأتي بأوقات كتلك الأوقات التي ذهبت؟، لا يمكن.

اختصرت الأمر "كنا على عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- نؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة"، انتهينا؛ لأن جواب المفتي قد يعود المستفتي على الاستسلام، وقد يعوده على المزيد من التمرّد.

ولذلك ليس أيّ مفتي لديه الحكمة في الجواب، قد يجيب جواباً غير حكيم، حتى لو كان في ظاهره صحيحا، لكن المفترض في المفتي أن يربي المستفتي، لا أن يجيبه فقط.

ولذلك لو نظرنا لجواب عائشة -رضي الله عنها- لعرفنا أن القضية ليست في تقديم تعليلات

اقناعية، لا، إنما استسلام، "كنا على عهد النبي –

عليه الصلاة والسلام- نؤمرُ بقضاء الصوم، ولا نؤمر

بقضاء الصلاة"، انتهى الأمر، هذا هو الجواب.

ومن المواقف أيضاً، موقف عمران بن الحصين -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: الحَيَاءُ لا يَأْتِي إِلا بِخَيْرٍ، فقال بشير بن كعب مكتوب في الحكمة إن من الحياء وقاراً، وإن من الحياء سكينة، فقال له عمران: "أُحدثك عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وتحدثني عن صحيفتك ؟!" [رواه البخاري: 6117، ومسلم: 165].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة التاسعة عشرة بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية التي هي بعنوان: *الموقف الصحيح من الحق- التسليم والانقياد له .

ولذلك لما اعترض عمُّ هارون الرشيد عندما ذُكر في حضرته حديث: احتجّ آدم وموسى [رواه البخاري: 3409، ومسلم: 6912]، فقال: أين التقيا؟ كيف، ومتى التقى آدم مع موسى؟، أليس الله على كل شيء قدير؟ وإذا أرادهما أن يلتقيا التقيا.

وقد التقى النبي -عليه الصلاة والسلام- بكل الأنبياء في الإسراء والمعراج، وصلّى بهم في الإسراج، والتقى ببعضهم في السماوات، انتهت القضية.

ولذلك فإن هارون الرشيد غضب غضباً شديداً عندما قال عمه بحضرته: أين التقيا؟، وقال: "أتعترضُ على حديث؟ علي بالنّطْع والسيف"، النَّطْع: الجلد الذي يقطعون عليه الرؤوس، فأُحضِر ذلك، وقام الناس يشفعون، فقال: "هذه زندقة"، فأمر بسجنه، وقال: لا يخرج حتى يخبرنا مَن ألقى إليه هذا" [البداية والنهاية: 10/233].أي: مَن الذي أتى له بهذه الشُّبهة، ومَن الذي علّمه هذا الاعتراض؟.

فأقسم بالأيمان المغلظة أنه لم يعلمه أحد، وأنها كانت بادرة وفلته، حتى أطلقه.

علّق الإمام الصابوني -رحمه الله-، يقول: "هكذا

ينبغي للمرء أن يعظم أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم". [الغنية عن الكلام وأهله: 1/71].

وهكذا يُرَبَّى الناس على الاستسلام، ثبت أنه التقيا، انتهت القضية، فلا يأتِ قائل يقول: كيف التقيا،وهناك نبي مات،وآخرلم يمت؟،انتهى الأمر.

عندما يكون الخبر من الله "التقيا"، فإنهما التقيا حقاً وصدقاً، والله على كل شيء قدير.

قال الحميدي: ذكر الشافعي حديثاً، فقال له رجل: تأخذ به يا أبا عبد الله؟، فقال: "أفي الكنيسة أنا، أو ترى في وسطي زنّاراً؟"، يعني: لباس أهل الذمة، "نعم أقول به، وكل ما بلغني عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قلتُ به". [أخبار أصبهان: 2/488]. وينبغي أن يكون التسليم للحق؛ سواء كان لك أو عليك.

وقصة الزبير مع النبي -صلى الله عليه وسلم- والأنصاري، وتلك العبارة الخطيرة التي خرجت، عندما قضى النبي -عليه الصلاة والسلام- للزبير، اختصام مزارعَين في ماء، فخرجت تلك العبارة الخطيرة: أن كان ابن عمتك! يعني: قضيت له، فتلون وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأكدّ، وعزّر بعد القضاء أيضا.

وقال الزبير: "إني لأحسِب هذه الآية نزلت في ذلك": فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ

وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [تفسير الطبري: 7/202].

وكان العلماء يضربون المثال العظيم، والقدوة، والأدب في ذلك، فقد صنّف الحافظ عبد الغني المقدسي -رحمه الله- كتاباً فيه أوهام الحاكم، فلما وقف عليه الحاكم، وهذا الكتاب ردٌ عليه، جعل الحاكم يقرأه على الناس، ويعترف لعبد الغني بالفضل، ويشكره على ذلك، ويرجع إلى ما أصاب فيه من الرد عليه.

ولا شك أن هذه منقبةٌ عظيمه؛ أن الواحد يُرد عليه بكتاب، فيقرأ الرد على كتابه بحضرة الناس، ويشكر للراد، ويرجع إلى الصواب.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة العشرون بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية التي هي بعنوان: *الموقف الصحيح من الحق- التسليم والانقياد له .

أما إذا صار الإنسان لا يتبع الحق إلا إذا كان في مصلحته، ولا يسلِّم لحكم المحكمة الشرعي إلا إذا كان في مصلحته، وإذا حكم القاضي ولا يرى في حكم القاضي باطلاً

يأتي بعض الناس ويقول: سأعترض على الحكم، وهذا الحكم لا يعجبني، فيُقال له: هذا الحكم الذي حكم به القاضي، هل تعتقد بطلانه؟ عندك فيه شيءٌ مصادم للحق؟، هل هناك شئٌ في حكم القاضي مصادم للدليل؟ هل هناك شئٌ في حكم القاضي مصادم للمسائل التي أجمع عليها العلماء؟، هل حكم القاضي على خلاف كلام أهل العلم؟، يقول: لا، لكن ربما نخرج بنتيجة، هوى، والعياذ بالله.

إذا كنتَ لا ترى فيه باطلاً، ولا ترى فيه شيئاً مخالفاً للحق، لماذا تعترض؟ قال الله تعالى: وَإِذَا

دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ * وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ [النور: 48 - 49].إذا كان الحق في مصلحتهم جاءوا وقالوا: نريد الشرع، نريد المحكمة، نريد القضاء، وإذا كان الحكم ليس في مصلحتهم اعترضوا، وقالوا: لا، أين القوانين؟ أليس هناك شيء آخر؟

وهذه قضية خطيرة جداً؛ أن يُضَحّى بالمبدأ مقابل حيازته هذا المال، أو هذا الشيء.

رابعاً: تعظيم الحق ومحبته :

وتعظيم الحق يكون بامتثاله قولاً وفعلاً،والثناء عليه، وتوقيرالحق وأهله،ومجلس الحق، وكلام الحق.

لُذ بالنبوة واقتبس من نورها *** واسلك على نهج الهداية تهتدي

وإذا رأيت الصادرين عشية *** عن منهل الدين الحنيف فأوردِ

الدين دين الله لم يعبأ بمبتدعٍ *** ولم يحفل بضَلّةِ ملحدِ

كيف كان السلف يعظمون الحق؟ والحق كما قلنا هو الآيات، الأحاديث، الدين، حكم الشريعة.

قال أبو عبد الله الحاكم: سمعتُ الشيخ أبا بكر أحمد

 بن إسحاق الفقيه، وهو يناظر رجلاً، فقال الشيخ:حدثنا فلان،وبدأ يسرد له سند الدليل،فقال له الرجل: دعنا من حدثنا!،إلى متى حدثنا ؟!

ولا شك أن هذه كلمة خطيرة جداً، دعنا من حدثنا، يعني: لا نريد حديث، ولا نريد أدلة، هات عقليات، هات شيء آخر، هاتِ من كلام الناس، فقال له الشيخ الحاكم أبو عبد الله يروي القصة: فقال له الشيخ: "قم يا كافر، ولا يحل لك أن تدخل داري بعد هذا، طرده، ثم التفتَ إلينا فقال: "ما قلتُ لأحدٍ قط لا تدخل داري إلا لهذا" [ذم الكلام وأهله: 2 /157].

من تعظيم الحق، أن مالك بن أنس -رحمه الله-

صاحب الموطأ، كان إذا أراد أن يحدِّث، توضأ

وضوءه للصلاة، ويخرج وقد لبس أحسن ثيابه، ولبس قُلُنسوة، ومشّط لحيته، والمجلس مجلس وقار، لا يُسمع فيه شيء، فقيل له: قال:" أُوقرُّ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم" [تعظيم قدر الصلاة: 2/669].

وفي رواية : "كان إذا أراد أن يجلس إلى الحديث اغتسل، وتبخّر، وتطيّب، فإن رفع أحدٌ صوته في مجلس الحديث زجره، وقال: قال الله تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ [الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع: 3 / 111]. سواء كان ذلك في حياته -صلى الله عليه وسلم- ،أو كان بعد مماته،لا نرفع صوتنا فوق حديثه.

فإذا قُرئ حديثه -صلى الله عليه وسلم- فلا يحق لأحد أن يرفع صوته، فيكون التوقير للنبي -عليه الصلاة والسلام- بعد مماته بالإنصات التام في مجالس حديثه، كأنه حاضر، كأنه هو الذي يتكلم، فإذا سمعنا حديثه يجب التوقير.

كان عبد الرحمن بن مهدي لا يُتحدّث في مجلسه، ولا يُبرى فيه قلم، فإن خالف أحدٌ أخذ نعله

ودخل، ترك المجلس، قال حماد بن زيد في قوله

تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ [الحجرات: 2]، قال: "أرى رفع الصوت عليه بعد موته كرفع الصوت عليه في حياته"، إذا قرئ حديث وجب عليك أن تنصِت له كما تنصِت للقرآن"[الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع: 1/386]، لأن كلاهما وحي.

فيأخذ بقوله تعلى: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا[الأعراف: 204].كذلك إذا قُرِئ الحديث فاستمعوا له وأنصتوا؛ لأن هذا وحي، وهذا وحي.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الواحدة والعشرون بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية التي هي بعنوان: *الموقف الصحيح من الحق

خامسا: يجب التمسك بالحق والثبات عليه:

قال الله تعالى: فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [الزخرف: 43]. وقال تعالى: فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى[البقرة: 256]، والإيمان حين تخالط بشاشته القلوب فإن صاحبه لا يرتدُّ عنه.

وبشَّر النبي -صلى الله عليه وسلم- عبد الله بن سلام بالثبات على الحق، لما جاءه وقصّ عليه الرؤيا، وقال: "رأيتُ كأني في روضة، وذكر من سَعتها وخضرتها وسطها عمود من حديد، أسفله في الأرض، وأعلاه في السماء، وفي أعلاه عُروة، -حلقة-، فقيل لي: "ارقا"، أصعد، قلت: "لا أستطيع، فأتاني مِنصف، أي خادم، فرفع ثيابي من خلفي فرقيت حتى كنتُ في أعلاها، فأخذت بالعُروة فقيل: استمسك، فاستيقظتُ وإنها لفي يدي، فقصصتها على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: تلك الروضة الإسلام، وذاك العمود عمود الإسلام، وتلك العُروة عُروة الوثقى، فأنت على الإسلام حتى تموت [رواه البخاري: 3529، ومسلم: 4536].

وأهل الحق يُمتحنون، وهؤلاء أصحاب الأخدود، ولا تغبطوا أحداً لم يصبه في هذا الأمر بلاء، والله يبتلي أهل الإيمان، أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ[العنكبوت: 2].

ولما دُعي أحمد إلى المحنة ثبت، ولما دُعي عفّان

للمحنة، وكان يُهدَّد من لم يقل بخلق القرآن بقطع رزقه من يبت المال، وكان له راتب، ألف درهم شهرياً، قال: وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ[الذاريات: 22]

فلما رجع إلى داره لامه نساؤه، وكان عنده في الدار أربعين إنسان ينفق عليهم، فدق عليه داق الباب، وناوله كيس فيه ألف درهم، وقال: يا أبا عثمان، ثبتّك الله كما ثبّت الدين،وهذا في كل شهر

هذا الرجل لما ثبت على القول بأن القرآن كلام الله،

 منزّل غير مخلوق، ودفع لذلك ثمناً قطعُ راتبه الشهري من بيت المال، عوضه الله.

قال الهلال بن العلاء الرِّقي: "منَّ الله على هذه الأمة

 بأربعة في زمانهم، بالشافعي تفقّه بحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وبأحمد، ثبت في المحنة، لولا ذاك كفر الناس ، وبيحيى بن معين نفى الكذب عن الحديث، وبأبي عبيد، يعني: القاسم بن سلاّم فسَّر غريب الحديث، ولولا ذلك لاقتحم الناس الخطأ" [تاريخ بغداد: 12/410].

وهؤلاء المؤمنون قديماً وحديثاً، يثبتون على الدين، كما جاء في حديث خبَّاب: كان الرجل في من قبلكم يُحفر له في الأرض، فيُجعل فيه، فيُجاء بالمنشار، فيُوضع على رأسه، فيُشَّق باثنتين، وما يصده ذلك عن دينه [رواه البخاري: 3612].

سادسا: الدعوة إلى الحق:

فلن يستكمل الإنسان صفات الكمال إلا بالدعوة إلى الحق، وقد قال الله: وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ[العصر: 1-3]، يعني: الصبر على هذا الحق، فهم يؤمنون به، ويعملون، ويدعون إليه, ويصبرون.

وهذه ملخص الرسالة, وملخص منهج الحياة، وقد عُرِفوا بعدم المداهنة ، والمجاهرة  بالحق ، وألّا

يستجيبوا لمن يخوفهم ، هذا هوالموقف الصحيح من الحق.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الثانية والعشرون بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي بعنوان: موقف أهل الباطل

*أما الموقف الآخر موقف أهل الباطل فيتمثل بالآتي:

أولا: الإعراض عن الحق: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا [الكهف: 57]. وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا [النساء: 61].

ثانياً: التكذيب بالحق:

{وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ * فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ} [الأنعام: 4- 5]. فإذاً، عندنا الإعراض أولاً, والتكذيب ثانياً، يسارعون للتكذيب بلا تروي, ولا تفكير

فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى * فَكَذَّبَ وَعَصَى[النازعات: 20 - 21]، ولم يتمهل, ولم يتأمل.

بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ[يونس : 39].

بادروا للتكذيب دون النظر في الأدلة لفرط حماقتهم، بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ[ق : 5]. يصبحون مضطربين أقوالهم متناقضة, مختلفة.

وانظر إلى مواقفهم للنبي -عليه الصلاة والسلام، تارةً يقولون: ساحر, مجنون، به جِنة, شاعر, أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا[الفرقان : 5]. إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ[النحل : 103]، اضطربت أقوالهم فيه واختلفت.

ثالثاً: كتمان الحق:

وهذه الصفة من أبرز صفات اليهود، قال تعالى: وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ[البقرة : 146]. ولما جاء اليهود إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وذكروا له

منه امرأة ورجلاً زنيا.

فقال لهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- : ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟ فقالوا: نفضحهم, ويُجلدون،   فقال عبد الله  بن سلام: كذبتم، إن فيها الرجم، فأتَوا بالتوراة، فنشروها، فوضع أحدهم يده على أية الرجم، فقرأ ما قبلها، وما بعدها، فقال له عبد الله بن سلام: أرفع يدك, فرفع يده فإذا آية الرجم، فقالوا: صدق يا محمد، فيها آية الرجم.

بعد ماذا؟ بعد أن وُضِعوا أما الحق، يعني {إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا}[آل عمران : 75]. فأمر بهما رسول -صلى الله عليه وسلم- فرُجِما [رواه البخاري: 3635].

ومن طرق كتمانهم للحق أنهم يظهرون بعضه أحياناً, ويخفون بعضة؛ لأن الكتم الكلي فضيحة, وأحيانا لا تُبتَلع القضية, فيظهرون بعضاً, ويكتمون بعضاً.                                         قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ[الأنعام: 91].

أما الكتمان إذا استطاعوا عليه فعلوه {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} [البقرة: 159]. وأحياناً يكتمون العلم الموصل إلى الحق {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا }[آل عمران : 187]. وأحياناً يتخلصون من أصحاب الحق, وممن يجهر به،{قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ} [الشعراء : 116]{قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَابِعَزِيزٍ} [هود : 91].                                   إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الثالثة والعشرون بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي بعنوان: موقف أهل الباطل

رابعاً: لبسُ الحق بالباطل: 

 وقد تقدم من طرق أهل الباطل خلط الحق بالباطل، {وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 42]. وهذا التلبيس, وهذا الخلط للتشويش, والتغبيش, والحيلولة بين الناس, وبين الحق الصافي؛ حتى لا يروا حقاً صافياً، كحال الكهّان والعرّافين، والدجّالين الذين يخلطون الصدق كذبا كما قال عليه الصلاة والسلام، لما حذر منهم قالوا يا رسول الله: فإنهم يحدثون بالشيء يكون حقاً، يعني: أحيانا، فقال عليه الصلاة والسلام: (تلك الكلمة من الحق يخطفها الجني، فيقرقرها، أي: يرددها في أُذن وليه، كقرقرة الدجاجة، فيخلطون فيه أكثر من مائة

كذبة) [رواه البخاري: 7561].

ولأهل الباطل حيلٌ كبيرة في التلبيس، كالتأويل الفاسد مثلاً، فيثبت النص، ولكن يفسِّره تفسيراً مخالفاً لمراد الله، ومراد رسوله -صلى الله عليه وسلم- منه، كقوله تعالى:  { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى } [طه: 5].

 يقول: استولى، اليد: القدرة، الوجه: الذات، العين: الرعاية، المحبة: الرضا، النزول: نزول الأمر،

 وهكذا، إلى أن وصل الأمر ببعض الزنادقة، أنهم قالوا: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ[الحجر: 99]، يعني: مرتبة، إذا وصل إليها العبد سقطت عنك التكاليف والعبودية!.

خامساً: تحريف الكلم عن مواضعه:

وهذا أيضاً من وسائل التلبيس؛ كأن تُقصر لفظة الجهاد على جهاد الدفع، فعندما يأتي لتسفير الجهاد في الاسلام يقول: الجهاد في سبيل الله بأنه ذروة سنام الإسلام، ثم يفسّره بدفع الأعداء إذا هجموا علينا، وليس هناك جهاد طلب!؟. فلماذا دخل الصحابة بلاد فارس والروم إذاً؟، بناء على ماذا؟ ذهبوا إلى بلاد البربر، فتحوا المغرب، هل هجم أهل المغرب على المدينة النبوية عاصمة الخلافة تبع المسلمين؟

ذهب الصحابة إلى بلاد ما وراء النهر، وفتحوا خراسان، وابن عمر، وحذيفة كانا في الجيش الذي وصل إلى أرمينيا، وأذربيجان، فهل أرمينا وأذربيجان جاءوا إلى جزيرة العرب مهاجمين؟ لا.

فإذاً، جهاد الطلب هذا أصل الجهاد، فمن التلبيس أن يُقال: أن الجهاد في الإسلام هو جهاد الدفع فقط.

وكان لدى المسلمين ما يُعرف بـ الصوائف، والشواتي، يعني: عزوةٌ في الصيف، وغزوةٌ في الشتاء.

حتى قالوا: أنه أقل ما يجب على إمام المسلمين غزوة في الصيف, وغزوة في الشتاء، هذا تلبيس في قضية تفسير الجهاد.

ومعلوم أن المقصود هو الجهاد مع القدرة، وليس هناك

أحدٌ يقول جهاد بلا قدرة!، الجهاد مع القدرة.

 لكن حتى إذا لم يكن للمسلمين قدرة، فلا يجوز لبعضهم أن يحرِّف.

 ولا بدّ من الاقرار أن الجهاد في الإسلام منه جهاد الطلب, ومنه جهاد الدفع, ولكن نحن لا نقدر، أما أن تحرِّف, وتلِّبس, وتجزِّئ, وتنصِّف, فلا.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد :    فهذه الحلقة الرابعة والعشرون بعد الثلاثمائة في

موضوع (الحق) وهي بعنوان: موقف أهل الباطل

وبعضهم ينزل النصوص في غير منازلها، فيقول مثلا: الحنيفية السمحة: عدم تكفير النصارى الكفار مثلاً!

من طرق التلبيس تسمية الأشياء بغير أسمائها، فقد يسمّي الحق باسمٍ آخر, ويسمي الباطل باسمٍ آخر، تلبيس، مثل: قول النبي صلى الله عليه وسلم: ليشربن أناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها [رواه البيهقي: 17160، والطبراني: 3342، وصححه الألباني: 9584]، مثل: الدعوة لفصل الدين عن الاقتصاد, والسياسة, و عن مناحي الحياة المتنوعة.

كذلك من وسائل أهل الباطل أيضاً في الموقف من

الحق: التحايل على الحق، فأحياناً لا يجرؤن لتصريح

لرفضه، لكن يروغون عنه، يحتالون عليه.

{وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ } [الأعراف: 163]، يجاوزون ويظلمون فِي السَّبْتِ { إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ}، يعني: يعتدون في الصيد في السبت {إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} يعني: لو استقاموا لأتاهم رزقهم رغدا, وفي سائر الأيام، لكن لما فسقوا ابتلاهم الله بالصيد ما لا يأتيهم إلا يوم السبت، المنوعون فيه من الصيد؛ حتى يزدادوا  

 إثماً فيأخذهم, ثم مسخهم الله تعالى. 

قاتل الله اليهود، أنهم إن الله  -عز وجل- لما حرَّم

عليهم الشحوم شحوم الميتة جَمَلوه يعني: أذابوه ثم باعوه فأكلوا ثمنه [رواه البخاري: 2223، ومسلم: 4132].

واليوم الرباء يسمّى: فائدة, والغناء المحرم يسمّى: فن, وتسمّى الخمر مشروبات روحيه, وهكذا.

سادساً: الجدال بالباطل:

أهل الباطل إذا عجزوا عن مواجهة الحق جادلوا بالباطل وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ[الكهف: 56]. يزيلوه, ويبطلوه, يجادلونك في الحق، لا يجادلون بالأدلة الصحيحة إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ[غافر : 56].الشياطين تؤزهم،وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ[الأنعام : 121].وجدال هؤلاء بغير علم{وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُّنِيرٍ}[الحج : 8] ولذلك يعاقب الله هؤلاء بأن يُديم عليهم الجدل، ما ضلَّ قومٌ بعد هدىً كانوا عليه إلا أوتوا الجدل [رواه أحمد: 22218، والترمذي: 3253، وابن ماجة: 48، وحسّنه الألباني: 2593]، (الجدل: الخصام بالباطل) ومن عقوبة هؤلاءأن الله يبغضهم،إن أبغض الرجال إلى الله الألدّ الخصم [رواه البخاري: 2457، ومسلم: 6951]. (شديد الخصومة يحتج بالباطل).

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الخامسة والعشرون بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: موقف أهل الباطل

سابعاً: صدِّ الناس عن الحق:

وهذه من أخطر الوسائل، الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا[الأعراف: 45]، غير مستقيمة، وينفقون أموالهم من أجل هذا.

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، النتيجة: فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ[الأنفال: 36].

أيضا من الوسائل: التشويش على صوت الحق لمنع

وصوله:

{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ}[فصلت: 26]، وَالْغَوْا فِيهِ، يعني: أخرجوا أصواتاً قوية تطغى على صوت صاحب الحق؛ حتى لا يسمعه الناس.

وهذا هو نفسه مبدأ التشويش بالموجات اليوم، عندما يُشوش على موجات الحق، أو الوسائل التي تعلن الحق، يشوش عليها؛ بحيثُ لا يُسمع صوتها، ولا تُرى، المبدأ واحد.

ومعلوم أن كفار قريش من الأشياء التي اتبعوها، منع

 أهل الحق من تبليغه،إسكاتهم،تشويه صورتهم ،

 سجنهم، مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ [غافر: 29].

كذلك من الوسائل أيضاً: إلقاء الشُّبهات حول الحق، وأهل الحق: 

وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا[الفرقان : 5]. وكذلك يلمِزون المطوِّعين من المؤمنين، فقال الله لهم: قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ[التوبة : 65] .

وأيضاً: تخذيل الناس عن الحق، وإثارة الفتن

والقلاقل، لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا

وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ[التوبة: 47].

كذلك فتح مساجد ضِرار لصرف الناس عن الحق، مساجد الضِّرار، قنوات الضِّرار، أقمار الضِّرار، لقاءات الضِّرار، بيوت الضِّرار، فكرتها كلها: صرف الناس عن الحق، إلى شيء يُضَن، يعني: تشويش، تلبيس، عمل أشياء فيها محاكاة، ولكنها تحتوي على السُّم الزُّعاف.

وبعض هؤلاء، عندما فُتِح بجانبهم مسجد فتحوا أمامه مباشرة ملهى ليلي، بيتاً للفاحشة.

ثامناً: تتبُّع زلات العلماء:

قال زياد بن حدير: قال لي عمر: "هل تعرف ما يهدم

 الإسلام؟ قلتُ: لا، قال: يهدمه زلةُ العالم، وجدال

المنافق بالكتاب، وحكم الأئمة المظلِّين" [رواه الدارمي: 214، وصححه الألباني: 72].

ومن أمثلة هذا، ما حكاه إسماعيل بن إسحاق القاضي، قال: "دخلتُ يوماً على الخليفة المعتضد، فدفع إلي كتاباً، فقرأتُه، فإذا قد جُمِع له فيه الرخص من زلل العلماء"

ذهب متزلف إلى الخليفة، وجمع له رخص العلماء وزلّاتهم في كتاب لإرضائه، كنوع من التزلف له، يقول له: هذا كتاب ألّفته من أجلك، فنظر فيه الشيخ، فقال: "يا أمير المؤمنين، إنما جمع هذا زنديق، قال: كيف؟ فقلتُ: "إن مَن أباح النبيذ لم يبح المتعة، ومن أباح المتعة لم يبح الغناء، ومن جمع زلل العلماء، ثم أخذ بها ذهب دينه"، فأمر بتحريق ذلك الكتاب" [سير أعلام النبلاء: 13/465].

تاسعاً: الطعن في أهل العلم:

ولاشك أن هذا تابع لما قبله، من قضية التشويه

 للحق، ويتبعه تشويه أهله، لكن ما المقصود بهذا الطعن؟ إسقاط الرجوع إليهم؛ لأنهم إذا شُوِّهت صورتهم نفر عنهم الناس، وزهِد فيهم الناس.

فإذا صار التشويه من صور الدعاة، وطلبة العلم والعلماء، لجعل الناس لا يسمعون منهم، ولا يسألونهم، ولا يستفتونهم، ولا يلجئون إليهم، ولا يستنصحونهم، ولا يستشيرونهم، فيصبحون مهمَلين.

وهذا قصدٌ واضحٌ للغاية.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة السادسة والعشرون بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: ملامح وسمات الصراع بين الحق والباطل

 قضية الصراع بين الحق، والباطل، وهذا الصراع سُنَّة ربانية كتبها الله عز وجل، قديمة قِدَم آدم وإبليس، فجعل هذا عدواً لهذا.

وقد توعد إبليس ذريةَ آدم، وليس آدم فقط، الذرية،

 فقال: {لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ} [الأعراف: 16].

ومعنى: لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ سأقعد لهم في طرق الطاعة؛ أقعد لهم على طريق الإسلام ؛ حتى لا يسلموا، وأقعد لهم  على طريق الصدقة؛ حتى يبخلوا، وأقعد لهم  على طريق الحرام؛ ليقعوا في الفاحشة، وأصدهم عن الزواج، وهكذا.

وسوف أغيرُ عليهم بسهام الإضلال، والغواية من كل جانب، حتى { لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا } [الإسراء: 62].

ومعنى: لَأَحْتَنِكَنَّ، وضع الحبل في حنك الدّابة، ليسهل قيادُها، فمعنى: لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ سأفعل بهم

كما يفعل الذي يضع الحبل في فم الدابة ليقودها، فسأسيطر عليهم، وأقودهم.

وهذه العداوة بين الحق، والباطل، هي التي جعلت إبليس يقوم هذا المقام، أدت إلى صراع عظيم بعد ذلك بين الرسل وأتباعهم، وهذا واضح جداً، وأكبر آثار عداوة إبليس للبشر، هذا الصراع الذي حصل بين الأنبياء والملأ.

  سموا الملأ، والأشراف والوجهاء، وعِلية القوم، سمُّوا بذلك؛ قيل: لأن هيبتهم تملئ الصدور، وقيل: لأنهم يتمالئون، يعني: يتعاونون على أغراضهم، وقيل: بأنهم ممتلئون مما يحتاجون إليه، فهم ملآى من متاع الدنيا.

هؤلاء في عداوة كانوا مع الرسول، وتتكرر العملية في كل زمان ومكان، في قصة عاد { قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ }[الأعراف: 66]. جحدوا ما جاءت به الرسل، كفروا به، واستكبروا، {قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ} [الأعراف: 75]، قال الملأ للذين آمَنَوا مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ} وكذلك استحقار المؤمنين، {وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ}[هود: 27]. أي اتبعوك بدون تفكير.

وكانوا يعيبون أتباع الرسل، ويقولون: نجلس عندك

 ومعك هؤلاء؟، كيف نجلس عندك ومعك صهيب، وبلال، وعمار؟

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة السابعة والعشرون بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: ملامح وسمات الصراع بين الحق والباطل

كانوا يحرضون على قتل المؤمنين، {وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُمُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ} [الأعراف: 127].

ماذا قال فرعون؟{ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ}[الأعراف: 127].

وكان الإجرام شعارهم، وكان لديهم المكر والخداعة، {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا} [الأنعام : 123]، {إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ} [القصص: 20].

ومن سِمات الصراع بين الحق والباطل: أن أعداء الرسل يجتمعون على عداوتهم مهما كان، {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا } [الأنعام: 112]، لكل نبي.

وأيضاً، فإن من حلقات هذا الصراع بين الحق

 والباطل دخول المنافقين على الخط، فيتعاونون مع

 الكفار، ويكونون عدواً داخلياً على المسلمين.

ومن جوانب هذا الصراع؛ الصراع العلمي بين الحق والباطل؛ ولذلك كان لا بدّ لنا من معرفة الحجج في المواجهة،{قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ}[الأنعام: 149].  

ومن أمثلة أثر المواجهة العلمية في الصراع بين الحق والباطل، قصة إبراهيم مع النمرود، {فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ} [البقرة: 258]. ولما أجاب إبراهيم المحاجّ له في الله، بأن الله يحيي ويميت، أخذ عدوا الله معارضته بالمغالطة، فألزمه إبراهيم -عليه السلام- بشيء لا يستطيع أن يتصرف فيه، وهو قضية "مجيء الشمس".

وأهل الباطل يلقون الشبهات كما قلنا، يستعملون

 التشكيك، يستعملون زعزعة الثوابت، ويلقون الشُّبهات حول أحكام الإسلام، سواء كانت في المسائل المتعلقة بالنساء، وكثيرة هي، المتعلقة بالأديان الأخرى.

وأيضاً، فإنهم يفترون الكذب، وأيضاً، فإنهم يمكرون، وأيضاً فإنهم يحابونه حرباً حتى بالسلاح.

فانظر إلى هذه المواجهات بين الحق والباطل، كيف تأخذ هذه الأبعاد المختلفة، المتنوعة.

{وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ} [الأنفال : 41].[ الأنترنت – موقع المنجد - الموقف من الحق ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الثامنة والعشرون بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي بعنوان: *حقوق القرآن الكريم

حقه على العباد، تلكم الحقوق التي أمر الله تعالى بأدائها، وحث النبي صلى الله عليه وسلم على القيام بها، ففي أدائها كل خير وصلاح، وكل فوز وفلاح..

إنها حقوق عظيمة جليلة، لأنها تتعلق بالقرآن العظيم، الذي هو رسالة إلينا من عند ربنا وخالقنا العظيم الجليل..

إنها حقوق تشمل حياة المسلم كلها، فبأدائها يَعْبُدُ العبدُ ربه في كل وقت وحين..

وهذه خلاصة لهذه الحقوق، فاسمعوها بآذان صاغية، وقلوب واعية..

1- الإيمان بالقرآن الكريم؛ حق على كل إنسان بلغه هذا القرآن أن يُؤمنَ به، بأن يَعتقدَ جازما أنه

كلامُ الله ووحيُه وكتابُه، وأن يُصَدّق بكل ما جاء فيه من أمر ونهي وخبر ووَعْدٍ ووعيد.. فالإيمان به رُكن من أركان الإيمان التي لا يصح الإيمان ولا يثبت بدونها، كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم في جوابه لجبريل عليه السلام حين سأله قائلا: أخبرْني عن الإيمان، فقال: «أن تؤمنَ بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمنَ بالقدر خيره وشره». قال: صدقت...

وقال ربنا سبحانه: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا بَعِيدًا ﴾. فمَنْ آمَنَ بهذا القرآن وصدّق به نجا وأفلح واهتدى،ومن كفر به وكذّبَ به ضلّ وخابَ واعتدى.

2- قراءته، وحفظ ما تيسّرَ منه؛ حق على كل مسلم أن يقرأ ما تيسّرَ من كتاب الله، فقد أمر الله تعالى بذلك فقال سبحانه: ﴿ فاقرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ﴾. وبين سبحانه أنّ تلاوته علامة على الإيمان به فقال عز وجل: ﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فأولئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾.

• فبتلاوته تزكو النفوس وتتهذب الأخلاق؛ ففي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري، قال: قال

رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترُجّة، ريحُها طيّب، وطعمها طيّب. ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمْرَة، لا ريح لها، وطعمها حلو. ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الرّيْحانة، ريحها طيب، وطعمها مُرّ. ومثل المنافق الذي لا يقرأ

القرآن كمثل الحنظلة، ليس لها ريح، وطعمها مُرّ».

• وبتلاوة القرآن وحفظه يُنالُ العلم، وتكونُ المعرفة؛ قال تعالى: ﴿ بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ ﴾.

• وبقراءة القرآن يكون الأجر والثواب، وتكثر الحسنات، وتغفرُ السيئات؛ فعن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول الم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف». أخرجه الترمذي، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة.                         إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة التاسعة والعشرون بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: *حقوق القرآن الكريم

• وبقراءة القرآن ومدارسته تنزلُ السكينة، وتعُمّ الرحمة، وتحضرُ الملائكة، ويعلو مقام العبد عند ربه؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «... وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلتْ عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرَهم الله فيمنْ عِنده». رواه مسلم.

• وخيرُ ما يَشغل به المرء نفسه، ويملأ به وقته، أن

 يُقبِلَ على كتاب الله، يقرأه ويتعلمُه ويتدبّرُه.. فعن عقبة بن عامر قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصّفّة، فقال: «أيّكم يُحِبّ أن يغدوَ كل يوم إلى بُطحانَ أو إلى العقيق فيأتيَ منه بناقتين كوْمَاوَيْن في غير إثم ولا قطْعِ رَحِم؟». فقلنا: يا رسول الله، نحِبّ ذلك. قال: «أفلا يَغدُو أحدكم إلى المسجد فيَعلمَ أو يَقرأ آيتين من كتاب الله عز وجل، خيرٌ له من ناقتين، وثلاثٌ خير له من ثلاث، وأربعٌ خير له من أربع، ومِن أعدادهن من الإبل». رواه مسلم.

• وخيرُ ما يتنافسُ فيه الناس قراءةُ القرآن وحِفظه،

 ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا حسدَ إلا في اثنتين: رجلٌ علمه الله القرآن، فهو يتلوه آناء الليل، وآناء النهار، فسمعه جار له، فقال: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان، فعمِلتُ مثلَ ما يعمل. ورجل آتاه الله مالا فهو يُهلكه في الحق، فقال رجل: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان، فعملت مثل ما يعمل"..

وبفضل الله تعالى فالقرآن مُيَسّرٌ لمن أراد حفظه ومدارسته، فقد قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ

لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُدَّكِرٍ ﴾. قال القرطبي رحمه الله: "أي: سهَّلناه للحِفظ، وأعَنَّا عليه مَن أراد

حِفظَه، فهل من طالبٍ لحِفظه فيُعان عليه؟". فهذا

 ممَّا يُقوِّي العزيمة ويُعْلِي الهمَّة في طلَب حِفظ

كتاب الله تعالى.

• بقراءة القرآن وحفظه يُنالُ الشرف، وتعلو منزلة المرء ومكانته عند العباد وعند رَبّ العباد؛ فحافظ القُرآن الكريم يستحقّ التكريم والاحترام والتبجيل، فعن أبي موسى الأشعري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن من إجلال الله إكرامَ ذي الشيبة المسلم، وحاملِ القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرامَ ذي السلطان المقسِط». أخرجه أبو داود والبخاري في الأدب المفرد، وحسنه الألباني في

المشكاة وصحيح الترغيب والترهيب..

فهنيئا لك يا حاملَ القرآن، فأنت مُقدّم في أعظم الأمور وأشرفها، فأنت المقدَّم في الصلاة، فعن أبي مسعود الأنصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يؤمّ القومَ أقرؤهم لكتاب الله...». أخرجه مسلم.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الثلاثون بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي

بعنوان: *حقوق القرآن الكريم

وأنت المقدمُ في اللحد بعد الموت، ففي صحيح البخاري عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما،

قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع بين رجلين من قتلى أحُدٍ، ثم يقول: «أيهم أكثرُ أخذا

 للقرآن؟» فإذا أشِيرَ له إلى أحدهما، قدّمه في اللحْدِ، فقال: «أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة»..

فأقبِلْ يا عبدَ الله على تلاوة القرآن، وحاولْ أن تكون ماهراً بالقرآن، متقناً لتلاوته، حافظاً له ومجوّداً، لتفوز بصحبة السفرَةِ الكرام البَرَرَة. فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الماهرُ بالقرآن مع السفرة الكرام البَرَرَة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران». متفق عليه.

وداومْ على تعهد ما حفظته من القرآن حتى لا يُنسَى، فقد حَثّ على ذلك النبي صلى الله عليه

وسلم فقال: «تعاهدوا القرآن، فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفصّياً من الإبل في عُقُلِها». رواه

البخاري عن أبي موسى الأشعري.

ومن أصابه التعبُ أو كان أمّيّا لا يقرأ فلا يَحْرمْ نفسَه من أجر الإنصات والاستماع،فقد قال تعالى: ﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾.

وإياكم أن تهْجُرُوا القرآن، تلاوة وتدبرا واستماعا وعملا، حتى لا تكونوا ممن يشكوهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه، كما قال الله تعالى عنه: ﴿ وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ﴾ فيا من تشكو من الفراغ، أين أنت من كتاب الله؟. أما وجدتَ فيه أنسَك وراحتك وطمأنينتك؟.

يا من تقضي نهارَك هائما تائها في الأزقة والشوارع والشواطئ... املأ فراغك بقراءة القرآن..

يا من تقضي يومك في المقاهي والجلوس في الطرقات، ألا يستحق منك القرآن أن تمنحه نصيبا من وقتك الذي تضيّعه فيما لا ينفع..

يا من تقضي أوقاتك في مجالس الغيبة والنميمة وهتك الأعراض وتتبع العورات؛ عدْ إلى مجالس القرآن، واشْغَلْ وقتك بقراءة القرآن، وهذب لسانك بتلاوة القرآن..

يا مَن تمرّ بك الأيام كادحا عاملا ساعيا على النفس والأهل والعِيال... ألا يستحق منك القرآن أن تمنحَه جزءا من وقتك وجُهدك واهتمامك؟..

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الواحدة والثلاثون بعد الثلاثمائة في

موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: *حقوق القرآن الكريم

3- تدبّرُ القرآن وتفهّمُ معانِيه؛ فكلامُ الله يحتاج منا إلى تدَبّر وتأمّل، إذ لا سبيل إلى الانتفاع به وتفهّم معانيه واستخراج كنوزه ومعرفة مقاصده إلا بتدبره والتأمل في آياته. وهذا ما أنزِلَ القرآنُ من أجله، كما قال ربنا سبحانه: ﴿ كِتَابٌ أنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أولو الأَلبَابِ ﴾.

وأنكرَ المولى سبحانه وتعالى على الذين أعْرَضوا عن كتابه، فلا يتعظون به ولا يتدبرونه، فقال عز وجل: ﴿ أفلا يَتَدَبَّرُونَ القرْآنَ أمْ عَلَى قلوبٍ أقفالهَا ﴾.

فهذ دعوة إلى تدبر كتاب الله، واستلهام ما فيه من

 العبر والعِظات، والوقوف عند عجائبه،

وتحريك القلوب وتهذيب النفوس بمواعظه وزواجره.. فقد قال سبحانه في وصف عباده المؤمنين: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾.

وقدوتنا في التأثر بالقرآن هو حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم، الذي كان يقرأ القرآن فيَخشَع، ويسمعه مِنْ غيره فيَخشَع..

ففي صحيح مسلم عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ فَافْتَتَحَ الْبَقَرَةَ، فَقُلْتُ يَرْكَعُ عِنْدَ الْمِائَةِ. ثُمَّ مَضَى، فَقُلْتُ يُصَلِّي بِهَا فِي رَكْعَةٍ، فَمَضَى، فَقُلْتُ يَرْكَعُ بِهَا. ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ فَقَرَأَهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ فَقَرَأَهَا، يَقْرَأُ مُتَرَسِّلاً، إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ، وَإِذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ، وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ.

وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن مسعود، قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: «اقرَأ عَليّ»، قلت: يا رسول الله، آقرأ عليك، وعليك أنزل، قال: «نعم» - «إني أحب أن أسمعه من غيري» - فقرأتُ سورة النساء، حتى أتيتُ إلى هذه الآية: ﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا ﴾، قال: «حَسْبُك الآنَ» فالتفتّ إليه، فإذا عيناه تذرفان..

فما بالُ القلوب لم تعُدْ تخشعُ بالقرآن، ولم تعدْ تتأثرُ

 بالقرآن؟ هل طال العهد بينها وبين القرآن، بسبب هجر أصحابها للقرآن؟. أم أنها قلوب مقفلة مغلقة بالذنوب والآثام؟. ﴿ أَلَمْ يَأنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ ﴾                                                                           4- تعليم القرآن، والدعوة إليه؛ فمَن يُردِ الله به خيرا يجعله من أهل القرآن، يتعلم القرآن، ويتعلم أخلاقه وأحكامه، ثم يُعَلّمُ ذلك لغيره من الناس.. فعن عثمان بن عفان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(خيرُكم

مَن تعلم القرآن وعَلمَه) رواه البخاري

فمن تعلم شيئا من القرآن فلا يبخلْ به عن غيره، ليحظى بشرَف التبليغ عن الله ورسوله، فقد رَوَى البخاري عن عبد الله بن عمرو، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا، فليتبوأ مقعده من النار».

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الثانية والثلاثون بعد الثلاثمائة في

موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي

 بعنوان: *حقوق القرآن الكريم

5- العمل بالقرآن؛ حقّ واجبٌ لازم على أمة القرآن: أن تعملَ بأحكامِ القرآن، وتتخلقَ بأخلاقِه، أن تُحِلّ حلاله، وتُحَرّمَ حرامه، وتقفَ عند حدوده.. تمتثلُ أمره، وتجتنبُ نهيه.. تعملُ بمُحكمِه، وتؤمن بمتشابهه.. تقيمُ حدوده كما تقيمُ حروفه... فذاك هو سبيلُ الفوز والفلاح، والنجاةِ من عذاب الله، قال تعالى: ﴿ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ ﴾. وقال عز وجل: ﴿ وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ * أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفونَ عَنْ آيَاتِنَاسُوءَ الْعَذَابِ بِمَاكَانُوا يَصْدِفونَ ﴾.

من حق القرآن علينا أن نُذعِنَ لأحكامه، ونستسلم لأمره ونهيه؛ بلا تردد ولا مجادلة ولا اعتراض، لأننا نعلمُ يقينا أن هذا القرآن هو كلام رب العالمين، العليم الحكيم، الذي هو أعلم بمصالح الناس ومنافعهم، وأعلمُ بما يَصْلحُ لهم في أمور مَعاشهم ومَعادهم، قال عز وجل: ﴿ أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾. فكيف يليق بعاقل أن يعترض على كتاب الله، وهو يعلم أنه من عند الحكيم العليم، الذي وسع علمه كل شيء، وأحاطت حكمته بكل أمر ونهي؟. ﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾.

فلا يعترضُ على كتاب الله إلا جاهل أو جاحد أو سفيه، أما المؤمن التقيّ العاقل اللبيب فلا يعترض على كتاب ربه، ولا يُقدم هواه على مراد الله ورسوله، بل يستسلمُ ويَنقادُ لما جاءه من عند الله ورسوله، كما قال ربنا سبحانه: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولهُ أَمْرًا أَنْ تَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ﴾. وقال تعالى في وَصْفِ عباده المؤمنين: ﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ *وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ}

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الثالثة والثلاثون بعد الثلاثمائة في

موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: *حقوق القرآن الكريم

وفي صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ﴿ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة: 284]، قَالَ: فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَتَوْا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ بَرَكُوا عَلَى الرّكَبِ، فَقَالُوا: أَيْ رَسُولَ اللهِ، كُلِّفْنَا مِنَ الْأَعْمَالِ مَا نُطِيقُ، الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ وَالْجِهَادَ وَالصَّدَقَةَ، وَقَد انْزِلَتْ عَلَيْكَ هَذِهِ الْآيَة وَلَا نُطِيقُهَا، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَتُرِيدُونَ أَنْ تَقُولُوا كَمَا قَالَ أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ مِنْ قَبْلِكُمْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا؟ بَلْ قُولُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ". قَالُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ، فَلَمَّا اقْتَرَأَهَا الْقَوْمُ، ذَلَّتْ بِهَا أَلْسِنَتُهُمْ، فَأَنْزَلَ اللهُ فِي إِثْرِهَا: ﴿ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴾ [البقرة: 285]، فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ نَسَخَهَا اللهُ تَعَالَى، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ﴾ [البقرة: 286] " قَالَ: نَعَمْ " ﴿ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا ﴾ [البقرة: 286] "قَالَ: نَعَمْ". ﴿ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ﴾ [البقرة: 286] " قَالَ: نَعَمْ". ﴿ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 286 ] "قَالَ: نَعَمْ"

وتوَعّد الله تعالى بأشد الوعيد من يُعْرِضُ عن كتابه، ويصدّ الناس عنه، فقال عز وجل: ﴿ تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ * وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ * مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا شَيْئًا وَلَا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * هَذَا هُدًى وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ ﴾.

ومن حق القرآن علينا أن نتخلق بأخلاقه، ونتأدبَ بآدابه؛ تأسيا واقتداء بحبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي كان خلقه القرآن، فعن سعد بن هشام بن عامر أنه قال لعائشة رضي الله عنها: أخبريني عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالتْ: ألسْتَ تقرأ القرآن؟ قلت: بلى، قالت:

 «خلق نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن». رواه مسلم.

فلا يكفي أن نقرأ القرآن ونحفظه، بل علينا أن نعمل بأحكامه، ونتخلق بأخلاقه، فهذا هو حال الصالحين قبلنا من الصحابة ومن تبعهم بإحسان، كما قال أبو عبد الرحمن السّلَمِيّ رحمه الله: "حدثنا الذين كانوا يُقرِئوننا القرآن، كعثمان بنِ عفان وعبدِ الله بن مسعود وغيِرهما: أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عَشْرَ آياتٍ لم يُجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل، قالوا: فتعلمْنا القرآن والعِلمَ والعمل جميعًا".

فلا يليق بحامل القرآن أن يكون بعيدا عن أخلاق

القرآن والعمل بالقرآن، بلْ أحق الناس وأوْلاهم بالاستقامة هم أهلُ القرآن، كما قال نبينا عليه الصلاة والسلام: «يا معشرَ القرّاء استقيموا، فقد سَبقتم سَبْقا بعيدا، فإنْ أخذتم يمينا وشمالا، لقد ضللتم ضلالا بعيدا». أخرجه البخاري عن حذيفة.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الرابعة والثلاثون بعد الثلاثمائة في

موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: *حقوق القرآن الكريم

يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "ينبغي لحامل القرآن أن يُعرَفَ بليله إذِ الناسُ نائمون، وبنهاره إذِ الناس مُفطِرون، وبوَرَعِهِ إذِ الناس يَخْلِطون، وبتواضُعِهِ إذِ الناس يخْتالون، وبحُزْنِه إذِ الناس يفرحون، وبِبُكائه إذِ الناس يضحكون، وبصَمْتِهِ إذِ الناس يخوضون".

ويقول الفضيل بن عياض رحمه الله: "حاملُ القرآنِ حاملُ رايةِ الإسلام، لا ينبغي أن يَلهوَ مع مَنْ

يلهو، ولا يسهو مع مَن يسهو، ولا يلغو مع مَن يلغو، تعظيما لحق القرآن"..

فأين نحن من أخلاق القرآن وآدابه وأحكامه؟.

أين نحن من أحكام القرآن وأخلاقه في علاقتنا مع خالقنا ومولانا عز وجل؟. هل وَحّدْنا الله وعبَدْناه كما أمرَ وشرَع؟. هل حافظنا على الصلاة وآتيْنا الزكاة وأطعْنا الله ورسوله؟.

أين نحن من القيام بين يدي الله بمانحفظه من القرآن؟

أين نحن من أحكام القرآن في علاقاتنا الأسرية؟ في برالوالدين،وصلة الأرحام، والإحسان إلى الأقارب؟..

أين نحن من أخلاق القرآن في أسواقنا وشوارعنا وفي علاقاتنا الاجتماعية؟.. في البيع والشراء، وفي المعامل والإدارات والمؤسسات؟...

هل ربينا أبناءنا بتربية القرآن؟. هل علمناهم أخلاق

 القرآن كما في وصية لقمان؟..

أين نحن من الرحمة والصدق والوفاء والأخوة والتعاون والإحسان، وغير ذلك من مكارم الأخلاق التي دعا إليها القرآن؟.

هل اجتنبنا الغيبة والنميمة والسخرية وسوءَ الظن والظلمَ والكذبَ والنفاق، وغيرَ ذلك من مساوئ الأخلاق التي حذر منها القرآن؟..

فمَنْ أحَبَّ أنْ يَعْلمَ حاله، ويختبرَ عمله، فليَعْرِضْ نفسَهُ على كتاب الله. كما قال الحسن البصري رحمه الله: "رحم الله امْرَءاً عرَض نفسه وعَمَله على كتاب الله، فإنْ وافق كتابَ الله، حَمِدَ الله وسأله المزيد، وإن

 خالفَ أعتبَ نفسه وحاسبها،ورجع إلى ربه من قريب

*الوسائل المعينة على أداء حقوق القرآن:

أولا: اعلم أن القرآن رسالة من الله تعالى إليك؛ فكلنا مخاطبون بهذا القرآن، فما من آية إلا ولنا فيها حُكم أو عقيدة أو عبرة وعِظة، لذا يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "إذا سمعتَ اللهَ عزَّ وجلَّ يقولُ في كتابه:﴿ يَا أيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ فأصْغِ لها سَمْعَك؛فإنَّه خيرٌ تُؤمَرُ به،أو شرّ تُصرَفُ عنه"

ويقول الحسن بن علي رضي الله عنه: "إنّ مَنْ كان قبلكم رَأوُا القرآنَ رَسائلَ مِن ربهم، فكانوا يتدبرونها بالليل، ويتفقدونها في النهار".

ثانيا: اعلم أن في إقبالك على القرآن تجارة رابحة؛ أجرٌ عظيم، وثواب جزيل، وعطاء وكرم من الله الكريم، لمن أقبل على كتابه يتلون ويأخذ بأحكامه.. فقد قال سبحانه: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ﴾.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الخامسة والثلاثون بعد الثلاثمائة في

موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: *حقوق القرآن الكريم- الوسائل المعينة على أداء حقوق القرآن:

ثالثا: بقدر إقبالك على كتاب الله يكون منزلك ومقامك في الجنة؛ فعن عبد الله بن عمرو قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقال لصاحب القرآن: اقرأ، وارتق، ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلك عند آخر آية تقرؤها». أخرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والحاكم وابن حبان، وصححه الألباني في صحيح الجامع

رابعا: باتباع القرآن والتمسك بهديه تكون العصمة من الغواية والضلالة؛ فقد قال ربنا سبحانه: ﴿ ...فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى ﴾.

وعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه الطويل من حَجة الوداع، وفيه: «تركتُ فيكم ما لنْ تضلوا بعده إن اعتصمتم به: كتابَ الله. وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت. فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس: اللهم اشهد، اللهم اشهد،

ثلاث مرات».... رواه مسلم.

خامسا: بإقبال العباد على كتاب الله يفوزون بشفاعته يوم القيامة؛ ﴿ يَوْمَ يَنظرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَالَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا ﴾. في ذلك اليوم الذي يتخلى فيه القريب عن قريبه، والصديق عن صديقه، ويحتاج المرء إلى شفيع له عند الله، يأتي القرآن ليشفعَ لمن كان من أهله في الدنيا.. فعن أبي أمامة الباهلي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اقرءوا القرآن، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه. اقرءوا الزهراوين البقرة وسورة آل عمران، فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان أو كأنهما فرقان من طير صوافّ، تحاجّان عن أصحابهما. اقرءوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة». أخرجه مسلم.

وروى مسلم عن النواس بن سمعان قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « يُؤتى بالقرآنِ يوم القيامة وأهلِه الذين كانوا يعملون به، تقدُمُهُ سورة البقرة وآلُ عمران، تحاجّان عن صاحبهما».

فهنيئا لمن أقبل على كتاب الله، واهتدى بهُدَاه.. وويل لمن أعرض عن كتاب الله، واتبع هواه..

فاتقوا الله عباد الله، وتمسكوا بكتاب الله، فهو الحياة والروح، والغذاء والشفاء، وهو العصمة والنجاة.. قِفوا عند حلاله وحرامه، اجعلوا لبيوتكم وخلوَاتكم حظاً من قراءته، قوموا بحقه، تفكروا في عجائبه، واعملوا بمُحْكَمِه، وآمِنوا بمتشابهه، وانشروا علومه، وادعوا إلى سبيله.فذلك خيرٌ لكم في دنياكم وفي أخراكم.

احرصوا رحمكم الله على تعليم أولادِكم وبناتِكم كتابَ الله، بَادِرُوا بتسجيلهم في حلقات القرآن، في الكتاتيب وَدُور القرآن، اغرسوا في قلوبهم حبّ القرآن، علموهم العيش في رحابه، والاغتراف من معينه، وتعاهدوهم بتربيتهم تربية قرآنية، كي تسعدوا جميعاً في الدنيا والآخرة..

شاركوا في دعم المحاضِن التربوية، والدور القرآنية، التي

 تبني أجيالاً قرآنية صالحة، فلكمْ مثلُ أجورهم

لا ينقص من أجورهم شيء، فالدالّ على الخير كفاعله.. ﴿ وَتعَاوَنُوا عَلى البِرّ وَالتقوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلى الإثمِ وَالعُدْوَانِ ﴾.[ الأنترنت – موقع الألوكة - حق القرآن الكريم (3) -أحمد عماري ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة السادسة والثلاثون بعد الثلاثمائة في

موضوع (الحق) وهي بعنوان:

* فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۖ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ

قال السعدى : {فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۖ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ } أي: اعتمد على ربك في جلب المصالح ودفع المضار وفي تبليغ الرسالة وإقامة الدين وجهاد الأعداء. { إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ } الواضح والذي على الحق يدعو إليه، ويقوم بنصرته أحق من غيره بالتوكل فإنه يسعى في أمر مجزوم به معلوم صدقه لا شك فيه ولا مرية. وأيضا فهو حق في غاية البيان لا خفاء به ولا اشتباه، وإذا قمت بما حملت وتوكلت على الله في ذلك فلا يضرك ضلال من ضل وليس عليك هداهم

وقال الطنطاوي في الوسيط: والفاء فى قوله - تعالى - : ( فَتَوَكَّلْ عَلَى الله . . ) للتفريع . أى : ما دمت قد عرفت ذلك - أيها الرسول الكريم - ففوض أمرك إلى العزيز العليم وحده ، وتوكل عليه دون سواه ، وبلغ رسالته دون أن تخشى أحدا إلا إياه .

وجملة " إنك على الحق المبين " تعليل للتوكل على الله وحده .

أى : توكل على الله - تعالى - وحده ، لأنك - أيها الرسول الكريم - على الحق الواضح البين ، الذى لا تحوم حوله شبهة من باطل .

وقال البغوى : "فتوكل على الله إنك على الحق المبين"، البين.

وقال ابن كثير : ( فتوكل على الله ) أي : في أمورك

 ، وبلغ رسالة ربك ، (إنك على الحق المبين ) أي : أنت على الحق المبين وإن خالفك من خالفك ، ممن كتبت عليه الشقاوة وحقت عليهم كلمة ربك أنهم لا يؤمنون ، ولو جاءتهم كل آية .

وقال القرطبى : قوله تعالى : فتوكل على الله أي فوض إليه أمرك واعتمد عليه ; فإنه ناصرك . إنك على الحق المبين أي الظاهر . وقيل : المظهر لمن تدبره وجه الصواب

وقال الطبرى : يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ففوِّض إلى الله يا محمد أمورك, وثق به فيها, فإنه كافيك. (إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ ) لمن تأمَّله, وفكر ما فيه بعقل, وتدبره بفهم, إنه الحقّ, دون ما عليه اليهود والنصارى، المختلفون من بني إسرائيل, ودون ما عليه أهل الأوثان، المكذّبوك فيما أتيتهم به من الحقّ, يقول: فلا يحزنك تكذيب من كذّبك, وخلاف من خالفك, وامض لأمر ربك الذي بعثك به.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة السابعة والثلاثون بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

* فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۖ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ

وقال ابن عاشور :

{فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ } فرعت الفاء على الإخبار بأن رب الرسول عليه الصلاة

والسلام يقضي بين المختلفين في شأن القرآن أمراً للرسول بأن يطمئن بالاً ويتوكل على ربه فيما يقضي به فإنه يقضي له بحقه ، وعلى معانده بما يستحقه ، فالأمر بالتوكل مستعمل في كنايته وصريحه فإن من لازمه أنه أدى رسالة ربه ، وأن إعراض المعرضين عن أمر الله ليس تقصيراً من الرسول صلى الله عليه وسلم وهو معنى تكرر في القرآن كقوله { لعلك باخع نفسك }[ الكهف : 6 ] وقوله { ولا تحزن عليهم } [ النمل : 70 ] .

والتوكل : تفعل من وكل إليه الأمر ، إذا أسند إليه تدبيره ومباشرته ، فالتفعل للمبالغة . وقد تقدم

 عند قوله تعالى { فإذا عزمت فتوكل على الله } في آل عمران ( 159 ) ، وقوله { وعلى الله فتوكّلوا } في المائدة ( 23 ) وقوله { وعلى الله فليتوكل المؤمنون } في سورة إبراهيم ( 11 ) .

وقد وقعت جملة { إنك على الحق المبين } موقعاً لم يخاطب الله تعالى أحداً من رسله بمثله فكان ذلك شهادة لرسوله بالعظمة الكاملة المنزهة عن كل نقص ، لما دل عليه حرف { على } من التمكن ، وما دل عليه اسم { الحق } من معنى جامع لحقائق الأشياء .

 وما دل عليه وصف { مبين } من الوضوح والنهوض

وجاءت جملة { إنك على الحق المبين } مجيء التعليل للأمر بالتوكل على الله إشعاراً بأنه على الحق فلا يترقب من توكله على الحكم العدل إلا أن يكون حكمه في تأييده ونفعه .

وشأن ( إن ) إذا جاءت في مقام التعليل أن تكون

 بمعنى الفاء فلا تفيد تأكيداً ولكنها للاهتمام .

وجيء في فعل التوكل بعنوان اسم الجلالة لأن ذلك

الاسم يتضمن معاني الكمال كلها ، ومن أعلاها العدل في القضاء ونصر المحق .

وذلك بعد أن عجلت مسرة الإيماء إلى أن القضاء في

 جانب الرسول عليه الصلاة والسلام بإسناده القضاء إلى عنوان الرب مضافاً إلى ضمير الرسول كما تقدم آنفاً .

وتقديم المسند إليه على الخبر الفعلي اقتضاه وجود مقتضي جلب حرف التوكيد لإفادة التعليل فلا يفيد التقديم تخصيصاً ولا تقوياً . و { المبين } : الواضح الذي لا ينبغي الامتراء فيه ولا المصانعة للمحكوم له .

وفي الآية إشارة إلى أن الذي يعلم أن الحق في جانبه

حقيق بأن يثق بأن الله مظهر حقه ولو بعد حين [الأنترنت – موقع {فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۖ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ}النمل 79 ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الثامنة والثلاثون بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي بعنوان:

 *حقوق الأخت في الإسلام

 إن الإسلام لم يغفل حقوق المرأة كأخت، بل أكدها ودعا إلى صيانتها، ومن هذه الحقوق:

#حسن إعالتها والإنفاق عليها

فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من كان له

ثلاث بنات،أو ثلاث أخوات، أو ابنتان، أو أختان،

 فأحسن صحبتهن،واتقى الله فيهن فله الجنة»رواه الترمذي

وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من عال ثلاث بنات فأدبهن وزوجهن وأحسن إليهن فله الجنة»، وفي رواية قال: «ثلاث أخوات أو ثلاث بنات أو بنتان أو أختان» (رواه أبو داود).

وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من أنفق على ابنتين أو أختين أو ذواتي قرابة يحتسب النفقة عليهما حتى يغنيهما الله من فضله عز وجل أو يكفيهما كانتا له ستراً من النار» (رواه أحمد).

وقال صلى الله عليه وسلم: «من عال ابنتين أو ثلاث بنات أو أختين

 أو ثلاث أخوات حتى يمتن أو يموت عنهن كنت أنا وهو كهاتين، وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى» (رواه أحمد).

#الدفاع عن الأخت وصيانة حقوقها على زوجها

كذلك دعا الإسلام إلى الدفاع عن الأخت وصيانة حقوقها، إذا ما أراد زوجها أن يظلمها أو يهينها،

 فإذا رجعت مطلقة إلى بيت أخيها، فعليه أن يكرمها، ولا يجبرها على الرجوع إلى زوجها إلا راضية

راغبة معززة مكرمة، مع نصحها والقيام على شؤونها وقصد الخير لها.

روى البخاري عن معقل بن يسار رضي الله عنه أنه

 قال: زوجت أختاً لي من رجل، فطلقها، حتى إذا انقضت عدتها جاء يخطبها، فقلت له: زوجتك وفرشتك وأكرمتك، فطلقتها، ثم جئت تخطبها؟ لا والله، لا تعود إليك أبداً، وكان رجلاً لا بأس به، وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه، فأنزل الله هذه الآية: {فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} (البقرة:232) فقلت: الآن أفعل يا رسول الله، قال: فزوجها إياه» (رواه البخاري).

فهذا صحابي يحرص على صيانة أخته، وصيانة

حقوقها، ويدافع عنها أمام زوجها الذي طلقها.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة التاسعة والثلاثون بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:*حقوق الأخت في الإسلام

ومن دلائل عناية الإسلام بالأخت أن علَّم إخوانهن

 من الرجال التضحية من أجلهن، حتى وإن كان هذا على حساب سعادة هذا الأخ ورغباته، هذا جابر بن عبد الله، يموت أبوه شهيداً يوم أُحد، ويترك له تسع بنات أخوات! لا عائل لهن إلا جابر، فماذا فعل هذا الصحابي الجليل بأخواته؟

يقول: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: «  ما

تزوجت يا جابر.. أبكراً أم ثيباً؟» فقلت له: تزوجت ثيباً، قال: «أفلا تزوجت بكراً تلاعبك وتلاعبها؟» فقلت له: يا رسول الله، توفي والدي - أو استشهد - ولي أخوات صغار، فكرهت أن أتزوج إليهن مثلهن، فلا تؤدبهن ولا تقوم عليهن، فتزوجت ثيباً لتقوم

 عليهن وتؤدبهن» (رواه مسلم).

وعند البخاري أن جابراً رضي الله عنه قال: هلك

أبي وترك سبع بنات أو تسع بنات، فتزوجت امرأة ثيباً، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تزوجت يا جابر؟» فقلت: نعم، فقال: «بكراً أم ثيباً؟» قلت: بل ثيباً، قال: «فهلا جارية تلاعبها وتلاعبك، وتضاحكها وتضاحكك؟» قال: فقلت له: إن عبد الله - أي أبوه - هلك وترك بنات، وإني كرهت أن أجيئهن بمثلهن، فتزوجت امرأة تقوم عليهن وتصلحهن فقال: «بارك الله لك»، أو قال: «خيراً» (رواه البخاري).

فانظر إلى هذا الفكر الراقي الذي طبّقه جابر، لقد

 ضحى بحقه في الزواج ببكر، وتزوج ثيباً، من أجل أخواته، تدبر قوله: «فتزوجت امرأة تقوم عليهن وتصلحهن»، إنه لم يكن له هدف من الزواج في المقام الأول إلا القيام على راحة أخواته، ولم يكن همه من الزواج إسعاد نفسه، بقدر تفكيره في إسعاد أخواته، فمن يطبق هذا الفكر السهل الممتنع في زماننا

 هذا؟ ومن يؤثر أخواته على نفسه في عصرنا هذا؟

#حق الأخت في الصلة

كم من أخ لا علاقة له بأخته إلا من خلال الهاتف! وكم من أخ يضيق ذرعاً بأخته لمجرد حضورها لزيارته!

إن قوماً في زماننا يسيئون معاملة الأخوات إساءة

 بالغة، ربما أكل أموالها وحقوقها بالباطل، وربما أهانها وقطع الصلة بها، والله تعالى يقول: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} (محمد: 22).

#حق الأخت في الميراث                           لقد نص الإسلام كذلك على حق الأخت في الميراث وصيانته وأكدت السنة النبوية على ذلك، يقول الله تعالى: {.... وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوَاْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ} (النساء: 12)، واتفق الفقهاء على أن المقصود هنا هم الإخوة والأخوات لأم، فما بالك بحق الأخت الشقيقة التي لها شرعاً نصف نصيب أخيها من مال أبيها أو أمها؟ لذا وجب صيانة حق الأخت في الميراث، وعدم المساس به فعن جابر بن عبد الله قال: مرضت فأتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني، فوجدني قد أغمي علي، فأتى ومعه أبو بكر وهما ماشيان، فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فصب علي من وضوئه، فأفقت، فقلت: يا رسول الله، كيف أقضي في مالي؟ أو كيف أصنع في مالي؟ فلم يجبني شيئاً، وكان لي تسع أخوات، حتى أنزلت آية الميراث: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ}(النساء: 176)(صحيح الترمذي).

وعن معاذ بن جبل أنه ورّث أختاً وابنة، فجعل لكل واحدة منهما النصف وهو باليمن، ونبي الله صلى الله عليه وسلم يومئذ حيّ (رواه أبو داود)، فإلى الذين يحرمون الأخوات من الميراث ظلماً وزوراً وبهتاناً، نقول لهم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة» فقال رجل: وإن كان شيئاً يسيراً يا رسول الله؟ قال: «وإن كان قضيباً من أراك» (رواه النسائي)، ونقول لهم حديث رسول الله?: «أحرج مال الضعيفين: المرأة واليتيم» (رواه ابن حبان)، فالله الله في الأخوات.. والله الله في النساء!

[الأنترنت – موقع الجزيرة - حقوق الأخت في الإسلام  - قبلان بن محمد القبلان الشمري]

   إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الأربعون بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي بعنوان:

*حـــقُّ الطّريـــقِ في الإِسْـــلام

فلقد اقتضتْ حكمة الله تعالى أن يجعل القرآن دستورًا لعبادِه، فمن سار عليه اهتدى ورشَد، ومن زاغ عنه ضلّ وفسَد، ولقد قدَّر الله تعالى لأُمّتِنا أن تكون السنة النبوية وسيرة النبيّ الحبيب هما المذكرة التفسيرية للدستور القرآني، فمن أراد أن يتعرّف على معنًى في القرآن، أو يدلّل على آيةٍ كانت السنة هي السبيل له.

وإن كان المفسرون قد فسّروا القرآن بأقوال مأثورة وقصص مشهورة، فإنّ النبيّ صلى الله عليه وسلّم قد فسّر القرآن الكريم بسلوكه وأخلاقه، ونجاة الأمّة المحمدية بسلوك طريق نبيهم والاهتداء بهديه والسير على طريقه، ولا يمكن أن يتقدّم المجتمع إلا بالمحافظة على قيم وأخلاق وآداب الإسلام،

فإنَّما الأمم الأخلاق ما بقيت *** فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا..

ومن بين الآداب التي وردت في المذكرة التفسيرية للدستور القرآني: قول النبي صلى الله عليه وسلّم، كما عند البخاريّ في الصحيح، من حديث أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالجُلُوسَ بِالطُّرُقَاتِ» فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لَنَا مِنْ مَجَالِسِنَا بُدٌّ نَتَحَدَّثُ فِيهَا، فَقَالَ: «إِذْ أَبَيْتُمْ إِلَّا المَجْلِسَ، فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ» قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «غَضُّ البَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلاَمِ، وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ»...

وفي هذا الحديث الشريف بيان لعظم رسالة الإسلام الشاملة لكل حياة الناس؛ فما من باب من أبواب الحياة الإنسانية إلا وللإسلام فيها شأن، حتى دخول

 الخلاء.

والطريق أيها الأخوة أحد المشتركات بين الناس؛ فالناس شركاء في الطريق العام والمرافق العامّة، ومن ثمّ فليس حصريًّا على أحد، وليس ملكًا لأحد، وبالتالي يلزم الالتزام بالآداب والقيم المحافظة على حقوق الآخرين فيه؛ لا سيّما وأنّ علامة الإيمان والإسلام الأخلاق الفاضلة...

فإن احترام الطريق والحفاظ علي المرافق العامة من الأخلاق العالية التي جاءت رسالة الإسلام تهذبها وتقويها كما قال النبي صلي الله عليه وسلم “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق” [رواه أحمد في المسند ومالك في الموطأ]. فتعالَوْا بنا لنقف مع فوائد ودروس هذا الحديث، وكيف ننفّذ ما أمر به الإسلام في واقعنا المعاصر؟ وذلك على النّحـو التّالي.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الواحدة والأربعون بعد الثلاثمائة في

 موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:*حـــقُّ الطّريـــقِ في الإِسْـــلام

وكيف ننفّذ ما أمر به الإسلام في واقعنا المعاصر؟

 وذلك على النّحـو التّالي.

أولا: لماذا نتحدّث عن حقّ الطريق؟

1.لكثرة مشاكل الطرق في بلادنا، بالإضافة إلى كثرة الحوادث التي تحصد آلاف الأرْواح كل عام، فقد كشفت منظمة الصحة العالمية عن أرقام مفزعة شهدها عام 2014 خاصة بحوادث الطرق، التي راح ضحيتها حوالي 13 ألف قتيل و60 ألف مصاب في مصر، الأمر الذي وضع مصر على رأس قائمة الدول الأسوأ عالميًا في حوادث الطرق. وأظهرت إحصائية منظمة الصحة العالمية، أن عدد قتلى حوادث الطرق لكل 100 كم في مصر قد وصل إلى 131 قتيلا، في حين أن المعدل العالمي يكون من 4 إلى 20 قتيلا، فيما يوضح المؤشر أن مصر يحدث بها 22 قتيلاً لكل 100 مصاب، بينما المعدل العالمي 3 قتلى فقط لكل 100 مصابا.. فكم من بيْتٍ أصيب في عزيز وحبيب!!! ويشير مركز التعبئة والإحصاء بمصر إلى أن هناك: 21.188 مركبة تالفة نتيجة

 للحوادث المرورية في 2014م.

2 ـ نتحدث عن حق الطريق؛ لأنّ المحافظة على الطريق وإزالة الأذى منه سبب من أسباب

مغفرة الذنب، ودخول الجنة، وشكر الله تعالى للعبد.

3.لإثبات أنّ كل أحد في هذه الحياة له حقّ علينا،

 فالأب والأم والابن والبنت والجار والدين والعلم، حتى الجمادات لها حق علينا كالمحافظة والاحترام لها وعدم إهانتها، وإثبات أنّ الدين يدخل في كل مجال من مجالات الحياة.

ثانيًا: مفهوم الطريق والجلوس فيه:

أولا: تعريف الطريق: هو كل لما يطرقه الناس مشيًا

 وحركةً، لا سيّما الطريق العام والمرافق العامّة؛ لذا فإن الاعتداء على الملكيات العامّة أشدّ خطورة على المعتدِي من التعدّي على الملكيات الخاصّة..

ثانيًا: معنى الجلوس في الحديث: هو اللبث في الطريق سواء اتخذ مجلسًا في ناصيتها، أم مقعدًا عند بيته، أو كرسيا خارج دكانه، أو كان في مقهى أو مطعم يجلس على حافة الطريق أو نحو ذلك، فكل ذلك جلوس في الطريق. وليس المعنى ذات الجلوس، وإنما اللبث في الطريق فلو جلس في سيارته، أو وقف يتحدث مع صديقه، أو ينتظر أحدًا، فكل أولئك يتناولهم حق الطريق المنصوص عليه في الحديث..

ثالثًا: حقوق الطريق في الإسلام

أولا: كفّ الأذى عن الطريق وعن الناس

وكفّ الأذى هي كلمة جامعة تتناول كل أذى بالقول أو الفعل أو الإشارة، والأذى في الطريق معصية وتوجب اللعنة والطرد من رحمة الله، وعلامة الإيمان والإسلام أن يكفّ المسلم أذاه عن الناس، سواء أكان باللسان أم باليد، قال صلى الله عليه وسلّم: «المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ،وَالمُهَاجِرُ

 مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ»[رواه البخاري عن عبدالله بن عمر].

وسئل النبي يومًا: أَيُّ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ؟ وفي رواية:

 أَيُّ الْمُسْلِمِينَ خَيْرٌ؟، قَالَ: «مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ

 لِسَانِهِ وَيَدِهِ» [رواه مسلم في صحيحه].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الثانية والأربعون بعد الثلاثمائة في

 موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:*حـــقُّ الطّريـــقِ في الإِسْـــلام

والإيذاء له أشكال متعددة:

1.فهناك الأذى المشموم كالروائح الكريهة، حتى إن الإسلام نصح من أكل ثومًا أو بصلاً ألا يقترب من المسجد للصلاة فيه؛ مراعاة لشاعر المصلين، وحفاظًا على الروائح الطيبة،وحتى لا تصيبه لعنات الناس عليه.

2.وهناك الأذَى المسْموع: ومنه أذى الناس بالسيارات بالسّرينة العالية، وترويعهم بها، والصخب و الصفير والضجيج بالغناء وإقامة الأفراح، أو رفع أصوات المذياع أو الكاسيت أو مكبر الصوت، بحيث تزعج المارة ويصل إزعاجها إلى داخل البيوت، فتوقظ النائم، وتضجر المريض، وتقلق الطالب الذي يريد أن يذاكر.. ومن الأذى المسموع في الطرقات والشوارع: السبّ والشتم والقذف -وهذا مما لا يخْفى على أحد-: فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعُود رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «لَيْسَ المُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلَا اللَّعَّانِ وَلَا الفَاحِشِ وَلَا البَذِيءِ»: [قال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، وصححه الألباني].

3.وهناك الأذَى المرْئي: كالصور العارية، وتعمُّد الخرُوج السَّافر إلى الطرقات، ألا فلنساعد غيرنا على العفة وغضّ البصر. فمن ساهم في إيذاء الناس في

عيونهم ونظرهم فعليه لعنة الله.

4.وهناك الأذَى المحسُوس: مثل ركْن السيارات في الطريق وهذا فعل قبيح؛ لأنه يغلق بها الطريق

أو يضيقه على المارة، فكل من مرَّ وتأذى بفعله شتمه أو دعا عليه، وهو لا يدري مغبة ما فعل. فلا بد من الذوق والأدب في قيادة السيارة وعدم تعطيل مصالح النّاس. وأيضا التعدي على الطريق بالبناء، واستخدامه استخدامًا خاصًّا، وذلك كثير. ومنه: إلقاء النفايات في الطريق، ولا سيما ما فيه خطر كالزجاج والمسامير، أو ما فيه روائح خبيثة تؤذي المارّة، وفاعل ذلك يجني من الأوزار بقدر ما آذى

المارِّين.

وليعلم كل مسلمٍ أنّ الله تعالى لا ينظر إلى قلة العمل أو كثرته؛ ولكن إلى أثره في حياة الفرد والمجتمع؛ فلربما عمل الإنسان عملاً صغيرًا حقيرًا لكن تعظمه النية ويرفع قدره الأثر الصالح له، ولربّما عمل الإنسان عملاً

 عظيمًا لكن تصغره وتحقّره النيّة ويحطّ من قدره أثره السيئ.

فإذا نظرنا إلى الطريق: قد يمكنك أن تزيل حجرًا من الشارع، أو تحرّك غصن شوك بعيدًا عن طريق المارّين، فانظر –رحمني الله وإياك- إلى ثواب ذلك، يقول النبي صلى الله عليه وسلّم: كما في صحيح البخاري ومسلم من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَأَخَّرَهُ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ».. فهذه مثوبة من أخّر الأذى عن طريق الناس، فكيف بعقوبة من آذى الناس في طرقاتهم.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الثالثة والأربعون بعد الثلاثمائة في

 موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:*حـــقُّ الطّريـــقِ في الإِسْـــلام

ولذا فقد عظّمت الشريعة مِنْ ثواب مَنْ أزالَ الأذى

عن طريق النّاس؛ فاعتبرت أن إماطة الأذى وإزالته عن طريق الناس صدقة ودين وتعبد لله تعالى؛ ففي صحيح البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ سُلاَمَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ، يَعْدِلُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وَيُعِينُ الرَّجُلَ عَلَى دَابَّتِهِ فَيَحْمِلُ عَلَيْهَا، أَوْ يَرْفَعُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، وَالكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا إِلَى الصَّلاَةِ صَدَقَةٌ، وَيُمِيطُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ»..

كما أن الشريعة الغرّاء جعلت إماطة الأذى عن

طريق الناس شعبة وعلامة من علامات الإيمان،

 ففي الحديث عن مسلم في صحيحه، من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ - أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ - شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ»...

هذا وقد غلظت عقوبة من آذى الناس في طرقاتهم في المقابل-: ففي الحديث: «مَنْ آذَى الْمُسْلِمِينَ فِي طُرُقِهِمْ , وَجَبَتْ عَلَيْهِ لَعْنَتُهُمْ». ولذا فقد ثبت عن بعض السلف في موقف عظيم: كان الورعون لا يشترون شيئاً ممن قعد يبيعه على طريق الناس؛

كمساعدة في حمل الأذى وتأخيره عن طريق الناس..

ثانيًا: غض البصر

لقد أمرت الشريعة بغض البصر؛ كمساهمة في عفة الذات والغير -في كل مكان-، لا سيّما في الطريق وهو مظنّة رؤية الحرام والعورات، ففي حديث حقوق الطريق كمارواه أبوسعيد الخدْري:وغضّ البصر

وقد كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا؛ ففي الحديث عند أحمد في المسند: "العين تزني والقلب يزني، فزنا العين النظر، وزنا القلب التمني، والفرج يصدق ما هنالك أو يكذبه".

وفي الحديث: «يا معشر من أسلم بلسانه ولم يفض

 الإيمان إلى قلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من يتبع عورة أخيه المسلم يتبع الله عورته ومن يتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله»...

وخطورة إطلاق البصر في:

1-أنّه مخالفة لأمر الله ورسوله، ففي القرآن: (قل للمؤمنين، وقل للمؤمنات).

2-حرمان الحفظ والفهم:

شكوت إلى وكيع سوء حفظي *** فأرشدني إلى ترك المعاصي.

3-الاستهانة بالمنكر والحرام.

4-فساد القلب وفقد لذة التعبّد.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الرابعة والأربعون بعد الثلاثمائة في

 موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:*حـــقُّ الطّريـــقِ في الإِسْـــلام

ومن فوائد غض البصر:

1-الدخول في دائرة الطائعين لله تعالى فيما أمر به، والحذر مما نهى عنه.

2-حصول لذة في القلب والشعور بحلاوة الإيمان.

3-يهب الإنسان نورًا في قلبه وفؤادِه؛ فيدفعه لكل

خير ويصرفه عن كل شر.

4-قوّة العقل والفهم والعلم، مع سرور اللذة بالإيمان والطاعة.

وإذا أردت أن تتدرّب على غضّ البصر عن الحرام فعليك بالآتي:                                      1-الاستحياء من نظر الله إليك، واليقين بأنّ نظره أقرب وأسرع إليك من نظرك إلى الحرام.

2-الاستحياء من حبيبك محمد يوم القيامة على الحوض.

3-الاستحياء من مراقبة الملائكة وكتابتها ما تفعل:

 {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا

تَفْعَلُونَ} [الانفطار: 10 - 12].

4-استح من الرجل الصالح من قومك.

5-استح من الأرض التي ستتحدث يوم القيامة بكل ما حدث على ظهرها، قال تعالى: {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا

 * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا} [الزلزلة: 2 - 5].

6-الاستحياء من أعضائك وجوارحك، فعينك ولسانك ويدك ورجلك وجلدك، الكل سيشهد: {وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ} [فصلت: 21، 22].

7-أتبع السيئة الحسنة تمحها، قال صلى الله عليه وسلّم –كما في الحديث الحسن الذي رواه

الترمذي- «اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ

الحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ».

فلنغض أبصارنا عن الحرام، ولنحفظ أعضاءنا اليوم لتحفظنا غدًا أمام الله تعالى.

ثالثًا: ردّ الســـــلام

أيها الأحبّة: لقد تغيّرت ثقافة كثير من المسلمين؛

حيث أبدل الناس الكلمات الطيبة التي يثاب عليها الإنسان بغيرها التي لا يثاب عليها الإنسان، كالسلام والتحية، فبتنا نسمع: (هاي، هللو، صباح الخير.....الخ) وقد تكون كلمات عادية، لكن هناك ما هو أفضل منها تعبدًا لله تعالى.

وإلقاء السلام أدب من آداب الإسلام وسمت

للصالحين، وخلق كريم يزرع المحبة بين الناس، ويزيل الضغائن، ويشيع الأخوة الصافية بين المسلمين، ففي صحيح مسلم: «لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ».. كما أنها تحية أهل

الجنة، ونداء الملائكة عليهم في جنات النعيم..

فأين الحفاظ على هذا الواجب: ردّ السلام بطريقة صحيحة، قال تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا} [النساء: 86].

وفي الحديث الصحيح كما عند مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «خَمْسٌ تَجِبُ لِلْمُسْلِمِ عَلَى أَخِيهِ: رَدُّ السَّلَامِ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ». فما أحوجنا إلى إلقاء السلام وردّه؛ فقد ندُر إلقاء السلام بين الناس في الطريق والشارع والوظائف

والمهن.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الخامسة والأربعون بعد الثلاثمائة في

 موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:*حـــقُّ الطّريـــقِ في الإِسْـــلام

رابعًا: الأمر بالمعرُوف والنهي عن المنكر

لقد جعل الله تعالى خيرية هذه الأمّة في أمرها بالخير ونهيها عن الشرّ، قال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران: 110]. وقد قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب فيما نقله ابن كثير عن قتادة في تفسير هذه الآية، يقول عمر: ((من سرّه أن يكون من هذه الأمّة فليؤدّ شرط الله فيها، قالوا: وما شرط الله فيها: قال الأمر بالمعروف والنهي عن

المنكر،ثم تلا الآية{ كنتم خير أمّة}

فأمتنا الإسلامية مميزة بالأمر والنهي بالحكمة والموعظة الحسنة، وطرقاتنا كثيرًا ما يقع فيها الخطأ والشرور، ومن ثمّ فإن على عاتق من جلس في طريق أو مرّ في شارعٍ أن يؤدي دوره في الدعوة إلى الله تعالى، لا سيما إن توافرت فيه شروط الدعوة والأمر والنهي، ولكن بشروط الدعوة، منها: الإخلاص، والفهم، والرفق، والأدب، والحكمة، والحلم، والابتسام... وهكذا..

وإن الأمم المضيّعة لفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أمم ملعونة، قال تعالى عن بني إسرائيل: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المائدة: 78، 79].

وما قصة السفينة عنا ببعيد: ففي صحيح البخاري عن

 النعمان بن بشير، قال سمعت النبي يصول: «مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالوَاقِعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا، وَنَجَوْا جَمِيعًا». فهل سنترك سفينة المجتمع تغرق؛ لسوء فهم البعض؟!!

فالمؤمن حقاً هو الذي يركض إلى المنكرات ويسعى إليها ليغيرها، قال الله جل وعلا: {وَجَاءَ مِنْ

أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى} [يس:20] من أبعد

 مكان في المدينة هل يركب حماراً أو دابة أو سيارة أو طائرة؟ لا والله، بل يركض على رجليه، هل تعرفون لماذا؟ لأن هناك منكراً قد أصاب الناس ووقعوا فيه {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ} [يس:20] يا قوم! ما لي أراكم لا تصلون يا قوم! ما لي أراكم تأكلون الربا، وتنتهكون الحرمات يا قوم! ما لي أراكم تعرضون عن الذكر وعن الأذان والصلاة! {يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ*اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ}[يس:20 - 21] ثم بعد هذه النصائح قتلوه؛ لأنه أمر بالمعروف ونهى عن المنكر، وبعض الأحيان يضرب ويقتل الدعاة، ويسفهون، ويسجنون، والداعية لا يبالي بالعواقب، إنما يبالي إن أمر بمعروف أو نهى عن منكر. فلما قتل انظر ماذا حصل له؟بعثه الله،فماذا قال؟{يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ} [يس:26] لا يزال يفكر في قومه، ويهتم بهم {يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ}    

 إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة السادسة والأربعون بعد الثلاثمائة في

 موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي

بعنوان: *حـــقُّ الطّريـــقِ في الإِسْـــلام

ومن حقوق الطريق أيضًا: إغاثة الملهوف؛ ففي صحيح البخاري: «عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ»، فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ؟ قَالَ: «يَعْمَلُ بِيَدِهِ، فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ وَيَتَصَدَّقُ» قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ؟ قَالَ: «يُعِينُ ذَا الحَاجَةِ المَلْهُوفَ» قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ؟ قَالَ: «فَلْيَعْمَلْ بِالْمَعْرُوفِ، وَلْيُمْسِكْ عَنِ الشَّرِّ، فَإِنَّهَا لَهُ صَدَقَةٌ». والملهوف: هو المظلوم المستغيث يطلب معونتك!! وفي الختام أنقل إليكم ما جمعه أحد الصالحين عن حقوق الطريق، وننادي بما نادى به أحد الصالحين، فقال:

جمعت آدابَ مـن رامَ الجلُوس على *** الطريق من قول خير الخلق إنساناً

أفش الـسلام وأحــسن في الكلام *** وشـمت عاطساً وسلاماً رُدّ إحسانا

في الحـمْل عاوِن و مظلوماً أعِنْ *** وأغِثْ لهفاناً واهْدِ سبيلاً واهْدِ حيرانًا

بالعُرف مُـْر وانْه عنِ المنكَر وكُفّ *** أذًى وغُضّ طرفاً وأكْثِر ذِكْرَ موْلانَا

ومــاذا بعـــد؟

إنّ على أبناء الأمّة أن يكونوا صورة حسنة للإسلام، وأن يعيشوا بأخلاقه في أقوالهم وأفعالهم وأحاديثهم وجلساتهم، فكما يقول: أ. سيد قطب، -واصفا نصْرَ رسول الله بهذه الدعوة في تربيته لأصحابه-: "وانتصر محمد بن عبد الله يوم صنع أصحابه –رضوان الله عليهم– صورًا حيَّةً من إيمانه، يوم صاغ من كل منهم قرآنا حيًّا يدب على الأرض، يوم جعل من كل فرد نموذجًا مجسّمًا للإسلام، يراه الناس فيرون الإسلام . ولقد انتصر محمد يوم صاغ من فكرة الإسلام شخوصًا، وحَوَّل إيمانهم بالإسلام عملاً، وطبع من المصحف عشرات من النسخ، ثم مئات وألوفًا... ولكنه لم يطبعها بمداد على صحائف من ورق، وإنما طبعها بالنور على صحائف من قلوب، وأطلقها تُعَامِل الناس، وتأخذ منهم وتُعطِي، وتقول بالفعل والعمل ها هو الإسلام الذي جاء به محمد صلى

 الله عليه وسلم من عند الله!"

فنحن أولى بنا أن نساهم في الحفاظ على مجتمعنا، نحافظ على قيمه، ومرافقه العامة والخاصة، نحافظ على وحدته وأمان أبنائه وبناته، ولن يكون هذا إلا إذا ارتضينا شرع الله لنا منهجًا وطريقة حياة...

نسأل الله تعالى أن يحفظنا بحفظه...[الأنترنت – موقع حـــقُّ الطّريـــقِ في الإِسْـــلام أ. عادل عبد الله هندي]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة السابعة والأربعون بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي بعنوان:

*سيل الحق و زبد الباطل

    من سنن الله عز وجل في الكون سنة التدافع

بين الخير و الشر و الإصلاح و الإفساد ودعاة الحق ودعاة الباطل فإذا قام داعية الحق بما أوجب الله عليه من الدعوة و الإصلاح و نشر الخير و تعليم العلم دفع الله به الشر عن الأمة و حُجم ذلك الشر و كلما قوي الخير و اتسعت رقعته أزهق الله الباطل و كان أشبه ما يكون بالزبد الذي يذهب جفاءً قال تعالى : { فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأمْثَالَ}الرعد: 17

قال الإمام الشوكاني رحمه الله : وهذان مثلان ضربهما الله سبحانه للحق والباطل ... إن الباطل وإن ظهر على الحق في بعض الأحوال وعلاه ، فإن الله سبحانه سيمحقه ويبطله ويجعل العاقبة للحق وأهله كالزبد الذي يعلو الماء فيلقيه الماء ويضمحلّ وكخبث هذه الأجسام فإنه وإن علا عليها فإن الكير يقذفه ويدفعه ، فهذا مثل الباطل؛ وأما الماء الذي ينفع الناس وينبت المراعي فيمكث في الأرض ، كذلك الصفو من هذه الأجسام فإنه يبقى خالصاً لا شوب

 فيه ، وهو مثل الحق .

     إن الماء لينزل من السماء فتسيل به الأودية ، وهو يلم في طريقه غثاء ، فيطفو على وجهه في صورة الزبد حتى ليحجب الزبد الماء في بعض الأحيان . هذا الزبد نافش راب منتفخ . . ولكنه بعدُ غثاء . والماء من تحته سارب ساكن هادئ . . ولكنه هو الماء الذي يحمل الخير والحياة . . كذلك يقع في المعادن التي تذاب لتصاغ منها حلية كالذهب والفضة ، أو آنية أو آلة نافعة للحياة كالحديد والرصاص ، فإن الخبث يطفو وقد يحجب المعدن الأصيل . ولكنه بعدُ خبثٌ يذهب ويبقى المعدن في نقاء . .

ذلك مثل الحق والباطل في هذه الحياة . فالباطل يطفو ويعلو وينتفخ ويبدو رابياً طافياً ولكنه بعدُ زبد أو خبث ، ما يلبث أن يذهب جفاء مطروحاً لا حقيقة له ولا تماسك فيه .

والحق يظل هادئاً ساكناً . وربما يحسبه بعضهم قد

انزوى أو غار أو ضاع أو مات . ولكنه هو الباقي في الأرض كالماء المحيي والمعدن الصريح ، ينفع الناس .

ورغم هذه الحقيقة التي كلما تذكرها أهل الخير و دعاة الحق و تجلت لهم غمرهم التفاؤل بنصر قريب للحق إلا أن هناك حقيقة أخرى ينبغي أن لا تغيب عن أذهانهم ألا و هي أن الصراع بين الحق و الباطل باقٍ إلى قيام الساعة فالزبد لا يكون جفاءً إلا إذا قذفه السيل بقوة تبدد تراكمه و تمحق وجوده والذهب لا يلمع بريقه و يظهر جماله و تزال الأوساخ العالقة به حتى يصلى بالنار المحرقة و كذلك الحق لا يزال في صراع مرير مع الباطل و أهله ، يصطلي أهل الحق بناره ولكن الدولة والغلبة في نهاية المطاف للحق و أهله قال تعالى : { وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ } البقرة 251

قال ابن عطية رحمه الله : أخبر الله تعالى في هذه الآية أنه لولا دفعه بالمؤمنين في صدور الكفرة على مر الدهر { لفسدت الأرض } ، لأن الكفر كان يطبقها ويتمادى في جميع أقطارها ، ولكنه تعالى لا يخلي الزمان من قائم بحق ، وداع إلى الله ومقاتل عليه ، إلى أن جعل ذلك في أمة محمد صلى الله عليه وسلم إلى قيام الساعة ، فله الحمد كثيراً .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الثامنة والأربعون بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: *سيل الحق و زبد الباطل

    لقد كادت الحياة كلها تأسن وتتعفن لولا دفع الله الناس بعضهم ببعض . ولولا أن في طبيعة الناس التي فطرهم الله عليها أن تتعارض مصالحهم واتجاهاتهم الظاهرية القريبة ، لتنطلق الطاقات كلها تتزاحم وتتغالب وتتدافع ، فتنفض عنها الكسل والخمول ، وتستجيش ما فيها من مكنونات مذخورة ، وتظل أبداً يقظة عاملة ، مستنبطة لذخائر الأرض مستخدمة قواها وأسرارها الدفينة . . وفي النهاية يكون الصلاح والخير والنماء . . يكون بقيام الجماعة الخيرة المهتدية المتجردة . تعرف الحق الذي بينه الله لها . وتعرف طريقها إليه واضحاً . وتعرف أنها مكلفة بدفع الباطل وإقرار الحق في الأرض . وتعرف أن لا نجاة لها من عذاب الله إلا أن تنهض بهذا الدور النبيل ، وإلا أن تحتمل في سبيله ما تحتمل في الأرض طاعة لله وابتغاء لرضاه . .

وهنا يمضي الله أمره ، وينفذ قدره ، ويجعل كلمة

الحق والخير والصلاح هي العليا ، ويجعل حصيلة

الصراع والتنافس والتدافع في يد القوة الخيرة البانية ، التي استجاش الصراع أنبل ما فيها وأكرمه . وأبلغها أقصى درجات الكمال المقدر لها في الحياة .

ومن هنا كانت الفئة القليلة المؤمنة الواثقة بالله تغلب في النهاية وتنتصر .

ذلك أنها تمثل إرادة الله العليا في دفع الفساد عن الأرض ، وتمكين الصلاح في الحياة . إنها تنتصر لأنها تمثل غاية عليا تستحق الانتصار

أخي الداعية المبارك بالتأمل في الآيتين السابقتين لعلنا نخلص إلى الحقائق التالية :

1/ اليقين بأن الباطل مهما ارتفع فهو إلى انخفاض و

 مهما انتفش فهو إلى زوال و أن النصر و التمكين للحق و الخير و أن دولة الباطل ساعة و دولة الحق إلى قيام الساعة .

2/ أن ارتفاع الباطل و علوه وزهو أهله بذلك إنما هو ابتلاء من الله لأهل الخير و الإيمان

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة التاسعة والأربعون بعد الثلاثمائة في

موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: *سيل الحق و زبد الباطل

و في ذلك الابتلاء فوائد جليلة منها :

أ/ اختبار إيمانهم و صبرهم و ثباتهم على الحق و صدعهم به و مجالدتهم لأهل الباطل .

ب/ ليعلي الله بذلك ذكرهم في الدنيا و يرفع درجاتهم

 في الآخرة .

ج/ ليتداعى أهل الحق لنصرته والذود عن حياضه فيحدث لهم ذلك نشاطاً و يودعوا حياة الدعة و السكون و ينتشلهم ذلك من الكسل و التواني إلى حياة البذل و العطاء و ذلك و الله من أعظم المنافع و كم من بلية أحدثت في الأمة حياة .

د/ أن صراع الباطل للحق يكسب الحق و أهلة قوة ومناعة في مواجهة الباطل في جولاته القادمة

3/ ينبغي للحق أن يكون هو الذي يدير الصراع مع الباطل فالسيل يحمل الزبد و يدفعه بقوة فيبدده و النار التي توقد لتستخلص الذهب أول ما تحرق الأوساخ التي تغطيه و إن أرهق السيل كثرة الزبد لكنه يملك من القوة و النشاط ما يحيله هباءً وإن آلم الذهب حر النار فإنه يملك من القوة و الصلابة ما يجعله ثابت يبصر فتات الأوساخ تتطاير عنه و هكذا ينبغي أن يكون دعاة الحق يصبرون و يتحملون ويجالدون و في داخلهم من القوة و الثبات ما يجعل الباطل يتساقط أشبه ما يكون بأوساخ الذهب و زبد السيل .

4/ أن صراع الحق للباطل دليل على قوة الحق فالسيل الضعيف لا يحمل زبداً إنما يحمله السيل القوي الجارف المتدفق و كذلك الحق يتصارع مع الباطل و لكنه ما يلبث أن يصرعه قال تعالى : { بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ } الأنبياء: 18 يقول سيد رحمه الله : فكأنما الحق قذيفة . يقذف بها على الباطل ، فيشق دماغه! فإذا هو زاهق هالك ذاهب ... هذه هي السنة المقررة ، فالحق أصيل في طبيعة الكون . والباطل منفي عن خلقة هذا الكون أصلاً ، طارئ لا أصالة فيه ، ولا سلطان له ، يطارده الله ، ويقذف عليه بالحق فيدمغه . ولا بقاء لشيء يطارده الله؛ ... ولقد يخيل للناس أحياناً أن واقع الحياة يخالف هذه الحقيقة التي يقررها العليم الخبير . وذلك في الفترات التي يبدو فيها الباطل منتفشاً كأنه غالب ، ويبدو فيها الحق منزوياً كأنه مغلوب . وإن هي إلا فترة من الزمان ، يمد الله فيها ما يشاء ، للفتنة والابتلاء . ثم تجري السنة الأزلية الباقية ... : { بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق } والله يفعل ما يريد

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الخمسون بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي

 بعنوان: *سيل الحق و زبد الباطل

5/ أن الحق محبوب تأنس به النفوس و تميل إليه القلوب و تنجذب نحوه الأفئدة و تبحث عنه أشبه ما يكون بالسيل الذي تفرح به كل المخلوقات و الذهب الذي زين للناس حبه أما الباطل فمبغوضٌ مكروهٌ تنفر منه النفوس أشبه ما يكون بالزبد و أوساخ الذهب فمن يفرح بها و هذا رصيد قوي لدعاة الخير و أرباب الصلاح فالنفوس قد فُطرت على حب الخير و بغض الباطل فعليهم أن يجتهدوا في بيان الحق و تجلية الباطل .

6/ أن الحق قوته و جاذبيته في ذاته فتجليته للناس

 و بيانه على حقيقته يجعل النفوس تنجذب إليه فهو لا يحتاج إلى كبير تزيين كيف و هو زينة أشبه ما يكون بالذهب . و الباطل ضعفه في ذاته فهو لا يروج على الناس إلا بالتلبيس و التزيين و تزييف المسميات فينخدع به الناس و لو ظهر للناس بصورته الحقيقية لانجفل عنه الناس و فروا منه فرارهم من المجذوم فمن يشتري الزبد أو يرغب في الأوساخ و من هنا فالتبعة على دعاة الخير عظيمة جداً في تجلية الحق و بيانه للناس و تجلية الباطل و إظهاره للناس بقبحه الذاتي و عندها ستكون الدولة للحق فأما الزبد فيذهب جفاء و أما ما ينفع الناس

 فيمكث في الأرض .

7/ اليقين التام بأن النصر و الغلبة لأهل الحق و دين الإسلام مهما طال ليل الباطل فنور الحق قادم يقشع ظلمته فعلى الدعاة أن يكونوا على ثقة تامة بذلك و لكون مطيتهم في كل أحوالهم التفاؤل بالغلبة و التمكين و سلاحهم الصبر و التقوى { وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ } آل عمران : 120

أخي الداعية هاهو الزبد يعلو و الشر يرفع عقيرته و الأعداء بجميع فئاتهم يرمون الإسلام عن قوس واحدة ينوعون الأساليب و الخطط لحرب الإسلام واجتثاثه من الأرض مصداقاً لقول الله تعالى : { يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ }التوبة 32

و العجيب في ذلك كله هو جلد الفاجر وعجز التقي وصدق أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فيما روي عنه أنه قال : اللهم إني أشكو إليك جلَدَ الفاجر وضعف التقي .

أخي الداعية المبارك أمتك و دينك في أمس الحاجة إلى جلدك و جهدك و كدحك ليدحر الله بك الباطل و يتم الله بك نور الهدى فكن سيل حق يبدد زبد الباطل و كن مشعل نورٍ يقشع سواد ليل دامس يزهق الله به الباطل و يطمس بنوره الظلمات .[الأنترنت – موقع صيد الفوائد - سيل الحق و زبد الباطل - شائع بن محمد الغبيشي]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الواحدة والخمسون بعد الثلاثمائة في

 موضوع (الحق) وهي بعنوان:* الحق قديم  

الحق قديم ولا يؤثر في قدمه احتجابه .. وقديماً قالوا: «العود أحمد»، وفي خطاب عمر إلى أبي موسى -رضي الله عنهما- يوصيه بالتراجع عن الخطأ عندما يلوح له الصواب، فيقول: "ولا يمنعك قضاء قضيت فيه اليوم فراجعت فيه رأيك فهديت فيه لرشدك أن تراجع فيه الحق، فإن الحق قديم لا يبطله شيء، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل".

قال السرخسي -رحمه الله- معقباً على كلام الفاروق –رضي الله عنه-: "وليس هذا في القاضي خاصة، بل هو في كل من يبين لغيره شيئا من أمور الدين، الواعظ والمفتي والقاضي في ذلك سواء، إذا تبين له أنه زل فليُظهر رجوعه عن ذلك، فزلة العالم سبب لفتنة الناس .. وقوله: «الحق قديم»؛ يعنى هو الأصل المطلوب، ولأنه لا تنكتم زلة من زل، بل تظهر لا

 محالة، فإذا كان هو الذي يظهر على نفسه كان أحسن حالاً" [ المبسوط : 16 / 62 ] .

وقال أمير المؤمنين علي -رضي الله عنه-: "الحق قديم

لا يخلق، وإن لكم في الحق سعة، ومن ضاق عنه

الحق فالباطل عنه أضيق".

وقال بعض أهل العلم: "إن الشريعة ثابتة، لكن الفقه اجتهادي، ولذا كان للشافعي قولان، وغيّر تلاميذ أبي حنيفة ثلثي مذهب إمامهم، وتعددت الروايات عن الإمام أحمد في المسألة الواحدة، ولم يكونوا يخرجون بذلك عن كلمة عمر الشهيرة «ذاك على ما قضينا، وهذا على ما نقضي» وقوله لأبي موسى: «ولا يمنعنك قضاء قضيته بالأمس ثم هديت فيه إلى رشدك أن تراجع الحق، فإن الحق قديم»، وجاء رجل للإمام أحمد بكتاب قال: سميته «اختلاف العلماء»، فقال له الإمام أحمد: لا تسمه اختلاف العلماء، سمه: «كتاب

 السعة»".

ليس من أخطأ الصواب بمخط … أن يؤب لا ولا عليه ملامة

إنما المخطئ المسيء إذا ما … ظهر الحق لجّ يحمي كلامه

حسنات الرجوع تذهب عنه … سيئات الخطا وتنفي الملامة

إن الأوبة إلى الحق سلوك نبيل، وفضيلة لا تدانيها فضيلة .. تجرد عن الهوى، وإذعان للحق،

وقبوله للصواب ممن كان صغيراً أو كبيراً؛ فإن الحق

 أكبر من كل الناس، والحق أكبر من كل كبير.

والمسلم الحق عادلا في أقواله وأفعاله؛ لأن الحق قديم في تراثه، والعدل عريق في مجتمعه، والإنصاف مقدس في معتقده.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الثانية والخمسون بعد الثلاثمائة في

 موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:* الحق قديم  

وما إصرار المخطئ على خطئه بعد قيام الحجة عليه،

 ووضوح المحجّة بين يديه، إلا ضرب من ضروب المكابرة، لا يصير إليها إلا مخذول أخذته العزّة بالإثم، فآثر العاجل على الآجل، وهذا حال علماء السوء الذين ابتليت بهم الأمّة قديماً وحديثاً، ولهؤلاء خطر داهمٌ تتعيّن مقابلته بالنكير والتحذير.

روى مسلم في صحيحه عن حذيفة بن اليمان -رضي

الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي، ولا يستنون بسنتي، وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس).

وروى أحمد وغيره بإسناد حسن عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه قال لكعب: إني أسألك عن أمر فلا تكتمني. قال: والله لا أكتمك شيئاً أعلمه. قال: ما أخوف شيءٍ تخافه على أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- ؟ قال: أئمة مضلون. قال عمر: صدقت، قد أسر ذلك إليَّ وأعلمنيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

وقال عبد الله بن المبارك -رحِمَه الله-:

وهل أفسد الدين إلا ****** الملوك وأحبار سوء ورهبانها

ومثل (أحبار/علماء) السوء كما روي عن المسيح عليه السلام: كمثل صخرة وقعت في فم النهر، لا هي تشرب ولا هي تترك الماء يخلص إلى الزرع، أو كمثل قناة الحُش ظاهرها جص وباطنها نتن، أو مثل القبور ظاهرها عامر وباطنها عظام. [إحياء علوم الدين: 1/74].

    يقول الشوكاني -رحمه الله-: "من آفات التعصب الماحقة لبركة العلم أن يكون طالب العلم قد قال بقول في مسألة كما يصدر ممن يفتي أو يصنف يناظر غيره ويشتهر ذلك القول عليه؛ فإنه يصعب عليه الرجوع إلى ما يخالفه وإن علم أنه الحق، وتبين له فساد ما قاله، ولا سبب لهذا الاستصعاب إلا تأثير الدنيا على الدين؛ فإنه قد يسول له الشيطان أو قد تسول له نفسه الأمارة بالسوء، أن ذلك ينقصه ويحط من رتبته، ويخدش في تحقيقه ويغض من رئاسته، وهذا تخيل مختل وتسويل باطل؛ فإن الرجوع للحق يوجب له من النبالة والجلالة وحسن الثناء ما لا يكون في التصميم على الباطل، بل ليس في التصميم على الباطل إلا محض النقص والإزراء بصاحبه، والاستصغار لشأنه؛ فإن منهج الحق واضح كالمنار يفهمه أهل العلم ويعرفون براهينه، وقد قال أهل العلم في ذلك مقالات كثيرة، ومن شأن الصحابة في مشورتهم، وقصة عمر -رضي الله عنه- في المرأة التي ماتت وتركت زوجاً وأماً وأخوة لأم وأخوة أشقاء في الميراث، فقضى للأم بالثلث فاحتج عليه الإخوة الأشقاء، وقالوا: إن الأخوة من الأم ورثوا لأمهم وهي أمنا، وهب أن أبانا كان حماراً أو كان حجراً ملقاً في اليم أي كأنه ما كان، فما كان من عمر إلا أن أشرك بينهم، فقيل له قد قضيت في أول العام بخلاف هذا، فقال: «ذاك على ما قضينا، وهذا على ما نقضي».

وعن يزيد بن عميرة قال: كان معاذُ لا يجلس مجلساً للذكر إلاَّ قال: الله حَكَمٌ قِسْطٌ، هلَكَ الْمُرتابون، إنَّ مِنْ ورائكم فِتَناً يَكثرُ فيها المالُ، ويُفتحُ فيها القرآنُ، حتى يَأخُذَهُ المؤمنُ والمنافقُ، والرَّجلُ والمرأةُ، والصغيرُ والكبيرُ، والعبدُ والْحُرُّ، فيوشِكُ قائلٌ أنْ يقول: ما للناس لا يَتَّبعونِي وقدْ قرأتُ القرآنَ، ما هُمْ بمُتَّبِعيَّ حتَّى أبتدعَ لَهم غيرَهُ، فإيَّاكم وما ابتُدعَ فإنَّ ما ابتُدع ضلالةٌ، وأُحذِّركم زَيْغَةَ الحكيمِ، فإنَّ الشيطانَ قد يقولُ كلمةَ الضلالةِ على لسان الحكيم، وقد يقولُ المنافقُ كلمةَ الحقِّ، قالَ: قلتُ لمعاذ: ما يُدرينِي رحمكَ الله أنَّ الحكيمَ قد يقولُ كلمةَ الضلالةِ، وأنَّ المنافقَ قدْ يقولُ كلمةَ الحقِّ، قال: بلى، اجتنب مِنْ كلام الحكيمِ المشتبهاتِ التي يُقالُ لها: ما هذه [يعني: أنك تستنكرها]، ولا يَثْنِينَّكَ ذلكَ عنه، فإنه لعلَّه أنْ

 يُراجع، وتلَّقَ الحقَّ إذا سمعته، فإنَّ على الحقِّ نوراً

[الأنترنت – موقع صيد الفوائد - الحق قديم - د. خالد سعد النجار]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الثالثة والخمسون بعد الثلاثمائة في

 موضوع (الحق) وهي بعنوان:

*الفتن في صراع الحق والباطل

الصراع بين الحق والباطل ليس وليد اليوم، بل هو ممتد في عمق التاريخ مقارن لخلق آدم عليه السلام أبي البشرية، فقد حسده إبليس وتوعّد أن يفتنه وذريته فقال فيما حكاه عنه رب العزة: {فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص: 82].. وقد اتخذ الصراع على مدار التاريخ صوراً وأشكالاً متعددة ولم يقتصر على الصراع الفردي بين أفراد وجماعات محدودة، بل تجاوزه إلى الصراع الدولي؛ فنشبت الحروب والمعارك الطاحنة بين الدول على مدار التاريخ، وكان أهل الباطل دوماً يوقدون نار الحرب لإطفاء جذوة الحق عند الناس. والصراع بين الحق والباطل، سواء الفردي أو الدولي، تترتب عليه فتن كثيرة تموج كموج البحر، يحتاج المسلم لأن يكون له موقف واضح كي يُعصم من شرورها ومضلاتها التي تصيب الأفراد والمجتمعات.

ومن خطورة الفتن التي تقع أنها لا تقتصر على أطرافها، إنما تتعداهم إلى غيرهم إذا لم يقوموا بواجبهم تجاهها كما في قوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: 25]، قال ابن عباس: «أمر الله المؤمنين أن لا يقروا المنكر بين أظهرهم، فيعمهم الله بالعذاب»، وقال ابن كثير: «يحذر تعالى عباده المؤمنين «فتنة» أي: اختباراً ومحنة، يعم بها المسيء وغيره، لا يخص بها أهل المعاصي ولا من باشر الذنب، بل يعمهما، حيث لم تدفع وترفع»، فكان التقصير في رد الفتنة وقمعها عند أول ظهورها أن تستفحل وتكون سبباً فيما يصيب المتقاعسين عن وأدها أول ظهورها وانتشارها في وصول الفتنة لهم وإصابتها لهم، والمنكر والإساءة كما يكون من الأفراد يكون أيضاً من الحكام ومن الدول.

والفتنة لها معانٍ عدة، فمن ذلك الاختبار والابتلاء

والامتحان والمحنة والاختلاف والضلالة والشرك.

والصراع بين الحق والباطل مظنة وجود الخلاف والشقاق والافتراق بين الناس مما يترتب عليه

كثير من الفتن، قال ابن عاشور: «وحاصل معنى

الفتنة يرجع إلى اضطراب الآراء، واختلال السير، وحلول الخوف والحذر في نفوس الناس).. ومن الفتن التي تحدث أثناء صراع الحق والباطل، سواء على المستوي الفردي أو الدولي:

- اختلاف الناس في تقويم طبيعة الصراع وأطرافه؛ فمنهم من يضع الصراع وأطرافه في غير إطاره الصحيح ويصفه بأوصاف مغايرة للحقيقة جهلاً أو تقصيراً أو إحسان ظن، ما يزيد في التنازع والشجار، كما كان من ذلك فيما مضى ما ذكره الله تعالى في اختلاف الصحابة فيمن رجع من الغزو، وذلك في قوله تعالى: {فَمَا لَكُمْ فِي الْـمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُوا} [النساء: ٨٨]، إذ عندما خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى جبل أحد في الغزوة التي عُرفت بغزوة أحد ومعه أصحابه، رجعت طائفة ممن كان معه، فكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيمن رجع فرقتين؛ فرقة تقول: «نقتلهم»، وفرقة تقول: «لا»، فنزلت هذه الآية: {فَمَا لَكُمْ فِي الْـمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُوا}؛ فهذا الاختلاف في التصرف الذي يراوح بين القتل وعدمه ناتجٌ عن الاختلاف في تقدير المواقف في الصراع، ولولا التربية الحسنة لهذا الجيل التي ربّاهم عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، لتحول الاختلاف في تقدير المواقف في صراع الحق والباطل إلى صراع داخل الصف المسلم نفسه، وتتحول المسألة من صراع بين الحق والباطل إلى صراع بين أطياف أو أجنحة صف الحق؛ لذلك لا ينبغي - مهما ادلهمت الأمور - أن يتحول الاختلاف في تقدير أطراف الصراع إلى صراع بين المسلمين أنفسهم، بل ينبغي أن يتفهّم بعضهم مواقف بعض ودوافعها ويعذر بعضهم بعضاً، ونظراً لأن هذا الموقف ليس موقفاً وحيداً بل هو موقف قابل للتكرار؛

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الرابعة والخمسون بعد الثلاثمائة في

 موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: *الفتن في صراع الحق والباطل

 فينبغي تربية المسلمين التربية الحسنة كي تبقى هذه الأمور في إطارها ولا تتجاوزه إلى تفتيت الصف المسلم الذي يؤذن بضعفه وربما بخسارة المواجهة مع الباطل، ومن ثم جاءت الوصية الربانية: {وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 46]؛ لأن التنازع يجلب الفشل، وهو الضعف والجبن وذهاب الريح أي القوة والبأس، ما يترتب عليه الضعف والوهن والخلل، وقد زوّدوا بما يعينهم على ذلك وهو الصبر: الصبر في مواطن اللقاء والصبر عند الاختلاف بحيث لا يعتدي المختلفون من المسلمين على بعضهم البعض وينعت بعضهم بعضاً بأوصاف قادحة في الدين والإيمان، ما يفرق صفهم ويطمّع فيهم أعداءهم، لا سيما أن هناك من الناس من تغلب عليه معاملة الناس على ظن الخير بهم، فيسمع لهم ولا ينتبه لكونهم معادين للحق، وقد بيّن ذلك ربنا في قوله عن المنافقين: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إلَّا خَبَالًا وَلأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ}  ثم عقّب بقوله: {وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ} [التوبة: 47]، أي: مطيعون لهم ومستحسنون لحديثهم وكلامهم، يستنصحونهم وإن كانوا لا يعلمون حالهم، فيؤدي هذا إلى وقوع شر بين المؤمنين وفساد كبير، قال الرازي في تفسير الآية المتقدمة: «ومعنى الفتنة ها هنا افتراق الكلمة وظهور التشويش، واعلم أن حاصل الكلام هو أنهم لو خرجوا فيهم ما زادوهم إلا خبالاً، والخبال هو الإفساد الذي يوجب اختلاف الرأي، وهو من أعظم الأمور التي يجب الاحتراز عنها في الحروب؛ لأن عند حصول الاختلاف في الرأي يحصل الانهزام

والانكسار على أسهل الوجوه»

والفتن نفسها تكون معلماً في التمييز بين الصادق والكاذب في دعواه الإيمان بحسب موقفه منها، كما قال تعالى: «أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون، ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين»، والفتنة هنا الابتلاء والاختبار.

- ومن الفتنة «بمعنى الابتلاء والاختبار» الدعوة إلى مواجهة الباطل ومجاهدة أهله، ولذلك عندما أريد من الكاذبين في دعواهم الإيمان مواجهة أهل الباطل تقاعسوا عن الاستجابة، وذكر القرآن مقالهم في ذلك: {وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ ائْذَن لِّي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا} [التوبة: 49]؛ ففي التقاعس عن مواجهة الباطل تحت زعم عدم الوقوع في الفتنة المترتبة على المواجهة أعظمُ الفتنة،وكانت مواجهة الباطل والتصدي

له رغم ما فيه من ابتلاء أعظم سبل النجاةمن الفتن.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الخامسة والخمسون بعد الثلاثمائة في

 موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: *الفتن في صراع الحق والباطل

ومواقف المنافقين أثناء صراع الحق مع الباطل من أكثر ما يثير الاختلاف والتنازع بين المسلمين، حيث يسارع الكثيرون منهم لعقد صفقات الموالاة مع المجرمين والطغاة كي تكون طوق نجاة لهم متى تعرض الصف المسلم لهزة كما ذكر الله ذلك في قوله: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ} [المائدة: 52]، وقد بيَّنت الآية علة هذه المسارعة بقولهم فيما حكاه عنهم ربنا العلي القدير: {يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ} [المائدة: 52]؛ لذلك وضَّحت النصوص من الكتاب والسنة صفات وعلامات المنافقين حتى لا يخفى أمرهم على الصالحين وحتى لا يقوموا بالإفساد من داخل الصف، وقد قال الله تعالى مخاطباً رسوله الكريم محمداً صلى الله عليه وسلم: {وَلَوْ نَشَاءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَـحْنِ الْقَوْلِ} [محمد: 30]، قال ابن كثير: {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَـحْنِ الْقَوْلِ} أي: فيما يبدو من كلامهم الدال على مقاصدهم، حيث يظهر من أي الحزبين هو بمعرفة معاني كلامه وفحواه، وهو المراد من لحن القول، كما قال أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه: ما أسر أحد سريرة إلا أبداها الله على صفحات وجهه، وفلتات لسانه. وفي الحديث: «ما أسر أحد سريرة إلا كساه الله جلبابها؛ إن خيراً فخير، وإن شراً فشر».

ومما يدل على إمكانية معرفة المنافقين في الواقع قوله

 تعالى: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: 84]، وقوله: {فَقُل لَّن تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَن تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا} [التوبة: 83]؛ فتحقيق هذا الأمر لا

 يمكن حدوثه إلا مع إمكان معرفة المنافقين بأعيانهم.

وعلى المسلم أن يكون ذا بصيرة ورؤية حتى لا يخدع بكلام المنافقين وادّعاءاتهم الكاذبة التي لها دائماً آثار تخريبية وهادمة للبناء الإيماني والاجتماعي، خاصة في ظروف الصراع بين الحق والباطل؛ فهم يبطنون غير ما يُظهرون، ويُظهرون الجانب الحسن الذي يحبه الناس بينما يبطنون خلافه كما حكى الله عنهم في غير موضع من كتابه، قال الله تعالى: {وَإذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} [البقرة: ١١]، {وَإذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ} [البقرة: 13]، فهم يدَّعون أشياء لا حقيقة لها عندهم، بل الحقيقة مناقضة لما يدَّعون، فهم مفسدون في الأرض غير مؤمنين، والمؤمن الحقيقي هو من لا ينخدع بمظاهرهم الكاذبة كما قال تعالى: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إلَّا أَنفُسَهُمْ} [البقرة: ٩]، فلا ينخدع بهم المؤمن وإنما يخدعون أنفسهم فقط.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة السادسة والخمسون بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: *الفتن في صراع الحق والباطل

وليس كل اختلاف يقع بين المسلمين يُقال عنه فتنة يجب اعتزاله والبُعد عنه، خاصة في صراع الحق والباطل، فالفتنة التي يجب اعتزالها وعدم السعي فيها، بل اعتزالها والبُعد عنها ما أمكن؛ هي الفتنة التي يختلط فيها الأمر حتى لا يُقدر على معرفة المحق من المبطل، فهذه التي ينبغي اعتزالها، قال ابن حجر: «والمراد بالفتنة ما ينشأ عن الاختلاف في طلب الملك، حيث لا يعلم المحق من المبطل».. أما إذا ظهر الحق والباطل وعُرف الجانب الذي معه الحق والجانب الذي يتمسك بالباطل؛ لم تصبح فتنة، بل صراع بين الحق والباطل، والواجب على كل مسلم في هذه الحالة أن يكون في صف الحق وأهله ومناصرته والتجافي عن الباطل وحزبه والسعي في إزهاقه وبذل كل ما يقدر عليه في سبيل تحقيق ذلك، قال ابن حجر: «والصواب أن يقال إن الفتنة أصلها الابتلاء وإنكار المنكر واجب على كل من قدر عليه، فمن أعان المحق أصاب، ومن أعان المخطئ أخطأ، وإن أشكل الأمر فهي الحالة التي ورد النهي عن القتال فيها»، ولو اعتزل الناس كل صراع بدعوى الفتنة لما أقيم حق ولا أزهق باطل؛ نقل القرطبي وابن حجر والشوكاني وغيرهم عن الطبري قوله: «لو كان الواجب في كل اختلاف يقع بين المسلمين الهرب منه بلزوم المنازل وكسر السيوف لما أقيم حد ولا أبطل باطل ولوجد أهل الفسوق سبيلاً إلى ارتكاب المحرمات من أخذ الأموال وسفك الدماء وسبي الحريم بأن يحاربوهم ويكف المسلمون أيديهم عنهم بأن يقولوا هذه فتنة وقد نهينا عن القتال فيها، وهذا مخالف للأمر بالأخذ على أيدي السفهاء»

- ومن الفتن التي يقع فيها كثير من أهل الحق أثناء

 صراع الحق والباطل يظنون أن كونهم على الحق يكون ضامناً لهم في تحقيق النصر دون سعي أو عمل، فيهملون في الاستعداد والعدة المأمور بها في قوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ} [الأنفال: 60]، ويكتفون فقط بالدعاء والتضرع إلى الله تعالى، ومع أن الدعاء عبادة وهو لازم لكل أحد يريد تحقيق مراده، إلا أن ترك الإعداد والاستعداد مخالفة تستوجب العقاب، فلا يجوز لأحد ترك ما يقدر عليه من الأسباب والاكتفاء بالدعاء؛ فإن ترك الأخذ بالأسباب معصية تحجب إجابة الدعاء، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر التضرع والدعاء لله يوم بدر ولم يمنعه ذلك من إعداد العدة التي يستطيعها، ولم يكتف بكونه رسول الله وأنه يدعو ربه.

- ومن الفتن التي يُبتلى الناس بها أثناء حالة الصراع بين الحق والباطل، اختلاف الناس في موقفهم ممن تكون له رؤية مخالفة لما يرون، حيث تجد منهم من يتجاوز الحدود في تعامله مع المخالف من الطعن في علمه أو صدقه وإخلاصه، ولا يعطيه ما له من الحقوق التي تكون للمسلم على أخيه المسلم، ما يكون سبباً قوياً في تمزيق الصف، وليس يعصم من ذلك إلا تقوى الله تعالى وخشيته سراً وإعلاناً، والتي تكون من نتيجة العلم الصحيح واتباع من هو

معروف بالعلم والتقوى.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة السابعة والخمسون بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: *الفتن في صراع الحق والباطل

- ومن الفتن الاختلاف والفرقة، وهي من أعظم الفتن في صراع الحق مع الباطل؛ لأن المفترض أن الصراع يوجب على أهل الحق التساند والتكاتف ليكونوا صفاً واحداً في مواجهة الباطل، والاختلاف والفرقة يضعف قوتهم ويوهن من عزمهم، ومن ثمَّ حذر القرآن من ذلك، فقال تعالى: {وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال: 46]، وأمرهم بالاعتصام بحبل الله جميعاً ونهاهم عن التفرق فقال: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: 103].

- ومن الفتن الامتناع عن الاشتراك مع أهل الحق في مدافعة أهل الباطل لوجود غبش في راية أهل الحق أو خطأ أو بدعة، وهذه المسألة قد يقبلها كثير من الناس ويتفاعلون معها، وهذا في أحيان ليست بالقليلة يكون من نتيجته إهمال أمر عظيم بدفع منكر كبير في مقابل عدم الوقوع في منكر أقل شأناً منه، وهذا مخالف للقاعدة الفقهية التي تقول باحتمال أدنى المفسدتين لدفع أعلاهما، وقد رأى من رأى من أهل العلم قتال الكفار ومجاهدتهم تحت راية إسلامية ليست نقية بل بها ضلالة وبدعة مراعاةً للقاعدة المتقدمة، وكما جاء في الأثر: الجهاد ماض مع كل بر وفاجر، قال السرخسي: «إن كان في بلاد الخوارج الذين أغار عليهم أهل الحرب قوم من أهل العدل لم يسعهم إلا أن يقاتلوا عن بيضة المسلمين وحريمهم لأن الخوارج مسلمون ففي القتال معهم إعزاز الدين، ولأنهم بهذا القتال يدفعون أهل الحرب عن المسلمين، ودفع أهل الحرب عن المسلمين واجب على كل من يقدر عليه، فلهذا لا يسعهم إلا أن يقاتلوهم»

. وممن أفتى بجواز قتال الكفار تحت راية بدعية الفقيه

 المالكي أبو الفضل عباس بن عيسى بن العباس الممسي، ومعه كثيرون من فقهاء القيروان، وقد قاتل بنفسه بني عبيد الزنادقة تحت راية أبي يزيد الخارجي ، واستشهد في 85 رجلاً كلهم خير فاضل، و«كان يرى أن الخروج مع أبي يزيد الخارجي وقطع دولة بني عبيد فرض لازم؛ لأن الخوارج أهل القبلة لا يزول عنهم اسم الإسلام ويورثون ويرثون، وبنو عبيد ليسوا كذلك لأنهم مجوس زال عنهم اسم الإسلام فلا يتوارث معهم ولا ينسب إليهم»، فإذا كان هذا في مشاركة الخوارج في دفع أهل الكفر والشرك، وبدعة الخوارج بدعة مغلظة؛ فمن باب أولى تجوز مشاركة من لم تبلغ بدعتهم أو خطأهم مبلغ الخوارج في دفع أهل الشرك والشرور، ولو كان أهل العدل تحت راية أهل البدعة.

[الأنترنت – موقع مجلة البيان - الفتن في صراع الحق والباطل - . محمد بن شاكر الشريف]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الثامنة والخمسون بعد الثلاثمائة في

 موضوع (الحق) وهي بعنوان:

* القرآن وصراع الحق والباطل

المتتبع لآيات القرآن الكريم لا يعجزه أن يقف على

 حقيقة مفادها أن الصراع بين الحق والباطل هو سنة أقام الله عليها هذه الحياة، وأن الحياة لا يمكن أن يسودها الخير المطلق، بحيث تخلو من الشر، وبالمقابل لا يمكن أن تعاني من الشر المطلق بحيث لا يكون فيها قائم بالحق تعددت التفسيرات البشرية لحركة التاريخ الإنساني، فالبعض -ماركس- يراها بأنها صراع بين الطبقات، والبعض الآخر -همنغتون- يراها بأنها صراع بين الحضارات، وآخرون -داروين- يفسرون حركة التاريخ بأنه صراع من أجل البقاء، في حين أن التفسير القرآني يقرر أن حركة التاريخ لا يحكمها أي تفسير من التفسيرات المتقدمة، وإنما يحكمها صراع الحق والباطل.   سنة كونية : المتتبع لآيات القرآن الكريم لا يعجزه أن يقف على حقيقة مفادها أن الصراع بين الحق والباطل هو سنة أقام الله عليها هذه الحياة، وأن الحياة لا يمكن أن يسودها الخير المطلق، بحيث تخلو من الشر، وبالمقابل لا يمكن أن تعاني من الشر المطلق بحيث لا يكون فيها قائم بالحق.   والآيات التي تؤكد هذه الحقيقة كثيرة لا يسعف المقام بذكرها، لكن نذكر بعضاً منها لإثبات ما نسعى لإثباته. من تلك الآيات التي تقرر هذه الحقيقة قوله تعالى: {كذلك يضرب الله الحق والباطل} (الرعد:17)، وقوله سبحانه: {ويجادل الذين كفروا بالباطل ليدحضوا به الحق} (الإسراء:56)، وقوله عز وجل: {ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم} (محمد:3)، فهذه الآيات - وغيرها ليس بالقليل - تبين حقيقة مسار التاريخ، وأنه صراع بين الحق والباطل، وتصارع بين الخير والشر. ولا تخفى في هذا المقام دلالة تسمية القرآن بـ {الفرقان} (الفرقان:1)؛ لما فيه من فارق بين الحق والباطل، والهدى والضلال، ولما فيه من تفرقة بين نهج السماء ونهج الأرض، وبين تشريع البشر وتشريع رب البشر.   وهذه السنة التي أقام الله عليها الحياة، تندرج في المحصلة في سنة الابتلاء التي خلق الله العباد لأجلها، {الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا} (الملك:2)، فمن وقف في جانب الحق مدافعاً عنه ومنافحاً، يكون قد عمل عملاً حسناً، وهدي إلى سواء السبيل. ومن وقف في جانب الباطل، ونافح عنه ودافع، يكون قد عمل عملاً سيئاً، وضل سواء السبيل.   وقد أكد أهل العلم هذه الحقيقة، وأقاموا الدليل عليها من القرآن والتاريخ؛ ونحن هنا نجتزئ شيئاً من أقوالهم في هذا الصدد. يقرر الشيخ محمد عبده أن المصارعة بين الحق والباطل "سنة من سنن الاجتماع البشري". ويقرر سيد قطب هذه الحقيقة أيضاً، حيث يعتبر أن المعركة "لا تفتر بين الحق والباطل، وبين الإسلام والجاهلية، وبين الشريعة والطاغوت، وبين الهدى والضلال". ونحو هذا، يقرر الشيخ ابن عاشور أن "المصارعة بين الحق والباطل شأن قديم، وهي من النواميس التي جُبِلَ عليها النظام البشري". 

 العاقبة للحق: فإذا ثبتت حقيقة الصراع بين الحق والباطل وبناء مسار التاريخ عليها، فجدير بنا أن نثبت حقيقة مرتبة عليها، وهي أن الحق هو المنتصر في النهاية، وأن الباطل وإن حقق انتصارات هنا وهناك، فإنها انتصارات آنية واهية، وليست بانتصارات حقيقية واقعية.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة التاسعة والخمسون بعد الثلاثمائة في

 موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: * القرآن وصراع الحق والباطل

 يخبرنا القرآن حول هذه الحقيقة في آيات كثيرة، تبين

 أن النصر دوماً في جانب الطرف الذي يدافع عن الحق، وأن الهزيمة في النهاية واقعة في جانب الطرف المدافع عن الباطل. نجد هذا المعنى في قوله سبحانه: {فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون} (الأعراف:118)، وقوله عز وجل: {ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون} (الأنفال:8)، وقوله تعالى: {وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا} (الإسراء:81)، وقوله عز من قائل: {بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق} (الأنبياء:18)، وقوله سبحانه: {قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد} (سبأ:49)، وأخيراً لا آخراً قوله تعالى: {ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته} (الشورى:24). 

 نماذج قرآنية: إن الصراع بين الحق والباطل قد

وقعت منذ فجرالتاريخ، ومنذ أن وُجد الإنسان في هذه الحياة، والصراع بين هابيل وقابيل ليس بخاف على أحد، وهو يمثل صورة أولى من صور هذا الصراع بين الحق والباطل.

وأن أهل الحق يغلبون أهل الباطل وينصرون عليهم بالصبر والثبات على الحق، وبالأخذ بأسباب النصر.   وقد قصَّ القرآن علينا كثيراً من القصص التي تبين أن العاقبة للحق، وأن الباطل مهما تطاول وبغى وطغى

 فإنه إلى زوال لا بد صائر.

نستحضر في هذا المقام مثالين فقط لبيان المقصود. 

 الأول: الصراع بين موسى عليه السلام الداعي إلى

 الحق وإلى طريق مستقيم، وبين فرعون الطاغي والمتجبر، والمدعي لنفسه الألوهية والربوبية، {ما علمت لكم من إله غيري} (القصص:38)، والمفاخر بنفسه أنه المتفرد بمعرفة طريق الحق والصواب، {ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد} (غافر:29)، والمخوف لقومه من موسى أن يفتنهم عن دينه، {إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد} (غافر:26).

  لقد تحدث القرآن في سور عديدة عن صراع موسى وفرعون، بل صراع الحق والباطل، وصراع الكفر والإيمان، ولئن كان فرعون قد كسب بعض الجولات في هذا الصراع إلا أن الجولة النهائية كانت للحق على الباطل، وللإيمان على الكفر، وللعدل على الطغيان. وقد عبر القرآن عن هذه النتيجة في أكثر من آية، وبأساليب متنوعة، مقرراً حقيقة انتصار موسى على فرعون، من ذلك قوله تعالى: {فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون * فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين} (الأعراف:118-119)، وقوله سبحانه: {وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون} (الأعراف:137)، وقوله

عز وجل: {ونصرناهم فكانوا هم الغالبين} (الصافات:116). 

 إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الستون بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: * القرآن وصراع الحق والباطل          المثال الثاني: الصراع بين رسول الإسلام صلى الله

عليه وسلم وبين دعاة الجاهلية الأولى، وقد تمثل هذا الصراع في غزوة بدر الكبرى التي كانت العاقبة فيها للإسلام على الكفر، وللحق على الباطل.

وقد أخبر القرآن الكريم عن هذه المعركة ونتيجتها في مواضع من القرآن، من ذلك قوله تعالى: {ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة} (آل عمران:123)، وقوله تعالى: {ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين * ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون} (الأنفال:7-8). وقد سمى سبحانه هذه المعركة {يوم الفرقان} (الأنفال:41)؛ لأن تلك  معركة كانت فرقاناً بين الحق والباطل بهذا المدلول الشامل الواسع الدقيق العميق، كانت فرقاناً بين الحق والباطل على مستوى الأفراد وعلى مستوى الأمة؛ أما على مستوى الأفراد، فقد تميز الخبيث من الطيب، والمؤمن من الكافر، وطالبُ الحق من طالب الباطل. وأما على مستوى الأمة، فقد ظهرت دولة الحق، وهُزمت دولة الباطل، ورُفعت راية الإيمان، ونُكِّست راية الكفر، وامتازت دولة العدل والخير عن دولة الظلم والشر. 

 نماذج من التاريخ: والتاريخ القديم والحديث مليء بالأحداث الدالة على أن العاقبة لأصحاب الحق، وأن الدائرة عائدة على الواقفين إلى جانب الباطل.

من الأمثلة التاريخية نستحضر المثالين التاليين:   الأول: انتصار الشعب البوسني المسلم في وسط أوربا المسيحية على الرغم من المؤامرات التي حكيت ضد هذا الشعب من أجل إبادته وشطبه من خارطة الوجود، فقد كانت العاقبة في هذه المعركة لهذا الشعب المدافع عن حقه في الوجود والمدافع عن كرامته المراد لها الذل والهوان.

يقول أحد المؤرخين لهذا الحدث التاريخي واصفاً مرحلة من مراحل هذا الصراع: "لقد كنا فارغي الأيدي، وكانوا مسلحين حتى أضراسهم. وبعد ذلك دحرناهم مع شيطانيهم الفولاذية وتدريجياً من المدينة

وإلى الغابات التي ينتمون إليها.

كان نزاعاً حقيقاً بين الخير والشر، بين الإنسان والوحش. فربحت الروح...كل أوراق اللعبة العسكرية كانت لصالحهم، ولا واحدة لصالحنا، ورغم ذلك طأطؤوا رؤوسهم وغادروا". وقد نال هذا الشعب نهاية استقلاله، وبنى دولته، ودحر أعداءه.  

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الواحدة والستون بعد الثلاثمائة في

موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: * القرآن وصراع الحق والباطل         

المثال الثاني: المقاومة الفلسطينية في حرب غزة، فقد

نصر الله تلك المقاومة رغم القوة العسكرية الهائلة التي كان يتمتع بها أعداؤه، وحققت هذه المقاومة انتصارات لا يمكن أن تخضع للتحليل العلمي، وتستعصي عليه، بيد أن الله جعل النصر حليفها نهاية، لكونها صاحبة حق تدافع عنه، ولكون أعدائها أصحاب باطل ينافحون عنه، {قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب} (سبأ:48).  

ولاشك، فإن التاريخ غني بالأمثلة والعبر التي تؤكد

على أن المعركة بين الحق والباطل قائمة ومستمرة، وأن الله سبحانه يختار للدفاع عن هذا الحق من كان أهلاً للدفاع عنه، وأنه سبحانه يجعل العاقبة للحق في نهاية المطاف { بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق}[الأنبياء: 18]. 

 ظنون خاطئة: ثم ها هنا أمر جدير بالتنويه، وهو أن بعض ضعاف الإيمان يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية، فيحسبون أن الله يرضى عن الباطل فيملي له في غيه، ويقبل بالشر ويرخي له العِنان! أو يحسبون أن الله سبحانه لا يتدخل في المعركة بين الحق والباطل، فيدع للباطل أن يحطم الحق ولا يتدخل لنصرته! أو يحسبون أن هذا الباطل حق، وإلا فلِمَ تركه الله يغلب وينتصر؟! أو يحسبون أن من شأن الباطل أن يغلب الحق في المعركة، وأن ليس من شأن الحق أن ينتصر! ثم يدع المبطلين والمفسدين يتمادون في باطلهم، ويسارعون في إفسادهم، ويلجون في طغيانهم! وهذا كله وَهْم وباطل، وظن بالله غير الحق، والأمر ليس كذلك. وها هو ذا سبحانه يحسم الموقف فيقول: {قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق} (سبأ:26)، ويقول أيضاً: {فإذا جاء أمر الله قضي بالحق وخسر هنالك المبطلون} (غافر:78). ومن المفيد أن نختم حديثنا هنا بالقول: إن القرآن الكريم أشار إلى سُنَّة أخرى وثيقة الصلة بسُنَّة الصراع بين الحق والباطل، ألا وهي (سنة التدافع)، تلك السنة التي تقرر أنه سبحانه لا يُمكِّن للباطل في هذه الحياة ليستعبد الناس، ولا يفسح له المجال ليسخر عباد الله لخدمته وتحقيق مآربه، بل إنه سبحانه يقيم من أهل الحق من يقف في وجه الباطل، ويتصدى له في معاركه كافة، وهذه السُّنَّة هي المُعبَّر عنها بقوله سبحانه: {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين} (البقرة:251).

[الأنترنت – موقع القرآن وصراع الحق والباطل – طريق الإسلام]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الثانية والستون بعد الثلاثمائة في

موضوع (الحق) وهي بعنوان:

* اسم الله الحق( الحقائق الثمانية)

حلقة اليوم تنقسم إلى محاور رئيسية، المحور الأول هو “معنى الحق وماهو الفرق بين الحق والعدل”، والمحور الثاني “حقائق كبرى في حياتنا إذا حييت بها وأحسست بها إذن فأنت تحيا مع الحق وهم ثماني حقائق”، المحور الثالث “نماذج من عاشوا بالحق ولوعلى أنفسهم، المحور الرابع والأخير “الحق منتصر لامحالة”.

*معنى الحق والفرق بينه وبين العدل:

الحق نقيض لكلمة الباطل، وبضدها تعرف الأشياء، وهو ماتيقنت منه يقيناً دامغاً تاماً فثبت في

يقينك مئه بالمئه أنه موجود وأنه ثابت وأنه حقيقة…وبالتالي فإنه لابد أن يكون من أسماءه الحسنى (الحق) لأنه هو أول الحقائق، وأعظم الحقائق هي وجود الله تعالى، لأن أمره حق، ونهيه حق، وفعله حق. انظر إلى قوله تعالى: (قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي…)(يونس:35)، بمعنى إذا كان هو الحق، وقوله حق، ويهدي إلى الحق فكيف تبحث على الحق عند غيره، إذن الحقائق الكاملة في كتابه، وقوله، ووعوده، ولقائه، وجنته، وأن تكون مع الحق سبحانه وتعالى…

أصعب شئ في الحياة، أن تسير عكس اتجاه الكون، ويحدث تصادم، وإياكم أن تصطدموا بقوانين

 الكون، لأن الكون يسير بالحق، وأنت تسير بعكس الأتجاه، فالنتيجه أنك ستصطدم، فتتعب، وتموت، وتحيا تعيس، وتحيا بدون إستقرار، هذا الكلام كلام بديهي وعقلي. إذن ماهو الفرق بين الحق والعدل، العدل هو إعطاء كل ذي حق حقه، إذن فإن العدل هو تطبيق للحق، أي إن الحق قيمة والعدل تنفيذها، وإثباتاً لذلك تجده في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ…)(النحل:90)، ولكن الله تعالى سمى نفسه الحق، لأن الحق أعظم.

إذا تخيلنا أنه لم يكن في الكون اسم الله (الحق)، ما الذي كان سوف يحدث؟؟، ما الذي كان سيحدث للحياة؟؟، دعونا نتخيل أن هناك شخص ما يريد أن تشرق الشمس الآن…ويمنع المطر في بلد معين، لأنه غاضب منها… أو يمنع الهواء في بلد معين…قال تعالى على غرار ذلك: (وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ…)(المؤمنون:71)، الله سبحانه وتعالى هو الحق الذي لايفضل جنس عن جنس، ولا أمة على أمة، ولا بلد على بلد، ولا شعب على شعب، ولا لون على لون، ولا رجل على امرأه، كله بالحق، ولذلك انظروا إلى دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الجميل يقول فيه: (اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا أتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه)، لأن الحق صعب والشيطان دوره أن يغمي عليك الحق بمعنى أن يريك الباطل حق والحق باطل، وقد ذكر رسول الله في هذا الدعاء اللهم ارزقنا أتباعه، لأنه رزق، لأنك ممكن ان ترى الحق ولا تتبعه، أو ترى الباطل ولا تجتنبه.                                                                                                          إلى هنا ونكمل في اللقاء القادموالسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الثالثة والستون بعد الثلاثمائة في

موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: * اسم الله الحق( الحقائق الثمانية)

الحق يخاطب أُناس كثيريين، يخاطب رجل الأعمال الذي فضل منفعته الشخصية، على احتياجات

وطنه، يخاطب الزوج الذي فضل أن يقضي الوقت مع أصدقائه، ويرجح منفعته الشخصيه على حساب أبناؤه، وزوجته، وبيته، يخاطب الطالب الذي يغش في الامتحان، ويأخذ حق غيره، يخاطب الغرب الذين وضعوا مصالحهم الشخصية في كفة، والعراق في كفة، واختاروا مصلحتهم الشخصية، تخاطب المنتج السينمائي، الذي يفضل مكسبه المادي على ما يراه، أبنائنا وشبابنا في التلفاز, وفي الفاضائيات، تخاطب المرأه التي تُحَرِض زوجها على أكل مال الغير، وهي تعلم أنه حرام، تخاطب الرجل الذي وظف شخصاً في عمل ما وهناك من هو أكفأ منه، وهذه كفاءات علمية وأُخذ حقها، فإذن ستسافر وتهاجر إلى الغرب، وتكون النتيجة هم يزدادوا كفاءة ويستفيدوا من شبابنا وأولادنا، ونحن نزداد ضعف لأن الحق ليس موجود، تخاطب وتخاطب ملايين القصص…

أقول هذا الكلام لأن الله سبحانه وتعالى خلق السموات والأرض بميزان دقيق، وأنزلنا للأرض، وقال لنا نحن المسؤلون عن الأرض، ورسم لنا فيها كيف نحيا بالحق، وأرسل لنا الأنبياء، وأرسل لنا الكتب، وقال هذا هو الحق، وقال لنا عمروا الأرض بالحق…إذن عندما تخالفوا الحق فإنكم تخالفوا قوانين الله في الكون.

*كيف إذا ضاع الحق ضاعت الأرض:

سأضرب لكم مثلين صغريين يوضح هذا المعنى..

*المثال الأول: كان هناك حي في غاية الجمال يسمى “المهندسين” هذا الحي كانت منازله مبنية على أربع طوابق لأن بنيته التحتية مناسبة للأربع طوابق، وسكانه كانوا سعداء بذلك كثيراً، ورغم أن القانون يمنع الزيادة في عدد الطوابق، جاء هناك من زاد في عدد الطوابق من أجل منفعته الشخصية، فأصبح عشرون وثلاثون طابقاً، ففسدت الحياة في الحي وترك الناس الحي.

*المثال الثاني: الطالب الذي يغش في الإمتحان ويأخذ حق شخص أخر، انظروا إلى هذا الحديث، بينما رسول الله “صلى الله عليه وسلم” يحدث الصحابة، جاء رجل فقال: (يا رسول الله متى الساعة؟) –قاطع النبي وهو يتحدث-فلم يرد عليه وأكمل النبي حديثه، فقال بعضنا “سمعه ولم يعجبه ما قال” وقال بعضنا ” بل لم يسمعه” فلما انتهى النبي “صلى الله عليه وسلم” من حديثه قال: (من السائل عن الساعة؟)، فقال: (أنا يارسول الله)، فقال له النبي: (إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة)، فقال: وما ضياعها يا رسول الله؟،قال: (إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظرالساعة

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادموالسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الرابعة والستون بعد الثلاثمائة في

موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: * اسم الله الحق( الحقائق الثمانية)

*أشكال الناس مع الحق:

للناس أشكال شتى مع الحق، منهم من يكتمه، ومنهم من يخشى على نفسه أن يقوله، ومنهم من يلبسه على الباطل، كما في قوله تعالى: (وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (البقرة:42) ، ومنهم من لايعرف أين الحق وأين الباطل، ومنهم من يعلم الحق وهو على باطل ويصر على الباطل، وأنت أيضاً يوجد في حياتك أشياء مثل ذلك، وتقول لنفسك، هل أنا كنت على حق في الموقف كذا،

 هل موقفي كذا كان على حق أم على باطل؟؟؟

*الحقائق الثمانية الكبرى:

انظر إلى حبيبك “صلى الله عليه وسلم”، أعطى لك ثماني حقائق، إذا حييت بهم سوف تحل لك كل الألغاز الأخرى في حياتك وبالإضافة إلى ذلك أنه “عليه الصلاة والسلام” علمنا أن ندعوا بهذا الدعاء كل ليلة، وهو كان يفعل ذلك “صلى الله عليه وسلم” في قيام الليل، كان يبكي ويبتهل بها إلى الله عز وجل، بعيداً عن مشاكل الحياة، والضوضاء، والحقائق مستقرة وهادئة، ولو هذه الحقائق استقرت في ذهنك، سوف تكون هذه نقطة البداية لترتيب وتوضيح الحقائق الغير واضحة في حياتك، ولكن بقلبك ووجدانك، وأعماقك، وإذا تعرض لك الباطل أمامك، بكل ألوانه وصوره، من مال، من دنيا…..لاتخف أبدأ لأنك على الحق، والحق يريد منك شجاعه ورؤية، في كل الأحيان.

    أما عن هؤلاء الحقائق الثمانية فهي، كان صلى الله عليه وسلم يقول كل ليلة: (( اللهم لك الحمد أنت ملك السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت نور السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت قيوم السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت الحق، وقولك حق، ووعدك حق، ولقاؤك حق، والجنة حق، والنار حق، والنبيون حق، ومحمد “صلى الله عليه وسلم” حق، اللهم بك خاصمت، وإليك حاكمت، وعليك توكلت..)) وهؤلاء الثمانية ليست بالقول فحسب، ولكن بالقلب والوجدان، والدليل على ذلك، حديث النبي “صلى الله عليه وسلم” عندما ذهب إليه حارثة فقال له النبي: (كيف أصبحت يا حارثة؟)، قال: (أصبحت مؤمناً حقاً يارسول الله)،قال له النبي: (لكل قول حقيقه فما حقيقة إيمانك؟)، قال: (أصبحت وكأن عرش ربي بارزاً-اللهم أنت الحق-وكأني أرى أهل الجنه يتنعمون في الجنة-الجنة حق-وكأني أرى أهل النار يصطرخون في النار-النار حق-فعزفت نفسي عن الدنيا، فأسهرت ليلي وأظمأت نهاري) فقال له النبي: (ياحارثه عرفت فالزم)، إن هذا الحديث يبتن كيف أن الحقائق استقرت في قلب حارثة، وأنت أيضاً إذا أحييت هذه الحقوق سوف يفتح عليك في حقوق أخرى.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادموالسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الخامسة والستون بعد الثلاثمائة في

موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: * اسم الله الحق( الحقائق الثمانية)        ترتيب الحقائق الثمانية:

الحقيقه الأولى : تقول أن الله حق، إذن وبكل تأكيد أن قوله حق، وإذا كان قوله حق فبكل تأكيد أن لقاؤه حق، وإذا كان لقاؤه حق وبكل تأكيد إذن فالجنه حق، وإذا كانت الجنة حق فالنار حق، إذن فالذي دل على هذا وهم النبيون فهم حق، وإذا النبيون حق، فإن النبي “صلى الله عليه وسلم” حق، والإضافه التي كانت في أخر الدعاء تدل على أن بعدما استقرت هذه الحقائق في ذهني، أنا على أتم أستعداد لكي أدخل غمار الحياه،، وقد فرشت لك البنية الأساسية التي تنطلق منها لكي تخاصم وتحاكم، وتتعامل، وتتوكل، وتُعامل الناس، لذلك لاتخشى شيء إذا

اغترست تلك الحقائق في نفسك. 

تحليل الثماني حقائق:

الأولى: اللهم أنت الحق…

انظر إلى قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (لقمان:29)، الذي فعل كل هذا لابد أن يكون حق، قال تعالى: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ …)(فصلت:53). قال تعالى (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ…)(التغابن:3). تعني أن الله يريد أن تحيوا في الأرض بالحق، ويقول لكم انظروا في كل شئ من حولكم ستجدونها تسير بميزان دقيق، مثلاً الفصول الأربعة وكمية الأمطار التي تمطر وعدد الثمار التي تخرج من الأرض خلقت كلها لحقوق الكائنات في الحق. أيضاً بُعد مسافة الشمس عن الأرض.. إذا اقتربت بمقدار ملم واحد تتحول الأرض إلى كتلة من النار، وإذا بعدت ملم واحد تجمدت الأرض، وهذا معنى الآية السابقة. إن رأيت الحق فلتسير فيه واعلم أنك ستكون قريباً من الله الحق، أما إذا بعدت عنه فإن الأرض سوف تُدمر لأنك تسير في الباطل.

الثانية: وقولك حق…

الذي هو كلام الله تبارك وتعالى.. قال تعالى: (… وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ) (الأحزاب: من الآية4). هل من الممكن أن تحيا مع قراءة القرآن؟ أن كل كلمة تقرؤها في كتاب الله حق مثل قوله تعالى: (… وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ )(الأعراف: من الآية85) حق.. لا يمكن أن أفعل ذلك لأن ذلك سوف يكون عكس الحق. مثال أخر: (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ)(المطففين:1) حق.. فالذي يطفف في علاقته مع زوجته، أو الذي يطفف في تجارته وفي الميزان، والذي يطفف في الحقوق، وكيف أن القرآن هو قوله الحق وأنا أحيا بعكسه؟؟

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادموالسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة السادسة والستون بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: * اسم الله الحق( الحقائق الثمانية)       

الثالثة: ووعدك حق…

كل وعود الله تبارك وتعالى حق كما قال في قوله تعالى: (فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ… )(القصص: من الآية13). ومن وعود الله أيضاً أنه قال من أجل الإسلام: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً… )(النور: من الآية55). ووعد أخر كما في قوله تعالى: (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ…)(الذريات:22/23) إذاً لم أنت خائف على رزقك؟ وكيف يكون وعدني بهذه الوعود وأنا لست بمصدقه وأكون على غير هذه الوعود؟

رابعاً: لقاءك حق…

أي أنك إذا حييت بالباطل تذكر أنه لقائه حق كما

قال في قوله تعالى: (وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا…)(الأنعام: من الآية30). قال تعالى: (الْحَاقَّةُ *مَا الْحَاقَّةُ)(الحاقة:1/2)، سميت القيامة هنا الحاقة أي أنها حق وسوف تقع وسيحق فيها الحق ويظهر فيها الباطل، تخيل قوله تعالى: (ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ…)(النبأ: من الآية39) ماذا تفعل يومئذ يا من تحيا بالباطل؟ إنها دنيا قصيرة.

خامساً: والجنة حق…

أي حق وقد انتهى، يا أيها المشتاقون للجنة أحيوا من أجل الحق، انظروا إلى قول الله تعالى: (وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّاً فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّاً قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ)(لأعراف:44)، وجاءت “نادى” فعل ماضي لأنه حق وانتهى.. والظالمين هنا الذين غشوا وسرقوا وزوروا وضيعوا الحقوق.

سادسا: النار حق…

عندمنا قال إبليس (… فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ)(صّ: من الآية82) انظر ماذا قال الله تعالى له: (قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ * لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ )( ص: 84/ 85). انظر إلى قوله تعالى: (وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ…)(الأحقاف: 34).

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادموالسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة السابعة والستون بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: * اسم الله الحق( الحقائق الثمانية)   

سابعاً: والنبيون حق…                          عيسى حق، وإبراهيم حق، وموسى حق، وسليمان حق، وآدم حق.. عليهم السلام كانت رسالتهم إظهار الحق على الباطل؛ لذلك وضع النبيون في الدعاء.

ثامناً: ومحمد صلى الله عليه وسلم حق…

(إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً)(الفتح:8). ثلاثة وعشرون عاماً ورسالته كلها هي إحقاق الحق، وقريش كانت لا تريد أن تؤمن لأن تجارتها مع الأصنام التي حول الكعبة، وأبو لهب كان لا يريد الوقوف بجانب ابن أخيه صلى الله عليه وسلم لأنه كان يخشى على ماله من رسالة النبي صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ)(المسد: 1/2). ونرى أيضاً الكلمة التي دخل بها النبي صلى الله عليه وسلم مكه عند فتحها وبعد 23 عاماً من فراقها فلقد قال وهو يطوف بالكعبة: (وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً) (الاسراء:81).

لماذا خُلقت؟

إذا ايقنت تمام اليقين بالثماني حقائق التي ذكرناها سابقاً سوف تظهر لك حقيقة جديدة وهى لماذا خُلقت؛ لأن أنت المطلوب منك أن تقوم برسالة حق.. أن تصلح وتُعمِر في الأرض بالحق، قال تعالى: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ…) (المؤمنون: 115/ 116). وقوله تعالى: (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ * مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ…) (الدخان:38/39). انظر إلى قوله تعالى: (يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ*وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً)(صّ:26 /27). أتدرون  لمَ ربط الله سبحانه وتعالى ما قاله لداوود في الآية الأولى بالآية الثانية التي تتحدث عن السماء والأرض؟ لأنه لا يوجد إلا حق واحد كبير في الكون كله، وأنت تؤدي جزء من هذا الحق لأنه سبحانه وتعالى أكمل الحق في باقي الكون وطلب منك أن تكمله أنت في جزء من هذا الكون الذي يسمى بالأرض. قال تعالى: (…إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً…)(البقرة: من الآية30) لذلك كان لابد أن يُذكر سيدنا داوود بأنه خلق السماوات والأرض بالحق.

الحق عريق.. الحق أصيل.. الحق في صميم الكون.. هذا لا يدل على أن إذا نسى المسلمون الحق في هذه الأرض أن الحق غير موجود، إذا كنتِ أنتِ على الحق وباقي المسلمين باعوا الحق فأنت قريبة من الحق عز وجل والباقي باطل، يا رجال الأعمال.. يا ربات البيوت،يا شباب،يا بنات أرجوكم أحيوا بالحق. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادموالسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الثامنة والستون بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: * اسم الله الحق( الحقائق الثمانية)   

نماذج عاشت بالحق:

سوف أسرد لكم نماذج عاشت بالحق ولو على أنفسهم، يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا…)(النساء: من الآية135). وقوله تعالى: (… وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ – خلاف أو غضب مع قوم- قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى…) (المائدة: من الآية8).

النموذج الأول: النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الخندق عندما سُرق درع سيدنا قتادة وحامت الشبهات حول أحد الأنصار قام هذا الأنصاري وهو السارق الحقيقي بالتخلص من الدرع وإلقاؤه في بيت اليهودي ليُتهم بدلاً منه. وعندما وجد المسلمون الدرع المسروق في بيت اليهودي برأ الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الأنصاري إلى أن نزل قول الله الحق (إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيماً * وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً*وَلا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً)(النساء:105/106/107)، فعاد النبي وأعلن براءة اليهودي مما نُسب إليه.

النموذج الثاني: عندما فتح جيش المسلمين سمرقند في عهد عمر بن عبد العزيز بعث له قائد سمرقند

 وقال له أن جيشك لم ينفذ ما قاله نبيكم، ودخلوا دون إنتهاء المهلة وهي ثلاثة أيام، فأمر عمر بن عبد العزيز أن يخرج الجيش كله من سمرقند، وهذا أمر شاق على أي قائد ولكن الحق أقوى، فعندما أمر عمر بن العزيز جيشه بالخروج أثر ذلك في نفوس أهل سمرقند ودخلوا في الإسلام، وخرج منهم العلماء المسلمين.. وكل هذا من أجل كلمه حق.

النموذج الثالث: عندما سرقت امرأه مخزومية بعثوا للنبي صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة لكي لا تُقطع يدها لأنها شريفة، احمر وجه النبي غضباً حتى تمنى زيد أنه لم يسلم قبل هذه اللحظة، وقال له النبي: (والله لو فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها، إنما أهلك من كان قبلكم، إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد).

النموذج الرابع: عندما طلب أبو طالب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يترك الدعوة من أجل

 قريش قال له: (والله ياعم لو وضعوا الشمس في

يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر ما

تركته حتى يظهره الله أو أموت في سبيله).

النموذج الخامس: عندما أوذي أحمد ابن حنبل في قضية ظلم وهو على الحق، أخذوه إلى السجن وكان يخشى فتنة السوط ولكن الله ثبته على الحق، باللص الذي قال له: (يا إمام اثبت على الحق فإن عشت عشت سعيداً، وإن مت مت شهيداً)، فقال أبن حنبل: (فكأنها بُعث في نفسي روح من جديد).

 

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادموالسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة التاسعة والستون بعد الثلاثمائة في

موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: * اسم الله الحق( الحقائق الثمانية)   

النموذج السادس: تشرشل في الحرب العالمية كانت انجلترا دماراً وخراباً، وكان يسأل الوزراء عن أخبار كل مجال بها، ولكن دون جدوى، لا يوجد ماهو جيد لكي يقال عليه، إلا أن سأل وزير العدل فقال له: (العدل بخير) فأجابه تشرشل: (إذن سننتصر)، وقد انتصروا.

الحق منتصر: لأن الله تبارك وتعالى هو الحق وأوكل إلينا إصلاح الأرض بالحق،أرأيتم النبي صلى الله عليه

 وسلم في غزوة بدر عندما قال للمشركين القتلى :(ياعتبة ابن ربيعة، ياشيبة ابن ربيعة، ياوليد، ياعمرو ابن هشام، أنا قد وجدت ما وعدني ربي حقاً، فهل وجدتم ما وعد ربكم حقاً؟؟)، قال تعالى: (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ) (الانبياء:18). ضرب الله تعالى لنا مثلين في القرآن الكريم عن الحق، أحداهما ناري، والأخر مادي، وكلامها يؤدي إلى نفس الاتجاه قال تعالى: ( أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً-الماء وهو رمز الخير والحق- فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رَابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ-الحق يسير ثم يأتي القش على وجه المياه، وهذا القش رمز الباطل، ومما يوقدون أي إذا كنت تريد الذهب خالصاً لابد أن يتخلص من الشوائب العالقة به وهي أيضاً تظهر على السطح- كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ) (الرعد:17)، أتدرون أن هذه الآية الكريمة وضحت لنا مدى قيمة الحق، وأنه لن يزول حتى وإن كان ضعيفاً، ومختفياً، ويظن البعض أنه ميتاً، والباطل قوياً، ومتفشياً،ولو زال الحق تقوم القيامة، والحق باقٍ إلاأن تقوم الساعةلأن هناك حساب يوم القيامة.

*الاتفاق الأخير:

نتفق على ماقد أخبرتكم به في أول الحلقة وهو أن تحبوا الحق، وتعيشوا بالحق، وتقولوا الحق، ولاتكتموا الحق، وتموتوا على الحق، احيوا باسمك ياحق نحيا، أحبوا الحق من كل قلوبكم، لأن الحق هو الله، وأرجوكم يا من تعيشوا في هذه الأرض لا تفسدوا فيها، ويا من تعيشوا على الحق فإنكم منتصرين منتصرين لامحالة، قال تعالى: (قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ) (سـبأ:49) .

[الأنترنت – موقع اسماء الله الحسنى  - اسم الله الحق ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادموالسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة السبعون بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي بعنوان: *قل الحق ولو كان مُرًّا، واحمل رايته ولو كنت وحدك

تواصوا بالحق واصبروا عليه كل الناس فى خسر، إلا من كمَّل قوته العلمية بالإيمان بالله، وقوته العملية بطاعة الله، فبهذين كمال نفسه، ثم لم يكتف بنفسه حتى سعى في كمال غيره بتوصيته بذلك (وتواصوا بالحق).

ولأن النفس ملولة قد تتخلى عن الحق بعد أن تصل إليه، فقد جاء الأمر بالصبر (وتواصوا بالصبر).

وقد جمع الله بينهما في قوله: {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر: 3].

إن التواصي بالحق هو الكفيل بغرس اليقين في القلب ودفع (الشبهات)، والتواصي بالصبر هو الكفيل بغرس العزيمة ودفع (الشهوات)، وبالصبر واليقين تُنال الإمامة فى الدين كما أخبر بذلك رب العالمين : (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون).

*ثق في وعد الحق

تعاملك مع وعود (الحق) لابد أن يكون بالقبول التام والتصديق الذي لا يخالطه أدنى ريبة أو شك في كل ما أخبر به من الغيبيات؛ لأنها حق وصدق: وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا [النساء: 87].

فالله وعده حق، ولن يخلف وعده، ومما وعد به وكتبه على نفسه: ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الروم:47.

*إياك والوهم

ومما يضاد الحق: الوهم، ومن حكم ابن عطاء الله السكندري: «ما قادك مثل الوهم».

وهذه الأوهام غمَرت أكثر الناس اليوم، فيُخيَّل إليهم عكس الحق، ويظنون أن من حولهم يملك ضرهم ونفعهم، وأن الأسباب التي يستعملونها ذات قيمة وفاعلية حقيقية، وأن الجود مفقِر، وأن كلمة الحق تمنع الرزق وتقصِّر الأجل، وأن الزمن زمان فتن والدين يسر فلا مانع من فتح بوابة الحرام قليلًا، وأن الحجاب الشرعي يضيِّع فرص إقبال الخاطبين، وغير ذلك من الأوهام التي تغشى قلوب من لا يعرفون (الحق).

*تواضع للحق مع الانقياد له

لأن الخير كله في الحق، وليس بعد الحق إلا الضلال، ومن ردَّ الحق بعد بيانه فهو متكبِّرٌ ظالم لنفسه.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(الكبر بطر الحق وغمط الناس)

يقول الإمام ابن القيم وهو يبيِّن إذلال الله لمن تكبَّر عن اتباع الحق:

«كما أن من تواضَع لله رفعه، فكذلك من تكبَّر عن الانقياد للحق أذله الله ووضعه وصغَّره وحقَّره، ومن تكبَّر عن الانقياد للحق- ولو جاء على يد صغير، أو من يبغضه أو يعاديه- فإنما تكبره على الله، فإن الله هو (الحق)، وكلامه حق؛ ودينه حق، والحق صفته ومنه وله، فإذا ردَّه العبد، وتكبر عن قبوله، فإنما ردَّ على الله، وتكبَّر عليه»

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادموالسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الواحدة والسبعون بعد الثلاثمائة في

موضوع (الحق) وهي بعنوان: *قل الحق ولو كان مُرًّا، واحمل رايته ولو كنت وحدك

*اصدق التوكل على (الحق)

والارتباط جد وثيق بين (الحق) وبين التوكل على الله. قال الله عز وجل: فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ [النمل: 79] {إِنَّكَ عَلَى الحق المبين} تعليلٌ صريحٌ للتَّوكلِ على الله بكونه عليه الصلاة والسلام على الحقِّ البيِّنِ، وكل من كان على الحق فيجب عليه الوثوق بحفظِ الله وكفايته ونُصرتِه وتأييدِه لا محالة، (فإن الله هو (الحق)، وهو ولي الحق، وناصره، ومؤيِّده، وكافي من قام به، فما لصاحب الحق ألا

 يتوكل عليه؟! وكيف يخاف من كان على الحق؟!

كما قالت الرسل لقومهم: وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ [إبراهيم: 12].

*ثق أن الحق ينصر أولياءه

ثق أن الحق منتصر مهما طالت فترة الصراع بين الحق

 والباطل، ومهما التبس على الكثيرين أو خذله جمهور المستغفَلين، فإن (الحق) ينصر أهل الحق، ومن رفع لواء الحق.

ولا تغترَّ بانتفاش الباطل وزبده في وقت من الأوقات فإنه ذاهب، ولكن الله عز وجل يبتلي به العباد ليعلم المؤمن الصادق من المنافق أو ضعيف الإيمان الذين يبهرهم زبد الباطل، فيرتابون في وعد الله ونصرته لأوليائه.

*استمتع باليقين

لو كانت نسبة تكذيب الخبر عندك أكبر من نسبة التصديق، فهذا هو الوهم.

وإذا تساوَت نسبة التكذيب مع نسبة التصديق، فهذه مرتبة الشك.

وإن كانت نسبة التصديق في القلب أكبر من نسبة التكذيب، فهذا هو الظن.

وأعلى المراتب مرتبة اليقين والتي يكون فيه القلب

مشبعًا بالتصديق، فلا وهم ولا شك ولا ظن، وهذا عين الحق،ويُسمَّى في القرآن والأحاديث بعلم اليقين.

ومن هذا اليقين: إيمانك بالجنة والنار والحساب، فلابد أن يكون قطعيًّا لا وهميًّا ولا شكِّيًّا ولا ظنيًّا. قال تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ

ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا..﴾

رابعًا: فادعوه بها مسألة وطلبًا

أسألك باسمك الحق.. أرنا الحق حقًّا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه.

أسألك باسمك الحق.. اجعلنا من أهل الحق، وعونا

 لأهل الحق، ولا تجعلنا عوناعلى الباطل، وأجعلنا أعداءً لأهل الباطل.

أسألك باسمك الحق.. ارزقنا كلمة الحق ولو كان مُرًّا، ولو على الوالدين أو الأقربين.

أسألك باسمك الحق.. ارزقنا مودة أهل الحق وعونهم ونصحهم وموالاتهم.

أسألك باسمك الحق.. ارزقنا الخضوع للحق وإنفاذه ولو كان على حساب نفوسنا ومصلحتنا.

أسألك باسمك الحق ،ارزقنا اليقين بوعدك الحق إنك أنت الحق.

أسألك باسمك الحق.. ارزقنا كلمة الحق في الغضب والرضا، مع من نحب ومن نبغض.

خامسًا: حاسب نفسك تعرف ربَّك

هل تدعو الله أن يُرشِدك إلى الحق إذا التبس

عليك؟ هل تراجع نفسك في التزام الحق بكل أوامره، وترك الباطل بكل جوانبه؟

[الأنتر نت – الموقع الرسمي للكتور / خالد ابو شادب – الحق ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادموالسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الثانية والسبعون بعد الثلاثمائة في

موضوع (الحق) وهي بعنوان:

* حقوق وواجبات الأخوة في الله

 تحقيق أخوة حقيقية صادقة، لتكون ترجمان عملي لتلك العلاقة المهمة والآصرة الوثيقة، من أبرزها:

1-من أعظم الحقوق أن تقوم الأخوة على إخلاص المحبة في الله ولله، دون أي غرض دنيوي أو منفعة طارئة أو مصلحة مؤقتة عابرة.

2-حقوق مالية: من خلال بذل المال والمواساة بحسب الاستطاعة، والمبادرة بتقديم يد العون

 دون انتظار السؤال أو طلب المعونة، لأن البذل والعطاء ابتداء من مقتضيات الأخوة الخاصة، يقول عليه الصلاة والسلام «وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ» (رواه مسلم). ومن عجائب تفقد الأخوة والإيثار والصور المشرقة، جَاءَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ إِلَى أُمِّ وَلَدِهِ فَقَالَ: اصْنَعِي لَنَا طَعَامًا، وأَطْيِبِي فَإِنَّ لِي أَخًا أُحِبُّهُ أُرِيدُ أَنْ أَدْعُوَهُ فَزَيَّنَتْ بَيْتَهَا وَصَنَعَتْ مَجْلِسَهُ وَصَنَعَتْ طَعَامًا وَأَطَابَتْهُ ثُمَّ قَالَتِ: ادْعُ أَخَاكَ، فَذَهَبَ إِلَى سُلَالٍ جَارٍ لَهُ قَدْ ذَهَبَ بَصَرُهُ فَجَاءَ بِهِ حَتَّى أَجْلَسَهُ فِي كَرِيمِ مَجْلِسِهِ ثُمَّ قَالَ: قَرِّبِي طَعَامَكِ، فَقَالَتْ: فَمَا صَنَعْتُ هَذَا الطَّعَامَ إِلَّا لِهَذَا قَالَ: وَيْحَكِ قَدْ صَدَقْتُكِ هَذَا أَخِي وَأَنَا أُحِبُّهُ فَجَعَلَ يَأْخُذُ مِنْ طَيِّبِ ذَلِكَ الطَّعَامِ فَيُنَاوِلُهُ. والحقوق المالية بين الأخوة على ثلاث مراتب: أدناها: أن تسد حاجته وتقوم برعايته من فضل مالك. أوسطها: أن تنزله منزلتك وترضى بمشاركته بمالك. قال عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لِرَجُلٍ: هَلْ يُدْخِلُ أَحَدُكُمْ يَدَهُ فِي كُمِّ أَخِيهِ وكيسه فيأخذ منه ما يريد بغير إذنه؟ قال: لا،قال: فلستم بإخوان. أعلاها: وهي مرتبة الصديقين بأن تقدم حاجته على حاجتك. كما في قوله سبحانه: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}[الحشر:9]، وروي أن مسروقاً أدان ديناً ثقيلاً وكان على أخيه خيثمة دين، قال: فذهب مسروق فقضى دين خيثمة وهو لا يعلم وذهب خيثمة

 فقضى دين مسروق وهو لا يعلم.

3. حقوق بدنية: بأن تقوم بنفسك بقضاء حوائج إخوانك، وهي على مراتب ثلاث: أدناها: القيام بحاجته عند السؤال مع إظهار الفرح والاستبشار. قضى ابن شبرمة حاجة لبعض إخوانه كبيرة فجاء بهدية فقال ما هذا قال لما أسديته الي فقال خذ مالك عافاك الله إذا سألت أخاك حاجة فلم يجهد نفسه في قضائها فتوضأ للصلاة وكبر عليه أربع تكبيرات وعده في الموتى. أوسطها: أن تكون حاجته مثل حاجتك. وكان الواحد منهم يتردد إلى باب دار أخيه، ويسأل ويقول: هل لكم زيت هل لكم ملح هل لكم حاجة؟ وكان يقوم بها حَيْثُ لَا يَعْرِفُهُ أَخُوهُ، وَبِهَذَا تَظْهَرُ الشَّفَقَةُ والأخوة، فإذا لَمْ تُثْمِرِ الشَّفَقَةَ حَتَّى يُشْفِقَ عَلَى أَخِيهِ كَمَا يُشْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ فَلَا خَيْرَ فِيهَا! أعلاها: أن تقدم حاجته على حاجتك. كان الحسن يقول: إخواننا أحب إلينا من أهلنا وأولادنا، لأن أهلنا يذكروننا بالدنيا وإخواننا يذكروننا بالآخرة.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادموالسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الثالثة والسبعون بعد الثلاثمائة في

موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:* حقوق وواجبات الأخوة في الله

4. الولاء والنصرة وعدم الخذلان: بأن تواليه على الحق وتآزره وتنصره في النوائب والمحن، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}[الأنفال:72]، وقال عليه الصلاة والسلام: «إنَّ المُؤمِنَ للمُؤْمِنِ كالبُنيانِ، يَشُدُّ بَعضُهُ بَعضًا . وشَبَّكَ أصابِعَهُ» (متفق عليه).

 5. المواساة وحسن العشرة: بدءا بالابتسامة والكلمة الطيبة والبشاشة في الوجه والفرح باللقاء، وانتهاء ببذل المال لتأليف قلبه واستمرار أواصر الأخوة، ومن أعظم المواساة الصدق في النصيحة وتثبيته على الدين، يقول ابن عمر -رضي الله عنهما-: "لَقَدْ أَتَى عَلَيْنَا زمانٌ وَمَا أَحَدٌ أَحَقُّ بِدِينَارِهِ وَدِرْهَمِهِ مِنْ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ، ثُمَّ الْآنَ الدِّينَارُ وَالدِّرْهَمُ أَحَبُّ إِلَى أَحَدِنَا مِنْ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «كَمْ مِنْ جَارٍ متعلقٍ بِجَارِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ، يَا رَبِّ! هَذَا أَغْلَقَ بَابَهُ دُونِي، فَمَنَعَ مَعْرُوفَهُ!»(رواه البخاري).

6. من الحقوق المهمة أن تحفظ عرضه، بالسكوت عن ذكر عيوبه بحضرته وغيبته.

7. حفض الجناح وحسن الخلق وإقالة العثرات والعفو عن الزلات، ومجانبة الحقد.

 8. بذل العطاء والشفاعة الحسنة.

9. السكوت عن المماراة والجدال، والثناء عليه بما لديه من محاسن.

 10. التودد باللسان وتفقد الأحوال وإخباره بمحبته.

 11. أن يدعوه بأحب أسماءه إليه في غيبته وحضوره.

 12. الدعاء له في حياته وبعد مماته، حتى أن بعض السلف إذا أراد أن يدعو لنفسه يدعو لأخيه بتلك الدعوة.

 13. الوفاء في حياته، ومع أولاد وأصدقائه بعد وفاته.

 14. أن لا يتغير عنهم إذا حدث له غِنى.

15. أن يحفظ سره ولا يقبل عليه قول واش ولا نمام. لكن المتأمل لما وصلت إليه أحوال الأخوة الإسلامية والصحبة، في زمن طغت عليه الماديات، وضعفت فيه أواصر المحبة الحقيقية في الله، واستبدلت بشكليات ومظاهر خداعة، أشبه بالنفاق والتظاهر والتصنع، ترتب عليها نتائج وخيمة ومخاطر تنذر بكوارث على الأجيال القادمة، حتى صار الحال كما يقول الشاعر في المقارنة بين أخلاق من مضى وأخلاقنا: سلام الله عليهم إنهم أبرار *** لم يبق منهم إلا أخبار وآثار يقول ابن الجوزي واصفا حال زمانه: إخواني: نسخ في هذا الزمان رسم الأخوة وحكمه، فلم يبق إلا الحديث عن القدماء، فإن سمعت بإخوان صدق فلا تصدق!! وكان أعرابي بالكوفة وكان له صديق وكان يظهر له مودة ونصيحة فاتخذه الأعرابي من عدده للشدائد إذ حزب الأعرابي أمر فأتاه فوجده بعيدا مما كان يظهر للأعرابي فأنشأ يقول:

إِذَا كَانَ وُدُّ الْمَرْءِ لَيْسَ بِزَائِدٍ *** عَلَى مَرْحَبًا أَوْ (كَيْفَ أَنْتَ) وَحَالُكَا

وَلَمْ يَكُ إِلا كَاشِرًا أَوْ مُحْدِثًا *** فَأُفٍّ لِوُدٍّ لَيْسَ إِلا كَذَلِكَا ل

سَانُكَ مَعْسُولٌ وَنَفْسُكَ بَشَّةٌ *** وَعِنْدَ الثُّرَيَّا مِنْ صَدِيقِكَ

مَالُكَا فَأَنْتَ إِذَا هَمَّتْ يَمِينُكَ مَرَّةً *** لِتَفْعَلَ خَيْرًا قَاتلَتْهَا شِمَالُكَا [الأنترنت – موقع طريق الإسلام - أيمن الشعبان]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادموالسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الرابعة والسبعون بعد الثلاثمائة في

موضوع (الحق) وهي بعنوان:

*حقوق العباد وواجباتهم

     منذ أكثر من خمسة عشر قرناً، والمسلمون يسمعون عن كرامة الإنسان، والمساواة بين الناس، والتكافل والتراحم بينهم؛ بل إن المسلمين منذ شروق شمس النبوة المحمدية ونزول رسالة القرآن الخالدة، وهم يقرؤون آيات الكتاب العزيز، وأحاديث الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم ترشدهم، وتهديهم إلى هذه المعاني السامية.

     لكن هناك من بني جلدتنا من تغريه المصطلحات والمبادئ البراقة، وينخدع بالشعارات، فينحـط مَعَ المعوَّقين المعطوبين قلبياً، وينساق وراء تمجيد الغرب والثناء عليه، وأنه من أهل السبق في الإعلان عن «حقوق الإنسان». فهنا يكمن الخطر.

     وإن الضرر كل الضرر على مجتمعاتنا المسلمة، حين تلهث وراء الشعارات الحقوقية التي تأتيها من كل حدب وصوب، وتتناسى مفاهيمها الإسلامية

ومبادئها الثابتة.

     إن حقوق العباد في حقيقة الأمر هي مقاصد الشريعة، أو مقاصد الدين، وإن مقاصد الدين هي الحفاظ على تلك الحقوق.

     لذلك اعتبر الإسلام الاعتداء على هذه الحقوق جريمةً كبرى، وعظم أمرها، كما أنه لم يدع أمر تحديد العقوبة لرأي البشر واجتهادهم، وإنما نص على الجريمة ونص على العقوبة وحددها، وما العقوبات الحدية في الإسلام، أو العقوبات المنصوص عليها، إلاّ حماية لهذه الحقوق الإنسانية الأساسية وراجعة إليها.

     فالإسلام اليوم يظهر وينتشر بقوة مبادئه،

وسلامة معاييره، وبعدها عن التحيز، ورصيدها في الفطرة الإنسانية، وتحقيقها لكرامة الإنسانية.. ولعل الإشارة إلى بعض المنطلقات الأساسية لحقوق العباد، تفسر لنا انتشاره وظهوره المستقبلي على الدين كله.

     عل عكس الغرب، فهم يركزون في شعاراتهم على «حقوق الإنسان»، لكنهم يهملون كيان الإنسان وروحه وجوهره، حتى أصبحنا أمام إنسان الحقوق لا أمام حقوق الإنسان، ثم تضخيمهم للبعد الفردي على البعد الجماعي لحقوق الإنسان، إلى غير ذلك من القيم المقلوبة.

     في حين تهدف شريعة الإسلام إلى تحقيق السعادة للإنسان في الدنيا لتحقيق خلافته في الأرض، فجاءت أحكامها لتأمين مصالحه، وهي جلب المنافع له، ودفع المضار عنه، فترشده إلى الخير، وتهديه إلى سواء السبيل، وتدله على البر، وتأخذ بيده إلى الهدي القويم، وتكشف له المصالح الحقيقية، ثم وضعت له الأحكام الشرعية لتكون سبيلاً ودليلاً لتحقيق هذه المقاصد والغايات، وأنزلت عليه الأصول والفروع لإيجاد هذه الأهداف، ثم لحفظها وصيانتها، ثم لتأمينها وضمانها وعدم الاعتداء عليها.

     والناظر في تاريخ حقوق الإنسان عند الغرب

 يجد أن المدة التي مضت على صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 63 سنة فقط، في حين مضى على مصدر حقوق الآدميين في الإسلام - نزول القرآن الكريم- 1446 عاماً. والقرآن الكريم والحديث النبوي الشريف وعمل الخلفاء الراشدين قد تضمن من حقوق العباد ما لم يخطر ببال أحد من الناس، ابتداءً من وجود الجنين في بطن أمه إلى أن يوافيه الأجل. أضف إليه حقوق الأسرة والمجتمع والأفراد والدولة.

     وفضلاً عن ذلك، فإن قانون حقوق العباد في الإسلام الذي لا يعتريه النقص، قد طبق فترةً طويلةً من الزمن في مجتمع العمران البشري الأخوي الأول في عهد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي عهد خلفائه الراشدين من بعده رضى الله عنهم، فأسعدت العالم الذي استظل بظلها: مسلمه وكافره، نساءه ورجاله، كباره وصغاره، ولا تزال تنتظر من يطبقه بصدق لتنعم الأمم بها كذلك.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادموالسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الخامسة والسبعون بعد الثلاثمائة في

موضوع (الحق) وهي بعنوان:

*حقوق العباد وواجباتهم

     وهنا أجمل أهم الحقوق التي خولها الإسلام للعباد في الآتي:

أولاً- حق معرفة الله تعالى:

     لقدْ خلقَ اللهُ سبحانَهُ وتعالَى العبادَ بقدرته الغَالِبَة وإرادتهِ البَالِغة، وَبَيَّنَ فِي كتابِهِ الكريمِ

أسبابَ خَلْقِهِمْ، وأوجَبَ عليهمْ حقوقًا لذاتِهِ العليَّةِ وهِيَ كثيرةٌ، مَا كانَ عَلَى العبادِ إلاَّ أنْ يَمتثلُوا

أمرَهُ رغبةً في ثوابه ورهبةً من عقابه.

     وقد لخص الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم هذا الجانب

 من الحقوق وما لها من مقابل عند الله، فعَنْ مُعَاذ رضى الله عنه قَالَ: كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى حِمَارٍ يُقَالُ لَهُ عُفَيْرٌ فَقَال: « يَا مُعَاذُ، هَلْ تَدْرِى حَقَّ الله عَلَى عِبَادِهِ وَمَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى الله؟». قُلْتُ اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: «فَإِنَّ حَقَّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَحَقَّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لاَ يُعَذِّبَ مَنْ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلاَ أُبَشِّرُ بِهِ النَّاسَ قَالَ: «لاَ تُبَشِّرْهُمْ فَيَتَّكِلُوا»[ صحيح البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب اسم الفرس والحمار، ح2701.]

     لقد كانت الخطوة الأولى للإسلام هي تحرير الإنسان من كل ما يضعف إرادته الحرة، في

 داخل نفسه ومن خارجه، وتحريره من كل عبودية غير عبوديته لله تعالى.

     والمسلمون جميعاً، بمجرد إسلامهم، يجب أن تتحرر إرادتهم من الخضوع لغير الله عز وجل، ومن هنا تبدأ العبودية لله تعالى وحده.

     ويقتضي الإسلام لله: الانقياد له وتوحيده والثقة به، وإحسان الظن به، والاذعان لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من عند ربه، وطاعته وعبادته، وإحسان هذه العبادة بإقامة شرائعه لتتم بصدق وإتقان وضمير حي يقظ، سواء في السر أم العلن، في المنشط أم المكره. يقول الحق جل وعلا: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ﴾ [الإسراء: من الآية 23]، ويقول عز من قائل: ﴿بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾[سورة البقرة: 112]. ويشرح القرآن الكريم هذا الإحسان في قوله عز وجل ينبه إلى مدى علمه بما يفعله الإنسان: ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير﴾[سورة الحديد: 4]، عن عبادة بن الصامت t قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أفضل الإيمان أن تعلم أن الله معك حيثما كنت» [المعجم الأوسط، للطبراني، 8/336.]

    إلى هنا ونكمل في اللقاء القادموالسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة السادسة والسبعون بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*حقوق العباد وواجباتهم

وعليه، فإن أول حق من حقوق العباد؛ هو أن

 يعرفوا خالقهم ورازقهم، يقول الله جلّ جلاله: ﴿وَمَا

 خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذريات: 56].

     إن كتاب الله عز وجل كله بلاغ، كله رسالة للخلق: فحواها ومنطوقها ومفهومها مركزة على الإخبار بالمصير. وظيفة الرسل عليهم السلام، ووظيفة الدعاة بالتبعية، أن ينذروا باليوم الآخر ويبشروا. فمن قَبِلَ البِشارة وصدق بالنذارة وذكر الله وعبده واندمج قلبياً في سلك عباد الله المتقين حتى صار من أهل الإيقان بالحياة الأبدية فقد خرج من الظلمات إلى النور. قال الله عز وجل في أول سورة إبراهيم: ﴿الٓر كِتٰبٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ [إبراهيم:1].

     وفي السورة: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآياتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ الله إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ﴾ [إبراهيم:5].

     في آخر سورة إبراهيم لقَّن الله تعالى سيدنا محمداً

 صلى الله عليه وسلم مضمون النذارة ونص البلاغ قال: ﴿وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوْا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ* وَسَكَنْتُمْ فِي مَسٰكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ* وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ الله مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ* فَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ الله عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ* يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمٰوٰتُ وَبَرَزُوا لله الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ* وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ* سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ* سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ* لِيَجْزِيَ اللهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ* هَذَا بَلٰغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ [إبراهيم:44-52].

     هذا هو البلاغ عن حق الإنسان الأسمى. هذا هو التخويف من فوت فرصة العمر، وضياع

هدف الحياة، وحسرة الأبد. وما ترك الله عز وجل

 وجهاً من وجوه التبليغ إلا عرضه، من وصف يخاطب خيال الإنسان، وتبصيرٍ يخاطب عقله، و«تقرير» عن حال المقرَّنين في الأصفاد يؤْلم حِسه،

وتأكيد على أن وعدَه سبحانه رُسُلَه لا يتخلف.

     فذروة سنام حقوق العباد عندنا، وأم الحريات، ومنبع الكرامة، تحرير الإنسان من كل عبودية غير العبودية لله رب العالمين لا شريك له.

     ومن حق الإنسان في معرفة ربه وخالقه تنبثق سائر الحقوق. بمعرفته لله رب العالمين وربه يكون حق الآخرين عليه واجباً دينياً يؤديه بإخلاص ووفاء، عبادة يعبد بها ربه، لا تعاملاً مع القانونية البشرية.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادموالسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة السابعة والسبعون بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:*حقوق العباد وواجباتهم

     هذا الإنسان الشارد من ربه الجاهل بخالقه لا تجد من يرفع عقيرته احتجاجاً على هضم حقه الأول، حقه في معرفة حقيقة وجوده، ومآله ومعناه.

فمعرفة الله تعالى وعبادته والخضوع له، هي الحق الأسمى والخالد للإنسان الذي أُمر أن يكون عبدًا لله عز وجل، عاملاً للقائه، آملاً في جزائه وجنته، خائفاً من عقابه وناره. هذه هي كرامته الآدمية، كل حق يطالِبُ به ما دون ذلك من حقوق الدنيا، فهو له حقٌّ شرعي إن كان نيلُه يقربه من غايته الأخروية. ومن حقه أن يجاهد عليه مَانعَه. وكل «حق» من «حقوق الإنسان» يُلهيه عن آخرته، فهو حظ من حظوظ النفس، لا يبالي به أهل الإيمان إلا من حيثُ كونُه مستضعفاً في الأرض تجب نُصرتُه. ينصره الإسلام ليُسمعَه في مَأْمنهِ بَلاغَ الإسلام.

     تسطَّح الخطاب الإسلامي، وسكت عن البلاغ الأخروي، وجارَى جوقة حقوق الإنسان في حَلَبَتها. فما شئت من بناء حضاري وسبق ثقافي وحديث عن خلافة الإنسان في الأرض ليعمُرَها بإبداعاته

 وإنجازاته.

     إنه انخناس في المِثْلية البشرية، وخضوع للهيمنة الثقافية الدوابية. إنه طغيان العقلانية الملحدة على روحانية الإنسان وقلبه يَحْرِمه من حقه الأسمى، من آدميته التي لا تتحقق إلا بمعرفة الله عز وجل. وتعطيلُ العقل عن وظيفته في تلقي الشريعة وتلقي آيات الله في النفس البشرية، وفي الجسم البشري، وفي الآفاق، يؤدِّي إلى ضُمور القلب، وتطرُّفِ الروحانية، وخُرافية التفكير، ومن ثم إلى الجهل والجاهلية. فمن حق المسلم أن لا يَنْطَمِس نُورُ قلبه بتألق عقله، وأنْ لا يُطفأ مصباحُ عقله بأوهامه

النفسية.

ثانياً- حق الحياة وسلامة البدن والعقل والعرض:

     إن الحياة منحة ربانية للإنسان، وهي الحق الأول للإنسان، وبه تبدأ سائر الحقوق، وعند وجوده تطبق بقية الحدود وعند انتهائه تنعدم الحقوق.

     ويعتبر حق الحياة مكفولاً بالشريعة لكل إنسان، ويجب على سائر الأفراد أولاً والمجتمع ثانياً والدولة ثالثاً حماية هذا الحق من كل اعتداء، مع وجوب تأمين الوسائل اللازمة لتأمينه من الغذاء والدواء والأمن من الانحراف.

     إن الإنسان في ديننا الحنيف أكرم الكائنات

وأشرفها، منحه نعمة العقل والتفكير والتدبر، فكرامته تستند إلى نظرية متكاملة، وهذا ما يميزها عن المفهوم الغربي القاصر.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادموالسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الثامنة والسبعون بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:*حقوق العباد وواجباتهم

 إن أسباب تلك الكرامة ومضمونها، واضحة في تسخير ما في السماوات والأرض لخدمة الإنسان. ومن آثار هذه الكرامة، أن حياة الفرد في قيمتها تكاد تتساوى مع حياة النوع البشري واستمراره، يقول الله تعالى : ﴿مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾ [سورة المائدة ، الآية 32]. فالاعتداء على حياة فرد من أفراد المجتمع اعتداء على المجتمع كله، وجب الاقتصاص من الجاني، ليكون عبرةً للآخرين، ولحماية المجتمع من العدوان والطغيان بغير حق.

     ومنع الشرع كل التصرفات التي تنال من حق الحياة، وسلامة البدن والعرض، أو تنقص منه، كتعذيب الإنسان، والعدوان عليه في حياته مادياً أو معنوياً، وحتى التمثيل بجثته بعد وفاته، ولو في الحرب، إذ يمتد التكريم للإنسان إلى ما بعد وفاته.

 ويدخل في حق الحياة وسلامة البدن والحواس والمشاعر،ما أوجبه الله على المسلم،من تجنب ما يضر به.

  وحرم الله أشد التحريم، تعذيب الإنسان المسلم أو انتهاك كرامته والحط من قدره، حتى بالكلمة الجارحة أو السخرية منه، وأوجب غسله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه.

     وتكفل أحكام الشريعة الحفاظ على كيان

الإنسان كله، النفس والجسد والعقل والمشاعر.

     ومن الحفاظ على عقل الإنسان في نظر الشرع الإسلامي، حرم الخمر؛ لأنها تذهب بالعقل، وتخل بالإدراك والتمييز، وحظر كل ما يؤدي إلى ذهاب العقل، أو إضعاف ملكات الإنسان الفكرية.

     ولحماية حق الإنسان في الحياة، قرر الإسلام مجموعةً من الأحكام في هذا المجال:

     1- تحريم قتل النفس بغير حق: يقول الله تبارك وتعالى: ﴿وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ الله إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصّٰكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [الأنعام: من الآية151] وقال عز من قائل: ﴿وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطٰناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً﴾ [الإسراء:33]، وقال جل ثناؤه: ﴿وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ الله إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً﴾ [الفرقان: 68].

 عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:  «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الـْمُوبِقَاتِ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: «الشِّرْكُ بِالله، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلاَتِ» [صحيح البخاري، كتاب المحاربين، باب رمي المحصنات، ح6465. ]

2-القصاص: يقول الله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا

كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [سورة البقرة:178]ويقول جل وعلا:﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ سورة البقرة:179

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادموالسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة التاسعة والسبعون بعد الثلاثمائة في

موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي

بعنوان:*حقوق العباد وواجباتهم

3- تحريم الانتحار، والمخاطرة بالنفس، وقتلها بأي وسيلة من الوسائل كالمخدرات وغيرها: قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ الله كَانَ بِكُمْ رَحِيماً﴾ [سورة النساء: من الآية 29]، وقال عز وجل: ﴿وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [سورة البقرة: من الآية195].

4-تحريم قتل الأولاد: قال الله عز اسمه: ﴿وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ﴾[سورة الأنعام: من الآية151]، وقال سبحانه: ﴿وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً﴾ [الإسراء:31].

 5-إذا طغت فئة وحملت السلاح في وجه الناس وجب قتالها: قال عز من قائل:﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ الله فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [الحجرات:9].

6-عقوبة الحرابة: وهي عقوبة لمن قطع طريق المسلمين وكون عصابات إجرامية لسلب

الأموال، وقتل الأنفس، قال الحق تبارك وتعالى: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ الله وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ

عَظِيمٌ﴾ [المائدة:33].

7- حماية حق الحياة عن طريق الجهاد القتالي: إن من بين الأهداف التي شرع من أجلها الجهاد القتالي؛ حماية حق الحياة لأفراد المجتمع. قال الله عز اسمه: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ الله الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [سورة البقرة:190].

8- تحريم الإجهاض، وهو كقتل النفس، وحماية الأطفال والعناية بهم، وتوفير حاجياتهم.

ثالثا- حق الحرية:

إن الإسلام يقدِّر حريَّة الفرد تقديراً لإنسانيته ولكرامته التي أكرم بها وهو في ظلمة الأرحام، إلا أنه لا يجعل هذه الحرية مطلقة من كل القيود بحيث تؤدي إلى ضياع الحقوق الشرعية الملقاة على عاتقه، بل يقيَّدها بما يكفل سعادة المجتمع العمراني الذي هو فرد من أفراده ولبنة من لبناته.

 بدأ الإسلام بتحرير الإنسان من العبودية لغير الله عز وجل،وتحريره من شهوات نفسه ونزوات غريزته.

 فالحرية كما يرى علماء المسلمين، هي قدرة الإنسان على التصرف، إلا لمانع من أذى أو ضرر له أو لغيره.

 إن الحرية قيمة كبرى في الإسلام، تسمو بالإنسان

في حياته المادية والروحية، وليست انفلاتاً

مما في الإسلام من قواعد السلوك الاجتماعي أو

 الخلقي، الذي يحفظ للمجتمع مصالحه وتماسكه.

 فلا حرية لأحد في نشر الفساد أو الرذيلة أو الفتنة في المجتمع؛ لأن الحرية لا تنزل بصاحبها إلى الشر والإفساد، ولا تبيح له أن يؤذي غيره، أو يعرض المجتمع للخطر.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادموالسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الثمانون بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:*حقوق العباد وواجباتهم

وكم قاست مجتمعات عديدة في العصر الحديث، من الانفلات، وإهدار الفضيلة، وذبحها على مذبح الشهوات، وإهدار كرامة النفس والجسد الإنساني باسم الحرية.

 فالحرية حق للإنسان، ولكنها مثل كل الحقوق،

 لها وظيفة اجتماعية، لا يجوز إهدارها، ولا تجاوزها،

 ولها ضوابطها وقيودها ومجالاتها.

 والحرية التي قررها الإسلام يمكن تصنفيها إلى

أصناف:

1- الحرية الإنسانية: وهي أن يكون الإنسان غير مملوك لأحد، إلا لخالقه ورازقه: ﴿وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهٰتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [النحل:78].

ومن هنا كان شعار الإنسان دائماً، يكرره في اليوم عشرات المرات، لا إله إلا الله، أي لا معبود بحق سواه، وهذا ما يقوله المسلم في صلاته كل يوم أزيد من سبع عشرة مرة في اليوم: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ

 نَسْتَعِينُ﴾ [الفاتحة:5].

 2- الحرية العلمية: العبد المسلم طُلب منه أن يتعلم

العلم من المهد إلى اللحد، فالإسلام فتح المجال للعبد ليتفكر في السماوات والأرض، وليتدبر في كتاب الله المنظور والكتاب المنطوق: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمٰوٰتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيٰحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيٰتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ [ سورة البقرة:164].

 فالطريق أمام البحث العلمي مفتوح، وهذا ما

 نلاحظه اليوم من أبحاث في علوم شتى علوم

الشريعة  وفي الفيزياء والفلك والحساب والاقتصاد

والكيمياء والتاريخ والجغرافيا وغيرها.

3-الحرية السياسية: وهي جزء من الحرية الإنسانية، وتتجلى في حق الأفراد في اختيار

حاكمهم  وإبداء رأييهم في حدود الشرع: ﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾ [آل عمران: من الآية159]، ونقد الحاكم نقدًا بناءً، ورفع الشكاية من بعض الولاة والعمال، وحرية عدم إطاعة الحاكم إذا أمر بمعصية الله...

4- الحرية الاجتماعية: كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال تعالى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنٰتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلوٰةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكوٰةَ وَيُطِيعُونَ الله وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة:71]، وقال سبحانه: ﴿يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا

أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ [لقمان:17].

 5- الحرية العقدية: قال سبحانه: ﴿لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِالله فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة:256]، فكل إنسان يختار معتقده  وفي الآخرة سيحاسب على اختياره، إن كان

 خيرًا فخير وإن كان شرًا فشر.

 6- الحرية الأدبية: إن لكل إنسان ميوله، ولذاته

المشروعة، ولغاته وبيئاته،  فلا يلزم الإنسان بسلوك طريق معين، ما لم يخرج عن الضوابط الشرعية: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمٰوٰتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ

 أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيٰتٍ لِلْعَالِمِينَ﴾ [الروم:22].

وخلاصة القول: إن الحرية ملكة تميز الإنسان عن غيره من المخلوقات على وجه البسيطة.

خلقه الله تعالى وميزه بالعقل والإرادة، وجعل هذه الحرية مرتبطةً به في سائر شؤون حياته، وتشمل:

 حرية الذات، والتنقل وداخل الدولة وحرية مغادرته إلى أي بلد والعودة إليه، أما النفي والتغريب فإنه عقوبة لا تتقرر إلا بعد الإدانة والجريمة.

كما تشمل حق الهجرة واللجوء وهذا حق جعله

الإسلام للمضطهد للتحرر من الظلم، وحق المأوى وحق سرية المراسلات....

[الأنترنت – موقع حقوق العباد و واجباتهم في الشريعة الإسلامية - بقلم : أ. د / أبو اليسر رشيد كهوس]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادموالسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الواحدة والثمانون بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:*التوازن بين الحقوق والواجبات هو أساس كلّ حضارة.

الحقّ في مقابل الواجب، والواجب في مقابل الحقّ.

 الحقّ أخذ، والواجب عطاء. ولا أخذ بلا عطاء،

 ولا عطاء بلا أخذ.

ارتبط الحقّ إذن بالقانون وارتبط القانون بالحقّ أكثر من ارتباطه بالواجبات، فالحقوق في حاجة إلى دفاع. والواجبات إلزام خلقي فردي. الحقّ ينتزعه الإنسان من المجتمع، والواجب يلتزم به الإنسان من تلقاء نفسه. لذلك أنشأت كلّيات الحقوق للدفاع عن حقوق الإنسان والمواطن في حين أنّ الواجبات جزء من علم الأخلاق.

لذلك نشأت مدرسة الحقّ الطبيعي من أجل تأسيس

القانون عليه. فالحقّ في الطبيعة البشرية، حقّ الحياة والبقاء والمعرفة والحرّية في القول والعمل والاعتقاد والحركة. فالحقّ مغروز في طبيعة البشر، وليس مُنحة أو مِنّة من أحد. والواجب التزام أخلاقي ينبع أيضاً من طبيعة الفرد وليس مفروضاً عليه من الله، الواجبات الدينية مثل الحدود والكفارات، أو من الحاكم، الواجبات السياسية مثل الطاعة والالتزام بالقانون.

ومع ذلك فقد قيل عن الحضارة الإسلامية أنّها عرفت الواجبات ولم تعرف الحقوق، وأنّ الحضارة الغربية ربما عرفت الحقوق ولم تعرف الواجبات. وبالرغم مما في كلّ تعميم من جور إلّا أنّ الأفكار الشائعة المتداولة في الثقافة العامّة قد يكون لها أبلغ الأثر في توجيه

الرأي العام من الأحكام العلمية الدقيقة.

والحقيقة أنّ هذا حكم ظالم. فلا توجد حضارة إلّا وعرفت الحقوق والواجبات. ولكن القضية هي إيجاد التوازن بينهما. وهذا التوازن لا يحدث تلقائياً بل يقع في سباق تاريخ وبجهد بشري. أحياناً تكون الحقوق موجودة بالقوّة والواجبات موجودة بالفعل كما هو الحال في الحضارة الإسلامية. وأحياناً تكون الحقوق موجود بالفعل والواجبات موجودة بالقوّة كما هو الحال في الحضارة الغربية. ويستعمل أنصار الحكم الأوّل أنّ الحضارة الإسلامية عرفت الواجبات دون الحقوق بحجة أنّ الله هو صاحب الحقّ وأنّ الإنسان هو خلقه وأداته لتنفيذ الواجب. وقد وضح ذلك من عنوان كتاب محمّد بن عبدالوهاب الشهير "كتاب التوحيد الذي هو حقّ الله على العبيد". كما تستعمل بعض الحجج المعاصرة من طبيعة العلاقة بين الحاكم والمحكوم في ثقافتنا وممارساتنا السياسية، أنّ الحاكم له حقوق أكثر مما عليه من واجبات في حين أنّ المحكوم عليه واجبات أكثر مما له من حقوق، فالعلاقة بين الحاكم والمحكوم مثل العلاقة بين الله والإنسان في التوازن بين الحقوق والواجبات.

كما يبرز في السلوك اليومي حقّ المواطن على غيره

 أكثر مما يبرز واجبه نحوه، يأخذ المواطن حقّه من

 غيره وربما أكثر منه ولا يقوم بواجباته نحوه كردّ فعل على سلب حقوقه وتكبيله بالواجبات على المستويين الديني والسياسي. فتنازع الأفراد في الحقوق مع بعضهم البعض وتركوا الواجبات تجاه بعضهم البعض.

وقد صاغ الأصوليون في مقاصد الشريعة الكلّية حقوق الإنسان، وهي الضروريات الخمس التي من أجلها وضعت الشريعة ابتداءً. وهي مقاصد الشارع ذاتها وموجودة في الطبيعة الإنسانية وفي واقع الناس وحياتهم. فهي حقوق طبيعية أتت الشريعة لتأكيدها.

 فالشريعة بهذا المعنى شريعة وضعية.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادموالسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الثانية والثمانون بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*التوازن بين الحقوق والواجبات هو أساس كلّ حضارة – حقوق الإنسان – الضروريات الخمس

أوّلاً: الدفاع عن الحياة والبقاء ضد الموت

والاستئصال والذبح والتدمير.

فحقّ الحياة حقّ طبيعي. وتتمثّل الحياة في حياة النفس البشرية وحياة النبات والحيوان.

ثانياً: الدفاع عن العقل، فالحياة هي الحياة العاقلة.

 والعقل هو أساس التكليف.

لذلك لا تكليف للصبي أو المجنون.

والعقل هو الفهم والعلم والمعرفة.

لذلك حقّ العلم حقّ طبيعي، والجهل ضد حقّ العلم. لذلك لزمت مجانية التعليم. فالعلم حقّ طبيعي، لا فرق فيه بين الأغنياء والفقراء.

ثالثاً: الدفاع عن الحقيقة الموضوعية العامّة الثابتة التي سماها القدماء الدِّين أي الحقائق الإنسانية العامّة مثل عدم العدوان، والمساواة بين البشر، وحرّية العبادة.

رابعاً: الدفاع عن العرض والكرامة والأرض.    فالعرض في الثقافة الشعبية هو الأرض أيضاً.

فالحياة ليست فقط قيمة في حد ذاتها أو حياة عاقلة قادرة على الدفاع عن الحقّ بل هي الحياة الكريمة. وتشمل الكرامة الأفراد والمجتمعات والأوطان بل وكرامة التاريخ حماية له من التشويش والتشويه المقصود.

خامساً: الدفاع عن الثروة والموارد الطبيعية ضد

الاستغلال والاحتكار والنهب والتبذير والفقد والضياع والتدمير.

وهو ما سماه القدماء المال بلغة المجتمع التجاري الأوّل.

 فالثروات الطبيعية في الأرض إنما هي قوام الحياة

سخرها الله للبشر للانتفاع بها واستثمارها.

وفي القرآن الكريم لم يُذكر لفظ واجب إلّا مرّة واحدة في صيغة فعلية للحيوان (فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا) (الحج/ 36)، في حين ذكر لفظ الحقّ 287 مرّة، منها وصف الله بأنّه هو الحقّ 227 مرّة. ويعني الحقّ الوجوب والضرورة.

إذ يحق التدمير والعقاب على مَن تخلّى عن واجباته.

وكلمة الله حقّ بمعنى أنّها واجبة (وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ) (غافر/ 66). والحقّ قانون طبيعي للكون ومظاهر الطبيعة (وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ) (الانشقاق/ 2).

فكيف بعد هذا كلّه يقال إنّ الحضارة الإسلامية

عرفت الواجبات في شكل الحدود والكفارات

وتطبيق الشريعة والحاكمية والإيمان ولم تعرف الحقوق؟ الواجبات في الإسلام مستنبطة من الحقوق. والحقوق هي أساس الواجبات. ولا حرج في الدِّين، ولا ضررولا ضرار، وتُدرأ الحدود بالشبهات، ولا تكليف بما لا يطاق.

أمّا ما يقال عن الحضارة الغربية بأنّها أعطت الحقوق

ووازنت بين الحقوق والواجبات فإنّه أقرب إلى الدعاية منه إلى الحقيقة. ويكشف عن إعجاب بالغرب وانبهار به أكثر مما يحلل وينقد، يبيّن ويكشف. صحيح أنّه في الغرب، أثناء الثورة الفرنسية وبعد الحرب العالمية الأوروبية الثانية صدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواطن، وأصبح وثيقة للبشر جميعاً. وازدهرت الكتابات عند فلاسفة الغرب عن فلسفة الحقّ، وأصول الحقّ، ومبادىء الحقّ، والحقّ الطبيعي، والحقّ المدني، والحقّ الاجتماعي، والحقّ السياسي. ومع ذلك فهي حقوق فردية.

وما دامت الحقوق مرتبطة بالعرق والمركزية الأوروبية

فقد يخرج الشعب أوروبي يدعي أنّه مركز المركز، وجنس الأجناس، وعرق الأعراق، كما حدث أيام النازية عندما أصبحت المانيا فوق جميع الأجناس، الفرنسيين والبريطانيين والأمريكيين، وأصبحت كلمة

 العالمي تخفي أبشع أنواع المحلية والعرقية.

ضاع التوازن بين الحقوق والواجبات في الغرب، حقوق الأنا الغربي وواجبات تجاه الغير، وواجبات الغير ولا حقوق لهم تجاه الأنا الغربي، حقوق المركز تجاه المحيط دون واجبات عليه، وواجبات المحيط تجاه المركز ولا حقوق لهم.

[الأنترنت – موقع الموسوعة الإسلامية- الحقوق والواجبات أساس تطور الحضارات2017/12/11 | الکاتب : د. حسن حنفي - المصدر: كتاب الدين والثقافة والسياسة في الوطن العربي]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادموالسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الثالثة والثمانون بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي بعنوان:

*سورة الرعد ( قوة الحق وضعف الباطل)

سورة الرعد من السور المدنية التي تقرر وحدانية الله تعالى والرسالة والبعث والجزاء. وتدور السورة حول محور مهم هو أن الحق واضح بيّن راسخ وثابت والباطل ضعيف زائف خادع مهما ظهر وعلا على الحق ببهرجهه وزيفه.

وعلينا أن لا ننخدع ببريق الباطل الزائف لأنه زائل لا محالة ويبقى الحق يسطع بنوره على الكون كله.

ولقد سميت السورة (سورة الرعد) لتلك الظاهرة الكونية العجيبة التي تتجلى فيها قدرة الله تعالى وسلطانه وهذا الرعد جمع النقيضين فهو على كونه مخيفاً في ظاهره إلا أنه فيه الخير كله من الماء الذي ينزل من السحاب الذي يحمل الماء والصواعق وفي الماء الإحياء وفي الصواعق الإفناء والهلاك وقد قال القائل:

جمعُ النقيضين من أسرار ****** قدرته هذا السحاب به ماءٌ به نار

وتسير الآيات في السورة على النحو التالي:

تبدأ السورة بقضية الإيمان بوجود الله ووحدانيته ومع سطوع الحق ووضوحه إلا أن المشركين كذبوا بالقرآن وجحدوا وحدانية الرحمن،. (المر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِيَ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ) آية 1

مظاهر الحق في الكون : جاءت الآيات تقرر كمال قدرة الله وعجيب خلقه في الكون كله وكيف يدبر الأمر ويفصل الآيات ويمد الأرض ويغشي الليل النهار فالله هو الحق وقرآنه حق واتّباعه حق وبعد إظهار كل هذا الحق يشكك المشركون بالبعث بعد الموت، فليتفكروا في عظيم خلق الله في الكون. (اللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاء رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ * وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ* وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاء وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) الآيات 2 – 3- 4.

المتناقضات الموجودة في الكون: جمعت الآيات 32

متناقضاً في الكون وعلينا أن نفكر أن الذي جمع كل هذه المتناقضات هو الحق ولا يتم ذلك إلا بإرادته سبحانه (اللّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ) (سَوَاء مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ) الآيات 8 – 10 – 12- 15 – 16 – 17 – 39 وحتى الرعد فيه متناقضات أنه موجب وسالب وأنه على ظاهره المخيف يحمل الخير والمطر الذي ينبت الزرع ويسقي الناس والبهائم.

الكون والقرآن: (وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ

قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَل لِّلّهِ الأَمْرُ جَمِيعًا أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُواْ أَن لَّوْ يَشَاء اللّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِّن دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ) آية 31 القرآن هو الوحيد في الكون الذي يمكنه أن يحرك الدنيا ويحرك الأرض والكون من عظمته وقوة الحق فيه ولمّا وعى المسلمون السابقون هذا الأمر وصلت الأمة الإسلامية إلى أوجها وعمت الدنيا.

قوة الحق: (لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاء لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاء الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ) آية 14 و(أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ

النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ)

ختام السورة تشهد للرسول الحق وبالنبوة الحق والرسالة الحق وأنه مرسل من عند اللهالحق . (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ) آية 43.

[الأنترنت – موقع الكلم الطيب- سورة الرعد (هدف السورة: قوة الحق وضعف الباطل)]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادموالسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الرابعة والثمانون بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي بعنوان:

*{سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق}

السؤال:

ما هو تفسير الآية قبل الآخيرة من سورة فصلت : {سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق } ؟ هل المقصود بها أنّ الكافرين سوف يعلمون أنّ الإسلام هو الدين الحق قبل موتهم وعليه لن يكون لأحد أي عذر يوم القيامة ؟ وما صحة الحديث الوارد في مسند أحمد عن امتحان الله لكل من لم تبلغه رسالة الإسلام ؟

الجواب : الحمد لله ، قال الله عز وجل : ( سَنُرِيهِمْ

آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ) فصلت/ 53. الْآفَاقُ هي النَّوَاحِي،مفردها أُفُقٌ و أُفْقٌ  

ومعنى الآية الكريمة : أن هذا وعد من الله تعالى أنه سيكشف للناس عن آياته في نواحي السموات والأرض وفي أنفسهم حتى يتبين لهم ويثقوا أن القرآن

حق أنزله الله الحق .

وقد اختلف المفسرون في معنى مفردات الآية اختلافا لا يضر بالمعنى ، بل الآية تحتمل جميع ما قالوه إذا لا منافاة بينه .

فبعض المفسرين فسر الآفاق بأنها آفاق السموات ،

 وبعضهم فسرها بأنها آفاق الأرض ، وبعضهم فسرها

 بالمعنيين بأنها آفاق السموات والأرض .

واما قوله تعالى : ( وَفِي أَنْفُسِهِمْ ) فبعضهم حملها على أنها خطاب لأهل مكة الذين لم يؤمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وأن المراد بذلك يوم بدر وفتح مكة ، فقد كان ذلك آية من الله تعالى على أنه يؤيد نبيه وينصره على أعدائه مع قلة عدد أصحابه وعتادهم ، مما يدل على أنه رسول الله حقا . وأن ما جاء به هو من عند الله حقا . وفسرها آخرون بأن المراد بها نفس الإنسان على سبيل العموم ، في كمال خلقتها وبديع صنع الله تعالى فيها ، مما يدل على وحدانيته وكمال قدرته وعلمه وحكمته .. إلخ . والآية أيضا : صالحة

لهذا المعنى وذاك ، إذا لا منافاة بينهما .

وقد صدق الله تعالى وعده فكشف للناس عن آياته في الآفاق وفي أنفسهم خلال القرون الأربعة عشر التي تلت هذا الوعد ،مما يتبين به لكل عاقل منصف أن هذا الإسلام حق، وأن القرآن حق  

وما يزال الله تعالى يكشف للناس كل حين عن آيات جديدة ، وسيستمر ظهور هذه الآيات حتى

تنتهي الدنيا ، فإن الإسلام إنما جاء لجميع البشر إلى قيام الساعة،فناسب ذلك أن تكون آياته ومعجزاته باقية إلى قيام الساعة .

وهذه أقوال بعض المفسرين في الآية :

قال القرطبي رحمه الله :( حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ) فِيهِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ : أَحَدُهَا: أَنَّهُ الْقُرْآنُ، الثَّانِي : الْإِسْلَامُ جَاءَهُمْ بِهِ الرَّسُولُ وَدَعَاهُمْ إِلَيْهِ ، الثَّالِثُ : أَنَّ مَا يُرِيهِمُ اللَّهُ وَيَفْعَلُ مِنْ ذَلِكَ هُوَ الْحَقُّ ، الرَّابِعُ : أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الرَّسُولُ الْحَقُّ " انتهى "

 تفسير القرطبي" (15/ 374-375).

وهذه الأوجه الأربعة كلها حق ، وكلها متلازمة ، غير أن الظاهر أن المراد بالآية القرآن الكريم ، فإنه قد أشير إليه في الآية التي قبلها : ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ ) [فصلت/52 ، " مدارج السالكين " لابن القيم (3/466) ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادموالسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الخامسة والثمانون بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:*{سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق}

قال السعدي رحمه الله :" إن قلتم - أيها الكافرون - أو شككتم بصحته وحقيقته - يعني القرآن - فسيقيم الله لكم ويريكم من آياته في الآفاق كالآيات التي في السماء وفي الأرض،وما يحدثه الله تعالى من الحوادث العظيمة ، الدالة للمستبصر على الحق.

(وَفِي أَنْفُسِهِمْ) مما اشتملت عليه أبدانهم ، من بديع

آيات الله وعجائب صنعته ، وباهر قدرته ، وفي حلول العقوبات والمثلات في المكذبين ، ونصر المؤمنين ، (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ) من تلك الآيات ، بيانًا لا

يقبل الشك (أَنَّهُ الْحَقُّ) وما اشتمل عليه حق .

وقد فعل تعالى ، فإنه أرى عباده من الآيات ، ما به تبين لهم أنه الحق ، ولكن الله هو الموفق للإيمان من شاء، والخاذل لمن يشاء " انتهى من " تفسير السعدي " (ص 752) .

وقال محمد الأمين الشنقيطي في " أضواء البيان " (7/67-68) : وكثير من الناس ظهر لهم الحق ولكنهم عاندوا وجحدوا ، إما حسدا ، وإما خوفا على مناصبهم ودنياهم .. أو لغير ذلك من الأسباب . كما كان أئمة الكفار في مكة كأبي جهل وغيره يقرون للنبي صلى الله عليه وسلم بالصدق والنبوة ، ولكنهم كانوا يظهرون خلاف ذلك بألسنتهم ، قال الله تعالى عنهم

 :(فَإِنَّهُمْ لَايُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ)الأنعام/ 33

ومع وضوح هذه الآيات أيضا ، إلا أن هناك من الكافرين من لم تبلغهم دعوة الإسلام ، أو كانوا معذورين ، كفاقد العقل ، أو من مات صغيرا قبل أن يعقل ويكلف، فهؤلاء هم الذي ورد في الأحاديث أنهم يمتحنون يوم القيامة . [روى الإمام أحمد (16301) ، وابن حبان (7357) ، والطبراني في "الكبير" (841) ] عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( أَرْبَعَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : رَجُلٌ أَصَمُّ لَا يَسْمَعُ شَيْئًا ، وَرَجُلٌ أَحْمَقُ ، وَرَجُلٌ هَرَمٌ ، وَرَجُلٌ مَاتَ فِي فَتْرَةٍ ، فَأَمَّا الْأَصَمُّ فَيَقُولُ: رَبِّ ، لَقَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَمَا أَسْمَعُ شَيْئًا ، وَأَمَّا الْأَحْمَقُ فَيَقُولُ : رَبِّ ، لَقَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَالصِّبْيَانُ يَحْذِفُونِي بِالْبَعْرِ، وَأَمَّا الْهَرَمُ فَيَقُولُ: رَبِّ، لَقَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَمَا أَعْقِلُ شَيْئًا، وَأَمَّا الَّذِي مَاتَ فِي الْفَتْرَةِ فَيَقُولُ: رَبِّ، مَا أَتَانِي لَكَ رَسُولٌ ، فَيَأْخُذُ مَوَاثِيقَهُمْ لَيُطِيعُنَّهُ ، فَيُرْسِلُ إِلَيْهِمْ أَنْ ادْخُلُوا النَّارَ، قَالَ: فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ دَخَلُوهَا لَكَانَتْ عَلَيْهِمْ بَرْدًا وَسَلَامًا ) [وصححه البيهقي في " الاعتقاد " (ص169) ، وكذا صححه الألباني في " الصحيحة " (1434) ، وقال الهيثمي في " المجمع " (7/ 216): " رجاله رجال الصحيح ] [الأنترنت – موقع الإسلام سؤال وجواب – المنجد]

 يقول الله عز وجل:﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ﴾ [سورة الحج الآية:62]

 الحق: الشيء المستقر, الثابت, الذي لا يزول, والباطل: هو الشيء الذي يزول:﴿إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً﴾ [سورة الإسراء الآية:81] وزهوق: صيغة مبالغة؛ أي: شديد الزهوق, أي أكبر باطل سوف ينهار, ومليون باطل سوف ينهار، مهما تنوع الباطل, لو كان هناك مليون نوع كله إلى زوال, ولو كان أكبر باطل تدعمه أكبر قوة في العالم لا بد من أن يزول.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادموالسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة السادسة والثمانون بعد الثلاثمائة في

موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:*{سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق}

الحق هو الشيء الثابت الهادف :

وخلق السموات والأرض بالحق, وكلمة حق تُفهم في القرآن عن طريق القرآن:﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ ومَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً﴾ [سورة ص الآية:26] ﴿مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ [سورة الدخان الآية:39]

فالحق خلاف الباطل,والباطل هو الشيء الزائل

:﴿وَمَاخَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ﴾ [سورة الدخان الآية:38] ﴿ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾[سورة ص الآية:26]

 فالحق خلاف اللعب, اللعب عبث, والباطل زائل, فصار الحق هو الشيء الثابت, الهادف؛ وراءه حكمة بالغة, وراءه هدف نبيل, وراءه شيء عظيم, لذلك مليون اتجاه, مليون نظرية, مليون مذهب, ومليون نزعة, كلها تزول, والحق باق.

بطولة الإنسان أن يكون مع الحق :

 كم فرقة ضالة ظهرت عبر تطور الإسلام؟ كل هذه الفرق تلاشت, وانهارت, ونسيها التاريخ, بل

قبعت في مزابل التاريخ, وبقي الإسلام صامداً

كالطود؛ الله هو الحق, هو الذي ينصر الحق, هو

الذي يدعم الحق؛ الحق هو الدائم, الحق هو الباقي,

 والباطل هو الزائل.

 العصر شهد انهيار أكبر قوة في العالم, بنيت على الإلحاد, باطلة، وللعوام كلمة لطيفة, يقول لك: "لا يصح إلا الصحيح".

 الأمر لا يستقر إلا على وضع سليم, فكل شيء خلاف الحق زائل وباطل.

 الآن: الإنسان بطولته أن يكون مع الحق لا أن يكون مع الباطل, فإذا ربط مصيره مع الباطل فهو زائل؛ كل مكتسباته إلى زوال, كل أعماله يجعلها الله

 هباء منثوراً, كل تصرفاته لا قيمة لها:﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً﴾ [سورة الفرقان الآية:23]

من ربط مصيره بالحق نجح وأفلح وسعد :

 في الإسلام نعمة لا يعرفها إلا من فقدها؛ مهما تطور العلم, مهما تغيرت الحياة, مهما استجدت النظم, الإسلام باق, ويزداد قوة ومنعة, ولو كان أعداؤه أهل الأرض, لأنه حق, أما لو كان الإنسان مع مذهب باطل, فعنده حالة قلق دائمة, لو أن هذا الباطل انهار, انهار هو معه؛ فإذا الإنسان ربط مصيره مع الحق نجح, وأفلح, وسعد, وإذا ربط مصيره مع الباطل, انهارت كل آماله.

 هناك رئيس وزراء فرنسي انتحر, صحفيون كتبوا

مئة مقالة تقريباً عن أسباب انتحاره, لم يصل صحفي

 واحد منهم إلى نتيجة

 أولاً: رجل من أعرق أسر فرنسا, وغني, ليس له أي مخالفة بفضائح في حياته حتى ينتحر خوفاً منها, إلا صحفياً واحداً, وفِّق لفهم سبب انتحاره, كان مؤمناً بمبدأ, بعد سبعين سنة من ظهور هذا المبدأ تبين له أنه كان على خطأ, فاحتقر نفسه.

 إنسان ربط مصيره و وضع كل إمكاناته في خدمة هذا المبدأ,ثم تبين له أنه كان مضللاً,وكان بعيداً عن الحق.

 فالمسلم لا يوجد عنده هذه الحالة؛ مهما تطورت الحياة, مهما تطور العلم, لا يوجد شيء ظهر يناقض هذا الدين, بالعكس كلما اقترب العلم من الحق, كان على صواب.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادموالسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة السابعة والثمانون بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:*{سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق}

 الملاحظ أن الدول الشاردة عن الله عز وجل بدافع

من مصلحتها الشخصية, بدافع من قناعاتها, تعود إلى الإسلام مقهورة.

 الاتحاد السوفييتي قبل أن ينهار حرم الخمر, الآن في السويد الخمر محرم, بعض ولايات أمريكا الاختلاط فيها محرم.

 هم يدركون أنهم إذا نفذوا هذا الإجراء لمصلحتهم, هم

 لا يعبدون الله في هذا, يعبدون ذواتهم؛ لكن اهتدوا إلى أن هذا الذي جاء به القرآن هو الحق, و ينبغي أن يطبق.

من طبق الحق بدافع من قناعاته و عبادة الله كسب

 الدنيا و الآخرة :

 الإنسان إما أن يطبق الحق بدافع من مصالحه, عندئذ يكسب الدنيا فقط, وإما أن يطبق الحق بدافع من قناعاته, وبدافع من عبادة الله عز وجل, عندئذ يكسب الدنيا والآخرة.

 آية قصيرة لكنها بليغة:﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ

 مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ﴾[سورة الحج الآية:62]

 هو إن كان شيء عن النبي لم يرد, لكن يفعله معظم الناس, في تلقين الميت يقال له:

اعلم - يا عبد الله- أن الجنة حق, وأن النار حق,

 وأن الحساب حق, وأن الصراط حق, وأن العرض

 حق)) حق أي واقع.

 الآن: كم إنسان في الأرض يعيش للدنيا فقط والآخرة غائبة عنه تماماً؟ عندما يفاجأ أن هناك آخرة, وهناك أبد, من الممكن أنه سوف يُصعق:﴿فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ﴾ [سورة الطور الآية:45]

المؤمن عنده نعمة كبيرة, قبل أن يأتي هذا اليوم الذي يصعق فيه الناس, هو متوقع هذا اليوم.

أكبر عطاء للمؤمن أن معه الحقيقة المطلقة :

 أكبر عطاء للمؤمن أن معه الحقيقة, الحقيقة المطلقة, لا يوجد عنده مفاجأة؛ يموت, الموت حق, هناك جهنم للأبد, جهنم حق, هناك جنة, الجنة حق, هناك حساب دقيق, الحساب حق, هناك من يعمل مثقال ذرة خيراً يره, هذه العدالة الإلهية من يراها؟  لا يوجد إنسان يراها ويأخذ مال أخيه, هذا الذي يأكل أموال الناس بالباطل, ويعتدي عليهم, لا يؤمن بالآخرة إطلاقاً, يؤمن بالدنيا فقط.

 العبرة ألا يتفاجأ الإنسان, والإنسان حينما يندم, معنى هذا أن عقله ضعيف, أو لم يستخدمه.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادموالسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الثامنة والثمانون بعد الثلاثمائة في

موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:*{سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق}

 تصور طالباً من أول يوم في العام الدراسي يدرس, لأن الامتحان ماثل أمامه, فيأتي الامتحان, مهيأ؛ يكتب, ينجح, بالعكس يفرح, لا يندم, طالب آخر غاب عنه الامتحان, عاش لحظته, فيبدو أنه مسرور أكثر من المجتهد؛ يذهب, ويعود, ويسهر, عندما يأتي الامتحان, ليس مستعداً له, هنا المصيبة!!.

 فالمؤمن إذا وصل للحق وصل لكل شيء, إذا كان

 مع الحق كان مع أكبر قوة في الكون, إذا كان مصيره

الحق, معنى هذا أن مصيره السعادة.

من لا يؤمن بأن للكون خالقاً حكيماً يبحث عن طريق آخر : ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ﴾ [سورة الحج الآية:62]

الله عز وجل خلق الإنسان من نطفة أمشاج يبتليه.

 هم الآن في اتجاه أن يعملوا استنساخاً, فاستطاعوا أن يعملوا نعجة,ليست من ذكر وأنثى,ولا من حوين  وبويضة, من أخذ خلية من الثدي, وتنبيتها في رحم, طبعاً اكتشفوا أن كل خلية في الإنسان فيها مورثات, لكن الطريق خلاف الطريق الذي رسمه الله؛ الله رسم ذكراً وأنثى, ومورثات هنا, ومورثات هنا, يتفاعلون, يظهر جنين يحمل مورثات الأب والأم معاً, هذه معنى أمشاج: ﴿إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ﴾[سورة الإنسان الآية: 2]

 أخذوا خلية من الثدي, فجاءت النعجة مشابهة لأمها تماماً, وليس لها علاقة بأبيها إطلاقاً.

 من حوالي شهر تقريباً أذيع أن علامات الشيخوخة المبكرة جداً ظهرت على هذه النعجة, لأن خلق المخلوق من نطفة أمشاج, هذا هو الحق, هذا هو الكمال المطلق, فلما بحثوا عن طريق آخر, الطريق الآخر غير معقول! ولعله يبدو في المستقبل له آفات خطيرة جداً, وحالات نادرة جداً من تغيير خلق الله عز وجل.

 فالإنسان حينما يؤمن أن لهذا الكون خالقاً حكيماً, وأنه يفعل أكمل شيء في الوجود, يستسلم, أما حينما لا يؤمن بهذه الحقيقة فيبحث عن طريق جديد.

 في عالم الزراعة مثلاً بحثوا عن أسمدة كيماوية, الآن

ثبت خطؤها, عادوا للنظام القديم - نظام السماد الطبيعي-, حاولوا أن يكافحوا الحشرات بأدوية كيماوية, الآن ثبت خطؤها, عادوا إلى النظام القديم -المكافحة الحيوية-، فكلما أخطؤوا خطأ فاحشاً, الآن يعودون إلى أصل التصميم الإلهي, معنى هذا أن أصل

التصميم هو الحق.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادموالسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة التاسعة والثمانون بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:*{سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق}

أكبر إنجاز يحققه الإنسان أنه مع الحق :           حتى إن هناك عالماً اسمه كاريل, ألّف كتاباً:

"الإنسان ذلك المجهول" قال فيه: "خير نظام البشرية أن يقصر المرء طرفه على زوجة واحدة".

 حتى غض البصر وصلوا له عن طريق المنطق,

 فذلك لأن الله هو الحق, وأمره حق, وتوجيهاته

حق, ونظام الزواج حق, ونظام الإرث حق, والطلاق حق، الله صمم أن الإنسان يأتيه ذكر, أو أنثى, أو ذكر و أنثى.

 ظهر قانون في الصين: نريد ولداً واحداً فقط, فكل أسرة تأتيها بنت تخنقها, تقتلها, مادام مسموح للأسرة بطفل واحد فلا تسجل إلا الذكر, فالبنت كانت تقتل؛ هناك جهل, و إلحاد, ويريدون ذكراً, فعندما يأتي الذكر, ويسجلونه, ذكراً واحداً, لا يوجد غيره أساساً, لكن غاب عنهم أن هذا النظام باطل, الآن هناك إحصائية دقيقة أن خمسين مليون شاب من دون فتاة, من دون زوجة, فنشأت عصابات تخطف الفتيات في سن الزواج, لأن الإجراء باطل.

 هناك بلد غربي بشمالي إفريقيا, أظهر قانوناً ألغى فيه قانون الزواج الإسلامي؛ أن كل إنسان يطلق, تأخذ زوجته نصف ممتلكاته, هذا نظام باطل, الحق أن المرأة لها مهر, تستحقه عند الطلاق, أما إنسان عنده معمل, ثمنه ألوف الملايين, وهذه التي عنده في البيت, أحب أن يطلقها, تأخذ نصف ثروته, فرد

 الفعل في أمريكا أن الزواج قد التغى.

 الآن: هناك مشاكلة -هذا الشيء أنا لمسته بشكل

 واضح- نظام المشاكلة ألغى نظام الزواج, حتى

الزواج المدني التغى, لأتفه سبب؛ يلفظها, يركلها بقدمه.

 في بلد عربي بشمال إفريقيا, توقف سوق الزواج نهائياً على أثر القانون, فصار الأب يعرض على خاطب ابنته أن يوقع له سند أمانة بمليون في حال طالبناك بنصف ثروتك حتى يزوج ابنته. فتجد كلما ظهر قانون خلاف الشرع يثبت فشله بشكل ذريع: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ﴾[سورة الحج الآية:62]

 نظام الزواج هو الحق, نظام المهر هو الحق, غض البصر هو الحق.

 عندما عملوا بالكنيسة زوجة واحدة, أصبح هناك

 مئة عشيقة,أما الإسلام فلا يوجد عنده مخالفة ؛ هناك أمر قاهر, هناك زوجة لا تنجب, زوجة مريضة, زوجة لا تحصن, سمح لك بزوجة ثانية, التعدد هو الحق, هو الذي يحل مشاكل المجتمعات, ومشاكل الأسر:﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ﴾[سورة الحج الآية:62]

أكبر إنجاز يحققه الإنسان أنه مع الحق؛ مع الشيء

الثابت والهادف, مع الشيء الباقي, مع الشيء الذي لا يزول, حتى الإنسان لو مات الجنة حق, فسوف ينتقل من الدنيا إلى الآخرة, من ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة, كما ينتقل الجنين من ضيق الرحم إلى سعة الآخرة.[  الأنترنت – موقع موسوعة النابلسي_ { ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه الباطل..]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادموالسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة التسعون بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي بعنوان :

* حظ المؤمن من اسم الله الحق

1- طلب العلم والرسوخ فيه:

العلم لا مجرد المعرفة، أن تتعلم أي أن تكون راسخًا في علمك وليس حفظ كلمتين أو قراءة كتابين

أو سماع درسين. بل يحتاج الأمر أن يترسخ في قلبك لكي يكون عقيدة وعلمًا.

2- تحقيق الإيمان واليقين ، كيف تكون موقنًا بالشيء؟

·   ‌بإصلاح المحل (القلب). عندما يدخل نور العلم إلى القلب القاسي لا يثبت يه لأن الرن قد علاها وأشرب القلب المعاصي. لذا تحتاج إلى تطهير القلب لتثبت فيه المعاني. حينئذ تجد نفسك موقنًا ثابتًا لا تتزعزع ولا تنتابك الشبهات ولا تأخذ بك الريب والشكوك.

3- أن تثبت ولا تتزعزع-؟ والثبات له أسبابه الكثيرة نذكر منها:

‌أ. قول الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا} [النساء: 66] الامتثال لما توعظ به والامتثال لأمر الله. لو امتثلت وتأدبت يترسخ الفعل عندك ويصير ثابتًا لا يتزعزع عندك، أما إذا أعرضت وأخذت ما يناسب هواك وعلى حسب الحالة الإيمانية عندك وما يناسب الوسط الاجتماعي ونقول هذا لا ينفع في زماننا، يقول الله: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُ‌ونَ بِبَعْضٍ} [البقرة: 85]

‌ب. يقول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الأنفال: 45] الذكر لصلاحية المحل وتطهير القلب.

4- العدل : أن تكون عادلاً ولا تظلم مثقال ذرة كما قال تعالى في الحديث القدسي "يا عبادي! إني حرَّمتُ الظلمَ على نفسي وجعلتُه بينكم محرَّمًا.فلا تظَّالموا" [صحيح مسلم (2577)]

أولا : لا تظلم نفسك بارتكاب المعاصي فهذا سوف يزعزع ثباتك، فالظلم ظلمات.

ثانيا : لا تظلم غيرك فإن من أعظم الذنوب تعجيلاً بالعقوبة البغي والعقوق وكن منصفًا.

كان الخطابي وهو من علماء القرن الرابع يقول: " نحن في زمان قل فيه من يعرف وأقل منه من يُنصف". فماذا نقول نحن الآن؟! ماذ نقول في زمان لا أحد فيه يعرف ولا أحد فيه يُنصف إلا من رحم ربي.

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المائدة: 8]

ليس لأني أحبه ويتبع اتجاهي الفكري الذي اتبعه

 أتحمل له كل شيء ومن ليس كذلك أشن عليه الحروب والمعارك. فطريق التقوى العدل.

5-اعط كل ذي حق حقه:

هذا المفهوم الماتع في ديننا، قضية التوازن. فإن لأهلك عليك حقًا وإن لنفسك عليك حقًا وإن لجارك عليك حقًا وإن لصديقك عليك حقًا وإن لوالديك عليك حقًا فأعط كل ذي حق حقه.

[الأنترنت – موقع الكلم الطيب  - حظ المؤمن من اسم الله الحق]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادموالسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الواحدة والتسعون بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي بعنوان

*ثَمَرَاتُ الإِيمَانِ بهَذَا الاِسْمِ:

1- اللهُ تَعَالَى هُوَ الحَقُّ المُبِينُ، لَا شَكَّ وَلَا رَيْبَ فِي وُجُودِهِ، وَلَا يَسَعُ أَحَدًا إِنْكَارُهُ لِظُهُورِ دَلاَئِلِ إِثْبَاتِهِ، وَكَيْفَ يَخْفَى سُبْحَانَهُ وَهُوَ أَحَقُّ بِاسْمِ (الحَقِّ) مِنْ كُلِّ حَقٍّ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ حَقٌّ فِي ذَاتِهِ، حَقٌّ فِي صِفَاتِهِ حَقٌّ فِي أَقْوَالِهِ، حَقٌّ فِي أَفْعَالِهِ.

يَقُولُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ السَّعْدِيُّ رحمه الله تَعَالَى: "الحَقُّ" فِي ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ، فَهُوَ وَاجِبُ الوُجُودِ،

كَامِلُ الصِّفَاتِ وَالنُّعُوتِ، وُجُودُهُ مِنْ لَوَازِمِ ذَاتِهِ، وَلَا

 وُجُودَ لِشَيءٍ مِنَ الأَشْيَاءِ إِلَّا بِهِ، فَهُوَ الذِي لَمْ يَزَلْ وََلا يَزَالُ بِالجَلَالِ وَالجَمَالِ وَالكَمَالِ مَوْصُوفًا، وَلَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ بِالإِحْسَانِ مَعْرُوفًا.

فَقَوْلُهُ حَقٌّ، وَفِعْلُهُ حَقٌّ، وَلِقَاؤُهُ حَقٌّ، وَرُسُلُهُ حَقٌّ، وَكُتُبُهُ حَقٌّ، وَدِينُهُ هُوَ الحَقٌّ، وَعِبَادَتُهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ هِيَ الحَقُّ، وَكُلُّ شَيءٍ يُنْسَبُ إِلَيْهِ فَهُوَ حَقٌّ.

﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ﴾ [الحج: 62]، ﴿ وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾ [الكهف: 29].﴿ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ ﴾ [يونس: 32]. ﴿ وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ

 كَانَ زَهُوقًا ﴾ [الإسراء: 81][ تيسير الكريم الرحمن (5/ 305).]

2- وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَفْتِحُ صَلاَتَهُ مِن اللَّيْلِ بِذِكْرِ هَذَا المَعْنَى، كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ قَالَ: "اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ لَكَ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ مَلِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ الحَقُّ، وَوَعْدُكَ الحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ، وَالجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ..." الحَدِيثَ[أخرجه البخاري (3/ 3) (11/ 116) (13/ 371، 423، 465)، ومسلم (1/ 532 - 533)، واللفظ للبخاري في التهجُّد.]

قال الحافظ: "وإطلاقُ اسمِ (الحق) على ما ذكر مِن الأمور معناه: أنه لا بدَّ مِن كونها، وأنها مما يجب أن يصدَّق بها، وتكرار لفظ (حق) للمبالغة في التأكيد" (الفتح 3/ 4).

1-وَاللهُ تَعَالَى هُوَ الإِلَهُ وَالرَّبُّ الحَقُّ، الذِي لَا تَنْبَغِي الأُلُوهِيَّةُ وَالرُّبُوبِيَّةُ إِلَّا لَهُ عَزَّ وَجَلَّ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَمَا سِوَاهُ مِنَ الآلِهَةِ وَالمَعْبُودَاتِ فَبَاطِلٌ زَائِلٌ، وَقَدْ دَلَّلَ اللهُ سُبْحَانَهُ عَلَى ذَلِكَ بِالأَدِلَّةِ الوَاضِحَةِ، وَالبَرَاهِينِ الظَّاهِرَةِ فِي غَيْرِ مَا مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ الكَرِيمِ.

كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ

أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ*فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ﴾يونس: 31، 32].

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: ﴿ قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ * قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَالَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾يونس: 34، 35

وَقَالَ تَعَالَى آمِرًا نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَقُولَ: ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [يونس: 104].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادموالسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الثانية والتسعون بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان*ثَمَرَاتُ الإِيمَانِ بهَذَا الاِسْمِ:

وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الحَجِّ: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ * أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ * لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ * أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ * وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنْسَانَ

لَكَفُورٌ ﴾ [الحج: 62 - 66][ وانظر الآيات: [ 25 - 32 ] من سورة لقمان.]

فَذَكَرَ اللهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الآيَاتِ - وَغَيْرُهَا كَثِيرٌ - مِنْ دِلاَئِلِ أُلُوهِيَّتِهِ الحَقَّةِ وَرُبُوبِيَّتِهِ أَمْرًا عَظِيمًا،مِنْ كَوْنِهِ:

• يَرْزُقُ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ.• يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ.• يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَعَكْسُهُ.

• يُدَبِّرُ الأَمْرَ.• يَبْدَأُ الخَلَقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ.• يَهْدِي إِلَى الحَقِّ.• يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ.• يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَعَكُسُهُ.• يُحْيِي الأَرْضَ بِالمَاءِ وَيُخْرِجُ نَبَاتَهَا.

• يَمْلِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا فِيهَا.

• يُسَخِّرُ لِلنَّاسِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ.         • يُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ.

﴿ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [لقمان: 11].

4- لَمَّا كَانَ اللهُ هُوَ الحَقَّ وَيُحِبُّ الحَقَّ وَيَأْمُرُ بِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنْ بَيَانِهِ لِلنَّاسِ، وَإِظْهَارِهِ لَهُم بِأَنْوَاعِ الأَمْثِلَةِ الحِسِّيَّةِ التِي تُعِينُ عَلَى فَهْمِ الحَقِّ وَقَبُولِهِ،

 وَالإِعْرَاضِ عَمَّا سِوَاهُ مِنَ البَاطِلِ.

قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا

وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ ﴾ [البقرة: 26].

وَلاَ يَسْتَحِي مِنَ الأَمْرِ بِهِ وَالحَثِّ عَلَيْهِ فِي سَائِرِ شُؤُونِ النَّاسِ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ صَلَاحَهُم فِي مَعَاشِهِم وَمَعَادِهِم، وَفِي تَرْكِ الحَقِّ حَيَاءً أَوْ خَوْفًا أَوْ مُدَاهَنَةً فَسَادُ حَيَاةِ النَّاسِ، وَلَنَا فِي آيَةِ الحِجَابِ عِبْرَةٌ وَعِظَةٌ، فِي التَّمَسُّكِ بِالحَقِّ قَالَ تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ﴾ [الأحزاب: 53].

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ فِي الآيَةِ: "إِنَّ دُخُولَكُم بُيُوتَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَيْرِ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ، وَجُلُوسَكُمْ فِيهَا مُسْتَأْنِسِينَ لِلْحَدِيثِ بَعْدَ فَرَاغِكُمْ مِنْ أَكْلِ الطَّعَامِ الذِي دُعِيتُمْ لَهُ، كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْهَا إِذَا قَعَدْتُم فِيهَا لِلْحَدِيثِ بَعْدَ الفَرَاغِ مِنَ الطَّعَامِ، أَوْ يَمْنَعَكُمْ مِنَ الدُّخُولِ إِذَا دَخَلْتُم بِغَيْرِ إِذْنٍ، مَعَ كَرَاهِيَتِهِ لِذَلِكَ مَنْكُمْ، وَاللهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ أَنْ يَبَيَّنَ لَكُم، وَإِنِ اسْتَحْيَا نَبِيُّكُم فَلَمْ يُبِيِّنْ لَكُمْ كَرَاهِيَةَ ذَلِكَ حَيَاءً مِنْكُمْ"[ جامع البيان (22/ 28)، وانظر: تفسير ابن كثير (3/ 503 - 505).] المَعَانِي الإِيمَانِيَّةُ[بدائع الفوائد (4/ 335).]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادموالسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الثالثة والتسعون بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان*ثَمَرَاتُ الإِيمَانِ بهَذَا الاِسْمِ:

الحَقُّ الذِي خُلِقَتْ بِهِ السَّمَاواتُ وَالأَرْضُ وَمَا بَيْنَهُمَا،

 هُوَ حَقٌّ مُقَارِنٌ لِوُجُودِ هَذِهِ المَخْلُوقَاتِ سُطُورًا فِي

 صَفَحَاتِهِ يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُوَفَّقٍ كَاتِبٍ، وَغَيْرِ كَاتِبٍ كَمَا قِيلَ:

تَأَمَّلْ سُطُورَ الكَائِنَاتِ فَإِنَّهَا

مِنَ المَلَأِ الأَعْلَى إِلَيْكَ رَسَائِلُ

وَقَدْ خُطَّ فِيهَا لَوْ تَأَمَّلْتَ خَطَّهَا 

أَلَا كُلُّ شَيءٍ مَا خَلَا اللهَ بَاطِلُ

وَأَمَّا الحَقُّ الذِي هُوَ غَايَةُ خَلْقِهَا فَهُوَ غَايَةٌ تُرَادُ مِنَ العِبَادِ، وَغَايَةٌ تُرَادُ بِهِم، فَالَّتِي تُرَادُ مِنْهُم أَنْ يَعْرِفُوا

اللهَ تَعَالَى وَصِفَاتِ كَمَالِهِ عز وجل، وَأَنْ يَعْبُدُوهُ لَا

يُشْرِكُونَ بِهِ شَيْئًا، فَيَكُونُ هُوَ وَحْدَهُ إِلَهَهُمْ وَمَعْبُودَهُم وَمُطَاعَهُم وَمَحْبُوبَهُم قَالَ تَعَالَى: ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ﴾ [الطلاق: 12]، فَأَخْبَرَ أَنَّهُ خَلَقَ العَالَمَ لِيَعْرِفَ عِبَادُهُ كَمَالَ قُدْرَتِهِ وَإِحَاطَةَ عِلْمِهِ، وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ مَعْرِفَتَهُ وَمَعْرِفَةَ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَتَوْحِيدِهِ.

وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]، فَهَذِهِ الغَايَةُ هِيَ المُرَادَةُ مِنَ العِبَادِ وَهِيَ أَنْ يَعْرِفُوا رَبَّهُم وَيَعْبُدُوهُ وَحْدَهُ، وَأَمَّا الغَايَةُ المُرَادَةُ بِهِم فِي الجَزَاءِ بِالعَدْلِ وَالفَضْلِ وَالثَّوَابِ وَالعِقَابِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى ﴾ [النجم: 31]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى ﴾ [طه: 15]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ ﴾ [النحل: 39]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ * إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَاكَانُوا يَكْفُرُونَ﴾يونس: 3، 4

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادموالسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الرابعة والتسعون بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان*ثَمَرَاتُ الإِيمَانِ بهَذَا الاِسْمِ:

فَتَأَمَّلِ الآنَ كَيْفَ اشْتَمَلَ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا عَلَى الحَقِّ أَوَّلًا وَآخِرًا وَوَسَطًا، وَأَنَّهَا خُلِقَتْ بِالحَقِّ وَلِلْحَقِّ وَشَاهِدَةٌ بِالحَقِّ.

وَقَدْ أَنْكَرَ تَعَالَى عَلَى مَنْ زَعَمَ خِلَافَ ذَلِكَ فَقَالَ: ﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ﴾ [المؤمنون: 115]، ثُمَّ نَزَّهَ نَفْسَهُ عَنْ هَذَا الحُسْبَانِ المُضَادِّ لِحِكْمَتِهِ وَعِلْمِهِ وَحَمْدِهِ فَقَالَ: ﴿ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ﴾[المؤمنون: 116]، وَتَأَمَّلْ مَا فِي هَذَينِ الاِسْمَيْنِ وَهُمَا المَلِكُ الحَقُّ مِنْ إِبْطَالِ هَذَا الحُسْبَانِ الذِي ظَنَّهُ أَعْدَاؤُهُ، إِذْ هُوَ مُنَافٍ لِكَمَالِ مُلْكِهِ وَلِكَوْنِهِ الحَقَّ، إِذِ المَلِكُ الحَقُّ هُوَ الذِي

 يَكُونُ لَهُ الأَمْرُ وَالنَّهْيُ فَيَتَصَرِّفُ فِي خَلْقِهِ بِقَوْلِهِ وَأَمْرِهِ،وَهَذَا هُوَ الفَرْقُ بَيْنَ المَلِكِ وَالمَالِكِ إِذِ المَالِكُ هو المتصرِّفُ بفعِلهِ والمَلِكُ هُوَ المُتَصَرِّفُ بِفِعْلِهِ وَأَمْرِهِ.

وَالرَّبُّ تَعَالَى مَالِكُ المُلْكِ فَهُوَ المُتَصَرِّفُ بِفِعْلِهِ وَأَمْرِهِ فَمَنْ ظَنَّ أَنَّهُ خَلَقَ خَلَقْهَ عَبَثًا لَمْ يَأَمُرْهُمْ وَلَمْ

يَنْهَهُمْ فَقَدْ طَعَنَ فِي مُلْكِهِ وَلَمْ يَقْدُرْهُ حَقَّ قَدْرِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ ﴾ [الأنعام: 91]، فَمَنْ جَحَدَ شَرْعَ اللهِ وَأَمْرَهُ وَنَهْيَهُ، وَجَعَلَ الخَلْقَ بِمَنْزِلَةِ الأَنْعَامِ المُهْمَلَةِ، فَقَدْ طَعَنَ فِي مُلْكِ اللهِ وَلَمْ يَقْدُرْهُ حَقَّ قَدْرِهِ، وَكَذَلِكَ كَوْنُهُ تَعَالَى إِلَهَ الخَلْقِ يَقْتَضِي كَمَالَ ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ

وَأَسْمَائِهِ، وَوُقُوعَ أَفْعَالِهِ عَلَى أَكْمَلِ الوُجُوهِ وَأَتَمِّهَا

فَكَمَا أَنَّ ذَاتَهُ الحَقُّ فَقَوْلُهُ الحَقُّ وَوَعْدُهُ الحَقُّ، وَأَمْرُهُ الحَقُّ، وَأَفْعَالُهُ كُلُّهَا حَقٌّ، وَجَزَاؤُهُ المُسْتَلْزِمُ لِشَرْعِهِ وَدِينِهِ وَلِلْيَوْمِ الآَخِرِ حَقٌّ، فَمَنْ أَنْكَرَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَمَا وَصَفَ اللهَ بِأَنَّهُ الحَقُّ المُطْلَقُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَبِكُلِّ اعْتِبَارٍ، فَكُونُهُ حَقًّا يَسْتَلْزِمُ شَرْعَهُ وَدِينَهُ وَثَوَابَهُ وَعِقَابَهُ، فَكَيْفَ يُظَنُّ بِالمَلِكِ الحَقِّ أَنَّ يَخْلُقَ خَلْقَهُ عَبَثًا، وَأَنْ يَتْرُكَهُمْ سُدًى لَا يَأْمُرُهُم، وَلَا يَنْهَاهُمْ، وَلَا يُثِيبُهُم، وَلَا يُعُاقِبُهُم، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى ﴾ ، قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: "مُهْمَلًا لَا يُؤْمَرُ وَلَا يُنْهَى"، وَقَالَ غَيْرُهُ: "لَا يُجْزَى بِالخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَلَا يُثَابُ وَلَا يُعَاقَبُ، وَالقَوْلَانِ مُتَلَازِمَانِ".

فَالشَّافِعِيُّ ذَكَرَ سَبَبَ الجَزَاءِ وَالثَّوَابِ وَالعِقَابِ وَهُوَ

 الأَمْرُ وَالنَّهْيُ، وَالآخَرُ ذَكَرَ غَايَةَ الأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَهُوَ الثَّوَابُ وَالعِقَابُ، ثُمَّ تَأَمَّلْ قَوْلَهُ تَعَالَى بَعْدَ ذَلِكَ: ﴿ أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى*ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى ﴾ [القيامة: 37، 38]، فَمَنْ لَمْ يَتْرُكْهُ وَهُوَ نُطْفَةٌ سُدًى، بَلْ قَلَّبَ النُّطْفَةَ وَصَرَّفَهَا حَتَّى صَارَتْ أَكْمَلَ مِمَّا هِيَ وَهِيَ العَلَقةُ، ثُمَّ قَلَبَ العَلَقَةَ حَتَّى صَارَتْ أَكْمَلَ مِمَّا هِيَ حَتَّى خَلَقَهَا فَسَوَّى خَلْقَهَا، فَدَبَّرَهَا بِتَصْرِيفِهِ وَحِكْمَتِهِ فِي أَطْوَارِ كَمَالَاتِهَا حَتَّى انْتَهَى كَمَالُهَا بَشَرًا سَوِيًّا، فَكَيْفَ يَتْرُكُهُ سُدًى لَا يَسُوُقُهُ إِلَى غَايَةِ كَمَالِهِ الذِي خُلِقَ لَهُ، فَإِذَا تَأَمَّلَ العَاقِلُ البَصِيرُ أَحْوَالَ النُّطْفَةِ مِنْ مَبْدَئِهَا إِلَى مُنْتَهَاهَا دَلَّتْهُ عَلَى المَعَادِ وَالنُّبُوَاتِ، كَمَا تَدُلُّهُ عَلَى إِثْبَاتِ الصَّانِعِ وَتَوْحِيدِهِ وَصِفَاتِ كَمَالِهِ، فَكَمَا تَدُلُّ أَحْوَالُ النُّطْفَةِ مِنْ مَبْدَئِهَا إِلَى غَايَتِهَا عَلَى كَمَالِ قُدْرَةِ فَاطِرِ الإِنْسَانِ وَبَارِئِهِ، فَكذَلِكَ تَدُلُّ عَلَى كَمَالِ حِكْمَتِهِ وَعِلْمِهِ وَمُلْكِهِ.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادموالسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

  فهذه الحلقة الخامسة والتسعون بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان*ثَمَرَاتُ الإِيمَانِ بهَذَا الاِسْمِ:

وَإِنَّهُ المَلِكُ الحَقُّ المُتَعَالِي عَنْ أَنْ يَخْلُقَهَا عَبَثًا وَيَتْرُكَهَا

سُدًى بَعْدَ كَمَالِ خَلْقِهَا، وَتَأَمَّلْ كَيْفَ لَمَّا زَعَمَ أَعْدَاؤُهُ الكَافِرُونَ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُمْ وَلَمْ يَنْهَهُم عَلَى أَلْسِنَةِ رُسُلِهِ، وَأَنَّهُ لَا يَبْعَثُهُم لِلثَّوَابِ وَالعِقَابِ، كَيْفَ كَانَ هَذَا الزَّعْمُ مِنْهُم قَوْلًا بِأَنَّ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ بَاطِلٌ فَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ ﴾ [ص: 27]، فَلَمَّا ظَنَّ أَعْدَاؤُهُ أَنَّهُ لَمْ يُرْسِلْ إِلَيْهِم رَسُوُلًا، وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُمْ أَجَلًا لِلِقَائِهِ، كَانَ ذَلِكَ ظَنًّا مِنْهُم أَنَّهُ خَلَقَ خَلْقَهُ بَاطِلًا، وَلِهَذَا أَثْنَى تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ المُتَفَكِّرِينَ فِي مَخْلُوقَاتِهِ، بِأَنَّهُمْ أَوْصَلَهُمْ فِكْرُهُمْ فِيهَا إِلَى شَهَادَتِهِم بِأَنَّهُ تَعَالَى لَمْ يَخْلُقْهَا بَاطِلًا، وَأَنَّهُمْ لَمَّا عَلِمُوا ذَلِكَ، وَشَهِدُوا بِهِ عَلِمُوا أَنَّ خَلْقَهَا يَسْتَلْزِمُ أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ وَثَوَابَهُ وَعِقَابَهُ.

فَذَكَرُوا فِي دُعَائِهِم هَذَيْنِ الأَمْرَيْنِ فَقَالُوا: ﴿ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴾ [آل عمران: 191، 192]، فَلَمَّا عَلِمُوا أَنَّ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَسْتَلْزِمُ الثَّوَابَ وَالعِقَابَ تَعَوَّذُوُا بِاللهِ مِنْ عِقَابِهِ، ثُمَّ ذَكَرُوا الإِيمَانَ الذِي أَوْقَعَهُمْ عَلَيْهِ فِكْرُهُمْ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ فَقَالُوْا: ﴿ رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا ﴾ [آل عمران: 193]، فَكَانَتْ ثَمَرَةُ فِكْرِهِمْ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، الإِقْرَارَ بِهِ تَعَالَى وَبِوَحْدَانِيَّتِهِ وَبِدِينِهِ وَبِرُسُلِهِ وَبِثَوَابِهِ وَعِقَابِهِ، فَتَوَسَّلُوُا إِلَيْهِ بِإِيمَانِهِم الذِي هُوَ مِنْ أَعْظَمِ فَضْلِهِ عَلَيْهِم، إِلَى مَغْفِرَةِ ذُنُوبِهِم وَتَكْفِيرِ سَيِّئَاتِهِم وَإِدْخَالِهِم مَعَ الأَبْرَارَ إِلَى جَنَّتِهِ الَّتِي وَعَدَهُمُوهَا، وَذَلِكَ تَمَامُ نِعْمَتِهِ عَلَيْهِم، فَتَوَسَّلُوا بِإِنْعَامِهِ عَلَيْهِمْ أَوَّلاً إِلَى إِنْعَامِهِ عَلَيْهِم آخِرًا، وَتِلْكَ وَسِيلَةٌ بَطَاعَتِهِ إِلَى كَرَامَتِهِ وَهِيَ إِحْدَى الوَسَائِلِ إِلَيْهِ، وَهِيَ الوَسِيلَةُ الَّتِي أَمَرَهُمْ بِهَا فِي قَوْلِهِ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ﴾ [المائدة: 35]، وَأَخْبَرَ عَنْ خَاصَّةِ عِبَادِهِ أَنَّهُمْ يَبْتَغُونَ الوَسِيلَةَ إِلَيْهِ إِذْ يَقُولُ تَعَالَى: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ

 الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ ﴾ [الإسراء: 57].

عَلَى أَنَّ فِي هَاتَيْنِ الآيَتَيْنِ أَسْرَارًا بَدِيعَةً، ذَكَرْتُهَا فِي كِتَابِ التُّحْفَةِ المَكِّيَّةِ فِي بَيَانِ المِلَّةِ الإِبْرَاهِمِيَّةِ.

فَأَثْمَرَ لَهُمْ فِكْرُهُم الصَّحِيحُ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ؛ إِنَّهَا لَمْ يَخْلُقْهَا بَاطِلًا، وَأَثْمَرَ لَهُمْ الإِيمَانَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَدِينِهِ وَشَرْعِهِ وَثَوَابِهِ وَعِقَابِهِ وَالتَّوَسُلَ إِلَيْهِ بَطَاعَتِهِ وَالإِيمَانِ بِهِ. وَهَذَا الذِي ذَكَرْنَاهُ قَطْرَةٌ مِنْ بَحْرٍ لَا سَاحِلَ لَهُ، فَلَا تَسْتَطِلْهُ فَإِنَّهُ كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ العِلْمِ لَا يُلَائِمُ كُلَّ نَفْسٍ، وَلَا يَقْبَلُهُ كُلُّ مَحْرُومٍ، وَاللهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ"[ بدائع الفوائد (4/ 335).][الأنتر نت – موقع الألوكة- معنى اسم الله الحق - الشيخ وحيد عبدالسلام بالي]                                                                                                      إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

فهذه الحلقة السادسة والتسعون بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي بعنوان:*حقوق المال في الإسلام

لا ريب أن الشرع قد بيَّن للعباد كل ما يحتاجونه في أمور دينهم ودنياهم، وخصوصاً الواجبات الكبيرة التي هي أهم المهمات؛ الواجبات على القلب، والواجبات على البدن، وجميع الأقوال والأفعال.

وكذلك وضَّح الله ورسوله الواجبات المالية توضيحاً تامًّا؛ مجملاً ومفصلاً. فأمرنا بأداء الحقوق المالية، والإنفاق مما رزق الله، وأثنى على القائمين بها، وذمَّ المانعين لها أو لبعضها، وفصل ذلك.

فذكر الأموال التي تجب فيها الزكاة، من الحبوب، والثمار والمواشي، والعروض، والنقود، وذكر شروطها، ونصبها ومقدار الواجب منها، ولمن تدفع؛ للمصالح المحتاج إليها، وللمحتاجين.

فآكد الحقوق المالية هذا الحق الأكبر؛ حق الزكاة التي هي من أعظم أركان الإسلام ومبانيه التي لا يتم إلا بها

وفصَّل أيضاً ما في المال من النفقات الواجبة للنفس والأهل، والأولاد، والمماليك؛ من الآدميين والبهائم.

وبيَّن الله ورسوله أيضاً وجوب الوفاء بالمعاملات الصحيحة، والعقود الشرعية، على اختلاف أنواعها وتباين أسبابها .

وبيَّن أيضاً ما يتعلق بالمال من الحقوق العارضة إذا وجدت أسبابها، كبدل النفوس والأموال المتلفة بغير حق، وما فيه من الحقوق العارضة لحاجة الغير من ضيف ونحوه، أو لاضطرار الغير، فأوجب مواساة المضطرين، ودفع اضطرارهم بإطعام الجائع، وكسوة العاري، وهذا من فروض الكفايات، إذا قام به البعض سقط عن غيره.

ومن ذلك إلزام الناس بالمعاوضات؛ منها ما هو محرم، كإكراههم على البيع بثمن لا يرضونه، أو منعهم مما أباحه الله لهم. ومنها ما هو عدل، مثل إكراههم على ما يجب عليهم من المعاوضة بثمن المثل، إذا وجب عليهم البيع أو الشراء لسبب يقتضي الوجوب؛ إما أداء دين أو غيره. ويجب منعهم مما يحرم عليهم من أخذ الزيادة على عوض المثل، ومثل التسعير على العمال، ومن يحتاج الناس إليهم، ومَنَعم من أخذ الزيادة الفاحشة، كما يمنع الناس من هضمهم لحقوقهم.

ففي أمثال هذه المسائل يجب على الناس مراعاة العدل، ومنع أسباب الظلم. وهذه الأمور منها أشياء واضحة لكل واحد، ومنها أشياء يكون فيها اشتباه والتباس، يجب أن تفحص وتحقق تحقيقاً تامًّا لتعرف مرتبتها، فما دامت مشتبهة، فالأصل تحريم أموال الغير، والأصل إبقاء الناس على معاملاتهم، واحترام حقوقهم، حتى يتضح ما يوجب الخروج عن هذا الأصل لأصل شرعي أقوى منه.

وأما ما يهذي به كثير من الناس عندما انتشرت الشيوعية، وشاعت دعايتها، وأثَّرت على كثير من العصريين، وراجت على بعض أهل العلم، من أنه يسوغ لأولياء الأمور أن يلزموا أهل الغنى والثروة أن يواسوا بذلك أهل الحاجة والفقراء، وأن يفتتوا ثروتهم على أهل الحاجات، وأن يسددوا بزائد ثروتهم جميع المصالح التي تحتاجهاالأمة بغيررضاهم،بل بالقهروالقسر

فهذا معلوم فساده بالضرورة من دين الإسلام، وأن

 الإسلام بريء من هذه الحالة الشيوعية أو هي مبدأ

 الشيوعية، ونصوص الكتاب والسنة على ذلك، وإبطال هذا القول صريحة وكثيرة جدًّا. وإجماع الأمة يبطل هذا القول المنافي لنصوص الكتاب والسنة، والمنافي للفطرة التي فطر الله عليها العباد، والفاتح للظلمة وأرباب الجشع أبواب الظلم والشر والفساد، فالله يبسط الرزق لمن يشاء، ويقدره على من يشاء،

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

فهذه الحلقة السابعة والتسعون بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*حقوق المال في الإسلام

وقد جعل الله العباد بعضهم فوق بعض درجات في كل الصفات؛ في العقل والحمق، وفي العلم والجهل، وفي حسن الخلق وضده، وفي الغنى والفقر، وفي كثرة الأولاد والأموال والأتباع وضد ذلك؛ حكم بذلك قدراً، ويسر كلًّا لما خلق له، وأوجب على كل من أعطاه شيئاً من هذه النعم وغيرها من واجبات حددها وفصلها تفصيلًا، وجعل لنيل المطالب الدنيوية والأخروية أسباباً وطرقاً، من سلكها أفضت به إلى مسبباتها، وأوصلته إلى نتائجها، وهؤلاء المنحرفون يريدون أن يبطلواقدر الله وشرعه، ويبرروا آراءهم الفاسدة، بشبه لا تسمن ولا تغني من جوع، وقد يضيفون ذلك إلى بعض نصوص الشريعة، تحريفاً منهم، يعرفه كل من له أدنى معرفة بالشريعة.

وكثُر الدعاة إلى هذه الطريقة الشنيعة؛ تغريراً من بعضهم، واغتراراً من آخرين، يقلدونهم على غير بصيرة، والبصير لا يخفى عليه الأمر، وقد يروجون باطلهم بأنَّ تضخُّم المال في أيد قليلة سبب لمفسدة الترف المفسد للأخلاق، وسبب لإثارة الأحقاد من الفقراء والمعدمين، وهذا غلط فاحش وضعف نظر، فإن الغنى قد يكون سبباً للطغيان، وقد يكون سبباً للتواضع، والتزود من طاعة الله، والقيام بحقوق المال الشرعية، وعلى فرض ما فيه من الترف ونحوه، فإنَّ ما حاولوه من القضاء على ثروة المثرين سبب لشرور عظيمة، لا تنسب إليها أي مفسدة، وسبب لإثارة فتن كثيرة عكس ما قالوه، وهل هذه الشرور والحروب الطاحنة إلا من آثار ذلك – كما هو معلوم لكل أحد . وما قالوه في زيادة ثروة المال، يقال مثله في زيادة قوة الجسد، وصحة البدن، فإنه قد يبعث على شرور، كما قد يبعث إلى خير ويُتوسل به إلى خيرات، فنعم الله المتنوعة على العباد إما أن يشكروها ويتوسلوا بها إلى ما خلقوا له، من عبادة الله وشكره والقيام بحقه، وإما أن تكون بعكس ذلك، والله تعالى قد كفى عباده أضرار الثروة بما شرعه في الأموال من الحقوق الواجبة والمستحبة التي لو قام بها أرباب الأموال لكانوا من خير البرية أخلاقاً وأعمالاً، وأشرفهم وأعظمهم اعتباراً، ولما ترتب على ذلك من الشر شيء، ولكن لما منع أكثر الخلق ما أوجب الله عليهم في أموالهم- وخصوصاً الزكاة- سلط عليهم أنواع الظلمة من ولاة ظالمين، ومن فتاوى الجاهلين المتجرئين {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا ْ يَكْسِبُونَ} [الأنعام: 129].

واعلم أن الشبه التي تثار لنصر كل باطل، إذا فرض صحة بعضها فإنها نظريات ضئيلة جدًّا، ونظر قاصر، حيث نظروا نظراً جزئيًّا، وحكموا حكماً كليًّا، وعموا عن الأصول التي تبنى عليها الأحكام، ويعتبرها الشرع، وتتولد عنها المصالح العامة الكلية، وتنغمر فيها المفاسد الجزئية، وتوافق الشريعة والحكمة وفطرة الله التي فطر عليها العباد، وتدع الخليقة هادئة، والأسباب قائمة، والارتباط بين الناس وثيقاً {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 132]. المصدر: كتاب (مقالات كبار العلماء في الصحف السعودية القديمة) (1343هـ - 1383هـ) جمع وترتيب: أحمد الجماز و عبدالعزيز الطويل، دار أطلس الخضراء – الرياض، ط1: 1431هـ.     [ الأنترنت – موقع الدرر السنية – عبدالرحمن بن ناصر السعدي 1376هـ حقوق المال في الإسلام]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

فهذه الحلقة الثامنة والتسعون بعد الثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*شرح حديث أَبي هريرة (حقُّ الْمُسْلمِ، عَلَى الْمُسْلِمِ خمسٌ..)

ففي باب تعظيم حرمات المسلمين أورد المصنف -رحمه الله- حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس) [ أخرجه البخاري، كتاب الجنائز، باب الأمر باتباع الجنائز، (2/ 71) برقم: (1240)، ومسلم، كتاب السلام، باب من حق المسلم للمسلم رد السلام، برقم: (2162)، بلفظ: ((خمس تجب للمسلم على أخيه: رد السلام، وتشميت العاطس، وإجابة الدعوة، وعيادة المريض، واتباع الجنائز)).]

  ، وفي رواية لمسلم ((حق المسلم على المسلم ست قيل: ما هن يا رسول الله؟، قال: إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فشمته، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه) [ أخرجه مسلم، كتاب السلام، باب من حق المسلم للمسلم رد السلام، (4/ 1705)، برقم: (2162).]

وقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الرواية الأولى ((حق المسلم على المسلم خمس))، وفي الرواية الثانية ((حق المسلم على المسلم ست)) لا منافاة بينهما، وذلك أنّ ذكْر الخمس في مقام من المقامات -إن كان ذلك قد ضبطه الرواة- لا ينافي أن ثمّة حقوقاً أخرى زائدة على ذلك ذكرها النبي -صلى الله عليه وسلم- في مقام آخر، تقول: حق فلان عليك كذا وكذا، ثم تقول في مقام آخر: حقه عليك كذا وكذا، فأنت لم تقصد الاستيعاب في كلامك الأول، وإنما ذكرت جملة من الحقوق، وهذا كثير في الأحاديث النبوية، تارة يذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- أموراً معدودة أربعة أو خمسة أشياء أو نحو ذلك، كقوله -صلى الله عليه وسلم- مثلاً: (فُضلت على الأنبياء بست) [ أخرجه مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، (1/371)، برقم: (523).،]  وفي بعضها: ((أعطيت خمسًا لم يعطهن أحد قبلي)) [أخرجه مسلم، كتاب السلام، باب من حق المسلم للمسلم رد السلام، (4/ 1705)، برقم: (2162).]

فذكرُ الزيادة لا يتنافى مع الرواية التي ذكر فيها الأقل، وهذا التعبير وهو قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((حق المسلم على المسلم)) عبر عنه بالحق، والحق هو الشيء الثابت، وكذلك التعبير بـ "على" يشعر بالوجوب، وكأنه قال: إذا سلم وجب عليه أن يرد السلام، وفي الرواية الأخرى ((إذا لقيته فسلم عليه))، ولا شك أن رد السلام آكد من ابتداء السلام.

(وعيادة المريض) هي من الأمور التي يحبها الشارع، وورد فيها أحاديث تبين فضلها،من تلك الأحاديث قوله -صلى الله عليه وسلم-: (من عاد مريضًا لم يزل في خُرْفة الجنة حتى يرجع)[ أخرجه مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب فضل عيادة المريض، (4/ 1989)، برقم: (2568) ]

وقوله: (واتباع الجنائز) المقصود به منذ أن يصلى عليها حتى تدفن.                                وقوله: (وإجابة الدعوة) وهي مؤكدة جداً، إلا وليمة

العرس فهي واجبة لأنه جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (ومن ترك الدعوة فقد عصى الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم) [ أخرجه البخاري، كتاب النكاح، باب من ترك الدعوة فقد عصى الله ورسوله، (7/ 25)، برقم: (5177) ومسلم، كتاب النكاح، باب الأمر بإجابة الداعي إلى دعوة، (2/ 1055)، برقم: (1432)،] وكذلك أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: (إذا دُعي أحدكم فليجب، فإن كان صائمًا فليُصلِّ، وإن كان مفطرًا، فليَطعَم) [ أخرجه البخاري، كتاب النكاح، باب من ترك الدعوة فقد عصى الله ورسوله، (7/ 25)، برقم: (5177) ومسلم، كتاب النكاح، باب الأمر بإجابة الداعي إلى دعوة، (2/ 1055)، برقم: (1432)]، فليصلِّ يعني: فليدعُ لهم بالبركة.

ولكنه يرخص له في ترك إجابة وليمة العرس إن علم

 أنها تشتمل على منكر، كالمعازف مثلاً، في غير ما

 يرخص فيه في النكاح في الدف للنساء خاصة.

وحضور وليمة العرس لابد فيه من الإطعام إلا إذا أذنوا له، فإن ذلك من تمام الإجابة، والله تعالى أعلم، وقوله: (وتشميت العاطس) هو أن يقول له إذا حمد الله: يرحمك الله، ثم يقول العاطس: يهديكم الله ويصلح بالكم. ومن الناس من يقول: يهدينا ويهديكم الله، وهذا لم يرد، وهذه الأذكار والأدعية والأوراد التي جاءت عن الشارع يُلتزم لفظها فلا يزيد فيها الإنسان ولا ينقص، والنبي -صلى الله عليه وسلم- حينما كان يلقن أحد أصحابه هذا الدعاء ((اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت، قال: فردّدتها على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلما بلغت: اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت قلت: ورسولك، قال: لا، ونبيك الذي أرسلت)) [ أخرجه البخاري كتاب الوضوء، باب فضل من بات على الوضوء، (1/ 58)، برقم (247).] مع أن لفظة رسول أبلغ من نبي، لأن الرسالة تتضمن النبوة، لا يكون رسولاً إلا وهو نبي، ومع ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- أنكر عليه حينما غير هذه اللفظة. وإذا لم يسمعه يقول: الحمد لله لا يقول له: يرحمك الله، حتى لو عرف من عادته أنه يحمد الله، لكن نحن مأمورون إذا سمعنا ذلك أن نشمته.[الأنترنت – موقع د خالد السبت - شرح حديث أَبي هريرة "حقُّ الْمُسْلمِِ عَلَى الْمُسْلِمِ خمسٌ"]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

فهذه الحلقة التاسعة والتسعون بعدالثلاثمائة في موضوع (الحق) وهي بعنوان:*أقسام الحق

المبحث الأول: تقسيمات الحق:

يقسم الأصوليُّون الحق تقسيماتٍ متعدِّدة، مدارها على قسمين: الأول: تقسيم الحق باعتبار صاحبه.

الثاني: تقسيم الحقِّ باعتبار محله.

وينقسم الحقُّ باعتبار صاحبِه أربعةَ أقسام:

الأول: حقُّ الله - عزَّ وجلَّ - الخالص، وذلك كحقِّه

 أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا.

الثاني: حقُّ العباد الخالِص: وهو ما كان نفعه مختصًّا

بشيء معيَّن، كحقِّ الإنسان في ملكِه الخاص.

الثالث: ما اجتمعَ فيه الحقَّان، وحقُّ الله فيه غالب: كحدِّ القاذف، ورفْع الأمر إلى الحاكم.

الرابع: ما اجتمع فيه الحقَّانِ، وحق العبدِ فيه غالب: كحقِّ الزوجة في العدْل في القَسْم؛ إذ هو ثابتٌ لها بإيجابِ الشَّرْع.

الثاني: تقسيم الحق باعتبار محله إلى قسمين:

القسم الأول:حق مالي.                          القسم الثاني: حق غير مالي.

وينقسم الحق المالي باعتبارِ ما يتعلَّق به قِسمَيْن:

الأول: حقٌّ مالي يتعلَّق بالأموال، ويمكن الاستعاضة عنه بمالٍ، كالأعيان المالية؛ إذ لا يمكن بيعُها والاستعاضة عنها.

الثاني: حقٌّ مالي لا يتعلَّق بالأموال كحقِّ الزَّوْجة في المهرِ والنَّفَقة، فكلاهما حقٌّ مالي لا يتعلَّق بالنَّفَقة.

والقسم الثاني: حقٌّ غير مالي، وهو ما كان الحق فيه متعلِّقًا بغير المال، كتعلُّق الإنسان بالعِزَّة والكرامة، والسَّيْر في البرِّ والبَحْر، وكتعلُّق الزَّوْجة بالمعاشَرة بالحُسْنَى - وممَّا تقدَّم يتبيَّن أنَّ الله - سبحانه وتعالى – هو منشئُ الحقوق ومانحها للإنسان، ولولا ذلك ما ثبَت للإنسان حق.

قال الشاطبي - رحمه الله -: "لأنَّ ما هو حقٌّ للعبد إنما ثبت كونه حقًّا له بإثبات الشَّرْع ذلك له، لا مستحقًّا لذلك بِحُكْم الأَصْل"

المبحث الثاني: التنوُّع في الحقوق والواجبات بين الرِّجال والنِّساء: لا بدَّ أن نعي تمامًا أنَّ هناك فوارقَ بين الرجل والمرأة، ونؤمن بذلك إيمانًا راسخًا، والفوارق بيْن الرجل والمرأة أنواع، منها الجسَديَّة، والمعنوية، والشرعيَّة،وهذه الفوارق،ثابتةٌ قدرًا وشرعًا،وحسًّا وعقلاً.

بيان ذلك: أنَّ الله - سبحانه وتعالى - خلَق الرجل والمرأة شطرَيْن للنوع الإنساني، يَشتركانِ في عمارة الكون كلٌّ فيما يخصُّه، ويشتركان في عمارتِه بالعبودية لله - سبحانه وتعالى - بلا فرْق بيْن الرِّجال والنساء في عمومِ الدِّين في التوحيد والاعتقاد، وحقائقِ الإيمان، وإسلام الوجْه لله - سبحانه وتعالى - وفي الثوابِ والعِقاب، ولكن لَمَّا قدَّر الله وقضى أنَّ الذَّكَر ليس كالأُنثى في صِفة الخِلقة، والهيئة، والتكوين، ففي الذُّكورة كمالٌ خِلقي، وقوَّة طبيعيَّة، والأنثى أنقصُ منه خِلْقةً وجِبلَّة وطبيعة،لما يعتريها من الحيض، والمخاض، فهي جزءٌ من الرجل، تابِع له، والرجل مؤتمَن على القيام بشؤونها وحِفْظها والإنفاق عليها - كان مِن آثار هذا الاختلاف في الخِلقة: الاختلافُ بينهما في القُوى، والقُدرات الجَسَديَّة، والعقليَّة، والفِكريَّة، إضافةً إلى ما توصَّل إليه علماءُ الطب الحديث مِن عجائبِ الآثار من تفاوُت الخَلْق بيْن الجنسين.

يقول الدكتور محمَّد علي البار:إنَّ الفروقَ الفسيولوجيَّة والتشريحيَّة بين الذَّكَر والأُنثى أكثر مِن أن تُحصَى، فهي تبتدئ بالفروق على مستوى الصبغيات (الجسيمات الملوَّنة أو الكروموسومات)، التي تتحكَّم في الوراثة، والتي تدقُّ وتدقُّ حتى أن ثخانَتها بالأنجستروم (واحد على بليون من المليمتر)،وترتفع إلى مستوى الخلايا،وكل خلية في جِسم الإنسان توضِّحُ لك تلك الحقيقة الفاصِلة بيْن الذكورة والأنوثة"

    وقد يكون الاختلافُ في التمتُّع بحقٍّ معيَّن، لِكَوْن أحدِهما أقدرَ مِن الآخَر على القيام به، كإعطاءِ المرأة حقّ الحضانة، والرَّجُل حقّ الجهاد، وقد يكون الاختلافُ مَرَدّه توزيع الواجبات ممَّا يلائم طبيعةَ كلٍّ منهما، ويحقِّق العدالة، والمصلحة لهما، ومِن أمثلة ذلك وجوب النَّفَقة على الرجل لزوجتِه، ووجوب رِعاية البيْت على المرأة.[الأنتر نت – موقع الألوكة  - عبدالرحمن الطوخي ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

فهذه الحلقة  الأربعمائة في موضوع (الحق)

 وهي بعنوان:* ما قدروا الله حق قدره

الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين إله الأولين والآخرين وقيوم السماوات والأرضيين، والحمد لله الذي شهدت له بالربوبية جميع مخلوقاته، وأقرت له بالألوهية جميع مصنوعاته، سبحان من سبحت له السموات وأملاكها ، والنجوم وأفلاكها ، والأرضون وسكانها ن والبحار وحيتانها، والنجوم, والجبال, والشجر, والدواب، والآكام, والرمال، وكل رطب, ويابس،وكل حي, وميت تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولاكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليماً غفوراً

{ مالكم لا ترجون لله وقارا وقد خلقكم أطوارا}

أخرج الطبري عن مجاهد في قوله (وقارا ) أي عظمة، وفي رواية (لاترون لله عظمة، وفي أخرى  (كانوا لا يبالون عظمة الله " وفي أخرى " لا تبالون عظمة الله "

وأخرج عن ابن عباس: مالكم لا تعظمون الله حق عظمته وفي أخرى مالكم لا تعلمون لله عظمة"

وساق الطبري أقوالاً أخرى ثم قال: " وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب قول من قال: معنى ذلك مالكم لا تخافون لله عظمة.."

وقال الألوسي: " أي سبب حصل لكم حال كونكم

غير خائفين, أو غير معتقدين لله تعالى عظمة موجبة؛ لتعظيمه - سبحانه - بالإيمان به - جل شأنه - والطاعة له - تعالى -: {وقد خلقكم أطوار} أي والحال أنكم على حال منافية لما أنتم عليه بالكلية وهو أنكم تعلمون أنه - عز وجل - خلقكم مدرجا لكم في حالات عناصر ثم أغذية ثم أخلاطا ثم نطفا ثم علقا ثم مضغا ثم عظاما ولحوما ثم خلقا آخر فإن التقصير في توقير من هذا شأنه في القدرة القاهرة والإحسان التام مع العمل بذلك مما لا يكاد يصدر عن العاقل\"

وقال – تعالى -:{وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون وهذا كتاب أنزلنا مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها والذين لا يؤمنون بالآخرة يؤمنون به وهم على صلاتهم يحافظون }

قال ابن جرير أي " ما أجلوا الله حق إجلاله و ما عظموه حق تعظيمه" وقال " من لم يعلم أن الله على كل شيء قدير لم يقدر الله حق قدره "

قال - تعالى - في سورة الحج:{ ما قدروا الله حق قدره إن الله لقوي عزيز}

قال – تعالى -: { وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون } أي ما عظموه حق تعظيمه وما عرفوه حق معرفته.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

فهذه الحلقة الواحدة بعد الأربعمائة في موضوع (الحق)

 وهي بعنوان:* ما قدروا الله حق قدره

أخرج سعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد

والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن

المنذر والدار قطني في الأسماء والصفات عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمد إنا نجد أن الله يحمل السماوات يوم القيامة على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلق على إصبع. فيقول أنا الملك. فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت نواجذه تصديقا لقول الحبر ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم – وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة.

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "يقبض الله الأرض بيمينه ويطوي السماء_بيمينه ثم يقول: أنا الملك أين ملوك الأرض"

وروى مسلم عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " يطوي الله

السماوات يوم القيامة ثم يأخذهن بيده اليمنى ثم يقول:" أنا الملك، أنا الجبار، أين المتكبرون ثم يطوي الأرضين السبع ثم يأخذهن بشماله ثم يقول: أنا الملك، أنا الجبار، أين المتكبرون"

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والبخاري مسلم والنسائي وابن جرير وابن ماجة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ هذه الآية ذات يوم على المنبر {وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون} ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول هكذا بيده، ويحركها يقبل بها ويدبر يمجد الرب نفسه أنا الجبار، أنا المتكبر، أنا الملك أنا الكريم. فرجف برسول الله - صلى الله عليه وسلم -المنبر حتى قلنا ليخرن به"

1ـ فمن عصى الله وخالف أمره لم يقدر الله حق

قدره، الربا، الغناء، قال بلال بن سعد: "لا تنظر

إلى صغر المعصية, وانظر إلى عظمة من عصيت"

2ـ ومن ظن انهزام الإسلام أمام قوة الغرب، ما قدر الله حق قدره.

3ـ ومن ظن أن الظّلَمة والطغاة يستطيعون أن يطفؤا نور الله بأفواههم، لم يقدر الله حق قدره.

4ـ ومن يأس من انتصار الإسلام وغلبة المسلمين، ما قدر الله حق قدره.

5ـ ومن ظن أن الله لا ينصر عباده المؤمنين أبدا فما قدر الله حق قدر.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

فهذه الحلقة الثانية بعد الأربعمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضيةوالتي هي بعنوان: 

* ما قدروا الله حق قدره

6ـ ومن نفى عن الله صفاته التي تليق به، ما قدر الله حق قدره.

7ـ ومن شبه الله بخلقه، ما قدر الله حق قدره.

8ـ ومن جعل رمزا يخافه, أو يخشاه من دون الله, أو امتلأ قلبه من خوف المخلوقين، أو ترك بعض الصالحات خوفا منهم، أو عمل بعض المنهيات خوفاً منهم, أو رجاء فيما عندهم، ما قدر الله حق قدره. قال – تعالى -: { فلا تخافوهم وخافوني إن كنتم مؤمنين } وقال – تعالى -:{فَاللَّهُ أَحَقٌّ أَن تَخشَوهُ إِن كُنتُم مُؤمِنِينَ}.

9ـ ومن اتخذ  رمزا يرجوه من دون الله، ما قدر الله حق قدره. قال – تعالى -: { فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا}

0 1ـ ومن دعا غير الله وطلب منه الشفاعة أو تفريج الكروب. ما قدر الله حق قدره. قال الله

– تعالى -: { وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا } وقال – تعالى -: { وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين } وقال - صلى الله عليه وسلم - الدعاء هو العبادة وكيف يستجير أو يستعين عاقل برجل ميت لو كان يملك لنفسه شيئا ما مات، وهل هذا الولي أو الرجل الصالح أعظم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي ما وطأ الثرى وأظلت السماء على خير منه وقال قال الله تعالى عنه آمرا أن يبلغ أمته ذلك: قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدا فإذا كان

رسول الله لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ولا يجيره من

الله أحد أفيعتقد بأحد بعده النفع والضر حاشا لمسلم أن يعتقد ذلك.

وقال – تعالى -: { ويعبدون من دون الله مالا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله } هذا عمل المشركين مع أصنامهم.

وقال عنهم أيضا: { والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكم بينهم فيما هم فيه يختلفون إن الله لايهدي من هو كاذب كفار }

وبين الله ضعف جميع من يدعى من دون الله فقال: {والذين تدعون من دونه لا يستطيعون نصركم ولا أنفسهم ينصرون } فإذا كان الله يقول إنهم لا يستطيعون أن ينصروكم بل ولا ينصروا حتى أنفسهم، أفيصدق المسلم العاقل أنهم ينصرون من دون الله من قال ذلك فقد كذب الله - تعالى - ومن كذب الله فقد كفر وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم فإذا كان سيد الرسل وسيد ولد آدم الذي إليه الشفاعة في الموقف العظيم يوم القيامة والناس كلهم جميعا تحت لوائه حتى الأنبياء والمرسلين لعظم جاهه ورفعة درجته وعلومنزلته ومع ذلك لايملك لأقاربه شيئا

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

فهذه الحلقة الثالثة بعد الأربعمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضيةوالتي هي بعنوان: 

* ما قدروا الله حق قدره

أما علمت ماذا قال - صلى الله عليه وسلم - لما صعد الصفا ؟      لقد وضح - عليه السلام - أن البقاع لا تزكي أحدا، وأن الأنساب لا تنفع أحداً، كما رواه البخاري في صحيحة عن ابن عباس وأبي هريرة قال:\" قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أنزل الله وأنذر عشيرتك الأقربين قال:يا معشر قريش ـ أو كلمة نحوها ـ اشتروا أنفسكم ، لا أغني عنكم من الله شيئا.

يا بني عبد مناف، لا أغني عنكم من الله شيئا.

يا عباس بن عبد المطلب،لاأغني عنك من الله شيئا.

ويا صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أغني عنك من الله شيئا.

ويا فاطمة بنت محمد - صلى الله عليه وسلم - سليني ما شئت من مالي لا أغني عنك من الله شيئا فإذا كان - صلى الله عليه وسلم - لا يغني عن عمه ولاعن عمته بل ولاعن بنته شيئا فكيف بغيرهم فانتبه أخي الكريم.

11ـ ومن أطاع العلماء أو الأمراء في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرم الله، ما قدر الله حق قدره.

2 1ـ من استعان بأحد غير الله في قضاء حوائجه أو استغاث به أو ذبح له، فما قدر الله حق قدره.

3 1ـ من هجر كلام الله فلم يقرأه أو لم يحكمه أو لم يعمل به لم يقدر الله حق قدره.

4 1ـ من أخفى وكتم شيئاً من دين الله ما قدر الله حق قدره.{ وإذ أخذ الله ميثاق الذين أو توا

الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون}

5 1ـ من افترى على الله كذبا ما قدرالله حق قدره.

6 1ـ من ساوى بين حكم الله وحكم الجاهلية ما قدر الله حق قدره.

7 1ـ ومن أحدث حدثا أو ابتدع بدعة في دين الله فما قدر الله حق قدره، حيث ظن أن الله لم

يكمل لنا هذا الدين وأنه بحاجة إلى زيادة مع أن الله - تعالى - قال:{ اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً } قال شيخ الإسلام: إحداث أعياد واحتفالات لم يشرعها الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - مثل: الموالد وإحياء بعض ليالي مخصوصة كليلة النصف من شعبان، أو ليلة المعراج وأحداث صلوات لم يشرعها الله ورسوله، كصلاة الرغائب.

8 1ـ ومن توكل على غير الله في أعماله وظن أنها تنفع, أو تضر من دون الله, واطمأن إليها في معاشه فما قدر الله حق قدره. والتوكل هو صدق التفويض، والاعتماد على الله في جميع الأمور، وإظهار العجز

والاستسلام له. والدليل قوله - تعالى -: {وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين} {ومن يتوكل على الله فهو حسبه} ومن كان الله كافيه، فلا مطمع لأحد فيه.

9 1ـ ومن سخر من الصالحين أو عاداهم أو كاد لهم، أو اتهم بالباطل فما قدر الله حق قدره.

حيث قال كما في الحديث القدسي:"من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب".

0 2ـ ومن ظلم الناس في أموالهم، أو أبشارهم، أو أعراضهم فما قدر الله حق قدره حيث يقول – سبحانه -: { ألا لعنة الله على الظالمين }.إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

فهذه الحلقة الرابعة بعد الأربعمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضيةوالتي هي بعنوان: 

* ما قدروا الله حق قدره

1 2ـ من ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خوفا على أجله,أو رزقه,فما قدر الله حق قدره

قال الله – تعالى -: إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين، وقال رسول الله\" لا يمنعن أحدكم مخافة الناس أن يقول بحق أو يذكر بعظيم، فإنه لا يباعد من رزق ولا يقرب من أجل أن يقول بحق أو يذكر بعظيم.

2 2ـ ومن ظن به أنه إذا صدقه في الرغبة والرهبة

وتضرع إليه، وسأله، واستعان به، وتوكل عليه أنه يخيبه ولا يعطيه ما سأله.فقد ظن به ظن السوء وما قدر الله حق قدر.

3 2ـ ومن ظن أن الله لا يجيب المضطر ولا يكشف السوء فما قدر الله حق قدره.

قال تعالى: { أم من يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أأله مع الله قليلا ما تذكرون}.

4 2ـ ومن ظن به أنه إذا ترك لأجله شيئا لم يعوضه خيرا منه، أو من فعل لأجله شيئا لم يعطه أفضل منه، فقد ظن به ظن السوء.

5 2ـ ومن قنط من رحمته، وأيس من روحه فقد ظن به ظن السوء وما قدره حق قدره.

[الأنترنت – موقع مداد - ما قدروا الله حق قدره - يحيى بن إبراهيم اليحيى]

* وقال محمد بن عبد الوهاب على الآية : ( وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة123 الآية.

عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد! إنا نجد أن الله يجعل السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والماء على إصبع، والثرى على إصبع، وسائر الخلق على إصبع، فيقول: أنا الملك. فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، تصديقاً لقول الحبر،ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم:(وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة ) (124) الآية.

وفي رواية لمسلم: والجبال والشجر على إصبع، ثم يهزهن فيقول: أنا الملك، أنا الله. وفي رواية للبخاري: يجعل السماوات على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلق على إصبع) أخرجاه.

ولمسلم عن ابن عمر مرفوعاً: (يطوي الله السماوات يوم القيامة، ثم يأخذهن بيده اليمنى، ثم يقول: أنا الملك، أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ ثم يطوي الأرضين السبع ثم يأخذهن بشماله، ثم يقول: أنا

الملك، أين الجبارون؟ أين المتكبرون.

وروي عن ابن عباس، قال: (ما السماوات السبع والأرضون السبع في كف الرحمن إلا كخردلة في يد أحدكم).

وقال ابن جرير: حدثني يونس، أنبأنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: حدثني أبي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما السماوات السبع في الكرسي إلا كدراهم سبعة ألقيت في ترس) قال: وقال أبو ذر رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما الكرسي في العرش إلا كحلقة من حديد ألقيت بين ظهري فلاة من الأرض).

ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

فهذه الحلقة الخامسة بعد الأربعمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضيةوالتي هي بعنوان: 

* ما قدروا الله حق قدره

وعن ابن مسعود قال: (بين السماء الدنيا والتي تليها خمسمائة عام، وبين كل سماء خمسمائة عام، وبين السماء السابعة والكرسي خمسمائة عام، وبين الكرسي والماء خمسمائة عام، والعرش فوق الماء، والله فوق العرش، لا يخفى عليه شيء من أعمالكم). أخرجه ابن مهدي عن حماد بن سلمه عن عاصم عن زر عن عبدالله ورواه بنحوه عن المسعودي عن عاصم، عن أبي وائل، عن عبد الله. قاله الحافظ الذهبي رحمه الله تعالى، قال: وله طرق.

وعن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هل تدرون كم بين السماء والأرض؟) قلنا: الله ورسوله أعلم قال: (بينهما مسيرة خمسمائة سنة، ومن كل سماء إلى سماء مسيرة خمسمائة سنة وكثف كل سماء خمسمائة سنة، وبين السماء السابعة والعرش بحر بين أسفله وأعلاه كما بين السماء والأرض، والله سبحانه وتعالى فوق ذلك، وليس يخفى  عليه شيء من أعمال بني آدم). أخرجه أبو داود وغيره.  فيه مسائل:

الأولى: تفسير قوله:{والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة} 125

الثانية: أن هذه العلوم وأمثالها باقية عند اليهود الذين في زمنه صلى الله عليه وسلم لم ينكروها ولم يتأولوها.

الثالثة: أن الحبر لما ذكرها للنبي صلى الله عليه وسلم، صدقه، ونزل القرآن بتقرير ذلك.

الرابعة: وقوع الضحك من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما ذكر الحبر هذا العلم العظيم.

الخامسة: التصريح بذكر اليدين، وأن السماوات في اليد اليمنى، والأرضين في الأخرى.

السادسة: التصريح بتسميتها الشمال.

السابعة: ذكر الجبارين والمتكبرين عند ذلك.

الثامنة: قوله: ( كخردلة في كف أحدكم ).

التاسعة: عظم الكرسي بالنسبة إلى السماوات.

العاشرة: عظم العرش بالنسبة إلى الكرسي.

الحادية عشرة: أن العرش غير الكرسي والماء.

الثانية عشر: كم بين كل سماء إلى سماء.

الثالثة عشر: كم بين السماء السابعة والكرسي.

الرابعة عشر: كم بين الكرسي والماء.

الخامسة عشر: أن العرش فوق الماء.

السادسة عشرة: أن الله فوق العرش.

السابعة عشر: كم بين السماء والأرض.

الثامنة عشر: كثف كل سماء خمسمائة عام.

التاسعة عشر: أن البحر الذي فوق السماوات بين أعلاه وأسفله مسيرة خمسمائة سنة.

[الأنترنت – موقع معرفة الله - محمد بن عبد الوهاب - وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة ]

ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

فهذه الحلقة السادسة بعد الأربعمائة في موضوع (الحق) وهي إستكمالا للماضيةوالتي هي بعنوان: 

* ما قدروا الله حق قدره

وقال ابن عاشور : لما جرى الكلام على أن الله تعالى خلق كل شيء وأن له مقاليد السماوات والأرض وهو ملك عوالم الدنيا ، وذيل ذلك بأن الذين كفروا بدليل الوحدانية هم الخاسرون ، وانتقل الكلام هنا إلى عظمة ملك الله تعالى في العالم الأخروي الأبدي ، وأن الذين كفروا بآيات الله الدالة على ملكوت الدنيا قد خسروا بترك النظر ، فلو اطلعوا على عظيم ملك الله في الآخرة لقدروه حق قدره فتكون الواو عاطفة جملة والأرض جميعا قبضته يوم القيامة على جملة له مقاليد السماوات والأرض ويكون قوله وما قدروا الله

 إلخ معترضا بين الجملتين ، اقتضاها التناسب مع جملة

 والذين كفروا بآيات الله أولئك هم الخاسرون .

ويجوز أن تكون معطوفة على جملة الله خالق كل شيء فتكون جملة وما قدروا الله حق قدره وجملة والأرض جميعا قبضته كلتاهما معطوفتين على جملة الله خالق كل شيء ، والمعنى هو هو ، إلا أن الحال أوضح إفصاحا عنه .

وفي الصحيح عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم - يقول :

يقبض الله الأرض ويطوي السماوات بيمينه ثم يقول

 أنا الملك أين ملوك الأرض ، وعن عبد الله بن

مسعود قال : جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد إنا نجد أن الله جعل السماوات على إصبع ، والأرضين على إصبع ، والشجر على إصبع ، والماء والثرى على إصبع ، وسائر الخلق على إصبع . فيقول أنا الملك ، فضحك رسول الله حتى بدت نواجذه تصديقا لقول الحبر ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون . .

ومعنى قوله : ثم قرأ هذه الآية ، نزلت قبل ذلك لأنها مما نزل بمكة . والحبر من أحبار يهود المدينة ، وقول الراوي : تصديقا لقول الحبر ، مدرج في الحديث من فهم الراوي كما جزم أبو العباس القرطبي في كتابه ( المفهم على صحيح مسلم ) ، وقال الخطابي روى هذا الحديث غير واحد عن عبد الله بن مسعود من طريق عبيدة فلم يذكروا قوله تصديقا لقول الحبر ، ولعله من الراوي ظن وحسبان . اهـ ، أي فهو من إدراج إبراهيم النخعي رواية عن عبيدة . وإنما كان ضحك النبيء صلى الله عليه وسلم استهزاء بالحبر في ظنه أن الله يفعل ذلك حقيقة وأن له يدا وأصابع حسب اعتقاد اليهود التجسيم ولذلك أعقبه بقراءة وما قدروا الله حق قدره لأن افتتاحها يشتمل على إبطال ما توهمه

 الحبر ونظراؤه من الجسمية ، وذلك معروف من

اعتقادهم وقد رده القرآن عليهم غير مرة مما هو معلوم فلم يحتج النبيء صلى الله عليه وسلم إلى التصريح بإبطاله واكتفى بالإشارة التي يفهمها المؤمنون ، ثم أشار إلى أن ما توهمه اليهودي توزيعا على الأصابع إنما هو مجاز عن الأخذ والتصرف .

وفي بعض روايات الحديث فنزل قوله تعالى وما قدروا الله حق قدره وهو وهم من بعض رواته وكيف وهذه مكية وقصة الحبر مدنية ؟

وجملة سبحانه وتعالى عما يشركون إنشاء تنزيه لله

تعالى عن إشراك المشركين له آلهة وهو يؤكد جملة وما

قدروا الله حق قدره . [الأنترنت – موقع تفسير التحرير والتنوير لابن عاشور

في  » التحرير والتنوير     » سورة الزمر» قوله تعالى {وما قدروا الله حق قدره }

ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

فهذه الحلقة السابعة بعد الأربعمائة في موضوع (الحق) وهي بعنوان:  * حق الكرامة:

هناك حقوق تحفظ للإنسان كرامته التي وهبه الله إياها، فمن تلك الحقوق:

1- النهي عن سب المسلم والتنابز بالألقاب:

قال تعالى: {وَلاَ تَنَابَزُواْ بِٱلأَلْقَـٰبِ} [الحجرات:11].

قال ابن جرير: "إن الله تعالى ذكره نهى المؤمنين أن يتنابزوا بالألقاب، والتنابز بالألقاب هو دعاء المرء صاحبه بما يكرهه من اسم أو صفة، وعم الله بنهيه ذلك ولم يخصص به بعض الألقاب دون بعض، فغير جائز لأحد من المسلمين أن ينبز أخاه باسم يكرهه أو صفة يكرهها"

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر)

قال الحافظ: "في الحديث تعظيم حق المسلم، والحكم

 على من سبه بغير الحق بالفسق"

2- تحريم الغيبة:

قال تعالى: {وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً} [الحجرات:12].

قال ابن جرير: "ولا يقل بعضكم في بعض بظهر الغيب ما يكره المقول فيه ذلك أن يقال له في وجهه

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أتدرون ما الغيبة؟)) قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ((ذكرك أخاك بما يكره))، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: ((إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته،وإن لم يكن فيه فقد بهته

قال القرطبي: "الغيبة لا شك أنها محرمة وكبيرة من

 الكبائر بالكتاب والسنة

3- تحريم السخرية من الإنسان:

قال تعالى: {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُواْ خَيْراً مّنْهُمْ وَلاَ نِسَاء مّن نّسَاء عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْراً مّنْهُنَّ} [الحجرات:11].

4- تحريم التجسس على المسلمين وكشف عوراتهم:

قال تعالى: {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱجْتَنِبُواْ كَثِيراً مّنَ ٱلظَّنّ إِنَّ بَعْضَ ٱلظَّنّ إِثْمٌ وَلاَ تَجَسَّسُواْ} [الحجرات:12].

قال ابن جرير: "أي: ولا يتبع بعضكم عورة بعض، ولا يبحث عن سرائره يبتغي بذلك الظهور على

عيوبه، ولكن اقنعوا بما ظهر لكم من أمره، وبه فاحمدوا أو ذموا، لا على ما لا تعلمونه من سرائره

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إياكم والظن؛ فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخواناً))

قال ابن بطال: "فيه النهي عن التجسس وهو

البحث عن باطن أمور الناس"

5- تحريم ظن السوء بالمسلم:

قال تعالى: {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱجْتَنِبُواْ كَثِيراً مّنَ ٱلظَّنّ إِنَّ بَعْضَ ٱلظَّنّ إِثْمٌ} [الحجرات:12].

قال ابن كثير: "يقول تعالى ناهياً عباده المؤمنين عن كثير من الظن،وهوالتهمة والتخون للأهل والأقارب والناس في غير محله؛ لأن بعض ذلك يكون إثماً محضاً، فليجتنب كثير منه احتياطاً"

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إياكم والظن؛ فإن الظن أكذب الحديث)

قال القرطبي: "الظن هنا هو التهمة، ومحل التحذير والنهي إنما هو تهمه لا سبب لها يوجبها، كمن يتهم بالفاحشة أوبشرب الخمرولم يظهرعليه ما يقتضي ذلك

6- حفظ كرامة المسلم حتى بعد موته:

عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (كسر عظم الميت ككسره حياً)

قال الحافظ: "ويستفاد منه أن حرمة المؤمن بعد موته باقية كما كانت في حياته"

7- المسارعة إلى تجهيز الميت:

قال ابن قدامة: "ويستحب المسارعة إلى تجهيزه إذا تُيُقنموته، لأنه أصون له وأحفظ من أن يتغير وتصعب معاناته، قال أحمد: كرامة الميت تعجيله"

[الأنترنت – موقع المنبر – الملف العلمي - أهم الحقوق التي كفلها الإسلام للإنسان]

ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

فهذه الحلقة الثامنة بعد الأربعمائة في موضوع (الحق)

 وهي بعنوان:* حق التدين :

قال تعالى: {لا إِكْرَاهَ فِى ٱلدّينِ قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشْدُ مِنَ ٱلْغَيّ} [البقرة:255].

قال قتادة: "أكره عليه هذا الحي من العرب لأنهم كانوا أمة أمية ليس لهم كتاب يعرفونه فلم يقبل منهم غير الإسلام، ولا يكره عليه أهل الكتاب إذا أقروا بالجزية أو بالخراج ولم يفتنوا عن دينهم فيخلى عنهم".

وقال ابن جرير: "وكان المسلمون جميعاً قد نقلوا عن نبيهم صلى الله عليه وسلم أنه أكره على الإسلام قوماً فأبى أن يقبل منهم إلا الإسلام وحكم بقتلهم إن امتنعوا منه، وذلك كعبدة الأوثان من مشركي العرب، وكالمرتد عن دينه دين الحق إلى الكفر، ومن أشبههم، وأنه ترك إكراه آخرين على الإسلام بقبوله الجزية منه وإقراره على دينه الباطل، وذلك كأهل الكتابين ومن أشبههم، كان بيّناً بذلك أن معنى قوله: {لا إِكْرَاهَ فِى ٱلدّينِ} إنما هو: لا إكراه في الدين لأحد ممن حل قبول الجزية منه بأدائه الجزية ورضاه بحكم الإسلام".

قال الدوسري: "هذه الآية الكريمة تميَّع في فهمها بعض المفسرين العصريين والكتاب الذين يحاولون الدفاع عن الإسلام ويمدحونه بحرية الأديان والمعتقدات حتى توسعوا في ذلك توسعاً أضاعوا فيه قواعد الإسلام والشريعة، وهذه الآية يكفي ما فيها من تقرير عدم الإكراه على الدين الإسلامي لمن كان منتسباً إلى دين نبي قبله، فأما أن تكون حامية للملحدين والمرتدين ونحوهم من ناقضي العهد فلا ولا كرامة... فحرية الاعتقاد في الدين الإسلامي لأهل الكتاب ممن ينتسبون إلى دين نبي، وإن كانوا على خلاف دين نبيهم لما أجراه أسلافهم من التحريف؛ لأنهم ليسوا مسؤولين عما لم يعلموه، فأما الزنادقة من كل مذهب ونحلة فقد نص المحققون على عدم قبول توبتهم".

حكم المرتد في الإسلام:قال تعالى: {وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ

عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَـٰلُهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَأُوْلـئِكَ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ} [البقرة:217]. قال ابن جرير: "من يرجع منكم عن دينه دين الإسلام فيمت قبل أن يتوب من كفره فهم الذين حبطت أعمالهم". وعن ابن عباس رضي الله عنه عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من بدل دينه فاقتلوه) قال البغوي: "والعمل على هذا عند أهل العلم، أن المسلم إذا ارتدّ عن دينه يقتل".

ويعتبر العلماء قتل المرتد نتيجة خيانته للملة الإسلامية التي انخرط في عداد أفرادها، ثم غدرها، فلو ستر كفره لم يتعرض له أحد ولم يشق عن بيضة قلبه كما كان يقع للمنافقين الذين قال فيهم الله: {وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَىٰ شَيَـٰطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءونَ} [البقرة:14]، فالعقوبة هي لحماية بيضة الطائفة الإسلامية ممن يكسر وحدتها ويضرّ بها، وليس لمجرد تغير العقيدة الذي لا يصحبه إعلان ردة .

إن الإسلام واجه ناساً يدخلون فيه خداعاً ويخرجون منه ضراراً، فهل ينتظرون من دين هو بطبيعته عقيدة قلبية وشريعة اجتماعية أن يقابل هذه المسالك ببلادة؟! كلا، لقد أباح لليهود والنصارى أن يعيشوا إلى جواره في مجتمع واحد، لهم فيه ما للمسلمين وعليهم فيه ما على المسلمين، فلماذا يترك هؤلاء أو

 أولئك دينهم ويدخلون في الإسلام ثم يخرجون

منه؟! وحرية الارتداد هنا معناها الوحيد إعطاء

الآخرين حرية الإساءة إلى الإسلام وإهانة عقيدته والاحتيال على شريعته، فهل يقبل هذا منطق سليم؟! إن التنقل بين شتى الأديان ليس أمراً سهلاً ولا ينبغي أن ينظر إليه بقلة اكتراث. إن الارتداد قلما يكون أمراً قلبياً فحسب، ولو كان كذلك ما أحسّ به أحد. إن الارتداد في أغلب صوره ستار نفسي للتمرد على العبادات والتقاليد والشرائع والقوانين، بل على أساس الدولة نفسه وموقفهامن خصومها الخارجيين، ولذلك كثيراً ما يرادف الارتداد جريمة

 الخيانة العظمى،وتكون مقاومته واجباً مقدساً.

وأية دولة لا تلام على موقفها الصارم من المرتدين يوم

يكون موقفهم طعنة لوجودها. على أن الارتداد في ظلال النظام الإسلامي يمثل شذوذاً منكراً لا يمكن بتة تصور بقائه مع استقرار الأنظمة العامة وتوفير المهابة والنفاذ لها.[الأنترنت – موقع المنبر – الملف العلمي - أهم الحقوق التي كفلها الإسلام للإنسان]

ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

فهذه الحلقة التاسعة بعد الأربعمائة في موضوع

 (الحق) وهي بعنوان: *حق الإنسان في معرفة الحق

من الحقوق المقررة في الإسلام أن كل إنسان له الحق في أن يعرف الحق، فلا يجوز الحيلولة بين الإنسان وبين الوصول إلى الدين الحق، ويجب كسر جميع الحواجز التي تقف أمام دعوة الحق أن تصل إلى كافة الناس، لأن وصول الحق إليهم حق من حقوقهم يجب الدفاع عنه.

وقد قرر الإسلام ذلك من نواحي عدة، فمن ذلك:

1- تحريم لبس الحق بالباطل:

قال تعالى: {وَلاَ تَلْبِسُواْ ٱلْحَقَّ بِٱلْبَـٰطِلِ} [البقرة:42].

قال أبو العالية: "لا تخلطوا الحق بالباطل وأدوا

النصيحة لعباد الله في أمر محمد صلى الله عليه وسلم".

2- تحريم كتمان الحق:

قال تعالى: {وَلاَ تَلْبِسُواْ ٱلْحَقَّ بِٱلْبَـٰطِلِ وَتَكْتُمُواْ ٱلْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة:42].

قال ابن عباس: (ولا تكتموا الحق وأنتم تعلمون).

قال ابن كثير: "فنهاهم عن الشيئين معاً، وأمرهم بإظهار الحق والتصريح به".

قال ابن سعدي: "فنهاهم عن شيئين: عن خلط الحق بالباطل وكتمان الحق، لأن المقصود من أهل الكتب والعلم تمييز الحق وإظهار الحق، ليهتدي بذلك المهتدون ويرجع الضالون، وتقوم الحجة على المعاندين، لأن الله فصل آياته وأوضح بيناته ليميز الحق من الباطل، وليستبين سبيل المجرمين".

3- فتح باب الاجتهاد وأجر المجتهد:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا حكم الحاكم فاجتهد وأصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر)) .

قال الشافعي: "يؤجر، ولكنه لا يؤجر على الخطأ، لأن الخطأ في الدين لم يؤمر به أحد، وإنما يؤجر لإرادته الحق الذي أخطأه" .

ولكن للاجتهاد والمجتهد شروط وأحكام كثيرة ذكرها

العلماء في كتب أصول الفقه في مبحث الاجتهاد والمجتهد .

4- شرعية المناظرة والمجادلة وإقامة الحجة لبيان الحق:

قال تعالى: {إِنْ عِندَكُمْ مّن سُلْطَانٍ بِهَـٰذَا} [يونس:68].

قال ابن كثير: "أي: ليس عندكم دليل على ما تقولونه من الكذب والبهتان"وقال عز وجل: {قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُمْ مَّن يَبْدَأُ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ ٱللَّهُ يَبْدَأُ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ} [يونس:34]. وقال تعالى: {أَفَمَن يَهْدِى إِلَى ٱلْحَقّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّى إِلاَّ أَن يُهْدَىٰ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [يونس:35].

قال ابن عبد البر: "فهذا كله تعليم من الله عز وجل للسؤال والجواب والمجادلة، وجادل رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الكتاب وباهلهم بعد الحجة، وجادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه اليهود في جبريل وميكائيل عليهما السلام، وناظر عمر بن الخطاب أبا عبيدة في حديث الطاعون، وتجادل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم السقيفة وتدافعوا وتقرروا وتناظروا حتى صار الحق في أهله، وتناظروا بعد مبايعة أبي بكر في أهل الردة، وفي فصول يطول ذكرها".[الأنترنت – موقع المنبر – الملف العلمي - أهم الحقوق التي كفلها الإسلام للإنسان]

ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

فهذه الحلقة العاشرة بعد الأربعمائة في موضوع

 (الحق) وهي بعنوان:*حق التملك والتصرف

1- المراد بحق التملك والتصرف:

حق التملك يعني الاعتراف بحق الملكية الفردية للإنسان وتمكين المالك من سلطة التصرف بالشيء والاستفادة منه واستغلاله، والأصل أن يكون في الأعيان، ثم قرِّر في المنافع والحقوق.

والتملك في الأصل يقع على المال الذي هو أحد الضروريات الخمس في الإسلام، ويعتبر المال أحد

الدعائم الأساسية في الحياة، وهو أحد عناصر الإنتاج مع العمل والموارد الطبيعية، وهو زينة الحياة، وفطر الإنسان على حبه.

2- أصل الملك لله تعالى والعبد له التصرف:

قال تعالى: {وَأَنفِقُواْ مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ}[الحديد:7].

قال القرطبي: "هذا دليل على أن أصل الملك لله سبحانه، وأن العبد ليس له فيه إلا التصرف

الذي يرضي الله فيثيبه على ذلك بالجنة... وهذا يدل على أنها ليست بأموالكم في الحقيقة، وما أنتم فيه إلا منزلة النواب والوكلاء، فاغتنموا الفرصة فيها بإقامة الحق قبل أن تزال عنكم إلى من بعدكم".

3- كراهية الشريعة تكديس الأموال بأيدي فئة من الناس:

قال تعالى: {مَّا أَفَاء ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ ٱلْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِى ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَـٰكِينِ وَٱبْنِ

 ٱلسَّبِيلِ كَى لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ ٱلأَغْنِيَاء مِنكُمْ} [الحشر:7].

قال القرطبي: "أي: فعلنا ذلك في هذا الفيء كي لا تقسمه الرؤساء والأغنياء والأقوياء بينهم دون

الفقراء والضعفاء".

قال ابن عاشور: "وقد بدا من هذا التعليل أن من مقاصد الشريعة أن يكون المال دولة بين الأمة الإسلامية على نظام محكم في انتقاله من كل مال لم يسبق عليه ملك لأحد، مثل الموات والفيء واللقطات والركاز، أو كان جزءاً معيناً مثل الزكاة والكفارات وتخميس المغانم والخراج والمواريث، وعقود المعاملات التي بين جانبي مال وعمل مثل القراض والمغارسة والمساقاة،وفي الأموال التي يظفر بها الظافر بدون عمل وسعي مثل الفيء والركاز وما ألقاه البحر

ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وبعد : 

فهذه الحلقة الحادية عشرة بعد الأربعمائة في موضوع

 (الحق) وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: *حق التملك والتصرف، وهي آخر حلقة في هذا الموضوع المهم (الحق)

4- حرمة التملك بالباطل :

قال تعالى: {وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوٰلَكُمْ بَيْنَكُم بِٱلْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا

 إِلَى ٱلْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مّنْ أَمْوَالِ ٱلنَّاسِ بِٱلإثْمِ وَأَنتُمْ

تَعْلَمُونَ} [البقرة:188].

قال ابن جرير: "يعني تعالى ذكره بذلك: ولا يأكل بعضكم مال بعض بالباطل، فجعل تعالى ذكره بذلك آكل مال أخيه بالباطل كالآكل مال نفسه بالباطل".

قال ابن عاشور: "ومعنى أكلها بالباطل: أكلها بدون وجه، وهذا الأكل مراتب:

المرتبة الأولى: ما علمه جميع السامعين مما هو صريح في كونه باطلاً كالغصب والسرقة والحيلة.

المرتبة الثانية: ما ألحقه الشرع بالباطل فبيّن أنه من الباطل وقد كان خفياً عنهم، وهذا مثل الربا ورشوة الحكام ومثل بيع الثمرة قبل بدو صلاحها.

المرتبة الثالثة: ما استنبطه العلماء من ذلك، مما يتحقق فيه وصف الباطل بالنظر وهذا مجال للاجتهاد في تحقيق معنى الباطل".

5- تشريع العقوبات في الاعتداء على الملك: قال تعالى: {وَٱلسَّارِقُ وَٱلسَّارِقَةُ فَٱقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَـٰلاً مّنَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [المائدة:38].

قال ابن كثير: "يقول تعالى حاكماً وآمراً بقطع يد السارق والسارقة".

قال ابن سعدي: "والحكمة في قطع اليد في السرقة أن ذلك حفظ للأموال واحتياط لها، وليقطع العضو الذي صدرت منه الجناية".

6- قيود وضوابط حق الملكية:

1- من حيث نشأته: بأن ينشأ بسبب شرعي، فإن نشأ من غير وجه شرعي فإن الإسلام لا يعترف به ولا يحميه، بل يأمر بنزعه من يد حائزه ورده إلى مالكه الأصلي، كالمال المسروق أو المغصوب، فإن لم يكن له مالك وضع في بيت المال.

2- من حيث نماؤه: حدد الإسلام سبل المال ونمائه بالقيود والتصرفات المشروعة، ولم يعترف بالنماء الناتج عن سبيل باطل حرام، كالنماء الناتج عن بيع الربا أو بيع الخمور والمخدرات أو فتح نوادي للقمار، كما أوجب في حق الملكية قدراً معيناً لمصلحة الجماعة يتمثل في الزكاة والنفقات الشرعية، وعدم جواز الوصية بأكثر من الثلث حفظاً لحق الوارثين في الثلثين.

3- من حيث استهلاكه: إذ قيده بالاعتدال في الإنفاق دون إسراف أو تقتير، قال تعالى: {وَٱلَّذِينَ إِذَا أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ وَلَمْ يَقْتُرُواْ وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً} [الفرقان:67]، كما قيده أيضاً بتحريم الإنفاق فيما حرمته

الشريعة الإسلامية.

وقيده بجواز نزعه عند الضرورة للمصلحة العامة مع

تعويض صاحب الملك التعويض العادل، كنزع الملك لتوسعة الطريق العام.[الأنترنت – موقع المنبر – الملف العلمي - أهم الحقوق التي كفلها الإسلام للإنسان]           

الخاتمة

   الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، والحمد لله على فضله وكرمه وعطائه ورحمته وتوفيقه وهدايته ونعمه التي لا تعد ولا تحصى ، والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً وفي كل حال وفي كل زمان وفي كل مكان ؛حمداً يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه؛ حمداً يملأ السماوات والأرضين وما بينهما وملء ماشاء ربنا ، تم هذا البحث الواسع الكبيرالعظيم [ الحق ] في يوم السبت الخامس من شهرشوال للعام الأربعون بعد الاربعمائة والألف للهجرة في داري ببطحاء قريش في مكةالمكرمة

   والحق اسم من اسماء الله الحسنى وهو اشبه ما يكون بالتفسير الموضوعي وقد جمعت فيه كثير من النصوص القرآنية والحديثية وأقوال الصحابة والتابعين والأئمة والعلماء والدعاة والمؤلفين ...وعزوت كل نص الى قائلة.....

   إن اصبت فمن توفيق الله ، وإن جانبت الصواب فمن نفسي والشيطان واستغفر الله ، وعلى أتم إستعداد للرجوع عن الخطأ .

اللهم إجعله عملا صالحا متقبلا وانفعني به ومن إطلع عليه يارب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

جمع وتأليف/ د مسفر بن سعيد دماس الغامدي