الجهل

                الجهل

إن الحمد لله ، نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ،

وأشهد أن لا اله الا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله

{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ، ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون }

 { ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة ، وخلق منها زوجها ، وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً ، واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً }

{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً ، يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ، ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً } وبعد :

فهذه الحلقة الأولى في موضوع ( الجهل ) وستشتمل التعريفات ، والمشرك جاهل

تعريف الجهل :

الجهل : ضد العلم  ، وتجاهل : أظهر الجهل وهو ليس بجاهل ، واستجهله : عده جاهلاً واستخفه ، والجهالة : أن تفعل فعلاً بغير علم  ،وجهلت الشيء: إذا لم تعرفه ، والجاهل ضد العاقل ، والجهل ضد الخبرة 

 قال ابن القيم :

الجهل قسمان:

1-بسيط وهو عبارة عن عدم المعرفة مع عدم تلبس بضده

2- ومركب وهو جهل أرباب الإعتقادات الباطلة  .                             والقسم الأول هو الذي يطلب صاحبه العلم ، أما صاحب الجهل المركب فلا يطلبه.                                 وقال أيضاً  : الجهل نوعان : 1- جهل علم ومعرفة  ، 2- وجهل عمل وغيٍّ

وكلاهما له ظلمة ووحشة في القلب ، وكما أن العلم يوجب نوراً ، وأنساً ؛ فضده يوجب ظلمة ويوقع وحشة ، وقد سمى الله سبحانه وتعالى (العلم ) الذي بعث به رسوله نوراً ، وهدى وحياة . وسمى ضده : ظلمة وموتاً وضلالاً

قال تعالى :{ الله وليُّ الذين آمنوا ، يخرجهم من الظلمات الى النور . والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت ، يخرجهم من النور الى الظلمات }                     

قال ابن القيم على الآية { أومن كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس

كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها ؟ }

قال:" أي أومن كان كافراً ميت القلب ، مغموراً في ظلمة الجهل ، فهديناه لرشده ، ووفقناه للإيمان ، وجعلنا قلبه حياً بعد موته … فأبصر الحق بعد عماه عنه ، وعرفه بعد جهله به ، وأتبعه بعد إعراضه عنه …

 

 

1-    المشرك جاهل :                                          

قال تعالى :  {وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على~ أصنام لهم ، قالوا يا موسى : اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة قال : إنكم قوم تجهلون ، إن هؤلاء متبر ماهم  فيه وباطل ماكانوا يعملون }  

 قال ابن كثير :" يخبر تعالى عما قاله جهلة بني إسرائيل لموسى – عليه السلام حين

جاوزوا البحر ، وقد رأوا من آيات الله وعظيم سلطانه ما رأوا ، { فأتوا } أي : فمروا { على قوم يعكفون على أصنام لهم } قال بعض المفسرين : كانوا من الكنعانيين ، وقيل : كانوا من لخم  .

  

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثانية في موضوع        ( الجهل)وهي إستكمالا للحلقة السابقة والتي ورد فيها أن المشرك جاهل 

قال ابن جرير : وكانوا يعبدون أصناماً على صور البقر ، فلهذا أثار ذلك شبهة لهم في عبادتهم العجل بعد ذلك ، فقالوا :          { ياموسى اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهه . قال : إنكم قوم تجهلون } أي : تجهلون عظمة الله وجلاله ،وما يجب أن ينزه عنه من الشريك والمثيل{ إن هؤلاء متبر ماهم فيه } أي : هالك { وباطل ماكانوا يعملون } .  

 وقال القرطبي :" نظيره قول جُهال الأعراب - وقد رأوا شجرة خضراء للكفار تُسمى ذات أنواط  يعظمونها في كل سنة يوماً – : يارسول الله ، اجعل لنا ذات

أنواط كما لهم ذات أنواط فقال _ عليه الصلاة السلام - : ( الله أكبر . قلتم والذي نفسي بيده كما قال قوم موسى { اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة ، قال : إنكم قوم تجهلون } لتركبن سنن من قبلكم حذو القذة بالقذة حتى إنهم لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه )   وكان هذا في مخرجه إلى حنين …

 إن الجهل مصيبة عظيمة ، وكارثة كبيرة ؛ تجعل الإنسان يتخبط في هذه الحياة ،فهو

   لا يعرف الله، ولا يعرف شرع الله  ، قلبه مظلم ، بل ميت ، يسير من دون هدى تتحكم فيه الأهواء والشهوات ، ويتحكم فيه الشيطان ، والنفس الأمارة بالسوء . 

2-    الذين طلبوا من النبي أن يطرد المؤمنين : جاهلون

 قال تعالى :{ قال ياقوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده فعُمّيت

عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون ، وياقوم لآأسألكم عليه مالاً  إن أجرى إلا على الله ، ومآ أنا بطارد الذين آمنوا  إنهم ملاقوا ربهم ولكني~ أراكم قوماً تجهلون ، وياقوم من ينصرني من الله إن طردتهم أفلا تذكرون }

  قال ابن كثير :" يقول تعالى مخبراً عن نوح : لا أسألكم على نصحي مالاً أجرة آخذها منكم ، إنما أبتغي الأجر من الله عز وجل ، { وما أنا بطارد الذين آمنوا } كأنهم طلبوا منه أن يطرد المؤمنين عنه ، إحتشاماً  ونفاسة أن يجلسوا معهم ، كما سأل أمثالهم خاتم الرسل  صلى الله عليه وسلم  أن يطرد عنهم جماعة من الضعفاء ويجلس معهم مجلساً خاصاً ، فأنزل الله تعالى :{ ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي }  

وقال القرطبي:{ولكني أراكم قوماً تجهلون} في استرذ ا لكم لهم ، وسؤالكم طردهم  الملأ والمتكبرون بغير الحق المتجبرون على الضعفاء والمساكين الذين لم يستجيبوا للحق ؛طلبوا من الأنبياء والرسل طرد المؤمنين من الضعفاء والمساكين الذين آمنوا بما أرسل اليهم وصدقوا المرسلين  ، هؤلاء الكفار جهلهم وخبثهم ونجاستهم هي التي جعلتهم يطلبون مثل هذه الطلبات ، وعدم علمهم ومعرفتهم بالله وبرسل الله وبشرع الله  ؛ جعلهم يفكرون بهذه الطريقة التي تنم عن إستعلاء وتكبر، لكن وصفهم بأنهم (قوم يجهلون ) له دلالته،بل هذا الوصف مطابق للحقيقة بدليل ما طلبوه وتمحلوا فيه ..

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

 

 

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثالثة في موضوع        ( الجهل)وهي بعنوان :

3 – قوم لوط الذين كانوا يأتون الرجال شهوة من دون النساء : قوم جُهلاء  عادون  نَجَسْ 

قال تعالى :{ ولوطاً إذ قال لقومه ~ أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون ، أإنكم لتأتون

الرجال شهوةً من دون النسآء بل أنتم قومٌ تجهلون }

 قال ابن كثير : {أإنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم تجهلون} أي :لاتعرفون شيئاً لا طبعاُ ولا شرعاً …

هذا النجس وهذه النجاسة ، وهذا الخبث وهذه الخبائث ؛ لاتصدر إلا من الجهلاء الأنجاس ، العادون ، الذين قد مسخت فطرهم ، فأصبح الحق عندهم باطلا ، والباطل حقاً ، وأصبحت الرضيلة عندهم فضيلة ، والفضيلة رضيلة ، والطهر نجس ، والنجس طهراً ، بل انقلبت عندهم الموازين راساً على عقب ولا حول ولا قوة إلابالله .         

4     - القوم الذين لم يستجيبوا لدعوة نبيهم :قوم يجهلون و لايعقلون ولا يفهمون

 قال تعالى :{ واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف وقد خلت النذر من بين يديه

ومن خلفه ألا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم ، قالوا : أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين ، قال إنما العلم عند الله وأبلغكم ما أرسلت به ولكني أراكم قوماً تجهلون ، فلما رأوه عارضاً مستقبل أود يتهم قالوا : هذا عارض ممطرنا ، بل هو ماستعجلتم به ريح فيها عذاب أليم ، تدمركل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين }

قال ابن كثير : يقول تعالى مسلياً لنبيه في تكذيب من كذبه من قومه :{واذكر أخا عاد}وهو هود  عليه السلام  بعثه الله إلى عاد الأولى ، وكانوا يسكنون الأحقاف وهو واد بحضرموت مشرف على البحر بأرض  يقال لها الشِّحر … استعجلوا عذاب الله وعقوبته ، استبعاداً منهم وقوعه ،كقوله { يستعجل بها الذين لايؤمنون بها }

 { قال : إنما العلم عند الله } أي : الله أعلم بكم إن كنتم مستحقين لتعجيل العذاب فيفعل ذلك بكم ، وأما أنا فمن شأني أني أبلغكم ما أرسلت به { ولكني أراكم قوماً تجهلون } أي : لا تعقلون ولا تفهمون "

  قال ابن سعدي :

{ ولكني أراكم قوماً تجهلون } أي : ولكنكم تجهلون ما تبعث به الرسل ، لأن الرسل بعثوا منذرين لا مقترحين، ولا سائلين غير ما أذن لهم فيه، وليس من وظيفتهم الإتيان بالعذاب ، ولاتعيين وقت نزوله ، ولذلك صدر منكم ما صدر من هذه الجرأة الشديدة

 وهكذا كانت خاتمة المكذبين المعاندين الجهلة بالله ، وآياته وسننه؛ الدمار الشامل، نعوذ بالله من الجهل وما يترتب عليه من عذاب ونكال وشقاء .

وقال تعالى :{ ولو أننا نزلنا إليهم الملآئكة ، وكلمهم الموتى ، وحشرنا عليهم كل شيء

 قبلا ؛ ما كانوا ليؤمنوآ إلا أن يشاء الله ، ولكن أكثرهم يجهلون }   

 قال القرطبي : { ولكن أكثرهم يجهلون } أي : يجهلون الحق . وقيل : يجهلون أنه لا يجوز اقتراح الآيات بعد أن رأوا آية واحدة

 لفرط جهلهم وعنادهم طلبوا  أن تنزل الملائكة،ويكلمهم الموتى ، ويأتي بالأمم قبلا ،

 ويأتي بالله ، أو يرون الله  … وهذه الطلبات تدل على جهلهم بالله وبآيات الله  ، وبشرع الله،وبمهمة رسل الله  … ، وتدل على أنهم لن يؤمنوا بدليل هذه الشروط 

 وهذا التمحل ولذلك قال الله تعالى { ماكانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله } لأنه سبحانه وتعالى يعلم طبيعتهم الملتوية ، وعقولهم الفاسدة  ، وجهلهم المطبق ..

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الرابعة في موضوع        ( الجهل)وهي بعنوان :

5- ما فعله إخوة يوسف دليل على جهلهم

 قال تعالى :{ قال هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون }  

قال ابن كثير : يقول تعالى مخبراً عن يوسف  عليه السلام  : أنه لما ذكر له إخوته ما أصابهم من الجهد والضيق وقلة الطعام وعموم الجدب ، وتذكر أباه وما هو فيه من الحزن لفقد ولديه ، مع ما هو فيه من الملك والتصرف والسعة ، فعند ذلك أخذته رقة ورأفة ورحمة وشفقة على أبيه وإخوته ، وبدره البكاء ، فتعرف إليهم ، يقال : أنه رفع التاج عن جبهته ، وكان فيها شامة ، وقال :{ هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون } أي: إنما حملكم على هذا الجهل بمقدار هذا الذي ارتكبتموه ، كما قال بعض السلف : كل من عصى الله فهو جاهل ، وقرأ :{ ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة } …إلى قوله { إن ربك من بعدها لغفور رحيم }  .

 والظاهر والله أعلم  أن يوسف  عليه السلام  إنما تعرف إليهم بنفسه ، بإذن الله له في ذلك ، كما أنه إنما أخفى منهم نفسه في المرتين الأوليين بأمرالله تعالى له في ذلك ، والله أعلم ، ولكن لما ضاق الحال واشتد الأمر ، فرّج الله تعالى من ذلك الضيق ، كما قال تعالى :{ فإن مع العسر يسراً ، إن مع العسر يسراً }  فعند ذلك قالوا : { أئنك لأنت يوسف ؟} ثم اعترفوا له بالفضل والأثرة عليهم في الخلق والخلق ، والسعة والملك ، والتصرف والنبوة أيضاً  … وأقروا له بأنهم أساءوا إليه وأخطأوا في حقه .

 كم يكون حياؤهم وخجلهم من يوسف عندما ذكرهم ما فعلوه به وأخيه ، لكن الجهل

 وتحكيم الهوى ، وطاعة النفس الأمارة بالسوء ، واتباع خطوات الشيطان ؛ تجر الإنسان إلى أعظم من ذلك ، ولذلك كان إعتذارهم يحمل في طياته الإعتراف مع الندم المصاحب للألم  من قبح فعلهم والذي كان نتيجة من نتائج الجهل … 

6- من صفات عباد الرحمن أنهم إذا خاطبهم

 الجاهلون قالوا : سلاماً

 قال تعالى :{ وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً ، إذا خاطبهم الجاهلون

قالوا : سلاماً  }  

قال ابن كثير :" أي : إذا سفه عليهم الجهال بالسّيء ، لم يقابلوهم عليه بمثله ، بل يعفون ويصفحون ، ولا يقولون إلا خيراً ، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم  لاتزيده شدة الجهل عليه إلا حلما ، وكما قال تعالى :{ وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا : لنا أعمالنا ، ولكم أعمالكم ، سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين } …

 وقال الحسن البصري : {قالوا : سلاماً } قال : حلماء لايجهلون ، وإن جهلوا عليهم حلموا ، يصاحبون عباد الله نهارهم بما تسمعون ، ثم ذكر أن ليلهم خير ليل "

 أخرج أحمد بسنده من حديث النعمان بن مقرن المزني قال : قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم  ( وسب رجل رجلاً عنده قال : فجعل الرجل المسبوب يقول : عليك السلام . قال : فقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم - : ( أما إن ملكاً بينكما يذب عنك ، كلما شتمك هذا قال له : بل أنت أحق به . وإذا قال له : عليك السلام ، قال : لا، بل عليك، وأنت أحق به ) قال ابن كثير : إسناده حسن ، ولم يخرجوه  .

  قال القرطبي :" قال مجاهد : معنى {سلاما} سدادا .أي : يقول للجاهل كلاماًيدفعه به برفق ولين .. وقالت فرقه : ينبغي للمخاطب أن يقول للجاهل سلاماً ؛ بهذا اللفظ . أي : سلاما أو تسليما ، ونحو ذلك …  

 أنعم به من خلق كريم بأن يرد المسلم على الجاهل السفيه الذي لم يتأدب بأدب الإسلام

 بهذه اللفظة الجميلة التي تحمل السلام والسلامة ، وتحمل أدب الإسلام الراقي المنضبط

 إنها [ سلام ] إما بلفظها أو بكلام يدل على السلام والسلامة ، ويدل على الصفح والهجر الجميل  

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الخامسة في موضوع        ( الجهل)وهي بعنوان :

7- من جهل المشركين أن دعوا رسول الله

-  صلى الله عليه وسلم – إلى عبادة آلهتهم   

قال تعالى :{ قل أفغير الله تأمُرُو~نّي~ أعبُدُ أيها الجاهلون }  

 قال ابن كثير :" ذكروا في سبب نزولها ما رواه ابن أبي حاتم وغيره ، عن ابن عباس

: أن المشركين بجهلهم دَعَوا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلى عبادة آلهتهم ، ويعبدوا معه إلهه ، فنزلت .. وهي كقوله :{ ولو أشركوا

لحبط عنهم   ماكانوا يعملون }

وقال السيوطي : أخرج الطبراني وابن أبي حاتم عن ابن عباس : أن قريشاً دعت

رسول الله –صلى الله عليه وسلم – إلى أن يعطوه مالاً فيكون أغنى رجل بمكة ويزوجوه ما أراد من النساء ، فقالوا : هذا لك يامحمد وتكفّ عن شتم آلهتنا ولا تذكرها بسوء ، فإن لم تفعل فاعبد آلهتنا سنة قال : حتى أنظر ما يأتيني من ربي ، فأنزل الله { قل ياأيها الكافرون } إلى آخر السورة . وأنزل { قل أفغير الله تأمروني أ عبد أيها الجاهلون }    

كل من عصى الله فهو جاهل ؛ وأعظم المعاصي الشرك بالله ، ولوأن عندهم علم كانوا مؤمنين ، وليس بعد الكفر والشرك ذنب ، ودعوتهم للنبي – صلى الله عليه وسلم – أن يعبد أصنامهم وآلهتهم ، وهم يعبدون اله محمد : من أعظم الأدلة على جهلهم وحمقهم ، وتبلد إحساسهم ، وعدم معرفتهم بالله وبشرع الله ، وبسنن الله ، وبمهمة نبي الله ؛ وهذا لاشك أنه غاية في الجهل والبلادة – نسأل الله العافية -

8 – نهى الله - تبارك وتعالى- نبيه أن يكون من الجاهلين لجزعه ،وحزنه ، وتحسره ؛على كفرهم  

قال تعالى :{ وإن كان كبر عليك إعراضهم ؛ فإن استطعت أن تبتغى نفقاً في الأرض ، أو سلماً في السماء فتأتيهم بآيةٍ ، ولو شاء الله لجمعهم على الهدى ، فلا تكونن من الجاهلين،إنمايستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله ثم إليه يرجعون }  

قال ابن كثير :" كما قال تعالى :{ ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً ،أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ، وما كان لنفسٍ أن تؤمن إلا بإذن الله،ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون }  

قال على بن أبي طلحة :عن ابن عباس في قوله :{ ولو شاء الله لجمعهم على الهدى}

قال : إن رسول الله  صلى الله عليه وسلم  كان يحرص أن يؤمن جميع الناس ويتابعوه على الهدى ، فأخبر الله أنه لا يؤمن إلا من قد سبق له من الله السعادة في الذكر الأول )

 قال القرطبي :" أمر الله نبيه – صلى الله عليه وسلم  - ألا يشتد حزنه عليهم إذا كانوا لا يؤمنون ؛ كما أنه لا يستطيع هداهم { ولو شاء الله لجمعهم على الهدى } أي: لخلقهم مؤمنين وطبعهم عليه ؛ بيّن تعالى أن كفرهم بمشيئة الله ردّاً على القدرية . وقيل المعنى: أي لأراهم آية تضطرهم إلى الإيمان ، ولكنه أراد عز وجل أن يثيب منهم من آمن ومن أحسن . { فلا تكونن من الجاهلين } أي : من الذين اشتد حزنهم وتحس رهم حتى أخرجهم ذلك إلى الجزع الشديد ، وإلى ما لا يحل ؛ أى : لا تحزن على كفرهم فتقارب حال الجاهلين . ..  

  هذا النهي من الله لنبيه ؛ فيه بيان لحكمة الله ، وأن الله لايوفق للإيمان إلا من هو أهل له ، وقد سبق له في علم  الله وقدره السعادة بالإيمان برسوله – صلى الله عليه وسلم –وبامتثال أوامره والإنتهاء عن مناهيه ، أما من لم يكن أهل للسعادة فإنه لايؤمن بالله .                       

 إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السادسة في موضوع        ( الجهل)وهي بعنوان :

9- أمر الله بالإعراض عمن تمادى في ضلاله واستعصى واستمر في جهله وغيه

قال تعالى :{ خُذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين }  

قال البخاري :"باب { خذ العفو وأ مر بالعرف وأعرض عن الجاهلين } 

وأخرج بسنده من حديث ابن عباس قال : ( قدم عيينة بن حصن بن حذيفة فنزل على ابن أخيه الحر بن قيس ، وكان من النفر الذين يدنيهم   عمر ، وكان القراء أصحاب مجالس عمر ومشاورته كهولاً كانوا أو شباباً . فقال عيينة لابن أخيه: ياابن أخي لك وجه عند هذا الأمير ، فاستأذن لي عليه ، قال : سأستأذن لك عليه . قال ابن عباس : فاستأذن الحر لعيينة ، فأذن له عمر ، فلما دخل عليه قال : هى يا ابن الخطاب،فوالله ماتعطينا الجزل ، ولا تحكم بيننا بالعدل . فغضب عمر حتى هم به ، فقال الحر : يا أمير المؤمنين ، إن الله تعالى قال لنبيه : { خذ العفو ، وأمر بالمعروف ، وأعرض عن الجاهلين } وإن هذا من الجاهلين . والله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه ،وكان وقافاً عند كتاب الله )   

  قال ابن كثير :" قال بعض العلماء : الناس رجلان : فرجل محسن ، فخذ ماعفا لك من إحسانه ، ولا تكلفه فوق طاقته ولا ما يحرجه .

وإما مسيء ، فمره بالمعروف ، فإن تمادى على ضلاله واستعصى عليك واستمر في جهله ، فأعرض عنه ، فلعل ذلك أن يرد كيده ، كما قال تعالى :{ ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون . وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين ، وأعوذ بك رب أن يحضرون } ، وقال تعالى :{ ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ، ادفع بالتي هي أحسن ،فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم …}

 الجاهل العاصي من المسلمين لعل العفو عنه والإعراض عنه ؛ لعله يرده إلى الحق ، ويكفه عن الغي الذي هو فيه ، وعن تمرده والله المستعان والهادي إلى سواء السبيل .

10- وعظ الله نبيه نوح أن يكون من الجاهلين؛بسبب قوله {إن ابني من أهلي }  

قال تعالى:{ ونادى نوح ربه فقال : رب إن ابني من أهلي وأن وعدك الحق  وأنت

أحكم الحاكمين ، قال : يانوح إنه ليس من أهلك ، إنه عمل غير صالح ، فلا تسألن ماليس لك به علم ، إني~ أعظك أن تكون من الجاهلين }                          

قال القرطبي :" أي : أنهاك عن هذا السؤال وأحذرك لئلا تكون،أو كراهية أن تكون من الجاهلين ؛ أي الآثمين …قال ابن العربي : وهذه زيادة من الله وموعظة يرفع بها نوحاً عن مقام الجاهلين ، ويعليه بها إلى مقام العلماء والعارفين ..

لاشك أن جميع أنبياء الله من العالمين والعارفين والمؤمنين ، وليس أحد منهم من الجاهلين ، لكن نوحاً عليه السلام وعظه الله أن تأخذه عاطفة الأبوة والقرابة ، وتقديمها على رابطة العقيدة والدين وهى أقوى من الأولى ، ونوح عليه السلام لم يفعل ذلك ، لكنه فهم من الأية الأخرى أن الله سينجي أهله جميعهم ، وابنه على هذا الإعتبار من أهله ، ثم تبرأ نوح من أن يسأل الله ماليس له به علم،وهذا غاية في العلم والعبودية.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السابعة في موضوع        ( الجهل)وهي بعنوان :   

  11- إذا لم يعصم الله الإنسان من الوقوع في المعصية فإنه يكون من الجاهلين  

 قال تعالى :{قالت فذالكن الذي لمتنني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم،ولئن لم يفعل مآ آمره ليسجنن وليكونأ من الصاغرين ،قال ربّ السجن أحبُّ الىّ مما يد عونني~ إليه ، وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين }

 قال القرطبي:{أصب إليهن} أي: إن لم تلطف بي في اجتناب المعصية وقعت فيها          { وأكن من الجاهلين } أي : ممن يرتكب الإثم ويستحق الذم ، أو ممن يعمل عمل الجهال ؛ ودل هذا على أن أحداً لا يمتنع عن معصية الله إلا بعون الله ودلّ أيضاً على قبح الجهل والذم لصاحبه …    

12- حملُ الإنسان للأمانة دليل على ظلمه وجهله 

قال تعالى :{إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولا ، ليعذب الله المنافقين والمنافقات ، والمشركين والمشركات ، ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات ، وكان الله غفوراً رحيماً }  

 أورد ابن كثير عدة أقوال في معنى الأمانة منها : أنها الفرائض ، وقيل : هي الطاعة ،

وقيل : الدين والفرائض والحدود ، وقيل : الغسل من الجنابة ، وقيل : الصلاة ، والصوم ، والإغتسال من الجنابة …

ثم قال : وكل هذه الأقوال لا تنافي بينها ، بل هي متفقة وراجعة إلى أنها التكليف ، وقبول الأوامر والنواهي بشرطها ، وهو أنه إن قام بذلك أثيب ، وإن تركها عُوقب ، فقبلها الإنسان على ضعفه وجهله وظلمه ، إلا من وفق الله ، وبالله المستعان ….

 وقال القرطبي :" { وحملها الإنسان } قال الحسن : المراد الكافر والمنافق { إنه كان

ظلوماً} لنفسه { جهولاً} بربه…. وهذا العرض عرض تخيير لا إلزام ، والعرض على الإنسان إلزام …       

  وهذه الآية تدل على أن الإنسان عندما تحمل هذه الأمانة كان يجهل تكاليفها ووافق     على شرط هذا التكليف وهو النعيم لمن أطاع والعذاب لمن عصى لكنه لفرط ظلمه لنفسه ، وفرط جهله بربه وبشرعه تحملها ووقع فيما وقع فيه لكن الله وعده بالمغفرة والرحمة إذا أقبل اليه وتاب من ذنوبه .  

13- كل من عصى الله خطأً أوعمداً فهو جاهل حتى ينزع عن الذنب

قال تعالى :{ إنما التوبة على الله للذين يعملون السـو~ء بجهالة ثم يتوبون من قريب

فأولائك يتوب الله عليهم ، وكان الله عليماً حكيماً ...}

 قال ابن كثير :" يقول تعالى إنما يتقبل الله التوبة ممن عمل السوء بجهالة ، ثم يتوب ولو

قبل معاينة الملك روحه قبل الغرغرة

قال مجاهد وغير واحد : كل من عصى الله خطأً أو عمداً فهو جاهل حتى ينزع عن الذنب .

وقال قتادة عن أبي العالية : أنه كان يحدث : أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم  كانوا يقولون : كل ذنب أصابه عبد فهو بجهالة . رواه ابن جرير .

ثم قال قتادة : اجتمع أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فرأوا  أن كل شيء عُصى به فهو جهالة ، عمداً كان أو غيره .

وعن مجاهد قال : كل عامل بمعصية الله فهو جاهل حين عملها .

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

 

 

 

 

 

 

 

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثامنة في موضوع        ( الجهل) وهي بعنوان :

14 – المنافقون كانوا يعتقدون في الله إعتقاد أهل الجاهلية من عدم النصر والظفر للمؤمنين ، وأن المشركين سيظهرون ، وأن الإسلام سيباد وأهله .

  قال تعالى :{ ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنةً نعاساً يغشى طآئفةً منكم ، وطآئفةٌ قد

أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية ؛ يقولون : هل لنا من الأمر من شيء ؟ قل : إن الأمرُ كله  لله ، يخفون في~ أنفسهم مالا يبدون لك ،يقولون : لوكان لنا من الأمر شيءٌ  ما قتلنا هاهنا ، قل : لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كُتب عليهم القتل إلى مضاجعهم ، وليبتلى الله مافي صدوركم وليمحص ما في قلوبكم ، والله عليم بذات الصدور }   

 قال ابن كثير : قال ابن مسعود : النعاس في القتال من الله ، وفي الصلاة من الشيطان .

 وقال ابو طلحة : غشينا النعاس ونحن في مصافنا يوم أحد ، فجعل سيفي يسقط من يدي وآخذه ، ويسقط وآخذه ، قال : والطائفة الأخرى المنافقون ليس لهم هم إلا أنفسهم ، أجبن قوم وأرعنه ، وأخذله للحق { يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية } كذبة، أهل شك وريب في الله عز وجل … الطائفة الأولى : أهل الإيمان واليقين والثبات ، والتوكل الصادق ، وهم الجازمون بأن الله سينصر رسوله وينجز له مأموله … والثانية : هم الذين لايغشاهم النعاس من القلق والجزع والخوف … اعتقدوا أن المشركين لما ظهروا تلك الساعة أنها الفيصلة ، وأن الإسلام قد باد وأهله ،وهذا شأن أهل الريب والشك إذا حصل أمر من الأمور الفظيعة ، تحصل لهم هذه الظنون الشنيعة …

 وقال القرطبي {وطائفة} أي:  طائفة يظنون أن أمر محمد صلى الله عليه وسلم  باطل ، وأنه لاينصر { ظن الجاهلية } أي : ظن أهل الجاهلية … وقال ابن عباس في قوله { يظنون بالله ظن الجاهلية } يعني التكذيب بالقدر … { يقولون لوكان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا } أي : ماقتل عشائرنا . فقيل : إن المنافقين قالوا : لو كان لنا عقل ما خرجنا إلى قتال أهل مكة ، ولما قتل رؤساؤنا .

 وقال ابن سعدي : نعم المنافق خائف ؛ خائف من الفضيحة ، وخائف من الموت ، وخائف من كل شيء  ، ولذلك لم يؤمنوا بالنعاس ، ولم تثق نفوسهم ، وتطمئن قلوبهم بوعد الله ؛ ولذلك ذهبوا كل مذهب ،وقالوا ماقالوا من الكلام الذي يحمل سوء الظن بالله ، بل كانوا يعتقدون أن الله لن ينصر المؤمنين ، وأن المشركين سيبيدون المؤمنين وأنها النهاية لهم  وهذا الجهل بعينه

 

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة التاسعة في موضوع        ( الجهل)وهي بعنوان :

15- الذي يحكم بغير ما أنزل الله ؛ فهو يحكم بحكم الجاهلية

قال تعالى:{وأن احكم بينهم بمآ أنزل الله ولا تتبع أهوآءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض مآ أنزل الله إليك،فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم،وإن كثيراً من الناس لفاسقون،أفحكم الجاهلية يبغون،ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون}

قال ابن كثير :" ينكر تعالى على من خرج عن حكم الله المحكم المشتمل على كل خير

، الناهي عن كل شر وعدل إلى ما سواه من الأراء والأهواء والإصطلاحات، التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله ، كما كان اهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات ، مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم …

 قال الله تعالى :{ أفحكم الجاهلية يبغون } أي: يبتغون ويريدون ، وعن حكم الله يعدلون . { ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون } أي : ومن أعدل من الله في حكمه لمن عقل عن الله شرعه ، وآمن به وأيقن وعلم أنه تعالى أحكم الحاكمين ، وأرحم بخلقه من الوالدة بولدها ، فإنه تعالى هو العالم بكل شيء ، القادر على كل شيء ، العادل في كل شيء . قال الحسن ك من حكم بغير حكم الله ، فحكم الجاهلية .

 وأخرج البخاري في الصحيح قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : ( أبغض الناس إلى الله ثلاثة : ملحد في   الحرم ، و مبتغ في الإسلام سنة الجاهلية،ومطلب دم امرىء بغيرحق ليهريق دمه )

  وقال ابن حجر في شرحه لهذا الحديث  :  وقيل المراد من يريد بقاء سيرة الجاهلية أو

اشاعتها أو تنفيذها . وسنة الجاهلية اسم جنس يعم جميع ما كان أهل الجاهليةيعتمدونه من أخذ الجار بجاره ، والحليف بحليفه ونحو ذلك ، ويلتحق بذلك كل ما كانوا يعتقدونه ، والمراد منه ماجاء الإسلام بتركه كالطيرة والكهانة وغير ذلك …  

حكم الله هو الحكم الأكمل و الأحكم ، والأمثل ، والأفضل ؛ لأنه من عند الحكيم الخبير العليم القدير الحي القيوم …. والذي يعدل عنه إلى غيره فلا شك أنه سيعدل الى الجاهلية الجهلاء ، وإلى الجهل المطبق ، وإلى العمى والتخبط والضلال .

16- إختلاط النساء بالرجال ، وترك الحجاب ، والتبرج : من أمور  الجاهلية  

قال تعالى :{ يانسآء النبي لستن كأحد من النسآء  إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول

فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً ، وقرن في بيوتكن ولاتبرجن تبرج الجاهلية الأولى ، وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله~ إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم

 تطهيراً ، واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة،إن الله كان لطيفاً خبيراً }   

قال ابن كثير: قال مجاهد : كانت المرأة تخرج تمشي بين يدى الرجال،فذلك تبرج الجاهلية   وقال قتادة : إذا خرجن من بيوتهن ، وكانت لهن مشية وتكسر وتغنج ؛ فنهى الله عن ذلك .وقال مقاتل بن حيان : التبرج : أنها تلقى الخمار على رأسها ، ولا  تشده فيواري قلائدها وقرطها وعنقها ، ويبدو  ذلك كله منها ، وذلك التبرج ، ثم عمت نساء  المؤمنين في التبرج …

وقال القرطبي:

ونهاهن عن التبرج ، وأعلم أنه فعل الجاهلية الأولى فقال :{ ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى} وحقيقة التبرج إظهار ما ستره أحسن .

إن تكشف المرأة أمام الرجال ، والإختلاط بين الجنسين يؤدي الى فساد كبير ، وهو ما منعه وحرمه الإسلام وعده من أمر الجاهلية الأولى ، والجاهلية الجهلاء .

 

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

 

 

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة العاشرة في موضوع        ( الجهل)وهي بعنوان :

17- المؤمنون التزموا بكلمة التقوى وهى:[لااله الا الله] والذين كفروا جعلوا في قلوبهم:[الحمية]؛حمية الجاهلية

قال تعالى :{ إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية، فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين والزمهم كلمة التقوى ، وكانوا أحق بها وأهلها ، وكان الله بكل شيءٍ عليما }  

قال ابن كثير :" وذلك حين أبوا أن يكتبوا بسم الله الرحمن الرحيم،وأبوا أن يكتبوا : [ هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله ] ، { فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين ، وألزمهم كلمة التقوى } ، وهى قول [ لااله الا الله ]

18- السب،والشتم ، والكلام الفاحش ، والسفه ،والمقاتلة : من أفعال أهل الجاهلية أخرج البخاري بسنده من حديث أبي هريرة أن رسول الله – صلى الله عليه

وسلم – قال : ( الصيام جُنة ، فلا يرفث ولا يجهل . وإن امرؤقاتله أو شاتمه فليقل : إني صائم – مرتين - …) الحديث

وأخرجه الترمذي بلفظ ( … وإن جهل على أحدكم جاهل وهو صائم،فليقل : إني صائم )

وقال ابن حجر :" قوله ( ولا يجهل ) أي لا يفعل شيئاً من أفعال أهل الجهل كالصياح والسفه ونحو ذلك … وللنسائي من حديث عائشة( وإن امرؤ جهل عليه فلا يشتمه ولا يسبه ) …  

19– علمنا رسول الله أن نستعيذ بالله أن نفعل بالناس أويفعل بنا فعل الجهال ؛ من الإذاء وإيصال الضرر

أخرج الترمذي بسنده من حديث أم سلمة : أن النبي – صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج من بيته قال : ( بسم الله توكلت على الله ،اللهم إنا نعوذ بك من أن نزل أو نضل أو نظلم أو نظلم أو نجهل أو يجهل علينا ) قال ابو عيسى : هذا حديث حسن صحيح  

 قال المبارك فوري : أي : أمور الدين أو حقوق الله أو حقوق الناس أو في المعاشرة والمخالطة مع الأصحاب أو نفعل بالناس فعل الجهال من الإذاء وإيصال الضرر إليهم .(أويجهل علينا ) بصيغة المجهول أي : يفعل الناس بنا أفعال الجهال 

20- حذر رسول الله  من  إتخاذ  رؤساء  جهالاً يُستفتون فَيفتون برأيهم ، فيُضلُّون ويَضلون                                أخرج البخاري بسنده من حديث ابن عمروقال : سمعت النبي  صلى الله عليه وسلم  يقول : ( إن الله لاينزع العلم بعد أن أعطاكموه انتزاعاً ولكن ينتزعه منهم مع قبض العلماء بعلمهم ، فيبقى ناس جُهال يستفتون فيفتون برأيهم فيضلون ويضلون )

قال ابن حجر :" وفي رواية حرملة( ويبقى في الناس رؤساء جهالا) …

وعند الطبراني(فيصير للناس رؤس جهال ) إن زينة الأرض العلماء ، وهم حياة الناس ؛ وكيف يحيا العباد من دون علماء لكنه سيأتي على الناس زمن يقبض الله فيه العلم ، وقبضه ليس إنتزاعاً ينتزعه إنما هو بموت العلماء ، فإذا مات العلماء مات العلم معهم ، فيتصدى للفتيا رؤساء جهالاً ؛ فيضلون أنفسهم ويضلون الناس لأنهم غير علماء ، وهذه ثمرةالجهل : الضلال والعمى والتخبط في الظلمات  من  الرؤساء  الذين  نصبوا أنفسهم في منزلة العلماء فضلوا وأضلوا ، ومن العامة الذين سألوا هؤلاء الجهال فأضلوهم لأنهم أفتوهم بغير الحق.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الحادية عشرة في موضوع        ( الجهل)وهي بعنوان :

21- سؤال النبي صلى الله عليه وسلم ألله أن يغفرله جهله  

أخرج البخاري بسنده من حديث أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو : ( اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي … )   

قال ابن حجر :" الجهل ضد العلم .."

هذا فيه دليل على خطورة الجهل ، وأنه ذنب يُستغفر منه ؛ وهو المفهوم المخالف لوجوب طلب العلم ، والتفقه في دين الله ، حتي يُعبد الله على بصيرة

22- من خرج من الطاعة ، وفارق الجماعة ،  فمات أو قتل تحت رايةٍ عميةٍ مات ميتةٌ جاهليةٌ  

أخرج مسلم بسنده من حديث أبي هريرة  قال : قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم  : ( من خرج من الطاعة ، وفارق الجماعة ، ثم مات ، مات ميتةً جاهليةً … ) الحديث  

وأخرج مسلم أيضاً بسنده من حديث جندب بن عبد الله البجلي قال : قال

رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : ( من قتل تحت رايةٍ

عميةٍ ، يدعو عصبيةً أو ينصر عصبيةً فَقِتْلةٌ جاهليةٌ )  

وهذا فيه دليل على خطورة خلع اليد من طاعة الإمام المسلم أو القتال عصبية أو النصر عصبية ؛ فيموت ، فإن موتته تكون موتة جاهلية ، أي على صفة موتهم من حيث هم فوضى لا إمام لهم 

23- الدعوى والنصرة عصبية :دعوى جاهلية                                  أخرج البخاري بسنده من حديث جابر بن عبد الله قال : كنا في غزاة فكسع رجل من المهاجرين رجلاً من الأنصار فقال الأنصاري : ياللأنصار ، وقال المهاجري : ياللمهاجرين. فسمع ذاك رسول الله  صلى الله عليه وسلم فقال : ( مابالُ دعوى جاهلية ؟) قالوا :يارسول الله كسع رجل من المهاجرين رجلاً من الأنصار ، فقال : ( دعوها فإنها منتنةٌ … ) الحديث  

قال ابن حجر :" الكسع : ضرب الدبر باليد أو بالرجل … وذلك شديد عند أهل اليمن  … وقوله (ياللأنصار ) هي للإستغاثة أي أغيثوني ،وقوله ( دعوها فإنها منتنة ) أي دعوة الجاهلية  … ( ومنتنة) من النتن أي : أنها كلمة قبيحة خبيثة ..  

  جاء رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بهذه العقيدة والشريعة ؛ نقية صافية

 خالية من كل الشوائب ؛ الولاء فيها لله ولرسوله ، الأخوة فيها أخوة الدين ، لاعصبية ، ولا حمية ، للعشيرة أو للقبيلة ، أو لأي أمر من الأمور غير الدين ، كل أمور الجاهلية وضعها الإسلام ، وحذر منها ، وحاربها  … حتى يبقى المجتمع المسلم مجتمعاً طاهراً نظيفاً نقياً خالياً من كل المنغصات ، ومن كل ما يؤثر على الأخوة والمحبة في الله ، ولذلك جعل الإنتصار للقبيلة أو للعشيرة من أمور الجاهلية التي لا يقبلها الإسلام بأي حال ، وهذا قمة في تنقية النفوس والمجتمعات من أدران الجاهلية من عصبية وحمية وغير ذلك .

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

 

 

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثانية عشرة في موضوع ( الجهل) وهي بعنوان :

24- المعاصي من أمر الجاهلية           قال البخاري : المعاصي من أمر الجاهلية . ولا يكفر صاحبها بارتكابها إلا بالشرك ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم (إنك امرؤٌ فيك جاهلية ) وقول الله تعالى :{ إن الله لايغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لم يشاء }      واخرج بسنده من حديث المعرور قال : لقيت أبا ذر بالربذة وعليه حُلة وعلى غُلامه حُلة ، فسألته عن ذلك فقال : إني ساببتُ رجلاً فعيرته بأمه ، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم : ( يا أبا ذرّ،أعيرته بأمه ؟ إنك امرؤٌ فيك جاهلية . إخوانكم خولكم . جعلهم الله تحت أيديكم . فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل ، وليلبسه مما يلبس ، ولا تكلفوهم ما يغلبهم ، فإن كلفتموهم فاعينوهم )         قال ابن حجر : … كل معصية تؤخذ من ترك واجب أو فعل محرم فهى من أخلاق الجاهلية ، والشرك أكبر المعاصي …     وأما قصة أبي ذر فإنما ذكرت ليستدل بها على أن من بقيت فيه خصلة من خصال الجاهلية سوى الشرك لايخرج عن الإيمان بها سواء كانت من الصغائر أم من الكبائر ، وهو واضح … واستدل أيضاً بقوله - صلى الله عليه وسلم – لأبي ذر ( فيك جاهلية ) أي خصلة جاهلية ، مع أن منزلة أبي ذر من الإيمان في الذروة العالية ، وإنما وبخه بذلك – على عظيم منزلته عنده تحذيراً له عن معاودة مثل ذلك…  

المعلم والمربي الأول ، ربى أصحابه تربية فريدة ؛ فخلعوا على عتبة الإسلام كل  أمور الجاهلية كبيرها وصغيرها ، فكانوا خير القرون على الإطلاق ؛ على المستوى العام ، وعلى مستوى الأفراد  ذكورا وإناثاً كباراً وصغاراً ، فرضى الله عنهم ورضوا عنه .

25- التفاخر بالأحساب من عبية الجاهلية

أخرج أبو داود بسنده من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - : ( إن الله عز وجل قد أذهب عنكم عُبِّيَّةَ الجاهلية وفخرها بالآباء مؤمن تقي ، وفاجر شقي ، أنتم بنو آدم ، وآدم من تراب ، ليدعنَّ رجالٌ فخرها بأقوام ، إنما هم فحمٌ من فحم جهنم ، أو ليكوننَّ أهون على الله من الجعلان التي تدفع بأنفها النتن )  وذكره الألباني ثم قال :  حسن ، وعزاه الى مسند أحمد ، وأبي داود 

قال العظيم آبادي في القاموس:

و ( عبية الجاهلية ) أي : فخرها وتكبرها ونخوتها  ، قال الخطابي : العبية :الكبر والنخوة

إن التفاخر بالأحساب من فعل أهل الجاهلية الذين ليس لهم  منهج صحيح،  فهم فوضى ؛ الأهواء والعواطف هي المتحكمة فيهم نظامهم نظام الغاب ، القوي يفتخر  ويتعالى على الضعيف …

لكن الإسلام جعل الناس صنفين فقط مؤمنون أتقياء ، وفجار أشقياء  ، وحرم عليهم التفاخر بالأباء ودعوى الجاهلية  ؛ لأن أصل الجميع لآدم .

26- ما وضعه رسول الله في حجة الوداع

من أمور الجاهلية

أخرج مسلم بسنده من حديث جابر بن عبد الله ، في روايةحجة  رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في الحديث الطويل ، وفيه ، فخطب الناس وقال : ( إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم . كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا . ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدميّ موضوع. ودماء الجاهلية موضوعة . وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث . كان مسترضعاً في بني سعد فقتلته هذيل. وربا الجاهلية موضوع . وأول رباً أضع ربانا ؛ ربا عباس بن عبد المطلب ، فإنه موضوع كله .. ) الحديث ، .

قال النووي : … في هذه الجملة إبطال أفعال الجاهلية وبيوعها التي لم يتصل بها قبض ، وأنه لا قصاص في قتلها وأن الإمام وغيره ممن يأمر بمعروف أو ينهى عن منكر ينبغي أن يبدأ بنفسه وأهله فهو أقرب إلى قبول قوله وإلى طيب نفس من قرب عهده بالإسلام . وأما قوله صلى الله عليه وسلم – ( تحت قدمي ) فإشارة إلى ابطاله … قوله (أنه موضوع كله) معناه الزائد على رأس المال كما قال تعالى { وإن تبتم فلكم رؤس أموالكم } …  

طهر النبي – صلى الله عليه وسلم – المجتمع الإسلامي من جميع أمور الجاهلية سواء كانت في الدماء ، أو في المعاملات المالية ، أو الإجتماعية أو غيرها من الحقوق العامة والخاصة ، وكان ذلك في إجتماع عظيم للمسلمين يوم عرفة في حجة الوداع .

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

 

 

 

 

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثالثة عشرة في موضوع ( الجهل) وهي بعنوان :

27- خيار الناس في الإسلام خيارهم في  الجاهلية  إ ذ ا  فقهوا

أخرج البخاري بسنده من حديث أبي هريرة قال : قيل للنبي  صلى الله عليه وسلم  : من أكرم الناس ؟ قال : ( أكرمهم أتقاهم ) قالوا : يانبي الله ليس عن هذا نسألك . قال : ( فأكرم الناس يوسف نبي الله ابن نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله ) قالوا : ليس عن هذا نسألك . قال : ( أفعن معادن العرب تسألونني ؟) قالوا : نعم . قال :             ( فخياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا )  

قال ابن حجر : القسمة رباعية :  فإن الأفضل من جمع بين الشرف في الجاهلية والشرف في الإسلام وكان شرفهم في الجاهلية بالخصال المحمودة من جهة ملائمة الطبع ومنافرته خصوصاً بالإنتساب إلى الآباء المتصفين بذلك ، ثم الشرف في الإسلام بالخصال المحمودة شرعاً .  ثم أرفعهم مرتبة من أضاف إلى ذلك التفقه في الدين  ،ومقابل ذلك من كان مشروفاً في الجاهلية واستمر مشروفاً في الإسلام فهذا أدنى المراتب

القسم الثالث من شرف في الإسلام وفقه ولم يكن شريفاً في الجاهلية ، ودونه من كان كذلك لكن لم يتفقه

 والقسم الرابع من كان شريفاً في الجاهلية ثم صار مشروفاً في الإسلام فهذا دون الذي قبله ، فإن تفقه فهو أعلى رتبة من الشريف الجاهل "  

  إنه خيار كريم فمن كان في الجاهلية ينفر من الخبائث والمحرمات التي بفطرة الإنسان وبطبعه يكرهها مع أصالة وشرف فهذا طهر ينظاف إليه مادعت إليه الشريعة الغراء من طهر وعفة ونقاء وصفاء وهذا شرف آخر  ، وزيادة على هذا كله الفقه في دين الله ، لاشك أنه سيصبح أكرم الناس  ، نسأل الله من فضله العظيم  

28 - الجهل له ظلمة تأتي بالحزن وتذهب بالسرور

الجهل نوعان :  1- جهل علم ومعرفة

                2- جهل عمل وغيّ

وكلاهما له ظلمة ووحشة في القلب ، وكما أن العلم يوجب نوراً وأنساً

فضده يوجب ظلمة ويوقع وحشة ، وقد سمى الله سبحانه وتعالى " العلم " الذي بعث به رسوله نوراً ، وهدى وحياة . وسمى ضده : ظلمة وموتاً وضلالاً .

قال الله تعالى :{ الله ولىُّ الذين آمنوا ، يخرجهم من الظلمات إلى النور . والذين كفرواأولياؤهم الطاغوت ، يخرجونهم من النور إلى الظلمات }   

 وقال تعالى :{ أومن كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس ، كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها ؟}

وقال تعالى :{ قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدى به الله من اتبع رضوانه سُبُل السلام. ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ، ويهديهم إلى صراط مستقيم }   

 وقال ابن القيم :" الجهل موت لأصحابه   كما قيل :

وفي الجهل قبل الموت موت لأهله    وأجسامهم  قبل  القبور قُبور

  وأرواحهم في وحشة من جسومهم     فليس لهم حتى النشورنشور

فإن الجاهل ميت القلب والروح ، وإن كان حي البدن ، فجسده قبر يمشي به على وجه الأرض ،قال تعالى :{ إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء }  

وقال تعالى :{ إن الله يسمع من يشاء ، وما أنت بمسمع من في القبور }  

 وشبههم – في موت قلوبهم – بأهل القبور ؛ فإنهم قد ماتت أرواحهم ، وصارت أجسامهم قبوراً لها ، فكما أنه لايسمع أصحاب القبور ، كذلك لايسمع هؤلاء .

 وإذا كانت الحياة هي الحس والحركة ، وملزومهما ، فهذه القلوب لما لم تحس بالعلم والإيمان ، ولم تتحرك له : كانت ميتة حقيقة ، وليس هذا تشبيهاً لموتها بموت البدن ، بل ذلك موت القلب والروح …

 والمقصود : أن العلم حياة القلوب من الجهل ، فالقلب ميت ، وحياته بالعلم والإيمان

 

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

 

 

 

 

 

 

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الرابعة عشرة في موضوع ( الجهل) وهي بعنوان :

29- كفر النصارى نشأ من جهلهم بالحق وضلالهم فيه

قال تعالى:{اهدنا الصراط المستقيم ؛ صراط الذين أنعمت عليهم ، غير المغضوب عليهم ، ولا الضآلين }   

قال ابن كثير :" … غير صراط المغضوب عليهم،الذين فسدت إرادتهم،فعلموا وعدلوا  عنه ، ولا صراط الضآلين وهم الذين فقدوا العلم فهم هائمون في الضلالة لا يهتدون إلى الحق ، وأكد الكلام بلا ، ليدل على إن ثم مسلكين  فاسدين، وهما طريقتا : اليهود والنصارى "

قال ابن القيم :" … ووبخ النصارى بالضلال والجهل الذي هو عدم العلم بالحق ؛فالشقاء والكفر ينشأ من عدم معرفة الحق تارة ، ومن عدم إرادته والعمل به أخرى فكفر اليهود نشأ من عدم إرادة الحق والعمل به وإيثار غيره عليه بعد معرفته . فلم يكن ضلالاً محضاً . وكفر النصارى نشأ من جهلهم بالحق وضلالهم فيه

… ثم لما كان الهدى والفلاح والسعادة لا سبيل إلى نيله إلا بمعرفة الحق وإيثاره على غيره وكان الجهل يمنع العبد من معرفته بالحق . والبغي يمنعه من إرادته كان العبد أحوج شيء إلى أن يسأل الله تعالى كل وقت أن يهديه الصراط المستقيم تعريفاً وبياناً وإرشاداً وألهاماً  وتوفيقاً وإعانة ؛ فيعلمه ويعرفه ثم يجعله مريداً له قاصداً لاتباعه ، فيخرج بذلك عن طريقة المغضوب عليهم الذين عدلوا عنه على عمد وعلم ، والضالين الذين عدلوا عنه عن جهل وضلال ، وكان السلف يقولون من فسد من علمائنا ففيه شبه من اليهود ، ومن فسد من عبادنا ففيه شبه من النصارى … فنسأل الله أن يهدينا الصراط المسقيم ؛ صراط الذين أنعمت عليهم ، غير المغضوب عليهم ، ولا الضآلين ، آمين إنه قريب مجيب ."   

 

30- سمى الله العلم نوراً ، وسمى الجهل ظلمة 

قال تعالى :{ الله ولُّى الذين آمنوا ، يخرجهم من الظلمات إلى النور ، والذين كفروا

أولياؤهم الطاغوت ، يخرجونهم من النور إلى الظلمات }  

قال ابن كثير :" يخبر تعالى أنه يهدي من اتبع رضوانه سبل السلام ، فيخرج عباده

المؤمنين من ظلمات الكفر والشك والريب إلى نور الحق الواضح الجلي المبين السهل المنير ، وأن الكافرين إنما وليهم الشياطين تُزين لهم ما هم فيه من الجهالات والضلالات ، ويخرجونهم ويحيدون بهم عن طريق الحق إلى الكفر والأفك … ولهذا وحد تعالى لفظ النور وجمع الظلمات ، لأن الحق واحد والكفر أجناس كثيرة وكلها باطلة  

قال ابن القيم :" .. وكما أن العلم يوجب نوراً وأنساً ، فضده يوجب ظلمة ويوقع وحشة ، وقد سمى الله سبحانه وتعالى " العلم " الذي بعث به رسوله:"نوراً وهدى وحياة " . وسمى ضده : "ظلمة وموتاً وضلالاً " …

  وقال ابن سعدي :" أخبر تعالى أن الذين آمنوا بالله ، وصدقوا إيمانهم ، بالقيام بواجبات الإيمان ، وترك كل ما ينافيه ، أنه وليهم ، يتولاهم بولايته الخاصة ، ويتولى تربيتهم ، فيخرجهم من ظلمات الجهل والكفر والمعاصي والغفلة والإعراض ،  إلى نور العلم واليقين والإيمان والطاعة والإقبال الكامل على ربهم ، وينور قلوبهم ، بما يقذفه فيها من نور الوحي والإيمان ، وييسرهم لليسرى ، ويجنبهم العسرى .

وأما الذين كفروا ، فإنهم لما تولوا غير وليهم ، ولاهم الله ما تولوا لأنفسهم ، وخذلهم ، ووكلهم الى رعاية من تولاهم ، ممن ليس عنده نفع ولا ضر ؛ فأضلوهم ، وأشقوهم ، وحرموهم هداية العلم النافع ، والعمل الصالح ، وحرموهم السعادة ، وصارت النار مثواهم ، خالدين فيها مخلدين ، اللهم تولنا فيمن توليت "   

 

          

 

31- من أسباب فتنةالقبر:الجهل؛حيث يجيب "بلاأدري"   

أخرج البخاري وغيره بسنده من حديث أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه

وسلم قال : ( إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه – وإنه  ليسمع قرع نعالهم – أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان : ماكنت تقول في هذا الرجل ؟ لمحمد صلى الله عليه وسلم  . فأما المؤمن فيقول : اشهد أنه عبد الله ورسوله . فيقال له : انظرإلى مقعدك من النار ، قد أبدلك الله به مقعداً من الجنة ، فيراهما جميعاً .. وأما المنافق والكافر فيقال له : ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ فيقول : لا أدري ، كنت أقول ما يقول الناس . فيقال له : لادريت ولا تليت . فيضرب بمطارق من حديد ضربة ، فيصيح صيحة يسمعها من يليه غير الثقلين )

 

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

 

 

 

 

 

 

 

 

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الخامسة عشرة في موضوع ( الجهل) وهي بعنوان :

32- من نواقض الإسلام : الجهل بدين الله وذلك ؛بالإعراض عنه تعلماً وعملاً 

قال تعالى:{ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون}  

قال ابن كثير :" أي : لا أظلم ممن ذكّره الله بآياته وبينها له ووضحها ، ثم بعد ذلك تركها وجحدها وأعرض عنها وتناساها ، كأنه لا يعرفها  .

قال قتادة : إياكم والإعراض عن ذكر الله ، فإن من أعرض عن ذكر ه فقد اغتر أكبر  الغّرة ، وأعوز أشد العوز ، وعظم من أعظم الذنوب .ولذلك قال تعالى متهدداً لمن فعل ذلك :{ إنا من المجرمين منتقمون } أي : سأنتقم ممن فعل ذلك أشد الإنتقام …   

  قال ابن باز :" وذكر العلماء رحمهم الله في باب حكم المرتد : أن المسلم قد يرتد عن دينه بأنواع كثيرة من النواقض التي تحل دمه وماله ويكون بها خارجاً عن الإسلام ؛ ومن أخطرها وأكثرها وقوعاً عشرة نواقض … العاشر : الإعراض عن دين الله لايتعلمه ولا يعمل به والدليل قوله تعالى :{ ومن أظلم ممن ذكّر بآيات ربه ثم أعرض عنها ، إنا من المجرمين منتقمون }… ولا فرق في جميع هذه النواقض بين الهازل والجاد والخائف إلاالمكره …      

 وقال محمد الأنصاري :"فصل في نواقض الإسلام – أعاذنا الله من ذلك ….

 10 = الإعراض عن دين الله تعالى لايتعلمه ولايعمل به ولا يريدبعلمه إلا الحياة الدنيا من شهادة ووظيفة كحال الأكثرين من الطلاب الدارسين لدى المستشرقين  اليوم .

 إن الإعراض عن العلم الشرعي ، وعدم تعلمه من أعظم الذنوب ؛ لأنه هو النور الذي ينير للعبد طريقه إلى الله ، ولو أراد الإنسان الوصول إلى الله من غير الطريق الذي جاء به رسوله –صلى الله عليه وسلم – فلن يصل ، بل سيصل إلى جهنم بأي طريق آخر  ولذلك جعل العلماء " الإعراض عن دين الله علماً وعملاً" من نواقض الإسلام لخطورة الجهل وما يترتب عليه من خسران في الدنيا والآخرة ، نسأل الله العافية .  

33- الجهل يمنع تحقيق معنى(لا اله إلا الله )

اشتملت أقسام التوحيد الثلاثة على معنى " لا اله إلا الله "  وهو : لامعبود بحق إلا الله

ولا يمكن تحقيق هذا المعنى إلا إذا أتى العبد بشروط " لاإله إلا الله " وشروطها ثمانية :

 أولاً : العلم بمعناها المراد منها نفياً وإثباتاً المنافي للجهل بذلك ، قال الله عز وجل

  :{ فاعلم أنه لاإله إلا الله } وقال تعالى :{ إنما يخشى اللهَ من عباده العلماء } ،

وقال تعالى:{ إلا من شهد بالحق }  أي بلا اله الا الله ، { وهم يعلمون } بقلوبهم  معنى مانطقوا به بألسنتهم . وقال تعالى :    { شهد الله أنه لا اله الا هو والملائكة وأولوا  العلم قائماً بالقسط لا اله الا هو العزيز الحكيم }وقال تعالى:{قل هل يستوي الذين  يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب } وقال تعالى:{ وتلك الأمثال نضربهاللناس،وما يعقلها إلا العالمون }  

 وفي الصحيح عن عثمان قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : ( من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة )  إذا تخلف شرط "العلم " فإنه " الجهل " وإذا لم يزيح العلمُ الجهلَ – وخاصة في العقائد- فإنه الكفر والضلال والشقاء والعناء  ، وإذا لم يتحقق هذا الشرط ؛ فلا يمكن تحقيق معنى

" لا اله الاالله "ولا يمكن أن ينتفع قائلها بها في الدنيا والآخرة  ؛ من الدخول في الإسلام

 والفوز بالجنة والنجاة من النار .

 

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

 

 

 

 

 

 

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السادسة عشرة في موضوع ( الجهل) وهي بعنوان :

34- هل الجهل يؤثر على صحة الإسلام أو فساده وبطلانه؟ودائرة تأثيره على التكليف ومايصلح أن يكون فيه عذراً ومالا يصلح (1) 

(1) هذا المبحث مستفاد من البحث الذي أعده الشيخ / أبو عبد الله عبد الرحمن بن عبد الحميد بعنوان " الجواب المفيد في

      حكم جاهل التوحيد "وهومنشور ضمن المباحث التي نشرت تحت عنوان ( عقيدة الموحدين ) للشيخ / عبد الله بن سعدي

      الغامدي  العبدلي

قال تعالى : { يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف }   

أي : الذي لايعلم بحقيقة حالهم ، وهو المعنى الأول من معاني الجهل " فقد العلم " ، وهو الذي سيكون مدار هذا المبحث عليه

أولاً : تأ ثير عارض الجهل على التوحيد

أصل الدين هو معرفة الله عز وجل وعبادته وحده لا شريك له .

وهذا لا عذر فيه بالجهل ، سواءً وجدت مظنة العلم – كدار الإسلام – أم لم توجد – كدار الحرب – وسواءً ثبتت إقامة الحجة أم لم تثبت  .

ويجب إعتبار الجاهل فيه كافراً في ظاهر الأمر . وهذا القدرمتفق عليه بين الأئمة

قال تعالى :{ وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم الست بربكم ؟ قالوا : بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين أو تقولوا : إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون ، وكذلك نفصل الآيات ولعلهم يرجعون }

وقال صلى الله عليه وسلم : ( إن الله يقول لأهون أهل النار عذاباً : لو أن لك ما في الأرض من شيء ، كنت تفتدي به ؟ قال  : نعم . قال : فقد سألتك ماهو أهون من هذا وأنت في صلب آدم : أن لاتشرك بي ، فأبيت إلا الشرك ) . أخرجه البخاري              

قال ابن كثير على الآية :" يخبر تعالى أنه استخرج ذرّية بني آدم من أصلابهم ، شاهدين على أنفسهم أن الله ربهم ومليكهم ، وأنه لا اله الا هو ، كما أنه تعالى فطرهم على ذلك وجبلهم عليه ، قال تعالى :      { فأقم وجهك للدّين حنيفاً ، فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله }  

 وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : ( كل مولود يولد على الفطرة – وفي رواية : على هذه الملة – فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه ، كما تولد البهيمة جمعاء ، هل تحسون فيها من جدعاء ) ؟

 وفي صحيح مسلم عن عياض بن حمار قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : (يقول الله : إني خلقت عبادي حنفاء فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم ، عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم ) …

 وذهب طائفة من السلف والخلف أن المراد بهذا الإشهاد إنما هو فطرهم على التوحيد ..

وأن المراد بهذا أن جعل هذا الإشهاد حجة عليهم في الإشراك …

قال ابن القيم :" أنه سبحانه أشهد كل واحد على نفسه أنه ربه وخالقه ، واحتج عليهم بهذا الإشهاد في غير موضع من كتابه ، كقوله تعالى :{ ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله فأنى يؤفكون } أي فكيف يصرفون عن التوحيد بعد هذا الإقرار منهم أن الله ربهم وخالقهم ، وهذا كثير في القرآن

قال الحكمي في معارج القبول : " إن أنواع الكفر لاتخرج عن أربعة : كفر جهل وتكذيب ، وكفر جحود ، وكفر عناد واستكبار ، وكفر نفاق . فأحدها يخرج من الملة بالكلية، - إلى أن يقول -  : " وإن انتفى تصديق القلب مع عدم العلم بالحق ، فكفر الجهل والتكذيب "

 وقال ابن القيم :" والإسلام هو توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له ، والإيمان بالله وبرسوله واتباعه فيما جاء به ، فما لم يأت العبد بهذا فليس بمسلم ، وإن لم يكن كافراً معانداً فهو كافر جاهل ، فغاية هذه الطبقة أنهم كفار جهال غير معاندين ، وعدم عنادهم لا يخرجهم عن كونهم كفاراً ؛ فإن الكافر من جحد توحيد الله وكذب رسوله إما عناداً أو جهلاً وتقليداً لأهل العناد " أ هـ

ونخلص إلى أن الجهل يؤثر على صحة الإسلام سلباً بل يفسد الإسلام ويبطله؛ لكو ن هذا الجاهل  أشرك مع الله فلا يعذر لجهله؛لأنه مفطور على الملة أولاً، ولأنه أعرض عن العلم والعمل ثانياً  ، ولأن رسول الله أخبرنا عن الذين كانوا في الجاهلية ولم يتبعوا الرسل السابقين أنهم في النار ، أي كفار .

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

 

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السابعة عشرة في موضوع ( الجهل) وهي ستكون إستكمالا للحلقة الماضية والتي هي بعنوان (هل الجهل يؤثر على صحة الإسلام أو فساده وبطلانه؟ودائرة تأثيره على التكليف ومايصلح أن يكون فيه عذراً ومالا يصلح) وقد تقدم معنا أولاً : تأ ثير عارض الجهل على التوحيد

أما ثانياً : تأثير عارض الجهل في الإسلام على الحقيقة

أي في حقيقة التوحيد عند الله في الآخرة من ثواب وعقاب

إختلف العلماء في هذا الأمر فمنهم من قال : أن العقل وحده هو مناط التكليف

في هذا ، وأن الإنسان قد فطر على إدراك التوحيد وحده فيجب عليه أن يصل إلى الحق بالنظر والإستدلال ، وأنه سيحاسب في الآخرة على هذا الأساس حتى ولو لم يأته رسول من الله ، ويدخل في هذا ما أطلق عليهم "بأهل الفترة " وهم  غير معذورين .

وذهب آخرون : إلى أن الله سبحانه وتعالى لا يعذب أحداً في الدنيا أو في الآخرة إلا بعد قيام الحجة الرسالية عليه؛وبالتالي فأهل الفترة عند أصحاب هذا المذهب معذورون. 

وذهب فريق ثالث : إلى عدم وجود من لم تبلغه دعوة التوحيد في الدنيا قبل موته بأية صورة من الصور، وذلك لعموم الأدلة القرآنية الدالة على إرسال الرسل وإقامة الحجة في الدنيا على كل شخص ، وأن الدنيا هي دار التكليف ولا تكليف بعدها 

وكل فريق له أدلته من الكتاب والسنة والمعقول على التفصيل الذي ذكره  المؤلف  في بحث " الجواب المفيد في حكم جاهل التوحيد "  ثم يخلص المؤلف إلى النتيجة التالية :

ويجب أن نلاحظ أخيراً ، أن كل ما نقلناه من خلاف بين العلماء في هذا الفصل ، إنما هو في أحكام الآخرة فقط ، أي في مآل الجهل يوم القيامة في أحكام الثواب والعقاب عند الله سبحانه وتعالى ، وأما بالنسبة لأحكام الدنيا فلا خلاف بين العلماء في إعتباره كافراً في ظاهر أمره ، وذلك لجريان الأحكام في الدنيا على هذا الأساس .

يقول ابن القيم :" والله يقضي بين عباده يوم القيامة بحكمه وعدله ، ولا يعذب إلا من قامت عليه حجته بالرسل ، فهذا مقطوع به في جملة الخلق ، أما كون زيد من الناس بعينه أو عمرو قامت عليه الحجة أم لا ؟ فذلك مما لا يمكن الدخول بين الله وبين عباده فيه ، بل الواجب على العبد أن يعتقد :  1- أن كل من دان بدين غير الإسلام فهو كافر  2- وأن الله لايعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه بالرسول

 هذا في الجملة ، والتعيين موكول إلى الله ، وهذا في أحكام الثواب والعقاب .

 وأمافي أحكام الدنيا فهي جارية على ظاهر الأمر " أ هـ

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

 

 

 

 

 

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثامنة عشرة في موضوع ( الجهل) وهي ستكون إستكمالا للحلقتين الماضيتين والتي هي بعنوان (هل الجهل يؤثر على صحة الإسلام أو فساده وبطلانه؟ودائرة تأثيره على التكليف ومايصلح أن يكون فيه عذراً ومالا يصلح) وقد تقدم معنا أولاً : تأ ثير عارض الجهل على التوحيد

 وثانياً : تأثير عارض الجهل في الإسلام على الحقيقة

أما ثالثاً فهو: تأثير عارض الجهل في أصول الشريعة   

بمعنى : هل الجاهل بأحكام أصول الشريعة مثل : المتواتر من الأخبار ، والصفات الثابته التي لاتعرف إلا بالعقل ، ومواقع الإجماع ، والمعلوم من الدين بالضرورة  من مسائل الفروع يكفر ؟

والإجابة على هذا السؤال  :  لايكفر الجاهل به "قبل إقامة الحجة عليه"على التفصيل التالي  :

فإن كان المكلف في مكان تتوفر فيه مظنة العلم  - كدار الإسلام – كان آثماً ولم يعذر بجهله ، ويقام عليه الحد إن انبنى على قوله عمل فيه حد ، سواء كان متأولاً أم غير متأول ، وإن أ نكر : كفر

وإن كان المكلف في مكان لا تتوفر فيه مظنة العلم – كدار الحرب – لم يكن آثماً وعذر بجهله ، فإن أقيمت عليه الحجة فأنكر ، كفر بذلك . أما من كان في مكان أوفي حال هو مظنة العلم ، فيكفي فيه إمكان العلم ، ولا يشترط تحقق العلم فعلاً .

لقوله صلى الله عليه وسلم  : ( طلب العلم فريضة على كل مسلم )  

قال مالك : "الجاهل في الصلاة أو في سائر العبادات كالمتعمد لا كالناسي "

وقال الشافعي عن الفروع التي اشتهرت وعرفت من المتواتر وغيرها : "لايسع أحداً غير مغلوب على عقله جهلها في دار الإسلام  

القاعدة العامة : [ سقوط العذر بالجهل في وجود مظنة العلم ]

فإن قامت الحجة على جاهل هذه الأمور ؛ سواءً الجاهل بها حيثما تتوفر مظنة العلم

"الآثم الغير معذور"  ، أما الجاهل بها حيث لاتتوفر مظنة العلم " المعذور الغير الآثم "

كدار الحرب أو الناشيء في بادية بعيداً عن المسلمين مثلاً فأنكر أياًّ منها بعد بيان الحجة والإعلام بالدليل ، كان كافراً بلا خلاف .

 والمدار في كفر منكرها بعد العلم بها هو أن منكرها إنما ينكر ماثبت بصورة قطعية

وقطعي الثبوت وقطعي الدلاله،والقواعد القطعية في أصول الشريعة التي ثبتت قطعيتها بالنص أو بالاستقراء الكلي للنصوص،وكل ماهو في مقام القطعية مثلها ، كالمعلوم من الدين بالضرورة من مسائل الفروع مثل تحريم الخمر والزنا ، ووجوب الصوم والحج والزكاة ؛ هو الذي يكفر منكره بلا خلاف ..

 قال ابن القيم : ومن جحد فرضاً من فروض الإسلام أو تحريم محرم من محرماته ، أوصفة وصف الله بها نفسه أو خبراً أخبر الله به …جهلاً أو تأويلاً يعذر فيه صاحبه فلا يكفر صاحبه به 

 وقال ابن تيميةبعدم تكفير المعين إلا بعد إقامة الحجة عليه  . 

 أما من أنكر أمراً مما ذكر فيعتبر كفراً ، إلا في حالة عدم وجود مظنة العلم فيعذر الجاهل في هذه الأمور ، لأنها تحتاج كلها إلى الإبلاغ بشرع فتقام الحجة أولاً بالشكل الواضح  القاطع ، فإذا أنكر بعدها كفر  … وعلى هذا المعنى تتنزل كل أقوال ابن تيمية في التوقف عن تكفير الجهال بأعيانهم حتى تقام الحجة عليهم أولاً ؛ وخاصة في المسائل الخفية ، وليس في كل الأمور وتحت أي ظرف …      

قال ابن تيمية : أنا من أعظم الناس نهياً عن أن ينسب معين إلى تكفير أو تبديع أو تفسيق أو معصية ، إلا إذا علم أنه قامت عليه الحجة الرسالية التي من خالفها كان      

كافراً تارة وفاسقاً تارة وعاصياً أخرى . أهـ

 ونخلص إلى أن من أنكر من الدين ماهو معلوم بالضرورة جهلاً؛ فإن كان في مكان تتوفر فيه مظنة العلم وكان هذا الذي أنكره ممااشتهر وعُلم لدى الخاصة والعامة ؛ فهو كافر، وإن كان من الأمور التي ليست بمشتهرة  فهو آثم بجهله و يُعلم .فإن عاند فهو كافر .

 وإن كان في مكان لا تتوفر فيه مظنة العلم  ؛ فهو أثم بجهله ،وتقام عليه الحجة بالتعليم ،  سواء كانت المسألة معلومة ومشتهرة أو لم تكن كذلك ، فإن عاند فهو كافر والله أعلم  

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة التاسعة عشرة في موضوع ( الجهل) وهي ستكون إستكمالا للحلقات الماضية والتي هي بعنوان (هل الجهل يؤثر على صحة الإسلام أو فساده وبطلانه؟ودائرة تأثيره على التكليف ومايصلح أن يكون فيه عذراً ومالا يصلح) وقد تقدم معنا أولاً : تأ ثير عارض الجهل على التوحيد

 ثانياً : تأثير عارض الجهل في الإسلام على الحقيقة

وثالثاً : تأثير عارض الجهل في أصول الشريعة  

أمارابعاً فهو : تأثير عارض الجهل في الأصول الإعتقادية

"وهي الأمور التي تعتبر من أصول الأعتقاديات عند أهل السنة ، ولكنها لم تثبت بطريقة قطعية ، فهي ظنية الثبوت عند البعض .

وما كان مثل هذا فلا يكفر جاهله قبل إقامة الحجة عليه ، والجمهور على عدم تكفيره حتى لو أنكره بعد إقامة الحجة عليه  وذلك لعدم قطعية الدليل بل يعتبر مبتدعاً أو فاسقاً  "

وما ذهب إليه المؤلف قد لايوافق عليه حيث أن خبر الآحاد إذا توفرت فيه شروط الصحة فإنه يفيد العلم اليقيني لا الظني – كما تقررعند جملة من المحققين ومنهم ابن القيم ، لأن الحديث الصحيح شرع ، والشرع ليس بظن ، ثم إن أحاديث الآحاد كما أنها تفيد العلم اليقيني فهى تفيد اليقين إذا تلقتها الأمه بالقبول أو احتفت بها قرائن أو تسلسلت بالأئمة أو وردت من أكثر من طريق .

قال ابن القيم في معرض الكلام على أن الإحتجاج بآحاديث ألآحاد في العقيدة وغيرها هو المجمع عليه وهوقطعي الثبوت وله حكم المتواتر قال :" فهذا الذي اعتمده نفاة العلم عن أخبار رسول الله – صلى الله عليه وسلم – خرقوا به إجماع الصحابة المعلوم بالضرورة وإجماع أئمة الإسلام ، ووافقوا المعتزلة والجهمية والرافضة والخوارج الذين انتهكوا هذه الحرمة وتبعوا بعض الأصوليين .. "

والقائلون بإفادتها العلم والإحتجاج بها في العقائد كثير من السلف والخلف ومنهم :

داود الظاهري ،وابن حزم ،وابن طاهر المقدسي ، والحسين الكرابيسي ، والحارث المحاسبي ، وهوقول الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد ، وأختاره من المتأخرين :صديق خان ، ومن المعاصرين :أحمد شاكر ، ومحمد الألباني، وصبحي الصالح    

وإذا تقررهذا وثبت فإن من جهل الأصول الإعتقادية أو بعضها وأنكرها ، سواء ثبتت بالتواتر أو بالآحاد ، وهو في مكان تتوفر فيه مظنة العلم ، وهي من الأمور المعلومة والمشتهرة للعامة والخاصة فهوكافر ؛ كما تقررذلك في أصول الشريعة في المبحث السابق

ومن جهل وأنكر بعض الأمور في الأصول الإعتقادية  والتي ليست بمشتهرة ،فإنه تقام عليه الحجة بالتعليم وبيان الدليل ، فإن عاند فهو كافر .

ومن جهل وأنكر الأصول الإعتقادية أو بعضها وهو في مكان لم تتحقق فيه مظنة العلم ، سواء كانت هذه الأمور معلومة ومشتهرة أم لا؛ فإنه تقام عليه الحجة بالتعليم وبيان الدليل ،فإن عاند فهو كافر

أما من جهل و أنكر شيئاً مما ذكر متأولاً ، فإنه تقام عليه الحجة بالتعليم وبيان الدليل ، فإن أصر وعاند فهو كافر بجهله وتأويله ثم إصراره وعناده ، وعدم تسليمه .

ونختم هذا المبحث بفتوى صادرة من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية برقم 9257 وتاريخ 22/12/1405هـ

والسؤال : هل كل من أتى بعمل من أعمال الكفر أو الشرك يكفر – علماً بأنه أتى بهذا الشيء جاهلاً – هل يعذر بجهله أم لايعذر ؟ وماهى الأدلة بالعذر أو عدم العذر ؟

الجواب : لايعذر المكلف بعبادته غير الله أو تقربه بالذبح لغير الله أو نذره لغير الله ونحو ذلك من العبادات التي هي من اختصاص الله إلا إذا كان في بلاد غير إسلامية ولم تبلغه الدعوة فيعذر لعدم البلاغ لا مجرد الجهل لما رواه مسلم عن ابي هريرة عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( والذي نفسي بيده لايسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار ) فلم يعذر النبي _ صلى الله عليه وسلم – من سمع ومن يعيش في بلاد إسلامية قدسمع بالرسول – صلى الله عليه وسلم –فلا يعذر في أصول الإيمان بجهله" اللجنةالدائمة للبحوث العلمية والإفتاء  الأعضاء :عبد الله بن قعود ، عبد الله بن غديان ،عبد الرزاق عفيفي،عبد العزيز بن باز

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة العشرون في موضوع    ( الجهل) وهي ستكون بعنوان

35- احذروا فتنة العابد الجاهل   

قال ابن القيم :" وأما العابد الجاهل ففتنته من إعراضه عن العلم وأحكامه وغلبةُ خياله

وذوقه ووجده وما تهواه نفسه . ولهذا قال سفيان بن عيينه : احذروا فتنة العالم الفاجر ، وفتنة العابد الجاهل ، فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون ، فهذا بجهله يصدُّ عن العلم وموجبه ، وذاك بغيّه يدعو إلى الفجور .

 وقد ضرب الله سبحانه مثل النوع الآخر بقوله تعالى :{كمثل الشيطان إذ قال للإنسان : اكفر ، فلما كفر قال: إني بريء  منك ، إني أخاف الله رب العالمين ، فكانت عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها ، وذلك جزاء الظالمين }   

 ومن الكلام الباطل الذي يقوله العباد الجهال : نحن نأخذ علمنا من الحي الذي لا يموت ،وأنتم تأخذونه من حي يموت "

 وقول آخر وقد قيل له : ألا ترحل حتى تسمع من عبد الرزاق ؟ فقال : ما يصنع بالسماع من  عبد الرزاق ، من يسمع من الخلاق ؟

 وقول آخر : العلم حجاب بين القلب وبين الله عز وجل .

 وقول آخر : إذا رأيت الصوفي يشتغل بـ " أخبرنا "و " حدثنا " فاغسل يدك منه .

 وقول آخر : لنا علم الحرف ، ولكم علم الورق .

 وهذا كلام فيه صد عن دين الله وعن كلام الله ، وعن سنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال ابن القيم : ومن فارق الدليل ، فقد ضل سواء السبيل . ولا دليل إلى الله والجنة ، سوى الكتاب والسنة . وكل طريق لم يصحبها دليل القرآن والسنة فهى من طرق الجحيم ، والشيطان الرجيم

 ثم قال : وأما علم من أعرض عن الكتاب والسنة ، ولم يتقيد بهما : فهو من لدن النفس والهوى والشيطان فهو لدني شيطاني … وهوثمرة الإعراض عن الوحي ، وتحكيم الهوى والشيطان …    

36 – الإنسان تعترضه الآفات فيخلف علمه الجهل  

   قال الخطابي : قال تعالى :{ إنه عليم بذات الصدور }  

  وقال سبحانه :{ وفوق كل ذي علم عليم }  

  وقال سبحانه وتعالى :{ وقد أحاط بكل شيء علماً }

  وقال :{ وأحصى كل شيء عدداً }

 الله سبحانه وتعالى هو العليم وهو الذي يوصف بالعلم المطلق ، وهو العالم بالسرائر

  والخفيات التي لا يدركها علم الخلق ، وهو العلم على الحقيقة ، وهو الذي أحاط علمه سبحانه بكل شيء …

 أما الآدميون – وإن كانوا يوصفون بالعلم – فإن ذلك ينصرف منهم إلى نوع من المعلومات ، دون نوع ، وقد يوجد ذلك منهم في حال دون حال ، وقد تعترضهم الآفات

 فيخلف علمهم الجهل ، ويعقب ذكرهم النسيان ، وقد نجد الواحد منهم عالماً بالفقه غير عالم بالنحو ، وعالماً بهما غير عالم بالحساب وبالطب ونحوهما من الأمور ..  

 وعلى هذا فالإنسان تعترضه العوارض الكثيرة التي تؤثر على قواه وعلى علمه ومن هذه العوارض : المرض ، والنوم ، والجوع ، والظمأ ، والخوف ، والنسيان ، وضعف القوى ،

 وهذه وغيرها تؤثر على علم الإنسان ، وعلى تصوره ، وعلى فهمه ، مما يجعل الإنسان يمر بأوقات ، وأحوال يسيطر عليه الجهل فيها ويعقب علمه جهلاً ، ولذلك أمر الشارع بالعلم ، وبالتذكر والتفكر ، وكرر سبحانه كثيراً من القصص والعبر والمسائل في القرآن  لهذا الغرض وبأساليب متنوعة ؛ حتى يبقى الإنسان عالماً ومتذكراً والله المستعان .

37 – من مسائل الجاهلية الإقتداء بالعالم الفاسق ،أو العابد الجاهل

قال الإمام محمد بن عبد الوهاب : هذه مسائل خالف فيها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ماعليه أهل الجاهلية الكتابيين والأميين مما لاغنى لمسلم عن معرفتها ، فالضد يظهرحسنه الضدُّ ، وبضدها تتميز الأشياء وذكرها…ثم قال :

( الخامسة ) : الإقتداء بفسقة أهل العلم وجهالهم وعبادهم ، فحذرهم الله تعالى من ذلك بقوله :{ ياأيها الذين آمنوا إن كثيراً من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ، ويصدون عن سبيل الله }  

 وقال تعالى :{ قل ياأهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قومٍ قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيراً  وضلوا عن سواء السبيل }  

 إلى آيات أخر تنادي ببطلان الإقتداء بالفساق وأهل الضلالة والغي ، وذلك من سنن أهل الجاهلية وطرائقهم المعوجة . "  

 يستوي العالم الفاسق والعابد الجاهل في الضلال والإضلال ؛ فالأول جعل العلم كالبازي ، يصيد به ، ويحرفه على ضوء الأهواء والرغبات ، والثاني يخدع بعبادته البسطاء وعامة الناس ويظنون أنه على حق في عبادته وتنسكه ، وما علموا أن الإقتداء به مزلة عظيمة ، تزل بصاحبها الى النار ، وما ذاك إلا أنه اقتدى بهذا الجاهل ؛ الذي عبد الله على غير بصيرة نسأل الله العافية

هذا ونصل  إلى نهاية هذا البحث المهم وهو ( الجهل ) أو قل ( خطر الجهل )

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الجهل

" كل من عصى الله فهو جاهل "

 

 

تاليف الدكتور / مسفر بن سعيد دماس الغامدي

الأستاذ المشارك في السنة وعلومها

بمعهد إعداد الأئمة والدعاة برابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة