التوكل وأثره التربوي

 

 

التوكل وأثره التربوي

في الكتاب والسنة

(المختصر)

 

إعداد

 

الدكتور/ مسفر بن سعيد دماس الغامدي

أستاذ الحديث المشارك

 

بسم الله الرحمن الرحيم

(التوكل وأثره التربوي في الكتاب والسنة)

إن الحمد لله نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له،وأصلي وأسلم على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين.أما بعد:

فهذه الحلقة الأولى في موضوع (التوكل) وهي بعنوان :المقدمة والتعريفات

   إن المتأمل في أحوال المسلمين أفرادا وجماعات ، قبائل وشعوبا، دولا وتجمعات يقف على حقيقة تستحق الدراسة والبحث ألا وهي "ضعف التوكل على الله" فمعظم الناس قد اعتمدوا على الأسباب المادية في تحقيق كثير من أهدافهم في حياتهم الدنيا.

ولو أنهم اعتمدوا على الله، وتوكلوا عليه حق

 التوكل لرزقهم ووفقهم وسددهم وحفظهم، وكان معهم في جميع أحوالهم، وحقق لهم جميع حاجاتهم في دنياهم وأخراهم، في أحوالهم العادية، وفي الأزمات والمحن، وفي جميع الأوقات والأحوال، ولا يتحقق ذلك إلا بسلوك طريق العلم الشرعي الذي يكشف للإنسان الغمة فيرى الطريق واضحا .. فالعلم نور تتضح به الرؤية الحالية والمستقبلية، ويصحح التصور حتى يعيش المؤمن حياة مستقرة لا قلق فيها ولا اضطراب، يبارك الله له في الجهود وفي الأوقات وفي الأموال والأولاد وفي كل شيء.

نسأل الله أن يردنا إليه ردا جميلا، وأن ينفعنا

بما نقول ونسمع ونقرأ، وأن يجعل هذا البحث عملا صالحا متقبلا، وأن ينفع به من كتبه وقرأه والحمد لله أولا وآخرا.

*معنى التوكل، ومنازل الناس فيه، ودرجاته:

أولا: معنى التوكل لغة:

التوكل له في اللغة معان عديدة منها: 

أ- التكفل: يقال: توكل بالأمر إذا ضمن القيام به، وجاء في الحديث ( من توكل بما بين لحييه ورجليه، توكلت له بالجنة )[1] أي من تكفل بما بين لحييه تكفلت له بالجنة.

ب- الاعتماد على الغير، تقول: وكلت أمري إلى فلان، أي اعتمدت فيه عليه، ويقال: وكل فلان فلانا: أي اعتمد عليه في أمور نفسه ثقة بكفايته[2].

أما في الاصطلاح :

فقد ذكر العلماء له تعريفات عديدة اختلفت عباراتها واتحد معناها ومنها:

التوكل: حركة ذات الإنسان في الأسباب بالظاهر والباطن، وسكون إلى المسبب وركون إليه بحيث لا يضطرب قلبه معه ولا تسكن حركته عن الأسباب الموصلة إلى رضاه[3].

   ويتضح من هذا التعريف أن التوكل لا ينافي الأخذ بالأسباب، بل أنه لا يصح إلا مع القيام بها، ومن ثم فقد نقل ابن القيم الاجماع على أن ترك الاخذ بالأسباب يؤدي إلى عدم صحة التوكل.

   ويجب على المسلم ألا يتوكل إلا على الله سبحانه فهو نعم الوكيل كما جاء في القرآن الكريم: ﭐﱡﭐ ﳒ ﳓ ﳔ ﳕ ﳖ  آل عمران: ١٧٣

كما أنه تعالى حذر من اتخاذ وكيل غيره فقال: ﭐﱡﭐ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ  الإسراء

   ولذلك فإن خليل الرحمن، وهو في وقت الشدة نراه يقول لجبريل عليه السلام:(أما إليك فلا .... ) وذلك عندما قال له: ( ألك حاجة )[4]؟

والوكيل: فعليل من التوكيل ومعناه: المتوكل عليه الذي نفوض إليه أمورنا فيوصل إلينا النفع ويدفع عنا الضر.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثانية في موضوع (التوكل) وهي بعنوان

ثانيا: منازل الناس في التوكل:

   قال ابن القيم: "فأولياؤه وخاصته يتوكلون عليه في الإيمان، ونصرة دينه، وإعلاء كلمته، وجهاد أعدائه، وفي محابه، وتنفيذ أوامره.

ودون هؤلاء: من يتوكل عليه في استقامته في نفسه، وحفظ حاله مع الله فارغا عن الناس

ودون هؤلاء: من يتوكل عليه في معلوم يناله منه، من رزق أو عافية أو نصر على  عدو، أو زوجة، أو ولد، ونحو ذلك.

ثم الناس بعد التوكل على حسب همهم ومقاصدهم، من متوكل على الله في حصول أعلى المنازل، ومن متوكل في حصول رغيف.

ومن صدق توكله على الله توكله على الله في الحصول على شيء ناله، فإن كان محبوبا له مرضيا كانت له فيه العاقبة المحمودة، وإن كان مسخوطا مبغوضا كان ما حصل له بتوكله مضرة عليه، وإن كان مباحا حصلت له مصلحة التوكل دون مصلحة ما توكل فيه، وإن لم يستغن به على طاعاته، والله أعلم[5].

وإذا أراد الناس في هذا الزمان أو في غيره السعادة في الدنيا وفي الآخرة، فعليهم بتحقيق التوكل بعد أن يحققوا الإيمان.

ثم الاعتماد على الله أولا وآخرا في جميع شؤونهم، وتحكيم الكتاب والسنة في كل صغيرة وكبيرة وفي جميع نواحي الحياة، مع الأخذ بأسباب النصر والتمكين، ومن أعظمها التوكل على الله، والاعتماد عليه، ولن يصلح آخر الأمة إلا بما صلح به أولها، والله المستعان وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ثالثا: درجات التوكل:

 إن التوكل درجات وأفضله،التوكل في الواجب الحق، وواجب الخلق،وواجب النفس، وأوسعه وأنفعه:التوكل في التأثيرفي الخارج في مصلحة دينية أو في دفع مفسدة دينية،وهوتوكل الأنبياء في إقامة دين الله، ودفع فساد المفسدين في الأرض، وهو توكل ورثتهم[6].

والتوكل ثلاث درجات:

1- التوكل وهو البداية:

   فالمتوكل يسكن إلى وعد ربه، والتوكل صفة المؤمنين، وصفة الأنبياء.

2- التسليم وهو واسطة:

   وصاحب التسليم، يكتفي بعلم ربه، والتسليم

صفة الأولياء، وهو صفة إبراهيم عليه السلام.

3- التفويض وهو النهاية:

 وصاحب التفويض يرضى بحكم ربه، والتفويض صفة الموحدين وهو صفة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

ومعنى هذا: التوكل: هو اعتماد على الوكيل، وقد يعتمد الرجل على وكيله مع نوع اقتراح عليه، وإرادة وشائبة منازعة.

فإذا سلم إليه زال عنه ذلك، ورضي بما يفعله، وكيله، وحال المفوض فوق هذا، فإنه طالب مريد ممن فوض إليه. ملتمس منه أن يتولى أموره، فهو رضى واختيار، وتسليم واعتماد، فالمتوكل يندرج في التسليم، وهو والتسليم يندرجان في التفويض والله أعلم[7].

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثالثة في موضوع (التوكل) وهي بعنوان: الفصل الأول : وسائل تعمق التوكل في نفوس المؤمنين          

  هناك وسائل عديدة تعمق التوكل في نفوس المؤمنين منها معرفة الرب سبحانه، وإثبات الأسباب وتوحيد القلب، وحسن الظن بالله، وتفويض الأمر إليه – جل شأنه – وسوف نتناول كل وسيلة من هذه الوسائل بالبحث والتفصيل في مبحث على حدة.

المبحث الأول:معرفة الرب سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته:إن أول ما يجب على العبد: معرفة الله – سبحانه وتعالى – المعرفة الصحيحة قال تعالى:ﱡﭐ ﳙ ﳚ ﳛ ﳜ ﳝ ﳞ محمد: ١٩

ولا تتم هذه المعرفة وهذا العلم – على الوجه الأكمل – إلا بمعرفة أسمائه وصفاته.

   وعلى هذا يجب أن نتعرف على الذات الإلهية كما تعرف عليها السلف – رضوان الله عليهم – من خلال النصوص التالية:

قال جل شأنه: ﭐﱡﭐ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ  ﱠ ﱡﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ هود: ١٤

وقال رسو الله – صلى الله عليه وسلم -: ( من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة )[8].

وقال تعالى: ﭐﱡﭐ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ  ﱭﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ الأعراف: ١٨٠

   وقال جل وعلا: ﭐﱡﭐ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ  ﲈ ﲉﲊ الإسراء: ١١٠

وقال سبحانه: ﱡﭐ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓﲔ ﲕ ﲖ ﲗﲘ  ﲙ ﲚ ﲛ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ  ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ  ﲪ ﲫﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ  ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶﲷ ﲸ ﲹ ﲺﲻ  الحشر 22- 24

وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ( لله تسعة وتسعون

اسما، مائة إلا واحدة من أحصاها دخل الجنة )[9].

وذاته تعالى كاملة، الكمال المطلق الذي لا يشاركه

فيه أحد، فلا تشبه ذاته ذات أحد من خلقه.

   وذاته موصوفة بجميع الكمالات التي لا تعد ولا تحصى، ولذلك قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في دعائه: ( لا أحصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك )[10].

   لكن علم حقيقة ذاته وكيفيتها، أمر لا سبيل إليه لأي مخلوق، إذ ليس من الجائز أن يحيط المخلوق بالخالق علما وإدراكا لحقيقته، ذاتا ووصفا، وصدق الله حيث يقول: ﱡﭐ ﲵ ﲶ ﲷ  ﲸ ﲹ طه: ١١٠وقال: ﭐﱡﭐ  ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ الإسراء: ٨٥

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول

 الله وبعد: فهذه الحلقة الرابعة في موضوع

(التوكل) وهي بعنوان: معرفة الرب سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته

ولفظ [ الله ] لفظ الجلالة لا يطلق إلا على

المعبود بالحق وهو خالق السماوات والأرض، ومدبر الأمر فيهما سبحانه.

   وهو دال على جميع الأسماء الحسنى والصفات العلى بجميع الدلالات:

   فهو دال على الإلهية المتضمنة لثبوت صفات الإلهية له سبحانه مع نفي أضدادها عنه تعالى.وهو مستلزم لجميع معاني الأسماء الحسنى دال عليها.

وهو دال على كونه مألوها معبودا، تألهه الخلائق محبة وتعظيما وخضوعا وفزعا...[11]

 وإلهيته وبروبيته ورحمانيته وملكه

مستلزم لجميع صفات كماله، إذ يستحيل ثبوت ذلك لمن ليس بحي، ولا سميع ولا بصير، ولا قادر، ولا متكلم، ولا فعال لما يريد، ولا حكيم في أفعاله ...

وصفات الجلال والجمال أخص باسم [ الله ]

 وصفات الفعل والقدرة، والتفرد بالضر والنفع ، والعطاء والمنع، ونفوذ المشيئة، وكمال القوة،وتدبيرأمرالخليقة أخص باسم [ الرب ].

 وصفات الإحسان، والجود، والبر، والحنان، والمنة،والرأفة،واللطف أخص باسم [ الرحمن ][12].

 ويجب أن نعرف أن هناك علاقة بين الأسماء والصفات.

 قال البيهقي:(وفي إثبات أسمائه صفاته، لأنه

إذا ثبت كونه مجددا، فوصف بأنه [ حي ] فقد وصف بزيادة صفة على الذات هي ( الحياة ).

   وإذا وصف بأنه ( عالم ) فقد وصف بزيادة صفة هي (العلم) كما إذا وصف بأنه ( خالق ) فقد وصف بزيادة صفة هي ( الخلق ).

 وإذا وصف بأنه ( رزاق ) فقد وصف بزيادة صفة هي ( الرزق ).

 وإذا وصف بأنه ( محيي ) فقد وصف بزيادة صفة هي ( الإحياء ).

إذ لو هذه المعاني لاقتصر في أسمائه على ما ينبئ عن وجود الذات فقط[13].

وإليك بعض أسماء الله ومعانيها التي تعمق

التوكل في نفوس المؤمنين:

1- الرزاق: قال تعالى: ﭐﱡﭐ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ  البقرة: ٢١٢

أي المتكفل بالرزق والقائم على كل نفس بما يقيمها من قوتها وسع الخلق كلهم رزقه ورحمته[14].

2- المجيب:قال تعالى: ﭐﱡﭐ ﳐ ﳑ ﳒ ﳓﳔ ﳕ ﳖ ﳗ ﳘ  هود: ٦١

   وقال أبو موسى أنهم كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فرفعوا أصواتهم بالدعاء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا، إنكم تدعون قريبا مجيبا يسمع دعائكم ويستجيب ) الحديث[15].

   ومعناه: هو الذي يجيب المضطر إذا دعاه، ويغيث الملهوف إذا فأداه[16].

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الخامسة في موضوع (التوكل) وهي بعنوان: بعض أسماء الله ومعانيها التي تعمق التوكل في نفوس المؤمنين:

3- الوكيل: قال تعالى: ﭐﱡﭐ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ  ﱍﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ الأنعام: ١٠٢

   وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو من الليل: ( اللهم لك الحمد، أنت رب السماوات والأرض، لك الحمد أنت قيوم السماوات والأرض ومن فيهن، لك الحمد، أنت نور السماوات والأرض، قولك الحق، ووعدك الحق، ولقاؤك حق، والجنة حق، والنار حق، والساعة حق، اللهم لك أسلمت[17]، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت، وما أعلنت، أنت إلهي لا إله غيرك)

   ومعناه: هو الكافي وهو الذي يستقل بالأمر الموكول إليه، وقيل الكفيل بالرزق والقيام على الخلق بما يصلحهم[18].

4- القابض الباسط:قال تعالى: ﭐﱡﭐ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ  البقرة: ٢٤٥

   ومعناه: هو الذي يوسع الرزق، ويقتره، ويبسطه بجوده ورحمته، ويقبضه بحكمته[19].

5- الخافض الرافع: قال تعالى: ﭐﱡﭐ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣﲤ  ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ يوسف: ٧٦

  وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن يمين الله ملأى لا يغيضها نفقه ........ الليل والنهار، أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض فإنه لم ينقص ما في يمينه، وعرشه على الماء، وبيده الأخرى الفيض – القبض – يرفع ويخفض )[20].

   ومعنى الخافض: هو الذي يخفض من يشاء بانتقامه، والرافع: هو الذي يرفع من يشاء بإنعامه[21].
6- القيوم:

   قال تعالى: ﭐﱡﭐ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ  ﲘ ﲙ ﳍ البقرة: ٢٥٥  آل عمران: ٢

   وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في تهجده إذا قام من الليل: ( اللهم لك الحمد أنت قيّم السماوات والأرض ومن فيهن ... الحديث )[22].

   وفي رواية ( اللهم ربنا لك الحمد أنت قيام السماوات والأرض ... )[23].

7- الهادي: قال تعالى   ﱡﭐ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ ﳎﳏ    مريم: ٧٦وقال تعالى: ﱡﭐ  ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ  ﲼ ﲽ الحج: ٥٤

   وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يفتتح صلاته بـ ( اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرئيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك على صراط مستقيم )[24].

المؤمنين:

8- القريب:  قال تعالى: ﭐﱡﭐ ﲷ ﲸ  ﲹ ﲺ ﲻ ﲼﲽ  البقرة: ١٨٦

   وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء )[25].

   ومعناه: أنه قريب بعلمه من خلقه قريب ممن يدعوه بإجابته[26].

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة السادسة في موضوع (التوكل) وهي بعنوان:

وأيضا فإن من صفاته سبحانه وتعالى التي تعمق التوكل في نفوس المؤمنين.

أ‌-  صفة الحياة: قال تعالى: ﭐﱡﭐ    ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ الفرقان: ٥٨

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعاءه: ( اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، أعوذ بعزتك لا إله إلا الله أنت إن تضلني، أنت الحي الذي لا يموت والجن والإنس يموتون )[27].

ب‌-             صفة العلم:

قال تعالى: ﭐﱡﭐ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ  ﲿﳀ البقرة: ٢٥٥

 

   وورد في قصة الخضر مع موسى عليه السلام وفيها ( ... وجاء عصفور فوقع على حرف السفينة فنقر في البحر نقرة فقال له الخضر عليه السلام: ما نقص علمي وعلمك من علم الله تعالى إلا مثل ما نقص هذا العصفور من هذا البحر )[28].

    جـ - صفة القدرة: قال تعالى: ﭐﱡﭐ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ القيامة: ٤

وقال جابر: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة كما يعلمنا السورة من القرآن يقول: ( إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: الله إني استخيرك بعلمك واستقدرك بقدرتك ... ) الحديث[29].

    د- الإرادة:

قال تعال: ﭐﱡﭐ ﱲ ﱳ ﱴ  ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ  ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ  المائدة: ٦

وعن معاوية قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين، وإنما أنا قاسم ويعطي الله )[30].

    هـ - السمع والبصر:

قال تعالى: ﭐﱡﭐ ﳐ ﳑ ﳒ ﳓ ﳔ  النساء: ١٣٤

وعن أبي موسى الأشعري – عندما رفع الصحابة أصواتهم بالدعاء . قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أيها الناس اربعوا على أنفسكم فإنكم ما تدعون أصم ولا غائبا، إنما تدعون سميعا بصيرا، إن الذي تدعون أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته ...)[31].

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة السابعة في موضوع (التوكل) وهي بعنوان:

المبحث الثاني

إثبات الأسباب والمسببات

السبب: كل شيء يتوصل به إلى غيره، وجمعه أسباب.

والله عز وجل،مسبب الأسباب،ومنه التسبب[32]

قال تعالى: ﭐﭐﱡﭐ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ  ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ  ﱁ ﱂ ﱃ الليل: ٥ 10

وقال أنس بن مالك قال رجل: يا رسول الله أعقلها وأتوكل؟أوأطلقها وأتوكل؟ قال:( أعقلها وتوكل )[33].

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدوا خماصا، وتروح بطانا )[34].

ولما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بسبق المقادير وجريانها وجفوف القلم بها، فقيل له: أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل؟ قال:(لا،اعملوا

فكل ميسر لما خلق له ... )[35].

وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: ( كان أهل اليمن، يحجون ولا يتزودون ويقولون: نحن المتوكلون، فإذا قدموا مكة، سألوا الناس فأنزل الله تعالى: ﭐﱡﭐ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝﱞ البقرة: ١٩٧[36].

   والله سبحانه وتعالى قدر المقادير وهيأ لها أسبابا وهو الحكيم، بما نصبه من الأسباب في المعاش والمعاد، وقد يسر كلا من خلقه له في الدنيا والآخرة، فهو مهيأ له ميسر له فإذا علم العبد أن مصالح آخرته مرتبطة بالأسباب الموصلة إليها كان أشد اجتهادا في فعلها والقيام بها.

 وأعظم منه في أسباب معاشه ومصالح دنياه من كون الحرث سببا في وجود الزرع، والنكاح سببا في وجود النسل، وكذلك العمل الصالح سبب في دخول الجنة، والعمل السيء سبب في دخول النار وقد فقه هذا كل هذا الفقه من قال من الصحابة لما سمع أحاديث القدر: ( ما كنت بأشد اجتهادا مني الآن ).

   والتوكل من أعظم الأسباب التي يحصل بها المطلوب، ويندفع بها المكروه، فمن أنكر الأسباب لم يستقم منه التوكل، ولكن من تمام التوكل: عدم الركون إلى الأسباب، وقطع علاقة القلب بها، فيكون حال قلبه قيامه بالله لا بها. وحال بدنه قيامه بها[37].

وقد يبدو لأول وهلة أن إثبات الأسباب يقدح في التوكل وأن نفيها تمام التوكل، والصحيح عكس ذلك تماما.

فالأسباب محل حكمة الله وأمره ودينه  ،

والتوكل متعلق بربوبيته وقضائه وقدره، فلا تقوم عبودية الأسباب إلا على ساق التوكل، ولا يقوم ساق التوكل إلى على قدم العبودية.

والتجرد من الاسباب جملة ممتنع عقلا وشرعا وحسا، وما أخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء من الأسباب، وقد ظاهر بين درعين يوم أحد، ولم يحضر الصف قد عريانا، كما يفعله من لا علم عنده ولا معرفة، واستأجر دليلا مشركا على دين قومه، يدله على طريق الهجرة وقد هدى الله به العالمين، وعصمه من الناس أجمعين، وكان يدخر لأهله قوت سنة وهو سيد المتوكلين، وكان إذا سافر ي جهاد أو حج أو عمرة، حمل الزاد والمزاد، وجميع أصحابه، وهو أولو التوكل حقا وأكمل المتوكلين ... ) .

وقال ابن القيم: ( ... فمنع الأسباب أن تكون أسبابا، قدح في العقل والشرع، وأثباتها، والوقوف معها وقطع النظر عن مسببها قدح في التوحيد والتوكل والقيام بها وتنزيلها منازلها والنظر إلى مسببها وتعلق القيام به جمع بين الأمر والتوحيد، وبين الشرع والقدر، وهو الكمال والله أعلم )[38].

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثامنة في موضوع (التوكل) وهي بعنوان:

المبحث الثالث:توحيد القلب:

   قال تعالى: ﭐﱡﭐ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ 

ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ  ﱧ ﱨ ﱩ

ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ  ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳﱴ ﱵ ﱶ ﱷ  ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ الأنفال: ٢ - ٤وقال تعالى: ﭐﱡﭐ ﱮ ﱯ ﱰ  ﱱ ﱲﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ التغابن: ١٣

   وقال تعالى: ﭐﱡﭐ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ  ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ المزمل: ٨ - ٩

   قال ابن القيم: ( ... وحقيقة التوكل. القيام بالأسباب والاعتماد بالقلب على المسبب، والاعتقاد أنها بيده، فإن شاء منعها اقتضاها، وإن شاء جعلها مقتضية لضد أحكامها، وإن شاء أقام لها موانع وصوارف تعارض اقتضائها وتدفعه ).

 فالموحد المتوكل: لا يلتفت إلى الأسباب،

بمعنى بمعنى أنه لا يطمئن إليها، ولا يرجوها، ولا يخافها، فلا يركن إليها، ولا يلتفت إليها بمعنى أنه لا يسقطها ولا يهملها ويلغيها – بل يكون – قائما بها، ملتفتا إليها ناظرا إلى مسببها – سبحانه – ومجريها.

   فلا يصح التوكل – شرعا وعقلا – إلا عليه سبحانه وحده، فإنه ليس في الوجود سبب تام موجب إلا مشيئته وحده فهو الذي سبب الأسباب، وجعل فيها القوي والاقتضاء لآثارها ولم يجعل منها سببا يقتضي وحده أثره: بل لا بد معه من سبب آخر يشاركه، ويجعل لها أسبابا تضادها وتمانعها، بخلاف مشيئته سبحانه، فإنها لا تحتاج إلى أمر آخر، ولا في الأسباب الحادثة ما يبطلها، ويضادها، وإن كان الله سبحانه قد يبطل حكم مشيئته فيشاء الأمر ثم يشاء ما يضاده ويمنع حصوله، والجميع بمشيئته واختياره.

   فلا يصح التوكل إلا عليه، ولا الالتجاء إلا إليه، ولا الخوف إلا منه، ولا الرجاء إلا له، ولا الطمع إلا في رحمته، كما قال أعرف الخلق به صلى الله عليه وسلم.

   ( أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك ).

   وقال: ( لا منجى ولا ملجأ إلا إليك )[39].

   نعم لا يصح التوكل حتى يصح التوحيد، ولا يصح التوحيد إلا إذا صح توحيد الطلب والقصد، وأنه معنى لا إله إلا الله.

   فإنه لا يكون إلها مستحقا للعبادة إلا من كان خالقا رازقا مالكا متصرفا مدبرا لجميع الأمور حيا قيوما سميعا بصيرا، عليما حكيما موصوفا بكل كمال، منزها عن كل نقص، غنيا عما سواه مفتقرا إليه كل ما عداه، فاعلا مختارا، لا معقب لحكمه، ولا راد لقضائه، ولا يعجزه شيء في السماوات ولا في الأرض ولا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض، ولا يخفى عليه خافية وهده صفات الله عز وجل، لا تنبغي إلا له، ولا يشركه فيها غيره.

   فكذلك لا يستحق العبادة إلا هو، ولا تجوز لغيره، فحيث كان منفردا بالخلق والإنشاء والبدء والإعادة لا يشركه في ذلك أحد، وجب أفراده بالعبادة دون من سواه لا يشرك معه في عبادته أحد كما قال تعالى:

ﭐﭐﱡﭐ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ  ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ  ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ  ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ  ﲯ ﲰ البقرة: ٢١ - ٢٣

 فالمتوكل على الله، لا يتم توكله ولا يترتب عليه مقصوده إلا إذا وحد قلبه على الله، ونفى الشرك عنه، وتوكل على الله حق التوكل، بقطع علائق الأسباب عن قلبه.

   لأن التوكل الصحيح خاص بالقلب، وفعل الأسباب خاصة بالجوارح، فإذا تعلق القلب بالأسباب، فإنه قد أشرك وهذا يميز التوكل الموحد، والمتوكل المشرك.

   فإذا اجتمع توكل خالص، وفعل الأسباب حصل المقصود وتحقق الهدف والغاية والله المستعان.
إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة التاسعة في موضوع (التوكل) وهي بعنوان:

المبحث الرابع:حسن الظن بالله عز وجل:

قال تعالى: ﭐﱡﭐ ﲷ ﲸ ﲹ  ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿﳀ العنكبوت: ٥

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بربه )[40].

 وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( يقول الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي )[41].

 وفي الحديث الصحيح الذي يرويه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل: ( يا ابن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي )[42].

وحسن الظن بالله هو الرجاء:

وهو الاستبشار بجود وفضل الرب تبارك وتعالى والارتياح لمطالعة كرمه سبحانه.

وقيل هو الثقة بجود الرب تعالى.

 لكن لصحته علامه وهي حسن الطاعة

   قال شاه الكرماني: والمتوكل المؤمن يعيش بين نظرين، نظر إلى نفسه وعيوبه، وآفات عمله يفتح عليه باب الخوف إلى سعة فضل ربه وكرمه وبره، ونظر يفتح عليه باب الرجاء.

ولذلك قال أبو علي الروذباري: الخوف والرجاء كجناحي الطائر إذا استويا استوى الطير، وتم طيرانه، وإذا نقص أحدهما وقع فيه النقص، وإذا ذهبا الطائر في حد الموت.

   وقال يحيى بن معاذ: إلهي: أحلى العطايا في قلبي رجاؤك، وأعذب الكلام على لساني ثناؤك، وأحب الساعات إليّ ساعة يكون فيها لقاؤك[43].

وقال ابن القيم: ( وعلى حسب المحبة وقوتها يكون الرجاء فكل محب راج، خائف بالضرورة فهو أرجى ما يكون لحبيبه، أحب ما يكون إليه وكذلك خوفه فإنه يخاف سقوطه من عينه، وطرد محبوبه له وأبعاده، واحتجابه عنه، فخوفه أشد خوف، ورجاؤه ذاتي للمحبة فإنه يرجوه قبل لقائه والوصول إليه، فإذا لقيه ووصل إليه اشتد الرجاء له، لما يحصل له به من حياة روحه، ونعم قلبه من ألطاف محبوبه، وبره وإقباله عليه، ونظره إليه بعين الرضا، وتأهيله في محبته، وغير ذلك مما لا حياة للمحب ولا نعيم ولا فوز إلا بوصوله إليه من محبوبه، فرجاؤه أعظم رجاء، وأجله وأتمه )[44].

والعبد يحركه الحب، ويزعجه الخوف، ويحدوه الرجاء.

والرجاء يبعث العبد إلى أعلى مقامات العبودية وهو الشكر.

والرجاء إذا انقطعت عنه الموانع، واستبان العبد الطريق، طمع بالوصول وصارت حاله حال المعاين، فتتجمع له قوى الظاهر والباطن على قصد الوصول العزم عليه لمشاهدته ما هو سائر إليه هكذا عادة المسافر، أنه إذا عاين القرية التي يريد دخولها أسرع السير وبذلك الجهد، وكذلك الصادق في آخر عمره، أقوى عزما وقصدا من أوله لقربه من الغاية التي يجري إليها.

وأعلى رجاء هو رجاء أرباب القلوب، وهو رجاء لقاء الخالق، الباعث على الاشتياق، المبغض المنغص للعيش، المزهد في الخلق[45].

   وقال ابن القيم أيضا: فعلى حسن ظنك بربك ورجاؤك له، يكون توكلك عليه، ولذلك فسر بعضهم التوكل بحسن الظن بالله.

   والتحقيق: أن حسن الظن به يدعوه إلى التوكل عليه، إذا لا يتصور على من ساء ظنه به، ولا التوكل  على من لا يرجوه والله أعلم[46].

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة العاشرة في موضوع (التوكل) وهي بعنوان:

المبحث الخامس:

تفويض الأمر لله سبحانه وتعالى:

   قال تعالى: ﭐﱡﭐ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ  ﱻﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ غافر: ٤٤

   قال ابن كثير على هذه الآية: ( أي: وأتوكل على الله وأستعينه ... )[47] والتفويض من أعمال القلوب.

   قال ابن القيم: ( ... وأما عليه – يعني القلب – فسكونه إلى وكيله، وطمأنينته إليه، وتفويضه وتسليمه أمره إليه، ورضاه بتصرفه له ... )[48].

   وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه في حديث الفاتحة: فإذا قال العبد ﭐﱡﭐ ﱎ ﱏ ﱐ  الفاتحة:  ٤  قال: مجدني عبدي، وقال مرة: فوض إليّ عبدي[49].

   وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث، ما يقول إذا أراد النوم: ( اللهم أسلمت نفسي إليك وفوضت أمري إليك ... الحديث )[50].

   وقال ابن الأثير في حديث الدعاء ( فوضت أمري إليك ) أي رددته، ويقال: فوض إليه الأمر تفويضا إذا رده إليه وجعله الحاكم فيه )[51].

   وقال ابن القيم: ( ... التفويض وهو روح التوكل ولبه وحقيقته، وهو إلقاء أموره كلها إلى الله وإنزالها به طلبا واختيارا لا كرما واضطرارا، والمفوض لا يفوض أمره إلى الله إلا لارادته أن يقضي له ما هو خير له في معاشه ومعاده، وإن كان المقضي له خلاف ما يظنه خيرا، فهو راض به لأنه يعلم أنه خير له، وإن خفيت عليه جهة المصلحة فيه، وهكذا حال المتوكل سواء )[52].

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم

 

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الحادية عشرة في موضوع (التوكل) وهي بعنوان:

الفصل الثاني:

أهمية التوكل وفضله:

   التوكل له أهمية كبيرة وفضل عظيم ويدل على أهميته ما يلي:

قال تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ﭐﱡﭐ    ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝﱞ الفرقان: ٥٨   

أولا: الأمر من الله لأنبيائه بالتوكل عليه:

   قال تعالى: ﭐﱡﭐﳉ ﳊ  ﳋ ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐﳑ ﳒ ﳓ ﳔ ﳕ  الأنفال: ٦١

  وقال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: ﭐﱡﭐ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ  ﲈ ﲉ ﲊﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ  هود: ١٢٣

وقال تعالى:ﱡﭐﱞ ﱟ ﱠﱡ ﱢ ﱣ ﱤ الأحزاب: ٣

 وقال تعالى: ﭐﱡﭐ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ  ﱧ ﱨ

ﱩ ﱪ ﱫﱬ ﱭ ﱮ ﱯ  الأحزاب: ٤٨

وقال تعالى: ﭐﱡﭐ ﱟ ﱠ  ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ  الملك: ٢٩

ثانيا: توكل الأنبياء على الله:

قال تعالى: ﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ  ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔﱕ ﱖ  ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡﱢ ﱣ  ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ  هود: ٥٤ - ٥٦

وﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ  ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣﲤ  ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ  ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶﲷ ﲸ ﲹ ﲺ  ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ  ﳅ ﳆﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐ  هود: ٨٧ - ٨٨

   وقال تعالىﭐﱡﭐ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ  ﲖﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞﲟ ﲠ ﲡ ﲢ  ﲣﲤ ﲥ ﲦﲧ ﲨ ﲩ ﲪ يوسف: ٦٧

   وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( الله لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت ... )[53].

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثانية عشرة في موضوع (التوكل) وهي بعنوان

ثالثا:  الأمر من الله لعباده المؤمنين بالتوكل عليه.

 قال تعالى: ﭐﱡﭐ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ  ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ  ﳉ ﳊﳋ ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐ ﳑ المائدة: ٢٣ 

وقال تعالى: ﭐﱡﭐ ﱬ ﱭ ﱮ  ﱰ ﱱﱲ ﱳ

 ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ  ﱺﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ آل عمران: ١٦٠

 وقال تعالى: ﭐﱡﭐ ﱮ ﱯ ﱰ  ﱱ ﱲﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ التغابن: ١٣

رابعا: توكل المؤمنين على الله:

قال تعالى:  ﭐﱡﭐ    ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ  ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ  ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ العنكبوت: ٥٨ - ٥٩

   وقال تعالى: ﭐﱡﭐ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ  ﱰ ﱱﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ  ﱼ ﱽ الشورى: ٣٦

   وقال تعالى: ﭐﱡﭐ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ  ﲻ ﲼﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ  ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ ﳎ  ﳏ ﳐ ﳑ ﳒ ﳓ ﳔ ﳕ ﳖ  ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ  ﱊ ﱋﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ آل عمران: ١٧٢ - ١٧٤

وقال تعالىﭐﱡﭐ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ  ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ  الأنفال: ٢

وقال تعالى: ﭐﱡﭐ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ  ﱼ ﱽ ﱾ ﱿﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ  التوبة: ٥١ وقال تعالى: ﭐﱡﭐ ﲋ ﲌ ﲍ  ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ  ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ النحل: ٩٨ – ٩٩

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثالثة عشرة في موضوع (التوكل) وهي بعنوان:

خامسا: الأمر من الأنبياء لأقوامهم بالتوكل على الله.

قال تعالى: ﭐﱡﭐ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ  ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ يونس: ٨٤

وﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ  ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ  ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ  ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ يونس: ٨٤ - ٨٦

   وقال صلى الله عليه وسلم لرجل من أصحابه: ( يا فلان، إذا

أويت إلى فراشك فقل الله أسلمت نفسي إليك

ووجهت وجهي إليك وفوضت أمري إليك ... )[54].

أما فضل التوكل فيدل عليه:

أولا: حب الله للمتوكلين:

قال تعالىﭐﱡﭐ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ آل عمران: ١٥٩

ثانيا: الهداية والكفاية والوقاية:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا خرج الرجل من بيته فقال: بسم الله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله ) فيقال له: حسبك قد هديت وكفيت ووقيت فيتنحى عنه الشيطان، فيقول له شيطان آخر: كيف لك برجل قد هدي وكفي ووقي )[55].

ثالثا: دخول الجنة بغير حساب:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا بغير حساب قالوا: من هم يا رسول الله؟ قال: ( هي الذين لا يسترقون ولا يتطيرون ولا يكتوون، وعلى ربهم يتوكلون )[56].

رابعا: الرزق السهل:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصا وتروح بطانا )[57].

خامسا: تسمية الله نبيه صلى الله عليه وسلم ( المتوكل ).

روى البخاري وأحمد من حديث هلال بن عطاء بن يسار قال: لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قلت: أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة؟ قال: أجل، والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن: يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا، وحرزا للأميين، أنت عبدي ورسولي سميتك المتوكل ... )[58].

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الرابعة عشرة في موضوع (التوكل) وهي بعنوان:

الفصل الثالث:

*لا توكل بلا إيمان ولا إيمان بدون توكل:

التوكل هو: كله الأمرة إلى مالكه، أي تسليمه إلى من هو بيده وعلى هذا فلا يصح توكل من دون إيمان، بل إذا انتفى التوكل انتفى الإيمان وقد شرط سبحانه وتعالى لوجود الإيمان التوكل عليه فقال: ﭐﱡﳋ ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐ ﳑ ﳒ  المائدة: ٢٣

   وقال تعالى: ﭐﱡﭐ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ  ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ  ﱧ ﱨ الأنفال: ٢

ومن ثم فقد قال ابن القيم: ( التوكل من لوازم الإيمان ومقتضياته .. وإن قوة التوكل وضعفه بحسب قوة الإيمان وضعفه، وكلما قوى إيمان العبد، كان توكله أقوى، وإذا ضعف الإيمان ضعف التوكل، وإذا كان التوكل ضعيفا فهو دليل على ضعف الإيمان ).

فظهر أن التوكل أصل لجميع مقامات الإيمان والإحسان ولجميع أعمال الإسلام، وأن منزلته منها منزلة الجسد من الرأس فكما لا يقوم الرأس إلا على البدن، فكذلك لا يقوم الإيمان ومقاماته وأعماله إلا على ساق التوكل ... )[59].

 وقال سيد في معنى قوله تعالى: : ﭐﱡﳋ ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐ ﳑ ﳒ  المائدة: ٢٣

فعلى الله وحده يتوكل المؤمن وهذه هي خاصية الإيمان وعلامته وهذا هو منطق الإيمان ومقتضياته...[60]

 ومما سبق يتأكد ما ذكرناه ابتداء من أن الإيمان ينتفي إذا انتفى التوكل والتوكل لا يكون إلا من مؤمن، ويقدر قوة الإيمان يكون التوكل قوة وضعفا.

الفصل الرابع: اشتباه التوكل بغيره

إن هذا الباب – باب التوكل – يكثر اشتباه

الدعاوي فيه بالحقائق والعوارض بالمطالب

والآفات القاطعة بالأسباب الموصلة، ونحن سنذكر لك هنا بعضا من ذلك للتحذير منه والتنبه إليه.

 أولا: اشتباه التفويض بالإضاعة:

التفويض هو التبروء من الحول والقوة، وتسليم الأمر إلى صاحبه وهو الاستسلام لمالك الأمر ومصرفه، ويكون التفويض قبل وقوع السبب وبعد وقوعه.

والمفوض منقاد بالكلية إلى الحق سبحانه ولا يبالي أكان ما يقضي له خيرا أم خلافه – في نظره -[61] .

أما الإضاعة فهي: تتمثل في عدم التوكل – والتوكل أشمل من التفويض – وترك فعل الأسباب، ولا شك أن من فعل ذلك فإنه يضيع الدنيا والآخرة، فإذا اشتبه الباب المحمود الكامل وهو التوكل على الله حق التوكل ثم التفويض إلى مالك الملك والمتصرف في ملكه، إذا اشتبه بالباب المذموم الناقص وهو الإضاعة بعدم بذلك الأسباب وعدم التوكل ثم التفويض فإن النتيجة هي عدم الانتاجية أو تضييع من قبل العبد لحقه، لأنه أضاع حق الله.

أما المفوض فقد ضمن حق الله، فضمن الله له حقه وحقق هدفه[62].

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الخامسة عشرة في موضوع (التوكل) وهي بعنوان: اشتباه

الدعاوي فيه بالحقائق

ثانيا: اشتباه التوكل بالراحة:

والتوكل – كما تقرر – هو التعلق بالله في كل حال ،مع الأسباب ثم التفويض لله،والذي يثمر الرضى بقضاء الله وقدره.

ولا يصح التوكل إلا بالقيام بالأسباب، وإلا فهو بطالة وتوكل فاسد والراحة هي إلقاء حمل الكل، فيظن صاحبه أنه متوكل من دون بذل أدنى الاسباب.

  فإذا اشتبه الباب المحمود بالباب المذموم فلا شك أن الانتاج سيضمحل ويتلاشى، لكن التوكل الصحيح يؤدي إلى كل خير، بل إلى خيرات الدنيا والآخرة[63].

ثالثا: اشتباه خلع الأسباب عن القلب بتعطيلها عن الجوارح.

   وهناك فرق كبير بين خلع الأسباب عن القلب، واعتماد القلب على الله وحده، وبين إعمال الأسباب وفعلها في حق الجوارح.

   فاعتماد القلب على الله، وخلع الأسباب عن القلب: توحيد وإعمال الأسباب في حق الجوارح بعد اعتماد القلب على الله توكل صحيح، أما إذا عطلت الأسباب عن الجوارح فهو إلحاد وزندقة.

فإذا اشتبه الباب المحمود بالباب الفاسد، لا شك أن الخلل سيحدث وبالتالي لا يكون هناك انتاج[64].

رابعا: اشتباه الثقة بالله بالغرور والعجز:

   يقول ابن القيم: والفرق بينهما، أن الواثق بالله قد فعل ما أمره الله به، ووثق بالله في طلوع ثمرته وتنميتها، وتزكيتها، كغارس

الشجرة وباذر الأرض.

   والمغتر العاجز: قد أفرط فيما أمر به، وزعم أنه واثق بالله، والثقة إنما تصح بعد بذلك المجهود[65].

خامسا: اشتباه الطمأنينة إلى الله، بالطمأنينة إلى المعلوم:

   لان الطمأنينة إلى الله مستمرة، وغير منقطعة، وهي دائمة، لأن سببها دائم حي قيوم، وهذا عين التوكل على الله.

   أما الطمأنينة إلى المعلوم، فقد تنتهي وتنقطع بانقطاعه، مثل انتهاء نعمة معينة كان العبد قد اطمأن لها فيحصل له ويحضره هم شديد، وبث وخوف، فهذا دليل على أن سكون العبد لم يكن إلى الله بل كان للمعلوم.

 فإذا اشتبه الباب الأول المحمود وهو الطمأنينة إلى الله، بالباب الثاني المذموم هو الطمأنينة للمعلوم من الأشياء، فإنه يحصل الإرباك وينقطع الرضى والعمل وبالتالي يتلاشى الانتاج إذا وجد والله المستعان[66].

سادسا: اشتباه حال التوكل بعلم التوكل:

   كثير من الناس يعرف التوكل، وحقيقته وتفاصيله، فيظن أنه متوكل وهو ليس من أهل التوكل، فحال المتوكل: أمر أخر من وراء العلم به، وهذا كمعرفة المحبة والعلم بها وأسبابها ودواعيها، وحال المحب العاشق وراء ذلك. وكمعرفة علم الخوف، وحال الخائف وراء ذلك، وهو شبيه بمعرفة المريض ماهية الصحة وحقيقتها وحاله بخلافها[67].

 فها أنت قد رأيت اشتباه الدعاوى بالحقائق وظهر لك الحق فالزمه.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة السادسة عشرة في موضوع (التوكل) وهي بعنوان:

الفصل الخامس :الأسماء الحسنى والتوكل

 التوكل له علاقة بجميع أسماء الله الحسنى، لأن التوكل كما عرفه وفسره بعض الأئمة هو المعرفة بالله.

   لكن التوكل له تعلقا خاصا بعامة أسماء الأفعال وأسماء الصفات ومنها:

 أولا العفو:

 وهو اسم من أسماء الله مشتق من العفو والتجاوز عن الذنب وترك العقاب عليه[68].

 وأدلة ثبوته من القرآن والسنة كثيرة منها:

 قال تعالى: ﭐﱡﭐ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ  ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ  الشورى: ٢٥

   وقال عز اسمه: ﭐﱡﭐ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ  ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ  ﲡﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ آل عمران: ١٥٥

   وقال جل شأنه ﭐﱡﭐ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ  ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ النساء: ١٤٩

وقال الغفور الرحيم: ﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ

ﱅ ﱆ ﱇﱈ ﱉ ﱊ  ﱋ ﱌ ﱍ ﱎﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ  ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙﱚ البقرة: ١٨٧

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة عندما سألته: ( أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر، ما أقول فيها؟ قال: قولي: ( اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني )[69].

والمتوكلون على الله حق التوكل، يتعبدون الله بهذا الاسم العظيم في غفران ذنوبهم والتجاوز عن سيئاتهم، وفي نصرهم على عدوهم، وفي التخفيف عنهم في المشاق والعفو عنهم فيما لا ....... ، وفي كل ما ينفعهم في دينهم ودنياهم.

ثانيا: الرحيم:

الرحمة تطلق في اللغة على: الرقة والتعطف، كما تطلق على المغفرة، وأيضا فإنها تطلق على الرزق والغيث.

   أما في الاصطلاح: فرحمة الله عطفه ورزقه، وفي أسماء الله تعالى: [ الرحمن الرحيم ] وهما سامان مشتقان من الرحمة، وهما من أبنية المبالغة، ورحمان أبلغ من رحيم، والرحمن خاص لله لا يسمى به غيره، ولا يوصف به سواه.أما الرحيم فإنه يوصف به غير الله فيقال رجل رحيم[70].

وأدلة ثبوت هذين الاسمين من القرآن والسنة كثيرة جدا منها:

 قال تعالى: ﭐﱡﭐ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐ ﳑ ﳒ ﳓﳔ

ﳕ ﳖ ﳗ ﳘ ﳙ  البقرة: [71]٣٧

   وقال تعالى ﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ  ﱍﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ يوسف: ٥٣

   وقال تعالى: ﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ  ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ  ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ  ﱠ ﱡ التوبة: ١١٨

   وقال تعالى: ﭐﱡﭐ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ  ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ الأنعام: ١٥٥

   وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(..فيقول الله عز وجل:

شفعت الملائكة، وشفع النبيون، وشفع المؤمنون، ولم يبقى إلا أرحم الراحمين، فيقبض من النار، فيخرج منها قوما لم يعملوا خيرا قط )[72].

   وعن أبي بكر الصديق – رضي الله عنه – قال النبي صلى الله عليه وسلم: علمني دعاء أدعو به في صلاتي، قال: قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني، إنك أنت العزيز الرحيم )[73].

   هذا وقد سمى الله نفسه: [ رحيما ] في الكتاب العزيز في مائة وتسعة عشر موضعا، والمتوكلون يتعبدون الله بهذا الاسم العظيم [ الرحيم ] ليغفر ذنوبهم، ويتوب عليهم، ويتجاوز عن سيئاتهم ويتقون الله في السر والعلن لعل رحمة الرحيم التي وسعت كل شيء تسعهم.

   والمتوكلون يؤمنون أن كل خير وسعادة، وهداية، وتوفيق، وألطاف، وعناية، وحفظ، وسلامة، وبركة، ونعيم في الدنيا والآخرة كل ذلك وغيره من آثار رحمة الله التي وسعت كل شيء.وهي رحمة تليق بالرحيم بجلال وجهه، وعظيم سلطانه، فاللهم ارحمنا برحمتك يا رحيم.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة السابعة عشرة في موضوع (التوكل) وهي بعنوان: التوكل له تعلقا خاصا بعامة أسماء الأفعال وأسماء الصفات ومنها:

ثالثا: الرؤوف:

   وهو من الرأفة: وهي أشد الرحمة أرق من

 الرحمة: ولا تكاد تقع في الكراهة، والرحمة قد تقع في الكراهة، والرحمة قد تقع في الكراهة للمصلحة.

   أما في الاصطلاح فالرؤوف هو : كثير الرأفة، وهو اسم من أسماء الله الحسنى فهو الرحيم بعباده، العطوف عليهم بالطافه.

   وفي رسمه لغتان: رؤوف على وزن فَعُولٍ، ورؤف على وزن فَعُلٍ[74].

وأدلة ثبوت هذا الاسم الكريم كثيرة منها:

   قال تعالى  ﱡﭐ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ  ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ  ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ  ﲻ ﲼ ﲽ ﲾﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ  التوبة: ١١٧

 

      وقال تعالى: ﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ  ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔﱕ ﱖ  ﱗ ﱘﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ آل عمران: ٣٠ وقال تعالى: ﭐﱡﭐ  ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ الحج: ٦٥

 وقد سمى الله نفسه [ رؤوفا ] في القرآن الكريم في أحد عشر موضعا والمتوكل على الله يتعبد الله باسمه [ الرؤوف ] ويعلم أن الله كريم، وجواد وصاحب الفضل، ولطيف بعباده، فكتب لهم رأفته، ورحمته، وإحسانه، ثم يسأل باسمه  [ الرؤوف ] أن يخرجهم من الظلمات إلى النور، وأن لا يضيع إيمانه وأن يتولاه في الدنيا والآخرة برأفته ورحمته.

رابعا: فعال لما يريد: وأدلة ثبوت ذلك كثير منها:

   قال تعالى: ﭐﱡﭐ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ  هود: ١٠٧  

   قال تعالى: ﭐﱡﭐ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ البروج: ١٥ - ١٦

   وقال تعالى: ﭐﱡﭐ ﱲ ﱳ ﱴ  ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ  ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ  المائدة: ٦

   قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين وإنما أنا قاسم ويعطي الله )[75].

   فالمتوكل إذا توجه إلى من له الإرادة المطلقة ويفعل ما يشاء سبحانه فإن توكله يكون صحيحا مما يكون له الأثر في تحقيق المقصود .

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثامنة عشرة في موضوع (التوكل) وهي بعنوان: التوكل له تعلقا خاصا بعامة أسماء الأفعال وأسماء الصفات ومنها: خامسا: القدير:

   وأدلة ثبوت هذا الاسم الكريم كثيرة منها:

 قال تعالى: ﱡﭐ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ القيامة: ٤ وقال تعالى: ﭐﱡﭐ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ  المؤمنون: ٩٥

   وقال تعالى: ﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ الملك: ١

   وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في تعليمه للصحابة دعاء الإستخارة، ( إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: ( الله إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك .. الحديث )[76].

   فالمتوكل يتعبد الله ( القادر ) ويلجأ إليه ويسأله سبحانه الذي له القدرة الشاملة، والتام القدرة الذي لا يمتنع عليه شيء، ويتوكل عليه في تحقيق مطالبه وهو القدير، الذي له مطلق القدرة وكمالها وتمامها الذي ما كان ليعجزه من شيء في الأرض ولا في السماء الذي ما خلق الخلق ولا بعثهم قفي كمال قدرته إلا كنفس وواحدة الذي إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون، الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه.

سادسا: الغفار:

 أي الستار لذنوب عباده مرة بعد أخرى.

   وأدلة ثبوت هذا الاسم كثيرة منها:

   قال تعالى: ﭐﱡﭐ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ  ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ طه: ٨٢

   وقال تعالى:      ﱡﭐ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ص: ٦٦

   وقال أبو بكر الصديق: يا رسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي قال: ( قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم )[77].

   والمتوكل يعلم علم اليقين أن الذي يستر

 الذنوب والعيوب مرة بعد أخرى هو الله الغفار. المستمر المغفرة، فهو يتوكل عليه في ستر ذنوبه وعيوبه وغفرانها، ومحوها كيف لا وقد تسمى بالغفار.

سابعا: التواب: وهو الذي يتوب على من يشاء من عباده، ويقبل توبته.

 وأدلة ثبوتها كثيرة منها:

قال تعالى: ﭐﱡﭐ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐ ﳑ ﳒ ﳓﳔ ﳕ ﳖ ﳗ ﳘ ﳙ  البقرة: ٣٧

   وقال تعالى: ﭐﱡﭐ ﳏ ﳐ ﳑ ﳒ ﳓ ﳔ ﳕ ﳖ ﳗ ﳘ  النور: ١٠

   وقال تعالى: ﭐﱡﭐ ﱯ ﱰ ﱱ  ﱲﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ  النصر: ٣

 وكان يعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مائة مرة من قبل أن يقوم: ( رب اغفر لي وتب علي إن أنت التواب الغفور )[78].

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة في حديث الإفك:   ( ... وإن كنت ...... بذنب فاستغفري الله ، وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب، تاب الله عليه ... )[79].

   فالمتوكل يتعبد الله باسمه التواب، لأن العبد محل الخطأ، ومحل الذنب، لكنه سبحانه تسمى بالتواب ليكون دائم الغفران، فكلما أذنبوا تابوا إلى التواب فتاب عليهم، إنه هو التواب الرحيم.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة التاسعة عشرة في موضوع (التوكل) وهي بعنوان: التوكل له تعلقا خاصا بعامة أسماء الأفعال وأسماء الصفات ومنها: ثامنا: الفتاح:

   وهو الحاكم بين عباده الذي يفتح المنغلق على عباده من أمورهم دينا ودنيا، ويكون بمعنى الناصر.ومن أدلة ثبوته:

   قوله تعالى: ﭐﱡﭐ    ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ  سبأ: ٢٦

  والمتوكل يلجأ إلى الحاكم العدل العالم بحقائق الأمور، الذي يفتح ما انغلق على عباده من أموره في دينهم ودنياهم فيتحقق مقصود المتوكل على الله حق التوكل.

تاسعا: الوهاب:

وهو الذي يجود بالعطاء الكثير من غير استثابة. وأدلة ثبوته كثيرة منها:

 قال تعالى: ﱡﭐ  ﳂ ﳃ ﳄ ﳅﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ آل عمران: ٨وقال تعالى: ﭐﱡﭐ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ص: ٩

   وروى الإمام أحمد من حديث أم سلمة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث دعاء تثبيت القلوب:    ( ... فنسأل الله ربنا أن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا ونسأله أن يهب لنا من لدنه رحمة إنه هو الوهاب ... )[80]. ورواه أيضا أبو حاتم وابن جرير. فالمتوكل يتعبد الله الوهاب بسؤاله، ورفع حاجته إليه، لأنه هو الجواد سبحانه ولا ينقص من ملكه شيء مهما وهب وأعطى.

عاشرا: الرزاق: وهو القائم على كل نفس بما يقيمها من قوتها، وما مكنها من الانتفاع به.

وأدلة ثبوته كثيرة منها:

قال تعالى: ﭐﱡﭐ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ  الذاريات: ٥٨وقال تعالى: ﭐﱡﭐ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈﳉ  ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ المؤمنون: ٧٢

   وقال تعالى: ﭐﱡﭐ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ هود: ٦

   وقال تعالى: ﭐﱡﭐ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟﱠ ﱡ ﱢ  الملك: ١٥

والآيات في هذا الباب كثيرة جدا وأما الأحاديث فمنها:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لو أنكم توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصا وتروح بطانا )[81].

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الطويل: ( ... وكلكم فقير إلا من أغنيت فسلوني أرزقكم ) من حديث أبي ذر رضي الله عنه[82].

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من نزلت به فاقة فأنزلها بالناس لم تسد فاقته، ومن نزلت به فاقة فأنزلها بالله فيوشك الله برزق عاجل أو آجل )[83].

   والمتوكل يتوكل على الله الرزاق في رزقه وفي كل أمره، يتوكل على القائم على كل نفس بما يقيمها من قوتها، وكل ما ينتفع به من في دينه ودنياه، فهو الرزاق في كل زمان، وفي كل حال ولكل حي فهو قد تكفل بالارزاق سبحانه وتعالى.

حادي عشر: المعطي:وأدلة ثبوته كثيرة منها:

قال تعالى: ﱡﭐ ﳝ ﳞ ﳟ ﳠ  ﳡ ﳢ ﳣ ﳤ ﳥ ﳦ طه: ٥٠

   وقال تعالى: ﭐﱡﭐ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ  ﱧﱨ الإسراء: ٢٠

   وقال تعالى: ﭐﱡﭐ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ الإسراء: ٢٠ وقال تعالى: ﭐﱡﭐ    ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ص: ٣٩

   وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين والله المعطي، وأنا القاسم، ولا تزال هذه الأمة ظاهرين على من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهو ظاهرون )[84].

   وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجب له، ومن يسألني فأعطيه، ومن يستغفرني فأغفر له )[85].

   وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعاءه، دبر كل صلاة مكتوبة: ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على  كل شيء قدير اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي  لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد )[86].

   فالمتوكل على الله يثق في عطاء المعطي الذي لا

مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، يثق فيما عند الله الذي قد سمى نفسه بالمعطي، والذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى، الذي يعطي بغير حساب، يعطي الكافر كما يعطي المؤمن ويعطي الفاسق كما يعطي التقي، أفلا يعطي من توكل عليه وفوض أمره إليه ووثق فيما عنده، بلى فهو الرزاق ذو القوة المتين سبحانه.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة العشرون في موضوع (التوكل) وهي بعنوان: التوكل له تعلقا خاصا بعامة أسماء الأفعال وأسماء الصفات ومنها:

ثاني عشر: المعز المذل

فهو يعز من يشاء، ويذل من يشاء، لا مذل لمن أعز، ولا معز لمن أذل.وأدلة ثبوته:

   قوله تعالى: ﭐﱡﭐ ﱻ ﱼ  ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ  ﲇ ﲈﲉ آل عمران: ٢٦

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا معشر الأنصار ألم تكونوا أذلة فأعزم الله؟ قالوا: صدق الله ورسوله ... )[87].

فالمتوكل إذا أخلص لله وثق في عزة الله، وأنه لا يمكن أن يذله وهو ليه وهو على كل شيء قدير.

الفصل السادس:أثر التوكل وثمرته

للتوكل آثار وثمرات عديدة يعود خيرها على العبد المتوكل ومنها:

أولا: حصول المقصود:

قال تعالى: ﭐﱡﭐ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ  ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ  ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ  ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳﱴ ﱵ ﱶ ﱷ  ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ الأنفال: ٢ - ٤

إن المتوكل على الله حقا، الذي أقام الصلاة، وأنفق من رزق الله، ووجل قلبه إذا ذكر الله، وزاد إيمانه عند سماع كلمة الله كل ذلك يجعل هذا المتوكل مؤمنا حقا، ويؤدي إلى تحقيق مقصوده في الدنيا والآخرة من الدرجات العلا، والمغفرة والرزق الكريم.

وقال تعالى: ﭐﱡﭐ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ  ﳆ ﳇ ﳈ ﳉﳊ ﳋ ﳌ ﳍﳎ ﳏ ﳐ  ﳑ ﳒ ﳓ ﳔ ﳕ ﳖ ﳗ ﳘ  النحل: ٤١ - ٤٢

إن المتوكل على الله المهاجر إلى الله الصابر على ظلم الظالمين في الله قد أحسن الله له العقبي في الدنيا والآخرة، تبوأ في الدنيا الذكر الحسن والعمل الصالح والسعادة الغامرة، أما منازل الآخرة فهي أكبر، أكبر من الدنيا كلها بأموالها وجاهها وأولادها وممتلكاتها، ومتاعها وشهواتها ...نعم منازل الآخرة

عالية كبيرة – نسأل الله من فضله العظيم -.

 وقال تعالى: ﭐﱡﭐ    ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ  ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ  ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ العنكبوت: ٥٨ - ٥٩

إن السائرين على هدي من الله، والذي صبروا – بأنواع الصبر الثلاثة – وتوكلوا على الله حق التوكل حصلوا سعادة الدنيا والآخرة، الإيمان والعمل الصالح في الحياة الدنيا، وتبوء الغرف التي تجري من تحتها الأنهار والخلود في الآخرة، إنه أجر العالمين المخلصين الصابرين المتوكلين فنعم أجر العاملين في الدنيا والآخرة.

وقال تعالى:ﭐﱡﭐ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ  ﲒ ﲓ ﲔ ﲕﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜﲝ ﲞ ﲟ  ﲠ ﲡﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ الطلاق: ٢ - ٣

 إن التقوى والتوكل على الله يحصل بهما السداد في القول والعمل، ومن تولاه الله ورزقه وكفاه فهو في سرور وحبور في الدنيا قبل الآخرة، إنه يجعل له من كل ضيق مخرجا ومن كل هم فرجا، هذه سنة الله وقدره، اللهم تولنا وارزقنا واكفنا يا حي يا قيوم، وحقق لنا ما نريد يا الله.وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لو أنكم توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدوا خماصا، وتروح بطانا )[88].

ودلالة الحديث واضحة وهي: أن المتوكل على الله ببذل أدنى الأسباب يحصل له مقصوده.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الواحدة والعشرون في موضوع (التوكل) وهي بعنوان: أثر التوكل وثمرته

ثانيا: عدم الفشل، والحفظ من الزلل:

   قال تعالى: ﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈﱉ ﱊ  ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ آل عمران: ١٢٢

نعم إذا توكل المؤمنون على الله حق التوكل فإنه يتولاهم،وإذا تولاهم فلا يمكن أن يفشلوا.

وقال تعالى: ﭐﱡﭐ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸﲹ ﲺ  ﲻ ﲼ ﲽ الإسراء: ٦٥

وقال تعالى: ﭐﱡﭐ ﲋ ﲌ ﲍ  ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ  ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ النحل

إن المتوكل المستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، مسدد، فهو لا يزل ولا يخفق، بل يصل إلى هدفه بأقل التكاليف، وأيسر الطرق، لأن الشيطان ليس له عليه سلطان، ومن منعه الله من الشيطان الرجيم من نفخه ونفثه ووسوسته ولمته، فإن لمة الملك ستتحقق بإذن الله.

   وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من قال: يعني إذا خرج من بيته – بسم الله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله، يقال له: كفيت ووقيت وتنحى عنه الشيطان )[89].

ومن كفاه الله ووقاه، وتنحى عنه الشيطان، فإنه سيهدي إلى أقوم العمل وسيجنب الزلل.

وقالت أم سلمة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج من بيته قال: ( بسم الله توكلت على الله، اللهم إنا نعوذ بك من أن نزل أو نضل أونَظلم أونُظلم أويَجهل أويُجهل علينا )[90]

 ووجه الدلالة، أن من حفظه الله من أن يزل أو يضل أو يظلم أو يظلم أو يجهل أو يجهل عليه فهو مسدد، متحققة أهدافه، محفوظ من الخلل والزلل والفشل.

ثالثا: المتوكل على الله لا يمسه السوء بل يحفظه الله من الشرور ويعصمه، ويرحمه ويدل على هذا:

قال تعالى:ﭐﱡﭐ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ  ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ  ﱗ ﱘ ﱙﱚ ﱛ ﱜﱝ ﱞ ﱟ ﱠ  ﱡ ﱢ المائدة

قال تعالى: ﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇﱈ ﱉ ﱊ ﱋ  ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑﱒ ﱓ ﱔ  ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ  ﱞ ﱟ ﱠﱡ

ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ الأنفال: ٦٢ - ٦٣

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧﱨ ﱩ ﱪ  ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ  ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ  ﱼ ﱽ ﱾ ﱿﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ  التوبة

وروى البخاري عن ابن عباس رض الله عنهما قال: لما ألقي إبراهيم في النار قال: حسبنا الله ونعم الوكيل، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا: ﭐﱡﭐ ﳉ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ ﳎ  ﳏ ﳐ ﳑ ﳒ ﳓ ﳔ ﳕ ﳖ  ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ  ﱊ ﱋﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ آل عمران

 وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا غلام إني أعلمك كلمات، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعت على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليه، جفت الأقلام ورفعت الصحف )[91].

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثانية والعشرون في موضوع (التوكل) وهي بعنوان: أثر التوكل وثمرته

رابعا: المتوكل على الله يدخل الجنة وله أجر عظيم: ويدل على هذا:

   قوله تعالى: ﭐﱡﭐ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ  ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ  ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ  ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳﱴ ﱵ ﱶ ﱷ  ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ الأنفال: ٢ - ٤

 وقال تعالى: ﭐﱡﭐ    ﱷ ﱸ ﱹ

ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ  ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ  ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ العنكبوت: ٥٨ - ٥٩

 وقال تعالى: ﭐﱡﭐ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ  ﱰ ﱱﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ  ﱼ ﱽ الشورى

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا بغيرحساب، هم الذي لا يسترقون، ولا يتطيرون،ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون )[92]

خامسا: حصول مقصودالمتوكل:ويدل على هذا:

 قال تعالى: ﭐﱡﭐ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ  ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ  ﳉ ﳊﳋ ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐ ﳑ ﳒ  المائدة وقال تعالى:ﱡﭐ ﲋ ﲌ ﲍ  ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ  ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ النحل

 وقال أنس بن مالك: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:يا رسول الله أعقلها وأتوكل أو أطلقها أو أتوكل؟ قال: ( اعقلها وتوكل )[93].

سادسا: الحفظ من الشيطان:ويدل على هذا:

قوله تعالى: ﭐﱡﭐ ﲳ ﲴ  ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ  ﲽ ﲾ ﲿﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ المجادلة: ١٠

   وقال تعالى: ﭐﱡﭐ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟﱠ ﱡ  ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ  ﱫ ﱬﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ  ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ  ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ  ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ  ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ  ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ  ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ  ﲨ ﲩ ﲪ ﲫﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ  ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸﲹ ﲺ  ﲻ ﲼ ﲽ الإسراء

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من قال – يعني إذا خرج من بيته – بسم الله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله، يقال له: كفيت ووقيت وتنحى عنه الشيطان )[94].

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثالثة والعشرون في موضوع (التوكل) وهي بعنوان: أثر التوكل وثمرته

سابعا: المتوسل على الله لا تضره فتنة الدجال: ويدل على هذا:

   قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن رأس الدجال من ورائه حبك حبك فمن قال: أنت ربي افتتن، ومن قال: كذبت ربي الله عليه توكلت فلا يضره ) أو قال ( فلا فتنة عليه )[95].

ثامنا: البراءة من الشرك: ودليل هذا:

   قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الطيرة شرك، وما منا  إلا، ولكن الله يذهبه بالتوكل ).

تاسعا:المتوكل على الله يتولاه الله.ويثبت هذا:

   قوله تعالى: ﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈﱉ ﱊ  ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ آل عمران: [96]١٢٢

عاشرا: المتوكل على الله يحبه الله، ويكفيه، ويعينه، ويؤيده، وهو حسبه ووليه ورازقه، ويدل على كل ذلك:

   قوله تعالى: ﭐﱡﭐ ﱉ ﱊ ﱋ  ﱌ ﱍ ﱎﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗﱘ  ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟﱠ ﱡ ﱢ  ﱣ ﱤ ﱥﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ  ﱯ ﱰ ﱱﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ  ﱺﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ آل عمران: ١٥٩ - ١٦٠

   وقال تعالى: ﭐﱡﭐ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ  ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚﱛ ﱜ ﱝ  ﱞ ﱟﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥﱦ ﱧ ﱨ ﱩ  النساء: ٨١

   وقال تعالى: ﭐﱡﭐ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ  ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ  ﱗ ﱘ ﱙﱚ ﱛ ﱜﱝ ﱞ ﱟ ﱠ  ﱡ ﱢ المائدة: ١١

   وقال تعالى: ﭐﱡﭐ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ  ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ  ﳉ ﳊﳋ ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐ ﳑ ﳒ  المائدة: ٢٣

   قال تعالى: ﭐﱡﭐ ﲋ ﲌ  ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔﲕ  ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ  الأنفال:

وقال تعالى: ﭐﱡﭐ ﳈ ﳉ ﳊ  ﳋ ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐﳑ ﳒ ﳓ

ﳔ ﳕ ﳖ  ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇﱈ ﱉ ﱊ

  ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑﱒ ﱓ ﱔ  ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ  ﱞ ﱟ ﱠﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ الأنفال: ٦١ - ٦٣

   وقال تعالى: ﭐﱡﭐ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧﱨ ﱩ ﱪ  ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ  ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ  ﱼ ﱽ ﱾ ﱿﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ  التوبة: ٥٠ - ٥١

   وقال تعالى: ﭐﱡﭐ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ  ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ  ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ  ﲲ ﲳﲴ ﲵ ﲶﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ  التوبة: ١٢٨ - ١٢٩

   وقال تعالى: ﭐﱡﭐ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ  ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ  ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ  ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ يونس: ٨٤ - ٨٦

     وقال تعالى: ﭐﱡﭐ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ  ﲗ ﲘ ﲙ ﲚﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ  ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ  ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱﲲ ﲳ ﲴ  ﲵﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ الزمر: ٣٨

    وقال تعالى: ﭐﱡﭐ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ  ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ  ﱼ ﱽ ﱾﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ  ﲆ ﲇ ﲈﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ  ﲒ ﲓ ﲔ ﲕﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜﲝ ﲞ ﲟ  ﲠ ﲡﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ الطلاق: ٢ - ٣

وكتبت عائشة رضي الله عنها إلى معاوية رضي الله عنه: سلام عليك، .... بعد فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس والسلام عليك )[97].

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الرابعة والعشرون في موضوع (التوكل) وهي بعنوان: أثر التوكل وثمرته

حادي عشر: المتوكل على الله يزيد إيمانه، ويرجع بفضل من الله ونعمة.وأدلة ذلك:

   قوله تعالى: ﭐﱡﭐ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ  ﲻ ﲼﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ  ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ ﳎ  ﳏ ﳐ ﳑ ﳒ ﳓ ﳔ ﳕ ﳖ  ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ  ﱊ ﱋﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ آل عمران: ١٧٢ - ١٧٤

   وقال تعالى: ﭐﱡﭐ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ  ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ  ﱗ ﱘ ﱙﱚ ﱛ ﱜﱝ ﱞ ﱟ ﱠ  ﱡ ﱢ المائدة:

وروى الطبراني وابن هشام أن محمد بن إسحاق بن يسار، ومجاهد، وعكرمة وغير واحد: أنها نزلت في شأن بني النضير، حين أرادوا أن يلقوا على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم الرحى لما جاءهم يستعينهم في دية العامرين، ووكلوا عمروا بن جحاش بن كعب بذلك[98].

ثاني عشر: المتوكل على الله بينه وبين قومه بالحق: ومما يثبت ذلك:

قوله تعالى: ﭐﱡﭐ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ  ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ  ﱱ ﱲﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸﱹ ﱺ ﱻ ﱼﱽ ﱾ ﱿ  ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ الأعراف: ٨٩

ثالث عشر: المتوكل على الله يفوض أموره جميعها إلى الله، وحينئذ يكفيه الله ودليل ذلك

قوله تعالى: ﭐﱡﭐ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶﱷ ﱸ ﱹ ﱺ  ﱻﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ غافر:

وقوله: ﭐﱡﭐ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ  ﳄ ﳅﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ الشورى: ١٠

وقوله: ﭐﱡﭐ    ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ  ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ  ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ  ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾﲿ  ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ الممتحنة:

رابع عشر: المتوكل على الله أكثر الناس توحيدا وإخلاصا.وأدلة ثبوت ذلك:

   قوله تعالى: ﭐﱡﭐ ﱮ ﱯ ﱰ  ﱱ ﱲﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ التغابن: ١٣

   وقوله تعالى: ﭐﱡﭐ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ  ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ المزمل: وقوله تعالى: ﭐﱡﭐ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ  ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚﱛ  ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ الرعد:

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الخامسة والعشرون في موضوع (التوكل) وهي بعنوان:

 أثر التوكل وثمرته

خامس عشر:الهداية لأقوم الطرق: ويثبت ذلك: قوله تعالى: ﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ  ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ   ﱗ ﱘ ﱙ ﱚﱛ ﱜ ﱝ ﱞ

  ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩﱪ

ﱫ ﱬ ﱭ ﱮﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ  إبراهيم: ١١ - ١٢

سادس عشر: الصبر:

قوله تعالى: ﭐﱡﭐ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ  ﳆ ﳇ ﳈ ﳉﳊ ﳋ ﳌ ﳍﳎ ﳏ ﳐ  ﳑ ﳒ ﳓ ﳔ ﳕ ﳖ ﳗ ﳘ  النحل: ٤١ - ٤٢

سابع عشر: المتوكل على الله لا يطيع الكافرين والمنافقين.ويثبت ذلك:

قوله تعالى: ﭐﱡﭐ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ  ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ  الأحزاب: ٤٨

ثامن عشر: المتوكل على الله يرجع كل شيء إلى الله.

قال تعالى: ﭐﱡﭐ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ  ﳄ ﳅﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ ﳎ  الشورى: ١٠

تاسع عشر: المتوكل على الله متيقن إنه على هدى من الله.

قال تعالى: ﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ  ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔﱕ ﱖ  ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡﱢ ﱣ  ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ  هود: ٥٤ - ٥٦

   قال تعالى: ﭐﱡﭐ ﱐ ﱑ ﱒﱓ ﱔ ﱕ  ﱖ ﱗ ﱘ النمل: ٧٩

   وقال تعالى: ﭐﱡﭐ ﱟ ﱠ  ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ  الملك: ٢٩

   هذا ومن أهم ثمرات التوكل الرضا ولأهمية هذه الثمرة سوف نفردها ببحث مستقل.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة السادسة والعشرون في موضوع (التوكل) وهي بعنوان:

*الفصل السابع:الرضا ثمرة التوكل:

الرضا ثمرة التوكل بل فسر بعض العلماء التوكل بأنه الرضا ولا شك أن الرضا أجلّ ثمرات التوكل، وأعظم فوائده، فإنه إذا توكل حق التوكل رضى بما يفعله وكيله.

والرضا له تعريفات عديدة تختلف في عبارتها وتتحد في معناها ومنها:

1-               ارتفاع الجزع في أي حكم كان.

2-               استقبال الأحكام بالفرح.

3-               سكون القلب تحت مجاري الأحكام.

والرضا بإلهية الله يتضمن عبادته والإخلاص له.

أما الرضا بربوبيته فإنه يتضمن بتدبيره لعبده، ويتضمن أفراده بالتوكل عليه والاستعانة به، والثقة به والاعتماد عليه، وأن يكون راضيا بكل ما يفعله به.

والرضا بنبيه رسولا يتضمن كمال الانقياد له.

أما الرضا بدينه فإنه يتضمن الرضا بحكمه وامتثال أمره والانتهاء عن نهيه رضا كاملا.

والرضا بالله ربا فرض ومن لم يرضى بربه لم يصح له إسلام ولا عمل ولا حال.          وقال ابن تيمية: المقدور يكتنفه أمران: التوكل قبله، والرضا بعده، فمن توكل على الله قبل الفعل، ورضى بالمقضي له بعد الفعل فقد قام بالعبودية، وقال بشر الحافي: يقول أحدهم توكلت على الله، بكذب على الله، لو توكل على الله لرضى بما يفعله الله به[99].

وقد وردت نصوص شرعية عديدة في الرضا ومنها:

قوله تعالى: ﱡﭐ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ  ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ  الفجر: ٢٧ - ٣٠

وقال صلى الله عليه وسلم في دعاء الاستخارة: ( اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تعلم ولا أعلم وتقدر ولا أقدر، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري ـ أو قال: عاجل أمري وآجله – فاقدره لي ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال: عاجل أمري وآجله، فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به )[100].

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا )[101].

 وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله إلى الناس )[102].

  وللرضا ثمرات عديدة تعود على الراضي.

 إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة السابعة والعشرون في موضوع (التوكل) وهي بعنوان:

*الفصل السابع:الرضا ثمرة التوكل:

ثمرات الرضا:

الرضا يوجب للراضي الطمأنينة، وبرد القلب، وسكونه، وقراره، وينزل على العبد المتوكل السكينة التي لا أنفع له منها.

كما أنه يفرغ قلبه ويقلل همه وغمه، فيتفرغ لعبادة ربه بقلب خفيف من أثقال الدنيا وهمومها وغمومها.

 ومن ثمرات الرضا: الفرح والسرور بالرب تبارك وتعالى.

قال ابن القيم: إن قول النبي صلى الله عليه وسلم في دعاء الاستخارة ( اللهم إني أستخيرك بعملك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم ). توكل وتفويض.                      أما قوله: ( فإنك تعلم ولا أعلم، وتقدر ولا أقدر، وأنت علام الغيوب ) فإنه تبرؤ إلى الله من العلم والحول، والقوة، وتوسل سبحانه بصفاته والتي هي أحب ما توسل إليه بها المتوسلون .

   وأما سؤال العبد ربه أن يقضي له ذلك الأمر إن كان فيه مصلحته عاجلا أو آجلا، وأن يصرفه عنه إن كان فيه مضرته عاجلا أو آجلا، فهذا هو حاجته التي سألها، فم يبق عليه إلا الرضا بما يقضيه له فقال: ( واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به ).

   فقد اشتمل هذا الدعاء على هذه المعارف الإلهية والحقائق الإيمانية التي من جملتها التوكل، والتفويض، قبل وقوع المقدور والرضى بعده وهو ثمرة التوكل، والتفويض علامة صحته، فإن لم يرضى بما قضي له، فتفويضه معلول فاسد.

    وهذا معنى قول بشر الحافي المتقدم: يقول أحدهم: توكلت على الله، يكذب على الله لو توكل على الله لرضي بما يفعله الله به.

   وقول يحيى بن معاذ، وقد سئل متى يكون الرجل متوكلا؟ فقال: إذا رضي بالله وكيلا[103].

  

الخاتمة

وفي الختام أسأل الله أن يجعلنا من المتوكلين عليه حق التوكل ومن عباده المخلصين المقبولين، ومن أولياءه المقربين إنه سميع مجيب قريب ، انتهيت من هذا البحث المهم (التوكل وأثره التربوي في الكتاب والسنة ) في 19/7/ 1441هـ ، في منزلي الكائن في مدينة العقيق بمنطقة الباحة في المملكة العربية السعودية،وهوأشبه ما يكون بالتفسير الموضوعي ، وقد بذلت فيه قصارى جهدي، ووثقت كل نص فيه من كتاب ربنا جل وعلا ، أو سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، أو من أقوال الصحابة والتابعين والأئمة والعلماء والدعاة والمربين والكتّاب وغيرهم ، إن أصبت فمن الله وإن اخطأت فمن نفسي والشيطان وأستغفرالله من كل خطأ وخطيئة ، والحمد لله أولا وآخرا والصلاة والسلام على رسوله وحبيبه وخيرته من خلقه أفضل المتوكلين وعلى آله وصحبه ومن سار على دربه .. آمين.

وكتبه : د/ مسفر بن سعيد دماس الغامدي

جوال رقم / 0555516289

 

 



[1] النهاية لابن كثير 5/321

[2] لسان العرب 11/734 - 736

[3] مدارج السالكين 2/ 114 - 117

[4] ذكر ذلك ابن كثير في تفسير القرآن العظيم جـ 5 ص 45 ط . الشعبي.

[5] مدارج السالكين 2/ 113

[6] مدارج السالكين 2 / 113

[7] ذكره ابن القيم في مدارج السالكين 2/ 117 وعزا هذا التقسيم إلى أبي يعلى الدقاق

[8] أخرجه مسلم في الصحيح 1/55 رقم 43 من حديث عثمان بن عفان، انظر: صحيح الجامع رقم 6428

[9] أخرجه البخاري في الصحيح 13/ 377 رقم 7392 من حديث أبي هريرة ، والترمذي في الجامع، كتاب الدعوات رقم 82 ، وأحمد في المسند 2/352، 267أبي لبلالبات

[10] صحيح مسلم 1/352 ، جامع الترمذي 4/524 ، سنن أبي داوود 1/ 547 ، ابن ماجه 2/ 1263 ، موطأ مالك 1/ 167، مسند الإمام أحمد 6/58 من حديث عائشة

[11] مدارج السالكين لابن القيم 1/36

[12] مدارج السالكين 1/32

[13] الأسماء والصفات ص 110

[14] شأن الدعاء ص 54

[15] رواه أحمد في المسند 4/403 ورجاله كلهم ثقات.

[16] الاعتقاد / ص 17

[17] رواه البخاري في الصحيح 13/371 رقم 7385 من حديث ابن عباس ومسلم في الصحيح كتاب المسافرين/ 199.

[18] الاعتقاد للبيهقي ص 17- 18

[19] الاعتقاد ص 16

[20] أخرجه البخاري في الصحيح 13/403 رقم 7419 من حديث أبي هريرة، ومسلم في الصحيح كتاب الزكاة 37

[21] الاعتقاد ص 16

[22] صحيح البخاري 3/3 رقم 120 من حديث ابن عباس.

[23] أخرجه البخاري في الصحيح 13/423 رقم 7442 من حديث ابن عباس وقال مجاهد: القيوم القائم على كل شيء، وأخرجه مسلم في الصحيح باب المسافرين ص 199 والترمذي في الجامع باب الدعوات ص 29 ، وأخرجه النسائي في السنن باب قيام الليل ص 9 ، وابن ماجة في باب الإقامة 180 ، ومالك في الموطأ باب ..... القرآن ص 34 ، وأحمد في المسند 1/298

[24] جامع الترمذي 5/ 484 رقم 3420 .

[25] أخرجه مسلم في الصحيح 1/ 350 رقم 482 ، والنسائي في السنن باب المواقيت ص 35 ، والترمذي في الجامع باب الدعوات ص 118 رقم 2/421.

[26] الاعتقاد ص 20

[27] صحيح مسلم 4/2086 رقم 2717

[28] صحيح البخاري 8/409 ، صحيح مسلم 4/1847 رقم 2380

[29] صحيح البخاري 11/182 رقم 1382

[30] صحيح البخاري 1/164 رقم 71 ، صحيح مسلم 2/718 رقم 1037

[31] صحيح البخاري 13/372 رقم 7386 ، صحيح مسلم 4/2076 رقم 2704

[32] لسان العرب 1/458،

[33] جامع الترمذي 4/668 رقم 2517، وذكره الألباني وقال عنه حسن رقم 1079

[34] جامع الترمذي 4/573 رقم 3344 ، أحمد 1/30 ، 52

[35] ذكره الألباني في صحيح الجامع رقم 1085 ثم عزاه إلى الطبراني عن ابن عباس وعن عمران بن حصين ثم قال عنه، صحيح.

[36] صحيح البخاري 3/383 رقم 1523 ، وأخرجه أبو داوود في السنن كتاب المناسك الباب الرابع.

[37] مدارج السالكين 2/118 - 120

[38] طريق الهجرتين ص 332 ، ط دار الكتاب العربي بيروت.

[39] مدارج السالكين 2/499 ، ط دار الكتاب العربي ، بيروت

[40] أخرجه مسلم في الصحيح 4/2205 رقم 2877 من حديث جابر ، وأبو داوود في السنن، كتاب الجنائز / 13 ، وابن ماجه في السنن / الزهد / 14، وأحمد في المسند 3/293 ، 315 ، 325 ، 330 ، 334 ، 390 .

[41] صحيح البخاري 13/466 رقم 7505 من حديث أبي هريرة ، صحيح مسلم 4/2102 رقم 2675

[42] جامع الترمذي 5/548 رقم 3540 ، سنن الدارمي 2/330 رقم 2791 ، ذكره الألباني في صحيح الجامع رقم 4213 ثم عزاه إلى الترمذي والضياء عن أنس ثم قال: حسن

[43] مدارج السالكين 2/35 – 36 ، تهذيب المدارج ص 297

[44] تهذيب مدارج السالكين ص 299

[45] تهذيب مدارج السالكين ص 301 - 305

[46] مدارج السالكين 2/121

[47] التفسير 7/135

[48] طريق الهجرتين ص 329

[49] صحيح مسلم 1/296 رقم 295 من حديث أبي هريرة

[50] صحيح البخاري 13/462 رقم 7488 ، صحيح مسلم / الذكر / 56 ، 57 ، د أدب / 98 ، ت دعوات / 16 ،دي استئذان / 51 ، حم 4/285

[51] النهاية 3/479

[52] مدارج السالكين 1/122 ، تهذيب المدارج ص 341

[53] أخرجه البخاري في الصحيح 3/3 رقم 1120 ، وأخرجه مسلم في الصحيح 1/533 رقم 199 من حديث ابن عباس.

[54] أخرجه البخاري في الصحيح 13/162 رقم 7488 ، ومسلم في كتاب الذكر 56 ، 57 ، من حديث البراء بن عازب.

[55] انظر صحيح الجامع للألباني رقم 513 ثم قال: صحيح.

[56] أخرجه البخاري في الصحيح 10/155 رقم 5705 ، ومسلم في الصحيح 1/198 رقم 372 من حديث عمران بن حصين.

[57] أخرجه أحمد في المسند 1/30 ، 52 ، وأخرجه الترمذي في جامعه 4/573 رقم 2344 ، ثم قال: حديث حسن صحيح، من حديث عمر بن الخطاب.

[58] صحي البخاري 4/312 رقم 2125 ، المسند 2/174

[59] طريق الهجرتين ص 326 ط دار الكتاب العربي.

[60] في ظلال القرآن 2/879 ط الشروق

[61] مدراج السالكين 2/137 - 143

[62] مدراج السالكين 2/137 – 143 بتصرف

[63] مدارج السالكين 2/137 – 143 – بتصرف.

[64] مدراج السالكين 2/124 ، 137 ، 143 - بتصرف

[65] مدراج السالكين 2/124 ، 137 ، 143 - بتصرف

[66] مدارج السالكين 3/124 ، 137 – بتصرف.

[67] مدارج السالكين2/125

[68] النهاية لابن الأثير 3/265 .

[69] أخرجه الترمذي في الجامع 5/534 رقم 3513 من حديث عائشة ثم قال حديث حسن صحيح ، جه دعاء/ 5 ، حم1/ 19 ، 6 ، 171، 182 ، 183 ، 208 ، 258

[70] لسان العرب 12/230 ، ط صادر ، النهاية لابن الاثير 2/210 ط عام 1383 هـ .

[71] لسان العرب ص 39

[72] صحيح أخرجه مسلم 1/170 رقم 302 ، حم 1/5 ، جه زهد / 35 من حديث أبي سعيد الخدري.

[73] صحيح البخاري 11/131 رقم 6326 ، صحيح مسلم 4/2078 رقم 48.

[74] النهاية لابن الأثير 2/176 ، لسان العرب 9/112.

[75] صحيح البخاري 1/164 رقم 71 ، صحيح مسلم 2/818 رقم 1037 من حديث معاوية بن أبي سفيان.

[76] صحيح البخاري 11/182 رقم 6382

[77] أخرجه البخاري في الصحيح 11/131 رقم 6326 ، ومسلم في الصحيح 4/2978 رقم 248 ، وأبو داوود في الصلاة 179 ، والترمذي في الجامع ، الدعوات ص 82 ، والنسائي في السنن باب السهو ص 58 ، وابن ماجه في السنن كتاب الجنائز ص 23 ، وأحمد في المسند 1/4 ، 2/ 21 ، 3/491، 4/338، 5/ 371 .

[78] رواه الترمذي في الجامع 5/494 رقم 3434 من حديث ابن عمر ثم قال: حسن صحيح غريب ، وأحمد في المسند 1/388 ، 392 ، 394، 2/84.

[79] أخرجه البخاري في الصحيح 5/271 رقم 2661 ، والترمذي في الجامع كتاب الأشربة الباب الأول، وابن ماجه في السنن، كتاب الأشربة الباب الرابع والدارمي في السنن كتاب الرقاق .... وأحمد في المسند المجلد الأول ص 370 ، المجلد الثاني ص 176 .

[80] مسند الإمام أحمد 6/302 ، تفسير ابن كثير 2/10 ط الشعب

[81] أخرجه ابن ماجه من حديث عمر في السنن 1/1394 رقم 4164 ، والترمذي في الجامع كتاب الزهد باب 33 ، وأحمد في المسند 1/30 ، 52 .

[82] أخرجه الترمذي في السنن 4/656 رقم 2495 ، وأخرجه ابن ماجه في السنن 2/1422 رقم 4357 ، وأخرجه أحمد في المسند 5/177 .

[83] أخرجه الترمذي في السنن 4/563 رقم 2326 ثم قال: حديث حسن صحيح غريب وهو من حديث عبد الله بن مسعود.

[84] أخرجه البخاري في الصحيح 6/217 رقم 3116 من حديث معاوية، ومسلم في الصحيح كتاب الزكاة الباب 100 ، وأحمد في المسند 4/100، 101

[85] أخرجه مسلم في الصحيح 1/521 رقم 168 من حديث أبي هريرة، وأبو داوود في السنن كتاب السنة الباب 19، والترمذي في الجامع كتاب المواقيت الباب/ 211 ، وابن ماجه في السنن كتاب الإقامة الباب/182 ، ومالك في الموطأ كتاب القرآن الباب/ 30 ، والدارمي في السنن كتاب الصلاة الباب/ 168، وأحمد في المسند كتاب الصلاة الباب 168، وأحمد في المسند 2/264 ، 267.

[86] أخرجه البخاري الصحيح  2/32 رقم 844 من حديث المغيرة بن شعبة، ومسلم في الصحيح كتاب الصلاة 1/194 ، وأبو داوود في السنن كتاب الصلاة الباب 140 ، والترمذي في الجامع كتاب المواقيت الباب / 108 وابن ماجه في السنن كتاب الإقامة الباب 18  ، والدارمي في السنن كتاب الصلاة الباب 71 ، وأحمد في المسند 4/93

[87] أخرجه أحمد في المسند 2/57 من حديث أبي سعيد الخدري.

[88] أخرجه أحمد في المسند 1/52 وصححه أحمد شاكر 1/206 ، التوكل لابن أبي الدنيا ص 17 ، ابن ماجه 2/1393 رقم 416 ، وغيرهم

[89] أخرجه الترمذي في الجامع 5/490 رقم 3426 ، وابن أبي الدنيا في التوكل ص 36 رقم 21 من حديث أنس بن مالك.

[90] أخرجه الترمذي في الجامع 5/490 رقم 3427 ثم قال: حديث حسن صحيح.

[91] أخرجه أحمد والترمذي والحاكم من حديث ابن عباس ( صحيح الجامع رقم 7834 ثم قال صحيح ).

[92] أخرجه البخاري في الصحيح 10/155 رقم 5705 من حديث ابن عباس، وأخرجه مسلم في الصحيح 1/198 ، 199 رقم 372 من حديث أبي هريرة ، وأخرجه ابن أبي الدنيا في التوكل ص 40 .

[93] أخرجه ابن أبي الدنيا ص 27 رقم 12 ، والترمذي في الجامع 4/168 رقم 2517 وذكره الألباني في صحيح الجامع رقم 1079 ثم قال: حسن

[94] أخرجه الترمذي في الجامع 5/490 رقم 3466 من حديث أنس بن مالك ثم قال: حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وابن أبي الدنيا في التوكل ص 36   رقم 21

[95] أخرجه ابن أبي الدنيا في التوكل ص 54 ، وأبو داوود في السنن 4/17 رقم 2910 ، والترمذي في الجامع 4/161 رقم 1614 ثم قال: حسن صحيح ، وابن ماجه في السنن 2/1170 رقم 3538 ، وأحمد في المسند 1/289 ، وصححه الألباني في الصحيحة 1/172 رقم 430 من حديث عبد الله بن مسعود

[96] أخرجه أبو داوود 4/17 رقم 3910 ، ت سر/47 وأحمد في المسند 1/289 ، وذكره الألباني في الصحيحة 1/172 رقم 430 ، ثم قال: صحيح، وابن ماجه في الفتن كتاب الطب الباب /43 .

[97] أخرجه الترمذي في الجامع 4/610 رقم 3414 ، وذكره الألباني في صحيح الجامع رقم 5973 ثم قال: صحيح.

[98] انظر "تفسير ابن كثير" 3/9 د ط الشعب.

[99] تهذيب مدارج السالكين ص 363 - 381

[100] صحيح البخاري 3/48 كتاب التهجد رقم 1162 والترمذي في جامعه كتاب الوتر / 18 وابن ماجه في السنن كتاب إقامة الصلاة / 188

[101] أخرجه البخاري في الصحيح كتاب الاعتصام، ومسلم في الصحيح 1/62 رقم 34 .

[102] رواه الترمذي في الجامع 4/610 رقم 3414 من حديث عائشة، صحيح الجامع رقم 3/

[103] تهذيب مدارج السالكين ص 363 – 381 .