البصر

بسم الله الرحمن الرحيم

البصر(المختصر)

     إن الحمد لله ، نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ،وأشهد أن لا اله الا الله ، وحده لا شريك له ،وأشهد أن محمداً عبده ورسوله قال تعالى : { †WäQSTÿKV†H;TTWTÿ  WÝÿY¡PVÖ@…  N…éSÞWڅƒò  N…éSTÍPVTŽ@…  JðW/@…  VPÌWš  -YãYŽ†WÍSTŽ  ‚WWè  JðÝSTŽéSÙWTŽ  ‚PVMX…  ØSßKV…Wè  WÜéSÙYÕó©QSÚ } سورة آل عمران الآية: 102   وبعـــد :

فهذه الحلقة الأولى في موضوع البصر وستكون بعنوان : التعريفات

تعريف البصر:البصر يقال للجارحة الناظرة

نحو قوله تعالى : { ËxôJn=x. ̍|Át6ø9$#  } النحل /77 ، { øŒÎ)ur ÏMxî#y— ㍻|Áö/F{$#  } الأحزاب / 10، وللقوة التي فيها ،ويقال لقوة القلب المدركة:بصيرة وبصرنحو قوله تعالى  {$uZøÿt±s3sù y7Ytã x8uä!$sÜÏî x8ã|Át7sù tPöqu‹ø9$# ӉƒÏ‰tn }ق22 وقال: {  $tB sø#y— çŽ|Çt7ø9$# $tBur 4ÓxösÛ  } النجم / 17

 وجمع البصر: أبصار ، وجمع البصيرة : بصائر ؛ قال تعالى : {!$yJsù 4Óo_øîr& öNåk÷]tã öNßgãèøÿxœ Iwur öNèd㍻|Áö/r& Iwur NåkèEy‰Ï«øùr& `ÏiB >äóÓx« } الأحقاف / 26، ولا يكاد يقال للجارحة بصيرة  ، ويقال من الأول أبصرت ومن الثاني أبصرته وبصرت به وقلما يقال بصرت في الحاسة إذا لم تضامة رؤية القلب .

   وقال تعالى في الأبصار : {zNÏ9 ߉ç7÷ès? $tB Ÿw ßìyJó¡tƒ Ÿwur çŽÅÇö7ムŸwur ÓÍ_øóムy7Ytã $\«ø‹x©} مريم / 42، {ó  !$oY­/u‘ $tR÷Ž|Çö/r& $uZ÷èÏJy™ur } السجدة / 12 ،{ öqs9ur (#qçR%x. Ÿw šcrçŽÅÇö7ム} يونس / 42 ، { ÷Lèe÷ŽÅÇ÷0r&ur t$öq|¡sù tbrçŽÅÇö7ム } الصافات / 175{ tA$s% ßN÷ŽÝÇo0 $yJÎ/ öNs9 (#rçŽÝÇö7tƒ ¾ÏmÎ/  } طه / 96 ،  ومنه : {ö@è% ¾Ínɋ»yd þ’Í?ŠÎ6y™ (#þqãã÷Šr& ’n<Î) «!$# 4 4’n?tã >ouŽÅÁt/ O$tRr& Ç`tBur ÓÍ_yèt6¨?$# } يوسف / 108 ، أي على معرفة وتحقق . وقوله : {È@t/ ß`»|¡RM}$# 4’n?tã ¾ÏmÅ¡øÿtR ×ouŽÅÁt/ } القيامة / 14 ،  أي تبصره فتشهد له ، وعليه من جوارحه بصيرة تبصره فتشهد له وعليه يوم القيامة كما قال :

 

 

{tPöqtƒ ߉pkôs? öNÍköŽn=tã öNßgçFt^Å¡ø9r& öNÍk‰Ï‰÷ƒr&ur Nßgè=ã_ö‘r&ur $yJÎ/ (#qçR%x. tbqè=yJ÷ètƒ } النور / 24 ، والضرير يقال له بصير على سبيل العكس والأولى أن ذلك يقال لما له من قوة بصيرة القلب لا لما قالوه ولهذا لا يقال له مبصر وباصر وقوله عز وجل : { žw çmà2͑ô‰è? ㍻|Áö/F{$# uqèdur à8͑ô‰ãƒ t»|Áö/F{$# (} الأنعام / 103 ،حمله كثيرمن المسلمين  على الجارحة ...

   والنظر تقليب البصر والبصيرة لإدراك الشيء ورؤيته ، وقد يراد به التأمل والفحص ، وقد يراد به المعرفة الحاصلة بعد الفحص وهو الروية ، يقال نظرت فلم تنظر أي لم تتأمل ولم تترو ، وقوله :  

 

{ È@è% (#rãÝàR$# #sŒ$tB ’Îû ÅVºuq»yJ¡¡9$# ÇÚö‘F{$#ur 4 } يونس /101 ، أي تأملوا . واستعمال النظر في البصر أكثر عند العامة ، وفي البصيرة أكثر عند الخاصة

والعمى يقال في افتقاد البصر والبصيرة ويقال في الأول أعمى وفي الثاني أعمى وعم ، وعلى الأول قوله :  { br& çnuä!%y` 4‘yJôãF{$# } عبسى / 2 ، وعلى الثاني ما ورد من ذم العمى في القرآن نحو قوله :  { BL༠ íNõ3ç/  Ò‘ôJãã } البقرة / 18 ، وقوله : {(#þqç7Å¡ymur žwr& šcqä3s? ×puZ÷GÏù (#qßJyèsù (#q‘J|¹ur ¢OèO z>$s? ª!$# óOÎgøŠn=tæ §NèO (#qßJtã (#q‘J|¹ur ׎ÏVŸ2 öNåk÷]ÏiB 4 ª!$#ur 7ŽÅÁt/ $yJÎ/ šcqè=yJ÷ètƒ } المائدة / 71 ، بل لم يعد افتقاد البصر في جنب افتقاد البصيرة عمى حتى قال : { ( $pk¨XÎ*sù Ÿw ‘yJ÷ès? ㍻|Áö/F{$# `Å3»s9ur ‘yJ÷ès? Ü>qè=à)ø9$# ÓÉL©9$# ’Îû ͑r߉Á9$#  } الحج / 47 ،

    ونخلص إلى أن البصر هو العين ، أو حاسة الرؤية ، والبصيرة عقيدة القلب ، والبصير هو الله تعالى ، يبصر خائنة الأعين وما تخفى الصدور ، الذى يشاهد الأشياء كلها ، ظاهرها وخافيها ، البصير لجميع الموجودات وعلى العبد أن يعلم أن الله خلق له البصر

لينظر به الى الآيات  وعجائب الملكوت ويعلم أن الله يراه ويسمعه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  :  الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تره فإنه يراك [صحيح البخاري  ج 1   ص 48] 

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

فهذه الحلقة الثانية في موضوع البصروستكون بعنوان:

*مكانةحاسة البصر في الرأس

  قال ابن القيم : تأمل كيفية خلق الراس وكثرة ما فيه من العظام حتى قيل إنها خمسة وخمسون عظما مختلفة الاشكال والمقادير والمنافع وكيف ركبه سبحانه وتعالى على البدن وجعله عاليا علو الراكب على مركوبه ولما كان عاليا على البدن جعل فيه الحواس الخمس وآلات الادراك كلها من السمع والبصر والشم والذوق واللمس وجعل حاسة البصر في مقدمه ليكون كالطليعة والحرس والكاشف للبدن وركب كل عين من سبع طبقات لكل طبقة وصف مخصوص ومقدار مخصوص ومنفعة مخصوصة لو فقدت طبقة من تلك الطبقات السبع أو زالت عن هيئتها وموضعها لتعطلت العين عن الابصار ثم اركز سبحانه داخل تلك الطبقات السبع خلقا عجيبا وهو إنسان العين بقدر العدسة يبصر به ما بين المشرق والمغرب والأرض والسماء وجعله من العين بمنزلة القلب من الاعضاء فهوملكها وتلك الطبقات والاجفان والاهداب خدم له وحجاب وحراس فتبارك الله احسن الخالقين       فانظر كيف حسن شكل العينين وهيئتها ومقدارهما ثم جملهما بالأجفان غطاء لهما وسترا وحفظا وزينة فهما يتلقيان عن العين الاذى والقذا والغبار ويكنانهما من البارد المؤذي والحار المؤذي ثم غرس في اطراف تلك الاجفان الاهداب جمالا وزينة ولمنافع اخر وراء الجمال والزينة ثم اودعهما ذلك النور الباصر والضوء الباهر الذي يخرق ما بين السماء والأرض ثم يخرق السماء مجاوزا لرؤية ما فوقها من الكواكب  وقد اودع سبحانه هذا السر العجيب في هذا المقدار الصغير بحيث تنطبع فيه صورة السموات مع اتساع اكنافها وتباعد اقطارها ... [مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة ،ج 1   ص 189 _ 190]

 *حال من عُدم البصر

    تأمل حال من عدم البصر وما يناله من الخلل في أموره فإنه لا يعرف موضع قدمه ولا يبصر ما بين يديه ولا يفرق بين الالوان والمناظر الحسنة من القبيحة ولا يتمكن من استفادة علم من كتاب يقرأه ولايتهيأ له الاعتبار والنظر في عجائب ملك الله هذا مع انه لا يشعر بكثير من مصالحه ومضاره فلا يشعر بحفرة يهوى فيها ولا بحيوان يقصده كالسبع فيتحرز له ولا بعدو يهوى نحوه ليقتله ولا يتمكن من هرب ان طلب بل هو ملق السلم لمن رامه باذى ولولا حفظ خاص من الله له قريب من حفظ الوليد وكلاءته لكان عطبه اقرب من سلامته فإنه بمنزلة لحم على وضم ولذلك جعل الله ثوابه إذا صبر واحتسب الجنة ومن كمال لطفه ان عكس نور بصره إلى بصيرته فهو اقوى الناس بصيرة وحدسا وجمع عليه همه فقلبه مجموع عليه غير مشتت ليهنأ له العيش وتتم مصلحته ولا يظن انه مغموم حزين متاسف هذا حكم من ولد اعمى فأما من اصيب بعينيه بعدالبصر فهو بمنزلة سائر اهل البلاء المنتقلين من العافية إلى البلية فالمحنة عليه شديدة لانه قد حيل بينه وبين ما الفه من المرائي والصور ووجوه الانتفاع ببصره فهذا له حكم آخر وكذلك من عدم السمع فإنه يفقد روح المخاطبة والمحاورة ويعدم لذة المذاكرة ونغمة الاصوات الشجية وتعظم المؤنة على الناس في خطابه ويتبرمون به ولا يسمع شيئا من اخبار الناس واحاديثهم فهو بينهم شاهد كغائب وحي كميت وقريب كبعيد وقد اختلف النظار في ايهما اقرب إلى الكمال واقل اختلالا لاموره الضرير أو الاطرش وذكروا في ذلك وجوها وهذا مبني على اصل آخر وهو أي الصفتين اكمل صفة السمع أو صفة البصر وقد ذكرنا الخلاف فيهما في هذا الكتاب وذكرنا اقوال الناس وأدلتهم والتحقيق في ذلك فأي الصفتين كانت اكمل فالضرر بعدمها اقوى والذي يليق بهذا الموضع ان يقال عادم البصر اشدهما ضررا وأسلمهما دينا واحمدهما عاقبة وعادم السمع اقلهما ضررا في دنياه واجهلهما بدينه واسوا عاقبة فإنه إذا عدم السمع عدم المواعظ والنصائح وانسدت عليه ابواب العلوم النافعة وانفتحت له طرق الشهوات التي يدركها البصر ولا يناله من العلم ما يكفه عنها فضرره في دينه اكثر وضرر الاعمى في دنياه اكثر ولهذا لم يكن في الصحابة اطرش وكان فيهم جماعة اضراء وقل ان يبتلى الله اولياءه بالطرش ويبتلى كثيرا منهم بالعمى فهذا فصل الخطاب في هذه المسئلة فمضرة الطرش في الدين ومضرة العمى في الدنيا والمعافى من عافاه الله منهما ومتعه بسمعه وبصره وجعلهما الوارثين منه. [ مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة ،  ج 1   ص 265]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

فهذه الحلقة الثالثة في موضوع البصروستكون بعنوان:

*حكمة خلق البصر

   الله هو الذي جعل الاجفان على العينين كالغشاء والاشفار كالاشراج والاهداب كالرفوف عليها إذا فتحت ، وهو الذي ركب طبقاتها المختلفة طبقة فوق طبقة حتى بلغت عدد السموات سبعا وجعل لكل طبقة منفعة وفائدة فلو اختلت طبقة منها لاختل البصر وهوالذي شقهما في الوجه احسن شق واعطاهما احسن شكل وأودع الملاحة فيهما وجعلهما مرآة للقلب وطليعة وحارسا للبدن ورائدا يرسله كالجند في مهماته فلا يتعب ولا يعيا على كثرة ظعنه وطول سفره وهو الذي اودع النور الباصر فيه في قدر جرم العدسة فيرى فيه السموات والأرض والجبال والشمس والقمر والبحار والعجائب وهو الذي داخل سبع طبقات وجعلهما في أعلا الوجه بمنزلة الحارس على الرابية العالية  ....[ مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة ،   ج 1   ص 270]

 

*النور نوران : نورالبصيرة ونور البصر

   

     النور: الضوء المنتشر الذي يعين على الإبصار ، وذلك ضربان دنيوي وأخروي ، فالدنيوي ضربان : ضرب معقول بعين البصيرة وهو ما انتشر من الأمور الإلهية كنور العقل ونور القرآن .

 ومحسوس بعين البصر ، وهو ما انتشر من الأجسام النيرة كالقمرين والنجوم والنيرات . فمن النور الإلهي قوله تعالى { 4 ô‰s% Nà2uä!%y` šÆÏiB «!$# ֑qçR Ò=»tGÅ2ur ÑúüÎ7•B  } المائدة /15، وقال { $oYù=yèy_ur ¼çms9 #Y‘qçR ÓÅ´ôJtƒ ¾ÏmÎ/ †Îû Ĩ$¨Y9$# `yJx. ¼ã&é#sW¨B ’Îû ÏM»yJè=—à9$# }§øŠs9 8l͑$sƒ¿2 $pk÷]ÏiB 4} الأنعام / 122، وقال : { 4 $tB |MZä. “Í‘ô‰s? $tB Ü=»tGÅ3ø9$# Ÿwur ß`»yJƒM}$# `Å3»s9ur çm»oYù=yèy_ #Y‘qçR “ωök¨X ¾ÏmÎ/ `tB âä!$t±®S ô`ÏB $tRϊ$t6Ïã } الشورى / 52 ، وقال { `yJsùr& yyuŽŸ° ª!$# ¼çnu‘ô‰|¹ ÉO»n=ó™M~Ï9 uqßgsù 4’n?tã 9‘qçR `ÏiB ¾ÏmÎn/§‘  } الزمر / 22، وقال : { î‘qœR 4’n?tã 9‘qçR 3 “ωöku‰ ª!$# ¾Ín͑qãZÏ9 `tB âä!$t±o„  } النور / 35 ،

ومن المحسوس الذي بعين البصر نحو قوله { uqèd “Ï%©!$# Ÿ@yèy_ š[ôJ¤±9$# [ä!$u‹ÅÊ tyJs)ø9$#ur #Y‘qçR }  يونس / 5

وتخصيص الشمس بالضوء والقمر بالنور من حيث إن الضوء أخص من النور ، قال : { #\yJs%ur #ZŽÏY•B } الفرقان / 61 أي ذا نور .

ومما هو عام فيهما قوله : { Ÿ@yèy_ur ÏM»uHä>—à9$# u‘q‘Z9$#ur } الأنعام / 1 ، وقوله : { @yèøgs†ur öNà6©9 #Y‘qçR tbqà±ôJs? ¾ÏmÎ/} الحديد / 28 ،{ ÏMs%uŽõ°r&ur ÞÚö‘F{$# ͑qãZÎ/ $pkÍh5u‘ } الزمر / 69، ومن النور الأخروي قوله : { 4Ótëó¡o„ Nèdâ‘qçR tû÷üt/ öNÍk‰É‰÷ƒr&  } الحديد / 12، { z`ƒÏ%©!$#ur (#qãZtB#uä ¼çmyètB ( öNèdâ‘qçR 4Ótëó¡o„ šú÷üt/ öNÍk‰É‰÷ƒr& öNÍkÈ]»yJ÷ƒr'Î/ur tbqä9qà)tƒ !$uZ­/u‘ öNÏJø?r& $uZs9 $tRu‘qçR öÏÿøî$#ur !$uZs9 ( } التحريم / 8 ، { $tRrãÝàR$# ó§Î6tGø)tR `ÏB öNä.͑qœR } الحديد / 13{ #qÝ¡ÏJtFø9$$sù #Y‘qçR } الحديد / 13 ، ويقال أنار الله كذا ونوره ، وسمى الله تعالى نفسه نورا حيث قال :{  ª!$# â‘qçR ÅVºuq»yJ¡¡9$# ÇÚö‘F{$#ur  } النور / 35 وتسميته تعالى بذلك لمبالغة فعله

[المفردات في غريب القرآن ،ج 1   ص 508]

 

 إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

فهذه الحلقة الرابعة في موضوع البصروستكون بعنوان:

*الفرق بين البصر والبصيرة

     البصر هو الرؤيه بالعين لكل شيء تقع عليه عيناك , فمدار البصر العين فإذا تعطل عملها لسبب ما توقفت الحاسه
أما البصيره فهي نور في القلب يبصر به العبد ما لا تبصره العين وإن عميت أو تعطلت عن العمل , ولا علاقه للبصيره بالبصر , فمدار عمل البصيره هو القلب.
فالبصيره نور يقذفه الله في القلب فيرى حقيقة الأشياء , ويدرك بها ما أخبرت به الرسل كأنه يشاهده رأى العين.
يقول بعض العارفين : البصيرة تحقق الإنتفاع بالشيء وعدم التضرر به , والبصيرة ايضا" ما خلصك من الحيرة , إما بإيمان وإما بعيان.
 ولا تكتمل البصيرة إلا بإكتمال درجاتها في الأسماء والصفات والأمر والنهي والوعد والوعيد.
وتتفاوت درجات البصيرة عند الناس بحسب معرفتهم وتعلمهم لأمور الدين الحق , والعلم بفساد الشبهات

المخالفه للحقائق.
                        ويظهر ذلك بعدم تأثر إيمان العبد بشبهه تعارض ما وصف الله به نفسه من الأسماء والصفات , وأن يشهد قلبك الرب تبارك وتعالى مستويا" على عرشه بما يليق به من غير تشبيه. 

وأما من عميت بصيرتهم فهم  أهل الكلام  الباطل  الذين  يدل عليهم الجهل المطبق بأمور الدين , وتمكن الشبه الباطلة من قلوبهم.
 وهناك البصيرة الفطرية التي تجدها عند عامة الناس البسطاء , فهم أفضل حالا" من أهل الكلام الباطل إذا ابتعدت فطرتهم عن البدع والانحرافات الدينية.
ومن درجات البصيرة تلقي الاوامر والنواهي الالهية دون اعتراض أو تأويل لاخراج الامر والنهي عن حقيقته كما فعلت اليهود وغيرهم.
    ومن البصيرة انك ترى ما وعد به من جنات النعيم في الاخره حقيقة كما ترى الاشياء بعينك وكذلك يقشعر بدنك بالوعيد الالهي من العذاب والنار لمن عصى وتكبر من العباد.

  فالبصيرة تشهد قيام الله على كل نفس بما كسبت في الخير والشر في دار العمل ودار الجزاء والبقاء وذلك من كمال عدله وحكمته.
  وعلى حسب قوة البصيرة تكون الفراسة سواء فراسه ايمانية او فراسة مكتسبه.
فالفراسة الايمانية العلوية مختصة بأهل الايمان وهي فراسة الصادقين العارفين بالله الذين تعلقت همتهم بمحبة الله وطاعته ودعوة الناس إليه،قال تعالى :        

 

{ $pk¨XÎ*sù  Ÿw  ‘yJ÷ès? ㍻|Áö/F{$#  `Å3»s9ur  ‘yJ÷ès? Ü>qè=à)ø9$#  ÓÉL©9$#  ’Îû Í ‘r߉Á9$# } الحج / 46
قال ابن كثير رحمه الله : أي ليس العمى عمى البصر وإنما العمى عمى البصيرة وإن كانت القوة الباصرة سليمة فإنها لا تنفذ إلى العبد ولا تتدرى ماالخبر                   [ FORUMS        COOLWORLDS   ،  موقع على الأنتر نت ]

  إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

فهذه الحلقة الخامسة في موضوع البصر وستكون بعنوان: دور البصر في مراتب اليقين الثلاثأسفل النموذج

المراتب ثلاث:علم يقين يحصل عن الخبر، ثم تتجلى

حقيقة المخبر عنه للقلب أو البصر حتى يصير العلم به عين يقين ،ثم يباشره ويلابسه فيصير حق يقين فعلمنا بالجنة والنار الآن علم يقين ، فإذا أزلفت الجنة للمتقين في الموقف وبرزت الجحيم للغاوين وشاهدوهما عيانا كان  ذلك عين يقين كما قال تعالى : { žcãruŽtIs9 zOŠÅspgø:$# ، ¢OèO $pk¨XãruŽtIs9 šú÷ütã ÈûüÉ)u‹ø9$# } التكاثر / 6، 7  فإذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار فذلك حق اليقين [ مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين  ، ج 1   ص472]

*الخضوع للبدن والخشوع للبصر

    خَشَع بصرُه ، انكسَر ولا يقال أخْشعَ ...        وخَشَع يَخْشَع خُشُوعاً وتَخَشَّع ، إذا رَمَى ببصره نحوَ الأرض وخَفَض صوتَه وقوم خُشَّع والخُشُوع قريب من الخُضُوع إلا أن الخُضُوع في البَدَن والخُشُوع في البَصَر والصَّوتِ والإقناعُ رفعُ الرأس وإشْخاصُ البصر نحوَ الشيء لا يَصْرِفه عنه [ المخصص ،  ج 1   ص 113   للمؤلف:  أبي الحسن علي بن إسماعيل النحوي اللغوي الأندلسي]

 

*الفرق بين البصير والمستبصر

  إن البصير على وجهين أحدهما المختص بأنه يدرك المبصر إذا وجد وأصله البصر وهو صحة الرؤية ويؤخذ منه صفة مبصر بمعنى راءٍ ، والرائي هو المدرك للمرئي والقديم راءٍ بنفسه والآخر البصير بمعنى العالم ، تقول : منه هو بصير وله به بصر وبصير أي علم والمستبصر هو العالم بالشيء بعد تطلب العلم كأنه طلب الإبصار مثل المستفهم والمستخبر المتطلب للفهم والخبر ولهذا يقال إن الله بصير ولا يقال مستبصر ويجوز أن يقال إن الاستبصار هو أن يتضح له الأمر حتى كأنه يبصره ولا يوصف الله تعالى به لأن الاتضاح لا يكون إلا بعد الخفاء ومما يجري مع هذا [الفرق  ج 1   ص 88 للعسكري ]

*الفرق بين البصر والعين

    العين آلة البصر وهي الحدقة ، والبصر اسم للرؤية ولهذا يقال إحدى عينية عمياء ولا يقال أحد بصرية   أعمى وربما يجري البصر على العين الصحيحة مجازا ولا يجري على العين العمياء فيدلك هذا على أنه اسم للرؤية على ما ذكرنا ويسمى العلم بالشيء إذا كان جليا بصراً يقال لك فيه بصر يراد أنك تعلمه كما يراه غيرك [ الفرق  ج 1   ص  89 ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

فهذه الحلقة السادسة في موضوع البصر وستكون بعنوان:أنواع غض البصر في الشريعة :
  قال ابن تيمية : والله سبحانه قد أمر فى كتابه بغض البصر وهو نوعان :
1- غض البصر عن العورة

 2- وغضه عن محل الشهوة .

 فالأول :كغض الرجل بصره عن عورة غيره

وأما النوع الثاني : من النظر كالنظر إلى الزينة الباطنة من المرأة الأجنبية فهذا أشد من الأول كما أن الخمر أشد من الميتة والدم ولحم الخنزير ؛وعلى صاحبها الحد وتلك المحرمات إذا تناولها مستحلا لها كان عليه التعزير

لأن هذه المحرمات لا تشتهيها النفوس كما تشتهى الخمر. ا.هـ

  وقال ابن القيم :ومن النظر الحرام النظر إلى العورات وهي قسمان:عورة وراء الثياب،وعورة وراءالأبواب.

  وقال ابن تيمية : وكما يتناول غض البصر عن عورة الغير وما اشبهها من النظر إلى المحرمات فإنه يتناول الغض عن بيوت الناس؛فبيت الرجل يستر بدنه كما تستره ثيابه  ، وقد ذكر سبحانه غض البصر  وحفظ  الفرج بعد آية الإستئذان،وذلك أن البيوت سترة

  كالثياب التى على البدن،ما جمع بين اللباسين فى قوله تعالى{ ª!$#ur Ÿ@yèy_ /ä3s9 $£JÏiB šYn=y{ Wx»n=Ïß Ÿ@yèy_ur /ä3s9 z`ÏiB ÉA$t6Éfø9$# $YY»oYò2r& Ÿ@yèy_ur öNä3s9 Ÿ@‹Î/ºuŽ|  ãNà6‹É)s? §ysø9$# Ÿ@‹Î/ºty™ur Oä3ŠÉ)s? öNà6y™ù't/ } النحل / 81 فكل منهما وقاية من الأذى الذى يكون سموما مؤذيا كالحر والشمس والبرد وما يكون من بنى آدم من النظر بالعين واليد وغير ذلك . [ مجموع الفتاوى 15/ 379،  414،مدارج السالكين ج: 1 ص: 117، سلسلة رسائل إصلاح الأسرة، الأنتر نت ]

*يُسأل المرء عن بصره يوم القيامه

 قال تعالى:{ 4 ¨bÎ) yìôJ¡¡9$# uŽ|Çt7ø9$#ur yŠ#xsàÿø9$#ur ‘@ä. y7Í´¯»s9'ré& tb%x. çm÷Ytã Zwqä«ó¡tB  }الإسراء /36 معناه يُسأل المرء عن سمعه وبصره وفؤاده , وقيل يُسأل السمع البصر والفؤاد عما فعله المرء فعلى هذا ترجع الإشارة في أولئك إلى الأعضاء , وعلى القول الأول ترجع إلى

 

أربابها . عن شكل بن حميد قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : يا نبي الله علمني تعويذاً أتعوذ به قال : فأخذ بيدي ثم قال : ( قل أعوذ بك من شر سمعي وشر بصري وشر فؤادي وشر لساني وشر قلبي وشر منيي )قال فحفظتها  أخرجه أبو داود والنسائي والترمذي . وقال حديث حسن غريب

 [ تفسير الخازن المسمى لباب التأويل في معاني التنزيل  ،ج 4 ص 159 ]  

 إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

 

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

فهذه الحلقة السابعة في موضوع البصر وستكون بعنوان: البصير هو الله

في هذه العجالة سنتناول عقيدة أهل السنة في باب الصفات وآثار الإيمان بالأسماء والصفات ، ثم نأتي على صفة البصير .

*الفرق بين الاسم والصفة

يتميز الاسم عن الصفة بأمور منها:

أولاً: أن الأسماء يشتق منها صفات، أما الصفات؛ فلا يشتق منها أسماء، فنشتق من أسماء الرحيم والقادر والعظيم، صفات الرحمة والقدرة والعظمة، لكن لا نشتق من صفات الإرادة والمجيء اسم المريد والجائي . ثانياً: أن الاسم لا يُشتق من أفعال الله؛ فلا نشتق

 

 

 

    

 

من كونه يحب ويكره ويغضب اسم المحب والكاره والغاضب، أما صفاته؛ فتشتق من أفعاله فنثبت له صفة المحبة والكره والغضب ونحوها من تلك الأفعال.

ثالثاً: الأسماء يجوز أن يتعبد الله بها فنقول: عبد الكريم، وعبد الرحمن، وعبد العزيز، لكن لا يُتعبد بصفاته؛ فلا نقول: عبد الكرم، وعبد الرحمة، وعبد العزة.

رابعًا: الأسماء يدعى الله بها بخلاف الصفات فنقول: يا رحيم ! ارحمنا، ويا كريم! أكرمنا، ويا لطيف! الطف بنا، لكن لا ندعو صفاته فنقول: يا رحمة الله! ارحمينا، أو: يا كرم الله ! أو: يا لطف الله !

ذلك أن الصفة ليست هي الموصوف؛ فالرحمة

 ليست هي الله، بل هي صفةٌ لله.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: إنَّ مسألة دعاءالله بأسمائه جائز مشروع كما جاءت به الأحاديث، وأمَّا دعاء صفاته وكلماته فكفر باتِّفاق المسلمين؛ فهل يقول مسلم: يا كلام الله! اغفر لي وارحمني وأغثني أو أعني، أو: يا علم الله، أو: يا قدرة الله، أو: يا عزَّة الله، أو: يا عظمة الله ونحو ذلك؟!

خامسًا: أن أسماء الله عَزَّ وجَلَّ وصفاته تشترك في الاستعاذة بها والحلف بها كقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ) رواه مسلم، لكن تختلـف في التعــبد والدعاء.

إن لأسماء الله الحسنى وصفاته العلى ثمارا مستطابة على قلب العبد المؤمن، وهذا القلب كلما انطرح في بيداء المطالعة والتبصر والاعتبار وتعرض لشمس التوحيد التي أشرقت عليه توالت عليه بشائر المعرفة فانصبغ القلب بصبغتها وعُمِرَ باطنه وظاهره بالعبودية وسلم من أدواء الشبهات وأمراض الشهوات، فغشيته السكينة ونزلت عليه الطمأنية ورزق بإذن بارئه وفاطره الثبات حتى الممات.

*التعبد بالأسماء والصفات:

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي : وهذا فصل عظيم النفع والحاجة، بل الضرورة ماسة إلى معرفته والعناية به معرفةً واتصافاً وذلك: أن الإيمان هو كمال العبد، وبه ترتفع درجاته في الدنيا والآخرة.

والإيمان أعظم المطالب وأهمها وأعمها: وقد جعل الله له موارد كبيرة تجليه وتقويه، ـ كما كان له أسباب تضعفه وتوهيه.. وأعظمها: معرفة أسماء الله الحسنى الواردة في الكتاب والسنة، والحرص على فهم معانيها، والتعبد لله بها.  فقد ثبت في الصحيحين عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أنه قال: ((إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ)) رواه البخاري ومسلم .

أي: من حفظها وفهم معانيها، واعتقدها، وتعبد لله بها دخل الجنة . والجنة لا يدخلها إلا المؤمنون. فعلم: أن ذلك أعظم ينبوع ومادة لحصول الإيمان وقوته وثباته.

ومعرفة الأسماء الحسنى هي أصل الإيمان، والإيمان يرجع إليها. ومعرفتها تتضمن أنواع التوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية، وتوحيد الإلهية، وتوحيد الأسماء والصفات . وهذه الأنواع هي روح الإيمان ورواحه، وأصله وغايته . فكلما ازداد العبد معرفة بأسماء الله وصفاته، ازداد إيمانه، وقوي يقينه. فينبغي للمؤمن: أن يبذل مقدوره ومستطاعه في معرفة الأسماء والصفات.

معنى إحصائها:

قال أبو نعيم الأصبهاني : الإحصاء المذكور في الحديث ليس هو التعداد، وإنما هو العمل والتعقل بمعاني الأسماء والإيمان بها .

وقال العز بن عبد السلام رحمه الله: فهم معاني أسماء الله تعالى وسيلة إلى معاملته بثمراتها من الخوف والرجاء والمهابة والمحبة والتوكل وغير ذلك من ثمرات معرفة الصفات

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة الثامنة في موضوع البصر وستكون بعنوان:مراتب التعبد بالأسماء والصفات:

تنقسم هذه العبادة إلى مراتب، وهي راجعة إلى يقين القلب وخضوعه وذله لله جل جلاله، وتفاوت الناس في هذه العبادة بحسب تفاوتهم في معرفة النصوص النبوية وفهمها والعلم بفساد الشُبَه المخالفة لحقائقها.

قال العز ابن عبد السلام : وقد يحصل التحديق إلى هذه الصفات من غير تذكر ولا استحضار، والعارفون متفاوتون في كثرة ذلك وقلته وانقطاعه ومداومته، فهم في رياض المعرفة يتقلبون، ومن نضارة ثمارها يتعجبون، ولا تستمر الأحوال لأحد منهم على الدوام والاتصال لتقلب القلوب وتنقل الأحوال، والغفلات حجب على العارف مسدلات، إن أسدلت على جميعها نكص العارف إلى طبع البشر، فربما وقعت منه الهفوات والزلات فإذا انكشف الحجاب عن بعض الصفات ظهرت آثار تلك الصفة وأينعت أثمارها.

وأكمل الناس في هذا الباب من عبد الله بجميع أسمائه وصفاته ونال قصب السبق في عبودية الله بها، وهذه منزلة تحقيق العبودية بالأسماء والصفات،

قال ابن القيم : وأكمل الناس عبودية  المتعبد  بجميع الأسماء والصفات التي يطلع عليها البشر فلا تحجبه عبودية اسم عن عبودية اسم آخر كمن يحجبه التعبد باسمه القدير عن التعبد باسمه الحليم الرحيم أو يحجبه عبودية اسمه المعطي عن عبودية اسمه المانع أو عبودية اسمه الرحيم والعفو والغفور عن اسمه المنتقم أو التعبد بأسماء التودد والبر واللطف والإحسان عن أسماء العدل والجبروت والعظمة والكبرياء ونحو ذلك وهذه طريقة الكُمل من السائرين إلى الله وهي طريقة مشتقة من قلب القرآن قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} الأعراف /180.

*ثمرات الإيمان بالأسماء والصفات:

1ـ أن العبد يسعى إلى الاتصاف والتحلِّي بها على ما يليق به، فالله كريم يحب الكرماء، رحيم يحب الرحماء، رفيق يحب الرفـق، فإذا علم العبد ذلك ؛ سعى إلى التحلي بصفات الكرم والرحمة والرفق، وهكذا في سائر الصفات التي يحب الله تعالى أن يتحلَّى بها العبد على ما يليق بالعبد.

قال الإمام ابن القيم رحمه الله: وأحب الخلق إلى

 الله من اتصف بمقتضيات صفاته فانه كريم يحب الكريم من عباده وعالم يحب العلماء وقادر يحب الشجعان وجميل يحب الجمال...،وهو سبحانه وتعالى رحيم  يحب الرحماء وإنما يرحم من عباده الرحماء وهو ستير  يحب من يستر على عباده وعفو  يحب من يعفوا عنهم من عباده وغفور  يحب  من يغفر لهم من عباده ولطيف  يحب اللطيف من عباده ويبغض الفظ الغليظ القاسي الجعظري الجواظ ورفيق  يحب الرفق وحليم  يحب الحلم...ومن عامل خلقه بصفة عامله الله تعالى بتلك الصفة بعينها في الدنيا والآخرة، فالله تعالى لعبده على حسب ما يكون العبد لخلقه ...،فكما تدين تدان وكن كيف شئت فان الله تعالى لك كما تكون أنت لعباده .

2ـ  تورث تعظيمه تعالى: قال الشيخ السعدي رحمه الله: وهو تعالى موصوف بكل صفة كمال، وله من ذلك الكمال الذي وصف به أكمله وأعظمه وأجله، فله العلم المحيط، والقدرة النافذة، والكبرياء والعظمة، حتى أن من عظمته أن السموات والأرض في كف الرحمن كالخردلة في يد المخلوق، ...وهو تعالى ... يستحق على العباد أن يعظموه بقلوبهم وألسنتهم وأعمالهم، وذلك ببذل الجهد في معرفته ومحبته، والذل له والخوف منه، وإعمال اللسان بالثناء عليه، وقيام الجوارح بشكره وعبوديته. ومن تعظيمه أن يطاع فلا يعصى ويذكر فلا ينسى، ويشكر فلا يكفر، ومن تعظيمه وإجلاله أن لا يعترض على شيء مما خلقه أو شرعه، بل يخضع لحكمته، وينقاد لحكمه.

وتعظيم الله تعالى يورث العبد الذل والافتقار بين يديه سبحانه وتعالى، ويحكى عن بعض العارفين أنه قال: دخلت على  الله من  أبواب الطاعات كلها فما دخلت من باب إلا رأيت عليه الزحام فلم أتمكن من الدخول حتى جئت باب الذل والافتقار فإذا هو أقرب باب إليه وأوسعه ولا مزاحم فيه ولا معوق فما هو إلا أن وضعت قدمي في عتبته فإذا هو سبحانه قد أخذ بيدي وأدخلني عليه.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة التاسعة في موضوع البصر وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*ثمرات الإيمان بالأسماء والصفات:

3- تورث العبد محبة الله جل جلاله: من تأمل أسماء الله وصفاته وتعلق بها طرحه ذلك على باب المحبة، وفتح له من المعارف والعلوم أمورا لا يعبر عنها، وإن من عرف الله أورثه ذلك محبة له سبحانه وتعالى.

وهذه المحبة عاطفة شرعية إيمانية وعبادة قلبية وهي محبة إجلال وتعظيم، ومحبة طاعة وانقياد يبرهن بها العبد على صدق عبوديته لمولاه تعالى . فالمحبة هي ثمرة معرفة أسماء الله وصفاته واعتقاد جماله وكماله وجلاله، والاعتراف بإحسانه وإنعامه .

4- تورث اليقين والطمأنينة: إن قلب العبد لا يزال يهيم على وجهه في أودية القلق وتعصف به رياح الاضطراب حتى يخالط الإيمان بأسماء الرب تعالى وصفته بشاشة قلبه، فحينئذ يبتهج قلبه ويأنس بقربه من معبوده جل جلاله ويحيى حياة طيبة ويصبح فارغا إلا من ذكر الله تعالى وذكر أسمائه وصفاته ويأتيه من روح اللذة والنعيم السرور وريحان الأمان والطمأنينة والحبورمايعجزعن ذكره التعبيرويقصرعن بيانه التقرير.

وحقيقة الطمأنينة التي  تصير بها النفس مطمئنة أن تطمئن في باب معرفة أسمائه وصفاته ونعوت كما له إلى خَبَرِه الذي أخبر به عن نفسه وأخبرت به عنه رسله فتتلقاه بالقبول والتسليم والإذعان وانشراح الصدر له وفرح القلب به فإنه معرفة من معرفات الرب سبحانه إلى عبده على لسان رسوله فلا يزل القلب في أعظم القلق والاضطراب في هذا الباب حتى يخالط الإيمان بأسماء الرب تعالى وصفاته وتوحيده وعلوه على عرشه وتكلمه بالوحي بشاشة قلبه فينزل ذلك عليه نزول الماء الزلال على القلب الملتهب بالعطش فيطمئن إليه ويسكن إليه ويفرح به ويلين له قلبه ومفاصله حتى كأنه شاهد الأمر كما أخبرت به الرسل بل يصير ذلك لقلبه بمنزلة رؤية الشمس في الظهيرة لعينه فلو خالفه في ذلك من بين شرق الأرض وغربها لم يلتفت إلى خلافهم وقال إذا استوحش من الغربة: قد كان الصديق الأكبر مطمئنا بالإيمان وحده وجميع أهل الأرض يخالفه وما نقص ذلك من طمأنينتة شيئا، فهذا أول درجات الطمأنينة ثم لا يزال يقوى كلما سمع بآية متضمنة لصفة من صفات ربه وهذا أمر لا نهاية له فهذه الطمأنينة أصل أصول الإيمان التي قام عليه بناؤه.

ومن عبد الله بأسمائه وصفاته وتحقق معرفة خالقه جل وعلا ، وعظمه حق التعظيم فإنه ولا شك يصل إلى درجة اليقين ...

فاليقين هو  الوقوف على ما قام بالحق من أسمائه وصفاته ونعوت كماله وتوحيده وهذه الثلاثة أشرف علوم الخلائق  علم الأمر والنهي وعلم الأسماء والصفات والتوحيد وعلم المعاد واليوم الآخر  .

5- تورث زيادة الإيمان: قال شيخ الإسلام ابن تيمية : من عرف أسماء الله ومعانيها فآمن بها كان إيمانه أكمل ممن لم يعرف تلك الأسماء بل آمن بها إيمانا مجملا ؛ فكلما ازداد العبد معرفة بأسماء الله وصفاته، ازداد إيمانه، وقوي يقينه . فينبغي للمؤمن: أن يبذل مقدوره ومستطاعه في معرفة الأسماء والصفات.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة العاشرة في موضوع البصر وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*ثمرات الإيمان بالأسماء والصفات:

6- تورث زيادة في الطاعات البدنية: لما كان القلب للجوارح  كالملك المتصرف في الجنود الذي تصدر كلها عن أمره ويستعملها فيما يشاء فكلها تحت عبوديته وقهره وتكسب منه الاستقامة والزيغ وتتبعه فيما يعقده من العزم أو يلحه   ؛ كانت لهذه الثمرات التي يجنيها القلب من توحيد الله بأسمائه وصفاته سريان إلى الجوارح، ولا بدَّ، فكلما قوي سراج الإيمان في القلب وأضاءت جهاته كلها به وأشرق نوره في أرجائه سرى ذلك النور إلى الأعضاء وانبعث إليها فأسرعت الإجابة لداعي الإيمان وانقادت له طائعة مذللة غير

متثاقلة ولا كارهة بل تفرح بدعوته حين يدعوها.

7- تُطْلِعُ العبدَ على خسةِ الدنيا: فالدنيا زائلة خسيسة ومن تعلق بالأسماء الحسنى والصفات العلى تبين له حقيقة هذه الدنيا،

قال ابن القيم: فأول شواهد السائر إلى الله والدار الآخرة أن يقوم به شاهد من الدنيا وحقارتها وقلة وفائها وكثرة جفائها وخسة شركائها وسرعة انقضائها ويرى أهلها وعشّاقها صرعى حولها قد خذلتهم وعذبتهم بأنواع العذاب وأذاقتهم أمرّ الشراب أضحكتهم قليلا وأبكتهم طويلا سقتهم كؤوس سمها بعد كؤوس خمرها فسكروا بحبها وماتوا بهجرها، فإذا قام بالعبد هذا الشاهد منها ترحل قلبه عنها وسافر في طلب الدار الآخرة وحينئذ يقوم بقلبه شاهد من الآخرة ودوامها وأنها هي الحيوان حقا فأهلها لا يرتحلون منها ولا يظعنون عنها بل هي دار القرار ومحط الرحال ومنتهى السير وأن الدنيا بالنسبة إليها كما قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلا مِثْلُ مَا يَجْعَلُ أَحَدُكُمْ إِصْبَعَهُ هَذِهِ - وَأَشَارَ يَحْيَى بِالسَّبَّابَةِ- فِي الْيَمِّ فَلْيَنْظُرْ بِمَ تَرْجِعُ)[رواه مسلم  / ج4  ، ص 2193]

وقال بعض التابعين: ما الدنيا في الآخرة إلا أقل من ذرة واحدة في جبال الدنيا

 ثم يقوم بقلبه شاهد من النار وتوقدها واضطرامها وبعد قعرها وشدة حرها وعظيم عذاب أهلها فيشاهدهم وقد سيقوا إليها سود الوجوه زرق العيون والسلاسل والأغلال في أعناقهم...فإذا قام بقلب العبد هذا الشاهد انخلع من الذنوب والمعاصي واتباع الشهوات ولبس ثياب الخوف والحذر وأخصب قلبه من مطر أجفانه وهان عليه كل مصيبة تصيبه في غير دينه وقلبه.

8- معرفة الأسماء والصفات تجعل العبد يتنقل بين درجات الرجاء والخوف: فالخوف والرجاء جناحي الإيمان وبهما يصل العبد لمرضاة الرحمن،ويظهر أثر الإيمان بالأسماء الحسنى والصفات العلى في مواطن عدة منها:

* أن العبد إذا آمن بصفة [الحب والمحبة] لله تعالى وأنه سبحانه [رحيم ودود] استأنس لهذا الرب، وتقرَّب إليه بما يزيد حبه ووده له،وحبُّ الله للعبد مرتبطٌ بحبِ العبدِ لله، وإذا غُرِست شجرةُ المحبة في القلب، وسُقيت بماء الإخلاص،ومتابعة الحبيب صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أثمرت أنواعَ الثمار، وآتت أُكُلَها كلَّ حينٍ بإذن ربها.

* ومنها: أنه إذا آمن العبد بصفات: [العلم، والإحاطة، والمعية] ؛ أورثه ذلك الخوف من الله عَزَّ وجَلَّ المطَّلع عليه الرقيب الشهيد، فإذا آمن بصفة [السـمع]؛ علم أن الله يسمعه؛ فلا يقول إلا خيراً،

 

فإذا آمن بصفات [البصر، والرؤية، والنظر، والعين] ؛ علم أن الله يراه ؛ فلا يفعل إلا خيراً.                * ومن ثمرات الإيمان بصفات الله: أن لا ينازع العبدُ اللهَ في صفة [الحكم، والألوهية، والتشريع، والتحليل، والتحريم] ؛ فلا يحكم إلا بما أنزل الله، ولا يتحاكم إلا إلى ما أنزل الله . فلا يحرِّم ما أحلَّ الله، ولا يحل ما حرَّم الله.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة الحادية عشرة في موضوع البصر وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

*ثمرات الإيمان بالأسماء والصفات:

* ومن ثمرات الإيمان بصفات الله عَزَّ وجَلَّ: تَنْزِيه الله وتقديسه عن النقائص، ووصفه بصفات الكمال، فمن علم أن من صفاته [القُدُّوس، السُّبُّوح ]؛ نَزَّه الله مـن كلِّ عيبٍ ونقصٍ.

* ومنها أن الإيمان بصفة [الكلام] وأن القرآن كلام الله يجعل العبد يستشعر وهو يقرأ القرآن أنه يقرأ كلام الله، فإذا قرأ: {يَا أَيُّهَا الإنسان مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} الانفطار/6 . أحسَّ أن الله يكلمه ويتحدث إليه، فيطير قلبه وجلاً، وأنه إذا آمن بهذه الصفة، وقرأ في الحديث الصحيح ( أن الله سيكلمه يوم القيامة، ليس بينه وبينه ترجمان ) استحى أن يعصي الله في الدنيا،وأعد لذلك الحساب والسؤال جواباً.

9- يورث العبد حسن الظن بالله: القلب الممتلئ بأسماء الله وصفاته علما ومعرفة يضع الرجاء بالله تعالى وحسن الظن  في محله اللائق به، فحسن الظن إنما يكون مع انعقاد أسباب النجاة وأما مع انعقاد أسباب الهلاك فلا يتأتي إحسان الظن. فإن قيل: بل يتأتي ذلك ويكون مستند حسن الظن سعة مغفرة الله ورحمته وعفوه وجوده وأن رحمته سبقت غضبه وأنه لا تنفعه العقوبة ولا يضره العفو قيل: الأمر هكذا والله فوق ذلك وأجل وأكرم وأجود وأرحم ولكن إنما يضع ذلك في محله اللائق به فإنه سبحانه موصوف بالحكمة والعزة والانتقام وشدة البطش وعقوبة من يستحق العقوبة فلو كان معول حسن الظن على مجرد صفاته وأسمائه لاشترك في ذلك البر والفاجر والمؤمن والكافر ووليه وعدوه فما ينفع المجرم أسماؤه وصفاته وقد باء بسخطه وغضبه وتعرض للعنته ووقع في محارمه وانتهك حرماته بل حسن الظن ينفع من تاب وندم وأقلع وبدل السيئة بالحسنة واستقبل بقية عمره بالخير والطاعة ثم أحسن الظن فهذا حسن ظن والأول غرور والله المستعان.

وقال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله: كثيرًا ما يقرن الله سبحانه وتعالى بين ' السميع، البصير '، كمثل قوله: {وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعاً بَصِيراً} النساء: من الآية134. فكل من السمع والبصر محيط بجميع متعلقاته الظاهرة والباطنة، فالسميع هو الذي أحاط سمعه بجميع المسموعات، فكل ما في العالم العلوي والسفلي من الأصوات يسمعها سرها وعلانيتها، حتى كأنها لديه صوت واحد، لا تختلط عليه الأصوات، ولا تغلطه اللغات، والقريب منها والبعيد والسر والعلانية كلها عنده سواء . قال تعالى: {سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ} الرعد:10 .  وسمعه تعالى نوعان: أحدهما: سمعه لجميع الأصوات الظاهرة والخفية، وإحاطته بها إحاطة تامة . والثاني: سمع الإجابة منه للسائلين والعابدين والمتضرعين، فيجيبهم ويثيبهم، ومنه قول العبد في صلاته: سمع الله لمن حمده، أي استجاب الله لمن حمده وأثنى عليه وعبده، ومنه قول إبراهيم عليه السلام: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ  وَإِسْحَاقَ  إِنَّ  رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ}  ابراهيم /39 .

'وهو البصير' أي الذي أحاط بصره بجميع المبصرات في أقطار الأرض والسماوات، حتى أخفى ما يكون منها، فيرى دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء، ويرى جميع أعضائها الظاهرة والباطنة، حتى أنه يرى سريان القوت في أعضائها الصغار جدا، ويرى سريان المياه في الأشجار وأغصانها وعروقها وجميع النباتات، ويرى نياط عروق النملة والبعوضة وأصغر من ذلك .

فتبارك من تنبهر العقول عند التأمل لبعض صفاته المقدسة، وتشهد البصائر كماله وعظمته ولطفه، وخبرته بالغيب والشهادة والحاضر والغائب والخفي والجلي، ويرى تعالى خيانات العيون بلحظها، أي حين يلحظ العبد منظرا يخفيه على جليسه، فالله تعالى يراه في تلك الحالة التي يحرص على إخفاء ملاحظته عن كل أحد، ويرى تقلب الأجفان حين يقلبها الناظر من آدمي أو ملك أو جني أو حيوان،وحين يطبقها ويفتحها. قال تعالى: {الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ}  الشعراء/ 218 - 219 . وقال تعالى: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} غافر:19 .....   [مفكرة الإسلا م ، من:'أثر الأسماء والصفات في الإيمان'، الأنترنت ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة الثانية عشرة في موضوع البصر وستكون بعنوان:  إثبات صفة البصر والرؤية

     وكلتاهما عبارتان عن معنى واحد

 قال  تعالى :{ إن الله هو السميع البصير }   غافر/ 20  ، وقال : { إن الله بعباده لخبير بصير }    فاطر / 31، وقال : { إنه كان بعباده خبيرا بصيرا  }  الإسراء / 30، وقال : { وكان الله سميعا بصيرا  }  النساء / 134، وقال : { فسيرى الله عملكم  } التوبة / 105، وقال : { ألم يعلم بأن الله يرى }  العلق / 14 ، قال : { إنني معكما أسمع وأرى  } طه آية /46 [ الأسماء والصفات ، ج 1 ص 113 ، للبيهقي]

و صفة البصر؛ نثبت لله تعالى هذه الصفة كما يشاء، وكما يليق به وأنه يبصر ويرى كما في قوله تعالى  { ! ÓÍ_¯RÎ) !$yJà6yètB ßìyJó™r& 2”u‘r&ur  } وفائدة هذا الإثبات : أن العبد لا يعمل المعصية لا في الجهر ولا في السر، فلا يستخفي بمعصية مهما كانت، وفي أي مكان كان، ولو في الظلام الدامس، ولو في أبعد مكان؛ لأنه يعلم، علم اليقين أن الله يراه، وأنه لا يخفى عليه في أي مكان كان.
وزيادة على ذلك: أن الله قد وكل به من يحفظه من الملائكة ، ووكل به  من يحفظ أعماله من الكرام الكاتبين، وزيادة على ذلك: أن الله ينطق جوارحه في يوم القيامة بما عملت:{tPöqtƒ ߉pkôs? öNÍköŽn=tã öNßgçFt^Å¡ø9r&

 

 

 öNÍk‰Ï‰÷ƒr&ur Nßgè=ã_ö‘r&ur } النور/ 24 ، {    y‰Íky­ öNÍköŽn=tã öNßgãèôJy™ öNèd㍻|Áö/r&ur Nèdߊqè=ã_ur $yJÎ/ (#qçR%x. tbqè=yJ÷ètƒ  }فصلت/20 ،ولو حاسبهم الله بما يعلمه عنهم لكانت له الحجة عليهم، وذلك لأنه لا يظلم أحدا، ولا يظلم مثقال ذرة، ولكن من باب إقامة الحجة، ومن باب قطع المعاذير ، أن يقال له: هل ظلمك الكتبة؟ هؤلاء الكتبة الحافظون الكرام قد دونوا عليك كل شيء من أعمالك، فلا يستطيع العبد الإنكار، كذلك أيضا يقال له: هذه جوارحك قد نطقت وشهدت عليك، فهل جوارحك تكذب عليك؟ فلا يستطيع جوابا، وذلك لأنه يختم على أفواههم في ذلك اليوم؛يوم القيام

 

 

{ tPöqu‹ø9$# ÞOÏFøƒwU #’n?tã öNÎgÏdºuqøùr& !$uZßJÏk=s3è?ur öNÍk‰É‰÷ƒr& ߉pkôs?ur Nßgè=ã_ö‘r& $yJÎ/ (#qçR%x. tbqç6Å¡õ3tƒ}يس/ 65 . وهنالك عندما يرون هول الموقف ماذا يحدث؟ لا يكتمون الله حديثا، قال تعالى {   Ÿwur tbqßJçFõ3tƒ ©!$# $ZVƒÏ‰tn   } النساء /42  . يسول إليهم في أول الأمر! فينكرون كما حكى الله عنهم في قوله { «!$#ur $oYÎn/u‘ $tB $¨Zä. tûüÏ.Ύô³ãB } لأنعام /23 . قال تعالى {öÝàR$# y#ø‹x. (#qç/x‹x. #’n?tã öNÍkŦàÿRr&  } الأنعام / 24ولكن يعترفون بعد ذلك عندما يرون كثرة البينات وتظافرها.
    فالحاصل: أن من عقيدة أهل السنة: إثبات هاتين الصفتين لله على ما يليق بجلاله وعظمته، فيثبتون أن الله تعالى يسمع كل شيء ويبصر كل شيء، وأن سمعه يدرك الأصوات كلها، وأن بصره يدرك جميع المرئيات، وأنه لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماوات، وأن كل دقيق أو جليل فإنه يسمعه سبحانه، فهويسمع دبيب النملة السوداء في الليلة الظلماء على الصخرة الصماء يرى كل شيء ويسمع كل شيء، ولا يخفى عليه خافية، وسع كل شيء علما. [ موقع الشيخ عبدالله بن جبير  ، الأنترنت]

 إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة الثالثة عشرة في موضوع البصر وستكون بعنوان:  إثبات البصر و السمع لله عز وجل 

قال تعالى : { أبصر به و أسمع }تأويل الكلام ما أبصر الله لكل موجود و ما أسمعه لكل مسموع لا يخفى عليه من ذلك شيء ثم روى عن قتادة في قوله تعالى { أبصر به و أسمع } فلا أحد أبصر من الله و لا أسمع ، و قال ابن زيد :{ أبصر به و أسمع } يرى أعمالهم و يسمع ذلك منهم إنه كان سميعا بصيرا ، و قال البغوي رحمه الله تعالى : أي ما أبصر الله بكل موجود و أسمعه لكل مسموع ؛ أي لا يغيب عن سمعه و بصره شيء ، و قال تعالى لموسى و هرون عليهما السلام { إنني معكما أسمع و أرى }  طه / 64    قال ابن عباس رضي الله عنهما :أسمع دعاءكما فأجيبه و أرى ما يراد بكما فأمنعه لست بغافل عنكما فلا تهتما ، و قال تعالى لهما في موضع آخر { كلا فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون } و قال تعالى { È@è%ur (#qè=yJôã$# “uŽz|¡sù ª!$# ö/ä3n=uHxå } [ التوبة /105، و قال تعالى { ألم يعلم بأن الله يرى }  العلق / 41  ، و قال تعالى { الذي يراك حين تقوم و تقلبك في الساجدين إنه هو السميع العليم }  الشعراء / 022

 و قال تعالى { قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير }  المجادلة / 1 

 و قال البخاري رحمه الله تعالى في كتاب التوحيد : باب قول الله تعالى { و كان الله سميعا بصيرا } و روى عن أبي موسى رضي الله عنه قال :كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فكنا إذا علونا كبرنا فقال (اربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم و لا غائبا تدعون سميعا بصيرا قريبا ) ... و روى أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية  { إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها  } إلى قوله تعالى { سميعا بصيرا  } قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع إبهامه على أذنه و التي تليها على عينه قال أبو هريرة رضي الله عنه : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأها و يضع إصبعيه . قال ابن يونس قال المقرىء يعني { إن الله سميع بصير  } يعني أن لله سمعا و بصرا . قال أبو داود رحمه الله تعالى و هذا رد على الجهمية " اهـ

قلت ـ يعني أبو داود رحمه الله ـ أن الجهمية لا يثبتون لله تعالى اسما و لاصفة مما سمى ووصف نفسه تعالى به و أثبته له رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يثبتون أن الله هو السميع البصير و لا أنه يسمع و يرى ويبصر فرارا بزعمهم من التشبيه بالمخلوقين فنزهوه عن صفات كماله التي وصف بها نفسه وهو أعلم بنفسه و بغيره و شبهوه بالأصنام التي لا تسمع و لا تبصر قال الله عز وجل عن خليله إبراهيم عليه السلام في دعوته أباه إلى الله عز و جل  { يا أبت لم تعبد ما لا يسمع  ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا }   مريم /24  و قد أثبت الجهمية ـ قبحهم الله ـ حجة لعباد الأصنام و جوابا لإنكار خليل الله و جميع رسله عليهم فكان للكفار أن يقولوا و معبودكم أيضا لا يسمع و لا يبصر تعالى الله عما يقول الظالمون و الجاحدون علوا كبيرا ، و قالت المعتزلة : سميع بلا سمع بصير بلا بصر و اطردوا جميع أسمائه هكذا فأثبتوا أسماء و نفوا ما تتضمنه من صفات الكمال وهو عبارة عن إثبات الألفاظ دون المعاني و قولهم في الحقيقة راجع إلى قول الجهمية مخالف كل منهما للكتاب و السنة والعقول الصحيحة و الفطر السليمة

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة الرابعة عشرة في موضوع البصر وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: 

      إثبات البصر و السمع لله عز وجل 

و هدى الله تعالى بفضله أهل السنة لفهم كتابه و آمنوا بما وصف به نفسه و أقروا به كما أخبر و نفوا عنه التشبيه كما جمع تعالى بينهما في قوله عز وجل { 4 }§øŠs9 ¾ÏmÎ=÷WÏJx. Öäï†x« ( uqèdur ßìŠÏJ¡¡9$# 玍ÅÁt7ø9$#  }الشورى  11 [ معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول ،  ج 1   ص 233- 237للحكمي]

وضده ذم ونقص فغير جائز إثبات نقيضه بحال كما لو بطل استحقاق الصفة ب {لا تأخذه سنة ولا نوم } لم يبطل إلا إلى صفة نقص فلما تمدح بنفي رؤية البصر عنه لم يجز إثبات ضده ونقيضه بحال إذ كان فيه إثبات صفة نقص ولا يجوز أن يكون مخصوصا بقوله تعالى { ×nqã_ãr 7‹Í´tBöqtƒ îouŽÅÑ$¯R , 4’n<Î) $pkÍh5u‘ ×otÏß$tR }القيامة/ 23، 24 لأن النظر محتمل لمعان منه انتظار الثواب كما روي عن جماعة من السلف فلما كان ذلك محتملا للتأويل لم يجز الاعتراض [ أحكام القرآن ،  ج 4   ص 169 ،  للجصاص ]

*البصير من صفات الذات

  قال البيهقي : ومن أسامي صفات الذات ما يرجع إلى السمع وهو السميع  ومنها ما يرجع إلى البصر وهو البصير ومنها ما يرجع إلى الحياة وهو الحي ومنها ما يرجع إلى البقاء وهو الباقي ..[ شعب الإيمان ،  ج 1   ص 122 ، للبيهقي]

*الله لاتدركه الأبصار في الدنيا وهو يدركها

قال تعالى : {لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار } الأنعام / 103 يقال إن الإدراك أصله اللحوق نحو قولك :أدرك زمان المنصور وأدرك أبا حنيفة وأدرك الطعام أي لحق حال النضج وأدرك الزرع  والثمرة وأدرك الغلام إذا لحق  حال  الرجال  وإدراك  البصر  للشيء  لحوقه  له برؤيته إياه لأنه لا خلاف بين أهل اللغة أن قول القائل أدركت ببصري شخصا معناه رأيته ببصري ولا يجوز أن يكون الإدراك إلإحاطة لأن البيت محيط بما فيه وليس مدركا له فقوله تعالى   { لا تدركه الأبصار } معناه لا تراه الأبصار وهذا تمدح بنفي رؤية الأبصار كقوله تعالى { لا تأخذه سنة ولا نوم } البقرة / 255 ، وما تمدح الله بنفيه عن نفسه فإنه إثبات ،فإن قال قائل :فما معنى قوله تعالى { لا تدركه الأبصار  } قيل له يحتمل ان يكون لا تدركه في الدنيا وتدركه في الآخرة لأن رؤية الله تعالى أفضل اللذات وأفضل اللذات تكون في أفضل الدارين  

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة الخامسة عشرة في موضوع البصر وستكون بعنوان:

عدم رؤية الله في الدنيا بالأبصار ورؤيته في الآخرة  

ويحتمل أن يكون الله تعالى أراد بقوله { لا تدركه الأبصار  } يعنى لا تدركه أبصار الكافرين المكذبين وذلك أن كتاب الله يصدق بعضه بعضا

فلما قال في آية إن الوجوه تنظر إليه يوم القيامة وقال في آية أخرى إن الأبصار لا تدركه علمنا أنه إنما أراد أبصار الكافرين لا تدركه .

مسألة والجواب عنها

- فإن قال قائل : قد استكبر الله تعالى سؤال السائلين له أن يرى بالأبصار فقال{يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة}النساء/ 153

    فيقال لهم : إن بني إسرائيل سألوا رؤية الله عز وجل على طريق الإنكار لنبوة موسى صلى الله عليه وسلم وترك الإيمان به حتى يروا الله لأنهم قالوا لن نؤمن بك حتى نرى الله جهرة فلما سألوه الرؤية على طريق ترك الإيمان بموسى صلى الله عليه وسلم حتى يريهم الله نفسه استعظم الله سؤالهم من غير أن تكون الرؤية مستحيلة عليهم كما استعظم سؤال أهل الكتاب أن ينزل عليهم كتابا من السماء من غير أن يكون ذلك مستحيلا ولكن لأنهم أبوا أن يؤمنوا بنبي الله حتى ينزل عليهم من السماء كتابا

- دليل آخر :ومما يدل على إثبات رؤية الله تعالى بالأبصار رواية الجماعات من الجهات المختلفة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : (ترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر لا تضارون في رؤيته ) والرؤية إذا أطلقت إطلاقا ومثلت برؤية العيان لم يكن معناها إلا رؤية العيان ، ورويت الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من طرق مختلفة عديدة عدة رواتها أكثر من عدة خبر الرجم ومن عدة من روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا وصية لوارث )، ومن عدة رواة المسح على الخفين ، ومن عدة رواة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا تنكح المرأة على عمتها ولا خالتها ) وإذا كان الرجم ما ذكرناه سننا عند المعتزلة

 كانت الرؤية أولى أن تكون سنة لكثرة رواتها ونقلتها كذا يرويها خلف عن سلف والحديث لا حجة فيه لأنه عندما سأل سائل النبي صلى الله عليه وسلم عن رؤية الله عز وجل في الدنيا وقال له : هل رأيت ربك ؟

فقال : ( نورٌ انى أراه ) والعين لا تدرك في الدنيا الأنوار المخلوقة على حقائقها لأن الإنسان لو حدق ينظر إلى عين الشمس فأدام النظر إلى عينها لذهب أكثر نور بصره

    فإذا كان الله سبحانه حكم في الدنيا بأن لا تقوم العين بالنظر إلى عين الشمس فأحرى أن لا يثبت البصر للنظر إلى الله تعالى في الدنيا إلا أن يقويه الله تعالى فرؤية الله تعالى في الدنيا قد اختلف فيها

وقد روى عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله عز وجل تراه العيون في الآخرة

وما روى عن أحد منهم أن الله تعالى لا تراه العيون في الآخرة فلما كانوا على هذا مجتمعين وبه قائلين وإن كانوا في رؤيته تعالى في الدنيا مختلفين ثبتت في الآخرة إجماعا وإن كانت في الدنيا مختلفا فيها

ونحن إنما قصدنا إلى اثبات رؤية الله تعالى في الآخرة على أن هذه الرواية على المعتزلة لا لهم لأنهم ينكرون أن الله نور في الحقيقة

فإذا احتجوا بخبر هم له تاركون وعنه منحرفون كانوا محجوجين

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة السادسة عشرة في موضوع البصر وستكون بعنوان:

أدلة رؤية الله بالأبصار في الآخرة  

 دليل آخر :ومما يدل على رؤية الله تعالى بالأبصار أنه ليس موجود إلا وجائز أن يريناه الله عز وجل وإنما لا يجوز أن يرى المعدوم فلما كان ألله عز وجل موجودا مثبتا كان غير مستحيل أن يرينا نفسه عز وجل ،وإنما أراد من نفى رؤية الله عز وجل بالأبصار التعطيل فلما لم يمكنهم أن يظهروا التعطيل صراحا أظهروا ما يؤول بهم إلى التعطيل والجحود تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا

 دليل آخر

ومما يدل على رؤية الله سبحانه بالأبصار أن الله

 تعالى يرى الأشياء وإذا كان للأشياء رائيا فلا يرى الأشياء من لا يرى نفسه وإذا كان لنفسه رائيا فجائز أن يرينا نفسه وذلك أن من لم يعلم نفسه لا يعلم الأشياء

فلما كان الله تعالى عالما بالأشياء كان عالما بنفسه فكذلك من لا يرى نفسه لا يرى الأشياء

ولما كان الله عز وجل رائيا للأشياء كان رائيا لنفسه وإذا كان رائيا لها فجائز أن يرينا نفسه كما أنه لما كان عالما بنفسه جاز أن يعلمناها وقد قال تعالى  : { إنني معكما أسمع وأرى } طه / 46

فأخبر أنه يسمع كلا منهما ويراهما ومن زعم أن الله عز وجل لا يجوز أن يرى بالأبصار يلزمه أن لا يجوز ان يكون الله عز وجل رائيا ولا عالما ولا قادرا

 لأن العالم والقادر الرائي جائز أن يرى

دليل آخر

إن المسلمين اتفقوا على أن الجنة فيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر من العيش السليم والنعيم المقيم وليس نعيم في الجنة أفضل من رؤية الله تعالى بالأبصار

وأكثر من عبدالله تعالى عبده للنظر إلى وجهه الكريم أرانا الله إياه بفضله فإذا لم يكن بعد رؤية الله عز وجل أفضل من رؤية نبيه صلى الله عليه وسلم وكانت رؤية نبي الله أفضل لذات الجنة كانت رؤية الله عز وجل أفضل من رؤية نبيه صلى الله عليه وسلم

وإذا كان ذلك كذلك لم يحرم الله أنبياءه المرسلين وملائكته المقربين وجماعة المؤمنين والصديقين النظر إلى وجهه الكريم وذلك أن الرؤية لا تؤثر في المرئى لأن رؤية الرائي تقوم به فإذا كان هذا هكذا وكانت الرؤية غير مؤثرة في المرئى لم توجب تشبيهها ولا انقلابا عن حقيقة ولم يستحيل على الله عز وجل أن يرى عباده المؤمنين نفسه في جنانه

 مسألة في الرؤية : احتجت المعتزلة في أن الله عز وجل لا يرى بالأبصار بقوله تعالى { لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار } قالوا : فلما عطف الله عز وجل بقوله { وهو يدرك الأبصار } على قوله { لا تدركه الأبصار } وكان قوله { وهو يدرك الأبصار } على العموم أنه يدركها في الدنيا والآخرة وأنه يراها في الدنيا والآخرة  [ الإبانة عن أصول الديانة ،  ج 1   ص 47ـ 55 , للأشعري أبو الحسن ]   إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة السابعة عشرة في موضوع البصر وستكون بعنوان:النظر إلى وجه لله يوم القيامة

قال البخاري : قال تعالى : { وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة }  القيامة / 22 ، 23 ، يعنى : مبصرة لله تعالى ، ولو لم يكن هذا القول للنبى بالرؤيا نصًا لكان لنا فى قوله تعالى ما فيه كفاية لمن أنصف ، وذلك أن النظر إذا قرن بذكر الوجه لم يكن إلا نظر البصر ، وإذا قرن بذكر القلب كان بمعنى اليقين ، فلا يجوز أن ينقل حكم الوجوه إلى حكم القلوب .

فإن اعترض معترض علينا بقوله تعالى : { لا تدركه الأبصار } الأنعام /103  ، وأن ذلك على العموم . قيل : يحتمل أن يكون على العموم لولا ما خصه من

 

قوله عليه السلام : ( إنكم ترون ربكم كما ترون القمر والشمس وليس دونهما سحاب ) . [ شرح صحيح البخاري ،  ج 2   ص 133 ,  لابن بطال البكري القرطبي

قال ابن تيمية : وهذا الحديث متفق عليه من طرق كثيرة وهو مستفيض بل متواتر عند أهل العلم بالحديث اتفقوا على صحته [ منهاج السنة النبوية ،ج 2   ص 325 ، الطبعة : الأولى ، تحقيق : د. محمد رشاد سالم]

*والكلام في إثبات رؤية الله سبحانه بالأبصار في الآخرة كمايلي :

- قال الله تعالى { وجوه يومئذ ناضرة } القيامة / 22 يعنى مشرقة  { إلى ربها ناظرة  } القيامة / 23 ، يعنى رائية ، وليس يخلو النظر من وجوه نحن ذاكروها :   =إما أن يكون الله سبحانه عنى نظر الإعتبار كقوله تعالى { أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت } الغاشية / 17 ، أو يكون عنى نظر الأنتظار كقوله تعالى { ما ينظرون إلا صيحة واحدة } من الآية 49من سورة يس ،  أو يكون عنى نظر التعطف كقوله تعالى{ ولا ينظر إليهم يوم القيامة } من الآية 77 من سورة آل عمران  ، أو يكون عنى نظر الرؤية فلا يجوز أن يكون الله عز وجل عنى نظر التفكير والإعتبار لأن الآخرة ليست بدار اعتبار ولا يجوز أن يكون عنى نظر الانتظار لأن النظر إذا ذكر مع ذكر الوجه فمعناه نظر العينين اللتين في الوجه كما إذا ذكر أهل اللسان نظر القلب فقالوا أنظر في هذا الأمر بقلبك لم يكن معناه نظر العينين وكذلك إذا ذكر النظر مع الوجه لم يكن معناه نظر الانتظار الذي يكون للقلب وأيضا فإن نظر الانتظار لا يكون في الجنة لأن الانتظار معه تنغيص وتكدير وأهل الجنة في ما لا عين رأت ولا أذن سمعت من العيش السليم والنعيم المقيم

    وإذا كان هذا هكذا لم يجز أن يكونوا منتظرين لأنهم كلما خطر ببالهم شيء أتوا به مع حضوره ببالهم

    وإذا كان ذلك كذلك فلا يجوز أن يكون الله عز وجل أراد نظر التعطف لأن الخلق لا يجوز أن يتعطفوا على خالقهم وإذا فسدت الأقسام الثلاثة صح القسم الرابع من أقسام النظر وهو أن معنى قوله { إلى ربها ناظرة } أنها رائية ترى ربها عز وجل

 ومما يبطل قول المعتزلة : أن الله عز وجل أراد بقوله  { إلى ربها ناظرة } نظر الإنتظار أنه قال { إلى ربها ناظرة } ونظر الإنتظار لا يكون مقرونا بقوله {إلى } لأنه لا يجوز عند العرب أن يقولوا في نظر الانتظار    [ إلى ]ألا ترى أن الله تعالى لما قال { ما ينظرون إلا صيحة واحدة }  لم يقل [إلى ]إذ كان معناه الانتظار وقال عز وجل مخبرا عن بلقيس { فناظرة بم يرجع المرسلون } من الآية 35 من سورة النمل ؛ فلما أرادت الانتظار لم تقل [إلى ] ، وقال أمرؤ القيس

     فإنكما إن تنظراني ساعة من الدهر  ×××   تنفعني لدى أم جندب

فلما أراد الانتظار لم يقل [إلى ] فلما قال سبحانه    { إلى ربها ناظرة } علمنا أنه لم يرد الانتظار وإنما أراد نظر الرؤية لما قرن النظر بذكر الوجه وقرن الله عز وجل النظر بذكر الوجة أراد نظر العينين اللتين في الوجه كما قال { قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها } البقرة / 144

فذكر الوجه وإنما أراد تقلب عينيه نحو السماء ينظر نزول الملك عليه يصرف الله تعالى له عن قبلة بيت المقدس إلى القبلة

فإن قيل : لم قلتم إن قوله تعالى { إلى ربها ناظرة } إنما أراد إلى ثواب ربها ناظرة ؟

قيل له  : ثواب الله غيره والله سبحانه وتعالى قال { إلى ربها ناظرة } ولم يقل إلى غيره ناظرة والقرآن العزيز على ظاهره وليس لنا أن نزيله عن ظاهره إلا بحجة وإلا فهو على ظاهره ألا ترى أن الله عز وجل لما قال صلوا لي واعبدوني لم يجز أن يقول قائل إنه أراد غيره ويزيل الكلام عن ظاهره فلذلك لما قال { إلى ربها ناظرة } لم يجز لنا أن نزيل القرآن عن ظاهره بغير حجة

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة الثامنة عشرة في موضوع البصر وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

الرد على من انكر رؤية الله بالأبصار

ثم يقول للمعتزلة : إن جاز لكم أن تزعموا أن قول الله تعالى {  إلى ربها ناظرة  } إنما أراد به أنها إلى غيره ناظرة فلم لا جاز لغيركم أن يقول إن قول الله سبحانه وتعالى{ لا تدركه الأبصار } الأنعام / 103 أراد بها لا تدرك غيره ولم يرد أنها لا تدركه وهذا مما لا يقدرون على الفرق فيه

ودليل آخر

    ومما يدل على أن الله تعالى يرى بالأبصار قول موسى صلى الله عليه وسلم { رب أرني أنظر إليك } من الآية 143 من سورة الأعراف ، ولا يجوز ان يكون موسى صلوات الله عليه وسلامه وقد ألبسه الله جلباب النبيين وعصمه بما عصم به المرسلين قد سأل ربه ما يستحيل عليه فإذا لم يجز ذلك على موسى صلى الله عليه وسلم علمنا أنه لم يسأل ربه مستحيلا وأن الرؤية جائزة على ربنا تعالى ولو كانت الرؤية مستحيلة على ربنا تعالى كما زعمت المعتزلة ولم يعلم ذلك موسى صلى الله عليه وسلم وعلموه هم لكانوا على قولهم أعلم بالله من موسى صلى الله عليه وسلم

وهذا مما لا يدعيه مسلم فإن قال قائل ألستم تعلمون حكم الله في الظهار اليوم ولم يكن نبي الله صلى الله عليه وسلم يعلم ذلك قبل أن ينزل قيل له لم يكن يعلم نبي الله صلى الله عليه وسلم ذلك قيل أن يلزم الله العباد حكم الظهار فلما ألزمهم الحكم به أعلم نبيه صلى الله عليه وسلم قبلهم ثم أعلم نبي الله صلى الله عليه وسلم عباد الله ذلك ولم يأت عليه وقت لزمه حكمه فلم يعلم صلى الله عليه وسلم وأنتم زعمتم أن موسى صلى الله عليه وسلم وقت لزمه علمه وعلمتموه أنتم الآن لزمكم بجهلكم أنكم بما لزمكم العلم به الآن أعلم من موسى صلى الله عليه وسلم بما لزمه العلم به وهذا خروج عن دين المسلمين

ودليل آخر

    مما يدل على جواز رؤية الله تعالى بالأبصار قوله تعالى لموسى صلى الله عليه وسلم { فإن استقر مكانه فسوف تراني } من الآية 143 من سورة الأعراف فلما كان الله تعالى قادرا على أن يجعل الجبل مستقرا كان قادرا على الأمر الذي لو فعله لرآه موسى صلى الله عليه وسلم فدل ذلك على أن الله تعالى قادر أن يرى عباده نفسه وأنه جائز رؤيته فإن قال قائل فلم لا قلتم إن قول الله تعالى { فإن استقر مكانه فسوف تراني } من الآية 143 من سورة الأعراف  تبعيد الرؤية

قيل له لو أراد الله عز وجل تبعيد الرؤية لقرن الكلام بما يستحيل وقوعه ولم يقرنه بما يجوز وقوعه فلما قرنه باستقرار الجبل وذلك أمر مقدور لله سبحانه وتعالى دل ذلك على أنه جائز أن يرى الله تعالى ألا ترى أن الخنساء لما أرادت تبعيد صلحها لمن كان حربا لأخيها قرنت الكلام بأمر مستحيل فقالت :

   ولا أصالح قوما كنت حربهم ×××حتى تعود بياضا حلكة القارى

والله تعالى إنما خاطب العرب بلغتها وما نجده مفهوما في كلامها ومعقولا في خطابها فلما قرن الرؤية بأمر مقدور جائز علمنا أن رؤية الله بالأبصار جائزة غير مستحيلة

دليل آخر: قال الله عز وجل { للذين أحسنوا الحسنى وزيادة }يونس / 26 ؛ قال أهل التأويل النظر إلى الله

 عز وجل ولم ينعم الله تعالى على أهل الجنة بأفضل من نظرهم إليه ورؤيتهم له وقال تعالى { ولدينا مزيد } من الآية 35 من سورة ق ؛ قيل النظر إلى الله عز وجل وقال تعالى { تحيتهم يوم يلقونه سلام } من الآية 44 من سورة الأحزاب ؛ وإذا لقيه المؤمنون رأوه ،وقال تعالى { كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون } المطففين / 15،فحجبهم عن رؤيته ولا يحجب عنها المؤمنين [ الإبانة عن أصول الديانة ،  ج 1   ص35ـ 46 ،  للأشعري أبو الحسن ] وقال مقاتل : { للذين أحسنوا } ، يعنى وحدوا الله ، { الحسنى }، يعنى الجنة ، { وزيادة } ، يعنى فضل على الجنة النظر إلى وجه الله الكريم [ تفسير مقاتل بن سليمان ،   ج 2   ص 90 تحقيق : أحمد فريد]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة التاسعة عشرة في موضوع البصر وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:رؤية الله بالأبصار

وقال ابن تيمية : قال تعالى : { ¨bÎ) šúïÏ%©!$# (#qãZtB#uä z`ƒÉ‹©9$#ur (#rãy_$yd (#r߉yg»y_ur ’Îû È@‹Î6y™ «!$# y7Í´¯»s9'ré& tbqã_ötƒ |MyJômu‘ «!$# 4  } البقرة / 218 ؛ و { رحمته } اسم جامع لكل خير { وعذابه } اسم جامع لكل شر ودار الرحمة الخالصة هي الجنة ودار العذاب الخالص هي النار واما الدنيا فدار امتزاج ... والجنة اسم جامع لكل نعيم واعلاه النظر إلى وجه الله كما في صحيح مسلم عن عبد الرحمن بن ابى ليلى عن صهيب عن النبى صلى الله عليه وسلم قال ( اذا دخل اهل الجنة الجنة نادى مناد يا اهل الجنة ان لكم عند الله موعدا يريد ان ينجزكموه فيقولون ما هو الم يبيض وجوهنا الم يثقل موازيننا ويدخلنا الجنة وينجينا من النار قال فيكشف الحجاب فينظرون إليه فما اعطاهم شيئا احب اليهم من النظر إليه ) وهو الزيادة [كتب ورسائل وفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ،   ج 10   ص 62،  تحقيق : عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي النجدي ]

   وأخرج البخاري بسنده من حديث  جَرِيرِ قال كنا عِنْدَ النبي صلى الله عليه وسلم فَنَظَرَ إلى الْقَمَرِ لَيْلَةً يَعْنِي الْبَدْرَ فقال : (إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كما تَرَوْنَ هذا الْقَمَرَ لَا تُضَامُّونَ في رُؤْيَتِهِ فَإِنْ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا على صَلَاةٍ قبل طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا ثُمَّ قَرَأَ { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قبل طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ  }

 وأخرج مسلم بسنده من حديث قَيْسُ بن أبي حَازِمٍ قال سمعت جَرِيرَ بن عبد اللَّهِ وهو يقول كنا جُلُوسًا عِنْدَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ نَظَرَ إلى الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ فقال :أَمَا إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كما تَرَوْنَ هذا الْقَمَرَ لَا تُضَامُّونَ في رُؤْيَتِهِ فَإِنْ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا على صَلَاةٍ قبل طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا يَعْنِي الْعَصْرَ وَالْفَجْرَ ثُمَّ قَرَأَ جَرِيرٌ {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قبل طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا }

وكمال النعيم في الدار الآخرة برؤيته وسماع كلامه وقربه ورضوانه لا كما يزعم من يزعم أنه لا لذة في الآخرة إلا بالمخلوق من المأكول والمشروب والملبوس والمنكوح بل اللذة والنعيم التام في حظهم من الخالق تعالى أعظم مما يخطر بالبال أو يدور في الخيال وفي دعاء النبي الذي رواه الإمام أحمد في مسنده وابن حبان والحاكم في صحيحيهما ( أسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة وفتنة مضلة ) ولهذا قال تعالى في حق إعداء الله { إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ثم إنهم لصالوا الجحيم }  فعذاب الحجاب  من  أعظم  أنواع  العذاب  الذي  يعذب  به  أعداءه  ولذة النظر إلى وجه الله الكريم أعظم أنواع اللذات التي ينعم بها أولياؤه ولا تقوم حظوظهم من سائر المخلوقات مقام حظهم من رؤيته وسماع كلامه والدنو منه وقربه [ طريق الهجرتين وباب السعادتين ،  ج 1   ص 102، 103 لابن القيم ]

    فاعظم نعيم الآخرة ولذاتها النظر إلى وجه الله جل جلاله وسماع كلامه والقرب منه كما ثبت في الصحيح في حديث الرؤية ( فوالله ما أعطاهم شيئا أحب اليهم من النظر اليه ) وفي حديث اخر  ( إنه اذا تجلى لهم ورأوه نسوا ما هم فيه من النعيم )

 فلله كم من مورد هلكة أورداه ، ومصدر رديء عنه أصدراه فمن أحب أن يحيا سعيدا أو يعش حميدا فليغض من عنان طرفه ولسانه ليسلم من الضرر، فإنه كامن في فضول الكلام وفضول النظر وقد صرح الصادق المصدوق بأن العينين تزنيان وهما أصل زنى الفرج ، فإنهما له رائدان ، وإليه داعيان ، وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجأة فأمر السائل أن يصرف بصره . فأرشده إلى ما ينفعه ويدفع عنه ضرره . أو ما سمعت قول العقلاء : من سرح ناظره ، أتعب خاطره، ومن كثرت لحظاته ، دامت حسراته ، وضاعت عليه أوقاته ، وفاضت عبراته .

 إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة  العشرون في موضوع البصر وستكون بعنوان:

قال ابن القيم في الخصام بين القلب والبصر  :   تمتعتما يا مقلتي بنظر، وأوردتما قلبي أمر الموارد     أعيني كفا عن فؤادي فإنه ، من الظلم سعي اثنين في قتل واحد

قالت العين : ظلمتني أولا وآخرا ، وبؤت بإثمي باطنا وظاهرا ، وما أنا إلا رسولك الداعي إليك  ،  ورائدك الدال عليك ، فأنـت الملـك المطـاع   ، ونحن الجنود والأتباع ،  أركبتني في حاجتك خيل البريد ، ثم أقبلت علي بالتهديد والوعيد ،  فلو أمرتني أن أغلق علي بابي  ، وأرخي علي حجابي لسمعت وأطعت ولما  ،  رعيت في الحمى ورتعت ، أرسلتني في صيد قد نصبت لك حبائله وشراكه ، واستدارت  حولك   

فخاخه وشباكه  ،  فغدوت أسيرا  بعد أن كنت أميرا  ، وأصبحت مملوكا بعد أن كنت ملكا .
  هذا وقد حكم لي عليك سيد الأنام  وأعدل الحكام عليه الصلاة والسلام حيث يقول : ( إنّ في الجسد مضغة إذا صلحت صلح لها سائر الجسد وإذا فسدت فسد لها سائر الجسد ألا وهو القلب ) وقال أبو هريرة رضي الله عنه : القلب ملك والأعضاء جنوده فإذا طاب الملك طابت جنوده وإذا خبث خبثت جنوده .
ولو أنعمت النظر لعلمت أنّ فساد رعيتك بفسادك وصلاحها ورشدها برشادك ،ولكنك هلكت وأهلكت رعيتك ، وحملت على العين الضعيفة خطيئتك ،وأصل بليتك إنه خلا منك حب الله وحب ذكره وكلامه وأسمائه وصفاته و أقبلت على غيره وأعرضت عنه ، وتعوضت بحب من سواه والرغبة فيه عنه .
    هذا وقد سمعت ما قص عليك من إنكاره سبحانه على بني إسرائيل استبدالهم طعاما بطعام أدنى منه ، فذمهم على ذلك ونعاه عليهم ، وقال : { أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير } فكيف بمن استبدل بمحبة خالقه وفاطره ووليه ومالك أمره ، الذي لا صلاح له ولا فلاح ، ولا نعيم ولا سرور ، وفرحة ونجاة إلا بأن يوحده في الحب ويكون أحب إليه ممن سواه فانظر ـ بالله ـ بمن استبدلت ، وبمحبة من تعوضت . رضيت لنفسك بالحبس في الحش وقلوب محبيه تجول حول العرش .
فلو أقبلت عليه وأعرضت عمن سواه لرأيت العجائب ولأمنت من المتالف والمعاطب ، أو ما علمت أنه خص بالفوز والنعيم من أتاه بقلب سليم . أي سليم ممن سواه ، ليس فيه غير حبه واتباع رضاه .

[ الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي (الداء والدواء) ،  ج 1   ص 167 ، ( ابن القيم ) ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة الواحدة والعشرون في موضوع البصر وستكون بعنوان:

المحرومون من النظر إلى وجه الله الكريم

أو نظر الله إليهم

    إن أعظم ما يتنعم به أهل الجنة يوم القيامة النظر الى وجه الله الكريم قال تعالى :{ وجوه يومئذ ناضرة . إلى ربها ناظرة} ومن أعظم العذاب يوم القيامة الحرمان من النظر إلى وجه الله تعالى وهم فئات منهم : 

 1-  الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً ( صاحب اليمين الكاذبة  )قال تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَـئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ  }   آل عمران / 77
2- الحاكم الذي يحتجب عن رعيته ولا ينظر في حاجتهم وفقرهم ،عن أبي مريم الأزدي رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من ولي من أمور المسلمين شيئاً ،فاحتجب دون خلّتهم ،وحاجتهم ،وفقرهم، وفاقتهم، احتجب الله عنه يوم القيامة، دون خلّته ، وحاجته ، وفاقته، وفقره) صحيح رواه أبو داود وصححه الألباني
3-شيخ زان    4- ملك كذَاب   5- عائل مستكبر
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ثلاثة لايكلمهم الله يوم القيامة ، ولا ينظر إليهم ، ولا يزكيهم ، ولهم عذاب أليم: شيخ

 

زانٍ ، وملك كذّاب ، وعائل مستكبر) أخرجه مسلم
6- مانع فضل الماء
    جاء في حديث ابي هريرة ( وَرَجُلٌ مَنَعَ فَضْلَ مَاءٍ فيقول الله الْيَوْمَ أَمْنَعُكَ فَضْلِي كما مَنَعْتَ فَضْلَ ما لم تَعْمَلْ يَدَاكَ )[ الجامع الصحيح المختصر ،  ج 2   ص 834  ج 2   ص 834 لمحمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري ]

7- صاحب  بيعة   من أجل الدنيا عن أبي هُرَيْرَةَ قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :( ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ الله وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ رَجُلٌ على مَاءٍ بِالْفَلاَةِ يَمْنَعُهُ مِنِ بن السَّبِيلِ وَرَجُلٌ بَايَعَ الإِمَامَ لاَ يُبَايِعُهُ إِلاَّ لِدُنْيَا فَإِنْ أَعْطَاهُ منها وَفَى له وَإِنْ لم يُعْطِهِ لم يَفِ له ...) [ مسند الإمام أحمد بن حنبل ،ج2ص253]    

 8- العاقَ لوالديه 9- المترجلة  10- الديوث
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ثلاثة لاينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة :العاق لوالديه ، والمرأة المترجلة المتشبهة بالرجال والديوث) صحيح أخرجه أحمد والنسائي
11-  من عمل عمل قوم لوط
عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  : ( لاينظر الله تعالى إلى رجل أتى رجلاً ، أو امرأة في الدّبر) صحيح اخرجه الترمذي
12-  المسبل إزاره المختال في مشيته
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لاينظر الله تعالى إلى من جرَ ثوبه خيلاء  ) أخرجه البخاري
13- امرأة لاتشكر لزوجها
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  :

 )لاينظر الله إلى امرأة لاتشكر لزوجها وهي لاتستغني عنه) صحيح أخرجه النسائي وصححه الالباني0
اسأل الله سبحانه وتعالى لي ولكم ولكافة المسلمين  أن ينعموا  برؤية الله سبحانه وتعالى وان لايحرموا من رؤيته [ موقع ابن مصر – الأنترنت (بتصرف )]

 

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة الثانية والعشرون في موضوع البصر وستكون بعنوان:

النظر إلى من هو أسفل منه في أمور الدنيا

    عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم متفق عليه .

  هذا الحديث فيه الأمر بالنظر إلى من هو أسفل في أمور الدنيا، ولهذا يفسره اللفظ الآخر في صحيح مسلم: إذا نظر أحدكم إلى من فضل عليه في الخلق والمال فلينظر إلى من هو أسفل منه (يعني إذا نظر

 إلى من هو مفضل عليه في المال والخلق والجاه، والمنصب ؛ فلينظر إلى من هو دونه؛ لأنه لا يخلو إنسان أن يكون من هو دونه ممن يعاشره ويخالطه. فقال: فهو أجدر. يعني أحرى، أن لا تزدروا نعمة الله عليكم. ففي أمور الدنيا وزخارفها تنظر إلى من هو أسفل منك، فإن هذا يدعوك إلى أن تشكر نعمة الله عز وجل ولا تزدري نعمة الله عليك، لكن إذا كان حال الإنسان يقول: فلان يملك الأموال فلان يملك كذا، وفلان، وهو يقول: أنا ليس عندي إلا كذا، هذا في الحقيقة قد يكون نوع إعراض عن الشكر  ، فهو بدل أن يشغل نفسه بشكر الله عز وجل شغل نفسه بالنظر إلى من فضل عليه في هذه الأمور، ففتح أبواب الشياطين عليه، وتسويلهم ولربما يسوقه إلى ما هو

أعظم وأكبر.

ثم نسي أن ينظر إلى من هو أعلى منه في الدين والعلم والدعوة والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وخصال الخير، وأخلاق أهل الجود والكرم والشجاعة، وخصال الخير والمعروف وما أشبه ذلك.. وهي كثيرة، لا تحصى، هذا هو الواجب،  وهذا هو محل نظر الله عز وجل.

فعلى المكلف أن ينظر  إلى ما أمر الله  بالنظر إليه وهو محل نظر الله عز وجل: ( إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم )كما رواه مسلم في الصحيح  ، ويمكن أن تنظر إلى أهل الدنيا نظرعطف ورحمة ، يعلم أنهم حينما فتنوا بهذا المال ولم يستخدموه و يجعلوه في طاعة الله، فإنه وبال، وإنه إمهال، كما في الحديث: (إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ).

والظلم يكون  في المال، ويكون في العمل ، ويكون في أي أمر من أمور الدنيا، بل يحمد الله  على ما قسم الله وقضى وقدر

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك       

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة الثالثة والعشرون في موضوع البصر وستكون بعنوان:علاج النظر المحرم :

وصى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا أن يستحي من الله كما يستحي من رجل صالح من عشيرته لا يفارقه قال بعضهم استح من الله على قدر قربه منك وخف الله على قدر قدرته عليك [ كلمة الإخلاص وتحقيق معناها ،  ج 1   ص 50 ،  لاابن رجب الحنبلي تحقيق : زهير الشاويش

ويشمل العلاج :

1- مراقبة الله تعالى واستحضار اطلاعه وعلمه الذي وسع كل شئ ومعيته لعبده :قوله تعالى  { ãNn=÷ètƒ spuZͬ!%s{ ÈûãüôãF{$# $tBur ‘ÏÿøƒéB â‘r߉Á9$# } غافر / 19،{ uqèdur óOä3yètB tûøïr& $tB öNçGYä. 4 ª!$#ur $yJÎ/ tbqè=uK÷ès? ׎ÅÁt/ }الحديد/ 4
وعن ابن عباس قال كانت امرأة تصلي خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم حسناء من أحسن الناس فكان بعض القوم يتقدم حتى يكون في الصف الأول لئلا يراها ويستأخر بعضهم حتى يكون في الصف المؤخر فإذا ركع نظر من تحت إبطيه فأنزل الله تعالى :{ô‰s)s9ur $oY÷HÍ>tã tûüÏBωø)tGó¡ßJø9$# öNä3YÏB ô‰s)s9ur $oY÷HÍ>tã tûï̍ςø«tGó¡çRùQ$# }الحجر/24 [ رواه أحمد (2779) والترمذي (3122 ) والنسائي (870 ) وابن ماجه (1046) وصححه الألباني في الصحيحة (2472]

قال ابن رجب : وكان وهب بن الورد يقول : خف الله على قدر قدرته عليك ، واستحي منه على قدر قربه منك ، وقال له رجل :عظني ؟ فقال له : اتق الله أن يكون أهون الناظرين إليك 000

سئل الجنيد بم يستعان على غض البصر ؟ قال : بعلمك ان نظر الله أسبق من نظرك إليه .          وقال المحاسبي : المراقبة علم القلب بقرب الرب كلما قويت المعرفة بالله قوي الحياء من قربه ونظره

وكان الإمام أحمد ينشد :
    

إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل ×××  خلوت ولكن قل على رقيب
 ولا  تحسبن  الله  يغفل  سـاعة     ×××   ولا أن ما يخفى عليه يغيب    [ جامع العلوم والحكم ج: 1 ص: 162 ]

2- الاستعانة بالله تعالى والتضرع إليه بالدعاء :
ومن ذلك الدعاء المشهور : اللهم طهر قلبي من النفاق و عملي من الرياء و لساني من الكذب و عيني من الخيانة فإنك تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور .وقد روي هذا الدعاء مرفوعاً [ رواه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول ج: 2 ص227 ، والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد 5/267 من حديث أم معبد وضعفه الألباني في ضعيف الجامع ح ( 1209]

3- فضل الوضوء وتكفيره خطايا العين :
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه خرج

من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء أو  مع آخر قطر الماء فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة كان بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء ،فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء أو مع آخر قطر الماء حتى يخرج نقيا من الذنوب [ رواه مسلم 1/215 ح244] والنظر المحرم الذي هو متعلق

التكفير في الحديث هو ما كان من باب الصغائر ، أما من أدمن النظر وأصر عليه فقد أتى كبيرة من كبائر الذنوب إذ لا صغيرة مع الإصرار ، وعلى هذا فلا يكفر إلا التوبة لقوله تعالى                                          النساء: ٣١  

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة الرابعة والعشرون في موضوع البصر وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:   علاج النظر المحرم :
4- سد الذرائع والابتعاد عن مواطن الفتنة :
 
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال :قال النبي صلى الله عليه وسلم) : لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها ). رواه البخاري   4942

وعن أبي قلابة قال :لا يضرك حسن امرأة ما لم تعرفها

  وعن أيوب قال :كان طاوس لا يصحب رفقة فيها امرأة . [رواه ابن أبي شيبة ج 4  ، ص:   17223 ]

 وقيل لهند بنت الخُسّ ـ وكانت إحدى أميرات

 العرب في الجاهلية المشهورة بالعقل والذكاء والفصاحة والحكمة ـ وقد زنت بعبدها : لم زنيت بعبدك وأنت سيدة قومك ولم تزني بحر؟ وما أغراك به ؟ فقالت : قرب الوساد وطول السِّواد ؛ السِّواد : المناجاة والمحادثة سراً . [تعليق أبي غدة على رسالة المسترشدين للمحاسبي /177]
5- تجديد التوبة :
قال شيخ الإسلام : وفى هذه السورة (سورة يوسف )ذكر آية النور بعد غض البصر وحفظ الفرج وأمره بالتوبة مما لابد منه أن يدرك ابن آدم من ذلك[مجموع الفتاوى ج15 /ص 396] بل قد ذكر الفقهاء أن التوبة من النظر المحرم لا تسقط حتى عن الأعمى لأنه قادر على الندم فيتوب قدر استطاعته.
قال ابن عبد السلام : التوبة مركبة من ثلاثة أركان العزم والندم والإقلاع ، وقد تكون التوبة مجرد الندم في حق من عجز عن العزم والإقلاع فلا يسقط المقدور عليه بالمعجوز عنه كما لا يسقط ما قدر عليه من الأركان في الصلاة بما عجز عنه وذلك كتوبة الأعمى عن النظر المحرم وتوبة المجبوب عن الزنا وهذا مبنى على قاعدة مستفادة من قوله صلى الله عليه وسلم : إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم .

[قواعد الأحكام 1/187]

6-إعفاف المرء نفسه بما شرع الله له من الأمور المشروعة :
 
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) [ رواه البخاري في الصحيح  ج / 2 ص /673 ح 1806 ، ورواه مسلم في الصحيح ج / 2 ص / 1018 ح1400]

وعن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى امرأة فأتى امرأته زينب وهي تمعس منيئة لها فقضى حاجته ثم خرج إلى أصحابه فقال :إن المرأة تقبل في صورة شيطان وتدبر في صورة شيطان فإذا أبصر أحدكم امرأة فليأت أهله فإن ذلك يرد ما في نفسه . [ رواه مسلم  1403  ]  

قال النووي : (تمعس ) : المعس : الدلك . ( منيئة ) :الجلد أول ما يوضع في الدباغ وقال : قال العلماء معناه الإشارة إلى الهوى والدعاء إلى الفتنة بها لما جعله الله تعالى في نفوس الرجال من الميل الى النساء والالتذاذ بنظرهن وما يتعلق بهن في شبيهة بالشيطان

 

في دعائه الى الشر بوسوسته وتزيينه له[شرح مسلم (9/   178 ]   ويستنبط من هذا أنه ينبغي لها أن لا تخرج بين الرجال إلا لضرورة وأنه ينبغي للرجل الغض عن ثيابها والإعراض عنها مطلقا ا.هـ

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك      

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة الخامسة والعشرون في موضوع البصر وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:

علاج النظر المحرم :

    ومن اللطائف ما ذكره بعض العلماء في معنى قوله صلى الله عليه وسلم ( من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة) . قال ابن حجر: وقيل فيه إشارة إلى الجماع يوم الجمعة ليغتسل فيه من الجنابة والحكمة فيه أن تسكن نفسه في الرواح إلى الصلاة ولا تمتد عينه إلى شيء يراه .[ فتح الباري ج: 2 ص: 366  ]

7- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والأخذ على أيدي الشباب والحيلولة بينهم وبين الوقوع في الفتنة عن عبد الله بن عباس أنه قال :كان الفضل بن عباس رضي الله عنه رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر قالت

 

يا رسول الله ان فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه  قال :  ( نعم )وذلك في حجة الوداع .[   رواه مسلم ج: 2 ص: 973]

قال ابن أبي شيبة :حدثنا حسين بن علي عن موسى الجهني قال :كنت مع سعيد بن جبير في طريق فاستقبلتنا امرأة فنظرنا إليها جميعا قال :ثم إن سعيدا غض بصره فنظرت إليها قال :فقال لي سعيد :الأولى لك والثانية عليك .[ رواه ابن أبي شيبة ج: 4 ص: 6 (17219] نظر رجل إلى امرأة عفيفة فقالت : يا هذا غض بصرك عما ليس لك تنفتح بصيرتك فترى ما هو لك  [شبكة ومنتدى الجامعة الفلسطينية – الأنترنت]

 إرسال البصر والنظر إلى المحرمات لا ريب أن هذا له أثر بالغ في نفس الرائي، فإن هذا يُشعره بالوهن ويُشعره بالضعف ويُشعره بأنه قليل المراقبة لربه، ومع هذا  فلابد أن يعالج كل ذنب يقع فيه بالتوبة إلى الله جل وعلا، بأن يبذل وسعه على أن يكرر التوبة وعلى أن يعيدها، وكل ما وقع من ذنب أصر على التوبة ولم يكن مصرًّا على الذنب، قال تعالى: { šúïÏ%©!$#ur #sŒÎ) (#qè=yèsù ºpt±Ås»sù ÷rr& (#þqßJn=sß öNæh|¡àÿRr& (#rãx.sŒ ©!$# (#rãxÿøótGó™$$sù öNÎgÎ/qçRä‹Ï9 `tBur ãÏÿøótƒ šUqçR—%!$# žwÎ) ª!$# öNs9ur         

(#r•ŽÅÇム4’n?tã $tB (#qè=yèsù öNèdur šcqßJn=ôètƒ ، y7Í´¯»s9'ré& Nèdät!#t“y_ ×otÏÿøó¨B `ÏiB öNÎgÎn/§‘ ×M»¨Yy_ur “̍øgrB `ÏB $ygÏFøtrB ㍻pk÷XF{$# šúïÏ$Î#»yz $pkŽÏù 4 zN÷èÏRur ãô_r& tû,Î#ÏJ»yèø9$#  } آل عمران / 135-136
وأما عن كيفية غض البصر فليس هنالك أعظم من أن يستحضر نظر الله إليه وأنه بصير به وأنه مطلع على سريرته، قال تعالى: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ}. فهو يعلم تلك النظرة التي يخون بها الإنسان نفسه ويخون بها طاعة الله فينظر إلى ذلك المنظر المحرم والله جل وعلا يعلم خائنة عينه. وأيضًا فقد قال الله تعالى: {سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ}. ولذلك سئل بعض الأئمة بما يستعان على غض البصر عن الحرام فأجاب وأحسن فقال: بعلمك أن نظر الله إليك أسرع من المنظور إليه ؛  فاستحضارك علم الله واستحضارك رقابة الله هو خير ما تقوم به، بل هو مقام الإحسان الذي قال فيه صلوات الله وسلامه عليه : (أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك). فاستحضر هذه المعاني تجد قوة - بإذن الله عز وجل – وثباتًا على طاعة الله.
وأيضًا فخاطب نفسك: ماذا سأجني من إرسال بصري إلى الحرام غير الهم وغير الحزن وغير الآثام التي أجلبها لنفسي، بينما إذا غضضت بصرك أنتج ذلك راحة في نفسك وطمأنينة وسكينة في قلبك، فما غضَّ مسلم بصره عن الحرام سواء كان رجلاً أو امرأة إلا أورثه الله تعالى نورًا يستضيء به، ولذلك كان من الأسرار العجيبة أن الله جل وعلا بعد أن أمر بغض بالبصر بقوله: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} أن عقب بعدها بآيات: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ ...}   الآية.   فهذه إشارة إلى النور العظيم الذي يلقيه الله جل وعلا في قلب العبد المؤمن المحافظ على غض بصره.
    وأما  الحديث المروي عن النبي  صلوات الله وسلامه عليه  ( أن النظرة سهم من سهام إبليس ) فقد أخرجه الحاكم في المستدرك بلفظ: (النظرة سهم من سهام إبليس مسمومة فمن تركها من خوف أثابه به جل وعز إيمانًا يجد حلاوته في قلبه). وهذا الإسناد فيه ضعف ومع هذا فمعناه مستقيم سليم، وقد ثبت عن النبي  صلى الله عليه وسلم أنه سُئل عن النظرة الفجأة – أي من غير قصد – فقال: (اصرف بصرك  ) رواه مسلم في صحيحه ، وخرج الإمام أحمد في المسند عن النبي  صلى الله عليه وسلم : (لا تتبع النظرة النظرة فإن الأولى لك – أي لا إثم عليك فيها لأنها من غير قصد - والثانية عليك – أي ضررها وإثمها عليك [     موقع الإستشارات – إسلام ويب – الأنتر نت]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك      
 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة السادسة والعشرون في موضوع البصر وستكون بعنوان: *العمل بالحسنة ضوء في البصر                قال سعيد بن المسيب : العمل بالحسنة قوة في البدن ونور في القلب وضوء في البصر ، والعمل بالسيئة وهن في البدن ، وظلمة في القلب ، وعمى في البصر [الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار ،  ج 1   ص 86 لاأبو المواهب المعروف بالشعراني]

*النظر للوالدين عبادة : فوائد النظر للوالدين :

قال النبي صلى الله عليه وسلم : ) ما من رجل ينظر إلى والديه نظرة رحمة إلا كتب الله له بها حجة مقبولة مبرورة  )[ رواه البيهقي في شعب الإيمان ]
وفي رواية بلفظ ) ما من ولد بار ينظر إلى والديه نظرة رحمة إلا كتب الله له بكل نظرة حجة مبرورة  )  قالوا : وإن نظر كل يوم مائة مرة ؟ قال :نعم ، الله أكبر وأطيب  قال العلماء :أكبر،أي أعظم مما يتصور وخيره أكثر مما يحصى ويحصر،وأطيب:أي أطهر من أن ينسب إلى قصور في قدرته ونقصان في مشيته وإرادته
    وعن عائشة : النظر في ثلاثة أشياء عبادة " النظر في وجه الأبوين ، وفي المصحف ، وفي البحر " [ رواه أبو نعيم ] وفي رواية ( النظر إلى الكعبة عبادة ، والنظر إلى وجه الوالدين عبادة ، والنظر في كتاب الله عبادة )[رواه  أبو داود ]

*الحذر أن تحد النظر إلى الوالدين :
قال : ما بر أباه من حد إليه الطرف بالغضب "  [ رواه البيهقي ]  ومعناه أن من نظر إلى والديه نظرة غضب كان عاقا وإن لم يكن يتكلم بالغضب .
فالعقوق كما يكون بالقول والفعل يكون بمجرد النظر المشعر بالغضب والمخالفة ( منتدى الدعوة إلى الله - الأنترت )

*الأثمد علاج البصر                            عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أن رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( خَيْرُ أَكْحَالِكُمُ الإِثْمِدُ عِنْدَ النَّوْمِ يُنْبِتُ الشَّعْرَ وَيَجْلُو الْبَصَرَ ) (صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان ،  ج 13   ص 436 رقم 6072)

وقال رسول الله  صلى الله عليه وسلم  : ( عليكم بالإثْمِد فاكتحلوا به عند منامكم فإنه خير أكحالكم وهو يجلو البصر ويذهب القذى وينبت الشعر ويجفّ الدمع ) . وكانت لرسول الله  صلى الله عليه وسلم  مكحلة فيها إثْمِد يكتحل منها عند النوم .

 (مختصر في الطب) العلاج بالأغذية والأعشاب في بلاد المغرب ،  ج 1   ص 21 ) لعبد الملك بن حبيب الإلبيري القرطبي )

*الحجامة تجلو البصر                          عن بن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( نعم الدواء الحجامة تذهب الدم وتجلو البصر وتخف الصلب ) هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه(المستدرك على الصحيحين ،  ج 4   ص 454 رقم 8258)  

وعن ابن عبّاس أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم  قال : ( نِعْمَ الدواء الحجامة تذهب الداء والصداع وتخفّ الصلب وتجلو البصر ) (مختصر في الطب) العلاج بالأغذية والأعشاب في بلاد المغرب ،  ج 1   ص 14  )

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك      

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة السابعة والعشرون في موضوع البصر وستكون بعنوان:طب البصر

*الكندر يزيد في نور البصر وهو اللبان الذكر

    قال رجل لأبن عباس أنا كثير النسيان فقال : عليك بالكندر انقعه ليلا ثم اشربه على الريق فإنه يمنع النسيان "

 و أكل الكندر ـ وهو حصى اللبان الذكر ـ يقوي البصر والمعدة ، وإن احرقه وتلقى دخانه واكتحل به زاد في نور البصر ، ومضغه يزيد في الذهن ويجذب الرطوبة من الرأس وأكله يطرد الريح ويقطع البلاغم وهو جيد للحمى البلغمية (نزهة المجالس ومنتخب النفائس ،  ج 1   ص 50 ، للصفوري )

*العسل يجلو البصر

    وعن الزهري قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم  : ( العسل  يجلو  البصر ويشدّا لفؤاد) ، وقال عبد الملك بن حبيب : العسل : حارّ يابس لطيف جداً والطبيخ منه ألطف من غيره وكلّه يذيب البلغم والنخام ، ويشدّ الفؤاد  ويجلو  البصر ويزيد في المني ويقطع الأبردة ويذهب الداء (مختصر في الطب) العلاج بالأغذية والأعشاب في بلاد المغرب ، ج 1   ص 44،  ج 1   ص 81 )

*النظر إلى الخضرة يجلي البصر

 وصف الجنتين الأخريين فقال { مدهامتان }الرحمن ؛ يعني خضراوان ويقال التي تضرب خضرتها إلى السواد { فبأي آلاء ربكما تكذبان } الرحمن ؛ يعني جعل لكم الجنان المخضرة لأن النظر في الخضرة يجلي البصر فكيف تنكرون وحدانيته  (تفسير السمرقندي المسمى بحر العلوم ،  ج 3   ص 367 ، السمرقندي )

*قيام الليل ضياء في البصر                  عن عثمان بن عطاء الخراساني عن أبيه قال :كان يقال : قيام الليل محياة للبدن ونور في القلب وضياء في البصر وقوة في الجوارح وإن الرجل إذا قام من الليل متهجدا أصبح فرحا يجد لذلك فرحا في قلبه وإذا غلبته عيناه فنام عن جزئه أصبح لذلك حزينا منكسر القلب كأنه قد فقد شيئا وقد فقد أعظم الأمور له نفعا (التهجد وقيام الليل ،  ج 1   ص 128رقم 21 ، لاابن أبي الدنيا )

*الإكتحال بالإبريسم يقوي البصر

والأبريسم :هوالحرير الرقيق إذا أحرق وتناوله مقوياً للحفظ .والاكتحال به يقوِّى البصر ، وذلك لأمرين . أحدهما : تقوية الروح وثانيهما : إصلاحه لمزاج العين وتقويتها وتنقيتها من الفضول وحفظ صحتها. وذلك لأن الإبريسم مع أنه خالٍ  عن جميع الكيفيات الضارَّةِ بالعين - كالحدة واللَّذْع والقبض ونحو ذلك - فهو مجفِّفٌ باعتدالٍ ، وليس بشديد التسخين . وما كان كذلك ، فهو شديد النفع للعين  ، محلِّل لفضولها ، مجفِّف لما تكوَّن فيها من الرطوبات الفضلية ، لأن هذه الفضول تكثر فى العين لأجل رطوبة مزاجها .وإذا أُحرق الحرير ثم غُسل ، كان شديدُ الموافقة لقروح العين ، يملأ ما يحدث  فيها من الحفر ونحوه ؛ وذلك لأجل تجفيفه الخالى عن اللَّذْع ، لما قلناه قبل .( مقتل علي ،   ج 1   ص 89، 128  لابن أبي الدنيا )

    وروي أن بعض الدهرية سأل الإمام الشافعي رضي الله عنه ما الدليل على الصانع؟ فقال : ورقة الفرصاد أي التوت طعمها واحد ولونها واحد وريحها واحد وطبعها واحد عندكم ؟ قالوا : نعم  ، قال : فتأكلها دودة القز فيخرج منها الإبريسم وتأكلها النحل فيخرج منها العسل وتأكلها الشاة فيخرج منها البعر وتأكلها الظبية فينعقد في نوافجها المسك فمن الذي جعلها كذلك مع أن الطبع واحد فاستحسنوا ذلك وآمنوا على يده وكانوا سبعة عشر  (الفروق أو أنوار البروق في أنواء الفروق (مع الهوامش ) ،  ج 3   ص 50،  للقرافي )

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك      

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة الثامنة والعشرون في موضوع البصر وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:طب البصر

*لحم السمك مع العسل يحد البصر

  

 قال ابن سينا: لحم السمك نافع لماء العين، ويحد البصر مع العسل. (أمالي ابن سمعون ،   ج 1   ص 402 ، لاابن سمعون البغدادي )

*القيء يحد البصر

 القيء ينقي المعدة ويقويها ويحد البصر ويزيل ثقل الرأس وينفع قروح الكلى والمثان والامراض المزمنة كالجذام والاستسقاء والفالج والرعشة  (الطب النبوي ، ج 1   ص 104 ،  لمحمد بن أبي بن أيوب الدمشقي تحقيق : عبد الغني عبد الخالق ،

 وانظر : زاد المعاد في هدي خير العباد ،   ج 4   ص 131 )

*الأمر بغض البصر إذا حضرت الوفاة لأنه يتبع الروح

   أخرج أحمد بسنده من حديث شَدَّادِ بن أَوْسٍ قال قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه : ( وسلم إذا حَضَرْتُمْ مَوْتَاكُمْ  فَأَغْمِضُوا الْبَصَرَ فان  الْبَصَرَ  يَتْبَعُ  الرُّوحَ

وَقُولُوا خَيْراً فإنه يُؤَمَّنُ على ما قال أَهْلُ الْمَيِّتِ ) (مسند الإمام أحمد بن حنبل ،ج 4   ص 125 رقم 17176) 

 وأيضاً من حديث  أُمِّ سَلَمَةَ قالت دخل رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم على أَبِى سَلَمَةَ وقد شَقَّ بَصَرُهُ فَأَغْمَضَهُ ثُمَّ قال : ( ان الرُّوحَ إذا قُبِضَ تَبِعَهُ الْبَصَرُ ) فَضَجَّ نَاسٌ من أَهْلِهِ فقال : (لاَ تَدْعُوا على أَنْفُسِكُمْ الا بِخَيْرٍ فان الْمَلاَئِكَةَ يُؤَمِّنُونَ على ما تَقُولُونَ )

    ثُمَّ قال : (اللهم اغْفِرْ لأبي سَلَمَةَ وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ في الْمَهْدِيِّينَ وَاخْلُفْهُ في عَقِبِهِ في الْغَابِرِينَ وَاغْفِرْ لنا وَلَهُ يا رَبَّ الْعَالَمِينَ اللهم أَفْسِحْ في قَبْرِهِ وَنَوِّرْ له فيه )       ( مسند أحمد بن حنبل  ،   ج 6   ص 297 رقم 26585)

*نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن رفع البصر إلى السماء في الصلاة                                  أخرج البخاري بسنده من حديث أَنَسَ بن مَالِكٍ حَدَّثَهُمْ قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم :   ( ما بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إلى السَّمَاءِ في صَلَاتِهِمْ فَاشْتَدَّ قَوْلُهُ في ذلك حتى قال لَيَنْتَهُنَّ عن ذلك أو لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ (الجامع الصحيح المختصر ،  ج 1   ص261 ، 714 ، لمحمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري الجعفي) واخرج مسلم بسنده من حديث جَابِرِ بن سَمُرَةَ قال : قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إلى السَّمَاءِ في الصَّلَاةِ أو لَا تَرْجِعُ إِلَيْهِمْ ) وأيضاً  من حديث أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال : ( لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عن رَفْعِهِمْ أَبْصَارَهُمْ عِنْدَ الدُّعَاءِ في الصَّلَاةِ إلى السَّمَاءِ أو لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ ) (صحيح مسلم ،  ج 1   ص 321 رقم 428 ،429)  *كان يرفع النبي صلى الله عليه وسلم

بصره إلى السماء

قال البخاري : بَاب رَفْعِ الْبَصَرِ إلى السَّمَاءِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى { أَفَلَا يَنْظُرُونَ إلى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ } وقال أَيُّوبُ عن ابن أبي مُلَيْكَةَ عن عَائِشَةَ رَفَعَ النبي صلى الله عليه وسلم رَأْسَهُ إلى السَّمَاءِ

ثم أخرج بسنده من حديث جَابِرُ بن عبد اللَّهِ أَنَّهُ سمع رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول : (ثُمَّ فَتَرَ عَنِّي الْوَحْيُ فَبَيْنَا أنا أَمْشِي سمعت صَوْتًا من السَّمَاءِ فَرَفَعْتُ بَصَرِي إلى السَّمَاءِ فإذا الْمَلَكُ الذي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ قَاعِدٌ على كُرْسِيٍّ بين السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ )

    وأخرج أيضاً من حديث ا بن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال بِتُّ في بَيْتِ مَيْمُونَةَ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَهَا فلما كان ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ أو بَعْضُهُ قَعَدَ فَنَظَرَ إلى السَّمَاءِ فَقَرَأَ ) { إِنَّ في خَلْقِ السماوات  وَالْأَرْضِ  وَاخْتِلَافِ  اللَّيْلِ  وَالنَّهَارِ  لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ }

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك      

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة التاسعة والعشرون في موضوع البصر وستكون بعنوان: شُرع الإسئذان من أجل البصر

     أخرج البخاري بسنده من حديث الزُّهْرِيُّ حَفِظْتُهُ كما أَنَّكَ هَا هُنَا عن سَهْلِ بن سَعْدٍ قال : اطَّلَعَ رَجُلٌ من جُحْرٍ في حُجَرِ النبي صلى الله عليه وسلم وَمَعَ النبي صلى الله عليه وسلم مدريٌ يَحُكُّ بِهِ رَأْسَهُ فقال : (لو أَعْلَمُ أَنَّكَ تنتظر لَطَعَنْتُ بِهِ في عَيْنِكَ إنما جُعِلَ الِاسْتِئْذَانُ من أَجْلِ الْبَصَرِ )

    وأخرج أيضاً من حديث  أَنَسِ بن مَالِكٍ أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ من بَعْضِ حُجَرِ النبي صلى الله عليه وسلم فَقَامَ إليه النبي صلى الله عليه وسلم بِمِشْقَصٍ أو بِمَشَاقِصَ فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إليه يَخْتِلُ الرَّجُلَ لِيَطْعُنَهُ (الجامع الصحيح المختصر ،  ج 5   ص 111رقم 5887 ،   ص 2304  رقم 5888  ،   لمحمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري )

*نظرة الفجأة

اخرج مسلم بسنده من حديث جَرِيرِ بن عبد اللَّهِ قال سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عن نَظَرِ الْفُجَاءَةِ فَأَمَرَنِي أَنْ أَصْرِفَ بَصَرِي (صحيح مسلم ، ج 3  ص 1699 رقم 2159) ونظرة الفجأة : هي وقوع البصر على ما لم يقصد بالنظر ،وتلك حالة قد جمعت وصفين : أحدهما : أنها لم تقصد ، فلا إثم . والثاني : أن الطبع ليس بحاضر ، لأنه متى وقع البصر على شخص فصرف في الحال كان كأن الإنسان لم ير ، فأما إذا استدام أو كرر حضر الطبع فوقع الفساد . (كشف المشكل من حديث الصحيحين ،   ج 1   ص 432 رقم 410/503 أبو الفرج عبد الرحمن ابن الجوزي)

 وقوله تعالى { @è% šúüÏZÏB÷sßJù=Ïj9 (#q‘Òäótƒ ô`ÏB ôMÏd̍»|Áö/r&  } النور / 30 ؛  يعني عما لا يحل النظر إليه قيل معناه يغضوا أبصارهم . وقيل من هنا للتبعيض لأنه لا يجب الغض عما يحل إليه النظر وإنما أمروا أن يغضوا عما لا يحل النظر إليه

 أخرج مسلم عن جرير قال : سألت رسول الله

صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجأة ؟ قال

: ( اصرف بصرك )   

    وأخرج مسلم عن أبي سعيد الخدري أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لاينظر الرجل إلى عورة الرجل ولا المرأة إلى عورة المرأة ولا يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد ولا تفضي المرأة إلى المرأة في ثوب واحد ) ، وقوله تعالى { ويحفظوا فروجهم } يعني عما لا يحل . قال أبو العالية كل ما في القرآن من  حفظ  الفرج  فهو  عن  الزنا  إلا  في هذا الموضع فإن أراد به الاستتار حتى لا يقع بصر الغير عليه . فإن قلت كيف أدخل من على غض البصر دون حفظ الفرج .

     قلت فيه دلالة على أن أمر النظر أوسع ألا ترى أن المحارم لا بأس بالنظر إلى شعورهن وثديهن وأعضادهن وأقدامهن وكذلك الجواري المستعرضات في البيع والأجنبية يجوز النظر إلى وجهها وكفيها للحاجة إلى ذلك وأما أمر الفروج فمضيق وكفاك أن أبيح النظر إلاّ ما استثنى منه وحظر الجماع إلا ما استثنى منه . فإن قلت كيف قدم غض البصر على حفظ الفرج . قلت لأن النظر بريد الزنا ورائد الفجور والبلوى فيه أشد ولا يكاد أحد يقدر على الاحتراس منه { ذلك أزكى لهم } يعني غض البصر وحفظ الفرج (تفسير الخازن المسمى لباب التأويل في معاني التنزيل ، ج 5   ص 68)

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك      

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة الثلاثون في موضوع البصر وستكون بعنوان:

قرن عفة البصر بعفة الفرج

   قال ابن حمدون : قال تعالى : ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ) . فقرن عفة البصر بعفة الفرج ، وكذلك يقرن عفة اللسان بعفة البصر .( التذكرة الحمدونية ،  ج 8   ص 279 )

*الإبصار لاينفع يوم القيامة

  قال تعالى :{ وأبصرهم فسوف يبصرون } الصافات / 175 قال قتادة : أبصروا حين لم ينفعهم البصر ،

    وقوله تعالى : { ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رءوسهم } معناه : ولو ترى المجرمين ناكسين رءوسهم من فرط الندم وشدة الوجل ، وفي الآية حذف ، والمحذوف هو : أنك لو ترى المجرمين ناكسين رءوسهم عند ربهم لرأيت ما يعتبر به . وقوله : { ربنا أبصرنا وسمعنا } أي : قائلين ربنا أبصرنا وسمعنا أي : أبصرنا صدق وعيدك ، وسمعنا منك تصديق رسلك . قال قتادة : أبصروا حين لم ينفعهم البصر . وسمعوا حين لم ينفعهم السمع . ويقال : أبصرنا معاصينا ، وسمعنا ما قيل فينا . وقوله : { فارجعنا نعمل صالحا  } أي : ردنا نعمل صالحا . وقوله : { إنا موقنون } أي : مصدقون بالبعث .( تفسير القرآن ،   ج 4   ص 421 ، 246 ، للسمعاني)

*جزاء ذهاب البصر

أخرج الترمذي بسنده من حديث  أَنَسِ بن مَالِكٍ قال : قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (ان اللَّهَ يقول إذا أَخَذْتُ كَرِيمَتَيْ عَبْدِي في الدُّنْيَا لم يَكُنْ له جَزَاءٌ عِنْدِي الا الْجَنَّةَ ) وفي الْبَاب عن أبي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بن أَرْقَمَ قال أبو عِيسَى : هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ (2)

    وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن الله عز وجل إذا ابتلى عبدا من عباده بحبيبتيه فصبر عوضه منهما الجنة  ) يريد عينيه رواه البخاري

     وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال :  رمدت فعادني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :  ( يا زيد أرأيت  لو أن  عينيك كانتا  لما بهما  ) فقلت يا رسول الله اصبر وأحتسب ؟

فقال : ( إذاً لقيت الله ولا ذنب لك ) أخرجه الإمام أحمد وابو داود(فضائل الأعمال ،  ج 1   ص 41 ، لضياء الدين المقدسي )

*المصلي يرمي ببصره في التشهد إلى سبابته

 أخرج النسائي بسنده من حديث  عبداللَّهِ بن عُمَرَ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يُحَرِّكُ الْحَصَى بيده وهو في الصَّلَاةِ

 فلما انْصَرَفَ قال له : عبد اللَّهِ لَا تُحَرِّكْ الْحَصَى وَأَنْتَ في الصَّلَاةِ فإن ذلك من الشَّيْطَانِ وَلَكِنْ اصْنَعْ كما كان رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُ قال وَكَيْفَ كان يَصْنَعُ ؟ قال فَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى على فَخِذِهِ الْيُمْنَى وَأَشَارَ بِأُصْبُعِهِ التي تَلِي الْإِبْهَامَ في الْقِبْلَةِ وَرَمَى بِبَصَرِهِ إِلَيْهَا أو نَحْوِهَا ثُمَّ قال  : هَكَذَا رأيت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُ (المجتبى من السنن ،   ج 2   ص 236  رقم 1160 ، للنسائي )

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم      

 

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة الواحدة والثلاثون في موضوع البصر وستكون بعنوان:

*الِاسْتِعَاذَةُ من شَرِّ الْبَصَرِ

 أخرج النسائي بسنده من حديث شُتَيْرِ بن شَكَلِ بن حُمَيْدٍ عن أبيه قال:قلت يا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي دُعَاءً أَنْتَفِعُ بِهِ ؟ قال:( قُلْ اللهم عَافِنِي من شَرِّ سَمْعِي وَبَصَرِي وَلِسَانِي وَقَلْبِي وَمِنْ شَرِّ مَنِيِّي ) يَعْنِي ذَكَرَهُ

(المجتبى من السنن ،   ج 8   ص 260  رقم 5456 ، للنسائي)

*مازاغ بصر محمد صلى الله عليه وسلم

 قال البخاري : قال الله تعالى : { ما زَاغَ الْبَصَرُ } بَصَرُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم {وما طَغَى } ولا جَاوَزَ ما رَأَى (الجامع الصحيح المختصر ،  ج 4   ص 1839 ، لمحمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري)

     وقال الطبري على الآية :  ما مال بصر محمد يعدل يمينا وشمالا عما رأى أي ولا جاوز ما أمر به قطعا يقول فارتفع عن الحد الذي حد له

قال : رأى جبرائيل في صورة الملك (جامع البيان عن تأويل آي القرآن ،  ج 27   ص 57)   

 وقال الشوكاني : { ما زاغ البصر } النجم /17 أي ما مال بصر النبي صلى الله عليه وإله وسلم عما رآه { وما طغى } أي ما جاوز ما رأى وفي هذا وصف أدب النبي صلى الله عليه وأله وسلم في ذلك المقام حيث لم يلتفت ولم يمل بصره ولم يمده إلى غير ما رأى وقيل ما جاوز ما امر به

وقال تعالى : { لقد رأى من آيات ربه الكبرى } النجم : / 18  أي والله لقد رأى تلك الليلة من أيات ربه العظام ما لا يحيط به الوصف قيل رأى رفرفا سد الأفق وقيل رأى جبريل في حلة خضراء قد ملأ ما بين السماء والأرض له ستمائة جناح وكذا في صحيح مسلم وغيره وقال الضحاك رأى سدرة المنتهى وقيل هو كل ما رآه تلك الليلة في مسراه وعوده ومن للتبعيض ومفعول رأى الكبرى ويجوز أن يكون المفعول محذوفا أي رأى شيئا عظيما من أيات ربه ويجوز أن تكون من زائدة   (فتح القدير  ج 5   ص 107

 لمحمد الشوكاني )

*الوضوء بعد الطعام يصح البصر

 أخرج القضاعي بسنده من حديث موسى بن جعفر

 عن أبيه عن جده متصلا قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (  الوضوء قبل الطعام ينفي الفقر وبعده ينفي اللمم ويصح البصر  (مسند الشهاب ،  ج 1   ص 205 رقم 310 ، للقضاعي)

وقال أبو طالب المكي : قال صلى الله عليه وسلم :  ( الوضوء قبل الطعام ينفي الفقر وبعده ينفي اللمم ويصحّ البصر  ) يعني به غسل اليد(قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد ،  ج 2   ص 299 ، لأبي طالب المكي)

*الحنا يجلو البصر

    أخرج الحكيم بسنده من حديث عقبة بن عامر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( عليكم بالحناء؛ فإنه خضاب الإسلام، يزيد في العقل، ويجلي البصر، ويذهب بالصداع، ويزيد في الجماع، ويزين المؤمن..... ) (المنهيات ،  ج 1   ص 41 ، للحكيم الترمذي)

 

*من حق الطريق غض البصر

   أخرج البخاري بسنده من حديث أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ على الطُّرُقَاتِ ) فَقَالُوا : ما لنا بُدٌّ إنما هِيَ مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُ فيها قال  : (فإذا أَبَيْتُمْ إلا الْمَجَالِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا قالوا : وما حَقُّ الطَّرِيقِ  ؟

قال : (غَضُّ الْبَصَرِ وَكَفُّ الْأَذَى وَرَدُّ السَّلَامِ وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيٌ عن الْمُنْكَرِ ) (الجامع الصحيح المختصر ، ج 2   ص 123 رقم 2333)

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم      

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة الثانية والثلاثون في موضوع البصر وستكون بعنوان:الأمر بغض البصر وفوائده

     أخرج أبو داود بسنده من حديث ا بن مَسْعُودٍ قال : قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم  : (لَا تُبَاشِرُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ لِتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا كَأَنَّمَا يَنْظُرُ إِلَيْهَا )

  ومن حديث جَابِرٍ أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم رَأَى امْرَأَةً فَدَخَلَ على زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ فَقَضَى حَاجَتَهُ منها ثُمَّ خَرَجَ إلى أَصْحَابِهِ فقال لهم : ( إِنَّ الْمَرْأَةَ تُقْبِلُ في صُورَةِ شَيْطَانٍ فَمَنْ وَجَدَ من ذلك شيئا فَلْيَأْتِ أَهْلَهُ فإنه يُضْمِرُ ما في نَفْسِهِ )

      ومن حديث ا بن عَبَّاسٍ قال : ما رأيت شيئا أَشْبَهَ بِاللَّمَمِ مِمَّا قال أبو هُرَيْرَةَ عن النبي صلى الله عليه وسلم : (إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ على بن آدَمَ حَظَّهُ من الزنى أَدْرَكَ ذلك لَا مَحَالَةَ فَزِنَا الْعَيْنَيْنِ النَّظَرُ وَزِنَا اللِّسَانِ الْنْطِقُ وَالنَّفْسُ تتَمَنَّى وتشتهى وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذلك وَيُكَذِّبُهُ ) (سنن أبي داود ،  ج 2   ص 321   ، رقم 2150 ، 2151 ، 2152)

 قال أبو بكر بن العربي :  غض البصر عن المحرمات واجب من الواجبات ؛ قال الله تعالى { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم }  معقول من ظاهره أنه أمر بغض البصر عما حرم علينا النظر إليه فحذف ذكر ذلك اكتفاء بعلم المخاطبين بالمراد  ، وروى أبو زرعة عن جرير أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجاءة فأمرني أن أصرف بصري

 قال أبو بكر : إنما أراد صلى الله عليه وسلم بقوله :

 (لك النظرة الأولى) إذا لم تكن عن قصد فأما إذا كانت عن قصد فهي والثانية سواء وهو على ما سأل عنه جرير من نظرة الفجاءة وهو  مثل  قوله { إن السمع والبصر والفؤاد كل  أولئك  كان عنه مسؤولا } وقوله {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن } هو على معنى ما نهي الرجال عنه من النظر إلى ما حرم عليه النظر إليه وقوله تعالى { ويحفظوا فروجهم }وقوله {ويحفظن فروجهن } فإنه روي عن أبي العالية أنه قال: كل آية في القرآن يحفظوا فروجهم ويحفظن فروجهن من الزنا إلا التي في النور يحفظوا فروجهم ويحفظن فرجهن أن لا ينظر إليها أحد

ثم قال أبو بكر هذا تخصيص بلا دلالة والذي

 يقتضيه الظاهر أن يكون المعنى حفظها عن سائر

 ما حرم عليه من الزنا واللمس والنظر  وكذلك سائر الآي المذكورة في هذا الموضع في حفظ الفروج هي على جميع ذلك ما لم تقم الدلالة على أن المراد بعض ذلك دون بعض وعسى أن يكون أبو العالية ذهب في إيجاب التخصيص في النظر لما تقدم من الأمر بغض البصر وما ذكره لا يوجب ذلك لأنه لا يمتنع أن يكون مأمورا بغض البصر وحفظ الفرج من النظر ومن الزنا وغيره من الأمور المحظورة وعلى أنه إن كان المراد حظر النظر فلا محالة إن اللمس والوطء مرادان بالآية إذ هما أغلظ من النظر فلو نص الله على النظر لكان في مفهوم الخطاب ما يوجب حظر الوطء واللمس كما أن قوله { فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما } قد اقتضى حظر ما فوق ذلك من السب والضرب .... وروى أبو الأحوص عن عبدالله قال الزينة زينتان زينة باطنة لا يراها إلا الزوج الإكليل والسوار والخاتم وأما الظاهرة فالثياب ، وقال إبراهيم الزينة الظاهرة الثياب

    قال أبو بكر: قوله تعالى { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها } إنما أراد به الأجنبيين دون الزوج وذوي المحارم لأنه قد بين في نسق التلاوة حكم ذوي المحارم في ذلك ، .....

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم      

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة الثالثة والثلاثون في موضوع البصر وستكون بعنوان:اباح الشارع النظرللوجه والطفين حال الخطية

 وإنما أباحوا النظر إلى الوجه والكفين لما روى أبو هريرة أن رجلا أراد أن يتزوج امرأة من الأنصار فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : انظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئا ) يعني الصغر ، وروى جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا خطب أحدكم فقدر على أن يرى منها ما يعجبه ويدعوه إليها فليفعل )  ، وروى موسى بن عبدالله بن يزيد عن أبي حميد وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (  إذا خطب أحدكم المرأة فلا جناح عليه أن ينظر إليها إذا كان إنما ينظر إليها للخطبة )  ، وروى سليمان بن أبي حثمة عن محمد بن سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله ، وروى عاصم الأحول عن بكير بن عبدالله عن المغيرة بن شعبة قال : خطبنا امرأة فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (نظرت إليها  ؟ فقلت : لا ، فقال : ( انظر فإنه لأجدر أن يؤدم بينكما ) ، فهذا كله يدل على جواز النظر إلى وجهها وكفيها بشهوة إذا أراد أن يتزوجها ويدل عليه أيضا قوله { لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن } ولا يعجبه حسنهن إلا بعد رؤية وجوههن ويدل على أن النظر إلى وجهها بشهوة محظور ،  قوله صلى الله عليه وسلم : ( العينان تزنيان واليدان تزنيان والرجلان تزنيان ويصدق ذلك كله الفرج أو يكذبه )

قوله تعالى :{ وليضربن بخمرهن على جيوبهن } روت صفية بنت شيبة عن عائشة أنها قالت : نعم النساء نساء الأنصار لم يكن يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين وأن يسئلن عنه لما نزلت سورة النور عمدن إلى حجوز مناطقهن فشققنه فاختمرن به

    قال أبو بكر : قد قيل إنه أراد جيب الدروع لأن النساء كن يلبسن الدروع ولها جيب مثل جيب الدراعة فتكون المرأة مكشوفة الصدر والنحر إذا لبستها فأمرهن الله بستر ذلك الموضع بقوله { وليضربن بخمرهن على جيوبهن } وفي ذلك دليل على أن صدر المرأة ونحرها عورة لا يجوز للأجنبي النظر إليهما منها

قوله تعالى { ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن } الآية

    قال أبو بكر : ظاهره يقتضي إباحة إبداء الزينة للزوج ولمن ذكر معه من الآباء وغيرهم ومعلوم أن المراد موضع الزينة وهو الوجه واليد والذراع لأن فيها السوار والقلب ، والعضد وهو موضع الدملج والنحر ، والصدر موضع القلادة ، والساق موضع الخلخال ؛ فاقتضى ذلك إباحة النظر للمذكورين في الآية إلى هذه المواضع وهي مواضع الزينة الباطنة لأنه خص في أول الآية إباحة الزينة الظاهرة للأجنبيين وأباح للزوج وذوي المحارم النظر إلى الزينة الباطنة

    وروي عن ابن مسعود والزبير : القرط والقلادة والسوار والخلخال ، وروى سفيان عن منصور عن إبراهيم { أو أبناء بعولتهن } قال : ينظر إلى ما فوق الذراع من الأذن والرأس

    قال أبو بكر : لا معنى لتخصيص الأذن والرأس بذلك إذ لم يخصص الله شيئا من مواضع الزينة دون شيء وقد سوى في ذلك بين الزوج وبين من ذكر معه فاقتضى عمومه إباحة النظر إلى مواضع الزينة لهؤلاء المذكورين كما اقتضى إباحتها للزوج ولما ذكر الله تعالى مع الآباء ذوي المحارم الذين يحرم عليهم نكاحهن تحريما مؤبدا دل ذلك على أن من كان في التحريم بمثابتهم فحكمه حكمهم مثل زوج الإبنة وأم المرأة والمحرمات من الرضاع ونحوهن ، وروي عن سعيد بن جبير أنه سئل عن الرجل ينظر إلى شعر أجنبية  ؟ فكرهه وقال  : ليس في الآية

    قال أبو بكر :  أنه وإن لم يكن في الآية فهو في معنى ما ذكر فيها من الوجه الذي ذكرنا وهذا الذي ذكر من تحريم النظر في هذه الآية إلا ما خص منه إنما هو مقصور على الحرائر دون الإماء وذلك لأن الإماء لسائر الأجنبيين بمنزلة الحرائر لذوي محارمهن فيما يحل النظر إليه فيجوز للأجنبي النظر إلى شعر الأمة وذراعها وساقها وصدرها وثديها كما يجوز لذوي المحرم النظر إلى ذات محرمه لأنه لا خلاف أن للأجنبي النظر إلى شعر الأمة

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم      

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة الرابعة والثلاثون في موضوع البصر وستكون بعنوان:حكم الحجاب للحرائر مختلف عن الإماء

  روي أن عمر كان يضرب الإماء ويقول : اكشفن رؤسكن ولا تتشبهن بالحرائر فدل على أنهن بمنزلة ذوات المحارم ولا خلاف أيضا أنه يجوز للأمة أن تسافر بغير محرم فكان سائر الناس لها كذوي المحارم للحرائر حين جاز لهم السفر بهن ألا ترى إلى قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفرا فوق ثلاث إلا مع ذي محرم أو زوج  ) فلما جاز للأمة أن تسافر بغير محرم علمنا أنها بمنزلة الحرة لذوي محرمها فيما يستباح النظر إليه منها وقوله ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفرا فوق ثلاث إلا مع ذي محرم أو زوج ) دال على اختصاص ذي المحرم باستباحة النظر منها إلى كل ما لا يحل للأجنبي وهو ما وصفنا بداية

     وروى منذر الثوري : أن محمد بن الحنفية كان يمشط أمه  ، وروى أبو البختري أن الحسن والحسين كانا يدخلان على أختهما أم كلثوم وهي تمشط ،وعن ابن الزبير مثله  في ذات محرم منه ، وروي عن إبراهيم أنه لا بأس أن ينظر الرجل إلى شعر أمه وأخته وخالته وعمته وكره الساقين

    قال أبو بكر : لا فرق بينهما في مقتضى الآية  ، وروى هشام عن الحسن في المرأة تضع خمارها عند أخيها قال والله مالها ذلك  ، وروى سفيان عن ليث عن طاوس أنه كره أن ينظر إلى شعر ابنته وأخته  ، وروى جرير عن مغيرة عن الشعبي أنه كره أن يسدد الرجل النظر إلى شعر ابنته وأخته

    قال أبو بكر :وهذا عندنا محمول على الحال التي يخاف فيها أن تشتهى لأنه لو حمل على الحال التي يأمن فيها الشهوة لكان خلاف الآية والسنة ولكان ذو محرمها والأجنبيون سواء والآية أيضا مخصوصة في نظر الرجال دون النساء لأن المرأة يجوز لها أن تنظر من المرأة إلى ما يجوز للرجل أن ينظر من الرجل وهو السرة فما فوقها وما تحت الركبة والمحظور عليهن من بعضهن لبعض ما تحت السرة إلى الركبة

قال أبو بكر : قد عقل من معنى اللفظ النهي عن إبداء الزينة وإظهارها لورود النص في النهي عن سماع صوتها إذ كان إظهار الزينة أولى بالنهي مما يعلم به الزينة فإذا لم يجز بأخفى الوجهين لم يجز بأظهرهما وهذا يدل على صحة القول بالقياس على المعاني التي قد علق الأحكام بها وقد تكون تلك المعاني تارة جلية بدلالة فحوى الخطاب عليها وتارة خفية يحتاج إلى الإستدلال عليها بأصول أخر سواها وفيه دلالة على أن المرأة منهية عن رفع صوتها بالكلام بحيث يسمع ذلك الأجانب إذ كان صوتها أقرب إلى الفتنة من صوت خلخالها ولذلك كره أصحابنا أذان النساء لأنه يحتاج فيه إلى رفع الصوت والمرأة منهية عن ذلك وهو يدل أيضا على حظر النظر إلى وجهها للشهوة إذ كان ذلك أقرب إلى الريبة وأولى بالفتنة (أحكام القرآن ،   ج 5   ص 171 ـ 177 للجصاص أبو بكر)

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم      

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة الخامسة والثلاثون في موضوع البصر وستكون بعنوان:وجوب الحجاب لأم المرأة فتنة

    وقال الحكيم الترمذي : عن أبي أمامة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من نظر إلى محاسن امرأة فغض طرفه في أول نظرة رزقه الله تعالى عبادة يجد حلاوتها في قلبه )

فمحاسن المرأة مجالس الشيطان وموضع زينته التي قال تعالى {tA$s% Éb>u‘ !$oÿÏ3 ‘ÏZoK÷ƒuqøîr&

£`uZÎiƒy—_{ öNßgs9 ’Îû ÇÚö‘F{$#  } الحجر / 39

    فتلك الزينة يلقيها على المحاسن فإن وجد العبد في النظرة على غفلة عملت الزينة التي بيده على عين الناظر عملا ينفذ إلى القلب فيأخذ القلب بمنزلة السهم المسموم إذا خلص إلى الجسد فقد سمه من طرف السهم فدب في جميع الجسد فتلك الزينة التي بيد العدو لها سم فإذا ألقاها على محاسن المرأة فإنما يلقيها ليهيج نفوس الآدميين التي هي ساكنة فإذا نظرت العين وحظها من الدنيا زينة الأشياء وألوانها فإذا أخذت الزينة وألوانها على غفلة وتخطى إلى ما لم يؤذن له في النظر إليها أو فيما أذن له وهو غير ذاكر لله خلصت تلك الزينة التي بيد العدو إلى النفس فهيجتها فصارت بمنزلة السم يدب في جميع الجسد فإذا تأدت إلى القلب خالطت حلاوة الإيمان وحرارته فتكدر الإيمان وانكسفت المعرفة فصارت بمنزلة شمس صارت في كسوف فعلق القلب بتلك النظرة بالمنظور إليها وصارت كجراحة مسمومة .... (نوادر الأصول في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ،  ج 3   ص 177 ،178 للحكيم الترمذي )

    وأخرج ابن حبان بسنده من حديث  ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ نَبْهَانَ حَدَّثَهُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَمَيْمُونَةُ قَالَتُ :فَبَيْنَا نَحْنُ عِنْدَهُ أَقْبَلَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَدَخَلَ عَلَيْهِ وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ أُمِرَ بِالْحِجَابِ قَالَتْ : فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : ( احْتَجِبَا مِنْهُ فَقَالَتَا يَا رَسُولَ اللهِ أَلَيْسَ هُوَ أَعْمَى فَمَا يُبْصِرُنَا وَلاَ يَعْرِفُنَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَلَسْتُمَا تُبْصِرَانِهِ)  (صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان ،  ج 12   ص 389 رقم 5576 )

وعن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (لتغضن أبصاركم ولتحفظن فروجكم أو ليكسفن الله وجوهكم  ) رواه الطبراني

وعن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما من صباح إلا وملكان يناديان ويل للرجال من النساء وويل للنساء من الرجال ) رواه ابن ماجه والحاكم وقال صحيح الإسناد ، وعن عائشة قالت : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد إذ دخلت امرأة من مزينة ترفل في زينة لها في المسجد فقال النبي : ( يا أيها الناس أنهوا نساءكم عن لبس الزينة والتبختر في المسجد فإن بني إسرائيل لم يلعنوا حتى لبست نساؤهم الزينة وتبخترن في المساجد  ) رواه ابن ماجه

وعن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إياكم والدخول على النساء  ) فقال رجل من الأنصار : أفرأيت الحمو ؟ قال : (الحمو الموت ) رواه البخاري ومسلم والترمذي

 ثم قال : ومعنى كراهية الدخول على النساء على نحو ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما  الشيطان والحمو الموت  ) بفتح الحاء المهملة وتخفيف الميم وبإثبات الواو أيضا وبالهمز أيضا هو أبو الزوج ومن أدلى به كالأخ والعم وابن العم ونحوهم وهو المراد هنا كذا فسره الليث بن سعد وغيره وأبو المرأة أيضا ومن أدلى به ، وقيل : هو قريب الزوج فقط ، وقيل : قريب الزوجة فقط قال أبو عبيد في معناه : يعني فليمت ولا يفعلن ذلك فإذا كان هذا رواية في أب الزوج وهو محرم فكيف بالغريب انتهى قاله المنذري رحمه الله تعالى (حسن الأسوة بما ثبت من الله ورسوله في النسوة ،  ج 1   ص 520 ، 521 لمحمد صديق حسن خان الفتوحي )

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم      

 

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة السادسة والثلاثون في موضوع البصر وستكون بعنوان:حرمة النظر الى النساءووجوب غض البصر

     قال ابن تيمية :  إن غض البصر عن الصورة التي نهى عن النظر إليها كالمرأة ، والأمرد الحسن يورث ذلك ثلاث فوائد جليلة القدر :

 إحداها : حلاوة الإيمان ولذته التي هي أحلى وأطيب مما تركه الله فإن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ،

وأما الفائدة الثانية في غض البصر فهو : أنه يورث نور القلب ، والفراسة .

والفائدة الثالثة : قوة القلب ، وثباته ، وشجاعته فيجعل الله سلطان النصرة مع سلطان الحجة . وفي الأثر الجواب الذي يخالف هواه يفرق الشيطان من ظله . ولهذا يوجد في المتبع لهواه من الذل ، ذل النفس وضعفها ومهانتها ، ما جعله الله لمن عصاه

    وقال : { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم

ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم }   ، وقال تعالى : { ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكا منكم من أحد أبدا }  فجعل سبحانه غض البصر ، وحفظ الفرج هو أزكى للنفس ، وبين أن ترك الفواحش من زكاة النفوس ، وزكاة النفوس تتضمن زوال جميع الشرور من الفواحش ، والظلم ، والشرك ، والكذب ، وغير ذلك (الفتاوى الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية ،  ج 1   ص 62 ؛ 65 ،  ج 2   ص 383) 

    وقال ابن حزم : واتفقوا على وجوب غض البصر عن غير حريمه ؛ الزوجة والامة الا أن من أراد نكاح امرأة حل له أن ينظرها (مراتب الإجماع في العبادات والمعاملات والاعتقادات ، ج 1   ص 157 لابن حزم الظاهري أبو محمد )

    وأخرج ابن خزيمة بسنده من حديث ابن عباس عن الفضل بن عباس قال بن رافع قال أخبرني الفضل قال :كنت ردف النبي صلى الله عليه وسلم حين أفاض من المزدلفة وأعرابي يسايره وردفه ابنة له حسناء قال الفضل : فجعلت أنظر إليها فتناول رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهي يصرفني عنها فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة وقال بن رافع يسايره أو يسأله  

     قال أبو بكر : وروى سكين بن عبد العزيز البصري وأنا بريء من عهدته وعهدة أبيه قال أبي : سمعته يقول حدثني بن عباس عن الفضل بن عباس أنه كان رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرفة فجعل الفضل يلاحظ النساء وينظر إليهن وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصرف وجهه بيده من خلفه وجعل الفتى يلاحظ إليهن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا بن أخي إن هذا يوم من ملك فيه سمعه وبصره ولسانه غفر له) (صحيح ابن خزيمة ،   ج 4   ص 260 رقم 2832 )

 وقال السفاريني :  فَوَائِدِ غَضِّ الطَّرْفِ ، وَآفَاتِهِ وَأَحْكَامِهِ وَنَكَبَاتِهِ فِي مَقَامَاتٍ :

( الْمَقَامُ الأَوَّلُ ) فِي فَوَائِدِ غَضِّ الْبَصَرِ

( إحْدَاهَا ) تَخْلِيصُ الْقَلْبِ مِنْ الْحَسْرَةِ فَإِنَّ مَنْ أَطْلَقَ نَظَرَهُ دَامَتْ حَسْرَتُهُ ، فَأَضَرُّ شَيْءٍ عَلَى الْقَلْبِ إرْسَالُ الْبَصَرِ ، فَإِنَّهُ يُرِيهِ مَا لا سَبِيلَ إلَى وُصُولِهِ وَلا صَبْرَ

 لَهُ عَنْهُ ، وَذَلِكَ غَايَةُ الأَلَمِ

( الثَّانِيَةُ ) أَنَّ غَضَّ الطَّرْفِ يُورِثُ الْقَلْبَ نُورًا وَإِشْرَاقًا يَظْهَرُ فِي الْعَيْنِ وَفِي الْوَجْهِ وَفِي الْجَوَارِحِ ، كَمَا أَنَّ إطْلاقَ الْبَصَرِ يُورِثُ ذَلِكَ ظُلْمَةً وَكَآبَةً . سِهَامِ إبْلِيسَ )  

وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِهِ ( فَمَنْ غَضَّ بَصَرَهُ عَنْ مَحَاسِنِ امْرَأَةٍ أَوْرَثَ اللَّهُ قَلْبَهُ نُورًا ) .

َقالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي كِتَابِهِ رَوْضَةِ الْمُحِبِّينَ وَنُزْهَةِ الْمُشْتَاقِينَ لَمَّا ذَكَرَ هَذِهِ الْفَائِدَةَ .

وَلِهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ آيَةَ النُّورِ فِي قَوْلِهِ { اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } عَقِبَ قَوْلِهِ : { قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ } وَتَقَدَّمَ حَدِيثُ ( النَّظَرُ سَهْمٌ مَسْمُومٌ ....

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم      

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة السابعة والثلاثون في موضوع البصر وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:  وجوب غض البصر وفوائده

( الثَّالِثَةُ ) أَنَّهُ يُورَثُ صِحَّةَ الْفِرَاسَةِ فَإِنَّهَا مِنْ النُّورِ وَثَمَرَاتِهِ ، فَإِذَا اسْتَنَارَ الْقَلْبُ صَحَّتْ الْفِرَاسَةُ ، فَإِنَّهُ يَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ الْمِرْآةِ الْمَجْلُوَّةِ تَظْهَرُ فِيهَا الْمَعْلُومَاتُ كَمَا هِيَ ، وَالنَّظَرُ بِمَنْزِلَةِ التَّنَفُّسِ فِيهَا ، فَإِذَا أَطْلَقَ الْعَبْدُ نَظَرَهُ تَنَفَّسَتْ الصُّعَدَاءَ فِي مِرْآةِ قَلْبِهِ فَطَمَسَتْ نُورَهَا كَمَا قِيلَ فِي ذَلِكَ :

مرْآةُ قَلْبِك لا تُرِيك صَلاحَهُ  ××× وَالنَّفْسُ فِيهَا دَائِمًا تَتَنَفَّسُ 

وَقَالَ شُجَاعٌ الْكَرْمَانِيُّ رحمه الله تعالى : مَنْ عَمَّرَ ظَاهِرَهُ بِاتِّبَاعِ السُّنَّةِ ، وَبَاطِنَهُ بِدَوَامِ الْمُرَاقَبَةِ ، وَغَضَّ بَصَرَهُ عَنْ الْمَحَارِمِ ، وَكَفَّ نَفْسَهُ عَنْ الشَّهَوَاتِ وَأَكَلَ مِنْ الْحَلالِ ، لَمْ تُخْطِئْ فِرَاسَتُهُ .

وَكَانَ شُجَاعًا لا تُخْطِئُ لَهُ فِرَاسَةٌ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ يَجْزِي الْعَبْدَ مِنْ جِنْسِ عَمَلِهِ ، فَمَنْ غَضَّ بَصَرَهُ عَنْ الْمَحَارِمِ عَوَّضَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ إطْلاقَ نُورِ بَصِيرَتِهِ ، فَلَمَّا حَبَسَ بَصَرَهُ لَهُ تَعَالَى ، أَطْلَقَ لَهُ بَصِيرَتَهُ جَزَاءً وِفَاقًا .

( الرَّابِعَةُ ) أَنَّهُ يَفْتَحُ لَهُ طُرُقَ الْعِلْمِ وَأَبْوَابَهُ ، وَيُسَهِّلُ عَلَيْهِ أَسْبَابَهُ وَذَلِكَ سَبَبُ نُورِ الْقَلْبِ ، فَإِنَّهُ إذَا اسْتَنَارَ ظَهَرَتْ فِيهِ حَقَائِقُ الْمَعْلُومَاتِ ، وَانْكَشَفَ لَهُ بِسُرْعَةٍ ، وَنَفَذَ مِنْ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ .

وَمَنْ أَرْسَلَ بَصَرَهُ تَكَدَّرَ عَلَيْهِ قَلْبُهُ ، وَأَظْلَمَ ، وَانْسَدَّ عَلَيْهِ بَابُ الْعِلْمِ وَأُحْجِمَ .

( الْخَامِسَةُ ) أَنَّهُ يُورِثُ قُوَّةَ الْقَلْبِ وَثَبَاتَهُ وَشَجَاعَتَهُ

 ، فَيَجْعَلُ اللَّهُ لَهُ سُلْطَانَ الْبَصِيرَةِ مَعَ سُلْطَانِ الْحُجَّةِ

وَفِي أَثَرٍ أَنَّ الَّذِي يُخَالِفُ هَوَاهُ يَفْرَقُ الشَّيْطَانُ مِنْ ظِلِّهِ ، وَلِذَا يُوجَدُ فِي الْمُتَّبِعِ لِهَوَاهُ مِنْ ذُلِّ الْقَلْبِ وَضَعْفِهِ وَمَهَانَةِ النَّفْسِ وَحَقَارَتِهَا مَا جَعَلَهُ اللَّهُ لِمُؤْثِرٍ هَوَاهُ عَلَى رِضَاهُ ، بِخِلافِ مَنْ آثَرَ رِضَا مَوْلاهُ عَلَى هَوَاهُ ، فَإِنَّهُ فِي عِزِّ الطَّاعَةِ وَحِصْنِ التَّقْوَى ، بِخِلافِ أَهْلِ الْمَعَاصِي وَالأَهْوَاءِ .

قَالَ الْحَسَنُ : إنَّهُمْ وَإِنْ هَمْلَجْت بِهِمْ الْبِغَالُ ، وَطَقْطَقْت بِهِمْ الْبَرَاذِينُ ، فَإِنَّ ذُلَّ الْمَعْصِيَةِ لَفِي قُلُوبِهِمْ ، أَبَى اللَّهُ إلا أَنْ يُذِلَّ مَنْ عَصَاهُ .

وَقَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ : النَّاسُ يَطْلُبُونَ الْعِزَّ فِي أَبْوَابِ الْمُلُوكِ وَلايَجِدُونَهُ إلافِي طَاعَةِ اللَّهِ،فَمَنْ أَطَاعَ اللَّهَ فَقَدْ وَالاهُ فِيمَاأَطَاعَهُ فِيهِ ، وَمَنْ عَصَاهُ عَادَاهُ فِيمَا عَصَاهُ فِيهِ

( السَّادِسَةُ ) أَنَّهُ يُورِثُ الْقَلْبَ سُرُورًا وَفَرْحَةً أَعْظَمَ مِنْ الالْتِذَاذِ بِالنَّظَرِ ، وَذَلِكَ لِقَهْرِهِ عَدُوَّهُ وَقَمْعِهِ شَهْوَتَهُ وَنُصْرَتِهِ عَلَى نَفْسِهِ ، فَإِنَّهُ لَمَّا كَفَّ لَذَّتَهُ وَحَبَسَ شَهْوَتَهُ لِلَّهِ تَعَالَى وَفِيهِمَا مَضَرَّةُ نَفْسِهِ الأَمَّارَةِ بِالسُّوءِ ، أَعَاضَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مَسَرَّةً وَلَذَّةً أَكْمَلَ مِنْهُمَا ، كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ : وَاَللَّهِ لَلَذَّةُ الْعِفَّةِ أَعْظَمُ مِنْ لَذَّةِ الذَّنْبِ .

وَلا رَيْبَ أَنَّ النَّفْسَ إذَا خَالَفَتْ هَوَاهَا أَعْقَبَهَا ذَلِكَ فَرَحًا وَسُرُورًا وَلَذَّةً أَكْمَلَ مِنْ لَذَّةِ مُوَافَقَةِ الْهَوَى بِمَا لا نِسْبَةَ بَيْنَهُمَا . وَهُنَا يَمْتَازُ الْعَقْلُ مِنْ الْهَوَى .

( السَّابِعَةُ ) أَنَّهُ يُخَلِّصُ الْقَلْبَ مِنْ أَسْرِ الشَّهْوَةِ ، فَلا أَسْرَ أَشَدُّ مِنْ أَسْرِ الشَّهْوَةِ وَالْهَوَى ، قَدْ سَلَبَ الْحَوْلَ وَالْقُوَّةَ ، وَعَزَّ عَلَيْهِ الدَّوَاءُ ، فَهُوَ كَمَا قِيلَ :

كَعُصْفُورَةٍ فِي كَفِّ طِفْلٍ يَسُومُهَا ***

حِيَاضَ الرَّدَى وَالطِّفْلُ يَلْهُو وَيَلْعَبُ 

( الثَّامِنَةُ ) أَنَّهُ يَسُدُّ عَنْهُ بَابًا مِنْ أَبْوَابِ جَهَنَّمَ ، فَإِنَّ النَّظَرَ بَابُ الشَّهْوَةِ الْحَامِلَةِ عَلَى مُوَاقَعَةِ الْفِعْلِ ، وَتَحْرِيمُ الرَّبِّ تَعَالَى وَشَرْعُهُ حِجَابٌ مَانِعٌ مِنْ الْوُصُولِ ، فَمَتَى هَتَكَ الْحِجَابُ تَجَرَّأَ عَلَى الْمَحْظُورِ ، وَلَمْ تَقِفْ نَفْسُهُ مِنْهُ عِنْدَ غَايَةٍ ، لأَنَّ النَّفْسَ فِي هَذَا الْبَابِ لا تَقْنَعُ بِغَايَةٍ تَقِفُ عِنْدَهَا ، وَذَلِكَ أَنَّ لَذَّتَهُ فِي الشَّيْءِ الْجَدِيدِ .

صَاحِبُ الطَّارِفِ لا يُقْنِعُهُ التَّلِيدُ ، وَإِنْ كَانَ أَحْسَنَ مِنْهُ مَنْظَرًا أَوْ أَطْيَبَ مَخْبَرًا .

فَغَضُّ الْبَصَرِ يَسُدُّ عَنْهُ هَذَا الْبَابَ ، الَّذِي عَجَزَتْ الْمُلُوكُ عَنْ اسْتِيفَاءِ أَغْرَاضِهِمْ فِيهِ ، وَفِيهِ غَضَبُ رَبِّ الأَرْبَابِ .

( التَّاسِعَةُ ) أَنَّهُ يُقَوِّي عَقْلَهُ وَيُثَبِّتُهُ وَيَزِيدُهُ ،َفإِرْسَالُ

 الْبَصَرِ لا يَحْصُلُ إلا مِنْ قِلَّةٍ فِي الْعَقْلِ ، وَطَيْشٍ فِي اللُّبِّ ، وَخَوَرٍ فِي الْقَلْبِ ، وَعَدَمِ مُلاحَظَةٍ لِلْعَوَاقِبِ ، فَإِنَّ خَاصَّةَ الْعَقْلِ مُلاحَظَةُ الْعَوَاقِبِ ، وَمُرْسِلُ الطَّرْفِ لَوْ عَلِمَ مَا تَجْنِي عَوَاقِبُ طَرْفِهِ عَلَيْهِ لَمَا أَطْلَقَ بَصَرَهُ ، وَلِذَا قَالَ بَعْضُهُمْ :

وَأَعْقَلُ النَّاسِ مَنْ لَمْ يَرْتَكِبْ سَبَبًا ××× حَتَّى يُفَكِّرَ مَا تَجْنِي عَوَاقِبُهُ 

( الْعَاشِرَةُ ) أَنَّهُ يُخَلِّصُ الْقَلْبَ مِنْ سَكْرَةِ الشَّهْوَةِ وَرَقْدَةِ الْغَفْلَةِ ، فَإِنَّ إطْلاقَ الْبَصَرِ يُوجِبُ اسْتِحْكَامَ الْغَفْلَةِ عَنْ اللَّهِ وَالدَّارِ الآخِرَةِ ، وَيُوقِعُ فِي سَكْرَةِ الْعِشْقِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي عُشَّاقِ الصُّوَرِ

{لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} فَالنَّظْرَةُ كَأْسٌ مِنْ خَمْرٍ،وَالْعِشْقُ سُكْرُ ذَلِكَ الشَّرَابِ .

وَآفَاتُ الْعِشْقِ تَكَادُ تُقَارِبُ الشِّرْكَ،فَإِنَّ الْعِشْقَ يَتَعَبَّدُ الْقَلْبَ الَّذِي هُوَ بَيْتُ الرَّبِّ لِلْمَعْشُوقِ .

وَفَوَائِدُ غَضِّ الْبَصَرِ وَآفَاتِ إطْلاقِهِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُذْكَرَ ، وَفِيمَا ذَكَرْنَا كِفَايَةٌ .

وَقَدْ عَلِمْت الْفَوَائِدَ وَالآفَاتِ فِي ضِمْنِهَا ، فَمَا مِنْ فَائِدَةٍ إلا تَرْكُهَا آفَةٌ وَمَفْسَدَةٌ .

وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ : قُلْت لأَحْمَدَ رضي الله عنه : الرَّجُلُ يَنْظُرُ إلَى الْمَمْلُوكَةِ ؟ قَالَ أَخَافُ عَلَيْهِ الْفِتْنَةَ ، كَمْ نَظْرَةٍ أَلْقَتْ فِي قَلْبِ صَاحِبِهَا الْبَلابِلَ .

 إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم      

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة الثامنة والثلاثون في موضوع البصر وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:  

فَوَائِدِ غَضِّ الطَّرْفِ في مقامات وموقف الشيطان

 قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما : الشَّيْطَانُ مِنْ الرَّجُلِ فِي ثَلاثَةٍ : فِي بَصَرِهِ وَقَلْبِهِ وَذَكَرِهِ ، وَهُوَ مِنْ الْمَرْأَةِ فِي ثَلاثَةٍ : فِي بَصَرِهَا وَقَلْبِهَا وَعَجُزِهَا .

( المقام الثاني ) : في بعض عقوبات من اطلق نظره في الدنيا ممن اراد الله به خيرا ليزحزه عن المعصية بارسال ذلك . روى ابن عباس رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءه رجل يتشلشل دما فقال له مالك قال مرت بي امرأة فنظرت اليها فلم ازل اتبعها بصري فاستقبلني جدار فضربني فصنع بي ما ترى فقال : ( ان الله تعالى اذا اراد بعبد خيرا عجل له عقوبته  )

    وروى الامام الحافظ ابن الجوزي في تبصرته بسنده عن أبي يعقوب النهر جوري قال: رأيت في الطواف رجلا بفرد عين وهو يقول في طوافه : اعوذ بالله منك ، فقلت له : ماهذا الدعاء ؟ فقال : اني مجاور منذ خمسين سنة فنظرت إلى شخص يوما فاستحسنته فاذا بلطمة وقعت على عيني فسألت على خدي فقلت : اه فوقعت اخرى وقائل يقول : لو زدت لزدناك .

وروى بسنده عن عبد الرحمن بن أحمد ين عيسى بن أبي الادان قال : كنت مع استاذي أبي بكر الدقاق فمر حدث فنظرت اليه فرأني استاذي انظر اليه فقال : يا بني لتجدن غبها ولو بعد حين  ، فبقيت عشرين سنة وانا اراعي ذلك الغب فنمت ليلة وانا متفكر فيه فأصبحت وقد نسيت القران كله .

   وفي تاريخ مكة للأزرقي قال أبو بكر بن أحمد بن نصر الدقاق الكبير قدس الله سره : جاورت بمكة عشر سنين فكنت اشتهي اللبن فغلبتني نفسي فخرجت إلى عسفان واستضفت حيا من احياء العرب فنظرت إلى جارية حسناء بعيني اليمنى فأخذت بقلبي فقلت لها  : قد اخذ كلك بكلي فمالي لغيرك مطمع ، قالت : تفتح بك الدواي الغالبة لو كنت صادقا لذهبت عنك شهوة اللبن  ، قال : فقلعت عيني اليمنى التي نظرت بها اليها ، فقالت : مثلك من نظر الله عنك تعالى  ، فرجعت إلى مكة وطفت اسبوعا ثم نمت فرأيت في منامي يوسف الصديق عليه السلام فقلت : يا نبي الله اقر الله عينيك لسلامتك من زليخا ، فقال لي : يا مبارك بل انت اقر الله عينيك بالسلامة العسفا  ، ثم تلا عليه السلام {ولمن خاف مقام ربه جنتان } فصحت من طيب تلاوته ورخامة صوته وانتبهت واذا بعيني المقلوعة صحيحة .

    وفي التبصرة لابن الجوزي بسنده إلى أبي بكر الاكتاني قال : رأيت بعض اصحابنا في المنام فقلت : ما فعل الله بك ؟ قال : عرض علي سيئاتي فقال : فعلت كذا وكذا فقلت: نعم قال : وفعلت كذا وكذا فاستحييت ان اقر فقلت : فما كان ذلك الذنب قال مر بي غلام حسن الوجه فنظرت اليه .....( غذاء الألباب شرح منظومة الأداب ،  ج 1   ص 553 ،  للسفاريني الحنبلي )

 إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم      

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة التاسعة والثلاثون في موضوع البصر وستكون بعنوان: حكم تعمد تكرار النظر إلى المرأة

ووقعت مسألة : ما تقول السادة العلماء في رجل نظر إلى امرأة نظرة فعلق حبها بقلبه واشتد عليه الأمر فقالت له نفسه هذا كله من أول نظرة فلو أعدت النظر إليها لرأيتها دون ما في نفسك فسلوت عنها فهل يجوز له تعمد النظر ثانيا لهذا المعنى  ؟

فكان الجواب الحمد لله لا يجوز هذا لعشرة أوجه :

 أحدها : أن الله سبحانه أمر بغض البصر ولم يجعل شفاء القلب فيما حرمه على العبد

 الثاني : أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن

 نظر الفجأة وقد علم أنه يؤثر في القلب فأمر

 بمداواته بصرف البصر لا بتكرار النظر

  الثالث : أنه صرح بأن الأولى له وليست له الثانية ومحال أن يكون داؤه مما له ودواؤه فيما ليس له

الرابع : أن الظاهر قوة الأمر بالنظرة الثانية لا تناقصه والتجربة شاهدة به والظاهرأن الأمر كما رآه أول مرة فلا تحسن المخاطرة بالإعادة

الخامس : أنه ربما رأى ما هو فوق الذي في نفسه فزاد عذابه

السادس : أن إبليس عند قصده للنظرة الثانية يقوم في ركائبه فيزين له ما ليس بحسن لتتم البلية

السابع : أنه لا يعان على بليته إذا أعرض عن امتثال أوامر الشرع وتداوى بما حرمه عليه بل هو جدير أن تتخلف عنه المعونة

الثامن : أن النظرة الأولى سهم مسموم من سهام إبليس ومعلوم أن الثانية أشد سما فكيف يتداوى من السم بالسم

التاسع : أن صاحب هذا المقام في مقام معاملة الحق عز وجل في ترك محبوب كما زعم وهو يريد بالنظرة الثانية أن يتبين حال المنظور إليه فإن لم يكن مرضيا تركه فإذا يكون تركه لأنه لا يلائم غرضه لا لله تعالى فأين معاملة الله سبحانه بترك المحبوب لأجله

العاشر : يتبين بضرب مثل مطابق للحال وهو أنك إذا ركبت فرسا جديدا فمالت بك إلى درب ضيق لا ينفذ ولا يمكنها تستدير فيه للخروج فإذا همت بالدخول فيه فاكبحها لئلا تدخل فإذا دخلت خطوة أو خطوتين فصح بها وردها إلى وراء عاجلا قبل أن يتمكن دخولها فإن رددتها إلى ورائها سهل الأمر وإن توانيت حتى ولجت وسقتها داخلا ثم قمت تجذبها بذنبها عسر عليك أو تعذر خروجها فهل يقول عاقل إن طريق تخليصها سوقها إلى داخل فكذلك النظرة إذا أثرت في القلب فإن عجل الحازم وحسم المادة من أولها سهل علاجه وإن كرر النظر ونقب عن محاسن الصورة ونقلها إلى قلب فارغ فنقشها فيه تمكنت المحبة وكلما تواصلت النظرات كانت كالماء يسقي الشجرة فلا تزال شجرة الحب تنمو حتى يفسد القلب ويعرض عن الفكر فيما أمر به فيخرج بصاحبه إلى المحن ويوجب ارتكاب المحظورات والفتن ويلقي القلب في التلف والسبب في هذا أن الناظر التذت عينه بأول نظرة فطلبت المعاودة كأكل الطعام اللذيذ إذا تناول منه لقمة ولو أنه غض أولا لاستراح قلبه وسلم وتأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم :

(النظرة سهم مسموم من سهام إبليس ) فإن السهم شأنه أن يسري في القلب فيعمل فيه عمل السم الذي يسقاه المسموم فإن بادر استفرغه وإلا قتله ولا بد

ولما كان النظر من أقرب الوسائل إلى المحرم اقتضت الشريعة تحريمه وأباحته في موضع الحاجة وهذا شأن كل ما حرم تحريم الوسائل فإنه يباح للمصلحة الراجحة كما حرمت الصلاة في أوقات النهي لئلا تكون وسيلة إلى التشبه بالكفار في سجودهم للشمس أبيحت للمصلحة الراجحة كقضاء الفوائت وصلاة الجنازة وفعل ذوات الأسباب على الصحيح

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم      

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة الأربعون في موضوع البصر وستكون بعنوان: الفرق بين السمع و البصر و أيهما أفضل

   قال ابن القيم : قال شيخنا :والتحقيق أن السمع له مزية والبصر له مزية فمزية السمع العموم والشمول ومزية البصر كمال الإدراك وتمامه فالسمع أعم وأشمل والبصر أتم وأكمل فهذا أفضل من جهة شمول إدراكه وعمومه وهذا أفضل من جهة كمال إدراكه وتمامه (بدائع الفوائد ،   ج 3   ص 686)

 ثم قال : ورجحت طائفة حاسة البصر لكمال مدركها وامتناع الكذب فيه وزوال الريب والشك به ولأنه عين اليقين وغاية مدرك حاسة السمع علم اليقين ،وعين اليقين أفضل وأكمل من علم اليقين ولأن متعلقها رؤية وجه الرب عز وجل في دار النعيم ولا شيء أعلى وأجل من هذا التعلق

  وحكم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بين الطائفتين حكما حسنا فقال : المدرك بحاسة السمع أعم وأشمل والمدرك بحاسة البصر : أتم وأكمل فللسمع العموم والشمول والإحاطة بالموجود والمعدوم والحاضر والغائب والحسي والمعنوي وللبصر : التمام والكمال (مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين ،  ج 2   ص 410 )

وقال السفاريني : وَلَمَّا كَانَ لِلسَّمْعِ وَالْبَصَرِ مِنْ الإِدْرَاكِ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِمَا مِنْ الأَعْضَاءِ كَانَا فِي أَشْرَفِ جُزْءٍ مِنْ الإِنْسَانِ وَهُوَ وَجْهُهُ .

وَاخْتُلِفَ فِي الأَفْضَلِ مِنْهُمَا ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ : السَّمْعُ أَفْضَلُ مِنْ الْبَصَرِ . قالُوا لأَنَّهُ بِهِ تُنَالُ سَعَادَةُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، فَإِنَّهَا إنَّمَا تَحْصُلُ بِمُتَابَعَةِ الرُّسُلِ وَقَبُولِ رِسَالاتِهِمْ ، وَبِالسَّمْعِ عُرِفَ ذَلِكَ ، فَإِنَّ مَنْ لا سَمْعَ لَهُ لا يَعْلَمُ مَا جَاءُوا بِهِ .

وَأَيْضًا فَإِنَّ السَّمْعَ يُدْرَكُ بِهِ أَجَلُّ شَيْءٍ وَأَفْضَلُهُ وَهُوَ كَلامُ اللَّهِ الَّذِي فَضَّلَهُ عَلَى الْكَلامِ كَفَضْلِ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ .

وَأَيْضًا إنَّمَا تُنَالُ الْعُلُومُ بِالتَّفَاهُمِ وَالتَّخَاطُبِ وَلا يَحْصُلُ ذَلِكَ إلا بِالسَّمْعِ ، وَمُدْرَكُ السَّمْعِ أَعَمُّ مِنْ مُدْرَكِ الْبَصَرِ ، فَإِنَّهُ يُدْرِكُ الْكُلِّيَّاتِ وَالْجُزْئِيَّاتِ ، وَالشَّاهِدَ وَالْغَائِبَ ، وَالْمَوْجُودَ وَالْمَعْدُومَ ، بِخِلافِ الْبَصَرِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُدْرِكُ بَعْضَ الْمُشَاهَدَاتِ ، وَالسَّمْعُ يَسْمَعُ كُلَّ عِلْمٍ ، فَأَيْنَ أَحَدُهُمَا مِنْ الآخَرِ .

وَلَوْ فَرَضْنَا شَخْصَيْنِ أَحَدُهُمَا يَسْمَعُ كَلامَ الرَّسُولِ

 وَلا يَرَى شَخْصَهُ ، وَالآخَرُ بَصِيرٌ يَرَاهُ وَلا يَسْمَعُ كَلامَهُ لِصَمَمِهِ هَلْ كَانَا سَوَاءً ؟ وَأَيْضًا فَفَاقِدُ الْبَصَرِ إنَّمَا يَفْقِدُ إدْرَاكَ بَعْضِ الأُمُورِ الْجُزْئِيَّةِ الْمُشَاهَدَةِ وَيُمْكِنُهُ مَعْرِفَتُهَا بِالصِّفَةِ وَلَوْ تَقْرِيبًا بِخِلافِ فَاقِدِ السَّمْعِ ، فَإِنَّ الَّذِي فَاتَهُ مِنْ الْعِلْمِ لا يُمْكِنُ حُصُولُهُ بِحَاسَّةِ الْبَصَرِ وَلا قَرِيبًا مِنْهُ .

وَقَدْ ذَمَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الْكُفَّارَ بِعَدَمِ السَّمْعِ فِي الْقُرْآنِ أَكْثَرَ مِنْ ذَمِّهِ لَهُمْ بِعَدَمِ الْبَصَرِ ، بَلْ إنَّمَا يَذُمُّهُمْ بِعَدَمِ الْبَصَرِ تَبَعًا لِعَدَمِ الْعَقْلِ وَالسَّمْعِ .

وَأَيْضًا الَّذِي يُورِدُهُ السَّمْعُ عَلَى الْقَلْبِ مِنْ الْعُلُومِ لا يَلْحَقُهُ فِيهِ كَلالٌ وَلا سَآمَةٌ وَلا تَعَبٌ مَعَ كَثْرَتِهِ وَعِظَمِهِ ، بِخِلافِ الَّذِي يُورِدُهُ الْبَصَرُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَلْحَقُهُ فِيهِ الْكَلالُ وَالضَّعْفُ وَالنَّقْصُ ، وَرُبَّمَا خَشِيَ صَاحِبُهُ عَلَى

 ذَهَابِهِ مَعَ قِلَّتِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى السَّمْعِ .

 إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم      

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة الواحدة والأربعون في موضوع البصر وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: الفرق بين السمع و البصر و أيهما أفضل

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ ابْنُ قُتَيْبَةَ : بَلْ الْبَصَرُ أَفْضَلُ ، فَإِنَّ أَعْلَى النَّعِيمِ لَذَّةً وَأَفْضَلَهُ مَنْزِلَةً النَّظَرُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي دَارِ الآخِرَةِ ، وَهَذَا إنَّمَا يُنَالُ بِالْبَصَرِ ، وَهَذِهِ وَحْدَهَا كَافِيَةٌ فِي تَفْضِيلِهِ .

قَالُوا وَهُوَ مُقَدِّمَةُ الْقَلْبِ وَطَلِيعَتُهُ وَرَائِدُهُ ، فَمَنْزِلَتُهُ عِنْدَهُ أَقْرَبُ مِنْ مَنْزِلَةِ السَّمْعِ ، وَلِهَذَا كَثِيرًا مَا يُقْرَنُ

 بَيْنَهُمَا فِي الذِّكْرِ كَقَوْلِهِ { فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ }

 فَالاعْتِبَارُ بِالْقَلْبِ وَالْبَصَرُ بِالْعَيْنِ .

وَقَوْلُهُ {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ } وَلَمْ يَقُلْ وَأَسْمَاعَهُمْ .

وَقَالَ تَعَالَى { فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ }

وَقَالَ{ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ } وَهَذَا وَأَمْثَالُهُ يَدُلُّ عَلَى شِدَّةِ الْوَصْلَةِ وَالارْتِبَاطِ بَيْنَ الْقَلْبِ وَالْبَصَرِ .

وَلَمَّا كَانَ الْقَلْبُ أَشْرَفَ الأَعْضَاءِ كَانَ أَشَدَّهَا ارْتِبَاطًا بِهِ أَشْرَفَ مِنْ غَيْرِهِ ، وَلِهَذَا يَأْمَنُهُ الْقَلْبُ عَلَى مَا لا يَأْمَنُ السَّمْعَ عَلَيْهِ ، بَلْ إذَا ارْتَابَ مِنْ جِهَةٍ عَرَضَ مَا يَأْتِيهِ بِهِ عَلَى الْبَصَرِ لِيُزَكِّيَهُ أَوْ يَرُدَّهُ ، فَالْبَصَرُ حَاكِمٌ

 مُؤْتَمَنٌ عَلَيْهِ .

 قالُوا : وَمِنْ هَذَا الْحَدِيثُ الْمَشْهُورُ الَّذِي رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ مَرْفُوعًا ( لَيْسَ الْمُخْبِرُ كَالْمُعَايِنِ ) وَلِذَا أَخْبَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مُوسَى بِأَنَّ قَوْمَهُ اُفْتُتِنُوا مِنْ بَعْدِهِ وَعَبَدُوا الْعِجْلَ فَلَمْ يَلْحَقْهُ فِي ذَلِكَ مَا لَحِقَهُ عِنْدَ رُؤْيَةِ ذَلِكَ وَمُعَايَنَتِهِ مِنْ إلْقَاءِ الأَلْوَاحِ وَكَسْرِهَا لِقُوَّةِ الْمُعَايَنَةِ عَلَى الْخَبَرِ .

وَهَذَا إبْرَاهِيمُ خَلِيلُ اللَّهِ سَأَلَ رَبَّهُ يُرِيهِ كَيْفَ يُحْيِي الْمَوْتَى ، وَقَدْ عَلِمَ ذَلِكَ بِخَبَرِ اللَّهِ لَهُ ، وَلَكِنْ طَلَبَ أَفْضَلَ الْمَنَازِلِ وَهِيَ طُمَأْنِينَةُ الْقَلْبِ .

قَالُوا : وَلِلْيَقِينِ ثَلاثُ مَرَاتِبَ ، أَوَّلُهَا السَّمْعُ ، وَثَانِيهَا الْعَيْنُ وَهِيَ الْمُسَمَّاةُ بِعَيْنِ الْيَقِينِ وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ الْمَرْتَبَةِ الأُولَى وَأَكْمَلُ  .

قَالُوا : وَأَيْضًا فَالْبَصَرُ يُؤَدِّي إلَى الْقَلْبِ وَيُؤَدِّي عَنْهُ ، فَإِنَّ الْعَيْنَ مِرْآةُ الْقَلْبِ يَظْهَرُ فِيهَا مَا يُحِبُّهُ مِنْ الْبُغْضِ وَالْمَحَبَّةِ ، وَالْمُوَالاةِ وَالْمُعَادَاةِ ، وَالسُّرُورِ وَالْحُزْنِ ، وَأَمَّا الأُذُنُ فَلا تُؤَدِّي عَنْ الْقَلْبِ شَيْئًا أَلْبَتَّةَ ، وَإِنَّمَا مَرْتَبَتُهَا الإِيصَالُ إلَيْهِ فحَسْبُ ، فَالْعَيْنُ أَشَدُّ تَعَلُّقًا بِهِ .

قَالَ : وَالصَّوَابُ أَنَّ كُلا مِنْهُمَا لَهُ خَاصِّيَّةٌ فَضَلَ بِهَا الآخَرَ ، فَالْمُدْرَكُ بِالسَّمْعِ أَعَمُّ وَأَشْمَلُ ، وَالْمُدْرَكُ بِالْبَصَرِ أَتَمُّ وَأَكْمَلُ .

السَّمْعُ لَهُ الْعُمُومُ وَالشُّمُولُ ، وَالْبَصَرُ لَهُ الظُّهُورُ وَالتَّمَامُ وَكَمَالُ الإِدْرَاكِ .

وَأَمَّا نَعِيمُ الْجَنَّةِ فَشَيْئَانِ أَحَدُهُمَا النَّظَرُ إلَى اللَّهِ      وَالثَّانِي سَمَاعُ خِطَابِهِ وَكَلامِهِ كَمَا رَوَاهُ الإِمَامِ عَبْدُ اللَّهِ

 ابْنُ الإِمَامِ أَحْمَدَ فِي السُّنَّةِ وَغَيْرِهِ : (كَأَنَّ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَمْ يَسْمَعُوا الْقُرْآنَ إذَا سَمِعُوهُ مِنْ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ ).

قَالَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ سَلامَهُ عَلَيْهِمْ وَخِطَابَهُ لَهُمْ وَمُحَاضَرَتَهُ إيَّاهُمْ كَمَا فِي التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ لا يُشْبِهُهَا شَيْءٌ قَطُّ ، وَلا يَكُونُ أَطْيَبَ عِنْدَهُمْ مِنْهَا .

وَلِهَذَا يَذْكُرُ سُبْحَانَهُ فِي وَعِيدِ أَعْدَائِهِ أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ كَمَا يَذْكُرُ أَصْحَابُهُ عَنْهُمْ وَلا يَرَوْنَهُ ، فَكَلامُهُ وَرُؤْيَتُهُ أَعْلَى نَعِيمِ أَهْلِ الْجَنَّةِ .

    إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم      

 

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة الثانية والأربعون في موضوع البصر وستكون إستكمالا للماضيتين والتي هي بعنوان:           الفرق بين السمع و البصر و أيهما أفضل

وَقَالَ ابن القيم فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ كِتَابِ مِفْتَاحِ دَارِ السَّعَادَةِ : وَاخْتَلَفَ النُّظَّارُ فِي الضَّرِيرِ وَالأَطْرَشِ أَيُّهُمَا أَقْرَبُ إلَى الْكَمَالِ وَأَقَلُّ اخْتِلالا لأُمُورِهِ ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلٍ وَهُوَ أَيُّ الصِّفَتَيْنِ أَكْمَلُ ، صِفَةِ السَّمْعِ أَوْ صِفَةِ الْبَصَرِ ، ثُمَّ أَشَارَ إلَى مَا قَدَّمْنَا وَأَنَّهُ أَيُّ الصِّفَتَيْنِ كَانَ أَكْمَلَ فَالضَّرَرُ بِعَدَمِهَا أَقْوَى .

ثُمَّ قَالَ : وَاَلَّذِي يَلِيقُ بِهَذَا الْمَوْضِعِ أَنْ يُقَالَ : عَادِمُ الْبَصَرِ أَشَدُّهُمَا ضَرَرًا ، وَأَسْلَمُهُمَا دِينًا وَأَحْمَدُهُمَا عَاقِبَةً

وَعَادِمُ السَّمْعِ أَقَلُّهُمَا ضَرَرًا فِي دُنْيَاهُ ، وَأَجْهَلُهُمَا

 بِدِينِهِ ، وَأَسْوَأُ عَاقِبَةً ، فَإِنَّهُ إذَا عَدِمَ السَّمْعَ عَدِمَ الْمَوَاعِظَ وَالنَّصَائِحَ ، وَانْسَدَّتْ عَلَيْهِ أَبْوَابُ الْعُلُومِ النَّافِعَةِ ، وَانْفَتَحَ لَهُ طُرُقُ الشَّهَوَاتِ الَّتِي يُدْرِكُهَا الْبَصَرُ ، وَلا يَنَالُهُ مِنْ الْعِلْمِ مَا يَكُفُّهُ عَنْهَا .

فَضَرَرُهُ فِي دِينِهِ أَكْثَرُ ، وَضَرَرُ الأَعْمَى فِي دُنْيَاهُ أَكْثَرُ .

وَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ فِي الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم أَطْرَشُ ، وَكَانَ فِيهِمْ جَمَاعَةٌ أَضِرَّاءُ ، وَقَلَّ أَنْ يَبْتَلِيَ اللَّهُ أَوْلِيَاءَهُ بِالطَّرَشِ ، وَيَبْتَلِي كَثِيرًا مِنْهُمْ بِالْعَمَى .

َهَذَا فَصْلُ الْخِطَابِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ، فَمَضَرَّةُ الطَّرَشِ فِي الدِّينِ ، وَمَضَرَّةُ الْعَمَى فِي الدُّنْيَا ، وَالْمُعَافَى مَنْ عَافَاهُ اللَّهُ مِنْهُمَا وَمَتَّعَهُ بِسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ ، وَجَعَلَهُ الْوَارِثَ مِنْهُ ( غذاء الألباب شرح منظومة الأداب ، ج 1 ص 553 ، للسفاريني الحنبلي ) وقال ابن بطال  : وتأويل قول إبراهيم : ( ولكن ليطمئن قلبى ) أى بيقين البصر ، واليقين جنسان : أحدهما يقين السمع ، والآخر يقين البصر ، ويقين البصر أعلاهما ؛ ولذلك قال النبى - صلى الله عليه وسلم - : ( ليس الخبر كالمعاينة )( شرح صحيح البخاري ،  ج 9   ص 525  ، لابن بطال البكري القرطبي)

 وقال ابن تيمية : وقد تنازع الناس في السمع والبصر أيهما أكمل فذهبت طائفة منهم ابن قتيبة إلى أن السمع أكمل لعموم ما يعلم به وشموله وذهب الجمهور إلى أن البصر أكمل فليس المخبر كالمعاين وليس كل ما يعاين يمكن الإخبار عنه وليس العلم الحاصل بالخبر كالعلم الحاصل بالعيان وإن كان الخبر لا ريب في صدقه لكن نفس المرئي المعاين لا يحصل العلم به قبل العيان كما يحصل عند العيان .

    والتحقيق في هذا الباب أن العيان أتم وأكمل والسماع أعم وأشمل فيمكن أن يعلم بالسماع والخبر أضعاف ما يمكن علمه بالعيان والبصر أضعافا مضاعفة ولهذا كان الغيب كله إنما يعلم بالسماع والخبر ثم يصير المغيب شهادة والمخبر عنه معاينا وعلم اليقين عين اليقين والمقصود هنا أن الخبر أيضا لا يفيد إلا مع الحس أو العقل فإن المخبر عنه إن كان قد شوهد كان قد علم بالحس وإن لم يكن شوهد فلا بد أن يكون شوهد ما يشبهه من بعض الوجوه وإلا لم يعلم بالخبر شيء فلا يفيد الخبر إلا بعد الحس والعقل (درء تعارض العقل والنقل ،  ج 7   ص 325 )

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم      

 

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة الثالثة والأربعون في موضوع البصر وستكون بعنوان:          

في حال طموح البصر

من احب لقاء الله احب الله لقاءه

    أخرج أحمد بسنده من حديث شُرَيْحُ بن هَانِئ بَيْنَمَا أنا في مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ إِذْ قال أبو هُرَيْرَةَ سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( لاَ يُحِبُّ رَجُلٌ لِقَاءَ اللَّهِ عز وجل الا أَحَبَّ الله لِقَاءَهُ وَلاَ أَبْغَضَ رَجُلٌ لِقَاءَ اللَّهِ الا أَبْغَضَ الله لِقَاءَهُ ) فَأَتَيْتُ عَائِشَةَ فقلت : لَئِنْ كان ما ذَكَرَ أبو هُرَيْرَةَ عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم حَقًّا لقد هلكنا ؟ فقالت : إنما الْهَالِكُ من هَلَكَ فِيمَا قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وما ذَاكَ قال : قال سمعت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول :    ( لاَ يُحِبُّ رَجُلٌ لِقَاءَ اللَّهِ الا أَحَبَّ الله لِقَاءَهُ وَلاَ أَبْغَضَ رَجُلٌ لِقَاءَ اللَّهِ الا أَبْغَضَ الله لِقَاءَهُ ) قالت : وأنا أَشْهَدُ اني سَمِعْتُهُ يقول ذلك فَهَلْ تدري لِمَ ذلك ؟

إذا حَشْرَجَ الصَّدْرُ وَطَمَحَ الْبَصَرُ وَاقْشَعَرَّ الْجِلْدُ

 وَتَشَنَّجَتِ الأَصَابِعُ فَعِنْدَ ذلك من أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ الله لِقَاءَهُ وَمَنْ أَبْغَضَ لِقَاءَ اللَّهِ أَبْغَضَ الله لِقَاءَهُ (مسند الإمام أحمد بن حنبل ،  ج 2   ص 346 رقم 8537)

*الزواج أغض للبصر

قال تعالى : { إن يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهمُ اللّه من فَضْلِهِ } النور : 32 ، واللّه أعلم بالأغنياء كيف هم وقد يغنيهم بالأشياء كقوله : { أَغْنى وأَقْنى } النجم : 48 ، وقد يغنيهم عن الأشياء وهي القناعة والزهد ، وقد يغني نفوسهم عن الأعراض لقول رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : ( ليس الغنى بكثرة العرض إنما الغنى غنى النفس ) ، وقد يغنيهم باليقين كما قال أيضًا : (كفى باليقين غنى )، وقد يغنيهم بغض البصر وتحصين الفرج كما قال : ( من استطاع منكم الباءة فليتزوّج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ) ثم إنّ اللّه عزّ وجلّ قال في الخبر الثاني : من وعد الغنى في التفرق وذلك أيضًا في قوله عزّ وجلّ : { وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللّه كُلاً مِنْ سَعَتِهِ } النساء : 3 . فقد أجمل وجوه الإغناء كلها في هذا المعنى الآخر أيضًا ، ويزيد عليه الغنية بالعصمة والاستغناء عن المكاسب وعن السؤال والمحاسبة على الاكتساب ، والغنية عن حال النساء

 وأحكامهن .

ثم قال في الأمر الثاني من البيان الثاني : { فانْكِحوا ما طابَ لَكُمْ مِنْ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ } النساء : 3 . فهذا دون من الأول لأنه علقه باختيارنا إنْ طاب لنا ، ثم رفع فيه الأربع توسعة منه وتفضيلاً لعلمه بعلاج القلوب وطبائع النفوس وتفاوت سكونها وحركاتها ، ووجود كفايتها ومصالحها ثم رحمنا فقال : { فإنْ خِفْتُمْ ألاّتَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أوْ ما مَلَكِتْ أيْمَانُكُمْ ذلك أدْنى ألاَّ تَعُولُوا } النساء : 3 . فرد إلى الواحدة وهو الحال الأوسط بين الأربع وبين التعزب ، وخير الأمور أوسطها (قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد ،   ج 2   ص 426 ، للأبي طالب المكي )                                قال ابن القيم : من منافع الزواج غض البصر وكف النفس والقدرة على العفة عن الحرام ، والإكثار منه يضعف البصر (الطب النبوي ،  ج 1   ص 195، 205 )

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم      

 

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة الرابعة والأربعون في موضوع البصر وستكون بعنوان:  مجيء الساعة كلمح البصر

قال الطبري :قال تعالى { وما أمر الساعة إلا كلمح البصر } النحل / 77 يقول وما أمر قيام القيامة والساعة التي تنشر فيها الخلق للوقوف في موقف القيامة إلا كنظرة من البصر لأن ذلك إنما هو أن يقال له كن فيكون  

*ضرير البصر لايعفى من حضور

    الجماعة في الصلاة

 أخرج الطحاوي بسنده من حديث زر بن حبيش عن عمرو بن أم مكتوم قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله إني شيخ ضرير البصر شاسع الدار ولي قائد لا يلائمني وبيني وبين المسجد شجر وأنهار فهل لي من عذر أن أصلي في بيتي ؟ فقال:(هل تسمع النداء ؟) قلت:نعم قال: ( فأتها ؟ )

قال أبو جعفر : فكان هذا الحديث من أحسن ما وجدناه في هذا الباب لأن زر بن حبيش قد سمع من عمر بن الخطاب ومن أبي بن كعب فليس بمستنكر منه سماع هذا الحديث من ابن أم مكتوم لأنه قد بقي بعد النبي صلى الله عليه وسلم وحضر فتح القادسية وكان حامل الراية يومئذ لأهلها (شرح مشكل الآثار ،   ج 13   ص 83 ، 84  رقم 5086 ، للطحاوي)

*السواك يجلو البصر ويحده

وقالَ الحَسَنُ  : السِّوَاكُ مطْهَرةٌ للفم ، مَرضاةٌ للرَّب ، مقُرَبَةٌ مِن الملائِكةِ ، مَنْفَرَةٌ للشَّيَاطين ، ويَجْلُو البَصَر ، ويُقِلُّ البَلْغم ، ويُصْلِحُ المعِدَة ، ويشُد اللَّثَتةَ ويُذْهِبُ الحفر(نثر الدر في المحاضرات ،  ج 5   ص 133 ، اسم المؤلف:  أبو سعد منصور بن الحسين الآبي)

    وعن ابن أبي مُليكة قال: قالت عائشة : " مات رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في بيتي، وليلتي، ويومي، وبين سَحْري ونحري، وخلطْتُ ريقه بريقي. فقلت: يا أمّ المؤمنين، وكيف خَلَطت ريقه بريقكِ؟ قالت: دخل عبد الرحمن بن أبي بكر وبيده سواكٌ، فنظر إليه النبي، صلى الله عليه وسلم، فقلتُ: قد اشتهى السواك، فأخذتُ سِواكه فمضغته ثم أعطيته، فاستاك، عليه السلام، فلم يشغل النبي صلى الله عليه وسلم  ، نزول الموت عن  طلب السواك، إذ هو أظرف ما استُعمل، وأنبل ما استُحسن، لأنه يُبيّض الأسنان، ويُصفّي الأذهان، ويُطيّب النكهة، ويطفئ المِرّة، ويُنشّف البلغم، ويَشُدّ اللثّة، ويُقوّي العُمور، ويجلو البصر، ويُحدّ النظر، ويفتح السُّدَدَ، ويُشهّي الطعام.( الموشى ،  ج 1   ص 64    ،  لأبي الطيب محمد بن إسحق بن يحيى الوشاء )

قال المناوي : ومن فوائد السواك : أنه يطهر الفم ويرضي الرب وينقي الأسنان ويطيب النكهة ويشد اللثة ويصفي الحلق عن البلاغم والأكدار ويزكي الفطنة ويقطع الرطوبة ويحد البصر (فيض القدير شرح الجامع الصغير ،  ج 4   ص 148 ،  اسم للمناوي)

                  

*زوجات المؤمنين في الجنة قاصرات الطرف

 قال عز وجل { فيهن قاصرات الطرف } الرحمن / 56 - 61 

 يعني في الجنان من الزوجات غاضات البصر قانعات بأزواجهن لا يشتهين غيرهم ولا ينظرون إلى غيرهم (تفسير السمرقندي المسمى بحر العلوم ،  ج 3   ص 366)

*ذهاب البصر كاملاً فيه الديه كاملة

قال ابن حزم  : واتفقوا أن في ذهاب نفس المسلم خطأ الدية كاملة وأن في ذهاب البصر من كلتا العينين البصيرتين من المسلم الدية كاملة (مراتب الإجماع في العبادات والمعاملات والاعتقادات ،  ج 1   ص 143) وقال ابن قدامة : وفي البصر الدية لأنه النفع المقصود بالعين وفي ذهابه من إحداهما نصفها(الكافي في فقه الإمام أحمد بن حنبل،ج 4ص 97)

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم      

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة الخامسة والأربعون في موضوع البصر وستكون بعنوان: 

*البصيرة الباطنة أقوى من البصر الظاهر

  البصيرة الباطنة أقوى من البصر الظاهر والقلب اشد إدراكا من العين وجمال المعاني المدركة بالعقل اعظم من جمال الصور الظاهرة للأبصار فتكون لا محالة لذة القلب بما يدركه من الأمور الشريفة الإلهية التي تجل عن أن تدركها الحواس أتم وأبلغ فيكون ميل الطبع السليم والعقل الصحيح إليه أقوى ولا معنى للحب إلا الميل إلى ما في إدراكه لذة(إحياء علوم الدين ،  ج 4   ص 297 ، لمحمد الغزالي أبو حامد)

*في الجنة خيل من ذهب خطوها مد البصر

    قال المنذري : وروي عن علي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن في الجنة لشجرة يخرج من أعلاها حلل ومن أسفلها خيل من ذهب مسرجة ملجمة من در وياقوت لا تروث ولا تبول لها أجنحة خطوها مد البصر فيركبها أهل الجنة فتطير بهم حيث شاؤوا فيقول الذين أسفل منهم درجة يا رب بما بلغ عبادك هذه الكرامة كلها قال : فيقال لهم : كانوا يصلون بالليل وكنتم تنامون ، وكانوا يصومون وكنتم  تأكلون وكانوا ينفقون وكنتم تبخلون وكانوا يقاتلون وكنتم تجبنون )( الترغيب والترهيب ، ج 1  ص 240  رقم 911 للمنذري )

*أمرُ الله كلمح البصر                                قال تعالى : { وما أمرنا إلا كلمح البصر  } وهو إخبار عن نفوذ مشيئته في خلقه كما أخبر بنفوذ قدره فيهم فقال { وما أمرنا إلا واحدة } أي إنما نؤمر بالشيء مرة واحدة لا نحتاج إلى تأكيد بثانية فيكون ذلك الذي نأمر به حاصلا موجودا كلمح البصر لا يتأخر طرفة عين (تفسير القرآن العظيم ،  ج 4   ص 269   ، لابن كثير)

*خمسة تقوي البصر

  وهي  : 1= لبس نظيف الثياب  2- والنظر إلى الخضرة  3- والجلوس مستقبل القبلة  4- والكحل عند النوم من حجر يعني بالاثمد  5- النظر إلى اسماء

   وفي الحديث (عليكم بالاثمد فإنه ينور البصر وينبت الشعر) قال بعضهم اختص الاثمد بهذا لأنه من الجبل الذي تجلا عليه الحق سبحانه وتعالى لموسى فلما وقع عليه نور الحق صار دكا واحترق بنور الحق وصار أسود وصار لما وقع عليه من النور ينور البصر وفي رواية الامام أحمد بن حنبل مرفوعا (عليكم بالاثمد المروح فإنه ينور البصر وينبت الشعر والمروح المطيب)

    وروى الحافظ أبو نعيم في تاريخ اصبهان عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاثة يجلين البصر: النظر إلى الخضرة والنظر إلى الوجه  قال الغزالي عن القزويني في كتاب (عجايب المخلوقات) في النظر إلى السماء عشر فوايد وذكر من جملتها أن النظر إلى السماء يصرف الهم ويذهب السوداء.( آداب الأكل ،   ج 1   ص 18 ، اسم   لأحمد بن عماد الدين الأقفهسي )

وفي ختام هذا البحث اسأل الله العلي القدير السميع البصير أن يجعله في ميزان الحسنات ، وأن يجعله علماً نافعاً وعملاً صالحاً متقبلا ؛ اجتهدت فيه غاية جهدي فإن اصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان وأستغفر الله ، وآخر دعوانا أن الحمد لله ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

 

 

البَصَر

تأليف

د/ مسفر بن سعيد دماس الغامدي