البر

 

 

البِرُّ

{وتعاونوا على البر والتقوى }

 

جمع وتأليف

د/ مسفر بن سعيد دماس الغامدي

 

 

البِرُّ

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله ، نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

ﭧﭐﭨ ﭐﱡﭐ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ  ﱟ ﱠ [1].

ﭧﭐﭨ ﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ

ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ  ﱌ ﱍ

ﱎ ﱏ ﱐ ﱑﱒ ﱓ ﱔ ﱕ   ﱗ ﱘﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ [2].

 ﭧﭐﭨﭐ ﱡﭐ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﭐﭐ    ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ  ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ [3]

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ  ﲻﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ [4] وبعد :

فهذه الحلقة الأولى في موضوع (البِرُّ) وهي بعنوان : تعريف البِرّ

معنى البر: الصدق والطاعة، والتنزيل :

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ  ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ [5].

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا )[6].

اختلف العلماء في تفسير البر، فقال بعضهم: البر: الصلاح، وقال بعضهم: البر: الخير. وهو تفسير جامع له لأنه يحيط بجميع ما قالوا، وجعل لبيد البر: التقى حيث يقول: وما البر إلا مضمرات من التقى، وأما قول الشاعر: تحز رؤوسهم في غير بر، معناه: في غير طاعة وخير. وقوله عز وجل:ﭐ ﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇﱈ ﱑ [7] ، قال الزجاج: قال بعضهم: كل ما تقرب به إلى الله عز وجل من عمل خير، فهو إتقان. قال أبو منصور: والبر خير الدنيا والآخرة، فخير الدنيا ما ييسره الله تبارك وتعالى للعبد من الهدى والنعمة والخيرات، وخير الآخرة الفوز بالنعيم الدائم في الجنة، جمع الله لنا بينهما بكرمه رحمته.

وبر يبر إذا صلح. وبر في يمينه يبر إذا صدقه ولم يحنث. وبر رحمه يبرإذا وصله. ويقال: فلان يبر ربه أي يطيعه، ورجل بر بذي قرابته، وبار من قوم بررة وأبرار، والمصدر البر.

تباروا: تفاعلوا من البر.

وفي حديث الاعتكاف:

( آلبر تردن؟ ) أي: الطاعة والعبادة، ومنه الحديث: ( ليس من البر الصيام في السفر ).

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :فهذه الحلقة الثانية في موضوع البر وهي بعنوان :تعريف البر

وفي كتاب قريش والأنصار: ( وإن البر دون الإثم ) أي: أن الوفاء بما جعل على نفسه دون الغدر والنكث. وبرة: اسم علم بمعنى البر، معرفة، فلذلك لم يصرف، لأنه اجتمع فيه التعريف والتأنيث،وقدر بر ربه. وبرت يمينه تبر وتبر برا و برا وبرورا: صدقت. وأبرها: أمضاها على الصدق.

البر: الصادق. وفي

التنزيل العزيزﱡﭐ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ[8]

والبر: من صفات الله تعلى وتقدس: العطوف الرحيم اللطيف الكريم. قال ابن الأثير: في أسماء الله تعالى البر دون البار، وهو العطوف على عباده ببره ولطفه. والبر والبار بمعنى.

الجوهري: وأبر الله حجك لغة في بر الله حجك أي قبله، وقالوا في الدعاء: مبرور مأجور ومبرورا مأجورا.

وقال شمر: الحج المبرور الذي لا يخالطه شيء من المآثم، والبيع المبرور: الذي لا شبهة فيه ولا كذب ولا خيانة. ويقال: بر فلان ذا قرابته يبر برا، وقد بررته أبره.

وفي حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله: ( الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ). قال سفيان: تفسير المبرور: طيب الكلام وإطعام الطعام، وقيل: هو المقبول المقابل بالبر وهو الثواب. وروي عن جابر عن عبد الله قال: قالوا: يا رسول الله، ما بر الحج؟ قال: ( إطعام الطعام وطيب الكلام ). وروي عن ابن عمر أنه قال: إنما سماهم الله أبرارا لأنهم بروا الآباء والأبناء .. وقال أبو زيد: بررت في قسمي وأبر الله قسمي، وقال غيره: أبر فلان قسم فلان وأحنثه، فأما أبره فمعناه أنه أجابه إلى ما أقسم عليه، وأحنثه إذا لم يجبه، ومن الحديث: ( أمرنا بسبع منها إبرار القسم ).

أبو سعيد:برت سلعته إذا نفقت، قال: والأصل في ذلك أن تكافئه السلعة بما حفظها وقام عليها، تكافئه بالغلاء في الثمن[9].

والبر: ضد العقوق وكذا المبرة تقول:

بررت والدي بالكسر أبره برا فأنا بر به و بار وجمع البر أبرار وجمع البار بررة وفلان يبر خالقه ويتبرره أي يطيعه والأم برة بولدها.

وبر في يمينه صدق وبر حجه يبر بالضم فيهما برا بالكسر في الكل وتباروا تفاعلوا من البر والبر ضد البحر والبرية الصحراء والجمع البراري والبريت بوزن فعليت البرية والبربرة صوت وكلام في غضب تقول منه بربر فهو بربار جيل من الناس وهم البرابرة والبُرجمع بُرة من القمح[10]، [11]

وقد أخرج مسلم بسنده من حديث النواس بن سمعان الأنصاري قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم؟ فقال: ( البر حسن الخلق والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس )[12].

وذكر أهل التفسير أن البر في القرآن على ثلاثة أوجه:

أحدها: الصلة، ومنه قوله تعالىﭐﱡﭐ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ  ﳊ ﳋ ﳌ ﳍﳎ ﳏ ﳐ ﳑ ﳒ [13]أراد أن تصلوا القرابة. وفي الممتحنة:ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ [14]   

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :فهذه الحلقة الثالثة في موضوع البر وهي بعنوان :تعريف البر

والثاني:الطاعة.ومن قوله تعالى:ﱡﭐ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿﳀ  [15]، و في مريم:ﱒ ﱓﱘ[16]،وفيهاﭐﱡﭐ ﲎ ﲏ [17]، وقوله تعالى: ﭐﱡﭐ  ﲪ ﲫﲬ [18]، وقوله تعالى: ﭐﱡﭐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ  [19]، وقوله تعالىﭐﱡﭐﱺ ﱻ،ﱽ ﱾ ﱿ [20]

الثالث:التقوى.ومنه قوله تعالىﭐﱡﭐ 

    ﲘ ﲙ ﲚ ﲛﲜ ﲝ ﲞ ﲟ  [21].[22]

قال العلماء: البر يكون بمعنى الصلة وبمعنى اللطف والمبرة وحسن الصحبة والعشرة وبمعنى الطاعة وهذه الأمور هي

مجامع حسن الخلق[23].

والبر بكسر الموحدة هو التوسع في فعل الخير، والبر بفتحها المتوسع في الخيرات وهو من صفات الله تعالى[24].

والبر بالكسر: الإحسان وهو في حق الوالدين وحق الأقربين من الأهل ضد العقوق وهو الإساءة

إليهم والتضييع لحقهم، يقال بريبرفهو بار وجمعه برره.

والبر والبار بمعنى وجمع البر أبرار وهو كثيرا ما يخص بالأولياء والزهاد والعباد وقال في القاموس البر ضد العقوق بررته وأبره كعلمته وضربته.

وصلة الرحم كناية عن الإحسان إلى الأقربين من ذوي النسب والاصهار والتعطف عليهم والرفق بهم وقطع الرحم ضد ذلك يقال وصل

رحمه يصلها وصلا وصلة[25].

وأخرج بن أبي الدنيا بسنده من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: البر شيء هين وجه طليق وكلام لين[26].

ولفظ البرإذا أطلق تناول جميع ما أمر الله به

قال ابن تيمية: لفظ البر إذا أطلق تناول جميع ما أمر الله به كما في قوله: ﭐﱡﭐ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ [27]

وقوله:       ﲯ ﲰ ﲱ ﲲﲳ [28]، وقولهﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ  ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ  ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ  ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ  ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨﱩ  ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯﱰ ﱱ ﱲ  ﱳﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ [29].

فالبر إذا أطلق كان مسماه مسمى التقوى

والتقوى إذا أطلقت كان مسماها مسمى البر ثم قديجمع بينهما كما في قوله تعالى: ﭐﱡﭐ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿﳀ [30].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :فهذه الحلقة الرابعة في موضوع البر وهي بعنوان :تعريف البر

ولفظ الإيمان إذا أطلق في القرآن والسنة يراد به ما يراد بلفظ البر وبلفظ التقوى وبلفظ الدين ... فإن النبي صلى الله عليه وسلم بين: ( أن الإيمان بضع وسبعون شعبة أفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ) فكان كل ما يحبه الله يدخل  في اسم الإيمان وكذلك لفظ (البر) يدخل فيه جميع ذلك إذا أطلق وكذلك لفظ (التقوى) وكذلك (الدين أو دين الإسلام)، وكذلك روى أنهم سألوا عن الإيمان فأنزل الله هذه الآية:ﱡﭐﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ الآية

وقد فسر البر بالإيمان وفسر بالتقوى وفسر بالعمل الذي يقر إلى الله والجميع حق وقد روى مرفوعا إلى النبي(أنه فسر البر بالإيمان ).

قال محمد بن نصر حدثنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ والملائي قالا حدثنا المسعودي عن القاسم قال: جاء رجل إلى أبي ذر فساله عن الإيمان؟ فقرأ ﭐﱡﭐﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆإلى آخر الآية، فقال الرجل: ليس عن البر سألتك؟ قال: جاء رجل إلى النبي فسأله عن الذي سألتني عنه فقرأ عليه الذي قرأت عليك فقال له الذي قلت لي فلما أبى أن يرضى قال له: (إن المؤمن الذي إذا عمل الحسنة سرته ورجا ثوابها وإذاعمل السيئة ساءته وخاف عقابها ).

ثم قال حدثنا إسحاق حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن عبد الكريم الجزري عن مجاهد أن أبا ذر سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان؟ فقرأ عليه ﭐﱡﭐ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ إلى آخر الآية.

وروى بإسناده عن عكرمة قال: سئل الحسن بن علي بن أبي طالب مقبله من الشام عن الإيمان؟ فقرأ ﭐﱡﭐ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ إلى آخر الآية.

وروى بن بطة بإسناده عن مبارك بن حسان قال: قلت لسالم الأفطس: رجل أطاع الله فلم يعصه ورجل عصى الله فلم يطعه فصار المطيع إلى الله فأدخله الجنة صار العاصي إلى الله فأدخله النار يتفاضلان في الإيمان؟ ، قال: لا، قال: فذكرت ذلك العطاء، فقال: سلهم الإيمان طيب أو خبيث؟ فإن الله تعالى: ﭐﱡﭐ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ  ﲅ ﲆﲇ ﲈ ﲉﲊ   ﲌ ﲍﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ [31] ، فسألتهم فلم يجيبوني، فقال بعضهم : أن الإيمان يبطن ليس معه عمل، فذكرت ذلك لعطاء فقال: سبحان الله أما يقرؤون الآية التي في البقرة

ﭐﱡﭐﱂ ﱃﱄ ﱅﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ  ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ  ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨﱩ  ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯﱰ ﱱ ﱲ  ﱳﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ][32] وقال في آية  البر :  ﱡﭐﱘ ﱙ ﱚ [33] فجعل الأبرار هم المتقين عند الإطلاق والتجريد، وقد ميز  بينهما عند الاقتران والتقييد في قوله:ﱡﭐ ﲽ ﲾ ﲿﳀ  [34] ، ودلت هذه الآية على أن مسمى الإيمان ومسمى البر ومسمى التقوى عند الإطلاق واحد فالمؤمنون هم المتقون وهم الأبرار[35].

ثم قال ابن تيمية: إن المؤمن المطلق هو

القائم بالواجبات المستحق للجنة إذا مات على ذلك، وإن المفرط بترك المأمور أو فعل المحظور لا يطلق عليه أنه مؤمن، وأن المؤمن المطلق هو البر التقي ولي الله، فإذا قال: أنا المؤمن قطعا كان كقوله أنا بر تقي ولي الله قطعا[36].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :فهذه الحلقة الخامسة في موضوع البر وهي بعنوان :تعريف البر

*الفرق بين البر وغيره:

الفرق بين البر والصلة

إن البر :سعة الفضل المقصود إليه، والبر أيضا يكون بلين الكلام، وبره والده بجميل القول والفعل، قال الراجز:

بني إن البر شيء هين                 ووجه طليق وكلام لين

والصلة: البر المتأصل، واصل الصلة؛ وصلة على فعلة هي للنوع والهيئة، يقال: بار وصول أي يصل بره فلا يقطعه، وتواصل القول تعاملوا بوصول بر كل واحد منهم إلى صاحبه، وواصله عامله بوصول البر وفي القرآن:ﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ [37] ، أي كثرنا وصول بعضه ببضع بالحكم الدالة على الرشد.

*الفرق بين البر والصدقة

إذا تصدقت على الفقير فأنت تسد خلته

وهو نوع من أنواع البر، وإذا بررت ذا الحق فأنت تجلب مودته، ومن ثم قيل بر الوالدين، ويجوز أن يقال البر: هو النفع الجليل، ومنه قليل: البَرّ لسعته محلا له منفعه، ويجوز أن يقال: البر سعة النفع وقيل: البر: الشفقة.

*الفرق بين البر والقربان

القربان هو البر الذي يتقرب به إلى الله وأصله المصدر مثل الكفران والشكران

*الفرق بين البر والخير

البر متضمن جعل عاجل قد قصد وجه النفع به، وأما الخير فمطلق حتى لو وقع عن سهو لم يخرج عن استحقاق الصفة به ونقيض الخير الشر ونقيض البر العقوق[38].

*النظر في وجه الوالدين عباده :

رحمة وبر الوالدين تتمثل في أشياء كثيرة منها: العطاء، ولطف الكلام، وتقديم الخدمات لهما ووصلهما ... ومنه النظر إلى وجههما ...

أخرج الإمام أحمد بسنده من حديث عمار قال: قلت للحسن: يا أبا سعيد ما البر؟ قال: البذل واللطف، قلت: فما العقوق؟ قال:أن تحرمهما تهجرهما، قال: أما علمت أن نظرك في وجه والديك أو والدتك عبادة[39]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :فهذه الحلقة السادسة في موضوع البر وهي بعنوان:

*البَرُّ: اسم من أسماء الله

قال البخاري: باب إن لله مائة اسم إلا واحد قال بن عباس: ذو الجلال أي العظمة، والبر أي اللطيف.

وأخرج بسنده من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة ) أحصيناه حفظناه[40].

والإحصاء في اللغة على وجهين: أحدهما: بمعنى الإحاطة بعلم عدد الشيء وقدره، ومنه قوله:ﱡﭐﳣ ﳤ ﳥ ﳦ ﳧ [41] ، وهذا قول الخليل.

والثاني: بمعنى: الإطاقة له، كقوله تعالى: ﭐﱡﭐ ﱁﱗ ﱘ ﱙ ﱚ [42] أي لن تطيقوه. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( استقيموا ولن تحصوا ) أي: لن تطيقوا العمل بكل ما الله عليكم، والمعنى في ذلك كله متقارب، وقد يجوز أن يكون المعنى: من أحصاها عددا[43].

قال تعالى: ﭐﱡﭐ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ  ﲻﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ [44]

ولما ذكروا إشفاقهم، بينوه مؤكدين أيضا

لمثل ذلك بقولهم:  ﲷ ﲸ     أي بما طبعنا عليه وهيئنا له.

ولما كان الدعاء بمعنى فعل العبادة، وكانت تقع في بعض الزمان، أثبت الجار إشارة إلى ذلك مع إسقاطه قبل هذا الدعاء بالقوة إشارة إلى أن التحلي بالفضائل يرضى منه باليسر، والتخلي عن الرذائل لا بد فيه من البراءة عن كل قليل وكثير فقيل: [ﲹ ﲺ] أي في الدنيا [ﲻﲼ ] أي نسأله ونعبده بالفعل، وأما خوفنا بالقوة فقد كان في كل حركة وسكنة، ثم عللوا دعاءهم إياه مؤكدين لأن إنعامه عليهم مع تقصيرهم مما لا يكاد يفعله غيره، فهو مما يعجب منه غاية العجب فقالوا:[ﲽ ﲾ ] أي وحده[ البَرّ ] الواسع الجود الذي عطاؤه حكمة ومنعه رحمة، لأنه لا ينقصه إعطاء ولا يزيده منع، فهو يبر عبده المؤمن بما يوافق نفسه فربما بره بالنعمة وربما بره بالبؤس، فهو يختار له من الأحوال ما هو خير له ليوسع له في العقبى، فعلى المؤمن أن لا يتهم ربه في شيء من قضائه [ ] المكرم لمن أراد من عباده بإقامته فيما يرضاه من طاعته، ثم بإفضاله عليه وإن قصر في خدمته[45].

والبَرُّ: هو المحسن والبر المطلق هو الذي منه كل مبرة وإحسان، والعبد إنما يكون برا بقدر ما يتعاطاه من البر ولا سيما بوالديه وأساتذته وشيوخه[46].

ﭐﱡﭐﲽ ﲾ ﲿ قال ابن عباس: اللطيف وقيل: يعني الصادق فيما وعد. وقيل: البر العطوف على عباده المحسن إليهم الذي عم بره جميع خلقه[47].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :فهذه الحلقة السابعة في موضوع البر وهي بعنوان:

*البَرُّ: اسم من أسماء الله

والله تعالى بر بخلقه في معنى أنه يحسن إليهم ويصلح أحوالهم[48].

ﱡﭐﲷ ﲸ ﲹ ﲺ  ﲻﲼ يعني في الدنيا ندعو الرب ﭐﱡﭐﲽ ﲾ ﲿ   الصادق في قوله وفيما وعد لأوليائه[49].

وأنه سبحانه كما أنه البر الرحيم الودود المحسن فهو الحكيم الملك العدل فلا تناقض حكمته رحمته بل يضع رحمته وبره وإحسانه موضعه ويضع عقوبته وعدله وانتقامه وبأسه موضعه وكلاهما مقتضى عزته وحكمته وهو العزيز الحكيم فلا يليق بحكمته أن يضع رضاه ورحمته موضع العقوبة والغضب ولا يضع غضبه وعقوبته موضع رضاه ورحمته ولا يلتفت إلى قول من غلظ حجابه عن الله تعالى أن الأمرين بالنسبة إليه على حد سواء ولا فرق أصلا وإنما هو محض المشيئة بلا سبب ولا حكمة[50].

وقوله تعالىﭐﱡﭐﱋ ﱌ  ﱍ ﱎ ﱏ [51]     

،أي أقبلوا يتحادثون ويتساءلون عن أعمالهم وأحوالهم في الدنيا وهذا كما يتحادث أهل الشراب على شرابهم إذا أخذ فيهم الشراب بماكان من أمرهم ﲹ ﲺ  ﲻﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ [52] ، أي كنا في الدار الدنيا ونحن بين أهلينا خائفين من ربنا مشفقين من عذابه وعقابه ﭐﱡﭐ ﲰ ﲱ  ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ [53] ، أي فتصدق علينا وأجارنا مما نخاف ﭐﱡﭐ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ  ﲻﲼ   أي نتضرع فاستجاب لنا وأعطانا سؤالنا

ﭐﱡﭐ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ...

وعن مسروق عن عائشة أنها قرأت هذه الآية: ﭐﱡﭐ ﲰ ﲱ  ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ  ﲻﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ [54] فقالت: اللهم من علينا وقنا عذاب السموم إنك أنت البر الرحيم قيل للأعمش في الصلاة قال: نعم[55].ﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ  ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ

قال ابن عباس: يعني الجنة، وقيل: البر هو التقوى، وقيل: هو الطاعة، وقيل: معناه لن تنالوا حقيقة البر ولن تكونوا أبرارا حتى تنفقوا مما تحبون، وقيل: معناه لن تنالوا بر الله وهو ثوابه؛ وأصل البر التوسع في فعل الخير، يقال بر العبد ربه أي توسع في طاعته فالبر من الله الثواب ومن العبد الطاعة وقد يستعمل في الصدق وحسن الخلق لانهما من الخير المتوسع فيه.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :فهذه الحلقة الثامنة في موضوع البر وهي بعنوان:

*البَرُّ: اسم من أسماء الله

أخرج ابن ماجة: بسنده من حديث عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الصدق يهدي إلى البر وان البر يهدي إلى الجنة وأن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا، وإن الكذب يهدي إلى الفجور إن الفجور يهدي إلى النار وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا ).

وأخرج مسلم بسنده من حديث النواس بن سمعان قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم؟ فقال: ( البر حسن الخلق والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس ) فعلى هذا يكون المعنى عليكم بالأعمال الصالحة حتى تكونوا أبرارا وتدخلوا في زمرة الأبرار.

وروي عن مجاهد قال: كتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري أن يبتاع له جارية من سبي جلولاء يوم فتحت فلما جاءت أعجبته  فقال عمر: إن الله عز وجل يقول: ﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇﱈ[56] فأعتقها عمر.

وعن حمزة بن عبد الله بن عمر أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما خطرت على قلبه هذه الآية: ﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇﱈ قال عبد الله فذكرت ما أعطاني الله تعالى فما كان شيء أحب إليّ من فلانة فقلت: هي حرة لوجه الله تعالى، قال: ولو أني لا أعود في شيء جعلته لله لنكحتها.

وعن عمرو بن دينار قال: لما نزلت هذه الآية: ﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇﱈ جاء زيد بن حارثة بفرس يقال لها سيل كان يحبها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: تصدق بهذه يا رسول الله فأعطاها رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد بن حارثة فقال يا رسول الله إنما أردت أن أتصدق بها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: : ( قد قبلت صدقتك ) وفي رواية كأن زيداً وجد في نفسه فلما

رأى ذلك منه النبي صلى الله عليه وسلم قال: أما عن الله قد قبلها.

وروي أن أبا ذر نزل به ضيف فقال للراعي : ائتني بخير إبلي فجاء بناقة مهزولة فقال للراعي: خنتني ، فقال الراعي وجدت خير الإبل فحلها فذكرت يوما حاجتكم إليه فقال: إن يوم حاجتي إليه ليوم أوضع في حفرتي[57].
 إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :فهذه الحلقة التاسعة في موضوع البر وهي بعنوان:

*البَرُّ: اسم من أسماء الله

وأخرج البخاري بسنده من حديث عبد الله

بن أبي طلحة أنه سمع أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: كان أبو طلحة أكثر أنصاريّ بالمدينة نخلا وكان أحب أمواله إليه بَيرُحَاء وكانت مستقبلة المسجد وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيّب فلما أنزلت: ﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇﱈ قام أبو طلحة فقال: يا رسول الله إن الله يقول: ﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅﱆ ﱇﱈوإن أحب أموالي إليّ بَيرُحَاء وإنها صدقة لله أرجو بًرّهَا وذُخرَها عند الله  فضعها يا رسول الله حيث أراك الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(بَخٍ ذلك مالٌ رابحٌ وقد سمعت ما قلت وإني أرى أن تجعلها في الأقربين) قال أبو طلحة: أَفعَلُ يا رسول الله فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمِّه ).

ثم قال البخاري: حدثنا محمد بن عبد الله

حدثنا الأنصاري قال حدثني أبي عن ثمامة عن أنس رضي الله عنه قال فجعلها لحسان وأُبَيٍّ وأنا أقرب إليه ولم يجعل لي منها شيئا [58]، [59]

قوله سبحانه:ﱡﭐﱁ ﱂ ﱃﱄ ﱅ

 ، يقول: لن تستكملوا التقوى حتى تنفقوا

في الصدقةﱡﭐﱆ ﱇﱈ من الأموال،

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ يعني من صدقةﱡﭐﱍ ﱎ ﱏ ﱐيعني عالم به.

أخرج أبو داوود بسنده من حديث ابن عمر: خطرت على قلبي هذه الآية: ﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇﱈ ، ففكرت فيما أعطاني الله، فلم يكن شيء أحب إليّ من رميثة، فهي حرة لوجه الله تعالى، فلولا أن أكره أن أعود في شيء جعلته لله لنكحتها. ثم أنكحها نافعا مولاه[60]

   قال ابن عطية: انه ما يفعله البر من أفاعيل الخير فتحتمل الآية أن يريد لن تنالوا بر الله تعالى بكم أي رحمته ولطفه ويحتمل أن يريد لن تنالوا درجة الكمال من فعل البر حتى تكونواأبرارا إلا بالإنفاق المنضاف إلى سائر أعمالكم وبسبب نزول هذه الآية تصدق أبو طلحة بحائطه المسمى بيرحاء وتصدق زيد بن حارثة بفرس كان يحبها[61].

 وقال الرازي: اعلم أنه تعالى لما بيّن أن الإنفاق لا ينفع الكافر ألبتة عمل المؤمنين كيفية الإنفاق الذي ينتفعون به في الآخرة، فقال:ﱡﭐﱁ ﱂﱃﱄ ﱅ ﱆ ﱇﱈ وبيّن في هذه الآية أن من أنفق مما أحب كان من جملة الأبرار،ثم قال في آية أخرى ﱡﭐ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ [62] ، وقال أيضا: ﭐﱡﳑﳒ ﳓ ﳔ ﳕ ﳖ ﳗ ﳘ  [63] ، وقال أيضا: ﭐﱡﭐ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲨ ﲩ ﲪ ﲬ ﲭ  ﲮ ﲯ ﲰ   ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲷ ﲸﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ [64] ، وقال: ﱡﭐ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ [65] ، فالله تعالى لما فصل في سائر الآيات كيفية ثواب الأبرار اكتفى ههنا بأن ذكر أن من أنفق ما أحب نال البر.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :فهذه الحلقة العاشرة في موضوع البر وهي بعنوان:

أكثر أعمال الخير، سماه الله البر

قال تعالى:ﭐﱡﭐﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ  ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ  إلى آخر الآية، فذكر في هذه الآية أكثر أعمال الخير، وسماه البر ثم قال في هذه الآية: ﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇﱈ  والمعنى أنكم وإن أتيتم بكل تلك الخيرات المذكورة في تلك الآية فإنكم لا تفوزون بفضيلة البر حتى تنفقوا مما تحبون، وهذا يدل على أن الإنسان إذا أنفق ما يحبه كان ذلك أفضل الطاعات، وههنا بحث هو: أن لقائل أن يقول كلمة حتى لانتهاء الغاية فقوله: ﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇﱈ يقتضي أن من أنفق مما أحب فقد نال البر ومن نال البر دخل تحت الآيات الدالة على عظم الثواب للأبرار، فهذا يقتضي أن من أنفق ما أحب وصل إلى الثواب العظيم وإن لم يأت بسائر الطاعات، وهو باطل.

وجواب هذا الإشكال: أن الإنسان لا يمكنه أن ينفق محبوبه إلا إذا توسل بإنفاق ذلك المحبوب إلى وجدان محبوب أشرف من الأول، فعلى هذا الإنسان لا يمكنه أن ينفق الدنيا في الدنيا إلا إذا تيقن سعادة الآخرة، ولا يمكنه أن يعترف بسعادة الآخرة إلا إذا أقر بوجود الصانع العالم القادر، واقر بأنه يجب عليه الانقيادلتكاليفه وأوامره ونواهيه ، فإذا تأملت علمت أن الإنسان لا يمكنه إنفاق الدنيا في الدنيا إلا إذا كان مستجمعا لجميع الخصال المحمودة في الدنيا، ولنرجع إلى التفسير فنقول هذه الآية فيها مسائل:

المسألة الأولى: كان السلف إذا أحبوا شيئا جعلوه لله، روي أنه لما نزلت هذه الآية قال أبو طلحة: يا رسول الله لي حائط بالمدينة وهو أحب أموالي إليّ أفأتصدق به؟ فقال عليه السلام: ( بخ بخ ذاك مال رابح، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين ) فقال أبو طلحة: أفعل يا رسول الله ، فقسمها في أقاربه، ويروى أنه جعلها بين حسان بن ثابت وأُبي بن كعب رضي الله عنهما، وروي أن زيد بن حارثة رضي الله عنه جاء عند نزول هذه الآية بفرس له كان يحبه وجعله في سبيل الله، فحمل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة، فوجد زيد في نفسه فقال عليه السلام: ( إن الله قد قبلها ) واشترى ابن عمر جارية أعجبته فأعتقها فقيل له: لم أعتقها ولم تصب منها؟ فقال: ﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇﱈ .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة الحاديةعشرة في موضوع البر وهي بعنوان:

المسألة الثانية: للمفسرين في تفسير البر قولان:

أحدهما: ما به يصيرون أبرارا حتى

يدخلوا في قوله ﱡﭐ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ

 فيكون المراد بالبر ما يحصل منهم من الأعمال المقبولة.

والثاني: الثواب والجنة فكأنه قال: لن تنالواهذه المنزلة إلابالإنفاق على هذه الوجه.

أما القائلون بالقول الأول، فمنهم من قال: [ البَرّ ]هو التقوى واحتج بقولهﱡﭐ  ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ إلى قوله: ﱡﭐ ﱱ ﱲ  ﱳﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ البقرة: ١٧٧ ، وقال أبو ذر: إن البر هو الخير، وهو قريب مما تقدم.

وأما الذين قالوا: البر هو الجنة فمنهم من

 قال: ﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ أي لن تنالوا

ثواب البر، ومنهم من قال: المراد بر الله أولياءه وإكرامه إياهم وتفضله عليهم، وهو من قول الناس: برني فلان بكذا، وبر فلان لا ينقطع عني، وقال تعالى: ﱡﭐ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﭐﱡﭐ ﱶ ﱷ الممتحنة: ٨ .

المسألة الثالثة: اختلف المفسرون في قوله:[ﱆ ﱇ]منهم من قال: إنه نفس المال، قال تعالى: ﭐﱡﭐ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ العاديات: ٨، ومنهم من قال:أن تكون الهبة رفيعة جيدة،قال تعالى: ﭐﱡﭐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ البقرة: ٢٦٧، ومنهم من قال: ما يكون محتاجا إليه قال تعالى: ﭐﱡﭐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ  الإنسان: ٨ ، أحد تفاسير الحب في هذه الآية على حاجتهم إليه، وقال: ﭐﱡﭐ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ ﳌﳍ    الحشر: ٩ ، وقال عليه السلام: ( أفضل الصدقة ما تصدقت به وأنت صحيح شحيح تأمل العيش وتخشى الفقر ) والأولى أن يقال: كل ذلك معتبر في باب الفضل وكثرة الثواب.

المسألة الرابعة: اختلف المفسرون في أن هذا الانفاق، هل هو الزكاة أو غيرها؟ قال ابن عباس: أراد به الزكاة، يعني حتى تخرجوا زكاة أموالكم، وقال الحسن: كل شيء أنفقه المسلم من ماله طلب به وجه الله فإنه من الذين عنى الله سبحانه بقوله: ﭐﱡﭐﱁ ﱂ ﱃﱄ ﱅ ﱆ ﱇﱈ حتى التمرة، والقاضي اختار القول الأول، واحتج عليه بأن هذا الاتفاق، وقف الله عليه كون المكلف من الأبرار، والفوز بالجنة، بحيث لو لم يوجد هذا الانفاق، لم يصر العبد بهذه المنزلة، وما ذاك إلا الانفاق الواجب، وأقول: لو خصصنا الآية بغير الزكاة لكان أولى لأن الآية مخصوصة بإيتاء الأحب، والزكاة الواجبة ليس فيها إيتاء الأحب، فإنه لا يجب على المزكي أن يخرج أشرف أمواله وأكرمها، بل الصحيح أن هذه الآية مخصوصة بإيتاء المال على سبيل الندب.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة الثانيةعشرة في موضوع البر وهي بعنوان:

المسألة الخامسة:نقل الواحدي عن مجاهد والكلبي:أن هذه الآية منسوخة بآية الزكاة ، وهذا في غاية البعد لأن إيجاب الزكاة كيف ينافي الترغيب في بذل المحبوب لوجه الله سبحانه وتعالى.

المسألة السادسة:قال بعضهم كلمة [ مِنْ ]

في قوله ﱆ ﱇﱈ للتبعيض، وقرأ عبد الله [ حتى تنفقوا بعض ما تحبون ] وفيه إشارة إلى أن إنفاق الكل لا يجوز ثم قال: ﭐﱡﭐ ﳇ ﳈ ﳉ  ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐ ﳑ ﳒ  الفرقان: ٦٧ وقال آخرون: إنها للتبيين.

وأما قوله: [ وما ينفقوا من شيء فإن الله به عليم ] ففيه سؤال: وهو أن يقال: قيل فإن الله به عليم على جهة جواب الشرط مع أن الله تعالى يعلمه على كل حال.

والجواب: من وجهين الأول: أن فيه معنى الجزاء تقديره: وما تنفقوا من شيء فإن الله به يجازيكم قل أم كثر، لأنه عليم به لا يخفى عليه شيء منهن فجعل كونه عالما بذلك الإنفاق كناية عن إعطاء الثواب، والتعريض في مثل هذا الموضع يكون أبلغ من التصريح والثاني: أنه تعالى يعلم الوجه الذي لأجله يفعلونه ويعلم أن الداعي إليه أهو الإخلاص أم الرياء ويعلم أنكم تنفقون الأحب الأجود، أم الأخس الأرذل.

واعلم أن نظير هذه الآية قوله:[وما تفعلوا

 من خير يعلمه الله]وقوله: ﱡﭐﱁ ﱂ

ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ

  ﱋﱌ البقرة: [66]٢٧٠

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة الثالثةعشرة في موضوع البر وهي بعنوان:

*البِرُّ من ءامن بالله

الإيمان هو أصل هذا الدين وهو البر، والبر هو مجموع أعمال الخير، وكلها إيمان قال ابن بطال: معنى قوله تعالى:       ﱡﭐ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ  ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ  ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ  ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨﱩ  ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯﱰ ﱱ ﱲ  ﱳﱴ ﱵ ﱶ ﱷ البقرة: ١٧٧

أي: ليس غاية البرِّ أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب، ولكن غاية البرِّ وكماله بِرُّ من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة، وآتى الزكاة، إلى سائر ما ذكره تعالى في الآية فحذف الصفة وأقام الموصوف مقامه[67].

وقال مقاتل:ﱡﭐﱂ ﱃ ﱄ ﱅ يعني ليس التقوى أن تحولوا وجوهكم في الصلاة[ قبل]، يعني تلقاء[ﱈ ﱉ] ، فلا تفعلوا ذلك، [  ﱌ ﱍ

]،يعني صدق بالله بأنه واحد لا شريك له،  

[ﱏ ﱐ] ،يعني وصدق بالبعث الذي جزاء الأعمال بأنه كائن [ ] ،أي وصدق بالملائكة، [  ﱔ ﱕ]،يعني وأعطى المال[ﱖ ﱗ] له أعطى [ﱘ ﱙ ﱚ  ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ] ، يعنى والضيف نازل عليك [ و ] أعطى [ﱞ ﱟ ﱠ] ...[68]

وقال الرازي: قوله: ولكن البِرَّ من أُمَمٌ بالله ) فيه حذف وفي كفيته وجوه أحدها: ولكن البر بر من آمن بالله، فحذف المضاف وهو كثير في الكلام كقولهﭐﱡﭐ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ البقرة: ٩٣أي حب العجل، ويقولون: الجود حاتم والشعر زهير، والشجاعة عنترة، وهذا اختيار الفراء، والزجاج، وقطرب، وقال أبو علي: ومثل هذه الآية قوله:ﱡﭐ ﲣ ﲤ  التوبة: ١٩ثم قال: ﱡﭐ ﲩ ﲪ التوبة: ١٩وتقديره: أجعلتم سقاية الحاج كم آمن، أو أجعلتم سقاية الحاج كإيمان من آمن ليقع التمثيل بين مصدرين أو بين فاعلين، إذا لا يقع التمثيل بي مصدر وفاعل وثانيها: قال أبو عبيدة البر ههنا بمعنى الباء كقولهﱡﭐﲭ ﲮ  طه: ١٣٢ أي للمتقين ومنه قوله: ﭐﱡﭐ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ  الملك: ٣٠.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة الرابعةعشرة في موضوع البر وهي بعنوان:

*التعاون على البر والتقوى

التعاون على فعل الطاعات تزيد الإيمان، وإذا زاد الإيمان زادت الطاعات، واندحر الشيطان،وديننادين الجماعة ودين التعاون

قال تعالى: ﭐﱡﭐ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿﳀ

ﳁ ﳂ  ﳃ ﳄ ﳅﳆ ﳇ ﳈﳉ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ المائدة: ٢

قال الأخفش: هو مقطوع من أول الكلام وهو أمر لجميع الخلق بالتعاون على البر والتقوى أي ليعن بعضكم بعضا وتحاثوا على ما أمر الله تعالى واعملوا به وانتهوا عما نهى الله عنه وامتنعوا منه وهذا موافق لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( الدال على الخير كفاعله ) وقد قيل الدال على الشر كصانعه، ثم قيل: البر والتقوى لفظان بمعنى واحد وكرر باختلاف اللفظ تأكيدا  ومبالغة إذا كل بر تقوى وكل تقوى بر، قال بن عطية: وفي هذا تسامح ما والعرف في دلالة هذين اللفظين أن البر يتناول الواجب والمندوب إليه والتقوى رعاية الواجب فإن جعل أحدهما بدل الآخر فبتجوز.
وقال الماوردي: ندب الله سبحانه إلى التعاون بالبر وقرنه بالتقوى له لأن في
التقوى رضا الله تعالى وفي البر رضا الناس ومن جمع بين رضا الله تعالى ورضا الناس فقد تمت سعادته وعمت نعمته.

وقال بن خويز منداد في أحكامه: والتعاون على البر والتقوى يكون بوجوه فواجب على العالم أن يعين الناس بعلمه فيعلمهم ويعينهم الغني بماله والشجاع بشجاعته في سبيل الله وأن يكون المسلمون متظاهرين كاليدالواحدة(المؤمنون تتكافؤدماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم ) ويجب الإعراض عن المعتدي وترك النصرة له ورده عما هو عليه[69].

قال البيهقي: الثالث والخمسون من شعب الإيمان : التعاون على البر والتقوى

قال الله عز وجل: ﭐﱡﭐ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿﳀ ﳁ ﳂ  ﳃ ﳄ ﳅﳆ المائدة: ٢ ، والمعنى أن المعاونة على البر بر لأنها إذا عدمت مع وجود الحاجة إليه لم يوجد البر وإذا أوجدت وجد البر فبان بأنها في نفسها بر ثم رجح هذا البر على البر الذي ينفرد به الواحد بما فيه من حصول بر كثير مع موافقة أهل الدين التشبه بما بني عليه أكثر الطاعات من الاشتراك فيها وأدائها بالجماعة[70].

وقال الجصاص على قوله تعالى: [ وتعاونوا على البر والتقوى ] : يقتضي ظاهره إيجاب التعاون على كل ما قال تعالى لأن البر هو طاعات الله[71].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة الخامسة عشرة في موضوع البر وهي بعنوان:

*التعاون على البر والتقوى

وقال الطبري: القول في تأويل قوله تعالى: ﭐﱡﭐ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿﳀ ﳁ ﳂ  ﳃ ﳄ ﳅﳆ المائدة: ٢ ، يعني جل ثناؤه بقوله: [ﲼ ﲽ ﲾ ﲿﳀ ] وليعن بعضكم أيهما المؤمنون بعضا على البر وهو العمل بما أمر الله بالعمل به والتقوى هو اتقاء ما أمر الله باتقائه واجتنابه من معاصيه.

وقوله:[ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ] يعني ولا يعن بعضكم بعضا على الإثم يعني على ترك ما أمركم الله بفعله والعدوان يقول ولا على أن تتجاوزا ما حد الله لكم في دينكم وفرض لكم في أنفسكم وفي غيركم وإنما معنى الكلام ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا ولكن ليعن بعضكم بعضا بالأمر بالانتهاء إلى ما حده الله لكم في القوم الذين صدوكم عن المسجد الحرام وفي غيرهم والانتهاء عما نهاكم الله أن تأتوا فيهم وفي غيرهم وفي سائر ما نهاكم عنه ولا يعن بعضكم بعضا على خلاف ذلك[72].

والبِرُّ من أسباب الألفة لأنه يوصل إلى القلوب ألطافا، ويثنيها محبة وانعطافا.

ولذلك ندب الله تعالى إلى التعاون به وقرنه بالتقوى له فقال: [ﲼ ﲽ ﲾ ﲿﳀ ] لأن في التقوى رضى الله تعالى

، وفي البِرِّ رضى الناس.

ومن جمع بين رضى الله تعالى ورضى الناس فقد تمت سعادته وعمت نعمته.

وروى الأعمش عن خيثمة عن ابن مسعود قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( جُبِلَت القلوب على حب من أحسن إليها، وبغض من أساء إليها ).

وحُكِيَ أن الله تعالى أوحى إلى داوود – على نبينا وعليه السلام – ذَكِّر عبادي إحساني إليهم ليحبوني فإنهم لا يحبون إلا من أحسن إليهم[73].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة السادسة عشرة في موضوع البر وهي بعنوان:

*التعاون ، والبِرُّ من أسباب الألفة:

وعن أبي موسى، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( الخازن المسلم الأمين الذي ينفق ما أُمِرَ به كاملا موفراً طيبا نفسه، فيدفعه إلى الذي اُمِرَ له به أحد المصدقين ).

قال الله تعالى:[ﲼ ﲽ ﲾ ﲿﳀ ] ، فدلت هذه الآية على اشتراك المتعاونين على الخير في الأجر، وجاء هذا المعنى في هذه الأحاديث أيضا[74].

قال ابن بطال على الحديث الذي رواه البخاري بسنده من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( كل سلامى عليه صدقة كل يوم، يعين الرجل في دابته يحامله عليها أو يرفع عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة وكل خطوة يمشيها إلى الصلاة صدقة، ودل الطريق صدقة ) : السلامى عظام الأصابع والأكارع، عن صاحب ( العين ) وليس ما ذكر في هذا الحديث أنه صدقة على الإنسان تجب عليه فرضا، وإنما هو عليه باب الحض والندب، كما أمر الله تعالى المؤمنين بالتعاون والتناصر وقال: [ﲼ ﲽ ﲾ ﲿﳀ ] وقال صلى الله عليه وسلم: ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا )، (والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه)، فهذه كلها وما شاكلها من حقوق المسلمين بعضهم على بعض مندوب إليها مرغوب فيها[75].

أما حديث ابن عمر، قال النبي عليه السلام: ( المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه ، ومن كان في حاجة أخيه ، كان الله في حاجته ، ومن فرّج عن مسلم كربة، فرّج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلما، ستره الله يوم القيامة ).  وقوله عليه السلام: ( المسلم أخو المسلم ) من قوله تعالى: [ إنما المؤمنون إخوة] وقوله: ( لا يظلمه ولا يسلمه ) فإن الله حرم قليل الظلم وكثيره. وقوله ( لا يسلمه ) مثل قوله عليه السلام:    ( انصر أخاك ظالما أو مظلوما ) وباقي الحديث حض على التعاون، وحسن التعاشر، والألفة، والستر على المؤمن ، وترك التسمع به، والإشهار لذنوبه، وقد قال تعالى: [ وتعاونوا على البر والتقوى ] وهذا حديث شريف يحتوي على كثير من آداب الإسلام، وفيه أن المجازاة قد تكون في الآخرة من جنس الطاعة في الدنيا. وقال ابن المنذر: ويستحب لمن اطلع من أخيه المسلم على عورة أو زلة توجب حدا، أو تعزيرا ، أو يلحقه في ذلك عيب أو عار أن يستره عليه ؛ رجاء ثواب الله ، ويجب لمن بلى بذلك أن يستتر بستر الله ، فإن لم يفعل ذلك الذي أصاب الحد، وأبدى ذلك للإمام وأقر بالحد لم يكن آثما؛ لأنا لم نجد في شيء من الأخبار الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن ذلك، بل الأخبار الثابتة دالة على أن من أصاب حدا وأقيم عليه فهو كفارته[76].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة السابعة عشرة في موضوع البر وهي بعنوان:

*والتعاون نوعان:

   الأول: تعاون على البر والتقوى من

الجهاد وإقامة الحدود واستيفاء الحقوق وإعطاء المستحقين فهذا مما أمر الله به ورسوله ومن أمسك عنه خشية أن يكون من أعوان الظلمة فقد ترك فرضا على الأعيان أو على الكفاية متوهما أنه متورع وما أكثر ما يشتبه الجبن والفشل بالورع إذ كل منهما كف وامساك.

   الثاني: تعاون على الإثم والعدوان كالإعانة على دم معصوم أو أخذ مال معصوم أو ضرب من لا يستحق الضرب ونحو ذلك فهذا الذي حرمه الله ورسوله[77].

أمر بالتعاون في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقال: [ وتعاونوا على البر ] وهو ما اتسع وطاب من حلال وخير [ والتقوى ] وهي كل ما يحمل على الخوف من الله ، فإنه الحامل على البر، فإن كان منكم من اعتدى فتعاونوا على رده، وإلا فازدادوا بالمعاونة خيرا[78].

*ليس من البِرِّ الصوم في السفر

العزيمة والرخصة شرع متكامل في ديننا العظيم، لكل منهما ما يناسبه؛ زمانا ومكانا وحالا، وفي حال السفر يكون الإنسان في وضع غير عادي من الناحية الجسمية والعقلية والعصبية والنفسية ...

فأباح الشارع للمسافر الفطر حال سفره ثم يقضي إذا زال السفر ...

قال ابن كثير: ﭐﱡﭐ ﱥ ﱦ ﱧ

 ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯﱰ البقرة: ١٨٤أي المريض والمسافر لا يصومان في حال المرض والسفر لما في ذلك من المشقة عليهما بل يفطران ويقضيان بعدة ذلك من أيام أخر وأما الصحيح المقيم الذي يطيق الصيام فقد كان مخيرا بين الصيام وبين الإطعام إن شاء صام وإن شاء أفطر وأطعم عن كل يوم مسكينا فإن أطعم أكثر من مسكين عن كل يوم فهو خير وإن صام فهو أفضل من الإطعام قاله ابن مسعود وابن عباس ومجاهد وطاوس ومقاتل بن حيان وغيرهم من السلف[79].

وقال الرازي على قوله تعالى: ﭐﱡﭐ

ﱦ ﱧ  ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯﱰ فالمراد منه أن فرض الصوم في الايام المعدودات إنما يلزم الأصحاء المقيمين فأما من كان مريضا أو مسافرا فله تأخير الصوم عن هذه الأيام إلى أيام أخر قال القفال رحمه الله: انظروا إلى عجيب ما نبه الله عليه من سعة فضله ورحمته في هذا التكليف، وأنه تعالى بين في أول الآية أن لهذه الأمة في هذا التكليف أسوة بالأمة المتقدمة والغرض منه ما ذكرنا أن الأمور الشاقة إذا عمت خفت.

   ثم ثانيا بين وجه الحكمة في إيجاب

الصوم، وهو أنه سبب لحصول التقوى، فلو لم يفرض الصوم  لفات هذا المقصود الشريف.

   ثم ثالثا: بين أنه مختص بأيام معدودة فإن لو جعله أبدا أو في أكثر الأوقات لحصلت المشقة العظيمة.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة الثامنة عشرة في موضوع البر وهي بعنوان:

(ليس من البر الصوم في السفر)

 ثم بين رابعا: أنه خصه من الأوقات

بالشهر الذي أنزل فيه القرآن لكونه

أشرف الشهور بسبب هذه الفضيلة.

 ثم بين خامسا: إزالة المشقة في إلزامه فأباح تأخيره لمن شق عليه من المسافرين والمرضى إلى أن يصيروا إلى الرفاهية والسكون، فهو سبحانه راعى في إيجاب الصوم هذه الوجوه من الرحمة فله الحمد على نعمه كثيرا[80].

   وأخرج البخاري بسنده من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فرأى زحاما ورجلا قد ظُلِّلَ عليه فقال:(ما هذا؟) فقالوا: صائم ، فقال:(ليس من البرالصوم في السفر )[81]

 ومعنى قول النبي عليه السلام: ( ليس

من البر الصوم في السفر ). أي ليس هو أبر البر، لأنه قد يكون الإفطار أبر منه إذا كان في حج أو جهاد ليقوى عليه[82].

   وأخرج ابن خزيمة بسنده من حديث محمد بن عمر بن الحسن بن علي بن أبي طالب عن جابر بن عبد الله قال رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا قد اجتمع الناس عليه وقد ظلل عليه فقالوا هذا رجل صائم فقال رسول الله عليه وسلم ليس البر أن تصوموا في السفر قال أبو بكر فهذا الخبر دال على أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قال هذه المقالة إذ الصائم المسافر غير قابل يسر الله حتى اشتد به الصوم واحتيج إلى أن يظلل[83].

   وأخرج ابن جريج بسنده من حديث

كعب بن عاصم الأشعري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(ليس من البر الصيام في السفر ).

   ثم قال: والبر: اسم جامع لكل معاني الخير والإحسان والصدق والطاعة ومحسن الصلة والمعاملة ...[84]

*أعجل البر ثوابا صلة الرحم

من رحمة الله ثواب الله العظيم لعباده

المؤمنين على أعمال يسيرة شرعها لهم، لكن العجب كل العجب في [ أعجل ثواب ] من العجلة وهو الإسراع في المثوبة لمن وصل رحمه، ولم ترد هذه العجلة وهذه السرعة إلا في هذه العبادة وأمثالها؛ لأهميتها ولما يترتب عليها من فضل وبر وخير...

أخرج وكيع بسنده من حديث سفيان، عن برد أبي العلاء، عن مكحول قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أعجل البر ثوابا صلة الرحم ... )[85]

وقال الطبراني: ( ما من ذنب أجدر أن يعدل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من قطيعة الرحم والخيانة والكذب وإن أعجل البر ثوابا لصلة الرحم حتى إن أهل البيت ليكونون فجرة فتنمو أموالهم ويكثر عددهم إذا تواصلوا )[86].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على

رسول الله وبعد:فهذه الحلقة التاسعة عشرة في موضوع البر وهي بعنوان:

*البر يزيد في الرزق:

كل محتاج إلى رزق الله وكل يحب أن يزيد رزقه، ولذلك شرع الله لعباده هذا الحافز القوي ألا وهو والبر والصلة.

أخرج الحاكم بسنده من حديث ثوبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الدعاء يرد القضاء وإن البر يزيد في الرزق وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه )[87].

*البر يزيد في العمر

نص الشارع على بركة العمر وزيادته لمن

بر ووصل رحمه، سواء كانت زيادة حقيقية أو بركة في العمر المقدر – على خلاف بين العلماء –

أخرج وكيع بسنده من حديث ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما يزيد في العمر إلا البر، وإن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه، ولا يرد القدر إلا الدعاء )[88].

وأخرج ابن ماجة بسنده من حديث ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يزيد ي العمر إلا العمر ولا يرد القدر إلا الدعاء وإن الرجل ليحرم الرزق بخطيئة يعملها )[89].

قال الكلاباذي البخاري: ( لا يزيد في العمر إلا البر ) يجوز أن يكون البر مقدورا للعبد أن يأتيه ويكون زيادة العمر مقدورا بالبر المقدور، ولو لم يكن البر مقدورا لم يكن زيادة العمر مقدورا، ويجوز أن يكون زيادة العمر حسن الحال في مدة الحياة والأجل الموقت الذي لا يتأخر ولا يتقدم، وطيب الحياة في مدة الأجل كما قال الله تعالى: ﭐﱡﭐ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ  ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂﲃ ﲄ  ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ النحل: ٩٧، وطيب الحياة بالارتفاق في معايشة، واكتساب الطاعة لمعاده، والبر هو الطاعة لله تعالى فيما أمر، والانتهاء عما زجر، والرضا بما حكم وقدر، قال الله تعالى: ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ الآية إلى قوله: ﭐﱡﭐ ﱵ ﱶ ﱷ البقرة: ١٧٧، فالتقصير من العمر واليسير من المدة، وإذا حصل مع الطاعة لله تعالى في أمر الدين والرفق في المعاش من الكفاية في المؤنة وصون الوجه، وكان العبد محمولا في المكان ميسرا له اليسرى معروفا عن العسرى صار التقصير من العمر طويلا. ويجوز المكان ميسرا له اليسرى معروفا عن العسرى صار التقصير من العمر طويلا. ويجوز أن يكون المراد بالبر بر الولد بوالديه، وبر الرجل ولده، وقرابته وجيرانه ومن يعاشرهم، فمن حسنت عشرته خلق الله

طابت حياته وفائدة العمر طيب الحياة[90].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة العشرون في موضوع البر وهي بعنوان:

*بر الوالدين من أحب الأعمال إلى الله

من الأعمال ما هو فاضل، ومنها ما هو

أفضل ولا يكون ذلك إلا في بر الوالدين.

أخرج البخاري بسنده من حديث الوليد بن عيزار أخبرني قال: سمعت أبا عمرو الشيباني يقول أخبرنا صاحب هذه الدار وأومأ بيده إلى دار عبد الله قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله؟ قال:          ( الصلاة على وقتها قال ثم أي؟ قال: ثم بر الوالدين قال ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله ) ، قال حدثني بهن ولو استزدته لزادني[91].

   وعن عون بن عبد الله أن رجلا سأل ابن مسعود أي الأعمال أفضل؟ فقال: سألتني عما سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:    ( الصلاة لوقتها وبر الوالدين والجهاد في

 سبيل الله )[92].

   وأخرج ابن أبي شيبة بسنده من حديث ابن مسعود قال: قلت يا رسول الله أي الأعمال أفضل؟ قال: ( الصلاة لميقاتها قال قلت ثم أي قال بر الوالدين )[93].

*أبَرّ البِرّ

هناك بر، وهناك أبر البر لا شك أفضل ولا يكون إلا في حق الوالدين قوله تعالى: [ وبرا بوالديه ] البر بمعنى البار وهو الكثير البر[94].

أخرج مسلم بسنده من حديث عبد الله

بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أبر البر أن

يصل الرجل ود أبيه )[95].

   وأخرج مسلم أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما لقيه رجل من الأعراب بطريق مكة فسلم عليه عبد الله بن عمر وحمله على حمار كان يركبه وأعطاه عمامة كانت على رأسه قال ابن دينار فقلنا أصلحك الله إنهم الأعراب وهو يرضون باليسير؟ فقال عبد الله بن عمر: إن أبا هذا كان ودودا لعمر بن الخطاب وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن أبر البر صلة الولد أهل ود أبيه )[96].

*الوالد يعين ولده على بره

الوالد بعلمه وخبرته وأبوته أقدر من الولد

على تقدير الأمور وتهيئة النفوس للبر، فهو يعين ولده على بره؛ بالإحسان والتجاوز والكلمة اللطيفة ...

أخرج الطبراني بسنده من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أعينوا أولادكم على البر )[97].

وقال ابن وهب بلغني عن عطاء بن أبي رباح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( رحم الله والداً أعان ولده على بره ) قالوا: كيف يا رسول الله؟ قال: يقبل إحسانه ويتجاوز عن إساءته )[98].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة الواحدة والعشرون في موضوع البر وهي بعنوان:

*الأم لها ثلثا البر والوالد له الثلث

لمعاناتها، ولضعفها، ولما بذلت  وتحملت كان لها النصيب الأكبر من البر.

أخرج الترمذي بسنده من حديث يزيد بن هارون عن هشام عن الحسن قال: ( للأم ثلثا البر وللأب الثلث ).

وأيضا عن أبي سلامة السلامي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أوصي امرءا بأمه ثلاثا أوصي امرءا بأبيه أوصي أمرءا بمولاه الذي يليه وإن كان عليه منه أذى يؤذيه ).

وأيضا عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله نبئني بأحق الناس مني بحسن الصحبة؟ فقال: ( نعم وأبيك لتنبأن أمك ) قال: ثمن من؟ قال: ( أمك )، قال: ثم من؟ قال: ( أبوك ).

وأيضا عن بهز بن حكيم حدثني أبي عن جدي قال: قلت يا رسول الله من أبر؟ قال: ( أمك ) قال: قلت: ثم من؟ قال: ( أمك ) قال: قلت: ثم من؟ قال: ( أمك ) قال: قلت: ثم من؟ قال:(ثم أباك، ثم الأقرب فالأقرب )[99]

وقال ابن حجر: قال الحسن: للأم ثلثا البر. ووجه التفريق بينهما: أن الأم برها آكد من بر الأب؛ ولهذا وصى النبي ( ببرها

ثلاث مرات، ثم وصى ببر الأب بعده[100].

 وأخرج الحارث بسنده من حديث الحسن رفعه أن رجلا قال: يا رسول الله من أبر؟ قال: ( أمك ) قال: ثم من؟ قال: ( أمك ) قال: ثم من؟ قال: ( ثم أباك ) قال: ثم من؟ قال: ( الأقرب فالأقرب )[101].

*بر الوالدين يدخل الجنة

 عبادة تُدخل المرء الجنة فورا ما أعظمها، إنها البر بالوالدين، وهو شيء هين وجه طليق وكلام لين، فالحمد لله على فضله وتوفيقه.

  أخرج أحمد بسنده من حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم ( دخلت الجنة فسمعت فيها قراءة قلت: من هذا؟ قالوا: حارثة بن النعمان، كذاكم البر كذاكم البر )[102].

 وعن عمرة بنت عبد الرحمن ، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(بينماأنا في الجنة،إذ سمعت قارئا، فقلت: من هذا؟ قالوا: حارثة بن النعمان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( كذلك البر كذلك البر ) قال: وكان أبر الناس بأمه[103].

وأخرج سعيد بن منصور بسنده من حديث عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( دخلت الجنة فسمعت قراءة فقلت من هذا؟ ) فقالوا: حارثة بن النعمان فقال: ( كذلكم البر كذلكم البر )[104] 

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام

عليكم ورحمة الله وبركاته

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة الثانية والعشرون في موضوع البر وهي بعنوان:

*البر ما سكنت إليه النفس:

النفس تتطمئن وتسكن، وتقلق وتضطرب، فمن كانت فطرته سليمة لم تمسخ فقلبه ونفسه تطمئن بالبر،  أماينمتسيمنبتسيمنبتمكىننتنتتاههنامنامنامنامنتااحهعغهعاهععههعععععععحاااظمىنوةوة

أما من فسدت فطرته فليس كذلك ...

أخرج الإمام أحمد بن حنبل بسنده من حديث أبي ثعلبة الخشني قال: قلت: يا رسول الله أخبرني ما يحل لي وما يحرم علي؟ قال: فصعد النبي صلى الله عليه وسلم البصر فيّ وصوب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (البر ما سكنت إليه النفس واطمأن إليه القلب والإثم ما لم تسكن إليه النفس ولم يطمئن إليه القلب وإن أفتاك المفتون)[105]

وقال علي القارئ: وفي الأربعين للإمام النووي عن وابصة بن معبد الأسدي قال: أتيت رسول الله فقال: جئت تسأل عن البر فقلت: نعم فقال: استفت قلبك البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك. حديث حسن رويناه في مسندي الإمامين أحمد بن حنبل والدارمي بإسناد حسن[106].

*إتيان البيوت من أبوابها من البر

ديننا الحنيف موافق للمعقول وموافق للفطرة، وإتيان البيوت من ظهورها مخالف للمعقول بل ومخالف للفطرة، فمنع الشارع إتيان البيوت من ظهورها حتى يتوافق الشرع مع الفطرة، بل وجعله من البر.

أخرج البخاري بسنده من حديث البراء قال: كانوا إذا أحرموا في الجاهلية أتوا البيت من ظهره فأنزل الله:

   ﭐﱡﭐ ﲝ ﲧ ﲨ ﲩ  ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲﲳ  ﲴ ﲵ ﲶ ﲷﲸ ﲹ ﲺ ﲻ  البقرة: ١٨٩[107]

 وعن البراء بن عازب قال: كانت الأنصار إذا حجت لم تدخل من أبوابها ودخلت من ظهور بيوتها فأنزل الله: [ﲨ ﲩ  ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ][108].

*البر حسن الخلق

حصره النبي صلى الله عليه وسلم في حسن الخلق، وهذا دليل على أهمية حسن الخلق، وعلى الدلالة العظيمة للبر.

  أخرج الترمذي بسنده من حديث النواس بن سمعان أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( البر حسن الخلق والإثم ما حاك في نفسك كرهت أن يطلع عليه الناس)[109].

 وأخرجه الدارمي بسنده من حديث النواس بن سمعان قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البِرّ والإثم؟ فقال: ( البِرّ حسن الخلق والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس )[110].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام

عليكم ورحمة الله وبركاته

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة الثالثة والعشرون في موضوع البر وهي بعنوان:

*الصدق أصل البر وهو يهدي إليه وهما في الجنة

الصدق أصل كل فضيلة، والبر يجمع كل خير،  فهما في الجنة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 أخرج ابن أبي الدنيا بسنده من حديث أوسط بن إسماعيل بن أوسط، سمع أبا بكر الصديق رضي الله عنه يقول بعدما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنة: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم عام أول مقامي هذا قال – ثم بكى أبو بكر – ثم قال: ( عليكم بالصدق، فإن مع البر، وهما في الجنة، وإياكم والكذب فإنه مع الفجور، وهما في النار، وسلوا الله المعافاة، فإن لم يؤت أحد شيئا بعد اليقين خيرا من المعافاة ولا تقاطعوا، ولا تدابروا، ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله إخوانا )[111].

   وأخرج ابن حبان بسنده من حديث أبي وائل عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الصدق ليهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا )[112]

والصدق هوأصل البروالكذب أصل الفجور كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا )[113].

*البِرّ ما اطمأن إليه القلب:

القلوب تطمئن بذكر الله، وإقامة ذكر الله هو غاية وحكمة جميع التشريعات، والبر أصل كل خير، فهو اطمئنان لكل قلب لا زال على فطرته وأصله.

أخرج الحارث بسنده من حديث وابصة بن معبد قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أريد أن لا أدع من البروالإثم إلا سألته عنه فجعلت أتخطى الناس فقالوا: إليك يا وابصة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: دعوني أدنوا منه، فقال: ( ادن يا وابصة ) فدنوت منه حتى مست ركبتي ركبته، فقال: ( يا وابصة أُخبِركَ ما جئت تسألني عنه أو تسألني؟ فقلت: أخبرني يا رسول الله، قال: ( جئت تسألني عن البر والإثم؟ ) قلت: نعم ، قال: فجمع أصابعه فجعل ينكتُ بها صدري ويقول: (يا وابصة استفت قلبك استفت نفسك البِرّ ما اطمأن إليه القلب واطمأنت إليه النفس والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك)[114].

   قال الطحاوي: بيان مُشكِلِ ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في البر والإثم ما هما؟ حدثنا فهد بن سليمان وهارون بن كامل قالا ثنا عبد الله بن صالح قال حدثني معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير بن نُفير عن أبيه عن نواس بن سمعان قال أقمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة سنة ما يمنعني من الهجرة إلا المسألة فإن أحدنا كان إذا هاجر لم يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء قال فسألته عن البر والإثم فقال رسول الله عليه وسلم البر حسن الخلق والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع الناس عليه.

 حدثنا عبد الملك بن مروان الرَّقِّيُّ قال ثنا حجاج بن محمد قال ثنا حماد بن سلمة عن الزبير أبي عبد السلام عن أيوب بن عبد الله بن مِكرَزٍ عن وابصة الأسدي قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أريد أن لا أدع شيئا من البر والإثم إلا سألته عنه فانتهيت إليه وحوله عصابة من المسلمين يستفتونه فجعلت أتخطاهم لأدنو من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانتهرني بعضهم وقال إليه يا وابصة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت دعوني فوالله إن أحب الناس إلى أن أدنو منه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :دعوا وابصة ثم قال ادعوا وابصة ثم قال: ادنوا وابصة فأدناني حتى قعدت بين يديه فقال: سل أو أخبرك؟ فقلت:لا بل أخبرني قال: جئت تسأل عن البر والإثم ؟ قلت نعم يا رسول الله فجعل ينكتُ بهن في صدري ويقول: يا وابصة استفت نفسك قالها ثلاثا :البِرُّ ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب والإثم ما حاك في نفسك وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك.

   قال أبو جعفر: فتأملنا هذين الحديثين فوجدنا في حديث النواس منهما أن البر حسن الخلق وفي حديث وابصة منهما أن البر ما اطمأنت إليه النفس ووجدناهما جميعا يرجعان إلى معنى واحد لأن النفس إذا اطمأنت كان منها حسن الخلق وكان الإثم معه ضد ذلك من انتفاء الطمأنينة عن النفس وكان مع ذلك سوء الخلق وما يتردد في الصدور عند مثله ولا يخرجه فُتيَا الناس صاحبه.

   ومثل ذلك ما قد رواه الحسن بن علي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال حدثنا وهب بن جرير قال حدثنا شعبة بن بريد بن أبي  مريم عن أبي الحوراء السعدي عن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم  يقول الصدق طمأنينة والكذب ريبة.

   قال أبو جعفر: والطمأنينة معها حسن الخلق ،والريبة معها سوء الخلق ،وما يتردد في الصدور ولا يخرجه فُتيا الناس فعاد بحمد الله تعالى ونعمته في هذا الباب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تصديق بعضه بعضا لا إلى تضاد بعضه بعضا والله سبحانه وتعالى نسأله التوفيق[115].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام

عليكم ورحمة الله وبركاته

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على

رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الرابعة

والعشرون في موضوع البر وهي بعنوان:

*البِرّ ما اطمأن إليه القلب:

أخرج عبد الرزاق بسنده من حديث أبي قلابة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( البر لا يبلى والإثم لا ينسى والديان لا يموت فكن كما

شئت، كما تدين تدان )[116].

 أخرج ابن المبارك بسنده من حديث عبد الله بن مرة قال: قال أبو الدرداء: ( اعبدوا الله كأنكم ترونه وعدوا أنفسكم في الموتى واعلموا أن قليلا يكفيكم خير من كثير يلهيكم واعلموا أن البر لا يبلى وإن الإثم لا ينسى ).

 وأخرجه أبو نعيم من طريق أبي معاوية عن الاعمش[117]

   وأخرج الإمام أحمد بسنده من حديث أيوب عن أبي قلابة قال: قال أبو الدرداء: ( البر لا يبلى والإثم لا ينسى والديان لا ينام فكن كما شئت كما تدين تدان )[118].

*في السفر يشرع سؤال الله البر والتقوى

أخرج أبو داوود الطيالسي بسنده من حديث على بن عبد الله البارقي عن بن عمر قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا فركب راحلته كبر ثلاثا ثم قال: ( سبحان الذي سخر لنا هذا الآيتين اللهم إني أسألك في سفري هذا البر والتقوى ومن العمل ما تحب وترضى اللهم أطولنا بعد الأرض وهو علينا السفر اللهم أصبحنا في سفرنا وأخلفنا في أهالينا ) وإذا رجع قال: ( آيبون تائبون لربنا حامدون )[119].[120]

*الدعاء باسم الله [ البَرُّ ]

قال تعالى: ﭐﱡﭐ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ  ﱭﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ الأعراف: ١٨٠،   قال العلماء معنى ذلك: أن تدعو فتقول: يا رزاق ارزقني، يا عزيز أعزني، يا رحيم ارحمني، يا بر الطف بي وأحسن بي وزدني من واسع جودك.

 

أخرج ابن أبي حاتم بسنده من حديث مسروق، عن عائشة: أنها قرأت هذه الآية: ﭐﱡﭐ ﲰ ﲱ  ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﭐﭐ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ  ﲻﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ الطور: ٢٨

، فقالت: اللهم من علينا وقنا عذاب السموم، إنك أنت البر الرحيم: قيل للأعمش: في الصلاة؟ قال: نعم. [121]،[122]

*قلوب الأبرار تغلي بأعمال البر

القل ملك الجوارح، والقلب المليء بالخير لا يصدر منه إلا كل خير، وقلب المؤمن أبيض صافي لا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض، والله لا ينظر إلى أموال ولا إلى الأجسام ولكن ينظر إلى القلوب والأعمال.

قال مالك بن دينار: قلوب الأبرار تغلي بأعمال البر وقلوب الفجار تغلي بأعمال الفجور فتعاهد أمرك بالمراجعة[123].

*تصحيح أعمال البر؛ سرها وجهرها، قليلها وكثيرها:

أخرج البخاري بسنده من حديث عمر بن الخطاب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه )[124].

قال المحاسبي: أعمال البر كلها على وجهين سر وعلانية، عمن لم يقدر على تصحيح السر فيما يعمل من السر كان للتصحيح فيما يعمل من العلانية أبعد، ومن قوي على تصحيحه في العلانية كان فيما يسر من أعماله أقوى.

وهكذا في القليل والكثير من لم يقدر على تصحيح النية في القليل من العمل كان في الكثير منه أبعد[125].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام

عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الخامسة والعشرون في موضوع البر وهي بعنوان:

*لكل باب من أبواب البر بابا من أبواب الجنة

   أخرج الإمام أحمد بسنده من حديث مسروق عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: ( أيكم أصبح صائما؟ قال أبو بكر: أنا ، قال: أيكم عاد مريضا؟ قال أبو بكر: أنا ، قال: أيكم شيع جنازة؟ قال أبو بكر: أنا ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( هنيئا من كملت له هذه بنى الله له بيتا في الجنة ).

   وأخرج بسنده أيضا من حديث الزهري

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أن لكل باب من

أبواب البر بابا من أبواب الجنة؛ فإذا استعلت على عمل الرجل منها شيء دعاه ذلك الباب، وباب الصوم يدعى الريان) قال أبو بكر: يا رسول الله هل يدعوني شيء منها؟ قال: (إنها لتدعوك: وإنك لتدخل من أيها شئت )[126].

*ليس البر بالإيضاع ولا بالإيجاف في الحج والعمرة وكل المناسك؛ السكينة والوقار وعدم العجلة هو الذي يشرع وهو المتفق مع روح الإسلام ومع ما ينبغي أن يتحلى به المؤمن في جميع العبادات – عداد ما نص عليه الشارع - ...

   أخرج البخاري بسنده من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه دفع مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة فسمع النبي صلى الله عليه وسلم وراءه زجرا شديدا وضربا وصوتا للإبل فأشاربسوطه إليهم،وقال:(أيهاالناس

 عليكم بالسكينة فإن البر ليس بالإيضاع ) أوضعوا: أسرعوا[127].

   وأخرج الإمام أحمد بن حنبل بسنده من حديث الفضل بن عباس وكان رديف النبي صلى الله عليه وسلم حين أفاض من عرفة قال: فرأى الناس يُوضِعُون فأمر مناديه فنادى ليس البر بإيضاع الخيل والإبل فعليكم بالسكينة[128].

   وأخرج أحمد أيضا بسنده من حديث ابن

عباس قال فلماأفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفة أمرهم بالسكينة وأردف أسامة بن زيد وقال يا أيها الناس عليكم بالسكينة والوقارفإن البرليس بإيجاف الإبل والخيل فما رأيت ناقة رافعة يدها عادية حتى بلغت جمعا ثم أردف الفضل بن عباس من جمع إلى منى وهو يقول: ( يا أيها الناس عليكم بالسكينة والوقار فإن البر ليس بإيجاف الإبل والخيل ) فما رأيت ناقة رافعة يدها عادية حتى بلغت منى[129].

*العدل في البِرِّ بين الأولاد

العدل بين الأبناء مطلب شرعي كما أن بر الوالدين كذلك ...

   أخرج مسلم بسنده من حديث النعمان بن بشير قال: انطلق بي أبي يحملني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أشهد أن قد نحلت النعمان كذا وكذا من مالي فقال: ( أكلَّ بنيك قد نحلت مثل ما نحلت النعمان؟ ) قال: لا ، قال: ( فأشهد على هذا غيري ) ثم قال: ( أيسرّك أن يكونوا إليك في البر سواء؟ ) ، قالك بلى ، قال: ( فلا إذاً )[130].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام

عليكم ورحمة الله وبركاته

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السادسة والعشرون في موضوع البر وهي بعنوان:

*البر فضيلة عادلة

قال أبو علي بن سينا: وأجزاء الفضيلة

هي: البر، والشجاعة، والعفة، والمرؤءة، وكبر الهمة، والسخاء، والحلم، واللب، والحكمة، ومن الفضائل لا محالة ما يتعدى خيره إلى غيرالفاضل مثل: البر والشجاعة والسخاء، ولذلك تلزم كل واحد منهم، إذ الكرامة مبذولة من الكل للنافعين.

فلنعد إلى ذكر كل واحد منهما:

فأما البر فإنها فضيلة عادلة تقسم لكل ما يستحقه بحسب تقدير الشريعة[131].

*من كنوز البر كتمان المصائب والأمراض  والصدقة:

كتمان المصائب رضى بقضاء الله وقدره ، وعدم كتمانها سوء أدب مع الله؛

وكأنه يشكو الله إلى المخلوقين، أما كتمان الصدقة فهو أدعى للإخلاص والبعد عن الرياء.

   أخرج البيهقي ثلاث روايات بسنده من حديث ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من كنوز البر كتمان المصائب والأمراض ).

والثانية: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(من كنوز البر كتمان المصائب والأمراض والصدقة ) قال أبو عبد الله تفرد به زافر بن سليمان ،قال الشيخ أحمد رحمه الله قد روي عن عبد الله بن عبد العزيز عن أبيه.

والثالثة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن من كنوز البر كتمان الأمراض )[132].

   أخرج أبو يعلى بسنده من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من تمام البر كتمان المصائب )[133].

*أبواب البر:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا معاذ ألا أخبرك بأبواب البر: الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار وقيام الرجل في جوف الليل ثم قرأ:ﱡﭐ ﲆ ﲇ  ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ  ﲐ ﲑ السجدة: 1٦،17 ثم قال: يا معاذ ألا أخبرك بملاك ذلك كله قلت بلى فقال أمسك عليك لسانك هذا فأخذ بلسانه قال يا رسول الله : وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ فقال: ( ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم ][134].

*قلب المؤمن يسمى كرما لأنه يجمع أنواع البر:

العنب سموه كرما لكثرة خيره والنبي قال:

ان قلب المؤمن أحق منه بهذه التسمية لكثرة ما أودع الله فيه من الخير والبركة والرحمة واللين والعدل والإحسان والنصح وسائر أنواع البر والخير التي وضعها الله في قلب المؤمن فهو أحق بأن يسمى كرما من شجر العنب ولم يرد النبي إبطال ما في شجر العنب من المنافع والفوائد وان تسميته كرما كذب وانها لفظة لا معنى تحتها كتسمية الجاهل  عالما والفاجر برا والبخيل سخيا الا ترى أنه لم ينف فوائد شجرالعنب وإنما أخبرعنه أن قلب المؤمن أغزر فوائد وأعظم منافع منه هذا الكلام أو قريب منه جرى في ذلك المجلس وأنت إذا تدبرت قول النبي (الكرم قلب المؤمن ) وجدته مطابقا لقوله في النخلة(مثلها مثل المسلم)

 فشبه النخلة بالمسلم في حديث ابن عمر وشبه المسلم بالكرم في الحديث الآخر ونهاهم أن يخصوا شجر العنب باسم الكرم دون قلب المؤمن، وقد قال بعض الناس: في هذا معنى آخر وهو أنه نهاهم عن تسمية شجر العنب كرما لأنه يقتنى منه أم الخبائث فيكره ان يسمى باسم يرغب النفوس فيها ويحضهم عليها من باب سد الذرائع في الألفاظ وهذا لا بأس به لولا أن قوله ( إن الكرم قلب المؤمن ) كالتعليل لهذا النهي والإشارة إلى أنه أولى بهذه التسمية من شجر العنب ورسول الله أعلم بما أراد من كلامه فالذي قصده هو الحق[135].

   أخرج البخاري بسنده من حديث أبي

هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ويقولون الكَرْمُ إنما الكَرْمُ قلب المؤمن )[136].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام

عليكم ورحمة الله وبركاته

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على

رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السابعة والعشرون في موضوع البر وهي بعنوان:

*تمام البر

 العبادة تنقسم إلى قسمين: باطنة وظاهرة أو سر وعلانية، فإذا كان الإخلاص في العبادة كانت العبادة مقبولة مع المتابعة، وإذا كان العمل في السر مثله في العلانية فإنه يكون تماما ومكتملا وكاملا وتتحقق الغاية منه.

 قال ابن رجب: أخرج الطبراني من حديث أبي مالك الأشعري قال: قلت يا  رسول الله ما تمام البر؟ قال:( أن تعمل في السر عمل العلانية)وخرجه أيضا من حديث أبي عامر.

   السكوني: قال: قلت يا رسول الله فذكره[137].

وقال الحسيني:أخرجه الطبراني في الكبير عن أبي عامر السكوني الشامي رضي الله عنه قال الهيثمي فيه عبد الرحمن بن زياد بن أنعم ضعيف لم يتعمد الكذب وبقية رجاله وثقوا على ضعف فيهم ورواه الطبراني أيضا باللفظ المذكور من طريق أخرى عن أبي مالك الاشعري رضي الله عنه[138].

*الحج المبرور

هو الذي لا يخالطه شيء من الماثم والبيع المبرور الذي لا شبهة فيه ولا خيانة وقولهم في الدعاء للحجاج بر حجك أي صفا وسلم مما يمنع القبول وقد قالوا من ذلك فلان يبر ربه أي يطيعه طاعة لا يشوبها ما يبطلها وإذا صحت الطاعة كذلك كانت برا محضا[139].

   أخرج الإمام أحمد بسنده من حديث جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ) قالوا يا نبي الله ما الحج المبرور: قال: ( إطعام الطعام وإفشاء السلام )[140].

   وأخرج أيضا بسنده من حديث عائشة أم المؤمنين قالت: يا رسول الله ألا نخرج نجاهد معكم؟ قال: ( لا ، جهادكن الحج

المبرور هو لكن جهاد )[141].

   وأخرج البخاري بسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟ قال: ( إيمان بالله ورسوله قيل ثم ماذا قال جهاد

في سبيل الله قيل ثم ماذا قال حج مبرور )[142].

   وأخر أبو يعلى الموصلي بسنده من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة والعمرة إلى العمرة أو العمرتان تكفر ما بينهما[143].

   قيل للحسن: ما الحج المبرور؟ قل: أن ترجع زاهدا في الدنيا، راغبا في الآخرة[144].

   وقال الفقهاء: الحج المبرور هو الذي

لم يعص الله تعالى فيه أثناء أدائه       وقال الفراء:هوالذي لم يعص الله سبحانه بعده    ذكرالقولين بن العربي رحمه الله قلت: الحج المبرورهوالذي لم يعص الله سبحانه فيه لا بعده قال الحسن، الحج المبرور هو أن يرجع صاحبه زاهدا في الدنيا راغبا في الآخرة وقيل غير هذا[145].

   وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن الحج المبرور فقال: ( العج والثج ) فالعج: رفع الصوت بالتلبية، والثج: إراقة الدماء وذبح الهدايا، وقال بن زيد: ثجاجا كثيرا والمعنى واحد[146].

   واختلفوا في المراد بالحج المبرور، فقيل: هو الذي لا يخالطه شيء من مأثم، وقيل: هو المتقبل، وقيل: هو الذي لا رياء فيه ولا سمعة ولا رفث ولا فسوق، وقيل: الذي لم يتعقبه معصية، وقد ورد تفسير الحج المبرور بغير هذه الأقوال، وهو ما ورى محمد المنكدر عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة )، فقيل: يا رسول الله ما بر الحج؟ قال: ( إفشاء السلام وإطعام الطعام ). وفي رواية فيه بدل ( إفشاء السلام: وطيب الكلام )، وفي رواية: ( ولين الكلام ) وهو في ( مسند ) أحمد. قوله: ( ليس له جزاء إلا الجنة ) أي: لا يقصر لصاحبه من الجزاء على تكفير بعض ذنوبه، بلا لا بد أن يدخل الجنة[147].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام

عليكم ورحمة الله وبركاته

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على

رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثامنة

والعشرون في موضوع البر وهي بعنوان:

*البيع المبرور الذي لا شبهة فيه ولا خيانة[148]، البيع المبرور الذي لا شبهة فيه ولا كذب ولا خيانة[149] ،وكل بيع مبرور  هو ما خلص على اليمين لتنفيق السعلة وعن الغش في المعاملة

رواه البزار وصححه الحاكم.

والحديث دليل على تقرير ما جبلت عليه

الطبائع من كسب المكاسب وإنما سئل صلى الله عليه وسلم عن أطيبها أي أحلها وأبركها.

وتقديم عمل اليد على البيع المبرور دال على أنه الأفضل ويدل له حديث البخاري الآتي ودل على أطيبية التجارة الموصوفة

وللعلماء خلاف في أفضل المكاسب:

قال الماوردي أصول المكاسب الزراعة والتجارة والصنعة قال والأشبه بمذهب الشافعي أن أطيبها التجارة.

قال والأرجح عندي أن أطيبها الزراعة لأنها أقرب إلى التوكل وتعقب بما أخرجه البخاري من حديث المقدام مرفوعا ( ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده وإن نبي الله داوود كان يأكل من عمل يده ).

   قال النووي: إن أطيب المكاسب ما كان بعمل اليد وإن كان زراعة فهو أطيب المكاسب لما يشتمل عليه من كونه عمل اليد ولما فيه من التوكل ولما فيه من النفع

العام للآدمي والدواب والطير.

 قال الحافظ بن حجر: وفوق ذلك ما يكسب من أموال الكفاربالجهاد وهو مكسب النبي صلى الله عليه وسلم وهوأشرف المكاسب لما فيه من إعلاء كلمة الله تعالى انتهى قيل وهو داخل في كسب اليد[150].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام

عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على

رسول الله وبعد : فهذه الحلقة التاسعة

والعشرون في موضوع البر وهي بعنوان:

*إبرار القسم:أخرج مسلم بسنده من حديث معاوية بن سويد بن مقرن قال دخلت على البراء بن عازب فسمعته يقول:( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع أمرنا: بعيادة المريض واتباع الجنائز وتشميت العاطس وإبرار القسم أو المقسم ونصر المظلوم وإجابة الداعي وإفشاء السلام، ونهانا عن خواتيم أو عن تختم بالذهب وعن شرب بالفضة وعن المياثر وعن القسي وعن لبس الحرير والإستبرق الديباج )[151].

  وإما إبرار القسم فهو سنة أيضا مستحبة متأكدة وإنما يندب إليه إذا لم يكن فيه مفسدة أو خوف ضرر أو نحو ذلك فإن كان شيء من هذا لم يبر قسمه كما ثبت أن أبا بكر رضي الله عنه لما عبر الرؤيا بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أصبت بعضا وأخطأت بعضا فقال أقسمت عليك يا رسول الله لتخبرني فقال لا تقسم ولم يخبره[152].

   ويحتمل أن يكون في يمينه ما يبر فيه ولا يأثم فيقصد إلى إبرار قسمه وإنفاذ البر والبعد عن المأثم وأما إبرارالمقسم فيحتمل أن يكون في مساعدته على ما أقسم به وأن لا يتحرى مخالفته والقصد إلى ما يوجب

حنثه ما أمكن ذلك ما لم يكن ذلك إثما[153].

   وقال المهلب: إبرار القسم إنما يستحب

إذا لم يكن في ذلك ضرر على المحلوف

عليه أو على جماعة أهل الدين[154].

*من صفات الراسخين في العلم؛ من برت يمينه.

   أخرج ابن أبي حاتم بسنده من حديث عبد الله بن يزيد وكان قد أدرك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أبا أمامة وانسا وأبا الدرداء. قال: ثنا أبو الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الراسخين في العلم، فقال: ( من برت يمينه، وصدق لسانه، واستقام قلبه، ومن عف بطنه وفرجه، فذلك من الراسخين في العلم[155].

 ومنه برت يمينه إذا سلم من الحنث[156].

   واختلف في الراسخ في العلم فقيل هو

من برت يمينه وصدق لسانه واستقام قلبه

وقيل هو من جمع أربع خصال التقوى فيما بينه وبين الله والتواضع فيما بينه وبين الناس والزهد فيما بينه وبين الدنيا والمجاهدة فيما بينه وبين نفسه.

والأصح أنه العالم بتصاريف الكلام وموارد الاحكام ومواقع المواعظ لأن الرسوخ الثبوت في الشيء[157].

  تم هذا البحث المتواضع والذي بذلت فيه غاية الطاقة والجهد في يوم الاثنين /      6 / 02 / 1432 هـ في مكة المكرمة، إن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان، وأستغفر الله من كل خطيئة، ومستعد للرجوع عن كل خطأ وقعت فيه، ولكل من يقرأ أو يستمع لهذا البحث ويكتشف أي خطأ، عليه مسؤولية التصحيح وتبليغي بذلك حتى أقوم بالتصحيح، والله من وراء القصد، وأسأل الله أن يجعله علما نافعا وعملا صالحا متقبلا، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وسيلة الإتصال: جوال /0555516289

 

 

 



[1] آل عمران 102

[2] النساء 1

[3] الأحزاب 70 ، 71

[4] الطور 28

[5] البقرة 177

[6] صحيح مسلم ج 4 ص 2607

[7] آل عمران  92

[8] الطور 28

[9] لسان العرب ج4 ص 51 - 53

[10] مختار الصحاح ج1 ص 19

[11] المخصص ج4 ص 61

[12] صحيح مسلم ج4 ص 1980 رقم 2553

[13] البقرة 224

[14] الممتحنة 8

[15] المائدة 2

[16] مريم 14

[17] مريم 32

[18] المجادلة 9

[19] المطففين 18

[20] عبس 15 ، 16

[21] البقرة 44

[22] نزهة الأعين النواظر على صحيح مسلم ج2 ص 190

[23] شرح النووي على صحيح مسلم ج 16 ص 111

[24] سبل السلام ج4 ص 160

[25] تحفة الأحوذي ج6 ص 18

[26] الصمت وآداب اللسان ج1 ص 180 رقم 316

[27] المطففين 22

[28] البقرة 189

[29] البقرة 177

[30] المائدة 2

[31] الأنفال 37

[32] البقرة 177

[33] الزمر 33

[34] المائدة 2

[35] مجموع الفتاوى ج7 ص 165 ، 179 ، 180 ، 183

[36] مجموع الفتاوى ج7 ص 448

[37] القصص 51

[38] الفرق ج1 ص 186 ، 217

[39] الزهد لابن حنبل ج1 ص 263

[40] صحيح البخاري ج6 2691 رقم 6957

[41] الجن 28

[42] المزمل 20

[43] شرح صحيح البخاري لابن بطال ج10 ص 419

[44] الطور 28

[45] نظر الدرر ج7 صح 301

[46] المقصد الأسنى ج1 ص 138

[47] لباب التأويل في معاني التنزيل ج6 ص 252

[48] تفسير أسماء الله الحسنى ج1 ص 61

[49] تفسير السمرقندي ج3 ص 335

[50] بدائع الفوائد ج2 ص 437

[51] الصافات 27

[52] الطور 28

[53] الطور 27

[54] الطور 28

[55] تفسير ابن كثير ج4 ص 244

[56] آل عمران 92

[57] لباب التأويل في معاني التنزيل ج1 ص 379

[58] صحيح البخاري ج4 ص 1659

[59] الجمع بين الصحيحين ج2 ص 516

[60] الزهد لأبي داوود ج1 ص 330

[61] المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ج1 ص 471

[62] المطففين 22

[63] الإنسان 5

[64] المطففين 22 ، 26

[65] البقرة 177

[66] التفسير الكبير ج8 ص 117 ، 118 ، 119

[67] شرح صحيح البخاري لابن بطال ج1 ص 182

[68] تفسير مقاتل بن سليمان ج1 ص 93

[69] تفسير القرطبي ج6 ص 47

[70] شعب الإيمان ج6 ص 101

[71] أحكام القرآن للجصاص ج3 ص 296

[72] تفسير الطبري ج6 ص 66

[73] أدب الدنيا والدين ح1 ص 88

[74] شرح صحيح البخاري لابن بطال ج3 ص 426

[75] شرح صحيح البخاري لابن بطال ج5 ص 85

[76] شرح صحيح البخاري لابن بطال ج6 ص 571 - 572

[77] مجموع الفتاوى ج28 ص 283

[78] نظم الدرر ج2 ص 389

[79] تفسير ابن كثير ج1 ص 215

[80] التفسير الكبيرة ج5 ص 63

[81] صحيح البخاري ج2 ص 687 رقم 1844

[82] شرح صحيح البخاري لابن بطال ج4 ص 88

[83] صحيح ابن خزيمة ج3 ص 254 رقم 2017

[84] جزء ابن جريج ج1 ص 181

[85] الزهد لوكيع ج1 ص 461

[86] الزواجر ج2 ص 680

[87] المستدرك على الصحيحين ج3 ص 548 رقم 6038

[88] الزهد لوكيع ج1 ص 462

[89] سنن ابن ماجه ج1 ص 35 رقم 90

[90] بحر الفوائد المشهور بمعاني الأخبار ج1 ص 182

[91] صحيح البخاري ج5 ص 2227 رقم 5625

[92] البر والصلة ج1 ص 1 رقم 1

[93] مصنف ابن أبي شيبة ج5 ص 218 رقم 253999

[94] تفسير القرطبي ج11 ص 88

[95] صحيح مسلم ج4 ص 1979 رقم 2552

[96] الزواجر ج2 ص 667

[97] المعجم الأوسط ح4 ص 237 رقم 4076

[98] الجامع في الحديث ج1 ص 212 رقم 138

[99] سنن الترمذي ج4 ص 309 رقم 25403، 25403 ، 1897

[100] فتح الباري في شرح صحيح البخاري ج6 ص 387

[101] مسند الحارث (زوائد الهيثمي) ج2 ص 847 رقم 897

[102] مسند أحمد بن حنبل ج6 ص 36 رقم 24126

[103] البعث والنشور ج1 ص 61

[104] سنن سعيد بن منصور ج2 ص 413

[105] الورع لابن حنبل ج1 ص 44

[106] مرقاة المفاتيح ج9 ص 272

[107] صحيح البخاري ج4 ص 1640 رقم 4242

[108] سنن النسائي الكبرى ج2 ص 479 رقم 4251

[109] سنن الترمذي ج4 ص 597 رقم 4251

[110] سنن الدارمي ج2 ص 415 رقم 2789

[111] اليقين ج1 ص 597

[112] صحيح ابن حبان ج1 ص 508 رقم 273

[113] كتب ورسائل وفتاوى ابن تيمية في الفقه ج20 ص 75

[114] مسند الحارث (زواهد الهيثمي) ج1 ص 201 رقم 60

[115] شرح مشكل الآثار ج5 ص 385 – 389

[116] مصنف عبد الرزاق ج11 ص 178 رقم 20262

[117] الزهد لابن المبارك ج1 رقم 1155

[118] الزهد لابن حنبل ج1 ص 142

[119] مسند الطيالسي ج1 ص 261 رقم 1931

[120] وأخرجه أحمد بن حنبل في مسنده ج2 ص 144

[121] تفسير ابن أبي حاتم ج10 ص 3316 رقم 18686

[122] مصنف ابن أبي شيبة ج2 ص 25

[123] أداب النفوس ج1 ص 25

[124] صحيح البخاري ج1 ص 3

[125] آداب النفوس ج1 ص 121

[126] فضائل الصحابة لابن حنبل ج1 ص 422 رقم 660 ، 661

[127] صحيح البخاري ج2 ص 601 رقم 1587

[128] مسند أحمد بن حنبل ج1 ص 211 رقم 1803

[129] مسند أحمد بن حنبل ج1 ص 269 رقم 2427

[130] صحيح مسلم ج3 ص 1243 رقم 1623

[131] المنطق ج2 ص 204

[132] شعب الإيمان ج7 ص 214 رقم 10047 – 10049

[133] المطالب العالية ج11 ص 103 رقم 2468

[134] مجموع الفتاوى ج11 ص 200

[135] مفتاح دار السعادة ج1 ص 231

[136] صحيح البخاري ج5 ص 2287 رقم 5829

[137] جامع العلوم والحكم ج1 ص 202

[138] البيان والتعريف ج2 ص 13

[139] تفسير غريب ما في الصحيحين البخاري ومسلم ج1 ص 281

[140] مسند أحمد بن حنبل ج3 ص 325 رقم 14522

[141] مسند أحمد بن حنبل ج6 ص 71 رقم 24467

[142] صحيح البخاري ج2 ص 553 رقم 1447

[143] مسند أبي يعلى ج12 ص 13 رقم 6660

[144] ربيع الأبرار ج1 ص 163

[145] تفسير القرطبي ج2 ص 408

[146] تفسير القرطبي ج19 ص 174

[147] عمدة القاري ج10 ص 109

[148] تفسير غريب ما في الصحيحين البخاري ومسلم ج1 ص 555

[149] قواعد الفقه ج1 ص 215

[150] سبل السلام ج3 ص 5

[151] صحيح مسلم ج3 ص 1635 رقم 2066

[152] شرح النووي علي صحيح مسلم ج14 ص 32

[153] تفسير غريب ما في الصحيحين البخاري ومسلم ج1 ص 127

[154] شرح صحيح البخاري لابن بطال ج6 ص 110

[155] تفسير ابن أبي حاتم ج2 ص 599 رقم 3205

[156] شرح النووي على صحيح مسلم ج2 ص 74

[157] مغنى المحتاج ج3 ص 60